المزهر
النوع السابع والعشرون معرفة المترادف
قال الإمام فخرُ الدين: هو الألفاظ المفردةُ الدالة على شيء واحد
باعتبارٍ واحد، قال: واحترزنا بالإفراد عن الاسم والحدِّ، فليسا
مُترادفين، وبوَحْدة الاعتبار عن المتباينين، كالسيف والصارم، فإنهما
دَلاَّ على شيءٍ واحد، لكنْ باعتبارين: أحدُهما على الذَّات والآخر على
الصّفة؛ والفرقُ بينه وبين التوكيد أنَّ أحد المترادفين يُفيدُ ما
أفاده الآخر، كالإنسان والبشر، وفي التوكيد يُفيد الثاني تقويةَ
الأوّل؛ والفرقُ بينه وبين التابع أن التابع وحدَه لا يفيد شيئاً
كقولنا: عَطْشان نطْشان، قال: ومن الناس من أنْكره، وزعم أن كلَّ ما
يُظن من المترادفات فهو من المُتباينات؛ إما لأن أحدَهما اسمُ الذات،
والآخر اسمُ الصفة أو صفةُ الصفة. قال: والكلامُ معهم إما في الجواز،
ولا شكَّ فيه؛ أو في الوقوع إما من لغتين، وهو أيضاً معلوم بالضرورة،
أو من لغةٍ واحدة؛ كالحِنْطَة والبُرِّ والقَمْح؛ وتعسّفات الاشتقاقيين
لا يشهد لها شُبْهةٌ فضلاً عن حُجَّة. انتهى.
وقال التاج السبكي في شرح المنهاج: ذهب بعضُ الناس إلى إنكار المترادف
في اللغة العربية، وزعم أن كلَّ ما يُظن من المترادفات فهو من
المتباينات التي تتباينُ بالصفات، كما في الإنسان والبشر؛ فإن الأول
موضوع له باعتبار النسيان، أو باعتبار أنه يُؤْنِس، والثاني باعتبار
أنه بادي البشرة. وكذا الخَنْدَرِيس العُقار؛ فإنّ الأول باعتبار
العتق، والثاني باعتبار عَقْر الدَّنِّ لِشدَّتها، وتكلَّف لأكثر
المترادفات بمثلِ هذا المقال العجيب.
قال التاج: وقد اختارَ هذا المذهبَ أبو الحسين أحمد بن فارس في كتابه
الذي ألَّفه في فقه اللغة والعربية وسنن العرب وكلامها، ونقلَه عن شيخه
أبي العباس ثعلب.
قال: وهذا الكتابُ كَتب منه ابن الصلاح نكتاً منها هذه، وعلقتُ أنا ذلك
من خطِّ ابن الصلاح. انتهى.
قلت: قد
رأيتُ نسخةً من هذا الكتاب مقروءةً على المصنف، وعليها خطُّه، وقد
نقلتُ غالبَ ما فيه في هذا الكتاب.
وعبارتُه في هذه المسألة: يُسَمّى الشيء الواحدُ بالأسماء المختلفة؛
نحو السيف والمُهَنَّد والحُسام. والذي نقوله في هذا أن الاسم واحدٌ
وهو السيفُ، وما بعده من الألقاب صفاتٌ، ومذهُبنا أن كلَّ صفةٍ منها
فمعناها غيرُ معنى الأخْرى. وقد خالف في ذلك قوم؛ فزعموا أنها وإن
اختلفت ألفاظُها فإنها ترجع إلى معنى واحد، وذلك قولنا: سيفٌ وعَضْب
وحُسام.
وقال آخرون: ليس منها اسمٌ ولا صفةٌ إلا ومعناه غيرُ معنى الآخر.
قالوا: وكذلك الأفعالُ نحو مضى وذَهب وانْطَلق، وقعَد وجلَس، ورَقد
ونام وهجع؛ قالوا: ففي قعد معنى ليس في جلس، وكذلك القول فيما سواه،
وبهذا نقول؛ وهو مذهب شيخنا أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب. واحتجَّ
أصحابُ المقالة الأولى بأنه لو كان لكل لفظةٍ معنى غيرُ معنى الأخرى
لما أمكنَ أن نعبِّر عن شيء بغير عبارة؛ وذلك أنا نقول في " لا ريب فيه
" : لا شكَّ فيه؛ فلو كان الريبُ غيرَ الشك لكانت العبارةُ عن معنى
الريب بالشك خطأ؛ فلما عُبِّرَ بهذا عن هذا عُلم أن المعنى واحد.
قالوا: وإنما يأتى الشاعرُ بالاسمين المختلفين للمعنى الواحد في مكان
واحد؛ تأكيداً ومبالغةً؛ كقوله:
وهند أتى من دونها النَّأْي والبعد
قالوا: فالنَّأْيُ هو البعد. ونحن نقول: إن في قعد معنًى ليس في جلس؛
ألا ترى أنا نقول: قام ثم قعد، وأخذه المقيم والمقعد، وقعدت المرأة عن
الحيض، وتقول لناسٍ من الخوارج قَعَد، ثم تقول كان مضطجعاً فجلس؛ فيكون
القعودُ عن قيام والجلوسُ عن حالة هي دون الجلوس؛ لأن الجَلْس المرتفع،
والجلوسُ ارتفاعٌ عما هو دونه؛ وعلى هذا يجري الباب كلُّه.
