التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان

86 - ذكر مَا روى من ذمّ قَتله عُثْمَان رض =
روى أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الأجري فِي = كتاب الشَّرِيعَة بِإِسْنَادِهِ عَن أبن عون عَن الْوَلِيد أبي بشر عَن جُنْدُب عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رض = قَالَ سَارُوا إِلَيْهِ وَالله لقيتلنه قَالَ قلت فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي الْجنَّة قَالَ قلت فَأَيْنَ قتلته قَالَ فِي النَّار وَالله
وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن زِيَاد بن أبي مليح عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس رض = قَالَ لَو أجتمعوا على قتل عُثْمَان لرجموا بِالْحِجَارَةِ كَمَا رجم قوم لوط
وَعَن أبن الْمُبَارك أبن لَهِيعَة عَن يزِيد بن بِي حبيب قَالَ بَلغنِي أَن عَامَّة الركب الَّذين سَارُوا إِلَى عُثْمَان رض = جنوا قَالَ أبن الْمُبَارك وَكَانَ الْجُنُون لَهُم قَلِيلا وَفِي لفظ أَن عَامَّة الركب الَّذين خَرجُوا إِلَى عُثْمَان رض = جنوا قَالَ أبن الْمُبَارك الْجُنُون أيسره
وروى بِإِسْنَادِهِ عَن سُلَيْمَان بن يسَار ان جَهْجَاه الْغِفَارِيّ أَخذ عَصا عُثْمَان رض = الَّتِي كَانَ يتخصر بهَا فَكَسرهَا على ركبته فَوَقَعت فِيهِ ركبت الْأكلَة
وَفِي رِوَايَة عَن نَافِع أَن رجل يُقَال لَهُ جَهْجَاه تنَاول عَصا من عُثْمَان رض = فَكَسرهَا على ركبته فَرمى ذَلِك الْمَكَان بِأَكْلِهِ
وروى بِإِسْنَادِهِ عَن الْأَعْمَش عَن أبي أسْحَاق عَن زيد بن تبيع قَالَ تجهز النَّاس إِلَى عُثْمَان رض = فَتَلقاهُمْ حُذَيْفَة رض = وَقَالَ مَا مَا سعى قوم إِلَى ذِي سُلْطَان لَهُم فِي الأَرْض ليذلوه إِلَّا أذلّهم الله عز وَجل قبل أَن يَأْتُوا
وروى أَيْضا بأسناده عَن الْحسن بن عَليّ رض = أَنه يَقُول مَا كنت لأقاتل بعد رُؤْيا رَأَيْتهَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُتَعَلقا بالعرش وَرَأَيْت أَبَا بكر

(1/231)


