سير أعلام النبلاء - الذهبي ج 20
سير أعلام النبلاء
الذهبي ج 20
(20/)
سير اعلام النبلاء
(20/1)
سير اعلام النبلاء تصنيف الامام شمس الدين محمد بن أحمد بن
عثمان الذهبي المتوفي 748 ه - 1374 م الجزء العشرون حققه
وخرج أحاديثه وعلق عليه شعيب الارنؤوط * محمد نعيم
العرقسوسي مؤسسة الرسالة
(20/3)
بسم الله الرحمن الرحيم
(20/4)
1 - الواسطي * الامام
الثقة المحدث، أبو القاسم، هبة الله بن عبد الله بن أحمد،
الواسطي، ثم البغدادي، الشروطي.
سمع ابن المسلمة (1)، وأبا بكر الخطيب، وأبا الغنائم بن
المأمون، وطبقتهم.
روى عنه: ابن عساكر (2)، وأبو موسى المديني، وطائفة آخرهم
عمر ابن طبرزد.
قال السمعاني: شيخ ثقة صالح مكثر، نسخ، وحصل الاصول،
وحدثنا عنه جماعة، وسمعتهم يثنون عليه، ويصفونه بالفضل
والعلم والاشتغال بما يعنيه.
__________
(*) المنتظم 10 / 41، تاريخ الاسلام 4 / 280 / 1، العبر 4
/ 75، شذرات الذهب 4 / 86.
(1) وهو أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد البغدادي ابن
المسلمة، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (102).
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر ورقة 236 / 1.
(*)
(20/5)
مات في ذي الحجة سنة ثمان وعشرين وخمس مئة، عن ست وثمانين
سنة.
2 - الحاكمي * العلامة أبو
القاسم، إسماعيل بن عبدالملك (1) بن علي الطوسي
الحاكمي الشافعي، صاحب إمام الحرمين.
سمع أحمد بن الحسن الازهري، وأبا صالح المؤذن.
وبرع في المذهب، وسافر إلى العراق والشام مع الغزالي، وهو
مدفون إلى جنبه.
توفي سنة تسع وعشرين وخمس مئة عن سن عالية.
3 - ابن البناء * *
الشيخ الامام، الصادق العابد، الخير المتبع الفقيه، بقية
المشايخ، أبو عبد الله، يحيى بن الامام أبي علي الحسن بن
أحمد بن البناء، البغدادي الحنبلي.
روى شيئا كثيرا عن عبد الصمد بن المأمون، وأبي الحسين بن
المهتدي بالله، وأبي الحسين بن الآبنوسي، وابن النقور،
وعدة.
حدث عنه: ابن عساكر، وأبو موسى المديني، وابن الجوزي،
__________
(*) المنتظم 10 / 52، تاريخ الاسلام 4 / 281 / 1، الوافي
بالوفيات 9 / 154، طبقات السبكي 7 / 47، 48، طبقات الاسنوي
1 / 433، 434، البداية 12 / 209 وفيه الحاكم، تهذيب ابن
عساكر 3 / 47.
(1) في " البداية ": عبد الله بدلا من عبدالملك.
(* *) العبر 4 / 86، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 189، 190،
شذرات الذهب 4 / 98.
(*)
(20/6)
وعمر بن طبرزد، ويحيى بن ياقوت، وفاطمة بنت سعد الخير،
وآخرون.
قال السمعاني: سمعت الحافظ عبد الله بن عيسى الاندلسي يثني
على يحيى ابن البناء، ويمدحه ويطريه، ويصفه بالعلم
والتمييز والفضل، وحسن الاخلاق، وترك الفضول، وعمارة
المسجد وملازمته، ما رأيت مثله في حنابلة بغداد (1).
قال السمعاني: وكذا كل من سمعه كان يثني عليه، ويمدحه.
ولد سنة ثلاث وخمسين وأربع مئة.
وتوفي في ثامن ربيع الاول سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة.
وقد مر أخوه أبو غالب (2).
ومات قبلهما أخوهما أبو الفضل إبراهيم (3) بن البناء سنة
ثماني عشرة وخمس مئة وله سبعون سنة، يروي عن ابن المهتدي
بالله، وابن النقور.
سمع منه يحيى بن بوش.
وفيها (4) توفي أبو القاسم تميم الجرجاني (5)، وأبو عبد
الله الحسين ابن محمد بن الفرحان السمناني، وطاهر بن سهل
الاسفراييني (6) بدمشق،
وأبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني (7) المحدث، وهبة الله
بن الطبر الحريري (8) المقرئ.
__________
(1) انظر " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 189.
(2) في الجزء التاسع عشر برقم (352)، ومرت ترجمة أبيهما
الحسن في الجزء الثامن عشر برقم (185).
(3) لم نعثر له على مصادر ترجمته.
(4) أي في سنة 531.
(5) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (11).
(6) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (341).
(7) انظر ترجمته في العبر 4 / 85، النجوم الزاهرة 5 / 260،
شذرات الذهب 4 / 97.
(8) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (343).
(*)
(20/7)
4 - الغازي * الشيخ الامام، الحافظ المتقن، المسند الصالح
الرحال، أبو نصر، أحمد بن عمر
بن محمد بن عبد الله بن محمد، الاصبهاني الغازي.
ولد في حدود سنة ثمان وأربعين وأربع مئة.
وجال وطوف، وجمع فأوعى.
سمع أبا الحسين بن النقور، وعبد الباقي بن محمد العطار،
وأبا القاسم بن البسري، وعدة ببغداد، وأبا علي التستري
بالبصرة، ومحمد بن عبدالملك المظفري بسرخس، وعبد الرحمن بن
مندة، وأخاه أبا عمرو، وابن شكرويه (1)، وخلقا كثيرا
بأصبهان، والفضل بن عبد الله بن المحب، وطبقته بنيسابور،
وأبا عامر الازدي، وأبا إسماعيل الانصاري، وطبقتهما
بهراة.
حدث عنه: السلفي، والسمعاني، وأبو موسى المديني، وابن
عساكر، والمؤيد بن الاخوة، ومحمود بن أحمد المضري (2)،
وآخرون.
قال السلفي: كان من أهل المعرفة والحفظ، سمعنا بقراءته
كثيرا، وأملى علي (3).
__________
(*) الانساب 9 / 115، 116، التحبير 1 / 261، المنتظم 10 /
73، 74، التقييد الورقة 25 / 2، تذكرة الحفاظ 4 / 1276،
1277، العبر 4 / 86، 87، الوافي 7 / 262، 263، طبقات
الحفاظ 450، شذرات الذهب 4 / 98.
(1) هو أبو منصور محمد بن أحمد بن علي الاصبهاني السيني،
مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (256).
(2) بضم الميم وفتح الضاد المعجمة كما في الاصل و "
المشتبه " 595 و " تبصير المنتبه " 4 / 1369، وقد تصحفت في
" تذكرة الحفاظ " 4 / 1276 إلى " المصري " بالصاد المهملة.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1276.
(*)
(20/8)
وقال السمعاني: ثقة حافظ، دين، واسع الرواية، كتب الكثير،
وحصل الكتب، ما رأيت في شيوخي أكثر رحلة منه، أكثرت عنه،
وكان جماعة من أصحابنا يفضلونه على إسماعيل بن محمد التيمي
في الاتقان والمعرفة، ولم يبلغ هذا الحد، لكنه أعلى إسنادا
من إسماعيل، مات في ثالث رمضان سنة اثنتين وثلاثين وخمس
مئة، وشهدته، وصلى عليه إسماعيل الحافظ (1).
5 - زاهر بن طاهر * ابن محمد
بن محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف بن محمد بن
مرزبان، الشيخ العالم، المحدث المفيد المعمر، مسند خراسان،
أبو القاسم بن الامام أبي عبدالرحمن، النيسابوري الشحامي
المستملي الشروطي الشاهد.
ولد في ذي القعدة سنة ست وأربعين وأربع مئة.
واعتنى به أبوه (2)، فسمعه في الخامسة وما بعدها، واستجاز
له.
أجاز له أبو الحسين عبد الغافر الفارسي (3)، وأبو حفص بن
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1276، 1277، وإسماعيل
الحافظ هو أبو القاسم إسماعيل بن محمد التيمي، سترد ترجمته
في هذا الجزء برقم (49).
(*) المنتظم 10 / 79، 80، الكامل 11 / 71، دول الاسلام 2 /
53، العبر 4 / 91، 92، ميزان الاعتدال 2 / 64، المغني في
الضعفاء 1 / 236، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 118 - 120،
البداية 12 / 215، لسان الميزان 2 / 470، كشف الظنون 1 /
370، شذرات الذهب 4 / 102، هدية العارفين 1 / 372، الرسالة
المستطرفة 74، تاريخ بروكلمان 6 / 246 (النسخة العربية).
(2) طاهر، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (231).
(3) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (13).
(*)
(20/9)
مسرور (1)، وأبو محمد الجوهري (2) مسند بغداد.
وسمع من أبي عثمان سعيد بن محمد البجيري (3)، وأبي سعد
الكنجروذي، ومحمد بن محمد بن حمدون، وأبي يعلى بن
الصابوني، وأبي بكر محمد بن الحسن المقرئ، ومحمد بن علي
الخشاب، وأبي الوليد الحسن بن محمد الدربندي، وأبي بكر
البيهقي، وسعيد بن منصور القشيري، وأبي سعد أحمد بن أبي
شمس، وأحمد بن منصور
المغربي (4)، وسعيد بن أبي سعيد العيار، وعدد كثير، وسمع
من علي بن محمد البحاثي (5) كتاب ابن حبان، وسمع من
البيهقي " سننه " الكبير، ومن الكنجروذي أكثر " مسند " أبي
يعلى.
وروى الكثير، واستملي على جماعة، وخرج، وجمع، وانتقى لنفسه
السباعيات (6)، وأشياء تدل على اعتنائه بالفن، وما هو
بالماهر فيه، وهو واه من قبل دينه.
وكان ذا حب للرواية، فرحل لما شاخ، وروى الكثير ببغداد
وبهراة
__________
(1) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (8).
(2) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (30).
(3) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (49)، وقد تحرفت
نسبته في " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد " 118 إلى "
النجيرمي ".
(4) في الاصل: " الغربي " وهو خطأ، وقد مرت ترجمته في
الجزء الثامن عشر برقم (42).
(5) بفتح الباء الموحدة والحاء المهملة المشددة وفي آخرها
الثاء المثلثة، نسبة إلى البحاث، وهو لقب بعض أجداده، وهو
مترجم في " الاستدراك " لابن نقطة: باب البحاثي والبجاني.
(6) منه نسخة في الظاهرية ضمن مجموع 89 (ق 260 - 275)
ويوجد أيضا نسخة من " السداسيات " له ضمن مجموع 107 (ق 284
- 288) بخط الضياء وروايته.
انظر " فهرس الظاهرية للمنتخب من كتب الحديث " للالباني:
317، 318.
(*)
(20/10)
وأصبهان وهمذان والري والحجاز ونيسابور، واستملي على أبي
بكر ابن خلف (1) الاديب فمن بعده، وخرج لنفسه أيضا عوالي
مالك، وعوالي ابن
عيينة، وما وقع له من عوالي ابن خزيمة، فجاء أزيد من
ثلاثين جزءا، وعوالي السراج (2)، وعوالي عبدالرحمن بن بشر
(3)، وعوالي عبد الله بن هاشم (4)، و " تحفتي العيدين "، و
" مشيخته "، وأملى نحوا من ألف، مجلس، وكان لا يمل من
التسميع.
قال أبو سعد السمعاني: كان مكثرا متيقظا، ورد علينا مرو
قصدا للرواية بها، وخرج معي إلى أصبهان لا شغل له إلا
الرواية بها، وازدحم عليه الخلق، وكان يعرف الاجزاء، وجمع
ونسخ وعمر، قرأت عليه " تاريخ " نيسابور في أيام قلائل،
كنت أقرأ فيه سائر النهار، وكان يكرم الغرباء، ويعيرهم
الاجزاء، ولكنه كان يخل بالصلوات إخلالا ظاهرا وقت خروجه
معي إلى أصبهان، فقال لي أخوه وجيه: يا فلان، اجتهد حتى
يقعد، لا يفتضح بترك الصلاة، وظهر الامر كما قال وجيه،
وعرف أهل أصبهان ذلك،
__________
(1) هو أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله النحوي
النيسابوري، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (242).
(2) هو الحافظ أبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي
النيسابوري المتوفى سنة 313 ه، مرت ترجمته في الجزء الرابع
عشر برقم (216)، ومن حديثه أحد عشر جزءا تحتوي على فوائده
برواية زاهر الشحامي صاحب الترجمة وهي في الظاهرية بدمشق
مجموع 84 (ق 1 - 211) انظر " فهرس منتخب الحديث " 295.
(3) هو الحافظ الثقة أبو محمد عبدالرحمن بن بشر بن الحكم
النيسابوري، المتوفى سنة 260 ه، مرت ترجمته في الجزء
الثاني عشر برقم (138)، وذكر المؤلف في ترجمته أنه سمع
عواليه برواية زاهر الشحامي صاحب الترجمة.
(4) هو الحافظ المتقن أبو عبد الرحمن عبد الله بن هاشم ابن
حيان المتوفى سنة 265 ه، مرت ترجمته في الجزء الثاني عشر
برقم (126) وقد سمع المؤلف أيضا عواليه برواية زاهر.
(*)
(20/11)
وشغبوا (1) عليه، وترك أبو العلاء أحمد بن محمد الحافظ
الرواية عنه، وأنا فوقت قراءتي عليه " التاريخ " ما كنت
أراه يصلي، وعرفنا بتركه الصلاة أبو القاسم الدمشقي، قال:
أتيته قبل طلوع الشمس، فنبهوه، فنزل لنقرأ عليه، وما صلى،
وقيل له في ذلك، فقال: لي عذر، وأنا أجمع الصلوات كلها
(2)، ولعله تاب، والله يغفر له، وكان خبيرا بالشروط، وعليه
العمدة في مجلس الحكم، مات بنيسابور في عاشر ربيع الآخر
سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة (3).
قلت: الشره يحملنا على الرواية لمثل هذا.
وقد حدث عنه: أبو موسى المديني، والسمعاني، وابن عساكر
(4)، وصاعد بن رجاء، ومنصور بن أبي الحسن الطبري، وعلي بن
القاسم الثقفي، ومحمود بن أحمد المضري، وأبو أحمد بن
سكينة، وأبو المجد زاهر الثقفي، وعبد اللطيف بن محمد
الخوارزمي، ومحمد بن محمد بن محمد بن الجنيد، وعبد الباقي
بن عثمان الهمذاني، وإبراهيم بن بركة البيع، وإبراهيم بن
حمدية (5)، وعلي بن محمد بن علي بن يعيش، ومودود ابن محمد
الهروي، والمؤيد بن محمد الطوسي، وزينب الشعرية (6)، وعبد
__________
(1) في " القاموس ": وشغبهم وبهم وعليهم كمنع وفرح: هيج
الشر عليهم، وورد في " المستفاد ": وشنعوا.
(2) قال ابن الجوزي: ومن الجائز أن يكون به مرض، والمريض
يجوز له الجمع بين الصلوات، فمن قلة فقه هذا القادح رأى
هذا الامر المحتمل قدحا.
انظر " المنتظم " 10 / 80.
(3) الخبر في " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد " 119، 120.
(4) انظر " مشيخة ابن عساكر " 66 / 2، 67 / 1.
(5) ضبطه ابن نقطة بفتح الحاء المهملة والميم، وكسر الدال،
وتشديد الياء المعجمة باثنتين من تحتها، وذكر ترجمة
ابراهيم هذا، وأن وفاته سنة 592 ه.
انظر " الاستدراك " باب حمدويه وحمدونه وحمديه.
(6) بفتح الشين المعجمة وسكون العين المهملة كما ضبطها ابن
نقطة في " الاستدراك " = (*)
(20/12)
المعز بن محمد الهروي، وخلق كثير.
وعاش سبعا وثمانين سنة.
ومات معه أبو العباس أحمد بن عبدالملك بن أبي جمرة (1)
المرسي الذي أجاز له أبو عمرو الداني، والفقيه أبو علي
الحسين بن الخليل النسفي، وأبو القاسم عبد الله بن أحمد بن
يوسف اليوسفي (2)، وأبو القاسم عبد الله بن محمد بن
عبيدالله الخطيبي (3) بأصبهان، وأبو القاسم علي بن أفلح
البغدادي الشاعر (4)، وجمال الاسلام أبو الحسن علي بن
المسلم (5) الشافعي، وأم المجتبى فاطمة (6) بنت ناصر
العلوي، وأبو بكر محمد بن أبي نصر اللفتواني (7) المحدث،
ومحمد بن حمد الاصبهاني الطيبي، وصاحب دمشق شهاب الدين
محمود (8) بن بوري، وهبة الله بن سهل بن عمر بن البسطامي
السيدي (9).
__________
= باب الشعري والشعري، وأورد ترجمتها، وانظر حاشية الاكمال
2 / 588، وستأتي ترجمتها في الجزء الحادي والعشرين للمؤلف.
(1) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (51).
(2) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (38).
(3) له ترجمة في " الاستدراك " باب الحطيني والخطيبي.
وانظر حاشية " الانساب " 5 / 153.
(4) مترجم في المنتظم 10 / 80 - 84، البداية 12 / 215،
216، وتحرف اسمه فيه إلى
يحيى بن يحيى بن علي بن أفلح، النجوم الزاهرة 5 / 264،
ومرآة الزمان 8 / 102.
(5) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (14).
(6) ترجمها أبو سعد السجعاني في " التحبير " 2 / 434،
فقال: أم المجتبى فاطمة بنت السيد ناصر بن الحسن بن الحسين
بن طلحة العلوي من أهل أصبهان، امرأة علوية معمرة، سمعت
أبا الطيب عبد الرزاق بن شمه، وابا عثمان العيار، وأبا
القاسم بن إبراهيم وغيرهم، كتبت عنها بأصبهان، وماتت في
سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة.
(7) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (45).
(8) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (26).
(9) وهو صاحب الترجمة الآتية.
(*)
(20/13)
6 - السيدي * الشيخ الامام الصالح العابد، مسند وقته، أبو
محمد هبة الله بن سهل
ابن عمر بن الشيخ أبي عمر محمد بن الحسين بن أبي الهيثم،
البسطامي، ثم النيسابوري، المعروف بالسيدي.
ولد في ربيع الاول سنة ثلاث وأربعين وأربع مئة.
سمع: أبا حفص بن مسرور، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسي،
وأبا عثمان سعيد بن محمد البحيري، وأبا يعلى الصابوني،
وأبا بكر البيهقي، وأبا سعد الكنجروذي، وطائفة.
حدث عنه: ابن عساكر (1)، والسمعاني، والمؤيد بن محمد
الطوسي، والقطب النيسابوري، وجماعة، وبالاجازة أبو القاسم
بن الحرستاني.
قال السمعاني: شيخ عالم خير، كثير العبادة والتهجد، ولكنه
عسر
الخلق، بسر الوجه، لا يشتهي الرواية، ولا يحب أصحاب
الحديث، كنا نقرأ عليه بجهد جهيد وبالشفاعات، وكان زوج بنت
إمام الحرمين أبي المعالي، وكان أحد الفقهاء، وتفرد ب "
الموطأ "، وبجزء ابن نجيد،
__________
(*) الانساب 7 / 217، التحبير 2 / 356 - 360، التقييد:
الورقة 219 / 1، 2، تكملة الاكمال: الورقة 70 / 2،
المنتخب: الورقة 140 / 2، اللباب 2 / 164، العبر 4 / 93،
دول الاسلام 2 / 54، ملخص تاريخ الاسلام الورقة 10 / 1،
طبقات السبكي 7 / 326، 327، طبقات الاسنوي 2 / 50، شذرات
الذهب 4 / 103.
والسيدي: نسبة إلى جده السيد أبي الحسن محمد بن علي
الهمذاني المعروف بالوصي - وقد تصحف في " الانساب " 7 /
217 إلى الوضئ - مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم
(43).
(1) انظر " مشيخة ابن عساكر " 236 / 1.
(*)
(20/14)
وأشياء (1)، مات في الخامس والعشرين من صفر سنة ثلاث
وثلاثين وخمسين مئة، وله تسعون سنة.
قلت: سمعنا " الموطأ " من طريقه بفوت قديم، وهو المساقاة،
والقراض، والفرائض.
7 - أنو شروان * ابن خالد،
الوزير الكبير، أبو نصر القاشاني (2).
وزر للمسترشد (3)، ووزر للسلطان محمود (4) بن محمد.
__________
(1) انظر " التحبير " 2 / 357.
(*) المنتظم 10 / 77، 78، الكامل 11 / 70، 71، مختصر تاريخ
دولة آل سلجوق 104 - 106 و 140 - 142، وفيات الاعيان 4 /
67، الفخري 306، العبر 4 / 90، المشتبه 495، وفيهما
نوشروان بحذف الالف أوله وتابعه ابن حجر، الوافي 9 / 427،
428، البداية
والنهاية 12 / 214، تبصير المنتبه 3 / 1447، النجوم
الزاهرة 5 / 261، كشف الظنون 2 / 1240، 1241، شذرات الذهب
4 / 101، هدية العارفين 1 / 228، طبقات أعلام الشيعة: مجلد
القرن السادس / 28 وفيهما أنو شيروان بزيادة ياء، معجم
الانساب والاسر الحاكمة 10 و 339 و 340.
(2) نسبة إلى قاشان: بلدة قرب أصبهان، وقد ضبطها ياقوت
بالقاف والشين المعجمة، وضبطها السمعاني بالمعجمة والمهملة
معا، وضبطها المؤلف بالمهملة وتابعه ابن حجر، وقد تصحفت
هذه النسبة في " شذرات الذهب " إلى الغاساني، بالغين، وزاد
ابن كثير نسبة " القيني " نسبة إلى قين، من قرى قاشان،
وتابعه ابن تغري بردي.
(3) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (325).
(4) هو السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه السلجوقي، مرت
ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (305)، وذكر الاصبهاني في
" مختصر تاريخ دولة آل سلجوق " ص 104 أن أنوشروان كان قد
وزر لابيه السلطان محمد، وهو الذي ذكره ابن الجوزي في "
المنتظم "، وذكر الاصبهاني ص 162 أنه وزر لاخيه السلطان
مسعود، وهو الذي ذكره ابن تغري بردي في " النجوم الزاهرة
".
وقد قصر صاحب " معجم الانساب والاسرات الحاكمة " فلم يذكره
مع وزراء السلطان محمد انظر ص 338.
(*)
(20/15)
وكان عاقلا سائسا رزينا، وافر الجلالة، حسن السيرة، محبا
للعلماء (1).
أحضر ابن الحصين (2) إلى داره، فسمع أولاده " المسند "
بقراءة ابن الخشاب (3)، وسمعه خلق.
وقد حدث عن الساوي (4).
روى عنه الحافظ ابن عساكر.
ثم أسن وتضعضع، ولزم المنزل، وكان مهيبا عظيم الخلقة.
توفي سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة (5).
8 - عبد الغافر * ابن إسماعيل
بن عبد الغافر (6) بن محمد بن عبد الغافر، الامام
العالم
__________
(1) وهو الذي أشار على الحريري أن يعمل " مقاماته "، وإياه
عني الحريري بقوله في المقدمة: فأشار من إشارته حكم وطاعته
غنم...انظر تفصيل ذلك في " وفيات الاعيان " 4 / 63، 64، و
" المنتظم " 10 / 77، و " البداية " 12 / 214.
(2) هو أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد ابن
الحصين، مسند العراق، متوفى سنة 525، مرت ترجمته في الجزء
التاسع عشر برقم (317).
(3) هو أبو محمد عبد الله ابن الخشاب، سترد ترجمته في هذا
الجزء برقم (337).
(4) انظر " الوافي " 9 / 427.
(5) وقد ألف كتابا في تاريخ السلاجقة بالفارسية، سماه "
فتور زمان الصدور المنبي عن القرون الخالية في العصور "
وترجمه إلى العربية مع الاختصار العماد الاصبهاني، وضمنه
كتابه " نصرة الفطرة وعصرة القطرة " الذي طبع بالقاهرة سنة
1318.
انظر " وفيات الاعيان " 4 / 67، و " تاريخ " بروكلمان 6 /
7 (النسخة العربية).
(*) التحبير 1 / 507 - 509، وفيات الاعيان 3 / 225، مجمع
الآداب ج ع ق 2 / 1133، 1134، تاريخ الاسلام 4 / 282 / 2،
العبر 4 / 79، تذكرة الحفاظ 4 / 1275، مرآة الجنان 3 /
259، طبقات السبكي 7 / 171 - 173، طبقات الاسنوي 2 / 275،
276، البداية والنهاية 12 / 235 (حوادث 551)، طبقات النحاة
لابن قاضي شهبة: ق 188، كشف الظنون: 308، 1602، شذرات
الذهب 4 / 93، هدية العارفين 1 / 587، تاريخ بروكلمان 6 /
245، 246 (النسخة العربية).
(6) تحرف في " البداية " إلى عبد القادر.
(*)
(20/16)
البارع الحافظ أبو الحسن ابن الحافظ أبي عبد الله بن الشيخ
الكبير أبي الحسين، الفارسي، ثم النيسابوري، مصنف كتاب "
مجمع الغرائب " (1) في غريب الحديث، وكتاب " السياق لتاريخ
نيسابور " (2)، وكتاب " المفهم " لشرح مسلم.
ولد سنة إحدى وخمسين وأربع مئة.
وأجاز له من بغداد أبو محمد الجوهري وغيره، ومن نيسابور
أبو سعد الكنجروذي، وأبو بكر محمد بن الحسن بن علي الطبري
المقرئ، وسمع من جده لامه أبي القاسم القشيري، وأحمد بن
منصور المغربي، وأحمد بن عبدالرحيم الاسماعيلي، وأحمد بن
الحسن الازهري، والفضل بن المحب، ومحمد بن عبيد (3) الله
الصرام، وأبي نصر عبدالرحمن بن علي التاجر، وخلق كثير.
وتفقه بإمام الحرمين (4)، وبرع في المذهب، وارتحل إلى غزنة
والهند وخوارزم، ولقي الكبار، وولي خطابة نيسابور.
وكان فقيها محققا، وفصيحا مفوها، ومحدثا مجودا، وأديبا
كاملا.
مات سنة تسع وعشرين وخمس مئة (5).
وآخر من حدث عنه أبو سعد عبد الله بن عمر الصفار.
__________
(1) انظر النسخ الخطية للكتاب في " تاريخ " بروكلمان 6 /
245، 246 (النسخة العربية).
(2) وهو تكملة لكتاب " تاريخ نيسابور " للحاكم
الونيسابوري.
انظر نسخه الخطية في بروكلمان 6 / 246.
(3) تحرف في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1276 و " طبقات " السبكي
7 / 172 إلى " عبد "، وقد مرت ترجمة الصرام هذا في الجزء
الثامن عشر برقم (247).
(4) أبي المعالي عبدالملك الجويني، مرت ترجمته في الجزء
الثامن عشر برقم (240).
(5) ذكره ابن كثير في وفيات سنة 551 ه.
(*)
(20/17)
وفيها مات شمس الملوك إسماعيل (1) بن تاج الملوك مقتولا،
وملك العرب نور الدولة دبيس بن صدقة الاسدي (2)، والمسترشد
(3) بالله بن المستظهر، وقاضي الجماعة أبو عبد الله محمد
بن أحمد بن خلف بن الحاج التجيبي (4)، والعلامة محمد بن
أبي الخيار العبدري (5) القرطبي.
9 - ابن قبيس * الشيخ الامام،
الفقيه النحوي، الزاهد العابد القدوة، أبو الحسن علي بن
أحمد بن منصور بن محمد بن قبيس، الغساني الدمشقي
المالكي.
ولد سنة اثنتين وأربعين وأربع مئة.
وسمع أباه، وأبا القاسم السميساطي، وأبا بكر الخطيب، وأبا
نصر ابن طلاب، وغنائم الخياط، وأبا الحسن بن أبي الحديد،
وجماعة.
حدث عنه: أبو القاسم بن عساكر (6)، والسلفي، وإسماعيل
الجنزوي (7)، وأبو القاسم بن الحرستاني، وآخرون.
__________
(1) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (329).
(2) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (359).
(3) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (325).
(4) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (361).
(5) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (332).
(*) إنباه الرواة 2 / 232، مرآة الزمان 8 / 96، تاريخ
الاسلام 4 / ق 288 / 1، العبر 4 / 82، تلخيص ابن مكتوم:
127، 128، مرآة الجنان 3 / 257، 258، النجوم الزاهرة 5 /
259، شذرات الذهب 4 / 95، وتحرف في الاخيرين إلى " ابن قيس
".
(6) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ورقة 139 / 2.
(7) قال ابن نقطة في " الاستدراك ": بفتح الجيم وسكون
النون وفتح الزاي وكسر الواو وبعدها ياء، هو أبو الفضل
إسماعيل بن علي بن إبراهيم الجنزوي المعدل الدمشقي..وفي "
معجم البلدان " 2 / 171، 172: جنزة: اسم أعظم مدينة بأران،
وهي بين شروان = (*)
(20/18)
قال ابن عساكر: كان ثقة متحرزا متيقظا، منقطعا في بيته
بدرب النقاشة، أو بيته في المنارة الشرقية بالجامع، وكان
فقيها مفتيا، يقرئ النحو والفرائض، وكان متغاليا في السنة،
محبا لاصحاب الحديث، قال لي غير مرة: إني لارجو أن يحيي
الله بك هذا الشأن في هذا البلد، وكان لا يحدث إلا من أصل،
سمعت منه الكثير، ومات يوم عرفة سنة ثلاثين وخمس مئة.
وقال السلفي: كان يسكن المنارة، وكان زاهدا عابدا ثقة، لم
يكن في وقته مثله بدمشق، وهو مقدم في علوم شتى، محدث ابن
محدث (1).
10 - القارئ * الشيخ الصدوق
المعمر المسند، أبو محمد، إسماعيل بن أبي القاسم عبدالرحمن
بن أبي بكر صالح، النيسابوري (2) القارئ.
قال ابن نقطة: سمع من أبي الحسين عبد الغافر بن محمد
الفارسي " صحيح مسلم "، وأحاديث يحيى بن يحيى التميمي (3)،
وسمع من أبي
__________
= وأذربيجان..ويقول بعضهم في النسبة إليها: جنزوي، ونسب
هكذا أبو الفضل إسماعيل.
وقد تصحفت نسبته في " العبر " 4 / 266، إلى " الخبزوي "
بالخاء المعجمة والباء الموحدة، وتحرفت في " الوافي " 159،
160، إلى " الجيروني "، وستأتي ترجمته في الجزء الحادي
والعشرين.
(1) الخبر في " تاريخ الاسلام " 4 / 288 / 1.
(*) التحبير 1 / 94 - 97، معجم البلدان 3 / 68 (رمجار)،
العبر 4 / 84، 85، النجوم الزاهرة 5 / 260، شذرات الذهب 4
/ 97، وتصحف فيه إلى الغازي.
والقارئ: قال السمعاني: وأظن أن والده أبا القاسم كان يقرأ
بين يديه، فقيل له القارئ لذلك.
وقال ابن تغري بردي: كان رأسا في علم القرآن.
(2) زاد السمعاني في " التحبير " نسبة الرمجاري، وقال:
رمجار: محلة بنيسابور اه.
وفيها ترجمه ياقوت.
(3) المتوفى سنة 226 ه، مرت ترجمته في الجزء العاشر برقم
(167).
(*)
(20/19)
حفص بن مسرور عدة أجزاء.
حدث عنه: أبو العلاء العطار، وأبو القاسم ابن عساكر، وأبو
سعد السمعاني، والحسن بن محمد القشيري، وزينب الشعرية،
وآخرون.
قال السمعاني (1): شيخ صالح عفيف، صوفي نظيف، مواظب على
الجماعة، خدم الاستاذ أبا القاسم القشيري، مولده في رجب
سنة تسع وثلاثين وأربع مئة.
وقال ابن نقطة: روى عنه " الصحيح " أبو سعد الحسن بن محمد
بن المحسن القشيري، وسمعت من زينب الشعرية جزء ابن نجيد
بسماعها منه في سنة أربع وعشرين وخمس مئة.
قلت: وقد حدث عنه أبو القاسم بن الحرستاني بالاجازة بأجزاء
عمر ابن مسرور.
مات في العشرين من رمضان سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة.
أرخه السمعاني.
11 - تميم * ابن أبي سعيد بن
أبي العباس، الشيخ الفاضل المؤدب، مسند هراة، أبو
القاسم الجرجاني.
مولده بعد الاربعين وخمس مئة.
وسمع من: أبي حفص بن مسرور، وأبي عامر الحسن بن محمد بن
__________
(1) في " التحبير " 1 / 94.
(*) التحبير 1 / 144 - 148، العبر 4 / 85، مرآة الجنان 3 /
259، شذرات الذهب 4 / 97.
(*)
(20/20)
علي النسوي، ومحمد بن محمد بن حمدون السلمي، وأبي سعد محمد
بن عبدالرحمن الكنجروذي، وأبي بكر أحمد بن منصور المغربي،
وعلي بن محمد بن علي بن عبيدالله البحاثي، فسمع منه كتاب "
الانواع والتقاسيم " لابي حاتم بن حبان، وسمع " مسند أبي
يعلى " من أبي سعد.
وانتهى إليه بهراة علو الاسناد، كان قد اعتنى به خاله
الحافظ عبد الله (1) بن يوسف، فسمعه بنيسابور من
المذكورين.
قال السمعاني (2): لم ألقه، وأجاز لي، وكان ثقة صالحا،
يعلم الصبيان، سمع ابن مسرور، وعبد الغافر (3)، وأبا عثمان
الصابوني، وأبا عثمان البحيري (4)، والبيهقي، ومحمد بن عبد
الله العمري، وأبا بكر محمد بن الحسن بن علي الطبري، ومن
سماعاته: " معجم الحاكم " سمعه من البيهقي، أخبرنا الحاكم،
والقدر الذي عند أبي سعد (5) وذلك خمسة وثلاثون جزءا من "
مسند أبي يعلى "، وكتاب " المتفق " للجوزقي (6)، وكتاب "
الترغيب " لحميد بن زنجويه (7): أخبرنا العمري، أخبرنا ابن
أبي
__________
(1) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (86).
(2) في " التحبير " 1 / 144 - 148.
(3) الفارسي، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (13)
وقد تحرف اسمه في " التحبير " إلى عبد الفار.
(4) تحرف في " التحبير " إلى " الحيري "، وقد مرت ترجمته
في الجزء الثامن عشر برقم (49).
(5) أي الكنجروذي.
(6) هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الجوزقي
الشيباني، المتوفى سنة 388 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس
عشر برقم (352).
(7) المتوفى سنة 251، مرت ترجمته في الجزء الثاني عشر برقم
(3).
(*)
(20/21)
شريح، أخبرنا الرذاني (1) عنه، سوى الجزء الخامس من تجزئة
عشرة.
قلت: وروى عنه أبو القاسم بن عساكر، وأبو روح عبدالمعز بن
محمد الهروي، وطائفة.
قال ابن نقطة: ذكر لي يحيى بن علي المالقي أنه لما قدم أبو
جعفر بن خولة الغرناطي من الهند إلى هراة، أخرج إليهم بقية
الاصل ب " مسند " أبي يعلى، وفيه سماع أبي روح من تميم،
قال يحيى: فكمل له " المسند " سماعا من تميم بتلك المجلدة.
أخبرنا ابن الخلال، أخبرنا عتيق السلماني، أخبرنا أبو
القاسم الحافظ، أخبرنا تميم الجرجاني بهراة في شعبان سنة
ثلاثين وخمس مئة.
فذكر حديثا.
فهذا آخر العهد بتميم، ولا أدري متى توفي (2).
أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي، أنبأنا عبدالمعز بن
محمد،
أخبرنا تميم بن أبي سعيد المعلم سنة تسع وعشرين، أخبرنا
أبو سعد الكنجروذي في سنة ثمان وأربعين وأربع مئة، أخبرنا
أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا أبو
الربيع الزهراني، حدثنا فليح، عن
__________
(1) بفتح الراء والذال المعجمة المخففة وفي آخرها النون،
نسبة إلى رذان، وهي قرية من قرى نسا، ويقال لها أيضا:
ريان، بالياء مثقلة أو مخففة، والرذاني هذا: هو أبو جعفر
محمد بن أحمد بن أبي عون عبد الجبار النسوي، متوفى سنة 313
ه، مرت ترجمته في الجزء الرابع عشر برقم (240)، وقد تحرفت
نسبته في " التحبير " 1 / 146 إلى " الراذاني " بزيادة ألف
بعد الراء، وهو خطأ أوقع محققة الكتاب بعزو هذه النسبة إلى
راذان، من قرى بغداد، دون ذكر اسم صاحب النسبة.
(2) ذكره المؤلف في آخر ترجمة ابن البناء الواردة برقم (3)
مع وفيات سنة 331 ه.
(*)
(20/22)
الزهري، عن حميد بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة أن أبا بكر
بعثه في الحجة التي أمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم
قبل حجة الوداع في يوم النحر في رهط يؤذن في الناس: أن لا
يحج بعد العام مشرك، ولا يطوفن بالبيت عريان.
أخرجه البخاري (1) عن الزهراني.
12 - قاضي المرستان * الشيخ
الامام العالم المتفنن، الفرضي العدل، مسند العصر، القاضي
أبو بكر محمد بن عبدا لباقي بن محمد بن عبد الله بن
محمد بن عبد الرحمن بن الربيع بن ثابت بن وهب بن مشجعة (2)
بن الحارث بن عبد الله بن شاعر النبي صلى الله عليه وسلم
وأحد الثلاثة الذين خلفوا كعب بن مالك بن عمرو بن القين،
الخزرجي السلمي (3) الانصاري البغدادي، النصري من محلة
النصرية (4)،
__________
(1) رقم (4363) في المغازي: باب حج أبي بكر بالناس في سنة
تسع، وأخرجه أيضا من
طرق عن الزهري به (369) و (1622) و (3177) و (4655) و
(4656) و (4657)، ومسلم (1347) وأبو داود (1947) والنسائي
5 / 234، وابن جرير (16437) وانظر " جامع الاصول " 2 / 152
- 156، و " فتح الباري " 8 / 318 - 320.
(*) الانساب: (النصري)، تاريخ ابن عساكر، المنتظم 10 / 92
- 94، معجم البلدان 5 / 288، اللباب 3 / 311، 312، الكامل
11 / 80، مرآة الزمان 8 / 108، 109، العبر 4 / 96، 97،
المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 20، 21، البداية 12 / 217،
218، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 192 - 198، لسان الميزان 5 /
241 - 243، النجوم الزاهرة 5 / 267، كشف الظنون 1 / 138،
شذرات الذهب 4 / 108 - 110، وللمستشرق سوتر بحث بالالمانية
في أخباره وتآليفه.
(2) بفتح الميم وسكون الشين المعجمة وفتح الجيم وبعدها عين
مهملة، وقد تصحف في " البداية " 12 / 217 بالسين المهملة.
(3) بفتح السين واللام، نسبة إلى بني سلمة: حي من الانصار.
(4) وهي محلة بالجانب الغربي من بغداد، منسوبة إلى أحد
أصحاب المنصور، يقال له: نصر " معجم " ياقوت 5 / 287، 288.
(*)
(20/23)
الحنبلي البزاز (1)، المعروف بقاضي المرستان، ويعرف أبوه
بصهر هبة.
مولده في عاشر صفر سنة اثنتين وأربعين وأربع مئة.
بكر به أبوه، وسمعه من أبي إسحاق البرمكي (2) " جزء "
الانصاري وما معه حضورا في السنة الرابعة، وسمع الكثير
بإفادة جارهم المحدث الرحال عبد المحسن الشيحي السفار من
علي بن عيسى الباقلاني، وأبي محمد الجوهري، والقاضي أبي
الطيب الطبري، وعمر بن الحسين الخفاف، وأبي طالب العشاري،
وأبي الحسين بن حسنون النرسي، وعلي بن عمر
البرمكي، وأبي الحسين بن الآبنوسي، والقاضي أبي يعلى بن
الفراء، وأبي جعفر بن المسلمة، ومحمد بن وشاح الزينبي،
وجابر بن ياسين، وعبد الصمد بن المأمون، وأحمد بن عثمان
المخبزي، وعلي بن الشيخ أبي طالب المكي، وأبي الحسين بن
المهتدي بالله، وأبي الفضل هبة الله بن أحمد بن المأمون،
وخديجة بنت محمد الشاهجانية، وعلي بن عبدالرحمن ابن عليك،
ووالده أبي طاهر عبدا لباقي حدثه عن ابن الصلت المجبر،
والحافظ أبي بكر الخطيب، وأبي الغنائم محمد بن الدجاجي،
وعبد العزيز ابن علي الانماطي، وأبي الحسن محمد بن محمد بن
البيضاوي، وأبي بكر أحمد بن محمد بن حمدوه (3)، وهناد بن
إبراهيم النسفي، والشريف أبي جعفر بن أبي موسى وبه تفقه،
والحسن بن علي المقرئ، وسمع بمصر من
__________
(1) بزايين، وقد تصحف في " المنتظم " 10 / 93 إلى البزار،
براء آخره.
(2) هو أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البغدادي الحنبلي
البرمكي المتوفي سنة 445 ه، مرت ترجمته في الجزء السابع
عشر برقم (405).
(3) بضم الحاء وتثقيل الميم المفتوحة، بغير ياء بعد الواو،
وبعضهم يقول: حمدويه، بزيادة الياء وضم الميم المثقلة.
انظر " المشتبه " 1 / 249، و " تبصير المنتبه " 1 / 460 و
" الاستدراك " باب حمدويه وحمدونة وفي الاخيرين ترجمة أبي
بكر هذا.
(*)
(20/24)
أبي إسحاق الحبال الحافظ، وبمكة من أبي معشر الطبري، ومن
عدد كثير.
وله مشيخة في ثلاثة أجزاء، وأخرى خرجها السمعاني في جزء.
وأجاز له أبو القاسم التنوخي، وأبو الفتح بن شيطا، والقاضي
أبو عبد الله بن سلامة القضاعي، وتفقه قليلا عند القاضي
أبي يعلى، وشهد عند قاضي القضاة أبي الحسن بن الدامغاني.
وروى الكثير، وشارك في الفضائل، وانتهى إليه علو الاسناد،
وحدث وهو ابن عشرين سنة في حياة الخطيب.
حدث عنه خلق، منهم السلفي، والسمعاني، وابن ناصر، وابن
عساكر، وابن الجوزي، وأبو موسى المديني، وعبد الله بن مسلم
بن جوالق، والمكرم بن هبة الله الصوفي، وأبو أحمد بن سكينة
(1)، وأحمد بن تزمش، وسعيد بن عطاف، وعلي بن محمد بن يعيش
الانباري، وعبد الله ابن المظفر بن البواب، ويوسف بن
المبارك بن كامل، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وأبو علي ضياء
بن الخريف، وعمر بن طبرزد، وعبد العزيز بن الاخضر، وأبو
اليمن الكندي، والحسين بن شنيف، وأحمد بن يحيى بن الدبيقي،
وعبد العزيز بن معالي بن منينا، وخلق، وبالاجازة المؤيد بن
محمد الطوسي، وغيره.
وقد تكلم فيه أبو القاسم بن عساكر بكلام مرد فج، فقال: كان
يتهم بمذهب الاوائل، ويذكر عنه رقة دين.
قال: وكان يعرف الفقه على مذهب
__________
(1) ضبطه ابن نقطة بضم السين المهملة وفتح الكاف، وأورد
ترجمته، وهو أبو أحمد عبد الوهاب بن علي ابن سكينة،
المتوفى سنة 607 ه.
" الاستدراك " باب سكينة وسكينة، وستأتي ترجمته في الجزء
الحادي والعشرين للمؤلف برقم (262).
(*)
(20/25)
أحمد، والفرائض والحساب والهندسة، ويشهد عند القضاة، وينظر
في وقوف البيمارستان العضدي (1).
وقال أبو موسى المديني: كان إماما في فنون، وكان يقول:
حفظت القرآن وأنا ابن سبع، وما من علم إلا وقد نظرت فيه،
وحصلت منه الكل أو البعض، إلا هذا النحو، فإني قليل
البضاعة فيه، وما أعلم أني ضيعت ساعة
من عمري في لهو أو لعب (2).
وقال ابن الجوزي (3): ذكر لنا أبو بكر القاضي أن منجمين
حضرا عند ولادتي، فأجمعا على أن العمر اثنتان وخمسون سنة،
فها أنا قد جاوزت التسعين.
قلت: هذا يدل على حسن معتقده.
قال ابن الجوزي (4): وكان حسن الصورة، حلو المنطق، مليح
المعاشرة، كان يصلي في جامع المنصور، فيجئ في بعض الايام،
فيقف وراء مجلسي وأنا أعظ، فيسلم علي، استملى عليه شيخنا
ابن ناصر، وقرأت عليه الكثير، وكان ثقة فهما، ثبتا حجة،
متفننا، منفردا في الفرائض، قال لي يوما: صليت الجمعة،
وجلست أنظر إلى الناس، فما رأيت أحدا أود أن أكون مثله،
وكان قد سافر، فوقع في أسر الروم، وبقي
__________
(1) الذي انشأه عضد الدولة أبو شجاع فنا خسرو بن بويه في
الجانب الغربي من بغداد، ورتب فيه الاطباء والخدم، ونقل
إليه من الادوية والاشربة والعقاقير شيئا كثيرا، وافتتح في
صفر سنة 372 ه.
انظر " البداية والنهاية " 11 / 299، و " تاريخ
البيمارستانات في الاسلام " للدكتور أحمد عيسى ص 187 -
197، وعضد الدولة هذا مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم
(175).
(2) انظر: " ذيل طبقات الحنابلة " لابن رجب 1 / 193.
(3) في " المنتظم " 10 / 92.
(4) في " المنتظم " 10 / 93، 94.
(*)
(20/26)
سنة ونصفا، وقيدوه وغلوه، وأرادوه على كلمة الكفر، فأبى،
وتعلم منهم الخط الرومي، سمعته يقول: من خدم المحابر،
خدمته المنابر، يجب على المعلم أن لا يعنف، وعلى المتعلم
أن لا يأنف.
ورأيته بعد ثلاث
وتسعين سنة صحيح الحواس لم يتغير منها شئ، ثابت العقل،
يقرأ الخط الدقيق من بعد، ودخلنا عليه قبل موته بمديدة،
فقال: سالت في أذني مادة، فقرأ علينا من حديثه، وبقي على
هذا نحوا (1) من شهرين، ثم زال ذلك، ثم مرض، فأوصى أن يعمق
قبره زيادة على العادة، وأن يكتب على قبره: (قل هو نبأ
عظيم أنتم عنه معرضون) [ ص: 67 و 68 ] وبقي ثلاثة أيام لا
يفتر من قراءة القرآن، إلى أن توفي قبل الظهر ثاني رجب سنة
خمس وثلاثين وخمس مئة.
وقال السمعاني: ما رأيت أجمع للفنون منه، نظر في كل علم،
فبرع في الحساب والفرائض، سمعته يقول: تبت من كل علم
تعلمته إلا الحديث وعلمه، ورأيته وما تغير عليه من حواسه
شئ، وكان يقرأ الخط البعيد الدقيق، وكان سريع النسخ، حسن
القراءة للحديث، وكان يشتغل بمطالعة الاجزاء التي معي وأنا
مكب على القراءة، فاتفق أنه وجد جزءا من حديث الخزاعي
قرأته بالكوفة على عمر بن إبراهيم العلوي (2) بإجازته من
محمد بن علي بن عبدالرحمن العلوي، وفيه حكايات مليحة،
فقال: دعه عندي، فرجعت من الغد، فأخرجه وقد نسخه، وقال:
اقرأه حتى أسمعه، فقلت: يا سيدي، كيف يكون هذا ؟ ! ثم
قرأته، فقال للجماعة: اكتبوا اسمي.
__________
(1) في الاصل نحو، والصواب ما أثبتناه.
(2) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (86).
(*)
(20/27)
قلت: هذا الجزء في وقف الشيخ الضياء، وأوله بخطه: حدثنا
أبو سعد السمعاني.
قال السمعاني: وقال لي: أسرتني الروم، وكانوا يقولون لي:
قل: المسيح ابن الله حتى نفعل ونصنع في حقك، فما قلت،
وتعلمت خطهم، وكان لا يعرف علم النحو، سمعته يقول: الذباب
إذا وقع على البياض سوده، وعلى السواد بيضه، وعلى التراب
برغثه، وعلى الجرح قيحه، سمعت منه " الطبقات " لابن سعد، و
" المغازي " للواقدي، وأكثر من مئتي جزء، وقال لي: ولدت
بالكرخ، ثم انتقلنا إلى النصرية ولي أربعة أشهر.
قال ابن نقطة: حدث القاضي أبو بكر " بصحيح " البخاري، عن
أبي الحسين بن المهتدي بالله، أخبرنا أبو الفتح بن أبي
الفوارس، أخبرنا أحمد ابن عبد الله النعيمي، أخبرنا
الفربري عنه.
13 - ابن السمرقندي * الشيخ
الامام المحدث المفيد المسند، أبو القاسم، إسماعيل بن أحمد
بن عمر بن أبي الاشعث، السمرقندي، الدمشقي المولد،
البغدادي الوطن، صاحب المجالس الكثيرة.
ولد بدمشق في رمضان سنة أربع وخمسين وأربع مئة، فهو أصغر
من أخيه، الحافظ عبد الله (1).
__________
(*) المنتظم 10 / 98، 99، الكامل لابن الاثير 11 / 90،
مرآة الزمان 8 / 109، 4 / 99، دول الاسلام 2 / 55،
المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 85، 86، الوافي بالوفيات 9 /
88، طبقات السبكي 7 / 46 البداية والنهاية 12 / 218،
النجوم الزاهرة 5 / 269، ذيل تذكرة الحفاظ لابن فهد المكي:
72، شذرات الذهب 4 / 112، تهذيب تاريخ دمشق 3 / 13، 14.
(1) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (269).
(*)
(20/28)
سمعا أبا بكر الخطيب، وعبد الدائم بن الحسن، وأبا نصر بن
طلاب، وأحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، وعبد العزيز
الكتاني، ثم انتقل بهما الوالد إلى بغداد، فسمعا من أبي
جعفر بن المسلمة، وأبي محمد ابن هزارمرد، وعبد العزيز بن
علي السكري، وأبي الحسين بن النقور، وأحمد بن علي بن
منتاب، ومالك البانياسي، وطاهر بن الحسين القواس، وإبراهيم
بن عبد الواحد القطان، وعاصم بن الحسن، وابن الاخضر
الانباري، وجعفر بن يحيى الحكاك، ومحمد بن هبة الله
اللالكائي، وابن خيرون، ورزق الله التميمي، وأحمد بن علي
بن أبي عثمان، ومحمد بن أحمد بن أبي الصقر، ويوسف بن الحسن
التفكري، وإسماعيل بن مسعدة، وطراد الزينبي، والنعالي (1)،
وعبد الكريم بن رزمة، وأبي علي ابن البناء، وأحمد بن
الحسين العطار، وعبد الله بن الحسن الخلال، ويوسف
المهرواني، وعبد السيد بن محمد الصباغ، وأبي نصر الزينبي
ووالده، وأبي إسحاق الشيرازي، وعبد الباقي بن محمد العطار،
وابن البسري، وعدد كثير.
ثم قدم إسماعيل الشام، وسمع بالقدس من مكي الرميلي (2)،
عمر، وروى الكثير.
حدث عنه: السلفي، وابن عساكر (3)، والسمعاني، وأعز بن علي
الظهيري، وإسماعيل بن أحمد الكاتب، وسعيد بن عطاف، ويحيى
بن
__________
(1) هو أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن طلحة النعالي
البغدادي، سنة 493 ه، مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم
(57).
(2) نسبة إلى الرميلة، وهي من قرى الارض المقدسة، وقد مرت
ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (99).
(3) انظر " مشيخة " ابن عساكر 27 / 1.
(*)
(20/29)
ياقوت، وعمر بن طبرزد، وزيد بن الحسن الكندي، ومحمد بن أبي
تمام ابن لزوا، وعلي بن هبل الطبيب، وسليمان بن محمد
الموصلي، وعبد العزيز بن الاخضر، وموسى بن سعيد بن الصيقل،
وآخرون.
قال السمعاني: قرأت عليه الكتب الكبار والاجزاء، وسمعت أبا
العلاء العطار بهمذان يقول: ما أعدل بأبي القاسم بن
السمرقندي أحدا من شيوخ العراق وخراسان (1).
وقال عمر البسطامي: أبو القاسم إسناد خراسان والعراق (2).
قال ابن السمرقندي: ما بقي أحد يروي " معجم " ابن جميع
غيري ولا عن عبد الدائم الهلالي، وأنشد: وأعجب ما في الامر
أن عشت بعدهم * على أنهم ما خلفوا في من بطش قال ابن
عساكر: كان ثقة مكثرا، صاحب أصول، دلالا في الكتب، سمعته
يقول: أنا أبو هريرة في ابن النقور (3).
قال ابن عساكر: وعاش إلى أن خلت بغداد، وصار محدثها كثرة
وإسنادا، حتى صار يطلب على التسميع بعد حرصه على التحديث،
أملى بجامع المنصور أزيد من ثلاث مئة مجلس، وكان له بخت في
بيع الكتب، باع مرة " صحيحي " (4) البخاري ومسلم في مجلدة
لطيفة بخط الصوري
__________
(1) انظر " المنتظم " 10 / 98.
(2) انظر " طبقات " السبكي 7 / 46، وشرح كلمة إسناد بقوله:
يعني مسنده.
(3) يعني لكثرة ملازمته له، وسماعه منه، تشبيها بأبي هريرة
رضي الله عنه الذي كان شديد الملازمة للنبي صلى الله عليه
وسلم.
وابن النقور هو أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي
البزاز، المتوفي سنة 470 ه، مرت ترجمته في الجزء الثامن
عشر برقم (180).
(4) في الاصل: " صحيح "، والمثبت من " تهذيب تاريخ دمشق ".
(*)
(20/30)
بعشرين دينارا، وقال: وقعت علي بقيراط، لاني اشتريتها
وكتابا آخر بدينار وقيراط، فبعت الكتاب بدينار (1).
قال السلفي: هو ثقة، له أنس بمعرفة الرجال، وقال: كان ثقة
يعرف الحديث، وسمع الكتب، وكان أخوه أبو محمد عالما ثقة
فاضلا، ذا لسن.
وقال ابن ناصر: كان دلالا، وكان سيئ المعاملة، يخاف من
لسانه، يخالط الاكابر بسبب الكتب.
توفي في السادس والعشرين من ذي القعدة سنة ست وثلاثين وخمس
مئة.
وقد رأى أنه يقبل قدم النبي صلى الله عليه وسلم، ويمر
عليها وجهه، فقال له ابن الخاضبة: أبشر بطول البقاء،
وبانتشار حديثك، فتقبيل رجليه اتباع أثره (2).
14 - جمال الاسلام * الشيخ
الامام العلامة، مفتي الشام، جمال الاسلام، أبو الحسن
__________
(1) انظر " تهذيب ابن عساكر " 3 / 13، 14.
(2) انظر خبر هذه الرؤيا بأطول مما هنا في " المنتظم " 10
/ 98، و " مرآة الزمان 8 / 109، 110، و " المستفاد من ذيل
تاريخ بغداد " 85، 86.
(*) تاريخ ابن القلانسي: 424، تبيين كذب المفتري 326، 327،
مرآة الزمان 8 / 103، العبر 4 / 92، المشتبه: 588، دول
الاسلام 2 / 53، الوافي بالوفيات 12 / 203 (مخطوط)، مرآة
الجنان 3 / 261، طبقات السبكي 7 / 235 - 237، طبقات
الاسنوي 2 / 428، 429، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة:
ورقة 33، تبصير المنتبه 4 / 1282، طبقات المفسرين للسيوطي
26، الدارس للنعيمي 1 / 180، 181، طبقات المفسرين للداوودي
1 / 435، 436، مختصر تنبيه الطالب: 33، طبقات المفسرين
للادنة وي ورقة 40 / 1، كشف الظنون: 18، شذرات الذهب 4 /
102، هدية العارفين 1 / 696، 697.
(*)
(20/31)
علي بن المسلم بن محمد بن علي بن الفتح، السلمي الدمشقي
الشافعي الفرضي.
سمع أبا نصر بن طلاب الخطيب، وعبد العزيز بن أحمد الكتاني،
وأبا الحسن بن أبي الحديد، ونجا العطار، وغنائم بن أحمد،
وابن أبي العلاء المصيصي، والفقيه نصرا المقدسي وعدة.
وتفقه على القاضي أبي المظفر المروزي، وكان معيدا للفقيه
نصر (1).
وقال الغزالي فيما حكاه ابن عساكر أنه قال: خلفت بالشام
شابا إن عاش كان له شأن.
فكان كما تفرس فيه، ودرس بحلقة الغزالي مدة، ثم ولي تدريس
الامينية (2) في سنة أربع عشرة.
قال ابن عساكر: سمعنا منه الكثير، وكان ثقة ثبتا، عالما
بالمذهب والفرائض، يحفظ كتاب " تجريد التجريد " لابي حاتم
القزويني (3)، وكان حسن الخط، موفقا في الفتاوى، على
فتاويه عمدة أهل الشام، وكان كثير
__________
(1) هو الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي النابلسي،
المتوفى سنة 490 ه.
مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (72).
(2) قيل: إنها أول مدرسة بنيت بدمشق للشافعية، بناها أتابك
العساكر بدمشق، وكان يلقب أمين الدولة، ربيع الاسلام، أمين
الدين كمشتكين بن عبد الله الطغتكي، نائب قلعة بصرى وقلعة
صرخد، توفي سنة 541 ه، ووقف المدرسة سنة أربع عشرة، وصاحب
الترجمة هو أول من
درس فيها، وتقع قبلي باب الزيادة من أبواب الجامع الاموي،
وهو الباب المفتوح في حرم المسجد من جهة القبلة، المؤدي
إلى سوق الصاغة اليوم.
انظر " مختصر تنبيه الطالب وإرشاد الدارس " ص 33 - 35.
(3) هو أبو حاتم محمود بن حسن الطبري القزويني الشافعي،
صاحب التصانيف الكثيرة، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر
برقم (66) ولم يذكر سنة وفاته، وتحرفت كنيته في " طبقات "
الاسنوي 2 / 428 إلى أبي حامد.
(*)
(20/32)
عيادة المرضى وشهود الجنائز، ملازما للتدريس، حسن الاخلاق،
وله مصنفات في الفقه والتفسير، وكان يعقد مجلس التذكير،
ويظهر السنة، ويرد على المخالفين، لم يخلف بعده مثله (1).
قلت: المخالفون يعني بهم الرافضة، وكانت الدولة لهم.
حدث عنه: السلفي، وابن عساكر (2)، وابنه (3) القاسم، وخطيب
دومة عبد الله بن حمزة الكرماني، وعبد الوهاب بن علي والد
كريمة، ومكي ابن علي، ويحيى بن الخضر الارموي، وإسماعيل
الجنزوي (4)، وأبو طاهر الخشوعي، ومحمد بن الخصيب، والقاضي
أبو القاسم عبد الصمد بن الحرستاني، وأملى عدة مجالس.
وقد ذكره ابن عساكر في كتاب " تبيين كذب المفتري " (5)،
وقال: عني بكثرة المطالعة والتكرار، فلما قدم الفقيه
المقدسي لازمه، ولازم الغزالي مدة مقامه بدمشق، وهو الذي
أمره بالتصدر بعد شيخه نصر، وكان يثني على علمه وفهمه،
وكان عالما بالتفسير والاصول والفقه والتذكير والفرائض
والحساب وتعبير المنامات، توفي في ذي القعدة سنة ثلاث
وثلاثين وخمس مئة ساجدا في صلاة الفجر.
قلت: مات في عشر التسعين (6).
__________
(1) أورد هذا النص السبكي في " طبقاته الكبرى " 7 / 236.
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر: لوحة 152 / 2.
(3) في الاصل: " وابن " وهو خطأ.
انظر ترجمة القاسم ابن عساكر في الجزء الحادي والعشرين من
هذا الكتاب.
(4) انظر ص 12 ت (4).
(5) ص 326، 327.
(6) ذكر السبكي والاسنوي من مصنفاته كتاب " أحكام الخناثى
".
قال الاسنوي: وهو = (*)
(20/33)
ومات ابنه الفقيه إسماعيل بن علي بأصبهان بعد سنة سبعين
وخمس مئة، وكان قد سكن أصبهان، وجاءته الاولاد، وقدم قبيل
موته، فباع ملكا له، ورجع إلى أصبهان، سمع منه الحافظ أبو
المواهب.
15 - ابن توبة * الشيخ الامام
المقرئ المسند، أبو الحسن، محمد بن أحمد بن محمد بن
عبد الجبار بن توبة، الاسدي العكبري.
ولد سنة خمس وخمسين وأربع مئة.
وتلا بالروايات على أصحاب أبي الحسن بن الحمامي، وقرأ شيئا
من الفقه على الشيخ أبي إسحاق.
وكان جليلا مهيبا وقورا.
سمع أبا جعفر بن المسلمة، وأبا بكر الخطيب، وعبد الصمد بن
المأمون، والصريفيني.
قال السمعاني: هو صالح خير، حسن الاخذ، قرأت عليه الكثير،
كنت أقدم السماع عليه على غيره (1).
قلت: روى عنه ابن عساكر، والتاج الكندي.
ومات في صفر سنة خمس وثلاثين وخمس مئة.
__________
= تصنيف مفيد في بابه، وقد أودعت محاسنه في تصنيفي " إيضاح
المشكل من أحكام الخنثى المشكل "، ونبهت على ما قال فيه من
الغلط، وزدت عليه من المسائل والفوائد أضعاف ما ذكره، ولله
الحمد.
انظر " طبقاته " 2 / 429.
(*) المنتظم 10 / 91، 92، معرفة القراء الكبار 1 / 393،
العبر 4 / 96، غاية النهاية لابن الجزري 2 / 84، شذرات
الذهب 4 / 107.
(1) انظر " معرفة القراء الكبار " 1 / 393.
(*)
(20/34)
وسمعت " سبعة " ابن مجاهد من عمر بن القواس، عن الكندي،
أخبرنا ابن توبة، أخبرنا الصريفيني، أخبرنا الكناني عنه.
16 - أخوه [ عبد الجبار ] *
الامام المقرئ الفقيه القدوة، أبو منصور، عبد الجبار بن
أحمد بن محمد بن عبد الجبار بن توبة، العكبري
الشافعي.
كان أصغر من أخيه.
سمع حضورا من أبي الغنائم بن المأمون، وسمع من أبي محمد بن
هزار مرد، وأبي الحسين بن النقور.
وعنه: ابن عساكر (1)، والسمعاني، والتاج الكندي، ويوسف بن
المبارك الخفاف، وعبد العزيز بن الاخضر، وآخرون.
قال السمعاني: كان حسن الاصغاء، ثقة صالحا، قيما بكتاب
الله، صحب الشيخ أبا إسحاق، وخدمه، وكان كثير البكاء،
أكثرت عنه، توفي
في ثالث جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وخمس مئة.
17 - الشاذياخي * * الشيخ
الصالح المأمون، أبو الفتوح، عبد الوهاب بن شاه بن
أحمد
__________
(*) المنتظم 10 / 90، 91، العبر 4 / 96، شذرات الذهب 4 /
107.
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر 100 / 1.
(* *) الانساب 7 / 241، التحبير 1 / 501 - 502، التقييد:
الورقة 158، العبر 4 / 96، ملخص تاريخ الاسلام: الورقة 18
/ 2، شذرات الذهب 4 / 107.
والشاذياخي: ذكر السمعاني أنها نسبة إلى موضعين: أحدهما
إلى باب نيسابور مثل قرية متصلة بالبلد بها دار السلطان،
ومنها صاحب الترجمة.
والموضع الآخر قرية ببلخ على أربعة فراسخ منها.
وانظر " معجم البلدان " 3 / 305 - 307.
(*)
(20/35)
ابن عبد الله، النيسابوري الشاذياخي الخرزي، كان له حانوت
يتبلغ فيه من بيع الخرز.
سمع " الصحيح " من أبي سهل الحفصي، وسمع " الرسالة " من
أبي القاسم القشيري، وسمع من أبي حامد الازهري، وعبد
الحميد بن عبد الرحمن البحيري، وحسان المنيعي، ونصر بن علي
الحاكمي، وأحمد بن محمد بن مكرم، وأبي صالح المؤذن، وعدة.
روى عنه السمعاني، وقال (1): كان من أهل الخير والصلاح،
ولد سنة ثلاث وخمسين.
قلت: وروى عنه ابن عساكر (2)، وإسماعيل بن علي المغيثي،
ومنصور الفراوي، والمؤيد الطوسي، وزينب الشعرية.
قال ابن نقطة: سمع منه جميع " الصحيح " منصور، والمؤيد،
والشعرية.
قال السمعاني: توفي في شوال سنة خمس وثلاثين وخمس مئة.
أخبرنا أبو الفضل بن عساكر، عن زينب الشعرية، أخبرنا عبد
الوهاب ابن شاه، أخبرنا أبو القاسم القشيري، أخبرنا محمد
بن الحسن بن فورك، حدثنا ابن خرزاذ، حدثنا الحسن بن الحارث
الاهوازي، حدثنا سلمة بن سعيد، حدثنا صدقة بن أبي عمران،
حدثنا علقمة بن مرثد، عن زاذان، عن البراء بن عازب، سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " حسنوا القرآن
__________
(1) في " التحبير " 1 / 501 و 502.
(2) انظر " مشيخته " لوحة 131.
(*)
(20/36)
بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا " (1).
صدقة صدوق.
18 - عماد الدولة بن هود * كان
أحد ملوك الاندلس في حدود الخمس مئة، وهو من بيت
مملكة تملكوا شرق الاندلس، فلما استولى الملثمون على
الاندلس، أبقى يوسف ابن تاشفين على ابن هود، فلما تملك علي
بن يوسف بعد أبيه كان فيه سلامة باطن، فحسن له وزراؤه أخذ
الملك من ابن هود، حتى قالوا له: إن أموال المستنصر
العبيدي صارت في غلاء مصر المفرط تحولت كلها إلى بني هود،
وقالوا: الشرع يأمرك أن تسعى في خلعهم لكونهم مسالمين
الروم، فجهز لهم الامير أبا بكر بن تيفلوت (2)، فتحصن عماد
الدولة بروطة (3)، وكتب إلى علي بن تاشفين يستعطفه في
المسالمة، ويقول: لكم فيما فعله أبوكم أسوة
__________
(1) اسناده قوي على شرط مسلم، وأخرجه الحاكم 1 / 575 من
طريق أبي محمد عبد الله
بن عبدالرحمن السمرقندي، حدثنا محمد بن بكر حدثنا صدقة
بهذا الاسناد بلفظ " زينوا " وأخرج القسم الاول منه من غير
هذه الطريق عن البراء أحمد 4 / 285 و 296 و 304، وأبو داود
(1468) والدارمي 2 / 474، والنسائي 2 / 179 - 180، وابن
ماجه (1342) والحاكم 1 / 575، وإسناده صحيح.
(*) الكامل لابن الاثير 9 / 289، الحلة السيراء 2 / 248،
249، المغرب في حلي المغرب 2 / 438، أعمال الاعلام 202،
الحلل الموشية: 71، تاريخ ابن خلدون 4 / 163، نفح الطيب 1
/ 441، الاستقصا في أخبار المغرب الاقصى 2 / 66، 67، معجم
الانساب والاسرات الحاكمة: 90.
واسمه: عبدالملك بن أحمد بن يوسف بن هود الجذامي، أبو
مروان.
(2) هو أبو بكر بن إبراهيم المعروف بابن تيفلوت - وورد في
" نفح الطيب " " تيفلويت " بزيادة ياء بعد الواو - أحد
أمراء المرابطين، وكان واليا على سرقسطة، توفي سنة 510 ه.
مترجم في " الاستقصا في أخبار المغرب الاقصى " 2 / 65، و "
الاحاطة " 1 / 404 - 409.
(3) روطة: حصن من أعمال سرقسطة حصين جدا.
" معجم البلدان " 3 / 96.
(*)
(20/37)
حسنة، وسيعلم مبرم هذا الرأي عندكم سوء مغبته، والله حسيب
من معي، وحسبنا الله وكفى.
فأمر علي بن يوسف بالكف، وأنى ذلك وقد أدخلته الرعية
سرقسطة، وكان ابن رذمير اللعين صاحب مملكة أرغونة من شرق
الاندلس قسيسا مجربا داهية مترهبا، فقوي على بلاد ابن هود،
وطواها، وقنع عماد الدولة بن هود بدار سكناه، وكان ابن
رذمير لا يتجهز إلا في عسكر قليل كامل العدة، فيلقى بالالف
آلافا.
قال اليسع بن حزم: حدثني عنه أبو القاسم هلال أحد وجوه
العرب قال: كان بيني وبين المرابطين أمر ألجأني إلى الوفود
على ابن رذمير،
فرحب بي، وأمر لي براتب كبير، فحضرت معه حربا طعن عنه
حصانه، فوقفت عليه ذابا عن حوزته، فلما انصرفنا إلى رشقة،
أمر الصواغين بعمل كأس من ذهب رصعه بالدر، وكتب عليه: " لا
يشرب منه إلا من وقف على سلطانه ".
فحضرت يوما، فأخرج الكاس، وملاه شرابا، وناولني بحضرة ألف
فارس، ورأيت أعناقهم قد اسودت من صدأ الدروع.
قال: فناديت، وقلت: غيري أحق به، فقال: لا يشرب هذا إلا من
عمل عملك.
وكان هلال هذا من قرية هلال بن عامر، تاب بعد، وغزا معنا،
فكان إذا حضر في الصف جبلا راسيا يمنع تهائم الجيوش أن
تميد، وقلبا في البسالة قاسيا، يقول في مقارعة الابطال: هل
من مزيد.
أبصرته رحمه الله أمة وحده، يتحاماه الفوارس، فحدثني عن
ابن رذمير وإنصافه قال: كنت معه بظاهر روطة وقد وجه إليه
عماد الدولة وزيره أبا محمد عبد الله بن همشك (1)، الامير
رسولا، فطلب فارس من ابن رذمير أن يمكن من مبارزة ابن
همشك، فقال: لا، هو عندنا ضيف.
فسمع بذلك ابن همشك، وأمضى ابن رذمير حاجته،
__________
(1) بفتح الهاء وضم الميم وسكون الشين، انظر ضبطه ومعناه
في " الاحاطة " 1 / 297.
(*)
(20/38)
وصرفه، فقال: لا بد لي من مبارزة هذا، فأمر الملك ذاك
الفارس بالمبارزة، وقال: هذا أشجع الروم في زمانه، فانصرف
عبد الله يريد روطة، وخرج وراءه الرومي شاكا في سلاحه، وما
مع ابن همشك درع ولا بيضة، فأخذ رمحه وطارقته من غلامه،
وقصد الرومي، فحمل كل منهما على الآخر حملات، ثم ضربه ابن
همشك في الطارقة، فأعانه الله، فانقطع حزام الفارس، فوقع
بسرجه إلى الارض، فطعنه ابن همشك، فقتله، والملك يشاهده
على بعد، فهمت الروم بالحملة على ابن همشك،
فمنعهم الملك، ونزل غلام ابن همشك، فجرد الفارس، وسلبه،
وأخذ فرسه، وذهب لم يلتفت إلى ناحيتنا، فما أدري مم أعجب،
من إنصاف الملك، أو من ابن همشك كيف مضى ولم يعرج إلينا ؟
! وأقام ابن رذمير محاصرا (1) سرقسطة زمانا، وأخذ كثيرا من
حصونها، فلما رأى أبو عبد الله محمد بن غلبون القائد ما حل
بتلك البلاد من الروم، ثار بدورقة وقلعة أيوب وملينة، وجمع
وحشد، وكافح ابن رذمير، واستولى أبو بكر بن تيفلوت على
سرقسطة، وأقام بقصرها في لذاته، وأما ابن غلبون، فأحسن
السيرة، وعدل، وجاهد، ورزق الجند، رأيته رجلا طوالا جدا،
واجتمعت به، أقام مثاغرا لابن رذمير شجى في حلقه، التقى
مرة في ألف فارس لابن رذمير، والآخر في ألف، فاشتد بينهما
القتال، وطال، ثم حمل ابن غلبون على ابن رذمير، فصرعه عن
حصانه، فدفع عنه أصحابه، فسلم، ثم انهزموا، ونجا (2)
اللعين في نحو المئتين فقط، وأما ابن تيفلوت، فإنه راسل
ابن غلبون، وخدعه، حتى حسن له زيارة أمير المسلمين علي بن
__________
(1) في الاصل: محاصر والصواب ما أثبتناه.
(2) في الاصل: أو نجا والصواب ما أثبتناه.
(*)
(20/39)
يوسف، فاستخلف على بلاده ولده أبا المطرف، وكان من الابطال
الموصوفين أيضا، فقدم محمد مراكش، فأمسك، وألزم بأن يخاطب
بنيه في إخلاء بلاده للمرابطين، فأخلوها طاعة لابيهم،
وترحلوا إلى غرب الاندلس، ففرح بذلك ابن رذمير، وحصر
سرقسطة، وصنع عليها برجين عظيمين من خشب، وإن أهلها لما
يئسوا من الغياث، خرجوا، وأحرقوا البرجين، واقتتلوا أشد
قتال، وكتبوا إلى ابن تاشفين يستصرخون به، ومات
ابن تيفلوت، وذلك في سنة إحدى عشرة وخمس مئة، فأنجدهم
بأخيه تميم ابن يوسف، فقدم في جيش كبير، وعنى ابن رذمير
جيوشه، ففرح أهل سرقسطة بتميم، فكان عليهم لا لهم، جاء
مواجه المدينة، ثم نكب عنها، وكان طائفة من خيلها ورجلها
قد تلقوه، فحمل عليهم حملة قتل منهم جماعة كثيرة، ثم نكب
عن لقاء العدو، وانصرف إلى جهات المورالة، واشتد البلاء
على البلد، ثم سلموه بالامان، على أن من شاء أقام به، وكان
ابن رذمير معروفا بالوفاء، حدثني من أثق به أن رجلا كانت
له بنت من أجمل النساء، ففقدها، فأخبر أن كبيرا من رؤوس
الروم خرج بها إلى سرقسطة، فتبعه أبواها وأقاربها، فشكوه
إلى ابن رذمير، فأحضره، وقال: علي بالنار، كيف تفعل هذا
بمن هو في جواري ؟ فقال الرومي: لا تعجل علي، فإنها فرت
إلى ديننا، فجئ بها، فأنكرت أبويها، وارتدت.
ولما دخل سرقسطة، أقرهم على الصلاة في جامعها سبعة أعوام،
وبعد ذلك يعمل ما يرى، وحاصر قتندة (1) بعد سرقسطة سنتين،
فلما كان في آخر سنة أربع عشرة، قصده عبد الله بن حيونة في
جيش فيهم قاضي المرية أبو عبد الله بن الفراء، وأبو علي بن
سكرة، فبرز لهم اللعين، فقتل خلقا، وأسر آخرون،
__________
(1) وهي ثغر سرقسطة من قرى مرسية: انظر " معجم البلدان " 4
/ 310، و " المغرب " 2 / 264.
(*)
(20/40)
واستشهد المذكوران، فبنى عليهم ابن رذمير قبورا، ثم سلم
البلد إليه، وأخذ في تلك المدة دورقة، وقلعة أيوب،
وطرسونة، وأكثر من مئتي مسور، ولم يبق أكثر من ثلاثة مدائن
لم يأخذها، وبقي من أعمال بني هود لاردة (1)، وإفراغة،
وطرطوشة، وغير ذلك معاملة عشرة أيام لم يظفر اللعين
بها، فقام بلا ردة الهمام أبو محمد (2)، وقام بإفراغة
الزاهد المجاهد محمد مردنيش الجذامي (3) جد الامير محمد بن
سعد
19 - أحمد بن عبدالملك بن هود
* الملقب بالمستنصر بالله الاندلسي، من بيت مملكة
وحشمة، وأموال عظيمة، وكان بيده قطعة من الاندلس، فاستعان
بالفرنج على إقامة دولته.
ذكره اليسع بن حزم، فقال: انعقد الصلح بين المستنصر بن هود
وبين السليطين (4) ملك الروم وهو ابن بنت أذفونش إلى مدة
عشرين سنة، على أن يدفع للفرنج روطة، ويدفعوا إليه حصونا
عوضها، ويعينوه بخمسين ألفا من الروم، يخرج بها إلى بلاد
المسلمين ليملك، فجعل الله تدميره في تدبيره، وكنا نجد في
الآثار عن السلف فساد الاندلس على يدي بني هود،
__________
(1) بالراء المكسورة والدال المهملة: مدينة مشهورة من مدن
الثغر على نهر سيقر شرقي قرطبة.
انظر " معجم البلدان " 5 / 7، و " المغرب " 2 / 459.
(2) هو الامير المجاهد أبو محمد عبد الله بن عياض، سترد
ترجمته في هذا الجزء برقم (154).
(3) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (151).
(*) الكامل لابن الاثير 9 / 289، الحلة السيراء 2 / 249 -
251، المغرب في حلي المغرب 2 / 438، أعمال الاعلام: 203،
صفة جزيرة الاندلس: 97، تاريخ ابن خلدون 4 / 163، نفح
الطيب 1 / 441، معجم الانساب والاسرات الحاكمة: 90.
(4) انظر تعليق الدكتور حسين مؤنس على " الحلة السيراء " 2
/ 249 في التعريف بهذا السليطين وسبب تسميته بذلك.
(*)
(20/41)
وصلاحها بعد على أيديهم، فخرج اللعين السليطين وابن هود في
نحو من
أربعين ألف فارس، وتاشفين بالزهراء، فقصد ابن هود جهة
إشبيلية، وبقي ينفق على جيوش السليطين نحو ثمانية أشهر،
وشرط عليهم أنهم لا يأسرون أحدا، فحدثني المستنصر - وقد
ندم على فعله من شيطنة الشبيبة وطلب ملك آبائه - فقال لي:
الذي أنفقت في تلك السفرة من الذهب الخالص ثلاثة آلاف ألف
دينار، والذي دفعت إليهم من مخازن روطة من الدروع أربعون
(1) ألف درع، ومن البيض مثلها، ومن الطوارق ثلاثون (2)
ألفا، وذكر لي جماعة أنه دفع إلى السليطين خيمة كان يحملها
أربعون بغلا، وذكر لي محمد ابن مالك الشاعر أنه أبصر تلك
الخيمة، قال: فما سمع بأكبر منها قط، ولما طالت إقامته على
البلاد، ولم يخرج إلى ابن هود أحد، رجع ومعه ابن هود، ولم
يكن مع ابن هود إلا نحو من مئتي فارس، فأقام ابن هود
بطليطلة ليذهب منها إلى حصونه التي عوض بها - وبئس
للظالمين بدلا - ثم إن قرطبة اضطرب أمرها، واشتغل أمير
المسلمين بما دهمه من خروج التومرتية (3)، فجاء المستنصر
بالله أحمد من مدينة غرليطش، وقصد قرطبة، وكان محببا إلى
الناس بالصيت، فبرز إليه ابن حمدين زعيم قرطبة بعسكرها،
فقصد عسكرها نحو ابن هود طائعين، ففر حينئذ ابن حمدين إلى
بليدة، ودخل ابن هود قرطبة بلا كلفة ولا ضربة ولا طعنة،
فاستوزر أبا سعيد المعروف بفرج الدليل، وكاتب نواب البلاد،
ففرحوا به لاصالته في الملك، ثم خرج فرج الدليل إلى حصن
المدور، فقيل لابن هود: قد نافق وفارق، فخرج بنفسه،
واستنزله من
__________
(1) في الاصل: أربعين.
(2) في الاصل: ثلاثين.
(3) هم جماعة محمد بن عبد الله ابن تومرت، مهدي المغرب،
زعيم الموحدين، مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم
(318)، وقد خلف بعده السلطان عبدالمؤمن بن علي،
سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (254).
(*)
(20/42)
الحصن، فنزل غير مظهر خلافا، وكان رجلا صالحا، فقتله صبرا،
فساء ذاك أهل قرطبة، وثارت نفوسهم، وعظم عليهم قتل أسد من
أسد الله، فزحفوا إلى القصر، ففر ابن هود من قرطبة، فقصدها
ابن حمدين، فأدخله أهله، وكثر الهيج، واشتد البلاء
بالاندلس، وغلت مراجل الفتنة، وأما أبو محمد بن عياض، فكان
على مملكة لاردة، فخرج في خمس مئة فارس، ليسعى في إصلاح
أمر الامة، وقصده أهل مرسية وبلنسية ليملكوه عليهم،
فامتنع، ثم بايع أهل بلنسية عن خليفة عبد الله العباسي، ثم
اتفق ابن عياض وابن هود على أن اسم الخلافة لامير المؤمنين
العباسي، وأن النظر في الجيوش والاموال لابن عياض رحمه
الله، وأن السلطنة لابن هود.
قال اليسع: فكتبت بينهما عهدا هذا نصه: كتاب اتفاق ونظام
وائتلاف لجمع كلمة الاسلام يفرح به المؤمنون، انعقد بين
الامير المستنصر بالله أحمد، وبين المجاهد المؤيد أبي محمد
عبد الله بن عياض، وصل الله بهما أبواب التوفيق..إلى أن
قال: وأنا لي في جزيرة الاندلس غرباء في مادة الروم، فلم
لا تعزم على إذاعة العدل وتروم ؟ وقد توجه نحوكم كاتبنا
ابن اليسع، وكل ما عقده وفي أموركم اعتمده أمضيناه.
قال: فلما وصلت المدينة، وقرأت الكتاب، فرحوا..إلى أن قال:
فأغارت الروم على أحواز شاطبة، فبعثني عبد الله بن عياض
إلى المستنصر يقول له: أنا أحتفل للقاء القوم، فلا تخرج.
فلما
جئته بهذه الرسالة، قال لي: إنما تريد أن تفسد ما بيني
وبين الروم من وكيد الذمة، وإذا أنا خرجت، واجتمعت
بملوكهم، ردوا ما أخذوه، فأعلمت ابن عياض، فقال لي: يحسب
هذا أن الروم تفي له، سيتبع رأيي حين لا
(20/43)
ينفعه، فتضرعت إلى المستنصر، فأبى، فخرجنا (1) جميعا نؤم
العدو، حتى وصلنا، فأمراني بكتابين عنهما إلى الملكين مونق
وفراندة، وكتاب عن ابن عياض إلى صهره أبي محمد ليصل بعسكر
بلنسية، فقال له ابن عياض: يقرب صيدنا، والحرب خدعة، فأبى،
وقال: إذا وصلهم كتابي، ردوا الغنائم، فلم يغن كتابه شيئا.
إلى أن قال: فالتقينا نحن والروم، فكمنوا لنا ألفي فارس،
وظهر لنا أربعة آلاف، ونحن نحو الالفين، ووقع الحرب، فمات
من أهل بلنسية نحو سبع مئة، ومن الروم نحو الالف، وفر أهل
مرسية عن ابن عياض، وفر ابن هود، فثبت ابن عياض في نحو مئة
فارس، وانكسرت الروم، لكن خرج كمينهم، فانكسرنا بعد بأس
شديد، واستشهد الامير أبو محمد عبد الله بن مردنيش صهر ابن
عياض، وأحمد بن مردنيش، فشق حينئذ ابن عياض وسط الروم،
وجاز نهر شقر حتى وصل مدينة جنجالة، وتوصل الفل إليه،
وفقدنا ابن هود، ودخلنا مرسية، واستبشر أهلها بسلامة الملك
المجاهد عبد الله بن عياض، وذلك سنة بضع وثلاثين وخمس مئة.
20 - العثماني * العلامة
المفتي، أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن يحيى،
العثماني المقدسي الشافعي الاشعري، ونزيل بغداد، من ذرية
محمد بن عبد الله الديباج (2).
__________
(1) في الاصل: فخرج، وهو خطأ.
(*) الانساب 5 / 392 (الديباجي)، تبيين كذب المفتري: 321،
المنتظم 10 / 33، الكامل 11 / 9، مرآة الزمان 8 / 88،
تاريخ الاسلام 4 / ق 275 / 1، الوافي بالوفيات 2 / 109،
طبقات السبكي 6 / 88، 89، طبقات الاسنوي 1 / 528، البداية
والنهاية 12 / 205، تاريخ الانس الجليل 1 / 267.
(2) وقد لقب بالديباج لحسنه، مرت ترجمته في الجزء السادس
برقم (107).
(*)
(20/44)
مولده سنة اثنتين وستين (1) وأربع مئة ببيروت.
وأخذ عن الفقيه نصر (2).
روى عنه ابن عساكر (3)، والمبارك بن كامل.
ودرس وأقرا، ووعظ، وحج مرات.
وروى عن الحسين بن علي الطبري.
قال ابن كامل: لم أر في زماني مثله، جمع العلم والعمل
والزهد والورع والمروءة وحسن الخلق، وكان يوم جنازته يوما
مشهودا.
قال أبو الفرج بن الجوزي (4): رأيته يعظ بجامع القصر، وكان
غاليا في مذهب الاشعري.
وقال ابن عساكر (5): كان يفتي ويناظر ويذكر، وكانت مجالس
تذكيره قليلة الحشو، على طريقة المتقدمين، مات في سابع عشر
صفر سنة سبع (6) وعشرين وخمس مئة.
قلت: غلاة المعتزلة، وغلاة الشيعة، وغلاة الحنابلة، وغلاة
الاشاعرة، وغلاة المرجئة، وغلاة الجهمية، وغلاة الكرامية،
قد ماجت بهم الدنيا، وكثروا، وفيهم أذكياء وعباد وعلماء،
نسأل الله العفو والمغفرة
__________
(1) في " الوافي ": وأربعين.
(2) المقدسي.
انظر ص 27 ت (1).
(3) انظر " مشيخة " ابن عساكر 175 / 1.
(4) في " المنتظم " 10 / 33.
(5) في " تبيين كذب المفتري ": 321.
(6) في " الوافي " سنة ست، وقيل: سنة تسع.
(*)
(20/45)
لاهل التوحيد، ونبرأ إلى الله من الهوى والبدع، ونحب السنة
وأهلها، ونحب العالم على ما فيه من الاتباع والصفات
الحميدة، ولا نحب ما ابتدع فيه بتأويل سائغ، وإنما العبرة
بكثرة المحاسن.
21 - الدهان * الشيخ أبو الحسن
عبد الجبار بن عبد الوهاب بن عبد الله بن محمد بن
الدهان، النيسابوري البيع، شيخ سديد الطريقة، من بيت ثروة
ومروءة.
سمع أبا بكر البيهقي فأكثر، وسعيد بن أبي سعيد العيار،
وجماعة.
وروى الكثير، فسمع منه " السنن الكبير " عبدالرحيم بن
عبدالرحمن الشعري.
وقال أبو سعد السمعاني (1): أجاز لي في سنة سبع وعشرين
وخمس مئة، وهو شيخ ثقة، من أهل الخير والامانة، عنده
تصانيف البيهقي، وسمع أبا طاهر محمد بن علي الحافظ الزراد
(2)، وأبا يعلى بن الصابوني.
وذكره أيضا عبد الغافر، وأثنى عليه، ولم يذكرا له وفاة.
لم يدركه ابن عساكر.
__________
(*) التحبير 1 / 430، معجم شيوخ السمعاني: الورقة 148 / 2،
المنتخب: الورقة 107.
(1) في " التحبير " 1 / 430.
(2) في الاصل: " الرزاز " وهو خطأ، والتصويب من " التحبير
" وهو أبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن بويه الزراد، نسبة
إلى صنعة الدروع والسلاح.
مترجم في " الانساب " 6 / 261، و " توضيح المشتبه " 1 /
ورقة 87 / 2.
(*)
(20/46)
22 - ابن سعدويه * الثقة العالم، أبو سهل، محمد بن إبراهيم
بن محمد بن سعدويه، الاصبهاني الامين.
صالح خير صدوق مكثر.
سمع إبراهيم سبط بحرويه (1)، وأبا الفضل بن بندار (2)،
والحافظ محمد بن الفضل الحلاوي.
أكثر عنه أبو القاسم بن عساكر، وأبو موسى المديني، ومحمد
بن معمر، وآخرون.
وأجاز لابن السمعاني أبي سعد، وقال (3): من سماعه " مسند "
الروياني (4)، و " الغرر والدرر " له، سمعهما من ابن
بندار، عن ابن فناكي (5)، عنه، وكتاب " العلم " لابن
مردويه (6): سمعه من الحلاوي عنه، مولده في سنة ست وأربعين
وأربع مئة.
قال: ومات في ذي القعدة سنة ثلاثين وخمس مئة.
__________
(*) التحبير 2 / 55، 56، معجم شيوخ السمعاني الورقة 197 /
2، المنتظم 10 / 63، تاريخ الاسلام 4 / 288 / 2، العبر 4 /
82، 83، غاية النهاية 2 / 45، شذرات الذهر 4 / 95.
(1) هو أبو القاسم إبراهيم بن منصور بن إبراهيم الاصبهاني،
المعروف بسبط بحرويه، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم
(33).
(2) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (73).
(3) في " التحبير " 2 / 56.
(4) هو الحافظ أبو بكر محمد بن هارون الروياني، المتوفى
سنة 307 ه، مرت ترجمته في الجزء الرابع عشر برقم (284).
(5) هو أبو القاسم جعفر بن عبد الله بن فناكي الرازي،
المتوفى سنة 383 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم
(319).
(6) هو الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الاصبهاني،
المتوفى سنة 410 ه، مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم
(188).
(*)
(20/47)
23 بدر * الشيخ، أبو النجم، بدر بن عبد الله،
الارمني الشيحي (1).
سمعه مولاه المحدث عبد المحسن (2) الكثير من أبي جعفر بن
المسلمة، وأبي بكر الخطيب، وأبي الغنائم بن المأمون، وعدة.
وعنه: السمعاني، وابن عساكر، وأبو موسى المديني، وابن
الجوزي، ومحمد بن هبة الله الوكيل.
وكان عريا من الفضيلة، يقال: طلب منه أن يجيز، فقال: كم ذا
(3) ! ما بقي عندي إجازة.
مات في رمضان سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة، وعاش ثمانين
سنة.
وابنه محمد بن بدر بقي إلى حدود السبعين، يروي عن أبي
الحسن بن العلاف.
روى عنه الموفق عبد اللطيف بحلب.
24 - ابن موهب * * أبو الحسن
علي بن عبد الله بن محمد بن سعيد بن موهب، الجذامي
الاندلسي المريي المحدث.
__________
(*) الانساب 7 / 442، 443 (الشيحي)، المنتظم 10 / 74،
اللباب 2 / 221 وتحرف اسمه فيه إلى " برد "، النجوم
الزاهرة 5 / 262.
(1) بكسر الشين المعجمة وسكون الياء المثناة التحتية وفي
آخرها الحاء المهملة، نسبة إلى شيحة، وهي قرية من قرى حلب.
وقد تصحفت في " المنتظم " إلى الشيخي، بالخاء المعجمة.
(2) بن محمد بن علي التاجر الشيحي، المتوفى سنة 478 ه، مرت
ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (79).
(3) في " النجوم الزاهرة ": كم تستجيزون ! (* *) الصلة 2 /
426، بغية الملتمس: 410، معجم الادباء 14 / 5، العبر 4 /
88، = (*)
(20/48)
روى عن: أبي العباس العذري، وأبي إسحاق بن وردون، وأبي بكر
ابن صاحب الاحباس، وأجاز له أبو عمر بن عبد البر، وأبو
الوليد الباجي.
قال ابن بشكوال (1): كان من أهل المعرفة والعلم والذكاء
والفهم، له تفسير مفيد، ومعرفة بأصول الدين، حج، وأخذوا
عنه، وأجاز لنا، مولده في سنة إحدى وأربعين وأربع مئة،
وتوفي في جمادى الاولى وله إحدى وتسعون سنة عام اثنين
وثلاثين وخمس مئة.
قلت: روى عنه جماعة منهم عبد الله بن محمد الاشيري (2).
25 - الامين * الشيخ أبو منصور
علي بن علي بن عبيد الله، البغدادي الامين (3)،
راوي " الجعديات " عن ابن هزار مرد الصريفيني.
وسمع أيضا من النعالي، وجعفر السراج.
روى عنه: ولده أبو أحمد عبد الوهاب بن سكينة، وأبو سعد
السمعاني، وابن عساكر (4)، وأبو موسى المديني، وابن
الجوزي، وآخرون.
__________
= الوافي بالوفيات خ 12 / 91، مرآة الجنان 3 / 260، طبقات
المفسرين للسيوطي: 24، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 409،
410، طبقات المفسرين للادنه وي 39 / 2، شذرات الذهب 4 /
99، 100، هدية العارفين 1 / 696.
(1) في " الصلة " 2 / 426.
(2) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (294).
(*) المنتظم 10 / 79، مرآة الزمان 8 / 101، العبر 4 / 88،
89، شذرات الذهب 4 / 100، ولقب بالامين لانه كان أمينا على
أموال الايتام ببغداد.
(3) في " المنتظم ": يعرف بابن سكينة.
(4) انظر " مشيخة " ابن عساكر 147 / 1.
(*)
(20/49)
وكان ناظر الايتام، دينا خيرا، متعبدا صواما، ثقة متواضعا.
مات في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة في عشر
التسعين.
26 - صاحب دمشق * الملك شهاب
الدين أبو القاسم محمود بن تاج الملوك بوري بن
الاتابك طغتكين.
تملك بعد مقتل أخيه (1) بإعانة أمه زمرد، وكان مقدم عسكره
معين الدين (2) أنر.
قال ابن عساكر: كانت الامور تجري في أيامه على استقامة،
إلى أن وثب عليه جماعة من خدمه، فقتلوه في شوال سنة ثلاث
وثلاثين وخمس
مئة، وجاء أخوه من بعلبك، فتسلم دمشق بلا منازعة.
قال أبو يعلى بن القلانسي: قتله البقش (3) الارمني، ويوسف
الخادم الذي وثق به في نومه، والفراش، فكانوا ثلاثتهم
يبيتون حول فراشه، فقتلوه وهو نائم، وخرجوا خفية، ثم
طلبوا، فهرب البقش، وصلب الآخران (4).
__________
(*) الكامل 11 / 68، مرآة الزمان 8 / 104، وفيات الاعيان 1
/ 296، المختصر 3 / 14، العبر 4 / 92، دول الاسلام 2 / 54،
تتمة المختصر 2 / 67، البداية والنهاية 12 / 215، النجوم
الزاهرة 5 / 264، 265، شذرات الذهب 4 / 103.
(1) شمس الملوك إسماعيل بن بوري، مرت ترجمته وترجمة أبية
بوري في الجزء التاسع عشر برقم (329)، (328).
(2) في الاصل: أمين الدين.
والتصويب من ترجمته التي سترد في هذا الجزء برقم (148).
(3) كذا الاصل، وفي تاريخ ابن القلانسي ص 421، و " وفيات
الاعيان " 1 / 296: البغش، بالغين المعجمة.
(4) انظر " مرآة الزمان " 8 / 104، و " النجوم الزاهرة " 5
/ 265.
(*)
(20/50)
27 - [ أخوه جمال الدين محمد ]
* وأخوه الملك جمال الدين أبو المظفر محمد.
قيل: هو عمل على أخيه، ثم تملك، فأساه السيرة، فما متعه
الله، فمات بعد محمود بعشرة أشهر، فأجلسوا في الملك ولده
أبق (1) وهو مراهق، ودفن بتربة جده طغتكين بظاهر دمشق.
28 - ابن خفاجة * * شاعر وقته،
أبو إسحاق، إبراهيم بن أبي الفتح بن عبد الله بن
خفاجة
الاندلسي.
له ديوان مشهور، ولم يتعرض لمدح ملوك الاندلس، وهو القائل:
والشمس تجنح للغروب عليلة * والرعد يرقي والغمامة تنفث (2)
توفي سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة وله ثلاث وثمانون سنة.
__________
(*) الكامل 11 / 68 و 73، مرآة الزمان 8 / 104، وفيات
الاعيان 1 / 296، المختصر 3 / 15، العبر 4 / 93، تتمة
المختصر 2 / 68، الوافي بالوفيات 2 / 273، البداية
والنهاية 12 / 216 وتحرف اسمه فيه إلى محمود، النجوم
الزاهرة 5 / 265 و 266، شذرات الذهب 4 / 105.
(1) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (253).
(* *) قلائد العقيان: 231، المطمح: 86، الذخيرة ق 3 م 541
2 - 652، الخريدة 2 / 147 و 3 / 548، بغية الملتمس: 202،
المطرب: 109، تكملة الصلة 1 / 175، معجم أصحاب الصدفي: 59،
المغرب في أخبار المغرب 2 / 368، وفيات الاعيان 1 / 56،
57، مسالك الابصار للعمري 11 / 255، صفة الجزيرة: 103، نفح
الطيب (انظر الفهرس)، تاريخ بروكلمان 5 / 127.
(2) البيت في " ديوانه " ص 62 وفيه " مريضة " بدل " عليلة
" وقبله هذان البيتان: وعشي أنس أضجعتني نشوة * فيه تمهد
مضجعي وتدمث خلعت علي به الاراكة ظلها * والغصن يصغي
والحمام يحدث وانظر نماذج من نثره في " الذخيرة " ق 3 / م
2 / 542 - 562.
(*)
(20/51)
29 - الموسوي * الواعظ الكبير، أبو البركات، مهدي بن محمد
الحسيني الموسوي.
ولد بأصبهان، ونشأ ببغداد.
وسمع ابن طلحة النعالي، وابن البطر (1).
قال السمعاني: كتبت عنه، وخسف بجنزة (2) في سنة أربع
وثلاثين وخمس مئة، فهلك فيها عالم لا يحصون من المسلمين،
منهم هذا الواعظ.
30 - البديع * * بديع الزمان،
ومن يضرب به المثل في عمل الاسطرلاب وآلات النجوم، أبو
القاسم، هبة الله بن الحسين (3) البغدادي الاسطرلابي.
__________
(*) المنتظم 10 / 88، مرآة الزمان 8 / 106.
(1) هو أبو الخطاب نصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر،
المتوفى سنة 494 ه، مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم
(29)، وقد تصحف في " المنتظم " 10 / 88، إلى ابن النظر
بالنون والظاء المعجمة.
(2) بفتح الجيم وسكون النون وبعدها زاي، بلدة من بلاد
أذربيجان مشهورة من ثغرها، وتسميها العامة كنجة.
انظر " الانساب " 3 / 324، و " معجم " ياقوت 2 / 171، و "
الكامل " 11 / 77.
وسيعيد المؤلف ذكر هذا الخسف في ترجمة المقتفي لامر الله
رقم (273) في حوادث سنة 533.
(* *) معجم الادباء 19 / 273 - 275، اخبار العلماء بأخبار
الحكماء: 222، مرآة الزمان 8 / 112، طبقات الاطباء 1 / 376
- 380، وفيات الاعيان 6 / 50 - 53، تاريخ ابن العبري 363 -
366، المختصر 3 / 15، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 245،
246، تتمة المختصر 2 / 68، مرآة الجنان 3 / 261، النجوم
الزاهرة 5 / 275 (وفيات سنة 539)، كشف الظنون 1 / 739 و
765 و 776، شذرات الذهب 4 / 103، 104، هدية العارفين 2 /
505.
(3) في " النجوم الزاهرة " و " كشف الظنون ": الحسن.
(*)
(20/52)
كان الناس يتنافسون في شراء عمله، فحصل أموالا.
وله نظم جيد (1)، وخلاعة ومجون.
رتب " ديوان " ابن الحجاج على مئة وأربعين بابا، وسماه "
درة التاج في شعر ابن حجاج ".
وقيل: كان بارعا في الطب والفلسفة.
قال ابن النجار: هو وحيد دهره، وفريد عصره في علم الهيئة،
مات بالفالج سنة أربع (2) وثلاثين وخمس مئة.
31 - ابن بطريق * المسند
المقرئ، أبو القاسم، يحيى بن بطريق، الطرسوسي، ثم
الدمشقي.
قال ابن عساكر: مستور، حافظ للقرآن، سمع أبا الحسين محمد
بن مكي، وأبا بكر الخطيب، توفي في رمضان سنة أربع وثلاثين
وخمس مئة.
قلت: روى عنه ابن عساكر، وعبد الخالق بن أسد، والقاسم بن
الحافظ، وآخرون.
__________
(1) أورد ياقوت في " معجمه " وابن أبي أصيبعة في " طبقاته
" بعض نظمه، ومنه قوله: أهدي لمجلسك الشريف وإنما * أهدي
له ما حزت من نعمائه كالبحر يمطره السحاب وماله * فضل عليه
لانه من مائه (2) أورده سبط ابن الجوزي وابن تغري بردي في
وفيات سنة 539.
(*) العبر 4 / 94، شذرات الذهر 4 / 105.
(*)
(20/53)
32 - ابن عطاف * الامام المحدث الصادق، أبو الفضل، محمد بن
محمد
بن محمد بن
عطاف، الهمداني الجزري (1)، ثم الموصلي.
قدم بغداد، وسمع من مالك البانياسي، وطراد الزينبي، وابن
طلحة النعالي، فمن بعدهم.
وعمل " المعجم "، و " الطب النبوي "، وغير ذلك.
وارتحل إلى الكوفة، وآمل، وهمذان.
روى عنه: ولده سعيد، وابن عساكر (2)، وأبو سعد السمعاني.
مات في شوال سنة أربع وثلاثين وخمس مئة وله سبعون سنة.
33 - عطاء بن أبي سعد * * ابن
عطاء، الامام المحدث الزاهد، أبو محمد الثعلبي
الهروي الفقاعي (3) الصوفي، تلميذ شيخ الاسلام أبي إسماعيل
الانصاري (4).
مولده سنة أربع وأربعين وأربع مئة بمالين.
سمع من شيخه، ومن أبي القاسم بن البسري، وأبي نصر الزينبي،
__________
(*) الانساب 3 / 249، 250 (الجزري)، اللباب 1 / 277، تبصير
المنتبه 1 / 323.
(1) نسبة إلى جزيرة ابن عمر، لانه ولد بها.
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر لوحة 212.
(* *) الانساب 9 / 322، 323 (الفقاعي)، المنتظم 10 / 91،
اللباب 2 / 437.
(3) نسبة إلى بيع الفقاع وعمله، وهو شراب يتخذ من الشعير،
سمي به لما يعلوه من الزبد.
(4) الذي مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (260).
(*)
(20/54)
وعدة ببغداد، ومن فاطمة بنت الدقاق بنيسابور.
روى عنه بنوه الثلاثة، وقد سمع أبو سعد السمعاني من
الثلاثة عن
أبيهم، وروى عنه أبو القاسم بن عساكر (1)، ومحمود بن
الفضل.
قال السمعاني: كان ممن يضرب به المثل في إرادة شيخ الاسلام
والجد في خدمته، وله حكايات ومقامات في خروج شيخه إلى بلخ
في المحنة، وجرى بينه وبين الوزير نظام الملك محاورة
ومراددة، واحتمل له النظام (2).
قال: وسمعت أن عطاء قدم للخشبة ليصلب، فنجاه الله لحسن
نيته، فلما أطلق، عاد إلى التظلم، وما فتر، وخرج مع النظام
ماشيا إلى الروم، فما ركب، وكان يخوض الانهار مع الخيل،
ويقول: شيخي في المحنة، فلا أستريح، قال لي ابنه محمد عنه
قال: كنت أعدو في موكب النظام، فوقع نعلي، فما التفت،
ورميت الاخرى، فأمسك النظام الدابة، وقال: أين نعلاك ؟
فقلت: وقع أحدهما، فخشيت أن تسبقني إن وقفت.
قال: فلم رميت الاخرى ؟ فقلت: لان شيخي أخبرنا أن النبي
صلى الله عليه وسلم نهى أن يمشي الرجل في نعل واحد (3)،
فما أردت أن أخالف السنة.
فأعجبه، وقال: أكتب إن شاء الله حتى يرجع شيخك إلى هراة.
وقال لي: اركب بعض الجنائب، فأبيت، وعرض علي مالا، فأبيت
(4).
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر 137 / 2.
(2) انظر " الانساب " 9 / 322.
(3) أخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 922 من طريقه مسلم
(2099) في اللباس والزينة عن أبي الزبير، عن جابر، وهو في
المسند 3 / 293 و 325 و 344 و 362 و 367، وفي الباب عن أبي
هريرة عن مالك 2 / 916، والبخاري (5855) ومسلم (2098)
وأحمد 2 / 245 و 443 و 477 و 480 و 528.
(4) الخبر في " المنظم " 10 / 91.
(*)
(20/55)
قال لي ابنه: وقدم أبي بأصبهان ليصلب بعد أن حبسوه مدة،
فقال له الجلاد: صل ركعتين.
قال: ليس ذا وقت صلاة، اشتغل بما أمرت به، فإني سمعت شيخي
يقول: إذا علقت الشعير على الدابة في أسفل العقبة، لا
توصلك في الحال إلى أعلاها، الصلاة نافعة في الرخاء لا في
حالة البأس.
فوصل مسرع من السلطان ومعه الخاتم بتسريحه، كانت الخاتون
معنية (1) في حقه، فلما (2) أطلق، رجع إلى التظلم
والتشنيع.
قال السمعاني: سمعت عبد الخالق بن زياد يقول: أمر بعض
الامراء أن يضرب عطاء الفقاعي في محنة الشهيد عبد الهادي
بن شيخ الاسلام مئة، فبطح على وجهه، فكان يضرب إلى أن ضرب
ستين، فشكوا كم ضرب خمسين أو ستين ؟ فقال عطاء: خذوا
بالاقل احتياطا، وحبس مع نساء، وكان في الموضع أترسة، فقام
بجهد من الضرب، وأقام الاترسة بينه وبينهن، وقال: نهى رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن الخلوة بالاجنبية (3).
قال محمد بن عطاء: توفي أبي تقديرا سنة خمس وثلاثين وخمس
مئة.
__________
(1) في الاصل: معينة.
(2) في الاصل: فكما.
(3) ورد النهي عن الخلوة بالمرأة الاجنبية عنه صلى الله
عليه وسلم عن غير واحد من الصحابة، فأخرجه البخاري (1861)
و (3006) و (3061) و (5233) ومسلم (1341)، وأحمد 1 / 222
من حديث ابن عباس، وأخرجه مسلم (2173) من حديث عبد الله بن
عمرو بن العاص، وأخرجه أحمد 1 / 18 و 26، والطيالسي ص 7،
والترمذي (2165) وأبو يعلى (137) والحاكم 1 / 113 - 115،
وأخرجه أحمد 3 / 446 من حديث عامر بن ربيعة، وأخرجه
البخاري
(5232)، ومسلم (2172) والترمذي (1171) وأخرجه مسلم (2171)
من حديث جابر بن عبد الله.
(*)
(20/56)
34 - الزوزني * الشيخ المسند الكبير، أبو سعد أحمد بن محمد
بن علي بن محمود بن ماخرة (1) الزوزني، ثم البغدادي، من
مشاهير الصوفة.
ولد سنة تسع وأربعين وأربع مئة.
سمع القاضي أبا يعلى، وأبا جعفر بن المسلمة، وأبا الحسين
بن الغريق، وابن هزار مرد، وأبا علي بن وشاح، وأبا بكر
الخطيب.
حدث عنه: ابن عساكر (2)، والسمعاني، وعبد الخالق بن أسد،
وابن الجوزي، وابن طبرزد، وأبو أحمد بن سكينة، وأبو حامد
بن النخاس (3)، ويوسف بن كامل، وآخرون.
وكان مسرفا على نفسه، لعابا، حفظة للنظم والنادرة.
قال السمعاني: كان منهمكا في الشرب (4)، سامحه الله.
وقال ابن الجوزي (5): ينسبونه إلى التسمح في دينه.
قال السمعاني: قرأت عليه الكثير، وحدثني ابن ناصر الحافظ
قال:
__________
(*) الانساب 6 / 322، المنتظم 10 / 97، 98، مشيخة ابن
الجوزي 92، 93، مرآة الزمان 8 / 109، العبر 4 / 98، تبصير
المنتبه 4 / 1243، النجوم الزاهرة 5 / 269، شذرات الذهر 4
/ 112.
والزوزني: نسبة إلى زوزن، وهي بلدة كبيرة حسنة بين هراة
ونيسابور.
(1) بضم الخاء المعجمة وتشديد الراء، كما في " تبصير
المنتبه " 4 / 1243، وقد تحرف في " العبر " إلى ماخوة،
بالواو.
(2) " مشيخة " ابن عساكر لوحة 17 / 2.
(3) بالخاء المعجمة كما في " المشتبه ": 634.
وفي الاصل: النحاس بمهملة.
(4) قال ابن الجوزي بعد إيراد قول السمعاني هذا: فلا أدري
من أين علم ذلك.
(5) في " المنتظم " 10 / 97.
(*)
(20/57)
كان أبو سعد الزوزني متسمحا، فرأيته في النوم، فقلت: ما
فعل الله بك ؟ قال: غفر لي.
قلت: فأين أنت ؟ قال: في الجنة (1).
قال ابن ناصر: لو حدثنيه غيري ما صدقته.
قال ابن الجوزي (2): مات في شعبان سنة ست وثلاثين وخمسين
مئة.
وفيها مات شيخ الحنفية العلامة أبو حفص عمر بن عبد العزيز
بن عمر ابن عبد العزيز بن مازة البخاري الحنفي (3)، ومحدث
بغداد أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي (4)، وزاهد
الاندلس أبو العباس أحمد بن محمد بن موسى ابن العريف
الصنهاجي الصوفي المقرئ (5)، وفقيه مرو أبو إسحاق إبراهيم
بن أحمد المروروذي (6)، والحسين بن أحمد بن فطيمة البيهقي
(7)، وعبد الجبار بن محمد الخواري (8)، والزاهد أبو الحكم
بن برجان (9) الاشبيلي، وشرف الاسلام أبو القاسم عبد
الوهاب (10) بن الشيخ أبي الفرج الحنبلي، والعلامة أبو عبد
الله محمد بن علي المازري (11)
__________
(1) أورد هذا الخبر ابن الجوزي في " المنتظم " 10 / 98.
(2) في " المنتظم " 10 / 98.
(3) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (57).
(4) تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (13).
(5) سترد ترجمته برقم (68).
(6) مترجم في الانساب 9 / 325 (الفلخاري) نسبة إلى فلخار
من قرى مرو الروذ، معجم
البلدان 4 / 272، 273، اللباب 2 / 438، طبقات السبكي 7 /
31، 32، طبقات الاسنوي 2 / 390، 391، طبقات ابن هداية الله
204، 205 وتحرفت نسبته فيه إلى المروزي.
(7) سترد ترجمته برقم (37).
(8) سترد ترجمته برقم (43).
(9) سترد ترجمته برقم (44).
(10) سترد ترجمته برقم (63).
(11) سترد ترجمته برقم (64).
(*)
(20/58)
المالكي، والعلامة أبو عبد الله محمد بن سليمان البوني
الاندلسي (1)، وأبو الكرم نصر الله بن محمد بن محمد بن
الجلخت (2) الواسطي، وهبة الله بن أحمد بن طاووس (3) إمام
جامع دمشق، وأبو محمد يحيى بن علي بن الطراح (4).
35 - ابن الجلخت * الشيخ
العالم الصالح الثقة، مسند واسط، أبو الكرم نصر الله (5)
بن محمد بن محمد بن مخلد بن أحمد بن خلف، الازدي
الواسطي.
سمع أباه (6)، وأبا تمام علي بن محمد العبدي القاضي، وسعيد
بن كثير الشاهد، وعلي بن محمد الحوزي.
وعنه: السمعاني، وأبو علي يحيى بن الربيع، وعلي بن علي بن
نغوبا، وحسين بن عبد العزيز، وأبو الفتح المندائي، وعلي بن
عبد الله بن فضل الله، وهو آخر من روى عنه، كما أنه آخر من
روى عن أبي تمام.
قال السمعاني: انحدرت إليه (7)، وهو شيخ صالح ثقة، من بيت
الحديث.
__________
(1) مترجم في " الصلة " لابن بشكوال 2 / 584، والبوني:
نسبة إلى بونة: بلد بإفريقية.
(2) هو صاحب الترجمة الآتية.
(3) سترد ترجمته برقم (58).
(4) سترد ترجمته برقم (47).
(*) سؤالات الحافظ السلفي 45، 46، الانساب 3 / 278 و 279،
المنتظم 10 / 101، اللباب 1 / 286، تبصير المنتبه 2 / 551،
النجوم الزاهرة 5 / 270.
(5) ورد اسمه في " المنتظم " نصر بن أحمد بن مخلد الازدي.
(6) أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد، متوفى سنة 468 ه،
ومرت ترجمته في الثامن عشر برقم (207).
(7) انظر " الانساب " 3 / 279.
(*)
(20/59)
وقال خميس الحوزي: ثقة صالح (1).
قلت: توفي في ذي الحجة سنة ست وثلاثين وخمس مئة (2).
36 - ابن البدن * الشيخ الثقة
المقرئ الصالح، أبو المعالي، عبد الخالق بن عبد الصمد
بن علي بن البدن البغدادي الصفار.
سمع أبا الحسين بن المهتدي بالله، وعبد الصمد بن المأمون،
وأبا جعفر بن المسلمة، والصريفيني، وعدة.
وعنه: ابن عساكر (3)، وأبو أحمد بن سكينة، وأبو شجاع بن
المقرون، وسليمان الموصلي، وأخوه علي بن محمد.
قال السمعاني: شيخ ثقة، قيم بكتاب الله، كثير البكاء، حسن
الاصغاء، مواظب على الجماعة، ذهبت أصوله، وسماعه كثير في
أصول
الناس، قرأت عليه الكثير، ولد سنة اثنتين وخمسين وأربع
مئة.
وقال ابن شافع: ولد سنة ست وخمسين، وتوفي في سلخ جمادى
الاولى سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة.
37 - ابن فطيمة * * الشيخ
الامام الفقيه، المسند القاضي، أبو عبد الله،
الحسين بن
__________
(1) لم ترد هذه العبارة في ترجمة ابن الجلخت في المطبوع من
" سؤالات السلفي " بتحقيق مطاع الطرابيشي.
(2) لم يذكر ابن الاثير في " اللباب " سنة وفاته، وإنما
ذكر وفاة أبيه سنة 468 ه.
(*) المنتظم 10 / 109، العبر 4 / 103، 104، شذرات الذهب 4
/ 116.
(3) انظر " مشيخة " ابن عساكر لوحة 105 / 1.
(* *) معجم شيوخ السمعاني: الورقة 87 / 1، التحبير 1 / 222
- 225، معجم البلدان = (*)
(20/60)
أحمد بن علي بن حسن بن فطيمة، الخسروجردي الشافعي، قاضي
بيهق.
ولد سنة بضع وأربعين وأربع مئة.
وسمع كتاب " السنن والآثار " من البيهقي، وسمع من أبي سعيد
محمد بن علي الخشاب، وأبي القاسم القشيري، وأبي منصور محمد
بن أحمد السوري، وأبي بكر أحمد بن منصور المغربي، ومحمد بن
القاسم الصفار (1)، وعدة.
حدث عنه: ابن عساكر (2)، والسمعاني، وطائفة.
قال السمعاني: كثير السماع، حسن السيرة، مليح المجالسة، ما
رأيت أخف روحا [ منه ] (3) مع السخاء والبذل، سمعت منه
الكثير، وكتب لي أجزاء، ومن العجب أنه قطعت أصابعه بكرمان
من علة، فكان يأخذ القلم،
ويترك الورق تحت رجله، ويمسك القلم بكفيه، فيكتب خطا مليحا
سريعا، يكتب في اليوم خمس طاقات خطا واسعا، تفقه بمرو على
جدي أبي المظفر، وحج، خرجت نحو أصبهان، فتركت القافلة،
ومضيت إلى خسروجرد مع رفيق لي راجلين، فدخلنا داره، وسلمنا
على أصحابه، فما التفتوا علينا، ثم خرج الشيخ، فاستقبلناه،
فأقبل علينا، وقال: لم جئتم ؟ قلنا: لنقرأ عليك جزأين من "
معرفة الآثار " للبيهقي.
فقال: لعلكم سمعتم
__________
= 1 / 538 (بيهق) و 2 / 370 (خسر وجرد)، طبقات السبكي 7 /
73، طبقات الاسنوي 1 / 248.
(1) تحرف في " التحبير " 1 / 223 إلى " الصفاد " بالدال،
ومحمد بن القاسم هذا مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم
(223).
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر 49 / 2.
(3) زيادة يقتضيها السياق.
(*)
(20/61)
الكتاب من الشيخ عبد الجبار (1)، وفاتكم هذا القدر ؟ قلنا:
بلى، وكان الجزءان فوتا لعبد الجبار، فقال: تكونون عندي
الليلة، فإن لي مهما، أريد أن أخرج إلى ستروار (2)، فإن
ابني كتب إلي أن ابن أستاذي جائي (3) في هذه القافلة،
فأريد أن أسلم عليه، وأسأله أن يقيم عندي أياما، وسماني،
فتبسمت، فقال لي: تعرفه ؟ قلت: هو بين يديك، فقام ونزل
وبكى، وكاد أن يقبل رجلي، ثم أخرج الكتب والاجزاء، ووهبني
بعض أصوله، فكنت عنده ثلاثة أيام (4).
توفي بخسروجرد في ثالث عشر رمضان سنة ست وثلاثين وخمس مئة.
38 - اليوسفي * الشيخ العالم
الدين الخير، المسند، أبو القاسم، عبد الله بن أحمد
ابن عبد القادر بن محمد بن يوسف، اليوسفي الحربي (5)
النجار، المجاور بمكة زمانا.
ولد في أول سنة اثنتين وخمسين.
وسمع أبا جعفر بن المسلمة، وعبد الصمد بن المأمون، وابن
__________
(1) هو الشيخ أبو محمد عبد الجبار بن محمد بن أحمد الخواري
المنيعي، سترد ترجمته برقم (43).
(2) في الاصل سنزوار، وذكرها ياقوت في مادة خسروجرد،
بالباء الموحدة، ولم يفرد لها ترجمة مستقلة، وانظر معجم
البلدان 2 / 370.
(3) كذا الاصل بإثبات الياء، وله وجه في العربية، والجادة
(جاء) بحذفها، وانظر الرسالة للامام الشافعي فقرة رقم
(185).
(4) الخبر بطوله بنحوه في " التحبير " 1 / 222 - 225.
(*) الانساب 4 / 100 (الحربي).
(5) نسبة إلى الحربية: مجلة معروفة بغربي بغداد عند باب
حرب، قرب قبر بشر الحافي وأحمد بن حنبل.
انظر " معجم البلدان " 2 / 237، و " الانساب " 4 / 99.
(*)
(20/62)
المهتدي بالله، والصريفيني.
وعنه: السلفي، والسمعاني، وابن عساكر (1)، وعبد المجيب بن
زهير، ومحاسن بن أبي بكر، وضياء بن جندل، والتاج الكندي،
وخلق.
قال السمعاني: دين خير صالح، من بيت الحديث، جرى أمره على
سداد واستقامة، مات بالحربية في رجب سنة ثلاث وثلاثين وخمس
مئة.
قال ابن النجار: آخر من روى عنه أبو علي عبد الله بن أبي
بكر بن
طليب.
39 - القاضي الزكي * الشيخ
الامام الفقيه الكبير، القاضي أبو المفضل (2)، يحيى بن علي
ابن عبد العزيز بن علي بن الحسين، القرشي الدمشقي الشافعي،
ويعرف في وقته بابن الصائغ.
قال سبطه حافظ الشام أبو القاسم: قال لي: إنه ولد سنة ثلاث
وأربعين وأربع مئة.
سمع عبد العزيز بن أحمد الكتاني، والحسن بن علي بن البري،
وحيدرة بن علي، وعبد الرزاق بن الفضيل، وأبا القاسم بن أبي
العلاء، وارتحل إلى بغداد، فسمع بها، وتفقه على أبي بكر
الشاشي، وبدمشق
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر 89 / 1.
(*) الكامل لابن الاثير 11 / 77، مرآة الزمان 8 / 106،
العبر 4 / 93، طبقات السبكي 7 / 334، 335، طبقات الاسنوي 2
/ 141، 142، النجوم الزاهرة 5 / 266، الثغر البسام: 44،
شذرات الذهب 4 / 105.
(2) في جميع مصادر الترجمة المثبتة: أبو الفضل، بدون ميم
أوله.
(*)
(20/63)
على القاضي المروزي، والفقيه نصر.
وكان عالما بالعربية، ناب في القضاء عن أبي عبد الله
البلاساغوني (1)، ثم عن أبي سعد محمد بن نصر الهروي، ثم
قتل الهروي، وحج جدي، فكان ولده القاضي أبو المعالي (2) هو
الحاكم..إلى أن قال: وكان ثقة، حلو المحاضرة، فصيحا،
أخبرنا جدي، أخبرنا عبد الرزاق بقراءة أبي الفرج الحنبلي
في سنة خمس وخمسين وأربع
مئة، فذكر حديثا.
قلت: وروى عنه نافلته أبو القاسم (3) بن الحافظ (4)، وعبد
الخالق بن أسد، ودفن عند مسجد القدم (5) في الخامس
والعشرين من ربيع الاول سنة أربع وثلاثين وخمس مئة.
40 - الفضيلي * الشيخ الجليل، مسند هراة، أبو الفضل محمد
بن إسماعيل بن الفضيل بن محمد بن الفضيل، الانصاري الفضيلي
الهروي المزكي.
__________
(1) بالسين المهملة والغين المعجمة، نسبة إلى بلاساغون:
بلدة من ثغور الترك وراء نهر سيحون قريبة من كاشغر.
انظر " الانساب " 2 / 351 و " معجم البلدان " 1 / 476،
وفيهما ترجمة أبي عبد الله البلاساغوني هذا وفي الاصل
البلاشاغوني بالمعجمة.
(2) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (82).
(3) انظر " مشيخة " ابن عساكر 179 / 1.
والنافلة: ولد الولد.
(4) كذا الاصل وهو خطأ، والصواب حذف لفظ " بن " قبل لفظ "
الحافظ " أو إثبات لفظ " عساكر " بدل لفظ " الحافظ ".
(5) والقدم قرية تقع جنوبي دمشق بعد حي الميدان.
انظر " ثمار المقاصد في ذكر المساجد " ص 244، 245.
(*) التحبير 2 / 94 - 96، الانساب 9 / 315، العبر 4 / 93،
ملخص تاريخ الاسلام: الورقة 13، بغية الوعاة 1 / 55، شذرات
الذهب 4 / 105.
(*)
(20/64)
سمع محلم بن إسماعيل الضبي، وأبا عمر عبد الواحد بن أحمد
المليحي، وسعيد بن أبي سعيد العيار.
حدث عنه: السمعاني، وابن عساكر، وأبو روح عبدالمعز،
وجماعته.
قال السمعاني في " تحبيره " (1): أملى مدة بجامع هراة،
وأجاز لي، وورد مرو وأنا بالعراق.
قلت: فمات غريبا بمرو في صفر سنة أربع (2) وثلاثين وخمس
مئة.
ومن مروياته " صحيح البخاري " سمعه من المليحي، عن
النعيمي، عن الفربري، عنه.
وفيها مات أحمد بن منصور بن المؤمل الغزال، وإبراهيم بن
طاهر الخشوعي (3) والد بركات (4)، وشاعر الاندلس جعفر (5)
بن محمد بن شرف الوزير، والقاضي أبو المظفر شبيب بن الحسين
البروجردي، وفاطمة بنت أبي حكيم الخبري (6)، وأبو نصر محمد
بن محمود السرخسي السره مرد، وأبو
__________
(1) 2 / 95.
(2) ذكر السيوطي وفاته سنة سبع.
(3) نسبة إلى الخشوع في الصلاة.
قال ابن عساكر في ترجمة طاهر بن بركات بن إبراهيم الخشوعي:
وسألت ابنه لم سموا الخشوعيين ؟ فقال: كان جدنا الاعلى يؤم
الناس، فتوفي في المحراب، فسمي الخشوعي.
انظر " تهذيب ابن عساكر " 7 / 47.
(4) ستأتي ترجمة بركات بن إبراهيم بن طاهر الخشوعي هذا في
الجزء الحادي والعشرين برقم (186).
(5) مترجم في الصلة 1 / 130، بغية الملتمس: 256، الوافي
بالوفيات 11 / 149، بغية الوعاة 1 / 486.
(6) بفتح الخاء المعجمة وسكون الباء الموحدة بعدها الراء
المهملة، نسبة إلى خبر، وهي قرية بنواحي شيراز بن فارس.
وفاطمة هذه لها ترجمة في هذه النسبة في " الانساب " 5 /
39، 40.
(*)
(20/65)
القاسم يحيى بن بطريق (1) بدمشق، والقاضي يحيى بن علي بن
عبد العزيز القرشي (2).
41 - يوسف بن أيوب * ابن يوسف
بن حسين بن وهرة (3)، الامام العالم الفقيه القدوة
العارف التقي، شيخ الاسلام، أيو يعقوب الهمذاني (4)
الصوفي، شيخ مرو.
ولد في حدود سنة أربعين وأربع مئة.
وقدم بغداد شابا أمرد، وسمع من أبي جعفر بن المسلمة، وعبد
الصمد بن المأمون، وابن المهتدي بالله، وأبي بكر الخطيب،
وابن هزار مرد، وابن النقور، وعدة، وسمع بأصبهان من حمد بن
ولكيز، وطائفة، وببخارى من أبي الخطاب محمد بن إبراهيم
الطبري، وبسمرقند من أحمد بن محمد بن الفضل الفارسي.
وكتب الكثير، وعني بالحديث، وأكثر الترحال، لكن تفرقت
أجزاؤه
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (31).
(2) تقدمت ترجمته برقم (39).
(*) الانساب 2 / 330 (البوزنجردي)، المنتظم 9 / 171 و 10 /
94، 95، اللباب 1 / 186، الكامل 11 / 80، مرآة الزمان 8 /
109، وفيات الاعيان 7 / 78 - 81، العبر 4 / 97، دول
الاسلام 52 / 55، مرآة الجنان 3 / 264، 265، طبقات الاسنوي
2 / 531، البداية والنهاية 12 / 218، ملخص تاريخ الاسلام:
ق 21، النجوم الزاهرة 5 / 268، طبقات الشعراني 1 / 159،
شذرات الذهب 4 / 110، هدية العارفين 2 / 552، جامع كرامات
الاولياء 2 / 289 - 291.
(3) ضبط في الاصل بفتح الواو وسكون الهاء، وضبطه ابن خلكان
7 / 80 بفتحهما وقد تحرف في " البداية " إلى زهرة بالزاي
بدل الواو.
(4) زاد السمعاني نسبة: البوزنجردي، وفيها ترجمة، وهي نسبة
إلى بوزنجرد من قرى همذان، فيها ولد، وقد تحرفت في "
الكامل " إلى بروجرد.
(*)
(20/66)
بين الكتب، فما كان يتفرغ لاخراجها، كان مشغولا بالعبادة،
من أولياء الله.
قال أبو سعد السمعاني: هو الامام الورع التقي الناسك،
العامل بعلمه، والقائم بحقه، صاحب الاحوال والمقامات،
انتهت إليه تربية المريدين الصادقين، واجتمع في رباطه
جماعة من المنقطعين إلى الله ما لا يتصور أن يكون في غيره
من الربط مثلهم، وكان عمره على طريقة مرضية، وسداد
واستقامة، سار من قريته إلى بغداد، وقصد الشيخ أبا إسحاق،
فتفقه عليه، ولازمه مدة، حتى برع، وفاق أقرانه، خصوصا في
علم النظر، كان أبو إسحاق يقدمه على عدة مع صغر سنه، لعلمه
بحسن سيرته وزهده، ثم ترك كل ما كان فيه من المناظرة،
واشتغل بالعبادة ودعوة الخلق وإرشاد الاصحاب، أخرج لنا
أكثر من عشرين جزءا سمعناها، وقد قدم بغداد في سنة ست وخمس
مئة، وظهر له قبول تام، ووعظ، وازدحموا عليه، ثم رجع، وسكن
مرو، ثم سار إلى هراة، وأقام بها مدة، ثم رجع إلى مرو، ثم
سار إلى هراة ثانيا (1)، فتوفي في الطريق بقرب بغشور (2)،
سمعت صافي بن عبد الله الصوفي يقول: حضرت مجلس يوسف في
النظامية، فقام ابن السقاء، فآذى الشيخ، وسأله عن مسألة،
فقال: اجلس، إني أجد من كلامك رائحة الكفر، ولعلك تموت على
غير الاسلام.
فاتفق أن ابن السقاء
__________
(1) في الاصل ثلاث كلمات مطموسة لم نتبينها، وقد
استظهرناها كما أثبتنا من مصادر الترجمة، ونص كلام
السمعاني - الذي اختصره الذهبي - فيما نقله ابن خلكان: نزل
مرو
وسكنها، وخرج إلى هراة، وأقام بها مدة، ثم سئل الرجوع إلى
مرو في آخر عمره، فأجاب ورجع إليها، وخرج إلى هراة ثانيا،
وعزم على الرجوع إلى مرو في آخر عمره، وخرج منها متوجها
إلى مرو، فأدركته منيته.
(2) ضبطها ابن خلكان بفتح الباء الموحدة وسكون الغين
المعجمة وبعد الواو الساكنة راء، وقال: هي بليدة بخراسان
بين مرو وهراة.
وانظر الخبر في " الوفيات " 7 / 79، 80.
(*)
(20/67)
ذهب في صحبة رسول طاغية الروم، وتنصر بقسطنطينية، وسمعت من
أثق به أن ابني أبي بكر الشاشي قاما في مجلس وعظه، وقالا
له: إن كنت تنتحل مذهب الاشعري وإلا فانزل.
فقال: اقعدا لا متعتما بشبابكما، فسمعت جماعة أنهما ماتا
قبل أن يتكهلا (1).
وسمعت السيد إسماعيل بن عوض العلوي، سمعت يوسف بن أيوب
يقول للفصيح - وكان من أصحابه، فخرج عليه، ورماه بأشياء -:
هذا الرجل يقتل، وسترون ذلك.
فكان كما جرى على لسانه.
وقال جدي أبو المظفر السمعاني: ما قدم علينا من العراق مثل
يوسف الهمذاني، وقد تكلم معه في مسألة البيع الفاسد، فجرى
بينهما سبعة عشر مجلسا في المسألة..إلى أن قال أبو سعد:
سمعت يوسف الامام يقول: خلوت نوبا عدة، كل نوبة أكثر من
خمس سنين وأقل، وما كان يخرج حب المناظرة والخلاف من قلبي،
إلى أن وصلت إلى فلان السمناني، فلما رأيته، خرج جميع ذلك
من قلبي، كانت المناظرة تقطع علي الطريق.
سئل أبو الحسين المقدسي: هل رأيت وليا لله ؟ قال: رأيت في
سياحتي أعجميا بمرو يعظ، ويدعو إلى الله، يقال له: يوسف.
قال أبو سعد: ولما عزمت على الرحلة، دخلت على شيخنا يوسف
مودعا، فصوب عزمي، وقال: أوصيك: لا تدخل على السلاطين،
وأبصر ما تأكل لا يكون حراما.
قلت: وروى عنه أبو القاسم بن عساكر، وأبو روح عبد المعز،
وجماعة.
__________
(1) الخبر في " المنتظم " 9 / 171، و " وفيات الاعيان " 7
/ 78، 79، و " طبقات " الاسنوي 2 / 532.
(*)
(20/68)
مات في ربيع الاول سنة خمس وثلاثين وخمس مئة وله بضع
وتسعون سنة رحمه الله.
وأما ابن السقاء المذكور، فقال ابن النجار: سمعت عبد
الوهاب بن أحمد المقرئ يقول: كان ابن السقاء مقرئا مجودا،
حدثني من رآه بالقسطنطينية مريضا على دكة، فسألته: هل
القرآن باق على حفظك ؟ قال: ما أذكر منه إلا آية واحدة: [
ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ] [ الحجر: 3 ]
والباقي نسيته (1).
42 - القزاز * الشيخ الجليل
الثقة، أبو منصور، عبدالرحمن بن المحدث أبي غالب محمد
بن عبد الواحد بن حسن بن منازل (2) بن زريق، الشيباني
البغدادي الحريمي (3) القزاز.
راوي " تاريخ الخطيب " عنه سوى الجزء السادس بعد الثلاثين،
غاب لوفاة أمه.
وسمع أبا جعفر بن المسلمة، وأبا علي بن وشاح، وعبد الصمد
بن المأمون، وأبا الحسين بن المهتدي بالله، وطائفة.
وله مشيخة.
