|
سيرة عمر بن عبد
العزيز شعر عبد الرَّحْمَن بن الحكم وَهِشَام بن
عبد الْملك
قَالَ وَلما بَايع النَّاس عمر بن عبد الْعَزِيز بعد مهلك
سُلَيْمَان بلغ ذَلِك عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن أبي
الْعَاصِ فَكتب إِلَى هِشَام بن عبد الْملك يوبخه فَقَالَ
(أبلغ هِشَام وَالَّذين تجمعُوا ... بدابق عني لَا وقيتم
ردى الدَّهْر)
(وَأَنْتُم أَخَذْتُم حتفكم بأكفكم ... كباحثة عَن مدية
وَهِي لَا تَدْرِي)
(عَشِيَّة بايعتم إِمَامًا مُخَالفا ... لَهُ شجن بَين
الْمَدِينَة وَالْحجر)
فَأَجَابَهُ بعض ولد مَرْوَان عَن هِشَام ابْن عبد الْملك
فَقَالَ
(أبلغ أَبَا مَرْوَان عني رِسَالَة ... فَمَاذَا ذممت من
وفائي وَمن صبري)
(وَلَو كَانَ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ هُوَ الْهدى ... لما
كنت فِيهِ ذَا عناء وَلَا ذكر)
(وَكنت من الريش الذنابي وَلم تكن ... من الزمرة الأولى
وَلَا منبت الصَّبْر)
(وَنحن كَفَيْنَاك الْأُمُور كَمَا كفى ... أَبونَا أَبَاك
الْأَمر فِي سالف الدَّهْر)
حَال عمر قبل الْخلَافَة وحاله حِين اسْتخْلف وَكتابه الى
الْحسن الْبَصْرِيّ ومطرف
وَقَالَ سَالم الْأَفْطَس كَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز من
ألبس النَّاس وأعطر النَّاس فَلَمَّا سلم عَلَيْهِ بإمارة
الْمُؤمنِينَ وَعلم اسْتِقْرَار أمره أَدخل رَأسه
(1/126)
(وَأَنْتُم أَخَذْتُم حتفكم بأكفكم ...
كباحثة عَن مدية وَهِي لَا تَدْرِي)
(عَشِيَّة بايعتم إِمَامًا مُخَالفا ... لَهُ شجن بَين
الْمَدِينَة وَالْحجر)
فَأَجَابَهُ بعض ولد مَرْوَان عَن هِشَام ابْن عبد الْملك
فَقَالَ
(أبلغ أَبَا مَرْوَان عني رِسَالَة ... فَمَاذَا ذممت من
وفائي وَمن صبري)
(وَلَو كَانَ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ هُوَ الْهدى ... لما
كنت فِيهِ ذَا عناء وَلَا ذكر)
(وَكنت من الريش الذنابي وَلم تكن ... من الزمرة الأولى
وَلَا منبت الصَّبْر)
(وَنحن كَفَيْنَاك الْأُمُور كَمَا كفى ... أَبونَا أَبَاك
الْأَمر فِي سالف الدَّهْر)
حَال عمر قبل الْخلَافَة وحاله حِين اسْتخْلف وَكتابه الى
الْحسن الْبَصْرِيّ ومطرف
وَقَالَ سَالم الْأَفْطَس كَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز من
ألبس النَّاس وأعطر النَّاس فَلَمَّا سلم عَلَيْهِ بإمارة
الْمُؤمنِينَ وَعلم اسْتِقْرَار أمره أَدخل رَأسه
(1/127)
بَين رُكْبَتَيْهِ وَبكى بكاء شَدِيدا
فَقَالَ النَّاس يبكي فَرحا بالخلافة ثمَّ رفع رَأسه وَمسح
عَيْنَيْهِ ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ ارزقني عقلا يَنْفَعنِي
وَاجعَل مَا أصير إِلَيْهِ أهم مِمَّا يَزُول عني ثمَّ دخل
منزله فَألْقى تِلْكَ الثِّيَاب عَنهُ وَغسل ذَلِك الطّيب
ودعا الْحجام فَأخذ من شعره ثمَّ دَعَا بِدَوَاةٍ
وَقِرْطَاس وَكتب بِيَدِهِ