وأما قولُهم: إن المعنيين لو اختلفا لما جاز أن يعبَّر عن الشيء
بالشيء؛ فإنا نقول: إنما عُبِّر عنه من طريق المُشاكلة، ولسنا نقول: إن
اللَّفْظَتين مختلفتان فيلزمنا ما قالوه؛ وإنما نقولُ: إن في كل واحدةٍ
منها معنًى ليس في الأخْرى، انتهى كلام ابنِ فارس.
وقال العلامة عز الدين بن جماعة في شرح جمع الجوامع: حكى الشيخ القاضي
أبو بكر بن العربي بسنده عن أبي علي الفارسي قال: كنتُ بمجلس سيف
الدولة بحلَب وبالحضرة جماعة من أهل اللغة وفيهم ابن خالويه فقال ابن
خالويه: أحفظ للسيفِ خمسين اسماً، فتبسّم أبو علي وقال: ما أحفظ له إلا
اسماً واحداً، وهو السيف. قال ابن خالويه: فأين المُهَنَّد والصَّارِم
وكذا وكذا؟ فقال أبو علي: هذه صفاتٌ؛ وكأن الشيخ لا يفرقُ بين الاسْمِ
والصِّفة.
وقال الشيخ عز الدين: والحاصلُ أنّ من جَعَلها مترادفةً انظر إلى
اتحادِ دلالتها على الذاتِ، ومن يمنع ينظر إلى اختصاص بعضها بمزيدِ
معنى؛ فهي تُشْبه المترادفة في الذات والمتباينة في الصفات. قال بعض
المتأخرين: وينبغي أن يكون هذا قسماً آخر، وسماه المتكافئة. قال:
وأسماءُ اللّه تعالى وأسماءُ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من هذا
النوع؛ فإنك إذا قلت: إن اللّه غفور رحيم قدير، تطلقها دالةً على
الموصوف بهذه الصفات. قال الأصفهاني: وينبغي أن يُحمل كلامُ من مَنع
على مَنْعه في لغةٍ واحدة، فأما في لغتين فلا يُنْكِرُه عاقلٌ.
فوائد: الأولى - قال أهلُ الأصول: لِوُقُوعِ الألْفاظ المترادفة سببان:
أحدهما: أن يكون من واضِعَين، وهو الأكثر بأن تَضع إحدى القبيلتين أحدَ
الاسمين، والأخرى الاسمَ الآخر للمُسَمَّى الواحد، من غير أن تشعرَ
إحداهما بالأخرى، ثم يَشتَهر الوَضْعَان، ويخفى الواضعان، أو يلتبس
وَضْع أحدهما بوضع الآخر؛ وهذا مبنيٌّ على كون اللغاتِ اصطلاحية.
والثاني: أن يكون من واضع واحد وهو الأقل؛ وله فوائد: منها: أن تكثر
الوسائل - أي الطرق - إلى الإخْبارِ عما في النفس؛ فإنه ربما نسي أحد
اللفظين أو عسر عليه النطقُ به؛ وقد كان بعضُ الأذكياء في الزمن السالف
ألْثَغ، فلم يُحْفظ عنه أنه نطَق بحرف الراء، ولولا المَترادِفات
تعينُه على قَصْده لما قدَر على ذلك.
ومنها:
التوسُّع في سلوك طرُقِ الفصاحة، وأساليب البلاغة في النَّظم والنثر؛
وذلك لأن اللفظ الواحدَ قد يتأتَّى باستعماله مع لفظ آخر السَّجْعُ
والقافيةُ والتَّجْنِيسُ والتَّرصِيعُ، وغير ذلك من أصناف البديع، ولا
يتأتَّى ذلك باستعمال مُرادفه مع ذلك اللَّفظ.
الثانية: ذهب بعض الناس إلى أن الترادفَ على خِلاف الأصْل، والأصلُ هو
التباينُ، وبه جزَم البيضاوي في مِنهاجه.
الثالثة: قال الإمام: قد يكونُ أحدُ المترادِفين أجْلَى من الآخر؛
فيكون شرحاً للآخر الخفيِّ؛ وقد ينعكس الحالُ بالنسبة إلى قومٍ دون
آخرين.
قال: وزعم كثيرٌ من المتكلّمين أن التحديداتِ كلَّها كذلك؛ لأنها
تبديلُ اللَّفط الخفيِّ بلفظٍ أجلى منه، قال: ولعلّ ذلك يصحُّ في
البسائط دون المركبات.
الرابعة: قال ألكِيَا في تعليقه في الأصول: الألفاظُ التي بمعنى واحد
تنقسم إلى ألفاظٍ متواردة، وألفاظ مترادِفة؛ فالمتواردة كما تسمى الخمر
عَقَاراً وصَهْباء وقَهْوَة، والسبع أسداً ولَيْثاً وضِرْغاماً.
والمترادفةُ هي التي يُقام لفظ مقام لفظٍ لمعانٍ متقاربة يجمعُها معنًى
واحد؛ كما يقال: أصلحَ الفاسد، ولمّ الشّعث، ورتَقَ الفَتْق، وشَعَبَ
الصَّدع. انتهى. وهذا تقسيم غريب.
