منتخب من كتاب
أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ت: العمري توثيق نسبة الكتاب
لابن زبالة:
كتب على الورقة الأولى من النسخة الخطية ما نصه "منتخب من
كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن الزبير بن بكار"
فلم يصل إلينا كتاب (أزواج النبي) كاملاً بل منتخب منه
فقط، ولا نعرف من الذي انتخبه؟ ولم تسم المصادر للزبير بن
بكار، ولا لابن زبالة كتاباً بهذا العنوان (3) وإن كان
فؤاد سزكين قد ذكره ضمن مؤلفات الزبير بن بكار بالاعتماد
على ما ذكر في عنوان النسخة الخطية فقط (4).
__________
(1) وهذا الوصف قد لا ينطبق على سائر مرويات ابن زبالة؛ إذ
ربما اختار المنتخب الروايات وفق معايير معينة.
(2) ابن حجر: تقريب التهذيب: 2/ 154.
(3) محمود شاكر: مقدمته لكتاب (جمهرة نسب قريش لزبير بن
بكار).
وسامي مكي العاني: مقدمته لكتاب (الموفقيات لزبير بن
بكار).
وسزكين: تاريخ التراث العربي: 1/ 552 - 553.
(4) سزكين: تاريخ التراث العربي: 1/ 510.
وإذا كانت المصادر قد سكتت عن تسمية الكتاب
ونسبته للزبير أو لابن زبالة فإن الذي دعاني إلى تحديد
نسبته والقول بأنه لابن زبالة، وأن الزبير بن بكار مجرد
راوية له هو أن سائر الروايات في المنتخب يرويها الزبير عن
ابن زبالة سوى روايتين لم يسندهما الزبير لابن زبالة واحدة
تبين اسم مبهم والأخرى تتناول مسألة لغوية، وهذا دليل كاف
على أن الكتاب لابن زبالة وليس للزبير بن بكار كما كتب على
ورقة العنوان في النسخة الخطية.
وصف النسخة والسماعات وتاريخ النسخة:
تقع النسخة الخطية من (المنتخب من كتاب أزواج النبي) في
عشر ورقات ذات وجهين، كتبت بخط نسخ دقيق معجم، ومعدل عدد
الأسطر في كل صفحة 23سطراً، ومعدل الكلمات في كل سطر
15كلمة، وقد أصابتها عوادي الزمن فانطمست بعض كلماتها، كما
وقع سقط يسير خلالها.
وقد سجل في الورقة 8تاريخ سماع النسخة ونصه:
"بلغت من أوله بقراءتي على أبي الحسين محمد بن أحمد بن على
الكوفي وابن طاهر والمبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي،
وذلك على باب داره لثمان بقين من جمادى الآخر في سنة أربع
وأربعين وأربعمائة".
وهذا التاريخ يدل على تاريخ النسخة فهو بخط ناسخ الأصل وقد
ذكر كاتب النسخة آخرها أشعاراً وشروحاً لغوية وحكايات
وملحا عن أبي عبيد الله محمد بن عمران المرزباني، كما ذكر
أشعاراً للقاضي أبي الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر
الآملي، ووقع ذلك كله في ورقتين، هما الثانية عشر والثالثة
عشر، وفيهما سجل سماعه للأشعار والحكايات بتاريخ جمادى
الآخر سنة أربع وأربعين وأربعمائة وهو نفس تاريخ سماع نسخة
(المنتخب من أزواج النبي).
ومن المؤسف أن كاتب النسخة والذي يملك حق روايتها لم يذكر
اسمه فلم نعرف صاحب الفضل في كتابة هذه النسخة الفريدة
التي وصلت إلينا.
دراسة سند الكتاب:
محمد بن الحسن بن زبالة الزبير بن بكار
أبو الحسن محمد بن أحمد بن البراء العبدي
أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق = ابن السماك
أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم
بن الصلت
أبو الحسين محمد بن أحمد
أبو طالب محمد بن على
ابن على الصيرفي الكوفي
ابن الفتح الحربي
وقد ورد ذكر سند النسخة في أول الورقة 2/ أ وهو أول الكتاب
ونصه:
"أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن على الصيرفي الكوفي
بقراءتي عليه على باب داره أنبا أبو الحسن أحمد بن محمد بن
موسى بن القاسم ابن الصلت في سنة خمس وتسعين وثلاثمائة
قال: أنبا أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق المعروف بابن
السماك قراءة عليه في ذي الحجة سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة،
أنبا أبو الحسن محمد بن أحمد بن البراء قراءة عليه، ثنا
الزبير بن البكار سنة ست وأربعين ومائتين، ثني محمد بن
الحسن وهو ابن زبالة".
ثم أعيد ذكر سند النسخة في الورقة 8/ ب وهي منتصف الكتاب
وفي أوله:
"أخبرنا الشيخ أبو طالب محمد بن علي بن الفتح الحربي
بقراءتي عليه قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى
بن القاسم بن الصلت إجازة، قال أنبا أبو عمرو عثمان" ...
بمثل السند المذكور قبله. ومن ذلك يتبين أن نصف الكتاب
قرىء على أبي الحسين محمد بن أحمد ابن على الصيرفي الكوفي،
وذلك من الورقة 2/ أ إلى نهاية الورقة 8/ أ، أما النصف
الثاني منه فقرىء على الشيخ أبي طالب محمد بن على بن الفتح
الحربي، من الورقة 8/ ب الى نهاية الورقة 11/ ب، وأن
الصيرفي والحربي تحملاه بالإجازة عن أبي الحسن أحمد بن
محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت الذي تحمله بدوره عن أبي
عمرو عثمان بن أحمد الدقاق المعروف بابن السماك قراءة
عليه، وابن السماك قرأه علي أبي الحسن محمد بن أحمد ابن
البراء الذي سمعه من الزبير بن بكار، الذي سمعه بدوره من
مؤلفه محمد بن الحسن بن زبالة.
