المزهر

النوع التاسع والعشرون معرفة العام والخاص
فيه خمسة فصول:
الفصل الأول


العامُّ الباقي على عُمُومه؛ وهو ما وُضِع عامًّا واستعمل عامّاً، وقد عقَد له الثَّعالبي في فِقْه اللغة باب الكليات، وهو ما أطْلق أئمة اللغةِ في تفسيره لفظةَ الكل؛ فمن ذلك، كلّ ما عَلاك فأظلَّك فهو سماء. كلُّ أرضٍ مستوية فهي صَعِيد. كلُّ حاجزٍ بين شيئين فهو مَوْبق. كلّ بناء مربّع فهو كَعبة. كلّ بناء عال فهو صَرْح. كل شيء دَبّ على وجه الأرض فهو دابّة. كلُّ ما امْتِيرَ عليه من الإبل والخيل والحمير فهو عِير. كل ما يُستعار من قَدُوم أو شَفْرة أو قِدْر أو قَصْعةٍ فهو ماعُون. كل بستان عليه حائط فهو حَدِيقة. كل كريمة من النساء والإبل والخيل وغيرها فهي عقيلة. كل طائر له طوْق فهو حمام. كلُّ نبت كانت ساقُه أنابيب وكعوباً فهو قَصب. كل شَجر له شوْك فهو عَضاه. كل شجر لا شوك له فهو سَرْح. كلُّ بقعة ليس فيها بناء فهي عَرْصة. كل مُنفرج بين جبال وآكام يكون منفذاً للسيل فهو واد. كلُّ مدينة جامعة فهي فُسطاط. كل ما يُؤْتدم به من زَيْت أو سمن أو دُهن أو ودَك أو شَحْم فهو إهالة. كلّ ريح لا تحرّك شجراً ولا تعفّى أثراً فهي نَسيم. كل صانع عند العرب فهو إسكاف. كلُّ ما ارتفع من الأرض فهو نجد.
وقال ابن خالويه في شرح الفصيح: قال أبو العباس أخبرت عن أبي عبيدة أنه قال قال رُؤْبة بن العجاج: كل ما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو فيءٌ وظِلٌّ، وما لم تكن عليه الشمس فهو ظِلّ.
الفصل الثاني
في العام المخصوص، وهو ما وُضع في الأصل عامّاً، ثم خُصّ في الاستعمال ببعض أفراده - مثاله عزيز - وقد ذكر ابن دُرَيد أن الحجّ أصله قصْدُ الشيء وتجريدك له، ثم خُصّ بقَصْدِ البيت، فإن كان هذا التخصيص من اللّغة صلح أن يكون مثالاً فيه، وإن كان من الشرع لم يصلُح؛ لأنّ الكلام فيما خصته اللّغة لا الشَّرْع.
ثم رأيت له مثالاً في غاية الحُسْن، وهو لفظ السَّبت، فإنه في اللغة الدَّهْر، ثم خُصَّ في الاستعمال لغةً بأحدِ أيام الأُسبوع، وهو فردٌ من أفراد الدّهر.
ثم رأيت في الجمهرة: رثُّ كلّ شيء خَسيسه، وأكثر ما يستعمل فيما يلبس أو يفترش، وهذا مثالٌ صحيح.
وفيها: ثَمَمت الشيء إذا جمعته أثمُّه ثَمّاً، وأكثر ما يستعمل في الحشيش، وخَمّ اللحم وأخَمّ، وأكثر ما يستعمل في المطبوخ أو المشْوِيّ، فأما النيء فيقال صَلّ وأصَلَّ، وقزّت نفسي عن الشيء قزًّا إذا أبَت، لغة يمانية، وأكثرُ ما يستعمل في معنى عِفْتُ الشيء. ونَضّ الشيء ينض نضّاً وهو أن يمكنك بعضه، وقولُهم: هذا أمر ناضّ أي ممكن، وأكثرُ ما يستعمل أن يقال ما نَضّ لي منه إلاَّ اليسير، ولا يُومَأ بذلك إلى الكثير، ويقال بأرْضِ بني فلان طُمَّة من الكَلأ، وأكثر ما يُوصف بذلك اليبيس.
والرَّضْراض: الحَصَى، وأكثر ما يُستعمل في الحصى الذي يَجْرِي عليه الماء.
وفي الغريب المصنف: قال أبو عمر: والسِّبْت كلُّ جلد مدبوغ، وقال الأصمعي: هو المدبوغ بالقَرظ خاصة.
قال الأصمعي: إذا كان الثوب مصبوغاً مشبعاً فهو مُفْدَم، وعن الكسائي لا يقال: مفدم إلا في الأحمر.
وفي الجمهرة الخَطّ: سِيفُ البَحْرين وعُمَان.
قال بعض أهل اللغة: بلْ كلّ سيف خطّ.
والزِّف: رِيشٌ صغير كالزَّغَب، وقال بعض أهل اللغة: لا يكون الزِّف إلا للنّعام.
والشك: انتظام الصيد وغيره بالسّهم أو الرّمح، وقال قوم: لا يكون الشّك إلا أن يجمع بين شيئين بسَهْم أو رُمح، ولا أحسب هذا ثبتاً.
وفي أمالي القالي: الزِّبْرِج: السّحاب الذي تَسْفِرهُ الريح، هذا قول الأصمعي.
وقال ابن دريد: لا يقال فيه زبرج إلا أن يكون فيه حمرة.
وفي الكامل للمبرد: العِهْن: الصوف الملوّن، هذا قول أكثرُ أهل اللغة.
وأما الأصمعي فقال: كلّ صوفٍ عِهْن، والحنْتَم: الخزَف الأخضر.
وقال الأصمعي: كلُّ خزف حَنْتم.
الفصل الثالث
فيما وضع في الأصل خاصاً ثم استعمل عاماً


عقد له ابنُ فارس في فقه اللغة: باب القول في أصول الأسماء، قيسَ عليها وأُلْحِق بها غيرُها. ثم قال: كان الأصمعي يقول: أصلُ الوِرْد إتْيَان الماء، ثم صار إتيانُ كُلِّ شيء وِرْداً، والقُرْبُ: طلبُ الماء، ثم صار يُقال ذلك لكلِّ طلَب؛ فيقالُ: هو يقربُ كذا أي يطلبُه، ولا يقرب كذا، ويقولون: رفع عَقِيرته أي صوته، وأصلُ ذلك أن رجلاً عُقِرَتْ رِجْله فرفعها، وصاح؛ فقيل بعدُ لكلّ من رَفع صَوْته: رفع عَقيرته، ويقولون: بينهما مَسَافة، وأصلُه من السَّوْف وهو الشمُّ، ومثل هذا كثير.
قال ابن فارس: وهذا كلُّه توقيفٌ، وقولهم: كَثُر حتى صار كذا، على ما فسّرناه؛ من أن الفرعَ موَقّف عليه كما أن الأصلَ موقف عليه. انتهى.
