النكت على كتاب ابن الصلاح - المجلد الأول
مقدمة
...
مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم -. أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وليخرج الناس من الظلمات إلى النور.
من ظلمات الشرك والجهل والكفر والظلم إلى نور التوحيد والإيمان والعلم والعدل.
جاء بأعظم رسالة وأعلاها مكانة، وأشملها لمصالح البشر، وأحقها بالبقاء والخلود.
ولهذا تعهد الله تعالى فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} 1.
وتنفيذا وتحقيقا لهذا الوعد الصادق الأكيد كان كل ما قامت به الأمة الإسلامية من جهود عظيمة واهتمام بالغ - لا يعرف الأقل منه لأمة من الأمم ولا
__________
1 سورة الحجر: آية 9.

(1/7)


عنه: "وكان أول من احتاط في قبول الأخبار، فروى ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن الجدة جاءت إلى أبي بكر رضي الله عنه تلتمس أن تورث فقال: ما أجد لك في كتاب الله شيئا، ثم سأل الناس فقام المغيرة بن شعبة فقال: "حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطيها السدس فقال: هل معك أحد، فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك فأنفذه لها أبو بكر"1 وإذا فنشوء هذا العلم بدأ من عهد الصحابة ولا يزال ينمو وتتسع دائرته في أذهان أهل هذا العلم.
ثالثا: حتى جاء عصر التدوين فبدأ يساير تدوين الحديث، ويواكبه جنبا إلى جنب وإن كان في دائرة ضيقة، وموزعا هنا وهناك.
قال الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة - رحمه الله -2: "هذا وقد كتب العلماء فيه من عصر التدوين إلى يومنا هذا نفائس ما يكتب، من ذلك ما تجده في أثناء مباحث (الرسالة) للإمام الشافعي وفي ثنايا (الأم) له، وما نقله تلاميذ الإمام أحمد في أسئلتهم له ومحاورته معهم وما كتبه الإمام مسلم بن الحجاج في مقدمة صحيحه، ورسالة الإمام أبي داود السجستاني إلى أهل مكة في بيان طريقته في سننه الشهيرة، وما كتبه الحافظ أبو عيسى الترمذي في كتابه (العلل المفرد) في آخر جامعه وما بثه في الكلام على أحاديث جامعه في طيات الكتاب من تصحيح وتضعيف وتقوية وتعليل، وللإمام البخاري التواريخ الثلاثة ولغيره من علماء الجرح والتعديل من معاصريه ومن بعدهم: بيانات وافية لقواعد هذا الفن تجيء منتشرة في تضاعيف كلامهم حتى جاء من بعدهم فجرد هذه القواعد في كتب مستقلة ومصنفات عدة أشار إلى أشهرها الحافظ ابن حجر العسقلاني في فاتحة شرحه لنخبة الفكر3 فقال:
__________
1 تذكرة الحفاظ، ص 2، المدخل إلى علوم الحديث للأستاذ عتر، ص 4
2 مقدمة الباعث الحثيث ص 11.
3 ص 2.

(1/8)


"فمن أول من صنف في ذلك القاضي أبو محمد الرامهرمزي (الحسن بن عبد الرحمن الذي عاش إلى قريب سنة (360) في كتابه (المحدث الفاصل) لكنه لم يستوعب".
والحاكم أبو عبد الله النيسابوري، لكنه لم يهذب ولم يرتب، وتلاه أبو نعيم الأصبهاني فعمل على كتابه مستخرجا وأبقى أشياء للمتعقب.
ثم جاء بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي فصنف في قوانين الرواية كتابا سماه (الكفاية) وفي آدابها كتابا سماه (الجامع لآداب الشيخ والسامع) وقل فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتابا مفردا، فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه، ثم جاء بعدهم بعض من تأخر عن الخطيب فأخذ من هذا العلم بنصيب، فجمع القاضي عياض كتابا لطيفا سماه (الإلماع) وأبو حفص الميانجي جزءا سماه (ما لا يسع المحدث جهله) وأمثال ذلك من التصانيف التي اشتهرت وبسطت ليتوفر علمها، واختصرت ليتيسر فهمها، إلى أن جاء الحافظ الفقيه أبو عمرو عثمان بن صلاح عبد الرحمن الشهرزوري نزيل دمشق فجمع لما ولي تدريس الحديث بالمدرسة الأشرفية كتابه المشهور، فهذب فنونه وأملاه شيئا بعد شيء فلهذا لم يحصل ترتيبه على الوضع المناسب واعتنى بتصانيف الخطيب المفرقة، فجمع شتات مقاصدها وضم إليها من غيرها نخب فوائدها، فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره، فلهذا عكف الناس عليه وساروا بسيره فلا يحصى كم ناظم له ومختصر ومستدرك عليه ومقتصر ومعارض له ومنتصر.
فنحن نرى أن التأليف لم يقف عند كتاب ابن الصلاح وإن كان على صغر حجمه قد جمع شتات ما قبله، بل كان هذا الكتاب حافزا للعلماء على السير قدما في مضمار التأليف في هذا الفن ما بين مختصر ومطول فمما أُلف في هذا الفن بعده:

(1/9)


1- الإرشاد للنووي (ت 676) اختصر فيه مقدمة ابن الصلاح.
2- التقريب للإمام النووي لخص فيه كتاب الإرشاد.
3- اختصار علوم الحديث للحافظ إسماعيل بن عمر الشهير بابن كثير (ت 884).
4- الخلاصة للطيبي (ت 743) لخص فيه مقدمة ابن الصلاح.
5- المنهل الروي لبدر الدين بن جماعة (ت 733) لخص فيه مقدمة ابن الصلاح (مخطوط).
6- محاسن الإصلاح وتضمين كتاب ابن الصلاح لشيخ الإسلام البلقيني (ت 805) مطبوع.
7- النكت للزركشي (ت 794) على مقدمة ابن الصلاح. مخطوط.
8- التقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح للحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي (ت 806) مطبوع.
9- المقنع لابن الملقن (ت 802) وهو تلخيص لمقدمة ابن الصلاح.
10- ألفية الحديث للحافظ عبد الرحيم العراقي وشرحاه وهما مطبوعان.
11- النكت لابن حجر على مقدمة ابن الصلاح، والتقييد والإيضاح للعراقي، وهو الكتاب الذي نحن بصدد خدمته وتحقيقه.
12- النكت الوفية في شرح الألفية للبقاعي (ت 885) مخطوط.
13- فتح المغيث للحافظ السخاوي (ت 903) وهو شرح لألفية العراقي مطبوع.
14- فتح الباقي شرح ألفية العراقي للشيخ زكريا الأنصاري (ت 928) مطبوع.

(1/10)


لدين من الأديان - بحفظ القرآن العظيم في الصدور والمصاحف والعناية الفائقة بتلاوته آناء الليل وأطراف النهار في البيوت والمساجد والمعاهد والاهتمام بدراسته وتفسيره واستنباط أحكامه والاعتبار بقصصه وأمثاله وعظاته والتأليف في شتى العلوم التي تخدمه وتبين بلاغته وإعجازه من لغوية وبلاغية وتاريخية وغيرها.
فما من سورة من سوره ولا آية من آياته ولا كلمة من كلماته إلا وقد دار حولها بحث وكان لها شأن ونبأ.
وقد شرف الله محمدا خاتم النبيين وأكرم الرسل صلوات الله وسلامه عليه وأعلا مكانته وأنزله المنزلة الكريمة التي يستحقها فأسند إليه مهمة بيان ما في القرآن من إجمال وشرح ما يحتاج إلى شرح وتفصيل.
قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم} 1 الآية.
فقام - بما أسند إليه من واجب أكمل قيام بأقواله وأفعاله وأحواله وجهاده العظيم وسيرته العطرة حتى ترك الناس على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزغ عنها إلا هالك.
وأسند تلك الرسالة العظيمة إلى خير أمة أخرجت للناس فقال - صلى الله عليه وسلم -: "بلغوا عني ولو آية" 2. "فليبلغ الشاهد منكم الغائب" 3.
فقام الصحابة الكرام بتبليغ تلك الرسالة وأداء تلك الأمانة عل أحسن الوجوه وأقومها وتلقت ذلك الأمة الإسلامية جيلا عن جيل حتى وصلت إلينا تلك الرسالة الغراء غضة طرية، ولن تزال كذلك حتى يأذن الله لهذا العالم بالزوال ولشمس حياة البشرية بالأفول.
__________
1 سورة النحل: آية 44.
2 خ الأنبياء، حديث 3461، ت124، دي 1: 111، حم2: 159، 202، 214.
3 خ العلم، رقم 67.