الخامسة: ممن ألّف في المترادف العلامة مجد الدين الفيروزأبادي صاحب
القاموس، ألّف فيه كتاباً سمّاهُ الرّوض المَسْلُوف فيما له اسمان إلى
ألوف. وأفرد خلْقٌ من الأئمة كتباً في أسماء أشياء مخصوصة؛ فألف ابنُ
خالويه كتاباً في أسماء الأسد، وكتاباً في أسماء الحيَّة.
ذكر أمثلة من ذلك
العَسل له ثمانون اسماً أوردها صاحب القاموس في كتابه الذي سماه ترقيق
الأسل لتصفيق العسل.
وهي هذه: العَسَل، والضَّرْب، والضَّرَبَة، والضَّرِيب، والشَّوْب،
والذَّوْب، والحَمِيت، والتَّحْمُوت، والجلْس، والوَرْس، والأرْيُ،
والإذوَاب، واللّوْمَة، واللِّئْم، والنَّسِيل، والنَّسِيلَة،
والطَّرْم والطِّرم، والطرام، والطِّرْيَم، والدستفشار،
والمُسْتَفْشَار، والشَّهْد، والشُّهْد، والمِحْرَان، والعُفَافَة،
والعُنْفُوان، والماذِيّ، والماذِية، والطُّن، والطَّنّ، والبِلِّة،
والبَلَّة، والسَّنُّوت، والسِّنَّوْت، والسنوة، والشَّراب، والغَرَب،
والأَسُّ، والصَّبِيب، والمَزْجُ، والمِزْج، ولُعَابُ النَّحْلِ،
والرُّضَاب، ورُضاب النَّحْل، وجَنى النحل، ورِيْقُ النحل، وقَيءُ
الزنابير، والشَّوْر، والسَّلْوى، ومُجاج النَّحْل، والثَّوَابُ،
والحافِظُ، والأمين، والضَّحْل، والشِّفاء، واليمانيَّة، واللَّوَاص،
والسَّلِيق، والكُرْسُفِي، واليَعْقِيد، والسُّلْوانة، والسُّلْوَان،
والرَّخْفُ، والجَنَى، والسُّلاف، والسُّلافَة، والسَّرو، والشرو،
والصميم، والجُثُّ، والصَّهْباء، والخِيم، والخُوُّ، والضج، والسَّدَى،
والرَّحِيق، والرُّحَاق، والصَّمُوت، والمَجُّ، والمجلب، والحَلَب،
والعِكْبِرُ، والنَّحل، والأصبهانية.
قلت: ما اسْتَوْفى أحدٌ مثلَ هذا الاستيفاء، ومع ذلك فقد فاتَه بعضُ
الألفاظ: أنشد القالي في أماليه:
ولَذٍّ كطَعْمِ الصرْخَدِيِّ تَرَكْتُه
وقال: الصَّرْخَدي: العسل، كذا قاله أبو المياس، وقال ابن دُريد:
الصَّرْخَدِي: الخمر.
وفي أمالي الزَّجاج من أسامي العسل: السّعَابِيب.
ومن أسماء السيف، كما ذكر ابن خالويه في شرح الدريدية: الصَّارِم،
والرِّدَاء، والخليل، والقَضِيب، والصَّفِيحة، والمُفَقَّر،
والصَّمْصَامة، والمَأْثُور، والمِقْضَب، والكَهام، والأنِيث،
والمِعْضَد، والجُرَازُ، واللَّدْن، والفُطَار، وذُو الكَريهة،
والمَشْرَفيّ، والقُسَاسِيّ، والعَضْب، والحُسام، والمُذَكَّر،
والهُذام، والهَذُوم، والمُنْصَل، والهَذَّاذ، والهَذْهَاذِ،
والهُذَاهِذ، والمِخْصَل، والمِهْذَم، والقاضِب، والمُصَمِّم،
والمُطَبِّق، والضَّرِيبة، والهِنْدُوَاني، والمُهَنَّد، والصَّقيل،
والأبْيض، والغَمْر، والعَقِيقة، والمتين، وهو الذي لا يقطع،
والهِنْدِكيّ أيضاً، في شعر كثير.
وفي أمالي القالي: الكِركِرَة، والكَلْكَل، والبَرْك، والبِرْكة،
والجَوشن، والجَوش، والجُؤْشوش، والمِحْزَم والحَيزُوم، والحزِيم:
الصدر.
قال:
ويقال أخذه بأجْمَعِه وأجْمُعه، وبحذَافِيره، وجَذَاميره، وجَزامِيره،
وجَرَامِيزه، وبرَبَّانِه، وبرُبَّانه، وبِصنَايَتِه، وبسَنايَتِه،
وبِجَلْمَتِه، وبِزَغْبَرهِ، وبزِغْبِرِه، وبِزَوْبَرِه، وبزَأبرَه،
وبصُبْرَتِه، وبأصْبَاره، وبزَأْبِجِه، وبزَأْمَجه، وبأصِيلته،
وبِظَلِيفته، وبأزْمَله، كله أخذه جميعاً.
وفي أمالي الزَّجاجي قال أخبرنا نفْطويه عن ابنِ الأعرابي قال يقال:
للعَمامة هي العَمامة، والمشْوَذ، والسِّبّ، والمقعطة، والعِصَابة،
والعِصَاب، والتّاج، والمِكْوَرة.
وذكر أيضاً أنه يقال: جاء الرجل مُتَخَتّماً أي مُتعمِّماً أحسن تختيمة
أي تعميمة، هذا حرف حكاه ابنُ الأعرابي.