وقد عقد ابن دُريد في الجمهرة لذلك باباً ترجم له باب الاستعارات: وقال فيه: النُّجْعَة أصلُها طلبُ الغيث، ثم كَثُرَ فصار كلُّ طلب انتجاعاً، والمَنيحةُ أصلُها أن يُعْطَى الرجلُ الناقَةَ، فيشرب لبنَها أو الشاةَ، ثم صارت كلُّ عطيةٍ منيحة.
ويقال: فَلَوْت المهر إذا نَتَّجْتُه، وكان الأصل الفطام، فكثر حتى قيل للمنتج مُفْتلي.
والوَغَى: اختلاطُ الأصوات في الحرب، ثم كثُر فصارت الحرب وَغى، وكذلك الوَاغِية.
والغَيْث: المطرُ، ثم صار ما نَبَت بالغيث غيثاً.
والسماء: المعروفة، ثم كثُر حتى سُمّي المطرُ سماء، وتقول العرب: ما زِلْنا نطأُ السماءَ حتى أتيناكم: أي مواقع الغيث.
والنَّدى: المعروف، ثم كثر حتى صار العُشْب ندَى.
والخُرْسُ ما تُطْمعه المرأةُ عند نِفَاسها، ثم صارت الدعوةُ للولادة خُرْساً. وكذلك الإعذار للخِتَان، وسُمّي الطعامُ للخِتَانِ إعذاراً.
وقولهم: ساقَ إليها مهرَها في الدراهم، وكان الأصلُ أن يتزوَّجوا على الإبل والغنم فيسوقونها، فكثُرَ ذلك حتى اسْتُعْمِل في الدراهم.
ويقولون: بَنَى الرجلُ بامرأته إذا دخلَ بها، وأصلُ ذلك أنَّ الرجلَ كان إذا تزوَّج يُبْنَى له ولأَهله خباءٌ جديد، فكثرَ ذلك حتى استُعْمِل في هذا الباب.
وقولهم: جزَّ رأسَه، وإنما هو شعرُ رأسِه، وأخذَ من ذَقنه، أي من أطراف لِحْيَته، فلما كانت اللحيةُ في الذَّقَن استُعْمِل في ذلك.
والظَّعينة: أصلُها المرأة في الهَوْدَج، ثم صار البعيرُ ظَعينةً، والهودَجُ: ظعينة.
والخَطْر ضربُ البعير بذَنَبه جَانبي وركيه، ثم صار ما لَصقَ من البَول بالوركين خَطْراً.
والرَّاوية: البعيرُ الذي يُسْتَقَى عليه، ثم صارت المزادة راوية.
والدَّفْنُ: للميت، ثم قيل دَفَن سرَّه إذا كتَمَه.
والنَّوم للإنسان، ثم قيل: ما نامت الليلةَ السماءُ بَرْقاً، وقالوا: نام الثوبُ إذا أخْلق.
وقالوا: همدَت النار، ثم قالوا: همدَ الثَّوب إذا أخلق.
وأصل العَمَى في العين، ثم قالوا: عميت عنا الأخبار إذا سُترت عنا.
والرَّكْض: الضَّرْب بالرجل، ثم كثر حتى لزم المركوب، وإن لم يحرّك الراكب رِجْله، فيقال: ركضت الدابة، ودفع ذلك قومٌ فقالوا: ركضت الدّابة لا غير، وهي اللغة العالية.
والعقيقة: الشَّعر الذي يخرج على الولد من بَطْن أمه، ثم صار ما يُذْبح عند حَلقِ ذلك الشعر عقيقة.
والظّمأ: العطش وشهوة الماء، ثم كثر حتى قالوا: ظمئتُ إلى لقائك.
والمجد: امتلاء بطن الدَّابة من العلف، ثم قالوا: مجد فلان فهو مَاجد: إذا امتلأ كرماً.
والقفر: الأرض التي لا تُنْبِت شيئاً ولا أنيسَ بها، ثم قالوا: أكلت طعاماً قَفْراً بلا أُدْم وقالوا: امرأة قَفْرة الجسم: أي ضئيلة.
والوَجُور: ما أوْجَرته الإنسان من دَواء أو غيره، ثم قالوا: أوْجَره الرمح إذا طَعَنه في فيه. والغَرْغَرة أن يردّد الرجلُ الماء في حَلْقه فلا يُسِيغه ولا يمجّه وكثُر ذلك حتى قالوا: غَرْغَرَه بالسّكين إذا ذبحه، وغَرْغَره بالسِّنان إذا طعنه في حَلْقه، وتغَرغرت عينهُ إذا تردّد فيها الدّمع.
والقَرْقَرة: صفاء هَدِير الفحل، وارتفاعه، ثم قيل للحسَنِ الصوتِ: قَرْقار.
والأفْن: قلةُ لبن الناقة، ثم قالوا: أفن الرجل إذا كان ناقِصَ العقل فهو أفين ومأْفُون.
والحِلْس: ما طُرِح على ظَهْر الدابة نحو البَرْذَعَة، ثم قيل للفارس الذي لا يُفارق ظَهْر دابته حِلْس، وقالوا: بنو فلان أحْلاس الخيل.
والصبْرُ: الحَبْس، ثم قالوا: قُتل فلانٌ صبراً: أي حُبس حتى قُتل.


والبَسْر: أن تلقح النخلة قبل أوانها، وبسَرَ الناقة الفحل ضَرَبها قبل ضَبَعتِها، ثم قيل: لا تَبْسُر حاجتك، أي لا تطلبها من غير وجهها. هذا ما ذكره ابنُ دريد في هذا الباب.
وقال في أثناء الكتاب: البأسُ: الحرب؛ ثم كَثُر حتى قيل: لا بأسَ عليك، أي لا خوف عليك.
والصُّبَابَةُ: باقي ما في الإناء، وكثر حتى قيل: صُبابات الكَرَى أي باقي النَّوْم في العين.
والرَّائد: طالب الكلأ، وهو الأصل؛ ثم صار كلُّ طالب حاجة رائداً.
والنَّيرَب: أصله النميمة، ثم صار كالداهية.
والحَوْبُ: البعير، ثم كثُرَ ذلك فصار حوبُ زَجراً للبعير.
ويقال: بُرْتُ الناقَة على الفَحْل أبُورُها بَوْراً: إذا عرضتَها عليه لتنظرَ ألاقِحٌ هي أمْ حائل. ثم كثر ذلك حتى قالوا: بُرْت ما عندك أي بَلَوْتُه. ودَرْدَق: صِغَارُ الناس، ثم كثر حتى سمُّوا صغارَ كلّ شيء دَرْدَقاً.
والكِدَّة: الأرضُ الغليظة؛ لأنها تَكُدّ الماشِيَ فيها، وكثر الكدّ في كلامهم، حتى قالوا: كَدّ لسانه بالكلام، وقلبه بالفِكْر.
والحوَّة: شِية من شِيات الخيل، وهي بين الدّهْمَة والكمْتَهَ، وكثر هذا في كلامهم حتى سمّوا كل أسودَ أحْوى؛ فقالوا: ليل أحْوَى، وشَعْرٌ أحوى.