(1/11)


ولقد حظيت السنة المطهرة ببيان الرسول - صلى الله عليه وسلم - وشرحه للقرآن بحظها الوافر من وعد الله لتنزيله وذكره بالحفظ، فإنها والقرآن الكريم من مشكاة واحدة. وضياع شيء منها – وهي بيانه وشرحه – ينافي ما وعد الله به من حفظ للقرآن الكريم.
وإذن فالسنة المطهرة داخلة في ذلك الوعد الصادق بالحفظ والضمان الأكيد.
فكان من مظاهر تنفيذ ذلك ما نراه ونلمسه من جهود بذلت لحفظها وصيانتها والذود عن حياضها والتأليف في العلوم التي تخدمها، سرح طرفك في ذلك التراث العظيم، وقلب صفحاته تر العجب العجاب وما يدهش الألباب وخذ ما شئت من نصوص هذه السنة المطهرة، وتابعه في عشرات الكتب فستجد أنه ما من نص إلا وله شأن وأي شأن ودراسة وتحليل واستنباط وتمحيص وتحقيق وأخذ وإعطاء.
ولقد أعد الله لحفظ هذه السنة المطهرة وصيانتها رجالا صنعهم على عينه وأمدهم بشتى المواهب النفسية والعقلية والذكاء المتوقد والحفظ المستوعب والقدرة الهائلة على الإطلاع ما يبهر العقل ويستنفد العجب ويجعل في المطلع على أخبارهم وأحوالهم ما يملأ قلبه يقينا بأن هؤلاء العباقرة ما أعدوا هذا الإعداد العجيب إلا لغاية سامية هي إنفاذ وعد الله الكريم: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} 1.
فكان من آثار هؤلاء العظماء ما تزخر به المكتبات الإسلامية اليوم وقبل اليوم من مؤلفات قيمة مختلفة المناهج والمواضيع، متحدة الغاية وهي خدمة السنة المطهرة.
فمؤلفات وضعت على المسانيد وجوامع وسنن على الأبواب العقائدية والتاريخية والفقهية، ومستخرجات، وأجزاء وتخريجات، وشروح وتأليف وأنواع علوم الحديث، وفي الموضوعات والناسخ والمنسوخ، وفي تواريخ الرجال وجرحهم
__________
1 سورة الحجر (9).

(1/12)


وتعديلهم، وأخرى في غريب الحديث، وفي علل الأسانيد من حيث الإرسال والوصل والرفع والوقف. وكان من هؤلاء الأئمة الأفذاذ أمير المؤمنين في الحديث الحافظ العلامة ابن حجر العسقلاني الذي ساهم في خدمة السنة وعلومها بحظ وافر وله الباع الطويل في العلوم الإسلامية وعلوم السنة المطهرة بالأخص وكان من آثاره العظيمة في ميدان علوم السنة (كتاب النكت على ابن الصلاح والعراقي) الذي نحن بصدد خدمته وتحقيقه وإخراجه لطلاب علوم السنة لينهلوا من نميره.
ولما كان الكتاب في علوم الحديث ومصطلحه فلابد من إعطاء القارئ لمحة عن تاريخه ونشئه.
نشأة علوم الحديث وتطورها:
كان الصحابة رضوان الله عليهم أول من احتاط لحفظ السنة وصيانتها من أن يشوبها شائبة من غيرها أو يتطرق إليها خطأ أو خلل فاتخذوا للرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهجا يضمن عدم تسرب أي خلل إليها من طريق السهو أو العمد. فمن ذلك:
أولا: تقليل الرواية عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - خوفا من الوقوع في الخطأ والنسيان مما يؤدي إلى شبهة الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حيث لا يشعرون.
فكان أبو بكر وعمر وعلي وابن مسعود والزبير بن العوام وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم يقلون من الرواية ويحذرون الناس من الإكثار منها1.
ثانيا: التثبت من الرواية عند أخذها وأدائها.
قال الإمام الذهبي رحمه الله في ترجمة أبي بكر رضي الله تعالى
__________
1 المدخل إلى علوم الحديث للأستاذ عتر ص4.

(1/13)


15- الاقتراح لابن دقيق العيد (ت 702) مطبوع.
16- تدريب الراوي للحافظ السيوطي (ت 911) وهو شرح التقريب للنووي مطبوع.
17- نخبة الفكر للحافظ ابن حجر وشرحها نزهة النظر طبعا بمصر والهند.
18- شرح النخبة لملا علي قاري (المتوفى سنة 1014) طبع في تركيا.
19- اليواقيت والدرر للمناوي (المتوفى سنة 1031) وهو شرح على نخبة الفكر، مخطوط توجد منه نسخة في دار الكتب المصرية برقم 6663.
20- حاشية نزهة النظر لابن قطلوبغا (ت 879) خطوط.
21- تنقيح الأنظار لابن الوزير (ت840) وشرحه توضيح الأفكار لمحمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني (ت 1182) وقد طبعا في مصر.
وغير هذه من المؤلفات الكثيرة في هذا الفن.
أسباب اختياري للعمل في كتاب النكت لابن حجر:
1- قيمة الكتاب العلمية. إذ الكتاب غزير في مادته، أضاف جديدا إلى ما سبقه من مؤلفات في علوم الحديث.
2- حبي لعلم الحديث وما يتصل به من علوم خصوصا مصطلح الحديث؛ إذ بقواعده يعرف الصحيح من الحديث السقيم، ويتميز به المقبول من المردود.
3- مكانة مؤلفه الحافظ ابن حجر بين علماء السنة ودوره العظيم في خدمة علوم السنة وسعة اطلاعه ومنهجه الفذ في البحث. فدراسة مؤلف من

(1/14)


مؤلفاته يفتح آفاقا رحبة للدارس في ميادين المعرفة خصوصا علم الحديث ومؤلفاته ورجال الحديث.
4- الرغبة في المشاركة في إحياء التراث الإسلامي ونفض الغبار عن كنوزه الثمينة التي خلفها لنا علماء الإسلام.
5- الرغبة في اكتساب الخبرة والحنكة في مجال تحقيق المخطوطات لعلي أن أقوم مستقبلا ببعض الواجب من تحقيق المخطوطات الإسلامية ونشرها.
6- وأول هذه الأسباب وآخرها أنني كنت في أثناء دراستي في السنوات المنهجية وقبلها وبعدها أقرأ في تدريب الراوي للسيوطي، وفتح المغيث للسخاوي وتوضيح الأفكار للصنعاني، وكنت أقف في الكتب المذكورة على نصوص منقولة عن الحافظ ابن حجر خصوصا توضيح الأفكار الذي يحافظ على حرفية تلك النصوص ويفصح بعزوها إلى الحافظ ابن حجر وأحيانا إلى كتابه النكت. وكانت تلك النصوص تتسم بعمق الفكرة ونضجها فكانت تلك النصوص في الكتب المذكورة كالدرر اللامعة تشد القارئ إليها شدا وتجذبه جذبا قويا. ولم يكن لدي أي نسخة من نسخ الكتاب فكانت الأماني تداعب مخيلتي والأشواق تحدوني إلى رؤية هذا الكتاب للاستفادة منه والقيام بتحقيقه.
ولما قدمت رسالة الماجستير إلى جامعة الملك عبد العزيز تحققت أمنيتي برؤية نسخة من الكتاب، فشرعت في مطالعته وازددت إعجابا به غير أن نفسي كانت تنازعني إلى البحث عن مواضيع أخرى ما بين موضوع مبتكر ومخطوط ثمين لم ينشر، فكنت أبحث في فهارس المخطوطات وأقلب الفكر في عدد من الموضوعات وأستشير أساتذة فضلاء وأصدقاء نبلاء أحيانا في هذا اللون وأخرى في ذلك، ما بين مشجع على بعضها وما بين صارف عنها، وموضوعي الأول النكت يلاحقني ويداعب فكري كلما عرض لي هذا الموضوع أو ذاك. وأخيرا لم

(1/15)


أجد بدا من الاستسلام إلى تلك الرغبة الملحة، فقوي العزم وصممت الإرادة على العمل في ذلك الكتاب الذي فرض عليّ العمل فيه فرضاً فاستشرت فيه أستاذي الكبير الدكتور محمد محمد أبا شهبة، فأعجبه ذلك فوافق عليه متقبلا الإشراف عليه جزاه الله عني خير الجزاء.
فحينئذ شرعت في العمل فيه، فكان موضوع رسالتي للدكتوراه هو كتاب النكت لبن حجر على ابن الصلاح.
تحقيق ودراسة.
واستلزم العمل فيه أن أجعله على قسمين: قسم الدراسة، وقسم للتحقيق...
قسم الدراسة:
ويشتمل: على مقدمة وبابين.
المقدمة: فيما حظيت به السنة من عناية وخدمة وحفظ في نشأة علوم الحديث وتطورها والمؤلفات فيها ثم ذكرت فيها أسباب اختياري للعمل في كتاب النكت.
أما البابان: فالأول يشتمل على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: في التعريف بالحافظ ابن الصلاح.
الفصل الثاني: في التعريف بالحافظ العراقي.
الفصل الثالث: في التعريف بالحافظ ابن حجر.
والباب الثاني: في دراسة الكتاب ويشتمل على أربعة فصول:
الفصل الأول: في تنكيت الحافظ ابن حجر على ابن الصلاح.
الفصل الثاني: في تنكيت الحافظ ابن حجر على العراقي.
الفصل الثالث: في مناهج الأئمة الثلاثة.
الفصل الرابع: في تعقباتي على الحافظ.

