الانتقاء في
فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء الْجُزْء الثانى
فِيهِ أَخْبَار الشافعى وَأَصْحَابه
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ
عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَرَسُولِهِ خَاتَمِ
النَّبِيِّينَ وَعَلَى آلِهِ أَجْمَعِينَ
وَنَذْكُرُ أَيْضًا فِي هَذَا الْجُزْءِ بَعْدَ مَا
تَقَدَّمَ مِنْ ذِكْرِ الأَخْبَارِ عَنْ إِمَامَةِ مَالِكٍ
وَفَضْلِهِ رَحِمَهُ اللَهُّ مَا قَيَّدْنَاهُ
وَكَتَبْنَاهُ مِنْ عُيُونِ أَخْبَارِ الشَّافِعِيِّ
مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَنَقْتَصِرُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا يَكْفِي وَيَدُلُّ
وَيَشْهَدُ بِتَقَدُّمِهِ فِي عِلْمِ الْحَلالِ
وَالْحَرَامِ وَإِمَامَتِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ
الإِسْلامِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَهُوَ حَسْبِي وَنعم
الْوَكِيل
(1/65)
بَاب معرفَة نسبه وبلده ومولده وَمُدَّة
عمره
قَالَ أَبُو عمر لاخلاف عَلِمْتُهُ بَيْنَ أَهْلِ
الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِأَيَّامِ النَّاسِ مِنْ
أَهْلِ السِّيَرِ وَالْعِلْمِ بِالْخَبَرِ وَالْمَعْرِفَةِ
بِأَنْسَابِ قُرَيْش وَغَيرهَا من الْعَرَب وَأهل الحَدِيث
أَن والفقيه الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ
بْنِ شَافِعِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ
يَزِيدَ بن هَاشم بن الْمطلب ابْن عَبْدِ مَنَافِ بْنِ
قُصَيِّ بْنِ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ
لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ
النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ وَيَجْتَمِعُ مَعَ النَّبِيِّ
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فى عبدمناف بْنِ قُصَيٍّ
وَالنَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُحَمَّد بن عبد
الله بن عبد المطلب بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ
وَالشَّافِعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ
الْعَبَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ شَافِع والى شَافِع ينْسب
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ شَافِعُ بْنُ السَّائِبِ بْنِ
عبيد بن عبديزيد بن هَاشم بن الْمطلب بن عبدمناف بْنِ
قُصَيٍّ فَالنَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَاشِمِيٌّ
وَالشَّافِعِيُّ مُطَّلِبِيٌّ وَهَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ
أَخَوَانِ ابْنَا عَبْدِ مَنَافٍ وَلِعَبْدِ مَنَافٍ
أَرْبَعَةُ بَنُونَ هَاشِمٌ وَالْمطلب وَنَوْفَل وعبدشمس
بَنو عبدمناف وَكَذَلِكَ لاخلاف أَنَّ الشَّافِعِيَّ
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ
وَهُوَ الْعَامُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أَبُو حنيفَة
رَحمَه الله نَا خَلَفُ بْنُ
(1/66)
قَاسِمٍ قَالَ نَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ
قَالَ نَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ رَمَضَانَ بْنِ
شَاكر الحميرى وَمُحَمّد بْنُ يَحْيَى الْفَارِسِيُّ قَالَ
نَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بن عبد الحكم قَالَ قَالَ لِي
الشَّافِعِيُّ وُلِدْتُ بِغَزَّةَ سَنَةَ خَمْسِينَ
وَمِائَةٍ وَحُمِلْتُ إِلَى مَكَّةَ وَأَنَا ابْنُ
سَنَتَيْنِ نَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ نَا الْحسن بن
رَشِيق قَالَ نَا عبد الله بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ
التَّمِيمِيُّ قَالَ نَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا
الشَّافِعِيُّ بَغْدَادَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ
وَمِائَةٍ فَأَقَامَ عِنْدَنَا سَنَتَيْنِ ثُمَّ رَجَعَ
إِلَى مَكَّةَ ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا سَنَةَ ثَمَانٍ
وَتِسْعِينَ فَأَقَامَ عِنْدَنَا أَشْهُرًا ثُمَّ خَرَجَ
إِلَى مِصْرَ وَبِهَا مَاتَ وَكَانَ يَخْضِبُ
بِالْحِنَّاءِ وَكَانَ خَفِيفَ الْعَارِضَيْنِ وَذَكَرَ
السَّاجِيُّ أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بن عبد
الرحمن رَحمَه الله قَالَ
(1/67)
أخبرنى عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ
بِنْتِ الشَّافِعِيِّ قَالَ كَانَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ مُطَّلِبِيًّا وَكَانَتْ أُمُّهُ أَزْدِيَّةً مِنَ
الأَزْدِ وَكَانَ يَسْكُنُ مَكَّةَ وَيَنْزِلُ مِنْهَا
بالبنية وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ أُمُّ وَلَدِهِ حَمْدَةَ
بِنْتَ نَافِعِ بْنِ عَنْبَسَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ
عُثْمَانَ بْنِ عَفَّان قَالَ الْحسن وَنا عَلِيُّ بْنُ
عِيسَى الْمُرَادِيُّ قَالَ نَا أَبُو الْيُمْنِ يَاسِينُ
بْنُ زُرَارَةَ الْقَتَبَانِيُّ الْحِمْيَرِيُّ قَالَ
لَمَّا قَدِمَ الشَّافِعِيُّ مِصْرَ أَتَاهُ جَدِّي
وَأَنَا مَعَهُ فَسَأَلَهُ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ فَأَبَى
قَالَ أُرِيدُ أَنْ أَنْزِلَ عَلَى أَخْوَالِي الأَزْدِ
فَنَزَلَ عَلَيْهِمْ
بَابٌ فِي طَلْبِهِ لِلْعِلْمِ وَمُلازَمَتِهِ
أخبرنَا احْمَد بن عبد الله بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ
قَالَ نَا أَبِي قَالَ نَا أسلم بن عبد العزيز قَالَ نَا
المزنى وَمُحَمّد بن عبد الله بن عبد الحكم جَمِيعًا قَالا
جَاءَ الشَّافِعِيُّ إِلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فَقَالَ
لَهُ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْمَعَ مِنْكَ الْمُوَطَّأَ
فَقَالَ مَالِكٌ تَمْضِي إِلَى حَبِيبٍ كَاتِبِي فَإِنَّهُ
الَّذِي يَتَوَلَّى قِرَاءَتَهُ فَقَالَ لَهُ
الشَّافِعِيُّ تَسْمَعُ مِنِّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ
صُفَحًا فَإِنِ اسْتَحْسَنْتَ قِرَاءَتِي قَرَأْتُهُ
عَلَيْكَ وَإِلا تَرَكْتُ فَقَالَ لَهُ اقْرَأْ فَقَرَأَ
صُفَحًا ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ هِيهِ فَقَرَأَ
صُفَحًا ثُمَّ سَكَتَ فَقَالَ لَهُ هِيهِ فَقَرَأَ
فَاسْتَحْسَنَ مَالِكٌ قِرَاءَتَهُ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِ
أَجْمَعُ قَالَ الْمُزَنِيُّ وَابْنُ عبد الحكم فَلِذَلِكَ
يَقُولُ الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ حَدَّثَنَا
خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ نَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ
قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ آدَمَ قَالَ نَا
الرّبيع ابْن سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ قَالَ سَمِعْتُ
الشَّافِعِيَّ يَقُولُ أَتَيْتُ مَالِكًا وَقَدْ حَفِظْتُ
الْمُوَطَّأَ فَقَالَ لِي اطْلُبْ مَنْ يَقْرَأُ لَكَ
فَقُلْتُ لَا عَلَيْكَ أَنْ تَسْمَعَ قِرَاءَتِي فَإِنْ
خَفَّتْ عَلَيْكَ وَإِلا طَلَبْتَ مَنْ يَقْرَأُ لِي
فَقَالَ لِي اقْرَأْ فَقَرَأْتُ فأعجبه ذَلِك
(1/68)
وَقَالَ اقْرَأْ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ
الْمُوَطَّأَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ حَدَّثَنَا
خَلفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ نَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ
قَالَ نَا مُحَمَّدُ بن يحيى الفارسى قَالَ أَنا الرّبيع
ابْن سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ
حَمَلْتُ عَنْ مُحَمَّد بن الْحسن حمل بخى وَمرَّة قَالَ
وقر بعير لَيْسَ عَلَيْهِ الاسماعى مِنْهُ قَالَ وَمَا
رَأَيْتُ أَحَدًا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِيهَا نَظَرٌ
إِلا رَأَيْتُ الْكَرَاهَةَ فِي وَجْهِهِ إِلا مُحَمَّدَ
بْنَ الْحَسَنِ
(1/69)
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ نَا
الْحَسَنُ نَا مُحَمَّدُ بْنُ رَمَضَانَ قَالَ نَا
مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم قَالَ قَالَ
الشَّافِعِيُّ لَمْ يَكُنْ لِي مَالٌ وَكُنْتُ أَطْلُبُ
الْعِلْمَ فِي الْحَدَاثَةِ وَكُنْتُ أَذْهَبُ إِلَى
الدِّيوَانِ أَسْتَوْهِبُ الظُّهُورَ فَأَكْتُبُ فِيهَا
بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ الشَّافِعِيِّ وَثَنَاءِ
الْعُلَمَاءِ عَلَيْهِ وَإِقْرَارِهِمْ لَهُ
بِالتَّقَدُّمِ فِي عِلْمِهِ
فَمِنْ ذَلِكَ ثَنَاءُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَلَيْهِ
وَتَفْضِيلِهِ لَهُ
أَخْبَرَنَا اسماعيل بن اسحاق المضرى الاستجى رَحمَه الله
قَالَ نَا حَمَّاد ابْن شُقْرَانَ قَالَ نَا أَبُو سَعِيدِ
بْنُ الأَعْرَابِيِّ بِمَكَّة قَالَ نَا تَمِيم بن عبد
الله الرَّازِيُّ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ
قَالَ كُنَّا عِنْدَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بِمَكَّةَ
فَجَاءَ الشَّافِعِيُّ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ
فَقَالَ هَذَا أَفْضَلُ فِتْيَانِ أَهْلِ زَمَانِهِ
وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ كُنَّا
عِنْدَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بِمَكَّةَ فَجَاءَ
رَجُلٌ يَنْعَى الشَّافِعِيَّ وَيَقُولُ انه مَاتَ فَقَالَ
ابْن عُيَيْنَة ان مَاتَ مُحَمَّد بن ادريس فقدمات أفضل
أهل زَمَانه حَدثنَا عبد الرحمن بن عبد الله بن خَالِد
الهمذانى قَالَ نَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ
النَّجِيرَمِيُّ إِمْلاءً فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ
بِالْبَصْرَةِ قَالَ نَا أَبُو يحيى زَكَرِيَّا بن يحيى بن
عبد الرحمن الساجى قَالَ نَا عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ
ابْنِ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ
سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ وَكَانَ اذا جَاءَهُ
شئ مِنَ التَّفْسِيرِ وَالْفُتْيَا الْتَفَتَ إِلَى
الشَّافِعِيِّ وَقَالَ سَلُوا هَذَا وَذَكَرَ السَّاجِيُّ
أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ نَا
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ قَالَ
سَمِعْتُ أَبِي وَعَمِّي إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ
الْعَبَّاسِ يَقُولانِ كَانَ سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة اذا
جَاءَهُ شئ مِنَ التَّفْسِيرِ وَالْفُتْيَا يُسْأَلُ
عَنْهُ الْتَفَتَ إِلَى الشافعى
(1/70)
وَقَالَ سَلُوا هَذَا وَبِهِ عَنِ
السَّاجِيِّ قَالَ نَا ابراهيم بن عبد الوهاب الابزارى
قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن عبد الرحمن الْجَوْهَرِيَّ قَالَ
كُنْتُ عِنْدَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فَقِيلَ لَهُ
هَهُنَا فَتًى يَعْنُونَ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ عَلَيْكُمْ
بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَدَعُوا الرَّأْيَ فَقَالَ سُفْيَانُ جَزَى اللَّهُ هَذَا
مِنْ فَتًى خَيْرًا ثُمَّ قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَال
لَهُ إِبْرَاهِيم} وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّهُمْ
فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هدى)
بَابُ قَوْلِ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزَّنْجِيِّ فَقِيهِ
مَكَّة فِيهِ
أخبرنَا أَحْمد بن عبد الله بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ
قَالَ نَا أَبِي قَالَ نَا أسلم بن عبد العزيز قَالَ نَا
الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَ
سَمِعْتُ الْحُمَيْدِيَّ يَقُولُ قَالَ مُسْلِمُ بْنُ
خَالِد الزنجى للشافعى افت باأبا عبد الله قَدْ آنَ لَكَ
أَنْ تُفْتِيَ وَهُوَ ابْنُ خمس عشرَة سنة وَذكره الساجى
وَقَالَ سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ قَالَ
سَمِعْتُ الْحُمَيْدِيَّ قَالَ سَمِعْتُ مُسْلِمَ بْنَ
خَالِدٍ الزَّنْجِيَّ يَقُولُ لِلشَّافِعِيِّ قَدْ آنَ
لَكَ أَنْ تُفْتِيَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً
بَابُ قَوْلِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ فِيهِ
وَدُعَائِهِ لَهُ
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ نَا الْحَسَنُ
بْنُ رَشِيق نَا عبيد الله بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعُمَرِيُّ
قَالَ نَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ
قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ
(1/71)
الْقَطَّانُ إِنِّي لأَدْعُو اللَّهَ
لِلشَّافِعِيِّ فِي الصَّلاةِ وَغَيْرِهَا مُنْذُ أَرْبَعِ
سِنِينَ لِمَا أَظْهَرَ مِنَ الْقَوْلِ بِمَا صَحَّ عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذَكَرَ
السَّاجِيُّ قَالَ نَا دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ
الأَصْفَهَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ الْحَارِثَ النَّقَّالَ
يَقُولُ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ
يَقُولُ أَنَا أَدْعُو اللَّهَ لِلشَّافِعِيِّ حَتَّى فِي
صلاتى
بَاب ثَنَاء عبد الرحمن بْنِ مَهْدِيٍّ عَلَيْهِ أَيْضًا
ذَكَرَ السَّاجِيُّ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ
الأَصْفَهَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مُوسَى ابْن عبد الرحمن
بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ كَانَ أَبِي احْتَجَمَ بِالْبَصْرَةِ
فَصَلَّى وَلَمْ يُحْدِثْ وُضُوءًا فَعَابُوهُ
بِالْبَصْرَةِ وَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ وَكَانَ سَبَبَ
كِتَابِهِ إِلَى الشَّافِعِيِّ بِذَلِكَ فَوجه بالرسالة
الى ابى فَأبى لايعرف ذَلِكَ الْكِتَابَ بِذَلِكَ الْخَطِّ
وَذَكَرَ السَّاجِيُّ قَالَ نَا دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ
الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ الْحَارِثَ النَّقَّالَ
يَقُولُ لَنَا حَمَلْتُ رِسَالَةَ الشَّافِعِيِّ إِلَى
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَذَكَرَ السَّاجِيُّ
ايضا قَالَ نَا عبد الله بْنُ أَحْمَدَ النَّحْوِيُّ قَالَ
نَا عُمَرُ بْنُ الْعَبَّاس الرازى قَالَ كنت عِنْد عبد
الرحمن بْنِ مَهْدِيٍّ فَجَاءَتْهُ رِسَالَةُ
الشَّافِعِيِّ فَلَمَّا قَرَأَهَا قَالَ هَذَا كَلامُ
شَابٍّ مُفْهِمٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بن احْمَد وعبد الرحمن
بْنُ يَحْيَى قَالا نَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ نَا
عبد الله بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزْوِينِيُّ قَالَ سَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوب بن الْفرج يَقُول سَمِعت على بن
الْمَدِينِيِّ يَقُولُ قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ
الشَّافِعِيِّ أجب عبد الرحمن بْنَ مَهْدِيٍّ عَنْ
كِتَابِهِ فَقَدْ
(1/72)
كَتَبَ إِلَيْكَ يَسْأَلُكَ وَهُوَ
مُتَشَوِّقٌ إِلَى جَوَابِكَ قَالَ فَأَجَابَهُ
الشَّافِعِيُّ وَهُوَ كِتَابُ الرِّسَالَةِ الَّتِي
كَتَبْتُ عَنْهُ بِالْعِرَاقِ وَإِنَّمَا هِيَ رِسَالَتُهُ
إِلَى عبد الرحمن ابْن مَهْدِيٍّ
بَابُ ذِكْرِ بَعْضِ قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن
عبد الحكم فِيهِ
حَدثنَا ابو عمر احْمَد بن عبد الله بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَلِيٍّ قَالَ نَا أَبِي قَالَ نَا أسلم بن عبد العزيز
قَالَ قَالَ لى مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم لَوْلا
الشَّافِعِيُّ مَا عَرَفْتُ كَيْفَ أَرُدُّ عَلَى أَحَدٍ
وَبِهِ عَرَفْتُ مَا عَرَفْتُ وَهُوَ الَّذِي عَلَّمَنِي
الْقِيَاسَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَدْ كَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ
وَأَثَرٍ وَفَضْلٍ وَخَيْرٍ مَعَ لِسَانٍ فَصِيحٍ طَوِيل
وعقل صَحِيح رصين
بَاب قَول عبد الله بن عبد الحكم فِيهِ
حَدثنَا عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ نَا
يَحْيَى بن مَالك بن عَابِد قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ
سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الشَّرِيفِ قَالَ نَا أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جرير قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن عبد
الله بن عبد الحكم يَقُول لِي أَبِي الْزَمْ هَذَا
الشَّيْخَ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيَّ
فَمَا رَأَيْتُ أَبْصَرَ بِأُصُولِ الْعِلْمِ أَوْ قَالَ
أُصُولِ الْفِقْهِ مِنْهُ
بَابُ قَوْلِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِيهِ وَثَنَائِهِ
عَلَيْهِ
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ نَا الْحَسَنُ بْنُ
رَشِيقٍ قَالَ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ ثَنَا
يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ كُنَّا نَأْتِي
الشَّافِعِيَّ فَنَجِدُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عِنْدَهُ
قَدْ سَبَقَنَا إِلَيْهِ وَمَا زَالَ مَعَنَا حَتَّى
سَمِعَ كُتُبَ الشَّافِعِيِّ كُلِّهَا قَالَ وَبَلَغَنَا
عَنْ أَبى ثورانه قَالَ كَانَ احْمَد بن حَنْبَل يجلس
مَعَنَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَيَسْمَعُ مَعَنَا وَذَكَرَ
(1/73)
السَّاجِيُّ وَقَالَ ثَنَا دَاوُدُ بْنُ
عَلِيٍّ الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ
رَاهَوَيْهِ يَقُولُ لَقِيَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
بِمَكَّةَ فَقَالَ لِي تَعَالَ حَتَّى أُرِيَكَ رَجُلا
لَمْ تَرَ عَيْنَاكَ مِثْلَهُ فَأرَانِي الشافعى أخبرنَا
عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ نَا أَحْمَدُ
بن حمدَان قَالَ نَا عبد الله بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ
قَالَ قُلْتُ لأَبِي يَا أَبَةِ أَيَّ رَجُلٍ كَانَ
الشَّافِعِيُّ فَإِنِّي أَسْمَعُكَ تُكْثِرُ الدُّعَاءَ
لَهُ فَقَالَ يَا بُنَيَّ كَانَ الشافعى
(1/74)
رَحِمَهُ اللَّهُ كَالشَّمْسِ لِلدُّنْيَا
وَكَالْعَافِيَةِ لِلنَّاسِ فَانْظُرْ هَلْ لِهَذَيْنِ
مِنْ عِوَضٍ أَوْ خَلَفٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
يَحْيَى قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّقِّيُّ
قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بن عَمْرو بن عبد
الخالق الْبَزَّار يَقُول سَمِعت عبد الملك بن عبد الحميد
الميمونى يَقُول كنت عِنْد أَبى عبد الله أَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ وَجَرَى ذِكْرُ الشَّافِعِيِّ قَالَ فَرَأَيْتُ
أَحْمَدَ يَرْفَعُهُ وَيَرْفَعُ بِهِ فَقَالَ بَلَغَنِي
َأوْ قَالَ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْعَثُ لهَذِهِ
الامة على رَأس مِائَةِ سَنَةٍ رَجُلا يُقِيمُ لَهَا
أَمْرَ دِينِهَا) قَالَ فَكَانَ عمر بن عبد العزيز على
رَأس كل الْمِائَةِ وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ الشَّافِعِيُّ
عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الأُخْرَى وَذَكَرَ أَبُو عُمَرَ
الزَّاهِدُ مُحَمَّدُ بن عبد الواحد غُلَام ثَعْلَب قَالَ
أَنا أَبُو على الْحسن بن عبيد الله الْخِرَقِيُّ قَالَ
قَالَ لِي صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ لَقِيَنِي
يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فَقَالَ لِي أَمَا يَسْتَحِي أَبُوكَ
مِمَّا يَفْعَلُ فَقُلْتُ وَمَا يَفْعَلُ قَالَ رَأَيْتُهُ
مَعَ الشَّافِعِيِّ وَالشَّافِعِيُّ رَاكِبٌ وَهُوَ
رَاجِلٌ وَرَأَيْتُهُ قَدْ أَخَذَ بِرِكَابِهِ فَقُلْتُ
ذَلِكَ لأَبِي فَقَالَ لِي قُلْ لَهُ إِذَا لَقِيتَهُ إِنْ
أَرَدْتَ أَنْ تَتَفَقَّهَ فَتَعَالَ فَخذ بركابه الآخر
حَدثنَا عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ نَا
ابْنُ حَمْدَانَ بِبَغْدَادَ قَالَ نَا عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ
كَانَ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَفْصَحِ النَّاسِ قُلْتُ
وَكَانَ لَهُ سِنٌّ قَالَ لَمْ يَكُنْ بِالْكَبِيرِ قَالَ
عبد الله وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ قَالَ الشَّافِعِيُّ
لَنَا أَمَّا أَنْتُمْ فَأَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ
وَالرِّجَالِ مِنِّي فَإِذَا كَانَ الحَدِيث صَحِيحا
فأعلمونى أَنْ يَكُونَ كُوفِيًّا أَوْ بَصْرِيًّا أَوْ
شَامِيًّا أَذْهَبُ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ صَحِيحًا قَالَ
لِي أَبِي قَالَ الشَّافِعِيُّ أَنَا قَرَأْتُ عَلَى
مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ قِرَاءَتِي
قَالَ أَبِي لأَنَّهُ كَانَ فَصِيحًا قَالَ
(1/75)
أَبُو يحيى الساجى وَسمعت عبد الله بْنَ
أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ يَقُولُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ
الشَّافِعِيِّ عَنْ مَالِكٍ وَحَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ
حَدِيثًا صَالِحًا وَكَانَ أَبِي يَكْرَهُ الآرَاءَ
كُلَّهَا إِلا أَنَّهُ كَانَ حَسَنَ الْقَوْلِ فِي
الشَّافِعِيِّ كَانَ عبد الله بْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ
يَقُولُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْهُ بِحَدِيثٍ كَثِيرٍ عَنْ
مَالِكٍ وَعَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ وَذَكَرَ السَّاجِيُّ
قَالَ نَا الْحَسَنُ بْنُ إِدْرِيسَ السِّجِسْتَانِيُّ
قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ سَمِعت
مُحَمَّد بن فَزَارَة الرَّازِيَّ قَالَ قُلْتُ لأَحْمَدَ
بْنِ حَنْبَلٍ إِنِّي كتبت الحَدِيث وَأَكْثَرت مِنْهُ
فَلَا بُد لِي مِنَ النَّظَرِ فِي الرَّأْيِ فَقَالَ
أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا تَفْعَلْ فَقُلْتُ لَا بُدَّ