ويقال: ارْم الصيد فقد أكْثَبَك أي دَنَا منك، وقد كثُر في كلامهم حتى صار كلُّ قريب مُكْثِباً.
والنّابث: الحافر، ثم كثُر في كلامهم حتى قالوا: ينبث عن عيوب الناس أي يُظْهِرها.
والرُّضاب: تقطّع الريق في الفم، وكثُر حتى قالوا: رُضاب المُزْن، ورُضَاب النحل.
وبَسَق النَّبت: إذا ارتفع وتمّ، وكلُّ شيء تمَّ طوله فقد بَسق، ومنه بسَقت النخلة وكثُر ذلك، حتى قالوا: بسَق فلان في قومه إذا علاهم كرَماً.
وأصل البَشَم: التُّخَمة للبهائم خاصة، ثم كثر حتى استعمل في الناس أيضاً.
وانْبَعَق المطر: إذا اشتد، وكثر ذلك في كلامهم حتى قالوا: انْبَعَق فلانٌ علينا بكلام.
وقال القالي في أماليه: الخَارِب: سارق الإبل خاصّة، ثم يستعار فيقال: لكل من سرَق بعيراً كان أو غيره.
قال أبو جعفر النحاس في شرح المعلقات: قيل إنما سميت الخمر مدامة لدَوَامها في الدّن، وقيل لأنه يُغْلى عليها حتى تسكن، لأنه يقال دام: سكن وثبت. فإن قيل: فهل يقال لكل ما سكن مدام؟ قيل: الأصل هذا، ثم يخص الشيء باسمِهِ.
الفصل الرابع
فيما وضع عاماً واستعمل خاصاً ثم أفرد لبعض أفراده اسم يخصه عقد له الثعالبي في فقه اللغة فصلاً فقال: فصل في العموم والخصوص.
البُغْض عامٌّ، والفِرْك فيما بين الزوجين خاصّ، التَّشهِّي عام، والوَحَم للحُبْلَى خاصّ. النَّظر إلى الأشياء عام، والشَّيْمُ للبرقِ خاص. والاجتلاء عام، والجِلاء للعروس خاص. الغَسْل للأشياء عام، والقِصارة للثوب خاص. الغسل للبدن عام، والوضوء للوجه واليدين خاص. الحَبْلُ عام، والكُرُّ للحبل الذي يُصْعَد به إلى النَّخْلِ خاص. والصُّراخ عام، والوَاعية على الميّت خاصّة. العَجُز عام، والعَجيزةُ للمرأة خاص. الذَّنَب عام، والذُّنابَى للفرس خاص. التَّحْريك عام، والإنْغاضُ للرأسِ خاص. الحدِيثُ عام، والسَّمَر بالليل خاص. والسَّيرُ عام، والإدلاج والسُّرَى بالليل خاص، النَّوْمُ في الأوقات عامٌّ، والقَيْلُولةُ نصفُ النهار خاص. الطَّلَبُ عام. والتَّوَخّي في الخير خاصّ. الهربُ عام، والإباق للعبيد خاص، الخَرْرُ لِلْغَلات عام، والخَرْصُ للنّخْل خاص. الخِدْمَة عامة، والسّدَانة للكَعْبَة خاص. الرائحة عامة، والقُتَار للشواء خاص. الوَكْرُ للطَّير عام، والأُدْحِيّ للنَّعام خاص. العَدْو للحيوان عام، والعَسَلان للذئب خاص. الظَّلْع لما سوَى البشر عام، والخَمْعُ لِلضَّبُع خاص.
وما لم يذكره الثعالبي: قال ابنُ دريد: الصَّبابة: رقَّةُ الهوى، والحب، وقال نفطويه: الصّبابة: رِقّة الشوق، والعشق: رقّة الحب، والرأفة: رقة الرحمة.
وقال أبو عبيد في الغريب المصنف: سمعت الأصمعي يقول: الرَّبْع هو الدار حيث كانت، والمَرْبَع في الربيع خاصة، والعَقار: المنزل في البلاد، والضياع، والمُنتَجع: المنزل في طلب الكلأ. الفمُ: واحد الأفواه للبشر، وكل حيوان، وأفواه الأزقة خاصّة، واحدها فُوّهة مثال حمرة، ولا يقال فم، قاله الكسائي.


وفي الجمهرة: فُوّهة النهر: الموضع الذي يخرج منه ماؤه، وكذلك فوّهة الوادي، قال: وأفواه الطيب واحدها فوه.
وفي الجمهرة: الفَحِيح من كل حيّة، وهو صَوتُها من فيها، والكشِيش للأفعى خاصة، وهو صوت جِلْدِها إذا حكّت بعضَه ببعض.
وفي مَقَاتل الفُرْسان لأبي عبيدة: السَّهَر في الخير والشر، والأرَق لا يكون إلا في المكروه وحْدَه.
الفصل الخامس فيما وضع خاصاً لمعنى خاص
عقد له ابن فارس في فقه اللغة باباً فقال: باب الخصائص، للعرب كلامٌ بألفاظٍ، تختصُّ به مَعَانٍ لا يجوزُ نقلُها إلى غيرها، تكونُ في الخَير والشَّر والحسَن وغيره، وفي الليل والنهار وغير ذلك: من ذلك قولهم: مكانك قال أهل العلم: هي كلمةٌ وُضعَت على الوعيد، قال اللّه جلّ ثناؤه: " مكانكم أنتم وشركاؤكم " كأنه قيل لهم: انتظروا مكانكم حتى يفصل بينكم، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ما حملكم على أن تتتايعوا في الكذب كما يتتايع الفراش في النار.
قال أبو عبيد: التتايع التهافت، ولم نسمعه إلا في الشر، وأوْلَى له، تهديد ووعيد.
ومن ذلك ظلَّ فلان يفعل كذا إذا فعله نهاراً. وبات يَفْعَلُ كذا إذا فعلَه ليلاً.
وقال المبرّد في الكامل: التأويب: سيرُ النهار لا تعريج فيه، والإسآد: سيرُ الليل لا تَعْريس فيه.
ومن الباب (وجعلناهم أحاديث) أي مثّل بهم، ولا يُقَال في الخير.
ومنه: " لا عُدْوَان إلا على الظالمين " .
ومن الخصائص في الأفعال قولهم: ظننتني، وحسبتني، وخِلْتني، لا يقال إلا فيما فيه أدنى شك، ولا يقال ضَرَبْتَني، ولا يكون التأبين إلا مدْح الرجل ميتاً، ويقال: غَضِبت به إذا كان ميّتاً، والمساعاة: الزّنا بالإمَاء خاصة، والرّاكب: راكب البعير خاصّة، وأَلَحَّ الجمل، وخَلأَتْ الناقة، وحَرَن الفرس، ونَفَشَت الغنم ليلاً، وهملت نهاراً.
قال الخليلُ: اليَعْمَلَةُ من الإبل اسم اشتقَّ من العمل، ولا يقال إلا للإناث.
قال: والنعتُ وصفُ الشيء بما فيه من حُسْن، ولا يُقال في السوء.