وقال ابن السكيت: العرب تقول: لأُقيمنَّ مَيلك، وجَنَفَك، ودَرْأك،
وصَغَاك، وصدَعك، وقَذَلك، وضِلَعك، كلُّه بمعنى واحد.
وفي أمالي ثعلب: يقال: ثوب خَلَق وأخْلاَق، وسَمَل وأسْمال، ومَزِق،
وشَبَارِق، وطرائق، وطرائد، ومَشْق، وهِبَب وأهباب، ومُشَبْرَق،
وشمارق، وخِبَب، وأخْباب، وخَبَائِب، وقَبائل، وَرعابِيل، وَذَعالِيب،
وشماطيط، وشَرَاذِم، ورُدُم، وهِدْم، وأهْدَام، وأطْمَار، بمعنى.
وفي أمالي ثعلب يقال: أزَم فلان، وأطْرق، وأسكت، وألْزم، وقَرْسَم،
وبَلدَم، وأسْبَط بمعنى أزم.
يقال: قُطِعت يده، وجُذِمت، وبُتِرت، وبُتِكت، وبُصِكت، وصُرمت،
وتُرَّت، وجُذّت.
قال ثعلب وأغرب ما فيه بضكت.
يقال: فعلت ذلك من أجْلِك، وإجْلك، وأجْلكَ، وإجْلالك، وجَلالِك،
وجَلَلك، وجَرَّاك بمعنًى.
يقال: وقع ذلك في روعي، وخَلَدي، ووَهْمي، بمعنى واحد. وفي أمالي
القالي: النَّفْنَف، واللوح، والسُّكاك، والسُّكاكة، والسَّحاح،
والكبد، والسَّهى: الهواءُ بين السماءِ والأرض.
قال: والشَّرْخُ، والسِّنْحُ، والنُّجار، والنِّجار، والنَّجْر،
والسِّنْخُ بالخاء، والسِّنج بالجيم، والأُرُوم، والأُرُومَة،
والبُنْكُ؛ والعُنْصُر؛ والضِّئْضِئُ؛ والبُؤْبُؤُ، والعِرْق،
والنُّحاسُ، والنَّحاس والعِيصُ، والأُسُّ، والإسُّ، والأصُّ،
والجِذْم، والإرْثُ، والسِّرُّ، والمرَكَّبُ، والمنْبِت، والكِرْس،
والقَنْسُ، والجِنْثُ، والحِنْجُ، والبِنْج، والعِكْر، والمِزرُ،
والجذْر، والجَذْر، والجُرْثُومة، والنِّصَاب، والمَنْصِب، والمَحْتِد،
والمَحْكد، والمَحْفِد، والطِّخْس، والإرْسُ، والقِرْقُ، والضَّنْء هذه
الألفاظ كلها معناها الأصل.
وزاد ثعلب في أماليه: الأُسْطُمّة، والصُّيَّابة، والصوَّابة،
والرَّباوة، والرَّبا.
وفي أمالي ثعلب يقال: سُويداء قلبه، وحبَّة قلبه، وسواد قَلْبه،
وسَوَادة قَلْبهِ، وجُلْجُلان قلبه، وسَوْداء قلبه، بمعنى.
يقال: ضربه فهوَّره، وجَوّره، وقطّله، وقَعْطَله، وجَرْعَبه،
وبَرْكَعه، وجَعْفَلَه، وبَرْتَعه إذا صَرَعه.
يقال: نزلت بسَحْسحه، وعَقْوته، وعَرْصَته، وعَذِرَته، وساحَتِه،
وعَقاتِه، وعُقاره، وعِرَاقه، وعِرْقاته، وحَرَاه، وقَصاه.
وقال القالي في أماليه: حدثني أبو بكر بن دريد رحمه اللّه قال حدثني
أبو عبد اللّه محمد بن الحسين قال حدثنا المازني قال: سمعتُ أبا سِرَار
الغنَوي يقرأ: " وإذ قَتَلْتُم نَسَمَةً فادَّارَأْتُم فيها " . فقلت
له: إنما هي نفساً فقال: النَّسمة والنَّفْس واحد.
وفي الجمهرة: قال أبو زيد قلت لأعرابيٍّ ما المحبَنْطئ؟ قال: المتكاكئ.
قلت: ما المتكأكئ؟ قال: المتآزف. قلت: ما المتآزف؟ قال: أنت أحْمق.
النوع الثامن والعشرون معرفة الإتباع
قال ابنُ فارس في فقه اللغة: للعرب الإتباعُ؛ وهو أن تُتْبَع الكلمةُ
الكلمةَ على وزْنِها أو رَويِّها إشباعاً وتأكيداً.
ورُوِي أنه بعضَ العرب سُئِل عن ذلك، فقال: هو شيءٌ نَتِدُ به كلامنا.
وذلك قولهم: ساغِبٌ لاغِب، وهو خَبٌّ ضَب، وخَرابٌ يَباب. وقد شاركت
العَجَمُ العربَ في هذا الباب. انتهى.
وقد ألّف ابن فارس المذكور تأليفاً مستقلاًّ في هذا النوع، وقد رأيتُه
مرتَّباً على حروفِ المُعْجَم، وفاته أكثرُ مما ذكرَه، وقد اختصرتُ
تأليفَه وزدتُ عليه ما فاتَه في تأليف لطيفٍ سميتُه الإلماع في
الاتباع.