فأما أبو الحسن محمد بن أحمد بن على
الصيرفي الكوفي، فقد ولد سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، ومات
سنة إحدى وخمسين وأربعمائة وقد ذكر الخطيب أنّ سماعه كان
صحيحاً (1)، والخطيب يعرفه معرفة وثيقة، فالصيرفي أحد
شيوخه، كما أن الخطيب حجة في الحكم على صحة السماعات للكتب
لاهتمامه الكبير بذلك، وهو اهتمام معروف لدى معاصريه من
المحدثين الذين كشفوا عن تزوير البعض للسماعات، كما أثبتوا
صحة السماعات لآخرين.
وأما أبو طالب محمد بن علي بن الفتح بن محمد بن على الحربي
المعروف بالعشاري، فقد ولد في محرم سنة ست وستين وثلاثمائة
ومات يوم الثلاثاء في 29جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين
وأربعمائة من الهجرة، وقد وصفه الخطيب البغدادي بأنه "ثقة
دين صالح" (2) أما الحافظ ابن حجر فيصفه بأنه "شيخ صدوق
معروف" لكنه ذكر أنهم أدخلوا عليه أشياء فحدث بها بسلامة
باطن، لذلك علق الحافظ ابن حجر على توثيق الخطيب له بقوله:
ليس بحجة، وهذه العبارة من أخف ألفاظ الجرح كقولهم "فيه
ضعف" أو "فيه مقال".
وقد خرج العشاري مشيخة عن أصحاب البغوي سمعها الحافظ ابن
حجر (3)، وروي العشاري روايات كثيرة عن الحافظ الدار قطني
ويبدو أنه روي أيضا كتاب الثقات لابن شاهين، كما يظهر من
بعض الاقتباسات عن الكتاب بواسطته (4).
وأما أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت
فهو أهوازي الأصل ومولده ببغداد سنة أربع وعشرين وثلثمائة،
ومات بها تسع وأربعمائة، وقد أدركه الخطيب البغدادي وأخذ
عنه ووصفه بأنه كان "صدوقا صالحا" (5).
__________
(1) تاريخ بغداد: 1/ 324 - 325.
(2) الخطيب: تاريخ بغداد: 3/ 107. وانظر ابن كثير: البداية
والنهاية: 12/ 85.
(3) ابن حجر العسقلاني: لسان الميزان: 5/ 301 - 303.
(4) أكرم العمري: موارد الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد:
523.
(5) الخطيب: تاريخ بغداد: 4/ 370، والذهبي: تذكرة الحفاظ:
3/ 1049.
وأما أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق
المعروف بابن السماك، فقد توفي سنة أربع وأربعين وثلاثة
مائة، وقد وصفه الخطيب البغدادي بأنه كان "ثقة ثبتا" (1)
وهو توثيق يدل على ما كان عليه من مستوى عال في العدالة
والضبط والإتقان، وذكر الدار قطني أنه "أكثر الكتاب"، وكتب
الكتب الطوال والمصنفات بخطه" (2)، ويبدوا أنه كان معنيا
بالإسناد، وبالحصول على حق رواية النسخ والمصنفات
والأحاديث عن طريق سماعه لها على الشيوخ لذلك أطلق عليه
الحافظ الذهبي لقب مسند بغداد" (3).
وقد وصل إلينا كتاب الديباج وأجزاء من حديثه وفوائده
وأماليه وصفحة من "وفيات شيوخه" (4).
وأما أبو الحسن محمد بن أحمد بن البراء العبدي، فقد توفي
سنة إحدى وتسعين ومائتين، وهو مؤرخ ثقة، له كتاب التاريخ
وكتاب الروضة، وهما مفقودان، وتوجد اقتباسات كثيرة من كتاب
التاريخ في المصادر التي وصلت إلينا (5).
وأما الزبير بن بكار رواية النسخة عن المؤلف فهو القرشي
الأسدي الزبيري، ولد عام اثنتين وسبعين ومائة، وتوفي عام
ست وخمسين ومائتين للهجرة، وهو أحد كبار الأدباء
والإخباريين والنسابين، وثقه الدار قطني والخطيب البغدادي
والحافظ الذهبي، وذكره أحمد بن على السليماني في كتاب
الضعفاء له في عداد من يضع الحديث، وقال مرة: "منكر
الحديث".
ورد الحافظ ابن حجر على تضعيف السليماني للزبير بن بكار
بقوله: "وهذا جرح مردود، ولعله استنكر إكثاره عن الضعفاء،
مثل محمد بن الحسن بن زبالة وعمر أبي بكر المؤملي، وعامر
بن صالح الزبيري وغيرهم، فان في كتاب النسب عن هؤلاء أشياء
كثيرة مستنكرة"
__________
(1) الخطيب: تاريخ بغداد: 11/ 302 - 303.
(2) الخطيب: تاريخ بغداد: 11/ 303.
(3) تذكرة الحفاظ: 865.
(4) أكرم العمري: موارد الخطيب في تاريخ بغداد: 436.
(5) المصدر السابق: 162 - 163.
وقال الحافظ الذهبي:"لا يلتفت إلى قول أحمد بن على
السليماني" (1).
وقد طبعت القطعة التي وصلت إلينا من كتابه "جمهرة نسب قريش
وأخبارها"، كما طبعت القطعة التي وصلت إلينا من كتابه
الآخر "الأخبار الموفقيات" (2)، وكذلك مؤلفه "أخبار أبي
دهبل الجمحي (3) "). |