وقال أبو حاتم: ليلة ذات أزِيز أي قُرٌّ شديد، ولا يقال يوم ذو أزيز.
قال ابنُ دريد: أشَّ القوم يؤشون إذا قام بعضُهم لبعض للشر لا للخير.
ومن ذلك: جززت الشاة، وحلَقْتُ العنز، لا يكون الحَلْق في الضأن، ولا الجزَّ في المِعْزَى. وخُفِضَتْ الجارية ولا يقال في الغلام، وحَقِب البعير إذا لم يستقم بَوْله لقَصْده ولا يَحْقَب إلا الجمل.
قال أبو زيد: أبْلَمَت البكرة إذا ورم حياؤها لا يكون إلا للبكرة، وعَدَنت الإبلُ في الحَمْض لا تعدُن إلا فيه، ويقال: غَطَّ البَعِيرُ: هَدَر، ولا يقال في الناقة. ويقال: ما أطيب قَدَاوَة هذا الطعام أي ريحه، ولا يقال ذلك إلا في الطبيح والشّواء، ولَقَعه ببَعْرَةٍ، ولا يقال بِغيرها، وفعلت ذلك قبلَ غيْرٍ وما جَرَى، ولا يتكلم به إلا في الواجب، لا يقال سأفعله قبلَ عَيْرٍ.
ومن الباب ما لا يقالُ إلا في النفي كقولهم: ما بها أرَم: أي ما بها أحد، وهذا كثير، فيه أبواب قد صنّفها العلماء. انتهى ما ذكره ابن فارس.
قلت: وكتاب فقه اللغة للثعالبي كله في هذا النوع، فإن موضوعه ذلك، وهو مجلّد جمع فيه فأوعى.
وهذه أمثلة منه ومن غيره قال في الجمهرة: البَوْشُ: الجَمْعُ الكثير، وقال يونس: لا يُقال بَوْش إلا أن يكون من قبائل شَتّى، فإذا كانوا من أبٍ واحد لم يسمّوا بَوْشاً.


الإياب: الرجوع، ولا يكون الإياب - زَعَموا - إلا أن يأتي الرجلُ أهلَه ليلاً، قال بعض أهل اللغة: الثَّناء في الخير والشر مَمْدود، أو الثَّنَاء لا يكون إلا في الذِّكر الجميل. حَلٍ في زَجْر الإبل، لا يكون إلا للنوق، وزجر الذكور جَاه بخلاف عاج فإنه لهما. ناقة نجاة وهي السريعة، ولا يُوصفُ بذلك الجملُ بخلاف ناقة ناجيةٌ فيقال للجمل أيضاً ناجٍ. الصُّوَاح: عَرَقُ الخيل خاصَّة. وقال قومٌ: بل العرقُ كله صُوَاح، والنُّوَادُ: التمايلُ من النعاس خاصة، ويومٌ أَرْوَنَان إذا بلغَ الغاية في الشدّة في الكَرْب، وكذلك ليلة أَرْوَنانة ولا يقال في الخير، والجعْبَة للنُّشاب خاصّة، والكنَانة للنبل خاصة، وفرس شَطْبَة طويلة، ولا يوصف به الذكر، والهِلْقِم: الواسع الأشداق من الإبل خاصة، وعيهل وعَيْهم: وَصْفان للناقةِ السريعة، قال قوم: ولا يوصف به إلا النوق دون الجمل. ويقال غلام فُرْهُود: وهو الممتلئُ الحسن،، ولا يوصف به الرّجل. والسُّرحُوب: الطويل من الخيل يوصف به الإناث خاصة دون الذكور، وكُعْبُور: العُجْرَة إذا كانت في الرأس خاصة، فإذا كانت في سائر الجسد فهي عُجْرة وَسِلْعة: وفرس قَيْدُود: طويلة؛ ولا يقال للذكر. وقارورة ما قرَّ فيه الشراب وغيره من الزُّجاج خاصة، والثَّلة: القَطيع من الضَّأْن خاصة، ويقال: بنو فلان سواء إذا استَوَوْا في خيرٍ أو شرّ. فإذا قلت: سََوَاسية لم يكن إلا في الشر، والخُباج: ضرَاط الإبل خاصّة، والخَرَابَة: سرقة الإبل خاصة، ولا يكادون يسمعون الخارِب إلا سارق الإبل خاصّة، وتَدابر القوم: إذا تقاطعوا وتعادَوا. قال أبو عبيدة: ولا يقال ذلك إلا في بني الأب خاصّة، والسَّارب: الماضي في حاجته بالنهار خاصة، وفي التنزيل: " وسَاربٌ بالنّهار " . وكبش أَلْيان: عظيمُ الألية، وكذلك الرّجل ولا يقال للمرأة، وإنما يُقال عَجْزاء. ويقال امرأة بَوصاء عظيمة العَجُز، ولا يقال ذلك للرّجل.
وذكر بعض أهل اللغة أنهم يقولون امرأة ثَدْياء، ولا يقولون رجل ثدِي. ورجلٌ بَزِيع ظاهر البَزَاعة إذا كان خفيفاً لَبِقاً ولا يوصف بذلك الأحداث، ونَزَب الظبي نزيباً إذا صاحَ، وهو صوتُ الذَّكر خاصة، ويقال في الأنثى خاصة: بغَمت الظّبية بِغاماً، ويوم عَصيب: شديدٌ في الشرّ، خاصة، والعَبَل: تَساقُطُ وَرقِ الشجر من الهدَب خاصة، نحو الأثل والطّرفاء والمَرْخ، ويقال: على فلان إبل وبقر وغنم، إذا كانت له؛ لأنها تَغْدُو وتروح عليه ولا يقال في غير ذلك من الأموال عليه؛ إنما يقال له.
وفي الغريب المصنف: الطَّرْف: العتيق الكريمُ من الخيل، وهو نعتٌ للذكور خاصّة. والنَّحُوص التي لا لَبَن لها من الأُتن خاصّة، واللَّجْبة والمُصِرَّة التي قلّ لبنها من المعز خاصّة، ومثلها من الضأن: الجَدُود.
وفي أمالي القالي: سبأت الخمر: اشتريْتُها، ولا يكونُ السباء إلا في الخمر وحْدَها.
وفي الصحاح: ناقة عَجْلَزَةٌ وفرس عَجْلَزة أي قوية شديدة، ولا يقال للذكر.
وعبارة القاموس: ولا يقال للذكر عَجْلَزٌ، نعم يقال: جمل علجز وناقة علجزة.
ويقال: غلام رُباعي وخماسي ولا يقال سُباعي؛ لأنه إذا بلغ سبعة أشبار صار رجلاً. والمُواعَسَة ضربٌ من سير الإبل، وهو أن تمدَّ عنقها وتوسِّع خَطْوها، وواعَسْنا: أدْلجنا، ولا تكون المُواعَسَةُ إلا بالليل.
وفي نوادر ابن الأعرابي: إذا هبَّت الريح في يوم غيم قيل: قد نَشَرَتْ، ولا يكون إلا في يوم غيم.