وقال ابنُ فارس في خُطْبَة تأليفه المذكور: هذا كتابُ الإتباع
والمُزَاوَجة وكلاهما على وجهين:
أحدهما أن
تكونَ كلمتان مُتَواليتان على رَوِيٍّ واحد. والوجهُ الآخرُ أن يختلف
الرَّوِيَّانِ؛ ثم يكون بعد ذلك على وجهين: أحدهما - أن تكونَ الكلمةُ
الثانيةُ ذات معنى.
والثاني - أن تكونَ الثانية غيرَ واضحةِ المعنى ولا بيِّنة الاشتقاق،
إلا أنها كالإتْبَاعِ لما قَبْلها. انتهى.
وقال أبو عبيد في غريب الحديث: في قوله صلى الله عليه وسلم في
الشُّبْرم إنه حارٌّ يارٌّ.
قال الكسائي: حارٌّ من الحرارة ويارٌّ إتباع، كقولهم: عطْشان نَطْشان،
وجائِع نائع، وحَسَن بَسن، ومثلُه كثيرٌ في الكلام؛ وإنما سُمِّي
إتباعاً؛ لأنّ الكلمةَ الثانية إنما هي تابعةُ للأولى على وجْه التوكيد
لها، وليس يتكلم بالثانية منفردةً؛ فلهذا قِيل إتْباع.
قال: وأما حديثُ آدم عليه السلام أنه استحرم حين قُتِل ابُنه، فمكث
مائة سنةٍ لا يضحَك، ثم قيل له: حيَّاك اللّه وبيَّاك. قال: وما
بيَّاك؟ قيل: أضْحَكك. فإن بعضَ الناس يقول في بيَّاك إنه إتْباع؛ وهو
عندي على ما جاء تفسيره في الحديث إنه ليس بإتباع، وذلك أن الإتباع لا
يكادُ يكونُ بالواو، وهذا بالواو.
ومن ذلك قول العباس في زمزم: هي لشارب حِلّ وبِلّ، فيقال إنه أيضاً
اتباع، وليس هو عندي كذلك لمكان الواو.
وأخبرني الأصمعي عن المعتمر بن سليمان أنه قال: بلّ هو مُباح بلغة
حمير. قال: ويُقال: بلّ: شفاء، من قولهم: قد بلّ الرجل من مَرَضه وأبلّ
إذا برأ. انتهى كلام أبي عبيد.
وقال التاج السبكي في شرح منهاج البيضاوي: ظنّ بعضُ الناس أن التابعَ
من قبيل المترادِف لشَبَهه به، والحقُّ الفرق بينهما؛ فإن المترادفين
يفيدان فائدةً واحدة من غيرِ تَفاوت، والتابعُ لا يفيد وحْدَه شيئاً،
بل شرط كونه مفيداً تقدّم الأول عليه، كذا قاله الإمام فخر الدين
الرازي.
وقال الآمدي: التابعُ لا يفيد معنًى أصلاً؛ ولهذا قال ابن دريد: سألتُ
أبا حاتم عن معنى قولهم بسن، فقال: لا أدري ما هو.
قال السبكي: والتحقيقُ أن التابع يفيد التَّقوية؛ فإن العرب لا تضعه
سُدًى، وجَهْلُ أبي حاتم بمعناه لا يضرّ، بل مقتضى: قوله إنه لا يدْري
معناه أن له معنى، وهو لا يَعْرِفه.
قال: والفرق بينه وبين التأكيد أن التأكيد يفيدُ من التقوية نَفْيَ
احتمال المجاز: وأيضاً فالتابعُ من شرطه أن يكون على زِنة المتبوع،
والتأكيد لا يكون كذلك.
وقال القالي في أماليه: الإتباعُ على ضربين: ضرب يكون فيه الثاني بمعنى
الأول؛ فيُؤْتى به توكيداً، لأنّ لفظَه مخالفٌ للأول؛ وضرب فيه معنى
الثاني غير معنى الأوّل؛ فمن الأول قولهم: رجل قَسِيم وسيم، وكلاهما
بمعنى الجميل. وضَئِيل بئيل؛ فالبَئيل بمعنى الضَّئيل، وجديد قَشِيب؛
والقشيب: هو الجديد، ومُضِيع مُسِيع؛ والإساعة هي الإضاعة؛ وشيطان
لَيْطان: أي لَصُوق لازم للشرّ من قولهم: لاطَ حبُّه بقلبي أي لَصِق.
وعَطْشان نَطْشان: أي قَلِق. وأسْوَان أتْوان: أي حزين متردّد يَذْهب
ويجيء من شدّة الحزن.
وقال ثَعْلَبُ في أماليه: قال ابنُ الأعرابي: سألتُ العرب أي شيء معنى
شيطان ليْطان؟ فقالوا: شيء نَتِد به كلامنا: نشدّه.