__________
(1) الخبر في " وفيات الاعيان " 7 / 79، و " طبقات "
الاسنوي 2 / 531، و " النجوم الزاهرة " 4 / 111.
(*) الانساب 6 / 274 (الزريقي) و 10 / 132 (القزاز)،
المنتظم 10 / 90، اللباب 2 / 67 و 3 / 33، مرآة الزمان 8 /
107، المشتبه 1 / 315 و 567، العبر 4 / 95، 96، تبصير
المنتبه 3 / 1168 و 1247، شذرات الذهب 4 / 106.
(2) تحرف في " المنتظم " إلى مبارك.
(3) نسبة إلى الحريم الطاهري: محلة كبيرة ببغداد.
(*)
(20/69)
حدث عنه: ابن عساكر (1)، والسمعاني، وأبو موسى المديني،
وابن الجوزي، وأحمد بن بذال، وأحمد بن الحسن العاقولي،
وأحمد بن الحسن الدبيقي، وعمر بن طبرزد، وأبو اليمن
الكندي، وعدة، وابنه أبو السعادات نصر الله القزاز.
وبالاجازة المؤيد الطوسي.
وكان شيخا صالحا متوددا، سليم القلب، حسن الاخلاق، صبورا،
مشتغلا بما يعنيه.
ولد في سنة ثلاث وخمسين وأربع مئة ظنا.
وتوفي في رابع عشر شوال سنة خمس وثلاثين وخمس مئة، وصلى
عليه أخوه أبو الفتح، سمع الكثير، ورواه، وكان صحيح
السماع، أثنى عليه السمعاني وغيره.
ومات معه القاضي أبو بكر (2)، وأبو علي أحمد بن سعد العجلي
البديع (3)، والحافظ إسماعيل التيمي (4)، وجعفر بن محمد بن
مكي القيسي اللغوي (5)، والمحدث رزين العبدري (6)، وعبد
الجبار بن أحمد بن
توبة (7)، وعبد الوهاب الشاذياخي (7)، وعطاء (9) بن أبي
سعد خادم شيخ
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر 110 / 1.
(2) تقدمت ترجمته برقم (12).
(3) سترد ترجمته مرتين برقم (56) ص 95 وص 144.
(4) سترد ترجمته برقم (49).
(5) مترجم في الصلة لابن بشكوال 1 / 129، 130، بغية المتمس
259، 260، إنباه الرواة 1 / 267، المغرب في حلي المغرب 1 /
108، تلخيص ابن مكتوم 47، الوافي بالوفيات 11 / 149، طبقات
ابن قاضي شهبة 1 / 288، بغية الوعاة 1 / 487.
(6) سترد ترجمته برقم (129).
(7) تقدمت ترجمته برقم (16).
(8) تقدمت ترجمته برقم (17).
(9) تقدمت ترجمته برقم (33).
(*)
(20/70)
الاسلام يوسف (1) الهمذاني الزاهد.
43 - الخواري * الشيخ الامام
المفتي المعمر الثقة، إمام جامع نيسابور المنيعي (2)، أبو
محمد عبد الجبار بن محمد بن أحمد، الخواري البيهقي.
ولد سنة خمس وأربعين وأربع مئة.
وسمع من أبي بكر البيهقي فأكثر، ومن أبي الحسن الواحدي
المفسر، وأبي القاسم القشيري، وأبي القاسم عبدالرحمن بن
أحمد أخي الواحدي.
حدث عنه: السمعاني، وابن عساكر (3)، وأبو الحسن المرادي،
وأبو
الخير أحمد بن إسماعيل الطالقاني، ومحمد بن فضل الله
السالاري، وأبو سعد الصفار، ومنصور بن عبد المنعم الفراوي،
والحافظ أحمد بن محمد الشوكاني، والمؤيد بن محمد الطوسي،
وزينب الشعرية، وآخرون.
__________
(1) كذا الاصل وهو خطأ، والصواب أن عطاء هو خادم شيخ
الاسلام أبي إسماعيل الانصاري.
انظر ترجمة عطاء التي تقدمت برقم (33).
(*) الانساب 5 / 196، التحبير 1 / 423 - 425، معجم البلدان
2 / 394، المشتبه 257، العبر 4 / 99، 100، طبقات السبكي 7
/ 144، طبقات الاسنوي 1 / 484، 485، تبصير المنتبه 2 /
553، النجوم الزاهرة 5 / 270، ذيل تذكرة الحفاظ لابن فهد
المكي: 73، شذرات الذهب 4 / 113، والخواري: بضم الخاء وفتح
الواو، نسبة إلى خوار، وهي بلدة من أعمال بيهق، ووهم ابن
العماد في " الشذرات " فحسبه من خوار التي هي من عمل الري.
(2) وسمي الجامع المنيعي لانه عمره الرئيس أبو علي حسان بن
سعيد ابن منيع المخزومي المنيعي.
انظر " معجم البلدان " 5 / 217.
(3) انظر " مشيخة " ابن عساكر ورقة 101.
(*)
(20/71)
وكان متواضعا خيرا، بصيرا بمذهب الشافعي.
قال السمعاني (1): فمن جملة ما سمعت منه بنيسابور كتاب "
معرفة السنن والآثار " للبيهقي، ورأيت في جزأين منه سماعه
ملحقا، وذكر ابن حبيب الحافظ أنه طالع أصل البيهقي، فلم
يجد سماع عبد الجبار لجزأين.
قال السمعاني: فقرأتهما على القاضي ابن فطيمة (2)، وكان
سمع الكتاب كله.
قال: وأكثر سماع عبد الجبار بقراءة ابنه محمد في سنة ثلاث
وخمسين، ثم ذكر شيخنا عبد الجبار أنه وجد سماعه بالجزأين
في نسخة الاصل بنيسابور.
توفي في شعبان سنة ست (3) وثلاثين وخمس مئة.
44 - ابن برجان * الشيخ الامام
العارف القدوة، أبو الحكم، عبد السلام بن عبد الرحمن
بن أبي الرجال محمد بن عبدالرحمن، اللخمي المغربي
الافريقي، ثم الاندلسي الاشبيلي، شيخ الصوفية.
__________
(1) في " التحبير " 1 / 424، 425.
(2) الذي تقدمت ترجمته برقم (37).
(3) كذا قال في " التحبير "، وقال في " الانساب ": توفي
سنة ثلاث أو أربع.
(*) تكملة الصلة رقم 1797، وفيات الاعيان 4 / 236، 237،
العبر 4 / 100، دول الاسلام 2 / 55، فوات الوفيات 2 / 323،
مرآة الجنان 3 / 267، 268، أعمال الاعلام: 248 القاموس
المحيط: (برج)، لسان الميزان 4 / 13، 14، ذيل تذكرة الحفاظ
لابن فهد المكي: ص 73، النجوم الزاهرة 5 / 270، طبقات
المفسرين للسيوطي: 25، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 300،
301، مفتاح السعادة 2 / 111، 112، طبقات المفسرين للادنه
وي 141 / 1، كشف الظنون 1 / 69، 70، و 2 / 1031، شذرات
الذهب 4 / 133، هدية العارفين 1 / 570.
(*)
(20/72)
سمع " صحيح البخاري " من أبي عبد الله محمد بن أحمد بن
منظور صاحب أبي ذر الهروي، وحدث به.
روى عنه: أبو القاسم القنطري، وأبو محمد عبد الحق الازدي،
وأبو عبد الله بن خليل القيسي، وآخرون.
قال أبو عبد الله بن الابار: كان من أهل المعرفة بالقراءات
والحديث، والتحقيق بعلم الكلام والتصوف، مع الزهد
والاجتهاد في
العبادة، وله تصانيف مفيدة، منها " تفسير القرآن " (1) لم
يكمله، وكتاب " شرح أسماء الله الحسنى " (2)، وقد رواهما
عنه القنطري، توفي مغربا عن وطنه بمراكش في سنة ست وثلاثين
وخمس مئة (3)، وقبره بإزاء قبر الزاهد الكبير أبي العباس
بن العريف (4).
قلت: أخذ هذان، وغربا، واعتقلا، توهم ابن تاشفين (5) أن
يثورا
__________
(1) قال ابن خلكان: وأكثر كلامه فيه على طريق أرباب
الاحوال والمقامات.
وقال حاجي خليفة: وقد استنبطوا من رموزاته أمورا فأخبروا
بها قبل الوقوع.
اه.
ويقال: من ذلك ما استنبطه ابن الزكي في مدحه للسلطان صلاح
الدين حين فتحه حلب بقوله: وفتحك القلعة الشهباء في صفر *
مبشر بفتوح القدس في رجب فكان كما قال، قيل له: من أين لك
هذا ؟ قال: أخذته من تفسير ابن برحان في قوله تعالى: (غلبت
الروم في أدنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بعض
سنين).
انظر " لسان الميزان " 4 / 14، و " طبقات " الداوودي.
1 / 300، و " مفتاح السعادة " 2 / 112.
(2) قال حاجي خليفة: وهو كتاب كبير جمع فيه من أسماء الله
تعالى ما زاد على المئة والثلاثين، كلها مشهورة مروية،
وفصل الكلام في كل اسم على ثلاثة فصول، الاول في
استخراجها، الثاني في الطريق إلى تقرب مسالكها، الثالث في
الاشارة إلى التعبد بحقائقها.
(3) تحرفت سنة وفاته في " مفتاح السعادة " إلى 727، وفي "
كشف الظنون " 1 / 70 إلى 627.
(4) سترد ترجمته برقم (68).
(5) وهو علي بن يوسف بن تاشفين، سترد ترجمته برقم (75).
(*)
(20/73)
عليه كما فعل ابن تومرت (1).
45 - اللفتواني * الامام
المحدث المفيد، أبو بكر، محمد بن أبي نصر شجاع بن
أحمد بن علي، اللفتواني الاصبهاني.
سمع عبد الوهاب بن مندة، وسهل بن عبد الله الغازي، وسليمان
بن إبراهيم الثقفي، وأبا منصور بن شكرويه، ومحمودا الكوسج،
وأبا الخير بن ررا، والثقفي، وعدة، وببغداد من رزق الله
التميمي، وطراد بن محمد الزينبي، وابن البطر.
وكتب ما لا يوصف، وسمع الكثير.
حدث عنه: أبو موسى المديني، وابن عساكر (2)، وأبو سعد
السمعاني، وابنه عبيد الله بن محمد، وآخرون.
وكان شيخا صالحا، ثقة عابدا، فقيرا قانعا.
مولده سنة سبع وستين وأربع مئة.
وقال أبو موسى: لم أر في شيوخي أكثر كتبا وتصنيفا منه،
استغرق عمره في طلب الحديث وكتبته وتصنيفه ونشره.
__________
(1) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (318)، وانظر "
لسان الميزان " 4 / 14، و " طبقات " الداوودي 1 / 300.
(*) الانساب: (اللفتواني)، التحبير 2 / 134 - 136، المنتظم
10 / 84، معجم البلدان 5 / 20، الكامل لابن الاثير 11 /
72، اللباب 3 / 132، الوافي بالوفيات 3 / 148، واللفتواني:
بفتح اللام، وسكون الفاء، وضم التاء كما في الاصل و "
اللباب " وفتحها ياقوت، نسبة إلى لفتوان، وهي إحدى قرى
أصبهان.
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر: 188 / 2.
(*)
(20/74)
وقال السمعاني (1): كان شيخا صالحا، كثير الصلاة، حسن
الطريقة
خشنها، سمعت منه الكثير، وما دخلت عليه إلا وهو مشتغل
بخير، يصلي، أو ينسخ، أو يتلو، وكان يقرأ قراءة غير
مفهومة، وهو عارف بالحديث وطرقه، كتب عمن أقبل وأدبر، وخطه
لا يمكن قراءته لكل أحد، فكان يقول: يكفي من السماع شمه.
قلت: هذا القول غير مسلم.
مات في الحادي والعشرين من جمادى الاول سنة ثلاث وثلاثين
وخمس مئة.
وكان والده من مشيخة السلفي.
46 - ابن السلال * الامام
الفاضل، أبو عبد الله، محمد بن محمد بن أحمد بن
أحمد ابن السلال الكرخي الوراق الحبار، له حانوت عند باب
النوبي (2).
سمع أبا جعفر بن المسلمة، وأبا الغنائم بن المأمون، وجابر
بن ياسين، ومن أبي علي محمد بن وشاح، وأبي الحسن بن
البيضاوي، وأبي بكر بن سياوش الكازروني، وتفرد في وقته عن
هؤلاء الثلاثة.
مولده في سنة 447.
__________
(1) في " التحبير " 2 / 134، 135.
(*) الانساب 4 / 36 (الحبار)، المنتظم 10 / 123، اللباب 1
/ 334، النجوم الزاهرة 5 / 280.
(2) ببغداد، يبيع الحبر والاقلام.
انظر " الانساب " 4 / 36.
(*)
(20/75)
قال السمعاني: كان في خلقه زعارة، وكنا نسمع عليه بجهد،
وهو يتهم، معروف بالتشيع.
قال الحافظ ابن ناصر: كنت أمضي إلى الجمعة وقد قارب الوقت،
فأرى ابن السلال في دكانه فارغ القلب ليس على خاطره
الصلاة.
قلت: حدث عنه السمعاني، وعمر بن طبرزد، وسليمان الموصلي،
وأبو الفرج بن الجوزي، والنفيس بن وهبان، وبالاجازة أبو
منصور بن عفيجة، وأبو القاسم بن صصرى.
وعاش أربعا وتسعين سنة، توفي في جمادى الاولى سنة إحدى
وأربعين وخمس مئة.
وفيها مات أحمد بن محمد بن محمد بن الاخوة (1) الوكيل
ببغداد، وأبو البركات إسماعيل بن أبي سعد شيخ الشيوخ (2)،
وأبو جعفر حنبل بن علي البخاري (3)، والاتابك زنكي (4) بن
آقسنقر، والمحدث سعد الخير بن محمد البلنسي (5)، وظاهر بن
أحمد المساميري (6)، وأبو محمد سبط الخياط (7)، وأبو محمد
عبد الحق بن غالب بن عطية المحاربي صاحب التفسير (8)، وأبو
الحسن محمد بن طراد الزينبي (9)، وأبو الفتح محمد بن
__________
(1) سترد ترجمته برقم (94).
(2) سترد ترجمته برقم (95).
(3) سترد ترجمته برقم (182).
(4) سترد ترجمته برقم (123).
(5) سترد ترجمته برقم (93).
(6) سترد ترجمته برقم (106).
(7) سترد ترجمته برقم (80).
(8) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (337) بعد ترجمة
أبيه.
(9) مترجم في المنتظم 10 / 123، الكامل 11 / 118، الوافي
بالوفيات 3 / 169،
البداية والنهاية 12 / 222، وأخوه الوزير علي سترد ترجمته
هنا برقم (90).
(*)
(20/76)
محمد بن عبدالرحمن الخشاب (1) سمع القشيري، ووجيه بن طاهر
الشحامي (2)، والمقرئ يحيى بن الخلوف الغرناطي (3).
47 ابن الطراح * الشيخ العالم
الصالح المسند، أبو محمد، يحيى بن علي بن محمد ابن
علي بن الطراح البغدادي المدير.
ولد سنة بضع وخمسين وأربع مئة.
وسمع عبد الصمد بن المأمون، وأبا الحسين بن المهتدي بالله،
وأبا بكر الخطيب، وأبا الحسين بن النقور، ومحمد بن أحمد بن
المهتدي بالله، وجماعة.
وعنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وابن الجوزي، وابن طبرزد،
وابن الاخضر، والكندي، وعبد الكريم بن مبارك البلدي،
وسليمان بن محمد الموصلي، ويحيى بن ياقوت، وحفيدته ست
الكتبة بنت علي، وآخرون.
قال السمعاني: كتبت عنه الكثير، وكان صالحا ساكنا، مشتغلا
بما يعنيه، كثير الرغبة في الخير وفي زيارة القبور، سمعه
أبوه، وحصل له الاجزاء، وكان مدير قاضي القضاة أبي القاسم
الزينبي (4).
__________
(1) مترجم في الانساب 5 / 120، والوافي بالوفيات 1 / 165
وفيه وفاته سنة 540.
(2) سترد ترجمته برقم (67).
(3) مترجم في معرفة القراء الكبار 2 / 407، 408، وغاية
النهاية 2 / 369، 370.
(*) المنتظم 10 / 101، 102، العبر 4 / 101، البداية
والنهاية 12 / 218، النجوم
الزاهرة 5 / 270، شذرات الذهب 4 / 114.
(4) انظر " المنتظم " 10 / 101، 102.
(*)
(20/77)
توفي في رابع عشر (1) رمضان سنة ست وثلاثين وخمس مئة وقد
ناطح الثمانين.
وفيها مات أبو سعد أحمد بن محمد الزوزني (2)، وأبو القاسم
إسماعيل ابن السمرقندي (3)، وأبو العباس بن العريف (4)
الزاهد بالغرب، وأبو عبد الله بن فطيمة البيهقي (5)، وعبد
الجبار بن محمد الخواري (6)، والزاهد أبو الحكم عبد السلام
بن برجان (7)، والعلامة عمر بن عبد العزيز بن مازة الحنفي
(8)، وشرف الاسلام عبد الوهاب بن الشيخ أبي الفرج الحنبلي
(9)، وأبو عبد الله محمد بن علي المازري (10)، وأبو الكرم
نصر الله بن محمد بن الجلخت الواسطي (11)، والامام هبة
الله بن أحمد بن عبد الله بن طاووس المقرئ (12)، وأبو
منصور محمود بن أحمد بن ماشاذة الواعظ (13).
__________
(1) في " المنتظم ": رابع عشرين.
(2) تقدمت ترجمته برقم (34).
(3) تقدمت ترجمته برقم (13).
(4) سترد ترجمته برقم (68).
(5) تقدمت ترجمته برقم (37).
(6) تقدمت ترجمته برقم (43).
(7) تقدمت ترجمته برقم (44).
(8) سترد ترجمته برقم (57).
(9) سترد ترجمته برقم (63).
(10) سترد ترجمته برقم (64).
(11) تقدمت ترجمته برقم (35).
(12) سترد ترجمته برقم (58).
(13) سترد ترجمته برقم (78).
(*)
(20/78)
48 - أبو البدر الكرخي * الشيخ الفقيه العالم المسند، أبو
البدر، إبراهيم بن محمد
بن منصور ابن عمر، البغدادي الكرخي، المنفرد بسماع " أمالي
" ابن سمعون (1) عن خديجة الشاهجانية.
وسمع أيضا من أبي الغنائم بن المأمون، وأبي بكر الخطيب،
وأبي محمد بن هزار مرد، وأبي الحسين بن النقور.
وله مشيخة مروية.
صحب الشيخ أبا إسحاق (2) للتفقه.
وولد في حدود سنة خمسين وأربع مئة.
قاله أبو سعد (3).
قال: وأصله من كرخ جدان (4): وكان يسكن في دار الشيخ أبي
حامد الاسفراييني، وهو شيخ صالح معمر ثقة، عجز عن المشي،
مات في التاسع والعشرين من ربيع الاول سنة تسع وثلاثين
وخمس مئة.
قلت: حدث عنه ابن عساكر (5)، والسمعاني، وأبو أحمد بن
__________
(*) الانساب 10 / 394، المنتظم 10 / 112، 113، العبر 4 /
106، البداية والنهاية 12 / 219، النجوم الزاهرة 5 / 276،
شذرات الذهر 4 / 121.
(1) هو أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسماعيل البغدادي
الواعظ، المتوفى سنة 387 ه.
مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (376).
(2) الشيرازي، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (237).
(3) في الانساب " 10 / 394.
(4) قال ياقوت: بضم الجيم وسمعت بعضهم بفتحها، والضم أشهر،
والدال مشددة وآخره نون: بليدة في آخر ولاية العراق، وهو
الحد بين شهر زور والعراق.
" معجم البلدان " 4 / 449.
(5) انظر " مشيخة " ابن عساكر 23 / 2.
(*)
(20/79)
سكينة، وابن طبرزد، وعبد الله بن عثمان سبط ابن هدية، وعبد
العزيز بن منينا، وعبد الملك بن المبارك القاضي، وإسماعيل
بن هبة الله، والحسن ابن مسلم الفارسي الزاهد، وترك بن
محمد العطار خاتمة من روى عنه.
49 - التيمي * الامام العلامة
الحافظ، شيخ الاسلام، أبو القاسم، إسماعيل بن محمد
بن الفضل بن علي بن أحمد بن طاهر القرشي التيمي، ثم الطلحي
(1) الاصبهاني الملقب بقوام السنة، مصنف كتاب " الترغيب
والترهيب ".
مولده في سنة سبع وخمسين وأربع مئة.
سمع أبا عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة، وعائشة
بنت الحسن، وإبراهيم بن محمد الطيان (2)، وأبا الخير محمد
بن أحمد بن ررا، والقاضي أبا منصور بن شكرويه، وأبا عيسى
عبدالرحمن بن محمد بن زياد، وسليمان بن إبراهيم الحافظ،
ومحمد بن أحمد بن علي السمسار، وأحمد بن عبدالرحمن
الذكواني، والرئيس أبا عبد الله الثقفي، وطبقتهم بأصبهان،
وأبا نصر محمد بن محمد الزينبي، وعاصم بن الحسن، وخلقا
__________
(*) الانساب 3 / 368، 369 (الجوزي)، المنتظم 10 / 90،
اللباب 1 / 309،
310، الكامل 11 / 80، مرآة الزمان 8 / 107، تذكرة الحفاظ 4
/ 1277 - 1282، العبر 4 / 94، دول الاسلام 2 / 55، الوافي
بالوفيات 9 / 211، مرآة الجنان 3 / 263، طبقات الاسنوي 1 /
359، 361، البداية والنهاية 12 / 217، النجوم الزاهرة 5 /
267، طبقات المفسرين للسيوطي: 8، طبقات الحفاظ ص 463،
طبقات المفسرين للداوودي 1 / 112 - 114، كشف الظنون 123،
211، 400، شذرات الذهب 4 / 105، 106، هدية العارفين 1 /
211، الرسالة المستطرفة: 57، تاريخ بروكلمان 6 / 39، 40.
(1) نسبة إلى الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله من جهة أمه
كما سيذكر المؤلف.
(2) نسبة إلى حرفة الطين المعلومة، وقد تحرفت في " تذكرة
الحفاظ " 4 / 1278 إلى " الطيار " بالراء آخره.
(*)
(20/80)
ببغداد، وأبا بكر بن خلف الشيرازي، وأبا نصر محمد بن سهل
السراج، وعبد الرحمن بن أحمد الواحدي، وأقرانهم بنيسابور،
وأقدم سماعه من محمد بن عمر الطهراني صاحب ابن مندة في سنة
سبع وستين وهو ابن عشر سنين.
وسمع بمكة، وجاور سنة، وأملى وصنف، وجرح وعدل، وكان من
أئمة العربية أيضا، وفي تواليفه الاشياء الموضوعة كغيره من
الحفاظ.
حدث عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو العلاء الهمذاني، وأبو
طاهر السلفي، وأبو القاسم بن عساكر (1)، وأبو موسى
المديني، وأبو سعد الصائغ، ويحيى بن محمود الثقفي وهو
سبطه، وعبد الله بن محمد بن حمد (2) الخباز، وأبو الفضائل
محمود بن أحمد العبد كوي، وأبو نجيح فضل الله بن عثمان،
والمؤيد بن الاخوة، وأبو المجد زاهر بن أحمد الثقفي، وخلق
سواهم.
قال أبو موسى المديني: أبو القاسم إسماعيل الحافظ إمام
أئمة وقته، وأستاذ علماء عصره، وقدوة أهل السنة في زمانه،
حدثنا عنه جماعة في حال حياته، أصمت في صفر سنة أربع
وثلاثين وخمس مئة، ثم فلج بعد مدة، ومات يوم النحر سنة خمس
وثلاثين، واجتمع في جنازته جمع لم أر مثلهم كثرة، وكان
أبوه أبو جعفر محمد صالحا ورعا، سمع من سعيد العيار، وقرأ
القرآن على أبي المظفر بن شبيب، وتوفي في سنة إحدى وتسعين
وأربع مئة..إلى أن قال: ووالدته (3) كانت من ذرية طلحة بن
عبيد
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر: 29 / 2.
(2) في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1278: حميد.
(3) في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1278: ووالده، وهو خطأ،
وسينقل المؤلف أيضا في نهاية الترجمة ص 88 أن نسبته الطلحي
هي من جهة أمه.
(*)
(20/81)
الله التيمي أحد العشرة رضي الله عنهم.
قال أبو موسى: قال إسماعيل: سمعت من عائشة (1) وأنا ابن
أربع سنين، وقد سمع من أبي القاسم بن عليك في سنة إحدى
وستين.
قال أبو موسى: ولا أعلم أحدا عاب عليه قولا ولا فعلا، ولا
عانده أحد إلا ونصره الله، وكان نزه النفس عن المطامع، لا
يدخل على السلاطين، ولا على من اتصل بهم، قد أخلى دارا من
ملكه لاهل العلم مع خفة ذات يده، ولو أعطاه الرجل الدنيا
بأسرها لم يرتفع عنده، أملى ثلاثة آلاف وخمس مئة مجلس،
وكان يملي على البديهة (2).
وقال الحافظ يحيى بن مندة: كان أبو القاسم حسن الاعتقاد،
جميل الطريقة، قليل الكلام، ليس في وقته مثله (3).
وقال عبد الجليل كوتاه: سمعت أئمة بغداد يقولون: ما رحل
إلى بغداد بعد الامام أحمد أفضل ولا أحفظ من إسماعيل (4).
قلت: هذا قول من لا يعلم.
وقال أبو موسى المديني في ذكر من هو على رأس المئة
الخامسة: لا أعلم أحدا في ديار الاسلام يصلح لتأويل الحديث
إلا إسماعيل الحافظ (5).
__________
(1) بنت الحسن الوركانية، المتوفاة سنة 460 ه، مرت ترجمتها
في الجزء الثامن عشر برقم (142).
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1278، 1279، و " طبقات "
الاسنوي 1 / 360.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1279.
(4) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1279 و " طبقات " الاسنوي 1
/ 360.
(5) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1279.
(*)
(20/82)
قلت: وهذا تكلف، فإنه (1) على رأس المئة الخامسة ما اشتهر،
إنما اشتهر قبل موته بعشرين عاما.
وروي عن إسماعيل الحافظ أنه قال: ما رأيت في عمري من يحفظ
حفظي.
قال أبو موسى: وقرأ بروايات على جماعة من القراء، وأما
التفسير والمعاني والاعراب، فقد صنف فيه كتبا بالعربية
وبالفارسية، وأما علم الفقه فقد شهرت فتاويه في البلد
والرساتيق (2).
قال أبو المناقب محمد بن حمزة العلوي: حدثنا الامام
الكبير، بديع وقته، وقريع دهره، أبو القاسم إسماعيل بن
محمد..فذكر حديثا.
وبلغنا عن أبي القاسم تعبد وأوراد وتهجد، فقال أبو موسى:
سمعت
من يحكي عنه في اليوم الذي قدم بولده ميتا، وجلس للتعزية،
أنه جدد الوضوء في ذلك اليوم مرات نحو الثلاثين، كل ذلك
يصلي ركعتين، وسمعت بعض أصحابه أنه كان يملي شرح " صحيح
مسلم " عند قبر ولده أبي عبد الله، ويوم تمامه عمل مأدبة
(3) وحلاوة كثيرة، وكان ابنه (4) ولده في سنة خمس مئة،
ونشأ، وصار إماما في اللغة والعلوم، حتى ما كان يتقدمه
كبير أحد في الفصاحة والبيان والذكاء، وكان أبوه يفضله على
نفسه في اللغة
__________
(1) في الاصل: فإن، وهو خطأ.
وفي " التذكرة ": فإن الرجل ما كان في رأس المئة قد اشتهر.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1279 وفيه: سرت فتاواه بدل
شهرت.
(3) على هامش النسخة: مائدة.
(4) أبو عبد الله محمد، ترجمه المؤلف في " تذكرة الحفاظ "
4 / 1280، والاسنوي في " الطبقات " 1 / 361، وابن المعاد
في " الشذرات " 4 / 106.
(*)
(20/83)
وجريان اللسان، أملى جملة من شرح " الصحيحين "، وله تصانيف
كثيرة مع صغر سنه، مات بهمذان سنة ست وعشرين، وفقده أبوه،
وسمعت أحمد ابن حسن يقول: كنا مع الشيخ أبي القاسم، فالتفت
إلى أبي مسعود الحافظ، فقال: أطال الله عمرك، فإنك تعيش
طويلا، ولا ترى مثلك.
فهذا من كراماته (1)..إلى أن قال الحافظ أبو موسى: وله
التفسير في ثلاثين مجلدا، سماه " الجامع "، وله تفسير آخر
في أربع مجلدات، وله " الموضح " في التفسير في ثلاث
مجلدات، وكتاب " المعتمد " في التفسير عشر مجلدات، وكتاب "
السنة " مجلد، وكتاب " سير السلف " (2) مجلد ضخم، وكتاب "
دلائل
النبوة " مجلد، وكتاب " المغازي " مجلد، وأشياء كثيرة.
وقال محمد بن ناصر الحافظ: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن
ابن أخي إسماعيل الحافظ، حدثني أحمد الاسواري الذي تولى
غسل عمي - وكان ثقة - أنه أراد أن ينحي عن سوأته الخرقة
لاجل الغسل، قال: فجبذها إسماعيل بيده، وغطى فرجه، فقال
الغاسل: أحياة بعد موت (3) ؟ ! قال أبو سعد السمعاني: أبو
القاسم هو أستاذي في الحديث، وعنه أخذت هذا القدر، وهو
إمام في التفسير والحديث واللغة والادب، عارف بالمتون
والاسانيد، كنت إذا سألته عن المشكلات، أجاب في الحال، وهب
أكثر أصوله في آخر عمره، وأملى بالجامع قريبا من ثلاثة
آلاف مجلس (4)، وكان أبي يقول: ما رأيت بالعراق من يعرف
الحديث ويفهمه غير
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1280.
(2) انظر نسخه الخطية في " تاريخ " بروكلمان 6 / 40.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1280، و " المنتظم " 10 /
90.
(4) انظر " الانساب " 3 / 368.
(*)
(20/84)
اثنين: إسماعيل الجوزي (1) بأصبهان، والمؤتمن الساجي (2)
ببغداد.
قال أبو سعد: تلمذت له، وسألته عن أحوال جماعة، قال:
ورأيته وقد ضعف، وساء حفظه (3).
وقال محمد بن عبد الواحد الدقاق: كان أبو القاسم عديم
النظير، لا مثل له في وقته، كان ممن يضرب به المثل في
الصلاح والرشاد (4).
وقال أبو طاهر السلفي: هو فاضل في العربية ومعرفة الرجال.
وقال أبو عامر العبدري (5): ما رأيت أحدا قط مثل إسماعيل،
ذاكرته، فرأيته حافظا للحديث، عارفا بكل علم، متفننا،
استعجل عليه بالخروج.
روى السلفي هذا عن العبدري.
وقال السلفي: وسمعت أبا الحسين بن الطيوري غير مرة يقول:
ما قدم علينا من خراسان مثل إسماعيل بن محمد (6).
قلت: قول أبي سعد (7) السمعاني فيه: " الجوزي " بضم الجيم
وبزاي، هو لقب أبي القاسم، وهو اسم طائر صغير (8).
وقد سئل أبو القاسم التيمي رحمه الله: هل يجوز أن يقال:
لله حد أو
__________
(1) سيذكر المؤلف قريبا معنى هذه النسبة.
(2) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (195)، وانظر "
تبصير المنتبه " 1 / 371.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1280، 1281.
(4) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1281.
(5) تصحفت إلى " الغندري " في " شذرات الذهب " 4 / 106.
(6) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1281.
(7) في الاصل: أبي بكر، وهو خطأ.
(8) بلغة أهل أصبهان، وكان يكره هذا اللقب، ولكنه عرف به.
انظر " الانساب " 3 / 386، و " اللباب " 1 / 309.
(*)
(20/85)
لا ؟ وهل جرى هذا الخلاف في السلف ؟ فأجاب: هذه مسألة
أستعفي من الجواب عنها لغموضها، وقلة وقوفي على غرض السائل
منها، لكني أشير إلى بعض ما بلغني، تكلم أهل الحقائق في
تفسير الحد بعبارات مختلفة، محصولها أن حد كل شئ موضع
بينونته عن غيره، فإن كان غرض القائل: ليس لله حد: لا يحيط
علم الحقائق به، فهو مصيب، وإن كان غرضه
بذلك: لا يحيط علمه تعالى بنفسه فهو ضال، أو كان غرضه أن
الله بذاته في كل مكان فهو أيضا ضال.
قلت: الصواب الكف عن إطلاق ذلك، إذ لم يأت فيه نص، ولو
فرضنا أن المعنى صحيح، فليس لنا أن نتفوه بشئ لم يأذن به
الله خوفا من أن يدخل القلب شئ من البدعة، اللهم احفظ
علينا إيماننا.
وقد ذكر أبو القاسم بن عساكر أبا نصر الحسن بن محمد
اليونارتي (1) الحافظ، فرجحه على أبي القاسم إسماعيل،
فالله أعلم، وكأن ابن عساكر لما رأى إسماعيل بن محمد وقد
كبر ونقص حفظه، قال هذا.
قد مر أنه مات سنة خمس وثلاثين.
وفيها مات الامام الكبير المحدث أبو الحسن رزين بن معاوية
العبدري (2) السرقسطي المجاور، والفقيه البديع أبو علي
أحمد بن سعد العلجي الهمذاني (3)، والعلامة اللغوي الامام
أبو عبد الله جعفر بن محمد ابن مكي بن أبي طالب القيسي
القرطبي (4)، ومسند بغداد أبو منصور عبد
__________
(1) المتوفى سنة 527 ه، مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر
برقم (365).
(2) سترد ترجمته برقم (129).
(3) سترد ترجمته برقم (56) وسيكررها في الصفحة (144) بعد
الترجمة (85).
(4) ذكرت مصادر ترجمته في نهاية الترجمة رقم (42).
(*)
(20/86)
الرحمن بن محمد بن زريق الشيباني القزاز (1)، ومسند العصر
قاضي المرستان (2) أبو بكر محمد بن عبدا لباقي الانصاري
البغدادي، والزاهد القدوة يوسف بن أيوب الهمذاني (3) بمرو،
ومسند نيسابور أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه الشاذياخي
(4)، والمعمر أبو الحسن محمد بن أحمد بن
محمد بن توبة (5) الاسدي العكبري، وأخوه أبو منصور عبد
الجبار (6).
أخبرنا محمد بن عمر بن محمود الفقيه، أخبرنا محمد بن عبد
الهادي، أخبرنا يحيى بن محمود، أخبرنا جدي لامي إسماعيل بن
محمد الحافظ بأصبهان، أخبرنا أبو نصر محمد بن سهل السراج،
أخبرنا عبد الملك بن الحسن الازهري، حدثنا أبو عوانة،
حدثنا الحسن بن علي بن عفان، وإبراهيم بن مسعود الهمذاني،
قالا: حدثنا ابن نمير، عن الاعمش، عن شقيق، عن مسروق، عن
عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا
أطعمت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة، فلها أجرها، وله
مثله، وللخازن مثل ذلك، له بما احتسب، ولها بما أنفقت "
(7).
قال أبو موسى المديني: سألت إسماعيل يوما: أليس قد روي عن
ابن
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (42).
(2) تقدمت ترجمته برقم (12).
(3) تقدمت ترجمته برقم (41).
(4) تقدمت ترجمته برقم (17).
(5) تقدمت ترجمته برقم (15).
(6) تقدمت ترجمته برقم (16).
(7) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (1425)، و (1437) و
(1439) و (1440) و (1444) و (2065)، ومسلم (1024) والترمذي
(672) وأبو داود (1685) من طريق الاعمش ومنصور، كلاهما عن
شقيق أبي وائل بهذا الاسناد، وأخرجه الترمذي (671)
والنسائي 5 / 65 من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي
وائل، عن عائشة.
(*)
(20/87)
عباس في قوله: استوى: قعد (1) ؟ قال: نعم.
قلت له: إسحاق بن
راهويه يقول: إنما يوصف بالقعود من يمل القيام.
قال: لا أدري أيش يقول إسحاق.
وسمعته يقول: أخطأ ابن خزيمة في حديث الصورة، ولا يطعن
عليه بذلك، بل لا يؤخذ عنه هذا فحسب.
قال أبو موسى: أشار بهذا إلى أنه قل إمام إلا وله زلة،
فإذا ترك لاجل زلته، ترك كثير من الائمة، وهذا لا ينبغي أن
يفعل.
وعن أبي مسعود عبدالرحيم قال: كنا نمضي مع أبي القاسم إلى
بعض المشاهد، فإذا استيقظنا من الليل، رأيناه قائما يصلي.
وذكر أبو موسى في نسبة أبي القاسم التيمي الطلحي أن ذلك
النسب له من جهة أمه، ثم قال: وابن أخت القوم منهم.
__________
(1) في ثبوت ذلك عن ابن عباس وقفة، فقد نقل عنه محيي السنة
البغوي في تفسيره وأكثر المفسرين أن معناه: ارتفع، وقال
الحافظ ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى (ثم استوى على
العرش) من سورة الاعراف الآية 54 ما نصه: فللناس في هذا
المقام مقالات كثيرة جدا، ليس هذا موضع بسطها، وإنما يسلك
في هذا المقام مذهب السلف الصالح: مالك، والاوزاعي،
والثوري، والليث بن سعد والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق
بن راهويه وغيرهم، من أئمة المسلمين قديما وحديثا وهو
إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل،
والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله، فإن
الله لا يشبهه شئ من خلقه، و (ليس كمثله شئ وهو السميع
البصير)، بل الامر كما قال الائمة - منهم نعيم بن حماد
الخزاعي شيخ البخاري -: " من شبه الله بخلقه فقد كفر ".
ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر ".
وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه، فمن أثبت لله
تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والاخبار الصحيحة، على
الوجه الذي يليق بجلال الله تعالى، ونفى عن الله تعالى
النقائص، فقد سلك سبل الهدى.
وانظر لزاما " فتح الباري " 13 / 405 - 408 الطبعة
السلفية.
(*)
(20/88)
50 - ابن الجواليقي * العلامة الامام اللغوي النحوي، أبو
منصور، موهوب بن أحمد
بن محمد بن الخضر بن الحسن بن الجواليقي، إمام الخليفة
المقتفي.
مولده سنة 466.
سمع أبا القاسم بن البسري، وأبا طاهر بن أبي الصقر،
والنقيب طراد ابن محمد الزينبي، وعدة.
وطلب بنفسه مدة، ونسخ الكثير.
حدث عنه: بنته خديجة، والسمعاني، وابن الجوزي، والتاج
الكندي، ويوسف بن كامل، وآخرون.
قال السمعاني: إمام في النحو واللغة، من مفاخر بغداد، قرأ
الادب على أبي زكريا التبريزي، ولازمه، وبرع، وهو ثقة ورع،
غزير الفضل،
__________
(*) الانساب 3 / 337، نزهة الالبا: 396 - 398، المنتظم 10
/ 118، معجم الادباء 19 / 205 - 207، اللباب 1 / 301،
الكامل 11 / 106، 107، إنباه الرواة 3 / 335 - 337، وفيات
الاعيان 5 / 342 - 344، المختصر 3 / 17، تذكرة الحفاظ 4 /
1286، العبر 4 / 110، تلخيص ابن مكتوم: 257 - 259،
المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 236، 237، تتمة المختصر 2 /
72، مرآة الجنان 3 / 271 - 273، البداية والنهاية 12 /
220، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 204 - 207، طبقات ابن قاضي
شهبة: ورقة 260، النجوم الزاهرة 5 / 277، بغية الوعاة 2 /
308، كشف الظنون 48، 741، 1577، 1586، 1739، شذرات الذهب 4
/ 127، هدية العارفين 2 / 483، تاريخ بروكلمان 5 / 163،
164، معجم المطبوعات: 719.
والجواليقي وانظر مقدمة العلامة أحمد شاكر لكتاب " المعرب
".
قال السمعاني: هذه النسبة إلى الجوالق، وهي جمع جوالق،
ولعل بعض أجداد المنتسب إليها كان يبيعها أو يعملها.
قال ابن خلكان: وهي نسبة شاذة، لان الجموع لا ينسب إليها،
بل ينسب إلى آحادها، إلا ما جاء شاذا مسموعا في كلمات
محفوظة، مثل قولهم: رجل أنصاري، في النسبة إلى
الانصار..(*)
(20/89)
وافر العقل، مليح الخط، كثير الضبط، صنف التصانيف، وشاع
ذكره (1).
وقال ابن الجوزي (2): قرأ الادب سبع عشرة سنة على
التبريزي، وانتهى إليه علم اللغة، ودرس العربية بالنظامية،
وكان المقتفي (3) يقرأ عليه شيئا من الكتب، وكان متواضعا،
طويل الصمت، متثبتا، يقول كثيرا: لا أدري.
مات في المحرم سنة أربعين وخمس مئة، وغلط من قال: سنة تسع
وثلاثين (4).
وقال ابن النجار: هو إمام أهل عصره في اللغة، كتب الكثير
بخطه المليح المتقن، مع متانة الدين، وصلاح الطريقة، وكان
ثقة حجة نبيلا.
وقال الكمال الانباري (5): ألف في العروض، وشرح " أدب
الكاتب " (6)، وعمل كتاب " المعرب " (7)، و " التكملة في
لحن العامة " (8)، قرأت عليه، وكان منتفعا به لديانته وحسن
سيرته، وكان يختار
__________
(1) انظر " الانساب " 3 / 337.
(2) في " المنتظم " 10 / 118.
(3) سترد ترجمته برقم (273).
(4) قاله السمعاني وابن الاثير والقفطي والانباري وابن
خلكان وياقوت، وغلط السيوطي في " البغية " فذكر وفاته سنة
465، وهي سنة ولادته في رواية، وتبعه حاجي خليفة في " كشف
الظنون ".
(5) في " نزهة الالباب " 396، 397.
(6) طبع شرحه هذا بمصر بمكتبة القدسي سنة 1350 ه مصدرا
بمقدمة بليغة وافية لشيخ الادب وحجة العرب مصطفى صادق
الرافعي رحمه الله.
(7) طبع بتحقيق وشرح العلامة أحمد شاكر بمطبعة دار الكتب
بمصر سنة 1969 م.
(8) أكمل به " درة الغواص " للحريري كما ذكر ابن خلكان
وياقوت، وقد طبع بتحقيق الاستاذ عز الدين التنوخي بمطبعة
ابن زيدون بدمشق سنة 1355، بعناية المجمع العلمي العربي
بدمشق.
(*)
(20/90)
في النحو مسائل غريبة، وكان في اللغة أمثل منه في النحو.
قال ابن شافع: كان من المحامين عن السنة.
قلت: خلف ولدين: إسماعيل (1) وإسحاق (2)، ماتا في عام سنة
خمس وسبعين.
فأما أبو محمد إسماعيل، فكان من أئمة العربية، كتب أيضا
أولاد الخلفاء مع دين ونزاهة وسعة علم.
قال ابن الجوزي: ما رأينا ولدا أشبه أباه مثل إسماعيل بن
الجواليقي (3).
قلت: روى عن ابن كادش، وابن الحصين.
51 - ابن أبي جمرة * الامام
المعمر المسند، أبو العباس، أحمد بن عبدالملك بن
(4) موسى بن أبي جمرة الاموي مولاهم المرسي المالكي.
سمع أباه، وأبا بكر بن أبي جعفر، وهشام بن أحمد.
__________
(1) مترجم في: معجم الادباء 7 / 45 - 47، إنباه الرواة 1 /
210، تلخيص ابن مكتوم:
40، الوافي 9 / 230، مرآة الزمان 8 / 226، البداية
والنهاية 12 / 305، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 346، 347،
طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 279، 280، بغية الوعاة 1 / 457،
شذرات الذهب 4 / 249، 250.
(2) مترجم في: معجم الادباء 6 / 88، 89، إنباه الرواة 1 /
230، تلخيص ابن مكتوم: 41، الوافي 8 / 427، مرآة الزمان 8
/ 226.
(3) انظر " الوافي بالوفيات " 9 / 230 و " طبقات " ابن رجب
1 / 347.
(*) تكملة الصلة 1 / 46، العبر 4 / 91، الديباج المذهب 1 /
217، غاية النهاية 1 / 77، النجوم الزاهرة 5 / 265، شذرات
الذهر 4 / 102.
(4) سقط لفظ " بن " من الاصل، واستدرك من " الديباج المذهب
" و " غاية النهاية ".
(*)
(20/91)
وانفرد في زمانه بإجازة الامام أبي عمرو الداني، وأجاز له
أيضا أبو عمر ابن عبد البر.
ذكره الابار، وقال: حدث عنه ولده أبو بكر محمد شيخنا.
قلت: سمع منه ولده أبو بكر كتاب " التيسير " في السبع،
وعاش إلى قرب سنة ست مئة.
وتوفي أبو العباس في سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة.
52 - الشاطبي * الامام المسند،
أبو محمد، عبد الله بن علي بن أحمد بن علي، اللخمي
الاندلسي، الشاطبي، سبط الحافظ ابن عبد البر.
أجاز له جده تصانيفه في سنة اثنتين وستين وأربع مئة.
وكان مولده في سنة 443.
وقد سمع " الصحيحين " من أبي العباس بن دلهاث العذري،
و " صحيح البخاري " من القاضي أبي الوليد الباجي.
وولي قضاء مدينة أغمات (1).
روى عنه: حفيده لبنته عمر بن عبد الله الاغماتي، وعيسى بن
الملجوم، وأجاز لابن بشكوال.
مات في صفر سنة ثلاث أو اثنتين وثلاثين وخمس مئة، وعاش
تسعين عاما.
__________
(*) لم نعثر له على مصدر ترجمة.
(1) بلدة بأقصى بلاد المغرب قريبة من مراكش.
(*)
(20/92)
53 - أبو المعالي الفارسي * الشيخ الثقة الجليل المسند،
أبو المعالي، محمد بن إسماعيل
بن محمد بن حسين بن القاسم، الفارسي، ثم النيسابوري.
قال السمعاني (1): ثقة مكثر، سمع " السنن الكبير " من أبي
بكر البيهقي، و " صحيح البخاري " من سعيد العيار، وسمع من
أبي حامد الازهري، وسمع أيضا كتاب " المدخل إلى السنن " من
البيهقي.
مولده سنة ثمان وأربعين في شعبانها، وتوفي في ثالث جمادى
الآخرة سنة تسع وثلاثين وخمس مئة.
قلت: روى عنه ابن عساكر (2)، والسمعاني، ومنصور بن
الفراوي، وإسماعيل بن علي بن حمك المغيثي، والمؤيد الطوسي،
وزينب بنت أبي القاسم الشعرية، وطائفة، وأجاز لعبد الرحيم
بن أبي سعد السمعاني.
54 - ابن باجة * * فيلسوف
الاندلس، أبو بكر، محمد بن يحيى بن الصائغ السرقسطي
الشاعر.
__________
(*) التحبير 2 / 97 وكنتيه فيه أبو نصر، العبر 4 / 109،
النجوم الزاهرة 5 / 276، شذرات الذهب 4 / 124، 125.
(1) " التحبير " 2 / 97 بنحوه.
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر 179 / 2.
(* *) قلائد العقيان: 300 - 306، الخريدة (قسم شعراء
المغرب والاندلس) 2 / 332 - 334، أخبار العلماء بأخبار
الحكماء: 406، طبقات الاطباء لابن أبي أصيبعة: 515 - 517،
المغرب في حلي المغرب 2 / 119، وفيات الاعيان 4 / 429 -
431، الوافي بالوفيات 2 / 240 - 242، نفح الطيب 7 / 17 -
25 و 27، شذرات الذهب 4 / 103، هدية العارفين 2 / 87 دائرة
المعارف الاسلامية 1 / 95، الاعلام بمن حل مراكش وأغمات من
الاعلام 2 / 384 ه.
(*)
(20/93)
كان يضرب به المثل في الذكاء، وآراء الاوائل، والطب،
والموسيقا، ودقائق الفلسفة.
ينظر بالفارابي، وقد سعوا في قتله.
وعنه أخذ ابن رشد الحفيد، وابن الامام الكاتب.
مات بفاس سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة ولم يتكهل (1).
55 - ابن خيرون * الشيخ الامام
المعمر، شيخ القراء، أبو منصور، محمد بن عبد الملك
بن الحسن بن خيرون، البغدادي المقرئ الدباس، مصنف كتاب "
المفتاح " في القراءات العشر، وكتاب " الموضح " في
القراءات.
مولده في رجب سنة أربع وخمسين وأربع مئة.
فبادر عمه الحافظ أبو الفضل، وأخذ له الاجازة من أبي محمد
الجوهري، وأبي الحسين بن النرسي، وسمع من أبي جعفر بن
المسلمة كتاب " النسب " للزبير، وسمع من أبي بكر الخطيب
أكثر " تاريخه " ومن أبي محمد بن هزار مرد، وعبد الصمد بن
المأمون، وعدة.
وتلا بالروايات على عبد السيد بن عتاب، وجده لامه أبي
البركات عبد الملك بن أحمد، وأبي الفضل بن خيرون.
__________
(1) انظر مؤلفاته في " طبقات الاطباء " 516، و " هدية
العارفين " 2 / 87.
(*) المنتظم 10 / 115، الاستدراك لابن نقطة: باب خيرون
وجبرون، وباب الخيروني والجيروني والجنزوي، الكامل في
التاريخ 11 / 103، العبر 4 / 109، معرفة القراء الكبار 1 /
399، دول الاسلام 2 / 57، مرآة الجنان 3 / 271، النشر في
القراءات العشر 1 / 86، غاية النهاية 2 / 192، تبصير
المنتبه 2 / 545 و 554، النجوم الزاهرة 5 / 276، كشف
الظنون: 1769، شذرات الذهب 4 / 2125، هدية العارفين 2 /
88، 89.
(*)
(20/94)
وكان ينسخ " تاريخ الخطيب " ويبيعه.
قال السمعاني: ثقة صالح، ما له شغل سوى التلاوة والاقراء.
وقال ابن الخشاب: كان شافعيا من أهل السنة.
قلت: روى عنه: ابن عساكر (1)، وأبو موسى، وابن الجوزي،
والكندي، وأحمد بن محمد بن سعد الفقيه، وعلي بن محمد
الموصلي، وعدة.
وآخر من روى عنه بالاجازة أبو منصور بن عفيجة.
(2).
وتلا عليه بالروايات أبو اليمن الكندي، ويحيى الاواني (3)،
وإبراهيم ابن بقاء اللبان.
مات في رجب سنة تسع وثلاثين وخمس مئة ببغداد.
56 - العجلي * المحدث الامام،
أبو علي، أحمد بن سعد بن علي بن الحسن بن القاسم بن
عنان، العجلي البديع الهمذاني، ابن أبي منصور، أحد
الاعيان.
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر 195 / 2.
(2) هو أبو منصور محمد بن عبد الله بن المبارك بن كرم
البندنيجي، يعرف بابن عفيجة، وعفيجة لقب لوالده عبد الله،
تحرف في " غاية النهاية " 2 / 192 إلى " عفحه " هكذا غير
منقوط، وأبو منصور هذا متوفى سنة 625 ه، ستأتي ترجمته في
الجزء الثاني والعشرين، وذكره المؤلف في الترجمة رقم (46)
وأنه روى بالاجازة عن صاحب الترجمة ابن السلال.
(3) نسبة إلى أوانا، وهي قرية على عشرة فراسخ من بغداد عند
صريفين على الدجلة.
(*) الانساب 8 / 401، تذكرة الحفاظ 4 / 1281، الوافي
بالوفيات 6 / 384، 385، طبقات السبكي 6 / 17، 18، طبقات
الاسنوي 2 / 214، وسيعيد المؤلف ترجمته عقب الترجمة (85).
(*)
(20/95)
رحل، وكتب، وجمع، وأملى.
سمع أبا الفرج علي بن محمد بن عبدالحميد البجلي، وبكر بن
حيد، ويوسف بن محمد الخطيب، وعبد الرحمن بن محمد بن شاذي،
وأحمد بن عيسى بن عباد الدينوري، وأبا إسحاق الشيرازي،
وعدة بهمذان، وسليمان الحافظ، والثقفي الرئيس، وطائفة
بأصبهان، وعبد الكريم بن أحمد الوزان، وجماعة بالري،
والشافعي بن داود التميمي بقزوين، وأبا الغنائم بن أبي
عثمان، وعدة ببغداد، والحسين بن محمد الدهقان بالكوفة.
روى عنه: ابن ناصر، والسمعاني، وابن عساكر (1)، والمبارك
بن كامل، وابن الجوزي، وآخرون.
وهو سبط محمد بن عثمان القومساني (2).
قال السمعاني: شيخ فاضل ثقة، جليل القدر، واسع الرواية،
سمعه أبوه، وسمعت منه، ولد سنة ثمان وخمسين وأربع مئة،
وأول سماعه في سنة ثلاث وستين، وتوفي في رجب سنة خمس
وثلاثين وخمس مئة (3).
وذكر ابن النجار أن قبره يقصد بالزيارة.
وقال شيرويه: يرجع إلى نصيب من كل العلوم، وكان يداري،
ويقوم بحقوق الناس، مقبولا بين الخاص والعام.
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر 6 / 1.
(2) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (220).
(3) الخبر في " الانساب " 8 / 401 بنحوه.
(*)
(20/96)
57 - ابن مازة * شيخ الحنفية، عالم المشرق، أبو حفص، عمر
بن عبد العزيز
بن عمر بن عبد العزيز بن مازة البخاري.
تفقه بأبيه العلامة أبي المفاخر حتى برع، وصار يضرب به
المثل، وعظم شأنه عند السلطان، وبقي يصدر عن رأيه، إلى أن
رزقه الله تعالى الشهادة على يد الكفرة بعد وقعة قطوان
وانهزام المسلمين (1).
قال السمعاني: فسمعت أنه لما خرج، كان يودع أصحابه وأولاده
وداع من لا يرجع، رحمه الله تعالى، سمع أباه، وعلي بن محمد
بن خدام (2)، لقيته بمرو، وحضرت مناظرته، وقد حدث عن أبي
سعد بن
الطيوري، وأبي طالب بن يوسف، وكان يعرف بالحسام، تفقه عليه
خلق، وسمع منه أبو علي بن الوزير الدمشقي، قتل صبرا
بسمرقند في صفر سنة ست وثلاثين وخمس مئة وله ثلاث وخمسون
سنة (3).
__________
(*) الكامل في التاريخ 11 / 86، دول الاسلام 2 / 55،
الجواهر المضية 2 / 649، 650، النجوم الزاهرة 5 / 268،
269، تاج التراجم 46، 47، طبقات الفقهاء لطاش كبري: 93،
مفتاح السعادة 2 / 277، كتائب أعلام الاخبار رقم (342)،
الطبقات السنية رقم (1629)، كشف الظنون: 11، 46، 113، 563،
569، 1222، 1224، 1228، 1403، 1404، 1431، 1435، 1471،
1998، الفوائد البهية: 149، هدية العارفين 1 / 783، إيضاح
المكنون 2 / 124، تذكرة النوادر: 57، تاريخ بروكلمان 6 /
294 - 296.
(1) انظر تفصيل هذه الوقعة في " الكامل " 11 / 81 - 86.
وقطوان: قرية من قرى سمرقند على خمسة فراسخ منها.
" معجم البلدان " 4 / 375.
(2) بكسر الخاء المعجمة ودال مهملة، وضبطه ابن نقطة بالذال
المعجمة.
انظر " الانساب " 5 / 56، 57 (الخدامي)، و " المشتبه "
146، و " تبصير المنتبه " 1 / 312، و " الاستدراك " باب
الجذامي والخذامي.
(3) وله عدة مؤلفات منها: " الفتاوى الكبرى " و " الفتاوى
الصغرى " و " الفتاوى الخاصية " و " عمدة الفتاوى " و "
الواقعات الحسامية في مذهب الحنفية "، و " أصول الفقه " =
(*)
(20/97)
58 - ابن طاووس * إمام جامع دمشق ومقرئه، أبو محمد، هبة
الله بن أحمد
بن عبد الله ابن علي بن طاووس البغدادي، ثم الدمشقي (1).
أتقن السبع على أبيه أبي البركات.
وسمع الكثير، ونسخ، وأدب بسوق الاحد (2)، ثم ولي إمامة
الجامع.
سمع أبا العباس بن قبيس، وأبا القاسم بن أبي العلاء،
ومالكا البانياسي، وابن الاخضر، وأبا منصور بن شكرويه (3)،
وسليمان الحافظ.
وكان ثقة متصونا.
مات في المحرم سنة ست وثلاثين وخمس مئة عن خمس وسبعين سنة.
وكان ذهب مع الرسول إلى أصبهان من تتش (4).
__________
= و " مسائل دعوى الحيطان والطرق وسيل الماء " وغيرها.
انظر النسخ الخطية لهذه المؤلفات في " تاريخ " بروكلمان 6
/ 295، 296 (النسخة العربية).
(*) الانساب 3 / 410، 411 (الجيروني)، المنتظم 10 / 101،
معجم البلدان 2 / 199 (جيرون)، الكامل في التاريخ 11 / 90،
اللباب 1 / 322، مرآة الزمان 8 / 110 العبر 4 / 101، معرفة
القراء الكبار 1 / 394، 395، طبقات السبكي 7 / 324، غاية
النهاية 2 / 349، النجوم الزاهرة 5 / 270، شذرات الذهب 4 /
114.
(1) أورده السمعاني في نسبة " الجيروني " نسبة إلى جيرون:
موضع بدمشق قال ياقوت: والمعروف اليوم أن بابا من أبواب
الجامع الاموي بدمشق وهو بابه الشرقي يقال له: باب جيرون.
(2) أي في مسجد بسوق الاحد يعرف بمسجد العباسي، وسوق الاحد
يقع في الجهة الشرقية من جيرون.
انظر " ثمار المقاصد في ذكر المساجد " ص 83، 84.
(3) تصحف في " غاية النهاية " و " معرفة القراء " إلى "
سكرويه " بالسين المهملة.
(4) وهو صاحب دمشق تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان السلجوقي،
مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (46).
وقد ذهب ابن طاووس صاحب الترجمة صحبة أبيه إلى السلطان
ملكشاه.
(*)
(20/98)
روى عنه السمعاني، ومدحه، والسلفي ووثقه، وابن عساكر،
وابنه
القاسم، والقاضي ابن الحرستاني، وأبو المحاسن بن أبي لقمة.
وعندي من عواليه.
59 - غانم بن أحمد * ابن الحسن
بن محمد بن علي، الشيخ المعمر الثقة، أبو الوفاء،
الاصبهاني الجلودي.
مولده في رجب سنة ثمان وأربعين وأربع مئة.
سمع " صحيح البخاري " من سعيد بن أبي سعيد العيار، وسمع
أيضا من أبي نصر محمد بن علي الكاغدي.
حدث عنه: ابن عساكر (1)، والسمعاني، وداود بن معمر،
وآخرون.
وقرأت " صحيح البخاري " على أبي العباس الحجار لاولادي
بإجازته من ابن معمر.
وممن روى عنه أبو موسى المديني.
توفي في ثالث ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وخمسين مئة.
حط عليه محمد بن أبي نصر اللفتواني (2)، قال: لانه كان
يميل إلى الاشعرية، فانظر، تر.
__________
(*) التحبير 2 / 5، 6، معجم شيوخ السمعاني: الورقة 188،
التقييد: الورقة 188 / 1، ملخص تاريخ الاسلام: الورقة 35 /
1.
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر 160 / 1.
(2) الذي تقدمت ترجمته برقم (45).
(*)
(20/99)
60 - غانم بن خالد * ابن عبد الواحد
بن أحمد، الشيخ أبو القاسم بن الشيخ أبي طاهر الاصبهاني
التاجر.
سمع من عبد الرزاق بن شمه (1) " سنن " موسى بن طارق (2)
سوى الجزء الرابع، وتفرد بعلوه، وسمع أيضا من الباطرقاني
(3)، وأبي مسلم من مهربزد (4)، وعبد الله بن محمد الكروي،
وطائفة.
وكان مولده في سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة بأصبهان.
حدث عنه: السمعاني، وابن عساكر (5)، وأحمد بن الحافظ أبي
العلاء، ومحمد بن عبد الله الرويدشتي، ومحمد بن أبي طاهر
بن غانم حفيده، وحفيده الآخر محمد بن أبي نصر.
قال السمعاني (6): كان سديدا ثقة مكثرا.
توفي في رجب سنة ثمان (7) وثلاثين وخمس مئة.
قلت: وأبوه من مشايخ السلفي.
__________
(*) التحبير 2 / 6 - 8، تذكرة الحفاظ 4 / 1283.
(1) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (82).
(2) مرت ترجمته في الجزء التاسع برقم (112).
(3) وهو أبو بكر أحمد بن الفضل بن محمد الباطرقاني
الاصبهاني، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (98).
(4) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (79).
(5) انظر " مشيخة " ابن عساكر 160 / 1.
(6) في " التحبير " 2 / 6 و 8.
(7) في " التحبير " سنة خمس.
(*)
(20/100)
61 - أبو جعفر الهمذاني
* الشيخ الامام الحافظ الرحال الزاهد، بقية السلف
والاثبات، أبو جعفر محمد بن أبي علي الحسن بن محمد بن عبد
الله، الهمذاني.
ولد بعد الاربعين وأربع مئة.
وقدم بغداد، سنة ستين، فسمع بها قليلا، فسمع من أبي الحسين
بن النقور، وأبي القاسم بن البسري، وأبي نصر الزينبي،
وخلق، وبنيسابور من الفضل بن المحب، وأبي صالح المؤذن،
وخلق، وبمكة من أبي علي الشافعي، وسعد الزنجاني، وبجرجان
من إسماعيل بن مسعدة، وطائفة، وبمرو من أبي الخير محمد بن
أبي عمران، وبهراة من أبي إسماعيل الانصاري، وعدة،
وبهمذان.
وحدث ب " الجامع " لابي عيسى عن أبي عامر الازدي، ومحمد بن
محمد بن العلاء، وثابت بن سهلك القاضي عن الجراحي.
وكان من أئمة أهل الاثر، ومن كبراء الصوفية.
قال السمعاني: سافر الكثير إلى البلدان الشاسعة، ونسخ
بخطه، وما أعرف أحدا في عصره سمع أكثر منه.
وعنه قال: دخلت بغداد سنة ستين، وكنت أسمع ولا أدعهم
يكتبون اسمي، لاني كنت لا أعرف العربية، حتى دخلت البادية،
وكنت أدور مع الظاعنين من العرب حتى رجعت إلى بغداد، فقال
لي الشيخ أبو إسحاق: رجعت إلينا عربيا.
فكان يسميني " الخثعمي " لاقامتي فيهم.
__________
(*) العبر 4 / 85، النجوم الزاهرة 5 / 260، شذرات الذهب 4
/ 97.
(*)
(20/101)
قال السمعاني: كان خطه رديئا، وما كان له كبير معرفة
بالحديث على
ما سمعت، وسمعت محمد بن أبي طاهر بأصبهان، سمعت أبا جعفر
بن أبي علي يقول: تعسر علي شيخ بجرجان، فحلفت أن لا أخرج
منها حتى أكتب جميع ما عنده، فأقمت مدة، وكان يخرج إلي
الاجزاء، والرقاع، حتى كتبت جميع ما وجدت.
قلت: حدث عنه: ابن طاهر المقدسي، وأبو العلاء العطار، وعبد
الرحمن بن عبد الوهاب بن المعزم، وآخرون.
وهو الذي قام في مجلس وعظ إمام الحرمين، وأورد عليه في
مسألة العلو، فقال: ما قال عارف قط: يا ألله، إلا وقام من
باطنه قصد تطلب العلو، لا يلتفت يمنة ولا يسرة، فهل لدفع
هذه الضرورة من حيلة ؟ ! فقال: يا حبيبي ما ثم إلا الحيرة.
وذلك في ترجمة أبي المعالي (1).
توفي أبو جعفر في نصف ذي القعدة سنة إحدى وثلاثين وخمس
مئة.
62 - الجوهري * الامام الحافظ،
الرئيس المحتشم، أبو بكر، محمد بن أحمد بن حسن بن
أسد، البروجردي.
وبروجرد عند همذان.
كتب الكثير، واستنسخ، وعمل " معجما " لنفسه في مجلد.
؟ ؟ السلار مكي بن علان، وأبا مطيع الصحاف، وأبا الفتح
أحمد ابن السوذرجاني، وعلي بن الاخرم المديني، ونصر الله
الخشنامي، وأحمد ابن محمد الخليلي ببلخ، وأبا الحسن بن
العلاف، ونحوهم.
__________
(1) في الجزء الثامن عشر برقم (240).
(*) المنتظم 10 10.
(*)
(20/102)
وكان واسع الرحلة، كثير المال.
روى عنه: يحيى بن بوش.
قال ابن ناصر: ما كان يعرف الحديث، كان تاجرا.
؟ قلت: توفي سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة، وو ؟ سنة ستين
وأربع مئة.
63 - شرف الاسلام * الشيخ
الامام، العلامة الواعظ، شيخ الحنابلة بدمشق، شرف الاسلام،
أبو القاسم (1)، عبد الوهاب بن أجل الحنابلة الشيخ
أبي الفرج عبد الواحد (2) بن محمد بن علي، الانصاري
الشيرازي الاصل، الدمشقي.
تفقه على أبيه.
وحدث بالاجازة عن أبي طالب بن يوسف.
وصار له القبول الزائد في الوعظ، وزادت حشمته ورئاسته،
وبعثه الملك بوري (3) رسولا إلى المسترشد بالله يستصرخ به
على غزو الفرنج، وأنهم أخذوا كثيرا من الشام.
__________
(*) تاريخ ابن القلانسي: 429، 430، العبر 4 / 100، دول
الاسلام 2 / 55، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 198 - 201، ذيل
تذكرة الحفاظ لابن فهد المكي: ص 72، طبقات المفسرين
للداوودي 1 / 362، 363، مختصر تنبيه الطالب: ص 124، شذرات
الذهب 4 / 113، 114، إيضاح المكنون 2 / 529، هدية العارفين
1 / 638.
(1) قال ابن رجب: كذا كناه ابن القلانسي في " تاريخه "
وكناه المنذري وغيره أبا البركات.
(2) في " ذيل تذكرة الحفاظ " لابن فهد: عبدالرحمن بدل عبد
الواحد.
(3) وهو تاج الملوك بوري بن طغتكين، مرت ترجمته في الجزء
التاسع عشر برقم (328).
(*)
(20/103)
وقف المدرسة الكبرى (1) شمالي جامع دمشق، وكان ذا لسن
وفصاحة وصورة كبيرة.
أثنى عليه السلفي، ووثقه، سمع من أبيه.
وقال أبو يعلى حمزة بن القلانسي (2): توفي بمرض حاد، وكان
على الطريقة المرضية، والخلال الرضية، ووفور العلم، وحسن
الوعظ، وقوة الدين، وكان يوم دفنه يوما مشهودا من كثرة
المشيعين له والباكين عليه، مات في صفر سنة ست وثلاثين
وخمس مئة.
قلت: كان يناظر على قواعد عقائد الحنابلة، جرى بينه وبين
الفقيه الفندلاوي (3) بحوث وسب، وكان الفندلاوي أشعريا،
رحم الله الجميع (4).
64 - المازري * الشيخ الامام
العلامة البحر المتفنن، أبو عبد الله، محمد بن علي
بن
__________
(1) وتسمى المدرسة الشريفية أو الحنبلية، وهي عند
القباقبية العتيقة.
انظر " مختصر تنبيه الطالب " ص 124.
(2) في " تاريخه " ص 430، بتحقيق د.
سهيل زكار.
(3) سترد ترجمته برقم (133) وهو أبو الحجاج يوسف بن دوناس
المالكي.
(4) قال ابن رجب: ولشرف الاسلام تصانيف في الفقه والاصول،
منها " المنتخب في الفقه " في مجلدين، و " البرهان في أصول
الدين " " رسالة في الرد على الاشعرية "..الخ انظر " ذيل
طبقات الحنابلة " 1 / 199، و " هدية العارفين " 1 / 638.
(*) وفيات الاعيان 4 / 285، دول الاسلام 2 / 55، العبر 4 /
100، 101، الوافي بالوفيات 4 / 151، مرآة الجنان 3 / 267،
268، الديباج المذهب 2 / 250 - 252، وفيات ابن
قنفذ 277، 278، ذيل تذكرة الحفاظ لابن فهد المكي 72 - 73،
النجوم الزاهرة 5 / 269، أزهار الرياض 3 / 165، كشف الظنون
557، شذرات الذهب 4 / 114، إيضاح المكنون 1 / 156، هدية
العارفين 2 / 88، شجرة النور 1 / 127، 128، وللاستاذ حسن
حسني عبد = (*)
(20/104)
عمر بن محمد التميمي المازري المالكي.
مصنف كتاب " المعلم بفوائد شرح مسلم " (1) ومصنف كتاب "
إيضاح المحصول " في الاصول، وله تواليف في الادب، وكان أحد
الاذكياء، الموصوفين والائمة المتبحرين، وله شرح كتاب "
التلقين " لعبد الوهاب (2) المالكي في عشرة أسفار، هو من
أنفس الكتب.
وكان بصيرا بعلم الحديث.
حدث عنه: القاضي عياض، وأبو جعفر بن يحيى القرطبي الوزغي.
مولده بمدينة المهدية من إفريقية، وبها مات في ربيع الاول
سنة ست وثلاثين وخمس مئة، وله ثلاث وثمانون سنة.
ومازر: بليدة من جزيرة صقلية بفتح الزاي وقد تكسر.
قيده ابن خلكان (3).
قيل: إنه مرض مرضة، فلم يجد من يعالجه إلا يهودي، فلما
عوفي على يده، قال: لولا التزامي بحفظ صناعتي لاعدمتك
المسلمين.
فأثر هذا
__________
= الوهاب كتاب عنه طبع في تونس سنة 1955 م.
وانظر كتاب " المازري الفقيه والمتكلم " وكتابه " المعلم "
للسيد محمد الشاذلي النيفر.
(1) وعليه بنى القاضي عياض كتابه " إكمال المعلم بشرح صحيح
مسلم " وقد ضمن الابي هذين الشرحين في كتابه " إكمال إكمال
المعلم " بالاضافة إلى شرحي النووي والقرطبي مع زيادات
مفيدة من كلام ابن عرفة شيخه وغيره.
وطبع شرح الابي وبذيله شرح السنوسي المسمى " مكمل
إكمال الاكمال " في سبعة أجزاء في مطبعة السعادة بمصر سنة
1327 ه.
(2) ابن علي بن نصر التغلبي البغدادي المتوفى سنة 422 ه،
مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (287).
قال ابن فرحون: ولم يبلغنا أنه أكمله.
انظر " الديباج المذهب " 2 / 251.
(3) في " وفيات الاعيان " 4 / 285.
(*)
(20/105)
عند المازري، فأقبل على تعلم الطب حتى فاق فيه، وكان ممن
يفتي فيه كما يفتي في الفقه.
وقال القاضي عياض في " المدارك " (1): المازري يعرف
بالامام، نزيل المهدية قيل: إنه رأى رؤيا، فقال: يا رسول
الله، أحق ما يدعونني به ؟ إنهم يدعونني بالامام.
فقال: وسع صدرك للفتيا (2).
ثم قال: هو آخر المتكلمين من شيوخ إفريقية بتحقيق الفقه،
ورتبة الاجتهاد، ودقة النظر، أخذ عن اللخمي (3)، وأبي محمد
عبدالحميد (4) السوسي وغيرهما بإفريقية، ودرس أصول الفقه
والدين، وتقدم في ذلك، فجاء سابقا، لم يكن في عصره
للمالكية في أقطار الارض أفقه منه [ ولا ] أقوم بمذهبهم.
سمع الحديث، وطالع معانيه، واطلع على علوم كثيرة من الطب
والحساب والآداب وغير ذلك، فكان أحد رجال الكمال، وإليه
كان يفزع في الفتيا في الفقه، وكان حسن الخلق، مليح
المجالسة، كثير الحكاية والانشاد، وكان قلمه أبلغ من
لسانه، ألف في الفقه والاصول، وشرح كتاب مسلم، وكتاب "
التلقين "، وشرح " البرهان " لابي المعالي الجويني (5).
__________
(1) لم نجد هذا النص في المطبوع منه.
(2) انظر " الديباج المذهب " 2 / 250.
(3) وهو أبو الحسن علي بن محمد الربعي المعروف باللخمي،
متوفى سنة 478 ه، مترجم في " ترتيب المدارك " 4 / 797 و "
شجرة النور " 1 / 117.
(4) في الاصل: عبد الحق، وهو خطأ، وهو أبو محمد عبدالحميد
بن محمد القيرواني المعروف بابن الصائغ، متوفى سنة 486 ه،
مترجم في " ترتيب المدارك " 4 / 794 - 796، و " الديباج
المذهب " 2 / 25 و " شجرة النور " 1 / 117.
(5) انظر " الديباج المذهب " 2 / 251، وانظر بقية تصانيفه
في " شجرة النور " 1 / 127.
(*)
(20/106)
وثم مازري آخر متأخر (1)، سكن الاسكندرية، وشرح " الارشاد
" (2) المسمى ب " المهاد ".
ولصاحب الترجمة تأليف في الرد على " الاحياء " وتبيين ما
فيه من الواهي والتفلسف، أنصف فيه، رحمه الله.
65 - الفتح * الاديب الكبير،
مصنف كتاب " قلائد العقيان " (3)، أبو نصر، الفتح (4) بن
محمد بن عبد الله (5) بن خاقان، القيسي الاشبيلي،
جمع في كتابه عدة من شعراء المغرب، وترجمهم.
وله كتاب " ملح أهل الاندلس " (6).
__________
(1) انظر " الديباج المذهب " 2 / 252 و " معجم المؤلفين "
12 / 22.
(2) وهو " الارشاد في أصول الدين " لابي المعالي الجويني.
(*) الخريدة قسم شعراء المغرب والاندلس 3 / 538 - 548،
معجم الادباء 16 / 186 - 192، معجم ابن الابار 313، المغرب
1 / 259، 260، وفيات الاعيان 4 / 23، 24، المختصر في أخبار
البشر 3 / 15، تتمة المختصر 2 / 69، مسالك الابصار للعمري
11 / 394،
الاحاطة 4 / 248 - 253، نفح الطيب 7 / 29 و 33 و 36، كشف
الظنون: 1354، شذرات الذهب 4 / 107، إيضاح المكنون 1 /
168، هدية العارفين 1 / 814، معجم المطبوعات العربية 1434،
تاريخ بروكلمان 6 / 106 - 108 (النسخة العربية)، دائرة
المعارف الاسلامية 2 / 86.
(3) في محاسن الاعيان.
وانظر ما فعله لما أراد تأليف هذا الكتاب في " معجم
الادباء " 16 / 187، 188، وفيه أنه من أرضته صلته أحسن في
كتابه وصفه ونعته، وكل من تغافل عن بره هجاه وثلبه.
وهذا الكتاب مطبوع عدة طبعات.
ومنه مختصر لابن فضل الله العمري المتوفى سنة 749 ه.
والعقيان بكسر العين: الذهب الخالص.
(4) ورد اسمه في " الاحاطة " هكذا: الفتح بن علي بن أحمد
بن عبيد الله.
كذا في الاصل، وفي جميع مصادر ترجمته: عبيد الله.
(6) واسمه " مطمح الانفس ومسرح التأنس في ملح أهل الاندلس
" وقد قسمه ثلاث أقسام: الاول يشتمل على سرد غرر الوزراء
وتناسق درر الكتاب والبلغاء، والثاني يشتمل على محاسن
أعلام العلماء وأعيان القضاة والفقهاء، والثالث يشتمل على
سرد محاسن الادباء.
وهو = (*)
(20/107)
وكان كثير الترحال، من أذكياء الرجال، وكان لعابا، خليع
العذار.
أمر بقتله الملك علي بن يوسف بن تاشفين، فذبح بالخان
بمراكش سنة خمس وثلاثين وخمس مئة.
وقيل: بل في سنة تسع وعشرين (1).
فالله أعلم.
66 - بهجة الملك * الرئيس
الكبير، أبو طالب، علي بن عبدالرحمن بن محمد بن عبد
الله بن علي بن عياض بن أبي عقيل، الصوري، ثم الدمشقي.
أجداده من قضاة صور.
وكان شيخا مهيبا دينا.
سمع بصر من القاضي الخلعي، وسمع ببغداد من أبي القاسم بن
بيان.
روى عنه ابن عساكر (2)، وابنه القاسم، وطائفة.
قال أبو سعد السمعاني: قرأت عليه " معجم " ابن الاعرابي،
مولده بصور سنة نيف وستين وأربع مئة.
وقال ابن عساكر: أصله من حران، وله سماع من الفقيه نصر،
وكان
__________
= مطبوع في مطبعة السعادة بمصر سنة 1325 ه.
ونشر كل قسم محققا على حدة في مجلة " المورد " العراقية،
ثم نشرته مؤسسة الرسالة سنة 1403 بتحقيق محمد علي شوابكة
وانظر النسخ الخطية لبقية مصنفاته في " تاريخ " بروكلمان 6
/ 108.
(1) وذكر ابن الابار أنه توفي سنة 528 ه، قال: وقيل: سنة
تسع وعشرين.
(*) الانساب 8 / 105 (الصوري)، النجوم الزاهرة 5 / 273.
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر 144 / 2.
(*)
(20/108)
من أعيان البلد، ذا حظ من صلاة وصيام ووقار، حكى لي عتيقه
نوشتكين أنه سمعه في مرضه يقول: تلوت أربعة آلاف ختمة.
توفي في ربيع الاول سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.
67 - وجيه بن طاهر * ابن محمد
بن محمد بن أحمد، الشيخ العالم العدل، مسند خراسان،
أبو بكر، أخو زاهر (1)، الشحامي النيسابوري، من بيت
العدالة والرواية.
ولد سنة خمس وخمسين وأربع مئة.
ورحل في الحديث.
سمع أبا القاسم القشيري، وأبا حامد الازهري، وأبا المظفر
محمد بن إسماعيل الشجاعي، وأبا نصر عبدالرحمن بن محمد
التاجر، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، وأبا صالح المؤذن، وعلي
بن يوسف الجويني، وشبيب ابن أحمد البستيغي، وأبا سهل
الحفصي، وعمر وعائشة ولدي أبي عمر البسطامي، ومحمد بن يحيى
المزكي، وأبا الحسن الواحدي، ومحمد بن عبيد الله الصرام،
وعدة بنيسابور، وبيبى الهرثمية، وأبا عطاء عبدالرحمن ابن
محمد الجوهري، ونجيب بن ميمون، وأبا إسماعيل الانصاري،
وطائفة بهراة، وإسماعيل بن مسعدة الاسماعيلي بجرجان، وأبا
نصر محمد بن محمد الزينبي، وعاصم بن الحسن ببغداد، وأبا
نصر محمد بن ودعان بالمدينة.
__________
(*) المنتظم 10 / 124، تكملة الاكمال: الورقة 249 / 2، دول
الاسلام 2 / 58، العبر 4 / 113، البداية والنهاية 12 /
222، النجوم الزاهرة 5 / 280، شذرات الذهب 4 / 130.
(1) الذي تقدمت ترجمته برقم (5).
(*)
(20/109)
حدث عنه: ابن عساكر، والسمعاني، ومحمد بن أحمد الطبسي،
ومحمد بن فضل الله السالاري، ومنصور الفراوي، وعبد الواحد
بن علي بن حمويه، ومجد الدين سعيد بن عبد الله بن القاسم
الشهرزوري، والمؤيد ابن محمد الطوسي، وزينب الشعرية،
والقاسم بن عبد الله الصفار، وإسماعيل بن عثمان القارئ،
وخلق.
قال السمعاني: كتبت عنه الكثير، وكان يملي في الجامع
الجديد بنيسابور كل جمعة مكان أخيه، وكان كخير الرجال،
متواضعا، متوددا، ألوفا، دائم الذكر، كثير التلاوة، وصولا
للرحم، تفرد في عصره بأشياء،
ومن مسموعه كتاب " الزهريات " من ابن أبي حامد الازهري،
أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الله بن حمدون، أخبرنا أبو
حامد ابن الشرقي، حدثنا الذهلي المصنف، و " رسالة "
القشيري سمعها من المؤلف.
مرض أسبوعا، وتوفي في ثامن عشر جمادى الآخرة سنة إحدى
وأربعين وخمس مئة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا أبو القاسم بن عبد الله،
أخبرنا وجيه ابن طاهر، أخبرنا أبو القاسم القشيري، أخبرنا
أبو الحسين الخفاف، حدثنا أبو العباس السراج، حدثنا قتيبة،
حدثنا بكر، عن جعفر، عن ربيعة، عن الاعرج، عن عبد الله بن
مالك بن بحينة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان إذا صلى (1) فرج بين يديه حتى يرى بياض إبطيه.
أخرجه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن قتيبة (2).
__________
(1) في المخطوط صلى، وفي الهامش سجد، وهي إحدى الروايات في
مسلم.
(2) أخرجه البخاري (390) و (391) و (807) و (3564) ومسلم
(495) والنسائي 2 / 212، وأحمد 5 / 345.
(*)
(20/110)
وبه: حدثنا قتيبة، حدثنا بكر بن مضر، عن ابن الهاد، عن
محمد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد، عن العباس بن عبدالمطلب
أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا سجد
العبد، سجد معه سبعة آراب: وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه ".
أخرجه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي عن قتيبة (1)،
فوافقناهم بعلو.
68 - ابن العريف * أحمد بن
محمد بن موسى بن عطاء الله، الامام الزاهد العارف،
أبو العباس ابن العريف الصنهاجي الاندلسي المريي المقرئ،
صاحب المقامات والاشارات.
صحب أبا علي بن سكرة الصدفي، وأبا الحسن البرجي (2)، ومحمد
بن الحسن اللمغاني، وأبا الحسن بن شفيع المقرئ، وخلف بن
محمد العريبي (3)،
__________
(1) أخرجه أحمد 1 / 306 و 308، ومسلم (231) والترمذي (272)
والنسائي 2 / 208.
(*) الصلة 1 / 81، بغية الملتمس: 166، معجم ابن الابار: 15
- 19، المطرب: 90، المغرب 2 / 211، وفيات الاعيان 1 / 168
- 170، العبر 4 / 98، 99، الوافي بالوفيات 8 / 133 - 135،
أعمال الاعلام 248، النجوم الزاهرة 5 / 270، نيل الابتهاج:
58، نفح الطيب 3 / 229، 230، شذرات الذهب 4 / 112.
(2) بفتح الباء الموحدة وسكون الراء المهملة بعدها جيم،
نسبة إلى برجة، وهي بلد من أعمال المرية، وأبو الحسن هذا
هو علي بن محمد بن عبد الله الجذامي، متوفى بعد سنة 506،
مترجم في " معجم البلدان " 1 / 374 و " الاستدراك " لابن
نقطة باب البرجي والبرجي، وقد تحرفت نسبته في " معجم " ابن
الابار ص 16 إلى " البرجني ".
(3) كذا ضبط في الاصل مصغرا، وسيذكره المؤلف نقلا عن ابن
شكوال: " العربي "، وقد ترجمه في " الصلة " 1 / 175، وقال:
يعرف بابن العربي.
(*)
(20/111)
وعبد القادر بن محمد الصدفي، وأبا خالد المعتصم (1)، وأبا
بكر بن الفصيح.
واختص بصحبة أبي بكر عبدا لباقي بن محمد بن بريال (2)،
ومحمد ابن يحيى بن الفراء، وبأبي عمر أحمد بن مروان بن
اليمنالش الزاهد.
قاله
ابن مسدي.
وقال ابن بشكوال (3): روى عن أبي خالد يزيد مولى المعتصم،
وأبي بكر عمر بن رزق، وعبد القادر بن محمد القروي، وخلف بن
محمد [ بن ] العربي (4)، وسمع من جماعة من شيوخنا، وكانت
عنده مشاركة في أشياء من العلم، وعناية بالقراءات وجمع
الروايات، واهتمام بطرقها وحملتها، وقد استجاز مني تأليفي
هذا، وكتبه عني، واستجزته أنا أيضا فيما عنده، ولم ألقه،
وكاتبني مرات، وكان متناهيا في الفضل والدين، منقطعا إلى
الخير، وكان العباد والزهاد يقصدونه، ويألفونه، ويحمدون
صحبته، وسعي به إلى السلطان، فأمر بإشخاصه إلى حصرته
بمراكش، فوصلها، وتوفي بها.
قلت في " تاريخي ": إن مولد ابن العريف في سنة ثمان وخمسين
وأربع مئة، ولا يصح.
وكان الناس قد ازدحموا عليه يسمعون كلامه ومواعظه، فخاف
ابن
__________
(1) سيورد المؤلف اسمه نقلا عن ابن بشكوال: أبا خالد يزيد
مولى المعتصم.
(2) بموحدة مضمومة وياء، كما في " تبصير المنتبه " 1 /
219.
(3) في " الصلة " 1 / 81.
(4) لفظ " بن " زيادة من " الصلة ".
(*)
(20/112)
تاشفين (1) سلطان الوقت من ظهوره، وظن أنه من أنموذج ابن
تومرت، فيقال: إنه قتله سرا، فسقاه، والله أعلم.
وقد قرأ بالروايات على اثنين من بقايا أصحاب أبي عمرو
الداني، ولبس الخرقة (2) من أبي بكر عبدا لباقي المذكور
آخر أصحاب أبي عمر
الطلمنكي وفاة.
قال ابن مسدي: ابن العريف ممن ضرب عليه الكمال رواق
التعريف، فأشرقت بأضرابه البلاد، وشرقت به جماعة الحساد،
حتى لسعوا به إلى سلطان عصره، وخوفوه من عاقبة أمره،
لاشتمال القلوب عليه، وانضواء الغرباء إليه، فغرب إلى
مراكش، فيقال: إنه سم: وتوفي شهيدا، وكان لما احتمل إلى
مراكش، استوحش، فغرق في البحر جميع مؤلفاته، وكان لما
احتمل إلا ما كتب منها عنه.
روى عنه أبو بكر بن الرزق الحافظ، وأبو محمد بن ذي النون،
وأبو العباس الاندرشي (3)، ولبس منه الخرقة، وصحب جدي
الزاهد موسى بن مسدي، ولعله آخر من بقي من أصحابه ثم قال:
مولد ابن العريف في جمادى الاولى سنة إحدى وثمانين وأربع
مئة.
__________
(1) يقصد علي بن يوسف بن تاشفين، سترد ترجمته برقم (75).
(2) قال القاشاني وهو من صوفية القرن الثامن الهجري في
كتابه " اصطلاحات الصوفية " ص 159، 160: خرقة التصوف: هي
ما يلبسه المريد من يد شيخه الذي يدخل في إرادته، ويتوب
على يده، لامور، منها التزيي بزي المراد ليتلبس باطنه
بصفاته، كما تلبس ظاهره بلباسه، وهو لباس التقوى ظاهرا
وباطنا..ومنها وصول بركة الشيخ الذي لبسه من يده المباركة
إليه..الخ.
وانظر " المقاصد الحسنة " ص 331 للسخاوي.
(3) نسبة إلى حصن أندرش من المرية، وكان قد سكنه، كما ذكر
ابن حجر في ترجمته في " لسان الميزان " 1 / 259، 260.
(*)
(20/113)
قلت: هذا القول أشبه بالصحة مما تقدم، فإن شيوخه عامتهم
كانوا بعد الخمس مئة، فلقيهم وعمره عشرون سنة.
ثم قال: وأقدم شيوخه سنا وإسنادا عبدا لباقي بن محمد
الحجاري (1) الزاهد، وكان عبدا لباقي قد حمله أبوه وهو ابن
عشر سنين إلى أبي عمر الطلمنكي، فقرأ عليه القرآن، وقذ
ذكرناه في سنة اثنتين وخمس مئة، وأنه عاش ثمانيا وثمانين
سنة.
قال: وتوفي أبو العباس بن العريف بمراكش ليلة الجمعة
الثالث والعشرين من رمضان سنة ست وثلاثين وخمس مئة.
وأما ابن بشكوال، فقال (2): في صفر، بدل رمضان، فالله
أعلم.
ثم قال ابن بشكوال: واحتفل الناس بجنازته، وندم السلطان
على ما كان منه في جانبه، فظهرت له كرامات، رحمه الله (3).
69 - الحلواني * الامام
المحدث، أبو المعالي، عبد الله بن أحمد بن محمد بن
__________
(1) نسبة إلى وادي الحجارة: بلد بالاندلس.
انظر " الانساب " 4 / 61، و " معجم البلدان " 5 / 343
وفيهما ترجمته.
(2) في " الصلة " 1 / 81.
(3) وانظر بعض شعره في " معجم " ابن الابار 18، 19، و "
وفيات الاعيان " 1 / 169، و " بغية الملتمس " 166.
(*) الانساب 4 / 194، 195، المنتظم 10 / 113، الكامل 11 /
103، اللباب 1 / 381، القاموس المحيط: (حلو)، تبصير
المنتبه 2 / 511، شذرات الذهب 4 / 122، تاج العروس 10 /
96، والحلواني: ضبطت في الاصل بضم الحاء وبنون قبل الياء،
وأما في " الانساب " فهي الحلوائي، بفتح الحاء وبهمزة
آخره، نسبة إلى بيع الحلوى وعملها، وكذا ضبطها ابن الاثير
وابن حجر لكن بنون آخره.
وذكر صاحب " القاموس " وابن حجر أنه يقال بالهمز وبالنون.
(*)
(20/114)
حمدويه الحلواني المروزي البزاز.
فقيه عالم عامل مؤثر، كبير القدر، كثير المال.
ولد سنة إحدى وستين وأربع مئة.
وارتحل، وسمع من أبي بكر بن خلف الشيرازي ونحوه بنيسابور،
ومن ثابت بن بندار وطبقته ببغداد، ومن أصحاب أبي نعيم
بأصبهان.
وسكن غزنة مدة، واشترى كتبا كثيرة وقفها، وأنشأ رباطا
للمحدثين بمرو.
أخذ عنه: السمعاني، وابن عساكر، وطائفة.
توفي في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وخمس مئة.
70 - ابن المهتدي بالله *
الخطيب، شيخ القراء، أبو الفضل، محمد بن عبد الله
بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن الخليفة
المهتدي بالله (1) محمد بن الواثق هارون، الهاشمي العباسي
الرشيدي البغدادي.
مولده سنة تسع وأربعين وأربع مئة.
وسمع من عبد الصمد بن المأمون، وأبي الحسين بن المهتدى
بالله، لكن احترق سماعه منهما، ويجتمع هو وأبو الحسين (2)
جدهما في عبد الصمد.
__________
(*) معرفة القراء الكبار 1 / 395، المستفاد من ذيل تاريخ
بغداد: 15، 16، غاية النهاية 2 / 176، النجوم الزاهرة 5 /
273.
(1) مرت ترجمة المهتدي بالله في الجزء الثاني عشر برقم
(209).
(2) مرت ترجمة أبي الحسين ابن المهتدي بالله في الجزء
الثامن عشر برقم (117).
(*)
(20/115)
وأما عم صاحب الترجمة، فهو القاضي أبو الحسن محمد (1) بن
أحمد ابن محمد، شيخ جليل، يروي عن أبي الحسن بن رزقويه.
نعم، وروى صاحب الترجمة عن أبي الحسين بن النقور، وأبي
القاسم بن البسري (2)، وجماعة.
وتلا بروايات على تلميذ الحمامي أبي الخطاب أحمد بن علي
الصوفي.
روى عنه: أبو اليمن الكندي، وتلا عليه بخمس روايات، وروى
عنه أيضا عمر بن طبرزد.
وكان خطيبا بجامع القصر، ثقة صالحا، سرد الصوم أزيد من
خمسين سنة.
توفي في جمادى الاولى سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.
71 - البطروجي * الشيخ الامام
العالم، الفقيه، الحافظ الكبير، أبو جعفر، أحمد بن
عبدالرحمن بن محمد بن عبد الباري، الاندلسي
البطروجي - ويقال: البطروشي - القرطبي.
__________
(1) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (115).
(2) تصحف في " معرفة القراء " 1 / 395 و " غاية النهاية "
2 / 176 إلى ابن البشرى.
(*) الصلة 1 / 82، معجم البلدان 1 / 447 (بطروش)، تذكرة
الحفاظ 4 / 1293، 1294، العبر 4 / 114، الوافي بالوفيات 7
/ 38، 39، مرآة الجنان 3 / 275، شذرات الذهب 4 / 130.
والبطروجي أو البطروشي، بالكسر ثم السكون وفتح الراء وسكون
الواو وشين معجمة نسبة إلى بطروش: بلدة بالاندلس، وهي
مدينة فحص البلوط فيما حكاه عنهم السلفي.
انظر
ياقوت.
(*)
(20/116)
روى عن: محمد بن الفرج الطلاعي فأكثر، وأبي علي الغساني،
وأبي الحسن العبسي (1)، وخازم بن محمد، وخلف بن مدير، وخلف
بن النخاس الخطيب.
وتلا على عيسى بن خيرة.
وتفقه على عبد الصمد بن أبي الفتح، وأبي الوليد بن رشد،
وعرض " المستخرجة " (2) على أصبغ بن محمد (3).
وأجاز له أبو المطرف الشعبي، وأبو داود بن نجاح، وطائفة.
وكان علامة في مذهب مالك، محدثا حافظا، ناقدا مجودا،
مستحضرا كثير التصانيف، متبحرا في العلم، لكنه قليل
العربية، رث الهيئة، فيه خفة، رحمه الله.
حدث عنه: أبو القاسم بن بشكوال - وقال (4): كان من أهل
الحفظ للفقه والحديث والرجال والتواريخ، مقدما في ذلك على
أهل عصره - ومحمد بن إبراهيم بن الفخار، ويحيى بن محمد
الفهري، ومحمد بن عبد العزيز الشقوري (5)، وأبو محمد بن
عبيد الله الحجري، وخلق كثير.
__________
(1) تصحف في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1293 إلى " القيسي ".
(2) هي " المستخرجة من الاسمعة المسموعة غالبا من الامام
مالك بن أنس مما ليس في المدونة " في الفقه المالكي، تأليف
أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد العزيز العتبي، المتوفى
سنة 255 ه، وتعرف أيضا بالعتبية، أكثر فيها من الروايات
المطروحة والمسائل الشاذة.
وقد مرت ترجمة العتبي في الجزء الثاني عشر برقم (132).
وانظر ذكر " المستخرجة " في " ترتيب المدارك " 3 / 145،
146.
(3) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (197).
(4) في " الصلة " 1 / 82.
(5) نسبة إلى شقورة: ناحية بقرطبة.
" الانساب " 7 / 366، 367.
(*)
(20/117)
مات لثلاث بقين من المحرم سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة.
72 - المصيصي * الشيخ الامام المفتي الاصولي، شيخ دمشق،
أبو الفتح، نصر الله ابن محمد بن عبد القوي، المصيصي، ثم
اللاذقي، ثم الدمشقي، الشافعي، الاشعري نسبا ومذهبا، كذا
قال الحافظ أبو القاسم (1).
وقال: نشأ بصور، وسمع بها من الحافظ أبي بكر الخطيب، وعمر
بن أحمد الآمدي، وعبد الرحمن بن محمد الابهري، والفقيه
نصر، وتفقه عليه، وسمع ببغداد من عاصم بن الحسن، ورزق الله
التميمي، وبأصبهان من أبي منصور محمد بن علي بن شكرويه،
والوزير نظام الملك، وبالانبار من خطيبها أبي الحسن بن
الاخضر، وبدمشق من أبي القاسم بن أبي العلاء، وأخذ علم
الكلام عن أبي بكر محمد بن عتيق القيرواني..إلى أن قال:
وكان متصلبا في السنة، حسن الصلاة، متجنبا أبواب السلاطين،
وكان مدرس الزاوية الغربية - يعني الغزالية (2) - بعد شيخه
الفقيه نصر، وقد وقف وقوفا في البر.
ولد باللاذقية سنة ثمان وأربعين وأربع مئة.
__________
(*) تاريخ ابن القلانسي: 460، الانساب: (المصيصي) و
(اللاذقي)، تبيين كذب المفتري: 330، المنتظم 10 / 129،
معجم البلدان 5 / 6، اللباب 3 / 221 و 398، دول الاسلام 2
/ 58، تذكرة الحفاظ 4 / 1294، العبر 4 / 116، طبقات السبكي
7 / 320، 321، طبقات
الاسنوي 2 / 431، 432، البداية 12 / 223، الدارس 1 / 102،
شذرات الذهب 4 / 131، والمصيصة: مدينة على شاطئ جيحان من
ثغور الشام بين أنطاكية وبلاد الروم تقارب طرسوس.
" معجم البلدان 522 / 145.
(1) في " تبيين كذب المفتري " ص 330.
(2) بالجامع الاموي شمالي مشهد عثمان.
وسميت الزاوية الغزالية لان الامام أبا حامد الغزالي درس
فيها.
انظر " مختصر تنبيه الطالب " 64، 65.
(*)
(20/118)
وقال السمعاني: إمام مفت، فقيه أصولي، متكلم، دين خير،
كتبت عنه.
قلت: حدث عنه أيضا القاسم بن عساكر، ومكي بن علي، وجابر بن
محمد بن اللحية، وعسكر بن خليفة الحمويان، ويوسف بن مكي،
والخضر بن كامل، وأحمد بن محمد بن سيدهم، وزينب بنت
إبراهيم القيسي، وابن الحرستاني، وهبة الله بن طاووس، وأبو
المحاسن بن أبي لقمة.
مات في ربيع الاول سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة.
وسماعه من الخطيب في سنة ست وخمسين.
انتهى إليه علو الاسناد بدمشق.
73 - أبو سعد * الشيخ الامام،
الحافظ الثقة، المسند، محدث أصبهان، أبو سعد (1)، أحمد بن
محمد بن أحمد (2) بن الحسن بن علي بن أحمد بن
سليمان، البغدادي الاصل، الاصبهاني.
ولد بأصبهان في صفر سنة ثلاث وستين وأربع مئة.
وكان أصغر من أخته فاطمة (3) بنت البغدادي ببضع عشرة سنة.
__________
(*) المنتظم 10 / 116، 117، الكامل 11 / 107، دول الاسلام
2 / 57، تذكرة الحفاظ 4 / 1284 - 1286، العبر 4 / 110،
الوافي بالوفيات 7 / 325، البداية 12 / 220، النجوم
الزاهرة 5 / 278، شذرات الذهب 4 / 125.
(1) كنيته في " الكامل " و " النجوم الزاهرة ": أبو سعيد.
(2) لم يرد اسم أحمد في: " المنتظم "، " الكامل "، " تذكرة
الحفاظ "، " البداية والنهاية ".
(3) سترد ترجمتها برقم (88).
(*)
(20/119)
سمع أباه أبا الفضل، وأبا القاسم بن مندة، وأخاه عبد
الوهاب، وعبد الجبار بن برزة (1) الواعظ، وحمد بن ولكيز،
وأبا إسحاق الطيان، وابن ماجة الابهري، ومحمد بن عمر بن
سسويه (2)، ومحمد بن بديع الحاجب، وأبا منصور بن شكرويه،
وسليمان بن إبراهيم، وعدة.
وارتحل إلى بغداد، وله ست عشرة سنة وقد تنبه، فصادف أبا
نصر الزينبي قد مات (3)، فصاح، وتلهف، وسمع من عاصم بن
الحسن، ومالك البانياسي، وأبي الغنائم بن أبي عثمان، ورزق
الله، وعدة.
وقد حدثه محمود بن جعفر الكوسج، عن جد أبيه الحسن بن علي
البغدادي - وهم بيت رواية وحديث -.
روى عنه: ابن ناصر، وابن عساكر، والسمعاني، وأبو موسى
المديني، وابن الجوزي، وابن طبرزد، ومحمد بن علي القبيطي،
وخلق من البغاددة والاصبهانيين، خاتمتهم محمد بن محمد بن
بدر الراراني (4).
قال السمعاني: ثقة حافط، دين خير، حسن السيرة، صحيح
العقيدة، على طريقة السلف الصالح، تارك للتكلف، كان يخرج
إلى
السوق وعلى رأسه طاقية، وكان يصوم في طريق الحجاز (5).
__________
(1) بضم الباء الموحدة وسكون الراء وفتح الزاي بعدها تاء
مربوطة، كما في " تبصير المنتبه " 1 / 74، وقد تحرف في "
الوافي " 7 / 325 إلى " يزدة ".
(2) بمهملتين، الاولى مضمومة، والثانية مشددة.
انظر " تبصير المنتبه " 2 / 681.
(3) وذلك سنة 479 ه، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم
(228).
(4) براءين، نسبة إلى راران: من قرى أصبهان، وقد تحرفت في
" تذكرة الحفاظ " 4 / 1284 إلى (الراذاني) بذال بدل الراء
الثانية.
انظر " توضيح المشتبه ": الراراني.
(5) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1285.
(*)
(20/120)
وقال في " التحبير " (1): كان حافظا كبيرا، تام المعرفة،
يحفظ جميع " صحيح " مسلم، وكان يملي من حفظه، قدم مرة من
حجه، فاستقبله الخلق وهو على فرس يسير بسيرهم، فلما قرب من
أصبهان، ركض فرسه، وترك الناس، وقال: أردت السنة: إن النبي
صلى الله عليه وسلم كان يوضع راحلته إذا رأى جدر المدينة
(2).
وكان حلو الشمائل، استمليت عليه بمكة والمدينة، وكتب عني،
قال لي مرة: أوقفتك.
واعتذر، فقلت: يا سيدي، الوقوف على باب المحدث عز.
فقال: لك بهذه الكلمة إسناد (3) ؟ قلت: لا.
قال: أنت إسنادها (3).
وسمعت إسماعيل بن محمد الحافظ يقول: رحل أبو سعد إلى أبي
نصر الزينبي، فدخل بغداد وقد مات، فجعل أبو سعد يلطم على
رأسه، ويبكي، ويقول: من أين أجد علي بن الجعد، عن شعبة (4)
؟ ! وقال عبد الله بن مرزوق الحافظ: أبو سعد بن البغدادي
شعلة نار.
قال السمعاني: وسمعت معمر بن الفاخر يقول: أبو سعد يحفظ
__________
(1) عزا المؤلف هنا قول السمعاني إلى " التحبير "، وعزاه
في " تذكرة الحفاظ " إلى " معجمه " وهو الصواب، إذ لم يرد
في المطبوع من " التحبير " بتحقيق منيرة ناجي سالم تراجم
لمن اسمه أحمد.
(2) أخرجه من حديث أنس بن مالك البخاري (1802) و (1886)
وأحمد 3 / 159 أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من
سفر، فنظر إلى جدرات المدينة أوضع راحلته، وإن كان على
دابة حركها من حبها.
وقوله: يوضع هو، من أوضع البعير راكبه: إذا حمله على سرعة
السير، وفي صحيح البخاري 3 / 417 من حديث ابن عباس أنه دفع
مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة، فسمع النبي صلى
الله عليه وسلم وراءه زجرا شديدا وضربا للابل، فأشار بسوطه
إليهم، وقال: أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البرليس
بالايضاع ".
(3) في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1285: أستاذ..أستاذها، وقد
أشير في الحاشية أنه في نسخة أخرى كما هنا.
(4) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1284.
(*)
(20/121)
" صحيح مسلم "، وكان يتكلم على الاحاديث بكلام مليح (1).
وقال ابن النجار: هو إمام في الزهد والحديث، واعظ، كتب عنه
شجاع الذهلي، وابن ناصر، كان إذا أكل اغرورقت عيناه،
ويقول: كان داود عليه السلام إذا أراد أن يأكل بكى (2).
قال أبو الفتح محمد بن علي النطنزي (3): كنت ببغداد،
فاقترض مني أبو سعد بن البغدادي عشرة دنانير، فاتفق أني
دخلت على السلطان مسعود ابن محمد، فذكرت له ذلك، فبعث معي
إليه خمس مئة دينار، فأبى أن يأخذها (4).
قال ابن الجوزي (5): حج أبو سعد إحدى عشرة حجة، وتردد
مرارا،
وسمعت منه الكثير، ورأيت أخلاقه اللطيفة، ومحاسنه الجميلة،
مات بنهاوند راجعا من الحج في ربيع الاول سنة أربعين وخمس
مئة، وحمل إلى أصبهان، فدفن بها.
وقال عبدالرحيم الحاجي: مات في ربيع الآخر منها.
ومات ابنه أبو سعيد عبد اللطيف بن البغدادي بأصبهان سنة
ثمان وخمسين وخمس مئة.
يروي عن أبي مطيع، وأبي الفتح الحداد، وطائفة.
أنبأنا بكتاب " معرفة الصحابة " لابي عبد الله بن مندة
جمال الدين
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1285.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1285.
(3) بفتح النون والطاء المهملة وسكون النون وفي آخرها زاي،
نسبة إلى نظنز: بليدة بنواحي أصبهان.
" اللباب " 3 / 316.
(4) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1285.
(5) في " المنتظم " 10 / 117.
(*)
(20/122)
يحيى بن الصيرفي قال: أخبرنا به محمد بن علي القبيطي قراءة
عليه، أخبرنا أبو سعد الحافظ، أخبرنا به غير واحد ملفقا،
قالوا: أخبرنا المؤلف رحمه الله.
74 - ابن مغيث * الامام
العلامة الحافظ، المفتي الكبير، أبو الحسن، يونس بن محمد
ابن مغيث بن محمد بن الامام المحدث يونس بن عبد الله بن
محمد بن مغيث، القرطبي المالكي.
مولده في رجب سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
وسمع بعد الستين من حاتم بن محمد، وأبي عمر بن الحذاء،
ومحمد بن محمد بن بشير، وأبي مروان بن سراج، وأبي عبد الله
بن منظور، ومحمد بن سعدون القروي، وأبي جعفر بن رزق، ومحمد
بن الفرج، وأبي علي الغساني الحافظ.
قال ابن بشكوال (1): كان عارفا باللغة والاعراب، ذاكرا
للغريب والانساب، وافر الادب، قديم الطلب، نبيه البيت
والحسب، جامعا للكتب، راوية للاخبار، أنيس المجالسة،
فصيحا، مشاورا، بصيرا بالرجال وأزمانهم وثقاتهم، عارفا
بعلماء الاندلس وملوكها، أخذ الناس عنه كثيرا، قرأت عليه،
وأجاز لي، توفي في جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين وخمس
مئة، وصلى عليه ولده أبو الوليد.
__________
(*) الصلة 2 / 688، تذكرة الحفاظ 4 / 1277، العبر 4 / 90،
شذرات الذهب 4 / 101، 102.
(1) في " الصلة " 2 / 688.
(*)
(20/123)
قلت: وحدث عنه أيضا: محمد بن عبد الله بن مفرج القنطري
الحافظ، ومحمد بن عبدالرحمن بن عبادة الجياني، ومحمد بن
عبدالرحيم ابن الفرس، وأبو محمد عبيدالله، وعبد الله بن
طلحة المحاربي، وأبو القاسم بن حبيش، وعبد الرحمن بن محمد
بن الشراط، وآخرون.
وكان من جلة العلماء في عصره، رحمه الله.
75 - ابن تاشفين * السلطان،
صاحب المغرب، أمير المسلمين، أبو الحسن، علي بن
صاحب الغرب يوسف بن تاشفين، البربري، ملك المرابطين.
تولى بعد أبيه سنة خمس مئة (1).
وكان شجاعا مجاهدا، عادلا دينا، ورعا صالحا، معظما
للعلماء، مشاورا لهم، نفق في زمانه الفقه والكتب والفروع،
حتى تكاسلوا عن الحديث والآثار، وأهينت الفلسفة، ومج
الكلام، ومقت، واستحكم في ذهن علي أن الكلام بدعة ما عرفه
السلف، فأسرف في ذلك، وكتب يتهدد، ويأمر بإحراق الكتب،
وكتب يأمر بإحراق تواليف الشيخ أبي حامد، وتوعد بالقتل من
كتمها، واعتنى بعلم الرسائل والانشاء، وعمر (2).
__________
(*) المعجب: 252 - 261، وفيات الاعيان 5 / 49 (في ترجمة
ابن تومرت) و 7 / 123 و 125، 126، دول الاسلام 2 / 56،
العبر 4 / 102، الاحاطة 4 / 58، 59، الحلل الموشية 61 -
90، تاريخ ابن خلدون 6 / 188، 189، النجوم الزاهرة 5 /
272، جذوة الاقتباس: 291، نفح الطيب 4 / 377، شذرات الذهب
4 / 115، الاستقصا في أخبار المغرب الاقصى 2 / 61 - 69،
معجم الانساب والاسرات الحاكمة: 113.
(1) انظر " الكامل " 10 / 417.
(2) انظر " المعجب " ص 254، 255.
(*)
(20/124)
ولما التقى عسكره العدو، انهزموا (1)، واختلت الاندلس،
وظهر بها المنكر، وقتل خلق من المرابطين، وأخذ يتهاون،
ويقنع بالاسم، وأقبل على العبادة وأهمل الرعايا، وعجز، حتى
قيل: إنه رفع يديه، ودعا، فقال: اللهم قيض لهذا الامر من
يقوى عليه.
وابتلي بنواب ظلمة، ثم خرج عليه ابن تومرت، وحاربه عبد
المؤمن، وقوي عليه، وأخذ البلاد، وولت أيام الملثمة (2)،
فمات إلى رحمة الله في سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.
وعهد بالامر إلى ابنه يوسف، فقاوم عبدالمؤمن مديدة، ثم
انزوى إلى وهران، وتفرقت جموعه، فظفر به الموحدون، وهلك في
سنة أربعين وخمس مئة.
وعندي في موضع آخر أن الذي ولي بعد علي ولده تاشفين (3)،
فحارب الموحدين مديدة، ثم تحصن بوهران، وأنه هلك في رمضان
سنة تسع (4)، وصلبوه.
__________
(1) انظر " الكامل " 10 / 586.
(2) وهم المرابطون، وسموا الملثمين لانهم كانوا يتلثمون
ولا يكشفون وجوههم، وذلك سنة لهم يتوارثونها خلفا عن سلف،
ذلك أن أصل هؤلاء القوم من حمير بن سبأ، وكانت حمير تتلثم
لشدة الحر والبرد، وقيل: كان اللثام لاسباب أخرى.
انظر " وفيات الاعيان " 7 / 128، 129.
(3) وهو الذي ذكره المؤلف في " العبر " 4 / 102، وابن
خلكان في " وفيات الاعيان " 7 / 124، وابن الاثير في "
الكامل " 10 / 417 و 579، وابن العماد في " الشذرات " 4 /
115.
(4) وثلاثين.
انظر " الكامل " 10 / 579، 580 و 11 / 102، و " وفيات
الاعيان " 7 / 126، 127، وقد ذكر المؤلف في " دول الاسلام
" 2 / 56 أنه خرج منهزما، وأحاطوا به، فهمز فرسه، فاقتحم
به البحر، فغرق في سنة أربعين.
(*)
(20/125)
76 - النسفي * العلامة المحدث، أبو حفص، عمر بن محمد بن
أحمد بن لقمان، النسفي الحنفي،
من أهل سمرقند.
وهو مصنف تاريخها الملقب بالقند (1).
ونظم " الجامع الصغير " (2).
وكان صاحب فنون، ألف في الحديث، والتفسير، والشروط، وله
نحو من مئة مصنف (3).
__________
(*) التحبير 1 / 527 - 529، معجم الادباء 16 / 70، 71،
العبر 4 / 102، عيون التواريخ 12 / 375، مرآة الجنان 3 /
268، الجواهر المضية 1 / 394 - 395، لسان الميزان 4 / 327،
تاج التراجم: 34، 35، طبقات المفسرين للسيوطي: 27، طبقات
المفسرين للداوودي 2 / 5 - 7، مفتاح السعادة 1 / 127، 128،
طبقات المفسرين لطاش كبري: 92، كتائب أعلام الاخيار: رقم
(307)، الطبقات السنية: رقم (1646)، طبقات المفسرين للادنه
وي 41 / 2، كشف الظنون 1 / 247، 296، 415، 418، 519، 553،
564، 602، 668، 706، 756، و 2 / 1114، 1125، 1145، 1230،
1356، 1602، 1686، 1731، 1867، 1868، 1871، 1929، 2027،
2048، 2054، شذرات الذهب 4 / 115، الفوائد البهية: 149،
150 هدية العارفين 1 / 783، إيضاح المكنون 1 / 25، 117،
فهرس الفهارس 1 / 215، معجم المطبوعات: 1854.
(1) في الاصل: الفتد، وهو خطأ، والقند، معناه العسل.
انظر " مفتاح السعادة " 1 / 127، و " كشف الظنون " 2 /
1356.
(2) في الفروع للامام محمد بن الحسن الشيباني، وقد رتب
النسفي منظومته على عشرة أبواب بحسب الاختلاف والائتلاف
بين الائمة، وهم أبو حنيفة وصاحباه وزفر والشافعي ومالك
رضي الله عنهم.
انظر " لسان الميزان " 4 / 327.
(3) قال السمعاني: وأما مجموعاته في الحديث فطالعت منها
الكثير، وتصفحتها، فرأيت فيها من الخطأ وتغيير الاسماء،
وإسقاط بعضها شيئا كثيرا وأوهاما غير محصورة، ولكن كان
مرزوقا في الجمع والتصنيف.
انظر " التحبير " 1 / 528، وانظر بقية تصانيفه في " هدية
العارفين " 1 / 783، و " كشف الظنون " (راجع مصادر الترجمة
".
وقد طبع منها " طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية على
مذهب ألفاظ كتب الحنفية " في الآستانة 1311 ه، و " العقائد
النسفية " في مجموع من أمهات المتون في مصر.
(*)
(20/126)
حج، وسمع ببغداد من أبي القاسم بن بيان في الكهولة، فإنه
ولد نحو سنة إحدى وستين وأربع مئة.
وحدث عن: إسماعيل بن محمد النوحي (1)، والحسن بن عبدالملك
القاضي، ومهدي بن محمد العلوي، وعبد الله بن علي بن عيسى
النسفي، وأبي اليسر محمد بن محمد النسفي، وحسين الكاشغري،
وأبي محمد الحسن بن أحمد السمرقندي، وعلي بن الحسن
الماتريدي.
روى عنه: محمد بن إبراهيم التوربشتي، وولده أبو الليث أحمد
بن عمر، وغير واحد.
قال أبو سعد السمعاني (2): مات بسمرقند في ثاني عشر جمادى
الاولى سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.
77 - ملك الخطا * كوخان (3)،
طاغية الترك والخطا، من أبطال الملوك.
أقبل في ثلاث مئة ألف فارس فيما قيل، وكسر السلطان سنجر
السلجوقي، واستولى على بخارى وسمرقند في سنة ست، فما أمهله
الله،
__________
(1) نسبة إلى نوح أحد أجداده، وقد تحرفت في " لسان الميزان
" 4 / 327 إلى التنوخي.
(2) في " التحبير " 1 / 529.
(*) الكامل في التاريخ 11 / 81 و 82 و 85، 86، المختصر 3 /
15، 16، دول الاسلام 2 / 56، العبر 4 / 103، تتمة المختصر
2 / 69، تاريخ ابن خلدون 4 / 396، 397، النجوم الزاهرة 5 /
272 و 268، شذرات الذهب 4 / 115.
والخطا: اسم يطلق على بلاد الصين جميعها.
(3) قال ابن الاثير: " كو "، بلسان الصين: لقب لاعظم
ملوكهم.
و " خان ": لقب لملوك الترك.
فمعناه: أعظم الملوك.
" الكامل " 11 / 83.
(*)
(20/127)
وهلك في رجب سنة سبع وثلاثين وخمس مئة (1).
وكان سائسا، محبا للعدل، داهية.
وحكمت الخطا على بلاد ما وراء النهر إلى أن تملك علاء
الدين خوارزمشاه، فاسترد ذلك (2).
78 - ابن ماشاذه * العلامة
الكبير، المفتي، أبو منصور، محمود بن أحمد بن عبد
المنعم بن أحمد بن ماشاذه، الاصبهاني الشافعي (3).
تفقه على أبي بكر محمد بن ثابت الخجندي، وعبد الوهاب بن
محمد الفامي.
وسمع من شجاع بن علي المصقلي، وأخيه أحمد، وأبي طاهر أحمد
بن محمد بن عمر النقاش، وأبي سهل حمد بن ولكيز، ومحمد بن
بديع الحاجب، وعبد الجبار بن عبد الله بن برزة الجوهري،
وعائشة الوركانية.
وأملى عدة مجالس، وكان إماما في التفسير والمذهب والخلاف
والوعظ.
__________
(1) انظر " الكامل " 11 / 83 - 86، و " تاريخ " ابن خلدون
4 / 396، 397.
(2) سنة اثنتي عشرة وست مئة.
انظر " الكامل " 12 / 309 - 312.
(*) الانساب 3 / 341 (الجوباري)، التحبير 2 / 271، 272،
تبيين كذب المفتري: 327، المنتظم 10 / 101، معجم البلدان 2
/ 176، اللباب 1 / 302، طبقات السبكي
7 / 285، طبقات المفسرين للسيوطي: 40، طبقات المفسرين
للداوودي، 2 / 308، 309.
و " ماشاذه " تصحف في " المنتظم " إلى: ماسادة " بمهملتين،
وورد في " التحبير " و " طبقات " السكي: " ما شادة " بدال
مهملة.
(3) أورده السمعاني في نسبة الجورباري، وهي نسبة إلى
جوربارة: محلة معروفة بأصبهان.
(*)
(20/128)
عظمه ابن النجار.
وروى عنه: السمعاني، وابن عساكر.
وصنف كتابا في آداب الدين، ومناقب الدولة العباسية، ثم
عرضه على المسترشد بالله، فقبله، وشرفه.
قال ابن عساكر (1): شيخنا أبو منصور من أعيان العلماء،
ومشاهير الفضلاء الفهماء، قدم بغداد حاجا سنة أربع وعشرين،
فلم يبق بها من المذكورين أحد إلا تلقاه، وسروا بقدومه،
وعقد المجلس في جامع القصر..إلى أن قال: وعانيت علو (2)
مرتبته في بلده، وحشمته في نفسه وولده.
وقال السمعاني (3): ارتفع أمره حتى صار أوحد وقته،
والمرجوع إليه، وجئ بالسكين نوبا عدة، وحماه الله، وكان
كثير الصلاة والذكر بالليل، ولد سنة ثمان وخمسين وأربع
مئة.
قلت: توفي فجأة ليلة الجمعة ثاني عشر ربيع الآخر سنة ست
وثلاثين وخمس مئة.
79 - سبطا الخياط * الشيخ
الامام المسند المقرئ الصالح، بقية السلف، أبو عبد الله،
الحسين بن علي بن أحمد بن عبد الله البغدادي.
__________
(1) في " تبيين كذب المفتري ": 327.
(2) في الاصل: علوم، والتصويب من المصدر المذكور.
(3) في " التحبير " 2 / 272 بنحوه.
(*) الانساب 5 / 225 (الخياط)، المنتظم 10 / 104، العبر 4
/ 101، 102، غاية النهاية 1 / 246، النجوم الزاهرة 5 /
273، شذرات الذهب 4 / 114، 115.
(*)
(20/129)
كان أسن من أخيه.
ولد سنة ثمان وخمسين وأربع مئة.
سمع الكثير بإفادة ابن الخاضبة (1).
سمع أبا محمد الصريفيني، وعبد الصمد بن المأمون، وأبا
الحسين ابن النقور، وأبا منصور العكبري النديم، ومن بعدهم.
حدث عنه: ابن عساكر، والسمعاني، وابن الجوزي، وأبو اليمن
الكندي، وجماعة.
قال السمعاني: صالح، حسن الاقراء، دين، يأكل من كد يده،
سمع الكثير بإفادة ابن الخاضبة في مجلس عفيف القائمي (2).
وقال أبو الفرج بن الجوزي (3): قرأت عليه القرآن، مات في
ذي الحجة سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.
80 - أخوه * الشيخ الامام
العلامة، مقرئ العراق، شيخ النحاة، أبو محمد
__________
(1) هو أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدا لباقي، المتوفى سنة
489، مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (61).
(2) هذه النسبة إلى القائم بأمر الله أمير المؤمنين، وكان
له جماعة من الخدم سمعوا
الحديث، وانتسبوا إليه، منهم عفيف هذا، انظر ترجمته في "
الانساب " 10 / 36.
(3) في " المنتظم " 10 / 104.
(*) الانساب 5 / 225، نزهة الالبا: 402، 403، خريدة القصر
1 / 83، 84، مناقب الامام أحمد: 530، المنتظم 10 / 122،
الكامل في التاريخ 11 / 118، إنباه الرواة 2 / 122، 123،
مرآة الزمان 8 / 117، العبر 4 / 113، دول الاسلام 2 / 57،
معرفة القراء الكبار 2 / 403 - 406، تلخيص ابن مكتوم: 94،
مرآة الجنان 6 / 86، البداية والنهاية 12 / 222، ذيل طبقات
الحنابلة 1 / 209 - 212، غاية النهاية 1 / 434، 435، النشر
= (*)
(20/130)
عبد الله بن علي بن أحمد، سبط الامام الزاهد العابد أبي
منصور (1) الخياط، وإمام مسجد ابن جردة.
ولد سنة أربع وستين في شعبان.
وتلقن القرآن من أبي الحسن بن الفاعوس.
وسمع من أبي الحسين بن النقور، وأبي منصور محمد بن محمد
العكبري، ورزق الله التميمي، وطراد الزينبي، ونصر بن
البطر، وعدة.
وتلا بالروايات على جده أبي منصور الخياط، وأبي الخطاب بن
الجراح، وثابت بن بندار، والشريف عبدالقاهر بن عبد السلام،
وأبي طاهر ابن سوار، ومحمد بن عبد الله الوكيل، والمعمر
يحيى بن أحمد السيبي (2) صاحب الحمامي، وأبي النرسي، وأبي
العز القلانسي.
وتصدر للاقراء، وصنف الكتب الشهيرة " كالمبهج " (3) و "
الايجاز " (4) و " الكفاية " (5)، وأم بمسجد ابن جردة بضعا
وخمسين
__________
= 1 / 83، 84، طبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة: 337
- 339، كشف الظنون: 52، 206، 338، 1344، 1499، 1582، شذرات
الذهب 4 / 128 - 130، هدية
العارفين 1 / 455، 456.
(1) محمد بن أحمد بن علي البغدادي الزاهد المقرئ، المتوفى
سنة 499 ه، مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (137).
(2) نسبة إلى سيب، قال السمعاني: وظني أنها قرية بنواحي
قصر ابن هبيرة.
وقد تصحفت هذه النسبة في " معرفة القراء الكبار " 2 / 407
إلى " السبتي " بالباء الموحدة والتاء المثناة.
(3) في القراءات الثمان وقراءة ابن محيصن والاعمش واختيار
خلف واليزيدي.
(4) في القراءات السبع.
(5) في القراءات الست التي قرأها الشيخ الثقة أبو القاسم
هبة الله بن أحمد بن عمر بن الطبري البغدادي، المتوفى سنة
531 ه.
وله كتب أخرى ذكرها المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 2 /
404، وابن الجزري في " غاية النهاية " 1 / 435 و " النشر "
1 / 83، 84، 85.
(*)
(20/131)
سنة، وكان من أطيب الناس صوتا بالقرآن، وختم عليه خلق
كثير.
حدث عنه: ابن عساكر، والسمعاني، وابن الجوزي، ويحيى بن
طاهر، ومحمود بن الداريج (1)، وإسماعيل بن إبراهيم السيبي،
وعبد الله ابن المبارك بن سكينة، وعبد العزيز بن منينا،
وأبو اليمن الكندي، وخلق.
وتلا عليه الشهاب محمد بن يوسف الغزنوي، وأبو الفتح نصر
الله بن الكيال، وصالح بن علي الصرصري، والتاج الكندي،
وعبد الواحد بن سلطان، والمبارك بن المبارك بن زريق
الحداد، ومحمد بن [ محمد بن ] (2) هارون الحلي ابن الكال
(3)، وحمزة بن القبيطي، وابن سكينة، وزاهر بن رستم.
وقرأ عليه النحو جماعة.
قال ابن الجوزي (4): لم أسمع قارئا قط أطيب صوتا منه، ولا
أحسن أداء على كبر سنه، وكان لطيف الاخلاق، ظاهر الكياسة
والظرافة، حسن المعاشرة للعوام والخواص.
وقال السمعاني: كان متواضعا متوددا، حسن القراءة في
المحراب، خصوصا ليالي رمضان، وقد تخرج عليه خلق، وختموا
عليه، وله تصانيف
__________
(1) بالجيم آخره، كما في " تبصير المنتبه " 2 / 577، وقد
تصحف في " معرفة القراء " 2 / 404 إلى " الداريح " بالحاء
المهملة.
(2) ما بين حاصرتين سقط من الاصل، واستدرك من ترجمة محمد
هذا في " معرفة القراء " 2 / 453، و " غاية النهاية " 2 /
256، 257.
(3) بكاف بعدها ألف ثم لام، كما في " تبصير المنتبه " 3 /
1181، وقد تحرف في " معرفة القراء " 2 / 404 إلى " الكيال
".
والحلي، بكسر الحاء وتشديد اللام، نسبة إلى الحلة
المزيدية.
انظر تعليق المعلمي على " الاكمال " 2 / 114، 115.
(4) في " المنتظم " 10 / 122.
(*)
(20/132)
القراءات، وخولف في بعضها، وشنعوا عليه، ثم سمعت أنه رجع
عن ذلك، كتبت عنه، وعلقت عنه من شعره (1).
وقد ذكره أحمد بن صالح، وبالغ في تعظيمه، وقال: لم يخلف في
فنونه مثله (2).
وقال أبو الفرج بن الجوزي (3): ما رأيت أكثر جمعا من جمع
جنازته.
وقال عبد الله بن جرير القرشي: دفن بباب حرب عند جده أبي
منصور على دكة الامام أحمد، وكان الجمع يفوت الاحصاء، غلق
أكثر البلد (4).
توفي في الثاني والعشرين من ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين
وخمس
مئة.
قلت: ومات في العام معه العلامة الكبير، البحر الاوحد،
المفسر، أبو محمد، عبد الحق (5) بن غالب بن عبدالملك بن
غالب بن تمام بن عطية المحاربي الاندلسي الغرناطي، صاحب
التفسير، عن إحدى وستين سنة.
قال ابن النجار: قرأ الادب على أبي الكرم بن فاخر، ولازمه
نحوا من عشرين سنة، قرأ عليه فيها " كتاب " سيبويه و "
شرحه " للسيرافي، و " المحتسب " لابن جني، و " المقتضب "
للمبرد، و " الاصول " لابن
__________
(1) انظر " معرفة القراء " 2 / 405، و " ذيل طبقات
الحنابلة " 1 / 21 وفيه شئ من شعره، و " غاية النهاية " 1
/ 435.
(2) انظر " معرفة القراء " 2 / 405 بأطول مما هنا، و " ذيل
طبقات الحنابلة " 1 / 210، و " غاية النهاية " 1 / 435.
(3) في " المنتظم " 10 / 122.
(4) انظر " معرفة القراء " 2 / 405، 406.
(5) وقد مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (337).
(*)
(20/133)
السراج (1)، وأشياء.
قرأت " بالمبهج " له على أبي أحمد بن سكينة.
81 - الانماطي * الشيخ الامام،
الحافظ المفيد، الثقة المسند، بقية السلف، أبو البركات،
عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن بن بندار،
البغدادي الانماطي.
ولد سنة اثنتين وستين وأربع مئة.
وسمع " الجعديات ": من أبي محمد الصريفيني، وسمع من ابن
النقور، وابن البسري، وعبد العزيز الانماطي، وأبي نصر
الزينبي، وعاصم بن الحسن، ورزق الله التميمي، فمن بعدهم.
وجمع فأوعى، وقد قرأ على أبي الحسين بن الطيوري (2) جميع
ما عنده.
حدث عنه: ابن ناصر، وابن عساكر، والسمعاني، وأبو موسى
المديني، وابن الجوزي، وأبو أحمد بن سكينة، وعمر بن طبرزد،
ويوسف ابن كامل، وعبد العزيز بن الاخضر، وعبد العزيز بن
منينا، وأحمد بن
__________
(1) هو قيد الطبع في مؤسسة الرسالة، ويقع في ثلاثة أجزاء.
(*) المنتظم 10 / 108، 109، مناقب الامام أحمد: 529، صفة
الصفوة 2 / 498، ذيل تاريخ بغداد 1 / 380 - 384، تذكرة
الحفاظ 4 / 1282 - 1284، دول الاسلام 4 / 56، العبر 4 /
104، البداية والنهاية 12 / 219، ذيل طبقات الحنابلة 1 /
201 - 203، شذرات الذهب 4 / 116، 117.
(2) المتوفى سنة 500 ه، مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر
برقم (132).
(*)
(20/134)
أزهر، وأحمد بن يحيى الدبيقي (1)، وعبد الرحمن بن أحمد بن
هدية (2)، وخلق، ومن القدماء الحافظ محمد بن طاهر وهو أكبر
منه.
قال السمعاني: هو حافظ ثقة متقن، واسع الرواية، دائم
البشر، سريع الدمعة، حسن المعاشرة، خرج التخاريج، وجمع من
المرويات ما لا يوصف، وكان متصديا لنشر الحديث، قرأت عليه
شيئا كثيرا (3).
قلت: مات في المحرم سنة ثمان وثلاثين، وكان على طريقة
السلف، وما تزوج قط.
وقال السلفي: كان رفيقنا عبد الوهاب حافظا ثقة، لديه معرفة
جيدة (4).
وقال ابن ناصر: كان بقية الشيوخ، سمع الكثير، وكان يفهم،
مضى مستورا، وكان ثقة، لم يتزوج قط (5).
وقال السمعاني أيضا: لعله ما بقي جزء إلا قرأه، وحصل
نسخته، ونسخ الكتب الكبار مثل " الطبقات " لابن سعد، و "
تاريخ الخطيب "، وكان متفرغا للرواية، وكان لا يجوز
الاجازة على الاجازة، وصنف في ذلك
__________
(1) بدال مهملة مفتوحة بعدها باء موحدة مكسورة ثم مثناة
تحتية، نسبة إلى الدبيقية: قرية من قرى نهر عيسى بالعراق.
وقد تصحفت في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1284 و " ذيل طبقات
الحنابلة " 1 / 203 إلى " الديبقي " بتقديم المثناة
التحتية على الموحدة.
(2) بالياء المثناة التحتية بعد الدال، كما في " تبصير
المنتبه " 4 / 1450، وقد تصحف في " تذكرة الحفاظ " 4 /
1282، و " ذيل تاريخ بغداد " 1 / 381 إلى " هدبة " بالباء
الموحدة.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1282، 1283، و " ذيل تاريخ
بغداد " 1 / 383، 384.
(4) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1283، و " ذيل طبقات
الحنابلة " 1 / 202.
(5) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1283، و " ذيل تاريخ بغداد
" 1 / 383، و " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 202.
(*)
(20/135)
شيئا، قرأت عليه " الجعديات " و " تاريخ الفسوي " وانتقاء
البقال على المخلص (1).
وقال ابن الجوزي (2: كنت أقرأ عليه وهو يبكي، فاستفدت
ببكائه أكثر من استفادتي بروايته، وانتفعت به ما لم أنتفع
بغيره.
وقال أبو موسى المديني في " معجمه ": هو حافظ عصره ببغداد.
قلت: ومات معه في عام ثمانية: الشيخ المسند أبو المعالي
عبد الخالق بن البدن الصفار (3)، ومسند أصبهان غانم بن
خالد بن عبد الواحد التاجر (4)، والمسند أبو الحسن محمد بن
أحمد بن صرما (5) وهو ابن عمة ابن ناصر، والخطيب أبو بكر
محمد بن الخضر المحولي (6) المقرئ، والقاضي أبو بكر محمد
بن القاسم بن المظفر بن الشهرزوري (7) الموصلي، والشيخ أبو
القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي النحوي المعتزلي
(8)،
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1283 و " ذيل طبقات
الحنابلة " 1 / 202.
والمخلص هو أبو طاهر محمد بن عبدالرحمن بن العباس
البغدادي، المتوفى سنة 393 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس
عشر برقم (353).
والبقال هو أحمد بن عمر بن علي بن الفضل الوراق، المتوفى
سنة 399 ه.
انظر " تاريخ بغداد " 4 / 293 و " تاريخ " سزكين 1 / 352،
و " فهرس الظاهرية المنتخب من مخطوطات الحديث " 401 وفيه
أحمد بن محمد ابن البقال، وهو خطأ.
(2) في " المنتظم " 10 / 108، وانظر " صفة الصفوة " 2 /
499.
(3) تقدمت ترجمته برقم (36).
(4) تقدمت ترجمته برقم (60).
(5) مترجم في " المنتظم " 10 / 110، و " الوافي بالوفيات "
2 / 67.