وقال أبو عبيد في الغريب المصنف: البُسْلة: أُجْرة الرَّاقي خاصة؛ ويُقال: طَرَّقَتْ القَطَاةُ إذا حانَ خُروجُ بيضها، ولا يقال ذلك في غير القطاة، ويقال: باتَ فلان بحِيبةِ سُوء، ولا يقال إلا في الشّر، ونِعَاج الرَّمل: بقرُ الوحش، واحدتُها نعجة، ولا يقال لغير البقر من الوَحش نِعاج.
وقال الزَّجاجي في أماليه: أخْبرنا نفطويه قال: أخبرنا ثَعْلب عن ابن الأعرابي قال: يُقال فَرَّثْت كبدَه إذا فَرَّقْتُها، ولا يُقال في غيرها من أعضاء البدن.
وفي الصحاح: البَغْز: النَّشاط في الإبل خاصة.
وفي المقصور والممدود لابن السكيت يقال: بَغْلة سَفْواء إذا كانت سريعة.
وقال أبو عبيدة: ولا يُقال من هذا للذكر أسْفى، ويقال: بعيرٌ عَياءٌ إذا كان لا يُحْسن الضِّراب، ولا يُقال في الناس.


وقال ابن خالويه في شرح الدريدية: يقال باتَ يَفْعل كذا: إذا فَعَله ليلاً، وظلَّ يفعل كذا: إذا فعله نهاراً، وأضْحى مثلُ ظَلَّ، وأمْسَى مثل باتَ، ويقال منْ نصف الليل إلى نصف النهار: كيف أصبحتَ؟ ومن نصف النهار إلى نصف الليل: كيف أمْسيتَ؟ ويقال مِنْ أوّل النهار إلى الظهر: فعلت الليلة كذا، ومن نصف النهار إذا زالت الشمس: فعلتُ البارحة كذا، سمعت محمد بن القاسم يقول ذلك، ويَعْزوه إلى يونس بن حبيب.
وقال الأزدي في كتاب الترقيص: الأتراب: الأسنان، لا يقال إلا للإناث، ويقال للذكور: الأسنان والأقران، وأما اللِّدَات فإنه يكون للذكور والإناث.
وقال أبو عبيد: سمعتُ الأصمعي يقول: أول اللبن اللِّبأ مهموز مقصور، ثم الذي يليه المُفْصح، يقال: أفْصَح اللبنُ إذا ذهب اللِّبأ عنه، ثم الذي يُنْصرف به عن الضّرع حارّاً: الصَّريف، فإذا سكنت رغوته فهو الصَّريح والمَحْضُ ما لم يخالطه ماءٌ حلواً كان أو حامضاً، فإذا ذهبت عنه حلاوة الحلب ولم يتغيَّر طعمه فهو سامِط، فإن أخذ شيئاً من الرّيح فهو خامِط، فإن أخذ شيئاً من طَعْم فهو مُمَحَّل، فإذا كان فيه طعم الحلاوة فهو قُوهَة؛ والأُمْهُجان الرَّقيق ما لم يتغيّر طعمُه، فإذا حذَى اللسان فهو قارِص، فإذا خَثَر فهو الرَّائب، فلا يزال ذلك اسمه، حتى يُنْزَع زُبْدُه واسمه على حاله، فإن شُرِب قبلَ أن يبلغَ الرُّؤُوب فهو المظْلُوم والظَّلِيمة، فإذا اشتدَّتْ حموضةُ الرَّائِب فهو حازر، فإذا تقطَّع وصار اللبن ناحية فهو مُمْذَقِرّ، فإذا تلبَّد بعضُه على بعض فلم يتقطَّع فهو إدْل، فإن خثرَ جداً وتلبَّد فهو غُثَلِط وعُكَلِط وعُجَلِط وهُدَبِد، فإذا كان بعضُ اللبن على بعضٍ فهو الضَّرِيب، قال: وقال بعضُ أهل البادية: لا يكون ضريباً من عدّةٍ من الإبل؛ فمنه ما يكون رقيقاً، ومنه ما يكونُ خاثراً، فإن كان قد حُقِن أياماً حتى اشتدَّ حَمْضُه فهو الصَّرْب والصَّرَب، فإذا بلغَ من الحمض ما ليس فوقه شيء فهو الصَّقْر، فإذا صُبَّ لبن حليب على حامض فهو الرَّثِيئَة والمُرِضَّة، فإن صبَّ لبنُ الماعز فهو النَّخِيسة، فإن صب لبن على مرق كائناً ما كان فهو العَكِيس.
قال أبو زيد: فإن سُخِّن الحليب خاصَّةً حتى يحترق فهو صحيرة.
وقال الأموي: فإن أُخِذ حليب فأُنْقِع فيه تمر بَرْنيٌّ فهو كُدَيْرَاء.
قال الفراء: يقال للبن إنه لسَمْهَج سَمَلَّج إذا كان حُلْواً دسماً.
قال الأصمعي: فإذا ظهر على الرائب تحبُّب وزُبْد فهو المُثْمِر، فإذا خثَر حتى يختلط بعضُه ببعض ولم يتمَّ خثورته فهو مُلْهَاجّ، زاد أبو زيد ومُرْغادّ. قال: فإذا تقطّع وتحبَّب فهو مُبَحْثِر، فإن خثَر أعلاه، وأسفلُه رقيق، فهو هَادر، وذلك بعد الحُزورِ.
وقال الأصمعي: فإذا ملأ دسمه وخثورته رأسه فهو مُطَثّر، يقال: خُذْ طَثْرَة سِقَائك، والكَثْأَة، والكَثْعَة نحو ذلك، فإذا خُلِط اللبنُ بالماء فهو المذِيق، فإذا كثُر ماؤه فهو الضَّياح والضَّيْح، فإذا جعله أرقَّ ما يكون فهو السَّجَاج والسَّمار.
زاد أبو زيد: والخضار والمَهْو منه: الرقيق الكثير الماء.
قال الفراء: والمسْجُور الذي ماؤه أكثرُ منه لبنه.
قال الأموي: والنَّسْء مثله.
قال أبو عبيدة: والجُبَاب: ما اجتمع من ألْبان الإبل خاصة، فصار كأنه زبد.
قال الأصمعي: والدَّاوِي من اللبن الذي تركبه جُلَيدة فتلك الجُلَيدة تسمى الدُّوَاية.
قال أبو زيد: والمَاضِرُ من اللبن الذي يحذي اللسان قبل أن يدرك، وكذلك النبيذ.
قال أبو عمرو: والرّسْلُ: هو اللّبن مَا كان.
قال أبو زيد: والإحْلاَبة: اسمٌ للبن تحلبه لأَهْلِك وأَنْتَ في المَرْعَى، ثم تبعث به إليهم.
وقال أبو الجراح: إذا ثخنَ الّلبن وخثر فهو الهَجِيمة.
قال الكسائي: هو هجيمة ما لم يُمْخَض.
قال أبو زياد الكلابي: ويقال للرائب منه: الغَبِيبة.