رض = وَاضِعا يَده على منْكب النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَرَأَيْت عمر رض = وَاضِعا يَده على منْكب أبي بكر وَرَأَيْت عُثْمَان رض = وَاضِعا يَده على منْكب عمر وَرَأَيْت دونهم دَمًا فَقلت مَا هَذَا فَقيل هَذَا الله عز وَجل يطْلب بِدَم عُثْمَان رض =
وَفِي رِوَايَة عَن عبد الْعَزِيز بن الْوَلِيد بن سُلَيْمَان بن أبي السَّائِب قَالَ سَمِعت أبي بِذكر عَن الْحسن بن عَليّ رض = أَنه سمع أعمى يذكر عُثْمَان رض = ويتناوله فَقَالَ الْحسن رض = ألعثمان يَقُولُونَ لقد قتل عُثْمَان رَحمَه الله وَمَا على الأَرْض أفضل مِنْهُ وَمَا على الأَرْض من الْمُسلمين أعظم حرمه مِنْهُ فَقيل لَهُ قد كَانَ فيهم أَبوك فَقَالَ ذروني من أبي لقد قتل عُثْمَان يَوْم قتل وَمَا من رجل أعظم على الْمُسلمين حرمه مِنْهُ لولم يكن إِلَّا مَا رَأَيْت فِي مَنَامِي لكفاني فَإِنِّي رَأَيْت السَّمَاء أنشقت فَإِذا انا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر عَن يَمِينه وَعمر عَن يسَاره وَالسَّمَاء تمطر دَمًا فَقلت مَا هَذَا فَقيل هَذَا دم عُثْمَان قتل مَظْلُوما
وروى الأجري بِإِسْنَادِهِ عَن أبي سعيد مولى أبي أسيد قَالَ سمع عُثْمَان رض = أَن وَفْدًا من أهل مصر قد أَقبلُوا فَخرج فَتَلقاهُمْ وَذكر قصَّة قَتله ثمَّ قَالَ دخل عَلَيْهِ رجل من بني سدوس يُقَال لَهُ الْمَوْت الْأسود فخنقه وخنقه ثمَّ خرج فَقَالَ مَا رَأَيْت أَلين من حلقه لقد خنقته حَتَّى نظرت إِلَى نَفسه تردد فِي جسده كَأَنَّهَا نفس جَان ثمَّ دخل عَلَيْهِ رجل وَفِي يَده السَّيْف وَقَالَ بيني وَبَيْنك كتاب الله عز وَجل فَضَربهُ ضَرْبَة فاتقاها بِيَدِهِ فقطعها لَا أَدْرِي أَبَانهَا أم لَا ثمَّ دخل عَلَيْهِ التجِيبِي فأشعره مشقصا فانتضح الدَّم على هَذِه الأية {فَسَيَكْفِيكَهُم الله وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم} الْبَقَرَة 137 فَإِن رَأَيْتهَا لفي الْمُصحف حكت وَذكر الحَدِيث وروى الجورقاني فِي تَارِيخ قَالَ قَتله المحمدون مُحَمَّد بن أبي

(1/232)


بكر وَمُحَمّد بن أبي حُذَيْفَة وَمُحَمّد بن عَمْرو بن حزم وَمُحَمّد بن عمار وَمُحَمّد بن حبيب بن نهشل وَولي قَتله كنَانَة بن بشر التجِيبِي
87 - فصل فِيمَن يشنأ عُثْمَان رض =
روى مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الأجري بسناده عَن أبي الزبير عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي أَنه أَتَى بِجنَازَة رجل ليُصَلِّي عَلَيْهِ فَلم يصل عَلَيْهِ فَقَالُوا يَا رَسُول الله مَا رَأَيْنَاك تركت الصَّلَاة على أحد إِلَّا على هَذَا فَقَالَ أَنه كَانَ يبغض عُثْمَان أبغضه الله
وروى ايضا بِإِسْنَادِهِ عَن هِلَال بن يسَار عَن حَيَّان بن غَالب قَالَ جَاءَ رجل إِلَى عيد بن زيد فَقَالَ أَنِّي أبغضت عُثْمَان بغضا لم أبغضه أحدا فَقَالَ بئس مَا صنعت اتبغض رجلا من أهل الْجنَّة وَذكر قصَّة حراء
قَالَ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن كفى شقوة لمن سبّ عُثْمَان من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام من سبّ أَصْحَابِي فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام الله الله فيأ أَصْحَابِي لَا تتخذوهم بعدِي غَرضا فَمن أحبهم فبحبي أحبهم وَمن أبْغضهُم فببغضى أبْغضهُم وَمن أذاهم فقد أذاني وَمن آذَانِي فقد آذَى الله عز وَجل وَمن آذَى الله فيوشك أَن يَأْخُذهُ وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {لَا تسبوا أَصْحَابِي فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لوأنفق أحدكُم مثل أحد ذَهَبا مَا أدْرك مد أحدهم وَلَا نصيفه}
قَالَ وَالَّذِي يسب عُثْمَان رض = لَا يضر عُثْمَان وانما يضر نَفسه فان عُثْمَان رض قد شهد لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْجنَّةِ وَبِأَنَّهُ يقتل شَهِيدا

(1/233)


