المنتظم في تاريخ الأمم والملوك
بَاب ذكر جهنم
قَالَ عَبْد اللَّهِ بْن سلام: النار فِي الأَرْض.
وَمَا يدل عَلَى أَن النار فِي الأَرْض مَا أَخْبَرَنَاهُ هِبَةُ الله
بن محمد، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن عَلِيّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا خَلَفٌ- يَعْنِي ابْنَ خَلِيفَةَ- عَنْ يَزِيدَ بْنِ
كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي خَازِمٍ، عن أبي هريرة، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا
فَسَمِعْنَا وَجَبَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «أَتَدْرُونَ مَا هَذَا؟» ، قلنا: الله ورسوله أَعْلَمُ،
قَالَ: «هَذَا حَجَرٌ أُرْسِلَ فِي جَهَنَّمَ مُنْذُ سَبْعِينَ
خَرِيفًا، فَالآنَ انْتَهَى إِلَى قَعْرِهَا» . انْفَرَدَ
بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ [1] .
فَإِن [قيل] : كَيْفَ تكون جهنم في الأرض، وقد رآها رسول الله صلى الله
عليه وسلم ليلة المعراج؟
فجوابه من وجهين، أحدهما: أَنَّهُ رآها فِي الأَرْض فِي طريقه إِلَى
بَيْت المقدس. وَقَدْ روينا عَن عُبَادَة بْن الصامت أنه رئي عَلَى سور
بَيْت المقدس الشرقي يبكي، فقيل له في ذلك، فقال: هاهنا أخبرنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى [2] جهنم.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لا يمتنع فِي القدرة أَن يرى جهنم فِي الأَرْض
وَهُوَ فِي السماء وَقَدْ بكى لَهُ بَيْت المقدس وَهُوَ بمكة فوصفه
للقوم.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ الكروخي، قال: أخبرنا أبو عامر الأزدي،
وأبو بَكْرٍ الْغُورْجِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْجَرَاحِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا المحبوبي، قال: حدثنا الترمذي، قال: حدثنا
__________
[1] الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، الجنة 31، وأحمد بن حنبل في المسند 2/
371، والآجري في الشريعة 394.
[2] في الأصل (رأى) وصححت لاستقامة المعنى.
(1/181)
عباس الدُّورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ
عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أُوقِدَ عَلَى النَّارِ
أَلْف سَنَةٍ حَتَّى احْمَرَّتْ، ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أُلْف سَنَةٍ
حَتَّى اسْوَدَّتْ فَهِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ» [1] .
أخبرنا ابن الحصين، قال: أخبرنا ابن المذهب، قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أحمد،
قَالَ: حدثني أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ،
قَالَ:
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ
عباس، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ
أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الزَّقُّومِ قَطَرَتْ فِي الأَرْضِ لأَمَّرَتْ
عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مَعِيشَتَهُمْ فَكَيْفَ بِمَنْ هُوَ طَعَامُهُ
وَلَيْسَ لَهُ طَعَامٌ غَيْرُهُ» [2] .
أنبأنا أحمد بن الحسين البناء، أَخْبَرَنَا عَنْهُ ابْن ناصر، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الأبنوسي،
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن بْن أَخِي هما: قَالَ:
أَخْبَرَنَا ابْن صفوان، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بكر القرشي، قَالَ:
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد الجوهري، قَالَ:
حَدَّثَنَا حجاج، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن جريج في قوله تعالى: لَها
سَبْعَةُ أَبْوابٍ 15: 44 [3] : أولها جهنم، ثُمَّ لظى، ثُمَّ الحطمة،
ثُمَّ السعير، ثُمَّ السقر، ثُمَّ الجحيم، وفيها أَبُو جهل، ثُمَّ
الهاوية.
قَالَ الْقُرَشِيُّ: وَحَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ
سَعِيدٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتَدْرِي مَا سعَةُ جَهَنَّمَ؟ قُلْتُ: لا، قَالَ:
إِنَّ بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِ أَحَدِهِمْ وَبَيْنَ عَاتِقِهِ مَسِيرَةَ
سبعين خريفا يجري فيها أودية القيح والدم، قلت له: أنها، قَالَ: لا
بَلْ أَوْدِيَةٌ.
قَالَ كعب: الفلق بَيْت فِي النار إِذَا فتح صاح منه جميع أَهْل النار.
وَقَالَ أَبُو المثنى الأملوكي: إِن فِي النار أقواما يربطون بنواعير
من نار يدور بهم ملك النواعير، مَا لَهُمْ فيها راحة ولا فترة.
__________
[1] الحديث أخرجه الترمذي 2591، وابن ماجة 4320، والبيهقي في البعث
555، والطبراني في المعجم الكبير 19/ 235، وابن كثير في التفسير 4/
129، 8/ 491، والسيوطي في الدر المنثور 1/ 36.
[2] الحديث أخرجه أحمد بن حنبل في المسند 1/ 338، وابن ماجة 4325،
والمستدرك 2/ 294، والطبراني في المعجم الصغير 2/ 51، وابن كثير في
التفسير 2/ 72، 7/ 17، والسيوطي في الدر المنثور 2/ 60.
[3] سورة: الحجر، الآية: 44.
(1/182)
|