قال أبو عمرو: والغُبْر: بقيّةُ الّلبن في الضرع.
قال أبو زيد: فإذا جعل الزّبد في البزمة ليطبخ سمناً فهو الإذْوَاب والإذوابَة، فإذا جاد وخلص ذلك اللبن من الثُّفل فذلك اللبن الإثْرة، والإخْلاص، والثُّفْل الذي يكون أسفل اللبن هو الخُلُوص، وإن اختلط اللبن بالزّبد قيل: ارتَجَنَ.


وفي الجمهرة العُفَافة: ما يَجْتَمِع في الضِّرع من اللبن بعد الحَلْب؛ فهذه نحو سعبين اسماً للبَنِ باعتبار اختلافِ أحواله.
وقال ابن دُريد في الجمهرة: يسمى باقي العَسِل في موضع النَّحْل: الآس، كما يسمى باقي التمر في الجُلَّة قوْساً، وباقي السَّمْنِ في النَّخْىِ كعبْا.
زاد الزجاجي في أماليه: والهِلال: بقيّة الماء في الحوض، والشّفا - مقصور: بقية كل شيء.
وقال القالي في أماليه حدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي عن أحمد بن عبيد قال: يقال للقِطْعة من الشَّعْر: الفِليلة، وللقطعة من القطن: السَّبيخة، وللقطعة من الصوف: العَمِيتةَ.
ونقلت من خط الشيخ تاج الدين بن مكتوم النحوي قال بعضهم: الاسم العام في ظروف الجلود للبن وغيره الزِّق، فإن كان فيه لبَنٌ فهو وَطْب، فإن كان فيه سَمن فهو نِحْىٌ فإن كان فيه عسل فهو عُكّة، فإن كان فيه ماء فهو شَكْوة وقِرْبة، فإن كان فيه زيت فهو حَمين.
وقال الزجاجي في أماليه: الرطب ما كان رطباً، وهو الخلا أيضاً مقصود، والحشيش: ما كان يابساً، والكلأ يجْمَعُهما.
وقال ابن دريد: قال الأصمعي في أسماء رحاب الشَّجر: رحَبة من ثُمام، وأيْكة أثل، وقصيم غضَى، وحاجِرُ رِمْث، وصِرْمة أرطى، وسمر، وسَلِيل سَلم، ووَهْطُ عُرْفط، وحَرَجة طَلْح، وحدقة نخل وعنب، وخبراء سِدْر، وخُلَّة عُرفج، ووَهْط عُشر.
وفي الصحاح يقال توطة من طَلْح، وعِيص من سِدْر، وفَرش من عُرفط، وغَدَر من سَلَم، وسَلِيل من سَمُر، وقَصِيمة من غَضى ومن رِمْث، وصَريمة من غضى ومن سَلَم، وحَرجة من شجر.
وقال أبو عبيد في الغريب المصنف سمعت أبا زيد يقول يُسمَّى الطَّعام الذي يُصْنَع عند العُرس الوليمة، والذي عند الإملاك: النقَّيعة، والذي عند بناء دار: الوَكِيرة، وعند الخِتان الإعذار، وعند الولادة الخُرس، وكل طعام بعد صُنِع لدعوة فهو مأْدبة.
قال الفراء: والنقيعة؛ ما صَنعه الرجل عند قُدُومه من سفر.
وفي الجمهرة الشُّنْداخي: طعام الإملاك، والعَقيقة: ما يُذْبح عن المولود، والوَضِيمة: طعامُ المأتم، والنقَّيعة: طعام قدوم المسافر، والمأدبة والمدْعاة طعامُ أيّ وقت كان.
وقال ابنُ دريد في الجمهرة: قال أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة عن أبي الخطاب الأخفش - وهو في نوادر أبي مالك - قال: الشِّبْرُ: من طَرَفِ الخِنصرَ إلى طَرَف الإبهام، والفِتْر: مِنْ طَرف الإبهام إلى طرف السَّبابة، والرَّتب: بين السَّبابة والوسطى، والعَتبَ: ما بين الوسطى والبِنْصر، والوَصِيم: ما بين الخِنْصر والبِنْصر، وهو البُصْم أيضاً، ويقال: ما بين كل إصبعين فَوْت، وجَمْعه أفوات.
وفي فقه اللغة للثعالبي عن ثعلب عن ابن الأعرابي: الصَّباحة في الوجه، الوَضاءة في البَشرة، الجمال في الأنف، الملاحة في الفم، الحلاوة في العينين، الظَّرْف في اللسان: الرّشاقة في القدّ، الّلباقة في الشمائل، كَمال الحسن في الشعر.
وفيه يقال: فُلْكٌ مَشْحون، كأس دُهاق، وادٍ زَاخِر، بحرٌ طاَمٍ، نهر طَافِح، عَيْنٌ ثَرّة، طَرْفٌ مُغرَوْرِق، جفن مُتْرع، عين شَكْرى، فؤاد ملآن، كيس أعجر، جفنة رَزُوم، قربة مُتْافة، مجلس غاصّ بأهله، جُرْج مقصّع إذا كان ممتلئاً بالدم، دجاجة مُرْتجِة ومُمْكِنَة: إذا امتلأ بطنُها بيضاً.
وفيه الشَّعْر للإنسان وغيرِه، الصوف للغنم، المِرْ عزًى للماعز، والوَبرَ للإبل والسّباع، والعِفاء للحمير، الرّيش للطير، الزّغب للفرخ، الزِّفّ: للنعام، الهُلْب للخِنْزيز.
وفيه يقال فلان جائع إلى الخبز، قَرِم إلى اللحم، عَطْشان إلى الماء، عَيْمان إلى اللّبن، بَرِد إلى التمر، جَعِم إلى الفاكهة، شَبِق إلى النكاح.
وفيه: تقول العرب يده من اللحم غَمِرة، ومن الشحم زَهِمة، ومن السمك ضِمِرة، ومن الزيت قَنِمة، ومن البيض زَهِكة، ومن الدّهن زَنِخة، ومن الخل خَمِطة، ومن العسل والنَّاطِف لَزِجة، ومن الفاكهة لزقة، ومن الزعفران رَدِعة، ومن الطَّيب عَبِقة، ومن الدم ضَرِجة، ومن الماء بَشِقَة، ومن الطين رَدِغة، ومن الحديد سَهِكة، ومن العَذِرَة طَفِسة، ومن البول وشِلة، ومن الوسخ رَوِثة، ومن العمل مَجِلة، ومن البرد صَرِدة.
وفي الصحاح: يدي من الحديد صَدِئه.