(6) مترجم في " المنتظم " 10 / 110 و " معرفة القراء
الكبار " 1 / 399، و " غاية النهاية " 2 / 137.
والمحولي، على صيغة اسم المفعول، نسبة إلى المحول: قرية
على فرسخين من بغداد، وإلى موضع ببغداد يقال له: باب
المحول.
(7) سترد ترجمته برقم (83).
(8) سترد ترجمته برقم (91).
(*)
(20/136)
والوزير علي بن طراد الزينبي (1)، وأبو الوفاء غانم بن
أحمد بن حسن
الجلودي الاصبهاني (2)، وشيخ الوعظ أبو الفتوح محمد بن
الفضل الاسفراييني (3) ابن المعتمد المتكلم.
أخبرنا علي بن أحمد وغيره إجازة قالوا: أخبرنا عمر بن
محمد، أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك، أخبرنا عبد الله بن
محمد الخطيب، أخبرنا عبيد الله بن حبابة، أخبرنا أبو
القاسم البغوي، حدثنا علي بن الجعد، حدثنا يزيد بن إبراهيم
التستري، حدثنا محمد بن سيرين، أن أم عطية قالت: توفيت
إحدى بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرنا أن نغسلها
ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك، إن رأيتن، وأن تجعلن في
الآخرة شيئا من سدر وكافور (4).
متفق على صحته، وقد رواه النسائي نازلا، عن عبدالملك بن
شعيب ابن الليث، عن أبيه، عن جده، عن يحيى بن أيوب، عن
مالك بن أنس، عن أيوب، عن ابن سيرين، فوقع مصافحة لشيوخنا.
82 - ابن الزكي * قاضي دمشق،
القاضي المنتجب، أبو المعالي، محمد بن القاضي
__________
(1) سترد ترجمته برقم (90).
(2) تقدمت ترجمته برقم (59).
(3) سترد ترجمته برقم (84).
(4) هو في " الموطأ " 1 / 222، والبخاري (167) و (1253) و
(1254) و (1255) و (1256) و (1257) و (1258) و (1259) و
(1260) (1261) و (1262) و (1263) ومسلم (939) وأخرجه أبو
داود (3142) والترمذي (990) والنسائي 4 / 28 - 29، وابن
ماجه (1458).
(*) التحبير 2 / 250، 251، العبر 4 / 103، طبقات الاسنوي 2
/ 142، النجوم
الزاهرة 5 / 272، شذرات الذهب 4 / 116.
(*)
(20/137)
أبي المفضل يحيى بن علي بن عبد العزيز، القرشي الدمشقي
الشافعي، ويعرف أيضا بابن الصائغ.
سمع أبا القاسم بن أبي العلاء، والحسن بن أبي الحديد،
والفقيه نصرا المقدسي، وأبا محمد بن البري، وعدة، والقاضي
الخلعي بمصر، وغيره، وعلي بن عبدالملك الدبيقي بعكا، وحضر
درس الفقيه نصر، وتفقه به.
وناب عن أبيه في القضاء سنة عشر لما حج أبوه، ثم استقل
بالقضاء.
روى عنه: ابن أخته الحافظ أبو القاسم، وقال: كان نزها
عفيفا صليبا في الحكم، ولد سنة سبع وستين وأربع مئة.
وقال السمعاني: كان محمودا، حسن السيرة، شفوقا وقورا، حسن
المنظر، متوددا (1).
روى عنه: السمعاني، وابن عساكر (2)، وابنه، وطرخان
الشاغوري، وأبو المحاسن بن أبي لقمة، وآخرون.
وهو والد القضاة بني الزكي.
مات في ربيع الاول سنة سبع وثلاثين وخمس مئة، ودفن عند
أبيه بمسجد القدم (3).
__________
(1) انظر " التحبير " 2 / 250.
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر: 219 / 2.
(3) تقدم التعريف به في حواشي الترجمة رقم (39).
(*)
(20/138)
83 - ابن الشهرزوري * القاضي الكبير، أبو بكر محمد بن
القاسم
بن مظفر ابن الشهرزوري الموصلي الشافعي.
شيخ عالم وقور، وافر الجلالة، ولي القضاء بأماكن، ويلقب
بقاضي الخافقين.
تفقه على الشيخ أبي إسحاق، وسمع منه، ومن أبي القاسم عبد
العزيز الانماطي، وأبي نصر الزينبي، وسمع بنيسابور من أبي
بكر بن خلف، وعثمان بن محمد المحمي.
روى عنه: السمعاني، وابن عساكر (1)، وابن طبرزد، وطائفة.
وقدم دمشق غير مرة رسولا.
مات في ربيع الاول سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة وله خمس
وثمانون سنة.
84 - ابن المعتمد * * الواعظ
الكبير المتكلم، أبو الفتوح، محمد بن الفضل الاسفراييني،
__________
(*) الانساب 7 / 418، 419، الخريدة (قسم الشام) 2 / 322،
المنتظم 10 / 112، اللباب 2 / 216، 217، تاريخ إربل 1 /
203 - 206، وفيات الاعيان 4 / 69، 70، تذكرة الحفاظ 4 /
1283، الوافي بالوفيات 4 / 339، طبقات السبكي 6 / 174،
175، شذرات الذهب 4 / 123 (وفيات 539).
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر: 206 / 2.
(* *) تبيين كذب المفتري: 328، 329، المنتظم 10 / 110 -
112، الكامل في التاريخ 11 / 96، 97، مرآة الزمان 8 / 111،
العبر 4 / 105، الوافي بالوفيات 4 / 323، 324، مرآة الجنان
3 / 269، طبقات السبكي 6 / 170 - 173، طبقات الاسنوي 1 /
107،
108، كشف الظنون 220، 1926، شذرات الذهب 4 / 118، هدية
العارفين 2 / 88.
(*)
(20/139)
المعروف بابن المعتمد.
كان رأسا في الوعظ، فصيحا، عذب العبارة، حلو الايراد،
ظريفا، عالما، كثير المحفوظ، صوفي الشارة، جيد التصنيف.
ولد سنة أربع وسبعين وأربع مئة.
وسمع من أبي الحسن بن الاخرم، وشيرويه الديلمي.
روى عنه: السمعاني، وابن عساكر.
قال ابن النجار: كان من أفراد الدهر في الوعظ، دقيق
الاشارة، وكان أوحد وقته في مذهب الاشعري، وله في التصوف
قدم راسخ، صنف في الحقيقة كتبا منها كتاب " كشف الاسرار "،
وكتاب " بيان القلب "، وكتاب " بث السر "، وكل كتبه نكت
وإشارات، ظهر له القبول التام ببغداد، وكان يتكلم بمذهب
الاشعري، فثارت الحنابلة، فأمر المسترشد بإخراجه، فلما ولي
المقتفي رجع إلى بغداد، وعاد فعادت الفتن، فأخرجوه إلى
بلده (1).
قال ابن عساكر (2): هو أجرأ من رأيته لسانا وجنانا،
وأكثرهم فيما يورد إعرابا وإحسانا، وأسرعهم جوابا، وأسلسهم
خطابا، مع ما رزق بعد صحة العقيدة من الخصال الحميدة،
وإرشاد الخلق، وبذل النفس في نصرة الحق..إلى أن قال: فمات
مبطونا شهيدا غريبا، لازمت مجلسه، فما رأيت مثله واعظا.
قال ابن النجار: قرأت في كتاب أبي بكر المارستاني قال:
حدثني
__________
(1) انظر " طبقات " الاسنوي 1 / 108.
(2) في " تبيين كذب المفتري ": 328.
(*)
(20/140)
قاضي القضاة أبو طالب بن الحديثي (1) قال: مر بنا أبو
الفتوح وحوله خلق، منهم من يصيح: لا نحرف ولا نصوب بل
عبادة، فرجمه العوام حتى تراجموا بكلب ميت، وعظمت الفتنة،
لولا قربها من باب النوبي، لهلك جماعة، فاتفق جواز عميد
بغداد موفق الملك، فهرب من معه، فنزل، ودخل إلى بعض
الدكاكين، وأغلقها، ثم اجتمع بالسلطان، فحكى له، فأمر
بالقبض على أبي الفتوح وتسفيره إلى همذان، ثم إلى
إسفرايين، وأشهد عليه أنه متى خرج منها، فدمه هدر.
قال السمعاني: أزعج عن بغداد، فأدركه الموت ببسطام في ثاني
ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة، فدفن بجنب الشيخ أبي
يزيد البسطامي.
قال ابن الجوزي في " المنتظم " (2): قدم السلطان مسعود
بغداد ومعه الحسن بن أبي بكر النيسابوري الحنفي، أحد
المناظرين، فجالسته، فجلس بجامع القصر، وكان يلعن الاشعري
جهرا، ويقول: كن شافعيا ولا تكن أشعريا، وكن حنفيا ولا تكن
معتزليا، وكن حنبليا، ولا تكن مشبها، وكان على باب
النظامية اسم الاشعري، فأمر السلطان بمحوه، وكتب مكانه:
الشافعي، وكان الاسفراييني يعظ في رباطه، ويذكر محاسن مذهب
الاشعري، فتقع الخصومات، فذهب الغزنوي، فأخبر السلطان
بالفتن، وقال: إن أبا الفتوح صاحب فتنة، وقد رجم غير مرة،
والصواب إخراجه، فأخرج، وعاد الحسن النيسابوري إلى وطنه،
وقد كانت اللعنة قائمة في
__________
(1) نسبة إلى الحديثة: بلدة على الفرات، وأبو طالب هذا هو
روح بن أحمد بن محمد البغدادي الحديثي، متوفى سنة 570 ه،
ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (7).
(2) 10 / 106 - 108 و 110.
(*)
(20/141)
الاسواق، وكان بين الاسفراييني وبين الواعظ أبي الحسن
الغزنوي شنآن، فنودي في بغداد أن لا يذكر أحد مذهبا.
قلت: لما سمع ابن عساكر بوفاة الاسفراييني أملى مجلسا في
المعنى، سمعناه بالاتصال، فينبغي للمسلم أن يستعيذ من
الفتن، ولا يشغب بذكر غريب المذاهب لا في الاصول ولا في
الفروع، فما رأيت الحركة في ذلك تحصل خيرا، بل تثير شرا
وعداوة ومقتا للصلحاء والعباد من الفريقين، فتمسك بالسنة،
والزم الصمت، ولا تخض فيما لا يعنيك، وما أشكل عليك فرده
إلى الله ورسوله، وقف، وقل: الله ورسوله أعلم.
85 - شريح بن محمد * ابن شريح
بن أحمد بن محمد بن شريح بن يوسف بن شريح، الشيخ الامام
الاوحد المعمر الخطيب، شيخ المقرئين والمحدثين، أبو الحسن
الرعيني الاشبيلي المالكي، خطيب إشبيلية.
ولد في ربيع الاول سنة إحدى وخمسين وأربع مئة.
تلا على والده العلامة أبي عبد الله بكتابه " الكافي " في
السبع، وحمل عنه علما كثيرا، وأجاز له مروياته أبو محمد بن
حزم الظاهري.
وسمع " صحيح البخاري " من أبي عبد الله بن منظور صاحب أبي
ذر الهروي، وسمع من علي بن محمد الباجي، وأبي محمد بن
خزرج، وطائفة.
__________
(*) الصلة 1 / 234، 235، بغية الملتمس: 318، العبر 4 /
107، معرفة القراء الكبار 1 / 397، 398، دول الاسلام 2 /
57، غاية النهاية 1 / 324، 325، النجوم الزاهرة
5 / 276، بغية الوعاة 2 / 3، شذرات الذهب 4 / 122.
(*)
(20/142)
قال أبو الوليد بن الدباغ: له إجازة من ابن حزم، أخبرني
بذلك ثقة نبيل من أصحابنا أنه أخبره بذلك، ولا أعلم في
شيوخنا أحدا عنده عن ابن حزم غيره، وقد سألته: هل أجاز له
ابن حزم ؟ فسكت، وأحسبه سكت عن ابن حزم لمذهبه.
قلت: وعاينت في سفينة تواليف لابن حزم بخط السلفي وقد كتب:
كتب إلي أبو الحسن شريح بن محمد قال: كتب إلينا أبو محمد
بن حزم.
قال الحافظ خلف بن بشكوال (1): كان أبو الحسن من جلة
المقرئين، معدودا في الادباء والمحدثين، خطيبا بليغا،
حافظا محسنا فاضلا، مليح الخط، واسع الخلق، سمع منه الناس
كثيرا، ورحلوا إليه، واستقضي ببلده، ثم صرف عن القضاء،
لقيته في سنة ست عشرة، فأخذت عنه.
وقال اليسع بن حزم: هو إمام في التجويد والاتقان، علم من
أعلام البيان، بذ في صناعة الاقراء، وبرز في العربية مع
علم الحديث وفقه الشريعة، كان إذا صعد المنبر حن إليه جذع
الخطابة، وسمع له أنين الاستطابة، مع خشوع ودموع، رحلت
إليه عام أربعة وعشرين، فحملت عنه.
قلت: وحدث عنه: أبو بكر محمد بن خير اللمتوني، ومحمد بن
خلف بن صاف، ومحمد بن جعفر بن حميد البلنسي، وأبو بكر بن
الجد الفهري، ومحمد بن إبراهيم بن الفخار، ومحمد بن يوسف
بن مفرج الباقي بتلمسان إلى سنة ست مئة، وأحمد بن علي
الحصار، وإبراهيم بن محمد بن ملكون النحوي، ونجبة بن يحيى،
وأبو محمد بن عبيد الله الحجري،
__________
(1) في " الصلة " 1 / 234، 235.
(*)
(20/143)
وخلق آخرهم عبدالرحمن بن علي الزهري الذي حدث عنه ب " صحيح
البخاري " في سنة 613.
وتلا عليه بالسبع عدد كثير، منهم أبو العباس أحمد بن محمد
بن مقدام الرعيني، ومحمد بن علي بن حسنون الكتامي، وماتا
في سنة أربع وست مئة، ومحمد بن عبد الله بن الغاسل، وآخر
من روى عنه في الدنيا بالاجازة أبو القاسم أحمد بن يزيد بن
عبدالرحمن بن بقي البقوي الباقي إلى سنة خمس وعشرين وست
مئة.
مات شريح في الثالث والعشرين من جمادى الاولى سنة تسع (1)
وثلاثين وخمس مئة، وكانت جنازته مشهودة.
وفيها مات رئيس الشافعية أبو منصور سعيد بن محمد بن الرزاز
البغدادي (2) مدرس النظامية.
56 - البديع * الامام المحدث
المتقن الفقيه، مفيد همذان، أبو علي، أحمد بن سعد
بن علي بن الحسن بن القاسم بن عنان، العجلي الهمذاني،
المعروف بالبديع.
ولد سنة ثمان وخمسين.
وسمعه أبوه، ثم طلب بنفسه، ورحل وجمع.
سمع من أبي الفرج علي بن محمد بن عبدالحميد كتاب "
المتحابين "
__________
(1) في " بغية الملتمس " و " غاية النهاية ": سنة سبع.
(2) سترد ترجمته برقم (103).
(*) تقدمت ترجمته برقم (56) وذكرت مصادر ترجمته هناك.
(*)
(20/144)
لابن لال (1)، وسمع من بكر بن حيد، ويوسف بن محمد
الهمذاني، والشيخ أبي إسحاق لما مر بهم، وسمع بأصبهان من
سليمان الحافظ، والرئيس الثقفي، وببغداد [ من ] (2) أبي
الغنائم بن أبي عثمان.
حدث عنه: ابن عساكر (3)، وابن السمعاني، وابن الجوزي.
قال أبو سعد: إمام ثقة، جليل القدر، واسع الرواية، له نظم.
وقال شيرويه: فاضل، يرجع إلى علوم فقه وأدب، وحدث ووعظ.
توفي في رجب سنة خمس وثلاثين وخمس مئة، وقبره يزار.
86 - الزيدي * الشيخ العلامة
المقرئ النحوي، عالم الكوفة، وشيخ الزيدية، أبو البركات،
عمر بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن
الحسين ابن علي بن حمزة بن يحيى بن الحسين بن الشهيد زيد
بن علي، العلوي الزيدي الكوفي الحنفي، إمام مسجد أبي إسحاق
السبيعي.
__________
(1) هو الامام أبو بكر أحمد بن علي بن أحمد الهمذاني
المعروف بابن لال، متوفى سنة 318 ه.
مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (41).
(2) زيادة يقتضيها السياق.
(3) انظر " مشيخة " ابن عساكر: 6 / 1.
(*) الانساب 6 / 341، 342، تاريخ ابن عساكر م 30 / 483 -
484، نزهة الالبا: 399، 400، المنتظم 10 / 114، معجم
الادباء 15 / 257 - 261، اللباب 2 / 86، إنباه الرواة 2 /
324 - 327، ميزان الاعتدال 3 / 181، العبر 4 / 108، تاريخ
الاسلام وفيات 539، تلخيص ابن مكتوم: 159، البداية
والنهاية 12 / 219، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة
2 / 194، لسان الميزان 4 / 280 - 282، النجوم الزاهرة 5 /
276، تاج التراجم: 48، بغية الوعاة 2 / 215، طبقات
المفسرين للداوودي، 2 / 1، طبقات المفسرين للادنه وي: 142،
كشف الظنون 2 / 1562، شذرات الذهب 4 / 122، 123، هدية
العارفين 1 / 783، أعيان الشيعة 42 / 216 - 219، تاريخ
بروكلمان 2 / 247 (النسخة العربية).
(*)
(20/145)
ولد سنة اثنتين وأربعين وأربع مئة.
وله إجازة من محمد بن علي بن عبدالرحمن العلوي، تفرد بها.
وسمع أبا بكر الخطيب، وأبا الحسين بن النقور، وابن البسري،
وأبا الفرج بن علان، وأبا القاسم بن المنثور الجهني، ومن
محمد بن الحسن الانماطي.
وسكن الشام مدة.
وأخذ العربية عن أبي القاسم زيد بن علي الفارسي.
حدث عنه: السمعاني، وابن عساكر (1)، وأبو موسى، وعدة.
وتلا عليه بالقراءات يعيش بن صدقة.
قال السمعاني: شيخ كبير، له معرفة بالفقه والحديث واللغة
والتفسير والنحو، وله التصانيف في النحو، وهو فقير قانع
باليسير، سمعته يقول: أنا زيدي المذهب، لكني أفتي على مذهب
السلطان (2).
وحكى الحافظ ابن عساكر عن شيخ حدثه عن أبي البركات أنه
يقول بالقدر وبخلق القرآن (3).
توفي في شعبان سنة 539.
__________
(1) انظر مشيخة " ابن عساكر: 154 / 2.
(2) يعني مذهب أبي حنيفة رحمه الله.
انظر " الانساب " 6 / 341، 342.
(3) انظر " ميزان الاعتدال " 3 / 181 و " معجم الادباء "
15 / 261.
ونقل المؤلف في " الميزان " و " العبر " أنه كان جارودي
المذهب، ولا يرى الغسل من الجنابة.
انظر مذهب الجارودية في " الملل والنحل " للشهرستاني 1 /
211.
(*)
(20/146)
87 - ابن عبد السلام * الشيخ العالم، المحدث المسند، أبو
الحسن، علي بن هبة الله
بن عبد السلام بن عبد الله بن يحيى، البغدادي الكاتب.
ولد سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة.
وسمع أبا محمد الصريفيني، وأبا الحسين بن النقور، وأبا
القاسم بن البسري، وأبا منصور العكبري، والحافظ الامير أبا
نصر بن ماكولا، وعدة.
وعنه: ابن عساكر (1)، وابن السمعاني، وبزغش مولى ابن حمدي،
وإسحاق بن علي البقال، وأبو شجاع محمد بن المقرون،
والمبارك بن المبارك الحداد، والوزير يحيى بن زبادة (2)،
ويحيى بن ياقوت، وعمر بن طبرزد، وزيد بن الحسن الكندي،
وسليمان بن الموصلي، ويوسف بن أبي حامد الارموي، وخلق.
قال السمعاني: شيخ كبير، من بيت الرئاسة والتقدم، واسع
الرواية، صاحب أصول حسنة مليحة، سمع بنفسه، وأكثر، ونقل
وجمع، أكثر سماعه بقراءة ابن الخاضبة، قرأت عليه الكثير،
وكان ينحدر إلى واسط من جهة الخليفة على الاعمال التي بها،
مات في سابع رجب سنة تسع وثلاثين وخمس مئة.
__________
(*) المنتظم 10 / 115، العبر 4 / 108، النجوم الزاهرة 5 /
276، شذرات الذهب 4 / 122.
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر: 153 / 2.
(2) بموحدة مخففا، كما في " تبصير المنتبه " 2 / 647.
(*)
(20/147)
88 - فاطمة بنت البغدادي * الشيخة العالمة الواعظة الصالحة
المعمرة، مسندة أصبهان، أم البهاء، فاطمة بنت محمد
بن أبي سعد أحمد بن الحسن بن علي بن البغدادي الاصبهاني.
مولدها بعد الاربعين وأربع مئة.
وسمعت من: أحمد بن محمود (1) الثقفي، وإبراهيم بن منصور
سبط بحرويه، وأبي الفضل عبدالرحمن بن أحمد الرازي المقرئ،
وسعيد بن أبي سعيد العيار.
وعمرت، وتفردت بأشياء.
حدث عنها: السمعاني، وابن عساكر، وأبو موسى المديني، ومحمد
ابن أبي طالب بن شهريار، وعبد اللطيف بن محمد الخوارزمي،
ومحمد بن محمد بن محمد الراراني، وجعفر بن محمد آيوسان،
وابن بنتها داود بن معمر.
قال السمعاني (2): شيخة معمرة مسندة، وأرخ مولدها.
وقال أبو موسى: توفيت في الخامس والعشرين من رمضان سنة تسع
وثلاثين وخمس مئة.
قال: ولها قريب من أربع وتسعين سنة.
__________
(*) التحبير 2 / 432، 433، معجم شيوخ السمعاني: الورقة 267
/ ب، العبر 4 / 109، شذرات الذهب 4 / 123.
(1) في " التحبير " 2 / 432: محمد، وهو خطأ، وأحمد بن
محمود الثقفي أبو طاهر مرت
ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (63).
(2) " التحبير " 2 / 432، 433.
(*)
(20/148)
89 - أكز * واقف المدرسة الاكزية (1) بدمشق، حسام الدين
الحاجب.
من كبراء أمراء دمشق.
أمسك في سنة ثمان وثلاثين، وسملت عيناه، وسجن، وأخذت
أمواله.
90 - ابن طراد * * الوزير
الكبير، أبو القاسم، علي بن النقيب الكامل أبي الفوارس
طراد بن محمد بن علي، الهاشمي العباسي الزينبي البغدادي.
مر أبوه (2) وأعمامه (3).
ولد سنة اثنتين وستين وأربع مئة.
سمع من أبيه، وعميه أبي نصر وأبي طالب، وأبي القاسم بن
__________
(*) مختصر تنبيه الطالب: 30.
(1) انظر موقعها في " مختصر تنبيه الطالب " ص 30.
(* *) الانساب 6 / 346 (الزينبي)، المنتظم 10 / 109،
الكامل في التاريخ 11 / 97، الفخري: 305، 306، دول الاسلام
2 / 56، العبر 4 / 104، البداية والنهاية 12 / 219، النجوم
الزاهرة 5 / 273 و 274، شذرات الذهب 4 / 117.
(2) أبو الفوارس طراد المتوفى سنة 491، مرت ترجمته في
الجزء التاسع عشر برقم (24).
(3) عمه أبو نصر محمد بن محمد، المتوفى سنة نيف وسبعين
وأربع مئة، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (228).
وأعمامه أبو يعلى حمزة بن محمد المتوفى سنة 514 ه، وأبو
طالب نور الهدى الحسين بن محمد المتوفى سنة 512 ه، وأبو
تمام محمد بن محمد، وأبو منصور محمد بن محمد، مرت تراجمهم
في الجزء التاسع عشر، وكذا جده أبو الحسن محمد بن علي
المتوفى سنة 427 ه مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر.
(*)
(20/149)
البسري، ورزق الله التميمي، وابن طلحة النعالي، ونظام
الملك (1)، وعدة.
وأجاز له أبو جعفر بن المسلمة.
روى الكثير.
وحدث عنه: أبو أحمد بن سكينة، وأبو سعد السمعاني، وأبو
القاسم ابن عساكر (2)، وعبد الرحمن بن أحمد بن عصية،
وطائفة سواهم.
وكان يصلح لامرة المؤمنين، ولي أولا نقابة العباسيين بعد
والده، وعظم شأنه إلى أن وزر للمسترشد سنة 523، فقلد أخاه
أبا الحسن محمد بن طراد النقابة، ثم في شعبان سنة ست
وعشرين قبض على الوزير علي، وحبس، واحتيط على أمواله
ونائبه، وأقاموا في نيابة الوزارة محمد بن الانباري، ثم
أطلق بعد أربعة أشهر، وقرر عليه مال يزنه، ووزر أنوشروان
(3) قليلا، ثم أعيد ابن طراد إلى الوزارة سنة ثمان وعشرين،
وزيد في تفخيمه.
ثم سار في خدمة المسترشد لحرب مسعود بن محمد بن ملكشاه،
فلما قتل المسترشد قبضوا على الوزير، ثم توجه مسعود بجيشه
إلى بغداد ومعه الوزير أبو القاسم، فوصل الوزير سالما، وقد
هرب الراشد بالله ولد المسترشد إلى الموصل، فدبر الوزير في
خلعه، وبايع المقتضي،
فاستوزره، وعظم ملكه، فلم (4) يزل على الوزارة إلى أن هرب
إلى دار
__________
(1) هو الحسن بن علي الطوسي، مرت ترجمته في الجزء التاسع
عشر برقم (53).
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر 143 / 2.
(3) تقدمت ترجمته برقم (7).
(4) في الاصل: فلما.
(*)
(20/150)
السلطان مستجيرا بها لامر خافه، وناب في الوزارة قاضي
القضاة الزينبي، وذلك في سنة أربع وثلاثين، ثم استوزر
المقتفي ابن جهير (1)، ثم قدم السلطان مسعود بغداد سنة ست
وثلاثين، ولزم ابن طراد بيته إلى أن توفي.
قال السمعاني: كان علي بن طراد صدرا مهيبا وقورا، دقيق
النظر، حاد الفراسة، عارفا بالامور السنية العظام، شجاعا
جريئا، خلع الراشد، وجمع الناس على خلعه ومبايعة المقتفي
في يوم، ثم إن المقتفي تغير رأيه فيه، وهم بالقبض عليه،
فالتجأ إلى دار السلطان، فلما قدم السلطان أمر بحمله إلى
داره مكرما، فاشتغل بالعبادة، وكان كثير التلاوة والصلاة،
دائم البشر، له إدرار على القراء والزهاد، قرأت عليه
الكثير، وكان يكرمني غاية الاكرام، وأول ما دخلت عليه في
وزارته قال: مرحبا بصنعة لا تنفق إلا عند الموت.
قال أحمد بن صالح الجيلي: مات الوزير شرف الدين علي بن
طراد في مستهل رمضان سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة، وشيعه
وزير الوقت أبو نصر ابن جهير وخلائق، رحمه الله.
91 - الزمخشري * العلامة، كبير
المعتزلة، أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد،
__________
(1) سترد ترجمته برقم (190).
(*) الانساب 6 / 297، 298، نزهة الالبا: 391 - 393،
المنتظم 10 / 112، معجم البلدان 3 / 147، معجم الادباء 19
/ 126 - 135، اللباب 2 / 74، الكامل 11 / 97، إنباه الرواة
3 / 265 - 272، وفيات الاعيان 5 / 168 - 174، المختصر في
أخبار البشر 3 / 16، إشارة التعيين: الورقة 53، 54، البدر
السافر ورقة 193، تاريخ الاسلام: وفيات 538، ميزان
الاعتدال 4 / 78، العبر 4 / 106، دول الاسلام 2 / 56،
تذكرة الحفاظ 4 / 1283، تلخيص ابن مكتوم: 243، 244،
المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 228، 229، تتمة = (*)
(20/151)
الزمخشري الخوارزمي النحوي (1)، صاحب " الكشاف " (2) و "
المفصل " (3).
رحل، وسمع ببغداد من نصر بن البطر وغيره.
__________
= المختصر 2 / 70، 71، مرآة الجنان 3 / 269 - 271، البداية
والنهاية 12 / 219، الجواهر المضية 2 / 160، 161، العقد
الثمين 7 / 137 - 150، طبقات المعتزلة: 20، طبقات ابن قاضي
شهبة 2 / 241 - 244، لسان الميزان 6 / 4، النجوم الزاهرة 5
/ 274، تاج التراجم: 71، بغية الوعاة 2 / 279، 280، طبقات
المفسرين للسيوطي: 41، طبقات المفسرين للداوودي 2 / 314 -
316، طبقات الفقهاء لطاش كبري: 94، 95، مفتاح السعادة 2 /
97 - 100، أزهار الرياض 3 / 282 - 325، كشف الظنون: 74،
117، 121، 164، 185، 616، 781، 831، 832، 833، 1009، 1056،
1082، 1217،، 1326، 1398، 1427، 1475، 1478، 1584، 1674،
1734، 1774، 1791، 1798، 1877، 1890، 1955، 1987، شذرات
الذهب 4 / 118 - 121، الفوائد البهية: 209، 210، روضات
الجنات: 681 - 684، إيضاح المكنون 1 / 67 و 2 / 86، هدية
العارفين 2 / 402، 403، معجم المطبوعات: 973، الفهرس
التمهيدي 259 و 303، كنوز
الاجداد: 291 - 294، تاريخ بروكلمان 5 / 215 - 238، وانظر
كتاب " الزمخشري " للدكتور أحمد محمد الحوفي، ففيه دراسة
وافية عن حياته وآرائه ثم عن مؤلفاته وآثاره، نشر الهيئة
المصرية العامة للكتاب، وكتاب " منهج الزمخشري في تفسير
القرآن وبيان إعجازه " لمصطفى الصاوي.
(1) وكان قد جاور بمكة زمانا، فصار يقال له: جار الله.
" وفيات الاعيان " 5 / 169.
(2) وقد قال فيه يمدحه: إن التفاسير في الدنيا بلا عدد *
وليس فيها لعمري مثل كشافي إن كنت تبغي الهدى فالزم قراءته
* فالجهل كالداء والكشاف كالشافي وعلى هذا الكتاب شروح
وتعليقات وردود على آرائه في الاعتزال ونقد لبعض المسائل
النحوية، ومنه مختصرات، انظر ذلك في " كشف الظنون " 2 /
1475 - 1484، وانظر ما طبع منها والنسخ الخطية لما لم يطبع
في " تاريخ " بروكلمان 5 / 217 - 224.
(3) في النحو، وهو من أمهات الكتب وأنفسها في تعليم النحو،
وهو مطبوع عدة مرات، وقد اعتنى العلماء بهذا الكتاب،
فوضعوا له شروحا عدة، انظرها في " كشف الظنون " 2 / 1774 -
1776، وانظر ما طبع منها في " تاريخ " بروكلمان 5 / 225 -
227.
وقد اختصر الزمخشري كتابه " المفصل " هذا بكتاب " الانموذج
في النحو " وجعله مقدمة نافعة للمبتدئ كالكافية، وعليه عدة
شروح أيضا طبع بعضها، انظر " تاريخ " بروكلمان 5 / 227 -
229، و " كشف الظنون " 1 / 185.
(*)
(20/152)
وحج، وجاور، وتخرج به أئمة.
ذكر التاج الكندي أنه رآه على باب الامام أبي منصور بن
الجواليقي (1).
وقال الكمال الانباري (2): لما قدم الزمخشري للحج، أتاه
شيخنا أبو
السعادات بن الشجري (3) مهنئا بقدومه، وقال: كانت مسألة
الركبان تخبرني * عن أحمد بن علي (4) أطيب الخبر حتى
التقينا فلا والله ما سمعت * أذني بأحسن مما قد رأى بصري
(5) وأثنى عليه، ولم ينطق الزمخشري حتى فرغ أبو السعادات،
فتصاغر له، وعظمه، وقال: إن زيد الخيل دخل على رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فرفع (6) " صوته بالشهادتين، فقال له:
" يا زيد (7)، كل رجل وصف لي وجدته دون
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (50).
(2) في نزهة الالبا: 392.
(3) سترد ترجمته برقم (126).
(4) في " نزهة الالبا " و " معجم الادباء ": " دواد " بدل
" علي ".
(5) وأورد الانباري بعدهما أنه أنشده أيضا: وأستكبر
الاخبار قبل لقائه * فلما التقينا صغر الخبر الخبر
والابيات أيضا في " معجم الادباء " 19 / 128، و " المستفاد
من ذيل تاريخ بغداد " 228.
وقد أورد ابن خلكان البيتين الاولين في ترجمة جعفر بن
فلاح، ونسبهما إلى ابن هانئ الاندلسي، ورواية البيت الاول:
" عن جعفر بن فلاح " بدل: " عن أحمد بن دواد " ثم قال بعد
ذكر البيتين: والناس يروون هذين البيتين لابي تمام في
القاضي أحمد بن أبي دواد، وهو غلط، لان البيتين ليسا لابي
تمام، وهم يروونهما عن أحمد بن دواد، وهو ليس بابن دواد،
بل ابن أبي دواد، ولو قال كذا لما استقام الوزن.
" وفيات الاعيان " 1 / 361، 362، ثم أورد ابن خلكان
الابيات الثلاثة في ترجمة ابن الشجري 6 / 46.
(6) في " نزهة الالبا ": فحين بصر بالنبي صلى الله عليه
وسلم " رفع صوته.
(7) في " نزهة الالبا ": يا زيد الخيل.
(*)
(20/153)
الصفة إلا أنت، فإنك فوق ما وصفت " (1) [ وكذلك الشريف ]
(2) ودعا له، وأثنى عليه.
قلت: روى عنه بالاجازة أبو طاهر السلفي، وزينب بنت الشعري.
وروى عنه أناشيد إسماعيل بن عبد الله الخوارزمي، وأبو سعد
أحمد ابن محمود الشاشي، وغيرهما.
وكان مولده بزمخشر - قرية من عمل خوارزم - في رجب سنة سبع
وستين وأربع مئة.
وكان رأسا في البلاغة والعربية والمعاني والبيان، وله نظم
جيد.
قال السمعاني: أنشدنا إسماعيل بن عبد الله، أنشدني
الزمخشري لنفسه يرثي أستاذه أبا مضر النحوي (3): وقائلة ما
هذه الدرر التي * تساقطها عيناك (4) سمطين سمطين فقلت هو
الدر الذي قد حشا به (5) * أبو مضر أذني تساقط من عيني
__________
(1) أورده ابن سعد في " الطبقات " 1 / 321 بلفظ: " ما ذكر
لي رجل من العرب إلا رأيته دون ما ذكر لي اإلا ما كان من
زيد، فإنه لم يبلغ كل ما فيه " وابن حجر في " الاصابة " 1
/ 573 في ترجمة زيد الخيل بلفظ " ما وصف لي أحد في
الجاهلية فرأيته في الاسلام إلا رأيته دون الصفة غيرك ".
(2) ما بين حاصرتين مستدرك من " نزهة الالبا ".
(3) وهو محمود بن جرير الضبي الاصبهاني، مات بمرو سنة سبع
وخمس مئة، مترجم في " معجم الادباء " 19 / 123، 124، و "
بغية الوعاة " 2 / 276، وسماه ابن خلكان منصورا.
والبيتان في " وفيات الاعيان " 5 / 172، و " معجم الادباء
" 19 / 124، و " إنباه الرواة " 3 / 267، و " المستفاد من
ذيل تاريخ بغداد " 229، و " بغية الوعاة " 2 / 276، و "
العقد الثمين " 7 / 148، و " النجوم الزاهرة ؟ ؟ 274، و "
شذرات الذهب " 4 / 120.
(4) في " الوفيات " و " العقد الثمين " و " النجوم " و "
الشذرات ": تساقط من عينيك.
(5) في " الوفيات " و " العقد الثمين " و " النجوم ": الذي
كان قد حشا.
(*)
(20/154)
أنبأني عدة عن أبي المظفر بن السمعاني، أنشدنا أحمد بن
محمود القاضي بسمرقند، أنشدنا أستاذي محمود بن عمر: ألا قل
لسعدي ما لنا فيك من وطر * وما تطبينا (1) النجل من أعين
البقر فإنا اقتصرنا بالذين تضايقت * عيونهم والله يجزي من
اقتصر مليح ولكن عنده كل جفوة * ولم أر في الدنيا صفاء بلا
كدر ولم أنس إذ غازلته قرب روضة * إلى جنب حوض فيه للماء
منحدر فقلت له جئني بورد وإنما * أردت به ورد الخدود وما
شعر فقال انتظرني رجع طرف أجئ به * فقلت له هيهات ما في
(2) منتظر فقال ولا ورد سوى الخد حاضر * فقلت له إني قنعت
بما حضر (3) قلت: هذا شعر ركيك لا رقيق.
قال ابن النجار: قرأت على زينب بنت عبدالرحمن بنيسابور، عن
الزمخشري، أخبرنا ابن البطرة، فذكر حديثا من " المحامليات
".
قال السمعاني: برع في الآداب، وصنف التصانيف، ورد العراق
وخراسان، ما دخل بلدا إلا واجتمعوا عليه، وتلمذوا له، وكان
علامة نسابة، جاور مدة حتى هبت على كلامه رياح البادية.
مات ليلة عرفة سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة.
وقال ابن خلكان (4): له " الفائق " في غريب الحديث، و "
ربيع
__________
(1) تطبينا: تستميلنا، وفي " الوفيات " و " العقد الثمين
": تطلبين، وليس بشئ.
(2) في " الوفيات " و " العقد الثمين ": ما لي.
(3) الابيات في " وفيات الاعيان " 5 / 172، و " العقد
الثمين " 7 / 147.
(4) في " وفيات الاعيان " 5 / 168، 169.
(*)
(20/155)
الابرار " و " أساس البلاغة "، و " مشتبه أسامي الرواة "،
وكتاب " النصائح "، و " المنهاج " في الاصول، و " ضالة
الناشد " (1).
قيل: سقطت رجله، فكان يمشي على جاون خشب، سقطت من الثلج
(2).
وكان داعية إلى الاعتزال، الله يسامحه.
92 - البحيري * الشيخ الثقة
الصالح، مسند نيسابور، أبو بكر، عبدالرحمن بن عبد الله
بن عبدالرحمن بن محمد، البحيري النيسابوري.
ولد سنة ثلاث وخمسين وأربع مئة.
سمع أبا بكر البيهقي، وأحمد بن منصور المغربي، والامام أبا
القاسم القشيري، ووالده، وعمه عبدالحميد، وإسماعيل بن
عبدالرحمن الميكالي، وأبا سهل الحفصي، وعدة.
وتفرد بسماع " المتفق والمفترق " للجوزقي (3) عن المغربي.
__________
(1) طبع من كتبه: " أساس البلاغة " و " الفائق في غريب
الحديث " و " الامكنة والجبال والمياه والبقاع المشهورة في
أشعار العرب " و " النصائح الكبار " ويسمى كذلك بالمقامات،
و " المستقصى في الامثال "، و " نوابغ الكلم " و " أطواق
الذهب " و " النصائح الصغار " و " أعجب العجب في شرح لامية
العرب " و " مقدمة الادب " و " ربيع الابرار " انظر " معجم
المطبوعات " 973 - 976، وانظر النسخ الخطية لبعض كتبه غير
المطبوعة في " تاريخ " بروكلمان 5 / 216 - 238، وانظر بقية
تصانيفه في " معجم الادباء " 19 / 133 - 135، و " وفيات
الاعيان "
5 / 168، 169، و " هدية العارفين " 2 / 402، 403.
(2) انظر " وفيات الاعيان " 5 / 169 و " معجم الادباء " 19
/ 127، وفيهما سبب آخر لقطع رجله.
(*) التحبير 1 / 394، العبر 4 / 110، شذرات الذهب 4 / 125،
126.
(3) وهو أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد، المتوفى سنة
388 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (364).
(*)
(20/156)
حدث عنه: السمعاني، ومحمد بن فضل الله السالاري، والمؤيد
ابن محمد الطوسي، وآخرون.
وأجاز لعبد الرحيم بن السمعاني.
وهو من بيت رواية ودين.
مات في جمادى الاولى سنة أربعين وخمس مئة.
ومات أبوه العدل الجليل أبو الحسن عبد الله (1) بعد الستين
وأربع مئة.
يروي عن أبي نعيم عبدالملك الاسفراييني وجماعة.
يروي عنه: زاهر الشحامي في " مشيخته ".
__________
(1) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (163).
(*)
(20/157)
الطبقة التاسعة والعشرون
93 - سعد الخير * الشيخ
الامام، المحدث المتقن، الجوال الرحال، أبو الحسن، سعد
الخير بن (1) محمد بن سهل بن سعد الانصاري الاندلسي
البلنسي (2)
التاجر.
سار من الاندلس إلى إقليم الصين، فتراه يكتب: سعد الخير
الاندلسي الصيني.
وكان من الفقهاء العلماء.
سمع ببغداد من طراد الزينبي، وابن طلحة النعالي، وابن
البطر (3)،
__________
(*) الانساب 2 / 297، 298 (البلنسي)، المنتظم 10 / 121،
معجم البلدان 1 / 491، اللباب 1 / 176، مرآة الزمان 8 /
116، العبر 4 / 112، 113، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد، 1
/ 120 - 121، الوافي بالوفيات 15 / 189، 190، طبقات السبكي
7 / 90، البداية والنهاية 12 / 221، 222، شذرات الذهب 4 /
128.
(1) سقط لفظ " بن " من " البداية " 12 / 321.
(2) نسبة إلى بلنسية: بلدة بشرق الاندلس من بلاد المغرب.
(3) تصحف في " المنتظم " 10 / 121 إلى " النظر ".
(*)
(20/158)
وطبقتهم، وبأصبهان أبا سعد المطرز وطائفة، وبالدون (1) من
عبدالرحمن ابن حمد.
ثم سمع بنته فاطمة من فاطمة الجوزدانية كثيرا وهي حاضرة،
وسمعها ببغداد من أصحاب الجوهري، وحصل الكتب الجيدة، ثم
استقر ببغداد.
حدث عنه: ابن عساكر (2)، والسلفي، والسمعاني، والمديني،
وعبد الخالق بن أسد، وابن الجوزي، والكندي، وابنته فاطمة،
وزوجها علي بن نجا الواعظ.
وتفقه على الغزالي.
وقرأ الادب على أبي زكريا التبريزي.
مات يوم عاشوراء سنة إحدى وأربعين وخمس مئة.
وثقه ابن الجوزي (3) وغيره.
ذكر السمعاني (4) أنه حمل إلى قاضي المرستان (5) يسير عود،
فدفعه إلى جارية القاضي، فلم تعرفه به لقلته.
قال: فجاء، وقال: يا سيدنا، وصل العود ؟ قال: لا.
قال: دفعته إلى الجارية، فسألها عنه، فاعتلت بقلته،
وأحضرته، فرماه القاضي، وقال: لا حاجة لنا فيه.
ثم إن سعد الخير طلب منه أن يسمع ولده جابرا جزء الانصاري،
فحلف أن لا يحدثه به
__________
(1) دون: قرية من أعمال الدينور.
وقد مرت ترجمة عبدالرحمن الدوني في الجزء التاسع عشر برقم
(147).
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر: 70 / 2.
(3) في " المنتظم " 10 / 121 فقال: كان ثقة صحيح السماع.
(4) في " الانساب " 2 / 297.
(5) تقدمت ترجمته برقم (12).
(*)
(20/159)
إلا بخمسة أمناء (1) عودا، فبقي يلح على القاضي أن يكفر
يمينه، فما فعل، ولا هو حمل شيئا.
94 - ابن الاخوة * الشيخ
الجليل، أبو العباس، أحمد بن محمد بن إبراهيم بن
الاخوة، البغدادي العطار الوكيل، جد المؤيد بن الاخوة.
سمع أبا القاسم بن البسري، وغيره، وتفرد ب " المجتنى "
لابن دريد عن أبي منصور العكبري.
روى عنه: السمعاني، وطائفة خاتمتهم الفتح بن عبد السلام.
وعاش ستا وثمانين سنة، قال أبو سعد السمعاني: شيخ بهي، حسن
المنظر، خير، متقرب إلى أهل الخير، وهو أبو شيخينا
عبدالرحيم وعبد الرحمن، توفي في خامس رمضان سنة إحدى
وأربعين وخمس مئة.
95 - شيخ الشيوخ * * الشيخ
الصالح، أبو البركات، إسماعيل بن أبي سعد أحمد بن
محمد (2) بن دوست، النيسابوري.
__________
(1) الامناء جمع المنا، وهو كيل أو ميزان يوزن به.
" القاموس " (*) لم نعثر له على مصدر ترجمة.
(* *) المنتظم 10 / 121، الكامل 11 / 118، مرآة الزمان 8 /
114 العبر 4 / 111، الوافي بالوفيات 9 / 85، النجوم
الزاهرة 5 / 280، شذرات الذهب 4 / 128، تهذيب تاريخ دمشق 3
/ 15.
(2) في " المنتظم " و " مرآة الزمان ": محمود بدل محمد.
(*)
(20/160)
ولد سنة 465 ببغداد.
فسمع من أبي القاسم عبد العزيز بن علي الانماطي، وعلي بن
البسري، وأبي نصر الزينبي، ورزق الله، وجماعة.
وعنه: ابناه عبدالرحيم وعبد اللطيف، وأبو القاسم بن عساكر
(1)، والسمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وأبو أحمد بن سكينة
وهو سبطه، وسليمان الموصلي، وأحمد بن الحسن العاقولي.
قال السمعاني: وقور مهيب، على شاكلة حميدة، ما عرفت له
هفوة، قرأت عليه الكثير، وكنت نازلا برباطه.
قال ابن النجار: سمعت ابن سكينة يقول: كنت حاضرا لما
احتضر، فقالت له أمي: يا سيدي، ما تجد ؟ فما قدر على
النطق، فكتب على يدها: [ روح وريحان وجنة نعيم ] [
الواقعة: 89 ] ثم مات.
قلت: مات في عاشر جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وخمس مئة،
وعملوا لموته وليمة بنحو ثلاث مئة دينار.
96 - شافع * ابن عبد الرشيد
(2)، العلامة أبو عبد الله الجيلي، ثم الكرخي، من
كبار أئمة الشافعية.
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر: 27 / 1.
(*) المنتظم 10 / 121، 122، طبقات السبكي 7 / 101، طبقات
الاسنوي 1 / 329، البداية والنهاية 12 / 222.
(2) في " طبقات " الاسنوي: " عبد الله " بدل " عبد الرشيد
".
(*)
(20/161)
رحل، وتفقه على الغزالي، وإلكيا (1).
وسمع بالبصرة من القاضي أبي عمر النهاوندي.
وتصدر للعلم ببغداد.
روى عنه السمعاني.
مات في المحرم سنة إحدى وأربعين وخمس مئة وهو في عشر
الثمانين.
97 - ابن الآبنوسي * الفقيه
المفتي العابد، أبو الحسن، أحمد بن الامام المحدث أبي محمد
عبد الله بن علي بن الآبنوسي، البغدادي الشافعي
الوكيل.
ولد سنة ست وستين وأربع مئة.
سمع أبا القاسم بن البسري، وإسماعيل بن مسعدة، وأبا نصر
الزينبي، وعدة، وتفقه على قاضي القضاة الحموي (2).
ونظر في الكلام والاعتزال، ثم لطف الله به، وصار من أهل
السنة والمتابعة، وكان يدري المذهب والفرائض والخلاف
والشروط، ثقة زاهدا مصنفا ذكارا، متألها، مؤثرا للانقطاع.
__________
(1) وهو الامام علي بن محمد بن علي الطبرستاني أبو الحسن
إلكيا الهراسي، المتوفى سنة 504 ه، مرت ترجمته في الجزء
التاسع عشر برقم (207).
(*) المنتظم 10 / 126، العبر 4 / 114، تذكرة الحفاظ 4 /
1294، الوافي بالوفيات 7 / 114، طبقات السبكي 6 / 21،
طبقات الاسنوي 1 / 109، شذرات الذهب 4 / 130.
(2) هو أبو بكر محمد بن المظفر الشامي الشافعي المتوفى سنة
488 ه، مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (47).
(*)
(20/162)
روى عنه: السمعاني، وابن عساكر (1)، والكندي، وسليمان
الموصلي، وآخر من روى عنه بنته شرف النساء.
مات في ثامن ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة.
ومات أبوه (2) بعد الخمس مئة.
98 - ابن الاشقر * أبو بكر
أحمد بن علي بن عبد الواحد، الدلال البغدادي ابن
الاشقر.
سمع أبا الحسين بن المهتدي بالله، وابن هزار مرد
الصريفيني.
وعنه: السمعاني، وأبو اليمن الكندي، وترك بن محمد العطار،
وأحمد بن الاصفر، وعبد الملك بن أبي الفتح، وعدة.
صالح خير، صحيح السماع.
مات في صفر سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة.
99 - ابن أخت الطويل * * الشيخ
الصالح المعمر، مسند همذان، أبو بكر، هبة الله بن الفرج،
الهمذاني ابن أخت الطويل.
ولد سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة.
وسمع من: أبي القاسم يوسف بن محمد الخطيب، وأبي الفضل
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر 7 / 2.
(2) وقد مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (176).
(*) المنتظم 10 / 126، العبر 4 / 115، شذرات الذهب 4 /
131.
(* *) التحبير 2 / 362 - 364.
(*)
(20/163)
القومساني الامام، وأبي الحسن علي بن محمد البجلي الجريري،
وبكر ابن حيد، وسفيان بن الحسين بن فنجويه، وعبدوس بن عبد
الله، وطائفة.
روى عنه: الحافظ أبو العلاء العطار، وأولاده أحمد، وعبد
الغني وواثلة، والمؤيد بن الاخوة، والسمعاني، وابن عساكر
(1)، وعدة.
وأجاز فيما قيل لعبد الخالق النشتبري (2).
وكان من خيار الشيوخ.
كان الحافظ أبو العلاء يقول: هو أحب إلي من كل شيخ بهمذان
(3).
وأثنى عليه السمعاني في " تحبيره " (4)، وذكر مولده سنة
اثنتين، وقال لابي العلاء: إنه ولد سنة ثلاث وخمسين (5).
فمن مسموعاته " السنن " من
البجلي، أخبرنا أبو بكر بن لال، عن ابن داسة، عن أبي داود.
وحدث به، فسمعه منه أحمد وعاتكة ولدا الحافظ أبي العلاء.
ومن سماعاته " مكارم الاخلاق " لابن لال، سمعه من البجلي
عنه (6).
توفي في شعبان سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة عن تسعين سنة.
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر 237 / 1.
(2) ضبط في الاصل بكسر النون وضبطها ياقوت بالفتح ثم
السكون وتاء مثناة فوقية ثم باء موحدة، نسبة إلى نشتبرى:
قرية كبيرة ذات نخل وبساتين، تختلط بساتينها ببساتين
شهرابان من طريق خراسان من نواحي بغداد.
انظر " معجم البلدان " 5 / 286، و " المشتبه " ص 380.
وعبد الخالق هذا متوفى سنة 649، ستأتي ترجمته في الجزء
الثاني والعشرين.
(3) انظر " التحبير " 2 / 362.
وأبو العلاء الهمذاني الحافظ ستأتي ترجمته في الجزء الحادي
والعشرين برقم (2).
(4) 2 / 362.
(5) " التحبير " 2 / 364.
(6) " التحبير " 2 / 363، 364.
(*)
(20/164)
100 - الدومي * الشيخ الجليل، أبو الفتح، مفلح بن أحمد بن
محمد
بن عبيد الله بن علي، الدومي، ثم البغدادي، الوراق.
مولده سنة سبع وخمسين وأربع مئة.
سمع أبا بكر الخطيب، وابن هزارمرد الصريفيني، وأبا الحسين
بن النقور، وعلي بن البسري.
وعنه: ابن عساكر (1)، وأبو سعد السمعاني، وعمر بن طبرزد،
ويوسف بن المبارك، وأبو محمد بن الساوي، وترك بن محمد
العطار.
قال السمعاني: كتبت عنه الكثير، وكان شيخا لا بأس به، كان
يعقد في قطيعة الفقهاء بالكرخ، ويكتب الرقاع بالاجرة،
وسمعت أنه جمع مالا كثيرا، ودفنه، فورثه ولده منجح، كان
حريصا، توفي في ثاني عشر المحرم سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.
قلت: وولده منجح (2) بن مفلح، يروي عن ابن البطر ونحوه.
توفي بعد سنة خمسين وخمس مئة (3).
وحفيده مصلح (4) بن منجح بن مفلح، سمع هبة الله بن الطبر
وغيره.
__________
(*) الاستدراك: ورقة 178، العبر 4 / 103، النجوم الزاهرة 5
/ 273، شذرات الذهب 4 / 116، حاشية الاكمال 3 / 370، 371.
والدومي بالدال المهملة المضمومة، نسبة إلى دومة الجندل،
وقد تحرف في " العبر " و " النجوم " و " الشذرات " إلى
الرومي بالراء.
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 245 / 1.
(2) مترجم في " الاستدراك ": باب الدومي والرومي.
ونقله المعلمي في حاشية " الاكمال " 3 / 371.
(3) سيذكره المؤلف عقب الترجمة (232) على أنه متوفى سنة
554 ه.
(4) مترجم في " الاستدراك " باب الدومي والرومي.
ونقله المعلمي في حاشية " الاكمال " 3 / 371.
(*)
(20/165)
روى عنه إلياس بن جامع.
ومات مع مفلح أبو عبد الله الحسين بن علي سبط الخياط (1)،
وأبو الفتح عبد الله بن محمد بن البيضاوي (2)، وأبو طالب
علي بن عبدالرحمن الصوري (3)، وأمير المسلمين علي (4) بن
يوسف بن تاشفين، والعلامة عمر
ابن محمد بن أحمد بن لقمان النسفي (5)، وكوخان (6) طاغية
الترك والخطا، والخطيب أبو الفضل محمد بن عبد الله بن
المهتدي بالله (7)، والقاضي المنتجب أبو المعالي محمد بن
الزكي يحيى القرشي (8) بدمشق.
101 - الشريك * الامام المسند،
أبو عمرو، عثمان بن محمد بن أحمد، البلخي.
سمع أباه، وإبراهيم بن محمد بن سليمان الوراق، والحافظ أبا
علي الوخشي، ومحمد بن عبدالملك الماسكاني، وأبا سعيد
الخليل بن أحمد السجزي، وطائفة.
قال السمعاني (9): كان فاضلا، حسن السيرة من أهل العلم،
مكثرا
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (79).
(2) سترد ترجمته برقم (117).
(3) تقدمت ترجمته برقم (66).
(4) تقدمت ترجمته برقم (75).
(5) تقدمت ترجمته برقم (76).
(6) تقدمت ترجمته برقم (77).
(7) تقدمت ترجمته برقم (70).
(8) تقدمت ترجمته برقم (82).
(*) التحبير 1 / 552 - 559.
(9) في " التحبير " 1 / 552 وما بعدها.
(*)
(20/166)
من الحديث، معمرا، كتب إلي بمروياته، يروي " الموطأ " عن
عبد الوهاب بن أحمد الحديثي، عن زاهر بن أحمد السرخسي،
ويروي
" تفسير " أبي الليث السمرقندي، عن الوخشي، عن تميم بن
زرعة، عنه، وروى عن الوخشي " سنن " أبي داود، وعدة
تفاسير..إلى أن قال (1): توفي ببلخ في جمادى الاولى سنة
سبع وثلاثين وخمس مئة.
102 - ابن الصباغ * العدل
الصدوق العالم، أبو القاسم، علي بن العلامة شيخ
الشافعية أبي نصر عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد بن
الصباغ البغدادي.
سمع أباه، وأبا محمد الصريفيني، وطرادا الزينبي.
حدث عنه: السلفي، وابن عساكر (2)، والسمعاني، وحمزة بن
القبيطي، وعبد اللطيف بن أبي النجيب، وزاهر بن رستم، ويوسف
بن الخفاف، وأحمد بن الحسن العاقولي، وسليمان الموصلي،
وأخوه محمد ابن علي، وعبد المجيد بن العلاء.
قال ابن النجار: كان من المعدلين ببغداد.
قال السمعاني: شيخ ثقة صالح صدوق، حسن السيرة، قال لي:
ولدت في آخر سنة إحدى وستين.
__________
(1) " التحبير " 1 / 559.
(*) العبر 4 / 115، شذرات الذهب 4 / 131.
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 145 / 1.
(*)
(20/167)
وقال احمد بن صالح الجيلي: توفي في جمادى الاولى سنة
اثنتين وأربعين وخمس مئة، وتبعه خلق عظيم، وكان شيخ الوقت،
بقي نيفا وخمسين سنة شاهدا، وهو آخر من روى ببغداد كتاب
ابن مجاهد في
القراءات.
قال: وكان شيخا حسنا فاضلا محترما، مقدما لدينه وعلمه
وبيته.
وفيها مات أحمد بن عبد الله بن علي بن الآبنوسي (1)، وأبو
جعفر البطروجي (2)، وأبو جعفر بن الباذش (3) المقرئ، وأبو
بكر أحمد بن علي ابن الاشقر (4)، ودعوان بن علي المقرئ
(5)، وعمر بن ظفر المغازلي (6)، ومحمد بن أحمد بن أبي
الفتح الطرائفي (7)، والقاضي أبو عبد الله الجلابي (8)،
والفقيه نصر الله بن محمد المصيصي (9)، وهبة الله بن الفرج
ابن أخت الطويل (10)، وأبو السعادات هبة الله بن علي بن
الشجري النحوي (11).
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (97).
(2) تقدمت ترجمته برقم (71).
(3) له ترجمة في " غاية النهاية " لابن الجزري 1 / 83.
(4) تقدمت ترجمته برقم (98).
(5) مترجم في " المنتظم " 10 / 127، 128، و " العبر " 4 /
115، و " شذرات الذهب " 4 / 131 وتحرف اسمه فيه إلى " عوان
".
(6) سترد ترجمته برقم (105).
(7) سترد ترجمته برقم (109).
(8) سترد ترجمته برقم (107).
(9) تقدمت ترجمته برقم (72).
(10) تقدمت ترجمته برقم (99)، وفي الاصل: ابن أخي الطويل،
والتصويب من ترجمته المتقدمة.
(11) سترد ترجمته برقم (126).
(*)
(20/168)
103 - ابن الرزاز * شيخ الشافعية، أبو منصور، سعيد (1) بن
محمد بن عمر
بن الرزاز، الشافعي البغدادي، مدرس النظامية.
تفقه بالغزالي، وأبي سعد المتولي، وإلكيا الهراسي، وأبي
بكر الشاشي، وأسعد الميهني.
وسمع من رزق الله التميمي، وجماعة.
وتصدر، وأفاد، وكان ذا وقار وسمت وحرمة تامة، ولي تدريس
النظامية مدة، ثم عزل.
وتخرج به الاصحاب.
روى عنه: السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وطائفة.
مات في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وخمس مئة، وصلى عليه ولده
أبو سعد، وعاش سبعا وسبعين سنة.
104 - الدهان * * المحدث
الصالح، أبو نصر، عبيد الله بن أبي عاصم عبد الله
بن أبي الفضل، الهروي الصوفي الدهان، صاحب شيخ الاسلام
(2).
__________
(*) المنتظم 10 / 113، الكامل في التاريخ 11 / 103، العبر
4 / 107، المشتبه: 312، دول الاسلام 2 / 57، طبقات السبكي
7 / 93، البداية والنهاية 12 / 219، النجوم الزاهرة 5 /
276، شذرات الذهب 4 / 122.
(1) تحرف اسمه في " البداية " إلى " سعد ".
(* *) لم أعثر على مصدر ترجمه.
(2) أبي إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الهروي، المتوفى
سنة 481، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (260).
(*)
(20/169)
سمع أبا عاصم الفضيل بن يحيى، ومحمد بن أبي مسعود الفارسي،
ولازم شيخ الاسلام مدة.
روى عنه سبطه أبو روح الهروي، وهو الذي حرص عليه، وسمعه
الكثير.
وروى عنه ابن السمعاني، وبالاجازة ابنه عبدالرحيم، وابن
الجوزي، وابن بوش.
توفي سنة تسع وثلاثين وخمس مئة، وقد قارب الثمانين.
105 - عمر بن ظفر * ابن أحمد،
الامام، مفيد بغداد، أبو (1) حفص الشيباني المغازلي
المقرئ.
تلا بالروايات الكثيرة على أحمد بن أبي الاشعث السمرقندي،
وغيره.
تلا عليه يحيى بن أحمد الاواني بالسبع.
وكان مولده في سنة إحدى وستين وأربع مئة.
وسمع من: أبي القاسم علي بن البسري، ومالك البانياسي،
وطراد الزينبي، والنعالي، وخلق، حتى كتب عن ابن الحصين
وذويه.
وروى عنه: ابن السمعاني، وابن عساكر (2)، وابن الجوزي،
وأبو
__________
(*) معرفة القراء الكبار 2 / 407، العبر 4 / 115، غاية
النهاية 1 / 593، شذرات الذهب 4 / 131.
(1) تحرف لفظ " أبو " في " معرفة القراء " إلى " ابن ".
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 311 / 2.
(*)
(20/170)
اليمن الكندي، وابن سكينة، ويوسف بن كامل، وعلي بن محمود
القطان، وآخرون.
ونسخ شيئا كثيرا، وعني بالرواية، مع الخير والصلاح والعلم،
وقد ختم عليه بمسجده خلق كثير.
قال السمعاني: هو شيخ صالح، حسن السيرة، صحب الاكابر،
وخدمهم، قيم بكتاب الله، ختم عليه خلق، كتبت عنه الكثير،
وأظهر المبارك بن كامل سماعه في السادس من انتقاء ابن أبي
الفوارس على المخلص على ورقة عتيقة من علي بن البسري، فشنع
أبو القاسم بن السمرقندي عليه، وقال: ما سمع من البسري
شيئا، وسن عمر محتمل.
توفي في حادي عشر شعبان سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة.
106 - ظاهر بن أحمد * أبو
القاسم البغدادي المساميري البزاز، الرجل الصالح.
سمع رزق الله التميمي، وطرادا الزينبي، وابن البطر.
وعنه: السمعاني، ويوسف بن المبارك، ومحمد بن علي القبيطي.
توفي في ذي القعدة سنة إحدى وأربعين وخمس مئة.
107 - الجلابي * * القاضي أبو
عبد الله، محمد بن علي بن محمد بن محمد بن الطيب
__________
(*) لم أعثر على مصدر ترجمه.
(* *) الانساب 3 / 400، الاستدراك: باب الجلابي والجلابي،
العبر 4 / 115، المشتبه: 195، توضيح المشتبه 1 / ق 167 /
2، لسان الميزان 5 / 293 وتحرف فيه إلى = (*)
(20/171)
ابن الجلابي - بالضم -، الواسطي المالكي المغازلي (1)
المعدل الشروطي.
ولد سنة سبع وخمسين وأربع مئة.
وسمعه أبوه من أبي الحسن محمد بن محمد بن مخلد الازدي،
والحسن بن أحمد الغندجاني، وأبي علي إسماعيل بن محمد بن
كماري، وأبي يعلى علي بن عبيدالله بن العلاف، وأبي منصور
محمد بن محمد العكبري لما قدم واسطا، وسمع ببغداد من
الحميدي، وله إجازة من أبي غالب بن الخالة اللغوي، وأبي
بكر الخطيب، وأبي تمام علي بن محمد صاحب ابن المظفر، وتفرد
بأشياء.
قال السمعاني: شيخ متودد، حسن المجالسة، ينوب عن قاضي
واسط، انحدرت إليه، وسمعت منه الكثير، من ذلك " مسند
الخلفاء الراشدين " لاحمد بن سنان، و " البر والصلة " لابن
المبارك، وحدث ببغداد بعد سنة عشرين وخمس مئة، وكان شيخنا
أحمد بن الاغلاقي يرميه بأنه ادعى سماع شئ لم يسمعه، وأما
ظاهره، فالصدق والامانة، وهو صحيح السماع والاصول.
قلت: حدث عنه: الحسن بن مكي المرندي (2)، وأبو المظفر علي
ابن نغوبا (3) ويحيى بن الربيع الفقيه، ويحيى بن الحسين
الاواني، وأبو المكارم علي بن عبد الله بن الجلخت، وأبو
بكر أحمد بن صدقة الغرافي،
__________
= " الحلاي "، تبصير المنتبه 1 / 380، شذرات الذهب 4 /
131، وتحرفت النسبة فيه إلى الحداني ".
(1) تحرف في " لسان الميزان " 5 / 293 إلى " المغازي ".
(2) بفتح أوله وثانيه ونون ساكنة، نسبة إلى مرند: من مدن
أذربيجان.
(3) المتوفى سنة 611 ه، ستأتي ترجمته في الجزء الحادي
والعشرين برقم (280).
(*)
(20/172)
وأبو الفتح محمد بن أحمد المندائي (1).
وكان أبو الفتح يغلط، ويقول: الجلابي بالفتح، فأنا رأيته
بالضم بخط والده في " تاريخ واسط " وكذا قيده ابن نقطة (2)
وغيره.
مات في رمضان سنة 542.
108 - ابن المختار * الشيخ
الجليل، مسند وقته، أبو تمام، أحمد بن الشيخ أبي العز محمد
بن المختار بن محمد بن عبد الواحد بن المؤيد بالله،
العباسي البغدادي التاجر الجوال، ويعرف بابن الخص (3).
ولد في حدود سنة خمسين وأربع مئة.
وسمع أبا جعفر بن المسلمة، فكان آخر من روى بخراسان " صفة
المنافق " للفريابي عنه، وسمع أيضا أبا نصر الزينبي.
روى عنه: السمعاني، وابنه عبدالرحيم، القاسم بن عبد الله
الصفار، وإسماعيل القاري، وآخرون.
توفي بنيسابور بعد أن أكثر من التجارة بالبحار والهند
والترك في خامس ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.
__________
(1) المتوفى سنة 605 ه، ستأتي ترجمته في الجزء الحادي
والعشرين برقم (231)، وسيذكر المؤلف فيها معنى نسبته "
المندائي ".
(2) في " الاستدراك " باب الجلابي والجلابي.
(*) المنتظم 10 / 134، العبر 4 / 119، شذرات الذهب 4 /
135.
(3) كذا في الاصل، وفي " المنتظم ": ابن الخضر.
(*)
(20/173)
109 - الطرائفي * المعمر، أبو عبد الله، محمد بن أحمد
بن أبي الفتح الحسن، البغدادي الطرائفي.
سمع " صفة المنافق " من ابن المسلمة، وأجاز له هو والخطيب،
وعبد الصمد بن المأمون.
آخر من روى عنه الفتح بن عبد السلام.
مات في ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة عن إحدى
وتسعين سنة.
روى عنه: حمزة بن القبيطي، وأخوه، وزاهر بن رستم، وأحمد بن
الحسن العاقولي.
110 - ابن الداية * * محمد بن
علي، ابن الداية البغدادي.
سمع منه الفتح " صفة المنافق " بعد الاربعين وخمس مئة
بسماعه من أبي جعفر بن المسلمة.
يكنى أبا غالب، عاش سبعا وثمانين سنة.
روى عنه: السمعاني، وحمزة ومحمد ابنا علي بن القبيطي،
وسليمان الموصلي.
توفي في محرم سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.
__________
(*) المنتظم 10 / 129.
(* *) المنتظم 10 / 136، تذكرة الحفاظ 4 / 1297.
(*)
(20/174)
قال ابن النجار: هو أبو غالب، لا يعرف اسم جده، كان أبوه
فراشا في بيت رئيس الرؤساء (1)، وأمه داية لهم، فربي معهم،
وسمع مع الاولاد على أبي جعفر بن المسلمة، وعمر، وسمع منه
الحفاظ والكبار، وكان يكبر
في الجامع خلف الخطيب، وكان سماعه صحيحا.
111 - ابن الرماك * إمام
النحو، أبو القاسم، عبدالرحمن بن محمد بن عبدالرحمن
بن عيسى، الاموي الاشبيلي، قل أن ترى العيون مثله.
أقرأ " كتاب " سيبويه، وتخرج به أئمة.
أخذ عن أبي عبد الله بن أبي العافية، وأبي الحسن بن
الاخضر.
حمل عنه: أبو بكر بن خير، وأبو إسحاق بن ملكون، وأبو بكر
بن طاهر الخدب.
توفي كهلا سنة إحدى وأربعين وخمس مئة.
112 - الغنوي * * الامام، أبو
إسحاق، إبراهيم بن محمد بن محرز (2)، الغنوي
__________
(1) وهو أبو القاسم علي بن الحسن بن أبي الفرج بن مسلمة،
المتوفى سنة 450 ه.
مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (104).
(*) بغية الوعاة 2 / 86.
(* *) المنتظم 10 / 134، الكامل في التاريخ 11 / 137،
تذكرة الحفاظ 4 / 1297، العبر 4 / 119، الوافي بالوفيات 6
/ 118، طبقات السبكي 7 / 36، البداية والنهاية 12 / 224،
شذرات الذهب 4 / 135.
والغنوي: نسبة إلى غني بن أعصر.
(2) في " المنتظم " و " الوافي " و " طبقات السبكي زيادة
اسم " نبهان " بين " محمد " و " محرز " وقد تحرف في "
البداية " إلى " نهار ".
(*)
(20/175)
الرقي، الفقيه الشافعي الصوفي.
ومولده سنة تسع وخمسين وأربع مئة.
سمع رزق الله التميمي، وعبد المحسن الشيحي، ومحمد بن بكران
الشامي، والحميدي، وعدة.
وقدم الخطيب أبو القاسم يحيى بن طاهر بن محمد بن سيد
الخطباء عبدالرحيم بن نباتة في سنة أربع وثمانين وافدا على
النظام الوزير، فقال: إن " ديوان الخطب " سماعي من أبي عن
جدي، ولم يكن معه نسخة، فقرأ عليه الغنوي من نسخة جديدة لا
سماع عليها.
وقد تفقه على الغزالي، وأبي بكر الشاشي.
وكتب كثيرا.
قال ابن الجوزي (1): رأيته وله سمت وصمت، وعليه وقار (2)
وخشوع.
قلت: روى عنه: السمعاني، وأبو اليمن الكندي، وأبو حفص بن
طبرزد، وآخرون.
مات ببغداد في ذي الحجة سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.
وكان صدوقا.
__________
(1) في " المنتظم " 10 / 134.
(2) في مطبوعة " المنتظم ": ووقار، بدون لفظ " عليه ".
(*)
(20/176)
113 - ابن الوزير * الحافظ المفيد، أبو علي، الحسن بن
مسعود،
ابن الوزير الدمشقي.
وزر جده حسن (1) الخوارزمي لتتش (2) صاحب دمشق.
وهذا طلب العلم، ورحل في الحديث.
وتفقه لابي حنيفة.
وسكن مرو، وسمع الكثير، وأكثر عن فاطمة الجوزدانية (3).
قال السمعاني: حافظ فطن، له معرفة بالحديث والانساب، قال
لي: إنه ولد في صفر سنة ثمان وتسعين وأربع مئة، ومات بمرو
في المحرم سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.
قلت: وله نظم جيد (4) وفضائل.
114 - الجورقاني * * الامام
الحافظ الناقد، أبو عبد الله، الحسين بن إبراهيم بن
الحسين
__________
(*) خريدة القصر (قسم شعراء الشام) 1 / 284، تذكرة الحفاظ
4 / 1297، ميزان الاعتدال 1 / 523، الوافي بالوفيات 12 /
269، 270، الجواهر المضية 2 / 91، لسان الميزان 2 / 256،
الطبقات السنية رقم (732)، تهذيب تاريخ دمشق لبدران 4 /
253.
(1) تحرف في " لسان الميزان " إلى حسين.
(2) ابن ألب أرسلان السلجوقي، المتوفى سنة 488 ه، مرت
ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (46).
(3) المتوفاة سنة 524، مرت ترجمتها في الجزء التاسع عشر
برقم (292).
(4) انظر بعض نظمه في " تهذيب تاريخ دمشق " 4 / 253.
(* *) معجم البلدان 2 / 184، الاستدراك: باب الجورقاني
والجورقاني والخوزياني، اللباب 1 / 307، تذكرة الحفاظ 4 /
1308، 1309، الوافي بالوفيات 12 / 315، لسان الميزان = (*)
(20/177)
ابن جعفر، الهمذاني الجورقاني.
وجورقان: من قرى همذان.
له مصنف في " الموضوعات " يسوقها بأسانيده.
يروي عن أبي محمد الدوني فمن بعده.
وعلى كتابه بنى أبو الفرج بن الجوزي كتاب " الموضوعات "
له.
قال ابن شافع: أدركه أجله في السفر، فبلغنا في رجب خبره من
سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.
قال ابن النجار: كتب وحصل، وصنف، وأجاد تصنيف كتاب "
الموضوعات " حدثنا عنه عبد الرزاق الجيلي (1).
قلت: وروى عن ابن طاهر المقدسي، ويحيى بن أحمد الغضائري،
وشيرويه الديلمي، وحمد بن نصر، وعبد الملك بن بنجير، ويحيى
بن مندة، وأحمد بن عباد البروجردي، وينزل إلى عبد الخالق
اليوسفي.
حدث عنه بالكتاب ابن أخته نجيب بن غانم الطيان في سنة 582.
قال ابن مشق: توفي في سادس عشر رجب سنة ثلاث وأربعين وخمس
مئة.
__________
= 2 / 269 - 271، طبقات الحفاظ، شذرات الذهب 4 / 136،
إيضاح المكنون 2 / 261، هدية العارفين 1 / 313، الرسالة
المستطرفة 111 وفيه الجوزقي.
والجورقاني ضبط في الاصل كما ضبطه ابن نقطة بفتح الجيم
والراء، وضبطه ابن الاثير بضم الجيم وسكون الواو والراء،
أما ياقوت فضبطه بالزاي المفتوحة، ولم يضبط الجيم، وضبطت
بالضم ضبط القلم، وضبطه ابن حجر في " لسان الميزان " فقال:
جوزقان: بضم الجيم وسكون الواو بعدها زاي ثم قاف..ضبطه
السمعاني وذكر من أهلها واحدا، ولم يذكر صاحب الترجمة، وقد
ذكره ابن النجار في " الذيل " اه.
وقد ورد في " تذكرة الحفاظ " و " شذرات الذهب " بالزاي.
وانظر تعليق المعلمي على " الانساب " 3 / 356، 357.
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1308، 1309.
(*)
(20/178)
115 - أبو الدر ياقوت
*
الرومي التاجر السفار، مولى عبيدالله بن البخاري.
سمعه مولاه من أبي محمد الصريفيني سبعة مجالس المخلص،
وكتاب " المزاح " للزبير بن بكار.
قال السمعاني: كان شيخا ظاهره الصلاح والسداد، لا بأس به،
حدث بمصر ودمشق وبغداد (1).
وقال ابن عساكر: قدم مصر ودمشق مرات للتجارة، ولم يكن يفهم
شيئا، ومات بدمشق في شعبان سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.
قلت: حدث عنه ابن عساكر (2)، وابنه بهاء الدين القاسم،
وأبو المواهب بن صصرى، ومحمد بن الزنف (3)، والخضر بن كامل
العابر، وعقيل بن أبي الجن، وعبد الرحمن بن سلطان القرشي،
وعبد الرحمن بن إسماعيل الجنزوي، وعبد الرحمن بن عبد
الواحد بن هلال، وعبد الصمد ابن جوشن التنوخي، وآخرون.
وفيها مات أبو تمام أحمد بن محمد بن المختار بن المؤيد
بالله التاجر (4) بنيسابور، والفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن
محمد بن نبهان
__________
(*) الانساب 6 / 188، العبر 4 / 120، النجوم الزاهرة 5 /
283، شذرات الذهب 4 / 136.
(1) انظر " الانساب " 6 / 188.
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 239 / 2.
(3) بفتح الزاي وسكون النون وآخره فاء، كما ضبطه ابن نقطة
في " الاستدراك " باب الدنف والزنف، وهو أبو المعالي محمد
بن وهب بن سلمان بن الزنف الدمشقي، المتوفى سنة 606 ه،
ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (263).
(4) تقدمت ترجمته برقم (108).
(*)
(20/179)
الرقي (1)، وأبو علي الحسن بن مسعود ابن الوزير الدمشقي
(2) بمرو، وأبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان الازدي
(3)، وأبو علي سهل بن محمد ابن أحمد الحاجي بأصبهان، وعباد
بن سرحان الشاطبي بالعدوة: لقي رزق الله، وقاضي القضاة أبو
القاسم علي بن نور الهدى أبي طالب الزينبي (4)، والقاضي
أبو بكر بن العربي (5)، وأبو غالب محمد بن علي ابن الداية
(6)، والمبارك بن كامل الخفاف (7)، والفقيه أبو الحجاج
يوسف بن دوناس الفندلاوي (8) المالكي، والقدوة عبدالرحمن
الحلحولي (9).
116 - هبة الرحمن * ابن عبد
الواحد بن شيخ الاسلام أبي القاسم عبد الكريم بن
هوازن، الشيخ الامام، العالم الخطيب، مسند خراسان، أبو
الأسعد القشيري النيسابوري، خطيب نيسابور، وكبير أهل بيته
في عصره.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (112).
(2) تقدمت ترجمته برقم (113).
(3) سترد ترجمته برقم (140).
(4) سترد ترجمته برقم (131).
(5) سترد ترجمته برقم (128).
(6) تقدمت ترجمته برقم (110).
(7) سترد ترجمته برقم (203).
(8) سترد ترجمته برقم (133).
(9) نسبة إلى حلحول: قرية بين بيت المقدس وقبر إبراهيم
الخليل، وبها قبر يونس بن متى عليهما السلام.
وعبد الرحمن مترجم في " معجم البلدان " 2 / 290، و " توضيح
المشتبه "
1 / ق 144 / أ، وانظر تعليق المعلمي على " الانساب " 4 /
191.
(*) الانساب 10 / 156، التحبير 2 / 368 - 371، دول الاسلام
2 / 61، العبر 4 / 125، 126، تذكرة الحفاظ 4 / 1309،
المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 251 - 253، مرآة الجنان 3 /
284، طبقات السبكي 7 / 329، لسان الميزان 6 / 187، شذرات
الذهب 4 / 140، 141.
(*)
(20/180)
مولده في جمادى الاولى سنة ستين وأربع مئة.
وسمع من جده أبي القاسم في الخامسة، ومن جدته فاطمة بنت
الدقاق، ومن أبيه، وعميه أبي سعد وأبي منصور، ومن أبي سهل
الحفصي صاحب الكشميهني، سمع منه في سنة 465 " صحيح البخاري
"، وسمع من أبي صالح المؤذن، وأبي نصر عبدالرحمن بن علي
التاجر، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، وإسماعيل بن مسعدة، ونصر
بن علي الحاكمي، ومحمد ابن عبد العزيز الصفار، وأبي بكر
محمد بن يحيى بن إبراهيم المزكي، وعدة.
وسمع من الحاكمي " سنن " أبي داود، ومن عبدالحميد بن عبد
الرحمن البحيري " مسند " أبي عوانة.
وروى الكثير، وبعد صيته، وارتحلوا إليه.
حدث عنه: ابن عساكر (1)، والسمعاني، والمؤيد بن محمد
الطوسي، والقاسم بن عبد الله الصفار، والمؤيد بن عبد الله
القشيري، والمطهر بن أبي بكر البيهقي، وأبو الفتوح محمد بن
محمد البكري، وأبو المظفر عبدالرحيم بن السمعاني، وخلق
كثير.
أملى مجالس كثيرة، وله أربعون حديثا، وأخرى [ حياته ] (2)
ظهر به صمم يسمع معه إذا رفع القارئ صوته.
قال السمعاني: سمعت أصحابنا يقولون: إنه ادعى سماع "
الرسالة " من جده، وما ظهر له عن جده إلا أجزاء أبي العباس
السراج،
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 238.
(2) ما بين حاصرتين مستدرك لتوضيح المراد، فقد ورد في "
التحبير " 2 / 369: وحدث به طرش سنين في أواخر عمره.
وفي " اللسان " أنه يقال: جاء في أخرى القوم، أي في
أواخرهم.
(*)
(20/181)
ومجالس أملاها أبو القاسم، وكتاب " عيون الاجوبة في فنون
الاسولة " (1)، وقد روى بالاجازة عن أبي نصر الزينبي
وغيره.
توفي في ثالث عشر شوال سنة ست وأربعين وخمس مئة.
117 - البيضاوي * الامام
القاضي، أبو الفتح، عبد الله بن محمد بن محمد بن
محمد بن البيضاوي الفارسي، ثم البغدادي، الحنفي، أخو قاضي
القضاة أبي القاسم (2) الزينبي لامه.
سمع أبا جعفر بن المسلمة، وأبا الغنائم بن المأمون، وأبا
محمد الصريفيني، وطائفة.
وعنه: السمعاني، وابن عساكر (3)، وابن الجوزي، والكندي،
وآخرون.
قال السمعاني: شيخ صالح متواضع، متحر (4) في قضائه الخير،
متثبت، توفي في نصف جمادى الاولى سنة سبع وثلاثين وخمس
مئة.
__________
(1) وهو من جمع أبي القاسم القشيري أيضا.
انظر " التحبير " 2 / 369.
(*) الانساب 2 / 368، المنتظم 10 / 104، 105، العبر 4 /
102، مرآة الجنان
3 / 268، الجواهر المضية 2 / 343، 344، النجوم الزاهرة 5 /
273، الطبقات السنية رقم (1105)، شذرات الذهب 4 / 115.
والبيضاوي: نسبة إلى بلدة من بلاد فارس، تدعى: بيضاء.
(2) سترد ترجمته برقم (131).
(3) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 93 / 2.
(4) في الاصل: متحري وله وجه في اللغة والجادة ما أثبتناه.
(*)
(20/182)
118 - السمذي * أبو المكارم، المبارك بن علي بن عبد العزيز،
البغدادي الهماني (1) السمذي.
سمع أحمد بن محمد بن حمدوه، وأبا محمد بن هزارمرد، وأبا
القاسم بن البسري.
وعنه: السمعاني، وابن طبرزد، وعبد الوهاب بن جماز (2)
القلعي، وآخر من روى عنه بالاجازة أبو منصور محمد [ بن ]
(3) عفيجة.
توفي يوم عاشوراء سنة تسع وثلاثين (4) وخمس مئة في عشر
التسعين.
119 - الارموي * * الشيخ
الفقيه الامام المعمر القاضي، مسند العراق، أبو الفضل محمد
__________
(*) الانساب 7 / 135، 136، المنتظم 10 / 118، اللباب 2 /
137، العبر 4 / 109، النجوم الزاهرة 5 / 276، شذرات الذهب
4 / 125.
والسمذي بكسر السين المهملة وكسر الميم المشددة وقيل
بفتحها وفي آخرها الذال المعجمة، نسبة إلى السمذ، وهو نوع
من الخبز الابيض يعمل لخواص الناس.
(1) نسبة إلى همان: قال السمعاني: وظني أنها قرية بالعراق
من سواد بغداد.
انظر
" اللباب " 3 / 391.
(2) كذا ضبط في الاصل بالجيم والزاي، وضبطه المؤلف في "
المشتبه " 170 بالحاء والراء المهملتين، وتابعه ابن حجر في
" التبصير " 1 / 260، وقد رد عليه ابن ناصر الدين في "
توضيح المشتبه " 1 / ق 147 بقوله: هذا تصحيف، إنما هو ابن
جماز بجيم وزاي.
وذكر وفاته سنة 594 ه.
(3) سقط لفظ " بن " من الاصل، وأبو منصور هذا يعرف بابن
عفيجة، تقدم التعريف به في حواشي الترجمة رقم (55).
(4) أورده ابن الجوزي في " المنتظم " في وفيات سنة 540.
(* *) الانساب 1 / 191، 192، المنتظم 10 / 149، معجم
البلدان 1 / 159، الكامل في التاريخ 11 / 175، دول الاسلام
2 / 62، العبر 4 / 127، تاريخ الاسلام (وفيات = (*)
(20/183)
ابن عمر بن يوسف بن محمد، الارموي، ثم البغدادي الشافعي.
ولد ببغداد في سنة تسع وخمسين وأربع مئة.
وسمع باعتناء أبيه من أبي جعفر بن المسلمة، وعبد الصمد بن
المأمون، وأبي الحسين بن المهتدي بالله، وأبي الحسين بن
النقور، وأبي بكر الخطيب، وجابر بن ياسين، وأبي بكر محمد
بن علي الخياط المقرئ، وأبي نصر الزينبي، وطائفة.
وعنه: ابن عساكر (1)، والسلفي، والسمعاني، وعبد الخالق بن
أسد، وعمر بن طبرزد، وإبراهيم بن البتيت، والقاضي أسعد بن
المنجى، ومحمد بن علي بن الطراح، ومبارك بن صدقة الحاسب،
ويونس بن يحيى الهاشمي، وعمر بن مسعود البزاز الزاهد،
وزاهر بن رستم، وعثمان بن إبراهيم بن فارس السيبي، وأخوه
إسماعيل الخباز، وشجاع بن سالم
البيطار، والتاج الكندي، وداود بن ملاعب، وأخته حفصة بنت
ملاعب، وسبطه يوسف بن محمد الارموي، وموسى بن الصيقل
الهاشمي، وإسماعيل بن سعد الله بن حمدي، ومظفر بن غيلان
الدقاق، وسعيد بن محمد الرزاز، ومسمار بن عويس النيار،
وعبد الرحمن بن المبارك بن المشتري، وأحمد بن يوسف بن
صرما، والفتح بن عبد السلام، وآخرون.
وكان فقيها مناظرا متكلما صالحا كبير القدر.
قال السمعاني: فقيه إمام متدين، ثقة صالح، حسن الكلام،
كثير
__________
= 547)، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 33، 34، الوافي
بالوفيات 4 / 245، طبقات السبكي 6 / 165، 166، طبقات
الاسنوي 1 / 112، 113، النجوم الزاهرة 5 / 303، شذرات
الذهب 4 / 145، والارموي نسبة إلى أرمية، وهي من بلاد
أذربيجان.
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 204 / 1.
(*)
(20/184)
التلاوة، تفقه على الشيخ أبي إسحاق (1).
وقال ابن الجوزي (2): سمعت منه بقراءة الحافظ ابن ناصر،
وقرأت عليه كثيرا، وكان ثقة دينا تاليا، وكان شاهدا، فعزل،
توفي في رجب سنة سبع وأربعين وخمس مئة.
قلت: وقد ولي قضاء دير العاقول (3).
مات في رابع رجب وله ثمان وثمانون سنة.
وفيها مات أبو الخير جامع بن عبدالملك النيسابوري (4)،
وأبو القاسم الجنيد بن محمد القايني (5) بهراة، والمحدث
عبدالرحمن بن الحسن الشعري الصوفي والد زينب، والفقيه محمد
بن إسماعيل بن أبي صالح المؤذن (6)، وشيخ القراء أبو عبد
الله محمد بن الحسن ابن غلام الفرس
الداني (7)، وأبو نصر محمد بن منصور بن عبدالرحيم الحرضي
النيسابوري (8)، وأبو عامر محمد بن يحيى بن ينق الشاطبي
الاديب الطبيب (9)، والسلطان مسعود بن محمد السلجوقي (10)،
والواعظ الشهير أبو
__________
(1) انظر " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ": 24، و " الوافي
" 4 / 245.
(2) في " المنتظم " 10 / 149.
(3) وهي مدينة في العراق جنوب شرقي بغداد.
(4) مترجم في " الوافي " 11 / 40، 41، وفيه: جامع بن
عبدالرحمن.
(5) سترد ترجمته برقم (181).
(6) مترجم في " المنتظم " 10 / 149.
(7) مترجم في " معرفة القراء الكبار " 2 / 411، 412، و "
غاية النهاية " 2 / 121، 122.
(8) سترد ترجمته برقم (174).
(9) مترجم في " الوافي " 5 / 196، و " بغية الوعاة " 1 /
261 وفيهما: " نيق " بتقديم النون، و " التكملة ": 198.
(10) سترد ترجمته برقم (259).
(*)
(20/185)
منصور مظفر بن أردشير العبادي (1).
120 - الاموي * العلامة، أبو
علي، الحسن بن سعيد بن أحمد القرشي الاموي الجزري
الشافعي.
قدم، فتفقه ببغداد، وبرع.
وسمع من عبد العزيز بن علي الانماطي، وأبي القاسم بن
البسري.
وولي قضاء جزيرة ابن عمر مدة، ثم عزل، فتحول إلى آمد.
قال ابن عساكر: سألته عن مولده، فقال: سنة إحدى وخمسين
وأربع مئة.
وقال يوسف بن مقلد: سمعت منه، ومات بفنك (2) في رمضان سنة
544.
121 - الاندي * * المحدث
الجوال، أبو الحجاج، يوسف بن علي، القضاعي الاندي
الحداد القفال.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (150).
(*) الوافي بالوفيات 12 / 27، وطبقات السبكي 7 / 60، 61.
(2) بفتح أوله وثانيه، قرية بينها وبين سمرقند نصف فرسخ،
وفنك أيضا: قلعة حصينة منيعة للاكراد البشنوية قرب جزيرة
ابن عمر، بينهما نحو الفرسخين.
" معجم البلدان " 4 / 278.
(* *) معجم البلدان 1 / 264، الاستدراك لابن نقطة: باب
الاندي والابدي.
والاندي: بضم الهمز وسكون النون، نسبة إلى أندة، وهي مدينة
من أعمال بلنيسة بالاندلس.
(*)
(20/186)
ارتحل، وحج.
وسمع ببغداد من أبي القاسم بن بيان، وأبي طالب الحسين بن
محمد الزينبي، وأبي الغنائم النرسي، وسمع " صحيح " مسلم بن
إسماعيل ولد عبد الغافر الفارسي، وسمع " المقامات " من
الحريري.
ورجع، ثم ارتحل مرة ثانية، وسكن المرية، وروى الكثير.
حدث عنه: المحدث رزين العبدري ومات قبله، وأبو محمد
العثماني، وأبو الوليد بن الدباغ، وخطيب الموصل أبو الفضل،
وابن بشكوال، وأبو القاسم بن حبيش، وأبو محمد بن عبيدالله،
وعدة.
واشتهر اسمه.
قال أبو عبد الله الابار: كان صدوقا، صحيح السماع، ليس
عنده كبير علم، استشهد يوم غلبة العدو على المرية في جمادي
الاولى سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة، وقتل يومئذ خلق كثير،
ويقال: عاش خمسا وثمانين سنة، رحمه الله.
122 - المرادي * العلامة
الفقيه المحدث، أبو الحسن، علي بن سليمان بن أحمد،
المرادي القرطبي الشقوري (1) الشافعي.
__________
(*) الانساب 7 / 367 (الشقوري) و 9 / 278 (الفرغليطي)،
معجم البلدان 4 / 254، اللباب 2 / 303 و 423، طبقات السبكي
7 / 224، 225، طبقات الاسنوي 2 / 433.
(1) بفتح الشين وضم القاف، نسبة إلى شقورة: ناحية بقرطبة.
وترجمه السمعاني أيضا عند نسبة الفرغليطي، نسبة إلى قرية
من نواحي شقورة، وقد ضبطها بالظاء المعجمة آخره، وضبطها
ياقوت بالطاء المهملة.
(*)
(20/187)
مولده قبل الخمس مئة.
وارتحل إلى خراسان، فتفقه بمحمد بن يحيى، وسمع " صحيح "
مسلم، وتواليف البيهقي من أبي عبد الله الفراوي، وعبد
المنعم بن القشيري، وهبة الله السيدي، وأقام هناك مدة، ثم
قدم بغداد، وكتب الكثير، ثم قدم دمشق في حدود سنة أربعين
وخمس مئة بكتبه، فنزل على الحافظ ابن عساكر، فسر بقدومه،
لانه كان اتكل عليه في كثير مما سمعا،
فحدث في دمشق ب " الصحيحين ".
قال السمعاني: كنت آنس به كثيرا، وكان أحد العباد، خرجنا
معا إلى نوقان لسماع " تفسير " الثعلبي (1)، فلمحت منه
أخلاقا وأحوالا قلما تجتمع في ورع، وعلقت عنه (2).
وقال ابن عساكر: ندب للتدريس بحماة، فمضى إليها، ثم ندب
إلى التدريس بحلب، فدرس بمدرسة ابن العجمي، وكان ثبتا صلبا
في السنة (3).
قلت: روى عنه القاسم بن عساكر، وأبو القاسم بن الحرستاني،
ويحيى بن منصور اليخلفي، وآخرون.
مات بحلب في ذي الحجة سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
أخبرنا إسحاق بن طارق، أخبرنا أبو يعلى عبد الكريم بن عبد
الصمد العقيلي، وابن عمه يحيى بن محمد، قالا: أخبرنا يحيى
بن منصور،
__________
(1) المتوفى سنة 427، مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم
(291).
(2) انظر " الانساب " 9 / 278، و " طبقات " السبكي 7 /
225.
(3) انظر " طبقات " السبكي 7 / 225.
(*)
(20/188)
أخبرنا علي بن سليمان، أخبرنا زاهر،، أخبرنا البيهقي،
حدثنا أبو الحسن العلوي، حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن
بالويه، حدثنا أحمد بن يوسف، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا
معمر، عن همام، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " من يطع الامير فقد أطاعني، ومن يعص الامير
فقد عصاني " (1).
123 - الاتابك * الملك عماد
الدين الاتابك (2) زنكي بن الحاجب قسيم الدولة
آقسنقر ابن عبد الله التركي، صاحب حلب.
فوض إليه السلطان محمود بن ملكشاه شحنكية (3) بغداد في سنة
إحدى
__________
(1) أخرجه مسلم (1835) (33) من طريق محمد بن رافع، عن عبد
الرزاق بهذا الاسناد، وأخرجه البخاري (2957) و (7137)،
ومسلم (1835) (33) من طريقين عن يونس، عن الزهري، عن أبي
سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة، وأخرجه النسائي 7 / 154،
عن زياد بن سعد عن الزهري به وأخرجه البخاري (2956) ومسلم
(1835) من طريقين عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة.
(*) المنتظم 10 / 121، الكامل في التاريخ 11 / 110 - 112،
التاريخ الباهر 3 / 26 و 55 و 56 و 66، 74 - 84، مرآة
الزمان 8 / 114، 115، الروضتين 1 / 27 - 46، وفيات الاعيان
2 / 327 - 329، المختصر 3 / 12 و 14 و 16 و 18، العبر 4 /
112، دول الاسلام 2 / 57، تتمة المختصر 2 / 72، 73،
البداية والنهاية 12 / 221، تاريخ ابن خلدون 5 / 52 و 55 و
67 و 158 و 223 و 224 و 234 و 236 و 237، النجوم الزاهرة 5
/ 278، 279، شذرات الذهب 4 / 128، تهذيب تاريخ دمشق لبدران
5 / 388.
(2) قال ابن خلكان: " الاتا " بالتركية هو الاب، و " بك "
هو الامير، والاتابك مركب من هذين المعنيين.
" وفيات الاعيان " 1 / 365.
وقال: لما تقلد زنكي الموصل سلم إليه السلطان محمود ولديه
ألب أرسلان وفروخ شاه المعروف بالخفاجي ليربيهما، فلهذا
قيل له: أتابك، لان الاتابك هو الذي يربي أولاد الملوك.
" وفيات الاعيان " 2 / 328.
(3) يقصد بها رئاسة أو إدارة الشحنة، والشحنة: من فيهم
الكفاية لضبط البلد من جهة السلطان.
ويسمون في وقتنا الشرطة.
(*)
(20/189)
عشرة (1) وخمس مئة في العام الذي ولد له فيه ابنه الملك
العادل نور الدين
الشهيد (2)، ثم إنه حوله إلى مدينة الموصل، فجعله أتابكا
لولده الملقب بالخفاجي في سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة.
ثم استولى على البلاد، وعظم أمره، وافتتح الرها، وتملك حلب
والموصل وحماة وحمص وبعلبك وبانياس، وحاصر دمشق، وصالحهم
على أن خطبوا له بها بعد حروب يطول شرحها.
واستنقذ من الفرنج كفر طاب والمعرة، ودوخهم، وشغلهم
بأنفسهم، ودانت له البلاد (3).
وكان بطلا شجاعا مقداما كأبيه، عظيم الهيبة، مليح الصورة،
أسمر جميلا، قد وخطه الشيب، وكان يضرب بشجاعته المثل، لا
يقر ولا ينام، فيه غيرة حتى على نساء جنده، عمر البلاد.
قصد حلب في سنة اثنتين وعشرين، وكانت للبرسقي (4) قد
انتزعها من بني أرتق، ثم وليها ابنه مسعود، والنائب بها
قيماز، ثم بعد قتلغ، فنازلها جوسلين ملك الفرنج، فبذلوا له
مالا، فترحل، وجاء التقليد من السلطان محمود بحلب لزنكي،
فدخلها، ورتب أمورها، وافتتح مدائن عدة، ودوخ
__________
(1) كذا ذكر المؤلف، وذكر ابن خلكان وابن الاثير وابن كثير
أنه ولي شحنكية بغداد سنة إحدى وعشرين وخمس مئة انظر "
وفيات الاعيان " 2 / 327 و " الكامل " 10 / 641، و "
البداية والنهاية " 12 / 196، وانظر " الروضتين " 1 / 29.
(2) سترد ترجمته برقم (340).
(3) انظر تفصيل ذلك في " الكامل " 10 / 643 - 647 و 649 -
651 و 658، 659 و 662 - 664 و 11 / 21، 22 و 40 و 50، 51 و
55 و 68 - 70 و 73 - 75 و 98 - 102، و " الروضتين " 1 / 27
- 42.
(4) نسبة إلى برسق: مملوك الوزير نظام الدين أبي علي
الحسن، وهو أبو سعيد آقسنقر البرسقي المقتول سنة 520، مرت
ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (295).
(*)
(20/190)
الفرنج، وكان أعداؤه محيطين به من الجهات، وهو ينتصف منهم،
ويستولي على بلادهم (1).
قال ابن واصل: لم يخلف قسيم الدولة مملوك السلطان ألب
آرسلان ولدا غير زنكي، وله يومئذ عشر سنين، فالتف عليه
غلمان أبيه، ورباه كربوقا، وأحسن إليه (2).
قلت: نازل زنكي قلعة جعبر (3)، وحاصر ملكها علي بن مالك،
وأشرف على أخذها، فأصبح مقتولا، وفر قاتله خادمه إلى جعبر،
وذلك في خامس ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وخمس مئة (4)،
فتملك ابنه نور الدين بالشام، وابنه غازي بالموصل (5).
وقال ابن الاثير (6): وثب عليه جماعة من مماليكه في الليل،
وهربوا إلى جعبر، فصاح أهلها، وفرحوا.
زاد عمر زنكي رحمه الله على الستين.
__________
(1) انظر " الكامل " 10 / 649 - 651.
(2) انظر " الروضتين " 1 / 27.
(3) انظر " الكامل " 11 / 109، 110، و " وفيات الاعيان " 2
/ 328، و " المختصر " 3 / 18، و " تتمة المختصر " 2 / 72.
وقلعة جعبر تقع في بر الجزيرة الفراتية بالقرب من صفين
بينهما مقدار فراسخ أو أقل.
انظر " معجم البلدان " 4 / 310.
(4) وقد أخطأ في " مختصر تنبيه الطالب وإرشاد الدارس " ص
18، 19، نذكر أن الذي قتل في هذا التاريخ وهو يحاصر قلعة
جعبر هو آقسنقر والد عماد الدين، وهو غلط واضح، ويخالف ما
في المصادر التاريخية جميعها، فوالد عماد الدين آقسنقر قتل
سنة سبع وثمانين وأربع مئة، وقد مرت ترجمته في الجزء
التاسع عشر.
(5) انظر " الكامل " 11 / 112، 113.
(6) في " الكامل " 11 / 110.
(*)
(20/191)
124 - غازي * الملك سيف الدين غازي بن زنكي.
تملك الموصل بعد أبيه، واعتقل ألب آرسلان السلجوقي (1).
وكان عاقلا حازما، شجاعا جوادا، محبا في أهل الخير.
لم تطل مدته، وعاش أربعين سنة.
وكان أحسن الملوك شكلا، وكان له مئة رأس كل يوم لسماطه.
وهو أول من ركب بالسناجق (2) في الاقامة، وألزم الامراء أن
يركبوا بالسيف والدبوس (3).
وله مدرسة كبيرة بالموصل (4).
وقد مدحه الحيص بيص (5)، فأجازه بألف دينار.
__________
(*) الكامل في التاريخ 11 / 138، 139، التاريخ الباهر: 86
- 93، مرآة الزمان 8 / 123، 124، الروضتين 1 / 46 و 65،
66، وفيات الاعيان 4 / 3، 4، مفرج الكروب لابن واصل 1 /
116، العبر 4 / 123، دول الاسلام 2 / 60، تتمة المختصر 2 /
75، 76، البداية والنهاية 12 / 227، تاريخ ابن خلدون 5 /
238 - 240 وغيرها، النجوم الزاهرة 5 / 286، اللمعات
البرقية في النكت التاريخية لابن طولون: 12، شذرات الذهب 4
/ 139.
(1) انظر تفصيل ذلك في " الكامل " 11 / 112، 113، و "
وفيات الاعيان " 4 / 3، 4.
(2) السنجق: هو الراية التي تحمل خلف السلطان عند ركوبه،
وهي من شعار الملك القديمة، والسنجق بالفارسية: اللواء.
وقال في " صبح الاعشى " 2 / 134: السنجق باللغة التركية
معناه الطعن، سميت الراية بذلك لانها تكون في أعلى الرمح.
اه.
وحامله يسمى
" سنجقدار ".
(3) انظر " الكامل " 11 / 138، و " الروضتين " 1 / 65، و "
البداية " 12 / 227.
والدبوس: المقمعة، وهي من عمود من حديد أو كالمحجن.
(4) وهي المدرسة الاتابكية العتيقة، قال ابن الاثير: وهي
من أحسن المدارس، وقفها على الفقهاء الحنفية والشافعية.
انظر " الكامل " 11 / 138، 139، و " الروضتين " 1 / 65.
(5) بقصيدة مطلعها: (*)
(20/192)
توفي ولم يترك سوى ولد مات شابا ولم يعقب.
توفي في جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
وتملك بعده الموصل أخوه الملك قطب الدين مودود (1) والد
ملوك الموصل.
ودفن بمدرسته.
وكان سماطه في العيد ألف رأس غنم سوى الخيل والبقر، ولما
حاصرت الفرنج دمشق، بادر غازي، وكشف عنها، وخلف ولدا شابا،
فمات بعده بقليل، وانقطع عقبه.
125 - أبو بكر * يحيى بن محمد
بن عبدالرحمن البقوي القرطبي، الشاعر المفلق، من
ذرية بقي بن مخلد الحافظ.
له موشحات بديعة (2).
وكان رافع راية القريض، وصاحب آية التصريح فيه والتعريض
(3).
__________
= إلام يراك المجد في زي شاعر * وقد نحلت شوقا فروع
المنابر وهي في " ديوانه " 2 / 316 بتحقيق مكي السيد جاسم
وشاكر هادي شكر.
(1) سترد ترجمته برقم (335).
(*) قلائد العقيان: 279، الذخيرة: القسم الثاني، المجلد
الثاني 615 - 636، الخريدة 2 / 308، معجم الادباء 20 / 21،
المطرب: 198، تكملة الصلة: 2042، المغرب في حلي المغرب 2 /
19، وفيات الاعيان 6 / 202 - 205، مسالك الابصار 11 / ق
280، نفح الطيب 4 / 236 - 240 وغيرها (انظر الفهرس)، أزهار
الرياض 2 / 208.
(2) انظر بعضها في " معجم الادباء " 20 / 24، 25، و " نفح
الطيب " 4 / 237 - 240، وانظر جملة من شعره في أوصاف شتى
في " الذخيرة " ق 2 / م 616 2 - 636.
(3) قال ذلك ابن خاقان في " قلائد العقيان "، ونقله عنه
ابن خلكان في " الوفيات 6 / 203.
(*)
(20/193)
وهو القائل: يا أقتل الناس ألحاظا وأطيبهم * ريقا متى كان
فيك الصاب والعسل في صحن خدك وهو الشمس طالعة * ورد يزيدك
فيها الراح والخجل إيمان حبك في قلبي يجدده (1) * من خدك
الكتب أو من لحظك الرسل لو اطلعت على قلبي وجدت به * من
فعل عينيك جرحا (2) ليس يندمل (3) توفي سنة أربعين وخمس
مئة.
126 - ابن الشجري * العلامة،
شيخ النحاة، أبو السعادات، هبة الله بن علي بن محمد
بن حمزة بن علي، الهاشمي العلوي الحسني البغدادي، من ذرية
جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
__________
(1) في الاصل: مجددة، والتصويب من " الوفيات ".
(2) في الاصل: جرح، وهو خطأ.
(3) الابيات في " قلائد العقيان "، و " وفيات الاعيان " 6
/ 204، وفيه قبل البيت الاخير
قوله: إن كنت تجهل أني عبد مملكة * مرني بما شئت آتيه
وأمتثل (*) نزهة الالبا: 404 - 406، المنتظم 10 / 130،
معجم الادباء 19 / 282 - 284، الاستدرك لابن نقطة: باب
السجزي والشجري، إنباه الرواة 3 / 356، 357، وفيات الاعيان
6 / 45 - 50، إشارة التعيين: 57، البدر السافر: ق 219،
العبر 4 / 116، تلخيص ابن مكتوم: 407، 408، المستفاد من
ذيل تاريخ بغداد: 248، 249، مسالك الابصار ج 4 م 2 / 309 -
311، مرآة الجنان 3 / 275 - 277، البداية والنهاية 12 /
223، طبقات ابن قاضي شهبة 2 / 280 - 282، النجوم الزاهرة 5
/ 281، بغية الوعاة 2 / 324، كشف الظنون 162 174، شذرات
الذهب 4 / 132 - 134، روضات الجنات: 231، هدية العارفين 2
/ 505، معجم المطبوعات: 134، تاريخ بروكلمان 5 / 165.
وفي نسبته قال السيوطي في " لب اللباب ": أما ابن الشجري
النحوي فإلى شجرة كانت في دارهم ليس في البلد غيرها.
وقال ياقوت في " معجم الادباء ": نسب إلى بيت الشجري من
قبل أمه.
(*)
(20/194)
قال ابن النجار: ابن الشجري شيخ وقته في معرفة النحو، درس
الادب طول عمره، وكثر تلامذته، وطال عمره، وكان حسن الخلق،
رفيقا.
روى عن: أبي الحسين المبارك بن الطيوري كتاب " المغازي "
لسعيد ابن يحيى الاموي.
قرأ عليه: ابن الخشاب، وابن عبدة، والتاج الكندي، وأبو
الحسن ابن الزاهدة.
وروى عنه أيضا: عبدالملك بن المبارك القاضي، وأحمد بن يحيى
ابن الدبيقي، وسليمان بن محمد الموصلي، وعبد الله بن عثمان
البيع،
وآخرون.
قال السمعاني: كان نقيب الطالبيين بالكرخ نيابة عن ولد
الطاهر، وكان أحد أئمة النحاة، له معرفة تامة باللغة
والنحو، وله تصانيف، وكان فصيحا، حلو الكلام، حسن البيان
والافهام، قرأ الحديث على جماعة من المتأخرين مثل أبي
الحسين بن الطيوري، وأبي علي بن نبهان.
كتبت عنه (1).
وقال الكمال عبدالرحمن بن محمد الانباري (2): شيخنا أبو
السعادات، كان فريد عصره، ووحيد دهره في علم النحو، أنحى
من رأينا، وآخر من شاهدنا من حذاقهم وأكابرهم، وعنه أخذت
النحو، وكان تام المعرفة باللغة، أخذ عن أبي المعمر بن
طباطبا، وصنف، وأملى كتاب
__________
(1) انظر " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد " 249.
(2) في " نزهة الالبا " 404، 405.
(*)
(20/195)
" الامالي "، وهو كتاب نفيس يشتمل على فنون، وكان فصيحا،
حلو الكلام، وقورا ذا سمت، لا يكاد يتكلم في مجلسه بكلمة
إلا وتتضمن أدب نفس أو أدب درس، ولقد اختصم إليه علويان،
فقال أحدهما: قال لي كذا وكذا.
قال: يا بني احتمل، فإن الاحتمال قبر المعايب.
قال ابن خلكان (1): لما فرغ ابن الشجري من كتاب " الامالي
" (2) أتاه ابن الخشاب ليسمعه، فامتنع، فعاداه، ورد عليه
في أماكن من الكتاب، وخطأه، فوقف ابن الشجري على رده، فألف
كتاب " الانتصار " في ذلك.
قال: ولدت في رمضان سنة خمسين وأربع مئة.
توفي في السادس والعشرين من رمضان سنة اثنتين وأربعين وخمس
مئة، ودفن بداره، وإنما سمع الحديث في كهولته.
127 - الميهني * الشيخ الصالح،
أبو الفضل، أحمد بن طاهر بن سعيد بن القدوة أبي
سعيد فضل الله بن أبي الخير الميهني الخراساني الصوفي.
وميهنة: قرية معروفة (3).
__________
(1) في " وفيات الاعيان " 6 / 45.
(2) وهو مطبوع في حيدر آباد سنة 1349 ه، وطبع من مؤلفاته "
الحماسة الشجرية " في جزأين، بتحقيق عبد المعين ملوحي
وأسماء الحمصي في دمشق سنة 1970 م، وطبع له أيضا " ديوان
مختارات الشعراء " نشره محمود حسن الزناتي بالقاهرة سنة
1926 م.
وله من المصنفات: شرح " اللمع " وشرح " التصريف الملوكي "
كلاهما لابن جني، وانظر النسخ الخطية لبعض كتبه في " تاريخ
" بروكلمان 5 / 165، 166.
(*) لم أعثر على مصادر ترجمته.
(3) من قرى خابران، وهي ناحية بين أبيورد وسرخس.
" معجم البلدان " 5 / 247 و " اللباب " 3 / 285.
(*)
(20/196)
ولد سنة أربع وستين وأربع مئة.
وسمع بقريته من أبي الفضل محمد بن أحمد العارف، وبنيسابور
موسى بن عمران، وأبا بكر بن خلف، والحافظ الحسن بن أحمد
السمرقندي، وجماعة.
وله إجازة من المفسر أبي الحسن الواحدي روى بها تفاسيره.
استوطن بغداد، وروى الكثير.
روى عنه: السمعاني، وغيره، وأبو أحمد بن سكينة، وأبو اليمن
الكندي، والفتح بن عبد السلام، وطائفة، وتفرد أبو الحسن
ابن المقير بإجازته.
قال السمعاني: سافر الكثير، ورأى المشايخ، وخدم الصوفية
والاكابر، وهو ظريف الجملة مطبوع، حسن الشمائل، متواضع،
مات في ثامن رمضان سنة تسع وأربعين وخمس مئة، ودفن على دكة
الجنيد رحمه الله سمع منه الفتح " الاربعين " للحاكم.
128 - ابن العربي * الامام
العلامة الحافظ القاضي، أبو بكر، محمد بن عبد الله
بن
__________
(*) مطمح الانفس: 71 - 73، الصلة 2 / 590، 591، بغية
الملتمس رقم (179)، المغرب في حلي المغرب 1 / 254، 255،
وفيات الاعيان 4 / 296، 297، العبر 4 / 125، تذكرة الحفاظ
4 / 1294 - 1298، دول الاسلام 2 / 61، الوافي بالوفيات 3 /
330، مرآة الجنان 3 / 279، 280، البداية والنهاية 12 /
228، 229، المرقبة العليا: 105 - 107، الديباج المذهب 2 /
252 - 256، النجوم الزاهرة 5 / 302، طبقات المفسرين
للسيوطي 34، 35، طبقات المفسرين للداوودي 2 / 162 - 166،
جذوة الاقتباس: 160، أزهار الرياض 3 / 62 و 86 - 95، نفح
الطيب 2 / 25 - 43، طبقات المفسرين للادنه وي: ق 43 / ب، =
(*)
(20/197)
محمد بن عبد الله، ابن العربي الاندلسي الاشبيلي المالكي،
صاحب التصانيف.
سأله ابن بشكوال (1) عن مولده، فقال: في سنة ثمان وستين
وأربع مئة.
سمع من خاله الحسن بن عمر الهوزني وطائفة بالاندلس.
وكان أبوه أبو محمد (2) من كبار أصحاب أبي محمد بن حزم
الظاهري
بخلاف ابنه القاضي أبي بكر، فإنه منافر لابن حزم، محط عليه
بنفس ثائرة.
ارتحل مع أبيه، وسمعا ببغداد من طراد بن محمد الزينبي،
وأبي عبد الله النعالي، وأبي الخطاب ابن البطر، وجعفر
السراج، وابن الطيوري، وخلق، وبدمشق من الفقيه نصر بن
إبراهيم المقدسي، وأبي الفضل بن الفرات، وطائفة، وببيت
المقدس من مكي بن عبد السلام الرميلي، وبالحرم الشريف من
الحسين بن علي الفقيه الطبري، وبمصر من القاضي أبي الحسن
الخلعي، ومحمد بن عبد الله بن داود الفارسي وغيرهما.
وتفقه بالامام أبي حامد الغزالي، والفقيه أبي بكر الشاشي،
والعلامة
__________
= كشف الظنون 553، 559، شذرات الذهب 4 / 141، هدية
العارفين 2 / 90، إيضاح المكنون 1 / 105، 145، 224، 279،
سلوة الانفاس 3 / 198، معجم المطبوعات: 174، 175، شجرة
النور 1 / 136 - 138، تاريخ بروكلمان 6 / 275، 276، برنامج
القرويين 1 / 173 و 188، وانظر كتاب " آراء أبي بكر بن
العربي الكلامية " لعمار الطالبي، طبع الشركة الوطنية
للنشر والتوزيع في الجزائر سنة 1974.
(1) انظر " الصلة " 2 / 591.
(2) الذي مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (68).
(*)
(20/198)
الاديب أبي زكريا التبريزي، وجماعة.
وذكر أبو القاسم بن عساكر أنه سمع بدمشق أيضا من أبي
البركات ابن طاووس، والشريف النسيب، وأنه سمع منه
عبدالرحمن بن صابر، وأخوه، وأحمد بن سلامة الابار، ورجع
إلى الاندلس في سنة إحدى وتسعين
وأربع مئة.
قلت: رجع إلى الاندلس بعد أن دفن أباه في رحلته - أظن ببيت
المقدس - وصنف، وجمع، وفي فنون العلم برع، وكان فصيحا
بليغا خطيبا.
صنف كتاب " عارضة الاحوذي في شرح جامع أبي عيسى الترمذي "
(1)، وفسر القرآن المجيد، فأتى بكل بديع، وله كتاب " كوكب
الحديث والمسلسلات " (2)، وكتاب " الاصناف " في الفقه،
وكتاب " أمهات المسائل "، وكتاب " نزهة الناظر " (3)،
وكتاب " ستر العورة "، و " المحصول " في الاصول، و " حسم
الداء في الكلام على حديث السوداء "، كتاب في الرسائل
وغوامض النحويين، وكتاب " ترتيب الرحلة للترغيب في الملة "
و " الفقه الاصغر المعلب الاصغر " (4) وأشياء سوى ذلك لم
نشاهدها (5).
__________
(1) طبع في مصر في (13) مجلدا سنة 1931 م، وطبع في الهند
سنة 1299 ه ضمن مجموعة فيها أربعة شروح على " جامع "
الترمذي.
انظر " معجم المطبوعات ": 1977.
(2) في الاصل: السلسلات.
(3) في كتابه " العواصم من القواصم " ص 16 تحقيق عمار
الطالبي: " نزهة المناظر وتحفة الخواطر ".
(4) كذا الاصل، وفي " نفح الطيب " و " إيضاح المكنون " و "
هدية العارفين ": العقد الاكبر للقلب الاصفر.
وفي " شجرة النور ": العقل الاكبر للقلب الاصغر.
(5) انظر " نفح الطيب " 2 / 35، 36، و " شجرة النور " 1 /
136، و " هدية العارفين " = (*)
(20/199)
واشتهر اسمه، وكان رئيسا محتشما، وافر الاموال بحيث أنشأ
على
إشبيلية سورا من ماله.
حدث عنه: عبد الخالق بن أحمد اليوسفي الحافظ، وأحمد بن خلف
الاشبيلي القاضي، والحسن بن علي القرطبي، وأبو بكر محمد بن
عبد الله الفهري، والحافظ أبو القاسم عبد الرحمن الخثعمي
السهيلي، ومحمد بن إبراهيم بن الفخار، ومحمد بن يوسف بن
سعادة، وأبو عبد الله محمد بن علي الكتامي، ومحمد بن جابر
الثعلبي، ونجبة بن يحيى الرعيني، وعبد المنعم بن يحيى بن
الخلوف الغرناطي، وعلي بن أحمد بن لبال الشريشي، وعدد
كثير، وتخرج به أئمة، وآخر من حدث في الاندلس عنه بالاجازة
في سنة ست عشرة وست مئة أبو الحسن علي بن أحمد الشقوري،
وأحمد بن عمر الخزرجي التاجر، أدخل الاندلس إسنادا عاليا،
وعلما جما.
وكان ثاقب الذهن، عذب المنطق، كريم الشمائل، كامل السؤدد،
ولي قضاء إشبيلية، فحمدت سياسته، وكان ذا شدة وسطوة، فعزل،
وأقبل على نشر العلم وتدوينه.
__________
= 2 / 90، وقد سرد مؤلفاته مع ذكر النسخ الخطية لبعضها
الاستاذ عمار الطالبي في كتابه " آراء أبي بكر بن العربي
الكلامية " 1 / 65 - 82.
وقد طبع من مؤلفاته أيضا كتاب " أحكام القرآن " عدة مرات،
آخرها التي حققها علي محمد البجاوي.
وكتابه " العواصم من القواصم " نشره عبدالحميد بن باديس
سنة 1927 م، في جزأين ثم نشر محب الدين الخطيب قسما منه
وهو مبحث الصحابة، سنة 1954 م، وحسب الناس أن هذا القسم هو
الكتاب بتمامه، ثم نشره كاملا الاستاذ عمار طالبي بتحقيقه
سنة 1974 م في الجزائر معتمدا على أربع مخطوطات.
(*)
(20/200)
وصفه ابن بشكوال بأكثر من هذا، وقال (1): أخبرني أنه ارتحل
إلى المشرق في سنة خمس وثمانين وأربع مئة، وسمعت منه
بقرطبة وبإشبيلية كثيرا.
وقال غيره: كان أبوه رئيسا وزيرا عالما أديبا شاعرا ماهرا،
اتفق موته بمصر في أول سنة ثلاث وتسعين، فرجع ابنه إلى
الاندلس.
قال أبو بكر محمد بن طرخان: قال لي أبو محمد بن العربي:
صحبت ابن حزم سبعة أعوام، وسمعت منه جميع مصنفاته سوى
المجلد الاخير من كتاب " الفصل " وقرأنا من كتاب " الايصال
" له أربع مجلدات (2)، ولم يفتني شئ من تواليفه سوى هذا.
كان القاضي أبو بكر ممن يقال: إنه بلغ رتبة الاجتهاد.
قال ابن النجار: حدث ببغداد بيسير، وصنف في الحديث والفقه
والاصول وعلوم القرآن والادب والنحو والتواريخ، واتسع
حاله، وكثر إفضاله، ومدحته الشعراء، وعلى بلده سور أنشأه
من ماله (3).
وقد ذكره الاديب أبويحيى اليسع من حزم، فبالغ في تقريظه،
وقال: ولي القضاء فمحن، وجرى في أعراض الامارة فلحن (4)،
وأصبح تتحرك بآثاره الالسنة، ويأتي بما أجراه عليه القدر
النوم والسنة، وما أراد إلا خيرا، نصب السلطان (5) عليه
شباكه، وسكن الادبار حراكه، فأبداه للناس صورة
__________
(1) في " الصلة " 2 / 590، 591.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1151، وفيه " سبع " بدل "
أربع ".
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1296.
(4) تحرف في " تذكرة الحفاظ " إلى " فلحق " بالقاف آخره.
(5) في " تذكرة الحفاظ ": الشيطان.
(*)
(20/201)
تذم، وسورة تتلى (1)، لكونه تعلق بأذيال الملك، ولم يجر
مجرى العلماء في مجاهرة السلاطين وحزبهم (2)، بل داهن، ثم
انتقل إلى قرطبة معظما مكرما حتى حول إلى العدوة، فقضى
نحبه (3).
قرأت بخط ابن مسدي في " معجمه "، أخبرنا أحمد بن محمد بن
مفرج النباتي (4)، سمعت ابن الجد الحافظ وغيره يقولون: حضر
فقهاء إشبيلية: أبو بكر بن المرجى وفلان وفلان، وحضر معهم
ابن العربي، فتذاكروا حديث المغفر، فقال ابن المرجى: لا
يعرف إلا من حديث مالك عن الزهري.
فقال ابن العربي: قد رويته من ثلاثة عشر طريقا غير طريق
مالك.
فقالوا: أفدنا هذا.
فوعدهم، ولم يخرج لهم شيئا، وفي ذلك يقول خلف بن خير
الاديب: يا أهل حمص ومن بها أوصيكم * بالبر والتقوى وصية
مشفق فخذوا عن العربي أسمار الدجى * وخذوا الرواية عن إمام
متق إن الفتى حلو الكلام مهذب * إن لم يجد خبرا صحيحا يخلق
(5) قلت: هذه حكاية ساذجة لا تدل على تعمد، ولعل القاضي
رحمه الله وهم، وسرى ذهنه إلى حديث آخر، والشاعر يخلق
الافك، ولم أنقم على القاضي رحمه الله إلا إقذاعه في ذم
ابن حزم واستجهاله له، وابن حزم أوسع
__________
(1) في " تذكرة الحفاظ ": وسوءة تبلى.
(2) في " تذكرة الحفاظ ": وحربهم، بالراء.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1296.
(4) نسب كذلك لمعرفته بالنباتات وحشائش الطب: انظر "
المشتبه " 1 / 93.
وقد
تصحفت النسبة في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1296 إلى " البناني
" بباء موحدة ونونين.
(5) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1296، 1297، ويقصد بحمص هنا
إشبيلية، إذ كانت تدعى حمص أيضا.
انظر " معجم البلدان " 1 / 195 و " نفح الطيب " 1 / 156 -
159.
(*)
(20/202)
دائرة من أبي بكر في العلوم، وأحفظ بكثير، وقد أصاب في
أشياء وأجاد، وزلق في مضايق كغيره من الائمة، والانصاف
عزيز.
قال أبو القاسم بن بشكوال (1): توفي ابن العربي بفاس في
شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين (2) وخمس مئة.
وفيها ورخه الحافظ أبو الحسن بن المفضل وابن خلكان.
وفيها توفي المسند الكبير أبو الدر ياقوت الرومي (3)
السفار صاحب ابن هزارمرد، والمعمر أبو تمام أحمد بن محمد
بن المختار بن المؤيد بالله الهاشمي السفار (4) صاحب ابن
المسلمة بنيسابور، والفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن
نبهان الغنوي الرقي الذي يروي الخطب (5)، والحافظ أبو علي
الحسن بن مسعود ابن الوزير الدمشقي (6) كهلا بمرو، وقاضي
القضاة أبو القاسم علي بن نور الهدى الحسين بن محمد
الزينبي (7)، والمعمر أبو غالب محمد بن علي ابن الداية
(8)، ومسند دمشق أبو القاسم الخضر (9) بن الحسين بن عبدان،
ومفيد بغداد أبو بكر المبارك بن كامل الظفري
__________
(1) في " الصلة " 2 / 591، وانظر " وفيات الاعيان " 4 /
297.
(2) ذكره المؤلف في " العبر " وفيات ست وأربعين نقلا عن "
تاريخ " ابن النجار.
وذكر في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1297 أن الصحيح سنة ثلاث،
وأورده ابن كثير في وفيات سنة خمس وأربعين.
(3) تقدمت ترجمته برقم (115).
(4) تقدمت ترجمته برقم (108).
(5) تقدمت ترجمته برقم (112).
(6) تقدمت ترجمته برقم (113).
(7) سترد ترجمته برقم (131).
(8) تقدمت ترجمته برقم (110).
(9) سترد ترجمته برقم (140).
(*)
(20/203)
الخفاف (1)، والشهيد شيخ المالكية أبو الحجاج يوسف بن
دوناس الفندلاوي (2) بدمشق.
قتل بأيدي الفرنج رحمه الله.
أخبرنا محمد بن جابر القيسي المقرئ، أخبرنا أبو العباس
أحمد بن محمد القاضي بتونس، أخبرنا أبو الربيع بن سالم
الحافظ، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن حبيش الحافظ، حدثنا
القاضي أبو بكر بن العربي، حدثنا طراد الزينبي، حدثنا هلال
بن محمد، حدثنا الحسين بن عياش، حدثنا أبو الأشعث، حدثنا
بشر بن المفضل، حدثنا شعبة، حدثنا جبلة بن سحيم، عن ابن
عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من جر ثوبا من
ثيابه من مخيلة، فإن الله لا ينظر إليه " (3).
وأخبرناه عاليا بدرجتين إسماعيل بن عبدالرحمن، أخبرنا أبو
محمد بن قدامة، أخبرتنا شهدة وطائفة قالوا: أخبرنا طراد
النقيب.
فذكره.
129 - رزين بن معاوية * ابن
عمار، الامام المحدث الشهير، أبو الحسن العبدري
الاندلسي
__________
(1) سترد ترجمته برقم (203).
(2) سترد ترجمته برقم (133).
(3) وأخرجه النسائي في الكبري كما في " تحفة الاشراف " 5 /
326 من طريق أبي الاشعث أحمد بن المقدام العجلي بهذا
الاسناد، وأخرجه مسلم (2085) من طريق شعبة عن محارب بن
دثار وجبلة بن سحيم جميعا عن ابن عمر ولم يسق لفظه، وهو من
طرق أخرى في البخاري (3665) و (5782) و (5784) و (5791) و
(6062)، ومسلم (2085) والنسائي 8 / 206، ومالك 2 / 914،
وأبي داود (4085).
(*) الصلة 1 / 186، 187، بغية الملتمس: 293، مقدمة جامع
الاصول 1 / 48، العبر 4 / 95، دول الاسلام 2 / 55، تذكرة
الحفاظ 4 / 1281، مرآة الجنان 3 / 263، الديباج المذهب 1 /
366، 367، صفة الجزيرة: 96، العقد الثمين 4 / 398، 399،
النجوم الزاهرة = (*)
(20/204)
السرقسطي، صاحب كتاب " تجريد الصحاح " (1).
جاور بمكة دهرا، وسمع بها " صحيح " البخاري من عيسى بن أبي
ذر، و " صحيح " مسلم بن أبي عبد الله الطبري.
حدث عنه: قاضي الحرم أبو المظفر محمد بن علي الطبري،
والزهد أحمد بن محمد بن قدامة والد الشيخ أبي عمر، والحافظ
أبو موسى المديني، والحافظ ابن عساكر (2)، وقال: كان إمام
المالكيين بالحرم.
قلت: أدخل كتابه زيادات واهية لو تنزه عنها لاجاد.
توفي بمكة في المحرم سنة خمس وثلاثين وخمس مئة (3) وقد
شاخ.
أخبرنا عبد الحافظ، أخبرنا ابن قدامة، أخبرنا أبي أحمد بن
محمد، أخبرنا رزين بن معاوية، أخبرنا الحسين بن علي،
أخبرنا عبد الغافر بن محمد، أخبرنا محمد بن عيسى، أخبرنا
ابن سفيان، حدثنا مسلم، حدثنا ابن قعنب، حدثنا مالك، عن
يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن
علقمة بن وقاص، عن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إنما الاعمال بالنيات، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت
هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله
__________
= 5 / 267، كشف الظنون: 345، شذرات الذهب 4 / 106، روضات
الجنات: 286، 287، الرسالة المستطرفة: 130، شجرة النور 1 /
133، تاريخ بروكلمان 6 / 266 (النسخة العربية).
(1) جمع فيه بين " الموطأ " والصحاح الخمسة، وعليه اعتمد
ابن الاثير في تصنيف كتابه " جامع الاصول "، انظر كلام ابن
الاثير عن هذا الكتاب في مقدمة " جامع الاصول " 1 / 49 -
51.
وله أيضا كتاب في أخبار مكة.
انظر " العقد الثمين " 4 / 399.
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 65 / 1.
(3) أورد ابن بشكوال والضبي وفاته سنة 524، ونقله التقى
الفاسي ان وفاته سنة 525.
(*)
(20/205)
ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها،
فهجرته إلى ما هاجر إليه " (1).
130 - الكرماني * شيخ الحنفية،
مفتي خراسان، أبو الفضل، عبدالرحمن بن محمد ابن
أميرويه بن محمد الكرماني.
تفقه بمرو على محمد بن الحسين القاضي، وبرع، وأخذ عنه
الاصحاب، وانتشرت تلامذته، وبعد صيته.
وروى عن أبيه، وأبي الفتح عبد الله بن أردشير الهشامي.
سمع منه السمعاني، وبالغ في وصفه، وقال (2): ولد سنة سبع
وخمسين وأربع مئة، ومات في ذي القعدة سنة 543 (3).
__________
(1) وأخرجه البغوي في ص 197 شرح السنة (1) من طريق القعنبي
عن مالك وهو في
" الموطأ " أيضا ص 341، برواية الامام محمد بن الحسن
الشيباني، وفي هذا بيان خطأ الحافظ ابن حجر في " الفتح " و
" التلخيص " في دعواه أنه ليس في " الموطأ " وهو في
البخاري (1) و (54) و (2529) و (3898) و (5070) و (6689) و
(6953)، ومسلم (1907) وأبو داود (2201) والترمذي (1647)
وابن ماجه (2447) والنسائي 1 / 58 - 60.
(*) الانساب 10 / 401، التحبير 1 / 405، 406، اللباب 3 /
93، الكامل 11 / 137، الجواهر المضية 2 / 388، 390، تاج
التراجم: 33، طبقات المفسرين للسيوطي: 18، طبقات المفسرين
للداوودي 1 / 281، 282، مفتاح السعادة 2 / 283، 284،
الطبقات السنية رقم (1191)، طبقات المفسرين للادنه وي: ق
44 / 1، كشف الظنون: 96، 211، 345، الفوائد البهية: 91،
92، هدية العارفين 5 / 519، تاريخ بروكلمان 6 / 298، 299،
(2) في " التحبير " 1 / 406.
(3) ذكر السمعاني في " الانساب " وفاته بمرو سنة 544،
وتابعه ابن الاثير في " اللباب ".
وقد ذكر صاحب " الجواهر المضية " 2 / 389 من تصانيفه "
الجامع الكبير " وهو خطأ، بل له " شرح الجامع الكبير "
لمحمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة، بعنوان " نكت
الجامع الكبير " أو " إشارات الجامع الكبير "، وانظر نسخه
الخطية في " تاريخ " بروكلمان 3 / 250 = (*)
(20/206)
131 - الزينبي * الصدر الاكمل، قاضي القضاة، أبو القاسم،
علي بن نور
الهدى أبي طالب الحسين ابن محمد بن علي، الهاشمي العباسي
الزينبي البغدادي الحنفي.
ولد سنة سبع وسبعين وأربع مئة.
سمع من أبيه، وعمه النقيب طراد، وابن البطر، وجماعة.
روى عنه جماعة آخرهم الفتح بن عبد السلام.
قال السمعاني: كان غزير الفضل، وافر العقل، له وقار وسكون
ورزانة وثبات، ولي قضاء العراق سنة ثلاث عشرة، قرأت عليه
جزأين.
قال أحمد بن شافع: كان يستدعي الشيوخ كابن الحصين وابن
كادش، فيقرأ له عليهم، وقد سار إلى الموصل، ولما خلعوا
الراشد - وكان أيضا بالموصل - فطلب من الزينبي إبطال عزله
وصحة إمامته، فامتنع، فناله (1) زنكي بن آقسنقر بشئ من
العذاب، وأراد قتله، فدفع الله، وسجن مديدة، ثم عاد إلى
بغداد، وتمكن.
قال أبو شجاع محمد بن الدهان: قيل: إن الزينبي منذ ولي
القضاء ما
__________
= ومن مصنفاته أيضا " التجريد " في الفقه، وشرحه في ثلاث
مجلدات، وسماه " الايضاح ".
انظر " مفتاح السعادة " 2 / 283 و " الفوائد البهية " 91،
والنسخة الخطية في بروكلمان 6 / 299.
(*) المنتظم 10 / 135، 136، الكامل 11 / 146، تذكرة الحفاظ
4 / 1297، العبر 4 / 119، دول الاسلام 2 / 59، البداية
والنهاية 12 / 225، الجواهر المضية 2 / 568، النجوم
الزاهرة 5 / 282، الطبقات السنية رقم (1484)، شذرات الذهب
4 / 135.