وقال
القالي في أماليه في قولهم: حَسَنٌ بَسَنٌ يجوز أن تكون النون في بَسنٍ
زائدة كما زادوها في قولهم امرأة خَلْبَن وهي الخَلاَّبة. وناقة
عَلْجَن من التَّعَلّج وهو الغِلَظ وامرأة سِمْعنّة نِظْرنّة وسُمْعنّة
نُظْرنّة إذا كانت كثيرة النظر والاستماع، فكأن الأصل في بَسَنِ بسّا
وبسٌّ مصدر بَسَسْت السويق أبُسُّه بساً .فهو مَبْسوس إذا لتّته بسمن
أو زيت ليكمل طِيبُه، فوُضِع البَسَّ في موضع المبسوس وهو المصدر؛
كقولهم هذا درهمٌ ضَرْب الأمير، أي مَضْرُوبه. ثم حُذِفت إحْدى
السِّينين تخفيفاً، وزيد فيه النونُ، وبُني على مثال حَسَن، فمعناه
حَسن كامل الحُسْن، قال: وأحْسَنُ من هذا المذهب الذي ذكرناه أن تكون
النون بدلاً من حَرْف التضعيف لأن حروف التضعيف تبدل منها الياء مثل
تظنّيت وتقصّيت لأنّ الياء والنون كلاهما من حروف الزيادة ومن حروف
البدل، وآثروا هنا النون على الياء لأجل الإتباع؛ إذ مذهبُهم فيه أن
يكون أواخرُ الكلم على لَفْظٍ واحد مثل القوافي والسَّجع، ولتكون مثل
حسن، وقولهم: حَسَن قَسَنٌ فَعُمِل فيه ما عمل في بسَن على ما ذكرنا
والقسُّ تَتَبُّع الشيء وطلبه وتطلبه فكأنه حَسَنٌ مَقْسُوس أي
مَتْبُوع مطلوب. انتهى.
ذكر أمثلة من الإتباع
قال ابن دُريد في الجمهرة: باب جمهرة من الإتباع يقال: هذا جائِع نائِع
والنَّائع المُتمايل. قال: مُتأوِّد مثل القضيب النَّائع.
وعَطْشان نَطْشان من قولهم: ما به نَطيش أي حركة. وحَسَن بَسَن.
قال ابنُ دريد: سألت أبا حاتم عن بَسَن فقال: لا أدري ما هو؟ ومليح
قَزِيح من القزْح وهو الأبْزار. وقَبِيح شَقيح من شَقَّحِ البُسْرُ إذا
تغيَّرت خُضْرَته ليحمرّ أو ليصفر وهو أقبح ما يكون حينئذ. وشَحِيح
بَحيح بالباء من البحّة ونَحيح بالنون من نحَّ بحمله. وخَبيث نَبيث
كأنه يَنْبُثُ شَرَّه أي يستخرجه. وشَيطان لَيْطان. وخَزْيان سَوْآنُ.
وعَيٌّ شوِيّ، من شَوي المال أي رديئه. وسَيْغٌ لَيْغ، وسائِغٌ لائغ.
وهو الذي يَسُوغ سهلاً في الحَلْق. وحارٌّ يَارٌّ، وحَرَّانٌ يَرَّان،
وكَثِير بَثِير، وبَذِير عَفِير يوصف به الكثرة. وحقيرٌ نَقِير. وتقول
العرب: اشتبكت الوَبْرة والأرْنَب، فقالت الوبرة للأرْنب: أرَانِ
أرَانْ، عَجُز وكتفان، وسائرك أُكْلَتان، فقالت الأرنبُ للوبرة: وَبْر
وَبْر، عَجُز وصدر، وسائرك حَقِرٌْ نَقِرٌ، وضَئِيل بَئِيل، وخَضِر
مَضِر. وعِفْريت نِفْريت، وعِفْرِيَةٌ نِفْرِية، وفَقِهِ نَقِه، وكَزّ
لَزٌّ، وواحد قاحِد، وقالوا فارد، ومائِق دائق، وحائِرَ بائر، وسَمِج
لَمِج، وشَقِيح لَقِيح؛ فهذه الحروف إتباع لا تفرد.
وتجيء أشياء يمكن أن تُفرد؛ نحو قولهم: غَنيّ مَلي، وفَقِير وَقير.
والوَقْرُ: هَزْمَةٌ في العظم. وجَديد قشيب. وخائب هائب. وما لَه عالَ
ولا مالَ. ولا بارك اللّه فيه ولا دارَك. وعَرِيض أرِيض. والأريض:
الحَسَن. وثَقِفٌ لَقِف أي جيّد الالْتفاف. وخَفِيف ذَفِيف: أي سريع.
فأما قولهم: حِلّ وبِلّ. فالبِلّ: المباح - زعموا. وقولهم: حيّاك اللّه
وبيّاك، فبيّاك: أضحكك - زعموا، وقال قوم: قرّبك، وأنشدوا:
لما تَبَيَّيْنَا أبا تميم ... أعطى عطاء الماجِدِ الكريم
وقال في موضع آخر من الجمهرة: وأما قولهم: حِلّ وبِلّ، فقال قومٌ من
أهل اللغة: بلّ إتباع.
وقال قوم: بل - البلّ: المباح لغة يمانية، زاد ابنُ خالويه وقيل: بل
شفاء.
وعقد أبو عبيد في الغريب المصنف باباً للإتباع؛ فمما ذكر فيه:
عَييٌّ
شَييٌّ، وبعضهم يقول شَوِيٌّ، وما أعياه وأشياه وأشواه، وجاء بالغيّ
والشّي. وأحْمقُ فاكٌّ تاكٌّ، وضالّ تال. وجاء بالضَّلالة والتَّلالة،
وهو أسْوان أتْوان. أي حزين، وسَلِيخ مَلِيخ أي لا طَعْمَ له، وما لَه
ثل وغل. يدعو عليه، وما لَه عافطة ولا نافِطة. فالعافطة: العَنْز تعفط:
تَضْرط، والنافِطة اتْباع. وحَظِيَتْ المرأة عند زوجها وَبظيت. ورجل
حاذِقٌ باذِق. وشيء تافِهٌ نافِهٌ، أي حَقِير. ورجل سَهْدٌ مَهْدٌ، أي
حسن. وما به حَبَضٌ ولا نَبض أي ما يتحرّك. ورطب صَقِرٌ مَقِرٌ أي له
صَقر وهو عَسَله. وما له حَمٌ ولارَمٌ ولا حُمٌ ولا رُمٌ أي ماله شيء.