(1/16)


قسم التحقيق:
ويشتمل على بابين:
الباب الأول: وفيه ثلاثة فصول.
الفصل الأول: وفيه تحقيق اسم الكتاب.
الفصل الثاني: وفيه إثبات نسبة الكتاب إلى المؤلف.
الفصل الثالث: وفيه وصف مخطوطات الكتاب وبيان أماكن كل منها.
الباب الثاني: وفيه تحقيق نصوص الكتاب، وعملي فيه كالآتي:
1- حققت نصوص الكتاب بالاعتماد على خمس نسخ بعضها منقول عن نسخة المصنف وبعضها عن نسخ منقولة عن أصل المصنف، وقد حاولت قدر المستطاع أن يخرج نص الكتاب على أقرب صورة وضعها عليه المؤلف.
ثم أشرت إلى بدء الصفحات لكل نسخة بوضع خط مائل بعد الكلمة الأولى من أول كل صفحة، ثم أكتب في محاذاتها في الهامش رمز تلك النسخة وذلك ليسهل الرجوع إلى الأصول لمن أراد ذلك.
2- ميزت بين تنكيت الحافظ ابن حجر على ابن الصلاح والعراقي – بالإضافة إلى رمزيهما اللذين وضعهما الحافظ ابن حجر (ص) لابن الصلح، (ع) للعراقي – بأن وضعت لكل منهما أرقاما متسلسلة فلما يخص ابن الصلاح أرقامه ولما يخص العراقي أرقامه.
3- عرفت بالأعلام المذكورين في الكتاب تعريفا موجزا يتناول درجة الشخص المعرف به واسمه ونسبه ووفاته إلا من عجزت على الوقوف على ترجمته.
4- خرجت الأحاديث الواردة في الكتاب إلا ما لم أجده، وتكلمت عليها

(1/17)


تصحيحا وتضعيفا موافقا تارة للحافظ، وتارة مخالفا له إذا ظهر لي أن الصواب في خلاف ما قاله.
5- خرجت الآثار الواردة في الكتاب.
6- أرجعت النصوص والأقوال التي استقاها الحافظ عن غيره من العلماء إلى أصولها مبينا مواضعها من الأجزاء والصفحات إلا ما لم أجده.
7- أشرت إلى كثير من النصوص التي استفادها منه من بعده من العلماء خصوصا الصنعاني في توضيح الأفكار.
8- شرحت المفردات اللغوية والاصطلاحية.
9- ناقشت المؤلف في بعض آرائه وأيدت ما ظهر لي أنه الصواب.
وختمت الكتاب بالفهارس العلمية الضرورية وهي:
أ- فهرس مصادر الكتاب ومراجع التحقيق.
ب- فهرس الأعلام المترجم لهم.
ج- فهرس الأحاديث.
د- فهرس الآثار.
هـ- فهرس المواضيع.

(1/18)


الباب الأول: في دراسة كتاب النكت للحافظ ابن حجر، على ابن الصلاح
الفصل الأول: في التعريف بالحافظ ابن الصلاح
...
الفصل الأول: في التعريف بالحافظ ابن الصلاح
التعريف بالإمام ابن الصلاح1:
هو الإمام الحافظ المفتي شيخ الإسلام تقي الدين أبو عمرو عثمان بن المفتي عبد الرحمن صلاح الدين بن عثمان بن موسى الكردي الشهرزوري الشافعي أحد أئمة المسلمين علما ودينا.
ولد سنة (557) في شرخان قرية قريبة من شهرزور2 التابع لإربل شمالي العراق فنسب إليها لكن اشتهرت نسبته إلى شهرزور. وكان والده عبد الرحمن يلقب صلاح الدين فنسب إليه وعرف بابن الصلاح.
ونشأ في بيت علم ورئاسة فكان أبوه صلاح الدين من العلماء الأجلاء فقيها متبحرا في فقه الإمام الشافعي تولى الإفتاء وعرف بالعلم والنبل والفضل.
__________
1 له ترجمة في الكتب الآتية:
- وفيات الأعيان 3/ 243- 244.
- تذكرة الحفاظ / 1430- 1431.
- طبقات الشافعية للسبكي 8/ 326.
- شذرات الذهب 5/ 221- 222.
- الأعلام للزركلي 4/ 369.
- معجم المؤلفين 6/ 257.
2 شهرزور بفتح الشين وسكون الهاء وفتح الراء وضم الزاي وسكون الواو.

(1/21)


في عهد الملوك الأيوبيين عاش ابن الصلاح، وهو عهد لقي من الملوك والأمراء تشجيعا على العلم بإنشاء المدارس والمكتبات ورصد الأوقاف على المؤسسات العلمية وعلى طلاب العلم والعلماء كما أنها تهيئ للعلماء الجو وتفسح أمامهم المجال ليتبوؤوا أرقى المناصب فتنافس العلماء في تحصيل العلوم، في هذا الوسط عاش ابن الصلاح فشمر عن ساعد الجد لا يألوا جهدا في تحصيل العلوم.
ولقي عناية فائقة وتشجيعا من أبيه الفاضل العالم يعلمه ويربيه ويوجهه ويدفعه لأن يرتحل في طلب العلم بعد أن درس عليه المهذب مرتين. أرسله في ريعان شبابه إلى الموصل فحصل العلوم بأنواعها الفقه والحديث والتفسير والأصول.
ثم واصل رحلته العلمية إلى بلدان العالم الإسلامي فارتحل إلى بغداد فسمع من أبي أحمد بن سكينة وعمر بن طبرزد، وإلى همذان ونيسابور ومرو فتلقى من العلوم الكثير خاصة علوم الحديث على أيدي كثير من العلماء ثم رجع أدراجه إلى البلاد العربية حلب وحران ودمشق فأخذ عن علمائها ما يروي ظمأه ويصل به إلى مرحلة التكامل والنضج وما يبلغ درجة الأستاذ العالم الموجه.
وانتهى به المطاف إلى أن استقر في بلاد الشام مع أبيه وأسرته ويستقبل عهدا جديدا؛ عهد المسؤولية ونشر العلم فتولى التدريس بالمدرسة الأسدية بحلب (نسبة إلى أسد الدين شيركوه) ودرس بالمدرسة الناصرية بالقدس (نسبة إلى الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب) وأقام بها مدة. واشتغل عليه الناس وانتفعوا به.
ثم انتقل إلى دمشق وتولى التدريس بالمدرسة الرواحية التي أنشأها أبو القاسم هبة الله بن عبد الواحد بن رواحة الحموي.
ولما بنى الملك الأشرف ابن الملك العادل بن أيوب دار الحديث بدمشق فوض تدريسها إليه.

(1/22)


ثم تولى التدريس بمدرسة ست الشام زمرد خاتون بنت أيوب فكان يقوم بوظائفه في هذه المدارس من غير إخلال أو تقصير1.
شيوخه:
رأينا أن الإمام ابن الصلاح قام برحلات واسعة ولم تنص المصادر التي وقفت عليها إلا على عدد يسير من شيوخه فمنهم:
1- والده صلاح الدين عبد الرحمن بن عثمان بن موسى الكردي الشهرزوري أخذ عليه المهذب مرتين. توفي صلاح الدين سنة 618.
2- ومنهم عماد الدين أبو حامد ابن يونس2 الفقيه الأصولي (ت 608).
3- ومنهم عبيد الله السمين.
4- ونصر الله بن سلامة.
5- ومحمد بن علي الموصلي.
6- وعبد المحسن بن الطوسي.
7- وأبو أحمد عبد الوهاب بن عبد الله البغدادي3 كان حجة علما فقيها محدثا (ت607).
8- وأبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم السمعاني4 (ت 618).
9- ومنهم أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة (ت 620).
__________
1 وفيات الأعيان 3/ 244- 245؛ طبقات الشافعية للسبكي 8/327.
2 له ترجمة في وفيات الأعيان 3/ 385، الطبقات للسبكي 5/45.
3 له ترجمة في الذيل على الروضتين ص 70، العبر 5/23.
4 له ترجمة في العبر 5/68، وفيات الأعيان 2/381. وانظر أسماء بقية الشيوخ في تذكرة الحفاظ 4/1430.

(1/23)


تلاميذه1:
منهم:
1- فخر الدين عمر الكرخي.
2- ومجد الدين ابن المهتار.
3- والشيخ تاج الدين عبد الرحمن.
4- وزين الدين أبو محمد عبد الله بن مروان الفارقي (ت 703).
5- والقاضي شهاب الدين الجوري.
6- والخطيب شرف الدين الفراوي.
7- والشهاب محمد بن شرف الدين.
8- والصدر محمد بن حسن الأرموي.
مزاياه وثناء العلماء عليه:
قال الذهبي: "كان سلفيا حسن الاعتقاد كافا عن تأويل المتكلمين مؤمنا بما ثبت من النصوص غير خائض ولا متعمق. وكان وافر الجلالة حسن البزة كثير الهيبة موقرا عند السلطان والأمراء تفقه به الأئمة"2.
وقال ابن خلكان: "وكان من العلم والدين على قدم حسن. ولم يزل أمره جاريا على سداد وصلاح حال واجتهاد في الاشتغال والنفع"3.
__________
1 انظر أسماءهم في تذكرة الحفاظ 4/1432.
2 تذكرة الحفاظ 4/1431.
3 وفيات الأعيان 3/244، تذكرة الحفاظ 4/1431.
وانظر المدخل إلى علوم الحديث للأستاذ العتر ص 25، فتح المغيث للسخاوي السلفية 1/13.