أَكْتُبُ رَأْيَ الأَوْزَاعِيِّ أَوْ رَأْيَ الثَّوْرِيِّ
أَوْ رَأْيَ مَالِكٍ قَالَ إِنْ كُنْتُ لَا بُدَّ كَاتِبًا
لِلرَّأْيِ فَاكْتُبْ رَأْيَ الشَّافِعِيِّ وَعَلَيْكَ
بِالْبُوَيْطِيِّ فَاسْمَعْهُ مِنْهُ فَإِنْ فَاتَكَ
فَأَبُو الْوَلِيدِ بْنُ أَبِي الْجَارُودِ بِمَكَّةَ
ذَكَرَ السَّاجِيُّ قَالَ نَا بعض أَصْحَابنَا قَالَ
سَمِعت الْمروزِي قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ
يَقُولُ مَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ حَمَلَ
مَحْبَرَةً إِلا وَلِلشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ مِنَّةٌ
وَسَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ مِثْلَ
ذَلِكَ فَقُلْنَا يَا أَبَا مُحَمَّدٍ كَيْفَ ذَلِكَ قَالَ
إِنَّ أَصْحَابَ الرَّأْيِ كَانُوا يهزأون بِأَصْحَابِ
الْحَدِيثِ حَتَّى عَلَّمَهُمُ الشَّافِعِيُّ وَأَقَامَ
الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ وَذَكَرَ السَّاجِيُّ أَيْضًا قَالَ
نَا يَزِيدُ بْنُ مُجَاهِدٍ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ
اللَّيْثِ الرَّازِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ
حَنْبَلٍ يَقُولُ مَا صَلَّيْتُ صَلاةً مُنْذُ أَرْبَعِينَ
سَنَةً إِلا وَأَنَا أَدْعُو فِيهَا لِلشَّافِعِيِّ قَالَ
ونا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْكِرْمَانِيُّ قَالَ نَا
الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ قَالَ قَالَ أَحْمَدُ
بْنُ حَنْبَلٍ هَذَا الذى تَرَوْنَهُ اَوْ عامته مِنِّي
هُوَ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَمَاتَ مُنْذُ كَذَا كَذَا
سَنَةٍ وَأَنَا أَدْعُو اللَّهَ لِلشَّافِعِيِّ
وَأَسْتَغْفِرُ لَهُ
(1/76)
بَابُ قَوْلِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ
فِي الشَّافِعِيِّ
أخبرنَا اسماعيل بن اسحاق المضرى وقاسم بن مُحَمَّد بن
غسلون قَالا نَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ نَا مُحَمَّدُ
بْنُ قَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ نَا احْمَد بن شُعَيْب
النسائى قَالَ نَا عبيد الله بْنُ إِبْرَاهِيمَ الثِّقَةُ
الْمَأْمُونُ قَالَ سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ
يَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ عِنْدَنَا
إِمَامٌ
بَابُ قَوْلِ هَارُونَ بْنِ سَعِيدٍ الأَيْلِيِّ فِيهِ
ذَكَرَ السَّاجِيُّ قَالَ نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ الْحَجَّاجِ نَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ
الْهَيْثَمِ الأَيْلِيُّ قَالَ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ
الشَّافِعِيِّ قَطُّ وَلَقَدْ قَدِمَ عَلَيْنَا
(1/77)
مِصْرَ فَقَالُوا قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ
قُرَيْشٍ فَقِيهٌ فَجِئْنَاهُ وَهُوَ يُصَلِّي فَمَا
رَأَيْنَا أَحْسَنَ وَجْهًا مِنْهُ وَلا أَحْسَنَ صَلاةً
فَافْتَتَنَّا بِهِ فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ تَكَلَّمَ
فَمَا رَأَيْنَا أَحْسَنَ مَنْطِقًا مِنْهُ قَالَ عبد
الرحمن قَالَ لَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ لَوْ أَنَّ
الشَّافِعِيَّ نَاظَرَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْعَمُودَ
الَّذِي مِنْ حِجَارَةٍ مِنْ خَشَبٍ لأَثْبَتَ ذَلِكَ
لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْمُنَاظَرَةِ
بَابٌ فِي حَثِّهِ عَلَى حِفْظِ السُّنَنِ وَالتَّرْغِيبِ
فِي ذَلِكَ وَاتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَكَرَاهَتِهِ
لِمَذَاهِبِ أَهْلِ الْكَلامِ وَالْبِدْعَةِ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ نَا مُحَمَّدُ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يحيى قَالَ نَا اسحاق ابْن مُحَمَّدِ
بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ نَا السَّاجِيُّ عَنِ الْحُسَيْن
الكرابيسى قَالَ سُئِلَ الشافعى عَن شئ من الْكَلَام
فَغَضب وَقَالَ كَلامٌ مِثْلُ هَذَا يَعْنِي حَفْصًا
الْفَرْدَ وَأَصْحَابَهُ أَخْزَاهُمُ اللَّهُ حَدَّثَنَا
خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ نَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ نَا
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلامَةَ قَالَ نَا يُونُسُ
بْنُ عبد الاعلى قَالَ ذَكَرَ لِي الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ يَوْمَ نَاظَرَ حَفْصًا الْفَرْدَ كَثِيرًا مِمَّا
جَرَى بَيْنَهُمَا ثُمَّ قَالَ لِي غِبْتَ عَنَّا أَبَا
مُوسَى وَكَنَّانِي وَاعْلَمْ وَاللَّهِ إِنِّي اطَّلَعْتُ
مِنْ أَهْلِ الْكَلَام على شئ مَا ظَنَنْتُهُ قَطُّ
وَلأَنْ يَبْتَلِيَ اللَّهُ الْمَرْءَ بِكُلِّ مَا نَهَى
اللَّهُ عَنْهُ مَا عَدَا الشِّرْكَ بِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ
أَنْ يَنْظُرَ فِي الْكَلامِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ
قَاسِمٍ نَا الْحسن بن
(1/78)
رَشِيقٍ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ
سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ الْخَيَّاطُ قَالَ نَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْمَاعِيلَ الأَصْبَهَانِيُّ بِمَكَّةَ قَالَ
سَمِعْتُ الْجَارُودِيَّ يَقُولُ ذُكِرَ عِنْد الشَّافِعِي
ابراهيم ابْن اسماعيل بن عُلَيَّةَ فَقَالَ أَنَا
مُخَالِفٌ لَهُ فِي كُلِّ شئ وَفِي قَوْلِ لَا إِلَهَ إِلا
اللَّهُ لَسْتُ أَقُولُ كَمَا يَقُولُ أَنَا أَقُولُ لَا
إِلَهَ إِلا اللَّهُ الَّذِي كَلَّمَ مُوسَى عَلَيْهِ
السَّلامُ تَكْلِيمًا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَذَاكَ
يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ كَلامًا
أَسْمَعَهُ مُوسَى مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ قَالَ الْحَسَنُ
وَحَدَّثَنَا يَعْقُوبَ قَالَ نَا الرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ فِي
قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ
رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} أعلمنَا بذلك أَن
ثمَّ قوما غير محجوبون يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ لَا
يُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ كَمَا
جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهُ
قَالَ (تَرَوْنَ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ كَمَا تَرَوْنَ الشَّمْسَ لَا تُضَامُونَ فِي
رُؤْيَتِهَا) قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يحيى
الفارسى قَالَ نَا مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم
قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لَوْ عَلِمَ
النَّاسُ مَا فِي الْكَلامِ وَالأَهْوَاءِ لَفَرُّوا
مِنْهُ كَمَا يَفِرُّونَ مِنَ الأَسَدِ قَالَ الْحَسَنُ
وَنا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِيَّا اللَّخْمِيُّ
قَالَ نَا يُونُس بن عبد الأعلى قَالَ سَمِعْتُ
الشَّافِعِيَّ يَقُولُ إِذَا سَمِعْتَ الرَّجُلَ يَقُول
الِاسْم غير الْمُسَمّى أَو الشئ غَيْرُ الْمُشَيَّا
فَاشْهَدْ عَلَيْهِ بِالزَّنْدَقَةِ قَالَ وَحَدَّثَنَا
حسن بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ نَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى
قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ فِي أَهْلِ
الأَهْوَاءِ أُمَّةٌ أَشْهَدُ بِالزُّورِ مِنَ
الرَّافِضَةِ قَالَ الْحَسَنُ وَنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى
الْفَارِسِيُّ قَالَ أَنا مُحَمَّد بن عبد الله
(1/79)
ابْن عبد الحكم قَالَ سَمِعْتُ
الشَّافِعِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ
سَمِعْتُ مِنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ كَلامًا بَادَرْتُ
مِنْهُ خِفْتُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْنَا السَّقْفُ قَالَ
الْحَسَنُ ونا مُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ نَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ سَمِعْتُ
الْجَارُودِيَّ يَقُولُ مَرِضَ الشَّافِعِيُّ بِمِصْرَ
مَرْضَةً أَيِسُوا مِنْهُ فِيهَا ثُمَّ أَفَاقَ وَكُلٌّ
يَقُولُ لَهُ مَنْ أَنَا فَيُجِيبُهُ حَتَّى قَالَ لَهُ
حَفْصٌ الْفَرْدُ مَنْ أَنا يَا أَبَا عبد الله قَالَ
أَنْت حَفْص الْفَرد لاحفظك اللَّهُ وَلا رَعَاكَ وَلا
كَلأَكَ إِلا أَنْ تَتُوبَ مِمَّا أَنْتَ فِيهِ قَالَ
الْحَسَنُ وَنا مُحَمَّد بن ابراهيم الانماطى وعبيد الله
بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ قَالا نَا الْحَسَنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ
يَقُولُ حُكْمِي فِي أَصْحَابِ الْكَلامِ أَنْ يُضْرَبُوا
بِالْجَرِيدِ وَيُحْمَلُوا عَلَى الإِبِلِ وَيُطَافُ
بِهِمْ فِي الْعَشَائِرِ وَالْقَبَائِلِ يُقَالُ هَذَا
جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَأَخَذَ فِي
الْكَلامِ وَذَكَرَ السَّاجِيُّ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ
وَالْكَرَابِيسِيِّ أَنَّهُمَا سَمِعَا الشَّافِعِيَّ
يَقُولُ ذَلِكَ وَذَكَرَ السَّاجِيُّ عَنِ
الزَّعْفَرَانِيِّ قَالَ كَانَ الشَّافِعِيُّ يكره
الْكَلَام وَمن شعره الذى لايختلف فِيهِ وَهُوَ أصح شئ
عَنهُ
(وَمَا شِئْتُ كَانَ وَإِنْ لَمْ أَشَأْ ... وَمَا شِئْتُ
إِنْ لَمْ تَشَأْ لَمْ يَكُنْ)
(خَلَقْتَ الْعِبَادَ عَلَى مَا عَلِمْتَ ... وَفِي
الْعِلْمِ يَجْرِي الْفَتَى وَلَعَلَّه المسن)
(عَلَى ذَا مَنَنْتَ وَهَذَا خَذَلْتَ ... وَهَذَا
أَعَنْتَ وَذَا لَمْ تُعِنْ)
(فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَمِنْهُمْ سَعِيدٌ ... وَمِنْهُم
قَبِيح وَمِنْهُم حسن)
وَحدثنَا عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ نَا
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ مُفَرِّجٍ
قَالَ نَا أَبُو أَحْمَدَ مَنْصُورُ بْنُ أَحْمَدَ
الْهَرَوِيُّ قَالَ نَا أَبُو مُحَمَّد عبد الله ابْن
أَبِي سُفْيَانَ سَمِعْتُ أَبَا إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ
بْنَ يَحْيَى الْمُزَنِيَّ قَالَ سَمِعْتُ
(1/80)
مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيَّ
يُنْشِدُ هَذِهِ الأَبْيَاتَ لِنَفْسِهِ قَالَ أَبُو
عُمَرَ وَهَذِهِ الابيات من أثبت شئ فى الايمان بِالْقدرِ
وَذكر أَبُو الْقَاسِم عبيد الله ابْن عُمَرَ
الْبَغْدَادِيُّ الشَّافِعِيُّ الَّذِي اسْتَجْلَبَهُ
الْحَكَمُ الْمُسْتَنْصِرُ بِاللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ
واسكنه الزهراء حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ
نَا الرَّبِيعُ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ
الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَاعْتِقَادٌ بِالْقَلْبِ أَلا
تَرَى قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجل {وَمَا كَانَ الله