وقال أبو الطيب اللغوي في كتاب الفروق: يقال يده من اللحم غِمِرة، ونَدِلة، ومن اللبن وَضِرة، ومن السمك والحديد أيضاً سَهِكة، ومن البيض ولحم الطير زَهِمة، ومن العسل لثِقَة، ومن الجُبْن نَسِمة، ومن الوَدك وَدِكة، ومن النقس طَرِسة، ومن الدُّهن والسّمن نَمِسة، ومن الخلّ خَمِطة، ومن الماء لَثِثَة ومن الخطاب رَدِعة، ومن الطين رَدِغة، ومن العجين لَوِثة، ومن الدقيق نَثِرة، ومن الرَّطب والتمر حَمتة، ومن الزيت وَصِئة، ومن السَّويق والبزر رَغِفة، ومن النجاسة نَجِسة، ومن الأشنان حَرِضة، ومن البَقْل زَهِرة، ومن القار حَلِكة، ومن الفرصاد قَنِئة، ومن الرطاب مَصِعة، ومن البطيخ نَضِخَة، ومن الذهب والفضة قثِمة، ومن الكامخ شَهِرة، ومن الكافور سَطِعة، ومن الدم شَحِطة، ومن التراب تَرِبة، ومن الرَّماد رَمِدة، ومن الصِّحناء صَحِنة، ومن الخمط مَسِسَة، ومن الخبز خَبِزة، ومن المسك ذَفرة، ومن غيره من الطيب عَطِرة ، ومن الشراب خمِرة، ومن الروائح الطيّبة أرِجة.
ونقلتُ من خطِّ الشيخ تاج الدين بن مكتوم النحوي قال قال الوزيز أبو القاسم الحسين بن علي المغربي هذا ما توصف به اليد عند لمسها كل صنف من الملوسات، نقلتُ أكثره من خط أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب وأخذت بعضه عن أبي أسامة جنادة اللغوي، وكلّه على وزن فعلة بفتح الفاء وكسر العين، تقول: يدي من اللحم غَمِرة، ومن السَّمك صَمِرة، ومن البيض ذَفِرة ومَذِرة، ومن اللبن والزّبد وَضِرة، ومن السمن سَنِخة، ومن الجبن نَمِسة وسَنِمة، ومن العسل سَعِبة، ومن الفتات قَتِمة، ومن لحم الطير زَهِمة، ومن القديد زَنِخة، ومن الزيت وجميع الدهن قَنِمة، وقد جاء قَنِمة في التين ولا يثبت، ومن الخبيص لِمصة، ومن القَنْد قَنِدة، ومن الماء بَلِلة، ومن الخل خَلِلة، ومن الأشنان قَضِضة، وقال النامي: خَمضة، قال: وإنما هي من الشراب قَضِضة، ومن الغلة غَرِزَة، ومن الحطب قَشِبة، ومن البزر والنّفْطِ نَسِكة ونَسِمَة، ود مرّ نَسِمة في الجبن، ومن الزَّعفران إن أردت الريح عَبِكة، وإن أردت اللون عَلِكة.
وقال ثعلب في الزعفران: عَطرة، ومن الرياحين والأزهار زَهرة، ومن الحناء قَنئة.
قال ابن خالويه: من الرياحين ذَكِية، ومن جيمع الطَّيب رَدِعة وعَبقة، ومن المسك خاصة ذَفرة، ومن المِداد زَوِطة، ومن الحبر وَحِرة، ومن الحديد والصفر ونحوهما سَهِكة، ومن الطين رَدِغة، ومن الحمأة ثَبِطة، ومن الدم سَلِطة، وقال ثعلب: عَلِقة، ومن النَّجْو قَذِرة، وقال ثعلب: وحِرة.
قال وروي لنا عن ثعلب أنه قال : لليد من هذا كله زَهِمة إلا الطّيب والقَذر.
وفي أمالي الزجاجي قال الفراء: يده من العنبر عَبقة، ومن الشحم وَدِكة، ومن الطين لَثقة، ومن الشَّهد شَتِرة.
وقال غير الفرّاء: يده من الودك زَهِمة، ومن القديد لَزِجة، ومن السمن قَنِمة، ومن الجبن نَسِمة، ومن الخلّ نَقِبة، ومن البيض مَذِرة، ومن الريحان خَمرة، ومن الفاكهة زَلِجة، ومن الدّهن سِنخَة، ،وم الدم عَرِكة، ومن ريح الجورب زَفِرة، ومن الجلود دّفِرة، ومن الرَّطب وَثِرة، ومن رائحة هن المرأة بَغِمة.
قال الزجاجي وقال أبو إسحاق الأشعري قال الفراء: يدُه من السمك طَمِرة، ومن الشهد نَشِرة.
النوع الثلاثون معرفة المطلق والمقيد
عقد له ابنُ فارس في فقه اللغة باباً فقال: باب الأسماء التي لا تكون إلا باجتماع صفات، وأقلها ثنتان. من ذلك: المائدة لا يقال لها مائدة حتى يكونَ عليها طعام؛ لأنّ المائدة من مادني يَميدُني إذا أعطاك وإلا فاسمُها خِوَان، والكأْسُ لا تكون كأْساً حتى يكونَ فيها شرابٌ وإلا فهو قَدح أو كوب. والحُلّة: لا تكون إلا ثوبين إزار ورِداء من جنس واحد، فإن اختلفا لم تُدْع حَلّة. والظعينة: لا تكون ظعينةً حتى تكون امرأة في هَوْدج على راحلة. والسَّجْل: لا يكون سَجلاْ إلا أن يكون دَلْواً فيها ماء. واللِّحْية: لا تكون لِحيةً إلا شعراً على ذَقَن ولَحْيَيْن. والأريِكة: لا تكون إلا الحجَلة على السرير. وسمعت على بن إبراهيم يقول: سمعت ثعلباً يقول: الأريكة لا تكون إلا سريراً مُتَّخذًا في قُبةٍ عليه شَواره ونَجَدُه.


والذَّنُوب: لا يكون ذَنوباً إلا وهي مَلأى، ولا تسمى خاليةً ذَنُوباً، والقلم: لا يكون قلماً إلا وقد بُرِي وأُصْلح، وإلا فهو أنبوبة.
وسمعتُ أبي يقول: قيل لأعرابي: ما القلم؟ فقال: لا أدري، فقيل له: تَوَهَّمه. فقالك هو عودٌ قُلِّم من جانبيه كتقليم الأُظْفور فسُمِّي قلماً. والكوب: لا يكون إلا بلا عُرْوة. والكوز: لا يكون إلا بعروة.