والزينبي: نسبة إلى زينب بنت سليمان بن علي بن عبد الله بن
العباس.
قال السمعاني: وظني أنها زوجة إبراهيم الامام بن محمد بن
علي بن عبد الله بن عباس.
(1) في الاصل زيادة لفظ " من " بعد " فناله ".
(*)
(20/207)
رآه أحد إلا بطرحة (1) وخف حتى زوجته، ولقد دخلت عليه في
مرض موته وهو نائم بالطرحة.
قال ابن الجوزي (2): كان رأسا ما رأينا وزيرا ولا صاحب
منصب أوقر منه ولا أحسن هيئة وسمتا، قل أن يسمع منه كلمة
ناقصة، طالت ولايته، فأحكمه الزمان، وخدم الراشد، وناب في
الوزارة للمقتفي، ثم إن المقتفي
أعرض عنه.
ثم ذكر أشياء تدل على أنه لم يبق له في القضاء إلا الاسم،
فمرض.
توفي يوم الاضحى سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.
132 - أبوجعفرك * العلامة
المفسر، ذو الفنون، أبو جعفر، أحمد بن علي بن أبي
جعفر البيهقي، عالم نيسابور، وصاحب التصانيف، منها " تاج
المصادر " (3).
__________
(1) الطرحة: ضرب من الاكسية، تشبه الطيلسان، كان المدرسون
يضعونها فوق العمامة.
والطيلسان: شبه رداء يوضع على الكتفين والظهر.
انظر كتاب " معجم مفصل في أسماء الالبسة عند العرب " لدوزي
254 - 262، و " مشارق الانوار " 1 / 324، و " معجم متن
اللغة " طرح وطلس.
(2) في " المنتظم " 10 / 153.
(*) معجم الادباء 4 / 49 - 51، إنباه الرواة 1 / 89، 90،
تذكرة الحفاظ 4 / 1306، الوافي بالوفيات 7 / 214، 215،
طبقات النحاة لابن قاضي شهبة: 188، طبقات المفسرين
للسيوطي: 4، بغية الوعاة 1 / 346، طبقات المفسرين للداوودي
1 / 54، 55، كشف الظنون وفيه جعفرك 269، 1619، 2052، روضات
الجنات: 71، هدية العارفين 1 / 84 وفيه جعفرك، تاريخ
بروكلمان 5 / 239، وأبو جعفرك: هذه الكاف هي التصغير في
الفارسية.
(3) قال في " كشف الظنون " 269: جمع فيه مصادر القرآن
ومصادر الاحاديث وجردها عن الامثال والاشعار، وأتبعها
الافعال التي تكثر في دواوين العرب.
وقد طبع بالحجر في بومباي سنة 1301، 1302 ه.
ومن مصنفاته أيضا كتاب " ينابيع اللغة " جرد فيه " صحاح "
اللغة من الشواهد، ضم إليه = (*)
(20/208)
وخرج له تلامذة نجباء.
وكان ذا تأله وعبادة، يزار ويتبرك به.
مات فجأة في آخر رمضان سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
133 - الفندلاوي * الامام أبو
الحجاج، يوسف بن دوناس (1) المغربي الفندلاوي
المالكي، خطيب بانياس، ثم مدرس المالكية بدمشق.
روى " الموطأ " بنزول.
روى عنه ابن عساكر، وقال: كان حسن المفاكهة، حلو المحاضرة،
شديد التعصب لمذهب أهل السنة، كريما، مطرحا للتكلف، قوي
القلب، سمعت أبا تراب بن قيس يذكر أنه كان يعتقد اعتقاد
الحشوية، ويبغض الفندلاوي لرده عليهم، وأنه خرج إلى الحج،
وأسر، وألقي في جب، وغطي بصخرة، وبقي كذلك مدة يلقي إليه
ما يأكل، وأنه أحس ليلة بحس يقول: ناولني يدك.
فناوله، فأخرجه.
قال: فإذا هو الفندلاوي، فقال: تب مما كنت عليه.
فتاب، وكان يخطب ليلة الختم في رمضان رجل
__________
= فوائد من " تهذيب اللغة " و " الشامل " لابي منصور
الجبان و " المقاييس " لابن فارس، فجاء في حجم " الصحاح ".
انظر " الوافي " 7 / 214، و " معجم الادباء " 4 / 50.
ومنه نسخة خطية انظر " تاريخ " بروكلمان 5 / 239.
(*) تاريخ ابن القلانسي: 464، معجم البلدان 4 / 277، 278،
اللباب 2 / 442، مرآة الزمان 8 / 121، العبر 4 / 120،
البداية والنهاية 12 / 224 و 225، النجوم الزاهرة 5 / 282،
شذرات الذهب 4 / 136، والفندلاوي: ضبط في الاصل بفتح
الفاء، وضبطه ابن الاثير بكسرها وتسكين النون وفتح الدال
المهملة، نسبة إلى فندلاو: قال ياقوت: أظنه موضعا بالمغرب،
وقد تصحفت في " شذرات الذهب " إلى القندلاوي، بالقاف.
(1) تحرف في " معجم البلدان " و " البداية " و " النجوم "
إلى درناس، بالراء، وتصحف
في " الشذرات " إلى دوباس، بالباء الموحدة.
(*)
(20/209)
في حلقة الفندلاوي وعنده أبو الحسن بن المسلم الفقيه،
فرماهم واحد بحجر، فلم يعرف، فقال الفندلاوي: اللهم اقطع
يده.
فما مضى إلا يسير حتى أخذ خضير من حلقة الحنابلة، ووجد في
صندوقه مفاتيح كثيرة للسرقة، فأمر شمس الملوك بقطع يديه،
فمات من قطعهما.
قتل الفندلاوي وزاهد دمشق عبدالرحمن الحلحولي (1) يوم
السبت في ربيع الاول سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة بالنيرب
(2) في حرب الفرنج ومنازلتهم دمشق (3)، فقبر الفندلاوي
بظاهر باب الصغير، وقبر الحلحولي بالجبل، رحمهما الله.
134 - الارجاني * الامام
الاوحد، شاعر زمانه، قاضي تستر (4)، أبو بكر، أحمد
بن
__________
(1) تقدم ذكر مصادر ترجمته والتعريف بنسبته في نهاية حواشي
الترجمة (115).
وقد تصحف في " البداية " 12 / 225 إلى " الجلجولي "
بجيمين.
(2) النيرب: محلة تلي الربوة من جهة دمشق، وهي كلمة
سريانية معناها الوادي، ولكن يراد بها سفح قاسيون مما يلي
الربوة.
انظر كتاب " في رحاب دمشق " للشيخ محمد دهمان: 27 - 29.
(3) انظر تفصيل ذلك في " مرآة الزمان " 8 / 121، و " معجم
البلدان " 4 / 277، 278، والبداية 12 / 224.
وللفندلاوي رسالة صغيرة طبعها الاستاذ جواد المرابط
بعنوان: " فتوى الفندلاوي " فيها تنبيه إلى غايات الدين
وتذكير ببعض الاحكام والمواعظ.
(*) الانساب 1 / 174، المنتظم 10 / 139، 140، معجم البلدان
1 / 144، الكامل
11 / 147، وفيات الاعيان 1 / 151 - 155، المختصر 2 / 49،
تذكرة الحفاظ 4 / 1306، دول الاسلام 2 / 60، العبر 4 /
121، تتمة المختصر 2 / 77، 78، الوافي بالوفيات 7 / 373 -
378، مرآة الجنان 3 / 281، البداية 12 / 226، 227، طبقات
السبكي 6 / 52 - 57، طبقات الاسنوي 1 / 110 - 112، النجوم
الزاهرة 5 / 285، معاهد التنصيص 3 / 41 - 46، شذرات الذهب
4 / 137، تاريخ بروكلمان 5 / 33، 34، (النسخة العربية).
(4) مدينة مشهورة بخوزستان.
" معجم البلدان " 2 / 29، و " وفيات الاعيان " 1 / 155.
(*)
(20/210)
محمد بن الحسين، ناصح الدين الارجاني الشافعي.
روى جزء لوين (1) عن أبي بكر بن ماجة (2).
حدث عنه: أبو محمد بن الخشاب، ومنوجهر بن تركانشاه،
والمنشئ يحيى بن زيادة، وآخرون.
وناب في القضاء بعسكر مكرم (3).
والذي دون من شعره لا يكون العشر، وقد بلغ في النظم
الغاية، سقت منه جملة في " تاريخ الاسلام " (4).
مات بتستر في ربيع الاول سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
وأرجان: مثقلة الراء، قيده صاحب " الصحاح "، واستعملها
المتنبي مخففة محركة في شعره (5)، وهي بليدة من كور
الاهواز.
عاش أربعا وثمانين سنة.
__________
(1) هو الحافظ أبو جعفر محمد بن سليمان بن حبيب الاسدي،
المتوفى سنة 246 ه، يعرف ب " لوين "، مرت ترجمته في الجزء
الحادي عشر برقم (136).
(2) المتوفى سنة 481 ه، تفرد في الدنيا بجزء لوين، مرت
ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (302).
(3) بلد مشهور من نواحي خوزستان.
" معجم البلدان " 4 / 123 و " وفيات الاعيان " 1 / 155.
(4) و " ديوانه " جمعه ابنه، ومعظمه قصائد مدح طويلة في
السلاجقة وعمالهم، وقد طبع في بيروت سنة 1307 ه بتصحيح
أحمد عباس الازهري وسنة 1317 ه عبد الباسط الانسي.
وللديوان رواية مخطوطة انظر بروكلمان 5 / 34.
(5) في قوله: أرجان أيتها الجياد فإنه * عزمي الذي يذر
الوشيج مكسرا أي: اقصدي أيتها الجياد أرجان، والوشيج: شجر
الرماح، وهو من قصيدة يمدح بها أبا الفضل محمد بن العميد،
ومطلعها: باد هواك صبرت أم لم تصبرا * وبكاك إن لم يجر
دمعك أو جرى انظر " ديوان المتنبي " بشرح عبدالرحمن
البرقوقي 2 / 264 - 280.
(*)
(20/211)
135 - الزيادي * الرئيس المسند، أبو المحاسن، أسعد بن علي
بن الموفق، الزيادي الهروي الحنفي العابد، نزيل قرية مالين
(1).
سمع من الداوودي (2) " صحيح " البخاري، والدارمي، وعبد بن
حميد.
روى عنه: السمعاني، وابن عساكر (3)، ومحمد بن عبدالرحمن
الفامي، وعبد الجامع بن علي خخة، وأبو روح، وآخرون.
ذكر السمعاني أنه ثقة صالح عابد، دائم الاوراد، مستغرق
الاوقات، يسرد الصوم.
توفي سنة أربع وأربعين وخمس مئة وله خمس وثمانون سنة.
136 - القاضي عياض * * الامام
العلامة الحافظ الاوحد، شيخ الاسلام، القاضي أبو
الفضل *
__________
(*) العبر 4 / 121، مرآة الجنان 3 / 282، الجواهر المضية 1
/ 385، الطبقات السنية رقم (471)، شذرات الذهب 4 / 138.
(1) على فرسخين من هراة.
" معجم البلدان " 5 / 44.
(2) المتوفى سنة 467 ه، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر
برقم (108).
(3) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 26 / 1.
(* *) قلائد العقيان: 222، الصلة 2 / 453، 454، الخريدة في
12 / 173 - 175، بغية الملتمس رقم (1269)، إنباه الرواة 2
/ 363، 364، التكملة لابن الابار: 694، معجم ابن الابار:
306 - 310، تهذيب الاسماء واللغات 2 / 43، 44، وفيات
الاعيان 3 / 483 - 485، المختصر 3 / 22، تاريخ الاسلام:
وفيات 544، دول الاسلام 2 / 61، العبر 4 / 122، 123، تذكرة
الحفاظ 4 / 1304 - 1307، معجم الوادي آشي: 211 - 214، تتمة
المختصر 2 / 78، البداية والنهاية 12 / 225، الاحاطة في
أخبار غرناطة 4 / 222 - 230، المرقبة العليا للنباهي: 101،
الديباج المذهب 2 / 46 - 51، طبقات ابن قنفذ: 280، النجوم
= (*)
(20/212)
عياض بن موسى بن عياض بن عمرو (1) بن موسى بن عياض اليحصبي
الاندلسي، ثم السبتي المالكي.
ولد في سنة ست وسبعين وأربع مئة.
تحول جدهم (2) من الاندلس إلى فاس، ثم سكن سبتة.
لم يحمل القاضي العلم في الحداثة، وأول شئ أخذ عن الحافظ
أبي علي الغساني إجازة مجردة، وكان يمكنه السماع منه، فإنه
لحق من حياته اثنين وعشرين عاما.
رحل إلى الاندلس سنة بضع وخمس مئة، وروى عن القاضي أبي علي
بن سكرة الصدفي، ولازمه، وعن أبي بحر بن العاص، ومحمد بن
حمدين، وأبي الحسين سراج الصغير، وأبي محمد بن عتاب، وهشام
بن أحمد، وعدة (3).
__________
= الزاهرة 5 / 285، طبقات الحفاظ للسيوطي: 480، مفتاح
السعادة 2 / 149، جذوة الاقتباس: 277، أزهار الرياض في
أخبار القاضي عياض للمقري، نفح الطيب 7 / 333 - 335، كشف
الظنون 127، 158، 248، 395، 577، 1052، 1186، 1211، 1779،
1961، شذرات الذهب 4 / 138، 139، تاج العروس 1 / 216
(حصب)، أجلى المساند: 31، روضات الجنات 506، 507، هدية
العارفين 1 / 805، إيضاح المكنون 2 / 243، 244، سلوة
الانفاس 1 / 51، فهرس الفهارس 2 / 183 - 189، معجم
المطبوعات: 1397، شجرة النور الزكية 1 / 140، 141، الفهرس
التمهيدي: 386، تاريخ الفكر الاندلسي: 283، تاريخ بروكلمان
6 / 266 - 275 (النسخة العربية).
(1) كذا في الاصل، ومثله في " تذكرة الحفاظ " و " معجم "
ابن الابار و " وفيات الاعيان "، وفي ترجمة القاضي عياض
لابنه محمد: " عمرون " ومثله في " الديباج المذهب ".
(2) أي " عمرون " كما ذكر محمد ابن القاضي عياض.
انظر تفصيل ذلك في مقدمة الالماع " للسيد أحمد صقر ص 3.
(3) انظر كتابه " الغنية " في فهرست شيوخه، وهو مطبوع
بتحقيق الدكتور محمد بن عبد الكريم، نشر الدار العربية
للكتاب في تونس سنة 1979 م.
(*)
(20/213)
وتفقه بأبي عبد الله محمد بن عيسى التميمي، والقاضي محمد
بن عبد الله المسيلي.
واستبحر من العلوم، وجمع وألف، وسارت بتصانيفه الركبان،
واشتهر اسمه في الآفاق.
قال خلف بن بشكوال (1): هو من أهل العلم والتفنن والذكاء
والفهم، استقضي بسبتة مدة طويلة حمدت سيرته فيها، ثم نقل
عنها إلى قضاء غرناطة، فلم يطول بها، وقدم علينا قرطبة،
فأخذنا عنه.
وقال الفقيه محمد بن حماده السبتي: جلس القاضي للمناظرة
وله نحو من ثمان وعشرين سنة، وولي القضاء وله خمس وثلاثون
سنة، كان هينا من غير ضعف، صليبا في الحق، تفقه على أبي
عبد الله التميمي، وصحب أبا إسحاق بن جعفر الفقيه، ولم يكن
أحد بسبتة في عصر أكثر تواليف من تواليفه، له كتاب " الشفا
في شرف المصطفى " مجلد (2)، وكتاب " ترتيب المدارك وتقريب
المسالك في ذكر فقهاء مذهب مالك " في مجلدات (3)، وكتاب "
العقيدة "، وكتاب " شرح حديث أم زرع " (4)، وكتاب " جامع
__________
(1) في " الصلة " 2 / 453.
(2) وهو مطبوع عدة مرات، آخرها التي بتحقيق الاستاذ جمال
السيروان وصحبه سنة 1972 م نشر مكتبة الفارابي، وقد شغف
العلماء بهذا الكتاب، فوضعوا له الشروح والحواشي، وخرجوا
أحاديثه، وحرروا ألفاظه.
انظر ذلك في " كشف الظنون " 2 / 1052 - 1055، وانظر ما طبع
منها والنسخ الخطية لما لم يطبع في " تاريخ " بروكلمان 6 /
269 - 273.
(3) وهو مطبوع بتحقيق الدكتور أحمد بكير محمود، نشر دار
مكتبة الفكر في ليبيا ودار مكتبة الحياة في بيروت سنة 1965
م.
(4) واسمه " بغية الرائد فيما في حديث أم زرع من الفوائد "
ذكر فيه طرق الحديث وما يتعلق بها، ثم ذكر على طريق
الاجمال فيه من العربية والفقه والغريب، ثم ذكر ما اشتمل
عليه من ضروب الفصاحة وفنون البلاغة والابواب الملقبة
بالبديع في هذه الصناعة.
ويعد هذا الشرح من = (*)
(20/214)
التاريخ " الذي أربى على جميع المؤلفات، جمع فيه أخبار
ملوك الاندلس والمغرب، واستوعب فيه أخبار سبتة وعلماءها
وله كتاب " مشارق الانوار في اقتفاء صحيح الآثار " (1): "
الموطأ " و " الصحيحين "..إلى أن قال: وحاز من الرئاسة في
بلده والرفعة ما لم يصل إليه أحد قط من أهل بلده، وما زاده
ذلك إلا تواضعا وخشية لله تعالى، وله من المؤلفات الصغار
أشياء لم نذكرها (2).
قال القاضي شمس الدين في " وفيات الاعيان " (3): هو إمام
الحديث في وقته، وأعرف الناس بعلومه، وبالنحو واللغة وكلام
العرب وأيامهم وأنسابهم.
قال: ومن تصانيفه كتاب " الاكمال في شرح صحيح مسلم " (4)
كمل به كتاب " المعلم " للمازري، وكتاب " مشارق الانوار "
في تفسير غريب الحديث، وكتاب " التنبيهات " فيه فوائد
وغرائب، وكل تواليفه بديعة (5)، وله شعر حسن.
__________
= أعظم كتب البلاغة التطبيقية في الكتب العربية، وهو أجمع
الشروح وأوسعها كما قال ابن حجر.
وقد طبع في المغرب سنة 1975 م بتحقيق صلاح الدين الادلبي
ومحمد الشرقاوي ومحمد الحسن أجانف.
(1) في تفسير غريب الحديث وضبط ألفاظه، رتب فيه الكلمات
على ترتيب حروف المعجم المعروف بالمغرب بحسب حرفها الاول
ثم الثاني ثم الثالث، وهو مطبوع في جزأين ضمن مجلد واحد
سنة 1333 ه، نشر المكتبة العتيقة ودار التراث بعنوان "
مشارق الانوار على صحاح الآثار "، وقد اختصره ابن قرقول
المتوفى سنة 569 وسماه " مطالع الانوار على صحاح الآثار "
انظر " كشف الظنون " 2 / 1687 و 1715.
(2) انظر " هدية العارفين " 1 / 805، و " شجرة النور " 1 /
141.
(3) / 483.
(4) تقدم في حواشي ترجمة المازري رقم (64) أن الابي ضمن
هذا الشرح في كتابه " إكمال اكمال المعلم " فانظر ثم.
(5) طبع منها بالاضافة إلى ما ذكر كتاب " الالماع إلى
معرفة أصول الرواية وتقييد السماع " = (*)
(20/215)
قلت: تواليفه نفيسة، وأجلها وأشرفها كتاب " الشفا " لولا
ما قد حشاه بالاحاديث المفتعلة، عمل إمام لا نقد له في فن
الحديث ولا ذوق، والله يثيبه على حسن قصده، وينفع ب "
شفائه "، وقد فعل، وكذا فيه من التأويلات البعيدة ألوان،
ونبينا صلوات الله عليه وسلامه غني بمدحة التنزيل عن
الاحاديث، وبما تواتر من الاخبار عن الآحاد، وبالآحاد
النظيفة الاسانيد عن الواهيات، فلماذا يا قوم نتشبع
بالموضوعات، فيتطرق إلينا مقال ذوي الغل والحسد، ولكن من
لا يعلم معذور، فعليك يا أخي بكتاب " دلائل النبوة "
للبيهقي، فإنه شفاء لما في الصدور وهدى ونور (1).
وقد حدث عن القاضي خلق من العلماء، منهم الامام عبد الله
بن محمد الاشيري، وأبو جعفر بن القصير الغرناطي، والحافظ
خلف بن بشكوال، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري، ومحمد بن
الحسن الجابري، وولده القاضي محمد بن عياض قاضي دانية.
ومن شعره: انظر إلى الزرع وخاماته * تحكي وقد ماست (2)
أمام الرياح كتيبة خضراء مهزومة * شقائق النعمان فيها جراح
(3)
__________
= بتحقيق السيد صقر، نشر دار التراث في القاهرة والمكتبة
العتيقة بتونس، وكتاب " الاعلام بحدود قواعد الاسلام "
بتحقيق محمد بن تاويت الطنجي، نشر المطبعة الملكية في
الرباط.
وانظر
النسخ الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ " بروكلمان 6 / 274،
275.
(1) وهو أيضا كسابقه فيه أحاديث واهية، وعذره فيها أنه
ساقها بأسانيدها.
(2) في " النجوم الزاهرة ": هبت.
(3) البيتان في " وفيات الاعيان " 3 / 484، و " تذكرة
الحفاظ " 4 / 1306، و " الديباج المذهب " 2 / 50، 51، و "
النجوم الزاهرة " 5 / 286، و " شذرات الذهب " 4 / 134.
(*)
(20/216)
قال القاضي ابن خلكان (1): شيوخ القاضي يقاربون المئة (2)،
توفي في سنة أربع وأربعين وخمس مئة في رمضانها، وقيل: في
جمادى الآخرة منها بمراكش، ومات ابنه في سنة خمس وسبعين
وخمس مئة.
قال ابن بشكوال (3): توفي القاضي مغربا عن وطنه في وسط سنة
أربع.
وقال ولده القاضي محمد: توفي في ليلة الجمعة نصف الليلة
التاسعة من جمادى الآخرة، ودفن بمراكش سنة أربع (4).
قلت: بلغني أنه قتل بالرماح لكونه أنكر عصمة ابن تومرت.
وفيها مات شاعر زمانه القاضي أبو بكر أحمد بن محمد بن حسين
الارجاني (5) قاضي تستر، والعلامة المصنف أبوجعفرك أحمد بن
علي بن
__________
(1) في " وفيات الاعيان " 3 / 485.
(2) انظر تراجمهم في كتابه " الغنية ".
(3) في " الصلة " 2 / 454.
(4) أي: وخمس مئة " التعريف بالقاضي عياض " ص 13 بتحقيق د.
محمد بن شريفة طبع المغرب سنة 1982 م وجاء في حاشية الاصل
بخط مغاير ما نصه: أخبرني الشيخ الامام أبو عمرو بن حماج
أن قبر القاضي عياض بناحية باب أغمات من
مراكش بإزاء كنيسة كانت هناك، وكان لا يعرف لدروسه
واستيلاء النصارى على مدفنه وما حوله حين أباحه لهم بعض
الملوك، وأن في سنة اثنتي عشرة وسبع مئة أو قبلها أو بعدها
بقليل أراد الله تعالى إظهار قبره، فغضب أبو يعقوب المريني
على نصارى مراكش، وأباح أموالهم للمسلمين، فنهبت ديارهم،
وتخيلوا أن النصارى يدفنون الحلي التي لهم مع موتاهم،
فحملهم ذلك على نبش القبور التي حول الكنيسة، فبيناهم كذلك
إذ ظهرت علامة قبر القاضي وتاريخه، ففرح الفقهاء بذلك،
وأمر القاضي أبو إسحاق بن الصباغ بتسوية ما حول القبر
وإشهاره وإظهاره، وبنى عليه قبة عظيمة ذات أربعة أوجه،
وألزم الفقهاء بالتردد إلى هناك لتلاوة القرآن ليشتهر
القبر.
قال لي أبو عمرو: أنا جئت إلى القبة المذكورة، ودعوت الله
تعالى، فاستجاب لي.
والله أعلم.
(5) تقدمت ترجمته برقم (134).
(*)
(20/217)
أبي جعفر البيهقي (1)، والمسند بهراة أبو المحاسن أسعد (2)
بن علي بن الموفق، ومحدث حلب أبو الحسن علي بن سليمان
المرادي القرطبي (3).
أخبرنا القاضي معين الدين علي بن أبي العباس المالكي
بالاسكندرية قال: قرأت على محمد بن إبراهيم بن الجرج، عن
عبد الله بن محمد بن عبيد الله الحافظ، وأخبرني أبو القاسم
محمد بن عمران الحضرمي، أخبرنا أبو إسحاق الغافقي غير مرة،
أخبرنا محمد بن عبد الله الازدي، أخبرنا محمد بن الحسن بن
عطية الجابري، قالا: أخبرنا عياض بن موسى القاضي، أخبرنا
محمد بن عيسى التميمي، وهشام بن أحمد، قالا: حدثنا أبو علي
الغساني، حدثنا أبو عمر النمري، حدثنا ابن عبدالمؤمن،
حدثنا أبو بكر التمار، حدثنا أبو داود، حدثنا محمد بن
سلمة، حدثنا ابن وهب، عن حيوة وابن لهيعة وسعيد بن أبي
أيوب، عن كعب بن علقمة، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد
الله بن عمرو سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا
سمعتم
المؤذن فقولوا ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلى
الله عليه عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في
الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا
هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة ".
رواه مسلم (4).
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (132).
(2) تقدمت ترجمته برقم (135)، وفي الاصل " سعد " والمثبت
من الترجمة المتقدمة.
(3) تقدمت ترجمته برقم (122).
(4) برقم (384) وأخرجه أبو داود (523) والترمذي (3614)
والنسائي 2 / 25، وأبو عوانة 1 / 337، وأحمد 2 / 168،
والطحاوي 1 / 143، وابن السني (91)، والبيهقي 1 / 409.
(*)
(20/218)
ومن سلالته العلامة:
137 - أبو عبد الله محمد بن
عياض * ابن محمد بن القاضي عياض بن موسى، اليحصبي
السبتي النحوي.
قال ابن الزبير (1): ولد سنة أربع وثمانين وخمس مئة، وأخذ
عن: أيوب بن عبد الله الفهري، وأخذ بالجزيرة الخضراء "
كتاب " سيبويه تفقها عن أبي القاسم عبدالرحمن بن علي
النحوي، وأخذ بها " الايضاح " لابي علي الفارسي عن أبي
الحجاج بن معزوز (2)، وأجاز له من أصبهان أبو جعفر
الصيدلاني في سنة ثمان وتسعين، وولي قضاء الجماعة بغرناطة
إلى أن مات.
وكان من سراة القضاة وأهل النزاهة، شديد التحري، صابرا على
الضعيف، شديدا على أهل الجاه، فاضلا وقورا، يعرب كلامه
دائما،
وكان يكرم الطلبة، وأجاز له أيضا من دمشق الخشوعي (3).
أجاز لي، ومات في جمادى الاخرى سنة خمس (4) وخمسين وست مئة
رحمه الله، وتوفي أبوه عياض (5) الفقيه في سنة ثلاثين وست
مئة بمالقة.
__________
(*) الوافي بالوفيات 4 / 294، الاحاطة في أخبار غرناطة 2 /
226 - 229، الديباج المذهب 2 / 266، 267.
(1) انظر " الاحاطة في أخبار غرناطة " 2 / 227 - 229.
(2) بزايين كما في الاصل و " الديباج المذهب "، وفي "
الاحاطة " 2 / 228: " مغرور " بالغين المعجمة وراءين.
(3) أبو طاهر بركات بن إبراهيم الدمشقي المتوفى سنة 598 ه،
ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (186).
(4) في " الاحاطة ": سنة أربع.
(5) مترجم في " شجرة النور " 1 / 179.
(*)
(20/219)
138 - ابن الدباغ * الامام الحافظ المتقن الاوحد، أبو
الوليد، يوسف بن عبد العزيز
بن يوسف بن عمر (1) بن فيره (2) اللخمي الاندي (3)
المالكي، نزيل مرسية.
أكثر عن أبي علي الصدفي ولازمه، وسمع " الموطأ " من أحمد
بن محمد الخولاني، وأخذ أيضا عن أبي محمد بن عتاب، وطائفة.
وجمع، وصنف.
روى عنه: ابن بشكوال، وأبو عبد الملك مروان بن عبد العزيز
الوزير، وأحمد بن أبي المطرف البلنسي، وأحمد بن سلمة
اللورقي، ومحمد بن علي بن هذيل، وآخرون.
رأيت " برنامجه "، وقد سمع كتبا كبارا، وله تأليف صغير في
تسمية الحفاظ.
قال ابن بشكوال (4): كان من أنبل أصحابنا، وأعرفهم بطريقة
الحديث وأسماء الرجال وأزمانهم وثقاتهم وضعفائهم وأعمارهم
وآثارهم، ومن أهل العناية الكاملة بتقييد العلم، وشوور في
الاحكام ببلده، ثم خطب
__________
(*) الصلة 2 / 682، 683، بغية الملتمس: 491، 492، معجم
البلدان 1 / 264، الاستدراك لابن نقطة: باب الاندي
والابدي، تاريخ الاسلام (وفيات 546)، العبر 4 / 126، تذكرة
الحفاظ 4 / 1310 - 1312، النجوم الزاهرة 5 / 302، طبقات
الحفاظ: 485، شذرات الذهب 4 / 142، هدية العارفين 2 / 552،
فهرس الفهارس 1 / 308.
(1) قال المؤلف في " التذكرة ": وقيل: إبراهيم بدل عمر.
وورد اسمه في " معجم البلدان ": يوسف بن عبد العزيز بن
إبراهيم الاندي.
(2) بكسر الفاء وسكون الياء وضم الراء المشددة آخره هاء.
انظر " المشتبه " 2 / 514.
(3) نسبة إلى أندة بالضم ثم السكون، وهي مدينة من أعمال
بلنسية بالاندلس.
(4) في " الصلة " 2 / 682.
(*)
(20/220)
به وقتا، قال لي: مولده في سنة إحدى وثمانين وأربع مئة.
توفي سنة ست وأربعين وخمس مئة.
ومن مشايخه خلف بن إبراهيم بن النخاس، وعبد القادر الصدفي.
قال ابن الزبير: هو أحد الائمة المهرة المتقنين، ومن
جهابذة النقاد، اعتمده الناس فيما قيده، وكان سمحا مؤثرا
على قلة ذات يده، نزه النفس، ولي خطابة مرسية، ثم قضاء
دانية (1).
قلت: أنبأنا ب " الموطأ " أحمد بن سلامة، عن أبي جعفر
القرطبي
بسماعه منه.
139 - البيع * الشيخ أبو بكر،
محمد بن عبد العزيز بن علي بن محمد بن عمر الزهري
الوقاصي الدينوري، ثم البغدادي المراتبي البيع.
سمع أباه، وأبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، ورزق الله
التميمي.
وعنه: ابن أخيه محمد بن هبة الله من " مشيخة " الابرقوهي
شيخنا.
قال أبو سعد السمعاني: كان من أولاد المياسير، وكان شيخا
متوددا كيسا مطبوعا، غير أنه يلعب بالحمام، قال لي: إنه
ولد في أول سنة خمس وسبعين وأربع مئة.
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1310.
(*) العبر 4 / 124، النجوم الزاهرة 5 / 300، شذرات الذهب 4
/ 140.
(*)
(20/221)
مات في الثالث والعشرين من المحرم سنة خمس وأربعين وخمس
مئة.
وفيها توفي أبو علي الحسين بن علي بن الحسين النيسابوري
الشحامي (1)، مكثر سمع من ابن المحب، وأبو القاسم
عبدالرحمن بن أحمد بن رضى خطيب قرطبة، وأبو محمد المبارك
بن أحمد بن بركة الكندي الخباز (2)، وأبو البركات محفوظ بن
الحسن بن صصرى التغلبي عن ثمانين سنة.
140 - ابن عبدان * الشيخ أبو
القاسم، الخضر بن حسين بن عبد الله بن الحسين بن
عبيد (3) الله بن أحمد بن عبدان، الازدي الدمشقي الصفار.
سمع أباه، وأبا القاسم بن أبي العلاء، وسهل بن بشر،
والفقيه نصر ابن إبراهيم، والحسن بن أبي الحديد، وله إجازة
من عبد العزيز الكتاني.
روى عنه: ابن عساكر وابنه القاسم، وأبو المحاسن بن أبي
لقمة وغيرهم.
مات في شعبان سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.
141 - موفق * * الخادم
الاستاذ، أبو السداد الحبشي، مولى الوزير نظام الملك.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (142).
(2) انظر " النجوم الزاهرة " 5 / 300 وقد تصحف فيه إلى "
الحبار " بالحاء المهملة والراء.
(*) تهذيب تاريخ دمشق لبدران 5 / 164.
(3) في " تهذيب " ابن عساكر: " عبد ".
(* *) لم نقف على مصدر ترجمه.
(*)
(20/222)
سمع أبا نصر الزينبي، والقاضي الخلعي بمصر، وقرر برباط
الزوزني.
روى عنه: السلفي وأثنى عليه، وأبو محمد بن الخشاب.
بقي إلى سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
142 - الشحامي * الرئيس
الاوحد، أبو علي، الحسين (1) بن علي بن الحسين بن
محمد ابن محمد الشحامي النيسابوري.
كان يخدم الخاتون.
وكان سمع الكثير من الفضل بن المحب، وأبي بكر بن خلف،
والصرام، ومحمد بن إسماعيل التفليسي.
روى عنه: السمعاني وابنه عبدالرحيم.
توفي ليلة نصف شعبان سنة خمس وأربعين وخمس مئة.
143 - الرفاء * * شاعر الشام،
أبو الحسين، أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح،
__________
(*) العبر 4 / 123، 124، شذرات الذهب 4 / 139، 140.
(1) في " العبر ": الحسن.
(* *) الخريدة (قسم الشام) 1 / 76 - 95، مرآة الزمان 8 /
132، 133، الروضتين 1 / 91، وفيات الاعيان 1 / 156 - 160،
الاعلاق الخطيرة 343 - 344، تذكرة الحفاظ 4 / 1313، العبر
4 / 130، تتمة المختصر 2 / 85، الوافي بالوفيات 8 / 193 -
197، مرآة الجنان: 3 / 287، البداية 12 / 231، النجوم
الزاهرة 5 / 299 (وفيات سنة 545)، كشف الظنون: 769، شذرات
الذهب 4 / 146، 147، روضات الجنات: 72، 73، تهذيب تاريخ
دمشق لبدران 2 / 100 - 102، أعيان الشيعة 10 / 228 - 248،
تاريخ بروكلمان 5 / 47، = (*)
(20/223)
الاطرابلسي الرفاء، صاحب الديوان المشهور (1).
له نظم بديع.
وكان يلقب بمهذب الدين، ويقال له: عين الزمان.
قال ابن عساكر (2): رأيته مرات، وكان رافضيا، خبيث الهجو
والفحش، سجنه بوري مدة، وهم بقطع لسانه، ثم تسحب، فلما ولي
شمس الملوك (3) عاد إلى دمشق، فبلغ شمس الملوك عنه أمر،
وأراد صلبه، فاختفى، وهرب، ثم قدم في صحبة الملك نور
الدين، وتوفي في
جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين (4) وخمس مئة بحلب.
وكان هو والقيسراني كفرسي رهان، لكن القيسراني سني دين.
144 - القيسراني * سيد
الشعراء، أبو عبد الله، محمد بن نصر بن صغير بن
خالد، القيسراني.
__________
= 48.
وانظر كتاب " شعر الجهاد في الحروب الصليبية في بلاد الشام
" للدكتور محمد علي الهرفي: 255 - 288.
(1) ومنه القصيدة التترية، وهي عبارة عن (91) بيتا في عبده
تتر، أرسله بهدايا إلى الشريف الموسوي، فأبقاه عنده، وهي
مذكورة في " ثمرات الاوراق " لابن حجة الحموي على هامش "
محاضرات الادباء " طبعة القاهرة 1 / 287، 329 - 335، وفي "
تزيين الاسواق " لداود الانطاكي ص 347.
وله قصيدة في " مجموع مزدوجات " مطبوعة في القاهرة 1299 ه
طبعة حجر.
وله شعر كثير في " الروضتين " وفي " الخريدة " (قسم
الشام).
(2) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " لبدران 2 / 100، 101.
(3) إسماعيل بن تاج الملوك بوري، مترجم بعد أبيه في الجزء
التاسع عشر برقم (329).
(4) أورده في " النجوم الزاهرة " في وفيات سنة 545.
(*) ذيل ابن القلانسي: 322، الانساب 10 / 291، التحبير 2 /
242 - 244، الخريدة = (*)
(20/224)
ولد بعكا، ونشأ بقيسارية (1)، وسكن دمشق، وامتدح الملوك،
وولي إدارة الساعات على باب الجامع (2) في أيام تاج
الملوك، ثم سكن حلب، وولي بها خزانة الكتب.
قرأ الادب، وأتقن علم الهيئة والهندسة، وصحب الشاعر أبا
عبد الله
ابن الخياط (3).
ومن نظمه: يا هلالا لاح في شفق * أعف أجفاني من الارق فك
قلبي يا معذبه * فهو من صدغيك في حنق (4) قال السمعاني: هو
أشعر من رأيته بالشام، ولد سنة ثمان وسبعين
__________
= (قسم الشام) 1 / 96 - 160، معجم الادباء 19 / 64 - 81،
مختصر تاريخ دولة آل سلجوق: 223، مرآة الزمان 8 / 133،
الروضتين 1 / 91، وفيات الاعيان 4 / 458 - 461، دول
الاسلام 2 / 64، العبر 4 / 133، تذكرة الحفاظ 4 / 1313،
تتمة المختصر 2 / 84، 85، الوافي بالوفيات 5 / 112 - 121،
مرآة الجنان 3 / 287 - 288، البداية والنهاية 12 / 231،
العسجد المسبوك: ق 68 / 1، كشف الظنون 768، شذرات الذهب 4
/ 150، النجوم الزاهرة 5 / 302 (وفيات 547)، الدارس 2 /
388، الفهرس التمهيدي 301، تاريخ بروكلمان 5 / 48 (النسخة
العربية).
وانظر كتاب " شعر الجهاد في الحروب الصليبية في بلاد الشام
" للدكتور محمد علي الهرفي: 224 - 254، وكتاب " صدى الغزو
الصليبي في شعر ابن القيسراني " للدكتور محمود إبراهيم،
نشر المكتب الاسلامي بدمشق ومكتبة الاقصى في عمان سنة 1971
م، وكتاب " محمد بن نصر القيسراني حياته وشعره " لفاروق
أنيس جرار، نشر دار الثقافة والفنون في عمان سنة 1974 م.
(1) وهي بلد على ساحل البحر، تعد من أعمال فلسطين، بينها
وبين طبرية ثلاثة أيام.
" معجم البلدان " 4 / 421.
(2) يعني الجامع الاموي بدمشق.
(3) وهو الشاعر المجيد أبو عبد الله أحمد بن محمد بن علي
التغلبي، المتوفي سنة 517 ه.
مترجم في الجزء التاسع عشر برقم (279).
(4) ولابن القيسراني شعر عظيم في الجهاد ومناهضة الصليبيين
ومدح عماد الدين ونور الدين، وفي الكتب التي خصصت لدراسته
كثير من شعره، ولم يعثر له إلا على " ديوان " صغير،
ذكر فيه بعض قصائدة في الغزل والمديح، وهو مخطوط في دار
الكتب المصرية.
انظر " فهرس المخطوطات المصورة " 1 / 453.
(*)
(20/225)
وأربع مئة، وتوفي سنة ثمان وأربعين (1) وخمس مئة.
145 - الاسفراييني * الشيخ أبو
المعالي، الفضل بن سهل بن بشر الاسفراييني الدمشقي،
ويلقب بالاثير (2)، الحلبي.
ولد بمصر، ونشأ ببيت المقدس، وسافر في التجارة إلى خراسان
وغيرها، ووعظ مدة بحلب.
سمع أباه، وأبا القاسم بن أبي العلاء، وله إجازة من أبي
بكر الخطيب، وعنده من أبيه " السنن الكبير " (3) للنسائي.
قال السمعاني: يتهم بالكذب في لهجته، وسماعه صحيح (4).
قلت: روى عنه السمعاني، وابن عساكر (5)، وآخر من روى عنه
بالاجازة ابن المقير.
مات ببغداد في رجب سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.
__________
(1) قال في " التحبير ": توفي سنة خمسين وخمس مئة.
وأورده في " النجوم الزاهرة " في وفيات سنة 547.
(*) المنتظم 10 / 155، تذكرة الحفاظ 4 / 1313، المستفاد من
ذيل تاريخ بغداد: 215 - 217، كشف الظنون 1189، هدية
العارفين 1 / 819.
(2) في " المستفاد ": كان يعرف بالامير.
(3) ولم يطبع سوى جزء صغير منه بتحقيق عبد الصمد شرف
الدين، والمطبوع المتداول إنما هو اختصار أبي بكر بن السني
تلميذ النسائي كما بينته في التعليق على " تهذيب الكمال "
1 / 328.
(4) انظر " المستفاد " ص 216.
(5) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 163 / 2.
(*)
(20/226)
146 - ابن الفراوي * الشيخ الفقيه العالم، المسند الثقة،
أبو البركات، عبد الله بن محمد
ابن الفضل بن أحمد بن الفراوي الصاعدي النيسابوري، صفي
الدين المعدل.
سمع من: جده لامه طاهر الشحامي، ومحمد بن عبيد الله
الصرام، وعثمان بن محمد المحمي، وأبي نصر محمد بن سهل
السراج، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، وعبد الرحمن بن أحمد
الواحدي، وأبي بكر بن خلف الشيرازي، وفاطمة بنت الدقاق،
وعدة.
حدث عنه: ابن عساكر (1)، والسمعاني وولده عبدالرحيم،
والمؤيد الطوسي، ومنصور بن عبد المنعم بن الفراوي حفيده،
والصفار قاسم بن عبد الله، وزينب بنت عبدالرحمن الشعرية،
وجماعة.
قال السمعاني: هو إمام فاضل ثقة صدوق دين، حسن الاخلاق، له
باع طويل في الشروط وكتب السجلات، لا يجري أحد مجراه في
هذا الفن، وهو إمام مسجد المطرز.
وقد سمع أبو المظفر عبدالرحيم بن السمعاني من لفظه " معرفة
علوم الحديث " للحاكم بسماعه من أبي بكر بن خلف عنه، وسمع
أبو المظفر منه جميع " مسند " أبي عوانة الاسفراييني
بسماعه من أوله إلى فضائل المدينة من عثمان المحمي، ومن ثم
إلى كتاب فضائل القرآن من الصرام، ومن ثم إلى
__________
(*) العبر 4 / 136، 137، دول الاسلام 2 / 66، شذرات الذهب
4 / 153.
والفراوي نسبة إلى فراوة، وهي بليدة من أعمال نسا بينها
وبين دهستان وخوارزم.
وقد ضبطت في الاصل بفتح الفاء وهو الموافق لما ضبطه ياقوت،
وضبطها السمعاني بالضم وتابعه ابن الاثير.
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 93 / 2.
(*)
(20/227)
آخر الكتاب من فاطمة بنت أبي علي الدقاق بسماعهم من أبي
نعيم الاسفراييني عنه.
مات في جائحة الغز جوعا وبردا بنيسابور في ذي القعدة سنة
تسع وأربعين وخمس مئة، وهلك خلق من الجوع والعذاب والنهب،
فالامر لله.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله سنة ست وتسعين، عن أبي
المظفر عبدالرحيم بن أبي سعد، أخبرنا عبد الله بن محمد
الفراوي، أخبرنا عثمان ابن محمد المحمي (ح) وأخبرنا أبو
الفضل، عن القاسم بن عبد الله، أخبرنا أبو الأسعد بن
القشيري، أخبرنا عبدالحميد بن عبدالرحمن البحيري، قالا:
أخبرنا عبدالملك بن الحسن سنة تسع وتسعين وثلاث مئة،
أخبرنا يعقوب بن إسحاق الحافظ سنة ست عشرة وثلاث مئة،
حدثنا موسى بن إسحاق القواس، حدثنا حفص بن غياث، حدثنا
الاعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، وعن أبي صالح، عن أبي
هريرة، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن
أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوا ذلك
عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله "
(1).
147 - السلطان * شيخ الشافعية،
أبو سعد، عمر بن علي بن سهل الدامغاني، ويلقب
بالسلطان.
__________
(1) اسناده صحيح، وأخرجه البخاري (1399) و (6924) و
(7285)، ومسلم (21) والترمذي (2610) وأبو داود (2640)
والنسائي 5 / 14، وفي الباب عن ابن عمر، وأنس بن مالك، وعن
جابر والنعمان بن بشير، وأوس بن حذيفة، وطارق بن أشيم
وغيرهم وهي مخرجة في شرح الطحاوية 1 / 14 بتحقيقنا.
(*) التحبير 1 / 525، طبقات السبكي 7 / 254، طبقات الاسنوي
2 / 51، 52.
(*)
(20/228)
ذكره أبو سعد السمعاني في شيوخه، فقال: كان إماما، حسن
الكلام، رقيق القلب، سريع الدمعة، سمع من أبي بكر بن خلف
الشيرازي، وأحمد بن إسماعيل الشجاعي، والحسن بن أحمد
السمرقندي (1).
وكانت وفاته سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.
وقال تاج الدين علي بن أنجب في كتاب " الاقتفاء في طبقات
الفقهاء ": كان إماما فاضلا مناظرا، وكان يعرف بالسلطان،
تفقه على أبي حامد الغزالي.
قلت: ذكر القطب النيسابوري (2) أنه تفقه بعمر السلطان،
وبمحمد ابن يحيى، وتفقها بالغزالي.
148 - أنر * ملك الامراء
بدمشق، معين الدين الطغتكيني.
أمير سائس، رئيس شجاع، مهيب، فحل الرأي، دبر دولة أولاد
أستاذه.
وكان يحب العلماء والصلحاء، ويبذل المال، وله مواقف
مشهودة.
__________
(1) انظر " التحبير " 1 / 525.
(2) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين.
(*) تاريخ ابن القلانسي (انظر الفهرس)، الكامل في التاريخ
11 / 147، مرآة الزمان 8 / 122، الروضتين 1 / 64، العبر 4
/ 121، 122، دول الاسلام 2 / 60، تتمة المختصر 2 / 77،
الوافي بالوفيات 9 / 410، 411، النجوم الزاهرة 5 / 286،
مختصر تنبيه الطالب: 107، وأنر: ضبطه الصفدي فقال: بفتح
الهمزة وضم النون وبعدها راء.
وقد ضبط في " النجوم " ضبط قلم بضمتين، وقال محققه: كذا
وجد مضبوطا بالقلم في هامش الاصل و " تاريخ " ابن
القلانسي.
(*)
(20/229)
وغزو كثير، وكان حسن الديانة، له المدرسة المعينية (1)،
وقبة على قبره وراء دار بطيخ، وكانت الفرنج تخافه.
توفي سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
وبنته: هي عصمة الدين الخاتون (2)، واقفة المدرسة
الخاتونية (3)، تزوج بها الملك نور الدين محمود بن زنكي.
توفي أنر في شهر ربيع الآخر، رحمه الله، وإليه ينسب قصير
معين الدين بالغور، وكان مملوكا للملك طغتكين.
وطغتكين من غلمان السلطان تتش السلجوقي، وتتش هو أخو
السلطان ملكشاه (4).
149 - السنجبستي * الشيخ
المسند، أبو علي، الحسن بن محمد بن أحمد السنجبستي،
شيخ عالم صالح.
سمع من: عبدالرحمن بن محمد كلار، وأبي بكر بن خلف، وقارب
التسعين.
روى عنه: أبو سعد السمعاني وابنه عبدالرحيم.
__________
(1) وهي من مدارس الائمة الحنفية، انظر " مختصر تنبيه
الطالب " ص 107، وقد تصحف اسمه فيه إلى " أتز " بالمثناة
الفوقية والزاي.
(2) تحرف اسم أبيها صاحب الترجمة في " أعلام النساء " 1 /
309 إلى سعيد الدين أتستر.
(3) من مدارس الائمة الحنفية.
انظر " مختصر تنبيه الطالب " ص 77، 78، وقد تصحف اسم صاحب
الترجمة فيه إلى " أتز ".
(4) طغتكين وتتش وملكشاه مرت تراجمهم في الجزء التاسع عشر
برقم (302)، (46)، (34).
(*) الانساب 7 / 163، معجم البلدان 3 / 263.
(*)
(20/230)
مات بنيسابور سنة نيف وأربعين (1) وخمس مئة.
وسنجبست (2): منزلة معروفة بين نيسابور وسرخس، مثل قرية.
150 - العبادي * الواعظ
المشهور المطرب، أبو منصور، المظفر بن أردشير
المروزي العبادي ويلقب بالامير.
واعظ باهر، حلو الاشارة، رشيق العبارة، إلا أنه قليل
الدين.
سمع من نصر الله الخشنامي، وعبد الغفار الشيروي، وجماعة.
قدم رسولا إلى بغداد من السلطان سنجر (3) سنة إحدى
وأربعين، فأقام ثلاثة أعوام يعظ بجامع القصر وبدار
السلطنة، وازدحموا عليه، وأقبل عليه المقتفي والكبراء،
وأملى بجامع القصر.
روى عنه: ابن الاخضر، وحمزة بن القبيطي، ومحمد بن المكرم.
وكان يضرب بحسن وعظه المثل.
قال أبو سعد السمعاني: لم يكن بثقة، رأيت رسالة بخطه جمعها
في
إباحة شرب الخمر (4).
__________
(1) ذكر ياقوت وفاته سنة 548 نقلا عن السمعاني في "
التحبير "، ولكن لم أجد ترجمته فيه.
(2) ضبطت في الاصل بفتح السين وكذا ضبطها السمعاني، وضبطها
ياقوت بكسرها.
(*) الانساب 8 / 337، 338، المنتظم 10 / 150، 151، اللباب
2 / 310، البداية والنهاية 12 / 230، النجوم الزاهرة 5 /
303، والعبادي نسبة إلى بعض أجداده.
(3) سترد ترجمته برقم (252).
(4) انظر " الانساب " 8 / 337، 338.
(*)
(20/231)
قال ابن الجوزي (1): له كلمات جيدة، وكتبوا عنه من وعظه
مجلدات، ذهب ليصلح بين ملك وكبير، فحصل له منهما مال كثير،
ومات بعسكر مكرم سنة سبع وأربعين وخمس مئة.
وقيل: كان يخل بالصلاة ليلة حضوره السماع، وذكر ليلة مناقب
علي رضي الله عنه، وأن الشمس ردت له، فاتفق أن الشمس غابت
بالغيم، فعمل أبياتا وهي: لا تغربي يا شمس حتى ينتهي *
مدحي لآل المصطفى ولنجله واثني عنانك إن أردت ثناءهم *
أنسيت إذ كان الوقوف لاجله إن كان للمولى وقوفك فليكن *
هذا الوقوف لخيله ولرجله قال: فطلعت الشمس من تحت الغيم،
فلا يدرى ما رمي عليه من الثياب والاموال.
عاش ستا وخمسين سنة، الله يسامحه.
151 - أبو عبد الله مردنيش
*
الزاهد المجاهد، أبو عبد الله، محمد الجذامي المغربي.
كان معه عدة رجال أبطال يغير بهم يمنة ويسرة، وكانوا
يحرثون على خيلهم كما يحرث أهل الثغر، وكان أمير المسلمين
ابن تاشفين يمدهم بالمال والآلات، ويبرهم.
ولمردنيش مغازي ومواقف مشهودة وفضائل، وهو جد الملك محمد
(2)
__________
(1) في " المنتظم " 10 / 151.
(*) لم نقف على مصدر ترجمه.
(2) سترد ترجمته برقم (156).
(*)
(20/232)
ابن سعد بن محمد صاحب شرق الاندلس.
فمن عجيب ما صح عندي من مغازيه - يقول ذلك اليسع بن حزم -
أنه أغار يوما، فغنم غنيمة كثيرة، واجتمع عليه من الروم
أكثر من ألف فارس، فقال لاصحابه وكانوا ثلاث مئة فارس: ما
ترون ؟ فقالوا (1): نشغلهم بترك الغنيمة.
فقال: ألم يقل القائل: [ إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا
مئتين ] [ الانفال: 65 ] فقال له ابن مورين: يا رئيس، الله
قال هذا.
فقال: الله يقول هذا وتقعدون عن لقائهم ؟ ! قال: فثبتوا،
فهزموا الروم.
ومن غريب أمره أنه نزل ملك الروم ابن رذمير، فأفسدوا
الزروع، فبعث يقول له: مثلك لا يرضى بالفساد، ولابد لك من
الانصراف، فأفسد في بلدك في يوم واحد ما لا تفسده في جمعة.
فأمر اللعين أصحابه بالكف، وبعث إليه يرغب في رؤيته لسمعته
عندهم.
قال ابن مورين: فجئنا مع الرئيس، فقدمناه، فأكرمه، وأجلسه
إلى جنبه، وجعل يطلع إليه ويقول بلسانه: اسمك عظيم، وطلعتك
دون اسمك، وما شخصك بشخص
فارس.
وكان قصيرا، وأراد ممازحته، وكذا وجه إليه أمير المسلمين
علي بن يوسف، فمضى واجتمع به، واستناب موضعه ولده سعدا إلى
أن رجع.
وفي سنة سبع عشرين وخمس مئة سار ابن رذمير، فنازل مدينة
إفراغة (2) وبها ابن مردنيش، وطال الحصار، فكتبوا إلى أمير
المسلمين ابن تاشفين ليغيثهم، فكتب إلى ابنه تاشفين بن
علي، وإلى الامير يحيى بن غانية بإغاثتهم، وإدخال الميرة
إليهم، فتهيأ لنجدتهم أربعة آلاف، فما
__________
(1) في الاصل: فقال.
(2) بكسر الهمزة والغين معجمة، مدينة بالاندلس من أعمال
ماردة كثيرة الزيتون.
" معجم " ياقوت 1 / 227.
(*)
(20/233)
وصلوا إلى إفراغة إلا وقد فني ما بها، ولم يبق لابن مردنيش
سوى حصان، فذبحه لهم، فحصل لكل واحد أوقية أوقية.
قال اليسع: فحدثني الملك المجاهد ابن عياض (1) حديث هذه
الغزاة، قال: لما وصل أبو زكريا يحيى بن غانية مدينة
زيتونة، خرجت إليه من لاردة مع فرساني، فقال: أشيروا علي.
فقلت: الصواب جمع جند الاندلس تحت راية واحدة، وهلال وسليم
تحت راية أخرى، ويتقدم الزبير ابن عمر بأهل المغرب
وبالدواب التي تحمل الاقوات، معهم الطبول والرايات، ونبقى
نحن والعرب كمينا عن يمين الجيش ويساره، فإذا أبصر اللعين
الرايات والطبول والزمر حمل عليه، فنكر عليه من الجهتين.
قال: فصلينا الصبح في ليلة سبع وعشرين من رمضان سنة سبع
وعشرين وخمس مئة، وأبصر اللعين الجيش وقد استراح من
جراحاته، وكان عسكره إذ ذاك أربعة وعشرين ألف فارس سوى
أتباعهم، فقصدوا الطبول، فانكسروا وتفرقوا -
يعني المسلمين - فأتينا الروم عن أيمانهم، ونزل النصر وعمل
السيف في الروم حتى بقي ابن رذمير في نحو أربع مئة فارس،
فلجؤوا إلى حصن لهم، وبات المسلمون عليه، ثم هلك غما،
وأصابه مرض مات بعد خمسة عشر يوما من هزيمته، فلا رحمه
الله.
152 - ابن مسهر * الاديب
البارع، مهذب الدين علي بن أبي الوفاء سعد بن علي
بن عبد الواحد الموصلي الشاعر، وديوانه في مجلدين.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (154).
(*) خريدة القصر (قسم الشام) 2 / 271، وفيات الاعيان 3 /
391 - 395.
(*)
(20/234)
مدح الخلفاء والملوك، وتنقل في الولايات ببلده.
ولد بآمد، ومات في صفر سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.
وقال العماد: سنة ست وأربعين.
وله من أبيات يصف الفهد: من كل (1) أهرت بادي السخط مطرح
ال * حياء جهم المحيا سيئ الخلق والشمس مذ لقبوها بالغزالة
أع * طته الرشا جسدا من لونها اليقق (2) ونقطته حباء (3)
من تسالمها (4) * على المنايا نعاج الرمل بالحدق هذا ولم
تبرزا مع سلم جانبه * يوما لناظره إلا على فرق (5) وعمل في
عصره الصوري السراج محمد بن أحمد: شثن البراثن (6) في فيه
وفي يده * فتك الصوارم (7) والعسالة الذبل تنافس الليل فيه
والنهار معا * فقمصاه بجلباب من المقل والشمس مذ لقبوها
(8) بالغزالة لم * تبرز لناظره إلا على وجل (9)
__________
(1) في " وفيات الاعيان ": وكل.
والاهرت: الواسع الشدقين.
(2) يقال: أبيض يقق محركة وككتف: شديد البياض.
وقوله " جسدا " وردت في " وفيات الاعيان ": " حسدا "
بالحاء المهملة.
(3) في الاصل: حياء، والتصويب من الوفيات.
(4) في " وفيات الاعيان ": كي يسالمها.
ونعاج الرمل: البقر الوحشي.
(5) الابيات في " وفيات الاعيان " 3 / 392.
وقال ابن خلكان: وهي من قصيدة بديعة وأولها: هي الموارد
بين السحر والحدق * فرد دنان المنايا مورد الانق وأطيب
العيش ما تجنيه من تعب * وأعذب الشرب ما يصفو من الرنق (6)
في الاصل: البراثين والتصويب من الوفيات.
(7) في " وفيات الاعيان ": ما في الصوارم.
والعسالة جمع عسال، يقال: رمح عسال: مضطرب لدن.
والذبل جمع ذابل، يقال: قنا ذابل: دقيق لاصق الليط.
(8) في " وفيات الاعيان ": دعوها.
(9) الابيات في " وفيات الاعيان " 3 / 393.
(*)
(20/235)
153 - ابن نظام الملك * الوزير الكامل،
أبو نصر (1)، أحمد ابن رأس الوزراء نظام الملك الحسن بن
علي الطوسي، نزيل بغداد.
وزر للخليفة وللسلطان (2)، وآخر ما وزر للمسترشد بالله، ثم
عزل بعد سنة وشهر، ولزم داره.
وكان صدرا محتشما، يملا العين.
روى عن: عبد الرزاق الحسناباذي وابنه.
وعنه: السمعاني، وحفيده داود بن سليمان.
مات في ذي الحجة سنة أربع وأربعين وخمس مئة، ودفن بداره.
ومات قبله في رمضان ابن أخت الامام أبو الفضل نصر بن أحمد
بن نظام الملك، وكان من أقرانه، قارب الثمانين.
وروى عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي.
وعنه: عبدالرحيم بن السمعاني.
مات هذا بطوس.
__________
(*) المنتظم 10 / 138، 139، الكامل في التاريخ 11 / 147،
الفخري: 306، الوافي بالوفيات 6 / 321، البداية والنهاية
12 / 226.
(1) تحرف في " البداية " إلى: أبو الحسن علي بن نصر.
(2) محمد بن ملكشاه في نصف ذي القعدة سنة خمس مئة، كما في
" الوافي " 6 / 321 و " المنتظم " 10 / 138.
وفي " البداية " محمود بدل محمد.
(*)
(20/236)
154 - أبو محمد ابن عياض المجاهد
* عبد الله، وقيل: عبدالرحمن، المجاهد في سبيل الله، فارس
الاندلس، وبطلها المشهور، اتفق عليه أهل شرق الاندلس.
قال عبد الواحد بن علي المراكشي (1): كان من الصالحين
الكبار، بلغني عن غير واحد أنه كان مجاب الدعوة، سريع
الدمعة، رقيقا، فإذا ركب الخيل لا يقوم له أحد، كان
النصارى يعدونه بمئة فارس، فحمى الله به الناحية مدة إلى
أن توفي رحمة الله عليه، ولا أتحقق تاريخ موته.
وقال السيع بن حزم في " أخبار المغرب ": حدثني الامير
الملك المجاهد في سبيل الله أبو محمد عبد الله بن عياض
أشجع من ركب الخيل،
وأفرس من سام الروم الويل، قال: نزلت محلة الفرنج علينا،
فكانوا إذا رمونا بالنبل صار حائلا بيننا وبين الشمس
كالجراد، والذي صح عندنا أن عدد خيلهم مئة ألف فارس، ومن
الرجل مئتا ألف أو أزيد، وكنا نعد على مقربة من سورنا أربع
مئة خيمة ديباج أو نحوها نحقق هذا، فاشتد علينا الحصار،
فخرجنا في مئتي فارس، فشققنا الروم نقتل فيهم، ولجأنا إلى
حصن الزيتونة قاصدين بلنسية.
قال اليسع: قال لي مسعود بن عز الناس: أبصرت ابن عياض وهو
شاب حدث، وقد صارع روميا غلب جميع من في بلاد الاندلس،
فجاءه الرومي، فدفعه ابن عياض عن نفسه دفعة حسبت أن الرومي
انتفضت
__________
(*) المعجب: 305، الحلة السيراء 2 / 251، المغرب في حلي
المغرب 20 / 250، أعمال الاعلام 204 و 299، الاحاطة 2 /
121، تاريخ ابن خلدون 4 / 166، وفيه وفاته 542 ه، نفح
الطيب 4 / 456.
(1) في " المعجب ": 305.
(*)
(20/237)
أوصاله، ثم أمسك بخاصرة الرومي حتى رأيت الدم تحت أصابع
ابن عياض، ثم رفعه، وألقى به الارض، فطار دماغه.
وله قصة أخرى: وذلك أنه وقف فارس من جملة خيالة الروم على
لاردة، وطلب المبارزة، فخرج ابن عياض عليه قميص طويل الكم
قد أدخل فيه حجرا مدحرجا، وربط رأس الكم، وتقلد سيفه،
والرومي شاك في سلاحه، فحمل عليه ابن عياض، فطعنه الرومي
في الطارقة، فنشب الرمح، فأطلقها ابن عياض من يده، وبادر
فضرب الرومي بكمه، فنثر دماغه، فعجبنا، وكبرنا، فاشتهر
ذكره على صغر سنه، وأما أنا فحضرت
معه أيام مملكته حروبا، كان حجر لا يؤثر فيه، وكان في
هيئته كأنه برج غريب الخلقة.
قال مسعود: ولما وصلنا الزيتونة بعد قضاء حوائجنا، جئنا
لاردة في السحر، فوقعنا في خيام العدو المحيط بالبلد،
فجعلنا نضرب على الطوارق، ونصيح، فنفرت الخيل، ونحن نقتل
من لقيناه، فدخلنا البلد سالمين.
قلت: ولابن عياض مواقف مشهودة، وكان فارس الاسلام في
زمانه، لعله بقي إلى بعد الاربعين (1) وخمس مئة، وقام بعده
خادمه محمد (2) بن سعد بن مردنيش، استخلفه عند موته على
الناس، فدامت أيامه إلى سنة ثمان وستين وخمس مئة.
قال اليسع في " تاريخ المغرب " - وقد خدم ابن عياض، وصار
كاتبا
__________
(1) ذكر ابن خلدون وفاته سنة 542.
(2) سترد ترجمته برقم (156).
(*)
(20/238)
له - فذكر أن ابن عياض التقى البرشلوني، وانتصر المسلمون،
فلما انفصل المصاف، قصد المسلمون الماء ليشربوا، وتجرد ابن
عياض من درعه، ونحو الخمس مئة من الروم في غابة عند الماء،
فالتفت ابن عياض إلى أصحابه أن ارموا الروم بالنبل، فجاءه
سهم في فقار ظهره، فأخرج منه بعد قتل أولئك الخمس مئة،
وإذا بالسهم قد أصاب النخاع، فوصل مرسية، وتوفي بعد ولايته
إياها أربع سنين، ووجد المسلمون لفقده.
155 - ابن أبي ركب * نحوي
الاندلس، الاستاذ أبو بكر، محمد بن مسعود بن عبد
الله
الخشني الجياني (1).
أخذ القراءات عن ابن شفيع (2) وجماعة، والعربية عن ابن أبي
العافية (3)، وابن الاخضر (4).
وروى عن أبي الحسن بن سراج وعدة.
شرح " كتاب " سيبويه، ولم يتمه.
وكان رأسا في الآداب مع الدين والصلاح.
__________
(*) معجم الادباء 19 / 54، 55، الاستدراك: باب الخشني
والحسني، تكملة الصلة: 188، 189، المعجم لابن الابار 162،
163، الوافي بالوفيات 5 / 22، 23، بغية الوعاة 1 / 244،
تاج العروس 9 / 192 (خشن)، روضات الجنات 185، 186، إيضاح
المكنون 2 / 304.
(1) نسبة إلى جيان: بلدة كبيرة من بلاد الاندلس.
(2) وهو عبد العزيز بن عبدالملك بن شفيع الاندلسي، المتوفى
سنة 514 ه، مترجم في " غاية النهاية " 1 / 394.
(3) مترجم في " بغية الوعاة " 1 / 154، 155.
(4) مترجم في " بغية الوعاة " 2 / 174.
(*)
(20/239)
أخذ عنه ابنه أبو ذر، وأبو عبد الله بن حميد.
وعاش ثلاثا وستين سنة، مات في ربيع الاول سنة أربع وأربعين
وخمس مئة.
156 - محمد بن سعد * ابن محمد
بن مردنيش الجذامي الاندلسي، الملك أبو عبد الله،
صاحب مرسية وبلنسية.
كان صهرا للملك المجاهد الورع أبي محمد عبد الله بن عياض،
فلما توفي ابن عياض، اتفق رأي أجناده على تقديم ابن مردنيش
هذا عليهم، وكان صغير السن شابا، لكنه كان ممن يضرب
بشجاعته المثل، وابتلي بجيش عبدالمؤمن يحاربونه، فاضطر إلى
الاستعانة بالفرنج، فلما توفي الخليفة عبدالمؤمن تمكن ابن
مردنيش، وقوي سلطانه، وجرت له حروب وخطوب.
ذكره اليسع في " تاريخه "، وقال: نازلت الروم المرية عند
علمهم بموت ابن عياض، ولكون ابن مردنيش شابا، ولكن عنده من
الاقدام ما لا يوجد في أحد حتى أضر به في مواضع شاهدناها
معه، والرأي قبل الشجاعة، وإلا فهو في القوة والشجاعة في
محل لا يتمكن منه أحد في عصره، ما استتم خمسة عشر عاما حتى
ظهرت شجاعته، فإن العدو نازل إفراغة، فقرب فارس منهم إلى
السور، فخرج محمد، وأبوه سعد لا
__________
(*) زاد المسافر: 33، المعجب: 305، 306 و 360، 363، المغرب
2 / 250، 251، وفيات الاعيان 7 / 131، الوافي بالوفيات 3 /
89، الاحاطة في أخبار غرناطة 2 / 121 - 127، أعمال
الاعلام: 298، تاريخ ابن خلدون 4 / 166، نفح الطيب (انظر
الفهرس).
(*)
(20/240)
يعرف، فالتقيا على حافة النهر، فضربه محمد ألقاه مع حصانه
في الماء، فلما كان الغد طلب فارس من الروم مبارزته، وقال:
أين قاتل فارسنا بالامس ؟ فامتنع والده من إخراجه له، فلما
كان وقت القائلة وقد نام أبوه، ركب حصانه، وخرج حتى وصل
إلى خيام العدو، فقيل للملك: هذا ابن سعد.
فأحضره مجلسه، وأكرمه، وقال: ما تريد ؟ قال: منعني أبي من
المبارزة، فأين الذي يبارز ؟ فقال: لا تعص أباك.
فقال له: لا بد.
فحضر المبارز، فالتقيا، فضرب العلج محمدا في طارقته، وضرب
هو العلج ألقاه، ثم أومأ إليه بالرمح ليقتله، فحالت الروم
بينهما، وأعطاه الملك جائزة.
ومن شجاعته يوم نوله (1): كان في مئة فارس، والروم في ألف،
فحمل بنفسه، فاجتمعت فيه أكثر من عشرين رمحا، فما قلبوه،
ولولا حصانة عدته لهلك، فكشف عنه أصحابه، وانهزم الروم،
فاتبعهم من الظهر إلى الليل، ثم هادن الروم عشر سنين.
قلت: ولليسع بن حزم في ابن مردنيش عدة تواريخ، وقال: له في
المملكة خمسة وعشرون عاما إلى تاريخنا هذا.
قلت: أحسبه تملك بعيد الاربعين وخمس مئة.
قال: ولم تزل الايام تخدمه، وقد اهتم بجمع الصناع لآلات
الحروب وللبناء والترخيم، واشتغل ببناء القصور العجيبة
والنزه والبساتين العظيمة، وصاهر الرئيس القائد أبا إسحاق
بن همشك (2).
__________
(1) بكسر أوله وفتح ثانيه: حصن من أعمال مرسية بالاندلس.
" معجم البلدان " 5 / 312.
(2) هو إبراهيم بن محمد بن مفرج بن همشك، مترجم في "
المغرب " 2 / 52، = (*)
(20/241)
قلت: هذا كان في أيام الملك نور الدين، ولا أذكر متى توفي،
فلعله بعد الستين وخمس مئة (1).
نعم قد مر في ترجمة ابن عياض (2) أن ابن مردنيش بقي إلى
سنة ثمان وستين.
157 - حيدرة بن مفرج *
ابن حسن، الوزير ابن الصوفي الدمشقي، زين الدولة، وزير
صاحب دمشق مجير الدين أبق، وأخو الوزير المسيب بن الصوفي.
عمل على أخيه المسيب حتى خلعه من الوزارة، وولي مكانه،
فظلم وتمرد، وعسف وارتشى، فعلم بذلك مخدومه مجير الدين،
فانزعج، وطلبه إلى القلعة، فعدل به الجندارية (3) إلى حمام
القلعة، فذبحوه صبرا، ونصب رأسه على خندقها في سنة ثمان
وأربعين وخمس مئة (4).
158 - أخوه * * الوزير العميد
أبو الذواد المسيب، كان قد امتنع بدمشق، وحشد
__________
= و " الاحاطة " 1 / 296 - 302، وفيه: همشك: معناه: ترى
المقطوع الاذن، إذ " ها " عندهم قريب مما هي في اللغة
العربية.
و " المشك ": المقطوع الاذن، في لغتهم.
(1) في " الاحاطة " و " الوافي " أنه توفي سنة 567 ه، وفي
" المعجب " أنه توفي سنة 568 ه.
(2) برقم (154).
(*) تاريخ ابن القلانسي: 476 وما بعدها، 500، 501.
(3) الجندار والجاندار: حارس ذات الملك.
مركب من " جان "، أي: روح ونفس.
و " دار " أي حافظ.
" معجم الالفاظ الفارسية المعربة " لادي شير 46.
(4) انظر " تاريخ ابن القلانسي: 500، 501.
(* *) البداية والنهاية 12 / 232 واسمه فيه علي بن الصوفي.
(*)
(20/242)
وجيش، واستخدم الاحداث، فلاطفه ملك دمشق، ثم عزله، ونفاه
إلى صرخد، فلما تملك نور الدين، رجع إلى دمشق متمرضا، ثم
مات سنة تسع وأربعين وخمس مئة.
وكان جبارا عسوفا، لقبه - مؤيد الدولة -، ودفن بداره
بدمشق.
159 - ابن حمدين * من أكابر
أهل قرطبة، تسمى بأمير المسلمين بعد هلاك ابن
تاشفين، وشن الغارات على بلاد عبد الله بن عياض، وترك
الجهاد لسوء رأي وزرائه، فاشتعلت الفتنة، والمرابطون
بغرناطة في ألفي فارس، ثم إن ابن حمدين التقى هو ويحيى بن
غانية (1)، فانتصر ابن غانية، وانهزم ابن حمدين إلى قرطبة،
وخذله أصحابه، فاتبعه ابن غانية، وأحس ابن حمدين بالعجز،
ففر إلى فرنجواش، واستنجد بالسليطين طاغية الروم، واشترط
له أموالا، وابن غانية مضايق لابن حمدين، فجاء الطاغية في
مئة ألف، ففر ابن غانية، ودخل قرطبة، فنازل اللعين وابن
حمدين قرطبة، فتقدم ابن حمدين إلى أهلها، فمال إليه خلق،
ودخلتها الروم لعظم شوارعها، فقتلوا من وجدوه، وتفرقت
الكلمة مع أن أهلها ينيفون (2) على أربع مئة ألف مقاتل
(3).
قال ابن اليسع الغافي: سمعت أبا مروان بن مسرة وقد سأله
عبد المؤمن عن عدة مقاتلة أهل قرطبة، فقال: أحصينا فيها
ممن يحضر المساجد أربع مئة ألف مقاتل، ولما تمكن العدو
منها زحف إلى القصر،
__________
(*) الحلة السيراء (انظر الفهرس)، الاحاطة 4 / 345، 346،
نفح الطيب 3 / 537.
(1) مترجم في " المعجب " 385، 386 و 397، 398.
(2) في الاصل: يفيقون.
(3) انظر " الاحاطة " 4 / 345، 346.
(*)
(20/243)
فقاتل ابن غانية بقية يومه، وكان عنده نمط من الروم،
فأخرجه إلى ملك الروم طالبا عهده على مال جعله له، فحل عن
قتاله، وخرج إليه بماله،
وذكر الملك بأحوال المصامدة، وخوفه من عبدالمؤمن بن علي،
وقال له: إني خادمك في هذا البلد، وحائل بينك وبين
عبدالمؤمن، وكان للمصامدة إذ ذاك وقع في النفوس، فاستنابه
عليها، وخرج السليطين بجملته عنها، وخرج عنها أيضا ابن
غانية يريد إشبيلية، فدخل قرطبة أبو الغمر نائبا عن عبد
المؤمن، وهو أبو الغمر بن غلبون أحد الابطال وصاحب رندة،
وثار بإشبيلية وبلادها أبو الحسن علي بن ميمون، وثار بكل
ناحية رئيس، ثم اتفق رأي الجميع على تجويز المصامدة الذين
تلقبوا بالموحدين من سبتة إلى الجزيرة الخضراء، وجرت فتن
كبار، وزالت دولة المرابطين، وأقبلت دولة الموحدين.
ولد ابن حمدين قبل الخمس مئة بقرطبة.
وهو القاضي أبو جعفر حمدين بن محمد بن علي بن محمد بن عبد
العزيز بن حمدين الثعلبي، قاضي الجماعة بقرطبة.
ولي القضاء سنة تسع وعشرين وخمس مئة بعد مقتل الشهيد
القاضي أبي عبد الله بن الحاج.
وكان من بيت حشمة وجلالة، صارت إليه رئاسة قرطبة عند
اختلال أمر الملثمين وقيام ابن قسي عليهم بقرب الاندلس،
فلقب ابن حمدين بأمير المسلمين المنصور بالله في رمضان سنة
تسع وثلاثين وخمس مئة، ودعي له في الخطبة على أكثر منابر
الاندلس، ولكن لم يطل ذلك، ثم تعاورته المحن في قصص يطول
شرحها، ثم تحول إلى مالقة، وأقام بها خاملا إلى أن توفي
سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.
(20/244)
160 - خياط الصوف * الصالح المكثر، أبو سعد (1)، محمد بن
جامع
بن أبي نصر النيسابوري الصيرفي.
سمع أبا بكر بن خلف، وموسى بن عمران، وفاطمة بنت الدقاق،
ومحمد بن سهل السراج، ومحمد بن عبيد الله الصرام، وطبقتهم.
روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبدالرحيم.
وقد حج، وحدث ببغداد.
مات في ربيع الآخر سنة تسع وأربعين وخمس مئة.
وكان مولده في سنة ثلاث وسبعين وأربع مئة.
161 - الحمامي * * الشيخ
الصالح المعمر، مسند الوقت، أبو القاسم، إسماعيل بن علي
بن الحسين بن أبي نصر، النيسابوري، ثم الاصبهاني الصوفي،
المشهور بالحمامي.
ولد في حدود الخمسين وأربع مئة.
وبكر بن أبوه بالسماع، فسمع من أبي مسلم محمد بن علي بن
مهربزد (2) صاحب أبي بكر بن المقرئ، وأبي منصور بكر بن
محمد بن
__________
(*) التحبير 2 / 103، 104، العبر 4 / 137، النجوم الزاهرة
5 / 319.
(1) في " العبر ": أبو سعيد.
(* *) دول الاسلام 2 / 68، العبر 4 / 143، النجوم الزاهرة
5 / 324، شذرات الذهب 4 / 158.
(2) انظر ضبطه في ترجمة أبي مسلم محمد هذا في الجزء الثامن
عشر برقم (79).
(*)
(20/245)
جيد، والحافظ مسعود بن ناصر السجزي، وعبد الجبار بن عبد
الله بن برزة
الواعظ، وأبي (1) سهل حمد بن ولكيز، وأبي (1) بكر محمد بن
إبراهيم العطار المستملي، وعبد الله بن محمد الكروني، وأبي
(1) طاهر أحمد بن محمد بن عمر النقاش، والحسن بن عمر بن
يونس، وعائشة بنت الحسن الوركانية، وانفرد في الدنيا عنهم.
وأول سماعه في سنة تسع وخمسين وأربع مئة.
حدث عنه: السلفي، وابن عساكر (2)، والسمعاني، وأبو موسى
المديني، ويوسف بن أحمد الشيرازي، وزاهر بن أحمد الثقفي،
وإسماعيل بن ماشاذه، ويوسف وخضر ابنا معمر بن الفاخر،
ومحمد بن محمود بن خمارتاش الواعظ، ومحمد بن محمود الصباغ،
وأحمد بن محمد الفارقاني، وخلق كثير آخرهم محمد بن عبد
الواحد المديني.
وهو رواي نسخة مأمون.
عمر دهرا ممتعا بحواسه.
مات في سابع صفر سنة إحدى وخمسين وخمس مئة.
162 - ابن البن * الشيخ الفقيه
العالم، المسند الصدوق، أبو القاسم، الحسين بن الحسن
بن محمد، الاسدي الدمشقي الشافعي ابن البن.
__________
(1) في الاصل: وأبا.
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 28 / 2.
(*) التحبير 1 / 227، 228، المشتبه: 95 و 649، العبر 4 /
143، دول الاسلام 2 / 68، طبقات الاسنوي 1 / 255، النجوم
الزاهرة 5 / 324، الدارس 1 / 182، شذرات الذهب 4 / 158،
تهذيب تاريخ دمشق لبدران 4 / 294.
(*)
(20/246)
مولده في رمضان سنة 466.
سمع أبا القاسم بن أبي العلاء، وأبا عبد الله الحسن بن أبي
الحديد، والفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي وبه تفقه، وأبا
البركات ابن طاووس.
حدث عنه: ابن عساكر وابنه، والسمعاني، وأبو المواهب بن
صصرى، وأخوه أبو القاسم بن صصرى، والقاضي أبو القاسم بن
الحرستاني، وحفيده أبو محمد الحسن بن علي بن البن، وآخرون.
وكان كثير الرواية.
ذكره ابن عساكر، فقال: خلط على نفسه، لكنه تاب توبة نصوحا،
وكان حسن الظن بالله (1).
مات في نصف ربيع الآخر سنة إحدى وخمسين وخمس مئة، ودفن
بمقبرة باب الفراديس.
وفيها مات إسماعيل الحمامي المعمر (2)، وأتسز بن محمد صاحب
خوارزم (3)، وسلمان بن مسعود الشحام (4)، وعتيق بن أحمد
الازدي الاندلسي (5)، وأبو الحسن علي بن أحمد بن محموية
الازدي الفقيه (6)، والواعظ علي بن الحسين الغزنوي (7)،
ومحمد بن عبيدالله بن سلامة
__________
(1) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " لبدران 4 / 294.
(2) تقدمت ترجمته برقم (161).
(3) سترد ترجمته برقم (215).
(4) سترد ترجمته برقم (216).
(5) مترجم في " العبر " 4 / 143 و " شذرات الذهب " 4 /
158.
(6) سترد ترجمته برقم (227).
(7) سترد ترجمته برقم (217).
(*)
(20/247)
الرطبي (1)، والقدوة أبو البيان نبأ بن محمد بن محفوظ
بدمشق (2)، والمعين يحيى بن سلامة الحصكفي (3)، ويحيى بن
عبدا لباقي الغزال (4).
163 - ابن مطكود * الشيخ أبو
القاسم، نصر بن أحمد بن مقاتل بن مطكود السوسي، ثم
الدمشقي.
سمع من جده، وأبي القاسم بن أبي العلاء، وأبي عبد الله بن
أبي الحديد، وسهل بن بشر.
وعنه: ابن عساكر (5) وابنه، وأبو المواهب، وأخوه أبو
القاسم، وطرخان الشاغوري، وآخرون.
قال ابن عساكر: شيخ مستور، لم يكن الحديث من شأنه، مات في
تاسع عشر ربيع الاول سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.
164 - أخوه علي بن أحمد
* * ابن مقاتل.
يروي عن: أبي القاسم بن أبي العلاء، فكان آخر من حدث عنه
بجزء الصفة لابن هارون.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (185).
(2) سترد ترجمته برقم (219).
(3) سترد ترجمته برقم (213).
(4) مترجم في " المنتظم " 10 / 168.
(*) العبر 4 / 134، شذرات الذهب 4 / 151.
(5) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 232 / 1.
(* *) لم نعثر على مصدر ترجمة له.
(*)
(20/248)
روى عنه: ابن عساكر وابنه، والحسين بن صصرى، وزين الامناء،
ومكرم بن أبي الصقر، وآخرون.
مات سنة ستين وخمس مئة.
165 - ابن أبي مروان * الامام
الحافظ، أبو عمر، وأبو جعفر أحمد بن أبي مروان عبدالملك
ابن محمد، الانصاري الاشبيلي.
قال الابار: سمع من شريح بن محمد، وأبي الحكم بن حجاج،
ومفرج بن سعادة، وكان حافظا محدثا، فقيها ظاهريا، له كتاب
" المنتخب المنتقى " في الحديث، وعليه بنى عبد الحق (1) "
أحكامه "، تلمذ له عبد الحق، استشهد في كائنة لبلة (2) في
سنة تسع وأربعين وخمس مئة.
166 - حامد بن أبي الفتح * *
أحمد بن محمد، أبو عبد الله المديني الحافظ، من
أعيان الطلبة.
سمع أبا علي الحداد، ويحيى بن مندة، وهبة الله بن الحصين،
وطبقتهم.
__________
(*) أعلام الزركلي 1 / 164.
(1) وهو الحافظ عبد الحق بن عبدالرحمن الازدي الاشبيلي،
المتوفى سنة 581 ه، ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين
برقم (99).
وقد صنف في الاحكام كتابين هما " الاحكام الكبرى " و "
الاحكام الصغرى " انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1350، 1351، و
" كشف الظنون " 1 / 19 و 20.
(2) لبلة: قصبة كورة بالاندلس كبيرة إلى الغرب من قرطبة،
وتعرف بالحمراء.
انظر
" معجم البلدان " 2 / 301 و 5 / 10.
(* *) لم نعثر على مصدر ترجمه، وسيكرر المؤلف ترجمته بعد
الترجمة رقم (198).
(*)
(20/249)
وعنه: السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وعبد الرحيم ولد
السمعاني.
وكان من العلماء العباد الزهاد.
قال أبو موسى المديني: مات بيزد (1) في شعبان سنة تسع
وأربعين وخمس مئة.
167 - حمزة بن محمد * ابن
بحسول، الامام المفيد، أبو الفتح الهمذاني، نزيل
هراة، ثم بلخ.
ذكره السمعاني، فقال: عارف بطرق الحديث، سافر الكثير، ودخل
بغداد، وسمع أبا القاسم بن بيان، وابن نبهان، وغانما
البرجي، والحداد، وخلقا، وعقد مجلس الاملاء ببلخ، سمعوا
بهراة الكثير بقراءاته، توفي ببلخ في ربيع الاول سنة تسع
وأربعين وخمس مئة.
168 - علي بن حيدرة * * ابن
جعفر، نقيب الاشراف، أبو طالب الحسيني الدمشقي.
سمع أبا القاسم بن أبي العلاء، والفقيه نصر بن إبراهيم.
وعنه: ابن عساكر (2) وابنه، وأبو المواهب بن صصرى، وأخوه
الحسين.
__________
(1) وهي مدينة متوسطة بين نيسابور وشيراز وأصبهان.
" معجم البلدان " 5 / 435.
(*) لم نعثر على مصدر ترجمة له.
(* *) لم نعثر على مصدر ترجمة له.
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 143 / 1.
(*)
(20/250)
مات في جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وخمس مئة.
سمعنا من طريقه السابع من " فضائل الصحابة " لخيثمة (1).
169 - ابن دادا * العلامة
القدوة، أبو جعفر، محمد بن إبراهيم بن حسين
الجرباذقاني.
سمع غانما الجلودي، وإسماعيل بن محمد الحافظ، وفاطمة بنت
البغدادي، وببغداد الارموي، وابن ناصر ولازمه.
وكتب الكثير، وكان ثقة متقنا متثبتا، صاحب فقه وفنون، مع
الزهد والقناعة.
عظم قدره ابن الاخضر، وأطنب في وصفه.
وقال المحدث أبو الفضل بن شافع: هذا الشخص لم أر مثله زهدا
وعلما، وتفننا في العلوم، تحقق بعلوم، وصار فيها منتهيا
يشار إليه في جل غوامضها، وكان شافعيا، لو عاش لكانت
الرحلة إليه من الآفاق، توفي في ذي الحجة سنة تسع وأربعين
وخمس مئة عن اثنتين وأربعين سنة وأيام، رحمه الله تعالى.
170 - الكشميهني * * الشيخ
الامام الخطيب الزاهد، شيخ الصوفية، أبو الفتح،
محمد بن
__________
(1) ابن سليمان بن حيدرة القرشي الشامي، المتوفى سنة 343
ه، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (230).
(*) الاستدراك: باب دادا ودارا، توضيح المشتبه 2 / ق 2،
شذرات الذهب 4 / 154.
(* *) التحبير 2 / 150 - 152، العبر 4 / 133، تذكرة الحفاظ
4 / 1313، مرآة الجنان = (*)
(20/251)
عبدالرحمن بن محمد بن أبي توبة الكشميهني المروزي.
سمع " صحيح " البخاري بقراءة أبي جعفر الهمذاني على المعمر
أبي الخير محمد بن أبي عمران الصفار في سنة إحدى وسبعين
وأربع مئة، وسمع من الامام أبي المظفر بن السمعاني، ومن
أبي الفضل محمد بن أحمد الميهني العارف، وهبة الله بن عبد
الوارث.
وكان مولده في ذي القعدة سنة إحدى وستين وأربع مئة.
روى عنه: ابنه أبو عبد الرحمن محمد بن محمد، وشريفة بنت
أحمد الغازي، ومسعود بن محمود المنيعي، وعبد الرحيم بن أبي
سعد السمعاني، وآخرون.
قال عبدالرحيم: سمعت منه " الصحيح " مرتين.
وقال أبو سعد (1): كان شيخ مرو في عصره، تفقه على جدي،
وصاهره، وكان لي مثل الوالد، وكان حسن السيرة، عالما سخيا،
مكرما للغرباء.
مات في الثالث والعشرين من جمادى الاولى سنة ثمان وأربعين
وخمس مئة.
ومات فيها ابن الطلاية (2)، وأبو الحسين أحمد بن منير
الرفاء شاعر
__________
= 3 / 291، 292، طبقات السبكي 6 / 124، 125، طبقات الاسنوي
2 / 351، الجواهر المضية 2 / 76، 77، النجوم الزاهرة 5 /
305، شذرات الذهب 4 / 150.
والكشميهني: نسبة إلى إحدى قرى مرو، ضبطها السمعاني بكسر
الميم، وضبطها ياقوت بفتحها.
(1) انظر " التحبير " 2 / 150، 151.
(2) سترد ترجمته برقم (177).
(*)
(20/252)
الوقت (1)، وقاضي الجماعة أبو جعفر حمدين بن محمد بن حمدين
القرطبي (2)، وطاغية الروم رجار المتغلب على صقلية (3)،
ومحدث بغداد أبو الفرج عبد الخالق (4) بن أحمد بن يوسف،
وأبو الفضل عبدالرحيم بن أحمد بن الاخوة (5)، وأبو الفتح
الكروخي المجاور (6)، وأبو الحسن علي بن الحسن البلخي مدرس
الصادرية (7)، والعادل علي بن السلار صاحب مصر (8)، قيل:
والفضل بن سهل بن بشر الاسفراييني (9)، وأبو طالب محمد بن
عبدالرحمن الكنجروذي، والافضل محمد بن الكريم (10) بن أحمد
الشهرستاني صاحب " الملل والنحل "، والحافظ محمد بن محمد
السنجي (11)، خطيب مرو، وشاعر زمانه أبو عبد الله محمد بن
نصر القيسراني (12)، وشيخ الشافعية محمد بن يحيى
النيسابوري (13)، ونصر بن أحمد بن مقاتل السوسي (14)، وهبة
الله الحاسب (15)، والقدوة أبو الحسين المقدسي الزاهد
(16).
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (143).
(2) تقدمت ترجمته برقم (159).
(3) مترجم في المختصر 3 / 27، العبر 4 / 130، تتمة المختصر
2 / 84، وشذرات الذهب 4 / 147.
(4) سترد ترجمته برقم (187).
(5) سترد ترجمته برقم (188).
(6) سترد ترجمته برقم (183).
(7) سترد ترجمته برقم (184).
(8) سترد ترجمته برقم (189).
(9) تقدمت ترجمته برقم (145).
(10) في الاصل: عبدالرحيم، وهو خطأ، وسترد ترجمته برقم
(194).
(11) سترد ترجمته برقم (192).
(12) تقدمت ترجمته برقم (144).
(13) سترد ترجمته برقم (208).
(15) تقدمت ترجمته برقم (163).
(14) سترد ترجمته برقم (173).
(16) سترد ترجمته برقم (258).
(*)
(20/253)
171 - عبد الخالق * ابن زاهر بن طاهر بن محمد،
الشيخ العالم الثقة المحدث، أبو منصور النيسابوري الشحامي.
ولد سنة خمس وسبعين وأربع مئة.
وسمع من جده، وعثمان بن محمد المحمي، وأبي بكر بن خلف،
وأبي القاسم عبدالرحمن بن أحمد الواحدي، والفضل بن أبي
حرب، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، ومحمد بن سهل السراج،
وعبد الملك بن عبد الله الدشتي، وأبي المظفر موسى بن
عمران، ومحمد بن عبيد الله الصرام، وهبة الله بن أبي
الصهباء، ومحمد بن علي بن حسان البستي، وخلق سواهم.
حدث عنه: ابن عساكر (1)، والسمعاني، وابنه عبدالرحيم بن
أبي سعد، والمؤيد الطوسي، والصفار قاسم بن عبد الله، وعدة.
قال السمعاني: كان ثقة صدوقا، حسن السيرة والمعاشرة، لطيف
الطبع، مكثرا من الحديث، ولما كبر كان يستملي للشيوخ
والائمة كأبيه وجده، ولما شاخ أملى بموضع أبيه وجده
بالجامع المنيعي (2)، وفقد في كائنة الغز، فلا يدرى قتل أو
هلك من البرد، ثم سمعت بعد أنه أحرق.
كتب إلينا أبو العلاء الفرضي أن عبد الخالق مات في العقوبة
والمطالبة
__________
(*) التقييد: ق 163 ب، العبر 4 / 137، دول الاسلام 2 / 66،
النجوم الزاهرة 5 / 319، شذرات الذهب 4 / 153، 154.
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 104 / 2.
(2) انظر " معجم البلدان " 5 / 217.
(*)
(20/254)
في شوال سنة تسع وأربعين وخمس مئة.
قلت: وكان متميزا في الشروط.
ومات معه في سنة تسع: أبو الفضل أحمد بن طاهر بن سعيد بن
الامام القدوة فضل الله الميهني عن خمس وثمانين سنة (1)،
والحافظ أبو عمر أحمد بن أبي مروان عبدالملك بن محمد
الاشبيلي (2)، والظافر إسماعيل ابن الحافظ من خلفاء مصر
(3)، والمحدث حمزة بن محمد بن بحسول الهمذاني (4)، وأبو
الفتح سالم بن عبد الله بن عمر العمري الهروي، وعائشة (5)
بنت أحمد بن منصور الصفار، والعباس بن محمد بن أبي منصور
العصاري عباسة الواعظ (6)، وأبو البركات بن الفراوي (7)،
وأبو سعد محمد بن جامع الصيرفي خياط الصوف (8)، وأبو
العشائر محمد بن خليل القيسي (9)، والقاضي فخر الدين محمد
بن عبد الصمد بن الطرسوسي الحلبي ناظر الوقوف، وأبو المعمر
المبارك بن أحمد الازجي المحدث (10)، ووزير دمشق المسيب بن
الصوفي (11)، وناصر بن محمود الصائغ بدمشق،
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (127).
(2) تقدمت ترجمته برقم (165).
(3) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (76).
(4) تقدمت ترجمته برقم (167).
(5) انظر " أعلام النساء " لكحالة 3 / 7.
(6) سترد ترجمته برقم (195).
(7) تقدمت ترجمته برقم (146).
(8) تقدمت ترجمته برقم (160).
(9) سترد ترجمته برقم (198).
(10) سترد ترجمته برقم (176).
(11) تقدمت ترجمته برقم (158).
(*)
(20/255)
والفقيه وهب بن سلمان بن الزنف (1)، وأبو المحاسن نصر بن
المظفر البرمكي (2).
172 - عبدان * المقرئ أبو محمد
عبدان بن زرين بن محمد الدويني (3) الضرير، نزل
دمشق.
وروى عن الفقيه نصر، وأبي البركات بن طاووس.
وعنه: الحافظ وابنه القاسم، وأبو المحاسن بن أبي لقمة.
مات سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
وفيها مات أبوجعفرك أحمد بن علي البيهقي المفسر صاحب
التصانيف (4)، والقاضي أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسين
الارجاني قاضي
تستر وكان شاعر العصر (5)، وأسعد بن علي بن الموفق بهراة
(6)، ونائب دمشق معين الدين أنر الطغتكيني (7)، وأبو
الفتوح عبد الله بن علي الخركوشي، والحافظ لدين الله
العبيدي (8)، وأبو الحسن المرادي
__________
(1) تقدم ضبطه في حواشي الترجمة (115) ص: 179.
(2) سترد ترجمته برقم (178).
(*) المشتبه: 316، تبصير المنتبه 2 / 602.
(3) سيضبط المؤلف هذه النسبة مع تعريفها في الترجمة
الواردة برقم (369).
(4) تقدمت ترجمته برقم (132).
(5) تقدمت ترجمته برقم (134).
(6) تقدمت ترجمته برقم (135).
(7) تقدمت ترجمته برقم (148).
(8) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (75).
(*)
(20/256)
بحلب (1)، والقاضي عياض بسبتة (2)، والنحوي أبو بكر محمد
بن مسعود ابن أبي ركب الخشني (3)
173 - هبة الله بن الحسين *
ابن علي بن محمد بن عبد الله، الشيخ المعمر المسند،
أبو القاسم ابن أبي عبد الله بن أبي شريك البغدادي الحاسب.
قال: ولدت في صفر سنة إحدى وستين وأربع مئة.
سمع أباه، وأبا الحسين بن النقور.
قال السمعاني: كتبت عنه، وكان على التركات، وكانت الالسنة
مجمعة على الثناء السيئ عليه، وكانوا يقولون: إنه ليست له
طريقة
محمودة، مات في صفر أو أوائل ربيع الاول سنة ثمان (4)
وأربعين وخمس مئة.
قلت: وروى عنه: أبو الفرج بن الجوزي، وأبو الفتوح محمد بن
علي الجلاجلي، والفتح بن عبد السلام، وآخرون، وأجاز لمحمد
بن عماد الحراني.
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح بن عبد الله الكاتب،
أخبرنا هبة الله بن أبي شريك، أخبرنا أحمد بن محمد البزاز،
حدثنا عيسى بن
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (122).
(2) تقدمت ترجمته برقم (136).
(3) تقدمت ترجمته برقم (155).
(*) الانساب 4 / 19، العبر 4 / 134، شذرات الذهب 4 / 158،
ميزان الاعتدال 4 / 292.
(4) ذكر السمعاني وفاته في " الانساب " سنة سبع.
(*)
(20/257)
علي، أخبرنا يحيى بن محمد، حدثنا عبد الجبار بن العلاء،
حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن زيد بن خالد قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من جهز غازيا أو حاجا
أو معتمرا أو خلفه في أهله، فله مثل أجره " (1).
174 - الحرضي * المعمر الصالح،
أبو نصر، محمد بن منصور بن عبدالرحيم، الحرضي
النيسابوري، من بيت حشمة نزل به الزمان.
سمع القشيري، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، والفضل بن المحب،
وعثمان المحمي.
وعنه: عبدالرحيم بن السمعاني وأبوه.
توفي في شعبان سنة سبع وأربعين وخمس مئة وله تسعون سنة.
175 - الرشاطي * * الشيخ
الامام الحافظ المتقن النسابة، أبو محمد عبد الله بن علي
بن
__________
(1) إسناده ضعيف لتدليس ابن جريج، وأورده السيوطي في "
الجامع الكبير " ص 770 ونسبه للبيهقي في " الشعب " وأخرجه
دون قوله " أو حاجا أو معتمرا " من حديث زيد بن خالد
البخاري (2843)، ومسلم (1895) وأبو داود (2509) والترمذي
(1628) و (1631) والنسائي 6 / 46، وأحمد 4 / 115، و 116، و
5 / 192، والدارمي 2 / 209، وابن ماجه (2759).
(*) المشتبه 1 / 225، العبر 4 / 127، تبصير المنتبه 2 /
494، النجوم الزاهرة 5 / 303، شذرات الذهب 4 / 145.
(* *) الصلة 1 / 297، بغية الملتمس: 349، معجم البلدان 3 /
45، المطرب: 61 و 120، معجم ابن الابار: 227 - 233، وفيات
الاعيان 3 / 106، 107، تذكرة الحفاظ 4 / 1307، 1308،
البداية والنهاية 12 / 223، نفح الطيب 4 / 462، كشف
الظنون: 134، تاج العروس 5 / 143 (رشط)، هدية العارفين 1 /
456، والرشاطي: قال ياقوت: رشاطة: أظنها بلدة بالعدوة.
وفي شرح القاموس (رشط): الرشاطي ضبطوه بالفتح وبالضم، =
(*)
(20/258)
عبد الله بن علي بن أحمد اللخمي الاندلسي المريي الرشاطي.
يروي عن: أبي علي الغساني، وأبي الحسن بن الدش، وأبي علي
ابن سكرة، وابن فتحون، وجماعة.
وصنف فيما ذكر أبو جعفر بن الزبير كتابه الحافل المسمى ب "
اقتباس الانوار والتماس الازهار في أنساب رواة الآثار "
(1)، وكتاب " الاعلام بما في
كتاب المختلف والمؤتلف للدارقطني من الاوهام "، وكتاب
انتصاره من القاضي أبي محمد بن عطية، وغير ذلك.
وكان ضابطا محدثا متقنا إماما، ذاكرا للرجال، حافظا
للتاريخ والانساب، فقيها بارعا، أحد الجلة المشار إليهم.
روى عنه: أبو محمد بن (2) عبيد الله، وأبو بكر بن خير (3)،
وابن مضاء، وأبو خالد (4) بن رفاعة، وأبو محمد بن (2)
عبدالرحيم، وأبو بكر بن أبي جمرة (5).
__________
= فمن قال بالفتح يقول: أحد أجداده اسمه رشاطة، فنسب إليه،
ومن قال بالضم يقول: نسب إلى حاضنة له كانت أعجمية تدعى
برشاطة، أو كانت تلاعبه فتقول رشاطة، فنسب إليها.
أما ابن خلكان فقال: هذه النسبة ليست إلى قبيلة ولا إلى
بلد، بل ذكر (أي صاحب الترجمة) في كتابه المذكور أن أحد
أجداده كانت في جسمة شامة كبيرة، وكانت له حاضنة أعجمية،
فإذا لاعبته قالت له: رشطالة، وكثر ذلك منها، فقيل له:
الرشاطي.
(1) في " الصلة " و " الوفيات " و " كشف الظنون ":..في
أنساب الصحابة ورواة الآثار.
وهو أحد الكتب التي اعتمدها الحافظ ابن حجر في كتابه "
تبصير المنتبه " كما ذكر في مقدمته 1 / 2.
وانظر " كشف الظنون " 1 / 134.
(2) سقط لفظ " بن " من " تذكرة الحفاظ ".
(3) في " تذكرة الحفاظ ": حبر.
(4) في " تذكرة الحفاظ ": وابن خالد.
(5) بالجيم والراء، كما ضبطه المؤلف في " المشتبه " 247،
وقد تصحف في الاصل إلى حمزة بالحاء والزاي.
وانظر ترجمته في " غاية النهاية " برقم (2747).
(*)
(20/259)
إلى أن قال: استشهد عند دخول العدو المرية في جمادى الآخرة
(1)
سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة (2) وقد قارب التسعين رحمه
الله.
وقيل: إنه ولد في جمادى الآخرة سنة ست وستين (3) وأربع
مئة.
176 - الازجي * الامام الحافظ
المفيد، أبو المعمر، المبارك بن أحمد بن عبد
العزيز، الانصاري الازجي.
سمع النعالي، وابن البطر، فمن بعدها.
وعمل " المعجم " في مجلد.
وعنه: السمعاني، وابن عساكر (4)، وابن الجوزي، والكندي.
وثقه ابن نقطة.
مات سنة تسع وأربعين وخمس مئة عن أربع وسبعين سنة.
177 - ابن الطلاية * *
الشيخ الصادق الزاهد القدوة، بركة المسلمين، أبو
__________
(1) في " معجم " ابن الابار و " وفيات الاعيان ": جمادى
الاولى.
(2) في " كشف الظنون " 1 / 134 أن وفاته سنة 466 وهو خطأ،
فهذه سنة ولادته كما سيذكر المؤلف.
وفي " الصلة ": توفي نحو سنة أربعين.
(3) سقط لفظ " وستين " من " تذكرة الحفاظ ".
(*) المنتظم 10 / 160، العبر 4 / 138، النجوم الزاهرة 5 /
319، كشف الظنون: 2019، شذرات الذهب 4 / 154.
(4) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 221 / 1.
(* *) الانساب 8 / 37 (العتابي)، مناقب الامام أحمد: 531،
المنتظم 10 / 153، الكامل في التاريخ 11 / 190، مرآة
الزمان 8 / 131، 132، العبر 4 / 129، 130، دول = (*)
(20/260)
العباس (1) أحمد بن أبي غالب بن أحمد بن عبد الله بن محمد،
عرف بابن الطلاية، الكاغدي البغدادي.
ولد سنة اثنتين وستين وأربع مئة.
روى جزءا عن عبد العزيز بن علي الانماطي، وتفرد به، وهو
التاسع من " المخلصيات " انتقاء ابن البقال (2)، وحفظ
القرآن.
قال السمعاني: شيخ كبير، أفنى عمره في العبادة والقيام
والصيام، لعله ما صرف ساعة من عمره إلا في عبادة، وانحنى
حتى لا يتبين قيامه من ركوعه إلا بيسير، وكان حافظا
للقرآن، لا يقبل من أحد شيئا، وله كفاية يتقنع بها، دخلت
عليه في مسجده مرات، بالعتابيين (3)، وسألته: هل سمعت شيئا
؟ فقال: سمعت من أبي القاسم عبد العزيز الانماطي.
قال السمعاني: ما ظفرنا بذلك، لكن قرأت عليه " الرد على
الجهمية " لنفطويه، سمعه من أبي العباس بن قريش، وحضر
سماعه معنا شيخنا أبو القاسم بن السمرقندي.
قلت: ظهر سماعه من الانماطي بعد فراق الحافظ أبي سعد
بغداد، فروى عنه الجزء يونس بن يحيى الهاشمي، وأحمد بن
الحسن العاقولي،
__________
= الاسلام 2 / 64، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 65،
الوافي بالوفيات 7 / 277، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 224،
النجوم الزاهرة 5 / 304، شذرات الذهب 4 / 145، 146، وذكر
في " الوافي " و " المستفاد " أن والدته كانت تطلي الورق
عند عمله بالدقيق المعجون بالماء رقيقا قبل صقله، فاشتهرت
بذلك.
وقد تصحف في " مناقب الامام أحمد " إلى " الطلابة " بالباء
الموحدة.
(1) في " الانساب ": أبو الخير.
(2) راجع الصفحة (134) ت رقم (3) من حواشي الترجمة رقم
(81).
(3) محلة ببغداد.
انظر " المشتبه " 441، و " الانساب " 8 / 37.
(*)
(20/261)
ومحمد بن محمد بن علي السمذي، وعلي بن أحمد بن العريبي،
وشجاع البيطار، ومحمد بن علي بن البل، وسعيد بن المبارك بن
كمونة، وعبيدالله ابن أحمد المنصوري، وعمر بن طبرزد، وأحمد
بن الاصفر، وريحان بن تيكان الضرير، ومظفر بن أبي يعلى بن
جحشويه، وعبد الرحمن بن تميرة، وعبد الله بن محاسن بن أبي
شريك، وعبد الخالق بن عبدالرحمن الصياد، وعبد السلام بن
المبارك البردغولي، وأحمد بن يوسف بن صرما، والمبارك بن
علي بن أبي الجود شيخ الابرقوهي، وآخرون.
قال أبو المظفر بن الجوزي (1): سمعت مشايخ الحربية (2)
يحكون عن آبائهم وأجدادهم أن السلطان مسعودا (3) لما أتى
بغداد، كان يحب زيارة العلماء والصالحين، فالتمس حضور ابن
الطلاية، فقال للرسول: أنا في هذا المسجد أنتظر داعي الله
في النهار خمس مرات.
فذهب الرسول، فقال السلطان: أنا أولى بالمشي إليه.
فزاره، فرآه يصلي الضحى، وكان يطولها يصليها بثمانية
أجزاء، فصلى معه بعضها، فقال له الخادم: السلطان قائم على
رأسك.
فقال: أين مسعود ؟ قال: ها أنا.
قال: يا مسعود، اعدل، وادع لي، الله أكبر.
ثم دخل في الصلاة، فبكى السلطان، وكتب ورقة بخطه بإزالة
المكوس والضرائب، وتاب توبة صادقة.
مات ابن الطلاية في حادي عشر رمضان سنة ثمان وأربعين وخمس
مئة، وحمل على الرؤوس، وكانت جنازته كجنازة أبي الحسن بن
__________
(1) في " مرآة الزمان " 8 / 132 بأطول مما هنا.
(2) انظر ص 58 ت رقم (3) من حواشي الترجمة (38).
(3) في الاصل: مسعود، والصواب ما أثبتناه.
(*)
(20/262)
القزويني (1)، وما خلف بعده مثله، دفن إلى جانب أبي الحسين
بن سمعون (2)، رحمهما الله تعالى.
178 - نصر بن المظفر * ابن
الحسين بن أحمد بن محمد بن يحيى بن أحمد بن محمد بن
يحيى بن خالد بن برمك بن آذروندار، المولى الرئيس، أبو
المحاسن البرمكي الجرجاني ثم الهمذاني، الملقب بالشخص
العزيز، أخو أبي الفتوح الفتح.
مولده ببغداد بعد الخمسين وأربع مئة، فإنه قال للسمعاني:
بلغت في سنة الغرق سنة 466.
ثم استوطن همذان.
سمع أبا الحسين بن النقور، وإسماعيل بن مسعدة ببغداد، وأبا
عمرو عبد الوهاب بن مندة، وأبا عيسى عبدالرحمن بن زياد،
وسليمان بن إبراهيم الحافظ بأصبهان.
وانفرد بأكثر مسموعاته، وعمر دهرا، وقصده الطلبة.
قال السمعاني: هو شيخ مسن، كان يصلي ببعض الاتراك، وكان
يلقب بشخص، قرأت عليه كتاب " الاستئذان " لابن المبارك.
قال ابن النجار: أكثر الاسفار، ودخل خراسان وبخاري وسمرقند
وكاشغر والسند ودمشق.
__________
(1) وهو أبو الحسن علي بن عمر الحربي القزويني، المتوفي
سنة 442 ه، مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (409).
(2) راجع ص 79 تعليق رقم (1) من حواشي الترجمة (48).
(*) العبر 4 / 138، النجوم الزاهرة 5 / 319، شذرات الذهب 4
/ 154.
(*)
(20/263)
قلت: حدث عنه: السمعاني، وأبو العلاء العطار وابنه عبد
البر، وداود بن معمر، ومحمد بن أحمد الروذراوري، وأحمد بن
شهريار، وعبد الهادي بن علي الواعظ، ووكيع بن مانكديم،
وعبد الجليل بن مندوية، وعدة.
قال ابن النجار: توفي ليلة القدر سنة تسع وأربعين وخمس
مئة، وقيل: مات سنة خمسين في ربيع الآخر.
179 - ابن البنا * الشيخ
الصالح الخير الصدوق، مسند بغداد، أبو القاسم سعيد بن
الشيخ أبي غالب أحمد بن الحسن بن أحمد بن البنا،
البغدادي الحنبلي.
ولد سنة سبع وستين وأربع مئة.
سمع أبا القاسم بن البسري، وأبا نصر الزينبي، وعاصم بن
الحسن، وجماعة.
حدث عنه: ابن عساكر (1)، وأبو سعد السمعاني، وابن الجوزي،
وعبد الرحمن بن عمر بن الغزال، وعبد الله بن محاسن، وعلي
بن مبارك الصائغ، وريحان بن تيكان الضرير، وموسى بن الشيخ
عبد القادر، وأبو العباس محمد بن عبد الله الرشيدي، وعلي
بن محمد السقاء، وعبد الرحمن بن المبارك المشتري، وثابت بن
مشرف، وصالح بن القاسم بن كور، ظفر بن سالم البيطار،
ومسمار بن العويس، والفتح بن عبد
__________
(*) المنتظم 10 / 162، العبر 4 / 139، 140، دول الاسلام 2
/ 67، النجوم الزاهرة 5 / 321، شذرات الذهب 4 / 155.
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 71 / 1.
(*)
(20/264)
السلام، وأبو المنجي عبد الله بن اللتي خاتمة من سمع منه،
وآخر من روى عنه بالاجازة أبو الحسين بن المقير.
توفي في رابع عشر ذي الحجة سنة خمسين وخمس مئة.
ومات أبوه (1) سنة بضع وعشرين.
ومات جده (2) سنة سبعين وأربع مئة.
ومات ولده أبو محمد الحسن بن أبي القاسم سنة اثنتين وسبعين
وخمس مئة وله نحو من ثمانين سنة، يروي عن جعفر السراج،
وأبي غالب بن الباقلاني.
180 - ابن ناصر * الامام
المحدث الحافظ، مفيد العراق، أبو الفضل محمد بن ناصر
بن محمد بن علي بن عمر السلامي البغدادي.
مولده في سنة سبع وستين وأربع مئة.
وربي يتيما في كفالة جده لامه الفقيه أبي حكيم الخبري (3).
__________
(1) أبو غالب أحمد بن الحسن، مرت ترجمته في الجزء التاسع
عشر برقم (352).
(2) الحسن بن أحمد، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم
(182).
(*) الانساب 7 / 209 (السلامي)، المنتظم 10 / 162، 163،
مناقب الامام أحمد: 530، 531، الكامل في التاريخ 11 / 202،
اللباب 2 / 161، مرآة الزمان 8 / 138، وفيات الاعيان 4 /
293، 294، دول الاسلام 2 / 67، العبر 4 / 140، تذكرة
الحفاظ 4 / 1289 - 1293، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 38
- 40، الوافي بالوفيات 5 / 104 - 106، البداية والنهاية 12
/ 233، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 225 - 229، النجوم الزاهرة
5 / 320، كشف
الظنون: 163، شذرات الذهب 4 / 155، 156، هدية العارفين 2 /
92، إيضاح المكنون 2 / 560، الرسالة المستطرفة: 160.
(3) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (287).
(*)
(20/265)
توفي أبوه المحدث ناصر شابا، فلقنه جده أبو حكيم القرآن،
وسمعه من أبي القاسم علي بن أحمد بن البسري، وأبي طاهر بن
أبي الصقر الانباري.
ثم طلب، وسمع من: عاصم بن الحسن، ومالك بن أحمد البانياسي،
وأبي الغنائم بن أبي عثمان، ورزق الله التميمي، وطراد
الزينبي، وابن طلحة النعالي، ونصر بن البطر، وأبي بكر
الطريثيثي، وأحمد بن عبد القادر اليوسفي، والحسين بن علي
بن البسري، وأبي منصور الخياط، ومحمد بن عبد السلام
الانصاري، وأبي الفضل بن خيرون، وجعفر السراج، والمبارك
ابن عبد الجبار، وخلق كثير، إلى أن ينزل إلى أبي طالب بن
يوسف، وأبي القاسم بن الحصين، والقاضي أبي بكر، وإسماعيل
ابن السمرقندي.
وقرأ ما لا يوصف كثرة، وحصل الاصول، وجمع وألف، وبعد صيته،
ولم يبرع في الرجال والعلل.
وكان فصيحا، مليح القراءة، قوي العربية، بارعا في اللغة،
جم الفضائل.
تفرد بإجازات عالية، فأجاز له في سنة بضع وستين في قرب
ولادته الحافظ أبو صالح أحمد بن عبدالملك المؤذن، وأبو
القاسم الفضل بن عبد الله بن المحب، وفاطمة بنت أبي علي
الدقاق، والحافظ أبو إسحاق المصري الحبال، والحافظ أبو نصر
بن ماكولا، وأبو الحسين بن النقور، والخطيب أبو
محمد بن هزارمرد الصريفيني، وأبو القاسم علي بن عبدالرحمن
بن عليك النيسابوري، وعدد سواهم، بادر له أبوه رحمه الله
بالاستجازة، وأخذها له من البلاد ابن ماكولا.
روى عنه: ابن طاهر، وأبو عامر العبدري، وأبو طاهر السلفي،
وأبو
(20/266)
موسى المديني، وأبو سعد السمعاني، وأبو العلاء العطار،
وأبو القاسم بن عساكر (1)، وأبو الفرج بن الجوزي، وأبو
أحمد بن سكينة، وعبد العزيز بن الاخضر، وعبد الرزاق بن
الجيلي، ويحيى بن الربيع الفقيه، والتاج الكندي، وأبو عبد
الله بن البناء الصوفي، والفقيه محمد بن غنية، وداود بن
ملاعب، وعبد العزيز بن الناقد، وأحمد بن ظفر بن هبيرة،
وموسى بن عبد القادر، وأحمد بن صرما، وأبو منصور محمد بن
عفيجة، والحسن بن السيد، وآخرون، خاتمتهم بالاجازة أبو
الحسن علي بن المقير.
ومما أخطأ فيه الحافظ ابن مسدي المجاور أنه قرأ في "
الجعديات " (2) أو كلها على ابن المقير، أنبأنا ابن ناصر،
أنبأنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا ابن أبي شريح،
أخبرنا البغوي.
ولا ريب أن المليحي سمع الكتاب، والنسخة عندي مكتوبة عن
المليحي، لكنه مات قبل أن يولد ابن ناصر بأربع سنين.
قال الشيخ جمال الدين ابن الجوزي (3): كان شيخنا ثقة حافظا
ضابطا من أهل السنة، لا مغمز فيه، تولى تسميعي، سمعت
بقراءته " مسند " أحمد والكتب الكبار، وعنه أخذت علم
الحديث، وكان كثير الذكر، سريع الدمعة.
قال السمعاني: كان يحب أن يقع في الناس.
فرد ابن الجوزي
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 217 / 1.
(2) هي اثنا عشر جزءا جمع أبي القاسم عبد الله بن محمد
البغوي لحديث شيخ بغداد أبي الحسن علي بن الجعد بن عبيد
الهاشمي مولاهم، المتوفى سنة 230 ه عن شيوخة مع تراجمهم
وتراجم شيوخهم.
(3) في " المنتظم " 10 / 163.
(*)
(20/267)
هذا، وقبحه، وقال (1): صاحب الحديث يجرح ويعدل، أفلا تفرق
يا هذا بين الجرح والغيبة ؟ ! ثم قال: وهو قد احتج بكلام
ابن ناصر في كثير من التراجم في " الذيل " له.
ثم بالغ ابن الجوزي في الحط على أبي سعد، ونسبه إلى التعصب
البارد على الحنابلة، وأنا فما رأيت أبا سعد كذلك، ولا ريب
أن ابن ناصر يتعسف في الحط على جماعة من الشيوخ، وأبو سعد
أعلم بالتاريخ، وأحفظ من ابن الجوزي ومن ابن ناصر، وهذا
قوله في ابن ناصر في " الذيل "، وقال: هو ثقة حافظ دين
متقن ثبت لغوي، عارف بالمتون والاسانيد، كثير الصلاة
والتلاوة، غير أنه يحب أن يقع في الناس، وهو صحيح القراءة
والنقل، وأول سماعه في سنة ثلاث وسبعين من أبي طاهر
الانباري (2).
وقال ابن النجار في " تاريخه ": كان ثقة ثبتا، حسن
الطريقة، متدينا، فقيرا متعففا، نظيفا نزها، وقف كتبه،
وخلف ثيابا خليعا وثلاثة دنانير، ولم يعقب، سمعت ابن سكينة
وابن الاخضر وغيرهما يكثرون الثناء عليه، ويصفونه بالحفظ
والاتقان والديانة والمحافظة على السنن والنوافل، وسمعت
جماعة من شيوخي يذكرون أنه وابن الجواليقي كانا يقرآن
الادب على أبي زكريا التبريزي، ويطلبان الحديث، فكان الناس
يقولون: يخرج
ابن ناصر لغوي بغداد، ويخرج أبو منصور بن الجواليقي
محدثها، فانعكس الامر، وانقلب (3).
قلت: قد كان ابن ناصر من أئمة اللغة أيضا.
__________
(1) في " المنتظم " 10 / 163.
(2) انظر " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ": 39، 40.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1291.
(*)
(20/268)
قال ابن النجار: سمعت ابن سكينة يقول: قلت لابن ناصر: أريد
أن أقرأ عليك " ديوان " المتنبي، و " شرحه " لابي زكريا
التبريزي.
فقال: إنك دائما تقرأ علي الحديث مجانا، وهذا شعر، ونحن
نحتاج إلى نفقة.
قال: فأعطاني أبي خمسة دنانير، فدفعتها إليه، وقرأت الكتاب
(1).
وقال أبو طاهر السلفي: سمع ابن ناصر معنا كثيرا، وهو شافعي
أشعري، ثم انتقل إلى مذهب أحمد في الاصول والفروع، ومات
عليه، وله جودة حفظ وإتقان، وحسن معرفة، وهو ثبت إمام (2).
وقال أبو موسى المديني: هو مقدم أصحاب الحديث في وقته
ببغداد.
أنبؤونا عن ابن النجار قال: قرأت بخط ابن ناصر وأخبرنيه
عنه سماعا يحيى بن الحسين قال: بقيت سنين لا أدخل مسجد أبي
منصور الخياط، واشتغلت بالادب على التبريزي، فجئت يوما
لاقرأ الحديث على الخياط، فقال: يا بني، تركت قراءة
القرآن، واشتغلت بغيره ؟ ! عد، واقرأ علي ليكون لك إسناد،
فعدت إليه في سنة اثنتين وتسعين، وكنت أقول كثيرا: اللهم
بين لي أي المذاهب خير.
وكنت مرارا قد مضيت إلى القيرواني المتكلم في كتاب "
التمهيد " للباقلاني، وكأن من يردني عن ذلك.
قال:
فرأيت في المنام كأني قد دخلت المسجد إلى الشيخ أبي منصور،
وبجنبه رجل عليه ثياب بيض ورداء على عمامته يشبه الثياب
الريفية، دري اللون، عليه نور وبهاء، فسلمت، وجلست بين
أيديهما، ووقع في نفسي للرجل هيبة وأنه رسول الله صلى الله
عليه وسلم، فلما جلست التفت إلي، فقال لي: عليك بمذهب هذا
الشيخ، عليك بمذهب هذا الشيخ.
ثلاث مرات، فانتبهت
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1290.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1291.
(*)
(20/269)
مرعوبا، وجسمي يرجف، فقصصت ذلك على والدتي، وبكرت إلى
الشيخ لاقرأ عليه، فقصصت عليه الرؤيا، فقال: يا ولدي، ما
مذهب الشافعي إلا حسن، ولا أقول لك: اتركه، ولكن لا تعتقد
اعتقاد الاشعري.
فقلت: ما أريد أن أكون نصفين، وأنا أشهدك، وأشهد الجماعة
أنني منذ اليوم على مذهب أحمد بن حنبل في الاصول والفروع.
فقال لي: وفقك الله.
ثم أخذت في سماع كتب أحمد ومسائله والتفقه على مذهبه، وذلك
في رمضان سنة ثلاث وتسعين وأربع مئة (1).
قال ابن الجوزي وغيره: توفي ابن ناصر في ثامن عشر شعبان
سنة خمسين وخمس مئة.
ثم قال ابن الجوزي: حدثني الفقيه أبو بكر بن الحصري، قال:
رأيت ابن ناصر في النوم، فقلت له: ما فعل الله بك ؟ قال:
غفر لي، وقال لي: قد غفرت لعشرة من أصحاب الحديث في زمانك
لانك رئيسهم وسيدهم (2).
قلت: ومات معه في السنة الخطيب المعمر أبو الحسن علي بن
محمد المشكاني (3) راوي " تاريخ البخاري الصغير "، ومقرئ
العراق أبو الكرم
المبارك بن الحسن الشهرزوري (4)، ومفتي خراسان الفقيه محمد
(5) بن يحيى صاحب الغزالي، وقاضي مصر وعالمها أبو المعالي
مجلي بن جميع القرشي (6) صاحب كتاب " الذخائر " في المذهب،
والواعظ الكبير أبو زكريا
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1291.
(2) " المنتظم " 10 / 163.
(3) سترد ترجمته برقم (207).
(4) تقدمت ترجمته برقم (169).
(5) سترد ترجمته برقم (208).
(6) سترد ترجمته برقم (218).
(*)
(20/270)
يحيى بن إبراهيم السلماسي (1)، ومسند نيسابور أبو عثمان
إسماعيل بن عبد الرحمن العصائدي (2) عن بضع وثمانين سنة،
والشيخ أبو الفتح محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام
الكاتب (3) جد الفتح بن عبد الله ببغداد.
أخبرتنا أم محمد زينب بنت عمر بن كندي ببعلبك سنة ثلاث
وتسعين عن أبي الفتح أحمد بن ظفر بن يحيى ابن الوزير،
أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ، أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي
الصقر الخطيب في سنة 473، أخبرنا محمد بن الفضل الفراء
بمصر بقراءتي، حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد ابن خروف إملاء،
حدثنا طاهر بن عيسى، حدثنا أصبغ بن الفرج، حدثنا ابن وهب،
حدثنا معاوية بن صالح، عن خالد بن كريب (4)، عن مالك بن
إبراهيم (5)، عن عبدالرحمن بن غنم، عن أبي مالك الاشعري،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ليشرب ناس من
أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها، ويضرب على رؤوسهم
بالمعازف، يخسف الله بهم الارض،
ويجعل منهم قردة وخنازير " (6).
__________
(1) مترجم في " المنتظم " 10 / 164.
(2) مترجم في " العبر " 4 / 139، و " شذرات الذهب " 4 /
155 وتحرف فيه إلى الفضائري.
(3) مترجم في " العبر " 4 / 140، و " شذرات الذهب " 4 /
155.
(4) لا يعرف في الرواة أحد بهذا الاسم، ولعل الصواب " حدير
بن كريب " فانه من رجال " التهذيب " وقد ذكر في الرواة عنه
معاوية بن صالح، ومصادر التخريج متفقة على أنه حاتم بن
حريث وهو الصواب.
(5) كذا الاصل " بن إبراهيم " والمذكور في عامة المصادر "
بن أبي مريم ".
(6) أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " 1 / 305 و 7 /
322، وأبو داود (3688) وابن ماجه (4020) وابن حبان (1384)
وأحمد 5 / 342، والطبراني في " المعجم الكبير " (3419)
البيهقي 8 / 295 و 10 / 231 من طرق عن معاوية بن صالح، عن
حاتم بن حريث، عن مالك بن أبي مريم، عن عبدالرحمن بن غنم،
عن أبي مالك الاشعري، ومالك بن أبي مريم لم يوثقه إلا ابن
حبان، وباقي رجاله ثقات، وله شاهد من حديث عبادة بن الصامت
أو رجل من = (*)
(20/271)
181 - الجنيد بن محمد * الامام القدوة المحدث، أبو القاسم
القايني (1)، نزيل هراة، وشيخ الصوفية.
سمع أبا بكر بن ماجة، وسليمان الحافظ بأصبهان، وأبا الفضل
(2) محمد بن أحمد العارف وغيره بطبس، وسمع بهراة محمد بن
علي العميري، ونجيب بن ميمون، وبمرو من أبي المظفر
السمعاني.
قال أبو سعد السمعاني: سمعت جماعة كتب منه، مولده سنة ست
وستين وأربع مئة، ومات في رابع عشر شوال سنة سبع وأربعين
وخمس مئة (3).
وقال ابن النجار: كان فقيها فاضلا، محدثا صدوقا، موصوفا
بالعبادة، تفقه على أبي المظفر، وحصل الاصول، وسمع بقاين
من الحسن ابن إسحاق التوني (4).
روى عنه ابن ناصر، وابن عساكر (5).
__________
= أصحاب النبي عند أحمد 5 / 318 و 4 / 237، وابن ماجه
(3385) والنسائي 8 / 313 - 314، وآخر من حديث أبي أمامة
الباهلي أخرجه ابن ماجه (3384) وأبو نعيم في " الحلية " 6
/ 97، وثالث من حديث ابن عباس عند الطبراني في الكبير
فالحديث صحيح بها.
(*) الانساب 10 / 37 (القايني)، التحبير 1 / 167 - 171،
طبقات ابن الصلاح: ق 44، الوافي بالوفيات 11 / 203، 204،
طبقات السبكي 7 / 54 - 56، طبقات الاسنوي 1 / 365، 366.
(1) نسبة إلى قاين، وهي بلدة قريبة من طبس، بين نيسابور
وأصبهان.
(2) في الاصل: أبا جعفر، وهو خطأ، وهو الامام أبو الفضل
محمد بن أحمد الطبسي، المتوفى سنة 482 ه.
مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (309).
(3) انظر " التحبير " 1 / 170، 171.
(4) نسبة إلى تون: بليدة عند قاين.
(5) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 39 / م.
(*)
(20/272)
قلت: وزنكي بن أبي الوفاء المروزي، وأبو روح الهروي، وعبد
الرحيم بن السمعاني، وطائفة.
182 - حنبل بن علي * أبو جعفر
البخاري، ثم السجستاني الصوفي، نزيل هراة.
روى عن: شيخ الاسلام (1)، وأبي عامر الازدي، ونجيب
الواسطي، وأبي نصر الترياقي، وابن طلحة النعالي، وأبي
الخطاب من البطر، وعدة.
وعنه: السمعاني، وابن عساكر (2)، وأبو روح عبدالمعز،
وجماعة.
وكان كيسا ظريفا.
توفي بهراة في شوال سنة إحدى وأربعين وخمس مئة وله سبع
وسبعون سنة، رحل وهو أمرد.
183 - الكروخي * * الشيخ
الامام الثقة، أبو الفتح، عبدالملك بن أبي القاسم عبد الله
بن
__________
(*) الانساب 7 / 47، العبر 4 / 112، شذرات الذهب 4 / 128.
(1) أبي إسماعيل الانصاري الهروي، مرت ترجمته في الجزء
الثامن عشر برقم (260).
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 49 / 2.
(* *) الانساب 10 / 409، 410، المنتظم 10 / 154، 155، معجم
البلدان 5 / 458، الاستدراك لابن نقطة: باب ماح وماخ،
الكامل في التاريخ 11 / 190، اللباب 3 / 95، ذيل تاريخ
بغداد لابن النجار 1 / 81 - 85، العبر 4 / 131، تذكرة
الحفاظ 4 / 1313 وتصحف فيه إلى الكروجي بالجيم، دول
الاسلام 2 / 64، مرآة الجنان 3 / 288، العقد الثمين 5 /
501، 502، شذرات الذهب 4 / 148.
(*)
(20/273)
أبي سهل بن القاسم بن أبي منصور بن ماح (1) الكروخي
الهروي.
قال: ولدت بهراة في ربيع الاول سنة اثنتين وستين وأربع مئة
وكروخ: على يوم من هراة.
حدث ب " جامع " أبي عيسى عن القاضي أبي عامر الازدي، وأحمد
ابن عبد الصمد الغورجي، وعبد العزيز بن محمد أبي نصر
الترياقي سوى الجزء الآخر فليس عند الترياقي، فسمعه من أبي
المظفر عبيد الله بن علي الدهان بسماعهم من الجراحي، وأول
الجزء المذكور مناقب ابن عباس، وسمع من أبي إسماعيل
الانصاري، ومحمد بن علي العميري (2)، وحكيم ابن أحمد
الاسفراييني، وأبي عطاء المليحي وعدة.
حدث عنه خلق كثير، منهم: السمعاني، وابن عساكر (3)، وابن
الجوزي، وخطيب دمشق عبدالملك بن ياسين الدولعي، وزاهر بن
رستم، وأبو أحمد بن سكينة، وابن الاخضر، وابن طبرزد، وأحمد
بن علي الغزنوي، وعلي بن أبي الكرم المكي البناء، وأبو
اليمن الكندي، وعبد السلام بن أبي مكي القياري، وأحمد بن
يحيى بن الدبيقي، ومبارك بن صدقة الباخرزي، والفقيه محمد
بن معالي الحلاوي، وثابت بن مشرف البناء
__________
(1) بالحاء المهملة كما ضبط في الاصل وعند ابن نقطة في "
الاستدراك " باب ماح وماخ، وقد تصحف في الانساب " 10 / 409
إلى ماخ بالخاء المعجمة، فتابعه محقق " ذيل تاريخ بغداد "
وأثبتها بالمعجمة مع أن النسخ الخطية الثلاثة التي اعتمدها
هي بالمهملة كما ذكر في الحاشية.
(2) نسبة إلى عمير أحد أجداده، مرت ترجمته في الجزء التاسع
عشر برقم (38)، وقد تحرفت نسبته في " الانساب " 7 / 409
إلى العمري، وفي " ذيل تاريخ بغداد " 1 / 82 إلى النميري.
(3) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 127 / 1.
(*)
(20/274)
قال السمعاني: هو شيخ صالح دين خير، حسن السيرة، صدوق ثقة،
قرأت عليه " جامع " الترمذي، وقرئ عليه عدة نوب ببغداد،
وكتب
به نسخة بخطه، ووقفها، ووجدوا سماعه في أصول المؤتمن
الساجي، وأبي محمد بن السمرقندي، وكنت أقرأ عليه، فمرض،
فنفذ له بعض السامعين شيئا من الذهب، فما قبله، وقال: بعد
السبعين واقتراب الاجل آخذ على حديث رسول الله صلى الله
عليه وسلم شيئا ! ورده مع الاحتياج إليه، ثم جاور بمكة حتى
توفي، وكان ينسخ كتاب أبي عيسى بالاجرة، ويتقوت (1).
قال ابن نقطة (2): كان صوفيا من جملة من لحقته بركة شيخ
الاسلام، لازم الفقر والورع إلى أن توفي بمكة في الخامس
والعشرين من ذي الحجة بعد رحيل الحاج بثلاثة أيام رحمه
الله.
قلت: وهو ممن أجاز في إجازة النشتبري (3).
مات سنة ثمان وأربعين وخمس مئة، فقرأ شيخنا ابن الظاهري
على النشتبري " جامع " أبي عيسى كله عليه من الكروخي، وحدث
أيضا ب " الجامع " عمر بن كرم بإجازته من الكروخي،
فالكروخي في طبقة شيخ الحافظ أبي علي بن سكرة الصدفي في
رواية الكتاب.
والله أعلم.
__________
(1) انظر " الانساب " 10 / 409 و 410، و " ذيل تاريخ بغداد
" 1 / 83، 84.
(2) في " التقييد " كما نقله التقي الفاسي في " العقد
الثمين " 5 / 502.
(3) عبد الخالق، متوفى سنة 649 ه، ستأتي ترجمته في الجزء
الثاني والعشرين.