لِيُضيع إيمَانكُمْ} يَعْنِي صَلاتَكُمْ إِلَى بَيْتِ
الْمَقْدِسِ فَسَمَّى الصَّلاةَ إِيمَانًا وَهِيَ قَوْلٌ
وَعَمَلٌ وَعَقْدٌ قَالَ الرَّبِيعُ وَسَمِعْتُ
الشَّافِعِيَّ يَقُولُ الإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ
وَرَوَى الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو حَنِيفَةَ
قَحْزَمُ بْنُ عبد الله بْنِ قَحْزَمٍ الأُسْوَانِيُّ
وَالْمُزَنِيُّ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَغَيْرُهُمْ
عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَرَاهُ
أَوْلِيَاؤُهُ فِي الآخِرَةِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ
عَنْهُ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ بَعْضُ أَهْلِ الْكَلامِ
خِلافَ ذَلِكَ وَلا يَصِحُّ عَنْهُ وَالصَّحِيحُ
(1/81)
مَا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ عَنِ ابْنِ
هَرِمٍ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ فِي قَوْلِ
اللَّهِ تَعَالَى {كلا إِنَّهُم عَن رَبهم يَوْمئِذٍ
لمحجوبون} دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ
يَرَوْنَهُ فِي الْآخِرَة وَهَذَا الصَّرِيح مِنْهُ
رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ وَأَصْلُ
الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْخَبَرَ إِذَا
صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَهُوَ قَوْلُهُ وَمَذْهَبُهُ وَلا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ
أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ يَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ قَالَ
أَبُو الْقَاسِمِ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ عَلِيٍّ الْمِصْرِيُّ قَالَ نَا الرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ
الْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ غَيْرُ مَخْلُوقٍ
وَنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
الْمُسْتَمْلِي قَالَ نَا أَبُو نُعَيْمٍ عبد الملك بْنُ
مُحَمَّدٍ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ سُئِلَ الرَّبِيعُ عَنْ
قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ جَاءَ رَجُلٌ
إِلَى الشَّافِعِيِّ فَنَاظَرَهُ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ
الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ كَفَرْتَ
بِاللَّهِ الْعَظِيمِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمِصْرِيُّ وَأَبُو
عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ حَبِيبٍ قَالا نَا الرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ أَبُو
بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ الْخُلَفَاءُ
الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ قَالَ وَنا مُحَمَّدُ بْنُ
الرَّبِيعِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْدَلُسِيُّ بِمِصْرَ قَالَ
سَمِعْتُ حَرْمَلَةَ بْنَ يَحْيَى قَالَ سَأَلْتُ
الشَّافِعِيَّ فَقلت
(1/82)
يَا أَبَا عبد الله مَنِ الْخُلَفَاءِ
بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ
أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَعُمَرُ
بْنُ عبد العزيز
بَاب جَامع فَضَائِل الشافعى وأخباره
حَدثنَا عبد الوارث بْنُ سُفْيَانَ نَا قَاسِمُ بْنُ
أَصْبَغَ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ نَا مَنْصُورُ
بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ نَا عَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمَةِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي
طَالِبٍ أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم انه قَالَ لاتؤموا قُرَيْشًا وَائْتَمُّوا بِهَا
وَلا تُعَلِّمُوا قُرَيْشًا وَتَعَلَّمُوا مِنْهَا فَإِنَّ
أَمَانَةَ الرَّجُلِ مِنْ قُرَيْشٍ تَعْدِلُ أَمَانَةَ
أَمِينَيْنِ وَإِنَّ عِلْمَ عَالِمِ قُرَيْشٍ يَسَعُ
طِبَاقَ الأَرْضِ قَالَ الأَصْمَعِيُّ قُرَيْشٌ
الْكَتَبَةُ الْحَسَبَةُ ملح هَذِه الْأمة علم عالمها
طِبَاقَ الأَرْضِ كَأَنَّهُ يَعُمُّ الأَرْضَ فَيَكُونُ
طِبَاقًا لَهَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ كَانُوا
يَقُولُونَ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ
اللَّهُ وَذَكَرَ أَبُو جَعْفَر العقيلى فِي التَّارِيخ
الْكَبِير حَدثنَا عبد الله بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ نَا
الْمُزَنِيُّ قَالَ نَا سعيد بن أبي أَيُّوبَ قَالَ نَا
صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ الدِّمَشْقِيُّ عَن عَطاء ابْن
أَبِي رَبَاحٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم قَالَ (أَكْرِمُوا قُرَيْشًا فَإِنَّ عَالِمَهَا
يَمْلأُ الأَرْضَ عِلْمًا) حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ
نَا مُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ
(1/83)
سَعِيدٍ الإِمَامُ قَالَ سَمِعْتُ
الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ
الشَّافِعِيَّ يَقُولُ الْعِلْمُ عِلْمَانِ عِلْمُ
الأَدْيَانِ وَعِلْمُ الأَبْدَانِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ
قَاسِمٍ نَا الْحسن ابْن رَشِيقٍ نَا عَلِيُّ بْنُ
يَعْقُوبَ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ نَا الرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ الشافعى يَقُول ليونس بن عبد
الاعلى يَا أَبَا مُوسَى عَلَيْكَ بِالْفِقْهِ فَإِنَّهُ
كَالتُّفَّاحِ الشَّامِيِّ يُحْمَلُ مِنْ عَامِهِ
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ نَا الْحَسَنُ نَا
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ آدَمَ قَالَ نَا أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ النَّحْوِيُّ قَالَ نَا
الرَّبِيعُ ابْن سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ سَمِعْتُ
الشَّافِعِيَّ يَقُولُ طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنَ
الصَّلاةِ النَّافِلَةِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ
نَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ الْكِنْدِيُّ قَالَ نَا يُونُسُ بن عبد
الاعلى قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ الْعَقْلُ
التَّجْرِبَةُ حَدَّثَنَا خَلَفٌ نَا الْحَسَنُ نَا
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بن آدم نَا الرّبيع ابْن
سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ وَهُوَ
مَرِيضٌ وَدِدْتُ أَنَّ الْخَلْقَ يَعْلَمُونَ مَا فِي
هَذِهِ الْكُتُبِ عَلَى أَنْ لَا يَنْسُبُوا إِلَيَّ
مِنْهَا شَيْئًا يَعْنِي مَا وَضَعَ مِنْ كُتُبِهِ
حَدَّثَنَا عبد الرحمن بْنُ يَحْيَى وَخَلَفُ بْنُ
أَحْمَدَ قَالا نَا احْمَد بن سعيد بن أَبى مَرْيَم قَالَ
نَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ سَمِعت
أَبَا مُحَمَّد بن بنت الشافعى يَقُول سَمِعت الزعفرانى
يَقُولُ وَدِدْتُ أَنَّ النَّاسَ يَفْهَمُونَ مَا فِي
كُتُبِي مِنْ مَعَانِيَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
وَيَنْشُرُونَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَنْسُبُوهُ إِلَيَّ
وَرُوِّينَا عَنِ الْمُزَنِيِّ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ
الشَّافِعِيِّ يَوْمًا وَدَخَلَ عَلَيْهِ جَارٌ لَهُ
خَيَّاطٌ فَأَمَرَهُ بِإِصْلاحِ أَزْرَارِهِ فَأَصْلَحَهَا
فَأَعْطَاهُ الشَّافِعِيُّ دِينَارًا ذَهَبًا فَنَظَرَ
إِلَيْهِ الْخَيَّاطُ وَضَحِكَ فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ
خُذْهُ فَلَوْ حَضَرَنَا أَكْثَرُ مِنْهُ مَا رَضِينَا
لَكَ بِهِ فَقَالَ لَهُ أبقاك الله انما دَخَلنَا عَلَيْك
لِنُسَلِّمَ عَلَيْكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ فَأَنْتَ
(1/84)
إِذًا ضَيْفٌ زَائِرٌ وَلَيْسَ مِنَ
الْمُرُوءَةِ الاسْتِخْدَامُ بالضيف الزائر ذكر أَبُو بكر
بن مُحَمَّد بن اللَّبَّادُ قَالَ نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
أَبِي دَاوُدَ البرلسى عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد
الحكم قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ قَالَ أَبُو
يُوسُفَ لأَرُوحَنَّ اللَّيْلَةَ إِلَى أَمِيرِ
الْمُؤْمِنِينَ يَعْنِي الرَّشِيدَ بِقَاصِمَةِ الظَّهْرِ
عَلَى الْمَدَنِيِّينَ فِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ فَتَقُولُ مَاذَا قَالَ إِنَّهُ لَا
يُقْضَى إِلا بِشَاهِدَيْنِ لأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَبَى
إِلا الشَّاهِدَيْنِ وَتَلا الآيَةَ فِي الدَّيْنِ قَالَ
فَإِنْ قَالُوا لَكَ فَمَنِ الشَّاهِدَانِ
(1/85)
اللَّذَان يقبلان وَلَا يُحْكَمُ إِلا
بِهِمَا قَالَ أَقُولُ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ عَدْلانِ
قَالَ فَقُلْتُ يُقَالُ لَكَ فَلِمَ أَجَزْتَ شَهَادَةَ
النَّصَارَى فِي الْحُقُوقِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تبَارك
وَتَعَالَى {من رجالكم} وَقَالَ {مِمَّن ترْضونَ من
الشُّهَدَاء} قَالَ فَتَفَكَّرَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ هَذَا
خَفِيٌّ مِنْ أَيْنَ أَنْ يَهْتَدُوا لِهَذَا قَالَ قُلْتُ
وانما يحْتَج بِقَوْلِكَ عَلَى ضُعَفَاءِ النَّاسِ قَالَ
ابْنُ اللَّبَّادِ وَثَنَّى الْبُرُلُّسِيُّ قَالَ وَنا
الْمُزَنِيُّ قَالَ سَمِعْتُ
(1/86)
الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لَيْسَ أَحَدٌ
يَسْتَخْرِجُ مِنَ الدُّنْيَا عصارة عَيْشٍ إِلا بِحَالٍ
مَكْرُوهَةٍ فِي دِينِهِ قَالَ وَمن لم يُبَادر أَجله
سلبته الايام فريسته لَان صناعَة الدَّهْر التقلب وَشَرطه
الامالة حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ نَا
الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ نَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بن على بن المداينى قَالَ سَمِعت المزنى وَالربيع ابْن
سُلَيْمَانَ يَقُولانِ سَمِعْنَا الشَّافِعِيَّ يَقُولُ
لَا تُشَاوِرْ من لَيْسَ فى بَيته دَقِيق لانه موله الْعقل
قَالَ الْحسن ونا على بن السَّرِيِّ قَالَ نَا مُحَمَّدُ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِيَّا قَالَ نَا الرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ
يَقُولُ أَكْلُ الْفُولِ يَزِيدُ فِي الدِّمَاغِ وَأَكْلُ
اللَّحْمِ يَزِيدُ فِي الْعَقْلِ قَالَ الْحَسَنُ وَنا
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلامَة قَالَ نَا يُونُس بن
عبد الاعلى قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَكْتُبُ بِهَذَا
الشِّعْرِ إِلَى رجال من قُرَيْش فى ابْنِ هَرِمٍ حَيْثُ
اخْتَلَفُوا
(جَزَى اللَّهُ عَنَّا جَعْفَرًا حِينَ أَزْلَقَتْ ...
بِنَا نَعْلُنَا فِي الْوَاطِئِينَ فَزَلَّتْ)
(أَبَوْا أَنْ يَمَلُّونَا وَلَوْ أَنَّ أُمَّنَا ...