وقال الثعالبي في فقه اللغة: باب الأشياء تختلفُ أساؤُها وأوصافها باختلافِ أحوالها - لا يقال كأسٌ إلا إذا كان فيها شرابٌ، وإلا فهي زجاجة. ولا يقال مائدةٌ إلا إذا كان عليها الطعام، وإلا فهي خِوان. ولا يقال كوز إلا إذا كان له عروة، وإلا فهو كوب. ولا يقال قلمٌ إلا إذا كان مَبْريّاً، وإلا فهو أنبوبة. ولا يقال خاتِمَ إلا إذا كان فيه فصّ، وإلا فهو فَتْخَة. ولا يقالُ فروٌ إلا إذا كان عليه صوف، وإلا فهو جلد، ولا يُقال رَيْطَة إلا إذا لم تكن لِفْقَين، وإلا في مَلاَءة. ولا يقال أريكة إلا إذا كان عليه حَجَلة، وإلا فهي سرير. ولا يقال نَفَق إلا إذا كان له مَنْفذ، وإلا فهو سَرَب. ولا يقال عِهْن إلا إذا كان مصبوغاً، وإلا فهو صُوف. ولا يقال خِدْرٌ إلا إذا كان مشتملا على جارية، وإلا فهو سِتْر. ولا يقال: لحم قَدِير إلا إذا كان معالجاً بتوابل، وإلا فهو طبيخ. ولا يقال مِغْول إلا إذا كان في جوفه سوط وإلا فهو مِشْمَل، ولا يقال سَياعٌ إلا إذا كان فيه تِبْن، وإلا فهو طِين. ولا يقال مُورٌ للغبار إلا إذا كان بالريح، وإلا فهو رَهْج. ولا يقال رَكِيَّة إلا إذا كان فيها ماء، وإلا فهي بئر. ولا يقال مِحْجَن إلا إذا كان في طرَفه عُقَّافة، وإلا فهي عصا، ولا يقال مأْزِق ولا مأْقِط إلا في الحرب وإلا فهو مَضِيق. ولا يُقال مُغلْغَلة إلا إذا كانت محمولةً من بلد إلى بلد وإلا فهي رسالة، ولا يقال قَراح إلا إذا كانت مهيَّأة للزراعة، وإلا فهي بَراح. ولا يقال وَقُود إلا اتَّقدت فيه النار، وإلا فهو خَطب. ولا يقال عَويل إلاَّ إذا كان معه رفْعُ صَوْت وإلا فهو بكاء، ولا يقال ثَرى إلاَّ إذا كان نَدِيّاً، وإلا فهو تُرَاب، ولا يقال للعبد آبِق إلا إذا ذَهَب من غير خَوْف ولا كَدِّ عمل وإلا فهو هارب، ولا يقال للريق رُضاب إلا ما دام في الفم فإن فارقَه فهو بُزاق، ولا يقال للشجاع كَمىّ إلا إذا كان شاكي السلاح وإلا فهو بَطل، ولا يقال للبعير رَاوية إلا ما دام عليه الماءُ، ولا يقال للرَّوْث فَرْث إلا ما دام في الكَرِش، ولا يقال للدَّلو سَجْل إلا ما دام فيها الماء قَلّ أو كثر، ولا يقال لها ذَنُوب إلا إذا مَلأى، ولا يقال للطبق مِهْدًى إلا ما دامت عليه الهديَّة، ولا يقال للذَّهب تِبْر إلا ما دام غير مصوغ، ولا يقال للحجارة رَضْف إلا إذا كانت مُحْماةً بالشمس أو النار، ولا يقال للثوب مُطْرَف إلا إذا كان في طرفيه علَمان، ولا يقال للعظم غَرْق إلا ما دام عليه لحم، ولا يقال للخيط سِمْط إلا ما دام فيه خرز، ولا يقال للقومِ رُفَقْة إلا ما داموا منضمين في مجلس واحد وفي مَسيرٍ واحد، فإذا تفرقوا ذهب عنهم اسم الرفقة، ولم يذهب عنهم اسم الرفيق، ولا يقال للشمس الغَزالة إلا عند ارتفاع النهار، ولا يقال للمرأة عاتِق إلا ما دامت في بيتِ أبويها، ولا يقال ظَعينة إلا ما دامت راكبةً في الهودج، ولا يقال للسرير نَعْش إلا ما دام عليه المِّيت، ولا يقال للثوب حُلة إلا إذا كانا اثنين من جنس واحدٍ، ولا يقال للحَبْلِ قرَن إلا أن يُقْرَن فيه بعيران، ولا يقال للبطيخ حَدج إلا ما دامت صغارا خُضرا، ولا يقال للمجلس النّادي إلا ما دام فيه أهلُه، ولا يقال للريح بَليل إلا إذا كانت باردةً وكان معها نَدًى، ولا يقال للبخيل شحيح إلا إذا كان مع بُخْله حريصاً، ولا يقال للذي يجد البرد خَرِص و خَصِر إلا إذا كان مع ذلك جائعاً، ولا يقال للماء الملح أُجاج إلا إذا كان مع مُلوحته مُرّاً، ولا يقال للإسراع في السر إهْطاعٌ إلا إذا كان معه خوف، ولا إهراع إلا إذا كان معه رِعْدة، وقد نطلق القرآن بهما. ولا يقال للجبان كَعٌّ إلا إذا كان مع جَبْنِه ضعيفاً، ولا يقال للمقيم بالمكان مُتَلَوِّم إلا إذا كان على انتظار، ولا يقال للفرس محجّل إلا إذا كان البياض في قوائمة الأربع أوفي ثلاث منها، هذا جميع ما ذكره الثعالبي.


وقال ابن دُريد: لا يُقال جَفِير إلا وفهي النبل، فلا يسمى إذا كان فارغاً جفيراً، ولا يُسمى الجيش جَحْفلا حتى يكونَ فيه خيل، ولا يُقال للجماعة عَرْجلة حتى يكونوا مشاةً على أقدامهم، وكذا الحرْجلة.
قال وقال أبو عبيدة: لا يُقال في البئر جُبٌّ حتى يكون مما وُجد محفورا، لا ما حَفره الناس.
قال: وقال قوم لا يُسمى الزِّق زِقّاً حتى يُسْلخَ عن عنقه؛ لأنهم يقولون: زققت السمك تزقيقاً إذا سلخته من عنقه، قال: ولا يكون البَهْتُ إلا مُواجهة الرجل بالكذِب عليه.
وقال بعض أهل اللغة: لا يكون السَّغْب إلا الجوعَ مع التَّعب. وقال قوم: لا يسمى أبكم حتى يجمتع فيه الخرسُ والبله. قال: ولا يقال حاطُوم إلا للجَدْب المُتَوالي سنةً على سنة.
وفي أمالي القالي: قال اللغويون منهم يعقوب بن السكيت: الثَّرْثارون الذين يُكْثِرُون القول، ولا يكون إلا قولاً باطلاً.
وقال يونس في نوادره: قال أبو عَمْرو بن العلاء: لا يكون الشُّواظ إلا من النار والنحاس جميعاً.
وفي أمالي ثعلب: قال الكلابي: لا تكون الهَضْبَة إلا حمراء، ولا تكون القُنّة إلا سوداء، ولا يكونُ الأعْبل والعَبلاء إلا أبْيضين.
قال أبو جعفر النحاس في شرح المعلقات: قال أبو الحسن بن كيسان: الظَّعينةُ: من الأسماء التي وضعت على شيئين إذا فارق أحدُهما صاحبه لم يقع له ذلك الاسم؛ لا يُقال للمرأة ظعينة حتى تكونَ في الهوْدَج، ولا يقال للهودج ظعينة حتى تكون فيه المرأة، كما يقال جِنازة للميت إذا كان على النعش، ولا يقال للميت وحده جنازة ولا للنَّعْش وحده جنازة، كما يقال للقدح الذي فيه الخمر كأْس ولايقال ذلك للقدح وحده ولا لِلْخمر وحدها.