(1/24)


وقال السخاوي: "وكان إماما بارعا حجة متبحرا العلوم الدينية بصيرا بالمذهب ووجوهه خبيرا بأصوله عارفا بالمذاهب جيد المادة في اللغة العربية حافظا للحديث متفننا حسن الضبط وافر الحرمة عديم النظير في زمانه مع الدين والعبادة والنسك والصيانة والورع والتقوى. انتفع به خلق وعولوا على تصانيفه".
وفاته:
توفي رحمه الله في الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وستمائة بدمشق وكثر التأسف لفقده وحمل نعشه على الرؤوس وكان على جنازته هيبة وخشوع ودفن بمقابر الصوفية رحمه الله وغفر له1.
مؤلفاته:
له رحمه الله مؤلفات كثيرة في مختلف العلوم استفاد منها العلماء بعده فكانت من أهم مراجعهم ومصادرهم التي يعتمدون عليها.
فمنها:
1- أدب المفتي والمستفتي2.
2- الأمالي3. مخطوط.
3- شرح الوسيط4 في الفقه الشافعي، أبدى فيه انتقادات علمية واجتهادات فقهية دقيقة.
4- صلة الناسك في صفة المناسك5. جمع فيه جملة من المسائل النافعة التي يحتاج إليها الناس في مناسك الحج. مخطوط.
__________
1 وفيات الأعيان 3/ 244؛ تذكرة الحفاظ 4/1431
2 شذرات الذهب 5/222.
3 الأعلام للزركلي 4/369.
4 شذرات الذهب 5/222؛ سماه مشكل الوسيط. الأعلام للزركلي 4/369.
5 وفيات الأعيان 3/244؛ الأعلام 4/369.

(1/25)


5- طبقات الشافعية1.
6- علوم الحديث. أجمع الكتب في هذا الفن2، ولقي حظا كبيرا من العلماء.
7- الفتاوى3. جمعه بعض أصحابه وطبع في مجلد فيه له اجتهادات.
8- فوائد الرحلة4. كتاب ممتع جمع فيه فوائد في علوم متنوعة قيدها في رحلته إلى خراسان. مخطوط.
9- مشكل الوسيط5. في مجلد كبير.
10- المؤتلف والمختلف في أسماء الرجال6.
11- النكت على المهذب7.
هذا من آثاره النافعة تغمده الله برحمته.
__________
1 شذرات الذهب 5/222، الأعلام للزركلي 4/369.
2 وفيات الأعيان 3/ 244، شذرات الذهب 5/ 222، الأعلام للزركلي 4/369.
3 شذرات الذهب 5/222، الأعلام 4/369.
4 شذرات الذهب 5/222، الأعلام 4/369.
5 وفيات الأعيان 3/244، شذرات الذهب 5/222.
6 المدخل إلى علوم الحديث للأستاذ العتر ص 27.
7 شذرات الذهب 5/222.

(1/26)


الفصل الثاني: تعريف بالحافظ العراقي 1
هو الحافظ الإمام الكبير الشهير أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن ابي بكر بن إبراهيم العراقي الكردي حافظ عصره.
ولد في جمادى الأولى سنة خمس وعشرين وسبعمائة بمصر. وكان أصل أبيه من بلدة يقال لها رازيان من أعمال إربل ثم قدم القاهرة وهو صغير فنشأ بها وتزوج وأنجب المترجم له2.
توفي والده وعمره ثلاث سنين فنشأ يتيما وكان كثير التردد على صديق والده الشيخ تقي الدين العناني فيحنو ويعطف عليه ويكرمه واتجهت همته لحفظ القرآن وهو ابن ثمان سنين واشتغل بعلم القراءات والعربية فأخذ ذلك عن جماعة منهم:ـ
1 له ترجمة في:
- لحظ الألحاظ ص220- 239.
- الضوء اللامع 4/171- 178.
- ذيل الطبقات للسيوطي ص 370- 372.
- شذرات الذهب 7/55- 57.
- حسن المحاضرة 1/204.
- الأعلام للزركلي 4/119.
2 لحظ الألحاظ ص220- 221. الضوء اللامع 4/171.

(1/27)


الشيخ ناصر الدين محمود بن شمعون1 وانهمك انهماكا بينا في القراءات فنهاه عن ذلك القاضي عز الدين ابن جماعة قائلا له إنه علم كثير التعب قليل الجدوى، وأشار عليه بالاشتغال بعلم الحديث لما رأى من قوة ذكائه وتوقد ذهنه2.
وأقدم سماع وجد له سنة (737) وكان عمره إذا ذاك اثنتي عشرة سنة وأقبل بهمة عالية وجد ونشاط على طلب الحديث فأخذ عن علاء الدين ابن التركماني الحنفي وبه تخرج وانتفع به فسمع عليه وعلى ابن شاهد الجيش صحيح البخاري وسمع على ابن عبد الهادي صحيح مسلم وأخذ عن جماعة من مشايخ مصر والقاهرة منهم:
محمد بن علي القطرواني، ومحمد بن إسماعيل بن الملوك، ومحمد بن عبد الله بن أبي البركات النعماني وغيرهم3.
رحلاته:
ثم اتجهت همته إلى أن يرتحل تأسيا بمن سلفه من أئمة الحديث وعلمائه فقام برحلة إلى دمشق وسمع من عدة من علمائها منهم تقي الدين السبكي ومحمد بن إسماعيل الحموي.
وإلى حلب فسمع عن جماعة من علمائها.
وإلى حماة فسمع عن جماعة من علمائها.
وإلى طرابلس وبعلبك وبيت المقدس وغزة ومكة والمدينة شرفهما الله وسمع عن عدد كبير من علماء هذه البلدان التي جال فيها ومن وقت أن ارتحل إلى الشام في سنة أربع وخمسين وسبعمائة مكث مدة لا تخلو له سنة في
__________
1 لحظ الألحاظ ص 271
2 الضوء اللامع 4/172؛ لحظ الألحاظ ص 271.
3 لحظ الألحاظ ص 222. الضوء اللامع 4/172؛ شذرات الذهب 7/55.

(1/28)


الغالب1 من الرحلة في الحج أو طلب الحديث وفي مدة إقامته في وطنه لو يكن له هم سوى السماع والتصنيف والإفادة فتوغل في ذلك حتى أن غالب أوقاته أو جميعها لا يصرفها في غير الاشتغال في العلوم وكان له ذكاء مفرط وسرعة حافظة، حفظ من الإلمام أربعمائة سطر في يوم واحد2.
شيوخه:
للحافظ العراقي كثرة كاثرة من الشيوخ في بلده، والبلدان التي كان يرتحل إليها، منهم غير من ذكرنا سابقا:
عماد الدين ابن كثير، ومحمد بن موسى الشقراوي، وعبد الله بن محمد بن المهندس، وابن قيم الضيائية عبد الله بن إبراهيم المقدسي، وأبو بكر بن عبد العزيز بن أحمد بن رمضان، ومحمد بن محمد بن عبد الغني الحراني3.
تلاميذه:
انفرد الحافظ العراقي في عصره بالإملاء فقصده لأجل ذلك ولغيره الناس من أقطار العالم الإسلامي للسماع عليه والأخذ عنه الجم الغفير والعدد الكثير حتى أن بعض شيوخه كان يأخذ عنه.
ونكتفي بذكر بعضهم فمنهم:
ولده القاضي أبو زرعة ولي الدين العراقي4.
__________
1 لحظ الألحاظ ص 223- 226. الضوء اللامع 4/172.
2 لحظ الألحاظ ص 226.
3 لحظ الألحاظ ص 222- 225.
4 الضوء اللامع 4/175. لحظ الألحاظ ص 222.

(1/29)


ومنهم الحافظ الإمام علي بن أحمد بن حجر لازمه عشر سنين1.
ومنهم الحافظ نور الدين أبو بكر الهيثمي لازمه أكثر حياته2.
صفاته وثناء العلماء عليه:
قال ابن فهد المكي: "وكان رحمه الله صالحا دينا ورعا عفيفا صينا متواضعا حسن النادرة، والفاكهة منجمعا ذا أخلاق حسنة منور الشيبة جميل الصورة كثير الوقار قليل الكلام إلا في محل الضرورة فإنه يكثر الانتصار، تاركا لما لا يعنيه طارحا للتكلف شديد الاحتراز في الطهارة ولم يكن ذلك يخرجه إلى الوسوسة.
وكان - رحمه الله - شديد التواضع لا يرى له على أحد فضلا، كثير الحياء، ليس بينه وبين أحد شحناء حليما واسع الصدر لا يغضب إلا لأمر عظيم ويزول في الحال. ليس عنده حقد ولا غش ولا حسد لأحد، لا يواجه أحدا بما يكره ولو آذاه وعاداه مع صدعه بالحق وقوة نفسه فيه لا يأخذه في الله لومة لائم، لا يهاب أميرا ولا سلطانا في قول الحق، وكان - رحمه الله - كثير التلاوة وافر الحرمة والمهابة، نقي العرض ماشيا على طريقة السلف الصالح من المواظبة على قيام الليل وصيام الأيام البيض من كل شهر والست من شوال والجلوس في محله بعد صلاة الصبح مع الصمت إلى أن ترتفع الشمس فيصلي الضحى، وعلى الاستماع والإقراء والتدريس والتصنيف وكان - رحمه الله - ذا فضائل جمة من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم والآداب"3.
وكان الإمام جمال الدين الأسنوي وهو من شيوخه يستحسن كلامه ويصغي إليه ويقول: إن ذهنه صحيح لا يقبل الخطأ، وكان يثني على فهمه
__________
1 الضوء اللامع 2/37.
2 لحظ الألحاظ ص 239. الضوء اللامع 5/201.
3 لحظ الألحاظ ص 228- 229. وانظر الضوء اللامع 4/175.