تلاقى الذى لَا قوه فِينَا لملت)
أخبرنَا أَبُو الْوَلِيد عبد الله بن مُحَمَّد بن يُوسُف
قَالَ أَنا أَبُو الْحسن على
(1/87)
ابْن مُحَمَّد عبد الله ابْن جَهْضَم
الهمذانى بِمَكَّة قَالَ أَنا القاضى عبد الملك بن
مُحَمَّد بن عبد العزيز قَالَ أَنا ابْنُ مُجَاهِدٍ قَالَ
نَا أَبُو زَكَرِيَّا قَالَ نَا الرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ
اللَّهُ يَقُولُ رَأَيْتُ وَأَنَا بِالْيَمَنِ فِي
الْمَنَامِ كَأَنِّي جَالِسٌ فِي سَوَاءِ الطَّوَافِ إِذْ
قِيلَ هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنهُ
فَقُمْت اليه وسلمت عَلَيْهِ وَصَافَحْتُهُ وَعَانَقْتُهُ
فَخَلَعَ خَاتَمَهُ مِنْ إِصْبَعِهِ فَجَعَلَهُ فِي
إِصَبْعِي فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قُلْتُ يَا عَمُّ جِئْنِي
بِالْمُعَبِّرِ فَجَاءَنِي بِهِ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ
الرُّؤْيَا فَقَالَ اُبْشُرْ يَا ابا عبد الله أَمَّا
رُؤْيَتُكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ فَهُوَ النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ وَأَمَّا
مُصَافَحَتُكَ إِيَّاهُ فَهُوَ الأَمَانُ يَوْمَ
الْحِسَابِ وَأَمَّا جَعْلُهُ الْخَاتَمَ فِي إِصْبَعِكَ
فَسَيَبْلُغُ اسْمُكَ فِي الدُّنْيَا حَيْثُ بلغ اسْم على
بن أبي طَالب حَدثنَا عبد الله قَالَ نَا الْهَمَذَانِيُّ
قَالَ نَا أَبُو بَكْرٍ المداينى قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ
عِيسَى الْفَقِيهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ
الْكِرْمَانِيَّ يَقُولُ رَأَيْتُ كَأَنَّ الْقِيَامَةَ
قَدْ قَامَتْ وَأُمِرَ بِي إِلَى الْجَنَّةِ وَفِي كُمِّي
مُخْتَصَرُ الْمُزَنِيِّ فَقَالَ لِي رِضْوَانُ دَعْهُ
وَادْخُلْ فَقُلْتُ لَا أَدْخُلُ إِلا بِمَا مَعِي فَإِذَا
النِّدَاءُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ عَزَّ وَجل دَعه يدْخل
بِمَا مَعَه حَدثنَا عبد الله قَالَ نَا على بن عبد الله
الْهَمَذَانِيُّ قَالَ نَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ
السَّرْح الْجَدِّيُّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ
التِّرْمِذِيُّ رَأَيْتُ كَأَنَّ الْقِيَامَةَ قَدْ
قَامَتْ فَأُمِرَ بِي إِلَى الْجَنَّةِ وَفِي كُمِّي
مُخْتَصَرُ الشَّافِعِيِّ أَعْنِي كِتَابَ
(1/88)
الْمُزَنِيِّ فَقَالَ لِي رِضْوَانُ دَعْهُ
وَادْخُلْ فَقُلْتُ لَا أَدْخُلُ إِلا بِمَا مَعِي فَإِذَا
النِّدَاءُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ دَعْهُ
يَدْخُلُ بِمَا مَعَه حَدثنَا عبد الرحمن بن عبد الله ابْن
خَالِد قَالَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ النَّجِيرَمِيُّ
إِمْلاءً فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِع بِالْبَصْرَةِ قَالَ
أَنا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ
قَالَ سَمِعْتُ حَوْثَرَةَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْمِنْقَرِيَّ
يَقُولُ تَتَبَيَّنُ السُّنَّةُ فِي الرَّجُلِ فِي
اثْنَتَيْنِ فِي حُبِّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ
وَكِتَابَةِ كُتُبِ الشَّافِعِيِّ نَا عبد الرَّحْمَن بن
عبد الله بن خَالِد قَالَ نَا يُوسُف ابْن يَعْقُوبَ
النَّجِيرَمِيُّ قَالَ نَا أَبُو يَحْيَى السَّاجِيُ نَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ هِلالَ بْنَ
الْعَلاءِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ فَتَحَ أَقْفَالِ
الْعِلْمِ حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَلِيٍّ قَالَ نَا أَبِي قَالَ نَا أسلم بن عبد العزيز
قَالَ قَالَ لى مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم لَوْلا
الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَنَّهُ الَّذِي
عَلَّمَنِي الْقِيَاسَ مَا عَلِمْتُهُ وَبِهِ عَرَفْتُهُ
فَرَحْمَةُ اللَّهِ فَإِنَّهُ كَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ
وَأَثَرٍ وَفَضْلٍ وَخَيْرٍ نَا خَلَفٌ قَالَ نَا
الْحَسَنُ نَا أَحْمَدُ بن على المداينى قَالَ سَمِعْتُ
الْمُزَنِيَّ يَقُولُ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ
نَاظَرْتُهُ عَلَى مَا يُوجَدُ فِي كتب الشافعى من خطأ انه
من الْكتاب لَيْسَ من الشافعى قَالَ الْحسن ونا المدانيى
أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ نَا الْمُزَنِيُّ قَالَ قَالَ
الْحُمَيْدِيُّ لَمَّا خَرَجَ الشَّافِعِيُّ مِنْ مَكَّةَ
إِلَى مِصْرَ وَفَاتَنَا بِنَفْسِهِ خَرَجْنَا خَلْفَهُ
إِلَى مِصْرَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ
سُفْيَانَ قَالَ نَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ نَا
أَبُو حَفْص مُحَمَّد بن اسمعيل الصَّائِغُ قَالَ سَمِعْتُ
مُصْعَبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيَّ يَقُولُ
قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِنْ كَانَ أَحَدٌ
يُخَالِفُنَا فَيُثْبِتُ خِلافَهُ عَلَيْنَا
فَالشَّافِعِيُّ فَقِيلَ لَهُ فَلِمَ قَالَ لِبَيَانِهِ
وَتَثَبُّتِهِ فِي السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ وَالاسْتِمَاعِ
(1/89)
بَابٌ مِنْ أَخْبَارِهِ وَحِكَايَاتِهِ
أَنا خَلَفٌ نَا الْحَسَنُ نَا مُحَمَّدُ بْنُ رَمَضَانَ
الزَّيَّاتُ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الْحَرَسِ
يَوْمًا عَلَى الشَّافِعِيِّ وَأَنَا آكُلُ مَعَهُ خُبْزًا
فَجَلَسَ يَأْكُلُ مَعَنَا فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ يَا
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي طَعَامِ
الْفُجَاءَةِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ سِرًّا هَلا كَانَ
هَذَا مِنْهُ قَبْلَ الأَكْلِ وَبِهَذَا الإِسْنَادِ عَنْ
مُحَمَّدٍ قَالَ كَانَ للشافعى غُلَام يُسَمَّى إِطْرَاقًا
وَكَانَ طَبَّاخًا فَبِيعَ فِي تَرِكَةِ الشَّافِعِيِّ
فَاشْتَرَاهُ أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَبِيعَ فِي
تَرِكَة أَشهب فَقَالَ لى أى يامحمد اشْتَرِ لَنَا
إِطْرَاقًا قَالَ فَحَضَرْتُ وَقْتَ بَيْعِهِ وَالنِّدَاءِ
عَلَيْهِ وَحَضَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا فَجَعَلْتُ
أَزِيد فِيهِ فَقَالَ لي يُوسُف بن عمر وَأمْسك عَن
شِرَائِهِ دفن العلمين فِي بِضْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا
وَتَشْتَرِيهِ أَتُحِبُّ أَنْ تَكُونَ الثَّالِثَ
فَاشْتَرَيْتُهُ وَتَرَكْتُ التَّطَيُّرَ قَالَ الْحَسَنُ
وَنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْفَارِسِيُّ قَالَ أَنا
مُحَمَّد بن عبد الله بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ أَنا
الشَّافِعِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي يَحْيَى قَالَ كُلُّ
طَبْعٍ أَعْيَاكَ فَبَوْلُ الْحِمَارِ يُخْرِجُهُ إِلا
السَّمْنَ فَإِنَّهُ إِذَا غُسِلَ ثُمَّ اتَّسَخَ بَانَ
قَالَ وَنا عَلِيُّ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ سُوَيْدٍ
الْوَرَّاقُ الْقُرَشِيُّ قَالَ نَا الرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ قَالَ قَالَ الشَّافِعِيُّ قَالَ لِي عَمِّي
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ لِي شَيْخٌ مِنَّا مَنْ
أَظْهَرَ شُكْرَكَ بِمَا لَمْ تَأْتِهِ إِلَيْهِ فَاحْذَرْ
أَنْ يَكْفُرَ نِعْمَتَكَ فِيمَا أَتَيْتَ إِلَيْهِ قَالَ
وَنا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّد بن الْعَبَّاس الكتانى
الْجَوْهَرِيُّ قَالَ نَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ
الْمُؤَذِّنُ قَالَ حَجَجْتُ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ
إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ إِلَى مَكَّةَ فَمَا كَانَ
يَصَعْدُ شَرَفًا وَلا يَهْبِطُ وَادِيًا إِلا أَنْشَأَ
يَقُولُ
(يَا رَاكِبًا قِفْ بِالْمُحَصَّبِ مِنْ مِنًى ...
وَاهْتِفْ بِسَاكِنِ خَيْفِهَا وَالنَّاهِضِ)
(سَحَرًا إِذَا فَاضَ الْحَجِيجُ إِلَى مِنًى ... فَيْضًا
كَمُلْتَطَمِ الْفُرَاتِ الْفَائِضِ)
(1/90)
(إِنْ كَانَ رَفَضَا حُبَّ آلِ مُحَمَّدٍ
... فَلْيَشْهَدِ الثَّقَلانِ أَنِّي رَافِضِي)
قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ يُنْسَبُ هَذَا الشِّعْرُ إِلَى
الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا حَدَّثَنِي غَيْرُ
وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِي عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ عُبَيْدِ
اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الشَّافِعِيِّ ضَيْفِ
الْحَكَمِ رَحِمَهُ اللَّهِ السَّاكِنِ فِي الزَّهْرَاءِ
عَنْ شُيُوخِهِ قَالَ قِيلَ لِلشَّافِعِيِّ ان فِيك بعض
التَّشَيُّع قَالَ وَكَيف قَالُوا ذَلِك لأَنَّكَ تُظْهِرُ
حُبَّ آلِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَقُلْ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يُؤْمِنُ
أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ
وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) وَقَالَ
(إِنَّ أَوْلِيَائِي مِنْ عِتْرَتِي الْمُتَّقُونَ)
فَإِذَا كَانَ وَاجِبًا عَلَيَّ أَنْ أُحِبَّ قَرَابَتِي
وَذَوِي رَحِمِي إِذَا كَانُوا مِنَ الْمُتَّقِينَ
أَلَيْسَ مِنَ الدِّينِ أَنْ أُحِبَّ قَرَابَةَ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ كَانُوا مِنَ
الْمُتَّقِينَ لأَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ قَرَابَتَهُ
وَأَنْشَدَ
(يَا رَاكِبًا قِفْ بِالْمُحَصَّبِ مِنْ مِنًى ... )
أخبرنَا اسمعيل بن اسحق وَقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالا
نَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ نَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ
أَحْمَدَ قَالَ نَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ
كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو يَعْقُوبَ الْبُوَيْطِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ مِنَ السِّجْنِ وَكَانَ الْوَاثِقُ قَدْ سَجَنَهُ
إِذْ لَمْ يُجِبْ فِي الْقُرْآنِ وَكَانَ مِمَّا كَتَبَ
إِلَيَّ حَسِّنْ خُلُقَكَ لأَهْلِكَ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ
لِلْغُرَبَاءِ فَإِنِّي كَثِيرًا مَا كُنْتُ أَسْمَعُ
الشَّافِعِيَّ يَتَمَثَّلُ بِهَذَا الْبَيْتِ
(أُهِينُ لَهُمْ نَفْسِي لأُكْرِمَهَا بِهِمْ ... وَلَنْ
يُكْرِمَ النَّفْسَ الَّذِي لَا يُهِينُهَا)
وَذَكَرَ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ
السَّرَّاجُ فِي تَارِيخِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ الْمَخْزُومِيُّ مِنْ وَلَدِ
الأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الأَرْقَمِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ بْنَ إِبْرَاهِيمَ قَالَ وَفَدَ مُحَمَّدُ
بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ عَلَى رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ
بِالْيَمَنِ كَانَ بِهَا أَمِيرًا فَأَقَامَ عِنْدَهُ
أَيَّامًا ثُمَّ سَأَلَهُ الرُّجُوعَ إِلَى دَارِهِ
وَمَوْضِعِهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَعْتَذِرُ وَعَرَضَ
عَلَيْهِ شَيْئًا يَسِيرًا فَكَتَبَ إِلَيْهِ
الشَّافِعِيُّ أَبْيَاتًا فِي ظَهْرِ رُقْعَتِهِ
(1/91)
(أَتَانِي عُذْرٌ مِنْكَ فِي غَيْرِ
كُنْهِهِ ... كَأَنَّكَ عَن بَرى بِذَاكَ نحيد)
(لِسَانُكَ هَشٌّ بِالنَّوَالِ وَمَا أَرَى ... يَمِينَكَ
إِنْ جَادَ اللِّسَانُ تَجُودُ)
(فَإِنْ قُلْتَ لِي بَيْتٌ وسبط وسبطة ... وَأَسْلافُ
صِدْقٍ قَدْ مَضَوْا وَجُدُودُ)
(صَدَقْتَ وَلَكِنْ أَنْتَ خَرَّبْتَ مَا بَنَوْا ...
بِكَفَّيْكَ عَمْدًا وَالْبِنَاءُ جَدِيدُ)
(إِذَا كَانَ ذُو الْقُرْبَى لَدَيْكَ مُبْعَدًا ...
وَنَالَ الَّذِي يَهْوَى لَدَيْكَ بَعِيدُ)
(تَفَرَّقَ عَنْكَ الأَقْرَبُونَ لِشَأْنِهِمْ ...