(*)
(20/275)
184 - البلخي * الذي تنسب إليه المدرسة البلخية (1) بباب
البريد، هو الامام أبو الحسن علي بن الحسن
بن محمد البلخي الحنفي، نزيل دمشق، ومدرس الصادرية (2).
وعظ، وأقرأ، وجعلت له دار الامير طرخان مدرسة (3)، وثارث
عليه
الحنابلة لانه نال منهم، وكان ذا جلالة ووجاهة، ويلقب
بالبرهان البلخي.
درس أيضا بمسجد خاتون (4)، وأبطل من حلب الاذان بحي على
خير العمل.
اشتغل ببخارى على البرهان بن مازه، وناظر في الخلاف، ثم حج
وجاور، وكثر أصحابه.
وحدث عن أبي المعين المكحولي وغيره.
وعلق عنه أبو سعد السمعاني.
توفي بدمشق سنة ثمان وأربعين وخمس مئة في شعبان.
وكان كريما لا يدخر شيئا.
__________
(*) الروضتين 1 / 91، دول الاسلام، 2 / 64، العبر 4 / 131،
عيون التواريخ خ 12 / 474، مرآة الجنان 3 / 288، الجواهر
المضية 2 / 560 - 562، الدارس 1 / 481، طبقات الفقهاء لطاش
كبري: 94، كتائب أعلام الاخيار رقم (345)، الطبقات السنية
رقم (1475)، مختصر تنبيه الطالب: 80، 87، 94، 95، شذرات
الذهب 4 / 148، الفوائد البهية: 120، 121.
(1) انظر " مختصر تنبيه الطالب ": 80.
(2) وهي أول مدرسة أنشئت بدمشق سنة 491 ه.
ولم يبق لها اليوم أي أثر.
(3) انظر عنها " مختصر تنبيه الطالب ": 94، 95.
(4) ويسمى المدرسة الخاتونية البرانية، أوقفته زمرد خاتون
أم شمس الملوك أخت الملك دقاق.
انظر " مختصر تنبيه الطالب ": 86، 87.
(*)
(20/276)
185 - الرطبي * الشيخ الجليل العدل المسند، أبو عبد الله،
محمد بن عبيد الله
بن
سلامة بن عبيد الله بن مخلد الكرخي، من كرخ جدان، لا كرخ
بغداد، ثم البغدادي ابن الرطبي، وهو ابن أخي القاضي أحمد
بن سلامة ابن الرطبي (1).
ولد سنة ثمان وستين.
وسمع أبا القاسم بن البسري، وأبا نصر الزينبي، وعاصم بن
الحسن، وجماعة.
وكان جميل الامر، لازما لبيته.
حدث عنه: السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وعبد العزيز بن
الاخضر، وعمر بن أحمد بن بكرون، ومحمد بن علي بن الطراح،
وداود بن ملاعب، وآخرون.
مات في شوال سنة إحدى وخمسين وخمس مئة.
قال ابن النجار: ناب في الحسبة عن عمه أحمد، وكان عفيفا
متدينا، حسن الطريقة، شهد عند قاضي القضاة علي بن الحسين
الزينبي (2).
__________
(*) الانساب 10 / 392 (الكرخي)، مشيخة ابن عساكر: ق 191 /
2، المشتبه: 319، العبر 4 / 144، دول الاسلام 2 / 68،
القاموس المحيط: (الرطب)، تبصير المنتبه 2 / 629، النجوم
الزاهرة 5 / 324، شذرات الذهب 4 / 159، تاج العروس 1 /
271.
(1) المتوفى سنة 527 ه، مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر
برقم (357).
(2) قد تقدمت ترجمته برقم (131).
(*)
(20/277)
186 - ابن الزاغوني * الشيخ المسند الكبير الصدوق، أبو
بكر، محمد بن عبيدالله
بن نصر ابن السري البغدادي، ابن الزاغوني المجلد.
سمعه أخوه الامام أبو الحسن (1) من أبي القاسم علي بن
البسري، وأبي نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، ورزق الله،
ومالك البانياسي، وطراد النقيب، وأبي الفضل بن خيرون،
وعدة.
وطال عمره، وعلا إسناده، وتفرد.
حدث عنه: ابن عساكر (2)، والسمعاني، وابن الجوزي، وابن
طبرزد، والكندي، وابن ملاعب، ومحمد بن أبي المعالي بن
البناء، وعبد السلام بن يوسف العبرتي، ومحاسن الخزائني،
وأبو علي بن الجواليقي، وعبد السلام بن عبد الله الداهري،
وأبو الحسن محمد بن أحمد القطيعي، وآخرون، وآخر أصحابه
بالاجازة أبو الحسن بن المقير.
قال السمعاني: شيخ صالح متدين، مرضي الطريقة، قرأت عليه
أجزاء، وكان له دكان يجلد فيها.
قلت: كان غاية في حسن التجليد، قرره المقتفي لامر الله
لتجليد خزانة كتبه.
__________
(*) المنتظم 10 / 179، معجم البلدان 3 / 127، العبر 4 /
150، النجوم الزاهرة 5 / 327، شذرات الذهب 4 / 164، تاج
العروس 9 / 226، والزاغوني نسبة إلى زاغوني، قال ياقوت:
قرية ما أظنها إلا من قرى بغداد.
(1) علي بن عبيدالله، المتوفى سنة 527، مرت ترجمته في
الجزء التاسع عشر برقم (354).
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 191 / 2.
(*)
(20/278)
مات في الثالث والعشرين من ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين
وخمس مئة، وله أربع وثمانون سنة.
187 - عبد الخالق بن أحمد
*
ابن عبد القادر بن محمد بن يوسف، الشيخ الامام الحافظ
المفيد، أبو الفرج محدث بغداد مع ابن ناصر.
مولده في سنة أربع وستين وأربع مئة.
سمع أباه، وأبا نصر محمد بن محمد الزينبي، وعاصم بن الحسن،
ورزق الله التميمي، ونصر بن البطر، وأبا عبد الله النعالي،
وطرادا الزينبي، وخلقا كثيرا، وارتحل، وسمع بأصبهان
والاهواز، وألف وجمع.
حدث عنه: السلفي، وابن عساكر (1)، والسمعاني، وابن الجوزي،
والتاج الكندي، وأبو بكر عبد الله بن مبادر، وعبد الوهاب
بن علي بن الاخوة، وعبد السلام البردغولي، وعبد العزيز بن
الاخضر، وخلق سواهم.
قال السلفي: كان من أعيان المسلمين فضلا ودينا وثبتا
ومروءة، سمع معي كثيرا، وبه كان أنسي ببغداد، ولما حججت
أودعت كتبي عنده.
وقال غيره: هو محدث حسن الخط، كثير الضبط، خير متواضع
متودد، محتاط في قراءة الحديث، كتب وحصل، وخرج لنفسه.
وصفه بهذا وبأكثر منه أبو سعد السمعاني.
__________
(*) المنتظم 10 / 154، العبر 4 / 130، 131، تذكرة الحفاظ 4
/ 1313، النجوم الزاهرة 5 / 305، شذرات الذهب 4 / 148.
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 104 / 1.
(*)
(20/279)
وتوفي في الرابع والعشرين من المحرم سنة ثمان وأربعين وخمس
مئة وله أربع وثمانون سنة.
قال ابن النجار: روى الكثير، وجمع لنفسه مشيخة في أربعة
عشر
جزءا، وكان صدوقا فاضلا متدينا، كتب بخطه كثيرا، ولم يزل
يطلب ويفيد إلى حين وفاته.
روى عنه الحفاظ.
أحسن ابن ناصر الثناء عليه وعلى بيته (1).
188 - ابن الاخوة * الشيخ
الامام المحدث الاديب، أبو الفضل، عبدالرحيم بن أحمد
بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن الاخوة البغدادي اللؤلؤي،
أخو عبد الرحمن، وقد مر والدهما من أعوام (2).
سمع بإفادة خاله الامام أبي الحسن بن الزاغوني من أبي عبد
الله بن طلحة النعالي، وأبي الخطاب بن البطر، وعدة،
وارتحل، فسمع من عبد الغفار الشيروي، وأبي علي الحداد،
وخلق، واستوطن أصبهان، وسمع أولاده.
ولد في سنة ثلاث وثمانين وأربع مئة.
قال السمعاني: شيخ فاضل يعرف الادب، له شعر رقيق، صحيح
القراءة والنقل، قرأ الكثير بنفسه، ونسخ بخطه ما لا يدخل
تحت الحد،
__________
(1) سترد ترجمة ولده عبد الحق برقم (353).
(*) خريدة القصر (قسم العراق) 1 / 126، ميزان الاعتدال 2 /
603، فوات الوفيات 2 / 309 - 310، لسان الميزان 4 / 3
وتحرف فيه إلى ابن الافوه بالفاء الزركشي: 172.
(2) تقدمت ترجمته برقم (94).
(*)
(20/280)
مليح الخط سريعه، سافر إلى خراسان، وسمع بها، كتب لي بخطه
جزءا بأصبهان، وسمعت منه.
سمعت يحيى بن عبدالملك المكي وكان شابا صالحا يقول: أفسد
علي عبدالرحيم بن الاخوة سماع " معجم " الطبراني،
كان يقرؤه على فاطمة، فكان يقرأ في ساعة جزءا، أو جزأين،
فقلت: لعله يقلب ورقتين، فقعدت قريبا منه، وكنت أسارقه
النظر، فعمل كما وقع لي من ترك حديث وحديثين، وتصفح
ورقتين، فأحضرت نسخة، وعارضت، فما قرأ يومئذ إلا يسيرا،
وظهر ذلك للحاضرين، فانقطعت.
قال السمعاني: أنا ما رأيت منه إلا الخير.
وقال ابن النجار: كتب ما لا يحد، وكان مليح الخط، سريع
القراءة، رأيت بخطه " التنبيه " لابي إسحاق، فذكر في آخره
أنه كتبه في يوم واحد، وكانت له معرفة، مات بشيراز في
شعبان سنة ثمان وأربعين وخمس مئة (1).
189 - ابن السلار * الوزير
الملك العادل، سيف الدين، أبو الحسن، علي بن السلار الكردي،
وزير الظافر بالله العبيدي بمصر.
نشأ في القصر بالقاهرة، وتنقلت به الاحوال، وولي الصعيد
وغيره، وكان الظافر قد استوزر نجم الدين سليم بن مصال أحد
رؤوس الامراء، فعظم
__________
(1) انظر " فوات الوفيات " 2 / 309 وفيه بعض شعره.
(*) الاعتبار لاسامة: 7، 18، الكامل في التاريخ 11 / 184،
185، مرآة الزمان 8 / 130، الروضتين 1 / 90، 91، وفيات
الاعيان 3 / 416 - 419، المختصر 3 / 27، الدرة المضية:
552، دول الاسلام 2 / 63، العبر 4 / 131، 132، تتمة
المختصر 2 / 84، البداية والنهاية 12 / 231، اتعاظ الحنفا
للمقريزي: 324، النجوم الزاهرة 5 / 299 (وفيات 545) حسن
المحاضرة 2 / 205، شذرات الذهب 4 / 149.
(*)
(20/281)
متولي الاسكندرية ابن السلار هذا، وأقبل يطلب الوزارة،
فعدى ابن مصال إلى نحو الجيزة في سنة أربع وأربعين وخمس
مئة لما سمع بمجئ ابن
السلار، ودخل ابن السلار، وعلا شأنه، واستولى على الممالك
بلا ضربة ولا طعنة، ولقب بالملك العادل أمير الجيوش، فحشد
ابن مصال، وجمع، وأقبل، فأبرز ابن السلار لمحاربته أمراء،
فالتقوا، فكسر ابن مصال بدلاص (1)، وقتل، ودخل برأسه على
رمح في ذي القعدة من السنة، واستوسق الدست للعادل (2).
وكان بطلا شجاعا، مقداما مهيبا شافعيا سنيا، ليس على دين
العبيدية، احتفل بالسلفي، وبنى له المدرسة، لكنه فيه ظلم
وعسف وجبروت.
قال ابن خلكان (3): كان جنديا فدخل على الموفق التنيسي،
فشكا إليه غرامة، فقال: إن كلامك ما يدخل في أذني، فلما
وزر اختفى الموفق، فنودي في البلد: من أخفاه فدمه هدر.
فخرج في زي امرأة، فأخذ، فأمر العادل بلوح ومسمار، وسمر في
أذنه إلى اللوح، ولما صرخ، قال: دخل كلامي في أذنك أم لا ؟
وجاء من إفريقية عباس بن أبي الفتوح بن الامير يحيى بن
باديس صبيا مع أمه، فتزوجها العادل قبل الوزارة، ثم تزوج
عباس، وجاءه ابن سماه نصرا، فأحبه العادل، ثم جهز عباسا
إلى الشام للجهاد، فكره السفر،
__________
(1) بفتح أوله وآخره صاد مهملة: كورة بصعيد مصر على غربي
النيل، تشتمل على قرى وولاية واسعة.
" معجم البلدان " 2 / 459.
(2) انظر " وفيات الاعيان " 3 / 416.
(3) في " وفيات الاعيان " 3 / 417.
(*)
(20/282)
فأشار عليه أسامة بن منقذ - فيما قيل - بقتل العادل، وأخذ
منصبه، فقتل
نصر العادل على فراشه غيلة في المحرم سنة ثمان وأربعين (1)
وخمس مئة بالقاهرة.
ونصر هذا هو الذي قتل الظافر (2).
190 - ابن جهير * الوزير
الاكمل، أبو نصر، مظفر بن الوزير علي بن الوزير
محمد بن محمد بن جهير.
كان معرفا في الوزارة، ولي أستاذ دارية الخليفة المسترشد،
ثم وزر للمقتفي سبعة أعوام، وعزل سنة ثنتين وأربعين.
وحدث عن الحسين بن البسري، وجماعة.
روى عنه: ابن السمعاني، ومحمد بن علي الدوري.
مات في ذي الحجة سنة تسع وأربعين وخمس مئة عن بضع وستين
سنة.
191 - البستي * * الامام
الزاهد، أبو العز، محمد بن علي بن محمد البستي
الصوفي الجوال.
سمع موسى بن عمران الانصاري، وأبا المظفر السمعاني،
والمبارك
__________
(1) أورده في " النجوم الزاهرة " في وفيات سنة 545.
(2) " وفيات الاعيان " 3 / 417، 418.
(*) المنتظم 10 / 160، العبر 4 / 138، النجوم الزاهرة 5 /
318، شذرات الذهب 4 / 154.
(* *) لم نعثر على مصدر ترجمه.
(*)
(20/283)
ابن الطيوري، وسمع من السلفي بميافارقين.
وأخذ عنه: السلفي، وأبو سعد السمعاني.
وكان فقيرا مجردا يسأل، ومن أعطاه أكثر من نصف درهم رده.
ويقال: ساءت سيرته بأخرة، سامحه الله.
مات في ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة بمرو الروذ
وله اثنتان وسبعون سنة.
وكان شيخ فقراء.
192 - السنجي * الشيخ الامام
الحافظ الخطيب، محدث مرو وخطيبها وعالمها، أبو طاهر محمد
بن أبي بكر محمد بن عبد الله بن أبي سهل بن أبي
طلحة، المروزي السنجي الشافعي المؤذن الخطيب.
ولد بقرية سنج العظمى في سنة ثلاث وستين وأربع مئة أو
قبلها.
وسمع إسماعيل بن محمد الزاهري، وأبا بكر محمد بن علي
الشاشي الشافعي، وعلي بن أحمد بن الاخرم، ونصر الله بن
أحمد الخشنامي، وفيد بن عبدالرحمن الشعراني، والشريف محمد
بن عبد السلام، وثابت بن بندار، وأبا البقاء الحبال، وجعفر
بن أحمد السراج، وأبا الحسين بن
__________
(*) الانساب 7 / 166، المنتظم 10 / 155، المشتبه 1 / 349،
العبر 4 / 132، 133، تذكرة الحفاظ 4 / 1312 - 1314، طبقات
السبكي 6 / 187، 188، شذرات الذهب 4 / 150.
والسنجي بالسين المهملة والنون الساكنة والجيم، وقد ضبطت
في الاصل بفتح السين، وضبطها المؤلف في " المشتبه "
والسمعاني وياقوت وابن الاثير وابن العماد وابن حجر
بكسرها، وقد تصحفت في " تذكرة الحفاظ " إلى " السبحي "
بالباء الموحدة والحاء المهملة.
(*)
(20/284)
الطيوري، وعبد الرحمن بن حمد (1) الدوني، وخلقا كثيرا
بخراسان والعراق
وأصبهان والحجاز، وقد سمع بأصبهان من أبي بكر أحمد بن محمد
بن أحمد ابن مردويه، وطبقته.
حدث عنه: السمعاني، وابن عساكر، وعبد الرحيم بن السمعاني،
وجماعة.
قال أبو سعد: تفقه أولا على جدي أبي المظفر، وعلى
عبدالرحمن الرزاز، وكتب الكثير، وحصل وألف، وكان إماما
ورعا متهجدا متواضعا، سريع الدمعة، وكان من أخص أصحاب
والدي حضرا وسفرا، سمع الكثير معه، ونسخ لنفسه ولغيره، وله
معرفة بالحديث، وهو ثقة دين قانع، كثير التلاوة، كان يتولى
أموري بعد والدي، وسمعت من لفظه الكثير، وكان يلي الخطابة
بمرو في الجامع الاقدم، توفي في التاسع والعشرين من شوال
سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.
وقد سمع منه عبدالرحيم بن السمعاني " سنن النسائي " عن
الدوني، و " صحيح مسلم " بروايته عن عبد الله بن أحمد صاحب
عبد الغافر الفارسي، وكتاب " الحلية " لابي نعيم، وكتاب "
الرقاق " لابن المبارك.
قال: أخبرنا الزاهري، أخبرنا إسماعيل بن ينال المحبوبي.
أما:
__________
(1) تحرف في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1312 إلى أحمد.
وقد مرت ترجمة عبدالرحمن بن حمد في الجزء التاسع عشر برقم
(147).
(*)
(20/285)
193 - السبخي * فالشيخ الامام الفقيه الزاهد المسند، أبو
طاهر (1)، محمد بن أبي بكر
ابن عثمان بن محمد السبخي البزدوي البخاري الصابوني
الحنفي.
سمع في صباه من المعمر عبد الواحد بن عبدالرحمن الزبيري
الوركي وجماعة، وصحب الزاهد يوسف بن أيوب.
حدث عنه السمعاني وابنه أبو المظفر.
مات ببخارى في جمادى الاولى سنة خمس وخمسين (2) وخمس مئة.
كتبته للتمييز، فكل من السنجي والسبخي من مشايخ أبي المظفر
السمعاني ووالده.
194 - الشهرستاني * * الافضل
محمد بن عبد الكريم بن أحمد الشهرستاني، أبو الفتح،
__________
(*) التحبير 2 / 258، 259، الانساب 7 / 28، معجم البلدان 3
/ 183، اللباب 2 / 99، المشتبه 1 / 348، طبقات السبكي 6 /
188، الجواهر المضية 2 / 35، تبصير المنتبه 2 / 719.
والسبخي هذه بالسين المهملة والباء الموحدة المفتوحتين
والخاء المعجمة كما ضبط في الاصل و " الانساب " و " اللباب
" و " الجواهر المضية " و " تبصير المنتبه "، وقد ضبطها
المؤلف في " المشتبه " 348: (السبحي) بضم السين المهملة
وفتح الباء الموحدة وبالحاء المهملة، فرد عليه ابن حجر
بقوله: ضبطه السمعاني بفتحتين وخاء معجمة، وهو أعرف بشيخه
اه.
وهي نسبة إلى الدباغة بالسبخة، وهي التراب المالح الذي لا
ينبت فيه النبات.
وقد تصحفت في " طبقات " السبكي إلى " السنجي " بالنون
والجيم.
(1) في " التحبير ": وقيل: أبو عبد الله.
وهو الذي ذكره في " الانساب ".
(2) سقط لفظ " وخمسين " في " التحبير " 2 / 259 فجاءت
وفاته سنة خمس وخمس مئة.
وذكرت محققة الكتاب أن وفاته في " الجواهر المضية " كما "
التحبير "، وليس كذلك، بل هي مطابقة لما هنا.
(* *) تاريخ حكماء الاسلام: 141 - 144، التحبير 2 / 160،
162، معجم البلدان = (*)
(20/286)
شيخ أهل الكلام والحكمة، وصاحب التصانيف.
برع في الفقه على الامام أحمد الخوافي (1) الشافعي، وقرأ
الاصول على أبي نصر بن القشيري، وعلى أبي القاسم الانصاري.
وصنف كتاب " نهاية الاقدام "، وكتاب " الملل والنحل " (2).
وكان كثير المحفوظ، قوي الفهم، مليح الوعظ.
سمع بنيسابور من أبي الحسن بن الاخرم.
قال السمعاني: كتبت عنه بمرو، وحدثني أنه ولد سنة سبع
وستين وأربع مئة.
ومات في شعبان سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.
ثم قال: غير أنه كان متهما بالميل إلى أهل القلاع والدعوة
إليهم، والنصرة لطاماتهم (3).
__________
= 3 / 377، طبقات ابن الصلاح: ق 17، وفيات الاعيان 4 / 273
- 275، المختصر 3 / 27، العبر 4 / 132، دول الاسلام 2 /
64، تذكرة الحفاظ 4 / 1313، تتمة المختصر 2 / 85، 86،
الوافي بالوفيات 3 / 278، 279، مرآة الجنان 3 / 289، 290،
طبقات السبكي 6 / 128 - 130، طبقات الاسنوي 2 / 106، 107،
العسجد المسبوك: ق 68 / 1، لسان الميزان 5 / 263، 264،
النجوم الزاهرة 5 / 305، مفتاح السعادة 1 / 323، 324، كشف
الظنون: 57، 291، شذرات الذهب 4 / 149، روضات الجنات: 186
- 188، هدية العارفين 2 / 91.
والشهرستاني: نسبة إلى شهرستان، وسماها السمعاني شهرستانة،
وهي بليدة بخراسان قرب نسا مما يلي خوارزم.
وقال ابن خلكان: وهي مركبة، فمعنى شهر: مدينة، ومعنى
استان: الناحية، فكأنه قال: مدينة الناحية.
(1) نسبة إلى خواف، ناحية من نواحي نيسابور، وقد تحرفت في
" لسان الميزان " إلى " الجواني " وتصحفت في " مفتاح
السعادة " إلى " الحوافي " بالحاء المهملة.
وأحمد الخوافي هذا متوفى سنة 500 ه، وهو مترجم في الانساب
5 / 220، تبيين كذب المفتري 288، وفيات الاعيان 1 / 96،
العبر 3 / 355، الوافي 8 / 127، طبقات السبكي 6 / 63،
والبداية والنهاية
12 / 168.
(2) وكلاهما مطبوع ومشهور.
وانظر بقية تصانيفه في " هدية العارفين " 2 / 91.
(3) انظر تعليق السبكي على هذا النص في " طبقاته " 6 /
130، وتعليق ابن حجر في " لسان الميزان " 5 / 264.
(*)
(20/287)
وقال في " التحبير " (1): هو من أهل شهرستانه، كان إماما
أصوليا، عارفا بالادب وبالعلوم المهجورة.
قال: وهو متهم بالالحاد، غال في التشيع.
وقال ابن أرسلان في " تاريخ خوارزم ": عالم كيس متفنن،
ولولا ميله إلى أهل الالحاد وتخبطه في الاعتقاد، لكان هو
الامام، وكثيرا ما كنا نتعجب من وفور فضله كيف مال إلى شئ
لا أصل له ؟ ! نعوذ بالله من الخذلان، وليس ذلك إلا
لاعراضه عن علم الشرع، واشتغاله بظلمات الفلسفة، وقد كانت
بيننا محاورات، فكيف يبالغ في نصرة مذاهب الفلاسفة والذب
عنهم، حضرت وعظه مرات، فلم يكن في ذلك قال الله ولا قال
رسوله، سأله يوما سائل، فقال: سائر العلماء يذكرون في
مجالسهم المسائل الشرعية، ويجيبون عنها بقول أبي حنيفة
والشافعي، وأنت لا تفعل ذلك ؟ ! فقال: مثلي ومثلكم كمثل
بني إسرائيل يأتيهم المن والسلوى، فسألوا الثوم والبصل
(2)..إلى أن قال ابن أرسلان: مات بشهرستانة سنة تسع
وأربعين (3) وخمس مئة.
قال: وقد حج سنة عشر وخمس مئة، ووعظ ببغداد.
195 - عباسة * الواعظ العالم،
أبو محمد، العباس بن محمد بن أبي منصور
__________
(1) 2 / 160، 161.
(2) انظر " معجم البلدان " 3 / 377.
(3) في " التحبير " أنه مات سنة ثمان وأربعين، وفيها جاءت
ترجمته في " العبر " و " المختصر " و " تتمة المختصر " و "
الشذرات "، وكذا ذكر ابن خلكان والسبكي والصفدي نقلا عن "
الذيل " للسمعاني.
(*) لم نعثر على مصادر ترجمته.
(*)
(20/288)
الطابراني الطوسي العصاري، راوي " الكشف والبيان " في
التفسير للثعلبي عن محمد بن سعيد الفرخرادي، عن مؤلفه.
وسمع أبا الحسن بن الاخرم.
وعنه: المؤيد الطوسي، وعبد الرحيم السمعاني، وأبو سعد
الصفار.
هلك في دخول الغز نيسابور سنة تسع وأربعين وخمس مئة.
196 - الشهرزوري * الامام
المقرئ المجود الاوحد، شيخ القراء، أبو الكرم، المبارك بن
الحسن بن أحمد بن علي بن فتحان الشهروزوري
البغدادي، مصنف كتاب " المصباح الزاهر في العشرة البواهر "
(1).
ولد في ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وأربع مئة.
وسمع من إسماعيل بن مسعدة الاسماعيلي، ورزق الله التميمي،
وأبي الفضل بن خيرون، وطراد الزينبي، وأجاز له أبو الحسين
بن المهتدي بالله، وعبد الصمد بن المأمون، وأبو محمد بن
هزارمرد، وأبو الحسين بن النقور، قاله السمعاني.
__________
(*) الانساب 7 / 420، المنتظم 10 / 164، معجم الادباء 17 /
52، 53، دول الاسلام 2 / 67، تذكرة الحفاظ 4 / 1292، معرفة
القراء الكبار 2 / 413، 414، العبر 4 / 141، المستفاد من
ذيل تاريخ بغداد: 222، 223، مرآة الجنان 3 / 296، غاية
النهاية 2 / 38 - 40، النشر 1 / 90، كشف الظنون: 822 -
شذرات الذهب 4 / 157، هدية العارفين 2 / 2.
والشهرزوري نسبة إلى شهرزور، وهي بلدة بين الموصل وزنجان،
ضبطها السمعاني وابن الاثير والسيوطي وابن خلكان 4 / 70
بضم الراء، وضبطها ياقوت بفتحها، فتابعه الاستاذ أحمد
تيمور باشا في " ضبط الاعلام " ص 84.
(1) انظر " النشر " 1 / 90.
(*)
(20/289)
وقال: شيخ صالح دين خير، قيم بكتاب الله، عارف باختلاف
الروايات والقراءات، حسن السيرة، جيد الاخذ على الطلاب،
عالي الروايات.
قلت: تلا على رزق الله، وعبد السيد بن عتاب، ويحيى بن أحمد
السيبي، والشريف عبد القاهر المكي، ومحمد بن أبي بكر
القيرواني، وأبي البركات الوكيل، وأحمد بن مبارك الاكفاني،
وأبي علي الحسن بن محمد الكرماني الزاهد صاحب الحسين بن
علي بن عبيد الله الرهاوي، والحسن الشهرزوري والده.
قرأ عليه خلق، منهم: عمر بن بكرون النهرواني، ومحمد بن
محمد بن الكال (1) الحلي، وصالح بن علي الصرصري، وأبو يعلى
حمزة بن القبيطي، وعبد الواحد بن سلطان، ويحيى بن الحسين
الاواني، وأحمد ابن الحسن العاقولي، وزاهر بن رستم إمام
المقام، وعبد العزيز بن أحمد ابن الناقد، ومشرف بن علي
الخالصي الضرير، وعلي بن أحمد الواسطي
الدباس، وأبو العباس محمد بن عبد الله الراشيدي الضرير،
وعدة.
وحدث عنه كثير من هؤلاء، ومحمد بن أبي المعالي بن البناء،
وأسعد بن علي بن علي بن صعلوك، والفتح بن عبد السلام،
وآخرون، وأجاز لابي الحسن ابن المقير.
انتهى إليه علو الاسناد في القراءات، فإنه قرأ ختمة لقالون
على رزق الله، عن قراءته على الحمامي، وتلا لورش على أحمد
بن مبارك قال:
__________
(1) تحرف في " معرفة القراء " 2 / 413 إلى " الكيال " وفي
" تبصير المنتبه " 1 / 148 إلى " الكمال "، وتحرفت نسبة "
الحلي " في " غاية النهاية " 2 / 38 إلى الحلبي.
انظر " المشتبه " 168 و 540 و " معرفة القراء " 2 / 453، و
" غاية النهاية " 2 / 256، 257.
(*)
(20/290)
قرأت بها إلى " سبأ " على الحمامي، وتلا للدوري على يحيى
السيبي، ورزق الله، وأبي نصر أحمد بن علي الهاشمي، عن
تلاوتهم على الحمامي.
مات في الثاني والعشرين من ذي الحجة سنة خمسين وخمس مئة،
ودفن إلى جانب الحافظ أبي بكر الخطيب.
وفيها مات ابن ناصر (1)، وإسماعيل بن عبدالرحمن العصائدي
(2)، وسعيد بن البناء (3)، وسعيد بن الحسين الجوهري، وعبيد
الله بن حمزة العلوي الهروي، والخطيب علي بن محمد بن أحمد
المشكاني (4)، وأبو الفتح محمد بن علي بن عبد السلام
الكاتب، والقاضي مجلي بن جميع المخزومي المصري منصف كتاب "
الذخائر " (5)، ويحيى بن إبراهيم السلماسي الواعظ (6).
197 - ابن خميس * الفقيه
الامام، أبو عبد الله، الحسين بن نصر بن محمد بن
حسين بن
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (180).
(2) ذكرت مصادر ترجمته في حواشي الترجمة (180).
(3) تقدمت ترجمته برقم (179).
(4) سترد ترجمته برقم (207).
(5) سترد ترجمته برقم (218).
(6) انظر نهاية الترجمة (180).
(*) معجم البلدان 2 / 194 (جهينة)، اللباب 1 / 318، وفيات
الاعيان 2 / 139، 140، الوافي بالوفيات خ 11 / 113، 114،
مرآة الجنان 3 / 302، 303، طبقات السبكي 7 / 81، طبقات
الاسنوي 1 / 488، 489، كشف الظنون 30، 359، شذرات الذهب 4
/ 162، إيضاح المكنون 2 / 557، هدية العارفين 1 / 313،
الفهرس التمهيدي: 448، فهرس الظاهرية (قسم التاريخ): 695.
(*)
(20/291)
محمد بن خميس الجهني (1) الكعبي الموصلي الشافعي.
ولد سنة ست وستين وأربع مئة، ضبطه عنه السمعاني.
قدم بغداد وهو حدث، فتفقه على الغزالي، وسمع من طراد
الزينبي، وابن طلحة النعالي، والقاضي محمد بن المظفر
الشامي، وأبي عبد الله الحميدي، وعدة.
وسمع بالموصل من أبي نصر بن ودعان.
وولي قضاء الرحبة (2) مدة، ثم رجع إلى بلده.
وقد قدم بغداد بعد الاربعين وخمس مئة، فحدث بها، فروى عنه:
سليمان وعلي ابنا محمد الموصلي، وجماعة، وما وقع لنا حديثه
بالعلو.
قال أبو سعد السمعاني: قرأت عليه أحاديث، وهو إمام فاضل،
بهي المنظر، حسن الاخلاق، مليح الشيبة، كثير المحفوظ.
وقال ابن النجار: أنبأني الحسن بن علي بن عمار الواعظ قال:
توفي ابن خميس في تاسع ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين وخمس
مئة.
قال: وله مصنفات: " منهج التوحيد "، " تحريم الغيبة "، "
أخبار المنامات "، " لؤلؤة المناسك "، " مناقب الابرار "،
" فرح الموضح على مذهب زيد بن ثابت "، " منهج المريد ".
وفيها توفي أبو علي أحمد بن أحمد بن علي بن الخراز الحريمي
(3)،
__________
(1) نسبة إلى جهينة: قرية من قرى الموصل على دجلة.
انظر " معجم البلدان " 2 / 194 و " اللباب " 1 / 318 و "
وفيات الاعيان " 2 / 139.
(2) يعني رحبة مالك بن طوق، كما صرح ياقوت والاسنوي.
(3) سترد ترجمته برقم (220).
(*)
(20/292)
وقاضي واسط أبو العباس أحمد بن بختيار بن علي المندائي
(1)، وصاحب نصيبين شمس الملوك إبراهيم بن الملك رضوان بن
السلطان تتش السلجوقي (2)، وشيخ ما وراء النهر أبو علي
الحسن بن الحسين الاندقي (3) الزاهد، والسلطان الكبير سنجر
بن ملكشاه (4) بمرو، وأبو منصور عبدا لباقي ابن محمد
التميمي بدمشق، وعبد الصبور بن عبد السلام الهروي (5)،
وأبو مروان عبدالملك بن مسرة اليحصبي القرطبي (6)، وأبو
عمرو عثمان بن علي البيكندي (7) ببخاري، وأبو حفص عمر بن
عبد الله الحربي المقرئ (8)، والامام صدر الدين محمد بن
عبد اللطيف بن محمد بن ثابت الخجندي (9)، والمسند أبو بكر
محمد بن عبيد الله بن الزاغوني (10)،
والفقيه أبو الحسن محمد بن المبارك بن محمد بن الخل
الشافعي (11)، ومحمد بن مسعود بن الشدنك أبو الغنائم (12)
يروي عن عاصم بن الحسن،
__________
(1) مترجم في المنتظم 10 / 177، 178، المشتبه: 624، تبصير
المنتبه 4 / 1399، البداية والنهاية 12 / 236 والمندائي
ويقال الماندائي تحرفت في " البداية " إلى المارداني.
(2) سترد ترجمته برقم (221).
(3) نسبة إلى أندقي - وفي " معجم البلدان " أندق - وهي
قرية من قرى بخارى، وأبو علي هذا ترجمه السمعاني في "
الانساب " 1 / 363، 364، وكناه أبا محمد.
(4) سترد ترجمته برقم (252).
(5) سترد ترجمته برقم (222).
(6) مترجم في الصلة 2 / 366، 367، بغية الملتمس: 382،
العبر 4 / 148، وشذرات الذهب 4 / 162.
(7) سترد ترجمته برقم (228).
(8) مترجم في معرفة القراء الكبار 2 / 415 وتحرفت كنيته
إلى أبي جعفر، العبر 4 / 149، غاية النهاية 1 / 593، 594،
وشذرات الذهب 4 / 162.
(9) سترد ترجمته برقم (260).
(10) تقدمت ترجمته برقم (186).
(11) سترد ترجمته برقم (204).
(12) مترجم في الوافي بالوفيات 5 / 21.
(*)
(20/293)
وقاضي نيسابور برهان الدين منصور بن محمد بن أحمد الصاعدي،
وأبو القاسم نصر بن نصر العكبري الواعظ (1).
198 - القيسي * الشيخ أبو
العشائر محمد بن الخليل بن فارس القيسي الدمشقي،
المعروف بالكردي.
سمع من الفقيه نصر وصحبه، ومن أبي القاسم بن أبي العلاء،
والحسن بن أبي الحديد.
وسكن بعلبك، وخدم متوليها، ثم قدم.
روى عنه: ابن عساكر (2) وابنه القاسم، وابن أخيه زين
الامناء، وآخرون.
مات ببعلبك في ذي الحجة سنة تسع وأربعين وخمس مئة.
166 - حامد بن أبي الفتح * *
الحافظ الزاهد الورع الامام أبو عبد الله المديني.
سمع أبا علي الحداد، ويحيى بن مندة، وارتحل، فسمع بشيراز
من عبدالرحيم بن محمد، وببغداد من هبة الله بن الحصين،
وأبي العز بن كادش.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (200).
(*) العبر 4 / 137، النجوم الزاهرة 5 / 319، شذرات الذهب 4
/ 154.
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر: 187 / 1.
(* *) تقدمت ترجمته برقم (166).
(*)
(20/294)
روى عنه: أبو سعد السمعاني وابنه عبدالرحيم بن السمعاني،
وعبد الخالق بن أسد في " معجمه ".
وكان من علماء الحديث.
مولده في سنة اثنتين وتسعين وأربع مئة.
قال أبو موسى المديني: توفي الشيخ الزاهد الحافظ حامد
المديني بيزدشير كرمان في شعبان سنة تسع وأربعين وخمس مئة.
199 - الخطير * الكاتب الصدر
المنشئ الباهر، خطير الدولة أبو عبد الله، صاحب
الخبر بديوان الزمام (1)، وله باع مديد في النثر (2)
والنظم (3).
وصنف خمسين مقامة (4).
وروى عن أحمد بن عبد القادر اليوسفي، وأخذ عن أبي زكريا
التبريزي.
سمع منه ابن الخشاب، وأحمد بن طارق.
__________
(*) الوافي بالوفيات 12 / 316، لسان الميزان 2 / 272.
(1) انظر " تكملة المعاجم العربية " لدوزي 1 / 601 (الطبعة
الفرنسية) ففيه المقصود من " ديوان الزمام " ويمكن تلخيص
ذلك بأنه الديوان المسؤول عن النواحي المالية المدنية
والعسكرية، والمشرف على الاجهزة الادارية في الدولة، وفيه
تحفظ السجلات والوثائق العامة لهذه الاجهزة.
(2) ذكر الصفدي أنه كان يتحدى بإنشاء الرسالة من آخرها إلى
أولها، ولهذا قال يفتخر: ألست الذي أنشا الرسائل عاكسا (3)
انظر بعض نظمه في " الوافي " 12 / 316.
(4) قال الصفدي: سلك فيها طريق البديع الهمذاني، وصنف كتاب
" جوامع الانشاء " ونبذا من أخبار الوزراء.
(*)
(20/295)
وكان غاليا في الرفض، متهما في الرواية.
مات سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة، ذكره ابن النجار وغيره.
واسمه الحسين بن إبراهيم بن خطاب.
200 - العكبري * الشيخ الامام
الواعظ، أبو القاسم، نصر بن نصر بن علي بن يونس،
العكبري الشافعي.
ولد سنة ست وستين وأربع مئة.
وسمع أبا القاسم بن البسري، وعاصم بن الحسن، وأبا الغنائم
بن أبي عثمان، ونظام الملك، وأبا الليث التنكتي (1).
حدث عنه: السمعاني، وابن سكينة، وابن الاخضر، وحفيده محمد
ابن علي بن نصر، وعبد السلام الداهري، وعمر بن كرم، وداود
بن ملاعب، وأبو علي بن الجواليقي، وأبو الحسن بن القطيعي،
وسعيد بن محمد الرزاز، وآخرون، وأجاز لابي الحسن ابن
المقير.
قال السمعاني: شيخ واعظ متودد متواضع.
وقال ابن النجار: كان يتكلم في الاعزية.
وقال ابن الجوزي (2): كان ظاهر الكياسة، يعظ وعظ المشايخ،
__________
(*) المنتظم 10 / 180، دول الاسلام 2 / 69، العبر 4 / 150،
طبقات السبكي 7 / 320، النجوم الزاهرة 5 / 327، شذرات
الذهب 4 / 166، وتحرف فيه إلى " الطبري ".
(1) نسبة إلى تنكت - بضم التاء وسكون النون وفتح الكاف
بعدها تاء أخرى - وهي مدينة من مدن الشاش وراء نهر جيحون
وسيحون.
وانظر ترجمته في " الانساب " 3 / 88.
(2) في " المنتظم " 10 / 180.
(*)
(20/296)
ويتخيره الناس لعمل الاعزية، ونشأ ولده أبو محمد على
طريقته.
مات أبو القاسم في ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة.
201 - الشلبي * العلامة ذو
الفنون، أبو محمد، عبد الله بن عيسى بن عبد الله بن
أحمد بن سعيد الاندلسي، من بيت علم ووزارة وقضاء.
حج وجاور، ثم قدم بغداد وخراسان.
قال السمعاني: اجتمعت به بهراة، فوجدته بحرا لا ينزف من
الحديث والفقه والنحو وغير ذلك.
سمع أبا بحر بن العاص، والحسن بن عمر الهوزني، وأبا غالب
بن البناء، وزاهرا الشحامي، وكان ذا زهد، وتعبد وجلالة،
توفي بهراة سنة ثمان وأربعين وخمس مئة (1) وله أربع وستون
سنة.
قلت: روى عنه أبو المظفر بن السمعاني.
202 - الفامي * * الشيخ الامام
المحدث الحافظ، أبو النضر (2)، عبدالرحمن بن عبد
__________
(*) المنتظم 10 / 154، معجم ابن الابار: 235، تكملة الصلة:
834، نفح الطيب 2 / 650.
والشلبي نسبة إلى شلب، وهي مدينة من غرب الاندلس، وهي
اليوم في البرتغال.
انظر نفح الطيب 1 / 167 و 184، 185 و 4 / 380.
(1) ذكر ابن الابار وفاته سنة 551، وأورد القولين المقري
في " نفح الطيب ".
(* *) الانساب 9 / 234، 235، تذكرة الحفاظ 4 / 1309، 1310،
العبر 4 / 124، النجوم الزاهرة 5 / 310، طبقات الحفاظ:
483، شذرات الذهب 4 / 140، هدية العارفين 1 / 518.
والفامي: قال السمعاني: هذه النسبة إلى الحرفة، وهي لمن
يبيع الاشياء من الفواكه اليابسة، ويقال له: البقال.
(2) كذا في الاصل بالضاد المعجمة، وفي " تذكرة الحفاظ " و
" العبر " و " الشذرات ": أبو النصر، بالصاد المهملة.
(*)
(20/297)
الجبار بن عثمان بن منصور الهروي الفامي الشروطي العدل.
مولده في سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة.
سمع أبا إسماعيل الانصاري، ومحمد بن علي العميري، ونجيب بن
ميمون الواسطي، والقاضي أبا عامر الازدي وطبقتهم، وارتحل
في كهولته للحج فيما أرى، فسمع من هبة الله بن علي
البخاري، وأبي القاسم بن الحصين.
حدث عنه: ابن عساكر (1)، والسمعاني، وأبو روح عبد المعز
البزاز، وجماعة.
قال السمعاني: كان حسن السيرة، جميل الطريقة، دمث الاخلاق،
كثير الصدقة والصيام، دائم الذكر، متوددا متواضعا، له
معرفة بالحديث والادب، يكرم الغرباء، ويفيدهم عن الشيوخ،
وكان ثقة مأمونا، كتبت عنه بهراة ونواحيها، مات في الخامس
والعشرين من ذي الحجة سنة ست وأربعين وخمس مئة (2).
قلت: ولقبه ثقة الدين، وله تاريخ صغير (3).
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا أبو روح، أخبرنا أبو
النضر الحافظ، أخبرنا زيد بن الفضل، أخبرنا علي بن أبي
طالب، أخبرنا أبو علي الرفاء، حدثنا معاذ بن المثنى، حدثنا
مسدد، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 107 / 2.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1309.
(3) في " تاريخ هراة ".
انظر " هدية العارفين 1 / 518.
(*)
(20/298)
أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والمزفت
أن ينتبذ فيه (1).
203 - المبارك بن كامل * ابن
أبي غالب الخفاف، الشيخ العالم المحدث، مفيد
العراق، أبو بكر البغدادي الظفري (2).
مولده في سنة تسعين وأربع مئة.
سمع أبا القاسم بن بيان، وأبا علي بن نبهان (3)، وابن
فتحان الشهرزوري، وأبا طالب بن يوسف، وابن الحصين، وأمما
لا يحصون.
أفنى عمره في الطلب، وكتب عمن دب ودرج، وسمع العالي
والنازل، لا يسمع بمن يقدم إلا ويبادر إلى السماع منه.
قال ابن الجوزي (4): أبو بكر المفيد يعرف أبوه بالخفاف،
سمع خلقا كثيرا، وما زال يسمع ويتبع الاشياخ في الزوايا،
وينقل السماعات، فلو قيل: إنه سمع من ثلاثة آلاف شيخ، لما
رد قول القائل، وانتهت إليه معرفة
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (1992) (31) في الاشربة من
طريق عمرو الناقد، عن سفيان بهذا الاسناد، وأخرجه مسلم
(1992) والنسائي 8 / 305 في الاشربة من طريق قتيبة عن
الليث، عن الزهري، عن أنس، وأخرجه البخاري (5587) من طريق
أبي اليمان عن شعيب، عن الزهري، عن أنس.
(*) المنتظم 10 / 137، الكامل في التاريخ 11 / 136، العبر
4 / 119، 120، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 214، 215، لسان
الميزان 5 / 11، 12، كشف الظنون: 999، شذرات الذهب 4 /
135، 136، هدية العارفين 2 / 2.
(2) نسبة إلى محلة شرقي بغداد يقال لها: الظفرية، وقد
تصحفت هذه النسبة في " شذرات الذهب " 4 / 135 إلى الطغري
بالطاء المهملة والغين المعجمة.
(3) تحرف في " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 214 إلى شهاب.
وقد مرت ترجمة أبي علي هذا في الجزء التاسع عشر برقم
(158).
(4) في " المنتظم " 10 / 137.
(*)
(20/299)
المشايخ ومقدار ما سمعوا، وعلم الاجازات لكثرة دربته، صحب
هزارسب (1) بن عوض، ومحمودا الاصبهاني، إلا أنه كان قليل
التحقيق فيما ينقل لكونه كان يأخذ عن ذلك ثمنا، كان فقيرا،
كثيرا الاولاد والتزوج (2).
قال السمعاني: سريع القراءة والخط، يشبه بعضه بعضا في
الرداءة، سمع مني، وسمعت منه، توفي في جمادى الاولى سنة
ثلاث وأربعين وخمس مئة.
قال ابن النجار: جمع كتاب " سلوة الاحزان " نحو ثلاث مئة
جزء أو أكثر، روى لنا عنه ولداه يوسف ولامعة، وأبو محمد
الغراد، وكان صدوقا مع قلة فهمه ومعرفته (3).
204 - ابن الخل * الشيخ الامام
المفتي، شيخ الشافعية، أبو الحسن، محمد بن أبي البقاء
المبارك بن محمد بن عبد الله بن محمد بن الخل
البغدادي.
تفقه على أبي بكر الشاشي المستظهري، ودرس وأفتى، وصنف
وأفاد
__________
(1) المتوفى سنة 515 ه، مترجم في المنتظم 9 / 231، العبر 4
/ 36، والشذرات 4 / 48، وتحرف اسمه فيه إلى هزاراست، وتحرف
في " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 214 إلى: هذا رست.
(2) في الاصل: التزويج.
(3) انظر " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 215.
(*) المنتظم 10 / 179، 180، الكامل في التاريخ 11 / 217،
طبقات ابن الصلاح: ق 21، وفيات الاعيان 4 / 227، 228،
العبر 4 / 150، دول الاسلام 2 / 69، المستفاد من
ذيل تاريخ بغداد: 36، الوافي بالوفيات 4 / 381، طبقات
السبكي 6 / 176، 177، طبقات الاسنوي 1 / 486، 487، البداية
والنهاية 12 / 237، النجوم الزاهرة 5 / 327، كشف الظنون 1
/ 489، شذرات الذهب 4 / 164، 165، هدية العارفين 2 / 93.
(*)
(20/300)
وتفرد ببغداد بالفتوى في مسألة الدور لابن سريج (1).
وهو أول من علق على كتاب " التنبيه " شرحا (2)، وله كتاب
في أصول الفقه.
وقد سمع من ابن طلحة النعالي، ونصر بن البطر، وثابت بن
بندار، والحسين بن علي بن البسري، وجعفر السراج، وأبي بكر
الطريثيثي، ومحمد بن عبد السلام الانصاري، وعدة.
حدث عنه: السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وأحمد بن طارق
الكركي، والفتح بن عبد السلام، وأبو الحسن القطيعي،
وآخرون.
وكان مقدما في كتابة المنسوب (3)، فقيل: كانوا يأخذون خطه
في الفتاوى لمجرد خطه البديع في بعض الوقت.
قال السمعاني: هو أحد الائمة الشافعية ببغداد، مصيب في
فتاويه،
__________
(1) وهو الامام الكبير أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج
البغدادي، المتوفى سنة 306 ه، مرت ترجمته في الجزء الرابع
عشر برقم (114).
ومسألة الدور هذه وتسمى المسألة السريجية هي مسألة في
الطلاق مشهورة عند الشافعية، وصورتها أن يقول لزوجته: "
متى وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثا "، فوجه الدور
أنه متى طلقها الآن وقع قبله ثلاثا، ومتى وقع قبله ثلاثا
لم يقع، فيؤدي إثباته إلى نفيه، فانتفى.
وقد كثرت في هذه المسألة المؤلفات، وكثر فيها الرد والنقد،
وممن ألف فيها أبو حامد الغزالي، انظر " كشف الظنون "
1662، وانظر " طبقات " السبكي 9 / 245، 246 (ترجمة ابن
دقيق العيد).
وقد استوعب ردها وتفنيدها ابن
حجر المكي في كتابه " تحفة المحتاج في شرح المنهاج " 8 /
114 - 116.
(2) سماه " توجيه التنبيه ".
قال حاجي خليفة: وليس في شرحه تصوير المسألة، لكنه عللها
بعبارة مختصرة.
" كشف الظنون " 1 / 489.
(3) يعني الخط المنسوب، ويقال: وضع قواعده وبرع فيه ابن
مقلة المترجم في الجزء الخامس عشر برقم (86)، وأتم تنسيقه
وتهذيبه علي بن هلال ابن البواب المترجم في الجزء السابع
عشر برقم (192).
(*)
(20/301)
وله السيرة الحسنة، والطريقة الحميدة، خشن العيش، تارك
للتكلف، على طريقة السلف، حلس (1) مسجده الذي بالرحبة.
ولد سنة خمس وسبعين وأربع مئة، ومات في المحرم سنة اثنتين
وخمسين وخمس مئة، وقع لي الجزء الاول من " مشيخته ".
ومات معه في العام أخوه أبو الحسين أحمد (2) الشاعر
المشهور عن سبعين سنة، وقيل: اسم أبي الحسين: الحسن، كذا
سماه ابن النجار.
أخبرنا علي بن أحمد الهاشمي، أخبرنا محمد بن أحمد المؤرخ،
أخبرنا محمد بن المبارك الفقيه سنة إحدى وخمسين وخمس مئة،
أخبرنا الحسين بن علي، أخبرنا عبد الله بن يحيى السكري،
أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا عباس بن عبد الله
الترقفي، حدثنا محمد بن يوسف، عن سفيان، عن سهيل بن أبي
صالح، عن عبد الله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الايمان بضع
وستون، أو بضع وسبعون بابا، أفضلها شهادة أن لا إله إلا
الله، وأدناها إماطة الاذى عن الطريق، والحياء شعبة من
الايمان ".
هذا حديث صحيح عال (3).
__________
(1) أي ملازم له، وقد تحرفت في " طبقات " السبكي 6 / 177
إلى " جليس ".
(2) مترجم في وفيات الاعيان 4 / 227، 228، الوافي 7 / 303،
طبقات الاسنوي 1 / 488، وشذرات الذهب 4 / 165.
(3) وأخرجه البخاري (9) ومسلم (35) وأبو داود (4676)
والترمذي (2614) والنسائي 8 / 110، وابن ماجه (57).
(*)
(20/302)
205 - بكبرة * الشيخ الفاضل العابد الخير، أبو الفتح، عبد
السلام بن أحمد
بن إسماعيل الهروي الاسكاف المقرئ.
سمع أبا عاصم الفضيل بن يحيى، ومحمد بن عبد العزيز
الفارسي، وشيخ الاسلام، وروى " جامع " أبي عيسى عن أبي
الظفر عبد الله بن عطاء.
وعنه: السمعاني وابنه عبدالرحيم، وأبو الضوء شهاب الشذباني
(1)، وعبد المعز الصوفي، وحماد الحراني، ونصر بن عبد
الجامع الفامي.
وطال عمره، وتفرد، وبقي إلى قريب سنة خمسين وخمس مئة.
وكان مولده في سنة إحدى وستين وأربع مئة.
206 - أبو الوقت * * الشيخ
الامام الزاهد الخير الصوفي، شيخ الاسلام، مسند
الآفاق، أبو الوقت، عبد الاول بن الشيخ المحدث المعمر أبي
عبد الله عيسى بن شعيب بن إبراهيم بن إسحاق، السجزي، ثم
الهروي الماليني.
__________
(*) التحبير 1 / 447، 448، الاستدراك لابن نقطة: باب بكبرة
وبليزة وتليزة، المشتبه 1 / 90، تبصير المنتبه 1 / 102.
(1) لم أعرف هذه النسبة.
(* *) الانساب 7 / 47، المنتظم 10 / 182، 183، الاستدراك
لابن نقطة: باب السجزي والشجري.
الكامل في التاريخ 11 / 239، اللباب 2 / 105، وفيات
الاعيان 3 / 226، 227، دول الاسلام 2 / 70، العبر 4 / 151،
152، تذكرة الحفاظ 4 / 1315، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد:
150 - 152، مرآة الجنان 3 / 304، البداية والنهاية 12 /
238، النجوم الزاهرة 5 / 328، شذرات الذهب 4 / 166.
(*)
(20/303)
مولده في سنة ثمان وخمسين وأربع مئة.
وسمع في سنة خمس وستين وأربع مئة من جمال الاسلام أبي
الحسن عبدالرحمن بن محمد الداوودي " الصحيح " وكتاب
الدارمي، ومنتخب مسند عبد بن حميد ببوشنج، وسمع من أبي
عاصم الفضيل بن يحيى، ومحمد بن أبي مسعود الفارسي، وأبي
يعلى صاعد بن هبة الله، وبيبى بنت عبد الصمد، وعبد الرحمن
بن محمد بن عفيف حدثوه عن عبدالرحمن بن أبي شريح، وسمع من
أحمد بن أبي نصر كاكو، وعبد الوهاب بن أحمد الثقفي، وأحمد
بن محمد العاصمي، ومحمد بن الحسين الفضلويي، وعبد الرحمن
بن أبي عاصم الجوهري، وشيخ الاسلام أبي إسماعيل الانصاري
وكان من مريديه، وأبي عامر محمود بن القاسم الازدي، وعبد
الله ابن عطاء البغاورداني، وحكيم بن أحمد الاسفراييني،
وأبي عدنان القاسم ابن علي القرشي، وأبي القاسم عبد الله
بن عمر الكلوذاني، ونصر بن أحمد الحنفي، وطائفة.
وحدث بخراسان وأصبهان وكرمان وهمذان وبغداد، وتكاثر عليه
الطلبة، واشتهر حديثه، وبعد صيته، وانتهى إليه علو
الاسناد.
حدث عنه: ابن عساكر (1)، والسمعاني، وابن الجوزي، ويوسف
ابن أحمد الشيرازي، وارتحل إليه إلى كرمان، وسفيان بن
إبراهيم بن مندة، وأبو ذر سهيل بن محمد البوشنجي، وأبو
الضوء شهاب الشذباني، وعبد المعز بن محمد الهروي، والقاضي
عبد الجبار بن بندار الهمذاني، وعبد الجليل بن مندويه،
وأحمد بن عبد الله السلمي العطار، وعثمان بن علي
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 98 / 1.
(*)
(20/304)
الوركاني، وعثمان بن محمود الاصبهاني، ومحمد بن عبد الله
الفتاح البوشنجي، ومحمد بن عطية الله الهمذاني، ومحمد بن
محمد بن سرايا الموصلي، ومحمود بن واثق البيهقي، ومقرب بن
علي الهمذاني، والفقيه يحيى بن سعد الرازي، ويوسف بن عمر
بن محمد بن عبيد الله بن نظام الملك، وحماد بن هبة الله
الحراني، وعمر بن طبرزد، وسعيد بن محمد الرزاز، وعمر بن
محمد الدينوري الصوفي، ويحيى بن عبد الله بن السهروردي،
ومحمد بن أحمد بن هبة الله الروذراوري، وأحمد بن ظفر بن
هبيرة، ومحمد بن هبة الله بن مكرم، ومظفر بن حركها، وعلي
بن يوسف ابن صبوخا، وأحمد بن يوسف بن صرما، ومحمد بن أبي
القاسم الميندي، وزيد بن يحيى البيع، وعبد اللطيف بن عسكر،
وعمر بن محمد بن أبي الريان، وأسعد بن صعلوك، والنفيس بن
كرم، وأبو جعفر عبد الله بن شريف الرحبة، ومحمد بن عمر بن
خليفة الروباني - بموحدة -، ومحمد بن هبة الله البيع، وعبد
الله بن إبراهيم الهمذاني الخطيب، وأبو الحسن علي ابن
بورنداز (1)، وعمر بن أعز السهروردي، وأبو هريرة محمد بن
ليث الوسطاني، وصاعد بن علي الواعظ، ومحمد بن المبارك
المستعمل، وأبو
علي بن الجواليقي، ومحمد بن النفيس بن عطاء، والمهذب بن
قنيدة، وعبد السلام بن سكينة، وعبد الرحمن بن عتيق بن
صيلا، وأبو الرضى محمد بن عصية، وعبد السلام الداهري، وأبو
نصر أحمد بن الحسين النرسي، وعمر بن كرم، والحسين بن
الزبيدي، وأخوه الحسن، وظفر بن سالم البيطار، وعبد البر بن
أبي العلاء العطار، وإبراهيم بن عبدالرحمن القطيعي، وعبد
الرحمن مولى ابن باقا، وزكريا العلبي، وعلي بن روزبه،
__________
(1) ستأتي ترجمته في الجزء الثاني والعشرين.
وفي الاصل: نورنداز، مجودة.
(*)
(20/305)
ومحمد بن عبد الواحد المديني، وأبو الحسن محمد بن أحمد
القطيعي، وأبو المنجي عبد الله بن اللتي، وأبو بكر محمد بن
مسعود بن بهروز، وأبو سعد ثابت بن أحمد الخجندي نزيل شيراز
وهو آخر من سمع منه موتا بقي إلى سنة 637 وسماعه في
الخامسة، وروى عنه بالاجازة أبو الكرم محمد بن عبد الواحد
المتوكلي، وكريمة بنت عبد الوهاب القرشية.
قال السمعاني: شيخ صالح، حسن السمت والاخلاق، متودد
متواضع، سليم الجانب، استسعد بصحبة الامام عبد الله
الانصاري، وخدمه مدة، وسافر إلى العراق وخوزستان والبصرة،
نزل بغداد برباط البسطامي فيما حكاه لي، وسمعت منه بهراة
ومالين، وكان صبورا على القراءة، محبا للرواية، حدث ب "
الصحيح "، و " مسند " عبد، والدارمي عدة نوب، وسمعت أن
أباه سماه محمدا، فسماه عبد الله الانصاري عبد الاول،
وكناه بأبي الوقت، ثم قال: الصوفي ابن وقته.
وقال السمعاني في " التحبير " (1): إن والد أبي الوقت أجاز
له، وإن مولده (2) بسجستان سنة عشر وأربع مئة، وإنه سمع من
علي بن بشرى الليثي
" مناقب الشافعي " للآبري بفوت، ثم سكن هراة، وإنه شيخ
صالح معمر، حرص على سماع الحديث، وحمل ولده أبا الوقت على
عاتقه إلى بوشنج، وكان عبد الله الانصاري يكرمه ويراعيه،
مات بمالين في شوال سنة اثنتي عشرة وخمس مئة، عاش مئة
وثلاث سنين.
__________
(1) 1 / 611، 613 في ترجمة والد أبي الوقت، وقد ترجمه
المؤلف الذهبي في الجزء التاسع عشر برقم (231).
(2) يعني مولد والد أبي الوقت.
(*)
(20/306)
وقال زكي الدين البرزالي (1): طاف أبو الوقت العراق
وخوزستان، وحدث بهراة ومالين وبوشنج وكرمان ويزد وأصبهان
والكرج وفارس وهمذان، وقعد بين يديه الحفاظ والوزراء، وكان
عنده كتب وأجزاء، سمع عليه من لا يحصى ولا يحصر.
وقال ابن الجوزي (2): كان صبورا على القراءة، وكان صالحا،
كثير الذكر والتهجد والبكاء، على سمت السلف، وعزم عام موته
على الحج، وهيأ ما يحتاج إليه، فمات.
وقال يوسف بن أحمد الشيرازي في " أربعين البلدان " له: لما
رحلت إلى شيخنا رحلة الدنيا ومسند العصر أبي الوقت، قدر
الله لي الوصول إليه في آخر بلاد كرمان، فسلمت عليه،
وقبلته، وجلست بين يديه، فقال لي: ما أقدمك هذه البلاد ؟
قلت: كان قصدي إليك، ومعولي بعد الله عليك، وقد كتبت ما
وقع إلي من حديثك بقلمي، وسعيت إليك بقدمي، لادرك بركة
أنفاسك، وأحظى بعلو إسنادك.
فقال: وفقك الله وإيانا لمرضاته، وجعل سعينا له، وقصدنا
إليه، لو كنت عرفتني حق معرفتي، لما سلمت علي،
ولا جلست بين يدي، ثم بكى بكاء طويلا، وأبكى من حضره، ثم
قال: اللهم استرنا بسترك الجميل، واجعل تحت الستر ما ترضى
به عنا، يا ولدي، تعلم أني رحلت أيضا لسماع " الصحيح "
ماشيا مع والدي من هراة إلى الداوودي ببوشنج ولي دون عشر
سنين، فكان والدي يضع على يدي حجرين، ويقول: احملهما.
فكنت من خوفه أحفظهما بيدي، وأمشي وهو يتأملني، فإذا رآني
قد عييت أمرني أن ألقي حجرا واحدا، فألقي، ويخف
__________
(1) في الاصل: الرزالي، والصواب ما أثبتناه.
(2) في " المنتظم " 10 / 183.
(*)
(20/307)
عني، فأمشي إلى أن يتبين له تعبي، فيقول لي: هل عييت ؟
فأخافه، وأقول: لا.
فيقول: لم تقصر في المشي ؟ فأسرع بين يديه ساعة، ثم أعجز،
فيأخذ الآخر، فيلقيه، فأمشي حتى أعطب، فحينئذ كان يأخذني
ويحملني، وكنا نلتقي جماعة الفلاحين وغيرهم، فيقولون: يا
شيخ عيسى، ادفع إلينا هذا الطفل نركبه وإياك إلى بوشنج،
فيقول: معاذ الله أن نركب في طلب أحاديث رسول الله صلى
الله عليه وسلم، بل نمشي، وإذا عجز أركبته على رأسي إجلالا
لحديث رسول الله ورجاء ثوابه.
فكان ثمرة ذلك من حسن نيته أني انتفعت بسماع هذا الكتاب
وغيره، ولم يبق من أقراني أحد سواي، حتى صارت الوفود ترحل
إلي من الامصار.
ثم أشار إلى صاحبنا عبد الباقي بن عبد الجبار الهروي أن
يقدم لي حلواء، فقلت: يا سيدي، قراءتي لجزء أبي الجهم أحب
إلي من أكل الحلواء.
فتبسم، وقال: إذا دخل الطعام خرج الكلام.
وقدم لنا صحنا فيه حلواء الفانيذ، فأكلنا، وأخرجت الجزء،
وسألته إحضار الاصل، فأحضره، وقال: لا تخف ولا تحرص،
فإني قد قبرت ممن سمع علي خلقا كثيرا، فسل الله السلامة.
فقرأت الجزء، وسررت به، ويسر الله سماع " الصحيح " وغيره
مرارا، ولم أزل في صحبته وخدمته إلى أن توفي ببغداد في
ليلة الثلاثاء من ذي الحجة (1) - قلت: وبيض لليوم وهو سادس
الشهر - قال: ودفناه بالشونيزية.
قال لي: تدفنني تحت أقدام مشايخنا بالشونيزية.
ولما احتضر سندته إلى صدري، وكان مستهترا (2) بالذكر، فدخل
عليه محمد بن القاسم الصوفي، وأكب
__________
(1) سيذكر المؤلف قولا آخر في وفاته، وهو سادس ذي القعدة،
وهو المذكور في " العبر " و " وفيات الاعيان " و " ذيل
تاريخ بغداد " لابن النجار.
(2) أي: مولع به، يقال: أهتر فلان بكذا، واستهتر، فهو مهتر
ومستهتر، أي: مولع به لا يتحدث بغيره، ولا يفعل غيره، وفي
سنن الترمذي (3596) من حديث أبي هريرة " سبق = (*)
(20/308)
عليه، وقال: يا سيدي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من
كان آخر كلامه لا إله الا الله دخل الجنة " (1) فرفع طرفه
إليه، وتلا: (ياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من
المكرمين) [ يس: 26 و 27 ] فدهش إليه هو ومن حضر من
الاصحاب، ولم يزل يقرأ حتى ختم السورة، وقال: الله الله
الله، وتوفي وهو جالس على السجادة.
وقال أبو الفرج بن الجوزي (2): حدثني محمد بن الحسين
التكريتي الصوفي قال: أسندته إلي، وكان آخر كلمة قالها:
(يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين)،
ومات.
قلت: قدم بغداد في شوال، فأقام بها سنة وشهرا، وكان معه
أصوله، فحدث منها.
قال ابن النجار: كان الوزير أبو المظفر بن هبيرة قد
استدعاه، ونفذ إليه
نفقة، ثم أنزله عنده، وأكرمه، وأحضره في مجلسه، وسمع عليه
" الصحيح " في مجلس عام أذن فيه للناس، فكان الجمع يفوت
الاحصاء، ثم قرأه عليه أبو محمد بن الخشاب بالنظامية، وحضر
خلق كثير دون هؤلاء،
__________
= المفردون " قالوا: وما المفردون يا رسول الله ؟ قال:
المستهترون في ذكر الله يضع الذكر عنهم أثقالهم، فيأتون
يوم القيامة خفافا " وصححه الحاكم 1 / 495، ووافقه الذهبي،
من طريق آخر بلفظ " سبق المفردون قالوا يا رسول الله: ومن
المفردون ؟ قال الذين يهترون في ذكر الله عز وجل " ورواه
مسلم (2676).
من طريق آخر عنه بلفظ " سبق المفردون "، قالوا: وما
المفردون يا رسول الله قال: الذاكرون الله كثيرا والذاكرات
".
(1) أخرجه أبو داود (3116) وأحمد 5 / 233 من حديث معاذ بن
حنبل، وصححه الحاكم 1 / 351، ووافقه الذهبي وله شاهد من
حديث أبي هريرة عند ابن حبان (719) ولفظه " من كان آخر
كلامه لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوما من الدهر
وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه ".
(2) في " المنتظم " 10 / 183.
(*)
(20/309)
وقرئ عليه بجامع المنصور، وسمعه جمع جم، وآخر من قرأه عليه
شيخنا ابن الاخضر، وكان شيخنا صدوقا أمينا، من مشايخ
الصوفية ومحاسنهم، ذا ورع وعبادة مع علو سنه، وله أصول
حسنة، وسماعات صحيحة (1).
ثم قال: قرأت في كتاب أحمد بن صالح الجيلي: توفي شيخنا أبو
الوقت ليلة الاحد سادس ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة
نصف الليل، وصلي عليه ضاحي نهار اليوم برباط فيروز الذي
كان نازلا فيه، ثم صلي عليه بالجامع، وأمنا الشيخ عبد
القادر الجيلي (2)، وكان الجمع متوفرا، وكنت يوم خامس
الشهر عنده، وقرأت عليه الحديث إلى وقت
الظهر، وكان مستقيم الرأي، حاضر الذهن، ولم نر في سنه مثل
سنده، وكان شيخا صالحا سنيا، قارئا للقرآن، قد صحب
الاشياخ، وعاش حتى ألحق الصغار بالكبار، ورأى من رئاسة
التحديث ما لم يره أحد من أبناء جنسه، وسمع منه من لم يرغب
في الرواية قبله، وكان آخر من روى في الدنيا عن الداوودي
وبقية أشياخه، وقرئت الكتب التي معه كلها عليه والاجزاء
مرات في عدة مواضع، وسمعها منه ألوف من الناس، وصل بغداد
في حادي عشر شوال سنة اثنتين وخمسين، صحب شيخ الاسلام نيفا
وعشرين سنة.
أنبأنا طائفة عن ابن النجار قال: أنشدنا داود بن معمر
بأصبهان، أنشدنا محمد بن الفضل العقيلي لنفسه في سنة إحدى
وخمسين: أتاكم الشيخ أبو الوقت * بأحسن الاحبار عن ثبت
__________
(1) انظر " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد " 151.
(2) سترد ترجمته برقم (286).
(*)
(20/310)
طوى إليكم ناشرا علمه * مراحل الابرق والخبت (1) ألحق
بالاشياخ أطفالكم * وقد رمى الحاسد بالكبت فمنة الشيخ بما
قد روى * كمنة الغيث على النبت بارك فيه الله من حامل *
خلاصة الفقه إلى المفتي انتهزوا الفرصة يا سادتي * وحصلوا
الاسناد في الوقت فإن من فوت ما عنده * يصير ذا الحسرة
والمقت وفيها مات الحافظ عبد الجليل بن محمد كوتاه
الاصبهاني (2)، وعلي ابن عساكر بن سرور الخشاب (3) بدمشق،
والامام أبو حفص عمر بن أحمد بن
الصفار النيسابوري (4)، وأبو الفتح المبارك بن أحمد بن
زريق الواسطي الحداد المقرئ (5)، وأبو المحاسن مسعود بن
محمد الغانمي الهروي (6).
207 - المشكاني * الشيخ الامام
الخطيب، أبو الحسن، علي بن محمد بن أحمد الروذراوري
المشكاني الشافعي، خطيب مشكان، وهي قرية من عمل روذراور
على ست فراسخ من همذان.
ولد سنة ست وستين وأربع مئة بمشكان.
__________
(1) الابرق: الارض المتسعة الغليظة مختلطة بحجارة ورمل.
والخبت: ما اطمأن من الارض واتسع، وقيل: هو الوادي العميق
الوطئ.
(2) سترد ترجمته برقم (223).
(3) سترد ترجمته برقم (245).
(4) سترد ترجمته برقم (229).
(5) مترجم في " معرفة القراء الكبار " 2 / 432، و " غاية
النهاية " 2 / 37، 38.
(6) سترد ترجمته برقم (250).
(*) الانساب: (المشكاني)، اللباب 3 / 217، 218.
(*)
(20/311)
فقدم عليهم الشيخ المعمر أبو منصور محمد بن الحسن بن محمد
بن يونس النهاوندي سنة نيف وسبعين، فسمع هذا منه " التاريخ
الصغير " للبخاري بسماعه من القاضي أبي العباس بن زنبيل
النهاوندي، عن القاضي عبد الله بن محمد بن الاشقر، عن
البخاري، فتفرد الخطيب بعلو هذا الكتاب مدة، ولكن قل من
سمعه منه لبعد الديار.
قال أبو سعد السمعاني: قدم هذا بغداد سنة اثنتين وثلاثين،
فقصدته
وهو مريض، فأخرج إلي " التاريخ " وقد سمعه بقراءة الحافظ
حمزة الروذراوري، وقد قرأه عليه أبو العلاء العطار المقرئ،
ففرحت به لعلو السند وعزة الكتاب، فأعلمت جماعة، وقرأته
عليه، ورد إلى بلده، ورحل الحافظ أبو القاسم بن عساكر إلى
مشكان، فسمعه منه، وكان شيخا بهيا، حسن المنظر، مطبوعا،
متوددا، صدوقا.
قلت: وروى عنه هذا الكتاب بالاجازة قاضي دمشق أبو القاسم
بن الحرستاني، وطال عمر أبي الحسن هذا إلى أن أدركه الحافظ
يوسف بن أحمد الشيرازي، فارتحل إلى مشكان، وسمع منه في سنة
خمسين وخمس مئة، قال: وفي هذه السنة توفي، وتاريخ سماعه "
للتاريخ " كان في سنة ست وسبعين وأربع مئة.
قلت: آخر من روى عنه بالسماع عبد البر بن أبي العلاء، وعاش
أربعا وثمانين سنة.
208 - محمد بن يحيى * ابن
منصور، الامام العلامة، شيخ الشافعية، أبو
__________
(*) تهذيب الاسماء واللغات 1 / 95، وفيات الاعيان 4 / 223،
224، العبر 4 / 133، = (*)
(20/312)
سعد (1) النيسابوري، صاحب الغزالي وأبي المظفر أحمد بن
محمد الخوافي (2)، تفقه بهما، وبرع في المذهب، وصنف
التصانيف في الفقه والخلاف، وتخرج به الاصحاب، وانتهت إليه
رئاسة المذهب بنيسابور، وقصده الفقهاء من النواحي، وبعد
صيته.
ألف كتاب " المحيط في شرح الوسيط " (3)، وله كتاب "
الانتصاف في مسائل الخلاف ".
ودرس بنظامية بلده، وهو أستاذ الفقهاء المتأخرين مع الزهد
والديانة وسعة العلم.
مولده بطريثيث من خراسان في سنة ست وسبعين وأربع مئة.
وسمع من نصر الله بن أحمد الخشنامي، وعبد الغفار بن محمد
الشيروي، وأبي حامد أحمد بن علي بن عبدوس الحذاء، والحافظ
أبي الفتيان عمر بن أبي الحسن الرواسي، وإسماعيل بن أبي
عبدالرحمن البحيري، وجماعة.
حدث عنه: السمعاني وولده، ومنصور بن أبي الحسن الطبري،
والفقيه يحيى بن الربيع بن سليمان الواسطي، وغيرهم.
__________
= 134، دول الاسلام 2 / 64، الوافي 5 / 197، مرآة الجنان 3
/ 290، طبقات السبكي 7 / 25 - 28، طبقات الاسنوي 2 / 559،
560، النجوم الزاهرة 5 / 305، طبقات ابن هداية الله: 205،
206، كشف الظنون 1 / 174 و 2 / 2008، شذرات الذهب 4 / 151،
روضات الجنات: 186، هدية العارفين 2 / 91.
(1) في " تهذيب الاسماء واللغات " و " طبقات " السبكي و "
كشف الظنون " 174: أبو سعيد.
(2) انظر حواشي الترجمة (194) ص: 287.
(3) و " الوسيط " لشيخه أبي حامد الغزالي.
(*)
(20/313)
أخبرنا (1) يوسف بن عبدالرحمن الحافظ، أخبرنا عبد العزيز
بن الصيقل، أخبرنا يحيى بن الربيع سنة ست مئة ببغداد،
أخبرنا أبو سعد محمد ابن يحيى الشافعي، أخبرنا أبو سعيد بن
أبي عبدالرحمن الملقاباذي إملاء، حدثنا أبو حسان محمد بن
أحمد بن جعفر، أخبرنا أبو عمرو بن مطر، أخبرنا
حامد بن شعيب، حدثنا سريج، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا
سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي
موسى، أن رجلين اختصما في بعير ليس لواحد منهما بينة،
فجعله رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما نصفين (2).
قتلته الغز - لا بورك فيهم - حين فتكوا بنيسابور في شهر
رمضان سنة ثمان وأربعين وخمس مئة، فرثاه علي بن أبي القاسم
البيهقي، فقال: يا سافكا دم عالم متبحر * قد طار في أقصى
الممالك صيته بالله قل لي يا ظلوم ولا تخف * من كان محيي
الدين كيف تميته (3) وقال آخر في محيي الدين ابن يحيى رحمه
الله: رفات (4) الدين والاسلام تحيى * بمحيي الدين مولانا
ابن يحيى كأن الله رب العرش يلقي * عليه حين يلقي الدرس
وحيا (5)
__________
(1) في الاصل: أخبر.
(2) صحيح وأخرجه أبو داود (3613) و (3614) والنسائي 8 /
248 من طرق عن سعيد ابن أبي عروبة بهذا الاسناد، وأخرجه
أبو داود (3615) من طريق محمد بن بشار، حدثنا حجاج بن
منهال، حدثنا همام، عن قتادة به.
(3) البيتان في " وفيات الاعيان " 4 / 224، و " الوافي " 5
/ 197، و " طبقات " السبكي 7 / 27، و " شذرات الذهب " 4 /
151.
(4) في الاصل: وفاة، والمثبت من مصادر الترجمة.
(5) البيتان في " وفيات الاعيان " 4 / 223، و " الوافي " 5
/ 197، و " طبقات " السبكي 7 / 27.
(*)
(20/314)
ومما قيل إنه لابن يحيى (1):
وقالوا يصير الشعر في الماء حية * إذا الشمس لاقته فما
خلته حقا (2) فلما التوى صدغاه في ماء وجهه * وقد لسعا
قلبي تيقنته صدقا
209 - ابن ناجية * العلامة أبو
القاسم، أحمد بن أبي المعالي (3) عبد الله بن بركة،
الحربي الفقيه الواعظ، عرف بابن ناجية، وهي أمه (4).
سمع أبا عبد الله بن البسري، وأبا الحسين بن الطيوري.
روى عنه: ابن سكينة، وابن الاخضر، وأحمد بن يحيى بن هبة
الله.
قال السمعاني: فقيه دين، حلو الوعظ، تفقه على أبي الخطاب،
ثم تحول حنفيا، ثم شافعيا، وقال لي: أنا اليوم متبع
للدليل، ما أقلد أحدا، كتبت عنه، مات في جمادى الاولى سنة
أربع وخمسين وخمس مئة وله تسع وسبعون سنة.
__________
(1) البيتان في " وفيات الاعيان " 4 / 224، و " الوافي " 5
/ 197، و " طبقات " السبكي 7 / 26، و " شذرات الذهب " 4 /
151.
(2) في " الوفيات " و " الوافي " والشذرات ": فما خلته
صدقا.
وجاءت كلمة " حقا " فيها في نهاية البيت الثاني بدل كلمة "
صدقا ".
(*) المنتظم 10 / 190، الوافي 7 / 112 وتصحف فيه إلى باجيه
بالباء الموحدة، البداية والنهاية 12 / 240، ذيل طبقات
الحنابلة 1 / 232، 233.
(3) في " المنتظم " و " ذيل طبقات الحنابلة " و " البداية
": أحمد بن معالي.
وفي " الوافي ": أبو القاسم أحمد ابن أبي المعالي ثم قال:
يعرف بأحمد بن معالي بن ناجية.
(4) في " الوافي ": وهي أم والده.
(*)
(20/315)
210 - أحمد بن وقشي * مؤلف كتاب " خلع النعلين " (1) فيه
مصائب وبدع.
وكان أولا يدعي الولاية، وكان ذا مكر وفصاحة وبلاغة وحيل
وشعبذة، فالتف عليه خلق، ثم خرج بحصن مارتلة (2)، ودعا إلى
نفسه، وبايعوه، ثم اختلف عليه أصحابه، ودس عليه الدولة من
أخرجه من الحصن بحيلة، فقبض عليه أعوان عبدالمؤمن، وأتوه
به، فقال له: بلغني أنه دعوت إلى الهداية ؟ ! فكان من
جوابه أن قال: أليس الفجر فجرين كاذب وصادق ؟ قال: بلى.
قال: فأنا كنت الفجر الكاذب.
فضحك، وعفا عنه، وبقي في حضرة السلطان عبدالمؤمن، ثم لم
ينشب أن قتله صاحب له على شئ رآه منه (3).
211 - الزبيدي * * الامام
القدوة العابد الواعظ، أبو عبد الله، محمد بن يحيى
بن علي ابن مسلم (4) بن موسى بن عمران القرشي اليمني
الزبيدي، نزيل بغداد، وجد المشايخ الرواة.
__________
(*) المعجب: 309، كشف الظنون 1 / 722 واسمه فيهما: أحمد بن
قسي.
(1) في الوصول إلى حضرة الجمعين كما في " كشف الظنون ":
722.
(2) وهو من حصون باجة، وهو معقل جليل.
" المغرب " 1 / 406.
(3) انظر " المعجب ": 309.
(* *) الانساب 6 / 247، 248، المنتظم 10 / 197، 198، معجم
الادباء 19 / 106، 108، الكامل في التاريخ 11 / 264، مرآة
الزمان 8 / 144، 145، الوافي بالوفيات 5 / 198، البداية
والنهاية 12 / 243، الجواهر المضية 2 / 142، تبصير المنتبه
2 / 654، بغية الوعاة 1 / 263، 264، هدية العارفين 2 / 93،
بروكلمان الذيل 1 / 764.
(4) في " الجواهر المضية " مسلمة.
(*)
(20/316)
مولده سنة ستين وأربع مئة.
وقدم دمشق بعد الخمس مئة، فوعظ بها، وأخذ يأمر بالمعروف،
فلم يحتمل له الملك طغتكين، وكان نحويا فقيرا قانعا
متألها، ثم قدم دمشق رسولا من المسترشد في شأن الباطنية،
وكان حنفيا سلفيا.
قال ابن هبيرة: جلست معه من بكرة إلى قريب الظهر وهو يلوك
شيئا، فسألته، فقال: نواة أتعلل بها لم أجد شيئا (1).
قال ابن الجوزي (2): كان يقول الحق وإن كان مرا، لا تأخذه
في الله لومة لائم، قيل: دخل على الوزير الزينبي وعليه
خلعة الوزارة، وهم يهنئونه، فقال: هو ذا يوم عزاء، لا يوم
هناء، فقيل: ولم ؟ قال: أهنئ على لبس الحرير ؟ ! قال ابن
الجوزي (3): حدثني الفقيه عبدالرحمن بن عيسى، سمعت الزبيدي
قال: خرجت إلى المدينة على الوحدة، فآواني الليل إلى جبل،
فصعدت، وناديت: اللهم إني الليلة ضيفك.
ثم نوديت: مرحبا بضيف الله، إنك مع طلوع الشمس تمر بقوم
على بئر يأكلون خبزا وتمرا، فإذا دعوك فأجب، فسرت من الغد،
فلاحت لي أهداف بئر، فجئتها، فوجدت عندها قوما يأكلون خبزا
وتمرا، فدعوني، فأجبت.
قال السمعاني: كان يعرف النحو، ويعظ، ويسمع معنا من غير
قصد من القاضي أبي بكر وغيره، وكان فنا عجيبا، وكان في
أيام المسترشد
__________
(1) انظر " المنتظم " 10 / 198 و " معجم الادباء " 19 /
107 و " بغية الوعاة " 1 / 263.
(2) في " المنتظم " 10 / 198.
(3) في " المنتظم " 10 / 198.
(*)
(20/317)
يخضب بالحناء، ويركب حمارا مخضوبا بالحناء، وكان يجلس
ويجتمع عنده العوام، ثم فتر سوقه، ثم إن الوزير ابن هبيرة
رغب فيه، ونفق عليه، وسمعت جماعة يحكون عنه أشياء السكوت
عنها أولى، وقيل: كان يذهب إلى مهذب السالمية، ويقول: إن
الاموات يأكلون ويشربون وينكحون في قبورهم، وإن الشارب
والزاني لا يلام، لانه يفعل بقضاء الله وقدره (1).
قلت: يحتج بقصة آدم وموسى عليهما السلام، وبقول آدم:
أتلومني ؟ وأنه حج موسى (2)، ولو سلمنا أن الزاني لا يلام،
فعلينا أن نحده ونغربه، ونذم فعله، ونرد شهادته، ونكرهه،
فإن تاب واتقى أحببناه واحترمناه، فالنزاع لفظي.
قال: وسمعت علي بن عبدالملك يقول: زاد الزبيدي في أسماء
الله أسامي: الزارع، والمتمم، والمبهم، والمظهر.
قال ابن عساكر: قال ولده إسماعيل: كان أبي في كل يوم وليلة
من أيام مرضه يقول: الله الله، نحوا من خمسة عشر ألف مرة،
فما زال يقولها حتى طفئ (3).
وقال ابن شافع، كان له في علم العربية والاصول حظ وافر،
وصنف في فنون العلم نحوا من مئة مصنف (4)، ولم يضيع شيئا
من عمره، وكان
__________
(1) انظر " الوافي " 5 / 198.
(2) أخرجه من حديث أبي هريرة البخاري (3409) و (4736) و
(4738) و (6614) و (7515)، ومسلم (2652) وقد أفاض الحافظ
ابن حجر في " الفتح " 11 / 505 - 512 في شرح هذا الحديث،
فراجعه.
(3) وانظر " الجواهر المضية " 2 / 142.
(4) انظر " الوافي " 5 / 198 و " الجواهر المضية " 2 / 142
و " بغية الوعاة " 1 / 264 و " هدية العارفين " 2 / 93.
(*)
(20/318)
يخضب بالحناء، ويعتم ملتحيا دائما، حكيت لي عنه من جهات
صحيحة غير كرامة، منها رؤيته للخضر، توفي في ربيع الآخر
سنة خمس وخمسين وخمس مئة رحمه الله.
212 - البروجردي * الحافظ
المفيد، أبو الفضل، محمد بن هبة الله بن العلاء
البروجردي، تلميذ ابن طاهر (1).
سمع أبا محمد الدوني، ومكي بن بنجير، ويحيى بن مندة.
قال السمعاني (2): كنت أنسخ بجامع بروجرد، فقال شيخ رث
الهيئة: ما تكتب ؟ فكرهت جوابه، وقلت: الحديث.
فقال: كأنك طالب ؟ قلت: نعم.
قال: من أين أنت ؟ قلت: من مرو.
قال: عمن روى البخاري من أهل مرو ؟ قلت: عن عبد الله بن
عثمان وصدقة بن الفضل: قال: لم لقب عبد الله بعبدان ؟
فتوقفت، فتبسم، فنظرت إليه بعين أخرى، وقلت: يفيد الشيخ.
قال: كنيته أبو عبد الرحمن، واسمه عبد الله، فاجتمع فيه
العبدان، فقيل: عبدان.
فقلت: عمن هذا ؟ قال: سمعته من محمد بن طاهر (3).
__________
(*) التحبير 2 / 247 - 249، معجم البلدان 1 / 404، 405،
والبروجردي بضم الباء كما في الاصل و " الانساب " وبفتحها
عند ياقوت وضم الراء بعدها الواو وكسر الجيم وسكون الراء
في آخرها الدال المهملة، نسبة إلى بروجرد، وهي بلدة حسنة
كثيرة الاشجار والانهار من بلاد
الجبل على ثمانية عشر فرسخا من همذان.
(1) المقدسي المتوفى سنة 507 ه، مرت ترجمته في الجزء
التاسع عشر برقم (213).
(2) في " التحبير " 2 / 248، 249، ونقلها ياقوت في " معجم
البلدان " 1 / 404، 405.
(3) أورد المؤلف هذه القصة في ترجمة " عبدان " في الجزء
العاشر برقم (71)، وسيوردها أيضا في هذا الجزء في ترجمة
السمعاني برقم (292).
(*)
(20/319)
213 - الحصكفي * الامام العلامة الخطيب، ذو الفنون، معين
الدين، أبو الفضل، يحيى بن سلامة
بن حسين بن أبي محمد عبد الله الديار بكري الطنزي الحصكفي،
نزيل ميافارقين.
تأدب ببغداد على الخطيب أبي زكريا التبريزي، وبرع في مذهب
الشافعي، وفي الفضائل.
مولده في سنة ستين وأربع مئة تقريبا.
وولي خطابة ميافارقين، وتصدر للفتوى، وصنف التصانيف، وله
ديوان خطب، وديوان نظم وترسل.
ذكره العماد في " الخريدة "، فقال: كان علامة الزمان في
علمه، ومعري العصر في نثره ونظمه، له الترصيع البديع،
والتجنيس النفيس، والتطبيق والتحقيق، واللفظ الجزل الرقيق،
والمعنى السهل العميق، والتقسيم المستقيم (1).
قلت: مولده بطنزة: بليدة من ديار بكر بقرب من جزيرة ابن
عمر،
__________
(*) الانساب 4 / 154 (الحصكفي) و 8 / 256، 257 (الطنزي)،
خريدة القصر
(قسم الشام) 2 / 471 - 540، المنتظم 10 / 183 - 188 (وفيات
553)، معجم البلدان 4 / 44، معجم الادباء 20 / 18، 19،
اللباب 1 / 369 و 2 / 286، الكامل في التاريخ 11 / 239،
مرآة الزمان 8 / 142، وفيات الاعيان 6 / 205 - 210،
المختصر 3 / 34، البدر السافر: ق 222، تتمة المختصر 2 /
93، 94، طبقات السبكي 7 / 330 - 332، طبقات الاسنوي 1 /
438، 439، البداية والنهاية 12 / 238 - 240، النجوم
الزاهرة 5 / 328، شذرات الذهب 4 / 168، 169.
والحصكفي: نسبة إلى حصن كيفا، وهي قلعة حصينة شاهقة بين
جزيرة ابن عمر وميافارقين.
(1) ونقله عن العماد ابن خلكان في " وفيات الاعيان " 6 /
205، 206.
(*)
(20/320)
وكان مفتي تلك البلاد في عصره.
توفي سنة إحدى وخمسين وخمس مئة (1)، وقيل: في سنة ثلاث
(2).
وهو القائل: وخليع بت أعذله * ويرى عذلي من العبث وذكر
الابيات السائرة (3).
214 - علي بن مهدي * كان أبوه
من قرية بزبيد من الصلحاء، فنشأ علي في تزهد، وحج،
ولقي العلماء، وحصل، ثم وعظ، وذم الجند.
وكان فصيحا صبيحا طويلا، أخضر اللون، طيب الصوت، غزير
المحفوظ، متصوفا، خبيث السريرة، داهية، يتكلم على الخواطر،
فربط الخلق، وكان يعظ وينتحب.
قال عمارة اليمني: لازمته سنة، وتركت التفقه، ونسكت،
فأعادني أبي إلى المدرسة، فكنت أزوره في الشهر، فلما
استفحل أمره تركته، ولم
يزل من سنة 530 يعظ ويخوف في القرى، ويحج على نجيب، وأطلقت
له
__________
(1) في الاصل: وأربع مئة، وهو خطأ.
(2) وفيها أورده في " المنتظم " و " المختصر " و " تتمة
المختصر " و " النجوم " و " الشذرات " و " البداية
والنهاية ".
(3) أوردها السمعاني في " الانساب " 8 / 257 وابن الاثير
في " اللباب " 2 / 286 وياقوت في " معجم الادباء " 20 /
19، وابن خلكان في " وفيات الاعيان " 6 / 206.
وقد أورد ابن الجوزي له أبياتا أخرى كثيرة في " المنتظم "
10 / 184 - 188.
(*) تاريخ اليمن لعمارة: 120، المختصر 3 / 35، 36، تتمة
المختصر 2 / 95، 96، بلوغ المرام فيمن تولى ملك اليمن من
ملك وإمام للعرشي: 17.
(*)
(20/321)
السيدة أم فاتك ولاقاربه خراج أملاكهم، فتمولوا إلى أن صار
جمعه نحو أربعين ألف مقاتل، وحارب، وكان يقول: دنا الوقت،
أزف الامر، كأنكم بما أقول لكم عيانا، ثم ثار ببلاد خولان،
وعاث وسبى، وأهلك الناس، ثم لقيته عند الداعي بجبلة سنة
تسع وأربعين يستنجد به، فأبى، ثم دبر على قتل وزير آل
فاتك، ثم زحف إلى زبيد، فقاتله أهلها نيفا وسبعين زحفا،
وقتل خلائق من الفريقين، ثم قتل فاتك متولي زبيد، وأخذها
ابن مهدي في رجب سنة أربع وخمسين وخمس مئة، فما متع، وهلك
بعد ثلاثة أشهر، وقام بعد [ ه ] ابنه عبد النبي (1)، وعظم،
حتى استولى على سائر اليمن، وجمع أموالا لا تحصى، وكان
حنفي المذهب - أعني الاب - يرى التكفير بالمعاصي (2)،
ويستحل وطئ سبايا من خالفه، ويعتقد فيه قومه فوق اعتقاد
الخلق في نبيهم.
قال: وحكي لي عنه أنه لم يثق بيمين من يصحبه حتى يذبح ولده
أو
أخاه، وكان يقتل بالتعذيب في الشمس، ولا يشفع أحد عنده،
وليس لاحد من عسكره فرس يملكه ولا سلاح، بل الكل عنده إلى
وقت الحرب، والمنهزم منهم يقتل جزما، والسكران يقتل، ومن
زنى أو سمع غناء يقتل، ومن تأخر عن صلاة الجماعة قتل.
215 - خوارزمشاه * صاحب
خوارزم، الملك أتسز بن محمد بن نوشتكين.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (364).
(2) وهو رأي الخوارج.
(*) الكامل في التاريخ 11 / 209، المختصر 3 / 30، العبر 4
/ 142، دول الاسلام 2 / 67، تتمة المختصر 2 / 88، الوافي
بالوفيات 6 / 195.
(*)
(20/322)
مولده في سنة تسعين وأربع مئة.
وتملك مدة طويلة، وكان مطيعا للسلطان سنجر، تعلل مدة
بالفالج، فأعطي حرارات بلا أمر الطب، فاشتد الالم، وضعفت
القوة، وتوفي في جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وخمس مئة،
فكان يتأسف، ويقول: (ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه) [
الحاقة: 28 و 29 ] فتملك بعده ابنه خوارزمشاه أرسلان، فقتل
جماعة من أعمامه (1).
وكان أتسز عادلا، محببا إلى رعيته.
ومات ابنه في سنة ثمان وستين وخمس مئة (2)، وكان بطلا
شجاعا، حارب الخطا، وهو والد تكش.
216 - الشحام * الشيخ الصالح،
أبو محمد، سلمان بن مسعود بن حسن البغدادي
الشحام، ممن سمع الكثير.
وكان من أهل السنة والصدق، خرج له اليونارتي (3) الحافظ
خمسة أجزاء من سماعه على ثابت بن بندار، وجعفر السراج،
وأبي الحسين بن الطيوري، وجماعة.
روى عنه: السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وابن الجوزي، وأبو
__________
(1) انظر " الكامل " 11 / 209.
(2) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (11).
(*) المنتظم 10 / 166.
(3) هو الحافظ أبو نصر الحسن بن محمد بن إبراهيم
اليونارتي، متوفى سنة 527 ه.
مرت ترجمته في الجزء 19 برقم (365).
(*)
(20/323)
الحسن القطيعي، وطائفة.
وبإلاجازة: أبو الحسن بن المقير.
قال السمعاني شيخ صالح، مشتغل بكسبه، ولد سنة سبع وسبعين،
ومات في المحرم سنة إحدى وخمسين وخمس مئة.
كذا ورخه السمعاني.
وقال القطيعي: هذا سهو لانه أجاز في ذي القعدة من سنة
إحدى، وقرأ عليه أبو محمد بن الخشاب جزءا في ربيع الاول من
السنة.
قلت: الظاهر موته في المحرم سنة اثنتين وخمسين (1).
217 - الغزنوي * الواعظ المحسن
الشهير، أبو الحسن، علي بن الحسين الغزنوي.
سمع بغزنة " الصحيح " من حمزة القايني بسماعه من سعيد
العيار، وسمع ببغداد من أبي سعد بن الطيوري وغيره.
وسمع ولده المعمر أحمد
" جامع " أبي عيسى من الكروخي (2).
قال ابن الجوزي (3): كان مليح الايراد، لطيف الحركات، بنت
له زوجة الخليفة (4) رباطا، وصار له جاه عظيم لميل العجم،
كان السلطان يزوره والامراء، وكثرت عنده المحتشمون،
واستعبد طوائف بنواله وعطائه.
وكان محفوظه قليلا، فحدثني جماعة من القراء أنه كان يعين
لهم ما
__________
(1) أورده ابن الجوزي في وفيات سنة 551.
(*) المنتظم 10 / 166 - 168، الكامل 11 / 216، 217،
البداية والنهاية 12 / 234، 235، النجوم الزاهرة 5 / 323،
324، شذرات الذهب 4 / 159.
(2) الذي تقدمت ترجمته برقم (183).
(3) في " المنتظم " 10 / 166.
(4) وهي خاتون زوجة المستظهري، كما في " المنتظم ".
(*)
(20/324)
يقرؤونه، سمعته يقول: حزمة حزن خير من أعدال أعمال.
وقال السمعاني: سمعته يقول: رب طالب غير واجد، وواجد غير
طالب.
وقال ابن الجوزي (1): كان يميل إلى التشيع، ولما مات
السلطان أهين، وكانت بيده قرية، فأخذت، وطولب بغلها، وحبس،
ثم أخرج ومنع من الوعظ لانه كان لا يعظم الخلافة كما
ينبغي، ثم ذاق ذلا.
مات في المحرم سنة إحدى وخمسين وخمس مئة.
218 - مجلي * شيخ الشافعية
بمصر، أبو المعالي، مجلي بن جميع بن نجا القرشي
المخزومي الارسوفي (2) الشامي، ثم المصري، مصنف كتاب "
الذخائر "
وهو من كتب المذهب المعتبرة (3).
ولي قضاء مصر بتفويض من العادل بن السلار (4) سنة سبع
وأربعين، ثم عزل بعد سنتين.
__________
(1) في " المنتظم " 10 / 167.
(*) وفيات الاعيان 4 / 154، العبر 4 / 141، مرآة الجنان 3
/ 297، طبقات السبكي 7 / 277 - 284، طبقات الاسنوي 1 /
511، 512، البداية والنهاية 12 / 233، حسن المحاضرة 1 /
405، طبقات ابن هداية الله: 206، 207، كشف الظنون: 47،
822، شذرات الذهب 4 / 157، هدية العارفين 2 / 4، 5.
ومجلي ضبطه الاسنوي بجيم مفتوحة ولام مشددة مكسورة.
وقد تصحف في " الشذرات " إلى محلي، بالحاء المهملة.
(2) بضم الهمزة عند السمعاني وابن خلكان وفتحها عند ياقوت،
نسبة إلى أرسوف: مدينة على ساحل بحر الشام بين يافا
وقيسارية.
(3) قال الاسنوي: وهو كثير الفروع والغرائب، إلا أن ترتيبه
ترتيب غير معهود، صعب لمن يريد استخراج المسائل منه، وفيه
أيضا أوهام.
" الطبقات " 1 / 512.
ومن تصانيفه أيضا: " أدب القاضي " و " الجهر بالبسملة ".
(4) الذي تقدمت ترجمته برقم (189).
(*)
(20/325)
مات في ذي القعدة سنة خمسين (1) وخمس مئة.
وفي كتابه مخبات لا توجد في غيره.
219 - أبو البيان * الشيخ
القدوة الكبير، أبو البيان، نبأ (2) بن محمد بن
محفوظ القرشي الحوراني، ثم الدمشقي الشافعي اللغوي الاثري
الزاهد، شيخ البيانية، وصاحب الاذكار المسجوعة.
سمع من أبي الحسن بن الموازيني، وأبي الحسن بن قبيس
المالكي.
روى عنه: يوسف بن وفاء السلمي: والفقيه أحمد العراقي، وعبد
الرحمن بن الحسين بن عبدان، والقاضي أسعد بن المنجا.
وكان حسن الطريقة، صينا دينا تقيا، محبا للسنة والعلم
والادب، له أتباع ومحبون، أنشأ الملك نور الدين له بعد
موته رباطا كبيرا عند درب
__________
(1) في " طبقات " ابن هداية الله: سنة 549.
(*) تاريخ ابن القلانسي: 512، معجم الادباء 19 / 213، 214،
مرآة الزمان 8 / 139، المشتبه: ص 122، العبر 4 / 144، 145،
مرآة الجنان 3 / 298، طبقات السبكي 7 / 318 - 320، طبقات
الاسنوي 1 / 234، البداية والنهاية 12 / 235، تبصير
المنتبه 1 / 221، بغية الوعاة 2 / 312، مختصر تنبيه
الطالب: 160، 161، شذرات الذهب 4 / 160، تاج العروس 9 /
152 (ب ي ن) و 10 / 355 (ن ب و)، هدية العارفين 2 / 489،
منتخبات التواريخ: 481.
(2) بنون بعدها موحدة، كما في " المشتبه ": 122، و " تبصير
المنتبه " 1 / 221، وقد تصحف في " طبقات " الاسنوي و "
البداية " إلى " بنا " بتقديم الباء الموحدة، وتحرف في "
مرآة الزمان " إلى " بيان ".
وقد أورده في " معجم المؤلفين " 13 / 75 على الصواب، لكنه
أورده أيضا مصحفا إلى بنا ".
3 / 79 على أنه آخر، وهما واحد، فليتنبه.
(*)
(20/326)
الحجر (1).
وكان صديقا للشيخ رسلان الزاهد (2).
توفي في ربيع الاول سنة إحدى وخمسين وخمس مئة، رحمه الله
(3).
220 - الخراز * الشيخ الصالح،
أبو علي، أحمد بن أحمد بن علي الحريمي
البغدادي ابن الخراز.
ولد سنة 475.
سمع أبا الغنائم محمد بن أبي عثمان، ومحمد بن الجبان،
ومالكا البانياسي، وطرادا الزينبي.
وعنه: عبد الخالق بن أسد، ومحمد بن المبارك بن المستعمل،
وأبو علي الحسن ابن الزبيدي، وابن طبرزد، وآخرون.
وبالاجازة: ابن المقير.
قال السمعاني: شيخ صالح متدين، لازم لمسجده، مات في ذي
الحجة سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة رحمه الله.
__________
(1) داخل باب شرقي بدمشق.
انظر " مختصر تنبيه الطالب ": 160.
(2) سترد ترجمته برقم (257).
(3) انظر مصنفاته في " معجم الادباء " 9 / 214، و " طبقات
" السبكي 7 / 319.
(*) العبر 4 / 147، المشتبه: 161، تبصير المنتبه 1 / 331،
شذرات الذهب 4 / 161، وقد اختلطت ترجمته فيه بترجمة شمس
الملوك إبراهيم بن رضوان بعد أن سقط من هذه الترجمة
المنقولة من " العبر " 4 / 147 من قوله: وشمس الملوك.
إلى قوله زنكي.
والخراز: نسبة إلى خرز الجلود كما في " المشتبه ".
(*)
(20/327)
221 - صاحب نصيبين * شمس الملوك، أبو نصر، إبراهيم بن صاحب
حلب رضوان بن السلطان تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان
السلجوقي.
ولد سنة ثلاث وخمس مئة، ومات أبوه وهو صبي.
ثم أقبل معه صاحب الحلة دبيس وبغدوين الفرنجي محاصرين لحلب
في سنة ثمان عشرة وخمس مئة، وجرت أمور، ثم إنه تملك في سنة
إحدى وعشرين حلب، وفرحوا به، فأقبل صاحب أنطاكية، فنازل
حلب، فترددت الرسل في صلح وهدنة، فعقدت هدنة فيها وهن على
أهل حلب وحمل ذهب في العام، ثم بعد مدة أخذ الاتابك زنكي
من شمس الملوك حلب، وأعطاه نصيبين، فما زال بها إلى أن مات
في شعبان سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة.
222 - عبد الصبور * * ابن عبد
السلام، الشيخ الصادق الجليل، أبو صابر، الهروي
الفامي التاجر السفار، صالح خير مسمت أمين.
ولد سنة سبعين وأربع مئة.
وسمع " الجامع " من أبي عامر الازدي، وسمع من شيخ الاسلام،
__________
(*) العبر: 4 / 147، الوافي بالوفيات: 5 / 347، شذرات
اذهب: 4 / 161، وقد سقط من ترجمته فيه، وهي منقولة عن
العبر من بداية الترجمة: وشمس الملوك، إلى قوله: ثم أخذها
منه زنكي واتصلت العبارة وعوضه نصيبين.
بالترجمة التي قبله، وهي ترجمة أبي علي الخراز.
(* *) العبر 4 / 148، النجوم الزاهرة 5 / 327، شذرات الذهب
4 / 162.
(*)
(20/328)
ونجيب الواسطي، وإلياس بن مضر.
حدث بهمذان وببغداد في سنة تسع وثلاثين لما حج بالجامع.
روى عنه: السمعاني وابنه عبدالرحيم، وأبو الحسن بن نجا
الواعظ، وأحمد بن الحسن العاقولي.
توفي بهراة في شعبان سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة.
223 - كوتاه * الشيخ الامام
الحافظ المتقن، محدث أصبهان، أبو مسعود، عبد الجليل بن
محمد بن عبد الواحد بن محمد الاصبهاني كوتاه.
ولد سنة ست وسبعين وأربع مئة.
وسمع رزق الله التميمي، وأبا بكر بن ماجه الابهري، والقاسم
بن الفضل الثقفي، وأحمد بن عبدالرحمن الذكواني، وابن أشتة،
وعددا كثيرا من أصحاب أبي سعيد النقاش وأبي نعيم، ثم أصحاب
أبي طاهر بن عبد الرحيم.
قال الحافظ أبو موسى: هو أوحد وقته في علمه مع حسن طريقته
وتواضعه، حدثنا لفظا وحفظا على منبر وعظه في سنة تسع عشرة
(1) وخمس مئة، فذكر حديثا.
__________
(*) الانساب 3 / 341، 342 (الجوباري)، التحبير 1 / 432 -
434، المنتظم 10 / 182، معجم البلدان 2 / 176 (جوبار)،
اللباب 1 / 302، العبر 4 / 152، تذكرة الحفاظ 4 / 1314،
1315، مرآة الجنان 3 / 304، النجوم الزاهرة 5 / 329، طبقات
الحفاظ (471)، شذرات الذهب 4 / 167، وكوتاه بالفارسية،
معناه: القصير.
(1) في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1314: سنة سبع عشرة.
(*)
(20/329)
وقال السمعاني (1): من أولاد المحدثين، حسن السيرة، مكرم
للغرباء، فقير قنوع، صحب أبي مدة مقامه بأصبهان، وسمع
بقراءته الكثير، وله معرفة تامة بالحديث، هو من مقدمي
أصحاب شيخنا إسماعيل ابن محمد الحافظ (2)، حضرت مجلس
إملائه، وكتبت عنه، سمعت أبا القاسم الحافظ بدمشق يثني
عليه ثناء حسنا، ويفخم أمره، ويصفه بالحفظ
والاتقان.
قال السمعاني: لما وردت أصبهان كان ما يخرج من داره إلا
لحاجة مهمة، كان شيخه إسماعيل الحافظ هجره، ومنعه من حضور
مجلسه لمسألة جرت في النزول، وكان كوتاه يقول: النزول
بالذات، فأنكر إسماعيل هذا، وأمره بالرجوع عنه، فما فعل
(3).
قلت: وقد ارتحل إلى نيسابور، وسمع من عبد الغفار (4)
الشيروي.
حدث عنه: أبو القاسم بن عساكر، ويوسف بن أحمد الشيرازي،
وطائفة، وروت عنه كريمة الدمشقية بالاجازة.
قال السمعاني أبو سعد: حدثنا عبد الخالق الشحامي، حدثنا
صاعد ابن سيار الحافظ إملاء، حدثنا عبد الجليل بن محمد بن
عبد الواحد بالمدينة، أخبرنا روح بن محمد، أخبرنا أبو
الحسن الخرجاني (5)، أخبرنا
__________
(1) انظر " التحبير " 1 / 432، 433.
(2) تقدمت ترجمته برقم (49).
(3) انظر " التحبير " 1 / 433.
(4) تبدل في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1314 إلى " عبدالقاهر "
وقد مرت ترجمة عبد الغفار هذا في الجزء التاسع عشر برقم
(153).
(5) بالخاء المعجمة ثم راء ثم جيم، نسبة إلى خرجان: بلدة
بأصبهان، وهو أبو الحسن علي بن أحمد الخرجاني المتوفى سنة
420 ه، تصحفت نسبته في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1315 إلى "
الجرجاني " بجيمين، انظر " المشتبه ": 147.
(*)
(20/330)
ابن خرزاذ، حدثنا علي بن روحان، حدثنا أحمد بن سنان، سمعت
شيبان ابن يحيى يقول: ما أعلم طريقا إلى الجنة أقصد ممن
يسلك طريق الحديث.
مات كوتاه في شعبان سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة.
وهو من رواة نسخة لوين عن ابن ماجه الابهري (1).
ومسألة النزول فالايمان به واجب، وترك الخوض في لوازمه
أولى، وهو سبيل السلف، فما قال هذا: نزوله بذاته، إلا
إرغاما لمن تأوله، وقال: نزوله إلى السماء بالعلم فقط.
نعوذ بالله من المراء في الدين.
وكذا قوله: (وجاء ربك) [ الفجر: 22 ] ونحوه، فنقول: جاء،
وينزل، وننهى عن القول: ينزل بذاته، كما لا نقول: ينزل
بعلمه، بل نسكت ولا نتفاصح على الرسول صلى الله عليه وسلم
بعبارات مبتدعة، والله أعلم.
224 - العباسي * الشيخ الامام
الصالح العابد المسند، أبو جعفر، أحمد بن محمد بن
عبد العزيز بن علي بن إسماعيل بن علي بن سليمان بن يعقوب
بن إبراهيم بن محمد بن الامير إسماعيل بن علي بن عبد الله
بن العباس بن عبدالمطلب العباسي المكي، نقيب الهاشميين
بمكة.
ولد سنة ثمان وستين وأربع مئة.
__________
(1) راجع الصفحة 211 تعليق رقم (1) و (2).
(*) المنتظم 10 / 191، العبر 4 / 155، العقد الثمين 3 /
148، 149، النجوم الزاهرة 5 / 331، شذرات الذهب 4 / 170.
(*)
(20/331)
وسمع جماعة أجزاء من أبي علي الحسن بن عبدالرحمن الشافعي،
تفرد بعلوها.
قال السمعاني: شيخ ثقة صالح متواضع، ما رأيت في الاشراف
مثله، قدم علينا أصبهان لدين ركبه (1) ومعه خمسة أجزاء،
فسمعت منه،
وقد سمع في الكهولة، ونسخ الكثير، ثم قدم أصبهان راجعا من
كرمان في سنة 547.
وقال ابن النجار: كان صدوقا زاهدا عابدا، قرأت بخطه قال:
سمعت الحديث من أبي علي الشافعي وعمري سبع سنين.
قلت: حدث عنه: ابن عساكر، والسمعاني، والقاضي أسعد بن
منجا، وثابت بن مشرف، وعبد السلام الداهري، وأبو الحسن
محمد بن أحمد القطيعي، وأبو محمد بن علوان الحلبي وآخرون،
وتفرد عنه بالاجازة أبو الحسن بن المقير.
توفي في شعبان أربع وخمسين وخمس مئة.
وهو جد المحدث الحافظ جعفر بن محمد العباسي.
قال ابن النجار: سمع أبا علي الشافعي، وعبد القاهر العباسي
المقرئ، وعيسى بن أبي ذر، وعبد الساتر بن عبد الله
الزيادي، وببغداد من ابن الحصين، وأبي غالب بن البناء،
وكتب بخطه كثيرا، كتب عنه ابن ناصر، حدثنا عنه ابن سكينة،
وابن الاخضر، وعبد الرزاق، والحسن بن محمد بن حمدون، وترك
بن محمد الكاتب، سمعت عامة شيوخنا يثنون عليه، ويصفونه
بالزهد والعبادة والورع والنزاهة.
__________
(1) تحرفت العبارة في مطبوعة " العقد الثمين " 3 / 148 إلى
قوله: فأتى بهاء الدين ركبه: (*)
(20/332)
225 - ابن غبرة * الشيخ الجليل المسند، أبو الحسن، محمد بن
محمد
بن محمد بن الحسن بن علوي بن محمد بن زيد بن غبرة، الهاشمي
الحارثي الكوفي المعدل، ويعرف قديما بابن المعلم، وهو من
ذرية ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم
ربيعة بن الحارث.
ولد سنة ثمان وستين وأربع مئة.
وسمع سنة خمس وسبعين من أبي الفرج محمد بن أحمد بن علان
المعدل، وأبي غالب بن المنثور الجهني، وأبي علي محمد بن
محمد بن محمد بن حمدان، والحسين بن محمد الدهقان، وجماعة،
وتفرد بأجزاء عالية، ورحل إليه.
قال ابن النجار: روى لنا عنه جماعة سمعوا منه بالكوفة، وقد
سمع منه أبو الفضل أحمد بن صالح الجيلي، وأبو الفرج بن
النقور، حدث ببغداد قديما.
قلت: آخر من روى عنه بالاجازة كريمة القرشية.
قال مسعود بن النادر: مات ابن غبرة في سلخ ذي القعدة سنة
خمس وخمسين وخمس مئة.
وقال أحمد بن صالح: كان ثقة في روايته، سمعت عليه بقراءتي
الاجزاء التي ظهرت له، ومات في المحرم سنة ست وخمسين وخمس
مئة.
قلت: ما وقع لنا حديثه إلا وفي الطريق إجازة.
__________
(*) المشتبه: 482، تبصير المنتبه 3 / 1038.
(*)
(20/333)
226 - ابن محمويه * الامام العلامة الفقيه المقرئ، أبو
الحسن، علي بن أحمد
بن الحسين (1) بن أحمد بن الحسين بن محمويه، اليزدي
الشافعي، نزيل بغداد.
مولده بيزد (2) في سنة ثلاث وسبعين وأربع مئة، أو أربع.
وسمع من الحسين بن الحسن بن جوانشير، وأبي المكارم محمد بن
علي بن الحسن الفسوي (3) المقرئ، ومحمد بن الحسين بن بلوك
الصوفي، وغياث بن أبي مضر الاصبهاني، ومحمد بن محمود
الثقفي.
وتلا بالروايات في أصبهان على أبي الفتح الحداد.
وسمع ببغداد من ابن الطيوري، وابن خشيش، وأبي الحسن بن
العلاف، وأبي القاسم الربعي، وعدة.
وسمع بالدون " سنن " النسائي من عبدالرحمن بن حمد، وبهمذان
من ناصر بن مهدي، وبأصبهان أيضا من أحمد بن محمد بن
مردويه.
وتفقه بواسط على أبي علي الفارقي، وببغداد على أبي بكر
الشاشي.
وسمع بالبصرة والكوفة ومكة.
__________
(*) معرفة القراء الكبار 2 / 425، 426، العبر 4 / 143،
144، طبقات السبكي 7 / 211، طبقات الاسنوي 2 / 564، 565،
مرآة الجنان 3 / 298، غاية النهاية 1 / 517، النجوم
الزاهرة 5 / 324، شذرات الذهب 4 / 159، هدية العارفين 1 /
698.
(1) في " طبقات " الاسنوي: علي بن الحسين بن أحمد.
وهو مخالف لسائر مصادر ترجمته.
(2) انظر ص 240 تعليق رقم (3).
(3) تحرف في " طبقات " السبكي 7 / 211 إلى الفوي.
وانظر ترجمته في " غاية النهاية " 2 / 201.
(*)
(20/334)
وكان يسكن بقراح ظفر (1)، وصنف كتبا نافعة في الفقه
والحديث والزهد، وحدث بها وب " سنن " النسائي.
قال ابن النجار: كان من أعيان الفقهاء، ومشهوري الزهاد
والعباد
وأهل الورع والاجتهاد، روى لنا عنه أبو أحمد بن سكينة،
وابن الاخضر.
وقال السمعاني: نزل بغداد، فقيه فاضل زاهد، حسن السيرة،
جميل الطريقة، عزيز النفس، سخي الطبع بما يملكه، قانع بما
هو فيه، كثير الصوم والعبادة، صنف تصانيف في الفقه، وأورد
فيها أحاديث مسندة عن شيوخه، سمعت منه، وسمع مني، وكان
دائم البشر، متواضعا، كثير المحفوظ، وكان له عمامة وقميص
بينه وبين أخيه، إذا خرج ذاك قعد هذا في البيت، ودخلت عليه
مع الواعظ الغزنوي (2)، فوجدناه عريانا متزرا، فاعتذر،
وقال: نحن كما قال أبو الطيب الطبري: قوم إذا غسلوا ثياب
جمالهم * لبسوا البيوت إلى فراغ الغاسل (3) قال ابن
النجار: سمعت حمزة بن علي الحراني يقول: كان شيخنا علي
اليزدي يقول لنا: إذا مت فلا تدفنوني إلا بعد ثلاث، فإني
أخاف أن يكون بي سكتة.
قال: وكان جثيثا صاحب بلغم، وكان يصوم [ شهر ] رجب، فقبل
أيام منه قال لنا: قد رجعت عن قولي، فإذا مت فادفنوني في
الحال، فإني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم يقول:
يا علي، صم رجبا عندنا.
قال: فمات ليلة رجب.
__________
(1) قال ياقوت: المراد بالقراح ههنا اصطلاح بغدادي، فإنهم
يسمون البستان قراحا، وفي بغداد عدة محال عامرة آهلة، يقال
لكل واحدة منها: قراح، إلا أنها تضاف إلى رجل تعرف باسمه،.
ثم ذكر ياقوت هذه المحال، ومنها قراح ظفر هذا.
انظر " معجم البلدان " 4 / 315.
(2) الذي تقدمت ترجمته برقم (217).
(3) أورده السبكي في " طبقاته الكبرى " 7 / 211.
(*)
(20/335)
قال ابن شافع: مات في تاسع وعشرين (1)، سنة إحدى وخمسين
وخمس مئة.
قلت: روى عنه " السنن " الخطيب الدولعي، وتلا عليه حمزة بن
القبيطي، وعبد العزيز بن الناقد، وعلي بن الدباس.
227 - الاغرجي * الامام ذو
الفنون، شيخ العلماء بخوارزم، أبو الفرج، محمد بن أحمد
بن أبي سعيد.
روى عن أبي علي إسماعيل بن البيهقي، والزمخشري.
وكان ثقة عدلا، واعظا مناظرا مفتيا، محبا للحديث، جاوز
ثمانين سنة.
مات في ربيع الاول سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة، وازدحموا على
نعشه، رحمه الله.
ذكره ابن أرسلان في " تاريخه ".
228 - البيكندي * * الشيخ
الفاضل العابد المسند، أبو عمرو، عثمان بن علي بن
محمد ابن علي البخاري البيكندي.
__________
(1) في " غاية النهاية ": تاسع عشر.
(*) لم نعثر على مصدر ترجمه.
(* *) العبر 4 / 149، النجوم الزاهرة 5 / 327، شذرات الذهب
4 / 162، والبيكندي نسبة إلى بيكند: بلدة كبيرة قريبة من
بخارى.
وقد تحرفت في " شذرات الذهب " إلى السكندري.
(*)
(20/336)
مولده في شوال سنة خمس وستين وأربع مئة.
سمع عبد الواحد بن عبدالرحمن الوركي (1) المعمر، وأبا بكر
محمد ابن خواهرزاده، والقاضي أبا الخطاب الطبري، ومحمد بن
أحمد بن أبي سهل الفقيه، وعدة.
وتفرد بالرواية عن الامام أبي المظفر عبد الكريم، الاندقي
(2).
روى عنه: أبو سعد السمعاني وابنه أبو المظفر عبدالرحيم،
وغيرهما.
ولما حان وقت رواية الرواة عنه، أخذت التتار البلاد
بالسيف، وانسد باب الرواية بخراسان أقاصيها وأدانيها.
قال أبو سعد: هو إمام فاضل ورع عفيف نزه عابد، قانع
باليسير، ثقة صالح، توفي في تاسع شهر شوال سنة اثنتين
وخمسين وخمس مئة، وشيعه أمم.
229 - ابن الصفار * الامام
العلامة القدوة، أبو حفص، عمر بن أحمد بن منصور بن
الشيخ أبي بكر محمد بن القاسم بن حبيب، النيسابوري
الشافعي، زوج بنت الامام أبي نصر ابن القشيري (3).
__________
(1) نسبة إلى وركة: من قرى بخارى.
(2) نسبة إلى " أندقا ": من قرى بخارى، وقد تحرفت في "
الشذرات " 4 / 162 إلى " الابرقي " بالباء والراء.
(*) العبر 4 / 153، طبقات السبكي 7 / 240، 241، طبقات
الاسنوي 2 / 142، 143، النجوم الزاهرة 5 / 329، شذرات
الذهب 4 / 168.
(3) المتوفى سنة 514 ه، مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر
برقم (247).
(*)
(20/337)
ولد سنة سبع وسبعين وأربع مئة.
وسمع بقراءة إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي من أبي بكر بن
خلف الاديب، وأبي المظفر موسى بن عمران، وأبي تراب عبدا
لباقي المراغي (1)، وأبي القاسم عبدالرحمن بن أحمد
الواحدي، وأبي الحسن ابن الاخرم، وطائفة.
حدث عنه: ولده أبو سعد عبد الله بن الصفار، وحفيده القاسم
بن أبي سعد، والمؤيد الطوسي، ومنصور بن عبد المنعم، ويحيى
بن الربيع الواسطي الفقيه، وسليمان بن محمد الموصلي، وأخوه
علي، وزينب الشعرية، وأبو الفضل محمد بن عبد الكريم
الرافعي والد صاحب " الشرح ".
وكان يلقب بعصام الدين.
قال حفيده القاسم: كان جدي نظيرا لمحمد بن يحيى الفقيه
(2)، وكان يزيد عليه بمعرفة الاصلين.
وقال أبو سعد السمعاني: هو إمام بارع مبرز، جامع لانواع
الفضل من العلوم، وكان سديد السيرة، مكثرا من الحديث.
وقال عبد الغافر في " تاريخه ": شاب فاضل دين ورع، أحد
وجوه الفقهاء.
قال السمعاني: توفي يوم النحر سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة.
__________
(1) نسبة إلى مراغة: مدينة مشهورة من بلاد أذربيجان.
انظر " اللباب " 3 / 190 وفيه ترجمته.
(2) تقدمت ترجمته برقم (208).
(*)
(20/338)
230 - الكرماني * الشيخ الصالح المعمر، أبو سعد، عبد
الوهاب بن الحسن
بن عبد الله الكرماني، ثم النيسابوري.
ولد في ربيع الاول سنة ثمانين وأربع مئة.
وسمع من أبي بكر بن خلف، وموسى بن عمران الانصاري، وأبي
سهل عبدالملك بن عبد الله الدشتي، وتفرد في وقته.
حدث عنه: السمعاني وولده عبدالرحيم، ومحمد بن ناصر بن
سلمان، وجماعة.
توفي سنة تسع وخمسين وخمس مئة.
231 - ابن القطان * * الشيخ
الاديب البارع، شاعر بغداد، أبو القاسم، هبة الله بن الفضل
ابن عبد العزيز بن محمد، البغدادي المتوثي (1) ابن القطان.
سمع أباه، وأبا الفضل بن خيرون، وأبا طاهر أحمد بن الحسن
الباقلاني، وابن طلحة النعالي.
وله هجاء مقذع، ومديح فائق (2).
__________
(*) العبر 4 / 168، النجوم الزاهرة 5 / 366، شذرات الذهب 4
/ 187.
(* *) الخريدة (قسم العراق) 2 / 270، المنتظم 10 / 207،
أخبار الدولة السلجوقية: 120، عيون الانباء في طبقات
الاطباء: 380 - 389، وفيات الاعيان 6 / 53 - 61، مرآة
الجنان 3 / 315، لسان الميزان 6 / 189.
(1) نسبة إلى متون: بلدة بين قرقوب وكور الاهواز.
" اللباب " 3 / 162.
(2) انظر بعض نظمه في " المنتظم " 10 / 207، و " وطبقات
الاطباء ": 382 - 389.
(*)
(20/339)
روى عنه السمعاني، وقال: سألته عن مولده، فقال: سنة ثمان
وسبعين، وتوفي يوم الفطر سنة ثمان وخمسين وخمس مئة،
وديوانه مشهور، وقد هجا الحيص بيص (1).
وجده هو شيخ الخطيب المحدث محمد بن الحسين بن الفضل القطان
(2)، وكان فيه دعابة وانطباع، وممن يتقى لسانه.
232 - جعفر بن زيد * ابن جامع
بن حسين، الامام الفاضل، أبو الفضل الطائي الشامي الحموي،
ويلقب بأبي زيد.
سكن بغداد بقطفتا (3).
قال ابن النجار: سمع الكثير من أبي الحسين المبارك، وأبي
سعد أحمد ابني عبد الجبار الصيرفي، وأبي بكر محمد بن أحمد
بن الحسين، وأبي طالب اليوسفي، وأبي القاسم بن الحصين،
وأبي العز بن كادش، وكتب بخطه كثيرا، وخطه مضبوط، وخرج
تخاريج، وسمع منه القدماء، وكان مشهورا بالدين والصلاح
وحسن الطريقة، روى عنه أبو الفرج بن الجوزي، وأبو عبد الله
بن الزبيدي.
__________
(1) انظر بعض هجائه له في " وفيات الاعيان " 2 / 363، 364
و 6 / 55، و " طبقات الاطباء ": 387.
وذكر ابن أبي أصيبعة أن صاحب الترجمة هو الذي ألصق بحيص
بيص لقبه هذا.
انظر " طبقات الاطباء ": 380، و " وفيات الاعيان " 2 /
365.
(2) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (202).
(*) المنتظم 10 / 191، العبر 4 / 155، الوافي 11 / 105،
مرآة الجنان 3 / 307، النجوم الزاهرة 5 / 331، كشف الظنون:
850، شذرات الذهب 4 / 171، هدية العارفين 1 / 253.
(3) وهي محلة كبيرة ذات أسواق بالجانب الغربي من بغداد.
" معجم البلدان " 4 / 374.
(*)
(20/340)
وقال السمعاني: أبو زيد الحموي شيخ صالح خير، كثير
العبادة، دائم التلاوة، مشتغل بنفسه، لا يخرج إلا من جمعة
إلى جمعة، كتبت عنه.
قلت: ما أراه أدرك أبا الحسين بن الطيوري، بلى سمع من
أخيه.
قال: ولدت سنة ثلاث أو خمس وثمانين وأربع مئة.
ومات في ذي الحجة سنة أربع وخمسين وخمس مئة.
قلت: له كتاب " البرهان " (1) في السنة، سمعناه، وعليه فيه
مآخذ رحمه الله.
أخبرنا ابن مؤمن، أخبرنا الحسين بن أبي بكر، أخبرنا جعفر
بن زيد، أخبرنا أحمد بن عبيدالله العكبري، أخبرنا أبو طالب
الحربي، أخبرنا ابن مردك، أخبرنا عبدالرحمن بن أبي حاتم،
حدثنا يونس، سمعت الشافعي يقول: نثبت هذه الصفات التي جاء
بها القرآن ووردت بها السنة، وننفي التشبيه عنه كما نفي عن
نفسه، فقال: (ليس كمثله شئ) [ الشورى: 11 ].
وفيها مات أبو سعد منجح بن مفلح (2) الدومي، وعبد الوهاب
بن إسماعيل النيسابوري سبط القشيري، وأبو علي الحسن بن
جعفر بن
__________
(1) قال الصفدي: ينتصر فيه لقدم القرآن، ويرد على
المخالفين.
" الوافي " 11 / 105.
(2) في الاصل: مفلح بن منجح، وهو خطأ.
ومنجح هذا ترجمه المؤلف ترجمة وجيزة في نهاية ترجمة أبيه
مفلح التي تقدمت برقم (100).
(*)
(20/341)
المتوكل (1)، وأبو القاسم أحمد بن قفرجل (2)، وأبو جعفر
أحمد بن محمد
ابن عبد العزيز العباسي (3).
233 - عدي * الشيخ الامام
الصالح القدوة، زاهد وقته، أبو محمد، عدي بن صخر الشامي،
وقيل: عدي بن مسافر - وهذا أشهر - ابن إسماعيل بن موسى
الشامي، ثم الهكاري (4) مسكنا.
قال الحافظ عبد القادر: ساح سنين كثيرة، وصحب المشايخ،
وجاهد أنواعا من المجاهدات، ثم إنه سكن بعض جبال الموصل في
موضع ليس به أنيس، ثم آنس الله تلك المواضع به، وعمرها
ببركاته، حتى صار لا يخاف أحد بها بعد قطع السبل، وارتد
جماعة من مفسدي الاكراد ببركاته، وعمر حتى انتفع به خلق،
وانتشر ذكره، وكان معلما للخير، ناصحا متشرعا، شديدا في
الله، لا تأخذه في الله لومة لائم، عاش قريبا من ثمانين
سنة، ما بلغنا أنه باع شيئا ولا اشترى، ولا تلبس بشئ من
أمر الدنيا، كانت له غليلة يزرعها بالقدوم في الجبل،
ويحصدها، ويتقوت، وكان يزرع
__________
(1) سترد ترجمته برقم (261).
(2) سترد ترجمته برقم (246).
(3) سترد ترجمته برقم (224).
(*) الكامل في التاريخ 11 / 190 - 289، تاريخ إربل 1 /
114، 115، وفيات الاعيان 3 / 254، 255، الحوادث الجامعة:
271 - 274، بهجة الاسرار: 10، 150، المختصر 3 / 40، دول
الاسلام 2 / 72، العبر 4 / 163، تتمة المختصر 2 / 100 -
103، مرآة الجنان 3 / 39، البداية والنهاية 12 / 243، روضة
المناظر 12 / 68، الكواكب الدرية 2 / 93، النجوم الزاهرة 5
/ 261، طبقات الشعراني 1 / 81، شذرات الذهب 4 / 179، جامع
كرامات الاولياء 2 / 147، تاريخ العراق 3 / 36 - 38.
(4) نسبة إلى جبل الهكارية من أعمال الموصل.
(*)
(20/342)
القطن، ويكتسي منه، ولا يأكل من مال أحد شيئا، وكانت له
أوقات لا يرى فيها محافظة على أوراده، وقد طفت معه أياما
في سواد الموصل، فكان يصلي معنا العشاء، ثم لا نراه إلى
الصبح، ورأيته إذا أقبل إلى قرية يتلقاه أهلها من قبل أن
يسمعوا كلامه تائبين رجالهم ونساؤهم إلا من شاء الله منهم،
ولقد أتينا معه على دير رهبان، فتلقانا منهم راهبان، فكشفا
رأسيهما، وقبلا رجليه، وقالا: ادع لنا فما نحن إلا في
بركاتك، وأخرجا طبقا فيه خبز وعسل، فأكل الجماعة.
وخرجت إلى زيارة الشيخ أول مرة، فأخذ يحادثنا، ويسأل
الجماعة، ويوانسهم، وقال: رأيت البارحة في النوم كأننا في
الجنة ونحن ينزل علينا شئ كالبرد.
ثم قال: الرحمة، فنظرت إلى فوق رأسي، فرأيت ناسا، فقلت: من
هؤلاء ؟ فقيل: أهل السنة والصيت للحنابلة، وسمعت شخصا يقول
له: يا شيخ، لا بأس بمداراة الفاسق.
فقال: لا يا أخي، دين مكتوم دين ميشوم.
وكان يواصل الايام الكثيرة على ما اشتهر عنه، حتى إن بعض
الناس كان يعتقد أنه لا يأكل شيئا قط، فلما بلغه ذلك أخذ
شيئا، وأكله بحضرة الناس، واشتهر عنه من الرياضات والسير
والكرامات والانتفاع به ما لو كان في الزمان القديم لكان
أحدوثة، ورأيته قد جاء إلى الموصل في السنة التي مات فيها،
فنزل في مشهد خارج الموصل، فخرج إليه السلطان وأصحاب
الولايات والمشايخ والعوام حتى آذوه مما يقبلون يده، فأجلس
في موضع بينه وبين الناس شباك بحيث لا يصل إليه أحد إلا
رؤية، فكانوا يسلمون عليه، وينصرفون، ثم رجع إلى زاويته.
وقال ابن خلكان (1): أصله من بيت فار من بلاد بعلبك، وتوجه
إلى
__________
(1) في " وفيات الاعيان " 3 / 254.
(*)
(20/343)
جبل الهكارية، وانقطع، وبنى له زاوية، ومال إليه أهل
البلاد ميلا لم يسمع بمثله، وسار ذكره في الآفاق، وتبعه
خلق جاوز اعتقادهم فيه الحد، حتى جعلوه قبلتهم التي يصلون
إليها، وذخيرتهم في الآخرة، صحب الشيخ عقيلا المنبجي،
والشيخ حمادا الدباس وغيرهما، وعاش تسعين سنة، وتوفي سنة
سبع وخمسين (1) وخمس مئة.
قال مظفر الدين صاحب إربل: رأيت الشيخ عدي بن مسافر وأنا
صغير بالموصل، وهو شيخ ربعة، أسمر اللون، رحمه الله (2).
قلت: نقل الحافظ الضياء عن شيخ له أن وفاته كانت في يوم
عاشوراء من السنة.
234 - ابن الحطيئة * الشيخ
الامام العلامة القدوة، شيخ الاسلام، أبو العباس أحمد بن
عبد الله بن أحمد بن هشام اللخمي المغربي الفاسي
المقرئ الناسخ ابن الحطيئة.
مولده بفاس سنة ثمان وسبعين وأربع مئة.
__________
(1) في " تاريخ إربل " أنه توفي سنة 555 ه، وفيها أورده في
" البداية والنهاية ".
(2) انظر " تاريخ إربل " 1 / 115، و " وفيات الاعيان " 3 /
254، 255.