(1/30)


ويمدحه بذلك. وكان يحث الناس على الاشتغال عليه وعلى كتابة مؤلفاته وينقل عنه في مصنفاته1.
وقال التقي الفاسي في ذيل التقييد: "كان حافظا متقنا عارفا بفنون الحديث والفقه والعربية وغير ذلك كثير الفضائل والمحاسن متواضعا ظريفا ومسموعاته وشيوخه في غاية الكثرة وأخذ عنه علماء الديار المصرية وغيرهم وأثنوا عليه خيرا"2.
وفاته:
توفي - رحمه الله - في ليلة أو يوم الأربعاء ثامن شعبان سنة ست وثمانمائة بالقاهرة وله إحدى وثمانون سنة ورثاه جماعة من تلاميذه منهم الحافظ ابن حجر في قصيدة أطال فيها النفس منها:
مصاب لم ينفس للخناق ... أصاد الدمع جار للمآقي
فيا أهل الشام ومصر فابكوا ... على عبد الرحيم بن العراقي
على الحبر الذي شهدت قروم ... له بالانفراد على اتفاق
ومن فتحت له قدما علوم ... غدت عن غيره ذات انفلاق3
مؤلفاته:
للحافظ العراقي مؤلفات كثيرة أذكر منها ما يتسع له المقام منها:
1- الأحاديث المخرجة في الصحيحين التي تكلم فيها بضعف أو انقطاع4.
__________
1 لحظ الألحاظ ص 226- 227.
2 الضوء اللامع 4/176.
3 إنباء الغمر 5/173.
4 لحظ الألحاظ ص 231.

(1/31)


2- الأربعون تساعية1.
3- أربعون عشارية2 ومنها نسخة بالخزانة الكتانية3.
4- أربعون بلدانية4.
5- الاستعاذة بالواحد من إقامة جمعتين في مكان واحد5.
6- ألفية مصطلح الحديث6 طبعت مجردة بالرباط وبالهند ومع تعليق من شرح المصنف.
7- ألفية غريب القرآن7.
8- تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد8.
9- التقييد والإيضاح في مصطلح الحديث. ويسمى النكت على ابن الصلاح9.
10- الدرر السنية في نظم السيرة الزكية طبعت برباط المغرب10.
__________
1 لحظ الألحاظ ص 232.
2 لحظ الألحاظ ص 232.
3 انظر تصدير شرح الألفية ص 18 للمحقق محمد بن الحسين العراقي.
4 لحظ الألحاظ ص 232.
5 الضوء اللامع 4/173. لحظ الألحاظ ص 230.
6 الضوء اللامع 4/173. لحظ الألحاظ ص 230.
7 لحظ الألحاظ ص 230. الضوء اللامع 4/173.
8 لحظ الألحاظ ص 230. الضوء اللامع 4/173.
9 سيأتي الكلام عليه.
10 لحظ الألحاظ ص 230. ذيل طبقات الحفاظ للسيوطي ص 371. الضوء اللامع 4/173.

(1/32)


11- الذيل على ذيل العبر للذهبي1.
12- شرح ألفية الحديث له2 طبع بالمطبعة الجديدة بطالعة فاس سنة (1354)?.
13- المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار3 (يعني إحياء علوم الدين للغزالي).
__________
1 الأعلام للزركلي 4/119.
2 لحظ الألحاظ ص 230. الضوء اللامع 4/173.
3 لحظ الألحاظ ص 229. الضوء اللامع 4/173.

(1/33)


الفصل الثالث: تعريف بالحافظ ابن حجر 1
عصر الحافظ ابن حجر:
كانت الفترة التي عاش فيها الحافظ ابن حجر العسقلاني - في أخريات القرن الثامن والنصف الأول من القرن التاسع - من أحفل الفترات التاريخية بالعلماء وأزخرها بالمدارس ودور الكتب وحلقات الدروس ورغم ما في هذا العصر من اضطراب سياسي واجتماعي فإن الحكام والأمراء قد عنوا بتشييد المدارس والمكتبات وتشجيع العلماء وإغرائهم بالمال والمناصب مما سبب تنافسا عظيما بين العلماء في نشر العلم بالتعليم والتأليف في مختلف ميادين المعرفة.
اسمه ونسبه:
هو شيخ الإسلام الأستاذ إمام الأئمة شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن
__________
1 انظر ترجمته في الضوء اللامع 2/36- 40. والجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر مصورة عن مخطوطة بدار الكتب المصرية برقم 4768 تاريخ وجمان الدرر لابن خليل الدمشقي مصورة عن نسخة بدار الكتب برقم 726 وذيل طبقات الحفاظ للسيوطي ص 370، نظم العقيان للسيوطي ص 45- 46، شذرات الذهب 7/270- 272، البدر الطالع للشوكاني 1/87- 92، معجم المؤلفين 2/20- 22. وقد ذكر كثيرا من المصادر ترجمة الحافظ.

(1/35)


علي بن محمد بن على بن أحمد الكناني1 العسقلاني2 المصري القاهري الشافعي يعرف بابن حجر وهو لقب لبعض آبائه.
مولده:
كان مولده في شعبان سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة على شاطئ النيل بمصر القديمة.
ونشأ الحافظ ابن حجر يتيما؛ إذ مات أبوه في رجب سنة سبع وسبعين وسبعمائة.
وماتت أمه قبل ذلك وهو طفل. وكان أبوه قد أوصى به إلى رجلين ممن كانت بينه وبينهم مودة هما:
زكي الدين أبو بكر ابن نور الدين علي الخروبي (ت 787) وكان تاجرا كبيرا بمصر.
وثانيهما: العلامة شمس الدين ابن القطان (ت 813) الذي كان له بوالده اختصاص.
فنشأ في كنف الوصاية في غاية العفة والصيانة، ولم يأل زكي الدين الخروبي جهدا في رعايته والعناية به وبتعليمه، فكان يستصحبه معه عند مجاورته في مكة، وظل يرعاه إلى أن مات سنة (787). وكان الحافظ قد راهق ولم تعرف له صبوة ولم تضبط له زلة. حفظ القرآن وهو ابن تسع سنين، وصلى بالناس التراويح إماما في المسجد الحرام وهو ابن اثنتي عشرة سنة إبان مجاورته مع وصيه الخروبي بمكة المكرمة سنة (785).
__________
1 الكناني - بكسر الكاف وفتح النون وبعد الألف نون ثانيا نسبة إلى قبيلة كنانة. الجواهر والدرر ل 13/أ.
2 نسبة إلى عسقلان مدينة بساحل الشام من فلسطين. الضوء اللامع 2/36؛ جمان الدرر ل 2/ب.

(1/36)


وحفظ بعد رجوعه إلى مصر سنة (786) عمدة الأحكام لعبد الغني المقدسي والحاوي الصغير للقزويني، ومختصر ابن الحاجب الأصلي، والملحة وغيرها.
وكان قد أعطي حافظة قوية، فكان يحفظ كل يوم نصف حزب من القرآن، وكان في غالب أيامه يصحح الصحيفة من الحاوي الصغير، ثم يقرأها مرة أخرى ثم يعرضها في الثالثة حفظا، ثم لازم كثيرا من الشيوخ من المحدثين والفقهاء والقراء واللغويين والأدباء، واستفاد من علومهم.
وحبب إليه الحديث النبوي، فأقبل بكليته عليه وأخذ عن مشايخ عصره وقد بقي منهم بقايا وواصل الغدو بالرواح إليهم.
ولازم الحافظ العراقي عشر سنين وتخرج به، وانتفع بملازمته كما لازم شيوخا آخرين في الحديث وفي فنون أخرى.
وجد في طلب العلوم منقولها ومعقولها حتى بلغ الغاية. وصار كلامه مقبولا لا يعدو الناس مقالته لشدة ذكائه وطول باعه في العلوم.
رحلاته في طلب العلم:
كانت الرحلة في طلب العلم سنة متبعة منذ فجر الإسلام، فكان الصحابة يرحلون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليتلقوا عنه مبادئ الإسلام وتوجيهاته. ورحل الصحابة والتابعون بعضهم إلى بعض، ثم تتابعت الأجيال الإسلامية على هذا النهج لا سيما أهل الحديث، فقد كانوا يرحلون زرافات ووحدانا يضربون في جنبات العالم الإسلامي شرقا وغربا ارتيادا للحديث وأهله، واستمروا على هذه الحال إلى عهد الحافظ ابن حجر - رحمه الله - فكان واحدا من هؤلاء الأفاضل الشغوفين بالعلم والتضلع منه، فأخذ بحظ وافر في هذا المجال فجال في مصر والشام والحجاز واليمن والتقى بعدد كبير من العلماء في هذه البلدان وحمل عنهم شيئا كثيرا من العلم واستفاد منهم وأفاد.