وَقد روى عَليّ بن أبي طَالب وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَجَمَاعَة من الصَّحَابَة رض = فِي غير حَدِيث أَن عُثْمَان رض من أهل الْجنَّة على رغم أنف كل مُنَافِق ذليل مهين فِي الدُّنْيَا والأخرة
8 - فصل
وَقد اتَّخذت الرافضة الْيَوْم الَّذِي قتل فِيهِ عُثْمَان رض = عيدا وَقَالُوا هُوَ يَوْم عيد الغدير الَّذِي أخى النَّبِي فِيهِ بَين الصَّحَابَة وأخى بَين نَفسه وَبَين عَليّ رض = وَقَالُوا هُوَ الْيَوْم الَّذِي نزل فِيهِ قَوْله تَعَالَى {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي ورضيت لكم الْإِسْلَام دينا} المائده وَقَالُوا النَّفَقَة فِيهِ مخلوفة
قلت وَلَيْسَ الْأَمر كَمَا زَعَمُوا فَإِن الْيَوْم الَّذِي أخى النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِيهِ بَين الصَّحَابَة كَأَن حِين قدم الْمَدِينَة مُهَاجرا فِي صدر الأسلام فأخى بَين الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار ليؤلف بَينهم فيرتفقوا ويتحابوا وَأما يَوْم الغدير فانه كَانَ فِيمَا زَعَمُوا فِي حجَّة الْوَدَاع قبل مَوته فِي ذِي الْقعدَة سنة عشر من الْهِجْرَة
فروى أَحْمد بأسناده أَن عليا رض = قَالَ فِي الرحبة وَهُوَ ينشد النَّاس من شهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم غَدِير خم وَهُوَ يَقُول من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ فَشهد لَهُ رجال الْمَعْنى من كنت ناصره فعلي ناصره فلفظة الْمولى ترد على وُجُوه
وَقيل كَانَ سَبَب فِي ذَلِك أَن أُسَامَة بن زيد قَالَ لعَلي رض = لست مولَايَ أَنما مولَايَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ وَأما الْيَوْم الَّذِي نزل فِيهِ قَوْله تَعَالَى {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي} فَهُوَ يَوْم عَرَفَة

(1/234)


فروى الْأَمَام أَحْمد فِي مُسْنده باسناده قَالَ جَاءَ جلّ من الْيَهُود إِلَى عمر رض = فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنكُمْ تقرأون آيَة فِي كتابكُمْ لَو علينا معشر الْيَهُود نزلت لاتخذنا ذَلِك الْيَوْم عيدا قَالَ وَأي أَيَّة قَالَ قَوْله {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي} قَالَ فَقَالَ عمر رض = وَالله أَنِّي لأعْلم الْيَوْم الَّذِي نزلت فِيهِ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والساعة الَّتِي نزلت فِيهَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزلت عَشِيَّة عَرَفَة فِي يَوْم الْجُمُعَة أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ
أما قَوْلهم النَّفَقَة فِيهِ مخلوفة فَلم يرد بذلك أثر انما الْمَأْثُور أَن النَّفَقَة مخلوفة فِي يَوْم عَاشُورَاء
قَالَ أسْحَاق بن أبراهيم سَأَلت أَبَا عبد الله أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله قلت هَل سَمِعت فِي الحَدِيث أَنه من وسع على عِيَاله فِي يَوْم عَاشُورَاء وسع الله عَلَيْهِ سَائِر السّنة قَالَ نعم شَيْء رَوَاهُ سُفْيَان عَن جَعْفَر الْأَحْمَر عَن أبراهيم بن مُحَمَّد بن المبشر قَالَ سُفْيَان وَكَانَ من أفضل مَا روينَاهُ أَنه بلغه أَن من وسع على عِيَاله يَوْم عَاشُورَاء وسع الله عَلَيْهِ سَائِر السّنة قَالَ سُفْيَان بَين عُيَيْنَة قد جربناه مُنْذُ خمسين أَو سِتِّينَ سنة فَمَا رَأينَا الا خيرا
89 - فصل
فان قيل لم كَانَ مصاب عُثْمَان رض = وَقَتله أعظم من مصاب عمر بن الْخطاب رض = وَقَتله وَهُوَ أفضل مِنْهُ وَلم كَانَ رزء الْحُسَيْن بن عَليّ رض = أعظم من رزء عَليّ رض = وَهُوَ خير مِنْهُ