(*) إنباه الرواة 1 / 39، وفيات الاعيان 1 / 170، 171،
معرفة القراء الكبار 2 / 422، 423، العبر 4 / 169، تلخيص
ابن مكتوم: 11، الوافي بالوفيات 7 / 121، 122، غاية
النهاية 1 / 71، النجوم الزاهرة 5 / 370، حسن المحاضرة 1 /
453، سلم الوصول: 89،
شذرات الذهب 4 / 188.
والحطيئة ضبطه ابن خلكان بضم الحاء المهملة وفتح الطاء
المهملة وسكون الياء المثناة التحتية وبعد الهمزة هاء.
وقد ورد في بعض المصادر: " الحطية " بياء مشددة، وذكر محقق
" العبر " 4 / 169 أنه ضبط في الاصل: " الحطئة "، وأن ما
ورد في " النجوم الزاهرة " وهو " الحطيئة " غلط، بل هو
الصواب.
(*)
(20/344)
وحج، ولقي الكبار، وتلا بالسبع على أبي القاسم بن الفحام
الصقلي وغيره.
وسمع من أبي الحسن بن مشرف، وأبي عبد الله الحضرمي، وأبي
بكر الطرطوشي.
حدث عنه: أبو طاهر السلفي وهو أكبر منه، وصنيعة الملك ابن
حيدرة، وشجاع بن محمد المدلجي، والاثير محمد بن محمد بن
بنان وقرأ عليه، وإسماعيل بن محمد اللمطي (1)، والنفيس
أسعد بن قادوس خاتمة أصحابه.
وقد دخل الشام، وزار، وسكن مصر، وتزوج، وكان يعيش من
الوراقة، وعلم زوجته وبنته الكتابة، فكتبتا مثله، فكان
يأخذ الكتاب ويقسمه بينه وبينهما، فينسخ كل منهما طائفة من
الكتاب، فلا يفرق بين الخطوط إلا في شئ نادر، وكان مقيما
بجامع راشدة خارج الفسطاط، ولاهل مصر حتى أمرائها العبدية
فيه اعتقاد كبير، كان لا يقبل من أحد شيئا، مع العلم
والعمل والخوف والاخلاص (2).
وتلا أيضا بالسبع على أبي علي بن بليمة، وعلى محمد بن
إبراهيم الحضرمي.
وأحكم العربية والفقه، وخطه مرغوب فيه لاتقانه وبركته.
وقد كان حصل قحط بمصر، فبذل له غير واحد عطاء، فأبى وقنع،
__________
(1) نسبة إلى لمطة، بفتح اللام وسكون الميم، وهي أرض
لقبيلة من البربر بأقصى المغرب.
انظر " تاج العروس " 5 / 218.
(2) انظر " إنباه الرواة " 1 / 39، و " الوافي " 7 / 121،
122.
(*)
(20/345)
فخطب الفضل بن يحيى الطويل إليه بنته، فزوجه، ثم طلب منه
أمها لتؤنسها، ففعل، فما أجمل تلطف هذا المرء في بر أبي
العباس (1).
قال السلفي: كان ابن الحطيئة رأسا في القراءات، وقرأت بخط
أبي الطاهر بن الانماطي قال: سمعت شيخنا شجاعا المدلجي
وكان من خيار عباد الله يقول: كان شيخنا ابن الحطيئة شديدا
في دين الله، فظا غليظا على أعداء الله، لقد كان يحضر
مجلسه داعي الدعاة (2) مع عظم سلطانه ونفوذ أمره، فما
يحتشمه، ولا يكرمه، ويقول: أحمق الناس في مسألة كذا وكذا
الروافض، خالفوا الكتاب والسنة، وكفروا بالله، وكنت عنده
يوما في مسجده بشرف مصر وقد حضره بعض وزراء المصريين أظنه
ابن عباس، فاستسقى في مجلسه، فأتاه بعض غلمانه بإناء فضة،
فلما رآه ابن الحطيئة وضع يده على فؤاده، وصرخ صرخة ملات
المسجد، وقال: واحرها على كبدي، أتشرب في مجلس يقرأ فيه
حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آنية الفضة ؟ ! لا
والله لا تفعل، وطرد الغلام، فخرج، وطلب الشيخ كوزا، فجئ
بكوز قد تثلم، فشرب، واستحيى من الشيخ، فرأيته والله كما
قال الله: (يتجرعه ولا يكاد يسيغه) [ إبراهيم: 17 ].
قال: وأتى رجل إلى شيخنا ابن الحطيئة بمئزر، وحلف بالطلاق
ثلاثا لا بد أن يقبله، فوبخه على ذلك، وقال: علقه على ذاك
الوتد.
فلم يزل
على الوتد حتى أكله العث، وتساقط، وكان ينسخ بالاجرة، وكان
له على
__________
(1) انظر " إنباه الرواة " 1 / 39، و " وفيات الاعيان " 1
/ 170، و " الوافي " 7 / 122.
(2) وهو أبو القاسم هبة الله بن كامل المصري التنوخي، قاضي
الخليفة العاضد، متوفى سنة 569، مترجم في الخريدة (قسم
مصر) 1 / 186، والروضتين 1 / 224، و " العبر " 4 / 209، و
" شذرات الذهب " 4 / 235.
(*)
(20/346)
الجزية في السنة ثلاثة دنانير، ولقد عرض عليه غير واحد من
الامراء أن يزيد جامكيته (1)، فما قبل، وكان له من الموقع
في قلوبهم مع كثرة ما يهينهم ما لم يكن لاحد سواه، وعرضوا
عليه القضاء بمصر، فقال: والله لا أقضي لهم.
إلى أن قال شجاع: وكتب " صحيح " مسلم كله بقلم واحد،
وسمعته وقيل له: فلان رزق نعمة ومعدة، فقال: حسدوه على
التردد إلى الخلاء، وسمعته كثيرا إذا ذكر عمر بن الخطاب
رضي الله عنه يقول: طويت سعادة المسلمين في أكفان عمر (2).
وذكرنا في " طبقات القراء " (3) أن الناس بقوا بمصر ثلاثة
أشهر بلا قاض في سنة ثلاث وثلاثين، فوقع اختيار الدولة على
الشيخ أبي العباس، فاشترط عليهم شروطا صعبة، منها أنه لا
يقضي بمذهبهم - يعني الرفض -، فلم يجيبوا إلا أن يقضي على
مذهب الامامية.
تلوت بالسبع من طريقه على أبي عبد الله محمد بن منصور
النحوي، عن الكمال العباسي، عن شجاع المدلجي، عنه.
وقرأت بخط ابن الانماطي، قال لي شيخنا شجاع: كان الشيخ أبو
العباس قد أخذ نفسه بتقليل الاكل، بحيث بلغ في ذلك إلى
الغاية، وكان يتعجب ممن يأكل ثلاثين لقمة، ويقول: لو أكل
الناس من الضار ما آكل أنا
من النافع ما اعتلوا.
قال: وحكى لنا شجاع أن أبا العباس ولدت له بنت، فلما كبرت
أقرأها بالسبع، وقرأت عليه " الصحيحين " وغير ذلك، وكتبت
__________
(1) الجامكية: رواتب خدام الدولة.
تعريب جامكي، وهو مركب من " جامه " أي قيمة، ومن " كي "
وهو أداة النسبة.
أنظر " معجم الالفاظ الفارسية المعربة " لادي شير، ص 45.
(2) انظر " وفيات الاعيان " 1 / 171 و " الوافي " 7 / 122.
(3) 2 / 423.
وانظر " وفيات الاعيان " 1 / 171.
(*)
(20/347)
الكثير، وتعلمت عليه كثيرا من العلم، ولم ينظر إليها قط،
فسألت شجاعا: أكان ذلك عن قصد ؟ فقال: كان في أول العمر
اتفاقا، لانه كان يشتغل بالاقراء إلى المغرب، ثم يدخل بيته
وهي في مهدها، وتمادى الحال إلى أن كبرت، فصارت عادة،
وزوجها، ودخلت بيتها والامر على ذلك، ولم ينظر إليها قط.
قلت: لا مدح في مثل هذا، بل السنة بخلافه، فقد كان سيد
البشر صلى الله عليه وسلم يحمل أمامة بنت ابنته وهو في
الصلاة (1).
توفي ابن الحطيئة رحمه الله في المحرم سنة ستين وخمس مئة،
وقبره بالقرافة ظاهر يزار.
235 - الداراني * أبو محمد،
عبدالرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم بن عبد الله
الكناني الداراني الدمشقي.
سمعه خاله محمد بن إبراهيم النسائي من سهل بن بشر
الاسفراييني، وعبد الله بن عبد الرزاق، وأبي الفضل بن
الفرات.
وعنه: ابن عساكر وابنه، والمسلم المازني، ومكرم، وكريمة،
وآخرون.
قال ابن عساكر: لم يكن الحديث من صنعته، توفي في جمادى
__________
(1) أخرجه البخاري (516) و (5996) ومسلم (543) ومالك في "
الموطأ " 1 / 170، وابن خزيمة (868) وأبو داود (917) و
(918) و (919) و (920) والنسائي 2 / 45، و 3 / 10.
(*) مشيخة ابن عساكر: ق 106 / 2.
(*)
(20/348)
الاولى سنة ثمان وخمسين وخمس مئة.
روى كثيرا من " سنن " النسائي الكبير عن الاسفراييني.
236 - الجواد * الوزير الصاحب،
الملقب بالجواد، أبو جعفر، محمد بن علي بن أبي
منصور الاصبهاني، وزير صاحب الموصل زنكي الاتابك (1).
ولاه زنكي نيابة الرحبة ونصيبين، واعتمد عليه.
وكان كريما نبيلا، محببا إلى الرعية، دمث الاخلاق، كامل
الرئاسة، امتدحه القيسراني بهذه الكلمة: سقى الله بالزوراء
من جانب الغرب مها وردت ماء الحياة من القلب (2) قال ابن
خلكان (3): كان ينفذ في السنة إلى الحرمين ما يكفي
الفقراء، وواسى الناس في قحط حتى افتقر وباع بقياره (4)،
وأجرى الماء إلى عرفات أيام الموسم، وأنشأ مدرسة بالمدينة،
ثم وزر لغازي بن زنكي،
__________
(*) المنتظم 10 / 209، الكامل 11 / 306 - 310، مختصر تاريخ
دولة آل سلجوق: 193 - 195، مرآة الزمان 8 / 153 - 156،
وفيات الاعيان 5 / 143 - 147، المختصر 3 / 41،
42، العبر 4 / 166، تتمة المختصر 2 / 105، الوافي بالوفيات
4 / 159 - 161، البداية والنهاية 12 / 248، 249، النجوم
الزاهرة 5 / 365، شذرات الذهب 4 / 185.
(1) تقدمت ترجمته برقم (123).
(2) البيت في " الخريدة " 1 / 124 (قسم شعراء الشام)، و "
وفيات الاعيان " 5 / 144 و " الوافي " 4 / 160 وفيها: "
عين الحياة " بدل " ماء الحياة ".
(3) في " وفيات الاعيان " 5 / 144، 145.
(4) بقيار: كلمة فارسية، وهي عمامة كبيرة يعتمرها الوزراء
والقضاة والكتاب.
انظر " تكملة المعاجم العربية " 1 / 407، و " معجم اسماء
الالبسة " 84، 85 لدوزي.
(*)
(20/349)
ثم من بعده لاخيه مودود، ثم إنه استكثر إقطاعه، وثقل عليه،
فسجنه في سنة 558، فمات مضيقا عليه في سنة تسع، وكانت
جنازته مشهودة من ضجيج الضعفاء والايتام، ودفن بالموصل، ثم
نقل بعد عام، فدفن بالمدينة النبوية.
237 - [ ابنه جلال الدين علي ]
* وكان ابنه جلال علي أحد البلغاء، دونت رسائله، وعنه أخذ
مجد الدين المبارك بن الاثير.
توفي سنة أربع وسبعين وخمس مئة، وقد وزر أيضا.
238 - سديد الدولة * * كاتب
السر للخلافة، سديد الدولة، محمد بن عبد الكريم بن
إبراهيم ابن رفاعة الشيباني ابن الانباري.
أقام في كتابة الانشاء خمسين سنة، وناب في الوزارة، ونفذ
رسولا إلى الشام وإلى خراسان.
وكان من نبلاء الرجال، وكان بينه وبين الحريري مراسلات قد
دونت.
حدث عن: هبة الله بن الحصين، وعبد الله بن السمرقندي.
أخذ عنه: المبارك بن النقور، وغيره.
__________
(*) وفيات الاعيان 5 / 146.
(* *) المنتظم 10 / 206، الكامل 11 / 297، المختصر 3 / 41،
العبر 5 / 165، 166، تتمة المختصر 2 / 104، الوافي
بالوفيات 3 / 279، 280، البداية والنهاية 12 / 247، النجوم
الزاهرة 5 / 364، شذرات الذهب 4 / 184.
(*)
(20/350)
وعاش نيفا وثمانين سنة، توفي سنة ثمان وخمسين وخمس مئة.
حكى أن الحريري كتب إليه رقعة، قال: فأجبته: أهلا بمن أهدى
إلي صحيفة * صافحتها بالروح لا بالراح وتبلجت فتأرجت
نفحاتها * كالمسك شيب نسيمه بالراح فكتب إلى جواب هذه: لقد
صدقت رواة الاخبار: ان معدن الكتابة الانبار.
239 - اللباد * الشيخ المسند،
أبو الحسن (1)، علي بن أحمد بن محمد بن أبي العباس،
الاصبهاني اللباد.
سمع أبا بكر محمد بن أحمد بن ماجة، ورزق الله التميمي،
ورجاء ابن قولويه، والرئيس الثقفي، وأبا نصر السمسار، وله
إجازة صحيحة من أبي بكر بن خلف الاديب.
انتخب عليه معمر بن الفاخر جزءا.
حدث عنه: محمد بن مكي، وأهل تلك الديار.
ولم يقع لنا حديثه متصلا.
وروى عنه بالاجازة ابن اللتي، وكريمة، وغيرهما.
توفي في شوال سنة ستين وخمس مئة، وكان من أبناء التسعين.
__________
(*) العبر 4 / 171، النجوم الزاهرة 5 / 370، شذرات الذهب 4
/ 189.
(1) في " الشذرات ": أبو الحسين.
(*)
(20/351)
240 - البزري * الامام عالم أهل الجزيرة، أبو القاسم، عمر
بن محمد
بن أحمد بن عكرمة، ابن البزري الجزري الشافعي.
ارتحل، وأخذ المذهب عن الغزالي، وإلكيا (1)، وطائفة.
وبرع في غوامض الفقه، وتخرج به أئمة.
وله مصنف كبير شرح فيه إشكالات " المهذب " (2).
قال ابن خلكان (3): كان أحفظ من بقي في الدنيا على ما يقال
لمذهب الشافعي، وكان يلقب بزين الدين جمال الاسلام، لم يدع
بالجزيرة نظيره، توفي في أحد الربيعين سنة ستين وخمس مئة
وله تسع وثمانون سنة.
وهذه نسبة إلى عمل البزر وبيعه وهو استخراج زيت الكتان.
241 - الحراني * * العدل
الجليل، أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن العباس
بن عبد
__________
(*) معجم البلدان 2 / 138 (جزيرة ابن عمر)، الاستدراك لابن
نقطة: باب البزري والبرزي، الكامل في التاريخ 11 / 321،
وفيات الاعيان 3 / 444، 445، المختصر 3 / 42، 43، العبر 4
/ 171، تتمة المختصر 2 / 106، مرآة الجنان 3 / 344، طبقات
السبكي 7 / 251 - 253، طبقات الاسنوي 1 / 257، 258، النجوم
الزاهرة 5 / 370، كشف الظنون،
2 / 1913، شذرات الذهب 4 / 189، هدية العارفين 1 / 784.
(1) هو بكسر الكاف وفتح الياء لفظ أعجمي يلقب به ومعناه:
الكبير القدر، المقدم بين الناس، وهو لقب علي بن محمد بن
علي الطبري الهراسي الشافعي المتوفى سنة 504 ه.
تقدمت ترجمته في الجزء 19 برقم (207).
(2) للشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وشرح غريب ألفاظه وأسماء
رجاله، سماه: " الاسامي والعلل من كتاب المهذب " انظر "
وفيات الاعيان " 3 / 445.
(3) في " وفيات الاعيان " 3 / 445.
(* *) المنتظم 10 / 212، 213، العبر 4 / 171، الوافي
بالوفيات 3 / 330 و 340، = (*)
(20/352)
الحميد الحراني ثم البغدادي.
سمع رزق الله التميمي، وهبة الله بن عبد الرزاق الانصاري،
وطرادا الزينبي، وبأصبهان أبا الفتح الحداد، وجماعة.
روى عنه بنته خديجة، وعبد اللطيف بن القبيطي.
وأجاز للرشيد بن مسلمة.
وله نظم حسن، ألف كتابا سماه " روضة الادباء ".
وكان آخر من مات من شهود القاضي أبي الحسن بن الدامغاني.
توفي في ثاني عشر جمادى الاولى (1) سنة ستين وخمس مئة.
242 - ابن الفراء * شيخ
الحنابلة، المفتي القاضي، أبو يعلى الصغير، محمد بن أبي
خازم محمد بن القاضي الكبير أبي يعلى بن الفراء
البغدادي، من أنبل الفقهاء وأنظرهم.
تخرج به خلق.
سمع من أبي الحسن بن العلاف، والحسن بن محمد التككي،
وطائفة.
__________
= 341، البداية والنهاية 12 / 249، 250، النجوم الزاهرة 5
/ 368، 369، كشف الظنون: 916، شذرات الذهب 4 / 189، هدية
العارفين 2 / 94.
(1) في " المنتظم ": جمادى الآخرة.
(*) المنتظم 10 / 213، العبر 4 / 171، 172، ذيل طبقات
الحنابلة 1 / 244 - 250، النجوم الزاهرة 5 / 370، الدر
المنضد في رجال أحمد: ق 71 / 1، شذرات الذهب 4 / 190، هدية
العارفين 2 / 94.
(*)
(20/353)
وولي قضاء واسط مدة، ثم عزل، ولزم الافادة.
روى عنه: أبو الفتح المندائي، وابن الاخضر.
توفي في جمادى الاولى سنة ستين وخمس مئة وله ست وستون سنة.
تفقه بأبيه وبعمه أبي الحسين محمد.
وقد أضر بأخرة، وكان أحد الاذكياء (1).
243 - ابن التلميذ * قسيس
النصارى، وبقراط وقته، أمين الدولة، أبو الحسن، هبة الله
ابن صاعد، المسيحي الطبيب، صاحب التصانيف (2).
كان كثير الاموال والتجمل، وعاش أربعا وتسعين سنة.
مات سنة ستين وخمس مئة.
244 - ابن الصابوني * * المقرئ
الامام، أبو الفتح، عبد الوهاب بن محمد بن الحسين
__________
(1) انظر مصنفاته في " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 246، و "
هدية العارفين " 2 / 94.
(*) معجم الادباء 19 / 276 - 282، اخبار العلماء بأخبار
الحكماء: 222 - 224، طبقات الاطباء لابن أبي أصيبعة 1 /
349 - 371، وفيات الاعيان 6 / 69 - 77، المختصر 3 / 45،
العبر 4 / 172، تتمة المختصر 2 / 106، 107، الوافي خ 27 /
115 - 118، البداية والنهاية 12 / 250، شذرات الذهب 4 /
190، 191، هدية العارفين 2 / 505.
(2) انظرها في " معجم الادباء " 19 / 278، 279، و " طبقات
الاطباء " 2 / 371، و " هدية العارفين " 2 / 505.
وانظر بعض شعره في " وفيات الاعيان " و " طبقات الاطباء ".
(* *) الانساب: (المالكي)، معجم البلدان 5 / 43، 44،
اللباب 3 / 152، معرفة القراء الكبار 2 / 420، العبر 4 /
160، 161، غاية النهاية 1 / 481، النجوم الزاهرة 5 / 361،
شذرات الذهب 4 / 177.
(*)
(20/354)
المالكي، من قرية المالكية (1)، البغدادي الصابوني أبوه
الخفاف الحنبلي.
قرأ بالعشر على ابن بدران، وأبي العز القلانسي.
وسمع الكثير من النعالي، وابن البطر، وثابت بن بندار، وابن
الطيوري.
روى عنه: سبطه عمر بن كرم تلك الاربعين المخرجة له، وابن
الاخضر.
قال ابن النجار: كان ثبتا صدوقا، قيما بمعرفة القراءات.
وقال السمعاني: صدوق صالح، حسن السيرة بكتاب الله، يأكل من
كد يده، كتبت عنه، وقال لي: ولدت سنة اثنتين وثمانين وأربع
مئة.
قلت: توفي في صفر سنة ست وخمسين وخمس مئة.
وكان يصنع خفاف النساء.
245 - علي بن عساكر * ابن سرور،
الشيخ الامين المعمر، أبو الحسن المقدسي الخشاب، نزيل
دمشق.
ولد سنة ثمان وخمسين وأربع مئة.
وسمع في سنة سبعين من الفقيه نصر المقدسي، وسمع بدمشق من
أبي عبد الله الحسن بن أحمد بن أبي الحديد.
__________
(1) على الفرات بالعراق.
(*) مشيخة ابن عساكر: ق 147 / 1، العبر 4 / 152، 153،
النجوم الزاهرة 5 / 329، شذرات الذهب 4 / 167، 168.
(*)
(20/355)
وقدم دمشق في تجارة، ثم سكنها بعد استيلاء النصارى على بيت
المقدس.
وكان يصحب الفقيه نصر الله المصيصي.
حدث عنه: الحافظ ابن عساكر وابنه القاسم، وأبو المواهب بن
صصرى، وأخوه أبو القاسم الحسين، وجماعة.
مات في شوال سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة.
وقع لي جزء من عواليه.
246 - ابن قفرجل * الشيخ الثقة
المسند، أبو القاسم، أحمد بن المبارك بن عبدا لباقي
بن محمد بن قفرجل البغدادي الذهبي القطان المقرئ، أخو
الشيخ أبي محمد أحمد بن المبارك الذي يروي عن طراد ومات
قبل أبي القاسم بعشر سنين.
وأبو القاسم هذا سمع عاصم بن الحسن، وطراد بن محمد
الزينبي،
ورزق الله التميمي، والفضل بن أبي حرب الجرجاني، وأبا
الغنائم بن أبي عثمان، وأبا الفضل بن خيرون، وأبا طاهر
الباقلاني.
حدث عنه: السمعاني، وسعد بن طاهر البلخي، وزيد بن يحيى
البيع، ومحمد بن ليث الوسطاني، وعدة.
وأجاز لابي الحسن بن المقير.
وكان شيخا مستورا لا بأس به.
مات في سنة ست وخمسين وخمس مئة، وهو في عشر التسعين.
__________
(*) لم نعثر له على مصدر ترجمه.
(*)
(20/356)
وقع لي من " المحامليات " من طريقه.
قال ابن النجار: روى لنا عنه ابن سكينة، وعبد الرزاق، وابن
الاخضر، وثابت بن مشرف، مولده في شعبان سنة سبعين وأربع
مئة، ومات يوم عاشوراء سنة ست وخمسين.
247 - ابن الحبوبي * الشيخ
الجليل المسند، أبو يعلى، حمزة بن علي بن هبة الله
بن حسن بن علي، الثعلبي الدمشقي البزاز ابن الحبوبي.
ولد سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة.
وسمع أبا القاسم بن أبي العلاء، وأبا الفتح نصر بن إبراهيم
المقدسي، وسهل بن بشر إلاسفراييني.
سمعه عمه أبو المجد معالي بن الحبوبي.
وقال الحافظ ابن عساكر: لا بأس به (1).
قلت: حدث عنه: ابن عساكر وابنه، وأبو المواهب بن صصرى،
وأخوه الحسين، وعبد الخالق بن أسد، وابنه غالب، وحمزة بن
عبد
الوهاب، وابنه أحمد بن حمزة ابن الحبوبي، ومكرم بن أبي
الصقر، وأبو نصر بن الشيرازي، وكريمة الزبيرية وهي آخر من
حدث عنه.
__________
(*) مشيخة ابن عساكر: ق 58 / 2، الاستدراك لابن نقطة: باب
الحبوبي والحني، المشتبه: 256، العبر 4 / 156، 157، النجوم
الزاهرة 5 / 333، شذرات الذهب 4 / 174، تهذيب تاريخ دمشق
لبدران 4 / 449.
والحبوبي بحاء مهملة مضمومة وموحدتين بينهما واو، تحرفت في
" الشذرات " و " تهذيب تاريخ دمشق " إلى " الجبري ".
(1) انظر " تهذيب ابن عساكر " 4 / 449.
(*)
(20/357)
مات في جمادى الاولى سنة خمس وخمسين وخمس مئة، ودفن بسفح
قاسيون.
248 - الاقليشي * العلامة، أبو
العباس، أحمد بن معد (1) بن عيسى بن وكيع، التجيبي
الاقليشي الداني.
سمع أباه، وتفقه بأبي العباس بن عيسى.
وسمع من صهره طارق بن يعيش، وابن الدباغ، وبمكة من أبي
الفتح الكروخي، وبالثغر من السلفي.
وله تصانيف ممتعة (2)، وشعر (3)، وفضائل، ويد في اللغة.
مات بقوص (4) بعد الخمسين وخمس مئة.
__________
(*) معجم البلدان 1 / 237، إنباه الرواة 1 / 136، 137،
تكملة الصلة: 60 - 62، العبر 4 / 139، تلخيص ابن مكتوم:
23، الوافي بالوفيات 8 / 183، 184، الديباج المذهب 1 /
246، 247، النجوم الزاهرة 5 / 321، بغية الوعاة 1 / 392،
نفح الطيب 2 / 598 - 600، سلم الوصل: 152، كشف الظنون:
171، 988، شذرات الذهب 4 / 154،
155، تاج العروس 4 / 340 (قلش)، إيضاح المكنون 1 / 451،
452، و 2 / 316، هدية العارفين 1 / 85، معجم المطبوعات:
628، 629، شجرة النور الزكية 1 / 142، 143، تاريخ بروكلمان
6 / 276، 277 (النسخة العربية).
والاقليشي: نسبة إلى أقليش، وهي بلدة من أعمال طليطلة
بالاندلس.
(1) في " معجم البلدان ": معروف.
(2) طبع منها كتاب " النجم من كلام سيد العرب والعجم "
بالقاهرة سنة 1302 ه.
وانظر بقية تصانيفه في " الديباج المذهب " و " نفح الطيب "
و " هدية العارفين " وانظر النسخ الخطية لبعضها في " تاريخ
بروكلمان " 6 / 276، 277.
(3) انظر " إنباه الرواة " 1 / 137، و " نفح الطيب " 2 /
599، 600.
(4) وقيل: مات بمكة، كما في " إنباه الرواة " وقوص: مدينة
كبيرة في صعيد مصر.
(*)
(20/358)
249 - ابن التريكي * الشيخ الامام المسند العدل، خطيب جامع
المهدي، أبو المظفر، محمد بن أحمد
بن علي بن الحسين، الهاشمي العباسي، المعروف بابن التريكي.
ولد سنة سبعين وأربع مئة.
حدث عن: أبي نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، ورزق الله
التميمي.
حدث عنه: السمعاني، وعلي بن هارون الحلي، وأبو الفرج محمد
ابن عبدالرحمن الواسطي التاجر، وعبد السلام بن سكينة،
ويحيى بن أبي المظفر الحنفي مدرس النفيسية، وآخرون.
توفي في نصف ذي القعدة سنة خمس وخمسين وخمس مئة.
250 - الغانمي * * الامام
الفقيه العابد الاديب، أبو المحاسن، مسعود بن محمد
بن غانم ابن محمد الغانمي الهروي.
__________
(*) الانساب 3 / 51، المنتظم 10 / 197، اللباب 1 / 215،
المشتبه: 69، العبر 4 / 159، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 238،
تبصير المنتبه 1 / 145، النجوم الزاهرة 5 / 333، الدر
المنضد في رجال أحمد: ق 70 / 2، شذرات الذهب 4 / 175.
والتريكي بلفظ تصغير الترك، تحرفت في " الشذرات " إلى "
النويلي "، وفي " طبقات " ابن رجب إلى " البرمكي ".
(* *) الانساب 9 / 120، التحبير 2 / 301، 302، الاستدراك
لابن نقطة: باب الغانمي والقائمي، اللباب: 2 / 374،
الجواهر المضية 2 / 170، 171.
(*)
(20/359)
ولد بطوس (1) في سنة أربع وستين (2) وأربع مئة.
وأجاز له الامامان أبو القاسم القشيري، وأبو صالح المؤذن.
وسمع أبا إسحاق إبراهيم بن محمد الاصبهاني، وطائفة.
وسمع " مسند " الهيثم الشاشي من أبي القاسم أحمد بن محمد
الخليلي.
وعنه: ابن عساكر، والسمعاني، والتاج المسعودي، وعبد الرحيم
ابن السمعاني.
سمع منه عبدالرحيم " مسند " الشاشي، و " رسالة " القشيري.
قال أبو سعد (3): كان إماما ورعا، كثير العبادة، تورع عن
طعام والده لاختلاطه بالدولة، وعمر في الطاعة، وكان سريع
النظم، مات في ربيع الاول سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة.
251 - الطائي * الشيخ الامام
الصالح الواعظ المحدث، أبو الفتوح، محمد بن أبي جعفر محمد
بن علي بن محمد، الطائي الهمذاني، صاحب الاربعين المشهورة
(4).
__________
(1) في " الانساب ": ولد بنيسابور ونشأ بطوس، وفي "
التحبير " على العكس: ولد بطوس ونشأ بنيسابور.
(2) في " الجواهر المضية ": أربع وعشرين.
(3) في " التحبير " 2 / 301.
(*) العبر 4 / 159، الوافي بالوفيات 1 / 144، مرآة الجنان
3 / 310، طبقات السبكي 6 / 188، 189، طبقات الاسنوي 2 /
172، 173، النجوم الزاهرة 5 / 333، كشف الظنون: 56، شذرات
الذهب 4 / 175، هدية العارفين 2 / 93، تاريخ بروكلمان 6 /
247.
(4) قال حاجي خليفة: ذكر فيه أنه أملى أربعين حديثا من
مسموعاته عن أربعين شيخا، كل حديث عن واحد من الصحابة،
فذكر ترجمته وفضائله، وأورد عقيب كل حديث بعض ما = (*)
(20/360)
ولد سنة خمس وسبعين وأربع مئة بهمذان.
سمع فيد بن عبدالرحمن الشعراني، وعبد الرحمن بن حمد
الدوني، وظريف بن محمد النيسابوري، والاديب محمد بن أبي
العباس الابيوردي، وإسماعيل بن الحسن السنجبستي، وعبد
الغفار بن محمد الشيروي، والعلامة أبا المحاسن الروياني،
وأبا القاسم بن بيان الرزاز، وشيرويه الديلمي، وابن طاهر
المقدسي، ومحيي السنة البغوي، وتاج الاسلام أبا بكر
السمعاني، وتفقه عليهما بمرو.
قال أبو سعد السمعاني: كان يرجع إلى نصيب من العلوم فقه
وحديث وأدب ووعظ، حضرت وعظه بهمذان، فاستحسنته (1).
قلت: حدث عنه: محمد بن عبد الله بن البناء الصوفي، وأبو
عبد الله الحسين بن الزبيدي (2)، وأخوه الحسن، وأبو المنجا
بن اللتي، وجماعة سمعوا منه ببغداد.
توفي بهمذان في شوال سنة خمس وخمسين وخمس مئة.
وفيها مات مؤرخ دمشق العميد حمزة بن أسد التيميمي ابن
القلانسي (3)، وحمزة بن علي ابن الحبوبي (4)، والفائز عيسى
بن الظافر خليفة العبيدية وله عشر سنين (5)، وأمير
المؤمنين المقتفي (6)، والشيخ
__________
= اشتمل عليه من الفوائد، وشرح غريبه، وسماه " الاربعين في
إرشاد السائرين إلى منازل اليقين ".
" كشف الظنون " 1 / 56.
(1) انظر نص السمعاني في " طبقات " السبكي 6 / 189.
(2) بفتح الزاي كما في " تبصير المنتبه " 2 / 654.
(3) سترد ترجمته برقم (262).
(4) تقدمت ترجمته برقم (247).
(5) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (77).
(6) سترد ترجمته برقم (273).
(*)
(20/361)
محمد بن يحيى الزبيدي الواعظ (1)، وأبو طاهر محمد بن أبي
بكر البخاري الصابوني (2)، ومسعود بن عبد الواحد بن الحصين
الشيباني، ويحيى بن عبدالرحمن الطوسي ابن تاج القراء، وأبو
المظفر محمد بن أحمد ابن التريكي (3).
252 - سنجر * السلطان، ملك
خراسان، معز الدين، سنجر بن السلطان ملكشاه بن ألب
أرسلان بن جغريبك بن ميكائيل بن سلجوق الغزي التركي
السلجوقي، صاحب خراسان وغزنة وبعض ما وراء النهر.
خطب له بالعراق وأذربيجان والشام والجزيرة وديار بكر وأران
والحرمين.
واسمه بالعربي أبو الحارث أحمد بن حسن بن محمد بن داود.
كذا قال السمعاني، لكن قال في أبيه: حسن إن شاء الله.
ولد بسنجار (4) من الجزيرة في رجب سنة تسع وسبعين وأربع
مئة إذ
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (211).
(2) تقدمت ترجمته برقم (193).
(3) تقدمت ترجمته برقم (249).
(*) الانساب 7 / 159 (السنجاري)، المنتظم 10 / 178، مختصر
تاريخ دولة آل سلجوق: 236 - 259، الكامل 11 / 222، 223،
وفيات الاعيان 2 / 427، 428، المختصر 3 / 33، العبر 4 /
147، 148، دول الاسلام 2 / 69، تتمة المختصر 2 / 92،
الوافي بالوفيات 15 / 471، 472، البداية والنهاية 12 /
237، تاريخ ابن خلدون 5 / 56 و 64 و 70 و 74 73، تبصير
المنتبه 2 / 697، النجوم الزاهرة 5 / 326، 327، شذرات
الذهب 4 / 161، 162، تاج العروس 3 / 280 (سنجار)، معجم
الانساب والاسرات الحاكمة: 333.
(4) فقيل له: سنجر باسم هذا البلد على ما جرت به عادة
الاتراك، فإنهم يسمون أولادهم بأسماء المواضع.
انظر " الانساب " 7 / 159 و " وفيات الاعيان " 2 / 428.
(*)
(20/362)
توجه أبوه لغزو الروم، ونشأ ببلاد الخوز، ثم سكن خراسان،
وتدير مرو.
قال ابن خلكان (1): ولي نيابة عن أخيه السلطان بركياروق
سنة تسعين وأربع مئة، ثم استقل بالملك في سنة اثنتي عشرة
وخمس مئة.
قال السمعاني: كان في أيام أخيه يلقب بالملك المظفر إلى ان
توفي أخوه محمد (2) بالعراق في آخر سنة إحدى عشرة، فتسلطن،
ورث الملك
عن آبائه، وزاد عليهم، وملك البلاد، وقهر العباد، وخطب له
على أكثر منابر الاسلام.
وكان وقورا حييا، كريما سخيا، مشفقا، ناصحا لرعيته، كثير
الصفح، جلس على سرير الملك قريبا من ستين سنة.
قال: وحكى أنه دخل مع أخيه محمد على المستظهر بالله، [
قال: ] فلما وقفنا ظنني السلطان، فافتتح كلامه معي، فخدمت،
وقلت: يا مولانا، هو السلطان، وأشرت إلى أخي، ففوض إليه
السلطنة، وجعلني ولي عهده (3).
أجاز أبو الحسن علي بن أحمد المديني لسنجر مسموعاته، فقرأت
عليه بها أحاديث، وقد ثقل سمعه.
قال ابن الجوزي (4): حارب سنجر الغز - يعني قبل سنة خمسين
وخمس مئة - فأسروه، ثم تخلص بعد مدة.
وقال ابن خلكان (5): كان من أعظم الملوك همة، وأكثرهم
عطاء،
__________
(1) في " وفيات الاعيان " 2 / 428.
(2) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (293).
(3) انظر " المنتظم " 10 / 178.
(4) في " المنتظم " 10 / 178.
(5) في " وفيات الاعيان " 2 / 427.
(*)
(20/363)
ذكر أنه اصطبح خمسة أيام متوالة ذهب بها في الجود كل مذهب،
فبلغ ما وهب من العين سبع مئة ألف دينار سوى الخلع والخيل.
قال (1): وقال خازنه: اجتمع في خزائنه من الاموال ما لم
يسمع أنه اجتمع في خزائن ملك، قلت له يوما: حصل في خزائنك
ألف ثوب ديباج
أطلس، وأحب أن تراها، فسكت، فأبرزت جميعها، فحمد الله، ثم
قال: يقبح بمثلي أن يقال: مال إلى المال.
وأذن للامراء في الدخول، وفرق عليهم الثياب.
قال: واجتمع عنده من الجواهر ألف رطل ونيف، ولم يسمع عند
ملك ما يقارب هذا.
قال ابن خلكان (2): لم يزل في ازدياد إلى أن ظهرت عليه
الغز في سنة 548 وهي وقعة مشهورة استشهد فيها الفقيه محمد
بن يحيى، فكسروه، وانحل نظام ملكه، وملكوا نيسابور، وقتلوا
خلقا كثيرا، وأخذوا السلطان (3)، وضربوا رقاب عدة من
أمرائه، ثم قبلوا الارض، وقالوا: أنت سلطاننا، وبقي معهم
مثل جندي يركب اكديشا، ويجوع وقتا، وأتوا به، فدخلوا معه
مرو، فطلبها منه أميرهم بختيار إقطاعا، فقال: كيف يصير هذا
؟ ! هذه دار الملك.
فصفى له، وضحكوا، فنزل عن الملك، ودخل إلى خانقاه مرو،
وعملت الغز ما لا تعمله الكفار من العظائم، وانضمت
العساكر، فملكوا مملوك سنجر أيبه، وجرت مصائب على خراسان،
فبقي في أسرهم ثلاث سنين وأربعة أشهر، ثم أفلت منهم، وعاد
إلى خراسان،
__________
(1) في " وفيات الاعيان " 2 / 427، 428، وانظر " مختصر
تاريخ دولة آل سلجوق ": 251، 252.
(2) في " وفيات الاعيان " 2 / 428.
(3) إلى هنا ينتهي النص في " وفيات الاعيان " 2 / 428.
(*)
(20/364)
وزال بموته ملك بني سلجوق عن خراسان، واستولى على أكثر
مملكته خوارزم شاه أتسز (1) بن محمد بن نوشتكين، ومات أتسز
قبل سنجر.
قال السمعاني: مات في الرابع والعشرين من ربيع الاول سنة
اثنتين
وخمسين وخمس مئة، ودفن في قبة بناها، وسماها دار الآخرة.
قال ابن الجوزي (2): لما جاء خبر موته إلى بغداد، قطعت
خطبته، ولم يعقد له عزاء.
قال السمعاني: تسلطن بعده ابن أخته الخاقان محمود بن محمد
بن بغراجان.
قلت: وقد عمل في أثناء دولته مصافا ما سمع بمثله أبدا مع
كافر ترك، انكسر سنجر فيها، وقتل من جنده سبعون ألفا.
253 - أبق * الملك المظفر،
مجير الدين، أبو سعيد، أبق، صاحب دمشق وابن صاحبها جمال
الدين محمد بن تاج الملوك بوري بن طغتكين البعلبكي
المولد.
تملك بعد أبيه وهو حدث، ودبر الدولة أنر الطغتكيني (3)
والوزير ابن
__________
(1) الذي تقدمت ترجمته برقم (215).
(2) في " المنتظم " 10 / 428.
(*) تاريخ ابن القلانسي: 306 - 328، الكامل 11 / 197، 198،
مرآة الزمان 8 / 172، وفيات الاعيان 5 / 188، 189، العبر 4
/ 185، 186، أمراء دمشق: 4، الوافي بالوفيات 6 / 188،
النجوم الزاهرة 5 / 381، شذرات الذهب 4 / 211، 212، تهذيب
تاريخ دمشق لبدران 2 / 320، معجم الانساب: 46.
(3) الذي تقدمت ترجمته برقم (148).
(*)
(20/365)
الصوفي (1)، فلما مات أنر استقل بالملك مجير الدين، ثم نفى
الوزير إلى صرخد، واستوزر أخاه حيدرة مدة، ثم قتله، وقدم
على الجيش عطاء
البعلبكي، ثم قتله، فقصد نور الدين دمشق، وعامله أهلها،
فأخذها بالامان، وعوض مجير الدين بحمص، فأقام بها، ثم أمره
نور الدين بالتحول إلى بالس، فسار إليها، ثم تركها، وقدم
على الخليفة، فأعطاه خبز سبعين فارسا إلى أن مات ببغداد
سنة أربع وستين وخمسين مئة كهلا.
254 - عبدالمؤمن بن علي * ابن
علوي، سلطان المغرب الذي يلقب بأمير المؤمنين،
الكومي القيسي، المغربي.
مولده بأعمال تلمسان.
وكان أبوه يصنع الفخار.
قيل: إنه قال - أعني عبدالمؤمن: إنما نحن من قيس غيلان بن
مضر بن نزار، ولكومية (2) علينا حق الولادة، والمنشأ فيهم،
وهم أخوالي (3).
__________
(1) الذي تقدمت ترجمته برقم (158).
(*) الكامل 11 / 291، 292، المعجب: 284 - 303 و 327 - 344،
مرآة الزمان 8 / 151، 152، وفيات الاعيان 3 / 237 - 241،
المختصر 3 / 40، دول الاسلام 2 / 73، العبر 4 / 165، تتمة
المختصر 2 / 104، البداية والنهاية 12 / 246، 247، الحلل
الموشية: 107 - 119، بغية الرواد 1 / 87، تاريخ ابن خلدون
6 / 229، النجوم الزاهرة 5 / 363، 364، جذوة الاقتباس:
272، نفح الطيب 1 / 442، شذرات الذهب 4 / 183، الخلاصة
النقية: 55، الاستقصا 2 / 99 - 145، معجم الانساب: 113،
أخبار المهدي: 21.
(2) وهي قبيلة صغيرة نازلة بساحل البحر من أعمال تلمسان.
انظر " وفيات الاعيان " 3 / 240، وانظر نسبها في "
الاستقصا " 2 / 99.
(3) انظر " المعجب " 288.
(*)
(20/366)
وكان الخطباء إذا دعوا له بعد ابن تومرت، قالوا: قسيمه في
النسب الكريم (1).
مولده سنة سبع وثمانين وأربع مئة (2).
وكان أبيض جميلا، ذا جسم عمم (3)، تعلوه حمرة، أسود الشعر،
معتدل القامة، جهوري الصوت، فصيحا جزل المنطق، لا يراه أحد
إلا أحبه بديهة، وكان في كبره شيخا وقورا، أبيض الشعر، كث
اللحية، واضح بياض الاسنان، وكان عظيم الهامة، طويل
القعدة، شثن الكف، أشهل العين، على خده الايمن خال، يقال:
كان في صباه نائما، فسمع أبوه دويا، فإذا سحابة سمراء من
النحل قد أهوت مطبقة على بيته، فنزلت كلها على الصبي، فما
استيقظ، فصاحت أمه، فسكنها أبوه، وقال: لا بأس، لكني متعجب
مما تدل عليه، ثم طارت عنه، وقعد الصبي سالما، فذهب أبوه
إلى زاجر، فذكر له ما جرى، فقال: يوشك أن يكون لابنك شأن،
يجتمع عليه طاعة أهل المغرب (4).
وكان محمد بن تومرت (5) قد سافر في حدود الخمس مئة إلى
المشرق، وجالس العلماء، وتزهد، وأقبل على الانكار على
الدولة بالاسكندرية وغيرها، فكان ينفى ويؤذى، ففي رجعته
إلى إفريقية هو ورفيقه
__________
(1) " المعجب " 288.
(2) قال ابن خلكان: وقيل: إن ولادته سنة خمس مئة.
وقيل: سنة تسعين وأربع مئة.
" وفيات الاعيان " 3 / 239.
(3) في " القاموس ": العمم محركة: عظم الخلق في الناس
وغيرهم.
(4) انظر " وفيات الاعيان، 3 / 237، 238، و " الاستقصا " 2
/ 99.
(5) الذي مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (318).
(*)
(20/367)
الشيخ عمر الهنتاتي (1) صادف عبدالمؤمن، فحدثه ووانسه،
وقال: إلى أين تسافر ؟ قال: أطلب العلم.
قال: قد وجدت طلبتك.
ففقهه، وصحبه، وأحبه، وأفضى إليه بأسراره لما رأى فيه من
سمات النبل، فوجد همته كما في النفس، فقال ابن تومرت يوما
لخواصه: هذا غلاب الدول.
ومضوا إلى جبل تينمل (2) بأقصى المغرب، فأقبل عليهم
البربر، وكثروا، وعسكروا، وشقوا العصا على ابن تاشفين،
وحاربوه مرات، وعظم أمرهم، وكثر [ ت ] جموعهم، واستفحل
أمرهم، وخافتهم الملوك، وآل بهم الحال إلى الاستيلاء على
الممالك، ولكن مات ابن تومرت قبل تمكنهم في سنة أربع
وعشرين وخمس مئة.
وكانت وقعة البحيرة بظاهر مراكش بين ابن تاشفين صاحب
المغرب وبين أصحاب ابن تومرت في سنة إحدى وعشرين، فانهزم
فيها الموحدون، واستحر بهم القتل، ولم ينج منهم إلا نحو من
أربع مئة مقاتل، ولما توفي ابن تومرت كتموا موته، وجعلوا
يخرجون من البيت، ويقولون: قال المهدي كذا، وأمر بكذا،
وبقي عبدالمؤمن يغير في عسكره على القرى، ويعيشون من
النهب، وضعف أمرهم، وكذلك اختلف جيش ابن تاشفين الذين يقال
لهم: المرابطون، ويقال لهم: الملثمون، فخامر منهم الفلاكي
من كبارهم، وسار إلى عبد المؤمن، فتلقاه بالاحترام، واعتضد
به، فلما كان بعد خمسة أعوام أفصحوا بموت ابن تومرت،
ولقبوا عبدالمؤمن أمير المؤمنين، وصارت حصون الفلاكي
للموحدين، وأغاروا على نواحي أغمات والسوس الاقصى، واستفحل
بهم البلاء.
__________
(1) بكسر الهاء وسكون النون وبعد الالف تاء ثانية، نسبة
إلى قبيلة كبيرة من البربر يقال
لها: هنتاتة.
" اللباب " 3 / 393.
(2) انظر " وفيات الاعيان " 5 / 55، و " معجم البلدان " 2
/ 69.
(*)
(20/368)
وقال صاحب " المعجب " عبد الواحد المراكشي (1): استدعى ابن
تومرت قبل موته الرجال المسمين بالجماعة وأهل الخمسين (2)
والثلاثة عمر أرتاج (3)، وعمر إينتي، وعبد الله بن سليمان،
فحمد الله، ثم قال: إن الله - سبحانه، وله الحمد - من
عليكم أيتها الطائفة بتأييده، وخصكم بحقيقة توحيده، وقيض
لكم من ألفاكم ضلالا لا تهتدون، وعميا لا تبصرون، قد فشت
فيكم البدع، واستهوتكم الاباطيل، فهداكم الله به، ونصركم،
وجمعكم بعد الفرقة، ورفع عنكم سلطان هؤلاء المارقين،
وسيورثكم أرضهم وديارهم، ذلك بما كسبت أيديهم، فجددوا لله
خالص نياتكم، وأروه من الشكر قولا وفعلا مما يزكي به
سعيكم، واحذروا الفرقة، وكونوا يدا واحدة على عدوكم، فإنكم
إن فعلتم ذلك هابكم الناس، وأسرعوا إلى طاعتكم، وإن لا
تفعلوا شملكم الذل، واحتقرتكم العامة، وعليكم بمزج الرأفة
بالغلظة، واللين بالعنف، وقد اخترنا لكم رجلا منكم،
وجعلناه أميرا بعد أن بلوناه، فرأيناه ثبتا في دينه،
متبصرا في أمره، وهو هذا - وأشار إلى عبدالمؤمن - فاسمعوا
له وأطيعوا ما أطاع ربه، فإن بدل ففي الموحدين بركة وخير،
والامر أمر الله يقلده من يشاء.
فبايع القوم عبد المؤمن، ودعا لهم ابن تومرت.
وقال ابن خلكان (4): ما استخلفه بل أشار به.
قال: فأول ما أخذ من
__________
(1) " المعجب ": 285 - 287.
(2) قال في " المعجب ": وهم كما ذكرنا من قبائل متفرقة لا
يجمعهم إلا اسم المصامدة.
وانظر في " الاستقصا " 2 / 95، 96 كيف رتب ابن تومرت قومه،
فمنهم أهل الدار، وأهل الجماعة، وأهل خمسين..الخ ووظيفة كل
قسم منهم.
(3) كذا ضبط في الاصل بالراء المهملة والتا المثناة
الفوقية.
وفي " المعجب ": أزناج، بالزاي والنون.
(4) في " وفيات الاعيان " 3 / 239.
(*)
(20/369)
البلاد وهران، ثم تلمسان، ثم فاس، ثم سلا، ثم سبتة، ثم
حاصر مراكش أحد عشر شهرا، فأخذها في سنة اثنتين وأربعين
وخمس مئة، وامتد ملكه، وافتتح كثيرا من الاندلس، وقصدته
الشعراء، ولما قال فيه التيفاشي (1) قصيدته: ما هز عطفيه
بين البيض والاسل * مثل الخليفة عبدالمؤمن بن علي (2) أشار
إليه أن يقتصر على هذا المطلع، وأمر له بألف دينار،
وانقطعت الدعوة العباسية بموت أمير المسلمين علي بن تاشفين
وولده تاشفين، وكانت دولة تاشفين ثلاث سنين.
قال ابن الجوزي في " المرآة " (3): استولى عبدالمؤمن على
مراكش، فقتل المقاتلة، وكف عن الرعية، [ وأحضر اليهود
والنصارى ] (4)، وقال: إن المهدي أمرني أن لا أقر الناس
إلا على ملة الاسلام، وأنا مخيركم بين ثلاث، إما أن
تسلموا، وإما أن تلحقوا بدار الحرب، وإما القتل.
فأسلم طائفة ولحقت أخرى بدار الحرب، وخرب كنائسهم، وعملها
مساجد، وألغى الجزية، فعل ذلك في جميع مدائنه، وأنفق بيوت
الاموال، وصلى فيها اقتداء بعلي، وليري الناس أنه لا يكنز
المال، وأقام كثيرا من معالم الاسلام مع سياسة كاملة،
ونادى: من ترك الصلاة ثلاثا
فاقتلوه، وأزال المنكر، وكان يؤم بالناس، ويتلو في اليوم
سبعا، ويلبس
__________
(1) في الاصل: التيتاشي، والمثبت من " وفيات الاعيان " وهي
نسبة إلى تيفاش: من قرى قفصته بإفريقية.
وانظر " معجم البلدان " 2 / 66 و " الروض المعطار ": 146.
(2) انظر " الكامل " 11 / 244.
(3) ص 118 حوادث سنة 542.
(4) ما بين حاصرتين من " مرآة الزمان ".
(*)
(20/370)
الصوف الفاخر (1)، ويصوم الاثنين والخميس، ويقسم الفئ
بالشرع، فأحبوه.
قال عزيز في كتاب " الجمع ": كان عبدالمؤمن يأخذ الحق إذا
وجب على ولده، ولم يدع مشركا في بلاده لا يهوديا ولا
نصرانيا، فجميع رعيته مسلمون.
وقال عبد الواحد بن علي (2): وزر له أولا عمر أرتاج (3)،
ثم رفعه عن الوزارة، واستوزر أبا جعفر أحمد بن عطية
الكاتب، فلما أخذ بجاية استكتب من أهلها أبا القاسم
القالمي، ثم في سنة 53 قتل ابن عطية، وأخذ أمواله، واستوزر
عبد السلام الكومي، ثم قتله سنة سبع، واستوزر ابنه عمر،
وولى قضاءه ابن جبل الوهراني، ثم عبد الله بن عبدالرحمن
المالقي، وأسر يحيى الصنهاجي صاحب بجاية، وكان هو وآباؤه
من بقايا نواب بني عبيد الرافضة، ثم أحسن إلى يحيى، وصيره
من قواده، وكان عبدالمؤمن مؤثرا لاهل العلم، محبا لهم،
ويجزل صلاتهم، وسميت المصامدة بالموحدين لاجل خوض المهدي
بهم في علم الاعتقاد والكلام (4).
وكان عبدالمؤمن رزينا وقورا، كامل السؤدد، سريا، عالي
الهمة،
خليقا للامارة، واختلت أحوال الاندلس، وتخاذل المرابطون،
وآثروا الراحة، واجترأ عليهم الفرنج، وانفرد كل قائد
بمدينة، وهاجت عليهم
__________
(1) كلمة " الفاخر " لم ترد في النسخة التي عندنا من "
المرآة ".
(2) في " المعجب ": 290 وما بعدها.
(3) في " المعجب ": أزناج.
(4) ولم يكن أحد منهم في تلك الجهة يخوض في شئ منه قبل ابن
تومرت.
" المعجب ": 293.
(*)
(20/371)
الفرنج، وطمعوا، فجهز عبدالمؤمن عمر إينتي، فدخل إلى
الاندلس، فأخذ الجزيرة الخضراء، ثم رندة، ثم إشبيلية
وقرطبة وغرناطة، ثم سار عبد المؤمن بجيوشه، وعدى البحر من
زقاق سبتة، فنزل جبل طارق، وسماه جبل الفتح، فأقام أشهرا،
وبنى هناك قصورا ومدينة، ووفد إليه كبراء الاندلس، وقام
بعض الشعراء منشدا: ما للعدى جنة أوقى من الهرب * أين
المفر وخيل الله في الطلب وأين يذهب من في رأس شاهقة * وقد
رمته سهام الله بالشهب حدث عن الروم في أقطار أندلس *
والبحر قد ملا البرين بالعرب (1) فأعجب بها عبدالمؤمن،
وقال: بمثل هذا يمدح الخلفاء.
ثم أمر على إشبيلية ولده يوسف، وعلى قرطبة أبا حفص عمر
إينتي، وعلى غرناطة عثمان ولده، وقرر بالاندلس جيشا كثيفا
من المصامدة والعرب وقبائل بني هلال، وكان قد حاربهم مدة،
وظفر بهم، وأذلهم، ثم كاتبهم ولاطفهم، فخدموا معه، وخلع
عليهم، وكان دخوله إلى الاندلس في سنة ثمان وأربعين، ومما
لاطف به العرب واستمالهم قصيدة له وهي:
أقيموا إلى العلياء هوج الرواحل * وقودوا إلى الهيجاء جرد
الصواهل وقوموا لنصر الدين قومة ثائر * وشدوا على الاعداء
شدة صائل فما العز إلا ظهر أجرد سابح * وأبيض مأثور وليس
بسائل (2)
__________
(1) الابيات مع المناسبة في " المعجب " 314، 315 وفيه "
العبرين " بدل " البرين " وهي للشاعر الاصم المرواني ابن
الطليق.
انظر سبب تسميته بابن الطليق في " المعجب " 315، 316.
(2) ورد هذا البيت في " المعجب " 329 في بيتين: فما العز
إلا ظهر أجرد سابح * يفوت الصبا في شده المتواصل وأبيض
مأثور كأن فرنده * على الماء منسوج وليس بسائل = (*)
(20/372)
بني العم من عليا هلال بن عامر * وما جمعت من باسل وابن
باسل تعالوا فقد شدت إلى الغزو نية * عواقبها منصورة
بالاوائل هي الغزوة الغراء والموعد الذي * تنجز من بعد
المدى المتطاول بها نفتح الدنيا بها نبلغ المنى * بها ننصف
التحقيق من كل باطل فلا تتوانوا فالبدار غنيمة * وللمدلج
الساري صفاء المناهل (1) قال عبد الواحد المراكشي (2):
حدثني غير واحد أن عبدالمؤمن لما نزل سلا (3) - وهي على
البحر المحيط ينصب إليها نهر عظيم، ويمر في البحر - عبر
النهر، وضربت له خيمة، وجعلت جيوشه تعبر قبيلة قبيلة، فخر
ساجدا، ثم رفع وقد بل الدمع لحيته، فقال: أعرف ثلاثة وردوا
هذه المدينة، لا شئ لهم إلا رغيف واحد، فراموا عبور هذا
النهر، فبذلوا الرغيف لصاحب القارب على أن يعدي بهم، فقال:
لا آخذه إلا عن اثنين، فقال أحدهم وكان شابا: تأخذ ثيابي
وأنا أسبح، ففعل، فكان الشاب كلما
أعيا، دنا من القارب، ووضع يده عليه يستريح، فيضربه
بالمجذاف، فما عدى إلا بعد جهد.
فما شك السامعون أنه هو السابح، والآخران ابن تومرت، وعبد
الواحد الشرقي.
قال (4): ثم نزل عبدالمؤمن مراكش، وأقبل على البناء
والغراس وترتيب ملكه، وبسط العدل، وبقي ابنه عبد الله
ببجاية يشن الغارات على
__________
= قال في " القاموس ": وسيف مأثور: في متنه أثر، أو متنه
حديد أنيث وشفرته حديد ذكر، أو هو الذي يعمله الجن.
(1) الابيات في " المعجب " 329، 330، مع ثلاثة أبيات أخرى
قبل البيت الاخير.
(2) في " المعجب ": 331 وما بعدها.
(3) انظر " معجم البلدان " 3 / 231.
(4) في " المعجب " 332 - 336.
(*)
(20/373)
نواحي إفريقية، وضايق تونس، ثم حاصرها مدة، وأفسد مياهها،
وقطع أشجارها، وبها ابن خراسان نائب صاحب صقلية لوجار (1)
بن الدوقة الرومي، فطال على ابن خراسان الحصار، فبرز،
والتقى الموحدين، فهزمهم، وقتل خلقا منهم، فبعث عبد الله
يستمد أباه، فتهيأ في سنة 553 لتونس، وأقبل في جيوشه حتى
نازلها، فأخذها عنوة، وانتقل إلى المهدية وهي للنصارى لكن
رعيتها مسلمون، فطال الحصار لحصانتها، يقال: عرض سورها ممر
ستة أفراس، وأكثرها في البحر، فكانت النجدات تأتيها من
صقلية (2).
قال ابن الاثير (3): نازل عبدالمؤمن المهدية، فبرز شجعان
الفرنج، فنالوا من عسكره، فأمر ببناء سور عليهم، وصابرها،
وأخذ سفاقس
وطرابلس وقابس، وجرت أمور وحروب يطول شرحها، وجهز من افتتح
توزر وبلاد الجريد، وطرد عنها الفرنج، وطهر إفريقية من
الفكر، وتكمل له ملك المغرب من طرابلس إلى السوس الاقصى
وأكثر مملكة الاندلس، ولو قصد مصر لاخذها، ولما صعبت عليه.
وقيل: إنه مر بقريته ليصل بها ذوي رحمه، ويزور قبر أمه،
فلما أطل عليها وجيوشه قد ملات الفضاء، والرايات والبنود
على رأسه، وضرب نحو من مئتي طبل، وطبولهم كبار جدا تزعج
الارض، فقالت عجوز منهم:
__________
(1) في " الكامل " 11 / 185: رجار.
(2) قال: ثم افتتحها بعد أن أمن النصارى الذين بها على
أنفسهم، على أن يخرجوا له من البلد، ويلحقوا بصقلية بلدهم
حيث مملكة صاحبهم، ففعلوا ذلك، ودخل عبدالمؤمن وأصحابه
المهدية، فملكوها.
" المعجب " 336.
(3) انظر " الكامل " 11 / 241 - 245 حوادث سنة 554.
(*)
(20/374)
هكذا يعود الغريب إلى بلده ! ؟ وصاحت بذلك (1).
ولما دخلت سنة ثمان (2) وخمسين أمر الجيش بالجهاز لجهاد
الروم، واستنفر الناس عاما، ثم سار حتى نزل بسلا، فمرض،
وجاءه الاجل بها في السابع والعشرين من جمادى الآخرة (3)،
وارتجت المغرب لموته، وكان قد جعل ولي عهده ابنه محمدا،
وكان لا يصلح لطيشه وجذام به ولشربه الخمر، فتملك أياما،
وخلعوه، واتفقوا على تولية أخيه يوسف بن عبد المؤمن، فبقي
في الملك اثنتين وعشرين سنة.
وخلف عبدالمؤمن ستة عشر ولدا ذكرا (4).
قال صاحب كتاب " الجمع ": وقفت على كتاب كتبه عن عبدالمؤمن
بعض كتابه: من الخليفة المعصوم الرضي الزكي، الذي بشر به
النبي العربي، القامع لكل مجسم غوي، الناصر لدين الله
العلي، أمير المؤمنين عبدالمؤمن بن علي.
255 - شهردار * ابن شيرويه بن
شهردار بن شيرويه بن فناخسره، الامام العالم المحدث
المفيد، أبو منصور بن الحافظ المؤرخ أبي شجاع الديلمي
الهمذاني، من ذرية الضحاك بن فيروز الديلمي رضي الله عنه.
__________
(1) " المعجب " 339، 340.
(2) في " المعجب " 343 و " الاستقصا " 2 / 243: سنة سبع.
(3) من سنة 458 كما في " الكامل " و " الاستقصا " وبقية
المصادر، عدا " المعجب " ففيه سنة 457.
(4) انظر أسماءهم في " المعجب ": 289.
(*) التحير 1 / 327 - 330، طبقات ابن الصلاح: ق 50 / أ،
مجمع الاداب 3 / 1824،، شذرات الذهب 4 / 182، هدية
العارفين 1 / 419.
(*)
(20/375)
أجاز له عام مولده باعتناء والده أبو بكر بن خلف الشيرازي،
وأبو منصور المقومي سنة 483.
وسمع: أباه، وأبا الفتح عبدوس بن عبد الله، ومكي بن علان
السلار، وحمد بن نصر الاعمش، وأبا محمد الدوني، وفيد بن
عبد الرحمن، وأبا بكر أحمد بن محمد بن زنجويه فقيه زنجان
ذكر أنه سمع منه " مسند " الامام أحمد في سنة خمس مئة،
أخبرنا الحسين الفلاكي، أخبرنا القطيعي.
وسمع ببغداد.
حدث عنه: ابنه أبو مسلم أحمد، وأبو سهل عبد السلام بن فتحة
السرفولي الذي روى عنه " الالقاب " للشيرازي، وأبو سعد
السمعاني وقال (1): كان حافظا عارفا بالحديث، فهما، عارفا
بالادب، ظريفا خفيفا، لازما مسجده، متبعا أثر والده في
الحديث والسماع والطلب، رحل مع أبيه سنة خمس وخمس مئة إلى
أصبهان، كتبت عنه، وكان يجمع أسانيد كتاب " الفردوس "
لوالده، ورتب ذلك ترتيبا حسنا عجيبا، ثم رأيت الكتاب بمرو
سنة ست وخمسين في ثلاث مجلدات ضخمة وقد فرغ منه، وهذبه،
ونقحه.
وقال عبدالرحيم الحاجي: توفي شهردار في رجب سنة ثمان
وخمسين وخمس مئة.
أخبرنا أحمد بن المؤيد الزاهد، أخبرنا عبد السلام بن فتحة
سنة ثمان عشرة وست مئة حضورا، أخبرنا أبو منصور شهردار بن
شيرويه الديلمي سنة 554، أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر
البيع، أخبرنا حميد بن مأمون، أخبرنا
__________
(1) انظر " التحبير " 1 / 328، 329.
(*)
(20/376)
أبو بكر أحمد بن عبدالرحمن الشيرازي الحافظ، أخبرنا أبو
سعيد هو عبد الله ابن محمد بن محبور التميمي، حدثنا أبو
بكر هو محمد بن أحمد بن عبد الله ابن مهدي، حدثنا عبد
العزيز بن يحيى، حدثنا مالك، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن
أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لما قضى
الله الخلق، كتب كتابا، فهو عنده على عرشه: إن رحمتي غلبت
غضبي ".
أخرجه النسائي (1) عن شعيب بن شعيب بن إسحاق، عن زيد بن
يحيى، عن مالك.
وفيها مات أحمد بن محمد بن قدامة الزاهد (2) والد الشيخ
موفق الدين، وسلامة بن أحمد بن الصدر، وعبد الرحمن بن أبي
الحسن الداراني (3) بدمشق، وأبو محمد عبدالرحمن بن زيد بن
الفضل الوراق، وعبد المؤمن صاحب المغرب (4)، وكمال (5) بنت
المحدث عبد الله بن أحمد بن السمرقندي، وصاحب الانشاء سديد
الدولة محمد بن عبد الكريم ابن الانباري عن نيف وثمانين
سنة (6) وهبة الله بن الفضل بن القطان المتوثي، أحد
الشعراء، وله ثمانون سنة (7)، وشيخ الشافعية باليمن أبو
__________
(1) في السنن الكبرى كما في " تحفة الاشراف " 10 / 193،
وأخرجه من حديث أبي هريرة البخاري (3194) و (7404) و
(7422) و (7453) و (7553) و (7553) و (7554)، ومسلم (2751)
وأحمد 2 / 242 و 258 و 260 و 313 و 358 و 381 و 397 و 466
وابن أبي عاصم في السنة (608) و (609).
(2) مترجم في العبر 4 / 164، والوافي بالوفيات 8 / 83،
وشذرات الذهب 4 / 182.
(3) تقدمت ترجمته برقم (235).
(4) تقدمت ترجمته برقم (254).
(5) سترد ترجمتها برقم (276).
(6) تقدمت ترجمته برقم (238).
(7) تقدمت ترجمته برقم (231).
(*)
(20/377)
الخير يحيى ابن سالم العمراني صاحب كتاب " البيان في
المذهب " (1).
256 - الباغبان * الشيخ المعمر
الثقة الكبير، أبو الخير، محمد بن أحمد بن محمد بن
عمر بن القاسم بن عبد الله بن علي بن إسحاق بن سندار،
الاصبهاني
المقدر (2) المهندس المؤذن الصوفي، شهر بالباغبان.
ولد سنة بضع وستين وأربع مئة.
وسمع أبا عمرو عبد الوهاب بن مندة، وأبا عيسى بن زياد،
وأبا بكر بن ماجه، والمطهر البزاني، وأبا الطيب محمد بن
أحمد بن سلة صاحب أبي علي بن البغدادي، والعلامة أبا نصر
بن الصباغ في الرسلية، وأبا منصور بن شكرويه، ومحمد بن
أحمد السمسار، وإبراهيم بن محمد القفال، وحكيم ابن محمد
الاسفراييني سمع منه " مسند الشافعي "، أخبرنا جدي لامي
علي ابن محمد السقاء.
وحدث بحضرة الحافظ أبي العلاء العطار بهمذان وبأصبهان.
حدث عنه: السمعاني، وجامع بن خمارتاش، ومحمد بن أحمد بن
__________
(1) مترجم في طبقات فقهاء اليمن: 174، معجم البلدان 3 /
296 (سير)، تهذيب الاسماء واللغات 2 / 278، مرآة الجنان 3
/ 318، طبقات السبكي 7 / 336 - 338، طبقات الاسنوي 1 /
212، 213، طبقات ابن هداية الله 210، 211، شذرات الذهب 4 /
185، وهدية العارفين 2 / 520.
(*) التحبير 2 / 77، الانساب 2 / 44، العبر 4 / 168،
الوافي بالوفيات 2 / 111، النجوم الزاهرة 5 / 366، شذرات
الذهب 4 / 187.
والباغبان: قال السمعاني: هذه النسبة إلى حفظ الباغ، وهو
البستان.
(2) في " اللباب " 3 / 246: يقال هذا لمن يعلم الفرائض
والمقدرات والحساب.
(*)
(20/378)
أبي الفتح النجار، ومحمد بن مكي الحنبلي، وداود بن معمر،
وعبد البر بن أبي العلاء، وأبو الوفاء محمود بن مندة،
ومحمد بن أحمد المعلم، وآخرون.
وآخر من روى عنه بالاجازة كريمة القرشية، وعجيبة
الباقدارية.
قال ابن نقطة: هو ثقة صحيح السماع.
وقال عبدالرحيم الحاجي: مات في ثاني عشر شوال سنة تسع
وخمسين وخمس مئة.
وفيها مات المسند أبو سعد عبد الوهاب بن الحسن الكرماني
(1)، وعلي بن حمزة بن إسماعيل الموسوي الهروي (2)، وأبو
المعالي عمر بن علي الصيرفي الخفاف، والحافظ محمد بن
الحسين الزاغولي (3) بمرو.
257 - الشيخ رسلان * هو الشيخ
الزاهد العابد، بقية المشايخ، رسلان بن يعقوب بن
عبد الرحمن الجعبري، ثم الدمشقي، النشار، من أولاد الاجناد
الذين بقلعة جعبر (4).
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (230).
(2) سترد ترجمته برقم (268).
(3) سترد ترجمته برقم (311).
(*) ذكره في العبر 4 / 145، الوافي بالوفيات 8 / 345، 346،
طبقات الشعراني 1 / 132، كشف الظنون 1 / 867، شذرات الذهب
4 / 160، هدية العارفين 5 / 367، منتخبات التواريخ: 473،
474، وانظر كتاب " الشيخ رسلان " لاحمد الحارون، الاعلام
بفضائل الشام: 128.
وورد اسمه في بعض المصادر " أرسلان " بزيادة همز أوله (4)
وهي على الفرات بين بالس والرقة قرب صفين.
" معجم البلدان " 2 / 142.
(*)
(20/379)
صحب الشيخ أبا عامر المؤدب الذي هو مدفون مع الشيخ رسلان
في قبته بظاهر باب توما - ودفن عندهما ثالث وهو أبو المجد
خادم رسلان - وكان
أبو عامر قد صحب الشيخ ياسين تلميذ الشيخ مسلمة.
وقيل: إن مسلمة الزاهد صحب الشيخ عقيلا (1)، وهو صحب الشيخ
علي بن عليم صاحب أبي سعيد الخراز.
كان نشارا في الخشب، فقيل: بقي سنين يأخذ أجرته، ويدفعها
لشيخه أبي عامر، وشيخه يطعمه.
وقيل: بل كان يقسم أجرته، فثلث يتصدق به، وثلث لقوته، وثلث
لباقي مصالحه.
وكان يتعبد بمسجد داخل باب توما جوار بيته، ثم انتقل إلى
مسجد درب الحجر، فأقام بجهته الشرقية، وكان الشيخ أبو
البيان (2) في جانبه الغربي، فتعبدا مدة، وصحب كلا منهما
جماعة، ثم خرج الشيخ بأصحابه، فأقام بمسجد خالد بن الوليد
الذي تجاه قبته، وعبد الله إلى أن مات في حدود سنة وخمسين
وخمس مئة أو بعد ذلك.
وقد سقت من أخباره في " تاريخنا الكبير ".
وكان ورعا قانتا، صاحب أحوال ومقامات، ولم تبلغني أخباره
كما ينبغي، وما علمته كان له اشتغال في العلم.
258 - أبو الحسين الزاهد * هو
الزاهد القدوة الولي، أبو الحسين بن أبي عبد الله
بن حمزة المقدسي.
__________
(1) في الاصل عقيل.
(2) الذي تقدمت ترجمته برقم (219).
(*) تذكرة الحفاظ 4 / 1313، دول الاسلام 2 / 64، العبر 4 /
134، شذرات الذهب 4 / 152.
(*)
(20/380)
ألف الحافظ الضياء سيرته في جزء، أنبأني به الشيخ أبو عبد
الله بن
الكمال وغيره بسماعهم منه، فقال: حدثني الامام عبد الله بن
أبي الحسن الجبائي قال: مضيت إلى زيارة أبي الحسين الزاهد
بحلب، ولم تكن نيتي صادقة، فقال: إذا جئت إلى المشايخ،
فلتكن نيتك صادقة في الزيارة.
سألت خالي أبا عمر: هل رأيت أبا الحسين يأكل شيئا ؟ فقال:
رأيته يأكل خروبا يمصه ويرمي به، ورأيته يأكل بقلا مصلوقا.
قال أبو سعد السمعاني: سمعت سنان بن مشيع الرقي يقول: رأيت
أبا الحسين المقدسي برأس عين في موضع عريانا قد اتزر
بقميصه ومعه حمار، والناس قد تكابوا عليه، فقال: تعال:
فتقدمت، فأخذ بيدي، وقال: نتواخى ؟ قلت: ما لي طاقة.
قال: أيش لك في هذا، وآخاني.
وقال لواحد من الجماعة: حماري يحتاج إلى رسن.
فقالوا: ثمنه أربعة فلوس.
فأشار إلى موضع في الحائط، فإني جزت ها هنا، وخبأت ثم أربع
فلوس، اشتروا لي بها حبلا.
ثم قال: أريد أن تشتري لي بدينار سمكا.
قلت: كرامة، ومن أين لك ذهب ؟ قال: بلى معي ذهب كثير.
قلت: الذهب يكون أحمر.
قال: أبصر تحت الحشيش.
فأخذت الحشيش، فخرج دينار، فاشتريت له به سمكا، فنظفه،
وشواه، ثم قلاه، ثم أخرج منه الجلد والعظام، وجعله أقراصا،
وجففه، وتركه في جرابه.
ومضى وله سنون (1) ما أكل الخبز.
وكان يسكن جبال الشام، ويأكل البلوط والخرنوب.
قال الضياء: قرأت بخط يوسف بن محمد بن مقلد الدمشقي أنه
سمع
__________
(1) في الاصل: سنين والصواب ما أثبتناه.
(*)
(20/381)
من الشيخ أبي الحسين أبياتا، ثم قال: وكان عظيم الشأن،
يقعد خمسة
عشر يوما لا يأكل سوى أكلة، ويتقوت من الخروب البري، ويجفف
السمك، وحدثني يوسف بن الشيخ أبي الحسين أن الشيخ استف من
صرة، فرآه رجل، فأراد أن يستف منه، فإذا هو مر، فلما جاء
الشيخ، قال: يا سيدي، ما في الصرة ؟ فناوله منها كفا، فإذا
هو سكر وقلب لوز.
وأخبرنا أبو المظفر السمعاني عن أبيه: سمعت عبد الواحد بن
عبد الملك الزاهد بالكرج، سمعت أبا الحسين المقدسي - وكان
صاحب آيات وكرامات عجيبة، وكان طاف الدنيا - يقول: رأيت
أعجميا بخراسان يعظ، اسمه يوسف بن أيوب (1).
قال: وحدثني أبو تمام حمد بن تركي بن ماضي قال: حدثني جدي
قال: كنا بعسقلان في يوم عيد، فجاء أبو الحسين الزاهد إلى
امرأة معها خبز سخن، فقال: تشتهي لزوجك من هذا الخبز -
وكان في الحج - فناولته رغيفين، فلفهما في مئزر، ومضى إلى
مكة، فقال: خذ هذا من عند أهلك.
وأخرجه سخنا، ورجع، فرأوه يومئذ بمكة وبعسقلان، وجاء
الرجل، وقال: أما أعطيتني الرغيفين ؟ فقال: لا تفعل، قد
اشتبه عليك.
فحدثني جدي ماضي قال: كان أبو الحسين بعسقلان، فوصوا عليه
البوابين لا تخلوه يخرج خوفا من الفرنج، فجاء وعدا وقميصه
في فمه، فإذا هو في جبل لبنان، فقال لنفسه: ويلك وأنت ممن
بلغ هذه الرتبة ؟ ! وعن مسعود اليمني: قالت الفرنج: لو أن
فيكم آخر مثل أبي الحسين
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (41).
(*)
(20/382)
لاتبعناكم على دينكم، مروا يوما، فرأوه راكبا على سبع وفي
يده حية، فلما رآهم، نزل ومضى.
السمعاني: سمعت عبد الواحد بالكرج يقول: سمعت الكفار
يقولون: الاسود والنمور كأنها نعم أبي الحسين.
قال الضياء: سمعنا له غير ذلك من مشي الاسد معه، وقيل: عمل
حلاوة من قشور البطيخ، فغرف حلاوة من أحسن الحلاوة.
وحدثني عنه المحسن بن محمد بن الشيخ، حدثنا أبي قال: كان
والدي يعمل لنا الحلاوة من قشور البطيخ، ويسوطها بيده،
فعملنا بعده، فلم تنعمل، فقالت أمي: بقيت تعوز المغرفة.
حدثني خالي أبو عمر قال: كان أبو الحسين يجئ إلينا، وكان
يقطع البطيخ ويطبخه، واستعار مني سكينا، فجرحته، فقال: ما
سكينك إلا حمقى.
وعن امرأة: أن أبا الحسين دخل تنورا، وخرج منه.
حدثنا محمد بن إسماعيل الامام بمردا (1)، حدثنا أبو يوسف
حسن قال: كنت مع أبي الحسين الزاهد، فقال لناس: أعطوني من
ناركم، فملؤوا له قطعة جرة، فقال: صبوها في ملحفتي.
فصبوها في ملحفته، فأخذها ومضى.
وقيل: إنه رش ماء على زمنة، فمشت.
سمعت خالي موفق الدين يقول: حكي أن أبا الحسين أراد لص أن
يأخذ حماره، قال: فيبست يده، فلما أبعد عنه، عادت.
__________
(1) مردا: قرية قرب نابلس.
" معجم البلدان " 5 / 104.
(*)
(20/383)
قال الضياء: وبلغني عنه أنه كان يلبس سراويله حماره،
ويقول: نواري عورته.
فيضحك الناس.
وقيل: كان إذا عرف بمكان سافر، وقبره يزار بظاهر حلب.
مات ظنا سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.
وقيل: أعطت زوجة سلطان حلب لزوجة أبي الحسين شقة حرير،
فعملها سراويل لحماره.
ورأى حمالا قد رمى قفص فخار، فتطحن، فجمعه له، وجاء معه
إلى الفاخورة، فحطه، فوجده صحاحا.
259 - مسعود * السلطان الكبير،
غياث الدين، أبو الفتح، مسعود بن السلطان محمد ابن
السلطان ملكشاه السلجوقي.
نشأ بالموصل مع أتابك مودود، ورباه، ثم مع آقسنقر البرسقي،
ثم مع خوش بك صاحب الموصل، فلما مات والده، حسن له خوشبك
الخروج على أخيه محمود، فالتقيا، فانكسر مسعود، ثم تنقلت
به الاحوال، واستقل بالسلطنة في سنة 528، وقدم بغداد (1).
قال ابن خلكان (2): كان عادلا لينا، كبير النفس، فرق
مملكته على
__________
(*) المنتظم 10 / 151، مختصر تاريخ دولة آل سلجوق: 152 و
161 و 196 و 208، الكامل في التاريخ 11 / 160 - 163، مرآة
الزمان 8 / 129، وفيات الاعيان 5 / 200 - 202، المختصر 3 /
23، 24، العبر 4 / 127، 128، تتمة المختصر 2 / 80، البداية
والنهاية 12 / 230، تاريخ ابن خلدون 5 / 45، السلوك 1 /
34، النجوم الزاهرة 5 / 303، شذرات الذهب 4 / 145، معجم
الانساب والاسرات الحاكمة: 73.
(1) انظر " وفيات الاعيان " 5 / 200.
(2) في " وفيات الاعيان " 5 / 201.
(*)
(20/384)
أصحابه، وما ناوأه أحد إلا وظفر به، وقتل خلقا من كبار
الامراء والخليفتين الراشد والمسترشد، لانه وقع بينه وبين
المسترشد لاستطالة نواب مسعود على
العراق، وعارضوا الخليفة في أملاكه، فبرز لحربه، فجيش
مسعود بهمذان، فالتقيا، فانكسر جيش المسترشد، وأسر في عدة
من أمرائه، وطاف بهم مسعود بأذربيجان، وقتل الخليفة بمراغة
(1)، وأقبل مسعود على اللذات والبطالة، وحدث له علة
الغثيان مدة، وجرت بينه وبين عمه سنجر منازعة، ثم تصالحا.
قال ابن الاثير (2): كان كثير المزاح، حسن الخلق، كريما،
عفيفا عن أموال الرعية، من أحسن السلاطين سيرة، وألينهم
عريكة.
قلت: أبطل مكوسا ومظالم كثيرة، وعدل، واتسع ملكه، وكان
يميل إلى العلماء والصالحين، ويتواضع لهم.
قال ابن الدبيثي: أنبأنا علي بن محمد النيسابوري، أخبرنا
السلطان مسعود، أخبرنا أبو بكر قاضي المرستان، أخبرنا
البرمكي بحديث من جزء الانصاري.
قال أبو سعد السمعاني: كان بطلا شجاعا، ذا رأي وشهامة،
تليق به السلطنة، سمع منه جماعة، مات في جمادى الآخرة سنة
سبع وأربعين وخمس مئة.
قلت: نقل إلى أصبهان، فدفن بها، وعاش خمسا وأربعين سنة،
وكان قد أحب خاص بك التركماني، فرقاه، وقدمه على جميع
قواده،
__________
(1) وهي أعظم وأشهر بلاد أذربيجان.
" معجم " ياقوت 5 / 93.
(2) في " الكامل " 11 / 160، 161.
(*)
(20/385)
وكثرت أمواله، فلما مات السلطان، قال خاص بك لولده ملكشاه
(1): سأقبض عليك (2) صورة، وأطلب أخاك محمدا لاملكه، فإذا
جاء أمسكناه،
وتستقل أنت.
قال: فافعل.
فما نفق خبثه على محمد، وجاء إلى همذان، فبادر العسكر
إليه، فقال: كلامكم مع خاص بك فهو الوالد، فوصل هذا القول
إلى خاص بك، فاطمأن، وتلقاه، وقدم له تحفا، ثم قتل خاص بك،
وخلف أموالا جزيلة من بعضها سبعون ألف ثوب أطلس.
قال المؤيد: بدره السلطان محمد ثاني يوم من قدومه، وقتله،
وقتل معه آخر.
260 - الخجندي * العلامة
الاكمل، صدر الدين، أبو بكر، محمد بن عبد اللطيف بن
محمد بن ثابت، الخجندي، ثم الاصبهاني الشافعي.
سمع أبا علي الحداد وغيره.
قال السمعاني: كان صدر العراق على الاطلاق، إماما فحلا،
مناظرا، مليح الوعظ، جوادا مهيبا، كان السلطان محمود يصدر
عن رأيه،
__________
(1) كذا ذكر الذهبي أن ملكشاه هو ولد السلطان مسعود، وليس
كذلك، بل إن ملكشاه هو ابن أخيه السلطان محمود.
انظر " الكامل " 11 / 160 - 163، و " مختصر تاريخ دولة آل
سلجوق " 208 - 211 و " المختصر " 3 / 23، 24، و " تتمة
المختصر " 2 / 80.
(2) في الاصل: عليه.
(*) المنتظم 10 / 179، الكامل في التاريخ 11 / 228،
المختصر 3 / 33، العبر 4 / 149، تتمة المختصر 2 / 92،
الوافي بالوفيات 3 / 284، طبقات السبكي 6 / 133، 134،
طبقات الاسنوي 1 / 490، البداية والنهاية 12 / 237، شذرات
الذهب 4 / 163.
والخجندي نسبة إلى خجند، وهي بلدة كبيرة على طرف سيحون من
بلاد المشرق، ويقال لها أيضا: خجندة، بزيادة التاء.
انظر " الانساب " 5 / 52.
(*)
(20/386)
وكان بالوزراء أشبه منه بالعلماء، وكان يروي الحديث على
المنبر من حفظه (1).
وقال ابن الجوزي (2): قدم وولي تدريس النظامية، حضرت
مناظرته.
وهو يتكلم بكلمات معدودة كأنها الدر، ووعظ بجامع القصر،
وما كان يندار في الوعظ، وكان مهيبا، وحوله السيوف.
قال السمعاني: ذهب إلى أصبهان، فنزل قرية بقرب همذان، فنام
في عافية، وأصبح ميتا في شوال سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة.
قال ابن الاثير (3): جرت لموته فتنة قتل فيها خلق بأصبهان.
261 - ابن المتوكل * الشيخ أبو
علي الحسن (4) بن جعفر بن عبد الصمد ابن المتوكل
على الله، الهاشمي العباسي.
سمع أبا غالب الباقلاني، وعلي بن محمد العلاف، وجماعة.
روى عنه: السمعاني، وعبد المغيث بن زهير، وأبو المنجا ابن
اللتي.
وكان يلقب بهاء الشرف.
قال السمعاني: له معرفة بالادب والشعر، وكان صالحا.
__________
(1) انظر " طبقات " السبكي 6 / 133.
(2) في " المنتظم " 10 / 179.
(3) في " الكامل " 11 / 228.
(*) المنتظم 10 / 191، العبر 4 / 155، الوافي بالوفيات 11
/ 414، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 233 - 236، شذرات الذهب 4 /
171، هدية العارفين 1 / 278.
(4) في " طبقات " ابن رجب: الحسين.
(*)
(20/387)
وقال ابن النجار: له كتاب " سرعة الجواب " أتى فيه بكل
مليح.
وقيل: جمع سيرة للمقتفي.
توفي سنة ثلاث (1) وخمسين وخمس مئة.
262 - ابن القلانسي * الصاحب
العميد، أبو يعلى، حمزة بن أسد بن علي، التميمي
الدمشقي ابن القلانسي الكاتب، صاحب " التاريخ " (2).
روى عن: سهل بن بشر الاسفراييني، وحامد بن يوسف.
قال ابن عساكر: كان كاتبا أديبا، تولى رئاسة دمشق مرتين،
وكان يكتب له في سماعه أبو العلاء المسلم، فذكر هو أنه هو،
وأنه كان كذلك يسمى، صنف تاريخا للحوادث، توفي في ربيع
الاول سنة خمس وخمسين وخمس مئة (3).
قلت: نيف على الثمانين، وحدث عنه أبو القاسم بن صصرى،
__________
(1) في جميع مصادر ترجمته أنه توفي سنة أربع.
وانظر بعض شعره في " طبقات " ابن رجب 1 / 233 - 236.
(*) معجم الادباء 10 / 278 - 280، تلخيص مجمع الآداب 1 /
912، العبر 4 / 156، مرآة الجنان: حوادث سنة 555، النجوم
الزاهرة 332، شذرات الذهب 4 / 174، منتخبات التواريخ: 477،
تهذيب تاريخ دمشق لبدران 4 / 443، معجم المطبوعات 218،
219، كنوز الاجداد: 295 - 298، تاريخ بروكلمان 6 / 68، 69.
(2) طبع في المطبعة الكاثوليكية في بيروت سنة 1908 م، ثم
طبع سنة 1983 بدمشق بتحقيق الدكتور سهيل زكار، وهو " ذيل
تاريخ دمشق " ابتدأ به من سنة 448 ه إلى سنة وفاته، ذيل به
على " تاريخ " هلال بن المحسن الصابي المتوفى سنة 448 ه،
وهو تكملة للتاريخ الذي صنفه خاله ثابت بن سنان المتوفى
سنة 365 ه.
انظر بروكلمان 6 / 36 و 69.
(3) انظر " تهذيب ابن عساكر " 4 / 442، 443.
(*)
(20/388)
ومكرم بن أبي الصقر، وجماعة.
وكان متميزا في الكتابتين الانشاء والديوان (1)، وحمدت
ولايته، وفي عقبه رؤساء وعلماء.
263 - صاحب غزنة * السلطان
خسروشاه بن السلطان بهرام شاه بن السلطان مسعود بن
إبراهيم بن مسعود بن فاتح الهند السلطان محمود بن سبكتكين.
تملك بعد أبيه تسعة أعوام.
قال ابن الاثير (2): كان عادلا، حسن السيرة، محبا للخير،
مقربا للعلماء، راجعا إلى قولهم، توفي في رجب سنة خمس
وخمسين وخمس مئة، وقام بعده ابنه السلطان ملكشاه، فقصده
ملك الغور (3) علاء الدين، وحاصر غزنة، فنزل عليهم ثلج
كثير، فترحلوا.
قال المؤيد (4): صاهر الامير محمد بن الحسين الغوري
للسلطان بهرام شاه بن مسعود، فاستوحش السلطان من محمد،
فأمسكه، ثم ذبحه، فحشد أخوه سوري وأقبل، فالتقوا، فأسره
بهرام شاه، فقتله أيضا، فأقبل أخوهما الملك علاء الدين
حسين بن حسين، وهزم بهرام شاه، واستولى
__________
(1) وله شعر، انظره في " معجم الادباء " 1 / 278 - 280 و "
تهذيب ابن عساكر " 4 / 442، 443.
(*) الكامل في التاريخ 11 / 262، المختصر 3 / 38، العبر 4
/ 157، تتمة المختصر 2 / 98، البداية والنهاية 12 / 242،
النجوم الزاهرة 5 / 333، شذرات الذهب 4 / 175، معجم
الانساب: 418.
(2) في " الكامل " 11 / 262.
(3) الغور بضم الغين: بلاد في الجبال قريبة من هراة
بخراسان.
" الانساب " 9 / 190.
(4) انظر " الكامل " 11 / 135، 136، و 164 - 168.
(*)
(20/389)
على غزنة، واستناب عليها أخاه سيف الدين سام بن الحسين، ثم
التقى بهرام شاه هو وسام، فقتل سام، وتمكن بهرام شاه إلى
أن مات، وتملك خسرو، فقصده ملك الغور علاء الدين الملك
المعظم، فهرب خسرو إلى نهاور، وتملك علاء الدين حسين غزنة،
ونهبها، ودانت له الامم، واستعمل ولدي أخيه غياث الدين
وشهاب الدين ابني سام اللذين تمكنا وتملكا، فحاربا عمهما،
فهزماه، وقهراه، وأسراه، لكن أكرماه، وأعاداه إلى مملكته،
ووقفا في خدمته، فزوجهما بابنتيه، وجعلهما وليي عهده، ودام
ذلك إلى أن مات هو سنة ست وخمسين وخمس مئة.
264 - الكرخي * القاضي
العلامة، أبو طاهر، محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر
بن الكرخي.
حدث عن: النعالي، والحسين بن البسري.
وعنه: عبد العزيز بن الاخضر، وغيره.
وولي القضاء بباب الازج وبواسط (1).
تفقه بإلكيا الهراسي، والشاشي، وشهد على أبي الحسن بن
الدامغاني.
وله فضائل.
__________
(*) الانساب 10 / 392، المنتظم 10 / 202، المشتبه: 547،
الوافي بالوفيات 2 / 109، طبقات السبكي 6 / 86، تبصير
المنتبه 3 / 1210.
والكرخي بالخاء المعجمة آخره
نسبة إلى كرخ بغداد كما في " المشتبه "، وقد تصحفت في "
طبقات " السبكي إلى الكرجي بالجيم.
(1) قال الصفدي: وهو الذي حكم بفسخ ولاية الراشد.
" الوافي " 2 / 109.
(*)
(20/390)
مات في ربيع الاول سنة ست وخمسين وخمس مئة بعد علة طويلة
وله ثمانون سنة.
265 - ابن المادح * الشيخ
المعمر الصدوق، أبو محمد، محمد بن أحمد بن عبد
الكريم ابن محمد بن المادح التميمي البغدادي.
شيخ معمر، عنده نحو من ستة أجزاء عالية.
سمع: أبا نصر الزينبي، وأبا الحسن علي بن محمد الانباري،
وأبا الغنائم بن أبي عثمان.
حدث عنه: إبراهيم بن محمد الشعار، وأحمد بن طارق، وعمر بن
محمد الدينوري، وأحمد بن يحيى بن هبة الله، وعبد الحق به
المقرون، وعبد الرحمن بن الغزال، وأبو الفتوح نصر بن
الحصري، وثابت بن مشرف، وعلي بن بورنداز، وعبد اللطيف بن
عبد الوهاب الطبري، ومحمد ابن محمد بن أبي حرب النرسي.
وكان أبوه نواحا، مداحا للصحابة بالقصائد في المواسم بصوت
مطرب.
مات أبو محمد في ذي القعدة سنة ست وخمسين وخمس مئة في عشر
التسعين.
وفيها مات أبو حكيم إبراهيم بن دينار النهرواني الفقيه
الزاهد (1)، وأمير
__________
(*) العبر 4 / 161، النجوم الزاهرة 5 / 361، شذرات الذهب 4
/ 178، وتحرف فيه إلى " ابن المارح " بالراء.
(1) سترد ترجمته برقم (270).
(*)
(20/391)
مصر الصالح طلائع بن رزيك (1)، وأبو الفتح عبد الوهاب بن
محمد بن الصابوني (2)، ومقبل بن أحمد بن الصدر الحنبلي،
وصاحب ما وراء النهر محمود خاقان (3) بن محمد.
266 - ابن كروس * الشيخ المحدث
المسند، أبو يعلى، حمزة بن أحمد بن فارس بن المنجا
بن كروس السلمي الدمشقي.
مولده يوم الاضحى سنة ثلاث وسبعين وأربع مئة.
وسمع " موطأ " يحيى بن بكير عن مالك من الفقيه نصر بن
إبراهيم المقدسي، وسمع من مكي بن عبد السلام الرميلي، وسهل
بن بشر الاسفراييني.
وطلب في وقت بنفسه، ونسخ بخطه.
حدث عنه: ابن عساكر، وابنه القاسم، وعمر بن علي القرشي،
وأخوه عبد الوهاب، والقاضي عبدالرحمن بن سلطان، وأبو
القاسم بن صصرى، ومكرم بن أبي الصقر، وإسحاق بن طرخان
الشاغوري، وآخرون.
قال الحافظ ابن عساكر: كتبت عنه بعد ما تاب، وكان شيخا حسن
__________
(1) سترد ترجمته برقم (272).
(2) تقدمت ترجمته برقم (244).
(3) مترجم في " العبر " 4 / 161 و " شذرات الذهب " 4 /
178.
(*) العبر 4 / 162، النجوم الزاهرة 5 / 362، شذرات الذهب 4
/ 178، تهذيب ابن عساكر 4 / 442.
(*)
(20/392)
السمت، توفي في صفر سنة سبع وخمسين وخمس مئة (1).
وفيها مات أبو العباس أحمد بن ناقة (1) الكوفي المحدث،
وزمرذ خاتون أم شمس الملوك صاحبة الخاتونية التي على الشرف
(2)، وصدقة بن وزير الواسطي الواعظ (3)، والواعظ عبدالرحمن
المعري (4) بدمشق، والشيخ عدي بن مسافر الزاهد (5)، وإلكيا
الصباحي الباطني صاحب الموت (6)، وهبة الله الشبلي القصار
صاحب أبي نصر الزينبي.
267 - الشبلي * الشيخ المسند،
بقية المشايخ، خاتمة من سمع من أبي نصر محمد ابن محمد
الزينبي، أبو المظفر هبة الله بن أحمد بن محمد بن
الشبلي البغدادي القصار الدقاق المؤذن.
__________
(1) ترجمه ابن نقطة في " الاستدراك ": باب تافه وناقة، وهو
أبو العباس أحمد بن يحيى ابن ناقة المسلي الكوفي، وترجمه
ابن الاثير في " اللباب " 3 / 212 مادة (المسلي) وهي نسبة
إلى مسلية: محلة بالكوفة، كان يسكنها أبو العباس، وابن حجر
في " تبصير المنتبه " 4 / 1365 (المسلي)، وترجمه أيضا
الصفدي في " الوافي " 8 / 231، والسيوطي في " بغية الوعاة
" 1 / 395، وتحرف فيهما لفظ " ناقة " إلى " ناقد " بالدال،
وتحرفت نسبة " المسلي " في " الوافي " إلى " المسكي "
بالكاف، وفي " بغية الوعاة " إلى " المسيكي "، واتفقت هذه
المصادر على أن وفاته سنة 559، لا كما ذكر المؤلف سنة 557.
(2) لها ترجمة في العبر 4 / 162، مختصر تنبيه الطالب: 86،
وشذرات الذهب
4 / 178.
(3) له ترجمة في المنتظم 10 / 204.
(4) له ترجمة في شذرات الذهب 4 / 178، 179.
(5) تقدمت ترجمته برقم (233).
(6) انظر " الكامل " 11 / 288 و " اللباب " 3 / 234.
والصباحي نسبة إلى الحسن بن الصباح بتشديد الباء الموحدة.
(*) الاستدراك لابن نقطة: باب الشبلي والسلي، العبر 4 /
163، دول الاسلام 2 / 72، النجوم الزاهرة 5 / 362، شذرات
الذهب 4 / 181.
(*)
(20/393)
ولد سنة سبعين وأربع مئة.
وسمع أيضا من: أبي الغنائم بن أبي عثمان، وطراد بن محمد
الزينبي، وأبي نصر بن المجلي.
حدث عنه: أحمد بن صالح الجيلي، وأبو بكر الباقدرائي، وأبو
العلاء العطار، وعبد المغيث بن زهير، وأحمد بن طارق، وأبو
طالب بن عبد السميع، وعلي بن أبي سعد بن تميرة، وأبو
الفتوح بن الحصري، وزيد ابن يحيى البيع، وظفر بن سالم
البيطار، وأخته ياسمين، والشيخ شهاب الدين عمر السهروردي،
والنفيس بن كرم، وهبة الله بن عمر بن كمال القطان، وعدة.
وآخر من روى عنه بالاجازة عجيبة الباقدارية.
توفي في سلخ ذي الحجة سنة سبع وخمسين وخمس مئة.
ومن غريب الاتفاق أن فيها مات سميه أبو بكر هبة الله بن
أحمد بن محمد الحفار (1) ببغداد، سمع من رزق الله التميمي،
وأجاز لكريمة.
268 - الموسوي * السيد العالم
الزاهد الصالح، شيخ هراة، أبو الحسن، علي بن حمزة
ابن إسماعيل بن حمزة، الهاشمي العلوي الموسوي الهروي.
ولد سنة ثمان وستين وأربع مئة.
وسمع من: محمد بن علي العميري، ونجيب بن ميمون، وأبي عامر
الازدي، وصاعد بن سيار، والحافظ عبد الله بن يوسف
الجرجاني، وجماعة.
__________
(1) مترجم في العبر 4 / 163، وشذرات الذهب 4 / 181.
(*) التحبير 1 / 568، العبر 4 / 168، شذرات الذهب 4 / 187.
(*)
(20/394)
وخرج الحافظ أبو النضر عبدالرحمن الفامي (1) له جزءا عن
مشايخه.
ومن مروياته كتاب " العوالي " لابن عدي.
وسمع " جامع " أبي عيسى من الازدي.
حدث عنه: السمعاني وولده، وعبد الله بن عيسى بن أبي حبيب،
وحفيده محمد بن إسماعيل بن علي، وحفيده الآخر علي بن محمد
بن علي، ويحيى بن محمد المروزي، وأبو روح عبد المعز بن
محمد البزاز، وآخرون.
وعاش نيفا وتسعين سنة.
قال السمعاني (2): علوي حسن السيرة، مرضي، جميل الظاهر
والباطن، كثير العبادة والخير، يتفقد الفقراء، ويراعيهم،
محترم عند أهل بلده، مات سنة تسع وخمسين وخمس مئة.
269 - الزيادي * الشيخ أبو عبد
الله، محمد بن يوسف البغوي المقرئ الصوفي، بقية
الكبار.
سمع " جامع " أبي عيسى من محمد بن أبي صالح الدباس في سنة
ثمان وثمانين وأربع مئة.
ذكره ابن نقطة وأنه توفي بهراة سنة ستين وخمس مئة، فلو أنه
كان
__________
(1) الذي تقدمت ترجمته برقم (202).
(2) في " التحبير " 1 / 568.
(*) لم نعثر على مصدر ترجمه.
(*)
(20/395)
ببغداد لبقي أصحابه إلى بعد الاربعين وست مئة.
عاش أكثر من تسعين سنة.
270 - أبو حكيم * العلامة
القدوة، أبو حكيم، إبراهيم بن دينار النهرواني الحنبلي،
أحد أئمة بغداد.
إمام زاهد ورع خير حليم، إليه المنتهى في علم الفرائض.
أنشأ بباب الازج مدرسة، وانقطع بها يتعبد (1).
وكان يؤثر الخمول والقنوع، ويقتات من الخياطة، فيأخذ على
القميص حبتين فقط (2)، ولقد جهد جماعة في إغضابه، فعجزوا،
وكان يخدم الزمني والعجائز بوجه طلق، وسماعه صحيح.
سمع أبا الحسن بن العلاف، وأبا القاسم بن بيان.
وعنه: ابن الجوزي، وابن الاخضر، وأبو نصر عمر بن محمد.
عاش خمسا وسبعين سنة، وتوفي في جمادى الآخرة سنة ست وخمسين
وخمس مئة (3).
_______________
(*) المنتظم 10 / 201، 202، العبر 4 / 159، الوافي
بالوفيات 5 / 346، 347، البداية والنهاية 12 / 245، ذيل
طبقات الحنابلة 1 / 239 - 241، النجوم الزاهرة 5 / 360،
الدر المنضد في رجال أحمد للعليمي: ق 70 / 2، 71 / 1،
شذرات الذهب 4 / 176، هدية العارفين 1 / 9.
(1) انظر " المنتظم " 10 / 201، و " طبقات " ابن رجب 1 /
239.
(2) انظر " طبقات " ابن رجب 1 / 239.
(3) وله تصانيف انظرها في " طبقات " ابن رجب 1 / 240، و "
هدية العارفين " 1 / 9.
(*)
(20/396)
271 - الزيات * الشيخ الصالح، أبو الندى، حسان بن تميم
بن نصر، الدمشقي الزيات.
سمع من الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي من مجالسه.
وعاش بضعا وثمانين سنة.
روى عنه: ابن عساكر وابنه، وعبد الخالق بن أسد، وأبو
المواهب التغلبي، ومكرم القرشي، وكريمة بنت الحبقبق،
وآخرون.
توفي في تاسع عشر رجب سنة ستين وخمس مئة، ودفن بمقبرة باب
الفراديس.
وفيها مات أبو الفضل عبد الواحد بن إبراهيم بن القزة
الدمشقي (1) راوي " الصحيح " عن الفقيه نصر، عن ابن
السمسار.
272 - الصالح * * وزير مصر،
الملك الصالح، أبو الغارات، طلائع بن رزيك الارمني
المصري الرافضي، واقف جامع الصالح الذي بالشارع (2).
__________
(*) العبر 4 / 170، شذرات الذهب 4 / 188، تهذيب تاريخ دمشق
لبدران 4 / 127.
(1) مترجم في " المشتبه " 527 و " تبصير المنتبه " 3 /
1128.
(* *) النكت العصرية 1 / 32، خريدة القصر 1 / 173 - 185،
الكامل 11 / 274 - 276، مرآة الزمان 8 / 146، الروضتين 1 /
124، وفيات الاعيان 2 / 526 - 530، العبر 4 / 160، دول
الاسلام 2 / 72، المشتبه: 337، تتمة المختصر 2 / 99،
البداية والنهاية 12 / 243، 244، الخطط المقريزية 2 / 293،
اتعاظ الحنفا: 285، تبصير المنتبه 2 / 643، النجوم الزاهرة
5 / 345، 359، 360، حسن المحاضرة 2 / 205 - 215، شذرات
الذهب 4 / 177، معجم الانساب: 150.
(2) الذي على باب زويلة بظاهر القاهرة.
" وفيات الاعيان " 2 / 529.
(*)
(20/397)
ولي نواحي الصعيد، فلما قتل الظافر، نفذ آل الظافر وحرمه
إلى ابن رزيك كتبا مسخمة في طيها شعور أهله مقصوصة،
يستنفرونه ليأخذ بالثأر، فحشد وجمع، وأقبل، واستولى على
مصر (1).
وكان أديبا عالما شاعرا سمحا جوادا ممدحا شجاعا سائسا.
وله ديوان صغير (2).
ولما مات الفائز، أقام العاضد، فتزوج العاضد ببنته، وكان
الحل والعقد إلى الصالح، وكان العاضد محتجبا عن الامور
لصباه، واغتر الصالح بطول السلامة، ونقص أرزاق الامراء،
فتعاقدوا على قتله، ووافقهم العاضد، وقرر قتله مع أولاد
الداعي (3)، وأكمنهم في القصر، فشدوا عليه، وجرحوه عدة
جراحات، فبادر مماليكه، فقتلوا أولئك، وحمل، فمات ليومه في
تاسع عشر رمضان سنة ست وخمسين وخمس مئة، وخلع على ابنه
العادل رزيك، وولي الوزارة (4).
قال الشريف الجواني: كان في نصر المذهب كالسكة المحماة لا
يفرى فريه، ولا يبارى عبقرية، وكان يجمع العلماء، ويناظرهم
على الامامة.
قلت: صنف في الرفض والقدر.
ولعمارة اليمني فيه مدائح ومراثي (5).
__________
(1) انظر " وفيات الاعيان " 2 / 526.
(2) جمعه محمد هادي الاميني، وطبع في النجف سنة 1964 م.
(3) في " وفيات الاعيان " و " الكامل ": الراعي، بالراء.
(4) انظر " الكامل " 11 / 274، و " وفيات الاعيان " 2 /
528.
(5) وقد رثاه بقصيدة أولها: أفي أهل ذا النادي عليم أسائله
* فإني لما بي ذاهب اللب ذاهله وهي في " ديوانه " في 76
بيتا.
(*)
(20/398)
ولقد قال لعلي بن الزبد لما ضجت الغوغاء يوم خلافة العاضد
وهو حدث: يا علي، ترى هؤلاء القوادين دعاة الاسماعيلية
يقولون: ما يموت الامام حتى ينصها في آخر، وما علموا أني
من ساعة كنت أستعرض لهم خليفة كما أستعرض الغنم (1).
273 - المقتفي لامر الله *
أمير المؤمنين، أبو عبد الله، محمد بن المستظهر بالله أحمد
بن المقتدي بالله عبد الله بن الذخيرة محمد بن القائم بأمر
الله عبد الله بن القادر بالله أحمد بن الامير إسحاق بن
المقتدر، الهاشمي العباسي البغدادي الحبشي الام.
مولده في ربيع الاول سنة تسع وثمانين وأربع مئة.
وسمع من أبي الحسن بن العلاف، ومن مؤدبه أبي البركات
السيبي.
وبويع بالامامة في سادس عشر ذي القعدة سنة ثلاثين وخمس
مئة.
قال السمعاني: وأظنه سمع جزء ابن عرفة من ابن بيان، كتبت
إليه قصة أسأله الانعام بالاذن في السماع منه، فأنعم، وفتش
على الجزء، ونفذه إلي على يد إمامه ابن الجواليقي، فسمعته
من ابن الجواليقي عنه،
__________
(1) انظر " الكامل " 11 / 275.
(*) المنتظم 10 / 197، الكامل 11 / 256، النبراس: 156،
مرآة الزمان 8 / 144، الروضتين 1 / 124، مفرج الكروب 1 /
131، الفخري: 310، المختصر 3 / 37، العبر 4 / 158، دول
الاسلام 2 / 71، تتمة المختصر 2 / 97، 98، الوافي بالوفيات
2 / 94، 95، البداية والنهاية 12 / 241، تاريخ ابن خلدون 3
/ 522، معالم الانافة في مآثر الخلافة 2 / 35 - 44، النجوم
الزاهرة 5 / 332، 333، تاريخ الخلفاء: 437 - 442، تاريخ
الخميس 2 / 362، شذرات الذهب 4 / 172 - 174، معجم الانساب
والاسرات الحاكمة: 4.
(*)
(20/399)
حدثنا أبو منصور بن الجواليقي، أخبرنا المقتفي لامر
الله..فذكر حديثا.
قرأته على الابرقوهي، أخبرنا أبو علي بن الجواليقي، أخبرنا
الوزير عون الدين، أخبرنا المقتفي، أخبرنا أحمد بن عبد
الوهاب، أخبرنا أبو محمد الصريفيني، أخبرنا أبو طاهر
المخلص، أخبرنا إسماعيل الوراق، حدثنا حفص الربالي، حدثنا
أبو سحيم، حدثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " لا يزداد الامر إلا شدة، ولا
الناس إلا شحا، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس " (1).
وأنبأناه جماعة سمعوه من أبي اليمن الكندي، أخبرنا أبو
الفتح البيضاوي، أخبرنا الصريفيني.
كان المقتفي عاقلا لبيبا، عاملا مهيبا، صارما، جوادا، محبا
للحديث والعلم، مكرما لاهله، وكان حميد السيرة، يرجع إلى
تدين وحسن سياسة، جدد معالم الخلافة، وباشر المهمات بنفسه،
وغزا في جيوشه.
قال أبو طالب بن عبد السميع: كانت أيامه نضرة بالعدل زهرة
__________
(1) إسناده ضعيف جدا أبو سحيم - واسمه المبارك بن سحيم،
ويقال: ابن عبد الله البناني البصري مولى عبد العزيز بن
صهيب - متروك اتفقوا على ضعفه، وفي الباب عن معاوية عند
الطبراني في " الكبير " 19 / 357، والبيهقي في بيان خطأ من
أخطأ على الشافعي ص 301، ورجاله ثقات، وأورده في المجمع 8
/ 14، وقال: رجاله رجال الصحيح.
وعن أبي أمامة عند الحاكم 4 / 440 والطبراني (7757)
والبيهقي في " بيان خطأ من أخطأ على الشافعي " ص 302، وفي
سنده عندهم عبد الله كاتب الليث وهو سئ الحفظ لكن قال
البيهقي: تابعه معن بن عيسى عن معاوية بن صالح وباقي رجاله
ثقات وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وله طريق آخر عند
الطبراني (7894) وانظر " المجمع " 7 / 285.
والفقرة الاخيرة من الحديث أخرجها مسلم في " صحيحه "
(2949) من حديث ابن مسعود.
(*)
(20/400)
بالخير، وكان على قدم من العبادة قبل الخلافة ومعها، ولم
ير مع لينه بعد المعتصم في شهامته مع الزهد والورع، ولم
تزل جيوشه منصورة.
قلت: وكان من حسناته وزيره عون الدين بن هبيرة (1)، وقيل:
كان لا يجري في دولته شئ إلا بتوقيعه، وكتب في خلافته ثلاث
ربعات، ووزر له علي بن طراد (2)، ثم أبو نصر بن جهير (3)،
ثم علي بن صدقة (4)، ثم ابن هبيرة، وحجبه أبو المعالي بن
الصاحب، ثم كامل بن مسافر، ثم ابن
المعوج، ثم أبو الفتح بن الصيقل، ثم أبو القاسم بن الصاحب.
وكان أسمر آدم، مجدور الوجه، مليح الشيبة، أقام حشمة
الخلافة، وقطع عنها أطماع السلاطين السلجوقية وغيرهم، وكان
من سلاطين خلافته صاحب خراسان سنجر بن ملكشاه، والملك نور
الدين صاحب الشام، وأبوه قسيم الدولة.
أنبؤونا عن ابن الجوزي قال: قرأت بخط أبي الفرج الحداد
قال: حدثني من أثق به أن المقتفي رأى في منامه قبل أن
يستخلف بستة أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له:
سيصل هذا الامر إليك، فاقتف بي.
فلذا لقب المقتفي لامر الله (5).
وكان قد قدم بغداد السلطان مسعود السلجوقي، وذهب الراشد من
بغداد، فاجتمع القضاة والكبراء، وخلعوا الراشد كما ذكرنا
لعدم أهليته،
__________
(1) سترد ترجمته برقم (282).
(2) تقدمت ترجمته برقم (90).
(3) تقدمت ترجمته برقم (190).
(4) مترجم في " المنتظم " 10 / 178.
(5) انظر " الكامل " 11 / 43 و " تاريخ الخلفاء ": 437.
(*)
(20/401)
وحكم بخلعه ابن الكرخي (1) القاضي، وبايعوا عمه (2).
قال السديد بن الانباري: نفذ السلطان إلى عمه سنجر: من
نستخلف ؟ فكتب إليه: لا تول إلا من يضمنه الوزير، وصاحب
المخزن، وابن الانباري.
قال: فاجتمع بنا مسعود، فقال الوزير: نولي الدين الزاهد
محمد بن المستظهر.
قال: تضمنه ؟ قال: نعم.
وكان صهرا للوزير على
بنته تزوج بها في دولة أبيه.
وأخذ مسعود كل حواصل دار الخلافة بحيث لم يدع في إصطبل
الخلافة سوى أربعة أفراس وثمانية بغال.
فقيل: بايعوا محمدا على أن لا يكون عنده خيل ولا عدة سفر،
وفي الثانية من سنيه صادر مسعود أهل بغداد، فخرج إليه ابن
الكواز الزاهد، ووعظه، فترك، ولم يدع للخليفة سوى العقار،
ثم تزوج الخليفة بأخت مسعود.
وفيها (3) اقتتل مسعود وعساكر أذربيجان والراشد المخلوع،
وتمت وقعة مهولة، وكتب الخليفة لزنكي بعشرة بلاد، وأن لا
يعين الراشد، فخطب بالموصل للمقتفي، فنفذ الراشد يقول
لزنكي: غدرت.
قال: ما لنا طاقة بمسعود، وفارق الراشد وزيره ابن صدقة،
وقل جمعه، وتحيز إلى مراغة، وبكى عند قبر أبيه، وحثا على
رأسه التراب، فثار معه أهل مراغة، وبذلوا له الاموال، وقوي
بالملك داود، وعمل مصافا مع مسعود، فاستظهر داود.
وفيها (4) هرب وزير مصر تاج الدولة بهرام النصراني
الارمني، وكان قد
__________
(1) الذي تقدمت ترجمته برقم (264).
(2) انظر " الكامل " 11 / 42، 43.
(3) أي سنة 531، وأورد ابن الاثير ذلك في حوادث سنة 530.
(4) أي في سنة 531 كما في " الكامل " 11 / 48، 49.
(*)
(20/402)
تمكن، واستعمل الارمن، فظلم الرعية، فجمع رضوان الولخشي
جيشا، وقصد القاهرة، فسار بهرام في جيشه إلى الصعيد
وأكثرهم أرمن نصارى، فمنعه أمير أسوان من دخولها،
فاقتتلوا، وقتل عدة من الارمن والسودان، ثم بعث يطلب أمانا
من الحافظ العبيدي، فآمنه، فعاد وحبس بالقاهرة، ثم
ترهب، ثم أطلق، ووزر للحافظ رضوان، ولقب بالملك الافضل، ثم
وقع بينه وبين الحافظ بعد سنتين، فهرب إلى الشام، فنزل على
أمير الدولة كمشتكين صاحب صرخد، فأكرمه، وعظمه.
وأعيدت إلى المقتفي ضياعه ومعاملاته، وتمكن، ونصر عسكر
دمشق وعليهم بزواش على فرنج طرابلس، والتقى زنكي والفرنج
أيضا فهزمهم، واستولى على قلعة لهم، ثم سار وأخذ بعلبك،
وأخذت الروم بزاعة (1) بالامان، وتنصر قاضيها وجماعة، فلله
الامر (2).
وتزوج السلطان مسعود ببنت دبيس الاسدي لملاحتها، وأغلقت
بغداد للعرس أسبوعا في سنة 532.
وفيها (3) استفحل أمر الرشد، والتف عليه عساكر، فقتلته
الباطنية، ونازلت عساكر الروم حلب، وحمي الحرب، وقتل خلق
من النصارى، وقتل بطريقهم، ثم نازلوا شيزر مدة، وعاثوا في
الشام، وما قحم عليهم زنكي، بل ضايقهم، وطلب النجدة من
السلطان مسعود، ثم قلعهم الله.
وفي سنة 533 زلزلت جنزة.
قال ابن الجوزي (4): فأهلكت مئتي
__________
(1) بلدة بين منبج وحلب.
" معجم البلدان " 1 / 409.
(2) انظر " الكامل " 11 / 56 - 60.
(3) أي سنة 532.
انظر " الكامل " 11 / 60 - 63.
(4) في " المنتظم " 10 / 78 حوادث سنة 533.
(*)
(20/403)
ألف وثلاثين ألفا، فسمعت شيخنا ابن ناصر يقول: جاء الخبر
أنه خسفت جنزة، وصار مكان البلد ماء أسود.
وكذا عدهم ابن الاثير في " كامله " (1) لكن أرخها في سنة
أربع (2).
وفيها حاصر زنكي دمشق غير مرة (3)، وعزل ابن طراد من
الوزارة، ووليها أستاذ الدار أبو نصر بن جهير، وعظم الخطب
بالعيارين، وأخذوا الدور بالشموع والثياب من الحمامات،
وأعانهم وزير السلطان، فتحزب الناس لهم، وأذن في ذلك
السلطان، وتتبعوهم.
وفيها كانت وقعة عظمي بين سنجر السلطان وبين كافر ترك بما
وراء النهر، فانكسر المسلمون، ونجا سنجر في طائفة، فتوصل
إلى بلخ في ستة نفر، وقتل [ خلق ] كثير من الجيش حتى قيل:
قتل مئة ألف، وسار اللعين في ثلاث مئة ألف فارس، وأحاطوا
بسنجر في سنة ست وثلاثين.
وفي سنة تسع وثلاثين (4) حاصر زنكي الفرنج بالرها،
وافتتحها، ثم بعد سنوات أخذتها الفرنج.
وفيها افتتح عبدالمؤمن مدينة تلمسان، ثم فاس.
وفي سنة إحدى وأربعين حاصر زنكي قلعة جعبر، فوثب عليه
ثلاثة من غلمانه، فقتلوه، وعارض شحنة (5) مسعود المقتفي في
دار الضرب، فأمر بحبسه، وعظم المقتفي، وأخذت الفرنج طرابلس
المغرب، واستفحل أمر
__________
(1) 11 / 77.
(2) وكذا فعل المؤلف في ترجمة الموسوي التي تقدمت برقم
(29) نقلا عن السمعاني.
(3) ذكر ابن الاثير ذلك في حوادث سنة 534.
(4) انظر " الكامل " 11 / 98.
(5) الشحنة أعوان الامير الذين يضبطون أمور الدولة.
(*)
(20/404)
الملك عبدالمؤمن، وغلب على ممالك المغرب (1).
وفي سنة اثنتين ولي ابن هبيرة ديوان الزمام (2)، وعزل من
ابن جهير،
ووزر أبو القاسم علي بن صدقة.
وفي سنة 543 جاءت ثلاثة ملوك من الفرنج إلى القدس، منهم
طاغية الالمان، وصلوا صلاة الموت، وفرقوا على جندهم سبع
مئة ألف دينار، فلم يشعر بهم أهل دمشق إلا وقد صبحوهم في
عشرة آلاف فارس وستين ألف رجل، فخرج المسلمون فارسهم
وراجلهم، والتقوا، فاستشهد نحو المئتين، منهم الفندلاوي
(3)، وعبد الرحمن الحلحولي، ثم اقتتلوا من الغد، وقتل خلق
من الفرنج، فلما كان خامس يوم وصل من الجزيرة غازي ابن
زنكي في عشرين ألفا، وتبعه أخوه نور الدين، وكان الضجيج
والدعاء والتضرع بدمشق لا يعبر عنه، ووضعوا المصحف
العثماني في صحن الجامع، وكان قسيس العدو قال: وعدني
المسيح بأخذ دمشق، فحفوا به، وركب حماره وفي يده الصليب،
فشد عليه الدماشقة، فقتلوه، وقتلوا حماره، وجاءت النجدات،
فانهزم الفرنج (4).
وقال ابن الاثير (5): سار ملك الالمان من بلاده لقصد
المسلمين، وانضم إليهم فرنج الشام، فنازل دمشق، وبها الملك
مجير الدين أبق وأتابكه معين الدين أنر، فنجده أولاد زنكي،
ونزل ملك الالمان بالميدان الاخضر،
__________
(1) انظر " الكامل " 11 / 108 و 115.
(2) راجع ص 295 ت رقم (1) ترجمة رقم (199).
(3) تقدمت ترجمته برقم (133).
(4) انظر " تاريخ " ابن القلانسي 462 - 466، و " المنتظم "
8 / 130، 131، و " مرآة الزمان " 8 / 119، 120، والبداية
12 / 223، 224.
(5) في الكامل 11 / 129 وما بعدها.
(*)
(20/405)
وأيس أهل دمشق، ووصل صاحب الموصل إلى حمص، فراسل أنر ملوك
فرنج الساحل يقول: بأي عقل تساعدون الالمان علينا ؟ ! وإن
ملكوا أخذوا منكم السواحل، وأنا إذا عجزت سلمت دمشق إلى
ابن زنكي، فلا تقومون به، فتخاذلوا، وبذل لهم بانياس،
فخوفوا ملك الالمان من عساكر الشرق، فرد إلى بلاده، وهي
وراء قسطنطينية.
وفيها ظهور الدولة الغورية، فقصد سوري بن حسين مدينة غزنة،
واستولى عليها، فجرت بينه وبين بهرام شاه وقعة، فقتل سوري،
فغضبت الغور لقتله، وحشدوا، فكان خروجهم في سنة سبع
وأربعين وخمس مئة، والملك في بقاياهم إلى اليوم، وافتتحوا
إقليم الهند (1).
واشتد بإفريقية القحط، لا بل كان القحط عاما، فقال المؤيد
عماد الدين: فيها كان الغلاء العام من خراسان إلى العراق
إلى الشام إلى بلاد المغرب (2).
وفي سنة 44 كسر نور الدين محمود صاحب حلب الفرنج، وقتل
صاحب أنطاكية في ألف وخمس مئة منهم، وأسر مثلهم، ثم أخذ
منهم حصن فامية.
وكان جوسلين طاغية تل باشر (3) قد ألهب المسلمين بالغارات،
واستولى على إلبيرة وبهسنا (4) ومرعش والراوندان وعين تاب
وعزاز، فحاربه سلحدار (5) نور الدين، فأسره جوسلين، فدس
نور الدين
__________
(1) انظر " الكامل " 11 / 135، 136.
(2) " الكامل " 11 / 137.
(3) تل باشر: قلعة حصينة وكورة واسعة شمالي حلب.
" معجم " ياقوت 2 / 40.
(4) بفتحتين وسكون السين ونون وألف: قلعة حصينة عجيبة بقرب
مرعش وسميساط " معجم " ياقوت 1 / 516.
(5) السلحدار أو السلاح دار: هو لقب الذي يحمل سلاح
السلطان أو الامير، وهي إحدى = (*)
(20/406)
جماعة من التركمان، وقال: من جاءني بجوسلين فله ما طلب.
فنزلوا بناحية عين تاب، وأغار عليهم جوسلين، وأخذ منهم
امرأة مليحة، وافتضها تحت شجرة، فكمن له التركمان، وأسروه،
فأعطاهم نور الدين عشرة آلاف دينار، واستولى نور الدين على
بلاده (1)، واشتد القحط بالعراق عام أول، وزال في العام
ووزر ابن هبيرة، ونكثت فرنج السواحل، فشن أنر الغارات
عليهم، وفعل مثله العرب والتركمان، حتى طلبوا تجديد
الهدنة، وأن يتركوا بعض القطيعة.
والتقى نور الدين الفرنج، فهزمهم، وقتل قائدهم البرنس أحد
الابطال، ومرض أنر بحوران ومات، ثم دفن بالمعينية (2).
ومات الحافظ صاحب مصر، وقام ولده الظافر، ووزر له ابن
مصال، ثم اختلف المصريون، وقتل خلق.
وفي سنة 545 ضايق نور الدين دمشق، فأذعنوا، وخطبوا له بها
بعد ملكها، فخلع على ملكها، وطوقه، ورده إلى البلد،
واستدعى الرئيس مؤيد الدين إلى مخيمه، وخلع عليه، ورد إلى
حلب.
وفيها أخذ ركب العراق، وقل من نجا، وقتل ابن مصال الوزير،
وغلب ابن السلار.
قال ابن الجوزي (3): جاء باليمن مطر كله دم.
__________
= الوظائف آنذاك، وأصحاب هذه الوظيفة يعبر عنهم لزيهم
بالركابية، وهو مركب من لفظين: احدهما عربي وهو السلاح،
والثاني فارسي وهو دار، ومعناه ممسك أو حامل.
انظر " صبح الاعشى " 2 / 480 و 5 / 462.
(1) " الكامل " 11 / 154 - 156.
(2) من مدارس الحنفية بدمشق.
انظر " مختصر تنبيه الطالب " 106، 107.
(3) في " المنتظم " 10 / 143.
(*)
(20/407)
وفي سنة 46 عاود نور الدين محاصرة دمشق، وراسلهم نور
الدين: إني أوثر إصلاح الرعية وجهاد الفرنج، فإن أعانني
عسكركم على الغزو، فهو المراد.
فنفروا، وامتنعوا، وخربت الغوطة، وعاث العسكر، وتحركت
الفرنج إنجادا لملك دمشق، فضاقت صدور الاخيار، وجرح خلق،
ثم تحول نور الدين إلى البقاع لما جاءت جيوش الفرنج نجدة،
فطلبوا من دمشق مال القطيعة المبذولة لهم على ترحيل نور
الدين، ثم عاد نور الدين إلى داريا، وبرز عسكر البلد،
ووقعت المناوشة، وتصالحوا، ثم سار ملك دمشق مجير الدين إلى
خدمة نور الدين إلى حلب، فأكرمه، وبقي كنائب لنور الدين
بدمشق، وافتتح نور الدين أنطرطوس (1) وتل باشر وعدة معاقل
للفرنج، ونازلت أربعون ألفا من الفرنج قرطبة ثلاثة أشهر،
حتى كادوا أن يأخذوها، فكشف عنها جيش عبدالمؤمن، وكانوا
اثني عشر ألفا، وقدم السلطان مسعود بغداد.
وفي سنة 47 مات مسعود، وقام بعده أخوه محمد، وعظم شأن
المقتفي، وسار إلى واسط، فمهدها، وعطف إلى الكوفة، ثم عاد
مؤيدا منصورا، فعملت له قباب الزينة.
وفي سنة 48 أخذت الفرنج عسقلان، واشتد الغلاء بدمشق، ومات
الفقراء، فطمع نور الدين في أخذها، ففي أول سنة تسع قدم
شيركوه رسولا، فنزل في ألف فارس، فلم يخرجوا لتلقيه، وقويت
الوحشة، وأقبل نور الدين، فنزل ببيت الابار، وزحف على
البلد مرتين، وأقبل
عسكره إلى باب كيسان، فإذا ليس على السور كبير أحد، فتقدم
راجل، فرأته يهودية، فدلت له حبلا، فصار على السور، وتبعه
جماعة، فنصبوا
__________
(1) بلد من سواحل بحر الشام.
" معجم " ياقوت 1 / 270.
(*)
(20/408)
سنجقا (1)، وصاحوا: نور الدين يا منصور.
وفتر القتال، وبادر قطاع خشب بفأسه، فكسر قفل باب شرقي،
ودخل نور الدين، وفرحت به الرعية، فتحصن الملك مجير الدين
بالقلعة طالبا للامان، ثم نزل، فطيب نور الدين قلبه، وخرج
بأمواله إلى الدار الاتابكية، ثم ذهب إلى حمص، وكتب له بها
منشور.
وأقبلت الغز التركمان، فنهبوا نيسابور، وعذبوا وقتلوا بها
ألوفا، وخدموا السلطان سنجر، وأخذوه معهم، فصار في حال
زرية بعد العز والملك، يركب أكدشا، وربما جاع.
وفيها يوم الجمعة ثاني شوال وقعت صاعقة عظيمة في التاج
الذي بدار الخلافة، فتأججت فيه وفي القبة والدار، فبقيت
النار تعمل فيه تسعة أيام، حتى أطفئت بعد أن صيرته
كالحممة، وكانت آية هائلة وكائنة مدهشة، وكان هذا التاج من
محاسن الدنيا، أنشأه المكتفي في دولته، وكان شاهقا بديع
البناء، ثم رم شعثه وطري.
وفي سنة خمسين وخمس مئة سار المقتفي إلى الكوفة، واجتاز
بسوقها، وقتل في العام الماضي الظافر بمصر، وقدم طلائع بن
زريك من الصعيد للاخذ بثأر الظافر من قاتله عباس، ففر عباس
نحو الشام بأمواله، فأخذته فرنج عسقلان، فقتلوه، وباعوا
ابنه نصرا للمصريين، واضطرب أمر مصر، وعزمت الفرنج على
أخذها، وأرست مراكب جاءت من صقلية على
تنيس، فهجموها، وقتلوا، وسبوا، وافتتح نور الدين قلاعا
للفرنج وبعض بلاد الروم بالامان، واتسع ملكه، فبعث إليه
المقتفي تقليدا، ولقبه بالملك العادل، وأمره بقصد مصر.
__________
(1) السنجق تقدم التعريف به في حواشي الترجمة (124).
(*)
(20/409)
وفي سنة 551 سار المقتفي والسلطان سليمان بن محمد بن
ملكشاه إلى حلوان، ثم نفذ المقتفي العساكر مع السلطان، وفي
رمضانها هرب سنجر من الغز في خواصه إلى ترمذ، وتمنع بها.
وكان أتسز خوارزمشاه وابن أخت سنجر الخاقان محمود يحاربان
الغز، والحرب بينهم سجال، وذلت الغز بموت علي بك، وأتت
الاتراك الفارغلية إلى خدمة سنجر، وعظم حاله، ورجع إلى دار
ملكه مرو.
وفيها جاءت الزلزلة العظمى بالشام.
وفي سنة 52 ورد كتاب السلطان سنجر إلى الملك نور الدين
يتودد فيه، وأنه انتصر على الغز بحيلة، ويعده بنصره على
الفرنج، فزينت دمشق والقلعة بالمغاني، وكسر عكسر نور الدين
الفرنج، وأخذ نور الدين بانياس بالسيف، ثم التقى نور
الدين، ونصر عليهم، ولله الحمد.
وفيها نازل محمد شاه بن محمود وعلي كوجك بغداد في ثلاثين
ألفا، واقتتلوا أياما، وعظم الخطب، وقتل خلق كثير، وبذل
المقتفي الاموال والغلال، ثم ترحلوا، وسار المقتفي إلى
أوانا (1)، وتصيد، ومات سنجر السلطان، وهزم نور الدين
الفرنج على صفد، وأخذت غزة من الفرنج.
وفي سنة 53 سار المقتفي إلى واسط، وزار مشهد الحسين، ورد،
ثم سار إلى المدائن، وشهد العيد في تجمل باهر.
__________
(1) بلدة كثيرة البساتين والشجر، من نواحي دجيل بغداد،
بينها وبين بغداد عشرة فراسخ، وكثيرا ما يذكرها الشعراء
الخلعاء في أشعارهم.
" معجم البلدان " 1 / 274.
(*)
(20/410)
قال ابن الاثير (1): كان مصرع الاسماعيلية الخراسانيين،
نزلوا وكانوا ألفا وسبع مئة، فأخذوا زوق تركمان (2)،
فتناخت التركمان، وكروا عليهم، ووضعوا فيهم السيف، فما نجا
منهم إلا تسعة أنفس.
وكانت ملحمة كبرى بين الغز وبين أمراء خراسان، ودام المصاف
يومين، وانتصرت الغز، واستغنوا، وشرعوا في العدل قليلا.
وفيها التقى المصريون والفرنج بفلسطين، فاستبيحت الفرنج.
وفيها التقى نور الدين والفرنج، فانهزم عسكره، ونجا نور
الدين، وانهزم العدو أيضا.
وفيها أقبل صاحب قسطنطينية في جيوش الروم، وأغار أوائلهم
على بلاد أنطاكية (3).
وفى سنة 554 مرض نور الدين، وعهد بالملك بعده لاخيه مودود،
وصالح صاحب القسطنطينية، وأطلق له مقدمين من أسرى الفرنج،
فبعث هو إلى نور الدين هدايا وتحفا، وسار نور الدين، فتملك
حران، ومد سماطا لاخيه مودود لم يسمع بمثله.
وفي سنة 4 كان الفساد بالغز عمالا، وسار الخليفة إلى واسط،
وسار عبدالمؤمن سلطان المغرب، فحاصر المهدية سبعة أشهر،
وأخذها بالامان، وبها خلق من النصارى، وكانت بأيديهم من
اثنتي عشرة سنة، وافتتح أيضا قبلها تونس.
__________
(1) في " الكامل " 11 / 238.
(2) في الكامل ": فأوقعوا بالتركمان، فلم يجدوا الرجال،
وكانوا قد فارقوا بيوتهم، فنهبوا الاموال، وأخذوا النساء
والاطفال، وأحرقوا ما لم يقدروا على حمله..(3) هي باللام،
بلد كبير في تركيا اليوم.
(*)
(20/411)
وفي " كامل " ابن الاثير (1) أن نقيب العلوية بنيسابور ذخر
الدين قتل شافعي بعض أصحابه، فطلبه من رئيس الشافعية
الموفقي، فحماه، فاقتتلوا أياما، وعظم الخطب، وأحرقت
المدارس والاسواق، واستحر القتل بالشافعية بحيث استؤصل
البلد، فلله الامر.
قال ابن الجوزي (2): مرض المقتفي بعلة التراقي، وقيل: بدمل
في عنقه، فتوفي في ثاني ربيع الاول سنة خمس وخمسين وخمس
مئة وله ست وستون سنة سوى ثمانية وعشرين يوما، وكذا مات
أبوه بعلة التراقي.