(1/37)


شيوخ الحافظ:
اهتم الحافظ ابن حجر بذكر شيوخه وردد أسماءهم في كثير من كتبه وأعطى عنهم معلومات قيمة إلى جانب ذلك، فقد أفرد ذكرهم في كتابين عظيمين مازالا مخطوطين1 هما:
الأول: المجمع المؤسس للمعجم المفهرس ترجم فيه لشيوخه وذكر مروياتهم بالسماع أو الإجازة أو الإفادة عنهم.
والثاني: المعجم المفهرس وهو فهرس لمرويات الحافظ ذكر فيه شيوخه خلال ذكره لأسانيده في الكتب والأجزاء والمسانيد.
وقسم السخاوي2 شيوخ الحافظ إلى ثلاثة أقسام:
الأول: من سمع منه الحديث ولو حديثا واحدا.
الثاني: من أجازوا ولو في استدعاءات بنيه.
الثالث: من أخذ عنه مذاكرة أو إنشادا أو سمع خطبته أو تصنيفه أو شهد له ميعادا، وربما يكون من كل من القسمين تتلمذ له وعنه واستفاد على جاري عادة الحفاظ.
وبلغ مجموع شيوخه ستمائة وزيادة على أربعين شيخا، وقسمهم ابن خليل الدمشقي في جمان الدرر3 إلى ثلاثة أقسام أيضا وأوصل عددهم إلى ستمائة وتسعة وثلاثين شيخا.
ونكتفي هنا بذكر بعض شيوخه وهم الذين كان لهم أثر في حياته نظرا أولا لكثرتهم، وثانيا أنه تكفل بذكرهم في كتابيه سالفي الذكر.
__________
1 وهما بدار الكتب المصرية ولهما صورتان في مكتبة الصديق بمنى.
2 الجواهر والدرر ل36/ب- 44/ب.
3 ل11/ب- 24/أ.

(1/38)


كما تكفل بذكرهم تلميذه السخاوي في كتابه الجواهر والدرر، ثم ابن خليل الدمشقي في جمان الدرر.
فمن شيوخه الذين لازمهم وكان لهم أثر واضح في نبوغه وحياته:
1- إبراهيم1 بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد المؤمن بن علوان التنوخي البعلي الأصل، الدمشقي المنشأ، الشيخ برهان الدين الشامي، بلغ عدد شيوخه ستمائة بالسماع والإجازة يجمعهم معجمه الذي خرجه له الحافظ ابن حجر. نزل أهل مصر بموته درجة قرأ عليه الحافظ شيئا من القرآن ثم قرأ عليه الشاطبية وصحيح البخاري وبعض المسانيد والكتب والأجزاء وخرج له المائة العشارية ثم الأربعين التالية لها ووأذن له بالإقراء سنة (796) - توفي التنوخي سنة (800).
2- عمر بن رسلان بن نصير بن صالح الكناني العسقلاني الأصل، ثم البلقيني2 المصري الشافعي أبو حفص سراج الدين، مجتهد حافظ للحديث من أكابر العلماء أفتى ودرس وهو شاب وناظر الأكابر وظهرت فضائله وبهرت فوائده وطار في الآفاق صيته.
سمع الحديث من جماعة من مشايخ عصره، وأجاز له الذهبي والمزي وغيرهما وكان معظما عند الأكابر عظيم السمعة عند العوام، وقد لازمه الحافظ ابن حجر وقرأ عليه الكثير من الروضة ومن كلامه على حواشيها، وكتب له بخطه بالإذن بالإعادة وهو أول من أذن له في
__________
1 ترجمته في المجمع المؤسس الورقة 4- 31 نقلا عن رسالة ابن حجر ودراسة مصنفاته للدكتور شاكر عبد المنعم 1/148، عنوان الزمان مجلد 1/ل37، الدرر الكامنة 1/11.
2 ترجمته في إنباء الغمر 5/107، لحظ الألحاظ ص206- 220، الضوء اللامع 6/85- 90، الأعلام للزركلي 5/205، جمان الدرر ل30/ب.

(1/39)


التدريس والإفتاء وتبعه غيره. له مؤلفات منها: محاسن الاصطلاح في المصطلح، وحواشي على الروضة، مات سنة (805).
3- عمر بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله الأنصاري الأندلسي ثم المصري المعروف بابن الملقن1 كان أكثر أهل عصره تصنيفا. فشرح المنهاج عدة شروح وخرج أحاديث الرافعي في ست مجلدات وشرح صحيح البخاري في عشرين مجلدة. توفي سنة 804.
4- محمد بن أبي بكر بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الحموي الأصل المصري الشافعي، ويعرف بابن جماعة2 عز الدين، فقيه أصولي محدث متكلم أديب نحوي لغوي مشارك في غير ذلك وكان يقول: "أعرف خمسة عشر علما لا يعرف علماء عصري أسماءها".
وصنف التصانيف الكثيرة التي جمع أسماؤها في جزء مفرد.
قال السخاوي: "ضاع أكثرها منها: النصف الأول من حاشية العضد وشرح جمع الجوامع وشرح علوم الحديث لابن الصلاح". أخذ عنه الحافظ ابن حجر ولازمه في غالب العلوم التي كان يقرؤها من سنة 790 إلى أن مات سنة 819.
تلاميذ الحافظ ابن حجر:
إن المكانة الرفيعة التي تبوأها الحافظ ابن حجر بعلمه الواسع وأخلاقه الكريمة وبعد صيته وطريقته المثلى في التدريس والتربية قد لفتت أنظار الناس من
__________
1 ترجمته في إنباء الغمر 2/216- 219. لحظ الألحاظ ص 199- 203. ذيل طبقات الحفاظ للسيوطي ص 269.
2 ترجمته في إنباء الغمر 7/240- 243. الضوء اللامع 7/171- 174. لحظ الألحاظ ص267.

(1/40)


علماء وطلاب فتنافسوا في الرحلة إليه والأخذ عنه لينهلوا من علومه الغزيرة وليفيدوا من آدابه وأخلاقه الرفيعة فكثر عددهم وأصبح رؤساء العلماء من كل مذهب وفي كل قطر إسلامي من تلاميذه.
ولقد سرد السخاوي في الجواهر والدرر1 أسماء جماعة من الذين أخذوا عنه رواية ودراية فبلغ عددهم خمسمائة شخص. وفي جمان الدرر2 أورد ابن خليل الدمشقي حوالي ثلاثمائة وخمسين نفسا من تلاميذه والآخذين عنه.
والمجال هنا لا يتسع إلا لذكر قليل منهم.. فمنهم:
1- إبراهيم بن علي بن الشيخ بن برهان الدين بن ظهيرة3 المكي الشافعي قرأ على الحافظ النصف الأول من شرح النخبة وقطعة من الحاوي الصغير، ولي قضاء مكة نحو ثلاثين سنة، وإليه انتهت رياسة العلم في الحجاز توفي سنة (891).
2-أحمد بن عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله الكرماني الأصل القاهري الحنفي ويعرف بالكلوتاني4 (شهاب الدين أبو الفتح) محدث. قرا على الحافظ تغليق التعليق بكماله وغيره من تآليفه والاقتراح لابن دقيق العيد. من تصانيفه: مختصر الناسخ والمنسوخ للحازمي، ومختصر في علوم الحديث. توفي سنة (835).
3- أحمد بن محمد بن علي بن حسن الأنصاري الخزرجي شهاب الدين5
__________
1 من ل253/أ- 272/ب.
2 جمان الدرر من ل124/ب- 131/أ.
3 الضوء اللامع 1/88، جمان الدرر ل124/ب، الأعلام 1/47.
4 الضوء اللامع 1/378- 380، جمان الدرر ل125/ب، معجم المؤلفين 1/311.
5 الضوء اللامع 2/147، جمان الدرر ل126/أ لكن ذكر أن وفاته سنة (887)، الأعلام للزركلي 1/219.

(1/41)


المعروف بالحجازي من شيوخ الأدب في مصر، نظم الشعر وقرأ الحديث والفقه واللغة وتصدر للتدريس، أخذ عن الحافظ ابن حجر وغيره من علماء عصره. من مؤلفاته "قلائد النحور من جواهر البحور" والكنس الجواري. توفي سنة (875).
4- زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري1 عالم مشارك في الفقه والأصول والفرائض والتفسير والقراءات والتجويد والحديث.
أخذ عن الحافظ ابن حجر وغيره من أعيان عصره. من مصنفاته الكثيرة: "شرح صحيح مسلم" و"شرح مختصر المزني في الفقه الشافعي" و"شرح ألفية العراقي" في علوم الحديث. مات سنة (926).
5- محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان السخاوي2 الأصل القاهري الشافعي (شمس الدين أبو الخير) فقيه مقرئ محدث مؤرخ مشارك في الفرائض والحساب والتفسير والأصول. أخذ عن جماعة لا يحصون يزيدون على أربعمائة نفس وأذن له غير واحد بالإفتاء والتدريس والإملاء، وسمع الكثير على شيخه الحافظ ابن حجر ولزمه أشد الملازمة وحمل عنه ما لم يشاركه فيه غيره.من مؤلفاته الكثيرة:
"الضوء اللامع لأهل القرن التاسع" في التراجم، و"الجواهر والدرر في ترجمة الحافظ ابن حجر" و"فتح المغيث في ألفية الحديث" مات سنة (902).
__________
1 شذرات الذهب لابن عماد 8/134- 136، البدر الطالع للشوكاني 2/252- 253، معجم المؤلفين 4/172.
2 شذرات الذهب لابن عماد 8/15- 16، البدر الطالع للشوكاني 2/184- 187، معجم المؤلفين 10/150.