(1/235)


فَالْجَوَاب عَن ذَلِك أَن قتل عُثْمَان رض كَانَ جَهرا عَن مَلأ وَجمع من النَّاس وطالت مُدَّة حصاره أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَقيل أَكثر من ذَلِك وَالَّذين قَتَلُوهُ كَانُوا مُسلمين حملهمْ الْهوى والحنق والحسد على أرتكاب الْفِعْل الْمحرم فِي الْبَلَد الْحَرَام فِي الشَّهْر الْحَرَام فَكَانَ أعظم وأشنع من قتل عمر رض = فَإِن قَتله كَانَ على يَد رجل وَاحِد قَتله غيلَة وَلم يكن من الْمُسلمين انما كَانَ يبطن الْكفْر وَالدَّلِيل على كفره قَول عمر رض = لما طعنه العلج يَا ابْن عَبَّاس انْظُر من قتلني فجال سَاعَة ثمَّ جَاءَ فَقَالَ غُلَام الْمُغيرَة قَالَ الْحَمد لله الَّذِي لم يَجْعَل منيتي بيد رجل يَدعِي الله الأسلام وَأَيْضًا فانه لما ظن العلج أَنه مَأْخُوذ نحر نَفسه وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتل نَفسه بحديدة فَهُوَ يتوجأ بهَا فِي نَار جَهَنَّم وَمن قتل نَفسه بِسم فَهُوَ يتحساه فِي النَّار
وَأما قتل الْحُسَيْن رض = فَإِنَّمَا كَانَ أعظم من قتل عَليّ رض = الأن قتل الْحُسَيْن رض = كَانَ أَيْضا جهارا عَن مَلأ وَتجمع وعصبية وَكَانَ على يَدي قوم يدعونَ الأسلام فَكَانَ أشنع وَلِهَذَا لما بلغ يزِيد بن مُعَاوِيَة قتل الْحُسَيْن رض = أنكرهُ وَلعن عبيد الله بن زِيَاد
فروى الرَّسْعَنِي فِي مَقْتَله أَن عبيد الله بن زِيَاد بعث بحرم الْحُسَيْن رض = فِي حَالَة سَيِّئَة مَعَ شمر بن ذِي الجوشن وزحر بن قيس ومخفر بن ثَعْلَبَة وَمَعَهُمْ رَأس الْحُسَيْن رض = فَلَمَّا دخلُوا على يزِيد تكلم زحر بن قيس فَقَالَ أبشر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ بِفَتْح الله وَنَصره ورد علينا الْحُسَيْن ابْن عَليّ رض = فِي ثَمَانِيَة عشر رجلا من أهل بَيته وَسِتِّينَ من شيعته فسرنا اليهم فسألناهم أَن يستسلموا أَو ينزلُوا على حكم الْأَمِير عبيد الله أَو الْقِتَال فَاخْتَارُوا الْقِتَال على الأستسلام فعدونا عَلَيْهِم مَعَ شروق الشَّمْس فأحطنا بهم من كل جَانب فَلَمَّا أخذت السيوف مِنْهُم مأخذها جعلُوا يهربون إِلَى غير وزر ويلوذون منا بالآكام والحفر كَمَا تلوذ الحمائم من الصقور فوَاللَّه مَا

(1/236)


