الطور - تفسير الدرر المنثور

إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8) يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (10) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (15) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (16) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18)

أخرج سعيد بن منصور وابن سعد وأحمد عن جبير بن مطعم قال : قدمت المدينة في أسارى بدر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقفت إليه وهو يصلي بأصحابه صلاة المغرب فسمعته يقرأ { إن عذاب ربك لواقع } فكأنما صدع قلبي .
وأخرج أبو عبيد في فضائله عن الحسن أن عمر بن الخطاب قرأ { إن عذاب ربك لواقع } فربا لها ربوة عيد لها عشرين يوماً .
وأخرج أحمد في الزهد عن مالك بن مغول قال : قرأ عمر { والطور وكتاب مسطور في رق منشور } قال : قسم إلى قوله { إن عذاب ربك لواقع } فبكى ثم بكى حتى عيد من وجعه ذلك .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله { إن عذاب ربك لواقع } قال : وقع القسم هنا وذاك يوم القيامة .
قوله تعالى : { يوم تمور السماء موراً } الآيات .
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { يوم تمور السماء موراً } قال : تحرك ، وفي قوله { يوم يدعون } قال : يدفعون .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله { يوم تمور السماء موراً } قال : تدور دوراً .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { يوم يدعون إلى نار جهنم } قال : يدفع في أعناقهم حتى يرِدوا النار .
وأخرج سعيد بن منصور عن محمد بن كعب في قوله { يوم يدعون إلى نار جهنم دعاً } قال : يدفعون إليها دفعا .


كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22)

أخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة قال : قال ابن عباس في قول الله لأهل الجنة { كلوا واشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون } قوله هنيئاً أي لا تموتون فيها ، فعندها قالوا { أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين } [ الصافات : 58-59 ] .
أخرج ابن مردويه عن أبي أمامة قال : « سئل النبي صلى الله عليه وسلم ، هل تزاور أهل الجنة؟ . قال : أي والذي بعثني بالحق إنهم ليتزاورون على النوق الدمك عليها حشايا الديباج يزور الأعلون الأسفلين ، ولا يزور الأسفلون الأعلين ، قال : هم درجات ، قال : وإنهم ليضعون مرافقهم فيتكئون ويأكلون ويشربون ويتنعمون ويتنازعون فيها كأساً لا لغو فيها ولا تأثيم لا يصدّعون عنها ولا ينزفون مقدار سبعين خريفاً ، ما يرفع أحدهم مرفقه من اتكائه ، قال : يا رسول الله هل ينكحون؟ قال : أي والذي بعثني بالحق دحاماً دحاماً وأشار بيده ، ولكن لا مني ولا منية ولا يمتخطون فيها ولا يتغوّطون رجيعهم رشح كحبوب المسك مجامرهم الالوة ، وأمشاطهم الذهب والفضة ، آنيتهم من الذهب والفضة يسبحون الله بكرة وعشياً قلوبهم على قلب رجل واحد ، لا غل بينهم ولا تباغض يسبحون الله تعالى بكرة وعشياً » .
وأخرج الحاكم وصححه عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم } .
وأخرج سعيد بن منصور وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : إن الله ليرفع ذرية المؤمن معه في الجنة وإن كانوا دونه في العمل لتقربهم عينه ، ثم قرأ { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم } الآية .
وأخرج البزار وابن مردويه عن ابن عباس رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله يرفع ذرية المؤمن إليه في درجته وإن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه ، ثم قرأ { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء } قال : وما نقصنا الآباء بما أعطينا البنين » .
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا دخل الرجل الجنة سأل عن أبويه وذريته وولده ، فيقال : إنهم لم يبلغوا درجتك وعملك ، فيقول : يا رب قد عملت لي ولهم فيؤمر بإلحاقهم به » وقرأ ابن عباس { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم } الآية .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم } الآية ، قال : هم ذرية المؤمن يموتون على الإِسلام ، فإن كانت منازل آبائهم أرفع من منازلهم لحقوا بآبائهم ولم ينقصوا من أعمالهم التي عملوا شيئاً .
وأخرج عبدالله بن أحمد في زوائد المسند عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :


« إن المؤمنين وأولادهم في الجنة ، وإن المشركين وأولادهم في النار ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم } » الآية .
وأخرج هناد وابن المنذر عن إبراهيم في الآية قال : أعطي الآباء مثل ما أعطي الأبناء وأعطي الأبناء مثل ما أعطي الآباء .
وأخرج ابن المنذر عن أبي مجلز في الآية قال : يجمع الله له ذريته كما يحب أن يجمعوا له في الدنيا .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم عن ابن عباس في قوله { وما ألتناهم } قال : ما نقصناهم .
وأخرج الفريابي عن ابن عباس في قوله { وما ألتناهم } قال : لم ننقصهم من عملهم شيئاً .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله { وما ألتناهم } يقول : وما ظلمناهم .


يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28) فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29)

أخرج عبد الرزاق عن ابن جريج في قوله { يتنازعون فيها كأساً } قال : الرجل وأزواجه وخدمه يتنازعون أخذه من خدمة الكأس ومن زوجته وأخذ خدمة الكأس منه ومن زوجته .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { لا لغو فيها } يقول : لا باطل فيها { ولا تأثيم } .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله { لا لغو فيها } قال : لا يستبون { ولا تأثيم } قال : لا يغوون .
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله { كأنهم لؤلؤ مكنون } قال : الذي لم تمر عليه الأيدي .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر « عن قتادة في قوله { كأنهم لؤلؤ مكنون } قال : بلغني أنه قيل : يا رسول الله هذا الخدم مثل اللؤلؤ فكيف بمخدوم؟ قال : » والذي نفسي بيده إن فضل ما بينهما كفضل القمر ليلة البدر على النجوم « وفي لفظ لابن جرير » إن فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب « » .
وأخرج الترمذي وحسنة وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنا أكرم ولد آدم على ربي ولا فخر ، يطوف عليّ ألف خادم { كأنهم لؤلؤ مكنون } » .
قوله تعالى : { وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون } الآيات .
أخرج البزار عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا دخل أهل الجنة الجنة اشتاقوا إلى الإِخوان فيجيء سرير هذا حتى يحاذي سرير هذا ، فيتحدثان فيتكىء ذا ويتكىء ذا فيتحدثان بما كانا في الدنيا ، فيقول أحدهما لصاحبه يا فلان تدري أي يوم غفر الله لنا ، يوم كنا في موضع كذا وكذا فدعونا الله فغفر لنا » .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله { إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين } قال : في الدنيا .
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : { ووقانا عذاب السموم } قال : وهج النار .
وخرج ابن مردويه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لو فتح الله من عذاب السموم على أهل الأرض مثل الأنملة أحرقت الأرض ومن عليها » .
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن عائشة أنها قرأت هذه الآية { فمنَّ الله علينا ووقانا عذاب السموم إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم } فقالت : اللهم منَّ علينا وقنا عذاب السموم إنك أنت البر الرحيم وذلك في الصلاة .
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن المنذر عن أسماء أنها قرأت هذه الآية فوقعت عليها فجعلت تستعيذ وتدعو .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { إنه هو البر } قال : اللطيف .
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله { إنه هو البر } قال : الصادق .


( معلومات الكتاب )