وَأَشْفَقْتَ أَنْ تَبْقَى وَأَنْتَ وَحِيدُ)
(وأصبحت بَين الْحَمد والذم وَاقِفًا ... فياليت شِعْرِي
أَيَّ ذَاكَ تُرِيدُ)
فَكَتَبَ إِلَيْهِ بَلْ أُرِيدُ مِنْكَ الْحَمْدَ بِأَبِي
أَنْتَ وَأُمِّي وَقَدْ وجهت اليك خَمْسمِائَة دِينَار
لمهماتك وَخَمْسمِائة دِينَارٍ لِنَفَقَتِكَ وَعَشَرَةَ
أَثْوَابٍ مِنْ حَبْرِ الْيَمَنِ وبختيان وَالسَّلامُ
بَابٌ فِي فَصَاحَتِهِ وَاتِّسَاعِهِ فِي فُنُونِ الْعلم
ذكر الْحسن قَالَ نَا ابْنُ رَشِيقٍ قَالَ نَا أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ
نَا مُحَمَّد بن الْحسن الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ مَا
رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ أَفْصَحَ وَلا أَعْلَمَ مِنَ
الشَّافِعِيِّ كَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ وَأَفْصَحَ
النَّاسِ وَكَانَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ الشِّعْرِ
فَيَعْرِفُهُ مَا كَانَ إِلا بَحْرًا وَكَانَ رَحِمَهُ
اللَّهُ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ كَبِيرَةٍ كَأَنَّهُ
أَعْرَابِيٌّ وَكَانَ إِذَا سَمِعَ اللَّغَطَ فِي
مَجْلِسِهِ نَهَى عَنْهُ وَقَالَ إِنَّا لَسْنَا أَصْحَابَ
كَلامٍ ذَكَرَ ابو عبد الله مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ
الْبَجَلِيُّ الشَّافِعِيُّ الْقَيْرَوَانِيُّ وَكَانَ
فَاضِلا قَالَ حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ
قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ هِشَامٍ صَاحِبَ الْمَغَازِي يَقُولُ
كَانَ الشَّافِعِيُّ حُجَّةً فِي اللُّغَةِ قَالَ
الْبَجَلِيُّ وَقَالَ لِيَ الرَّبِيعُ كَانَ الشَّافِعِيُّ
إِذَا خَلا فِي بَيته كالسيل يهدر فِي ايام الْعَرَب
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ نَا
(1/92)
الْحسن نَا احْمَد بن على المداينى قَالَ
نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ قَالَ قَدِمَ
عَلَيْنَا الشَّافِعِيُّ وَكَانَ بِمِصْرَ ابْنِ هِشَامٍ
صَاحِبِ الْمَغَازِي وَكَانَ عَالِمَ مِصْرَ بِالْغَرِيبِ
وَالشِّعْرِ فَقِيلَ لَهُ لَوْ أَتَيْتَ الشَّافِعِيَّ
فَأَبَى أَنْ يَأْتِيَهُ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ
قِيلَ لَهُ لَوْ أَتَيْتَهُ فَأَتَاهُ فَذَاكَرَهُ
أَنْسَابَ الرِّجَالِ فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ
أَنْ تَذَاكَرَا طَوِيلا دَعْ عَنْكَ أَنْسَابَ الرِّجَالِ
فَإِنَّهَا لَا تُذْهِبُ عَنَّا وَلا عَنْكَ وَخُذْ بِنَا
فِي أَنْسَابِ النِّسَاءِ فَلَمَّا أَخَذَا فِيهَا بَقِيَ
ابْنُ هِشَامٍ فَكَانَ ابْنُ هِشَامٍ بَعْدَ ذَلِكَ
يَقُولُ مَا ظَنَنْتُ ان الله عزوجل خَلَقَ مِثْلَ هَذَا
وَكَانَ يَقُولُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ حُجَّةٌ فِي
اللُّغَةِ وَذَكَرَ أَبُو يَحْيَى السَّاجِيُّ قَالَ نَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ
سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ كَانَ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَفْصَحِ
النَّاسِ قُلْتُ لأَبِي كَانَ لِلشَّافِعِيِّ سِنٌّ قَالَ
لَمْ يَكُنْ بِالْكَبِيرِ قَالَ أَبي قَالَ الشَّافِعِيُّ
أَنَا قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ انس وَكَانَ يُعجبهُ
قِرَاءَتِي قَالَ أَبِي لأَنَّهُ كَانَ فَصِيحًا قَالَ
الرَّبِيعُ وَسَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لَمَّا
دَخَلْتُ بَغْدَادَ نَزَلْتُ بَابَ الشَّامِ فَانْصَبَّ
النَّاسُ إِلَيَّ فَاسْتَوَوْا فِي مَجَالِسِهِمْ حَتَّى
جَاءَ أَبُو ثَوْرٍ بِمَسْأَلَةٍ فَقلت يَا أَبَا ثَوْر
الايناس قبل الاسناس فَلَمْ يَدْرِ مَا قُلْتُ لَهُ
فَقَالَ مَا هُوَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتُ
الإِينَاسُ مسح النَّاقة بِيَدِك حول ضرْعهَا والاسناس حلب
ضرْعهَا بِيَدِك
بَابُ ذِكْرِ مَا حَضَرَنَا مِنْ أَخْلاقِ الشَّافِعِيِّ
وَمُرُوءَتِهِ وَسَخَائِهِ
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
يَحْيَى الْفَارِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لَوْ
عَلِمْتُ أَنَّ الْمَاءَ الْبَارِدَ إِذَا شَرِبْتُهُ
أَذْهَبَ مُرُوءَتِي مَا شَرِبْتُ الْمَاءَ إِلا حَارًّا
(1/93)
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ
أَنْبَأَنَا أَسْلَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ صَاحِبُ
الشَّافِعِيِّ قَالَ أَتَيْتُ يَوْمًا الشَّافِعِيَّ
وَكَانَ مَرِيضًا فَقُلْتُ لَهُ كَيْفَ تَجِدُكَ فَقَالَ
لِي ضَعِيفًا يَا رَبِيعُ فَقُلْتُ قَوَّى اللَّهُ
ضَعْفَكَ فَقَالَ إِذَنْ يَقْتُلُنِي لأَنَّهُ إِنَّمَا
هُوَ ضَعْفٌ وَقُوَّةٌ فَإِذَا قَوَّى اللَّهُ الضَّعْفَ
قَتَلَ صَاحِبَهُ قَالَ الرَّبِيعُ وَسَمِعْتُ
الْحُمَيْدِيَّ يَقُولُ خَرَجَ الشَّافِعِيُّ إِلَى
الْيَمَنِ مَعَ بَعْضِ الْوُلاةِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى
مَكَّةَ بِعَشَرَةِ آلافِ دِرْهَمٍ فَضَرَبَ خِبَاءً فِي
مَوْضِعٍ خَارِجٍ مِنْ مَكَّةَ فَكَانَ النَّاسُ
يَأْتُونَهُ فَمَا بَرِحَ مِنْ مَوْضِعِهِ ذَلِك حَتَّى
فرقها كلهَا قَالَ الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ وَحَدَّثَنِي
سَعِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ اللَّخْمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ
الْمُزَنِيَّ يَقُولُ خَرَجْتُ مَعَ الشَّافِعِيِّ يَوْمًا
إِلَى الأَكْوَامِ فَمَرَّ بِهَدَفٍ فاذا بِرَجُل يَرْمِي
بِقَوْسٍ عَرَبِيَّةٍ فَوَقَفَ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ
يَنْظُرُ وَكَانَ حَسَنَ الرَّمْيِ فَأَصَابَ بِأَسْهُمٍ
فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ أَحْسَنْتَ بَارَكَ اللَّهُ
فِيكَ ثُمَّ قَالَ لى أَمَعَك شئ قلت معى ثَلَاثَة
دَنَانِير قَالَ أعْطه اياها وَاعْتذر عَنى عِنْده انى لم
يحضرنى غَيرهَا حَدثنَا خلف بن الْقسم حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
يَحْيَى الْفَارِسِيُّ قَالَ سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ
سُلَيْمَانَ يَقُولُ تَزَوَّجْتُ وَسَأَلَنِي
الشَّافِعِيُّ كَمْ أَصْدَقْتَهَا قُلْتُ ثَلاثِينَ
دِينَارًا فَقَالَ كَمْ أَعْطَيْتَهَا قُلْتُ سِتَّةَ
دَنَانِيرَ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ بِصُرَّةٍ فِيهَا
أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا وَأَدْخَلَنِي فِي
أَذَانِ الْجَامِعِ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ أَوْ
نَحْوَهَا أَخْبَرَنَا خَلَفٌ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَمَضَانَ قَالَ سَمِعْتُ
الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ مَرَّ الشَّافِعِيُّ
يَوْمًا بِالْحَذَّائِينَ فَسَقَطَ سَوْطُهُ مِنْ يَدِهِ
فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَأَخَذَ السَّوْطَ وَمَسَحَهُ
بِيَدِهِ وَدَفَعَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مَه أى شئ
عَمِلْتَ آثَرْتَنِي عَلَى نَفْسِكَ كَيْفَ أُؤَدِّي
(1/94)
شُكْرَكَ ثُمَّ تَنَحَّى وَضَرَب بِيَدِهِ
إِلَى كُمِّهِ أَوْ جَيْبِهِ فَأَخْرَجَ مِنْهُ دَنَانِيرَ
لَا أَدْرِي خَمْسَةً أَوْ عَشَرَةً أَوْ أَكْثَرَ
وَأَكْبَرُ ظَنِّي عَشَرَةٌ وَقَالَ لِي ادْفَعْهَا
إِلَيْهِ وَاعْتَذِرْ عَنِّي عِنْدَهُ فَإِنِّي لَمْ
يَحْضُرْنِي غَيْرُهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ أَخْبَرَنَا
عِيسَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَعْدَانَ الْمُقْرِئ قَالَ
حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
مِقْسَمٍ بِبَغْدَادَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّد بن عبد الله بن سيف قَالَ حَدَّثَنى الْقسم بْنُ
نَجِيحٍ صَاحِبُ الْمُزَنِيِّ قَالَ قَالَ لِيَ
الْمُزَنِيُّ كُنْتُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَوْمًا
وَدَخَلَ عَلَيْهِ جَارٌ لَهُ خَيَّاطٌ فَأَمَرَهُ
بِإِصْلاحِ أَزْرَارِهِ فَأَصْلَحَهَا فَأَعْطَاهُ
الشَّافِعِيُّ دِينَارًا فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْخَيَّاطُ
وَضَحِكَ فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ خُذْهُ فَلَوْ
حَضَرَنَا أَكْثَرُ مِنْهُ مَا رَضِينَا لَكَ بِهِ فَقَالَ
الْخَيَّاطُ إِنَّمَا دخلت اليك لاسلم عَلَيْك فَقَالَ
الشافعى فَأَنت اذا زَائِرٌ وَضَيْفٌ وَلَيْسَ مِنَ
الْمُرُوءَةِ أَنْ يُسْتَخْدَمَ بالزائر وَلَا بالضيف
أخبرنَا اسماعيل بن اسحق قَالَ أَنْبَأَنَا خَالِدُ بْنُ
سَعْدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ الْحُمَيْدِيَّ يَقُولُ قَدِمَ
الشَّافِعِيُّ مِنْ صَنْعَاءَ وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلافِ
دِينَارٍ فِي مِنْدِيلٍ فَنَزَلَ قَرِيبًا مِنْ مَكَّةَ
وَأَتَاهُ أَصْحَابُهُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ فَمَا بَرِحَ
وَمَعَهُ مِنْهَا شَيْءٌ
بَابُ مَا امْتُحِنَ بِهِ الشَّافِعِيُّ مَعَ هَارُونَ
الرَّشِيدِ وَهُوَ شَابٌّ
أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
عَبَادِلَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الْحَرَّانِيُّ بِمِصْرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
سَمِعْتُ أَبَا ابراهيم المزنى يذكر عَن الشَّافِعِيِّ
أَنَّهُ قَالَ رُفِعَ إِلَى هَارُونَ الرَّشِيدِ أَنَّ
بِمَكَّةَ قَوْمًا مِنْ قُرَيْشٍ اسْتَدْعُوا رَجُلا
عَلَوِيًّا كَانَ بِالْيَمَنِ ثُمَّ قَدِمَ مَكَّةَ
مُجَاوِرًا
(1/95)
فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ مِنْ قُرَيْشٍ
فِتْيَةٌ جَمَاعَةٌ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَايِعُوهُ
وَيَقُومُوا بِهِ فَأَمَرَ الرَّشِيدُ يَحْيَى بْنَ
خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى عَامِلِهِ
بِمَكَّةَ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ مِنْ مَكَّةَ
ثَلَاثمِائَة رَجُلٍ كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ مَغْلُولَةٌ
أَيْدِيهِمْ إِلَى أَعْنَاقِهِمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ
فَأُشْخِصْتُ فِيمَنْ أُشْخِصَ مَغْلُولا فَلَمَّا
وَرَدْنَا الْعِرَاقَ أُتِيَ بِنَا إِلَى دَارِ يَحْيَى
بْنِ خَالِدٍ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَقَالَ لَنَا يَا
مَعْشَرَ قُرَيْشٍ قَدْ رُفِعَ عَلَيْكُمْ أَمْرٌ كَبِيرٌ
وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يُنْجِيَكُمْ مِنَ الْبَلاءِ إِنْ
كُنْتُمْ قَدْ بُغِيَ عَلَيْكُمْ وَالَّذِي أَرَاهُ أَنْ
تُقَدِّمُوا مِنْ أَنْفُسِكُمْ رَجُلا يُخَاطِبُ
الرَّشِيدَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْكُمْ وَعَنْ
نَفْسِهِ فَقَالُوا كُلُّهُمْ هَذَا الشَّافِعِيُّ
يُخَاطِبُهُ عَنَّا وَأَشَارُوا إِلَيَّ وَكُنْتُ
أَحْدَثَهُمْ سِنًّا قَالَ ثُمَّ أَمَرَ بِنَا
فَأُدْخِلْنَا عَلَى هَارُونَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ
قُرَيْشٍ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى مَا بَلَغَنِي عَنْكُمْ
وَلا تُكْثِرُوا عَلَيَّ قَدِّمُوا مِنْكُمْ مَنْ
يُكَلِّمُنِي عَنْهُ وَعَنْكُمْ فَقَالُوا قَدْ قَدَّمْنَا
هَذَا وَأَشَارُوا إِلَيَّ وَتَقَدَّمْتُ وَيَدِي
مَغْلُولَةٌ إِلَى عُنُقِي فَلَمَّا نَظَرَ إِلِيَّ
صَعَّدَ فِي الْبَصَرِ وَصَوَّبَهُ ثُمَّ قَالَ يَا
مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَلَمْ أَجْبُرْ فَقِيرَكُمْ
وَأُكَبِّرْ كَبِيرِكُمْ وَأَتَفَقَّدْ صَغِيرَكُمْ
وَأَلُمَّ شَعْثَكُمْ وَأُحْسِنْ إِلَيْكُمْ وَأَقْسِمِ
الْعَطَاءَ فِي كُلِّ مَوْسِمٍ فِيكُمْ وَأَنْتُمُ الآنَ
تَدْعُونَ الْخَوَارِجَ مِنْ آلِ عَلِيٍّ لِتَحْمِلُوا
عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ بِالسَّيْفِ فَقُلْتُ أَصْلَحَ
اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَوَفَّقَهُ لِمَا يَرْضَى
بِهِ عَنْهُ إِنَّ بنى على لَا يرَوْنَ قُريْشًا
الاكعبيدهم وَأَنْتُمْ تَعْرِفُونَ لِقُرَيْشٍ حَقَّ
الْقَرَابَةِ فَهَلْ يَصِحُّ دَعْوَى مُدَّعٍ عِنْدَ مَنْ
يَعْقِلُ أَنَّهُ يَرْضَى أَنْ يَتَأَمَّرَ عَلَيْهِ مَنْ
يَعُدُّهُ عَبْدًا وَيَتْرُكُ أَنْ يَتَأَمَّرَ عَلَيْهِ
مَنْ يَرَاهُ ابْنَ عَمِّهِ وَمِثْلَهُ فِي نَسَبِهِ قَالَ
فَسَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ مَنْ أَنْتَ قُلْتُ أَنَا
مِنْ وَلَدِ الْمطلب ابْن عَبْدِ مَنَافٍ أَنا مُحَمَّدُ
بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ
شَافِعِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ
يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ
مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ فَقَالَ الرشيد
(1/96)
أَطْلِقُوا عَنْهُ وَعَنِ الَّذِينَ مَعَهُ
مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ فَحَلَّ وَثَاقِي
وَوَثَاقَهُمْ وَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِمِائَة دِينَارٍ
وَأَمَرَ لِي بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَأَمَرَ لِي يَحْيَى
بْنُ خَالِدٍ بِخَمْسِينَ دِينَارًا أُخْرَى
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلِيَ الرَّشِيدُ الْخِلافَةَ سَنَةَ
سَبْعِينَ وَمِائَةٍ فَأَقَامَ خَلِيفَةً ثَلاثًا
وَعِشْرِينَ سَنَةً وَمَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ
وَمِائَةٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ أَنا ابو الْقسم عبيد الله
بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الشَّافِعِيُّ الْبَغْدَادِيُّ
بِمَنْزِلِهِ فى مَدِينَة الزهراء قَالَ حَدَّثَنِي
جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِي بِمَعْنَى مَا أَذْكُرُهُ قَالَ
حُمِلَ الشَّافِعِيُّ مِنَ الْحِجَازِ مَعَ قَوْمٍ مِنَ
الْعَلَوِيَّةِ تِسْعَةً وَهُوَ الْعَاشِرُ إِلَى
بَغْدَادَ وَكَانَ الرَّشِيدُ بِالرَّقَّةِ فَحُمِلُوا
مِنْ بَغْدَادَ إِلَيْهِ وَأُدْخِلُوا عَلَيْهِ وَمَعَهُ
قَاضِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحسن الشيبانى وَكَانَ صديقا
للشافعى وَأحد الَّذِينَ جَالَسُوهُ فِي الْعِلْمِ
وَأَخَذُوا عَنْهُ فَلَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ
فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ أُخِذُوا مِنْ قُرَيْشٍ
بِالْحِجَازِ وَاتُّهِمُوا بِالطَّعْنِ عَلَى الرَّشِيدِ
وَالسَّعْيِ عَلَيْهِ اغْتَمَّ لِذَلِكَ غَمًّا شَدِيدًا
وَرَاعَى وَقْتَ دُخُولِهِمْ عَلَى الرَّشِيدِ قَالَ
فَلَمَّا أُدْخِلُوا عَلَى الرَّشِيدِ سَأَلَهُمْ وَأَمَرَ
بِضَرْبِ أَعْنَاقِهِمْ فَضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ إِلَى
أَنْ بَقِيَ حَدَثٌ عَلَوِيٌّ مِنْ اهل الْمَدِينَة وَأَنا
فَقَالَ للعلوى أَأَنْت الْخَارِجُ عَلَيْنَا وَالزَّاعِمُ
أَنِّي لَا أَصْلُحُ لِلْخِلافَةِ فَقَالَ الْعَلَوِيُّ
أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَدَّعِيَ ذَلِكَ أَوْ أَقُولَهُ
قَالَ فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ فَقَالَ لَهُ العلوى ان
كَانَ لابد مِنْ قَتْلِي فَأَنْظِرْنِي أَكْتُبُ إِلَى
أُمِّي بِالْمَدِينَةِ فَهِيَ عَجُوزٌ لَمْ تَعْلَمْ
بِخَبَرِي فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ فَقُتِلَ ثُمَّ قَدِمْتُ
وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ جَالِسٌ مَعَهُ فَقَالَ لِي
مِثْلَ مَا قَالَ لِلْفَتَى فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ لَسْتُ بِطَالِبِيٍّ وَلا عَلَوِيٍّ
وَإِنَّمَا أُدْخِلْتُ فِي الْقَوْمِ بَغْيًا عَلَيَّ
وَإِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ بْنِ
عبدمناف بْنِ قُصَيٍّ وَلِي مَعَ ذَلِكَ حَظٌّ مِنَ الْعلم
(1/97)
وَالْفِقْهِ وَالْقَاضِي يَعْرِفُ ذَلِكَ
أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ
عُثْمَانَ بْنِ شَافِعِ بن السَّائِب بن عبيد بن عبديزيد
بن هَاشم بن الْمطلب بن عبدمناف فَقَالَ لِي أَنْتَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ فَقُلْتُ نَعَمْ يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ قَالَ مَا ذَكَرَكَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ
الْحَسَنِ ثُمَّ عَطَفَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ
فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَا يَقُولُ هَذَا هُوَ كَمَا
يَقُولُهُ قَالَ بَلَى وَله من الْعلم مَحل كَبِيرٌ
وَلَيْسَ الَّذِي رُفِعَ عَلَيْهِ مِنْ شَأْنِهِ قَالَ
فَخُذْهُ إِلَيْكَ حَتَّى أَنْظُرَ فِي أَمْرِهِ
فَأَخَذَنِي مُحَمَّدٌ وَكَانَ سَبَبَ خَلاصِي لِمَا
أَرَادَ الله عز وَجل مِنْهُ قَالَ عبيد الله بْنُ
أَحْمَدَ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ
الْهَرَوِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحَسَنَ بْنَ
مُكْرِمِ بْنِ حَسَّانٍ يَقُولُ كَانَ الشَّافِعِيُّ قَدْ
أَخَذَ مَعَ قَوْمٍ مِنَ الْعَلَوِيَّةِ فَلَمَّا وَقَفَ
بَيْنَ يَدَيِ الرَّشِيدِ قَالَ وَاللَّهِ لأَنْ أَكُونَ
طَاعَةً لِمَنْ يَقُولُ هُوَ ابْنُ عَمِّي خَيْرٌ مِنْ
أَنْ أَكُونَ طَاعَةً لِمَنْ يَقُولُ هُوَ عَبْدِي وَكَانَ
هَارُونُ خَلْفَ السِّتْرِ
بَابٌ مِنْ كَلَام الشافعى فِيمَا يجرى مَجْرَى
الْحِكْمَةِ
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ ابْن
على بن اسحق الْخَوْلانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ
يَقُولُ لَيْسَ مِنْ قَوْمٍ يُخْرِجُونَ نِسَاءَهُمْ إِلَى
رِجَالِ غَيْرِهِمْ وَرِجَالَهُمْ إِلَى نِسَاءِ
غَيْرِهِمْ إِلا جَاءَ أَوْلادُهُمْ حَمْقَى حَدَّثَنَا
خَلَفٌ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ قَالَ
سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ مَا رَأَيْتُ قَطُّ
عَاقِلا سَمِينًا إِلا وَاحِدًا وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحَسَنِ قِيلَ لَهُ وَلِمَ قَالَ لأَنَّ الْعَاقِلَ لَا
تَعْدُوهُ إِحْدَى خَصْلَتَيْنِ إِمَّا أَنْ يَغْتَمَّ
لآخِرَتِهِ وَمَعَادِهِ أَوْ يَغْتَمَّ لِدُنْيَاهُ
وَمَعَاشِهِ وَالشَّحْمُ مَعَ الْغَمِّ لَا يَتَّفِقُ
فَإِذَا خَلا مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ صَارَ فِي حَدِّ
الْبَهَائِمِ وَحَمْلِ الشَّحْمِ
(1/98)
وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَمَضَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ
يَحْيَى قَالا حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله بْنِ
عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ رَآنِي الشَّافِعِيُّ وَأَنَا
أَسْتَمِدُّ مِنْ دَوَاةٍ عَلَى الْيَسَارِ فَقَالَ لِي
أَشَعَرْتَ أَنَّهُ يُقَالُ إِنَّ مِنَ الْحَمَاقَةِ أَنْ
يَضَعَ الرَّجُلُ دَوَاتَهُ عَلَى يَسَارِهِ قَالَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَسْقَلانِيُّ
قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ قَالَ
الشَّافِعِيُّ إِذَا كَانَتْ مَعَكَ نَفَقَةٌ فَشُدَّهَا
عَلَى كُمِّكَ الأَيْمَنِ حَتَّى لَا يُمكن السَّارِق
سَرِقَتَهَا قَالَ وَسَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ
ثَلاثَةُ أَشْيَاءَ لَيْسَ لِطَبِيبٍ فِيهَا حِيلَةٌ
الْحَمَاقَةُ وَالطَّاعُونُ وَالْهَرَمُ قَالَ
وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ قَالَ
سَمِعت مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم قَالَ سَمِعْتُ
الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ
يَسْكُنَ بَلْدَةً لَيْسَ فِيهَا عَالِمٌ وَلَا طَبِيبٌ
حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن
أَحْمد قَالَ أَنبأَنَا أَبُو الْقسم عبيد الله بْنُ
أَحْمَدَ الشَّافِعِيُّ بِالزَّهْرَاءِ قَالَ وَجَدْتُ فِي
كِتَابِي عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ
الشَّافِعِيَّ يَقُولُ صُحْبَةُ مَنْ لَا يَخَافُ اللَّهُ
عَار وَعَن يُونُس بن عبد الأعلى قَالَ سَمِعْتُ
الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لَيْسَ الْعَاقِلُ الَّذِي يَقع
بَين الشَّرّ وَالْخَيْر فَيَخْتَارُ الْخَيْرَ إِنَّمَا
الْعَاقِلُ الَّذِي يَقَعُ بَيْنَ الشَّرَّيْنِ
فَيَخْتَارُ أَيْسَرَهُمَا قَالَ يُونُسُ وَسَمِعْتُ