(1/42)


6- محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن فهد1 الهاشمي العلوي المكي الشافعي، أخذ عن كثير من العلماء منهم الحافظ ابن حجر وكتب عمن دب ودرج وبرع في الحديث، وفاق أقرانه وصار المعول عليه في هذا الشأن. له مؤلفات منها:
"لحظ الألحاظ ذيل تذكرة الحفاظ" و"الإشراف على جمع النكت الظراف وتحفة الأشراف". توفي سنة871.
صفاته وأخلاقه:
قال ابن تغري بردى في بيان صفاته: "شيخ الإسلام حافظ المشرق والمغرب أمير المؤمنين في الحديث، علامة الدهر شيخ مشايخ الإسلام حامل لواء سنة سيد الأنام، قاضي القضاة أوحد الحفاظ والرواة شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن حجر المصري المولد والمنشأ والدار والوفاة العسقلاني الأصل الشافعي، قاضي قضاة الديار المصرية وعالمها وحافظها وشاعرها... لم يخلف بعده مثله شرقا ولا غربا، ولا نظر هو في مثل نفسه في علم الحديث.
وكان - رحمه الله تعالى - إماما عالما حافظا شاعرا أديبا مصنفا مليح الشكل منور الشيبة حلو المحاضرة إلى الغاية والنهاية، عذب المذاكرة مع وقار وأبهة وعقل وسكون وحلم وسياسة ودربة بالأحكام ومداراة للناس، قل أن كان يخاطب الرجل بما يكره بل كان يحسن إلى من يسيء إليه ويتجاوز عن من قدر
__________
1 الضوء الللامع 9/281- 283، البدر الطالع 2/259- 260، معجم المؤلفين 11/291.

(1/43)


عليه هذا مع كثرة الصوم ولزوم العبادة والبر والصدقات، وبالجملة فإنه أحد من أدركنا من الأفراد"1.
"وكان ورعا شديد التحري والتحرز في مأكله ومشربه وملبسه فلا يأكل إلا من الحلال الطيب، فلقد قدم إليه مرة طعام من جهة لا يحب أن يأكل منها لما سأل عنه وعرف مصدره استدعى بطست وقال: أفعل ما فعله أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - ثم استقاء ما في بطنه"2.
وكان يمتاز بالتواضع والبعد عن التباهي بما منحه الله من مواهب وطاقات عقلية وعلمية. فلقد سئل مرة هل رأيت مثل نفسك؟ فأجاب3 قال تعالى: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُم} 4.
قال ابن فهد: "...لم تر العيون مثله ولا رأى مثل نفسه"5. وكان ضابطا للسانه واسع الصدر واسع الحلم، يغض عمن يؤذيه مع قدرته على الانتقام منه. بل يحسن إلى من أساء إليه ويتجاوز على من قدر عليه بطيء الغضب ما لم يكن في حق الله تعالى. وكان في غاية السماحة والسخاء والبذل مع قصده إخفاء ذلك. وكان بارا بشيوخه وأبنائهم بل بطلبته وأصحابه وخدمه"6. وكان شديد الحرص والمحافظة على الوقت.
__________
1 النجوم الزاهرة 15/532.
2 الجواهر والدرر ل 233.
3 الجواهر والدرر ل 244.
4 من الآية (32) من سورة النجم.
5 لحظ الألحاظ ص336.
6 الجواهر والدرر ل 232/ب.

(1/44)


فكانت همته المطالعة والقراءة والسماع والعبادة والتصنيف والإفادة بحيث لم يخل لحظة من أوقاته عن شيء من ذلك حتى في أكله"1.
"وكان متبعا للسنة شديد التمسك بها جميع أحواله، ويدعو إليها بلسانه وقلمه ويحذر من مخالفتها شديد الإنكار للبدع.
وكان يجهر بالإنكار على ابن عربي ومن نحى نحوه، وينكر مذهبه القبيح في تفضيل الولي على النبي إذ يقول:
مقام النبوة في برزخ ... فويق الرسول ودون الولي
وسأله شيخه البلقيني عن ابن عربي فكفره.
ثم سأله عن ابن الفارض فتردد في تكفيره فأنشده قصيدته التائية أبياتا فقال: هذا كفر هذا كفر"2.
ثناء العلماء على الحافظ ابن حجر مكانته بينهم:
إن مكانة ابن حجر العلمية وسمو آدابه وأخلاقه جعلت العلماء من شيوخه وأقرانه وتلاميذه ومن بعدهم تفيض ثناء عليه وتشيد بمكانته ورسوخ قدمه في العلم والفضل، سجل من ذلك تلميذه السخاوي الشيء الكثير لشيوخه وأقرانه وتلاميذه وسجل ذلك المؤرخون وغيرهم وسوف أجتزئ من ذلك بما يسمح به المقام هنا.
فمن ذلك الثناء ما كتبه شيخه الإمام سراج الدين البلقيني تقريظا لكتاب الحافظ "تغليق التعليق" قال:
__________
1 الجواهر والدرر ل 29.
2 الجواهر والدرر ل 249.

(1/45)


"جمع الشيخ الحافظ المحدث المتقن المحقق شهاب الدين أبي الفضل أحمد ابن الفقير إلى الله نور الدين الشهير بابن حجر"1.
وكتب العلامة برهان الدين الأبناسي في تقريظة للمائة العشارية تأليف الحافظ: "وكان ممن لاحظته عيون السعادة وسبقت له في الأزل الإرادة الشيخ الإمام العالم المحدث المتقن شهاب الدين أحمد بن الشيخ الإمام العالم صدر المدرسين مغني المسلمين أبي الحسن علي الشهير بابن حجر نور الدين الشافعي، لما عنيت به عناية التوفيق ورعاية التحقيق، نظر في العلوم الشرعية وأتقن جلها وحل مشكلها وكشف قناع معضلها وصرف همته العالية إلى أشرفها علم الحديث وهو أفضلها فاجتمع عليه المشايخ الجلة وكل مسند ورحلة فاستفاد منهم وأفاد فانتقى الأسانيد الجياد"2.
وكتب شيخه العلامة عبد الرحيم بن الحسين العراقي: "ولما كان الشيخ العالم الكامل الفاضل الإمام المحدث المفيد المجيد الحافظ المتقن الضابط الثقة المأمون شهاب الدين أبو الفضل ابن الشيخ الإمام العالم الأوحد نور الدين علي العسقلاني المصري الشهير بابن حجر نفع الله به وبلغه غاية أربه ممن وفقه الله لطلبه... إلى أن قال: فجمع الرواة والشيوخ وبين الناسخ والمنسوخ وجمع الموافقات والأبدال، وميز بين الثقات والضعفاء من الرجال وأفرط بجده الحثيث حتى انخرط في مسلك أهل الحديث، وحصل في الزمن اليسير على علم غزير"3.
قال السخاوي: "وبلغني عن شيخنا أبي العباس الحناوي قال: "كنت أكتب الإملاء عن شيخنا العراقي فإذا جاء ابن حجر ارتج له المجلس، وعند عرض الإملاء قل أن يخلو من إصلاح يفيده ابن حجر"4.
__________
1 الجواهر والدرر ل49/ب، جمان الدرر ل32/أ.
2 الجواهر والدرر ل50/أ، جمان الدرر ل32/أ.
3 نفس المصدر السابق.
4 الجواهر والدرر ل51/أ، جمان الدرر ل32/ب.

(1/46)


وكتب تلميذه السخاوي سفرا ضخما في حياته، وترجم له في عدد من مؤلفاته ومن قوله فيه إضافة إلى ما أسلفناه عنه بعد أن ذكر وظائفه وأعماله الجليلة التي قام بها: "وأملى ما ينيف عن ألف مجلس من حفظه، واشتهر ذكره وبعد صيته، وارتحل الأئمة إليه، وتبجح الأعيان بالوفود عليه، وكثرت طلبته حتى كان رؤوس العلماء من كل مذهب تلامذته، وأخذ الناس عنه طبقة أخرى وألحق الأبناء بالآباء والأحفاد بل وأبناءهم بالأجداد، ولم يجتمع عند أحد مجموعهم وقهرهم بذكائه وتفوق تصوره وسرعة إدراكه واتساع نظره ووفور آدابه وامتدحه الكبار وتبجح فحول الشعراء بمطارحته، وطارت فتواه التي لا يمكن دخولها تحت العصر في الآفاق... مع شدة تواضعه وحلمه وبهائه وتحريه في مأكله ومشربه وملبسه وصيامه وقيامه وبذله وحسن عشرته ورضى أخلاقه وميله إلى الفضائل وإنصافه في البحث ورجوعه إلى الحق وخصاله التي لم تجتمع لأحد من أهل عصره، فقد شهد له القدماء بالحفظ والثقة والأمانة والمعرفة التامة والذهن الوقاد والذكاء المفرط وسعة العلم في فنون شتى"1.
وفاته:
بعد تلك الحياة الحافلة بالنشاط الواسع في خدمة العلم ورفع مناره والجهاد في نشره وإشاعته بمختلف السبل من تدريس وإملاء وتأليف وفتاوى وغيرها ذلك النشاط الذي استغرق ما يقرب من ستين عاما فأنجب جيلا من أفذاذ العلماء وسد فراغا كبيرا في المكتبة الإسلامية بالمؤلفات الكثيرة الواسعة الناضجة مما لاغني للمكتبة الإسلامية ولا لرواد العلم عنها.
بعد كل هذا وافاه الأجل المحتوم - سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا - على إثر مرض بدأ به من ذي القعدة من سنة (852) فكان - رحمه الله - يكتم ذلك المرض ويؤدي واجبه من تدريس وإملاء، ولكن المرض ازداد به فتردد إليه الأطباء، وهرع إليه الناس من أمراء وقضاة لعيادته، دام به ذلك المرض أكثر
__________
1 الضوء اللامع 2/39.