كَانَ الا جزر أَو نومَة قَائِل حَتَّى أَتَيْنَا على آخِرهم فهاتيك أَجْسَادهم بالعراق مُجَرّدَة وخدودهم معفرة تصهرهم الشَّمْس وتسفي عَلَيْهِم الرّيح زوارهم العقبان والرخم بَقِي قرق سبسب لَا مكفنين وَلَا موسدين فَدَمَعَتْ عينا يزِيد وَقَالَ قد كنت أرْضى من طاعتكم بِدُونِ قتل الْحُسَيْن لعن الله ابْن سميَّة أما وَالله لَو أَنِّي صَاحبه ثمَّ لم أقدر على دفع الْقَتْل عَنهُ الا بِبَعْض عمري لأحببت أَن أدفَع عَنهُ
وَأما قتل عَليّ رض = فانما كَانَ على يَد رجل من الْخَوَارِج مارق من دينه فاستحل قَتله فَكفر بذلك وَالدَّلِيل على انه قَتله لكفره لَا قصاصا أَنه كَانَ فِي وَرَثَة عَليّ رض = صغَار وكبار فَقتله وَلم ينْتَظر بُلُوغ الصغار لَو كَانَ قَتله قصاصا لانتظر بِهِ بُلُوغ الصغار وَلما جَازَ قَتله وَلِأَن عبد الرحمان أبن ملجم قتل عليا رض = غيلَة فَلم يكن مثل قتل الْحُسَيْن رض =

90 - بَاب ذكر أركم النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لعُثْمَان رض =
روى ابْن عَبَّاس رض = عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ أَلا أستحيي مِمَّن تستحيي مِنْهُ الْمَلَائِكَة إِن الْمَلَائِكَة لتستحيي من عُثْمَان بن عَفَّان
وروى الأجري باسناده عَن عَطاء وَسليمَان أبني يسَار وَأبي سَلمَة بن عبد الرحمان أَن عَائِشَة رض = قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مصطجعا كاشفا عَن سَاقيه فَاسْتَأْذن أَبُو بكر فَأذن لَهُ وَهُوَ على تِلْكَ الْحَالة فَتحدث ثمَّ أَسْتَأْذن عمر فَأذن لَهُ وَهُوَ كَذَلِك ثمَّ أَسْتَأْذن عُثْمَان فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسوى ثِيَابه فَتحدث فَلَمَّا خرج قَالَت عَائِشَة رض = يَا رَسُول الله دخل أَبُو بكر فَلم تباله ثمَّ دخل عمر فَم تباله ثمَّ دخل عُثْمَان فَجَلَست وسويت ثِيَابك فَقَالَ لَا أستحيي من رجل تستحيي مِنْهُ الْمَلَائِكَة وَلِهَذَا الحَدِيث طرق جمَاعَة

(1/237)


قَالَ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن وَقد رُوِيَ من غير وَجه عَن النَّبِي أَنه قَالَ أرْحم أمتِي بأمتي ابو بكر وَأَقْوَاهُمْ فِي دين الله عمر وأصدقهم حَيَاء عُثْمَان وأقضاهم عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ
وَعَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكل نَبِي رَفِيق فِي الْجنَّة ورفيقي فِيهَا عُثْمَان بن عَفَّان
وَعَن عَطاء بن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعُثْمَان رض = أَنْت وليي فِي الدُّنْيَا والأخرة
وَعَن عبد الله بن شَقِيق عَن عبد الله بن حِوَالَة قَالَ قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تهجمون على رجل يُبَايع هُوَ معتجر بِبُرْدَةٍ حبرَة من أهل الْجنَّة فهجمنا على عُثْمَان رض = وَهُوَ معتجر بِبُرْدَةٍ يُبَايع النَّاس يَعْنِي البيع وَالشِّرَاء
91 - شَفَاعَة عُثْمَان رض = يَوْم الْقِيَامَة
روى أَبُو بكر الأجري باسناده عَن عبد الرحمان بن ميسرَة قَالَ سَمِعت أَبَا أُمَامَة الْبَاهِلِيّ رض = يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدْخل الْجنَّة بشفاعة رجل من أمتِي مثل أحد الْحَيَّيْنِ ربيعَة وَمُضر قَالَ فَكَانَ المشيخة يرَوْنَ أَن ذَلِك الرجل هُوَ عُثْمَان بن عَفَّان رض = وَرُوِيَ أَيْضا بأسناده عَن أبي جَعْفَر عَن الْحسن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشفع عُثْمَان يَوْم الْقِيَامَة بِمثل ربيعَة وَمُضر
وَعَن الْأَوْزَاعِيّ عَن حسان بن عَطِيَّة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غفر الله لَك يَا عُثْمَان مَا قدمت وَمَا أخرت وَمَا أسررت وَمَا أعلنت وَمَا أخفيت وَمَا أبديت وَمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