وما له سَبَد ولا لَبَد، وهو أشِر أفرٌ وأشْران أفْران، وإنه لَهذِرٌ
مَذِر، وعين حَدْرَة بَدْرة. أي عظيمة، ورجل سَدْمان نَدْمان. وخازِباز
صوت الذّباب. ويقال: حَسَنٌ بَسَنٌ قَسَنٌ، ولا بارك اللّه فيه ولا
تارَك ولا دارَك. انتهى.
وقد استفيد من المثالين الأخيرين أن الإتباع قد يأتي بلفْظين بعد
المتبع كما يأتي بَلْفظٍ واحد.
وفي الجمهرة أيضاً يقولون: شَغِب جَغِبُ، وجَغِب إتباع لا يُفْرَد،
ولَحْمُه حظَا بظاَ إذا كان كثيراً، ولا يفرد بَظَا. هكذا يقول
الأصمعي. ووقع فلان في حيْصَ بَيْص وفي حِيصَ بِيْصَ ولا يُفْرَد، إذا
وقع في ضيق أو فيما لا يتخلّص منه. وجيء به من حَوْث بوْث بتثليث حركة
الثاء أي من حيثُ كان. وجاء فلان بحَوث وبوْث أي بالشيء الكثير، ويوم
عَكّ أكّ وعَكِيك أكِيك: شَديدُ الحرّ، وتركهم هَتًّا بتًّا: كسرهم.
وفي كتاب إلماع الإتباع لابن فارس: رجل خَيّاب تيّاب، وإنه لمجرّب
مُدَرّب، وخائب لائِب، وطَبٌّ لَبّ أي حاذِق، وحَرِب جَرِب مُتَوجّع،
وامرأة خَفُوت لَفُوت ساكنة، وفرس صَلَتان فَلَتان نشيط، وأحمق هَفات
لفات خفيف، وتركت خيلُنا أرض بني فلان حَوْثاً بَوْثاً، أثارتها. وهو
سَمِيج لمِيج، وسمهج لمهج أي حُلْوٌ دَسْم، وما لي فيه حَوْجاء ولا
لَوْجاء، ورجلٌ خلاجة ولاجة، وفرس غَوْج مَوْجٌ: وَاسِع الخَطْو، وشيء
خَالِد تَالِد، وشيء شَذّ فذّ بذّ، ورأس زَعِر مَعِر: قليل الشّعر، وهو
عَزِيز مَزِيز، وهُمَزة لُمزة، وجاء بالمال من حسه وبسّه، ورجل ناعِس
واعس، وأعْمَش أرْمَش، ولا مَحيص عنه ولا مَقِيص، ولحم غَرِيض أنِيض،
وهو غَضّ بَضّ ند، وكَثُر الهِياط والمِياط، أي العلاج، وشائع ذائع،
وهَائع لائع، وهاعٍ لاعٍ: جَبان، وصمعة لمعة ذكيّ، وأفّ وتُفّ، وضعيف
نَعِيف، وطلق ذلق، وسنامٌ سامك تامِكٌ، أي مرتفع، وهو نذل رذْل، وحَشْل
فَسْل: دُون، وذهب الضَّلاَل والألال، وناقة حَائِل مائل، وعَلْجَم
خَلْجَم للطَّويل الضَّخْم، وخِيم بالمكان ورِيم، ورجل عَيْمان أيْمان:
فاقدُ الصّبر، ورجل مهين وهين، وزَمِن ضَمِن، وخازن مازِن، وهيِّن
ليّن، وحَزْن شَزْن: وَعْر صَعْب.
وفي تذكرة الشيخ تاج الدين بن مكتوم بخطه: رجل حقرت نقرت، ودَعِب
لَعِب، وخَصِيٌّ بَصِيّ، وفَدْم سَدْم، وعَوِز لَوِز، وَطَبِنٌ تَبنٌ،
ومُخْرنْطم مبرنطم، وهُلَعة بُلعة، وهشّ بَشّ، وشديد أديد، وأعطيت
المال سَهْواً رَهْواً، وخاشَ ماشَ، وهو المتاع.
وفي أمالي ثعلب: قال اللحياني يقال: مليةٌ سليةٌ، وعَابِس كابس،
ورَغْماً دَغْماً شِنَّغْماً وإنه لفظّ بَظّ. وهو لك أبداً سَمْداً
سَرْمداً، وإنه لشَكِسٌ لَكِس، شكس أي سيِّئ الخلق، ولكس أي عسير.
ويقال للخبّ الخبيث: إنه لسَمَلَّع هَمَلّع وهو من نعت الذئب، وله من
فَرَقَه كَصِص وأصِيص أي انقباض وذُعْر، وإنه لأحْمَق بِلْغٌ مِلْغ،
وإنه لَمِعفِتٌ مِلْفِت، إذا كان يَعْفِت في كل شيء ويَلْفِته أي يدقه
وَيكْسره. وإنه لسَغِلٌ وغِلٌ، وما عنده تعريج على أصحابه ولا تَعْويج،
أي إقامة.