من عبد الله عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى الْحسن بن أبي
الْحسن الْبَصْرِيّ ومطرف بن عبد الله بن الشخير سَلام
عَلَيْكُمَا فَإِنِّي أَحْمد اليكما الله الَّذِي لَا
إِلَه إِلَّا هُوَ وأسأله أَن يُصَلِّي على مُحَمَّد عَبده
وَرَسُوله أما بعد فَإِنِّي أوصيكما بتقوى الله فَإِن من
يَقُولهَا كثير وَمن يعْمل بهَا قَلِيل فَإِذا أتاكما
كتابي فعظاني وَلَا تزكياني وَالسَّلَام
جَوَاب الْحسن الْبَصْرِيّ
فَكتب إِلَيْهِ الْحسن بن أبي الْحسن الْبَصْرِيّ إِلَى
عمر بن عبد الْعَزِيز سَلام عَلَيْك فَإِنِّي أَحْمد
إِلَيْك الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أما بعد فَإِن
الدُّنْيَا دَار مخوفة هَبَط إِلَيْهَا آدم عَلَيْهِ
السَّلَام عُقُوبَة تهين من أكرمها وتكرم من أهانها وتفقر
من جمع لَهَا لَهَا فِي كل يَوْم قَتِيل فَكُن يَا أَمِير
الْمُؤمنِينَ كالمداوي لجرحه واصبر على شدَّة الدَّوَاء
لما تخَاف من طول الْبلَاء
جَوَاب مطرف
وَكتب إِلَيْهِ مطرف بن عبد الله بن الشخير لعبد الله عمر
أَمِير الْمُؤمنِينَ من مطرف بن عبد الله سَلام عَلَيْك
يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته
فَإِنِّي أَحْمد إِلَيْك الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا
هُوَ أما بعد فَلْيَكُن استئناسك بِاللَّه وانقطاعك
إِلَيْهِ فَإِن قوما أنسوا بِاللَّه وانقطعوا إِلَيْهِ
فَكَانُوا بِاللَّه فِي وحدتهم أَشد استئناسا مِنْهُم
بِالنَّاسِ فِي كَثْرَة عَددهمْ أماتوا من الدُّنْيَا مَا
خَافُوا أَن يُمِيت قُلُوبهم وَتركُوا مِنْهَا مَا علمُوا
أَن سيتركهم فَأَصْبحُوا لما سَالم النَّاس مِنْهَا
أَعدَاء جعلنَا الله وَإِيَّاك مِنْهُم فَإِنَّهُم قد
أَصْبحُوا بهَا قَلِيلا وَالسَّلَام
(1/128)
تَقْدِير نَفَقَة عمر فِي خِلَافَته وَوَضعه أَمْوَاله فِي
سَبِيل الله
وَقَالَ الحكم بن عمر الْحِمصِي أول شَيْء بَدَأَ بِهِ عمر
بن عبد الْعَزِيز أَنه لم يتْرك ظلامة مزرعة وَلَا طلبة
لأحد قبله إلآ ردهَا إِلَيْهِ وَبَاعَ مَا كَانَ لَهُ من
الْمزَارِع من عبد أَو أمة أَو بَهِيمَة أَو آلَة وَبَاعَ
مَا لَهُ من مَتَاع أَو مركب أَو لِبَاس أَو عطر
وَأَشْيَاء سَمَّاهَا الحكم هِيَ فِي حَدِيثه فَبلغ
ثَلَاثَة وَعشْرين ألف دِينَار ثمَّ جعلهَا فِي سَبِيل
الله وَقَالَ غير الحكم بلغ ثَلَاثَة وَأَرْبَعين ألف
دِينَار فَجَعلهَا فِي سَبِيل الله وابتاع جَارِيَة تخبز
لَهُ وتطحن وتغسل ثِيَابه بِمِائَة ووصيفا فِي حَاجته
ورسالته وَكَانَ يزن لَهُ فِي كل يَوْم دِرْهَمَيْنِ
لَحْمه وخبزه وبقله إِن غلا السّعر اَوْ رخص
أمره أحد بنيه بإصلاح قَمِيصه
وَقَالَ عبد الله بن عمر الْجَزرِي ازْدحم النَّاس على عمر
بن عبد الْعَزِيز يبايعونه حِين دفن سُلَيْمَان فتخرق جيب
قَمِيص ابْنه فَقَالَ يَا بني أصلح جيب قَمِيصك فَإنَّك لم
تكن قطّ أحْوج إِلَى ذَلِك مِنْك الْيَوْم |