(1/47)


من شهر ثم أصيب بإسهال شديد مع رمي الدم1. قال السخاوي "ولا أستبعد أنه أكرمه الله بالشهادة فقد كان الطاعون ظهر"2 ثم أسلم الروح إلى باريها في أواخر شهر ذي الحجة من سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة يوم السبت الموافق للثامن عشر من الشهر المذكور3.
وحضر جنازته الشيوخ وأرباب الدولة وجمع غفير من الناس وازدحموا في الصلاة عليه حتى حزر أحد الأذكياء من مشى في جنازته بأنهم نحو الخمسين ألف إنسان وواروا جثمانه بتربة بني الخروبي بالقرب من الإمام الشافعي4.
كان يوم موته عظيما على المسلمين وحتى على أهل الذمة، ورثاه عدد من الشعراء منهم الشهاب الحجازي بقصيدة تضم أكثر من خمسين بيتا مطلعها:
كل البرية للمنية صائرة ... وقفولها شيئا فشيئا سائرة
والنفس إن رضيت بذا ربحت وإن ... لم ترض كانت عند ذلك خاسرة5
ورثاه تلميذه البقاعي بقصيدة مطلعها:
رزء ألم فقلت الدهر في وهج ... وأعقل الناس منسوب إلى الهوج6
ورثاه أغلب شعراء عصره بأمهات القصائد7. ولا يتسع المجال لذكرها - رحمه الله - وأكرم مثواه.
__________
1 لحظ الألحاظ ص337.
2 الجواهر والدرر ل274.
3 الجواهر والدرر ل275/ب.
4 الجواهر والدرر ل275/ب.
5 الجواهر والدرر ل286، لحظ الألحاظ ص339.
6 الجواهر والدرر ل286.
7 انظر الجواهر والدرر ل286- 291، جمان الدرر من ل133- 137.

(1/48)


مؤلفات الحافظ ابن حجر:
لقد جال الحافظ ابن حجر بقلمه في كل مجال من مجالات العلوم الإسلامية والعربية، وزاحم بفكره ونشاطه وعبقريته أئمة الحديث والتفسير واللغة والأدب والشعر.
وقدم خدمة جلى للأمة الإسلامية لا سيما في الحديث الشريف وعلومه فألف - رحمه الله -:
في علوم القرآن وعلوم الحديث وشرحه وعلل الحديث ونقده وطرقه وتخريجه والعشاريات والأربعينيات وكتب الأطراف والزوائد والأبدال والموافقات والفقه وأصوله والعقائد والمعاجم والمشيخات والفهارس وكتب الرجال والتراجم والمناقب والتاريخ والأدب واللغة ودواوين الشعر.
وما من نوع من هذه الأنواع إلا وله فيه مؤلف أو مؤلفات. وأصبح من العسير أن يحيط أحد بنشاطه أو يحصي مؤلفاته. لذا نرى بعضا ممن ترجموا له يكتفي أن يقول في عدد مؤلفاته أنها تزيد عن مائة وخمسين مؤلفا1.
ومنهم من يقول أنها تزيد على المائة.
قال صاحب اليواقيت والدرر وصاحب بدائع الزهور: "أنها بلغت نحوا من مائة كتاب".
وذكر السخاوي في الضوء اللامع أن مصنفاته زادت على مائة وخمسين، وفي الجواهر والدرر2 ذكر ما يقرب من الواقع فأبلغها ما يزيد على 270 عنوانا، وقال أن الحافظ جمعها في كراسة وأوصلها الدكتور شاكر محمود في رسالته "الحافظ ابن حجر ودراسة مصنفاته" 282 كتابا وأضاف ثمانية وثلاثين مؤلفا نسبت للحافظ.
__________
1 الضوء اللامع 2/38.
2 من ل150- 160.

(1/49)


هذا وليس من الممكن هنا استيفاؤها لكثرتها، ولأن مؤلفين ومترجمين للحافظ قد قاموا بهذا الواجب كالسخاوي في الجواهر والدرر وابن خليل الدمشقي في جمان الدرر والدكتور شاكر محمود عبد المنعم في رسالته "الحافظ ابن حجر ودراسة مصنفاته" التي نال بها شهادة الدكتوراه. وقد بذل جهدا مشكورا في هذه الرسالة لاسيما في إحصاء مؤلفاته، فقد أطال النفس فيذكرها وبيان المصادر التي تذكرها ودراسة بعضها دراسة وافية وبيان أهميتها ثم ترتيبها على حسب المواضيع وقد بلغت ما يقرب من ثلاثمائة مؤلف واستغرقت في رسالته اثنتين وثلاثين وأربعمائة صفحة من ص 252- 687 لأجل هذا سأكتفي بالإشارة إلى بعضها فمنها:
1- إتحاف المهرة بأطراف العشرة. والمقصود بالعشرة: الموطأ ومسند الشافعي ومسند أحمد وجامع الدارمي وصحيح ابن خزيمة والمنتقى لابن جارود وصحيح ابن حبان ومستخرج أبي عوانة ومستدرك الحاكم وشرح معاني الآثار للطحاوي وسنن الدارقطني، وهو مخطوط ومنه نسخة مصورة بمكتبة الجامعة الإسلامية وأخرى في مكتبة لصديق بمنى.
2- الإصابة في تمييز الصحابة. وهو من أشهر مصنفات الحافظ وأعظمها بعد فتح الباري، مطبوع ويقع في أربعة مجلدات.
3- إنباء الغمر بأبناء العمر. رتبه على السنين، أورد في كل سنة أحوال الدول وأحداثها ووفيات الأعيان مستوعبا لرواة الحديث. مطبوع.
3- بلوغ المرام من أدلة الأحكام في مجلد لطيف وهو مطبوع ومشهور.
5- تبصير المنتبه وتحرير المشتبه، حرر فيه كتاب المشتبه للذهبي فضبط فيه الأسماء بالحروف واستدرك فيه ما فات الذهبي من أسماء. مطبوع.
6- تجريد الأسانيد للكتب المشهورة والأجزاء المنثورة المسمى بالمعجم المفهرس، مخطوط منه نسخة بدار الكتب المصرية برقم 331.

(1/50)


7- تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة. يعني رجال الموطأ ومسند أبي حنيفة ومسند الشافعي ومسند أحمد مطبوع.
8- تغليق التعليق يقع في مجلد ضخم يشتمل على وصل الأحاديث المعلقة المرفوعة والآثار الموقوفة والمقطوعة الواقعة في صحيح البخاري.مخطوطة ومنه صورة في مكتبة الحرم المكي.
9- تقريب التهذيب مختصر تهذيب التهذيب له يشتمل على تراجم رجال الكتب الستة مطبوع في مجلدين.
10-التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير. وهو تلخيص للبدر المنير لابن الملقن. وأضاف إليه زوائد وفوائد مهمة. مطبوع في مجلدين.
11- تهذيب التهذيب لخص فيه تهذيب الكمال في الرجال للمزي مع زيادات كثيرة أضافها إليه. مطبوع في اثني عشر جزءا.
12- الحواشي على تلخيص المستدرك.
13- الدراية في تلخيص تخريج أحاديث الهداية. لخص فيه الحافظ نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية للزيلعي مطبوع في مجلد.
14- الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة. وهو من كتب التراجم جمع فيه أعيان القرن الثامن مرتبين على حروف المعجم. مطبوع في خمس مجلدات.
15- فتح الباري بشرح صحيح البخاري وهو أجل شروح البخاري ومن أجل تصانيف الحافظ وأشهرها وأكثرها نفعا. مطبوع في ثلاثة عشر جزءا.
16- لسان الميزان. يشتمل على تراجم من ليس في تهذيب الكمال من

(1/51)


الميزان مع زيادات كثيرة جدا في أحوالهم من ناحية الجرح والتعديل، وأضاف أسماء رجال فاتت صاحب الميزان. مطبوع.
17- المطالب العلية بزوائد المسانيد الثمانية. وهي ومسند ابن منيع ومسند ابن أبي شيبة ومسند عبد ابن حميد ومسند أبي أسامة ومسند، الطيالسي ومسند الحميدي ومسند ابن أبي عمر ومسند مسدد ثم أضاف إليها مسند إسحاق ابن راهويه. مطبوع.
18- نخبة الفكر وشرحها نزهة النظر. حوى على صغر حجمه كل أنواع علوم الحديث. طبع مرارا.
19- نزهة الألباب في الألقاب. مخطوط توجد منه نسخ كثيرة مخطوطة منها بدار الكتب نسختان تحت رقم 166، 336 مصطلح. ومنها نسخة بمكتبة الحرم المكي.
20- هدي الساري مقدمة فتح الباري تقع في مجلد ضخم وتشتمل على جميع مقاصد الشرح (فتح الباري) سوى الاستنباط. مطبوع.

(1/52)