(1/238)


92 - ذكر سخائه وَكَرمه رض =
روى الأجري فِي = كتاب الشَّرِيعَة باسناده عَن مَيْمُون بن مهْرَان عَن أبن عَبَّاس رض = عَنْهُمَا قَالَ قحط الْمَطَر على عهد أبي بكر الصّديق رض = فَاجْتمع النَّاس إِلَى أبي بكر رض = فَقَالُوا السَّمَاء لم تمطر وَالْأَرْض لم تنْبت وَالنَّاس فِي شدَّة شَدِيدَة فَقَالَ أَبُو بكر الصّديق رض = انصرفوا وأصبروا فانكم لَا تمسون حَتَّى يفرج الله الْكَرِيم عَنْكُم فَمَا لبثنا إِلَّا قَلِيلا أَن جَاءَ أجراء عُثْمَان رض = من الشَّام فَجَاءَتْهُ مائَة رَاحِلَة برا أَو قَالَ طَعَاما فَاجْتمع النَّاس إِلَى بَاب عُثْمَان رض = فقرعوا عَلَيْهِ الْبَاب فَخرج اليهم عُثْمَان رض = فِي ملأمن النَّاس فَقَالَ مَا تشاءون قَالُوا الزَّمَان قد قحط السَّمَاء لَا تمطر وَالْأَرْض لَا تنْبت وَالنَّاس فِي شدَّة شَدِيدَة وَقد بلغنَا أَن عنْدك طَعَاما فَبِعْنَاهُ حَتَّى نوسع على فُقَرَاء الْمُسلمين فَقَالَ عُثْمَان رض = حبا وكرامة ادخُلُوا فاشتروا فَدخل التُّجَّار فاذا الطَّعَام مَوْضُوع فِي دَار عُثْمَان رض = فَقَالَ رض = معشر التُّجَّار كم تربحوني على شرائي من الشَّام قَالُوا للعشرة أثنا عشر فَقَالَ عُثْمَان رض = قد زادوني قَالُوا للعشرة خَمْسَة عشر قَالَ عُثْمَان رض قد زادوني قَالَ التُّجَّار يَا أَبَا عمر مَا بَقِي فِي الْمَدِينَة تجار غَيرنَا فَمن الَّذِي زادك قَالَ زادني الله عز وَجل كل دِرْهَم عشرَة أعندكم زِيَادَة قَالُوا اللَّهُمَّ لَا قَالَ فَانِي أشهد الله إِنِّي قد جعلت هَذَا الطَّعَام صَدَقَة على فُقَرَاء الْمُسلمين قَالَ ابْن عَبَّاس رض = عَنْهُمَا فَرَأَيْت من لَيْلَتي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَعْنِي فِي الْمَنَام وَهُوَ على برذون أبلق عَلَيْهِ حلَّة من نور وَهُوَ مستعجل فَقلت يَا رَسُول الله قد أَشْتَدّ شوقي إِلَيْك وألى كلامك فَأَيْنَ تبادر فَقَالَ يَا أبن عَبَّاس أَن عُثْمَان بن عَفَّان تصدق بصدقه وَأَن الله عزوجل قد قبلهَا مِنْهُ وزوجه بهَا عروسا فِي الْجنَّة وَقد عينا إِلَى عرسه

(1/239)


أخر الْكتاب وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَالصَّلَاة وَالسَّلَام عَليّ خير خلقه وَمُحَمّد وعَلى اله وَأَصْحَابه وأزواجه وذرياته أَتْبَاعه وَسلم تَسْلِيمًا دَائِما كثيرا كثيرا
وَفرغ من جمعه وتأليفه الْفَقِير إِلَى الله مُحَمَّد بن يحيى بن أبي بكر غفر الله لَهُ ولوالديه وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين وَذَلِكَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء خَامِس عشر فِي الْقعدَة من سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد النَّبِي واله وَسلم

(1/240)