ويقال: حارٌّ جارٌّ يارٌّ إتباع، ويقال: إنه لتاكٌّ فاكٌّ ماجّ لا
ينبعثُ من الكِبَر، يعني البعير، وقد يوصف به الرجل. ويقال: رجل صَيِّر
شَيِّرٌ إذا كان حسن الصّورة حسن الثياب.
وفي أمالي القالي: يقولون شَقِيح لَقِيح. وكثيرٌ بذير. كثير بَجير.
ووَحِيد قَحِيد. وواحد قاحد. ولحِزٌ لَصِبٌ. فاللحز: البخيل، واللصَب:
الذي لزم ما عنده. ووتِحٌ شقِن. ووتِيحٌ شقِين أي قليلٌ. وخاسِر
دَامِر. وخاسِر دَابر. وخسِر دَمِر. وخَسِر دَبِر. وفَدْم لَدْم أي
بليد. ورطب ثعد معد أي ليّن. وجاؤوا أجمعين. فيقولون: أجمعون أكتعون
أبْصعون. وضيِّقٌ ليِّقٌ. وضيِّقٌ عيِّق. وسِبَحْل رِبحْل. أي ضخم.
وأشقَّ أمق، أي طويل.
وفي ديوان الأدب للفارابي: أُذُن حَشْرة مَشْرةٌ: لطيفة حسنة، ورجل
قَشِب خشب إذا كان لا خير فيه، إتباع له. وذهب دمُه خضِراً مَضِراً،
إتباع له أي باطلاً. ويقال: أحمق بِلْغٌ مِلْغ، إتباع له، وقد يفرد.
قال رؤبة:
والمِلْغُ يَلْكَى بالكلام الأملغ
فأفرد الملغ. فدل على أنه ليس باتباع. ويقال: ذهبت أبله شَذر مَذَر
بَذر إذا تفرّقت في كل وَجْه، وكذا تفرّقت إبلهُ شَغر بَغر، ومذر
اتباعٌ له، ومكان عمير بجِير إتباع له.
وفي الصحاح: فلان في صَنْعَته حاذِق باذق، وهو اتباع له، ورجل وَعِقٌ
لَعِق، اتباع: أي حريص.
وفي الجمهرة: عَجُوز شهلة كهْلة، إتباع له لا يُفْرد.
وفي مختصر العين: رجل كِفِرّين عِفِرّين، أي خبيث.
وفي الصحاح: إنه لجَوّاس عوّاس، أي طلاّب بالليل، ورجل أخْرس أضرس،
اتباع له. وشيءٌ عريض أريض، إتباع له، وبعضهم يُفْرده. ورجل كَظّ لظّ
أي عَسِر متشدّد، ومكان بَلْقَع سَلْقع وبلاقِع سَلاقِع، وهي الأراضي
القِفار التي لا شيء بها، قيل هو سلقع إتباع لبَلقع لا يُفْرَد. وقيل
هو المكان الحزن، وضائع سائع. ورجل مِضْياع مسْياع للمال. ومُضيع
مُسِيع. وناقة مسياع مرياع تذهب في المرْعَى وترجع بنفسها. وشفَةٌ
باثعة كاثِعة. أي ممتئلة محمرة من الدَّم. ورجل حَطِئ نطئ: رذْل.
فائدة - قال ابن الدّهان في الغرة في باب التوكيد: منه قسم يسمى
الإتباع، نحو عَطْشان نطْشان، وهو داخلٌ في حكم التوكيد عند الأكثر؛
والدليلُ على ذلك كونه توكيداً للأول غيرَ مبيّن معنى بنفسه عن نفسه،
كأكتع وأبْصع مع أجمع، فكما لا يُنْطق بأكتع بغير أجمع، فكذلك هذه
الألفاظ مع ما قبلها؛ ولهذا المعنى كررت بعض حروفها في مثل حَسَن بَسن،
كما فعل بأكتع مع أجمع، ومنْ جعلها قسماً على حِدَة حُجّته مفارقتها
أكتع لجريانها على المعرفة والنكرة بخلاف تلك، وأنها غيرُ مفتقرة إلى
تأكيد قبلها بخلاف أكتع.
قال: والذي عندي أن هذه الألفاظ تدخل في باب التأكيد بالتكرار نحو رأيت
زيداً زيداً، ورأيت رجلاً رجلاً، وإنما غُيِّر منها حرف واحد لما
يجيئون في أكثر كلامهم بالتكرار، ويدلُّ على ذلك أنه إنما كرر في أجمع
وأكتع العين، وهنا كُررت العين واللام نحو حَسَن بسن وشيطان ليْطان،
وقال قوم: هذه الألفاظُ تسمى تأكيداً وإتباعاً.
وزعم قوم: أن التأكيد غير الإتباع، واخُتِلف في الفرق فقال قوم:
الإتباع منها ما لم يحسن فيه واو؛ نحو حَسن بَسَن وقَبِيح شَقِيح،
والتأكيد يحسنُ فيه الواو نحو حِلّ وبِلّ.
وقال قوم: الإتباع للكلمة التي يختص بها معنى ينفرد بها من غير حاجة
إلى متبوع. |