الشَّافِعِيَّ يَقُولُ رِيَاضَةُ ابْنِ آدَمَ أَشَدُّ مِنْ
رِيَاضَةِ الدَّوَابّ قَالَ عبيد الله بْنُ أَحْمَدَ
وَحَدَّثَنَا بَعْضُ شُيُوخِنَا قَالَ حَدَّثَنَا
الرَّبِيعُ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ
يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَوَخَّى لِصُحْبَتِهِ أَهْلَ
الْوَفَاءِ وَالصِّدْقِ كَمَا يَتَوَخَّى لِوَدِيعَتِهِ
أَهْلَ الثِّقَةِ وَالأَمَانَةِ قَالَ وَسَمِعْتُ
الشَّافِعِيَّ يَقُولُ أَظْلَمُ الظَّالِمِينَ لِنَفْسِهِ
الَّذِي إِذَا ارْتَفَعَ جَفَا أَقَارِبَهُ وَأَنْكَرَ
مَعَارِفَهُ وَاسْتَخَفَّ بِالأَشْرَافِ وَتَكَبَّرَ عَلَى
ذَوِي الْفَضْلِ قَالَ وَسَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ
إِذَا أَيْسَرَ الرَّجُلُ بَعْدَ الإِقْتَارِ شَرِهَتْ
نَفْسُهُ إِلَى أَرْبَعٍ يَنْتَفِي مِنْ وَلِيِّ
نِعْمَتِهِ وَيَتَسَرَّى عَلَى امْرَأَتِهِ
(1/99)
وَيَهْدِمُ دَارِهِ وَيَبْنِي غَيْرَهَا
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ إِذَا اجْتَمَعَ فِي الصَّبِيِّ
الْحَيَاءُ وَالرَّهْبَةُ رُجِيَ فَلاحُهُ قَالَ
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ مَنْ سَأَلَ صَاحِبَهُ فَوْقَ
طَاقَتِهِ فَقَدِ اسْتَوْجَبَ الْحِرْمَانَ قَالَ
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَا يَنْفَعُك مِنْ جَارِ السُّوءِ
التَّوَقِّي قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ مَنْ عَرَفَ
نَفْسَهُ لَمْ يَضُرَّهُ مَا قيل فِيهِ قَالَ وَسَمِعْتُهُ
يَقُولُ مَنْ لَمْ يَكُنْ عَفِيفًا لَمْ يَزَلْ سَخِيفًا
وَمَنِ اتُّهِمَ بِالْمَعَاصِي لَمْ يَزَلْ خَائِفًا
ذَلِيلا وَمَنْ عَفَّ أَمِنَ وَمَنْ شَرِهَتْ نَفْسُهُ
طَالَ هَمُّهُ وَمَنْ أَكْثَرَ الْمَنَاكِحِ لم يسلم من
الفضائح وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ ثَلاثُ خِصَالٍ مَنْ
كَتَمَهَا ظَلَمَ نَفْسَهُ الْعِلَّةُ مِنَ الطَّبِيبِ
وَالْفَاقَةُ مِنَ الصَّدِيقِ وَالنَّصِيحَةُ لِلإِمَامِ
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ الْمَخْدُوعُ مَنِ اغْتَرَّ
بِالأَمَانِيِّ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ
قَلِيلُهَا كَثِيرٌ الْعِلَّةُ وَالْفَقْرُ وَالْعَدَاوَةُ
وَالنَّارُ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ الآمَالُ قَطَعَتْ
أَعْنَاقَ الرِّجَالِ كَالسَّرَابِ خَانَ مَنْ رَآهُ
وَأَخْلَفَ مَنْ رَجَاهُ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ وَسُئِلَ
أَيُّ الأَشْيَاءِ أَوْضَعُ لِلرِّجَالِ فَقَالَ كَثْرَةُ
الْكَلامِ وَإِذَاعَةُ السِّرِّ وَالثِّقَةُ بِكُلِّ
أَحَدٍ قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ غَضَبُ الأَشْرَافِ
يَظْهَرُ فِي أَفْعَالِهَا وَغَضَبُ السُّفَهَاءِ يَظْهَرُ
فِي أَلْسِنَتِهَا قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ مِنَ الْعجب
ان يشغل الْمَرْء نَفسه بشئ التَّدْبِيرُ فِيهِ إِلَى
غَيْرِهِ قَالَ الرَّبِيعُ وَسَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ
يَقُولُ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ حُبُّ الدُّنْيَا
وَشَهْوَتُهَا أَلْزَمَتْهُ الْعُبُودِيَّةَ لأَهْلِهَا
وَمَنْ رَضِيَ بِالْقَنُوعِ زَالَ عَنْهُ الْخُضُوعُ قَالَ
الرَّبِيعُ وَسَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُول من لم تنفعك
صداقته فَلَا تغنم بعداوته قَالَ الرّبيع وَسمعت
الشَّافِعِي يَقُول أَمِير مصر أنظر من يكون حاجبك فانه
يحبك أَوْ يَبَغْضُكَ وَانْظُرْ مَنْ يَكُونَ كَاتِبَكَ
فَإِنَّهُ يُعَبِّرُ عَنْ عَقْلِكَ الظَّاهِرِ إِلَى
النَّاسِ وَعِفَّ عَنْ أَمْوَالِ النَّاسِ يَكْثُرُ
شُكْرُهُمْ لَكَ وَإِيَّاكَ وَالانْبِسَاطَ إِلَى
رَعِيَّتِكَ فَتُذْهِبُ
(1/100)
بِذَلِكَ هَيْبَتَكَ قَالَ الرَّبِيعُ
وَسَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ الْحِلْمُ أَنْصَرُ مِنَ
الرِّجَالِ فَأَوَّلُ عِوَضِ الْحَلِيمِ مِنْ حِلْمِهِ
أَنَّ النَّاسَ أَنْصَارُهُ عَلَى الْجَاهِلِ قَالَ
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ حُسْنُ الظَّنِّ بِالأَيَّامِ
دَاعِيَةٌ إِلَى تَغْيِيرِ النِّعَمِ ثُمَّ أَنْشَأَ
يَقُولُ
(أَحْسَنْتَ ظَنك بِالْأَيَّامِ اذ حسبت ... وَلَمْ تَخَف
سُوءَ مَا يَأْتِي بِهِ الْقَدَرُ)
(وَسَالَمَتْكَ اللَّيَالِي فَاغْتَرَرْتَ بِهَا ...
وَعِنْدَ صَفْوِ اللَّيَالِيَ يَحْدُثُ الْكَدَرُ)
قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ مَنْ أَمَلَّ بَخِيلا فَاجِرًا
كَانَتْ عُقُوبَتُهُ الْحِرْمَانَ قَالَ الرَّبِيعُ
وَسَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ كَيْفَ يَزْهَدُ فِي
الدُّنْيَا مَنْ لَا يَعْرِفُ قَدْرَ الآخِرَةِ وَكَيْفَ
يَخْلُصُ مِنَ الدُّنْيَا مَنْ لَا يَخْلُو مِنَ الطَّمَعِ
الْكَاذِبِ وَكَيْفَ يَسْلَمُ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يسلم
النَّاس من لِسَانه وَيَده وَكَيف يَنْطِقُ بِالْحِكْمَةِ
مَنْ لَا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ اللَّهَ عز وَجل وَسُئِلَ
الشافعى عَن مسئلة فَسَكَتَ فَقِيلَ لَهُ أَلا تُجِيبُ
رَحِمَكَ اللَّهُ فَقَالَ حَتَّى أَدْرِي أَيْنَ الْفَضْلُ
فِي سُكُوتِي أَوْ فِي الْجَوَابِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ
مَنِ ادَّعَى أَنَّهُ اجْتَمَعَ حُبُّ الدُّنْيَا وَحُبُّ
خَالِقِهَا فِي قَلْبِهِ فَقَدْ كَذَبَ
بَابُ تَأْرِيخِ مَوْتِ الشَّافِعِيِّ وَمُدَّةِ عُمْرِهِ
أَنا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ نَا الْحَسَنُ بْنُ
رَشِيقٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ آدَمَ قَالَ نَا
الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ قَالَ قَدِمَ
عَلَيْنَا الشَّافِعِيُّ مِصْرَ سَنَةَ مِائَتَيْنِ
وَمَاتَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لَيْلا وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ
وَخَمْسِينَ سَنَةً فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ مِنْ
سَنَةِ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ يَخْضِبُ رَأْسَهُ
وَلِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ أَحْمَرَ قَانِيًا ونا خلف
قَالَ نَا الْحُسَيْن بن رَشِيق قَالَ نَا الْحسن بن
مُحَمَّد الضَّحَّاك قَالَ سَمِعت الرّبيع ابْن
سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيَّ يَقُولُ تُوُفِّيَ
الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ
وَدَفَنَّاهُ يَوْمَ
(1/101)
الْجُمُعَةِ بَعْدَ صَلاةِ الْعَصْرِ آخِرَ
يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ
وَصَلَّى عَلَيْهِ السَّرِيُّ بْنُ الْحَكَمِ أَمِيرُ
مِصْرَ نَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ نَا الْحَسَنُ بْنُ
رَشِيقٍ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْفَارِسِيُّ
قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم يَقُولُ
مَاتَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَمِائَتَيْنِ قَالَ وَنا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ
نَا عبيد الله بن ابراهيم المقرى قَالَ نَا الْحَسَنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ قَالَ لِي أَبُو
عُثْمَانَ بْنُ الشَّافِعِيِّ مَاتَ أَبِي وَهُوَ ابْنُ
ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً بِمِصْرَ وَرُوِّينَا عَنْ
أَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ الصَّباح
الزعفرانى رَحمَه الله قَالَ لَمَّا أَرَادَ الشَّافِعِيُّ
الْخُرُوجَ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى مصر أنْشد لِنَفْسِهِ
(أَخِي أَرَى نَفْسِي تَتُوقُ إِلَى مِصْرَ ... وَمن
دونهَا أَرض الْمَفَاوِزِ وَالْقَفْرُ)
(فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَلِلْفَوْزِ وَالْغِنَى ...
أُسَاقُ إِلَيْهَا أَمْ أُسَاقُ إِلَى قَبْرِي)
قَالَ الزَّعَفْرَانِيُّ فَوَاللَّهِ لَقَدْ سِيقَ
إِلَيْهِمَا جَمِيعًا وَرُوِّينَا عَن ابْن عبد الحكم
وَحَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى أَنَّهُمَا قَالا مِثْلَ ذَلِكَ
لَقَدْ سِيقَ إِلَيْهِمَا جَمِيعًا
بَابُ ذِكْرِ الْمَكْتُوبِ على البلاطة الَّتِي عِنْد رَأس
الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَالَ الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَرَأْتُ عَلَى الْبَلاطَةِ
الَّتِي عِنْدَ رَأْسِ قَبْرِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ
اللَّهُ:
هَذَا مَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ مُحَمَّد بن ادريس بن عَبَّاس
بْنِ عُثْمَانَ بْنِ شَافِعِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ عبيد بن
عبديزيد بن هَاشم بن الْمطلب بن عبدمناف بْنِ قُصَيِّ بْنِ
كِلابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ
غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بن مَالك
(1/102)
ابْن النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ
خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرَكَةَ بن الياس بن مُضر بن نزار ابْن
مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ بْنِ أَدَدِ بْنِ الْهَمَيْسَعِ بن
النبت بن اسمعيل بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَى إِبْرَاهِيمَ
وَعَلَى جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ أَجْمَعِينَ
يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا
شَرِيكَ لَهُ تُوُفِّيَ لِيَوْمٍ بَقِيَ مِنْ رَجَبٍ
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ
كَمُلَتْ أَخْبَارُ الشَّافِعِيِّ وَفَضَائِلُهُ بِحَمْدِ
اللَّهِ وَعَوْنِهِ وَيَتْلُوهَا أَخْبَارُ أَصْحَابِهِ
رَحِمَهُمُ اللَّهُ
(1/103)
ذِكْرُ بَعْضِ مَنْ أَخَذَ عَنِ الشَّافِعِيِّ عِلْمَهُ
وَكَتَبَ كُتُبَهُ وَتَفَقَّهَ لَهُ وَخَالَفَهُ فِي
بَعْضِ قَوْلِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَمِمَّنْ
أَخَذَ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ |