سيرة ابن إسحاق

تزويج أسماء بنت كعب الجونية وعمرة بنت يزيد
نا أحمد: نا يونس عن ابن اسحق قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تزوج أسماء ابنة كعب الجونية، ولم يدخل بها حتى طلقها، وتزوج عمرة ابنة يزيد إحدى نساء بني كلاب (132) ثم بني الوحيد، وكانت قبله عند الفضل بن العباس بن عبد المطلب فطلقها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل بها.

(1/267)


امرأة من غفار
نا يونس عن أبي يحيى عن حميل بن زيد الطائي عن سعد بن زيد الأنصاري قال:
تزوج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم امرأة من غفار، فدخل بها فأمرها فنزعت ثوبها فرأى بها بياضاً من برص عند ثديها فانماز «1» رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال: خذي ثوبك والحقي بأهلك، وأكمل لها صداقها.
نا يونس عن إبراهيم بن اسماعيل عن عثمان بن كعب القرظي أن أخا لتميمة ابنة وهب ذكر أختاً له لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وذكر حالها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتحبين أن أتزوجك، فقالت: أعوذ بالله منك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
منع اللَّه عائذة.
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: حدثني الحسين بن عبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس قال: نظر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى أم حبيب ابنة عباس وهي بدر «2» بين يديه فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لئن بلغت هذه وأنا حي لأتزوجنها، فقبض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبل أن تبلغ فتزوجها الأسود ابن عبد الأسد أخو أبي سلمة، فولدت له رزق بن الأسود ولبابة ابنة الأسود، سمتها باسمها أم الفضل وكان اسمها لبابة.
__________
(1) في حاشية ع فتأخر. هذا ولم أجد كلمة انماز فيما لدي من معاجم ومصادر، ولعلها تصحيف لكلمة «انحاز» .
(2) يقال بدر الغلام اذا تم واستدار تشبيها بالبدر في تمامه وكماله.

(1/268)


عدد النسوة اللاتي وهبن أنفسهن
نا يونس عن زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي قال: وهبن لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نساء أنفسهن، فدخل ببعضهن، وأرجأ بعض فلم يقربهن حتى توفي، ولم ينكحن بعده، فيهن أم شريك، فذلك قوله: «تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ» . «1»
نا احمد قال: نا أبي عن جرير بن عبد الحميد عن منصور بن أبي رزين في قول اللَّه تعالى: «تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ» فكان فيمن أرجأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سودة، وأم حبيبة، وميمونة، فأراد فراقهن فقلن لا تفارقنا ودعنا على حالنا واقسم لنا ما شئت من نفسك ومالك، قال: فتركهن على حالهن وقسم لهن ما شاء، قال: وكان ممن آوى: عائشة، وأم سلمة، وزينب، وحفصة، وكانت قسمتة من نفسه وماله بينهن سواء.
نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كنت أغار، فقلت لامرأة ممن وهبت نفسها لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أما تستحي (133) المراة أن تهب نفسها بغير صداق، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد اعتزل بعضهن، وكنت على رجاء فلما نزل: «تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ» أيست وقلت: إني لأرى ربك يسارع لك في هواك.
نا يونس عن عنبسة بن الأزهر عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال: لم يكن عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم امرأة وهبت نفسها له.
نا يونس عن أبي سلمة الهمذاني عن الشعبي: نزل على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها «2» » إلى آخر الآيتين، فخيرهن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاخترن اللَّه ورسوله والدار الآخرة، فشكر اللَّه لهن ذلك وأنزل اللَّه عليه: «لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ» . «3»
__________
(1) سورة الأحزاب: 51.
(2) سورة الأحزاب: 28- 29.
(3) سورة الأحزاب: 52.

(1/269)


ما اتخذه النبي صلى الله عليه وسلم من السراري
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التسع من نسائه ولم تمت قبله غير خديجة ابنة خويلد وزينب أم المساكين، ومات عن التسع البواقي، ولم يهاجر منهن إلى أرض الحبشة غيرها ولا الثلاث: أم سلمة، وأم حبيبة وفلانة، ولم يصب الولد إلا من خديجة، وكان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في ملك يمينه: ريحانة ابنة عمرو بن حذافة، فلم يصب منها ولداً حتى مات، ومارية أم ابراهيم القبطية، ولدت له ابراهيم فلم يصب رسول الله صلى الله عليه وسلم الولد إلا من خديجة ومارية.
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: حدثني محمد بن طلحة عن يزيد بن ركانة قال: مات ابراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانية عشر شهراً، فلم يصل عليه.
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة بمثله.
نا يونس عن ابراهيم بن عثمان عن الحاكم عن مقسم عن ابن عباس قال:
ولدت مارية القبطية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ابراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن له لمرضعة في الجنة، ولو بقي لكان صديقاً نبياً، ولو بقي لأعتق كل قبطي.
نا يونس عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء بن جابر عن عبد الرحمن بن عوف قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فانطلق بي إلى النخل «1» ، فوجد فيه ابراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذه فوضعه في حجره فذرفت عيناه، ثم
__________
(1) أورد البلاذري هذه الرواية في أنساب الأشراف: 1/ 451 وزاد فيها «فإذا إبراهيم يجود بنفسه» .

(1/270)


قال يا بني ما أملك لك من الله شيئاً، فقلت له: يا رسول الله تبكي، ألم تنه عن (134) البكاء؟ فقال: إنما نهيت عن النوح، عن صوتين أحمقين فاجرين، صوت عند نغمة لعب ولهو، ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة، خمش وجوه، وشق جيوب ورنة شيطان، وهذا رحمة ومن لا يرحم لا يرحم، يا ابراهيم لولا أنه أمر حق، ووعد صدق، وأنها سبيل مأتية «1» لا بد منها حتى يلحق آخرنا أولنا لحزنا عليك حزناً هو أشد من هذا، وإنا بك لمحزونون، تبكي العين ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب.
نا يونس عن المبارك بن فضالة عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ولد لي البارحة غلام فسميته باسم أبي ابراهيم.
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: حدثني ابراهيم بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب قال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان كبر على مارية أم إبراهيم في ابن عم لها يزورها ويختلف إليها قبطي، قال:
خذ هذا السيف وانطلق فإن وجدته عندها فاقتله، فقلت يا رسول الله أكون في أمرك كالمشكة «2» المحماة لا يثنيني شيء حتى أمضي لما أمرتني به، أو الشاهد يرى ما لا يرى الغائب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، فأقبلت متوشحا السيف فأجده عندها، فلما رآني اخترطت سيفي فعرف أني أريده، اشتد في نخلة فرقا فيها حتى إذا كان في نصفها ودنوت منه رمى بنفسه على ظهره، ثم شغر برجله فإذا أنه لأمسح أجب ما له مما للرجال قليل ولا كثير، فغمدت «3» السيف ثم جئت رسول صلى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر فقال: الحمد لله الذي يصرف عنا أهل البيت.
__________
(1) في ع: نأتيه.
(2) في حاشية الأصل «السكة» .
(3) في ع: فغررت،

(1/271)