274 - المستنجد بالله *
الخليفة أبو المظفر يوسف بن المقتفي لامر الله محمد
بن المستظهر بن المقتدي العباسي.
عقد له أبوه بولاية العهد في سنة سبع وأربعين، وعمره يومئذ
تسع وعشرون سنة.
فلما احتضر المقتفي رام طائفة عزل المستنجد، وبعثت حظية
المقتفي أم علي إلى الامراء تعدهم وتمنيهم ليبايعوا ابنها
علي بن المقتفي، قالوا:
__________
(1) 11 / 250.
(2) في " المنتظم " 10 / 197.
(*) المنتظم 10 / 192 - 194 و 236، الكامل 11 / 256 و 360
- 362، مرآة الزمان 8 / 177، خلاصة الذهب المسبوك: 276،
الروضتين 1 / 190، مفرج الكروب 1 / 193،
الفخري: 316، العبر 4 / 194، دول الاسلام 2 / 79، تتمة
المختصر 2 / 120، 121، فوات الوفيات 4 / 358 - 360، مرآة
الجنان 3 / 379، البداية والنهاية 12 / 262، تاريخ ابن
خلدون 3 / 525، معالم الانافة 2 / 44 - 49، النجوم الزاهرة
5 / 386، الضوء اللامع 10 / 329، حسن المحاضرة 2 / 91، 92،
تاريخ الخلفاء: 442 - 444، تاريخ الخميس 2 / 363، شذرات
الذهب 4 / 218، 219، معجم الانساب والاسرات الحاكمة: 4،
الزركشي: 355.
(*)
(20/412)
كيف هذا مع وجود ولي العهد يوسف ؟ قالت: أنا أكفيكموه،
وهيأت جواري بسكاكين ليثبن عليه، فرأى خويدم ليوسف الحركة،
ورأى بيد علي وأمه سيفين، فبادر مذعورا إلى سيده، وبعثت هي
إلى يوسف: أن احضر موت أمير المؤمنين.
فطلب أستاذ الدار، ولبس درعا، وشهر سيفه، وأخذ معه جماعة
من الحواشي، والفراشين، فلما مر بالجواري ضرب جارية بالسيف
جرحها، وتهارب الجواري، وأخذ أخاه وأمه، فحبسهما، وأباد
الجواري تغريقا وقتلا، وتمكن.
وأمه كرجية اسمها طاووس (1).
قال الدبيثي: كان يقول الشعر، ونقش خاتمه: من أحب نفسه عمل
لها.
قال ابن النجار: حكى ابن صفية أن المقتفي رأى ابنه يوسف في
الحر، فقال: أيش في فمك ؟ قال: خاتم يزدن عليه أسماء
الاثني عشر، وذلك يسكن العطش.
قال: ويلك (2) يريد يزدن أن يصيرك رافضيا، سيد الاثني عشر
الحسين رضي الله عنه، ومات عطشان.
وللمستنجد: عيرتني بالشيب وهو وقار * ليتها عيرت بما هو
عار
إن تكن شابت الذوائب مني * فالليالي تزينها الاقمار (3)
نبأني جماعة عن ابن الجوزي، حدثني الوزير ابن هبيرة، حدثني
المستنجد قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم
منذ خمس عشرة سنة، فقال
__________
(1) انظر " الكامل " 11 / 256، 257.
(2) في الاصل: والك.
(3) البيتان في " فوات الوفيات " 4 / 360 وفيه " تنيرها "
بدل " تزينها ".
(*)
(20/413)
لي: يبقى أبوك في الخلافة خمسا وعشرين سنة.
فكان كما قال، فرأيته قبل موت أبي بأربعة أشهر، فدخل بي من
باب كبير، ثم ارتفعنا إلى رأس جبل، وصلى بي ركعتين،
وألبسني قميصا، ثم قال لي: قل: اللهم اهدني فيمن هديت (1).
ثم قال ابن الجوزي (2): أقر المستنجد أرباب الولايات،
وأزال المكوس والضرائب.
ونقل صاحب " الروضتين " (3) أنه كان موصوفا بالعدل والرفق،
وأطلق المكوس بحيث إنه لم يترك بالعراق مكسا، وكان شديدا
على المفسدين، سجن عوانيا كان يسعى بالناس مدة، فبذل رجل
فيه عشرة آلاف دينار، قال المستنجد: فأنا أبذل عشرة آلاف
دينار لتأتيني بآخر مثله أحبسه.
قال ابن الاثير في " كامله " (4): كان المستنجد أسمر، تام
القامة، طويل اللحية، اشتد مرضه، وكان قد خافه أستاذ الدار
عضد الدولة بن رئيس الرؤساء وقايماز المقتفوي كبير
الامراء، فواضعا الطبيب على أذيته، فوصف له الحمام، فامتنع
لضعفه، ثم أدخل الحمام، وأغلق عليه، فتلف، هكذا سمعت غير
واحد ممن يعلم الحال.
قال: وقيل: إن الخليفة كتب إلى
وزيره مع ابن صفية الطبيب يأمره بالقبض على قايماز وعضد
الدولة وصلبهما، فأرى ابن صفية الخط لعضد الدولة، فاجتمع
بقايماز ويزدن،
__________
(1) " المنتظم " 10 / 193.
(2) في " المنتظم " 10 / 193.
(3) 190، 191، عن " الكامل " 11 / 362.
(4) 11 / 360، 361.
(*)
(20/414)
فاتفقوا على قتله، فدخل إليه يزدن وآخر، فحملاه إلى الحمام
وهو يستغيث، وأغلقاه عليه.
قلت: أول من بايع المستنجد عمه أبو طالب، ثم أخوه أبو
جعفر، ثم ابن هبيرة، وقاضي القضاة الدامغاني.
وفي سنة 55 قبض الامراء بهمذان على سليمان شاه، وملكوا
أرسلان شاه، ومات بمصر الفائز بالله، وبايعوا العاضد.
وفي سنة 56 قتل بمصر الصالح وزيرها، واستولى شاور، وسافر
للصيد المستنجد مرات، والتقى صاحب أذربيجان والكرج، فنصر
الله، وتملك نيسابور المؤيد أيبه، واستناب مملوكه ينكز على
بسطام ودامغان، وتمكن، وهزم الجيوش، وهو من تحت أمر
السلطان رسلان.
وفيها كسرت الفرنج نور الدين تحت حصن الاكراد، ونجا هو
بالجهد، ونزل على بحيرة حمص، وحلف لا يستظل بسقف حتى يأخذ
بالثأر، ثم التقاهم في سنة 59 فطحنهم، وأسر ملوكهم، وقتل
منهم عشرة آلاف بحارم (1)، ثم جهز جيوشه مع أسد الدين منجد
الشاور وانتصر، وقتل ضده ضرغاما، ثم استنجد بالفرنج،
فأقبلوا، وضايقوا أسد الدين ببلبيس،
وافتتح نور الدين حارم وبانياس، وضاع من يده خاتم بفص
ياقوت يسمى الجبل، ثم وجدوه.
وفيها أقبل صاحب قسطنطينية بجيشه محاربا لملك الروم قلج
رسلان، فنصر الله، وأخذ المسلمون منهم حصونا.
__________
(1) حارم بكسر الراء: هي اليوم بلدة شمال سورية من محافظة
إدلب.
(*)
(20/415)
وفي سنة 60 ولدت ببغداد بنت أبي العز الاهوازي أربع بنات
جملة.
وفيها هاجت فتنة صماء بسبب العقائد بأصبهان، ودام القتال
بين العلماء أياما، وقتل خلق كثير.
قاله ابن الاثير (1).
وفي سنة 561 عملت الرافضة مأتم عاشوراء، وبالغوا، وسبوا
الصحابة، وخرجت الكرج، وبدعوا في الاسلام، وغزا نور الدين
مرات.
وفي سنة 62 كان مسير شيركوه إلى مصر ثاني مرة في ألفين،
وحاصر مصر شهرين، واستنجد شاور بالفرنج، فدخلوا من دمياط،
وحاربهم شيركوه، وانتصر، وقتلت ألوف من الفرنج، وسار
شيركوه، واستولى على الصعيد، وافتتح ولد أخيه صلاح الدين
الاسكندرية، ثم نازلته الفرنج، وحاصروه بها أشهرا حتى رد
شيركوه، فهربت الفرنج عنها، واستقر بمصر للفرنج شحنة
وقطيعة مئة ألف دينار في العام، وقدم شيركوه، وأعطاه نور
الدين حمص.
وفي سنة 564 غزو شيركوه مصر ثالث مرة، وملكت الفرنج بلبيس،
ونازلوا القاهرة، فذل لهم شاور، وطلب الصلح على قطيعة ألف
ألف دينار في العام، فأجابه الطاغية مري إلى ذلك، فعجل له
مئة ألف دينار، واستنجد بنور الدين، وسود كتابه، وجعل في
طيه ذوائب النساء، وواصل كتبه يحثه،
وكان في حلب، فجهز عسكره، واستخدم أسد الدين حتى قيل: كان
في سبعين ألفا من بين فارس وراجل، فتقهقر الفرنج لقدومه
وذلوا، ودخل القاهرة في ربيع الآخر، وجلس في دست المملكة،
وخلع عليه العاضد خلع السلطنة، وكتب له التقليد وعلامة
العاضد بخطه: هذا عهد لم يعهد
__________
(1) في " الكامل " 11 / 319.
(*)
(20/416)
مثله لوزير، فتقلد أمانة رآك أمير المؤمنين لها أهلا،
والحجة عليك عند الله بما أوضحه لك من مراشد سبله، فخذ
كتاب أمير المؤمنين بقوة، واسحب ذيل الفخار بأن اعتزت بك
بنوة النبوة، واتخذ للفوز سبيلا، [ ولا تنقضوا الايمان بعد
توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ] [ النحل: 91 ] (1).
وقام شاور لضيافة الجيش، فطلبوا منه النفقة، فماطل، ثم شد
عليه أمراء، فقبضوا عليه، وذبح، وحمل رأسه إلى العاضد،
ومات شيركوه بعد الولاية بشهرين.
قال العماد: أحرق شاور مصر، وخاف عليها من الفرنج، ودامت
النار تعمل فيها أربعة وخمسين يوما.
وقلد العاضد منصب شيركوه لابن أخيه صلاح الدين، فغضب عرب
مصر وسودانها، وتألبوا، وأقبلوا في خمسين ألفا، فكان
المصاف بين القصرين يومين، وراح كثير منهم تحت السيف،
وكانت الزلزلة العظمى بصقلية أهلكت أمما.
وفي سنة خمس وستين جاءت زلازل عظام بالشام، ودكت القلاع،
وأفنت خلقا، وحاصرت الفرنج دمياط خمسين يوما، فعجزوا،
ورحلوا، وأخذ نور الدين سنجار، وتوجه إلى الموصل، ورتب
أمورها، وبنى يها
الجامع الاكبر، وسار فحاصر الكرك، ونصب عليها منجنيقين،
وجد في حصارها، فأقبلت نجدة الفرنج، فقصدهم نور الدين،
وحصدهم، وتمكن بمصر صلاح الدين وذهب إليه أبوه، فكان يوما
مشهودا، ركب العاضد بنفسه لتلقيه.
قال صلاح الدين: ما رأيت أكرم من العاضد، بعث
__________
(1) انظر " الكامل " 11 / 335 وما بعدها، و " تاريخ
الخلفاء ": 444.
(*)
(20/417)
إلي مدة مقام الفرنج على حصار دمياط ألف ألف دينار مصرية
سوى الثياب وغيرها.
وقيل: إن المستنجد كان فيه عدل ورفق، بطل مكوسا كثيرة.
قال ابن النجار: كان موصوفا بالفهم الثاقب، والرأي الصائب،
والذكاء الغالب، والفضل الباهر، له نظم ونثر، ومعرفة
بالاسطرلاب، توفي في ثامن ربيع الآخر سنة ست وستين وخمس
مئة، وقام بعده ابنه المستضئ.
قلت: الامام إذا كان له عقل جيد ودين متين، صلح به أمر
الممالك فإن ضعف عقله، وحسنت ديانته، حمله الدين على
مشاورة أهل الحزم، فتسددت أموره، ومشت الاحوال، وإن قل
دينه، ونبل رأيه، تعبت به البلاد والعباد، وقد يحمله نبل
رأيه على إصلاح ملكه ورعيته للدنيا لا للتقوى، فإن نقص
رأيه، وقل دينه وعقله، كثر الفساد، وضاعت الرعية، وتعبوا
به، إلا أن يكون فيه شجاعة وله سطوة وهيبة في النفوس،
فينجبر الحال، فإن كان جبانا، قليل الدين، عديم الرأي،
كثير العسف، فقد تعرض لبلاء عاجل، وربما عزل وسجن إن لم
يقتل، وذهبت عنه الدنيا، وأحاطت به خطاياه وندم - والله -
حيث لا يغني الندم، ونحن آيسون اليوم من وجود إمام راشد
من سائر الوجوه، فإن يسر الله للامة بإمام فيه كثرة محاسن
وفيه مساوئ قليلة، فمن لنابه، اللهم فأصلح الراعي والرعية،
وارحم عبادك، ووفقهم، وأيد سلطانهم، وأعنه بتوفيقك.
(20/418)
275 - أبو البركات * العلامة الفيلسوف، شيخ الطب، أوحد
الزمان، أبو البركات، هبة الله بن علي
بن ملكا البلدي، اليهودي كان، ثم أسلم في أواخر عمره، خدم
الخليفة المستنجد.
قال الموفق بن أبي أصيبعة (1): تصانيفه في غاية الجودة،
وله فطرة فائقة، أضر بأخرة، وكان يملي على الجمال بن
فضلان، وابن الدهان، والمهذب ابن النقاش، ووالد الموفق عبد
اللطيف، كتابه المسمى ب " المعتبر ".
قيل: سبب إسلامه أنه دخل إلى الخليفة، فقام له الكل سوى
القاضي، فقال: يا أمير المؤمنين، إن كان القاضي لم يقم
لاني على غير ملته، فأنا أسلم.
فأسلم.
خلف ثلاث بنات، وعاش نحو الثمانين.
وهو صاحب ترياق برشعثا، وله رسالة في ماهية العقل (2).
ومن تلامذته المهذب علي بن هبل.
مات سنة نيف وخمسين وخمس مئة.
وبرع في علم الفلسفة إلى الغاية.
__________
(*) تاريخ حكماء الاسلام: 343 - 346، اخبار العلماء بأخبار
الحكماء: 224، عيون الانباء في طبقات الاطباء: 374 - 376،
تاريخ مختصر الدول لابن العبري: 364 - 366،
المختصر 3 / 43، تتمة المختصر 2 / 107، نكت الهميان: 304،
مطالع البدور 2 / 105، كشف الظنون: 1731، هدية العارفين 2
/ 505، 506.
(1) في " طبقات الاطباء ": 374 - 376.
(2) انظر بقية تصانيفه في " عيون الانباء " 376.
(*)
(20/419)
276 - كمال * بنت المحدث أبي محمد عبد الله بن أحمد
بن عمر بن السمرقندي، أم الحسن، صالحة خيرة، وهي زوجة
المحدث عبد الخالق اليوسفي (1).
سمعت من: طراد، وابن البطر، والنعالي.
وعنها: إبراهيم بن برهان النساج، وهبة الله بن عمر بن كمال
الحلاج.
توفيت سنة ثمان وخمسين وخمس مئة.
أخوها:
277 - أبو المظفر هبة الله * *
سمع النعالي، وجعفرا السراج.
روى عنه موفق الدين المقدسي.
مات سنة ثلاث وستين وخمس مئة.
278 - الخزرجي * * * الامام
الفقيه، أبو عبد الله، محمد بن عبد الحق بن أحمد بن
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحق، الخزرجي القرطبي المالكي.
سمع " الموطأ " وغيره من محمد بن فرج الطلاعي، وعني
بالفقه.
__________
(*) انظر أعلام النساء 4 / 262.
(1) الذي تقدمت ترجمته برقم (187).
(* *) لم أعثر على مصدر ترجمه.
(* * *) لم اعثر على مصدر ترجمه.
(*)
(20/420)
وسمع في كهولته من أبي محمد بن عتاب وطائفة.
روى عنه ابنه القاضي عبد الحق بن محمد، وأبو القاسم أحمد
بن بقي وغيرهما.
وتوفي قريبا من سنة ستين وخمس مئة.
أخبرنا أبو محمد بن هارون في كتابه من تونس سنة سبع مئة
قال: سمعت " الموطأ " من ابن بقي، أن محمد بن عبد الحق
حدثه سماعا عن الطلاعي.
279 - الحرستاني * الشيخ أبو
الحسن علي بن أحمد بن علي بن أحمد بن جعفر، القرشي
الحرستاني الدمشقي البستاني، راوي جزء الرافقي (1)، سمعه
في سنة ثمانين وأربع مئة من أبي عبد الله بن أبي الحديد،
وهو الذي عرفهم بسماعه لما رآهم قد خرجوا يسمعون بالقرية
فقال: ما أنسى ابن أبي الحديد وقد طلع، وسمعنا عليه، وفرطت
لهم من هذه الجوزة، فدخل الطلبة، فنبشوا سماعه.
روى عنه: ابن عساكر وابنه، ومحمود بن شتي، وأبو القاسم بن
صصرى، وابن غسان، ومكرم، وكريمة.
توفي في شوال سنة إحدى وستين وخمس مئة عن نيف وتسعين سنة.
__________
(*) لم نعثر على مصدر ترجمه.
(1) وهو أبو الفضل العباس بن محمد بن نصر، المتوفى سنة
356، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (30).
(*)
(20/421)
280 - الفلكي * المولى الوزير الكبير الزاهد الصالح، أبو
المظفر، سعيد بن سهل
بن محمد بن عبد الله، النيسابوري الاصل، الخوارزمي،
المشهور بالفلكي.
سمع من نصر الله بن أحمد الخشنامي، وعلي بن أحمد بن الاخرم
المؤذن.
واستوطن دمشق بالسميساطية (1).
حدث عنه بالجزء المنسوب إليه: ابن عساكر وابنه بهاء الدين،
وأبو المواهب بن صصرى، وأخوه الحسين، ومحمد بن الحسين
المجاور، وزين الامناء أبو البركات، ومحمد بن غسان، ومكرم
بن أبي الصقر، وطائفة.
وقد كان وزر بخوارزم لصاحبها.
وكان ذا هيبة وشهامة ونهضة بأعباء الامر وجود وبذل، ثم إنه
خاف من الملك، فحج، وتصدق بأموال ضخمة، وقدم دمشق، ونزل
بالخانقاه، وجدد بها الصفة الغربية والبركة والقناة من
ماله، وباشر النظر في وقفها (2).
__________
(*) العبر 4 / 170، الوافي بالوفيات 15 / 224، النجوم
الزاهرة 5 / 370، شذرات الذهب 4 / 188 وتحرفت نسبته فيه
إلى " العلكي " بالعين بدل الفاء، تهذيب تاريخ دمشق لبدران
6 / 131، 132.
(1) وهي الخانقاه السميساطية، نسبة إلى السميساطي أبي
القاسم علي بن محمد بن
يحيى السلمي الدمشقي من أكابر رؤساء دمشق، متوفى سنة 453
ه، انظر عنها " مختصر تنبيه الطالب " 144 - 146، وتقع
قريبة من الباب الشمالي للجامع الاموي.
لا يفصل بينها وبين الجامع غير الحائط (2) انظر " الوافي "
15 / 224، و " تهذيب ابن عساكر " 6 / 132.
(*)
(20/422)
وكان ثقة متواضعا صالحا، حسن الاعتقاد، أثنى عليه ابن
عساكر وغيره.
مات في شوال سنة ستين وخمس مئة، ودفن بمقابر الصوفية.
وفيها مات ببغداد شيخ الطب وصاحب التصانيف أمين الدولة هبة
الله ابن صاعد ابن التلميذ النصراني الشقي (1)، وكان قسيس
النصارى عمر أربعا وتسعين سنة.
281 - العلوي * المولى الشريف،
أبو طالب، محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن
علي بن أبي زيد، العلوي الحسني البصري، نقيب الطالبيين
ببلده.
سمع من أبي علي علي بن أحمد التستري، فحدث عنه ب " سنن "
أبي داود سماعا للجزء الاول، وإجازة لسائر الكتاب إن لم
يكن سماعا، وسمع أيضا من جعفر بن محمد العباداني، وأبي عمر
الحسن بن غسان النحوي، ومحمد بن علي المؤدب ابن العلاف.
قال السمعاني: قدم بغداد مرات، وانحدرت في صحبته إلى
البصرة، وكان ظريفا مطبوعا، كان أصحابنا البصريون يقولون:
إنه يكذب كثيرا فاحشا في أحاديث الناس.
وقال ابن نقطة: قدم بغداد سنة 555، وحدث بها ب " سنن " أبي
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (243).
(*) العبر 4 / 172، النجوم الزاهرة 5 / 370، شذرات الذهب 4
/ 190.
(*)
(20/423)
داود، حدثنا عنه أبو طالب عبدالرحمن بن محمد بن عبد
السميع، وسماعه من التستري في سنة اثنتين وسبعين.
وقال عمر بن علي القرشي: أخبرنا الشريف أبو طالب محمد بن
أبي الحسين محمد بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد
بن عبيدالله ابن عبد الله بن علي بن باغر بن عبيد الله بن
عبد الله بن حسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي
طالب العلوي، ويعرف بابن أبي زيد، قال لي: ولدت في ربيع
الاول سنة إحدى وستين وأربع مئة.
قال: وتوفي في ربيع الاول سنة ستين وخمس مئة.
وأما السمعاني، فقال: ولد سنة تسع وستين.
وقال ابن النجار: سألت النقيب أبا جعفر محمد بن محمد عن
والده: متى ولده ؟ فقال: سنة تسع وستين.
قلت: استقدمه الوزير ابن هبيرة، وسمع منه " السنن " لابي
داود، وقد حدث به عنه الحافظ أبو الفتوح نصر بن الحصري
بالسماع المتصل، وقال: أخبرت أن سماعه له ظهر بعد ذلك.
ثم قال ابن نقطة: هذا القول عندي فيه نظر، لانا لم نسمع
أحدا قاله غير ابن الحصري، والصحيح عندي ما قيده أبو
المحاسن القرشي يعني الجزء الاول فقط، وآخره كراهية مس
الذكر في الاستبراء.
قلت: قد روى الكتاب المقداد بن أبي القاسم القيسي سماعا من
ابن
الحصري متصلا، وأجاز لي روايته.
وأنبأنا أحمد بن سلامة، عن أحمد بن طارق، أن أبا طالب
العلوي أنشدهم لنفسه:
(20/424)
لا تشكون دهرا سطا * شكواكه عين الخطا واصبر على حدثانه *
إن جار يوما وامتطى الدهر دهر قلب * يوماه بؤس أو عطا
وفيها مات أبو العباس بن الحطيئة (1)، وأبو الندى حسان بن
تميم الزيات (2)، وخزيفة بن سعد بن الهاطرا (3)، والوزير
سعيد بن سهل الخوارزمي الفلكي (4) بدمشق، وأبو الفضل عبد
الواحد بن إبراهيم بن القزة (5)، وعلي بن أحمد بن محمد
الاصبهاني اللباد (6)، وعلي بن أحمد بن مقاتل السوسي (7)،
ومفتي الجزيرة أبو القاسم عمر بن محمد بن البزري الشافعي
(8) عن تسع وثمانين سنة، والعدل محمد بن عبد الله بن
العباس الحراني ببغداد (9)، وأبو يعلى الصغير محمد بن أبي
حازم بن أبي يعلى بن الفراء شيخ الحنابلة (10)، والوزير
عون الدين بن هبيرة (11)، وصاحب ملطية ياغي أرسلان بن
دانشمد (12).
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (234).
(2) تقدمت ترجمته برقم (271).
(3) سترد ترجمته برقم (285).
(4) تقدمت ترجمته برقم (280).
(5) ذكرت مصادر ترجمته في نهاية الترجمة (271).
(6) تقدمت ترجمته برقم (239).
(7) تقدمت ترجمته برقم (164).
(8) تقدمت ترجمته برقم (240).
(9) تقدمت ترجمته برقم (241).
(10) تقدمت ترجمته برقم (242).
(11) وهو صاحب الترجمة التالية.
(12) مترجم في " العبر " 4 / 172 و " شذرات الذهب " 4 /
191.
(*)
(20/425)
282 - ابن هبيرة * الوزير الكامل، الامام العالم العادل،
عون الدين، يمين الخلافة، أبو المظفر يحيى بن محمد
بن هبيرة بن سعيد بن الحسن بن جهم، الشيباني الدوري
العراقي الحنبلي، صاحب التصانيف.
مولده بقرية بني أوقر من الدور (1) أحد أعمال العراق في
سنة تسع وتسعين وأربع مئة.
ودخل بغداد في صباه، وطلب العلم، وجالس الفقهاء، وتفقه
بأبي الحسين بن القاضي أبي يعلى والادباء، وسمع الحديث،
وتلا بالسبع، وشارك في علوم الاسلام، ومهر في اللغة، وكان
يعرف المذهب والعربية والعروض، سلفيا أثريا، ثم إنه أمضه
الفقر، فتعرض للكتابة، وتقدم، وترقى، وصار مشارف الخزانة،
ثم ولي ديوان الزمام (2) للمقتفي لامر الله، ثم وزر له في
سنة 544، واستمر ووزر من بعده لابنه المستنجد.
وكان دينا خيرا متعبدا عاقلا وقورا متواضعا، جزل الرأي،
بارا
__________
(*) الخريدة 1 / 96، المنتظم 10 / 214 - 217، الكامل 11 /
321، مرآة الزمان 8 / 159 - 163، الروضتين 1 / 141، وفيات
الاعيان 6 / 230 - 244، مفرج الكروب
1 / 147، الفخري: 312 - 315، المختصر 3 / 42، تراجم ابن
عبد الهادي خ 110 / 2، العبر 4 / 172، 173، دول الاسلام 2
/ 74، 75، تتمة المختصر 2 / 106، مرآة الجنان 3 / 344 -
346، البداية والنهاية 12 / 251، ذيل طبقات الحنابلة 1 /
251 - 289، تاريخ ابن خلدون 3 / 524، مطالع البدور 2 /
114، النجوم الزاهرة 5 / 369، 370، الدر المنضد في رجال
أحمد للعليمي ورقة 71 / 2، 72 / 1، كشف الظنون: 33، 103،
1462، شذرات الذهب 4 / 191 - 197، إيضاح المكنون 1 / 155 و
2 / 77، هدية العارفين 8 / 159 - 163.
وقد ذكر ابن رجب في " طبقاته " 1 / 282 ان له ترجمة في "
معجم الادباء "، ولم أجدها فيه.
(1) انظر " معجم " البلدان " 2 / 481.
(2) انظر حواشي الترجمة (199).
(*)
(20/426)
بالعلماء، مكبا مع أعباء الوزارة على العلم وتدوينه، كبير
الشأن، حسنة الزمان.
سمع أبا عثمان بن ملة، وهبة الله بن الحصين، وخلقا بعدهما.
وسمع الكثير في دولته، واستحضر المشايخ، وبجلهم، وبذل لهم.
قال ابن الجوزي (1): كان يجتهد في اتباع الصواب، ويحذر من
الظلم ولا يلبس الحرير، قال لي: لما رجعت من الحلة، دخلت
على المقتفي، فقال لي: ادخل هذا البيت، وغير ثيابك، فدخلت،
فإذا خادم وفراش معهم خلع الحرير، فقلت: والله ما ألبسها.
فخرج الخادم، فأخبر الخليفة، فسمعت صوته يقول: قد والله
قلت: إنه ما يلبسه.
وكان المقتفي معجبا به، ولما استخلف المستنجد، دخل ابن
هبيرة عليه، فقال: يكفي في إخلاصي أني ما حابيتك في زمن
أبيك، فقال: صدقت.
قال (2): وقال مرجان الخادم: سمعت المستنجد بالله ينشد
وزيره وقد
قام بين يديه في أثناء مفاوضة ترجع إلى تقرير قواعد الدين
والصلاح، وأنشده لنفسه (3): ضفت نعمتان خصتاك وعمتا *
فذكرهما حتى القيامة يذكر (4)
__________
(1) في " المنتظم " 10 / 214.
(2) المنتظم " 10 / 214.
(3) الاخيران منها لنفسه، والاولان لابن حيوس من قصيدة
يمدح بها نصر بن محمود بن نصر بن صالح بن مرداس أمير حلب،
قتلته التركمان سنة 468، ومطلع القصيدة: هل العدل إلا دون
ما أنت مظهر * أو الخير إلا ما تذيع وتضمر وهي في " ديوانه
" 1 / 269 - 275 بتحقيق خليل مردم بك.
(4) رواية " الديوان ": حديثهما حتى القيامة يؤثر.
(*)
(20/427)
وجودك والدنيا إليك فقيرة * وجودك والمعروف في الناس ينكر
(1) فلو رام يا يحيى مكانك جعفر * ويحيى لكفا عنه يحيى
وجعفر (2) ولم أر من ينوي لك السوء يا أبا ال * مظفر إلا
كنت أنت المظفر قال ابن الجوزي (3): وكان مبالغا في تحصيل
التعظيم للدولة، قامعا للمخالفين بأنواع الحيل، حسم أمور
السلاطين السلجوقية، وقد كان آذاه شحنة في صباه، فلما وزر،
استحضره وأكرمه، وكان يتحدث بنعم الله، ويذكر في منصبه شدة
فقره القديم، وقال: نزلت يوما إلى دجلة وليس معي رغيف أعبر
به.
وكان يكثر مجالسة العلماء والفقراء، ويبذل لهم الاموال،
فكانت السنة تدور وعليه ديون، وقال: ما وجبت علي زكاة قط.
وكان إذا استفاد شيئا من العلم، قال: أفادنيه فلان.
وقد أفدته معنى حديث، فكان يقول: أفادنيه ابن الجوزي، فكنت
أستحييى، وجعل لي مجلسا في داره كل
جمعة، ويأذن للعامة في الحضور، وكان بعض الفقراء يقرأ عنده
كثيرا، فأعجبه، وقال لزوجته: أريد أن أزوجه بابنتي، فغضبت
الام.
وكان يقرأ عنده الحديث كل يوم بعد العصر، فحضر فقية مالكي،
فذكرت مسألة، فخالف فيها الجمع، وأصر، فقال الوزير: أحمار
أنت ! أما ترى الكل يخالفونك ؟ ! فلما كان من الغد، قال
للجماعة: إنه جرى مني بالامس في حق هذا الرجل ما لا يليق،
فليقل لي كما قلت له، فما أنا إلا كأحدكم، فضج المجلس
بالبكاء، واعتذر الفقيه، قال: أنا أولى بالاعتذار، وجعل
يقول: القصاص القصاص، فلم يزل حتى قال يوسف الدمشقي: إذ
أبى
__________
(1) في " الديوان ": وجودك والمعروف في الخلق منكر.
(2) يقصد بهما الوزيرين الكبيرين يحيى بن خالد البرمكي
وابنه جعفر بن يحيى، وزرا لهارون الرشيد، مرت ترجمتها في
الجزء التاسع برقمي (18) و (28) (3) في " المنتظم " 10 /
214، 215.
(*)
(20/428)
القصاص فالفداء، فقال الوزير: له حكمه.
فقال الفقيه: نعمك علي كثيرة، فأي حكم بقي لي ؟ قال: لابد.
قال: علي دين مئة دينار.
فأعطاه مئتي دينار، وقال: مئة لابراء ذمته، ومئة لابراء
ذمتي (1).
ما أحلى شعر الحيص بيص فيه حيث يقول: يهز حديث الجود ساكن
عطفه * كما هز شرب الحي صهباء قرقف إذا قيل عون الدين يحيى
تألق ال * غمام وماس السمهري المثقف (2) قال ابن الجوزي
(3): كان الوزير يتأسف على ما مضى، ويندم على ما دخل فيه،
ولقد قال لي: كان عندنا بالقرية مسجد فيه نخلة تحمل ألف
رطل، فحدثت نفسي أن أقيم في ذلك المسجد، وقلت لاخي مجد
الدين:
أقعد أنا وأنت، وحاصلها يكفينا، ثم انظر إلى ما صرت.
ثم صار يسأل الله الشهادة، ويتعرض لاسبابها، وفي ليلة ثالث
عشر جمادى الاولى سنة ستين وخمس مئة استيقظ وقت السحر،
فقاء، فحضر طبيبه ابن رشادة، فسقاه شيئا، فيقال: إنه سمه،
فمات، وسقي الطبيب بعده بنصف سنة سما، فكان يقول: سقيت
فسقيت، فمات، ورأيت أنا وقت الفجر كأني في دار الوزير وهو
جالس، فدخل رجل بيده حربة، فضربه بها، فخرج الدم كالفوارة،
فالتفت فإذا خاتم ذهب، فأخذته، وقلت: لمن أعطيه ؟ أنتظر
خادما يخرج فأسلمه إليه، فانتبهت، فأخبرت من كان معي، فما
استتممت الحديث حتى جاء رجل، فقال: مات الوزير، فقال رجل:
هذا محال، أنا فارقته في عافية أمس العصر، فنفذوا إلي،
وقال لي ولده: لابد أن تغسله،
__________
(1) انظر ترجمة الاشيري التي سترد برقم (294).
(2) البيتان في " ديوانه ".
(3) في " المنتظم " 11 / 216.
(*)
(20/429)
فغسلته، ورفعت يده ليدخل الماء في مغابنه، فسقط الخاتم من
يده حيث رأيت ذلك الخاتم، ورأيت آثارا بجسده ووجهه تدل على
أنه مسموم، وحملت جنازته إلى جامع القصر، وخرج معه جمع لم
نره لمخلوق قط، وكثر البكاء عليه لما كان يفعله من البر
والعدل، ورثته الشعراء (1).
قلت: له كتاب " الافصاح عن معاني الصحاح " شرح فيه " صحيحي
" البخاري ومسلم في عشر مجلدات (2)، وألف كتاب " العبادات
" على مذهب أحمد، وله أرجوزة في المقصور والممدود، وأخرى
في علم الخط، واختصر كتاب " إصلاح المنطق " لابن
السكيت (3).
وقيل: إن الحيص بيص دخل على الوزير، فقال الوزير قد نظمت
بيتين، فعززهما: زار الخيال نحيلا مثلا مرسله * فما شفاني
منه الضم والقبل ما زارني الطيف (4) إلا كي يوافقني * على
الرقاد فينفيه ويرتحل
__________
(1) انظر بعض رثائه في " المنتظم " 10 / 217 و " طبقات "
ابن رجب 1 / 286، 287.
(2) قال ابن رجب: ولما بلغ فيه إلى حديث " من يرد الله به
خيرا يفقهه في الدين " شرحه، وتكلم على معنى الفقه، وآل به
الكلام إلى ذكر مسائل الفقه المتفق عليها والمختلف فيها
بين الائمة الاربعة المشهورين، وقد أفرده الناس من الكتاب،
وجعلوه بمفرده مجلدة، وسموه بكتاب " الافصاح " وهو قطعة
منه.
" ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 252.
وقد طبع في حلب سنة 1928 م نشره العلامة الاستاذ محمد راغب
الطباخ رحمه الله.
(3) انظر بقية تصانيفه في " طبقات " ابن رجب 1 / 252، 253،
و " هدية العارفين " 2 / 521.
قال ابن رجب: وقد صنف ابن الجوزي كتاب " المقتبس من
الفوائد العونية " ذكر فيه الفوائد التي سمعها من الوزير
عون الدين، وأشار فيه إلى مقاماته في العلوم، وانتقى من
زبد كلامه في " الافصاح " على الحديث كتابا سماه " محض
المحض ".
وانظر بعض شعره في " طبقات " ابن رجب 1 / 280 - 282.
(4) في " وفيات الاعيان ": " قط " بدل " الطيف ".
(*)
(20/430)
فقال الحيص بيص بديها: وما درى أن نومي حيلة نصبت * لوصله
حين أعيا اليقظة الحيل (1) قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي
(2): وقد اضطر ورثة الوزير ابن هبيرة إلى بيع ثيابهم
وأثاثهم، وبيعت كتب الوزير الموقوفة على مدرسته، حتى
لقد أبيع " البستان " (3) لابي الليث السمرقندي في الرقائق
[ بخط منسوب وكان مذهبا ] بدانقين وحبة، وقيمته عشرة
دنانير، فقال واحد: ما أرخص هذا البستان ! فقال جمال الدين
بن الحصين: لثقل ما عليه من الخراج - يشير إلى الوقفية -
فأخذ وضرب وحبس.
قلت: وزر بعده الوزير أبو جعفر أحمد بن البلدي (4)، فشرع
في تتبع بني هبيرة، فقبض على ولدي عون الدين محمد وظفر
(5)، ثم قتلهما، وجرى بلاء عظيم، نسأل الله السلامة بمنه.
قرأت على أحمد بن إسحاق بن الوبري، أخبرك الحسن بن إسحاق
الكاتب، أخبرنا أبو المظفر يحيى بن محمد الوزير قال: قرأت
على المقتفي لامر الله محمد بن أحمد العباسي، حدثكم أبو
البركات أحمد بن عبد
__________
(1) أورد الابيات الثلاثة ابن خلكان في " وفيات الاعيان "
6 / 57 في ترجمة الشاعر ابن القطان البغدادي (الذي تقدمت
ترجمته برقم 231) وذكر أنه - أي ابن القطان - هو الذي أنشد
البيتين الاولين أمام الوزير علي بن طراد الزينبي، وطلب من
الحيص بيص أن يعززهما بثالث، فأنشده البيت الاخير، وهو في
" ديوانه " 2 / 16.
(2) في " مرآة الزمان " 8 / 163.
(3) وهو كتاب " بستان العارفين " في الاحاديث والآثار
الواردة في الآداب الشرعية والخصال والاخلاق وبعض الاحكام
الفرعية.
انظر " كشف الظنون " 1 / 243.
(4) سترد ترجمته برقم (368).
(5) في بعض نسخ " وفيات الاعيان ": " مظفر "، انظر 6 /
242.
(*)
(20/431)
الوهاب السيبي، أخبرنا عبد الله بن محمد الصريفيني (ح)
وأخبرنا أحمد أخبرنا المبارك بن أبي الجود، أخبرنا أحمد بن
أبي غالب، أخبرنا
عبد العزيز بن علي، قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا
أبو حامد الحضرمي، حدثنا عيسى بن مساور، حدثنا يغنم بن
سالم، حدثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " طوبى لمن رآني وآمن بي، ومن رأى من رآني، ومن رأى
من رأى من رآني ".
هذا الحديث تساعي لنا، لكنه واه لضعف يغنم، فإنه مجمع على
تركه (1).
283 - الرستمي * الشيخ الامام
المفتي القدوة المسند، شيخ أصبهان،
__________
(1) بل قال ابن حبان: كان يضع على أنس بن مالك، وقال ابن
يونس: حدث عن أنس فكذب.
أخرجه الحاكم 3 / 86 من طريق جميع بن ثواب، حدثنا عبد الله
بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " طوبى لمن رآني، وطوبى لمن رأى من
رآني، ولمن رأى من رأى من رآني وآمن بي " وقال: هذا حديث
قد روى بأسانيد قريبة عن أنس بن مالك، وأقرب هذه الروايات
إلى الصحة ما ذكرنا " وتعقبه الامام الذهبي فقال: جميع
واه.
قلت: لكنه لم ينفرد به، فقد توبع عليه، أخرجه الضياء
المقدسي في " الاحاديث المختارة " ورقة 113 / 2 من طريق
أبي يعلى والطبراني بإسناديهما عن بقية، وقال الطبراني
عنه: حدثنا محمد بن عبدالرحمن بن عرق اليحصبي، عن عبد الله
بن بسر..وهذا سند حسن في المتابعات، فيتقوى الحديث به،
وانظر " المجمع " 10 / 67.
وفي الباب عن ابن عمر عند الطيالسي (1845) بلفظ " طوبى لمن
رآني وآمن بي، وطوبى لمن لم يرني وآمن بي ثلاثا " وفي سنده
العمري وهو ضعيف، وله شاهد من حديث دراج عن أبي الهيثم، عن
أبي سعيد الخدري عند أحمد 3 / 71، وابن حبان (2302)
والخطيب في " تاريخه " 4 / 91 وآخر من حديث أبي عبدالرحمن
الجهني عند أحمد 4 / 152 وسنده حسن.
وثالث من حديث أبي أمامة عند أحمد 5 / 248 و 257 و 264،
ومن حديث أنس عند أحمد 3 / 155 بلفظ " طوبى لمن آمن بي
ورآني مرة، وطوبى لمن آمن بي ولم
يرني سبع مرار، فالحديث صحيح بشواهده.
(*) الانساب 6 / 115 - 117، المنتظم 10 / 219، الكامل 11 /
323، اللباب 2 / 52، = (*)
(20/432)
أبو عبد الله (1)، الحسن بن العباس بن علي (2) بن حسن بن
علي بن الحسن محمد بن الحسن بن علي بن رستم، الرستمي
الاصبهاني، الفقيه الشافعي، الزاهد.
مولده في صفر سنة ثمان وستين وأربع مئة.
وسمع أبا عمرو عبد الوهاب بن مندة، ومحمود بن جعفر الكوسج،
والمطهر بن عبد الواحد البزاني، وإبراهيم بن محمد الطيان،
وأبا بكر محمد ابن أحمد السمسار، والفضل بن عبد الواحد،
وعبد الكريم بن عبد الواحد الصحاف، وأبا عيسى عبدالرحمن بن
محمد بن زياد، وأبا منصور بن شكرويه، وسليمان بن إبراهيم
الحافظ، وأحمد بن عبدالرحمن الذكواني، وسهل بن عبد الله
الغازي، وأبا الخير محمد بن أحمد بن ررا، ورزق الله
التميمي، والرئيس الثقفي، وطرادا الزينبي، وطائفة.
حدث عنه: السمعاني، وابن عساكر، وأبو موسى المديني، وشرف
ابن أبي هاشم البغدادي، وأحمد بن سعيد الخرقي، وأبو الوفاء
محمود بن مندة، وعدد أمثالهم.
وروى عنه بالاجازة: أبوالمنجا ابن اللتي، وكريمة وصفية
بنتا عبد الوهاب بن الحبقبق، وعجيبة بنت الباقداري.
__________
= مرآة الزمان 8 / 164، العبر 4 / 174، دول الاسلام 2 /
75، الوافي بالوفيات 12 / 61، طبقات السبكي 7 / 64 - 65،
طبقات الاسنوي 1 / 587، 588، البداية والنهاية 12 / 251،
النجوم الزاهرة 5 / 372، شذرات الذهب 4 / 198.
(1) في " الانساب " و " اللباب ": أبو علي.
(2) في " الانساب " و " اللباب "..بن العباس بن أبي الطيب
بن علي، فالظاهر أن أبا الطيب هو علي، ولفظ " بن " بينهما
زائد.
(*)
(20/433)
قال السمعاني: إمام فاضل، مفتي الشافعية، وهو على طريقة
السلف، له زاوية بجامع أصبهان، ملازمها في أكثر أوقاته.
وقال عبد الله (1) الجبائي: ما رأيت أحدا أكثر بكاء من
الرستمي.
وقال الجبائي: سمعت محمد بن سالار، سمعت أبا عبد الله
الرستمي يقول: وقفت على ابن ماشاذه وهو يتكلم على الناس،
فلما كان في الليل، رأيت رب العزة في المنام وهو يقول لي:
يا حسن، وقفت على مبتدع، ونظرت إليه، وسمعت كلامه،
لاحرمنك، النظر في الدنيا.
فاستيقظت كما ترى (2).
قال الجبائي: كانت عيناه مفتوحتين وهو لا ينظر بهما.
قلت: وممن روى عنه الحافظ عبد القادر الرهاوي، وقال فيه:
كان فقيها زاهدا ورعا بكاء، عاش نيفا وتسعين سنة، ومات سنة
ستين.
كذا قال، ثم قال: وحضرته يوم موته وخرج الناس إلى قبره
أفواجا، وأملى شيخنا الحافظ أبو موسى عند قبره مجلسا في
مناقبه، وكان عامة فقهاء أصبهان تلامذته حتى شيخنا أبو
موسى عليه تفقه، وكان أهل أصبهان لا يثقون إلا بفتواه،
وسألني شيخنا أبو طاهر السلفي عن شيوخ أصبهان، فذكرته له،
فقال: أعرفه فقيها متنسكا.
__________
(1) في الاصل: أبو عبد الله، وهو خطأ، وهو أبو محمد عبد
الله بن أبي الحسن بن أبي الفرج الجبالي بضم الجيم وفتح
الباء المعجمة بواحدة وتشديدها، نسبة إلى الجبة من أعمال
طرابلس، وقد تصحفت في " المنتظم " 10 / 219 إلى " الحياني
" بالحاء المهملة بعدها ياء مثناة تحتية، انظر " المشتبه "
127، و " تبصير المنتبه " 1 / 288، وهو متوفى سنة 605 ه،
ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين 251.
(2) سيذكر المؤلف خبرا آخر فيه أنه ذهبت عيناه من كثرة
بكائه.
(*)
(20/434)
وقال السمعاني: إمام متدين ورع، يزجي أكثر أوقاته في نشر
العلم والفتيا.
وقال أبو موسى المديني: أقرأ الرستمي المذهب كذا كذا سنة،
وكان من الشداد في السنة.
قال عبد القادر: سمعت بعض أصحابنا الاصبهانيين يحكي عنه
أنه كان في كل جمعة ينفرد يبكي فيه، فبكى حتى ذهبت عيناه،
وكنا نسمع عليه وهو في رثاثة من المجلس والمفرش لا يساوي
طائلا، وكذلك منزله، وكانت الفرق مجتمعة على محبته.
قال أبو موسى: توفي مساء يوم الاربعاء ثاني صفر سنة إحدى
وستين وخمس مئة.
284 - ابن رفاعة * الشيخ
الفقيه العالم الفرضي الامام، مسند وقته، أبو محمد، عبد
الله بن رفاعة بن غدير بن علي بن أبي عمر بن أبي
الذيال بن ثابت بن نعيم، السعدي المصري الشافعي.
مولده (1) في ذي القعدة سنة سبع وستين وأربع مئة.
ولازم القاضي أبا الحسن الخلعي (2) وأكثر عنه، وتفقه به،
وسمع منه " السيرة " الهشامية، والفوائد العشرين، و "
السنن " لابي داود، وغير
__________
(*) العبر 4 / 174، دول الاسلام 2 / 75، طبقات السبكي 7 /
124، طبقات الاسنوي 2 / 54، النجوم الزاهرة 5 / 372، حسن
المحاضرة 1 / 406، شذرات الذهب 4 / 198.
(1) في الاصل مولى، والصواب ما أثبتناه.
(2) المتوفى سنة 492 ه، مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر
برقم (42).
(*)
(20/435)
ذلك، فكان خاتمة من سمع منه.
حدث عنه: التاج المسعودي، وأبو الجود المقرئ، ومحمد بن
يحيى بن أبي الرداد، ويحيى بن عقيل بن شريف بن رفاعة،
والقاضي عبد الله بن محمد بن مجلي الشافعي، والحسن بن
عقيل، وأبو البركات عبد القوي بن الجباب، وهبة الله بن
حيدرة، ومحمد بن عماد، وأبو صادق ابن صباح، وآخرون.
وكان مقدما في الفرائض والحساب.
ولي قضاء الجيزة مدة، ثم استعفى، فأعفي، واشتغل بالعبادة.
مات في ذي القعدة سنة إحدى وستين وخمس مئة.
قال حماد الحراني: حكى لي ابن رفاعة قال: كنت يتيما، وكان
الخلعي يؤويني، فمررت يوما بجامع مصر، فجلست في حلقة حديث،
وسمعت جزءا، فسألت: من ذا الشيخ ؟ فقيل: هو الحبال، فعدت
إلى الخلعي، فأخبرته، فعنفني، وطردني، وكان بينهما شئ أظنه
من جهة الاعتقاد، فلم أعد إلى الحبال، ولم أظفر بما سمعت
منه.
قال الحافظ أبو الطاهر إسماعيل بن الانماطي: سمعت أبي -
وكان قد صحب ابن رفاعة كثيرا وسمع منه - يقول: كان ابن
رفاعة قد انقطع في مسجد بقرافة مصر، وكانت كتبه عنده في
علية يحيي الليل كله فيها، وكانت له
زوجة صالحة، وكان يمنعها من المبيت في العلية، فسألته ليلة
المبيت بها، فأجابها، فجلست، وقام يصلي ورده، فسمعت صوت
إنسان يعذب، فغشي عليها، وبكت واضطربت، وأصبحت مريضة،
وماتت بعد أيام، وأراني أبي قبرها.
(*)
(20/436)
قال عمر بن محمد العليمي: تطلبت سماع ابن رفاعة لفوائد
الخلعي، وهو عشرون جزءا في يده، فإذا سماعه فيها سوى الاول
والسادس لم أجد سماعه، والثاني عشر قد سمع منه قطعة،
والجزء العشرين لم أقف على الاصل به، بل رأيت بيد الشيخ به
فرعا.
قلت: هذا نقلته من خط ابن سامة، عن نقل علي بن عبد الكافي،
عن أبي الحسن الحصني، قال: وجدت ذلك بخط الرشيد العطار عن
الاصل، ثم كتب ابن الانماطي تحت خط العليمي: لقد طلب
واجتهد، ولكن وجد غيره ما لم يجد.
وكان ابن رفاعة صادقا في ذكر سماعه، فإنه خدم الخلعي،
ولزمه، وكان ألزم الناس له، حدثني غير واحد عنه أنه قال:
مذ لزمت الخلعي ما انقطعت عنه إلا يوما واحدا، حضرت مجلس
الحبال..فذكر الحكاية، ثم قال: ولم أنقطع عن شئ قرئ عليه
إلى أن مات.
قال ابن الانماطي: أخرج إلينا شيخنا حماد الحراني بخطه
وحدثني قال: رأيت على ظهر الجزء الثاني من حديث الزعفراني
ثبت كتب سمعها شيخنا عبد الله بن غدير السعدي، والنسخة
للمسعودي، سمع جميع كتاب " السنن " لابي داود على الخلعي،
على محمد الروحاني بقراءة أبي علي الحسين بن محمد الصدفي
وخادم القاضي أبي (1) محمد عبد الله بن رفاعة ابن غدير.
قال: وسمعوا عليه " السيرة " تهذيب ابن هشام، وجميع
الفوائد
عشرين جزءا للخلعي، وجميع أحاديث الزعفراني، وأحاديث يونس،
و " معجم " ابن الاعرابي وفوائد أخرى بقراءة المذكور
وغيره، وذلك في مدة سنة ثمان وسنة تسع وثمانين وأربع مئة،
وأكثر ذلك بالقرافة.
__________
(1) في الاصل: أبو.
(*)
(20/437)
قال ابن الانماطي: ثم رأيت أصل الثبت في ذلك، وأكثر ذلك
بقرافة مصر، وسمع معهم عبد الله بن عبدالمؤمن النحوي والخط
له، كتبه تذكرة لابي الحسن الروحاني.
أخبرنا محمد بن الحسين القرشي، أخبرنا محمد بن عماد،
أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا أبو الحسن الخلعي، أخبرنا
عبدالرحمن بن عمر، أخبرنا أبو سعيد بن الاعرابي، حدثنا
سعدان بن نصر، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي
سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
التسبيح في الصلاة للرجال، والتصفيق للنساء " (1).
285 - خزيفة * الامام المقرئ
المجود، أبو المعمر، عبد الله بن سعد بن الحسين ابن
الهاطر (2)، البغدادي العطار الوزان الازجي، يعرف بخزيفة.
تلا بالروايات، وتفقه على أبي الخطاب.
وسمع الكثير من: نصر بن البطر، والنعالي، وأبي الفضل بن
خيرون، والحسين بن البسري.
__________
(1) إسناده قوي، وأخرجه من طرق عن سفيان بن عيينة بهذا
الاسناد البخاري (1203) ومسلم (422) وأبو داود (939)
والنسائي 3 / 121، وابن ماجة (1034) وأخرجه مسلم (422)
(107) والترمذي (369) والنسائي 3 / 11 - 12 من طرق عن
الاعمش، عن أبي
صالح، عن أبي هريرة.
(*) الاستدراك لابن نقطة: باب حذيفة وخزيفة، العبر 4 /
170، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 289، تبصير المنتبه 1 / 431،
شذرات الذهب 4 / 189.
وخزيفة بالخاء المعجمة والزاي، تحرف في " العبر " و "
الشذرات " إلى حذيفة بالحاء المهملة والذال.
(2) في " الاستدراك " و " تبصير المنتبه ": الهاطرا،
بزيادة ألف آخره، وأثبتها المؤلف إذ أورد وفاته في نهاية
الترجمة (281).
(*)
(20/438)
وكان صالحا صادقا، صابرا على التحديث، حسن الاخلاق، قال
ابن النجار: حدثنا عنه ابن الاخضر، وأحمد بن البندنيجي،
وعمر بن السهروردي، وطاووس بن أحمد الدقاق، ولد سنة ثمانين
وأربع مئة، ومات في رجب سنة ستين وخمس مئة ببغداد
286 - الشيخ عبد القادر *
الشيخ الامام العالم الزاهد العارف القدوة، شيخ
الاسلام، علم الاولياء، محيي الدين، أبو محمد، عبد القادر
بن أبي صالح عبد الله (1) ابن جنكي دوست (2) الجيلي (3)
الحنبلي، شيخ بغداد.
مولده بجيلان (4) في سنة إحدى وسبعين وأربع مئة.
وقدم بغداد شابا، فتفقه على أبي سعد المخرمي (5).
__________
(*) الانساب 3 / 415، المنتظم 10 / 219، الكامل 11 / 323،
مرآة الزمان 8 / 164 - 166 - بهجة الاسرار في مناقب سيدي
عبد القادر للشطنوفي، المختصر 3 / 43، العبر 4 / 175، 176،
دول الاسلام 2 / 75، تتمة المختصر 2 / 107 - 111، فوات
الوفيات 2 / 373، 374، البداية والنهاية 12 / 252، ذيل
الطبقات الحنابلة 1 / 290 - 310، النجوم الزاهرة 5 / 371،
طبقات الشعراني 1 / 108، شذرات الذهب 4 / 1198 - 202،
أعلام الزركلي 4 / 47.
(1) في " طبقات " ابن رجب: عبد القادر بن أبي صالح بن عبد
الله، بزيادة لفظ " بن " وفي " تتمة المختصر ": عبد القادر
بن أبي صالح موسى جنكي دوست.
وفي " أعلام " الزركلي: عبد القادر بن موسى بن عبد الله.
(2) في " فوات الوفيات ": ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي بن
أبي طالب.
وأورد ابن رجب نسبه إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما.
وفي " معجم الشيوخ " 1 / 52: جنكي دوست: أي العظيم القدر.
وانظر " المعجم الفارسي " في معاني " دوست ".
(3) تحرفت في " مرآة الزمان " 8 / 164 إلى " الحلبي ".
(4) وهي بلاد متفرقة وراء طبرستان، ويقال لها: كيل وكيلان،
والنسبة إليها جيلي وجيلاني وكيلاني.
" الانساب " 3 / 414.
(5) تحرفت نسبته في " طبقات " ابن رجب إلى " المخرامي "،
وقد مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر، متوفى سنة 513 ه برقم
(249).
(*)
(20/439)
وسمع من: أبي غالب الباقلاني، وأحمد بن المظفر بن سوس،
وأبي القاسم بن بيان، وجعفر بن أحمد السراج، وأبي سعد بن
خشيش، وأبي طالب اليوسفي، وطائفة.
حدث عنه: السمعاني، وعمر بن علي القرشي، والحافظ عبد
الغني، والشيخ موفق الدين ابن قدامة، وعبد الرزاق وموسى
ولداه، والشيخ علي بن إدريس، وأحمد بن مطيع الباجسرائي،
وأبو هريرة، محمد ابن ليث الوسطاني، وأكمل بن مسعود
الهاشمي، وأبو طالب عبد اللطيف بن محمد بن القبيطي، وخلق،
وروى عنه بالاجازة الرشيد أحمد بن مسلمة.
أخبرنا القاضي تاج الدين عبد الخالق بن علوان ببعلبك،
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد الفقيه سنة إحدى عشرة
وست مئة، أخبرنا شيخ
الاسلام عبد القادر بن أبي صالح الجيلي، أخبرنا أحمد ابن
المظفر التمار، أخبرنا أبو علي بن شاذان، أخبرنا أبو بكر
محمد بن العباس بن نجيح، أخبرنا يعقوب بن يوسف القزويني،
حدثن محمد بن سعيد، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن سماك، عن
عبدالرحمن بن يزيد، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود قال: إن
بني إسرائيل استخلفوا خليفة عليهم بعد موسى، فقام يصلي في
القمر فوق بيت المقدس، فذكر أمورا كان صنعها، فخرج، فتدلى
بسبب، فأصبح السبب معلقا في المسجد، وقد ذهب، فانطلق حتى
أتى قوما على شط البحر، فوجدهم يصنعون لبنا، فسألهم: كيف
تأخذون هذا اللبن ؟ فأخبروه، فلبن معهم، وكان يأكل من عمل
يده، فإذا كان حين الصلاة، تطهر فصلى، فرفع ذلك العمال إلى
قهرمانهم، ان فينا رجلا يفعل كذا وكذا، فأرسل إليه، فأبى
أن يأتيه - ثلاث مرات - ثم إنه جاءه بنفسه يسير على دابته،
فلما رآه فر، واتبعه فسبقه، فقال: أنظرني أكلمك.
قال: فقام
(20/440)
حتى كلمه، فأخبره خبره، فلما أخبره خبره، وأنه كان ملكا،
وأنه فر من رهبة الله، قال: إني لاظن أني لاحق بك.
فلحقه، فعبدا الله حتى ماتا برملة مصر.
قال عبد الله: لو كنت ثم لاهتديت إلى قبريهما من صفة رسول
الله صلى الله عليه وسلم التي وصف (1).
هذا حديث غريب عال.
قال السمعاني: كان عبد القادر من أهل جيلان إمام الحنابلة
وشيخهم في عصره، فقيه صالح دين خير، كثير الذكر، دائم
الفكر، سريع الدمعة، تفقه على المخرمي، وصحب الشيخ حمادا
الدباس، وكان يسكن بباب
الازج في مدرسة بنيت له، مضينا لزيارته، فخرج وقعد بين
أصحابه، وختموا القرآن، فألقى درسا ما فهمت منه شيئا،
وأعجب من ذا أن أصحابه قاموا وأعادوا الدرس، فلعلهم فهموا
لالفهم بكلامه وعبارته (2).
قال ابن الجوزي (3): كان أبو سعد المخرمي قد بنى مدرسة
لطيفة بباب الازج، ففوضت إلى عبد القادر، فتكلم على الناس
بلسان الوعظ، وظهر له صيت بالزهد، وكان له سمت وصمت، وضاقت
المدرسة بالناس، فكان يجلس عند سور بغداد مستندا إلى
الرباط، ويتوب عنده في المجلس خلق كثير، فعمرت المدرسة،
ووسعت، وتعصب في ذلك العوام، وأقام فيها يدرس ويعظ إلى أن
توفي.
__________
(1) عبدالرحمن بن يزيد لم أتبين وكذا أبوه، وربما يكون
الصواب: عن عبدالرحمن بن عبد لله بن مسعود عن أبيه، فقد
أخرجه الطبراني في " الكبير (10370) من طريق محمد بن جعفر
بن أعين البغدادي، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا قيس بن
الربيع، عن سماك بن حرب، عن عبدالرحمن بن عبد الله بن
مسعود، عن أبيه..فذكره، وأورده الهيثمي في " المجمع " 10 /
218، وزاد نسبته إلى الطبراني في " الاوسط " وقال: إسناده
حسن.
(2) انظر " طبقات ابن رجب " 1 / 291.
(3) في " المنتظم " 10 / 219.
(*)
(20/441)
أنبأني أبو بكر بن طرخان، أخبرنا الشيخ موفق الدين أبو
محمد بن قدامة - وسئل عن الشيخ عبد القادر - فقال: أدركناه
في آخر عمره، فأسكننا في مدرسته، وكان يعنى بنا، وربما
أرسل إلينا ابنه يحيى، فيسرج لنا السراج، وربما يرسل إلينا
طعاما من منزله، وكان يصلي الفريضة بنا إماما، وكنت أقرأ
عليه من حفظي من كتاب الخرقي غدوة، ويقرأ عليه الحافظ عبد
الغني من كتاب " الهداية " في الكتاب، وما كان أحد يقرأ
عليه في ذلك الوقت سوانا، فأقمنا عنده شهرا وتسعة أيام، ثم
مات، وصلينا عليه ليلا في مدرسته، ولم أسمع عن أحد يحكى
عنه من الكرامات أكثر مما يحكى عنه، ولا رأيت أحدا يعظمه
الناس للدين أكثر منه، وسمعنا عليه أجزاء يسيرة.
قرأت بخط الحافظ سيف الدين ابن المجد، سمعت محمد بن محمود
المراتبي، سمعت الشيخ أبا بكر العماد رحمه الله يقول: كنت
قرأت في أصول الدين، فأوقع عندي شكا، فقلت: حتى أمضى إلى
مجلس الشيخ عبد القادر، فقد ذكر أنه يتكلم على الخواطر،
فمضيت وهو يتكلم، فقال: اعتقادنا اعتقاد السلف الصالح
والصحابة.
فقلت في نفسي: هذا قاله اتفاقا، فتكلم ثم التفت إلى
ناحيتي، فأعاده، فقلت، الواعظ قد يلتفت، فالتفت إلي ثالثة،
وقال: يا أبا بكر، فأعاد القول: ثم قال: قم قد جاء أبوك.
وكان غائبا، فقمت مبادرا، وإذا أبي قد جاء.
وحدثنا أبو القاسم بن محمد الفقيه، حدثني شيخنا جمال الدين
يحيى ابن الصيرفي، سمعت أبا البقاء النحوي قال: حضرت مجلس
الشيخ عبد القادر، فقرؤوا بين يديه بالالحان، فقلت في
نفسي: ترى لاي شئ ما ينكر الشيخ هذا ؟ فقال: يجئ واحد قد
قرأ أبوابا من الفقه ينكر.
فقلت في نفسي: لعل أنه قصد غيري، فقال: إياك نعني بالقول،
فتبت في نفسي
(20/442)
من اعتراضي، فقال: قد قبل الله توبتك.
وسمعت الامام أبا العباس أحمد بن عبد الحليم، سمعت الشيخ
عز الدين الفاروثي، سمعت شيخنا شهاب الدين السهروردي يقول:
عزمت على الاشتغال بأصول الدين، فقلت في نفسي: أستشير
الشيخ عبد
القادر، فأتيته، فقال قبل أن أنطق: يا عمر، ما هو من عدة
القبر، يا عمر، ما هو من عدة القبر (1).
قال الفقيه محمد بن محمود المراتبي: قلت للشيخ الموفق: هل
رأيتم من الشيخ عبد القادر كرامة ؟ قال: لا أظن، لكن كان
يجلس يوم الجمعة، فكنا نتركه ونمضي لسماع الحديث عند ابن
شافع فكل ما سمعناه لم ننتفع به.
قال الحافظ السيف: يعني لنزول ذلك.
قال شيخنا الحافظ أبو الحسين علي بن محمد: سمعت الشيخ عبد
العزيز بن عبد السلام الفقيه الشافعي يقول: ما نقلت إلينا
كرامات أحد بالتواتر إلا الشيخ عبد القادر، فقيل له: هذا
مع اعتقاده، فكيف هذا ؟ فقال: لازم المذهب ليس بمذهب.
قلت: يشير إلى إثباته صفة العلو ونحو ذلك، ومذهب الحنابلة
في ذلك معلوم، يمشون خلف ما ثبت عن إمامهم رحمه الله إلا
من يشذ منهم، وتوسع في العبارة.
قال ابن النجار في " تاريخه ": دخل الشيخ عبد القادر بغداد
في سنة ثمان وثمانين وأربع مئة، فتفقه على ابن عقيل، وأبي
الخطاب، والمخرمي، وأبي الحسين بن الفراء، حتى أحكم الاصول
والفروع
__________
(1) انظر " طبقات " ابن رجب 1 / 296، 297.
(*)
(20/443)
والخلاف، وسمع الحديث، وقرأ الادب على أبي زكريا التبريزي،
واشتغل بالوعظ إلى أن برز فيه، ثم لازم الخلوة والرياضة
والمجاهدة والسياحة والمقام في الخراب والصحراء، وصحب
الدباس، ثم إن الله أظهره للخلق، وأوقع له القبول العظيم،
فعقد مجلس الوعظ في سنة إحدى
وعشرين، وأظهر الله الحكمة على لسانه، ثم درس، وأفتى، وصار
يقصد بالزيارة والنذور، وصنف في الاصول والفروع، وله كلام
على لسان أهل الطريقة عال.
وكتب إلي عبد الله بن أبي الحسن الجبائي: قال لي الشيخ عبد
القادر: طالبتني نفسي يوما بشهوة، فكنت أضاجرها، وأدخل في
درب، وأخرج من آخر أطلب الصحراء، فرأيت رقعة ملقاة، فإذا
فيها: ما للاقوياء والشهوات، وإنما خلقت الشهوات للضعفاء.
فخرجت الشهوة من قلبي.
قال: وكنت أقتات بخروب الشوك وورق الخس من جانب النهر (1).
قال ابن النجار: قرأت بخط أبي بكر عبد الله بن نصر بن حمزة
التيمي، سمعت الشيخ عبد القادر يقول: بلغت بي الضائقة في
الغلاء إلى أن بقيت أياما لا اكل طعاما، بل أتبع
المنبوذات، فخرجت يوما إلى الشط، فوجدت قد سبقني الفقراء،
فضعفت، وعجزت عن التماسك، فدخلت مسجدا، وقعدت، وكدت أصافح
الموت، ودخل شاب أعجمي ومعه خبز وشواء، وجلس يأكل، فكنت
أكاد كلما رفع لقمة أن أفتح فمي، فالتفت فرآني، فقال: باسم
الله، فأبيت، فأقسم علي، فأكلت مقصرا، وأخذ يسألني، ما
شغلك، ومن أين أنت ؟ فقلت: متفقه من جيلان.
قال: وأنا من جيلان، فهل تعرف لي شابا جيلانيا اسمه عبد
القادر، يعرف بسبط أبي عبد الله الصومعي الزاهد ؟ فقلت:
أنا هو.
فاضطرب لذلك، وتغير
__________
(1) انظر " طبقات " ابن رجب 1 / 298، و " فوات الوفيات " 2
/ 373، 374.
(*)
(20/444)
وجهه، وقال: والله يا أخي، لقد وصلت إلى بغداد ومعي بقية
نفقة لي، فسألت عنك، فلم يرشدني أحد إلى أن نفذت نفقتي،
وبقيت بعدها ثلاثة أيام لا أجد ثمن قوتي إلا من مالك، فلما
كان هذا اليوم الرابع، قلت: قد
تجاوزتني ثلاثة أيام، وحلت لي الميتة، فأخذت من وديعتك ثمن
هذا الخبز والشواء، فكل طيبا، فإنما هو لك، وأنا ضيفك
الآن.
فقلت: وما ذاك ؟ قال: أمك وجهت معي ثمانية دنانير، والله
ما خنتك فيها إلى اليوم، فسكنته، وطيبت نفسه، ودفعت إليه
شيئا منها (1).
قال ابن النجار: كتب إلي عبد الله بن أبي الحسن الجبائي،
قال: قال لي الشيخ عبد القادر: كنت في الصحراء أكرر في
الفقه وأنا في فاقة، فقال لي قائل لم أر شخصه: اقترض ما
تستعين به على طلب الفقه، فقلت: كيف أقترض وأنا فقير ولا
وفاء لي ؟ قال: اقترض وعلينا الوفاء.
فأتيت بقالا، فقلت: تعاملني بشرط إذا سهل الله أعطيتك، وإن
مت تجعلني في جل، تعطيني كل يوم رغيفا ورشادا.
فبكى، وقال: أنا بحكمك.
فأخذت منه مدة، فضاق صدري، فأظن أنه قال: فقيل لي: امض إلى
موضع كذا، فأي شئ رأيت على الدكة، فخذه، وادفعه إلى
البقال.
فلما جئت رأيت قطعة ذهب كبيرة، فأعطيتها البقلي.
ولحقني الجنون مرة، وحملت إلى المارستان، فطرقتني الاحوال
حتى [ حسبوا أني ] (2) مت، وجاؤوا بالكفن، وجعلوني على
المغتسل، ثم سري عني، وقمت، ثم وقع في نفسي أن أخرج من
بغداد لكثرة الفتن،
__________
(1) انظر " طبقات " ابن رجب 1 / 298، 299.
(2) ما بين حاصرتين مستدرك من " طبقات " ابن رجب 1 / 299،
والنص فيه: وكان ربما أغشي علي، فيغسلوني، ويحسبوني أني مت
من الحال التي تطرقني.
(*)
(20/445)
فخرجت إلى باب الحلبة، فقال لي قائل: إلى أين تمشي ؟ !
ودفعني دفعة خررت منها، وقال: ارجع فإن للناس فيك منفعة.
قلت: أريد سلامة
ديني.
قال: لك ذاك - ولم أر شخصه -.
ثم بعد ذلك طرقتني الاحوال، فكنت أتمنى من يكشفها لي،
فاجتزت بالظفرية (1)، ففتح رجل داره، وقال: يا عبد القادر،
أيش طلبت البارحة ؟ فنسيت، فسكت، فاغتاظ، ودفع الباب في
وجهي دفعة عظيمة، فلما مشيت ذكرت، فرجعت أطلب الباب، فلم
اجده، قال: وكان حمادا الدباس، ثم عرفته بعد، وكشف لي جميع
ما كان يشكل علي، وكنت إذا غبت عند لطلب العلم وجئت، يقول:
أيش جاء بك إلينا، أنت فقيه، مر إلى الفقهاء، وأنا أسكت،
فلما كان يوم جمعة خرجت مع الجماعة في شدة البرد، فدفعني
ألقاني في الماء، فقلت: غسل الجمعة، باسم الله، وكان علي
جبة صوف، وفي كمي أجزاء، فرفعت كمي لئلا تهلك الاجزاء،
وخلوني، ومشوا، فعصرت الجبة، وتبعتهم، وتأذيت بالبرد
كثيرا، وكان الشيخ يؤذيني ويضربني، وإذا جئت يقول: جاءنا
اليوم الخبز الكثير والفالوذج، وأكلنا وما خبأنا لك وحشة
عليك، فطمع في أصحابه، وقالوا: أنت فقيه، أيش تعمل معنا ؟
فلما رآهم يؤذونني، غار لي، وقال: يا كلاب لم تؤذونه ؟
والله ما فيكم مثله، وإنما أوذيه لامتحنه، فأراه جبلا، لا
يتحرك، ثم بعد مدة، قدم رجل من همذان يقال له: يوسف
الهمذاني، وكان يقال: إنه القطب، ونزل في رباط، فمشيت
إليه، فلم أره، وقيل لي: هو في السرداب، فنزلت إليه، فلما
رآني قام، وأجلسني، ففرشني، وذكر لي جميع أحوالي، وحل لي
المشكل علي، ثم قال لي: تكلم على الناس، فقلت: يا سيدي،
أنا رجل
__________
(1) محلة بشرقي بغداد كبيرة.
(*)
(20/446)
أعجمي قح أخرس، أتكلم على فصحاء بغداد ! ؟ فقال لي: أنت
حفظت
الفقه وأصوله، والخلاف والنحو واللغة وتفسير القرآن لا
يصلح لك أن تتكلم ؟ ! اصعد على الكرسي، وتكلم، فإني أرى
فيك عذقا سيصير نخلة.
قال الجبائي: وقال لي الشيخ عبد القادر: كنت أومر وأنهى في
النوم واليقظة، وكان يغلب علي الكلام، ويزدحم على قلبي إن
لم أتكلم به حتى أكاد أختنق، ولا أقدر أسكت، وكان يجلس
عندي رجلان وثلاثة، ثم تسامع الناس بي، وازدحم علي الخلق،
حتى صار يحضر مجلسي نحو من سبعين ألفا.
وقال: فتشت الاعمال كلها، فما وجدت فيها أفضل من إطعام
الطعام، أود لو أن الدنيا بيدي فأطعمها الجياع، كفي مثقوبة
لا تضبط شيئا، لو جاءني ألف دينار لم أبيتها، وكان إذا
جاءه أحد بذهب، يقول: ضعه تحت السجادة، وقال لي: أتمنى أن
أكون في الصحارى والبراري كما كنت في الاول لا أرى الخلق
ولا يروني.
ثم قال: اراد الله مني منفعة الخلق، فقد أسلم على يدي أكثر
من خمس مئة، وتاب على يدي أكثر من مئة ألف، وهذا خير كثير،
وترد علي الاثقال التي لو وضعت على الجبال تفسخت، فأطع
جنبي على الارض.
وأقول: إن مع العسر يسرا، ان مع العسر يسرا، ثم أرفع رأسي
وقد انفرجت عني.
وقال: إذا ولد لي ولد أخذته على يدي، وأقول: هذا ميت،
فأخرجه من قلبي، فإذا مات لم يؤثر عندي موته شيئا.
قال عبد الرزاق ابن الشيخ: ولد لابي تسعة وأربعون ولدا،
سبعة وعشرون ذكرا، والباقي إناث (1).
__________
(1) انظر " فوات الوفيات " 2 / 374.
(*)
(20/447)
وقال الجبائي: كنت أسمع في " الحلية " على ابن ناصر، فرق
قلبي، وقلت: اشتهيت لو انقطعت، وأشتغل بالعبادة، ومضيت،
فصليت خلف الشيخ عبد القادر، فلما جلسنا، نظر إلي، وقال:
إذا أردت الانقطاع، فلا تنقطع حتى تتفقه وتجالس الشيوخ
وتتأدب، وإلا فتنقطع وأنت فريخ ما ريشت.
وعن أبي الثناء النهر ملكي قال: تحدثنا أن الذباب ما يقع
على الشيخ عبد القادر، فأتيته، فالتفت إلي، وقال: أيش يعمل
عندي الذباب، لا دبس الدنيا، ولا عسل الآخرة.
قال أبو البقاء العكبري: سمعت يحيى بن نجاح الاديب يقول:
قلت في نفسي: أريد أن أحصي كم يقص الشيخ عبد القادر شعر
تائب، فحضرت المجلس ومعي خيط، فلما قص شعرا، عقدت عقدة تحت
ثيابي من الخيط وأنا في آخر الناس، وإذا به يقول: أنا أحل
وأنت تعقد ؟ ! قال ابن النجار: سمعت شيخ الصوفية عمر بن
محمد السهروردي يقول: كنت أتفقه في صباي، فخطر لي أن أقرأ
شيئا من علم الكلام، وعزمت على ذلك من غير أن أتكلم به،
فصليت مع عمي أبي النجيب، فحضر عنده (1) الشيخ عبد القادر
مسلما، فسأله عمي الدعاء لي، وذكر له أني مشتغل بالفقه،
وقمت فقبلت يده، فأخذ يدي، فقال: تب مما عزمت عليه من
الاشتغال به، فإنك تفلح، ثم سكت، ولم يتغير عزمي عن
الاشتغال بالكلام حتى شوشت علي جميع أحوالي، وتكدر وقتي،
فعلمت أن ذلك بمخالفة الشيخ (2).
__________
(1) في الاصل عبده مجودة، والتصويب من طبقات ابن رجب.
(2) انظر طبقات ابن رجب: 1 / 297.
(*)
(20/448)
ابن النجار: سمعت أبا محمد بن الاخضر يقول: كنت أدخل على
الشيخ عبد القادر في وسط الشتاء وقوة برده وعليه قميص
واحد، وعلى رأسه طاقية، وحوله من يروحه بالمروحة.
قال: والعرق يخرج من جسده كما يكون في شدة الحر (1).
ابن النجار: سمعت عبد العزيز بن عبدالملك الشيباني، سمعت
الحافظ عبد الغني، سمعت أبا محمد بن الخشاب النحوي يقول:
كنت وأنا شاب أقرأ النحو، وأسمع الناس يصفون حسن كلام
الشيخ عبد القادر، فكنت أريد أن أسمعه ولا يتسع وقتي،
فاتفق أني حضرت يوما مجلسه، فلما تكلم لم أستحسن كلامه،
ولم أفهمه، وقلت في نفسي: ضاع اليوم مني.
فالتفت إلى ناحيتي، وقال: ويلك تفضل النحو على مجالس
الذكر، وتختار ذلك ؟ ! اصحبنا نصيرك سيبويه.
قال أحمد بن ظفر بن هبيرة: سألت جدي أن أزور الشيخ عبد
القادر، فأعطاني مبلغا من الذهب لاعطيه، فلما نزل عن
المنبر سلمت عليه، وتحرجت من دفع الذهب إليه في ذلك الجمع،
فقال: هات ما معك ولا عليك من الناس، وسلم على الوزير.
قال صاحب " مرآة الزمان " (2): كان سكوت الشيخ عبد القادر
أكثر من كلامه، وكان يتكلم على الخواطر، وظهر له صيت عظيم
وقبول تام، وما كان يخرج من مدرسته إلا يوم الجمعة أو إلى
الرباط، وتاب على يده معظم أهل بغداد، وأسلم خلق، وكان
يصدع بالحق على المنبر، وكان له كرامات ظاهرة.
__________
(1) انظر طبقات ابن رجب 1 / 299.
(2) 8 / 165.
(*)
(20/449)
قلت: ليس في كبار المشايخ من له أحوال وكرامات أكثر من
الشيخ عبد القادر، لكن كثيرا منها لا يصح، وفي بعض ذلك
أشياء مستحيلة.
قال الجبائي: كان الشيخ عبد القادر يقول: الخلق حجابك عن
نفسك، ونفسك حجابك عن ربك.
عاش الشيخ عبد القادر تسعين (1) سنة، وانتقل إلى الله في
عاشر ربيع الآخر سنة إحدى وستين وخمس مئة، وشيعه خلق لا
يحصون، ودفن بمدرسته رحمه الله تعالى.
وفيها مات أبو المحاسن إسماعيل بن علي بن زيد بن شهريار
الاصبهاني، سمع من رزق الله التميمي، والمحدث العلامة أبو
محمد عبد الله بن محمد الاشيري (2) المغربي ودفن بظاهر
بعلبك، والامام الرئيس أبو طالب عبدالرحمن بن الحسن ابن
العجمي (3) واقف المدرسة بحلب، وعلي ابن أحمد الحرستاني
(4) راوي جزء الرافقي، وأبو رشيد محمد بن علي بن محمد بن
عمر الاصبهاني الباغبان، وأبو عبد الله الرستمي (5)، وأبو
طاهر إبراهيم بن الحسن ابن الحصني الشافعي (6) بدمشق،
والقاضي مهذب الدين الحسن بن علي بن الرشيد ابن الزبير
الاسواني الشاعر أخو الرشيد أحمد (7)، وأبو محمد عبد الله
بن الحسين بن رواحة الانصاري الحموي
__________
(1) في " مرآة الزمان ": اثنتين وتسعين.
(2) سترد ترجمته برقم (294).
(3) مترجم في مرآة الزمان 8 / 164، العبر 4 / 175، وشذرات
الذهب 4 / 198.
(4) تقدمت ترجمته برقم (279).
(5) تقدمت ترجمته برقم (283).
(6) مترجم في الوافي بالوفيات 5 / 344، طبقات السبكي 7 /
32، 33، طبقات الاسنوي 1 / 439، والنجوم الزاهرة 5 / 372.
(7) سترد ترجمة الرشيد أحمد برقم (308) وضمنها ترجمة أخيه
الحسن.
(*)
(20/450)
المقرئ الشاعر (1)، والمسند ابن رفاعة (2)، والفقيه المقرئ
عبد الصمد ابن الحسين بن أحمد بن تميم التميمي الدمشقي،
وشيخ القراء أبو حميد عبد العزيز بن علي السماني الاشبيلي
(3) والشيخ علي بن أحمد الحرستاني راوي جزء الرافقي.
وفي الجملة الشيخ عبد القادر كبير الشأن، وعليه مآخذ في
بعض أقواله ودعاويه، والله الموعد، وبعض ذلك مكذوب عليه.
287 - عبد الجليل بن أبي سعد *
منصور بن إسماعيل بن أبي سعد بن أبي بشر، العدل
الجليل الصالح المعمر، مسند هراة، أبو محمد الهروي الفامي.
آخر من سمع في الدنيا من بيبى بنت عبد الصمد الهرثمية،
وعبد الرحمن بن محمد كلار البوشنجي، وسمع أيضا من شيخ
الاسلام عبد الله ابن محمد الانصاري.
حدث عنه: السمعاني وولده أبو المظفر، وعبد الباقي بن عبد
الواسع الازدي، والحافظ عبد القادر الرهاوي، وهو أكبر شيخ
لقيه في سعة رحلته.
قال السمعاني: هو شيخ من أهل الخير والصدق، ولد في شهر
شعبان سنة سبعين وأربع مئة.
قلت: وتوفي في سنة اثنتين وستين وخمس مئة.
وهو آخر من روى حديث أبي القاسم البغوي عاليا.
__________
(1) مترجم في مرآة الزمان 8 / 164، ومعجم الادباء 10 / 48
- 55.
(2) تقدمت ترجمته برقم (284).
(3) مترجم في معرفة القراء الكبار 2 / 440، وغاية النهاية
1 / 395.
(*) العبر 4 / 177، 178، دول الاسلام 2 / 76، شذرات الذهب
4 / 205.
(*)
(20/451)
288 - عبد الهادي * ابن أبي سعيد بن عبد الله بن عمر
بن مأمون، الامام القدوة الزاهد العابد، أبو عروبة
السجستاني الذي ارتحل إليه الحافظ عبد القادر الرهاوي،
وبالغ في تعظيمه، وقال: سمع من جده في سنة خمس وثمانين
وأربع مئة، ولما حج قرأ عليه ابن ناصر مسلسلات ابن جبان.
وقال: عاش تسعا وثمانين سنة، وما عرفت له زلة، وكان منتشر
الذكر، وله رباط كان يعظ فيه ومريدون.
توفي سنة اثنتين وستين وخمس مئة رحمه الله.
289 - البسطامي * * الشيخ
الامام العلامة المحدث، أبو شجاع، عمر بن محمد بن
عبد الله بن محمد بن عبد الله بن نصر - بالتحريك -
البسطامي، ثم البلخي، إمام مسجد راغوم (1).
قال: ولدت سنة خمس وسبعين وأربع مئة.
سمع أباه: وأبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي، وإبراهيم بن
محمد الاصبهاني، وأبا جعفر محمد بن الحسين السمنجاني (2)،
وتفقه عليه.
__________
(*) لم نعثر على مصدر ترجمه.
(* *) الانساب 2 / 214، إنباه الرواة 2 / 102 (في ترجمة
ابن الخشاب)، مرآة الزمان
8 / 209 (وفيات 570)، دول الاسلام 2 / 76، العبر 4 / 178،
179، تذكرة الحفاظ 4 / 1318، طبقات السبكي 7 / 248 - 250،
طبقات الاسنوي 1 / 259، النجوم الزاهرة 5 / 376، طبقات
المفسرين 2 / 8، شذرات الذهب 4 / 206، هدية العارفين 1 /
784.
(1) ضبط في الاصل بالراء المهملة والغين المعجمة، وضبط في
" طبقات " السبكي بالراء والعين المهملتين، وهو ما ضبطه
الاسنوي، ولكن ورد فيه " راعوام " بزيادة ألف بعد الواو.
(2) نسبة إلى سمنجان: بليدة وراء بلخ.
" الانساب " 7 / 150.
(*)
(20/452)
وكان طلابة للعلم، صاحب فنون.
قال السمعاني: هو مجموع حسن، وجملة مليحة، مفت مناظر محدث
مفسر واعظ أديب شاعر حاسب، ومع فضائله كان حسن السيرة،
مليح الاخلاق، مأمون الصحبة، نظيف الظاهر والباطن، لطيف
العشرة، فصيح العبارة، مليح الاشارة، في وعظه كثير النكت
والفوائد، وكان على كبر السن حريصا على طلب الحديث والعلم،
مقتبسا من كل أحد، كتبت عنه بمرو وهراة وبخاري وسمرقند،
وكتب عني الكثير، وحصل نسخة بما ذيلته على " تاريخ "
الخطيب، وكتب إلي من بلخ: يا آل سمعان ما أسنى (1) فضائلكم
* قد صرن في صحف الايام عنوانا معاهدا ألفتها النازلون بها
* فما وهت بمرور الدهر أركانا حتى أتاها أبو سعد فشيدها *
وزادها بعلو الشأن بنيانا كانوا ملاذ بني الآمال فانقرضوا
* مخلفين به مثل الذي كانا لولا مكان أبي سعد لما وجدوا *
على مفاخرهم للناس برهانا وقاه ربي من عين الكمال فما *
أبقت علاه لرد العين نقصانا (2) قلت: سمع أبو شجاع من
الخليلي " مسند " الهيثم الشاشي،
و " غريب الحديث " لابن قتيبة، وكتاب " الشمائل "، وقد صنف
كتابا حسنا في أدب المريض والعائد.
وقال السمعاني في مكان آخر: لا يعرف أجمع للفضائل منه مع
الورع التام، وسمع أيضا من أبي حامد أحمد بن محمد الشجاعي،
وأبي نصر
__________
(1) في " طبقات " السبكي: ما أنسى.
(2) الابيات عدا الاخير في " طبقات " السبكي 7 / 249، 250،
و " طبقات المفسرين " 2 / 9، 10.
(*)
(20/453)
محمد بن محمد الماهاني، وعبد الرحمن بن عبدالرحيم القاضي.
قلت: روى عنه: السمعاني وابنه أبو المظفر، وأبو الفرج ابن
الجوزي، والافتخار عبدالمطلب الهاشمي، والتاج الكندي، وأبو
أحمد ابن سكينة، وأبو الفتح المندائي، وأبو روح عبدالمعز
الهروي، وجماعة.
توفي ببلخ في سنة اثنتين وستين (1) وخمس مئة، وكان محدث
تلك الديار ومسندها.
قال علي بن محمويه اليزدي الفقيه: ما رأيت في مشايخ
أصحابنا مثل أبي شجاع عقلا وعلما ولطفا وجدا.
وقال ابن النجار: توفي في ربيع الآخر.
290 - الكيزاني * الامام
المقرئ الزاهد الاثري، أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم
بن ثابت، المصري الكيزاني الواعظ، له تلامذة وأصحاب، وله
شعر كثير مدون، وكلام في السنة.
قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي (2): كان يقول: أفعال
العباد
قديمة، وبينه وبين أهل بلده نزاع، وكان قد دفن عند ضريح
الشافعي، فتعصب عليه الخبوشاني، ونبشه، وقال: هذا حشوي لا
يكون عند الامام.
ودفن في موضع آخر.
__________
(1) في " مرآة الزمان " أنه توفي سنة سبعين.
(*) الخريدة (قسم مصر) 2 / 18، اللباب 3 / 125، مرآة
الزمان 8 / 157، 158 (وفيات 560)، وفيات الاعيان 4 / 461،
462، الوافي بالوفيات 1 / 347 - 350، النجوم الزاهرة 5 /
367، 368 و 376.
والكيزاني نسبة إلى عمل الكيزان وبيعها.
(2) في " مرآة الزمان " 8 / 158.
(*)
(20/454)
ومن شعره: يا من يتيه على الزمان بحسنه * اعطف على الصب
المشوق التائه أضحى يخاف على احتراق فؤاده * أسفا لانك منه
في سودائه (1) توفي في المحرم سنة اثنتين وستين وخمس مئة
(2).
292 - القنطري * العلامة
الحافظ، أبو القاسم، محمد بن عبد الله بن أحمد بن
مسعود ابن مفرج، الاندلسي الشلبي (3)، المعروف بالقنطري.
سمع أبا بكر بن غالب، وأبا الحسين بن صاعد، وبإشبيلية أبا
الحكم بن برجان، والقاضي ابن العربي، وبقرطبة يونس بن
مغيث، وابن أبي الخصال، وعدة.
ذكره الابار، فقال: كان من أهل المعرفة الكاملة بصناعة
الحديث، بعيد الصيت في الحفظ والاتقان، جماعة للكتب، وقد
شوور في الاحكام، وله زيادة على ابن بشكوال في " تاريخه "،
روى عنه يعيش بن
القديم وغيره، توفي بمراكش في ذي الحجة سنة إحدى وستين
وخمس مئة.
__________
(1) البيتان في " مرآة الزمان " 8 / 158، و " الوافي " 1 /
348، و " النجوم الزاهرة " 5 / 368.
(2) أورد في " مرآة الزمان " في وفيات سنة 560، وكذا في "
النجوم الزاهرة " لكنه أعاده في سنة 562.
(*) لم نعثر على مصدر ترجمه.
(3) راجع الترجمة (201).
(*)
(20/455)
292 - السمعاني * الامام الحافظ الكبير الاوحد الثقة، محدث
خراسان، أبو سعد عبد الكريم
بن الامام الحافظ الناقد أبي بكر محمد بن العلامة مفتي
خراسان أبي المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار، التميمي
السمعاني الخراساني المروزي، صاحب المصنفات الكثيرة.
ولد بمرو في شعبان سنة ست وخمس مئة (1).
وحضره أبوه في الرابعة على مسند زمانه عبد الغفار بن محمد
الشيروي، وعبيد بن محمد القشيري، وسهل بن إبراهيم السبعي،
وطائفة.
وسمع باعتناء أبيه من أبي منصور محمد بن علي بن الكراعي،
__________
(*) تاريخ ابن عساكر 10 / 117 / 2 - 218 / 1، المنتظم 10 /
224، الكامل في التاريخ 11 / 333 (سنة 563)، اللباب 1 / 13
- 16، العبر 4 / 178، تذكرة الحفاظ 4 / 1316 - 1318، دول
الاسلام 2 / 76، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 172، 173،
تتمة المختصر 3 / 112، 113 (سنة 563)، مرآة الجنان 3 /
371، 372، طبقات السبكي 7 / 180 -
185، طبقات الاسنوي 2 / 55، البداية والنهاية 12 / 175
(سنة 506) و (254 سنة 562)، النجوم الزاهرة 5 / 375 (سنة
562) و 378 (سنة 563)، طبقات الحفاظ (471)، الانس الجليل:
268، مفتاح السعادة 1 / 206، كشف الظنون: 35، 49، 86، 131،
161، 162، 169، 179، 288، 303، 370، 374، 729، 756، 902،
998، 999، 1108، 1123، 1735 - 1737، شذرات الذهب 4 / 205،
206، روضات الجنات: 446، هدية العارفين 1 / 608، 609،
إيضاح المكنون 2 / 30، فهرس الكتاني 2 / 373، 374، معجم
المطبوعات: 1048، 1049، الفهرس التمهيدي: 361، تاريخ
بروكلمان 6 / 63 - 66، مقدمة " الانساب " للمعلمي اليماني.
والسمعاني نسبة إلى سمعان: بطن من تميم، كما ذكر هو في "
أنسابه ".
قال ابن خلكان: سمعت بعض العلماء يقول: يجوز بكسر السين
أيضا.
(1) أورد ابن كثير ترجمته في " البداية " في حوادث هذه
السنة على أنه توفي فيها، وهو وهم منه.
(*)
(20/456)
والمحدث محمد بن عبد الواحد الدقاق.
وتوفي الوالد (1) وأبو سعد صغير، فكفله عمه وأهله، وحبب
إليه الحديث، ولازم الطلب من الحداثة.
ورحل إلى نيسابور على رأس الثلاثين وخمس مئة، فأكثر عن أبي
عبد الله الفراوي، وأبي المظفر بن القشيري، وهبة الله بن
سهل السيدي، وإسماعيل بن أبي بكر القارئ، وفاطمة بنت زعبل،
وزاهر بن طاهر، وأخيه وجيه، وطبقتهم.
وتوجه إلى أصبهان، فسمع الحسين بن عبدالملك الخلال، وسعيد
ابن أبي الرجاء، وأم المجتبى فاطمة، والموجودين، وأكثر عن
الحافظ
إسماعيل بن محمد التيمي.
وبادر إلى بغداد، فأكثر عن القاضي أبي بكر الانصاري،
وإسماعيل ابن السمرقندي، وأبي منصور الشيباني، وعبد الوهاب
الانماطي، وأبي سعد الزوزني، وخلق كثير.
ثم حج، وقدم دمشق، فسمع بها من أبي الفتح نصر الله بن محمد
المصيصي، والقاضي أبي المعالي محمد بن يحيى القرشي،
والموجودين.
ولا يوصف كثرة البلاد والمشايخ الذين أخذ عنهم.
وقد ألف كتاب " التحبير في معجمه الكبير "، يكون ثلاث
مجلدات (2).
__________
(1) سنة 510 ه، انظر " العبر " 4 / 22، 23.
(2) طبع في مجلدين في بغداد سنة 1975 م بتحقيق منيرة ناجي
سالم.
(*)
(20/457)
فسمع بآمل طبرستان من أبي نصر الفضل بن أحمد بن الفضل بن
أحمد البصري وطبقته.
وبأبيورد من عبدالملك بن علي الزهري.
وبإسفرايين من طلحة بن الحسين بن محمد بن الحسين القاضي
حدثه عن جده.
وبالانبار من يحيى بن علي بن محمد بن الاخضر حدثه [ عن ]
الخطيب الحافظ.
وببخارى من عثمان بن علي البيكندي وعدة.
وببروجرد من القاضي أبي المظفر شبيب بن الحسين، وأبي تمام
إبراهيم بن أحمد حدثاه عن يوسف بن محمد الهمذاني.
وببسطام من المحسن بن النعمان المعلم حدثه عن طاهر
الشحامي.
وبالبصرة من طلحة بن علي الشاهد روى له عن جعفر العباداني.
وببغشور من صالح بن أحمد بن مدوسة المقرئ وغيره من " جامع
" الترمذي.
وببلخ من القاضي عمر بن علي المحمودي صاحب الوخشي.
وبترمذ من أسعد بن علي.
وبجرجان من أبي عامر سعد بن علي العصاري وجماعة عن عبد
الله بن عبد الواسع الجرجاني.
وبحلب من الرئيس أبي الحسن علي بن عبد الله الانطاكي.
(20/458)
وبحماة من كامل بن علي بن سالم السنبسي عن أبيه.
وبحمص من قاضيها أبي البيان محمد بن عبد الرزاق التنوخي.
وبخرتنك عند قبر البخاري من أبي شجاع عمر بن محمد
البسطامي.
وبخسروجرد من عبدالحميد بن محمد بن أحمد الخواري صاحب
البيهقي.
وبخوار الري من محمد بن عبد الواحد بن محمد المغازلي، عن
أبي منصور بن شكرويه.
وبالرحبة من الحافظ أبي سعد أحمد بن محمد بن البغدادي.
وبالري من القاضي أبي محمد الحسن بن محمد الحنفي حدثه عن
محمد بن إسماعيل بن كثير إملاء، حدثنا ابن الصلت المجبر.
وبساوة من أبي حاتم محمد بن عبدالرحمن الرازي.
وبسرخس من أبي نصر محمد بن محمود الشجاعي وآخر قالا:
أخبرنا عبد الله بن العباسي العبدوسي، حدثنا أحمد بن أبي
إسحاق الحجاجي، حدثنا الحافظ أبو العباس الدغولي.
وبسمرقند من الخطيب أبي المعالي محمد بن نصر بن منصور
المديني حدثه عن السيد أبي المعالي محمد بن محمد بن زيد
الحافظ.
وبسمنان من أحمد بن محمد بن العالم المضري عن أبي الحسن بن
الاخرم.
وبسنجار من القاضي أبي منصور المظفر بن القاسم الشهرزوري،
سمع أبا نصر الزينبي.
(20/459)
وبهمذان وهراة والحرمين والكوفة وطوس والكرخ ونسا وواسط
والموصل ونهاوند والطالقان وبوشنج والمدائن، وبقاع يطول
ذكرها بحيث إنه زار القدس والخليل وهما بأيدي الفرنج،
تحيل، وخاطر في ذلك، وما تهيأ ذلك للسلفي ولا لابن عساكر.
ذكره أبو القاسم الحافظ في " تاريخ دمشق "، فقال: أبو سعد
السمعاني الفقيه الشافعي الحافظ الواعظ الخطيب..إلى أن
قال: سمع ببلاد كثيرة، اجتمعت به بنيسابور وبغداد ودمشق،
وعاد إلى خراسان، ودخل هراة وبلخ وما وراء النهر، وهو الآن
شيخ خراسان غير مدافع، عن صدق ومعرفة وكثرة رواية وتصانيف،
سمع ببلاد كثيرة، وحصل النسخ الكثيرة، وكتب عني، وكتبت
عنه، وكان متصونا عفيفا حسن الاخلاق.
ثم قال: حدثنا أبو سعد بدمشق، أخبرنا عبد الغفار الشيروي.
فذكر من جزء ابن عيينة حديث: يا رسول الله، متى الساعة ؟
(1) ورواه معه ابنه أبو محمد
القاسم.
ثم ذكر وفاته.
حدث أيضا عن أبي سعد: ولداه أبو المظفر عبدالرحيم ومحمد،
وأبو روح عبدالمعز بن محمد الهروي، وأبو الضوء شهاب
الشذياني، والافتخار أبو هاشم عبدالمطلب الحلبي الحنفي،
وعبد الوهاب بن سكينة، وأبو الفتح محمد بن محمد الصائغ،
وعبد العزيز بن منينا، وآخرون.
قال ابن النجار: نقلت أسماء تصانيفه من خطه: " الذيل " (2)
على " تاريخ " الخطيب أربع مئة طاقة، " تاريخ مرو " خمس
مئة طاقة، " معجم
__________
(1) سيرد الحديث مع تخريجه في نهاية الترجمة.
(2) انظر " تاريخ " بروكلمان 6 / 63، 64.
(*)
(20/460)
البلدان " خمسون طاقة، " معجم شيوخه " (1) ثمانون طاقة، "
أدب الطلب " مئة وخمسون طاقة، " الاسفار عن الاسفار " (2)
خمس وعشرون طاقة، " الاملاء والاستملاء " (3) خمس عشرة
طاقة، " تحفة المسافر " مئة وخمسون طاقة، " الهدية " خمس
وعشرون طاقة، " عز العزلة " سبعون طاقة، " الادب واستعمال
الحسب " خمس طاقات، " المناسك " ستون طاقة، " الدعوات "
أربعون طاقة، " الدعوات النبوية " خمس عشرة طاقة، " دخول
الحمام " خمس عشرة طاقة، " صلاة التسبيح " عشر طاقات، "
تحفة العيد " ثلاثون طاقة " التحايا " ست طاقات، " فضل
الديك " خمس طاقات، " الرسائل والوسائل " خمس عشرة طاقة، "
صوم الايام البيض " خمس عشرة طاقة، " سلوة الاحباب " خمس
طاقات، " فرط الغرام إلى ساكني الشام " خمس عشرة طاقة، "
مقام العلماء بين يدي الامراء " إحدى عشرة طاقة " المساواة
والمصافحة " ثلاث عشرة طاقة، " ذكرى حبيب رحل
وبشرى مشيب نزل " عشرون طاقة، " التحبير في المعجم الكبير
" (4) ثلاث مئة طاقة، " الامالي " له مئتا طاقة، خمس مئة
مجلس، " فوائد الموائد " مئة طاقة، " فضل الهر " ثلاث
طاقات، " ركوب البحر " سبع طاقات، " الهريسة " ثلاث طاقات،
" وفيات المتأخرين " خمس عشرة طاقة، كتاب " الانساب " (5)
ثلاث مئة وخمسون طاقة، " الامالي " ستون طاقة، " بخار
__________
(1) ذكرت محققة " التحبير " أنها أنجزت تحقيقه بمشاركة
الدكتور ناجي معروف.
(2) انظر " تاريخ " بروكلمان 6 / 65.
(3) نشره مكس ويسويلر في ليدن سنة 1952 م.
(4) انظر ص 472 ت رقم (1).
(5) إحدى طبعاته نشرها السيد محمد أمين دمج سنة 1980 م في
بيروت، وقد أصدر منه حتى تاريخ تحقيق هذا الجزء عشرة
أجزاء، الستة الاولى بتحقيق المرحوم العلامة المعلمي
اليماني، والاجزاء الاخرى بتحقيق بعض الفضلاء من الاساتذة،
ويكتمل الكتاب بصدور = (*)
(20/461)
بخور البخاري " عشرون طاقة، " تقديم الجفان إلى الضيفان "
سبعون طاقة، " صلاة الضحى " عشر طاقات، " الصدق في الصداقة
"، " الربح في التجارة "، " رفع الارتياب عن كتابة الكتاب
" أربع طاقات، " النزوع إلى الاوطان " خمس وثلاثون طاقة، "
تخفيف الصلاة " في طاقتين، " لفتة المشتاق إلى ساكني
العراق " أربع طاقات، " من كنيته أبو سعد " ثلاثون طاقة، "
فضل الشام " (1) في طاقتين، " فضل يس " في طاقتين.
قلت: وانتخب على غير واحد من مشايخه، وخرج لولده (2) أبي
المظفر " معجما " في مجلد كبير.
وكان ظريف الشمائل، حلو المذاكرة، سريع الفهم، قوي الكتابة
سريعها، درس وأفتى ووعظ، وساد أهل بيته، وكانوا يلقبونه
بلقب والده تاج الاسلام، وكان أبوه يلقب أيضا معين الدين.
قال ابن النجار: سمعت من يذكر أن عدد شيوخ أبي سعد سبعة
آلاف شيخ (3).
قال: وهذا شئ لم يبلغه أحد، وكان مليح التصانيف، كثير
النشوار والاناشيد، لطيف المزاج، ظريفا، حافظا، واسع
الرحلة، ثقة صدوقا دينا، سمع منه مشايخه وأقرانه (4).
قلت: حكى أبو سعد في " الذيل " أن شيخه قاضي المرستان رأى
*
__________
= الجزأين الحادي عشر والثاني عشر.
وقد اختصره ابن الاثير في كتابه " اللباب " وهو مشهور واسع
الانتشار، والسيوطي في كتابه " لب اللباب في تحرير الانساب
" وهو مطبوع أيضا.
وله مختصرات أخرى.
انظر " تاريخ بروكلمان " 6 / 64، 65.
(1) انظر " تاريخ " بروكلمان 6 / 65.
(2) في الاصل: لوالده، وهو خطأ.
(3) انظر " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ": 173.
(4) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1316.
(*)
(20/462)
معه جزءا قد سمعه من شيخ الكوفة عمر بن إبراهيم الزيدي.
قال: فأخذه، ونسخه، وسمعه مني.
قلت: رأيت ذلك الجزء بخط القاضي أبي بكر والطاقة يخال إلي
أنها الطلحية (1).
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الامناء قراءة
عليه، أخبرنا عبدالمعز بن محمد في كتابه، أخبرنا عبد
الكريم بن محمد الحافظ، أخبرنا عبد الغفار بن محمد حضورا،
أخبرنا أبو بكر الحيري، أخبرنا محمد بن
يعقوب الاصم، حدثنا زكريا بن يحيى، حدثنا سفيان، عن
الزهري، عن أنس قال: قال رجل: يا رسول الله، متى الساعة ؟
قال: " وما أعددت لها ؟ " فلم يذكر كبيرا إلا أنه يحب الله
ورسوله، قال: " فأنت مع من أحببت " متفق عليه (2).
وقد مر أن الحافظ أبا القاسم وابنه المحدث بهاء الدين
روياه عن أبي سعد، وقد سمعناه من جماعة سمعوه من جماعة
قالوا: أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا مكي بن علان.
وسمعناه من عائشة بنت عيسى، عن جدها الفقيه أبي محمد، عن
أبي زرعة، عن محمد بن أحمد الكامخي قالا: أخبرنا القاضي
أبو بكر الحيري..فذكره.
مات الحافظ أبو سعد في مستهل ربيع الاول سنة اثنتين وستين
(3)
__________
(1) قال في " القاموس ": والطليحة: للورقة من القرطاس،
مولدة.
(2) أخرجه البخاري (3688) و (6167) و (6171) و (7153)،
ومسلم (2639) و (2953) وأبو داود (5127) والترمذي (1386).
(3) أورده ابن الاثير وابن الوردي في وفيات سنة 563،
وأورده في السنتين معا ابن تغري بردي، ووهم ابن كثير
فأورده في سنة ولادته 506 على أنه توفي فيها، ثم ترجمه في
سنة 562 (*)
(20/463)
وخمس مئة بمرو وله ست وخمسون سنة.
ومات معه في السنة مسند وقته عبد الجليل بن ابي سعد المعدل
بهراة (1)، ومحدث ما وراء النهر الامام أبو شجاع عمر بن [
محمد بن ] عبد الله البسطامي ثم البلخي (2)، ومسند بغداد
أبو المعالي محمد بن محمد بن الحيان اللحاس (3)، ومسند
أصبهان بل الدنيا الرئيس مسعود بن الحسن بن الرئيس أبي عبد
الله الثقفي عن مئة عام (4)، ومسند العراق أبو القاسم هبة
الله بن الحسن بن هلال الدقاق في عشر المئة (5)، وعالم
سجستان أبو عروبة عبد الهادي (6) بن محمد بن عبد الله بن
عمر بن مأمون، وعالم دمشق جمال الائمة علي بن الحسن ابن
الماسح (7)، وخطيب دمشق أبو البركات الخضر ابن شبل بن عبد
الحارثي (8)، وآخرون.
قال السمعاني: كنت أنسخ بجامع بروجرد، فدخل شيخ رث الهيئة،
ثم قال: أيش تكتب ؟ فكرهت جوابه، وقلت: الحديث.
فقال: كأنك طالب حديث ؟ قلت: بلى.
قال: من أين أنت ؟ قلت: من مرو.
قال: عمن يروي البخاري من أهلها ؟ قلت: عن عبدان وصدقة بن
الفضل وعلي ابن حجر.
فقال: ما اسم عبدان ؟ فقلت: عبد الله بن عثمان.
فقال ولم قيل له: عبدان ؟ فتوقفت، فتبسم، ونظرت إليه بعين
أخرى، وقلت:
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (287).
(2) تقدمت ترجمته برقم (289).
(3) سترد ترجمته برقم (293).
(4) سترد ترجمته برقم (297).
(5) سترد ترجمته برقم (298).
(6) تقدمت ترجمته برقم (288).
(7) سترد ترجمته برقم (295).
(8) سترد ترجمته برقم (372).
(* *
(20/464)
يذكر الشيخ.
فقال: كنيته أبو عبد الرحمن، فاجتمع في اسمه وفي كنتيه
العبدان، فقيل: عبدان.
فقلت: عمن ؟ قال: سمعت ابن طاهر يقوله.
وإذا هو الحافظ أبو الفضل محمد بن هبة الله بن العلاء
البروجردي، فروى لنا
عن أبي محمد الدوني وطائفة (1).
293 - ابن اللحاس * الشيخ
الثقة المسند، أبو المعالي، محمد بن محمد بن محمد
بن أحمد بن محمد الحريمي العطار، عرف بابن الجبان (2)
اللحاس.
سمع من جده محمد في سنة ثمان وسبعين في أيام أبي نصر
الزيني، وسمع من عبد الله بن عطاء الابراهيمي، والحسين بن
محمد السراج، وطراد بن محمد النقيب، وروى الكثير بإجازة
أبي القاسم علي بن أحمد بن البسري.
حدث عنه: السمعاني، وأبو بكر محمد بن المبارك المستعمل،
ومحمد بن أبي البركات بن صعنين، ومحمد بن الحسن بن البواب،
وأنجب ابن أبي السعادات الحمامي، وأبو المنجا عبد الله بن
اللتي، ومحمد بن محمد بن السباك، وأحمد بن يعقوب
المارستاني، وآخرون.
قال الدبيثي: ثقة، صحيح السماع.
__________
(1) أورد السمعاني هذه القصة في " التحبير " 2 / 248، 249،
وأوردها المؤلف في ترجمة عبدان التي مرت في الجزء العاشر
برقم (71) وفي ترجمة أبي الفضل البروجردي التي تقدمت في
هذا الجزء برقم (212).
(*) الاستدراك لابن نقطة: باب الجنان والجبان، العبر 4 /
179، شذرات الذهب 4 / 206.
(2) بالجيم بعدها باء موحدة مشددة، كما في " الاستدراك ".
(*)
(20/465)
وقال ابن النجار: كان شيخا صالحا عفيفا صدوقا، حسن
الاخلاق، لطيفا، روى الكثير.
قلت: مولده في سنة ثمان وستين وأربع مئة.
وتوفي في تاسع عشر ربيع الآخر اثنتين وستين وخمس مئة عن
أربع وتسعين سنة.
294 - الاشيري * الامام
العلامة، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن عبد الله
بن علي، الصنهاجي الاشيري.
وأشير: بليدة آخر إقليم إفريقية مما يلي الغرب، وهي قلعة
لبني حماد ملوك إفريقية (1).
سمع ببغداد مع ولده في أيام ابن هبيرة، وكان من كبار
المالكية، فحدث عن: أحمد بن علي بن غزلون، وعلي بن عبد
الله بن موهب الجذامي، والقاضي عياض، وجماعة.
روى عنه: أبو الفتوح بن الحصري، وأبو محمد بن علوان
الاسدي.
قال ابن الحصري: كان إماما في الحديث، ذا معرفة بفقهه
ورجاله،
__________
(*) معجم البلدان 1 / 202، 203 (أشير)، الاستدراك لابن
نقطة: باب الاشيري والاشتري، اللباب 1 / 68، 69، إنباه
الرواة 2 / 137 - 141، المشتبه 1 / 28، تاريخ الاسلام
(وفيات 561) العبر 4 / 174، 175، تلخيص ابن مكتوم: 98، 99،
مرآة الجنان 3 / 337، طبقات ابن قاضي شهبة 2 / 48، 49،
تبصير المنتبه 1 / 46، النجوم الزاهرة 5 / 372، شذرات
الذهب 4 / 198.
(1) ووهم صاحب " النجوم الزاهرة " فقال: أشير: بين حمص
وبعلبك.
(*)
(20/466)
وله يد باسطة في النحو واللغة، وجرى بينه وبين الوزير ابن
هبيرة كلام في دعائه عليه السلام يوم بدر: " إن تهلك هذه
العصابة " (1) وكان الصواب
معه.
قلت: نازع الوزير بعنف، فأحرجه حتى قال له الوزير: تهذي !
ليس كلامك بصحيح.
وانفض الناس، ثم اعتذر إليه الوزير بكل طريق، ووصله بمال،
وما ودعه حتى قال له مثل قوله له (2).
قال ابن عساكر: كان يكتب لصاحب المغرب، فلما مات، خاف
ونزح، وقرر له الملك نور الدين بحلب كفايته، ثم حج.
اتفق موته باللبوة في شوال سنة إحدى وستين وخمس مئة (3).
295 - ابن الماسح * العلامة،
جمال الائمة، أبو القاسم، علي بن أبي الفضائل الحسن
__________
(1) قطعة من حديث مطول أخرجه من حديث عمر مسلم (1763)،
وأحمد 1 / 30 و 32، والترمذي (3081) لما كان يوم بدر، نظر
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف
وأصحابه ثلاثة مئة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل نبي الله صلى
الله عليه وسلم القبلة، ثم مد يديه، فجعل يهتف بربه: اللهم
أنجز لي ما ودعتني اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه
العصابة من أهل الاسلام لا تعبد في الارض " فما زال يهتف
بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه،
فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه.
فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله
كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله: "
إن تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة
مردفين " فأمده الله بالملائكة...(2) انظر " إنباه الرواة
" 2 / 139.
وانظر ترجمة ابن هبيرة التي تقدمت برقم (282).
(3) ودفن بظاهر باب حمص شمالي بعلبك.
انظر " إنباه الرواة " 2 / 140، 141، قال القفطي: صنف
كتابا هذب فيه " الاشتقاق " الذي صنفه المبرد، ورأيته
فأحسن فيه، وهو عندي بخطه.
(*) إنباه الرواة 2 / 241، 242، تاريخ الاسلام (وفيات
562)، معرفة القراء الكبار = (*)
(20/467)
ابن الحسن بن أحمد، الكلابي الدمشقي الشافعي الفرضي
النحوي، ويعرف بابن الماسح، أحد أئمة المذهب.
ولد سنة ثمان وثمانين وأربع مئة.
وتلا لابن عامر على أبي الوحش سبيع، وسمع منه، ومن أبي
تراب حيدرة، وعبد المنعم بن الغمر.
وتفقه بجمال الاسلام (1)، ونصر الله المصيصي.
وكانت له حلقة كبيرة بالجامع للاقراء والفقه والنحو، وأعاد
بالامينية (2)، ودرس بالمجاهدية (3)، وعليه العمدة في
الفتوى وفي القسمة.
روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم، وجماعة.
مات في ذي الحجة سنة اثنتين وستين وخمس مئة.
296 - البارزي * الشيخ أبو
محمد، عبد الواحد بن الحسين بن عبد الواحد بن
البارزي البغدادي، البزاز بخان الصفة.
__________
= 2 / 421، تلخيص ابن مكتوم: 132، طبقات السبكي 7 / 214،
طبقات الاسنوي 2 / 438، 439، غاية النهاية 1 / 530، طبقات
ابن قاضي شهبة 2 / 161، 162، النجوم الزاهرة 5 / 375، بغية
الوعاة 2 / 155، الدارس: 203 وفيه: شهرته ابن المانح.
(1) علي بن المسلم السلمي، تقدمت ترجمته برقم (14).
(2) من مدارس الشافعية بدمشق، راجع ص 31، تعليق رقم (2) من
حواشي الترجمة (14).
(3) من مدارس الشافعية بدمشق أيضا.
انظر " مختصر تنبيه الطالب " 71، 72.
(*) الاستدراك لابن نقطة: باب البارزي واليازدي والباوري،
ذيل تاريخ بغداد 1 / 224 - حاشية الانساب 2 / 29.
(*)
(20/468)
سمع: ابن طلحة، وابن البطر، وثابت بن بندار، وجماعة.
روى عنه: ابن الاخضر، والحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق،
وعلي بن رشيد، وجماعة، وآخر من روى عنه بالاجازة الرشيد بن
مسلمة.
قال ابن النجار (1): كان صالحا متدينا، على طريقة السلف،
توفي في شوال سنة اثنتين وستين وخمس مئة وله اثنتان
وثمانون سنة.
قلت: يقع لي من عواليه.
297 - مسعود بن الحسن * ابن
الرئيس أبي عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد بن
أحمد بن محمود بن عبد الله، الشيخ المعمر الفاضل، مسند
العصر، أبو الفرج الثقفي الاصبهاني.
مولده في سنة اثنتين وستين وأربع مئة.
سمع من: جده، ومن أبي عمرو عبد الوهاب بن مندة، وأبي عيسى
عبدالرحمن بن زياد، والمطهر بن عبد الواحد البزاني، ومحمد
بن أحمد السمسار، وإبراهيم بن محمد الطيان، وسهل بن عبد
الله الغازي، وأبي نصر محمد بن عمر تانة (2)، وأبي الخير
محمد بن أحمد بن ررا، وسليمان ابن إبراهيم، وغانم بن عبد
الواحد، وأحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الواحد، وعدة.
__________
(1) في " ذيل تاريخ بغداد ": 225، 226.
(*) التحبير 2 / 298، 299، العبر 4 / 179، 180، لسان
الميزان 6 / 24، 25،
شذرات الذهب 4 / 206، 207.
(2) انظر " تبصير المنتبه " 1 / 58 و 115، و " الانساب " 3
/ 43، 14، وفيه ترجمته.
(*)
(20/469)
وخرجت له فوائد في تسعة أجزاء وعوالي.
وعمر وتفرد، وألحق الابناء بالآباء.
وقد كان روى الكثير بإجازة أبي الغنائم بن المأمون، وأبي
بكر الخطيب، وأبي الحسين بن المهتدي بالله، وجماعة من
البغاددة اعتمادا منه على ما نقل المحدث أبو الخير
عبدالرحيم بن موسى، فقاموا على أبي الخير، وكذبه الحافظ
أبو موسى المديني، فطالبوه بالاصل، فغالطهم (1).
وله إجازة من أبي القاسم بن مندة، وغيره.
حدث عنه: محمد بن يوسف الآملي، وعبد الله بن أبي الفرج
الجبائي، والحسين بن محمد الجرباذقاني، وعبد الاول بن ثابت
المديني، والحافظ عبد القادر الرهاوي، ومحمد بن مكي
الحنبلي، ومحمود بن محمد الحداد، وأبو الوفاء محمود بن
مندة، وآخرون، وبالاجازة: أبوالمنجا عبد الله بن اللتي،
وكريمة القرشية، وأختها صفية، وعجيبة الباقدارية.
قال السمعاني (2): لم يتفق أن أسمع منه لاشتغالي بغيره،
وما كانوا يحسنون الثناء عليه، والله يرحمه، وكتب إلي
بالاجازة، وقد حدثني محمد ابن عبدالرحمن الفيج (3) أنه قرأ
على الرئيس أبي الفرج جميع " تاريخ " الخطيب في سنة ستين
وخمس مئة.
قلت: ثم تبين وهن إجازة الخطيب له، وامتنع الرجل من
الرواية بالاجازة عن البغداديين بعد ذلك، وكان في كثرة
سماعاته العالية شغل
__________
(1) انظر " لسان الميزان " 6 / 25.
(2) في " التحبير " 2 / 298، 299.
(3) قال السمعاني: هذا اسم لمن يحمل الكتب بسرعة من بلد
إلى بلد.
" الانساب " 9 / 357.
(*)
(20/470)
شاغل، وكان ذا حشمة وأموال، عاش مئة عام.
توفي يوم الاثنين غرة رجب سنة اثنتين وستين وخمس مئة.
298 - الدقاق * الشيخ الجليل،
مسند بغداد، أبو القاسم، هبة الله بن الحسن بن هلال
بن علي بن حمصاء العجلي السامري الكاتب، ثم البغدادي ابن
الدقاق، شيخ معمر، صحيح الرواية، من أهل الظفرية.
ولد سنة إحدى وسبعين وأربع مئة.
وسمع أبا الحسن علي بن محمد الانباري، وعاصم بن الحسن،
وعبد الله بن علي بن زكري، وأبا الغنائم محمد بن أبي
عثمان، وعبد الواحد بن فهد العلاف، وعبد الملك بن أحمد
السيوري، وتفرد بأجزاء.
حدث عنه: السمعاني، وعبد الغني بن عبد الواحد، وأبو محمد
عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة، ومحمد بن عمر بن
الذهبي، وإسماعيل بن باتكين الجوهري، وعبد اللطيف بن محمد
القبيطي، وعدة، وآخر من روى عنه إجازة الرشيد أحمد من
مسلمة.
قال السمعاني: كان شيخا لا بأس به، ظاهره الخير والصلاح.
وقال ابن قدامة: هو فيما أظن أقدم مشايخنا سماعا.
وقال ابن مشق: توفي في تاسع عشر المحرم سنة اثنتين وستين
وخمس مئة.
__________
(1) العبر 4 / 180، دول الاسلام 2 / 76، شذرات الذهب 4 /
207.
(*)
(20/471)
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن، أخبرنا أبو محمد بن قدامة،
أخبرنا هبة الله بن الحسن، أخبرنا عبد الله بن علي الدقاق،
أخبرنا علي بن محمد، أخبرنا محمد بن عمرو، حدثنا أحمد بن
الفرج الجشمي، حدثنا عون بن عمارة، حدثنا حميد، عن أنس رضي
الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لبيك
بحجة وعمرة ".
متفق عليه (1) من حديث حميد الطويل وغيره، عن أنس بن مالك.
قال ابن النجار: كان صدوقا صحيح السماع، هو آخر من حدث عن
عاصم وابن أبي عثمان.
299 - الباجسرائي * الشيخ
المسند، أبو المعالي، أحمد بن عبد الغني بن محمد بن
حنيفة الباجسرائي التانئ (2)، نزيل بغداد.
سمع من: نصر بن البطر، والنعالي، وثابت بن بندار، والحسين
بن علي بن البسري، وعدة.
وروى الكثير.
وقد ركبه دين، ونزح إلى همذان، فمات هناك.
حدث عنه: الحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، ومحمد بن عماد،
__________
(1) أخرجه البخاري (1548) و (1714) و (1715) و (2951) و
(2986) ومسلم (1232) وأبو داود (1795)، والترمذي (821)
والنسائي 5 / 150، وابن ماجة (2968) و (2969).
(*) المنتظم 10 / 223، مختصر ابن الدبيثي: 191، العبر 4 /
180، الوافي بالوفيات 7 / 72، النجوم الزاهرة 5 / 379،
شذرات الذهب 4 / 207.
والباجسرائي بكسر الجيم وسكون
السين المهملة، نسبة إلى باجسرا، وهي قرية كبيرة بنواحي
بغداد على عشرة فراسخ منها.
(2) نسبة إلى التناءة، وهي الدهقنة، فيقال لصاحب الضياع
والعقار: التانئ.
" الانساب " 3 / 13، و " القاموس " (تنأ).
(*)
(20/472)
وعبد اللطيف بن القبيطي، وأبو إسحاق الكاشغري، وآخرون.
وبالاجازة: الرشيد بن مسلمة.
قال ابن الجوزي (1): كان ثقة.
وقال الدبيثي: مات في رمضان سنة ثلاث وستين وخمس مئة
بهمذان، ولم يحدث بها، وعاش أربعا وسبعين سنة وشهرا.
300 - ابن المقرب * الشيخ
الجليل الثقة المسند، أبو بكر، أحمد بن المقرب بن
الحسين ابن الحسن البغدادي الكرخي.
شيخ دين كيس متودد، صحيح السماع.
سمع طرادا الزينبي، وابن طلحة النعالي، وابن سوار.
وعنه: السمعاني، وابن الجوزي، وعبد الغني، والموفق، وعبد
اللطيف القبيطي، وابن الخازن، والحسين بن رئيس الرؤساء،
وخلق.
وتلا بالسبع، وتفقه، ونسخ الاجزاء، وله أصول حسنة.
مات في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وخمس مئة.
301 - الطامذي * * الشيخ
الامام المقرئ الزاهد المعمر، بقية السلف، أبو محمد،
عبد
__________
(1) في " المنتظم " 10 / 223.
(*) المنتظم 10 / 224، مختصر ابن الدبيثي: 219، العبر 4 /
180، 181، الوافي
بالوفيات 8 / 186، النجوم الزاهرة 5 / 379، شذرات الذهب 4
/ 208.
(* *) العبر 4 / 181، غاية النهاية 1 / 437، النجوم
الزاهرة 5 / 380، شذرات الذهب 4 / 208.
(*)
(20/473)
الله بن علي بن عبد الله بن عبدالرحمن الاصبهاني الطامذي.
وطامذ: مكان بأصبهان.
سمع أبا نصر عبدالرحمن بن محمد السمسار، وعدة.
وارتحل فسمع بالبصرة من جعفر بن محمد بن الفضل العباداني،
وببغداد من طراد بن محمد الزينبي، وابن طلحة النعالي،
وجماعة.
وقرأ الحديث على المشايخ، وعمر دهرا، خرجوا له ثلاثة
أجزاء.
حدث عنه: محمد بن مكي الحنبلي، وعبد القادر بن عبد الله
الرهاوي، ومحمد بن أبي غالب شعرانة، ومحمد بن محمود
الرويدشتي، وجماعة، وبالاجازة: كريمة الزبيرية.
وقد غلط أبو الفتح الابيوردي، فقرأ على الرشيد إسماعيل
العراقي بإجازته من الطامذي، ولا يمكن ذلك، فإن الطامذي
مات في العشرين من شعبان سنة ثلاث وستين وخمس مئة عن سن
عالية ولم يكن الرشيد ولد بعد.
وفيها مات أبو المعالي الباجسرائي (1)، وأبو المظفر أحمد
بن محمد ابن علي الكاغدي (2)، وأبو بكر أحمد بن المقرب
(3)، وقاضي القضاة جعفر ابن عبد الواحد الثقفي (4)، وأبو
المناقب حيدرة بن عمر الزيدي (5)، والخضر
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (299).
(2) انظر " النجوم الزاهرة " 5 / 379.
(3) تقدمت ترجمته برقم (300).
(4) مترجم في المنتظم 10 / 224، الكامل 11 / 333، العبر 4
/ 181، مختصر ابن الدبيثي: 271، الوافي 11 / 111، مرآة
الجنان 3 / 320، البداية والنهاية 12 / 254، شذرات الذهب 4
/ 208.
(5) انظر " النجوم الزاهرة " 5 / 379.
(*)
(20/474)
ابن الفضل الصفار الاصبهاني رجل (1)، وشاكر بن علي
الاسواري (2)، والشيخ أبو النجيب السهروردي (3)، وأبو
الحسن علي بن عبدالرحمن ابن تاج القراء (4)، وأبو المعالي
عمر بن بنيمان البغدادي (5)، وأبو بكر محمد ابن أحمد بن
نمارة البلنسي، والشريف ناصر بن الحسن الزيدي الخطيب (6)،
وأبو بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني (7)، ونفيسة بنت
محمد البزاز (8)، والصائن هبة الله بن عساكر (9).
302 - أبو النجيب * الشيخ
الامام العالم المفتي المتفنن الزاهد العابد القدوة
شيخ المشايخ، أبو النجيب، عبدالقاهر بن عبد الله بن محمد
بن عمويه (10) بن
__________
(1) كذا ضبط في الاصل بالراء المهملة والجيم، وكتب فوقه
كلمة " صح "، وورد في " النجوم الزاهرة " 5 / 379، 380:
زحل بالزاي والحاء المهملة.
(2) مترجم في العبر 4 / 181، والنجوم الزاهرة 5 / 380،
وشذرات الذهب 4 / 208.
(3) وهو صاحب الترجمة التالية.
(4) سترد ترجمته برقم (304).
(5) ورد اسمه في " النجوم الزاهرة " 5 / 380: عمرو بن سمان
البغدادي.
(6) مترجم في العبر 4 / 183، معرفة القراء الكبار 2 / 422،
غاية النهاية 2 / 329، 330، النجوم الزاهرة 5 / 380، شذرات
الذهب 4 / 210 وفيه: ابن الحسين.
(7) سترد ترجمته برقم (325).
(8) سترد ترجمتها برقم (307).
(9) سترد ترجمته برقم (314).
(*) الانساب 7 / 197، المنتظم 10 / 225، معجم البلدان 3 /
289، الكامل 11 / 333، اللباب 2 / 157، وفيات الاعيان 3 /
204، 205، العبر 4 / 181، 182، مرآة الجنان 3 / 372، طبقات
السبكي 7 / 173 - 175، طبقات الاسنوي 2 / 64، 65، البداية
والنهاية 12 / 254، النجوم الزاهرة 5 / 380، طبقات
الشعراني 1 / 140، شذرات الذهب 4 / 208، 209، هدية
العارفين 1 / 606، 607.
(10) واسم عمويه هذا: عبد الله، كما ذكر ابن خلكان في "
الوفيات " 3 / 204 وقيده بفتح العين المهملة وتشديد الميم
المضمومة وسكون الواو وفتح الياء المثناة التحتية.
(*)
(20/475)
سعد بن الحسن (1) بن القاسم (2) بن علقمة بن النضر بن معاذ
بن الفقيه عبد الرحمن (3) بن القاسم بن محمد بن أبي بكر
الصديق، القرشي التيمي البكري السهروردي الشافعي الصوفي
الواعظ، شيخ بغداد.
ولد تقريبا بسهرورد (4) في سنة تسعين وأربع مئة.
وقدم بغداد نحو سنة عشر، فسمع من أبي علي بن نبهان كتاب "
غريب الحديث "، وسمع من زاهر الشحامي، وأبي بكر الانصاري
وجماعة، فأكثر، وحصل الاصول، وكان يعظ الناس في مدرسته.
أثنى عليه السمعاني كثيرا، وقال: تفقه في النظامية، ثم هب
له نسيم الاقبال والتوفيق، فدله على الطريق، وانقطع مدة،
ثم رجع، ودعا إلى الله، وتزهد به خلق، وبنى له رباطا على
الشط، حضرت عنده مرات، وانتفعت بكلامه، وكتبت عنه (5).
وقال عمر بن علي القرشي: هو من أئمة الشافعية، وعلم من
أعلام الصوفية، ذكر لي أنه دخل بغداد سنة سبع، وسمع " غريب
الحديث "، وتفقه على أسعد الميهني، وتأدب على الفصيحي، ثم
آثر الانقطاع، فتجرد، ودخل البرية حافيا، وحج، وجرت له
قصص، وسلك طريقا وعرا في المجاهدة، ودخل أصبهان، وجال في
الجبال، ثم صحب الشيخ
__________
(1) في " وفيات الاعيان " و " طبقات " السبكي: الحسين.
(2) اسم " القاسم " لم يرد في " طبقات " السبكي.
(3) في " وفيات الاعيان:...بن القاسم بن النضر بن سعد بن
النضر بن عبدالرحمن (4) بضم السين وسكون الهاء وفتح الراء
والواو وسكون الراء الاخرى وفي آخرها الدال المهملة، وهي
بلدة عند زنجان، وقد تصحفت نسبة صاحب الترجمة في " الكامل
" 11 / 333 إلى الشهرزوري.
(5) انظر " الانساب " 7 / 197 و " طبقات " السبكي 7 / 174
والاسنوي 64 2.
(*)
(20/476)
حمادا الدباس، ثم شرع في دعاء الخلق إلى الله، فأقبل الناس
عليه، وصار له قبول عظيم، وأفلح بسببه أمة صاروا سرجا،
وبنى مدرسة ورباطين، ودرس وأفتى، وولي تدريس النظامية، ولم
أر له أصلا يعتمد عليه ب " الغريب " (1).
وقال ابن النجار: كان مطرحا للتكلف في وعظه بلا سجع، وبقي
سنين يستقي بالقربة بالاجرة، ويتقوت، ويؤثر من عنده، وكانت
له خربة يأوي إليها هو وأصحابه، ثم اشتهر، وصار له القبول
عند الملوك، وزاره السلطان، فبنى الخربة رباطا، وبنى إلى
جانبه مدرسة، فصار حمى لمن لجأ إليه من الخائفين يجير من
الخليفة والسلطان، ودرس بالنظامية سنة 45،
ثم عزل بعد سنتين، أملى مجالس، وصنف مصنفات..إلى أن قال:
وصحب الشيخ أحمد الغزالي الواعظ، وسلكه (2).
قلت: قد أوذي عند موت السلطان مسعود، وأحضر إلى باب
النوبي، فأهين، وكشف رأسه، وضرب خمس درر، وحبس مدة لانه
درس بجاه مسعود.
قال ابن النجار: وأنبأنا يحيى بن القاسم، حدثنا أبو النجيب
قال: كنت أدخل على الشيخ حماد وفي فتور، فيقول: دخلت علي
وعليك ظلمة، وكنت أبقى اليومين والثلاثة لا أستطعم بزاد،
فأنزل في دجلة أتقلب ليسكن جوعي، ثم اتخذت قربة أستقي بها،
فمن أعطاني شيئا أخذته، ومن لم يعطني لم أطالبه، ولما تعذر
ذلك في الشتاء علي، خرجت إلى سوق، فوجدت رجلا بين يديه
طبرزد، وعنده جماعة يدقون الارز، فقلت:
__________
(1) انظر " وفيات الاعيان " 3 / 204.
(2) انظر " طبقات " السبكي 7 / 147، 175، والاسنوي 2 / 64،
65.
(*)
(20/477)
استعملني.
قال: أرني يدك.
فأريته، قال: هذه يد لا تصلح إلا للقلم، وأعطاني ورقة فيها
ذهب، فقلت: لا آخذ إلا أجرة عملي، فإن شئت نسخت لك
بالاجرة.
قال: اصعد، وقال لغلامه: ناوله المدقة، فدققت معهم وهو
يلحظني، فلما عملت ساعة، قال: تعال، فناولني الذهب، وقال:
هذه أجرتك، فأخذته، ثم أوقع الله في قلبي الاشتغال بالعلم،
فاشتغلت حتى أتقنت المذهب، وقرأت الاصلين، وحفظت " الوسيط
" للواحدي في التفسير، وسمعت كتب الحديث المشهورة (1).
قال أبو القاسم بن عساكر: ذكر لي أبو النجيب أنه سمع من
أبي علي
الحداد، واشتغل بالمجاهدة، ثم استقى بالاجرة، ثم وعظ ودرس
بالنظامية، قدم دمشق سنة ثمان وخمسين لزيارة بيت المقدس،
فلم يتفق له لانفساخ الهدنة.
قلت: حدث عنه هو والقاسم ابنه، والسمعاني، وابن سكينة،
وزين الامناء، وأبو نصر بن الشيرازي، وابن أخيه الشيخ شهاب
الدين عمر، وخلق.
مات في جمادى الآخرة سنة ثلاث وستين وخمس مئة، ودفن
بمدرسته (2).
303 - ابن تاج القراء * الشيخ
الزاهد المعمر، أبو الحسن، علي بن عبدالرحمن بن
محمد
__________
(1) النص في " طبقات " السبكي 7 / 175.
(2) ذكر في " هدية العارفين " أنه صنف " آداب المريدين "
في التصوف والاخلاق.
(*) العبر 4 / 182، النجوم الزاهرة 5 / 380، شذرات الذهب 4
/ 209.
(*)
(20/478)
ابن رافع الطوسي، ثم البغدادي، ويعرف بابن تاج القراء.
بكر به والده، فسمع من: مالك بن أحمد البانياسي، ويحيى بن
أحمد السيبي، وأبي بكر الطريثيثي.
حدث عنه: عبد الغني الحافظ، والشيخ موفق الدين، وإبراهيم
بن عثمان الكاشغري، وآخرون، وبالاجازة: الرشيد بن مسلمة.
قال الشيخ الموفق: سمعنا منه جزأين يرويهما عن البانياسي.
وقال السمعاني: كان صوفيا خدم المشايخ، وتخلق بأخلاقهم،
طلبته عدة نوب، فما صدفته.
قال: وهو أخو شيخنا يحيى.
وقال ابن مشق: توفي رحمه الله في صفر سنة ثلاث وستين وخمس
مئة.
قلت: هو راوي جزء البانياسي.
ومات معه في العام خلق (1)، منهم أبو المعالي عمر بن
بنيمان، بغدادي ثقة سمع ثابت بن بندار وطبقته، وأبو المظفر
أحمد بن محمد بن علي الكاغدي البغدادي راوي " مشيخة "
الفسوي، وأبو المناقب حيدرة بن أبي البركات عمر بن إبراهيم
الحسيني الزيدي عنده مجلسان لطراد، وأبو طاهر الخضر بن
الفضل الصفار الاصبهاني عرف برجل، تفرد بإجازة عبد الوهاب
بن مندة، وأبو الفضل شاكر بن علي الاسواري، وأبو الحسن
__________
(1) انظر نهاية الترجمة (301).
(*)
(20/479)
محمد (1) بن إسحاق بن محمد بن هلال بن المحسن بن الصابئ
الكاتب، سمع النعالي، ومقرئ مصر الشريف ناصر بن الحسن
الحسيني الخطيب، والامام المحدث أبو بكر محمد بن علي بن
ياسر الجياني (2)، ونفيسة بنت محمد بن علي البزازة (3)،
سمعت من طراد، فأكثرت، وهبة الله بن الحافظ عبد الله بن
السمرقندي البغدادي (4)، سمع من النعالي، والعلامة مدرس
النظامية يوسف بن عبد الله بن بندار الدمشقي الشافعي (5)
صاحب أسعد الميهني.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن المعدل، أخبرنا عبد الله بن
أحمد الفقيه، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبدالرحمن بن محمد
بن أحمد (6) بن رافع الطوسي ببغداد، أخبرنا مالك بن أحمد
الفراء، أخبرنا أحمد بن محمد
ابن موسى بن القاسم، حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي،
حدثنا أبو مصعب، عن مالك، عن عبد الله بن دينار، عن ابن
عمر قال: كنا إذا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
بايعناه على السمع والطاعة، يقول لنا: " فيما استطعت ".
أخرجه البخاري (7) عن ابن يوسف التنيسي، عن مالك.
__________
(1) مترجم في العبر 4 / 182، 183، الوافي 2 / 191، شذرات
الذهب 4 / 209.
(2) سترد ترجمته برقم (325).
(3) سترد ترجمتها برقم (307).
(4) تقدمت ترجمته برقم (277).
(5) سترد ترجمته برقم (328).
(6) لم يرد اسم " أحمد " في نسبه الذي تقدم في بداية
الترجمة.
(7) برقم (7202)، وهو فيه أيضا برقم (7203) و (7205) و
(7272) وفي " الموطأ " 212 / 982، ومسلم (1867).
(*)
(20/480)
304 - ابن البطي * الشيخ الجليل العالم الصدوق، مسند
العراق، أبو الفتح، محمد بن عبدا لباقي
بن أحمد بن سلمان (1)، البغدادي الحاجب ابن البطي.
ولد سنة سبع وسبعين وأربع مئة.
اعتنى به والده من الصغر، أجاز له أبو نصر محمد بن محمد
الزينبي.
وسمع من: عاصم بن الحسن العاصمي، ومالك بن أحمد البانياسي،
وعلي بن محمد بن محمد الانباري الخطيب، ورزق الله التميمي،
وعبد الله بن علي بن زكري (2) الدقاق، وطراد الزينبي،
والحسين بن طلحة النعالي، وأبي الفضل بن خيرون، وعبد
الواحد بن علي
ابن فهد، وثابت بن بندار، ونصر بن البطر، وأبي عبد الله
الحميدي، وحمد بن أحمد الحداد سمع منه كتاب " الحلية "
كله، وأحمد بن عمر السمرقندي المقرئ، وأبي بكر بن الخاضبة،
وهو الذي حرص عليه وأسمعه، وحمزة بن محمد الزبيري صاحب
الحرفي، وأحمد بن عبد القادر ابن يوسف، وأبي الحسن علي بن
الحسين بن أيوب، وأبي بكر الطريثيثي، والحسين بن علي بن
البسري، وعلي بن الحسين الربعي، وأبي طاهر أحمد ابن الحسن
الكرخي، وعبد الجليل بن محمد الساوي، وأبي سعد محمد بن
__________
(*) المنتظم 10 / 299، دول الاسلام 2 / 78، العبر 4 / 188،
المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 219، 20، الوافي بالوفيات 3
/ 209، البداية والنهاية 12 / 260، النجوم الزاهرة 5 /
382، شذرات الذهب 4 / 213، 214.
(1) في " العبر " و " الشذرات ": سليمان.
وتحرف نسب صاحب الترجمة في " البداية والنهاية " إلى: محمد
بن عبد الله بن عبد الواحد بن سليمان.
(2) تحرف في " المستفاد " إلى ذكري، بالذال.
(*)
(20/481)
علي بن السرفرتج الاصبهاني، وجعفر السراج، والحسن بن
عبدالملك اليوسفي، وجماعة سواهم.
وعمر، وتفرد، ورحل إليه، وروى شيئا كثيرا.
حدث عنه: ابن عساكر (1)، وابن الجوزي، وابن الاخضر،
والحافظ عبد الغني، وأبو الفتوح بن الحصري، والشيخ الموفق،
وإبراهيم ابن البرني (2)، والشيخ الفخر ابن تيمية، والشهاب
أبو حفص السهروردي، ومحمد بن إبراهيم المغازلي، وعمر بن
محمد بن أبي الريان، وعلي بن كبة، وتامر بن مطلق، وزهرة
بنت حاضر، وإسماعيل بن باتكين، وعلي بن
الجوزي (3)، وسعيد بن محمد بن ياسين، ومحمد بن محمد بن
السباك، والانجب بن أبي السعادات، ومحمد بن عماد، والحسين
بن علي بن رئيس الرؤساء، وخليل الجوسقي (4)، وأحمد بن يحيى
بن البراج، والموفق عبد اللطيف بن يوسف، وداود بن الفاخر،
وأبو علي بن الجواليقي، وعلي بن أبي الفخار الهاشمي، وعبد
الله بن عمر بن اللتي، وعبد اللطيف بن محمد القبيطي، ومحمد
بن بهروز الطبيب (5)، وأحمد بن المعز الحراني، وجمال
النساء بنت أبي بكر الغراف، وإبراهيم بن عثمان الكاشغري،
وآخر من روى عنه بالاجازة الرشيد بن مسلمة، وعيسى بن سلامة
الحراني.
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 193 / 1.
(2) بفتح الباء وسكون الراء بعدها نون، انظر حاشية "
الاكمال " 1 / 411، 412 حيث ذكر المعلمي ترجمته نقلا عن "
الاستدرك " لابن نقطة.
(3) وهو أبو القاسم علي بن الشيخ الامام أبي الفرج
عبدالرحمن بن الجوزي، متوفى سنة 630 ه.
انظر " المشتبه " 189، وستأتي ترجمته في الجزء الثاني
والعشرين.
(4) نسبة إلى جوسق: قرية من ناحية النهروان من أعمال
بغداد.
وانظر ترجمته في " الانساب " 3 / 370.
(5) المتوفى سنة 635، ستأتي ترجمته في الجزء الثاني
والعشرين.
(*)
(20/482)
قال ابن نقطة: حدث ابن البطي ب " حلية الاولياء " عن حمد
الحداد، وهو ثقة، صحيح السماع، سمع منه الائمة والحفاظ.
وقال الشيخ موفق الدين: هو شيخنا وشيخ أهل بغداد في وقته،
وأكثر سماعاته على أبي الفضل بن خيرون، وما روى لنا عن رزق
الله والحميدي وحمد غيره، وكان ثقة سهلا في السماع.
وقال ابن النجار: كان حريصا على نشر العلم، صدوقا، حصل
أكثر مسموعاته شراء ونسخا، ووقفها، سمع منه الحافظ ابن
ناصر، وسعد الخير، والكبار.
قال ابن مشق (1): توفي يوم الخميس سابع وعشرين جمادى
الاولى سنة أربع وستين وخمس مئة، ودفن بمقبرة باب أبرز.
ومات أبو بكر أحمد (2) بن عبدا لباقي أخو ابن البطي بعده
بسنة وقد شاخ، روى عن ابن طلحة النعالي، وأبي القاسم
الربعي.
ومات مع ابن البطي سعد الله بن نصر الدجاجي (3)، والمظفر
مجير الدين أبق (4) بن محمد بن تاج الملوك الذي كان صاحب
دمشق، فأخذها منه نور الدين، ووزير مصر شاور بن مجير
السعدي (5)، ووزير مصر أسد الدين
__________
(1) وهو أبو بكر محمد بن المبارك بن محمد البغدادي البيع،
متوفى سنة 605، ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين
برقم (232).
(2) مترجم في الوافي بالوفيات 7 / 13، مختصر الدبيثي: 192،
لسان الميزان 1 / 210.
(3) مترجم في المنتظم 10 / 228، فوات الوفيات 2 / 46،
الوافي بالوفيات 15 / 186.
البداية والنهاية 12 / 258، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 302 -
305، غاية النهاية 1 / 303، شذرات الذهب 4 / 212، 213،
الزركشي: 121.
(4) تقدمت ترجمته برقم (253).
(5) سترد ترجمته برقم (329).
(*)
(20/483)
شيركوه بن شاذي (1)، والمحدث عبد الخالق بن أسد الحنفي
(2)، وأبو مروان بن قزمان عبدالرحمن القرطبي الفقيه (3)،
وشيخ القراء ابن هذيل (4)،
وقاضي دمشق الزكي علي بن محمد بن يحيى القرشي (5)، ومعمر
بن الفاخر (6)، والشيخ علي الهيتي (7).
__________
(1) سترد ترجمته برقم (369).
(2) سترد ترجمته برقم (315).
(3) سترد ترجمته برقم (331).
(4) سترد ترجمته برقم (323).
(5) سترد ترجمته برقم (333).
(6) هو صاحب الترجمة التالية.
(7) نسبة إلى هيت: مدينة على الفرات فوق الانبار.
كذا ذكر ابن الاثير في " اللباب " 3 / 397، والشيخ على هذا
مترجم في " تتمة المختصر " 2 / 113.
(*)
(20/484)
الطبقة الثلاثون
305 - ابن الفاجر * الشيخ
الامام الواعظ العالم المحدث المفيد الرحال الثقة، أبو
أحمد، معمر بن عبد الواحد بن رجاء (1) بن عبد
الواحد بن محمد بن الفاخر ابن أحمد القرشي العبشمي السمري
الاصبهاني المعدل.
مولده سنة أربع وتسعين وأربع مئة.
سمع أبا الفتح أحمد بن محمد الحداد، وأبا المحاسن الروياني
شيخ الشافعية، وأبا علي أحمد بن محمد بن الفضل بن شهريار،
وأبا طاهر المحسد بن أبي الحسين، وغانم بن محمد البرجي،
وأبا علي الحداد، والحافظ أبا زكريا بن مندة، وعبد الصمد
بن أحمد العنبري، وعبد الواحد بن محمد الدشتج، ومحمد بن
أبي عدنان، وعدة بأصبهان، وهبة الله بن
__________
(*) المنتظم 10 / 229، الكامل 11 / 349، دول الاسلام 2 /
78، العبر 4 / 189، تذكرة الحفاظ 4 / 1319 - 1321،
المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 231، 232، مرآة الجنان 3 /
377، البداية والنهاية 12 / 260، شذرات الذهب 4 / 214.
(1) في " الكامل " و " البداية ": رجار.
(*)
(20/485)
الحصين، وأبا غالب بن البناء، وأحمد بن رضوان، وأبا العز
بن كادش، وقاضي المرستان، وعدة ببغداد، وارتحل إليها غير
مرة، وأجاز له أبو الحسين بن العلاف، وإسماعيل بن الحسن
السنجبستي صاحب أبي بكر الحيري، ولم يزل يكتب حتى أخذ عن
الحافظ أبي القاسم بن عساكر، وسمع أولاده، وأفاد الغرباء.
له سبع رحلات إلى بغداد، وسمع بالحرمين.
حدث عنه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر، وابن الجوزي، وعبد
الغني، وابن قدامة، وابن الاخضر، وعمر بن جابر، وأبو حفص
السهروردي، وأبو الحسن بن المقير، وآخرون.
ذكره السمعاني، فقال: شاب كيس، حسن العشرة والصحبة، سخي
متودد، يراعي حقوق الاصدقاء، ويقضي حوائجهم، أكثر ما سمعت
بأصبهان كان بإفادته، كان يدور معي من الصباح إلى الليل
على الشيوخ شكر الله سعيه، ثم كان ينفذ إلي الاجزاء
لانسخها، ويكتب إلي بوفاة الشيوخ، كتب لي جزءا عن شيوخه،
وحدثني به (1).
وقال ابن الجوزي (2): كان من الحفاظ الوعاظ، وله معرفة
حسنة بالحديث، كان يخرج ويملي، سمعت منه بالمدينة، مات
بالبادية ذاهبا إلى الحج في ذي القعدة في سنة أربع وستين
وخمس مئة.
وقال ابن النجار: كان سريع الكتابة، موصوفا بالحفظ
والمعرفة والثقة والصلاح والمروءة والورع، صنف كثيرا في
الحديث والتواريخ والمعاجم،
__________
(1) انظر " المستفاد ": 232.
(2) في " المنتظم " 10 / 229.
(*)
(20/486)
وكان معظما ببلده، ذا قبول ووجاهة.
قلت: آخر من روى عنه بالاجازة عيسى بن سلامة الخياط، فسمع
منه عفيف الدين الآمدي تسعة مجالس لمعمر.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، أخبرنا أبو محمد بن قدامة،
أخبرنا معمر بن الفاخر، أخبرنا أبو الفتح الحداد، أخبرنا
ابن عبدكويه، أخبرنا الطبراني، حدثنا علي بن عبد العزيز،
حدثنا القعنبي، حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد،
عن الاعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " لله أشد فرحا بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا
وجدها " (1).
قال ابن مشق: مات معمر في ثالث عشر ذي القعدة سنة أربع
وستين وخمس مئة، عاش سبعين سنة.
306 - ابن خضير * الامام
المحدث الصادق المفيد، أبو طالب، المبارك بن علي بن
محمد بن علي ابن خضير، البغدادي الصيرفي البزاز.
ولد سنة ثلاث وثمانين وأربع مئة.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم في أول كتاب التوبة (2) من
طريق القعنبي - عبد الله بن مسلمة - بهذا الاسناد، وأخرجه
الترمذي (3538) من طريق قتيبة عن المغيرة، واقتصر ابن
الاثير على نسبته للترمذي فقصر، ولم يستدركه عليه صديقنا
الشيخ عبد القادر.
وفي الباب عن ابن مسعود والبراء بن عازب، وأنس بن مالك،
والنعمان بشير وهي مخرجه في " شرح السنة " 5 / 83 - 88،
وجامع الاصول 2 / 508 - 511.
(*) العبر 4 / 179، تذكرة الحفاظ 4 / 1319، تبصير المنتبه
1 / 445، النجوم الزاهرة 5 / 376، شذرات الذهب 4 / 206.
(*)
(20/487)
وسمع بنفسه ما لا يوصف كثرة من: جعفر السراج، والحاجب أبي
الحسن بن العلاف، وأبي سعد بن خشيش، وأبي الغنائم النرسي،
وأبي القاسم بن بيان، وأبي علي بن نبهان، وأبي سعد بن
الطيوري، وأبي العز محمد بن المختار، وينزل إلى قاضي
المرستان، وإسماعيل بن السمرقندي، بل وإلى ابن ناصر، وابن
البطي، وارتحل فسمع بدمشق من هبة الله بن الاكفاني، وعبد
الكريم بن حمزة.
وبورك له في حديثه، وحدث بأكثر مسموعاته مرارا.
روى عنه: ابن السمعاني، وأبو القاسم بن عساكر، وأبو الفضل
بن شافع، وأبو الفرج بن الجوزي فأكثر، وأحمد بن البندنيجي،
وابن الاخضر، وأبو طالب بن عبد السميع، والحافظ عبد الغني،
والشيخ موفق الدين، ومنصور بن المعوج (1)، وأحمد بن المعز
الحراني، وخلق، وبالاجازة: الرشيد بن مسلمة.
قال أبو سعد السمعاني: سمع الكثير، ونسخ، وله جد في الطلب
على كبر السن، وهو جميل الامر، سديد السيرة، خرج له أبو
القاسم الدمشقي جزءا، سمعت منه، وسمع مني.
وقال ابن النجار: كان من المكثرين سماعا وكتابة وتحصيلا
إلى آخر
عمره، وله في ذلك جد واجتهاد، وكانت له حال واسعة من
الدنيا، فأنفقها في طلب الحديث وعلى أهله إلى أن افتقر،
كتب الكثير، وحصل الاصول الحسان، وكان عفيفا نزها صالحا
متدينا، يسرد الصوم، وكان يمشي كثيرا
__________
(1) في الاصل: " المعبوج " وهو خطأ، وهو الشيخ أبو غالب
منصور بن أحمد بن أبي غالب محمد البغدادي المراتبي ابن
المعوج، متوفى سنة 643، ستأتي ترجمته في الجزء الثاني
والعشرين.
(*)
(20/488)
في الطلب، ويحدث من لفظه، ويدور على المكاتب، ويحدث
الصبيان، وكان صدوقا مع قلة معرفته بالعلم وسوء فهمه، وكان
خطه رديئا كثير السقم.
قال إبراهيم بن الشعار: مات شيخنا ابن خضير ليلة الجمعة
ثالث عشر ذي الحجة من سنة اثنتين وستين وخمس مئة فجأة رحمه
الله.
307 - نفيسة * وتسمى فاطمة بنت
محمد بن علي البزازة البغدادية أخت أبي الفرج بن
البزازة.
سمعت من: طراد الزينبي، وابن طلحة النعالي.
وعنها: الحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، وأبو إسحاق
الكاشغري، وعدة، ومن القدماء أبو سعد السمعاني.
وأجازت لابن مسلمة.
توفيت في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وخمس مئة.
308 - ابن الزبير * * القاضي
الرشيد، أبو الحسين، أحمد بن علي بن إبراهيم بن
محمد
__________
(*) العبر 4 / 183، النجوم الزاهرة 5 / 380، شذرات الذهب 4
/ 210، أعلام النساء 5 / 190، 191.
(* *) خريدة القصر (قسم مصر) 1 / 200 - 202، معجم الادباء
4 / 51 - 66، معجم البلدان 1 / 192، الروضتين 1 / 147،
وفيات الاعيان 1 / 160 - 164، الطالع السعيد: 47 - 50،
الوافي بالوفيات 7 / 220 - 225، مرآة الجنان 3 / 367 -
369، طبقات الاسنوي 1 / 116 - 118، النجوم الزاهرة 5 /
373، 374، بغية الوعاة 1 / 337، 338، حسن المحاضرة 1 /
540، كشف الظنون: 169، 606، شذرات الذهب 4 / 197، 203، =
(*)
(20/489)
ابن الزبير الغساني الاسواني، الكاتب البليغ.
له ديوان، وله كتاب " الجنان " (1).
ولاخيه المهذب الحسن (2) ديوان أيضا.
ولهما يد في النظم والنثر ورئاسة وحشمة، فالمهذب أشعرهما
(3)، والرشيد أعلمهما.
ولي الرشيد نظر الاسكندرية مكرها، ثم قتل ظلما في المحرم
سنة ثلاث وستين لميله إلى أسد الدين شيركوه.
__________
= 204، روضات الجنات: 76، 77، هدية العارفين 1 / 86، معجم
المطبوعات: 447، أعيان الشيعة 9 / 84 - 97، تاريخ بروكلمان
5 / 155 (النسخة العربية).
(1) في " وفيات الاعيان " و " معجم الادباء ": " جنان
الجنان ورياض الاذهان " وهو كما قال ياقوت في أربع مجلدات،
يشتمل على شعر شعراء مصر ومن طرأ عليهم.
وهو تكملة لكتاب " يتيمة الدهر " للثعالبي.
انظر " تاريخ " بروكلمان 5 / 155.
وله أيضا كتاب " منية الالمعي وبلغة المدعي " وقد سماه
حاجي خليفة: " أمنية الالمعي.." وقال: وهي المقامة
الحصيبية، رمى بها غرض الفكاهة، وأملاها بلسان
الدعابة، وذكر فيها علوما جمة، ثم شرح ما فيها من ألفاظ
لغوية، ومسائل علمية، فصار نزهة للناظرين.
وقد طبع في إيليا بنفقة محمد محمود الحبال سنة 1318 ه،
واختصر الشرح الشيخ طاهر الجزائري، وجعل في صدر المقالة
ترجمة للمؤلف، طبع سنة 1320 ه انظر " معجم المطبوعات ".
وقد جعل بروكلمان كتاب " أمنية الالمعي.
" والمقامة الحصيبية كتابين مستقلين.
انظر " تاريخه " 5 / 155 (النسخة العربية).
وانظر بقية تصانيفه في " معجم الادباء " 4 / 54، 55، و "
هدية العارفين " 1 / 86.
(2) المتوفى سنة 561 ه، مترجم في: النكت العصرية: 35،
الخريدة (قسم شعراء مصر) 1 / 204 - 225، معجم الادباء 9 /
47 - 70، الروضتين 1 / 147، وفيات الاعيان 1 / 161، الطالع
السعيد: 100، الوافي بالوفيات 12 / 131 - 138، فوات
الوفيات 1 / 337 - 342، حسن المحاضرة 1 / 242، تاريخ
الدولتين الموحدية والحفصية للزركشي: 95، طبقات المفسرين
للداوودي 1 / 135، شذرات الذهب 4 / 197، أعيان الشيعة 22 /
181.
(3) في ترجمته من " الخريدة " و " معجم الادباء " و "
الوافي " و " فوات الوفيات " كثير من شعره، فانظره.
(*)
(20/490)
وكان أسود، صاحب فنون.
ومات أخوه قبله بعامين.
309 - ابن الكريدي * الشيخ
العالم، أبو الحسن، علي بن مهدي بن مفرج الهلالي
الدمشقي، طبيب المرستان.
سمع أبا الفضل بن الكريدي، وأبا القاسم النسيب، وأبا طاهر
الحنائي، وببغداد أبا بكر الانصاري، وغيره.
نسخ بخطه الكثير.
حدث عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو نصر بن الشيرازي،
ومكرم القرشي، وكريمة الزبيرية، وآخرون.
مات في ذي الحجة سنة اثنتين وستين وخمس مئة وقد قارب
الثمانين.
310 - السويقي * * الشيخ
الصالح، أبو عاصم، قيس بن محمد بن إسماعيل،
الاصبهاني السويقي الصوفي، المؤذن بجامع أصبهان، رفيق أبي
نصر اليونارتي إلى بغداد.
سمع من: أبي الحسن بن العلاف، والحسن بن محمد التككي، وأبي
غالب الباقلاني، وعدة.
__________
(*) مترجم في تاريخ ابن عساكر.
(* *) العبر 4 / 179، شذرات الذهب 4 / 206.
(*)
(20/491)
وانتفى له اليونارتي جزءا رواه غير مرة.
قال السمعاني: ما اتفق لي السماع منه، وحدثني عنه جماعة
منهم محمد بن أبي نصر الخونجاني (1).
قلت: وروى عنه بالاجازة ابن اللتي، وكريمة القرشية.
توفي في جمادى الآخرة سنة اثنتين وستين وخمس مئة.
311 - الزاغولي * الشيخ الامام
الحافظ الزاهد القدوة، أبو عبد الله، محمد بن الحسين
ابن محمد بن الحسين بن علي بن يعقوب المروزي (2) الزاغولي
الارزي.
وزاغول: قرية من ناحية بنجديه (3).
ذكره الحافظ السمعاني، وحدث عنه هو وولده أبو المظفر عبد
الرحيم، فقال: تفقه على والدي أبي بكر محمد، والموفق بن
عبد الكريم
__________
(1) بضم الخاء المعجمة وكسر الواو وسكون النون وفتح الجيم
وفي آخرها النون، نسبة إلى خونجان: قرية من قرى أصبهان،
مترجم في " الانساب " 5 / 211.
(*) الانساب 6 / 221، اللباب 2 / 53، الوافي بالوفيات 2 /
373، طبقات السبكي 6 / 99، 100، طبقات الاسنوي 1 / 115،
كشف الظنون: 1367، شذرات الذهب 4 / 187، 188، هدية
العارفين 2 / 94.
(2) كذا في الاصل بالزاي، وهي نسبة إلى مرو الشاهجان أشهر
مدن خراسان، لكن صاحب الترجمة من زاغول، وهي من مر الروذ
كما ذكر السمعاني في " الانساب " 6 / 221، فالصواب في هذه
النسبة: " المروذي " بالراء المشددة والذال وانظر " معجم
البلدان " 3 / 126 (زاغول) و 5 / 112، 113 (مرو).
(3) وكتب منفصلة هكذا بنج ديه، وهي من أعمال مرو الروز،
ومعناه بالعربي: خمس قرى، ويقال في النسبة إليها:
البنجديهي، والبندهي، والفنجديهي.
انظر " وفيات الاعيان " 4 / 391، وحاشية " الانساب " 2 /
309.
(*)
(20/492)
الهروي، وسمع من أبي الفتح نصر بن إبراهيم الحنفي، ومحيي
السنة أبي محمد البغوي، وعيسى بن شعيب السجزي، وغيرهم،
وكان صالحا، خشن العيش، قانعا باليسير، عارفا بالحديث
وطرقه، اشتغل بطلبه وجمعه طول عمره، وجمع وصنف، وكان عارفا
باللغة، كتب الكثير، ورحل إلى هراة، سمعت منه وبقراءته،
جمع كتابا كبيرا أكثر من أربع مئة مجلدة يشتمل على التفسير
والحديث والفقه واللغة، سماه " قيد الاوابد "، ولد سنة بضع
وسبعين وأربع مئة.
وقال أبو سعد في " معجم " ولده عبدالرحيم: ولد سنة اثنتين
وسبعين، وتوفي في ثاني عشر جمادى الآخرة سنة تسع وخمسين
وخمس مئة.
قرئ على أبي الفضل بن عساكر، وأجازه لنا عن عبدالرحيم بن
أبي سعد قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن الحسين الارزي،
أخبرنا أبو الفتح الحنفي، حدثنا محمد بن عبدالرحمن الدباس،
حدثنا أبو علي الرفاء، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا
داود بن عمر، حدثنا منصور بن أبي الاسود، عن أبي الاعمش،
عن أبي إسحاق، عن الاسود، عن عائشة قالت: كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يجنب ثم ينام ولا يمس ماء (1).
__________
(1) وأخرجه أبو داود (228) والترمذي (118) وابن ماجه (583)
والبيهقي 1 / 201 من طريقين عن أبي إسحاق بهذا الاسناد،
وصححه الدارقطني والبيهقي، وله شاهد عند ابن خزيمة (211)،
وابن حبان (232) وأحمد 1 / 25، ولمسلم (739) عن عائشة
قالت: كان ينام أول الليل ويحيي آخره، ثم إن كانت له حاجة
إلى أهله قضى حاجته، ثم ينام، فإذا كان عند النداء الاول،
وثب، فأفاض عليه الماء، وإن لم يكن جنبا توضأ وضوء الرجل
للصلاة، ثم صلى الركعتين.
(*)
(20/493)
312 - الباذرائي * الشيخ الصالح الصدوق، أبو المكارم،
المبارك بن محمد
بن المعمر الباذرائي البغدادي.
سمع من: أبي الخطاب بن البطر، وأبي بكر الطريثيثي، وعلي بن
عبدالرحمن أبي الخطاب الجراح، وجماعة.
وعنه: تميم البندنيجي، والحافظ عبد الغني، والحافظ عبد
القادر الرهاوي، والشيخ الموفق، وعلي بن ثابت الطالباني،
وعلي بن الحسين
ابن يوحن الباوري، وجماعة.
قال الشيخ الموفق: هو شيخ صالح ضعيف، أكثر أوقاته مستلق
على قفاه، وكان يسألنا عن الصلاة قاعدا لعجزه.
قلت: توفي في العشرين من جمادى الآخرة سنة سبع وستين (1)
وخمس مئة، وكان زاهدا مقصودا بالزيارة معمرا.
313 - ابن الدامغاني * * الشيخ
أبو منصور، جعفر بن عبد الله بن قاضي القضاة أبي
عبد الله محمد بن علي بن محمد بن الدامغاني البغدادي.
__________
(*) معجم البلدان 1 / 317 (بادرايا)، الاستدراك لابن نقطة:
باب البادرائي والبادراني والمادرائي، العبر 4 / 200،
النجوم الزاهرة 6 / 66، شذرات الذهب 4 / 224.
والباذرائي ضبطت في الاصل بالذال المعجمة، وضبطها ابن نقطة
بالدال المهملة المفتوحة، وهي نسبة إلى بادرايا من أعمال
واسط، وقد تحرفت في " الشذرات " إلى الباورائي، بالواو بدل
الدال.
(1) في " معجم البلدان " 1 / 317: سنة 552، وهو خطأ.
(* *) المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي: 272،
العبر 4 / 204، الوافي بالوفيات 11 / 108، شذرات الذهب 4 /
227.
(*)
(20/494)
شيخ رئيس، كاتب محمود الطريقة.
سمع من: أبي مسلم السمناني، وثابت بن بندار، وأبي طاهر بن
سوار، وابن العلاف، وعدة.
وكان صدوقا مكثرا.
حدث عنه: ابن الاخضر، وأحمد بن أحمد البندنيجي، وابنه يحيى
ابن جعفر، وآخرون.
مولده في سنة تسعين وأربع مئة.
ومات في جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وخمس مئة.
يلقب مهذب الدولة، [ تولى الاشراف ] على ديوان العمائر
(1).
314 - الصائن * الشيخ الامام
العالم الفقيه المفتي المحدث، صائن الدين، أبو الحسين (2)،
هبة الله بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله،
الدمشقي الشافعي ابن عساكر، أخو الحافظ (3).
ولد سنة ثمان وثمانين وأربع مئة.
وتلا بالروايات على أبي الوحش سبيع صاحب الاهوازي، وعلى
__________
(1) انظر " الوافي " 11 / 108 والزيادة منه.
(*) خريدة القصر (قسم الشام) 1 / 281، وفيات الاعيان 3 /
311، العبر 4 / 184، فوات الوفيات 4 / 235، 236، طبقات
السبكي 7 / 324، 325، طبقات الاسنوي 2 / 215، 2116، النجوم
الزاهرة 5 / 380، الدارس 1 / 84، شذرات الذهب 4 / 210.
(2) في " طبقات " الاسنوي: أبو الحسن.
(3) أبي القاسم، سترد ترجمته برقم (354).
(*)
(20/495)
مصنف " المقنع " في القراءات أحمد بن خلف الاندلسي.
وسمع من النسيب (1) وطبقته، ووجد له سماع من أبي الحسن بن
أبي الجرو (2) صاحب ابن السمسار، فلم يروه، وقال: لا أحقه.
وتفقه وبرع، ورحل فسمع من: أبي علي بن نبهان، وأبي علي ابن
المهدي، وعدة.
وسمع " سنن " الدارقطني وكتبه.
وقرأ الاصول والنحو، وتقدم، وسمع الكثير، ودرس بالغزالية
(3).
وحدث أيضا ب " الطبقات " لابن سعد.
وعرضت عليه خطابة دمشق، فامتنع، واجتهد به خاله القاضي أبو
المعالي محمد بن يحيى القرشي (4) أن ينوب عنه في الحكم،
فأبى (5).
حدث عنه: أخوه، وابن أخيه القاسم، وابن أخيه زين الامناء،
وأبو القاسم بن صصرى، وسيف الدولة محمد بن غسان، ومكرم بن
أبي الصقر، والمفتي فخر الدين ابن عساكر، وجماعة.
مات في شعبان سنة ثلاث وستين وخمس مئة.
ولقد كتب بخطه من العلم شيئا كثيرا.
__________
(1) علي بن إبراهيم، المتوفى سنة 508، مرت ترجمته في الجزء
التاسع عشر برقم (212).
(2) كذا ضبط في الاصل بالجيم والراء بعدها واو.
وفي " طبقات " السبكي: الخير.
(3) انظر " مختصر تنبيه الطالب ": 64، 65.
(4) الذي تقدمت ترجمته برقم (82).
(5) انظر " طبقات " السبكي 7 / 325.
(*)
(20/496)
315 - عبد الخالق بن أسد * ابن ثابت، الفقيه الامام المحدث
المفتي، أبو محمد الدمشقي الحنفي
الطرابلسي الاصل.
كان فقيها شافعيا، ثم تحول حنفيا، وتفقه على البلخي.
ورحل في الحديث، وصنف، وخرج، ودرس بالمعينية وبالصادرية
(1)، ووعظ الناس، وكان يلقب تاج الدين.
سمع جمال الاسلام علي بن المسلم، وعبد الكريم بن حمزة،
وطاهر ابن سهل الاسفراييني، وعلي بن قبيس المالكي، ويحيى
بن بطريق،
ونصر الله المصيصي، وببغداد من قاضي المرستان، وأبي القاسم
بن السمرقندي، وأحمد بن محمد الزوزني، وعبد الوهاب
الانماطي، وطبقتهم، وبالكوفة أبا البركات عمر بن إبراهيم
العلوي، وبهمذان هبة الله ابن أخت الطويل، وبأصبهان فاطمة
بنت البغدادي، وعتيق بن أحمد الرويدشتي.
وصنف معجما لشيوخه.
حدث عنه: ابنه غالب، وسيف الدولة محمد بن غسان، وإسماعيل
ابن يداش السلار، وآخرون.
__________
(*) العبر 4 / 187، تذكرة الحفاظ 4 / 1320 وتحرف فيه اسم
أبيه أسد إلى أسعد، الجواهر المضية 2 / 368 - 370، النجوم
الزاهرة 5 / 381، تاج التراجم: 37، الدارس 1 / 538،
الطبقات السنية رقم (1153)، مختصر تنبيه الطالب: 93 و 107،
كشف الظنون: 172، 1654، شذرات الذهب 4 / 212، هدية
العارفين 1 / 509.
(1) وكلاهما من مدارس الائمة الحنفية، انظر عنهما " مختصر
تنبيه الطالب " 4 ؟ و 106، 107، وتحرف اسم المعينية في "
الشذرات " إلى المعتبية، بمثناة فوقية بعدها باء موحدة.
(*)
(20/497)
وعفرة أمهر في الحديث منه.
مات في المحرم سنة أربع وستين وخمس مئة.
وله شعر حسن، فمنه: قل الحفاظ فذو العاهات محترم * والشهم
ذو الفضل يؤذى مع سلامته كالقوس يحفظ عمدا وهو ذو عوج *
وينبذ السهم قصدا لاستقامته (1) عاش نيفا وستين سنة.
316 - ابن النقور * الشيخ
المحدث الثقة الخير، أبو بكر، عبد الله بن الشيخ أبي منصور
محمد بن الشيخ الكبير أبي الحسين أحمد بن محمد بن
عبد الله بن النقور البغدادي البزاز.
ولد سنة ثلاث وثمانين وأربع مئة.
سمع: المبارك بن عبد الجبار الصيرفي، وأبا الحسن علي بن
محمد العلاف، وأحمد بن المظفر بن سوسن، والحسن بن محمد
التككي، ووالده أبا منصور، وأبا القاسم بن بيان، وأبا
البركات محمد بن عبد الله الوكيل، وأبا سعد الاسدي، وأبا
القاسم علي بن الحسين الربعي، وهبة الله بن أحمد ابن
النرسي، وأبا محمد القاسم بن علي الحريري الاديب، وهبة
الله بن أحمد الموصلي، وعدة.
حدث عنه: أبو سعد السمعاني، وعمر بن علي القرشي، وعمر
__________
(1) البيتان في " الجواهر المضية " 2 / 369 وفيه " ينفذ "
بدل " ينبذ ".
(*) العبر 4 / 190، 191، النجوم الزاهرة 5 / 384، شذرات
الذهب 4 / 215.
(*)
(20/498)
العليمي، والحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، ومحمد بن
عماد، وعبد العزيز بن باقا، والفخر محمد بن إبراهيم
الاربلي، وعبد اللطيف بن يوسف، وخلق كثير.
قال عمر بن علي: طلب أبو بكر بنفسه، وقرأ وكتب، وكان من
أهل الدين والصلاح، ومن التحري على درجة رفيعة، قل ما رأيت
في شيوخنا أكثر تثبتا (1) منه.
قال ابن مشق: توفي عاشر شعبان سنة خمس وستين وخمسين مئة.
317 - ابن هلال * الشيخ الجليل
العدل الامين المسند، أبو المكارم، عبد الواحد بن محمد
بن المسلم بن الحسن بن هلال، الازدي الدمشقي.
سمعه أبوه حضورا جزءا من حديث خيثمة على الشيخ عبد الكريم
الكفرطابي.
وسمع من الشريف النسيب، وأبي طاهر الحنائي، وأبي الحسن بن
الموازيني.
وأجاز له الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي، وسهل بن بشر
الاسفراييني، وعبد الله بن عبد الرزاق الكلاعي.
وكان مولده في جمادى الاولى سنة تسع وثمانين وأربع مئة.
وتفرد ببعض مروياته وإجازاته عن نصر وغيره.
__________
(1) في الاصل: تثبيتا.
(*) العبر 4 / 191، النجوم الزاهرة 5 / 384، شذرات الذهب 4
/ 251.
(*)
(20/499)
وكان عدلا كبيرا، متجملا، حج غير مرة، ووقف، وتصدق، وكان
ذا حظ من صلاة وتلاوة وصيام، وأثني عليه بهذا وبغيره، وحدث
عنه: الحافظ أبو القاسم بن عساكر، وابنه، وابن أخيه زين
الامناء، وأبو القاسم ابن صصرى، والحافظ عبد الغني، والشيخ
أبو عمر، وموفق الدين أخوه، والشهاب محمد بن خلف بن راجح،
ومحمد بن غسان، وآخرون.
مات في عاشر جمادى الآخرة سنة خمس وستين وخمس (1) مئة،
ودفن بمقبرة، باب الفراديس.
وفي أولاده مشايخ ورواة ونبلاء.
318 - الفارقي * زاهد العراق،
أبو عبد الله (2)، محمد بن عبدالملك بن عبد الحميد،
نزيل بغداد.
كان يذكر بعد الصلاة بجامع القصر، يجلس على آجرتين، وكان
يحضره العلماء والرؤساء، وله عبارة عذبة على لسان الفقر،
وله حال وتأله ومجاهدات، وكان حسن النزه، مليح الوجه، له
فصاحة وبيان (3).
حدث عن: جعفر السراج.
روى عنه: ابن سكينة.
__________
(1) في الاصل: وأربع، وهو خطأ.
(*) المنتظم 10 / 229، الكامل 11 / 350، المختصر 3 / 48،
العبر 4 / 188، 189، تتمة المختصر 2 / 118، الوافي
بالوفيات 4 / 44، البداية والنهاية 12 / 260، شذرات الذهب
4 / 214.
والفارقي: نسبة إلى ميافارقين، فخففت النسبة، انظر "
الانساب " 9 / 217.
(2) في " الكامل " و " المختصر " و " تتمة المختصر " أبو
محمد (3) وانظر بعض شعره في " الوافي " 4 / 44.
(*)
(20/500)
وله كلام في المحبة والذوق، يتغالى فيه الفضلاء، ويكتبونه
(1).
وكان فقيرا متقللا، لا يدخر شيئا، لم يجئ بعد الشيخ عبد
القادر مثل الفارقي.
وعاش سبعا وسبعين سنة.
توفي في رجب سنة أربع وستين وخمس مئة.
319 - فورجه * الشيخ الامين
المعمر، أبو القاسم، محمود بن عبد الكريم بن علي بن
محمد بن إبراهيم، الاصبهاني التاجر، المعروف بفورجه.
سمع جزء لوين من أبي بكر محمد بن أحمد بن ماجة.
وسمع من: سليمان بن إبراهيم الحافظ، والرئيس أبي عبد الله
الثقفي، ومحمد بن محمد بن عبد الوهاب المديني، ومن جده علي
بن محمد، وخرجوا له فوائد.
حدث عنه: السمعاني، ويوسف بن أحمد الشيرازي، ويوسف
العاقولي، وعلي بن نصر، وعبد السلام بن عبدالرحمن بن
سكينة، وعبد العزيز بن الاخضر، وثابت بن مشرف، وعلي بن
بورنداز (2)، وعبد القادر ابن عبد الله الرهاوي، ومحمد بن
محمد بن محمد بن غانم، ومحمد بن
__________
(1) انظر " الوافي " 4 / 44.
(*) العبر 4 / 191، دول الاسلام 2 / 78، شذرات الذهب 4 /
216.
وفورجه ذكر في " المشتبه " و " تبصير المنتبه " من غير نص
على ضبطه، وضبط فيهما بالقلم بضم الفاء وفتح الراء والجيم.
وقد ضبطه الصفدي في " الوافي " 3 / 24 بالفاء المضمومة
وبعد الواو والراء جيم مشددة.
(2) المتوفى سنة 623، ستأتي ترجمته في الجزء الثاني
والعشرين.
(*)
(20/501)
محمود الرويدشتي، ومحمود بن محمد اللباد، ومعاوية بن محمود
الخباز، وعدة، وبالاجازة: ابن اللتي، وعلم الدين علي بن
الصابوني، وكريمة القرشية، وأختها صفية.
مات بأصبهان في صفر سنة خمس وستين وخمس مئة.
وبه ختم حديث لوين عاليا.
وقال ابن غانم المذكور: مات في سابع ربيع الاول.
وفيها توفي المحدث أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع الجيلي
(1)،
وأبو بكر أحمد (2) بن عبدا لباقي بن البطي أخو أبي الفتح،
وأحمد بن المبارك ابن الشدنك الحريمي، وأبو بكر بن النقور
(3)، وأبو المكارم بن هلال الدمشقي (4)، ومحمد بن بركة
الصلحي الصوفي (5)، وأبو المعالي محمد ابن حمزة بن
الموازيني أخو أحمد (6)، ومحمد بن محمد بن السكن، وحجة
الدين محمد بن أبي محمد بن ظفر ذو التصانيف بحماه (7)،
والمبارك بن علي ابن عبدا لباقي الخياط، روى بدمشق، وصاحب
الموصل قطب الدين مودود (8) بن زنكي، ويوسف بن مكي الحارثي
إمام جامع دمشق.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (355).
(2) أورده المؤلف في نهاية ترجمة أخيه أبي الفتح المتقدمة
برقم (304) وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(3) تقدمت ترجمته برقم (316).
(4) تقدمت ترجمته برقم (317).
(5) مترجم في " الوافي بالوفيات " 2 / 248، وذكر وفاته سنة
566.
(6) وأحمد هذا متوفى سنة 585، ستأتي ترجمته في الجزء
الحادي والعشرين برقم (80).
(7) سترد ترجمته برقم (336).
(8) سترد ترجمته برقم (335).
(*)
(20/502)
320 - أبو زرعة المقدسي * الشيخ العالم المسند الصدوق
الخير أبو زرعة طاهر بن الحافظ محمد
ابن طاهر بن علي، الشيباني المقدسي، ثم الرازي، ثم
المهذاني.
ولد بالري سنة ثمانين - وقيل: سنة إحدى وثمانين - وأربع
مئة.
وسمع من أبي منصور محمد بن الحسين المقومي، ومكي بن منصور
الكرجي (1)، ومحمد بن أحمد الكامخي بساوة، وعبدوس بن عبد
الله بن عبدوس بهمذان، وأبي القاسم بن بيان ببغداد.
وحج مرات، وكان يقدم بغداد، ويحدث بها، وتفرد بالكتب
والاجزاء.
وحدث ب " سنن النسائي المجتبى " عن عبدالرحمن بن حمد
الدوني، وسمع ببغداد أيضا من أبي الحسن بن العلاف.
حدث عن: السمعاني، وابن الجوزي، وأحمد بن صالح الجيلي،
وأحمد بن طارق، والحافظ عبد الغني، وأبو محمد بن قدامة،
وعبد العزيز ابن الاخضر، والموفق عبد اللطيف، وأبو عبد
الله بن الزبيدي، وأحمد بن البراج، وعبد العزيز بن أحمد بن
باقا، والمهذب بن فنيدة، وعلي بن الجوزي، وأبو حفص
السهروردي، والانجب الحمامي، وأبو بكر بن بهروز، وأبو تمام
بن أبي الفخار، وعبد اللطيف بن محمد القبيطي، وأبو بكر
محمد بن سعيد بن الخازن، وآخرون.
__________
(*) العبر 4 / 192، 193، دول الاسلام 2 / 79، البداية
والنهاية 12 / 264.
شذرات الذهب 4 / 217.
(1) بفتح الكاف والراء، نسبة إلى الكرج: بليدة بين همذان
وأصبهان.
" المشتبه " 546.
(*)
(20/503)
قال عمر بن علي القرشي: بدأت بقراءة " سنن " ابن ماجة على
أبي زرعة، قدم علينا حاجا، وقال لنا: الكتاب سماعي من أبي
منصور المقومي، وكان سماعي في نسخة عندي بخط أبي، وفيها
سماع إسماعيل الكرماني، فطلبها مني، فدفعتها إليه من أكثر
من ثلاثين سنة.
ثم قال القرشي: وتحققنا أن له إجازة المقومي، فقرئ الكتاب
عليه إجازة إن لم يكن سماعا.
قلت: قد سمع من المقومي كتاب " فضائل القرآن " لابي عبيد
في شعبان سنة أربع وثمانين، فيكون سماعه لذلك حضورا في
الرابعة، وسمعنا من طريقه " مسند " الشافعي، و " المجتبى
"، و " سنن " ابن ماجة، واجزاء.
وقد سماه السمعاني في " الذيل " داود، فوهم - وقيل: اسمه
الفضل - قال: وولد سنة ثمانين.
وقال ابن النجار: طوف بأبي زرعة طاهر أبوه، وسمعه..إلى أن
قال: وكان تاجرا لا يفهم شيئا من العلم، وكان شيخا صالحا،
حمل جميع كتب والده - وكانت كلها بخطه - إلى الحافظ أبي
العلاء العطار، ووقفها، وسلمها إليه، فسمعت من يذكر أنها
كانت في ثلاثين غرارة رأيت أكثرها في خزانة أبي العلاء،
وقيل: إن أبا زرعة حج عشرين مرة.
وقال أبو عبد الله الدبيثي: توفي في ربيع الآخر سنة ست
وستين وخمس مئة بهمذان.
ثم قال: وما كان يعرف شيئا.
(*)
(20/504)
321 - ابن الخلال * الاديب البليغ، موفق الدين، أبو
الحجاج، يوسف بن محمد
بن الخلال المصري، كاتب السر للحافظ العبيدي ولمن بعده.
أسن وأضر، ولزم بيته، وله النظم والنثر.
قال القاضي الفاضل: ترددت إليه، ومثلت بين يديه، وتدربت،
وكنت قد حفظت كتاب " الحماسة " فأمرني أن أحل أشعار
الكتاب، ففعلت
ذلك مرتين.
مات سنة ست وستين وخمس مئة.
322 - يحيى بن ثابت * * ابن
بندار بن إبراهيم، الشيخ الجليل المسند العالم، أبو
القاسم، الدينوري الاصل، البغدادي البقال الوكيل.
سمع أباه المقرئ أبا المعالي، وابن طلحة النعالي، وطراد بن
محمد الزينبي، وجماعة.
وحدث ب " صحيح " الاسماعيلي، وب " الموطأ " وأشياء عن
أبيه.
حدث عنه: السمعاني، وعمر بن علي القرشي، وابن الجوزي، وابن
قدامة، وعبد الغني الحافظ، والموفق عبد اللطيف، والفخر
الاربلي،
__________
(*) الكامل في التاريخ 11 / 366، المختصر 3 / 50، العبر 4
/ 194، تتمة المختصر 2 / 121، البداية والنهاية 12 / 264،
حسن المحاضرة 2 / 233، شذرات الذهب 4 / 219.
(* *) العبر 4 / 194، دول الاسلام 2 / 79، شذرات الذهب 4 /
218.
(*)
(20/505)
وأبو المنجا بن اللتي، وأبو حفص السهروردي، ومحمد بن عماد،
وعبد العزيز بن باقا، وعبد اللطيف بن محمد بن القبيطي،
وأبو الكرم محمد بن دلف، وعلي بن فائق، وآخرون.
وسماعه صحيح.
مات في خامس ربيع الاول سنة ست وستين وخمس مئة عن نيف
وثمانين سنة.
وقد روى الحافظ أبو القاسم بن عساكر عنه بالاجازة والرشيد
بن
مسلمة.
وفيها مات الوزير الكبير أبو جعفر أحمد بن محمد بن البلدي
(1) قتله رئيس الرؤساء لما وزر، وأبو زرعة المقدسي (2)،
وعبد الرحيم بن أبي الوفاء الحاجي (3)، وأبو عبد الله بن
سعادة بشاطبة (4)، والمستنجد بالله (5)، والمحدث أبو بكر
عبدالرحمن بن أحمد بن أبي ليلى الانصاري المرسي.
323 - ابن هذيل * الشيخ الامام
المعمر، مقرئ العصر، أبو الحسن، علي بن محمد ابن
علي بن هذيل البلنسي.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (368).
(2) تقدمت ترجمته برقم (320).
(3) سترد ترجمته برقم (357).
(4) سترد ترجمته برقم (324).
(5) تقدمت ترجمته برقم (274).
(*) العبر 4 / 187، 188، دول الاسلام 2 / 78، معرفة القراء
الكبار 2 / 416 - 418، غاية النهاية 1 / 573، 574، النجوم
الزاهرة 5 / 382، شذرات الذهب 4 / 213.
(*)
(20/506)
ولد سنة إحدى وسبعين وأربع مئة.
وأكثر عن زوج أمه أبي داود سليمان بن نجاح وتلا عليه
بالسبع، وسمع منه الكتب، وهو أثبت الناس فيه، وصارت إليه
أصول أبي داود.
وسمع " صحيح " البخاري من أبي محمد الركلي (1)، و " صحيح "
مسلم من طارق بن يعيش، و " سنن " أبي داود منه، وأجاز له
أبو الحسين بن البياز (2)، وخازم بن محمد.
قال الابار: كان منقطع القرين في الفضل والزهد والورع مع
العدالة والتقلل من الدنيا، صواما قواما، كثير الصدقة،
طويل الاحتمال على ملازمة الطلبة له ليلا ونهارا، انتهت
إليه رئاسة الاقراء لعلوه إمامته في التجويد والاتقان،
وحدث عن جلة لا يحصون، وكانت له ضيعة.
قلت: تلا عليه ابن فيره (3) الشاطبي، ومحمد بن سعيد
المرادي، وأبو جعفر الحصار، وابن نوح الغافقي، والحسين بن
رلال، وعدة.
وروى عنه: الحسن بن عبد العزيز التجيبي، وسبطته زينب بنت
محمد، وتوفيا سنة خمس وثلاثين.
توفي في رجب سنة أربع وستين وخمس مئة.
__________
(1) نسبة إلى ركلة من عمل سرقسطة بالاندلس.
" معجم البلدان " 3 / 64.
(2) في الاصل: " البنان " وهو خطأ، والمثبت من " توضيح
المشتبه " لابن ناصر الدين، ضبطه بموحدة مفتوحة ثم مثناة
تحت مشددة وبعد الالف زاي، وهو يحيى بن إبراهيم بن أبي
المرسي أبو الحسين ابن البياز، متوفى سنة 496 ه، مترجم في
" الصلة " 2 / 670 وتحرف فيه إلى " ابن البيان " بالنون
آخره، و " العبر " 3 / 344، و " شذرات الذهب " 3 / 404،
وتصحف فيهما إلى " ابن البيار " بالراء.
(3) بكسر الفاء وسكون الياء وضم الراء المشددة.
انظر " المشتبه " 514.
(*)
(20/507)
324 - ابن سعادة * الامام العلامة، شيخ الاندلس، أبو عبد
الله، محمد بن يوسف
بن سعادة المرسي، مولى سعيد بن نصر، نزيل شاطبة.
لازم أبا علي الصدفي، وصاهره، وصارت إليه أكثر أصوله.
وتفقه على أبي محمد بن جعفر.
وارتحل، فسمع ابن عباسة، وأبا بحر بن العاص، وبالثغر أبا
الحجاج الميورقي، وبالمهدية أبا عبد الله المازري (1)،
فسمع منه " المعلم "، وبمكة من رزين العبدري (2)، وابن
الغزال صاحب كريمة.
قال الابار (3): عارف بالآثار، مشارك في التفسير، حافظ
للفروع، بصير باللغة، متصوف، ذو حظ من علم الكلام، فصيح
مفوه، مع الوقار والحلم والخشوع والصوم، ولي خطابة مرسية،
ثم قضاء شاطبة، وأقرأ، سمع منه أبو الحسن بن هذيل وهو أكبر
منه، وصنف كتاب " شجرة الوهم المترقية إلى ذروة الفهم " لم
يسبق إلى مثله، حدثنا عنه أكابر شيوخنا، مات في أول سنة ست
وستين (4) وخمس مئة وله سبعون عاما.
__________
(*) بغية الملتمس: 142، 143، تكملة الصلة 2 / 505 - 507،
معجم ابن الابار: 183 - 185، العبر 4 / 193، الوافي
بالوفيات 5 / 250، الديباج المذهب 2 / 262، 263، بغية
الوعاة 1 / 277، نفح الطيب 2 / 158 - 160، شذرات الذهب 4 /
218، إيضاح المكنون 2 / 41، هدية العارفين 2 / 96.
(1) تقدمت ترجمته برقم (64).
(2) تقدمت ترجمته برقم (129).
(3) انظر " المعجم ": 183، 184.
(4) في " معجم " ابن الابار 184: وقيل: توفي آخر ذي الحجة
سنة 65، ودفن أول يوم من سنة 66.
وانظر " نفح الطيب " 2 / 160.
(*)
(20/508)
325 - الجياني * العلامة أبو بكر، محمد بن علي
بن عبد الله بن ياسر، الانصاري الجياني.
ولد بالاندلس بجيان في شعبان سنة اثنتين وتسعين وأربع مئة.
وأكثر الترحال إلى القيروان ومصر والحجاز والشام والعراق
وخراسان وما وراء النهر، وتفقه ببخارى، ومهر في الخلاف
والجدل، ثم طلب الحديث، وتقدم فيه، وسكن بلخ، وكتب الكثير،
ثم قدم بغداد، وحدث بها، وحج، ثم استوطن حلب، ووقف بجامعها
كتبه.
قال ابن النجار: كان صدوقا متدينا، سمع ابن الحصين، وأبا
منصور محمد بن علي المروزي الكراعي، وأبا عمرو عثمان بن
محمد بن الشريك البلخي، ومحمد بن الفضل الفراوي، وسهل بن
إبراهيم المسجدي النيسابوري، وجمال الاسلام علي بن المسلم.
وعنه: أبو الفتح بن الحصري، وأبو المظفر بن السمعاني،
والقاضي أبو المحاسن بن شداد، وأبو محمد بن علوان، وأبو
حفص عمر بن قشام، وآخرون.
قال ابن النجار: قرأت بخطه قال: كنت مشتغلا بالجدل والخلاف
مجدا في ذلك، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم،
فوقف على رأسي، وقال لي: قم يا أبا بكر.
فلما قمت، تناول يدي، فصافحني، ثم ولى، وقال لي:
__________
(*) الاستدراك لابن نقطة: باب الجياني والحنائي...تكملة
الصلة: 500، العبر 4 / 183، الوافي بالوفيات 4 / 163،
طبقات السبكي 6 / 153، 154، النجوم الزاهرة 5 / 380، نفح
الطيب 2 / 157، شذرات الذهب 4 / 210، تاريخ بروكلمان 6 /
277.
(*)
(20/509)
تعال خلفي، فتبعته نحوا من عشر خطوات، وانتهيت، فأتيت أبا
طالب إبراهيم بن هبة الله الدياري الزاهد، وكنت لا أمضي
أمرا دونه، فقصصت عليه، فقال لي: يريد منك رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن تترك الخلاف، وتشتغل
بحديثه، إذ قد أمرك باتباعه، فتركت الخلاف، وكان أحب إلي
من الحديث، وأقبلت على الحديث.
قال ابن الحصري: أبو بكر الجياني حافظ عالم بالحديث، وفيه
فضل، ذكر بعض الحلبيين أن الجياني مات في ليلة السبت سابع
ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وخمس مئة.
وقال أبو المواهب بن صصرى: مات بحلب في جمادى الاولى وقد
بلغ السبعين.
قال محمود بن أرسلان في " تاريخ خوارزم ": حدثني محمد بن
ياسر، حدثنا محمد بن معتصم ببلخ، حدثنا محمد بن عبد الواحد
الدقاق، أخبرنا محمد بن إبراهيم، اخبرنا محمد بن علي
المقرئ، أخبرنا محمد بن إسحاق بن مندة، أخبرنا محمد بن
حمزة ومحمد بن عمرو الرزاز قالا: حدثنا محمد بن عيسى بن
حيان، حدثنا محمد بن الفضل، أخبرنا محمد بن واسع، عن محمد
بن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعا: " تحرم النار على كل هين
لين قريب سهل " (1).
هذا مسلسل بالمحمدين.
__________
(1) إسناده تالف محمد بن عيسى هو المدائني قال الدارقطني:
ضعيف، متروك، وقال الحاكم: متروك، وقال أبو أحمد الحاكم
شيخ صاحب المستدرك: حدث عن مشايخه بما لا يتابع عليه،
وسمعت من يحكي أنه كان مغفلا لم يكن يدري ما الحديث، وشيخه
فيه محمد بن الفضل - وهو ابن عطية بن عمر العبدي مولاهم
الكوفي - كذبوه.
لكن متن الحديث صحيح جاء من غير وجه، وقد تقدم الكلام عليه
في الجزء السادس عشر ص 103.
(*)
(20/510)
326 - الرحبي * الشيخ أبو علي، أحمد بن محمد
بن أحمد بن هبة الله بن الرحبي، بواب الحريم.
سمع النعالي، وعلي بن أحمد بن الخل، وابن خشيش.
وكان لا بأس به.
وعنه: ابن الاخضر، وعبد الغني، والموفق، وعبد العزيز بن
دلف، وواثلة بن بقاء، وعدة.
مات في صفر سنة سبع وستين وخمس مئة وله خمس وثمانون سنة.
327 - البطليوسي * * العلامة،
أبو علي، الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر،
الانصاري الاندلسي البطليوسي، ويعرف بابن الفراء.
سمع بالثغر من أبي بكر الطرطوشي (1) وغيره، ومدها إلى
خراسان، فأخذ عن أبي نصر عبدالرحيم بن القشيري، وسهل بن
إبراهيم السبعي، ومحمد بن الفضل الفراوي، وطائفة، والاديب
أحمد بن محمد الميداني.
وحدث ببغداد وبالشام، وجمع وصنف، وكان ذا تعبد وخشية
__________
(*) العبر 4 / 196، النجوم الزاهرة 6 / 66، شذرات الذهب 4
/ 220.
(* *) الانساب 2 / 241، 242، اللباب 1 / 160، تكملة الصلة:
260، المختصر المحتاج إليه 1 / 284، الوافي بالوفيات 12 /
145، نفح الطيب 2 / 509، ونسبته إلى بطليوس من مدن
الاندلس.
(1) بسكون الراء بين الطاءين المهملتين المضمومتين وفي
آخرها الشين المعجمة، نسبة إلى طرطوشة، وهي بلدة من آخر
بلاد المسلمين بالاندلس، وقد مرت ترجمته في الجزء التاسع
عشر برقم (285).
(*)
(20/511)
وخوف، وحدث ب " صحيح " مسلم ببغداد في سنة 566.
روى عنه: القاضي عمر بن علي القرشي، وابنه عبد الله بن
عمر، والموفق عبد اللطيف، ومحمد بن إسماعيل بن أبي الصيف،
والفخر الاربلي، والقاضي أبو نصر بن الشيرازي.
وذكره أبو المواهب بن صصرى.
مات بحلب في سنة ثمان وستين وخمس مئة وقد بلغ الثمانين.
وقد وهم السمعاني (1)، وذكر وفاته سنة ثمان أو تسع وأربعين
(2).
ومات معه في سنة ثمان أبو الفضل أحمد بن محمد بن شنيف
الدارقزي (3) شيخ القراء وبقية أصحاب ابن سوار، وخوارزم
شاه أرسلان (4) ابن أتسز، والامير نجم الدين أيوب والد
السلاطين (5)، وأبو منصور جعفر بن عبد الله بن محمد بن
الدامغاني (6)، وملك النحاة أبو نزار الحسن بن صافي
البغدادي (7) بدمشق، وشيخ المالكية أبو طالب صالح بن
إسماعيل بن سند
__________
(1) في " الانساب " 2 / 242.
(2) ولم يتابعه ابن الاثير في " اللباب "، بل صوب ما أورده
المؤلف هنا.
(3) نسبة إلى دار القز: محلة كبيرة ببغداد، كما في " معجم
البلدان " 2 / 422، وقال السمعاني في النسبة إليها:
الدرقزي، وانظر ترجمته في العبر 4 / 202، الوافي بالوفيات
7 / 404، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 223، 224، غاية النهاية 1
/ 117، وشذرات الذهب 4 / 226.
(4) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (11).
(5) سترد ترجمته برقم (370).
(6) تقدمت ترجمته برقم (313).
(7) مترجم في: خريدة القصر (قسم العراق) 1 / 88 - 92، معجم
الادباء 8 / 122،
إنباه الرواة 1 / 305 - 310، مرآة الزمان 8 / 186، وفيات
الاعيان 2 / 92 - 94، المختصر 3 / 54، إشارة التعيين: 14،
15، العبر 4 / 204، تلخيص ابن مكتوم: 56، 57، تتمة = (*)
(20/512)
الاسكندراني ابن بنت معافى (1)، والعدل أبو الحسن علي بن
المبارك بن نغوبا الواسطي، وأبو جعفر محمد بن الحسن بن
حسين الصيدلاني (2) الاصبهاني تفرد بإجازة بيبى، وكلار،
وصاحب " تاريخ " خوارزم أبو محمد محمود بن محمد بن عباس
الخوارزمي الشافعي (3)، وأبو الفتح مسعود بن محمد بن سعيد
المروزي المسعودي خطيب مرو.
328 - ابن بندار * شيخ
الشافعية، أبو المحاسن، يوسف بن عبد الله بن بندار
الدمشقي، نزيل بغداد.
روى عن: هبة الله بن البخاري، وإسماعيل بن المؤذن.
وعنه: ابنه قاضي مصر زين الدين علي، وأبو الخير الجيلاني.
برع في الفقه والاصول والخلاف والجدل، ودرس بالنظامية،
ونفذ رسولا عن الخلافة، فمات بخوزستان في شوال سنة ثلاث
وستين وخمس مئة.
__________
= المختصر 2 / 125، الوافي بالوفيات 12 / 56، مرآة الجنان
3 / 386، البداية والنهاية 12 / 372، البلغة للفيروزآبادي:
59، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 302 - 304، النجوم الزاهرة 6
/ 68، بغية الوعاة 1 / 504، 505، شذرات الذهب 4 / 227،
روضات الجنات: 220، هدية العارفين 1 / 279، تهذيب تاريخ
دمشق لبدران 4 / 166، أعيان الشيعة 22 / 5، الحلل
السندسية: 102 - 104.
(1) انظر " النجوم الزاهرة " 6 / 69.
(2) سترد ترجمته برقم (339).
(3) مترجم في " طبقات السبكي " 7 / 289 - 291، " طبقات "
الاسنوي 2 / 352، " الاعلان بالتوبيخ ": 126، " كشف الظنون
" 293، 294، و " هدية العارفين " 2 / 403، 404.
(*) المنتظم 10 / 226، الكامل 11 / 333، مرآة الزمان 8 /
171، طبقات الاسنوي 1 / 540، 541، البداية والنهاية 12 /
255، النجوم الزاهرة 5 / 380.
(*)
(20/513)
قال ابن عساكر: انتهت إليه رئاسة أصحاب الشافعي، وعمل
الوعظ، ولم يكن فيه بذاك، واسم أبيه رمضان من أهل مراغة،
ولد له يوسف بدمشق.
قال: فسافر يوسف، وتفقه بأسعد الميهني، وأعاد له، وكان حسن
المناظرة، صلب الاعتقاد.
329 - شاور * وزير الديار
المصرية، الملك، أبو شجاع، شاور بن مجير السعدي (1)
الهوازني.
كان الصالح بن رزيك قد ولاه الصعيد.
وكان شهما شجاعا فارسا سائسا.
ولما قتل الصالح، ثار شاور، وحشد، وجمع، أقبل على واحات
يخترق البر حتى خرج عند تروجه (2)، وقصد القاهرة، فدخلها،
وقتل العادل رزيك بن الصالح، واستقل بالامر، ثم تزلزل
أمره، فسار إلى نور الدين صاحب الشام، فأمده بأسد الدين بن
شيركوه (3)، فثبته في منصبه،
__________
(*) الكامل 11 / 335 - 341، مرآة الزمان 8 / 171 - 173،
الروضتين 1 / 156 - 158، وفيات الاعيان 2 / 439 - 448،
مفرج الكروب 1 / 158، المختصر 3 / 45، 46،
العبر 4 / 186، دول الاسلام 2 / 77، تتمة المختصر 2 / 115،
116، البداية والنهاية 12 / 259، تاريخ ابن خلدون 5 / 246،
اتعاظ الحنفا: 288، النجوم الزاهرة 5 / 382، حسن المحاضرة
2 / 215، 216، شذرات الذهب 4 / 212.
(1) أورد ابن خلكان نسبه إلى والد حليمة مرضع رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
" وفيات الاعيان " 2 / 439.
(2) ضبطت في الاصل بفتح التاء وضم الراء، وكذلك ضبطها
ياقوت في معجم البلدان أما ابن خلكان فضبطها بفتح التاء
المثناة الفوقية والراء وبعد الواو الساكنة جيم ثم هاء
ساكنة، وهي قرية بالقرب من الاسكندرية " وفيات الاعيان " 2
/ 443.
(3) سترد ترجمته برقم (369).
(*)
(20/514)
فتلاءم على شيركوه ولم يف له، وعمل قبائح، واستنجد
بالفرنج، وكادوا أن يملكوا مصر، وجرت أمور عجيبة، ثم
استظهر شيركوه، وتمرض، فعاده شاور، فشد عليه جرديك النوري
(1)، فقتله في ربيع الآخر سنة أربع وستين، وقيل، بل قتله
صلاح الدين لا جرديك (2).
قال إمام مسجد الزبير إبراهيم بن إسماعيل الهاشمي: تملك
شاور البلاد، ولم شعث القصر، وأدر الارزاق الكثيرة على أهل
القصر، وكان قد نقصهم الصالح أشياء كثيرة، وتجبر وظلم -
أعني شاور - فخرج عليه الامير ضرغام (3) وأمراء، وتهيؤوا
لحربه، ففر إلى الشام، وقتل ولده طي في رمضان سنة ثمان
وخمسين، واختبط الناس، وأقبلت الروم إلى الحوف، فحاصروا
بلبيس، وجرت وقعة كبرى قتل فيها خلق، ورد العدو إلى الشام،
فأتى شاور، فاجتمع بنور الدين، فأكرمه، ووعده بالنصرة،
وقال شاور له: أنا أملكك مصر، فجهز معه شيركوه بعد عهود
وأيمان، فالتقى شيركوه هو
وعسكر ضرغام، فانكسر المصريون، وحوصر ضرغام بالقاهرة،
وتفلل جمعه، فهرب، فأدرك وقتل عند جامع ابن طولون، وطيف
برأسه، ودخل شاور، فعاتبه العاضد على ما فعل من تطريق
الترك إلى مصر، فضمن له أن يصرفهم، فخلع عليه، فكتب إلى
الروم يستنفرهم ويمنيهم، فأسقط في يد شيركوه، وحاصر
القاهرة، فدهمته الروم، فسبق إلى بلبيس، فنزلها، فحاصره
العدو بها شهرين، وجرت له معهم وقعات، ثم فتروا، وترحلوا،
وبقي خلق من الروم يتقوى بهم شاور، وقرر لهم مالا، ثم
فارقوه.
__________
(1) نسب كذلك لانه عتيق نور الدين الشهيد.
(2) انظر " وفيات الاعيان " 2 / 440، 441.
(3) انظر ترجمته في " وفيات الاعيان " 2 / 442، 443.
(*)
(20/515)
وبالغ شاور في العسف والمصادرة، وتمنوا أن يلي شيركوه
عليهم، فسار إليهم ثانيا من الشام، فاستصرخ شاور - لا سلمه
الله - بملك الفرنج مري، فبادر في جمع عظيم، فعبر شيركوه
إلى ناحية الصعيد، ثم نزل بأرض الجيزة، ونزلت الفرنج
بإزائه في الفسطاط، وقرر شاور للفرنج أربع مئة ألف دينار
وإقامات، ثم ترحل شيركوه إلى نحو الصعيد، فتبعه شاور
والفرنج، ونهب للفرنج أشياء كثيرة، ورجعوا مغلولين، فنزلوا
بالجيزة، فرد شيركوه، وقدم الاسكندرية، وتبعته الفرنج،
ففتح أهل الثغر لشيركوه، وفرحوا به، فاستخلف بها ابن أخيه
صلاح الدين، وكر إلى الفيوم، ونهب جنده القرى، وظلموا،
وذهب هو فصادر أهل الصعيد، وبالغ، وحاصر شاور والروم
الاسكندرية وبها صلاح الدين، واشتد القتال، ثم قدم شيركوه
مصر، وترددت الرسل في الصلح، ورجعت الروم إلى بلادهم، ثم
أقبل
الطاغية مري في جيوشه، وغدر، وخندق شاور على مصر، وعظم
الخطب، واستباحت الروم بلبيس قتلا وسبيا، وهرب المصريون
على الصعب والذلول، وأحرقت دور مصر، وتهتكت الاستار، وعم
الدمار، ودام البلاء أشهرا يحاصرهم الطاغية، فطلبوا
المهادنة، فاشترط الكلب شروطا لا تطاق، فأجمع رأي العاضد
وأهل القصر على الاستصراخ بنور الدين، فكر شيركوه في جيشه،
فتقهقر العدو إلى الساحل وفي أيديهم اثنا عشر ألف أسير،
وقدم شيركوه، فما وسع شاور إلا الخروج إليه متنصلا معتذرا،
فصفح عنه، وقبل عذره، وبرزت الخلع لشيركوه وشاور وفي
النفوس ما فيها، وتحرز هذا من هذا، إلى أن وقع لشاور أن
يعمل دعوة لشيركوه، وركب إليه، فأحس شيركوه بالمكيدة، فعبى
جنده، وأخذ شاور أسيرا، وانهزم عسكره، ثم قتل، وأسر أولاده
وأعوانه، وعذبوا، ثم ضربت أعناقهم، وتمكن شيركوه ثمانية
وخمسين يوما، ثم مات بالخوانيق، وقيل:
(20/516)
بل سمه العاضد في منديل الحنك الذي للخلعة.
330 - محمد بن عبد الله * ابن
محمد بن خليل، الفقيه المعمر، أبو عبد الله القيسي
اللبلي المالكي، صاحب مالك بن وهيب.
يروي عن: محمد بن فرج الطلاعي، وأبي علي الغساني الحافظ،
وخازم بن محمد، وأبي الحسين بن سراج، وأبي علي بن سكرة،
وطائفة قال الابار: كان من أهل الدراية والرواية، نزل فاس،
ثم مراكش، أخذ عنه شيخنا أبو عبد الله الاندرشي، وأبو عبد
الله بن عبد الحق قاضي تلمسان، وسمع من الغساني " صحيح "
مسلم، وتوفي سنة سبعين وخمس
مئة.
وقال ابن الزبير: سمع منه يعيش بن القديم، واخر من حمل عنه
شيخنا إسحاق بن عامر الطوسي - بفتح الطاء - الكاتب.
وقال ابن الزبير في مكان آخر: أخبرنا " بالموطأ " إسحاق
الطوسي، أنبأنا ابن خليل، أخبرنا ابن الطلاع.
قلت: صرح ابن الزبير أن روايته للموطأ عن الطوسي مناولة،
وأن رواية القيسي عن الطلاعي إجازة إن لم يكن سماعا.
__________
(*) معجم ابن الآبار 188، 189، وفيه محمد بن عبيدالله،
العبر 4 / 211، النجوم الزاهرة 6 / 75، شذرات الذهب 4 /
238.
(*)
(20/517)
331 - ابن قزمان * الامام الفقيه، أبو مروان، عبدالرحمن بن
محمد
بن عبدالملك بن قزمان القرطبي.
ولد سنة تسع وسبعين وأربع مئة.
وسمع من: محمد بن فرج الطلاعي، والحافظ أبي علي الغساني،
وأبي الحسن العبسي.
وتفقه بأبي الوليد بن رشد.
روى عنه: أبو الخطاب أحمد بن محمد بن واجب البلنسي،
وإبراهيم ابن علي الخولاني، ومحمد بن أحمد بن اليتيم.
قال ابن بشكوال (1): كان من كبار العلماء، وجلة الفقهاء،
مقدما في الادباء، توفي في مستهل ذي القعدة سنة أربع وستين
وخمس مئة.
332 - عليم * * ابن عبد العزيز
بن عبدالرحمن بن عبيدالله، الامام الحافظ، أبو محمد
القرشي العدوي العمري الاندلسي، ويكنى أيضا بأبي الحسن.
مولده بشاطبة في سنة تسع وخمس مئة.
وسمع أبا عبد الله بن مغاور، وأبا جعفر بن جحدر، وأبا عبد
الله بن غلام الفرس الداني، وأبا إسحاق بن جماعة، وأبا
القاسم بن ورد، وعدة.
__________
(*) الصلة لابن بشكوال 2 / 353، المشتبه: 524، تبصير
المنتبه 3 / 1127.
(1) في " الصلة " 2 / 353.
(* *) لم نعثر على مصدر ترجمه.
(*)
(20/518)
قال الابار: كان أحد العلماء الزهاد، أقرأ القرآن والفقه،
وكان صاحب فنون، كثير المحفوظ جدا لا سيما " الموطأ " و "
الصحيحين "، وكان يقول: ما حفظت شيئا فنسيته، وكان ميالا
إلى السنن والآثار وعلوم القرآن، مع حظ من علم النحو
والشعر والميل إلى الزهد، مع الورع والتواضع، وكان معظما
في النفوس، كثير التواضع والمحاسن.
توفي ببلنسية في ذي القعدة سنة أربع وستين وخمس مئة رحمه
الله.
333 - الزكي * قاضي دمشق،
الامام زكي الدين، أبو الحسن، علي بن القاضي
المنتجب أبي المعالي محمد بن القاضي الزكي يحيى بن علي،
القرشي الشافعي.
فقيه دين خير، عالم، محمود الاحكام، استعفى من الحكم،
فأعفي، وحج من طريق العراق، ورجع فأقام ببغداد سنة، وتوفي.
سمع من عبد الكريم بن حمزة وجماعة.
سمع منه أبو محمد بن الخشاب، وأبو طالب بن عبد السميع،
وابن الاخضر.
مولده سنة سبع وخمس مئة.
ومات في شوال سنة أربع وستين وخمس مئة، رحمه الله.
__________
(*) الكامل 11 / 350، وفيات الاعيان 4 / 236، العبر 4 /
188، طبقات السبكي 7 / 235، طبقات الاسنوي 2 / 9، 10،
النجوم الزاهرة 5 / 382، شذرات الذهب 4 / 213.
(*)
(20/519)
334 - ابن قرقول * الامام العلامة، أبو إسحاق، إبراهيم بن
يوسف
بن إبراهيم بن عبد الله بن باديس بن القائد، الحمزي
الوهراني، المعروف بابن قرقول، من قرية حمزة (1) من عمل
بجاية.
مولده بالمرية إحدى مدائن الاندلس.
سمع من جده لامه أبي القاسم بن ورد، ومن أبي الحسن بن
نافع، وروى عنهما، وعن أبي الحسن بن اللواز، وأبي العباس
بن العريف الزاهد، وأبي عبد الله بن الحاج الشهيد.
وحمل عن أبي إسحاق الخفاجي " ديوانه ".
وكان رحالا في العلم نقالا فقيها، نظارا أديبا نحويا،
عارفا بالحديث ورجاله، بديع الكتابة.
روى عنه عدة، منهم يوسف بن محمد بن الشيخ، وعبد العزيز بن
علي السماتي (2).
وكان من أوعية العلم، له كتاب " المطالع على الصحيح " (3)
غزير الفوائد.
__________
(*) تكملة الصلة: 151، وفيات الاعيان 1 / 62، 63، العبر 4
/ 205، 206، الوافي بالوفيات 6 / 171، مرآة الجنان 4 /
171، البداية والنهاية 12 / 277 وتحرف اسمه فيه إلى ابن
قسرول، كشف الظنون 1687 و 1715، شذرات الذهب 4 / 231، هدية
العارفين 1 / 9، معجم المصنفين للتونكي 4 / 486، 487،
تاريخ بروكلمان 6 / 277، 278.
(1) انظر " الانساب " 4 / 220 و " معجم البلدان " 3 / 302
و " وفيات الاعيان " 1 / 63.
(2) بضم أوله والتخفيف وبعد الالف مثناة فوقية، نسبة إلى
سماتة، وهي بطن من نفزة.
انظر " تبصير المنتبه " 2 / 747.
(3) وضعه على مثال " مشارق الانوار " للقاضي عياض.
قال حاجي خليفة: اختصره = (*)
(20/520)
انتقل من مالقة إلى سبتة، ثم إلى سلا، ثم إلى فاس، وتصدر
للافادة.
وكان رفيقا لابي زيد السهيلي وصديقا له، فلما فارقه وتحول
إلى مدينة سلا (1)، نظم فيه أبو زيد أبياتا، وبعث بها
إليه، وهي: سلا عن سلا إن المعارف والنهى * بها ودعا أم
الرباب ومأسلا بكيت أسى أيام كان بسبتة * فكيف التأسي حين
منزله سلا وقال أناس إن في البعد سلوة * وقد طال هذا البعد
والقلب ما سلا فليت أبا إسحاق إذ شطت النوى * تحيته الحسنى
مع الريح أرسلا فعادت دبور الريح عندي كالصبا * بذي غمر إذ
أمر زيد تبسلا فقد كان يهديني الحديث موصلا * فأصبح موصول
الاحاديث مرسلا وقد كان يحيي العلم والذكر عندنا * أوان
دنا فالآن بالنأي كسلا فلله أم بالمرية أنجبت * به وأب
ماذا من الخير أنسلا توفي ابن قرقول في شعبان سنة تسع
وستين وخمس مئة وله أربع
وستون سنة.
335 - مودود * السلطان صاحب
الموصل، قطب الدين، مودود بن الاتابك زنكي بن
آقسنقر، التركي الاعرج.
__________
= يعني مشارق الانوار - واستدرك عليه، وأصلح فيه أوهاما.
انظر نسخه الخطية في " تاريخ بروكلمان 6 / 277.
وانظر مختصراته فيه 6 / 277، 288.
(1) مدينة بأقصى المغرب.
" معجم البلدان " 3 / 231.
وأبو زيد: هو عبدالرحمن بن عبد الله السهيلي الاندلسي
المالقي.
صاحب " الروض الانف " في شرح السيرة النبوية لابن هشام
المتوفى سنة 581 ه.
(*) الكامل 11 / 355، 356، الباهر: 94، مرآة الزمان 8 /
175، الروضتين = (*)
(20/521)
تملك بعد أخيه غازي (1)، وكان لا بأس بسيرته، وهو الذي نكب
وزيرهم الجواد، وكان ينوب في مملكته زين الدين علي صاحب
إربل.
وكانت (2) أيامه اثنتين وعشرين سنة.
توفي في شوال سنة خمس وستين وخمس مئة.
وخلف أولادا منهم السلطان عز الدين مسعود، والسلطان سيف
الدين غازي الذي تملك بعد أبيه، وهو أخو صاحب الشام نور
الدين.
336 - ابن ظفر * العلامة
البارع، حجة الدين، أبو عبد الله (3)، محمد بن أبي محمد
(4) بن محمد بن ظفر الصقلي، صاحب كتاب " خير البشر "،
وكتاب
__________
= 1 / 186، 187، وفيات الاعيان 5 / 302، 303، مفرج الكروب
1 / 177، 188 - 190، المختصر 3 / 49، دول الاسلام 2 / 78،
العبر 4 / 191، تتمة المختصر 2 / 120، البداية
والنهاية 12 / 261، النجوم الزاهرة 5 / 383، شذرات الذهب 4
/ 216.
(1) الذي تقدمت ترجمته برقم (41).
(2) في الاصل: وكان.
(*) الخريدة (قسم الشام) 3 / 49، معجم الادباء 19 / 48،
49، وفيات الاعيان 4 / 395 - 397، الوافي بالوفيات 1 /
141، 142، العقد الثمين 2 / 344 - 348، بغية الوعاة 1 /
142، 143، كشف الظنون: 741 وغيرها، هدية العارفين 2 / 96،
تاريخ بروكلمان 5 / 147 و 152 (ضمن ترجمة الحريري).
وظفر: بفتح الظاء المعجمة والفاء وبعدها راء، كذا ضبطه ابن
خلكان.
قال الصفدي: ورأيت بعضهم يقول: ابن ظفر بضم الظاء والفاء،
والاول أشهر.
(3) في " العقد الثمين " نقلا عن القطيعي في " ذيل تاريخ
بغداد ": أبو هاشم، وفي هدية العارفين ": أبو جعفر.
(4) في " الوافي ": محمد بن محمد بن ظفر.
وفي " بغية الوعاة " و " هدية العارفين " محمد بن عبد الله
بن محمد بن ظفر.
(*)
(20/522)
" سلوان المطاع في عدوان الاتباع "، وكتاب " شرح المقامات
" (1).
وكان قصيرا لطيف الشكل، وله نظم (2) وفضائل.
سكن حماة، ونشأ بمكة، وأكثر الاسفار.
وكان فقيرا أخذ بنته زوجها، فباعها في بعض البلاد (3).
مات سنة خمس وستين وخمس مئة بحماة.
337 - ابن الخشاب * الشيخ
الامام العلامة المحدث، إمام النحو، أبو محمد، عبد الله بن
أحمد بن أحمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر، البغدادي
ابن الخشاب، من
يضرب به المثل في العربية، حتى قيل: إنه بلغ رتبة أبي علي
الفارسي.
__________
(1) انظر نسخه الخطية في " تاريخ " بروكلمان 5 / 147.
وله أيضا شرح " درة الغواص " للحريري.
انظر بروكلمان 5 / 152.
وله مؤلفات كثيرة، انظرها في " معجم الادباء " 19 / 48،
49، و " هدية العارفين " 2 / 96.
(2) أورد منه ابن خلكان قوله: على قدر فضل المرء تأتي
خطوبه * ويعرف عند الصبر فيما يصيبه ومن قل فيما يتقيه
اصطباره * فقد قال فيما يرتجيه نصيبه (3) انظر " وفيات
الاعيان " 4 / 397، و " الوافي " 1 / 141.
(*) خريدة القصر 1 / 82، المنتظم 10 / 238، 239، معجم
الادباء 12 / 47 - 53، الكامل 11 / 375، 376، إنباه الرواة
2 / 99 - 103، مرآة الزمان 8 / 180، وفيات الاعيان 3 / 102
- 104، المختصر في أخبار البشر 3 / 52، العبر 4 / 196،
197، تلخيص ابن مكتوم: 88، 89، المستفاد من ذيل تاريخ
بغداد: 134 - 136، تتمة المختصر 2 / 124، مسالك الابصار ج
4 م 2 / 311 - 316، مرآة الجنان 3 / 381، 382، البداية
والنهاية 12 / 269، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 316، 323،
طبقات ابن قاضي شهبة 2 / 17 - 20، النجوم الزاهرة 6 / 65،
بغية الوعاة 2 / 29 - 31، كشف الظنون: 108، 602 وغيرها،
شذرات الذهب 4 / 220 - 222، الفلاكة والمفلوكون 78، 79،
هدية العارفين 1 / 456، معجم المطبوعات: 93، تاريخ
بروكلمان 5 / 167 - 169.
(*)
(20/523)
ولد سنة اثنتين وتسعين وأربع مئة.
وسمع من: أبي القاسم علي بن الحسين الربعي، وأبي النرسي،
ويحيى بن عبد الوهاب بن مندة، وأبي عبد الله البارع، وأبي
غالب البناء، وهبة الله بن الحصين، وعدة.
وقرأ كثيرا، وحصل الاصول.
وأخذ الادب عن أبي علي بن المحول شيخ اللغة، وأبي السعادات
بن الشجري، وعلي بن أبي زيد الفصيحي، وأبي منصور موهوب بن
الجواليقي، وأبي بكر بن جوامرد النحوي.
وفاق أهل زمانه في علم اللسان، وكتب بخطه المليح المضبوط
شيئا كثيرا، وبالغ في السماع حتى قرأ على أقرانه، وحصل من
الكتب شيئا لا يوصف، وتخرج به في النحو خلق.
حدث عنه: السمعاني، وأبو اليمن الكندي، والحافظ عبد الغني،
والشيخ الموفق، وأبو البقاء العكبري، ومحمد بن عماد، وفخر
الدين بن تيمية، ومنصور بن أحمد بن المعوج (1).
قال السمعاني: هو شاب كامل فاضل، له معرفة تامة بالادب
واللغة والنحو والحديث، يقرأ الحديث قراءة حسنة صحيحة
سريعة مفهومة، سمع الكثير، وحصل الاصول من أي وجه، كان يضن
بها، سمعت بقراءته كثيرا، وكان يديم القراءة طول النهار من
غير فتور، سمعت أبا شجاع البسطامي يقول: قرأ علي ابن
الخشاب " غريب الحديث " لابي محمد
__________
(1) تقدم التعريف به في حواشي ترجمة ابن خضير رقم (306).
(*)
(20/524)
القتبي (1) قراءة ما سمعت قبلها مثلها في الصحة والسرعة،
وحضر جماعة من الفضلاء، فكانوا يريدون أن يأخذوا عليه فلتة
لسان، فما قدروا.
وقال ابن النجار: أخذ ابن الخشاب الحساب والهندسة عن أبي
بكر قاضي المرستان، وأخذ الفرائض عن أبي بكر المزرفي (2)،
وكان ثقة، ولم يكن في دينه بذاك، وقرأت بخط الشيخ الموفق:
كان ابن الخشاب إمام
أهل عصره في علم العربية، حضرت كثيرا من مجالسه، ولم أتمكن
من الاكثار عنه لكثرة الزحام عليه، وكان حسن الكلام في
السنة وشرحها (3).
قال ابن الاخضر: كنت عنده وعنده جماعة من الحنابلة، فسأله
مكي الغراد (4): هل عندك كتاب الجبال ؟ فقال: يا أبله ما
تراهم حولي (5) ؟
__________
(1) هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري،
الامام الاديب الشهير، المتوفى سنة 276 ه، وهو مترجم في
الجزء (13) برقم (138) وقد تحرفت هذه النسبة في " طبقات "
ابن رجب 1 / 317 إلى " المقتفي " وجاءت العبارة فيه موهمة
أن المقتفي سمع " غريب الحديث " على ابن الخشاب.
وانظر " إنباه الرواة " 2 / 101، 102، و " المستفاد ":
136.
(2) بفتح الميم وسكون الزاي وفتح الراء وفي آخرها فاء،
نسبة إلى المزرفة، وهي قرية كبيرة بالقرب من بغداد، تحرفت
في " معجم الادباء " 12 / 49 إلى " المرزوقي "، وتصحفت في
" بغية الوعاة " 2 / 29 إلى " المزرقي " بالقاف، انظر "
المشتبه " 587، و " تبصير المنتبه " 4 / 1361، و " اللباب
" 3 / 203، و " استدراك " ابن نقطة: باب المزرفي والمزرفن،
وفيه ترجمته.
(3) انظر " طبقات " ابن رجب 1 / 316، 317.
وقال ابن رجب 1 / 319: وكان الحافظ أبو محمد الاخضر يقول
في روايته عنه: حدثنا حجة الاسلام أبو محمد بن الخشاب،
وكذلك يقول الشيخ موفق الدين المقدسي في تصانيفه حين يروي
عن ابن الخشاب.
وكان ثقة في الحديث والنقل، صدوقا حجة نبيلا.
(4) ضبطه المؤلف في " المشتبه " 450 بالغين المعجمة والراء
المشددة وبعد الالف دال، وقد تصحف في " طبقات " ابن رجب 1
/ 321 إلى " القراد " بالقاف، وتصحف فيه أيضا كتاب "
الجبال " إلى " الخيال ".
(5) انظر " معجم الادباء " 12 / 50، و " بغية الوعاة " 2 /
30.
(*)
(20/525)
وقيل: إنه سئل: أيمد القفا أو يقصر ؟ فقال: يمد، ثم يقصر.
وكان مزاحا (1).
وقيل: عرض اثنان عليه شعرا لهما، فسمع للاول، ثم قال: أنت
أردأ شعرا منه.
قال: كيف تقول هذا ولم تسمع قول الآخر ؟ قال: لان هذا لا
يكون أردأ منه (2).
وقال لرجل: ما بك ؟ قال: فؤادي.
قال: لو لم تهمزه لم يوجعك.
قال حمزة بن القبيطي: كان ابن الخشاب يتعمم بالعمامة،
وتبقى مدة حتى تسود وتتقطع من الوسخ وعليها ذرق العصافير
(3).
وقال ابن الاخضر: ما تزوج ابن الخشاب ولا تسرى، وكان قذرا
يستقي بجرة مكسورة، عدناه في مرضه، فوجدناه بأسوء حال،
فنقله القاضي أبو القاسم بن الفراء إلى داره، وألبسه ثوبا
نظيفا، وأحضر الاشربة والماورد، فأشهدنا بوقف كتبه،
فتفرقت، وباع أكثرها أولاد العطار حتى بقي عشرها، فترك
برباط المأمونية (4).
قال ابن النجار (5): كان بخيلا متبذلا، يلعب بالشطرنج على
الطريق، ويقف على المشعوذ، ويمزح، ألف في الرد على الحريري
في
__________
(1) انظر " معجم الادباء " 12 / 51، و " طبقات " ابن رجب 1
/ 320، و " بغية الوعاة " 2 / 30.
(2) انظر " طبقات " ابن رجب 1 / 321.
(3) انظر " معجم الادباء " 12 / 51، و " طبقات " ابن رجب 1
/ 320.
(4) انظر " طبقات " ابن رجب 1 / 319.
(5) انظر " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد " 135، و " إنباه
الرواة " 2 / 99، و " معجم
الادباء " 12 / 50.
(*)
(20/526)
" مقاماته " (1)، وشرح " اللمع "، وصنف في الرد على أبي
زكريا التبريزي (2).
وقال القفطي (3): عبارته أجود من قلمه، وكان ضيق العطن، ما
كمل تصنيفا.
قال ابن النجار: سمعت المبارك بن المبارك النحوي يقول: كان
ابن الخشاب إذا نودي على كتاب، أخذه وطالعه، وغل ورقه، ثم
يقول: هو مقطوع، فيشتريه برخص.
قلت: لعله تاب، فقد قال عبد الله بن أبي الفرج الجبائي
(4): رأيت ابن الخشاب وعليه ثياب بيض، وعلى وجهه نور،
فقلت: ما فعل الله بك ؟ قال: غفر لي، ودخلت الجنة، إلا أن
الله أعرض عني وعن كثير من العلماء ممن لا يعمل (5).
مات في ثالث رمضان سنة سبع وستين وخمس مئة.
__________
(1) طبعت استدراكاته هذه باستانبول سنة 1328 ه، وطبعت
ملحقة بمقامات الحريري في مصر سنة 1329 ه ومعها كتاب "
انتصار " ابن بري للحريري.
(2) وصنف أيضا كتاب " المرتجل " شرح " الجمل " للجرجاني
(في " معجم الادباء " و " طبقات " ابن رجب: للزجاجي، وهو
خطأ) لكنه ترك أبوابا من وسط الكتاب ما تكلم عليها، كما
أنه لم يتم شرح " اللمع "، وله كتاب " الرد على ابن بابشاذ
" (في " طبقات " ابن رجب: نادستاد، وهو خطأ) انظر بقية
تصانيفه في " معجم الادباء " 12 / 51، 52، و " إنباه
الرواة " 2 / 100، و " هدية العارفين " 1 / 456.
وانظر النسخ الخطية لبعضها في " تاريخ " بروكلمان 5 / 168،
169.
(3) في " إنباه الرواة " 2 / 99، 100.
(4) تصحفت هذه النسبة في " المنتطم " 10 / 238 إلى "
الجياني " وقد تقدم ضبطها في الصفحة 434 تعليق رقم (1) في
ترجمة الرستمي رقم (283).
(5) انظر " المنتظم " 10 / 238، 239، و " معجم الادباء "
12 / 52، و " طبقات " ابن رجب 1 / 222، 223.
(*)
(20/527)
أخبرنا ابن الفراء، أخبرنا ابن قدامة، أخبرنا أبو محمد بن
الخشاب..فذكر حديثا.
338 - الصيدلاني * الشيخ
الجليل العالم المحدث، مسند أصبهان، أبو المطهر، القاسم
ابن الفضل بن عبد الواحد بن الفضل، الاصبهاني
الصيدلاني.
ولد سنة نيف وسبعين وأربع مئة.
وسمع من: رزق الله التميمي، والرئيس أبي عبد الله الثقفي،
ومكي بن منصور الكرجي، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وجده
لامه أبي منصور محمد بن علي بن عبد الرزاق، وجماعة كثيرة.
حدث عنه: أحمد بن محمد الجنزي (1) ثم الاصبهاني ب " مسند "
الشافعي، والحافظ عبد القادر الرهاوي، وأبو نزار ربيعة بن
الحسن اليمني، ومحمد بن مسعود بن أبي الفتح المديني، ومحمد
بن أبي سعيد بن طاهر، ومعاوية بن محمد بن الفضل، وآخرون،
ومن القدماء: أبو سعد السمعاني، وروى عنه بالاجازة: الشيخ
موفق الدين المقدسي وكريمة بنت الحبقبق، وعجيبة.
قال السمعاني: كان متميزا، حريصا على طلب الحديث، مليح
الخط، سمع وبالغ.
قلت: وسمع ولده المعمر عبد الواحد بن أبي المطهر الكثير.
__________
(*) العبر 4 / 199، النجوم الزاهرة 6 / 66، شذرات الذهب 4
/ 223.
(1) بجيم مفتوحة ثم نون ساكنة بعدها زاي.
" تبصير المنتبه " 1 / 362.
(*)
(20/528)
توفي في نصف جمادى الاولى سنة سبع وستين وخمس مئة وله نيف
وتسعون سنة.
وفيها توفي أبو علي أحمد بن محمد بن الرحبي (1)، وابن
الخشاب (2)، وعبد الله بن منصور بن الموصلي (3)، والعاضد
(4) بمصر، وأبو الحسن بن النعمة المريي (5) ببلنسية، وأبو
المظفر محمد بن أسعد بن الحليم (6) العراقي، وأبو عبد الله
محمد بن عبدالرحيم بن الفرس الغرناطي (7)، وأبو عبد الله
محمد بن علي بن الرمامة قاضي فاس، وأبو المكارم المبارك بن
محمد الباذرائي (8)، والشاعر المجيد أبو الفتوح نصر الله
ابن قلاقس الاسكندراني (9)، ووجيه بن هبة الله السقطي
(10)، وأبو بكر يحيى بن سعدون بن تمام القرطبي المقرئ
(11).
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (326).
(2) تقدمت ترجمته برقم (337).
(3) انظر " النجوم الزاهرة " 6 / 66.
(4) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (78).
(5) سترد ترجمته برقم (366).
(6) مترجم في العبر 4 / 199، الوافي 2 / 203، الجواهر
المضية 2 / 32، النجوم الزاهرة 6 / 66، شذرات الذهب 4 /
218 (وفيات 566) وفيها جميعا: ابن الحكيم، بالكاف بدل
اللام
وهو خطأ، فقد ترجمه مع الناص على أنه باللام ابن الاثير في
" اللباب " 1 / 383 (الحليمي)، وابن نقطة في " الاستدراك "
باب حكيم وحليم، وابن حجر في " تبصير المنتبه " 1 / 448.
وانظر حاشية المعلمي على " الاكمال " 2 / 493 و 3 / 81،
وعلى " الانساب " 4 / 199.
(7) مترجم في العبر 4 / 199، الوافي 3 / 245، وشذرات الذهب
4 / 223.
(8) تقدمت ترجمته برقم (312).
(9) سترد ترجمته برقم (348).
(10) انظر " النجوم الزاهرة " 6 / 66.
(11) سترد ترجمته برقم (349).
(*)
(20/529)
339 - الصيدلاني * الشيخ الجليل المعمر، مسند وقته، أبو
جعفر، محمد بن الحسن
بن الحسين الاصبهاني الصيدلاني.
أجاز له في سنة أربع وسبعين وأربع مئة عبدالرحمن بن محمد
بن عفيف البوشنجي كلار، وبيبي بنت عبد الصمد الهرثمية،
وشيخ الاسلام عبد الله بن محمد الانصاري، والزاهد محمد بن
علي العميري، ونجيب بن ميمون الواسطي.
وسمع في سنة أربع وثمانين من سليمان بن إبراهيم الحافظ،
ورزق الله التميمي، والرئيس الثقفي، وأبي نصر أحمد بن
سمير، ومحمد بن علي بن محمد بن فضلويه، ومحمد بن علي
السكري، وثلاثتهم سمعوا من أبي عبد الله الجرجاني، وسمع من
عمر بن أحمد السمسار، ومكي الكرجي، ومحمد بن محمد بن عبد
الوهاب المديني.
خرج له أحمد بن عمر النايني جزءا سماه " لآلي القلائد ".
حدث عنه: عبد العظيم بن عبد اللطيف الشرابي، والحافظ عبد
القادر الرهاوي، وعبد الكريم بن محمد المؤدب، والعماد أحمد
بن أحمد ابن أميركا الباقي إلى بعد سنة ثلاثين وست مئة.
وأجاز أبو جعفر (1) للعلم ابن الصابوني، وكريمة الميطورية،
وعجيبة الباقدارية.
__________
(*) العبر 4 / 204، النجوم الزاهرة 6 / 69، شذرات الذهب 4
/ 228.
(1) في الاصل: أبا، وهو خطأ.
(*)
(20/530)
مات في السادس والعشرين من ذي القعدة سنة ثمان وستين وخمس
مئة.
وانتهى إليه علو الاسناد.
340 - نور الدين * صاحب الشام،
الملك العادل، نور الدين، ناصر أمير المؤمنين، تقي الملوك،
ليث الاسلام، أبو القاسم، محمود بن الاتابك قسيم الدولة
أبي سعيد زنكي بن الامير الكبير آقسنقر، التركي السلطاني
الملكشاهي.
مولده في شوال سنة إحدى عشرة وخمس مئة.
ولي جده نيابة حلب للسلطان ملكشاه بن ألب آرسلان السلجوقي.
ونشأ قسيم الدولة بالعراق، وندبه السلطان محمود بن محمد بن
ملكشاه بإشارة المسترشد لامرة الموصل وديار بكر والبلاد
الشامية، وظهرت شهامته وهيبته وشجاعته، ونازل دمشق، واتسعت
ممالكه، فقتل على حصار جعبر سنة إحدى وأربعين (1)، فتملك
ابنه نور الدين هذا حلب، وابنه
__________
(*) منتخبات من كتاب التاريخ لشاهنشاه: 268، تاريخ ابن
القلانسي (انظر الفهرس)،
المنتظم 10 / 248، 249، الكامل 11 / 402 - 405 (وأخباره
فيه من حوادث سنة 542 - سنة 569)، مرآة الزمان 8 / 187 و
191 - 205، الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية
1 / 48 - 230، وفيات الاعيان 5 / 184 - 189، مفرج الكروب 1
/ 109 وما بعدها، المختصر 3 / 83، العبر 4 / 208، 209، دول
الاسلام 2 / 83، تتمة المختصر 2 / 127، 128، أمراء دمشق في
الاسلام: 147، البداية والنهاية 12 / 277 - 287، الجواهر
المضية 2 / 158، تاريخ ابن خلدون 5 / 253، الكواكب الدرية
في السيرة النورية لابن قاضي شهبة تحقيق الدكتور محمود
زايد، النجوم الزاهرة 6 / 71، الدارس 1 / 99 و 331، شذرات
الذهب 4 / 228 - 231.
وللدكتور عماد الدين خليل مؤلف باسم " نور الدين محمود "،
وقد طبعت ترجمته من " تاريخ " ابن عساكر في نشرة المعهد
الفرنسي العلمية بتحقيق نيكيتا إيليسيف.
(1) وقد تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (123).
(*)
(20/531)
الآخر (1) الموصل.
وكان نور الدين حامل رايتي العدل والجهاد، قل أن ترى
العيون مثله، حاصر دمشق، ثم تملكها، وبقي بها عشرين سنة.
افتتح أولا حصونا كثيرة، وفامية، والراوندان، وقلعة
إلبيرة، وعزاز، وتل باشر، ومرعش، وعين تاب، وهزم البرنس
صاحب أنطاكية، وقتله في ثلاثة آلاف من الفرنج، وأظهر السنة
بحلب وقمع الرافضة.
وبنى المدارس بحلب وحمص ودمشق وبعلبك والجوامع والمساجد،
وسلمت إليه دمشق للغلاء والخوف، فحصنها، ووسع أسواقها،
وأنشأ المارستان ودار الحديث والمدارس ومساجد عدة، وأبطل
المكوس من دار بطيخ وسوق الغنم والكيالة وضمان النهر
والخمر، ثم أخذ من العدو بانياس والمنيطرة (2)، وكسر
الفرنج مرات، ودوخهم، وأذلهم.
وكان بطلا شجاعا، وافر الهيبة، حسن الرمي، مليح الشكل، ذا
تعبد وخوف وورع، وكان يتعرض للشهادة، سمعه كاتبه أبو اليسر
يسأل الله أن يحشره من بطون السباع وحواصل الطير.
وبنى دار العدل، وأنصف الرعية، ووقف على الضعفاء والايتام
والمجاورين، وأمر بتكميل سور المدينة النبوية، واستخراج
العين بأحد دفنها السيل، وفتح درب الحجاز، وعمر الخوانق
والربط والجسور والخانات بدمشق وغيرها.
وكذا فعل إذ ملك حران وسنجار والرها والرقة ومنبج وشيزر
وحمص وحماة وصرخد وبعلبك وتدمر.
ووقف كتبا كثيرة مثمنة،
__________
(1) غازي، تقدمت ترجمته برقم (124).
(2) وهو حصن بالشام قريب من طرابلس.
" معجم البلدان " 5 / 217.
(*)
(20/532)
وكسر الفرنج والارمن على حارم وكانوا ثلاثين ألفا، فقل من
نجا، وعلى بانياس.
وكانت الفرنج قد استضرت على دمشق وجعلوا عليها قطيعة،
وأتاه أمير الجيوش شاور مستجيرا به، فأكرمه، وبعث معه جيشا
ليرد إلى منصبه، فانتصر، لكنه تخابث وتلاءم، ثم استنجد
بالفرنج، ثم جهز نور الدين رحمه الله جيشا لجبا مع نائبه
أسد الدين شيركوه، فافتتح مصر، وقهر دولتها الرافضية،
وهربت منه الفرنج، وقتل شاور، وصفت الديار المصرية لشيركوه
نائب نور الدين، ثم لصلاح الدين، فأباد العبيديين،
واستأصلهم، وأقام الدعوة العباسية.
وكان نور الدين مليح الخط، كثير المطالعة، يصلي في جماعة،
ويصوم، ويتلو ويسبح، ويتحرى في القوت، ويتجنب الكبر،
ويتشبه
بالعلماء والاخيار، ذكر هذا ونحوه الحافظ ابن عساكر، ثم
قال: روى الحديث، وأسمعه بالاجازة، وكان من رآه شاهد من
جلال السلطنة وهيبة الملك ما يبهره، فإذا فاوضه، رأى من
لطافته وتواضعه ما يحيره.
حكى من صحبه حضرا وسفرا أنه ما سمع منه كلمة فحش في رضاه
ولا في ضجره، وكان يواخي الصالحين، ويزورهم، وإذا احتلم
مماليكه أعتقهم، وزوجهم بجواريه، ومتى تشكوا من ولاته
عزلهم، وغالب ما تملكه من البلدان تسلمه بالامان، وكان
كلما أخذ مدينة، أسقط عن رعيته قسطا.
وقال أبو الفرج بن الجوزي (1): جاهد، وانتزع من الكفار
نيفا وخمسين مدينة وحصنا، وبنى بالموصل جامعا غرم عليه
سبعين (2) ألف
__________
(1) في " المنتظم " 10 / 248، 249.
(2) في " المنتظم ": ستين.
(*)
(20/533)
دينار، وترك المكوس قبل موته، وبعث جنودا فتحوا مصر، وكان
يميل إلى التواضع وحب العلماء والصلحاء، وكاتبني مرارا،
وعزم على فتح بيت المقدس، فتوفي في شوال سنة تسع وستين
وخمس مئة.
وقال الموفق عبد اللطيف: كان نور الدين لم ينشف له لبد من
الجهاد، وكان يأكل من عمل يده، ينسخ تارة، ويعمل أغلافا
تارة، ويلبس الصوف، ويلازم السجادة والمصحف، وكان حنفيا
يراعي مذهب الشافعي ومالك، وكان ابنه الصالح إسماعيل أحسن
أهل زمانه.
وقال ابن خلكان (1): ضربت السكة والخطبة لنور الدين بمصر،
وكان زاهدا عابدا، متمسكا بالشرع، مجاهدا، كثير البر
والاوقاف، له من المناقب ما يستغرق الوصف، توفي في حادي
عشر شوال بقلعة دمشق
بالخوانيق، وأشاروا عليه بالفصد، فامتنع، وكان مهيبا فما
روجع، وكان أسمر طويلا، حسن الصورة، ليس بوجهه شعر سوى
حنكه، وعهد بالملك إلى ابنه وهو ابن إحدى عشرة سنة.
وقال ابن الاثير (2): كان أسمر، له لحية في حنكه، وكان
واسع الجبهة، حسن الصورة، حلو العينين، طالعت السير، فلم
أر فيها بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن من
سيرته، ولا أكثر تحريا منه للعدل، وكان لا يأكل ولا يلبس
ولا يتصرف إلا من ملك له قد اشتراه من سهمه من الغنيمة،
لقد طلبت زوجته منه، فأعطاها ثلاثة دكاكين، فاستقلتها،
فقال: ليس لي إلا هذا، وجميع ما بيدي أنا فيه خازن
__________
(1) في " وفيات الاعيان " 5 / 185 و 187، 188.
(2) في " الكامل " 11 / 403.
(*)
(20/534)
للمسلمين، وكان يتهجد كثيرا، وكان عارفا بمذهب أبي حنيفة،
لم يترك في بلاده على سعتها مكسا، وسمعت أن حاصل أوقافه في
البر في كل شهر تسعة آلاف دينار صورية.
قال له القطب النيسابوري (1): بالله لا تخاطر بنفسك، فإن
أصبت في معركة لا يبقى للمسلمين أحد إلا أخذه السيف، فقال:
ومن محمود حتى يقال هذا ؟ ! حفظ الله البلاد قبلي لا إله
إلا هو (2).
قلت: كان دينا تقيا، لا يرى بذل الاموال إلا في نفع، وما
للشعراء عنده نفاق، وفيه يقول أسامة (3).
سلطاننا (4) زاهد والناس قد زهدوا * له فكل على الخيرات
(5) منكمش
أيامه مثل شهر الصوم طاهرة * من المعاصي وفيها الجوع
والعطش
قال مجد الدين ابن الاثير في نقل سبط الجوزي (6) عنه: لم
يلبس نور الدين حريرا ولا ذهبا، ومنع من بيع الخمر في
بلاده - قلت: قد لبس خلعة الخليفة والطوق الذهب - قال:
وكان كثير الصوم، وله أوراد في الليل والنهار، ويكثر اللعب
بالكرة، فأنكر عليه فقير، فكتب إليه: والله ما أقصد اللعب،
وإنما نحن في ثغر، فربما وقع الصوت، فتكون الخيل قد أدمنت
على الانعطاف والكر والفر.
وأهديت له عمامة من مصر مذهبة، فأعطاها
__________
(1) المتوفى سنة 578، ستأتي ترجمته في الجزء الحادي
والعشرين، وقد تحرفت نسبته في " الكامل " 11 / 404 إلى "
النشاوي ".
(2) وانظر " مرآة الزمان " 8 / 194.
(3) البيتان في " ديوانه " ص 158.
(4) في " ديوانه ": أميرنا.
(5) في " ديوانه ": الطاعات.
(6) في " مرآة الزمان " 8 / 193.
(*)
(20/535)
لابن حمويه شيخ الصوفية، فبيعت بألف دينار.
قال (1): وجاءه رجل طلبه إلى الشرع، فجاء معه إلى مجلس
كمال الدين الشهرزوري، وتقدمه الحاجب يقول للقاضي: قد قال
لك: اسلك معه ما تسلك مع آحاد الناس.
فلما حضر سوى بينه وبين خصمه، وتحاكما، فلم يثبت للرجل
عليه حق، وكان ملكا، ثم قال السلطان: فاشهدوا أني قد وهبته
له.
وكان يقعد في دار العدل في الجمعة أربعة أيام، ويأمر
بإزالة الحاجب والبوابين، وإذا حضرت الحرب، شد قوسين
وتركاشين (2)، وكان له
يكل (3) الجند إلى الامراء، بل يباشر عددهم وخيولهم، وأسر
إفرنجيا، فافتك نفسه منه بثلاث مئة ألف دينار، فعند وصوله
إلى مأمنه مات، فبنى بالمال المارستان والمدرسة.
قال العماد في " البرق الشامي ": أكثر نور الدين عام موته
من البر والاوقاف وعمارة المساجد، وأسقط ما فيه حرام، فما
أبقى سوى الجزية والخراج والعشر، وكتب بذلك إلى جميع
البلاد، فكتبت له أكثر من ألف منشور.
قال: وكان له برسم نفقة خاصة في الشهر من الجزية ما يبلغ
ألفي قرطاس يصرفها في كسوته ومأكوله وأجرة طباخه وخياطه كل
ستين قرطاسا بدينار.
__________
(1) في " مرآة الزمان " 8 / 193 و 194 و 195.
(2) التركاش: كلمة فارسية، معناها: الجعبة.
" معجم الالفاظ الفارسية المعربة ": 36.
(3) في الاصل: لا يتكل.
(*)
(20/536)
قال سبط الجوزي (1): كان له عجائز، فكان يخيط الكوافي،
ويعمل السكاكر (2)، فيبعنها له سرا، ويفطر على ثمنها.
قال ابن واصل: كان من أقوى الناس قلبا وبدنا، لم ير على
ظهر فرس أحد أشد منه، كأنما خلق عليه لا يتحرك، وكان من
أحسن الناس لعبا بالكرة، يجري الفرس ويخطفها من الهواء،
ويرميها بيده إلى آخر الميدان، ويمسك الجوكان (3) بكمه
تهاونا بأمره، وكان يقول: طالما تعرضت للشهادة، فلم
أدركها.
قلت: قد أدركها على فراشه، وعلى ألسنة الناس: نور الدين
الشهيد، والذي أسقط من المكوس في بلاده ذكرته في " تاريخنا
الكبير " مفصلا، ومبلغه في العام خمس مئة ألف دينار، وستة
وثمانون ألف دينار، وأربعة وسبعون دينارا من نقد الشام،
منها على الرحبة ستة عشر ألف دينار، وعلى دمشق خمسون ألف
وسبع مئة ونيف، وعلى الموصل ثمانية وثلاثون ألف دينار، [
وعلى ] جعبر سبعة آلاف دينار ونيف، وفي الكتاب: فأيقنوا أن
ذلك إنعام مستمر على الدهور، باق إلى يوم النشور، ف (كلوا
من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور) [ سبأ: 15 ].
(فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه) [
البقرة: 181 ].
وكتب في رجب سنة سبع وستين وخمس مئة.
__________
(1) في " مرآة الزمان " 8 / 197.
(2) في كتب اللغة: السكر: ما يسد به النهر ونحوه والمسناة،
وكل ما يسد من شق أو بثق والجمع سكور، وقد يكون المراد
المزلاج الذي يوضع خلف الباب لاغلاقة، ولا زال أهل الشام
إلى يومنا هذا يستعملون كلمة السكر للمزلاج.
وفي مرآة الزمان: ويعمل الكساكير للابواب.
(3) الجوكان: كلمة فارسية، وهي عصا لعبة الكولف، وكل عصا
معكوفة، وتعريبها: الصولج والصولجانة.
انظر " معجم الالفاظ الفارسية المعربة " 109.
(*)
(20/537)
قال سبط الجوزي (1): حكي لي نجم الدين بن سلام عن والده أن
الفرنج لما نزلت على دمياط، ما زال نور الدين عشرين يوما
يصوم، ولا يفطر إلا على الماء، فضعف وكاد يتلف، وكان
مهيبا، ما يجسر أحد يخاطبه في ذلك، فقال إمامه يحيى: إنه
رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم يقول: يا يحيى، بشر
نور الدين برحيل الفرنج عن دمياط.
فقلت: يا رسول الله، ربما لا
يصدقني.
فقال: قل له: بعلامة يوم حارم.
وانتبه يحيى، فلما صلى نور الدين الصبح، وشرع يدعو، هابه
يحيى، فقال له: يا يحيى، تحدثني أو أحدثك ؟ فارتعذ يحيى،
وخرس، فقال: أنا أحدثك، رأيت النبي صلى الله عليه وسلم هذه
الليلة، وقال لك كذا وكذا.
قال: نعم، فبالله يا مولانا، ما معنى قوله: بعلامة يوم
حارم ؟ فقال: لما التقينا العدو، خفت على الاسلام،
فانفردت، ونزلت، ومرغت وجهي على التراب، وقلت: يا سيدي من
محمود في البين، الدين دينك، والجند جندك، وهذا اليوم افعل
ما يليق بكرمك.
قال: فنصرنا الله عليهم.
وحكى لي تاج الدين قال: ما تبسم نور الدين إلا نادرا، حكى
لي جماعة من المحدثين أنهم قرؤوا عليه حديث التبسم، فقالوا
له: تبسم، قال: لا أتبسم من غير عجب (2).
قلت: الخبر ليس بصحيح، ولكن التبسم مستحب، قال النبي صلى
الله عليه وسلم: " تبسمك في وجه أخيك صدقة " (3)، وقال
جرير بن عبد الله: ما حجبني
__________
(1) في " مرآة الزمان " 8 / 199، 200.
(2) انظر " مرآة الزمان " 8 / 202.
(3) أخرجه مطولا من حديث أبي ذر البخاري في " الادب المفرد
" (891) والترمذي (1977)، وصححه ابن حبان (864)، وله طريق
آخر عند أبي ذر، عند أحمد 5 / 168 بإسناد صحيح يتقوى به.
وفي حديث أبي جرير الهجيمي عند أبي داود (4084) وأحمد 5 /
63، = (*)
(20/538)
رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا
تبسم (1).
وقبر نور الدين بتربته عند باب الخواصين يزار (2).
وتملك بعده ابنه الملك الصالح (3) أشهرا، وسلم دمشق إلى
السلطان
صلاح الدين، وتحول إلى حلب، فدام صاحبها تسع سنين، ومات
بالقولنج وله عشرون سنة، وكان شابا دينا رحمه الله.
341 - حفده * الشيخ الفقيه
العلامة الواعظ الامام، مجد الدين، أبو منصور، محمد ابن
أسعد بن محمد بن الحسين الطوسي العطاري (4) الشافعي
حفده.
تفقه بمرو على الامام أبي بكر محمد بن منصور السمعاني،
وبطوس
__________
= وصححه ابن حبان (501): " لا تحقرن من المعروف شيئا ولو
أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، وأن تكلم أخاك ووجهك
إليه منبسط " وفي صحيح مسلم (2626) من حديث أبي ذر قال لي
النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تحقرن من المعروف شيئا ولو
أن تلقى أخاك بوجه طلق ".
(1) أخرجه البخاري (3822)، ومسلم (2475) والترمذي (3820) و
(3821) وفي " المسند " 4 / 190 و 191، والترمذي (3645)
وشرح السنة (3350) من حديث الحارث بن جزء قال: " ما رأيت
أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم " وفي
صحيح مسلم (2322) من حديث جابر بن سمرة قال: " كان صلى
الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح حتى
تطلع الشمس، فإذا طلعت قام، وكانوا يتحدثون، فيأخذون في
أمر الجاهلية فيضحكون، ويتبسم صلى الله عليه وسلم ".
(2) وقد بني بجوار القبر مسجد باسمه، ويقع اليوم في سوق
الخياطين بدمشق.
(3) أبو الفتح إسماعيل صاحب حلب، ستأتي ترجمته في الجزء
الحادي والعشرين برقم (54).
(*) التحبير 2 / 89، 90، المنتظم 10 / 279 (وفيات 573)،
وفيات الاعيان 4 / 238، 239، تلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 890
2، 891، العبر 4 / 213، تذكرة الحفاظ 4 / 1333، 1334،
المختصر المحتاج إليه 1 / 26، دول الاسلام 2 / 85، الوافي
بالوفيات 2 / 202، 203، طبقات السبكي 6 / 92، 93، طبقات
الاسنوي 1 / 441، 442، البداية والنهاية 12 / 299، النجوم
الزاهرة 6 / 77، شذرات الذهب 4 / 240.
(4) تحرفت في " الشذرات " إلى العطاردي " بزيادة دال.
(*)
(20/539)
على أبي حامد الغزالي، وبمرو الروذ على محيي السنة أبي
محمد الحسين ابن مسعود البغوي وسمع منه كتابيه " معالم
التنزيل " و " شرح السنة " وكتبهما، واشتغل ببخارى على
العلامة برهان الدين عبد العزيز بن مازة الحنفي.
وقدم أذربيجان والجزيرة، ووعظ، ونفق سوقه، وازدحموا عليه
لحسن تذكيره، ولا أعلم لم لقب بحفده (1).
قال أبو سعد السمعاني (2): كتبت عنه بمرو ونيسابور، وكان
فقيها واعظا شاطرا جلدا فصيحا، سمع من عبد الغفار الشيروي،
والحافظ أبي الفتيان الرواسي، وناصر بن أحمد العياضي.
قلت: وحدث عنه: أبو أحمد بن سكينة، وابن الاخضر، وشمس
الدين عبدالغفور بن بدل التبريزي البزوري، وأبو المواهب بن
صصرى، والقاضي بهاء الدين يوسف بن شداد، وأبو المجد محمد
بن الحسين القزويني.
مولده سنة ست وثمانين وأربع مئة.
وتوفي بتبريز في ربيع الاخر سنة إحدى وسبعين (3) وخمس مئة.
342 - ابن الرخلة * الشيخ
العالم المقرئ المعمر، أبو محمد، صالح بن المبارك
بن
__________
(1) وابن خلكان قبله لم يعلم أيضا.
" وفيات الاعيان " 4 / 239.
(2) في " التحبير " 2 / 90.
(3) وقيل: سنة ثلاث وسبعين، وفيها أورده ابن الجوزي وابن
كثير، وهو ما رجحه السبكي.
(*) العبر 4 / 214، المشتبه: 311، القاموس المحيط: (رخل)،
تبصير المنتبه
2 / 597، النجوم الزاهرة 6 / 80، شذرات الذهب 4 / 241.
(*)
(20/540)
محمد بن عبد الواحد، البغدادي الكرخي القزاز، عرف بابن
الرخلة.
سمع من: أبي عبد الله بن طلحة النعالي، ومن أبي الحسين بن
الطيوري.
حدث عنه: تميم بن أحمد البندنيجي، ومحمد بن مشق، والشيخ
العماد إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي، وأبو الحسن محمد بن
محمد النرسي، وأبو المعالي محمد بن أحمد بن صالح الجيلي
(1)، وجماعة، وإن كان الحافظ عبد القادر الرهاوي قد حمل
عنه، فذلك الذي يغلب على ظني.
وقد توفي في صفر سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة، رحمه الله.
343 - علي بن حميد بن عمار
* الشيخ الصدوق الجليل، أبو الحسن، الطرابلسي، ثم المكي
النحوي المقرئ، راوي " صحيح " البخاري عن عيسى بن أبي ذر
الهروي، والمنفرد بذلك، بقي إلى سنة إحدى (2) وسبعين وخمس
مئة.
روى عنه: المحدث محمد بن عبدالرحمن التجيبي الاندلسي،
وناصر بن عبد الله المصري العطار، وعبد الرحمن بن أبي حرمي
بن بنين المكي، وسليمان بن أحمد السعدي المغربل.
وقيل: إنه عاش إلى سنة خمس وسبعين، وحدث فيها.
__________
(1) في الاصل: الجبلي، بموحدة بعد الجيم، وهو خطأ.
انظر الترجمة الواردة برقم (355) وحاشية " الاكمال " 3 /
228.
(*) العقد الثمين 6 / 156، 157.
(2) سيذكر المؤلف في نهاية الترجمة أنه عاش إلى سنة خمس
وسبعين في قول، وفي " العقد الثمين " أن وفاته سنة ست
وسبعين.
(*)
(20/541)
344 - شهدة * بنت المحدث أبي نصر أحمد بن الفرج الدينوري،
ثم البغدادي الابري (1) الجهة، المعمرة، الكاتبة، مسندة
العراق، فخر النساء.
ولدت بعد الثمانين وأربع مئة.
وسمعت من: أبي الفوارس طراد الزينبي، وابن طلحة النعالي،
وأبي الحسن بن أيوب، وأبي الخطاب بن البطر، وعبد الواحد بن
علوان، وأحمد بن عبد القادر اليوسفي، وثابت بن بندار،
ومنصور بن حيد، وجعفر السراج، وعدة.
ولها مشيخة سمعناها.
حدث عنها: ابن عساكر، والسمعاني، وابن الجوزي، وعبد الغني،
وعبد القادر الرهاوي، وابن الاخضر، والشيخ الموفق، والشيخ
العماد، والشهاب بن راجح، والبهاء عبدالرحمن، والناصح،
والفخر الاربلي، وتاج الدين عبد الله بن حمويه، وأعز بن
العليق (2)، وإبراهيم بن الخير، وبهاء الدين بن الجميزي،
ومحمد بن المني، وأبو القاسم بن قميرة، وخلق كثير.
__________
(*) الانساب 1 / 118 (الابري)، المنتظم 10 / 228، الكامل
11 / 454، مرآة الزمان 8 / 224، وفيات الاعيان 2 / 477،
478، المختصر 3 / 61، العبر 4 / 220، دول الاسلام 2 / 87،
تتمة المختصر 2 / 136، نزهة الجلساء في أشعار النساء
للسيوطي: 61، شذرات الذهب 4 / 248، الدر المنثور: 256،
257، أعلام النساء 2 / 309 - 312.
(1) بكسر الهمزة وفتح الباء الموحدة وفي آخرها الراء
المهملة، نسبة إلى بيع الابر وعملها، وهي جمع إبرة.
(2) ضبطه ابن حجر بضم العين وتشديد اللام الممالة.
" تبصير المنتبه " 3 / 965، وستأتي ترجمة أعز بن العليق في
الجزء الثاني والعشرين.
(*)
(20/542)
قال ابن الجوزي (1): قرأت عليها، وكان لها خط حسن، وتزوجت
ببعض وكلاء الخليفة، وخالطت الدور والعلماء، ولها بر وخير،
وعمرت حتى قاربت المئة، توفيت في رابع عشر المحرم سنة أربع
وسبعين وخمس مئة، وحضرها خلق كثير وعامة العلماء.
وقال الشيخ الموفق: انتهى إليها إسناد بغداد، وعمرت حتى
ألحقت الصغار بالكبار، وكانت تكتب خطا جيدا، لكنه تغير
لكبرها.
ومات معها أحمد بن علي بن الناعم الوكيل، وأسعد بن بلدرك
بن أبي اللقاء البواب (2)، والامير شهاب الدين سعد بن محمد
بن سعد بن صيفي الشاعر الحيص بيص (3)، وأبو صالح سعد الله
بن نجا بن الوادي الدلال (4)، وأبو رشيد عبد الله بن عمر
الاصبهاني (5)، وأبو نصر عبد الرحيم (6) بن عبد الخالق بن
يوسف، وعمر بن محمد العليمي (7)، وأبو عبد الله بن المجاهد
الاشبيلي الزاهد (8)، ومحمد بن نسيم العيشوني (9).
345 - ابن ماشاذه * الشيخ
الامام المعمر المقرئ المجود المحرر، مسند أصبهان،
أبو
__________
(1) في " المنتظم " 10 / 288.
(2) سترد ترجمته برقم (360).
(3) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (14).
(4) مترجم في " الوافي " 15 / 185.
(5) سترد ترجمته برقم (358).
(6) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (5).
(7) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (6).
(8) مترجم في العبر 4 / 220، وشذرات الذهب 4 / 248.
(9) مترجم في العبر 4 / 221، وشذرات الذهب 4 / 249.
(*) العبر 4 / 215، شذرات الذهب 4 / 242، 243.
(*)
(20/543)
بكر، محمد بن أحمد بن أبي الفرج بن ماشاذه الاصبهاني
السكري المقرئ، خاتمة من سمع من سليمان بن إبراهيم الحافظ.
وسمع من الرئيس أبي عبد الله الثقفي، ومكي بن منصور
الكرجي، وجماعة.
حدث عنه: محمد بن مكي الحنبلي، وعبد القادر الحافظ، وعبد
الاعلى بن محمد بن محمد الرستمي، وإسحاق بن مطهر اليزدي،
وأحمد ابن إبراهيم بن سفيان بن مندة، وجامع بن أحمد الخباز
الاصبهانيون، وبالاجازة كريمة القرشية.
وكان من كبار المقرئين، وما علمت على من تلا.
مات سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة وله نيف وتسعون سنة.
346 - المعداني * الشيخ الثقة المعمر، أبو القاسم، رجاء بن
حامد بن رجاء بن عمر، الاصبهاني المعداني.
سمع من: رزق الله التميمي، وسليمان الحافظ، ومكي بن علان،
وطبقتهم.
حدث عنه: عبد القادر الرهاوي، وأبو نزار ربيعة اليمني،
وسليمان ابن داود بن ماشاذه، ومحمود بن محمد الوركاني،
وسبطه محمد بن عمر بن أبي الفضائل، ومحمد بن محمد بن أبي
المعالي الوثابي، وآخرون، وأجاز لكريمة وغيرها.
__________
(*) لم نعثر على مصدر ترجمه.
(*)
(20/544)
لم أظفر له بوفاة، توفي سنة نيف وستين وخمس مئة.
347 - نصر بن سيار * ابن صاعد
بن سيار (1)، الشيخ الامام الفقيه المعمر، مسند
خراسان، شرف الدين، أبو الفتح الكناني الهروي الحنفي
القاضي.
سمع الكثير من جده القاضي أبي العلاء صاعد بن سيار بن يحيى
بن محمد بن إدريس، والقاضي أبي عامر محمود بن القاسم
الازدي سمع منه " جامع " أبي عيسى، ونجيب بن ميمون
الواسطي، والزاهد محمد بن علي العميري، وأبي عطاء
عبدالاعلى بن عبد الواحد المليحي، وأبي نصر أحمد ابن
أميرجه، وجماعة.
وله إجازة من شيخ الاسلام أبي إسماعيل الانصاري، وأبي
القاسم أحمد بن محمد الخليلي.
وقد سمع من جده " صحيح " الاسماعيلي.
قال السمعاني في " التحبير " (2): سمعت منه " الجامع "
للترمذي، و " الزهد " لسعيد بن منصور، رواه عن جده.
قال (3): وكان فقيها مناظرا فاضلا متدينا، حسن السيرة،
مطبوع
الحركات، تاركا للتكلف، سليم الجانب، ولد سنة خمس وسبعين
وأربع مئة.
__________
(*) التحبير 2 / 343 - 345، دول الاسلام 2 / 86، العبر 4 /
216، الجواهر المضية 2 / 195، شذرات الذهب 4 / 244.
(1) أورد السمعاني في " التحبير " نسبه إلى عدنان، وقال:
هكذا كتب نسبه بخطه في الاجازة.
(2) 2 / 344، 345.
(3) في " التحبير " 2 / 344.
(*)
(20/545)
قلت: حدث عنه هو وابنه عبدالرحيم، وزنكي بن أبي الوفاء،
ومودود بن محمود، وضياء الدين أبو بكر بن علي المامنجي،
والحافظ عبد القادر الرهاوي، وبالاجازة: ابن الشيرازي.
مات يوم عاشوراء سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة.
348 - ابن قلاقس * الشاعر
المجيد البليغ، أبو الفتوح، نصر الله بن عبد الله
(1) بن مخلوف اللخمي الاسكندري، ويلقب بالقاضي الاعز.
وديوانه مشهور (2).
وله في السلفي مدائح.
ونظمه بديع.
ودخل اليمن، ومدح الكبار.
مات شابا في شوال سنة سبع وستين وخمس مئة (3).
349 - القرطبي * * الامام، شيخ
الموصل، أبو بكر، يحيى بن سعدون بن تمام،
__________
(*) الخريدة (قسم مصر) 1 / 145، معجم الادباء 19 / 226 -
228، الروضتين
1 / 205، وفيات الاعيان 5 / 385 - 389، المختصر 3 / 52،
تتمة المختصر 2 / 124، مرآة الجنان 3 / 383، البداية
والنهاية 12 / 269، حسن المحاضرة 1 / 564، شذرات الذهب 4 /
224 وتحرف اسمه فيه إلى ابن ملامس بميمين، معجم المطبوعات:
217، 218، تاريخ بروكلمان 5 / 64 (النسخة العربية).
(1) في " حسن المحاضرة ": نصير الدين عبد الله، وهو خطأ.
(2) طبع في مطبعة الجوائب بمصر سنة 23.
ه.
وانظر بروكلمان 5 / 64.
(3) تحرفت سنة وفاته في " حسن المحاضرة " إلى 607.
(* *) الانساب 10 / 99، معجم الادباء 20 / 14، 15، معجم
البلدان 4 / 324، اللباب = (*)
(20/546)
الازدي القرطبي المقرئ النحوي.
ولد سنة ست وثمانين وأربع مئة.
ويلقب بصائن الدين.
أخذ القراءات عن أبي القاسم خلف بن النخاس بقرطبة، وعن أبي
القاسم بن الفحام بالاسكندرية.
وسمع من أبي محمد بن عتاب، ومحمد بن بركات السعيدي، وأبي
صادق مرشد المديني، وأبي جعفر أحمد بن عبد الحق، وأبي بكر
محمد بن سعيد الضرير مقرئ المهدية، وأبي عبد الله محمد بن
أحمد الرازي صاحب السداسيات، والمحدث رزين بن معاوية، وسار
إلى أن بلغ خوارزم، وأخذ عن الزمخشري، وسمع ببغداد من ابن
الحصين، وأبي العز ابن كادش، وبدمشق من جمال الاسلام
السلمي.
وكان ثقة متقنا، بارعا في العربية، بصيرا بعلل القراءات،
دينا خيرا ناسكا، وافر الحرمة، تخرج به أئمة.
تلا عليه الفخر محمد بن أبي الفرج الموصلي، ومحمد بن عبد
الكريم
البوازيجي (1)، والقاضي بهاء الدين يوسف بن شداد، ومحمد بن
محمد بن
__________
= 3 / 26، الكامل 11 / 276، إنباه الرواة 4 / 37، 38،
تكملة الصلة لابن الابار: 724، الروضتين 1 / 205، المغرب 1
/ 135، وفيات الاعيان 6 / 171 - 173، صلة الصلة لابن
الزبير: 177، المختصر 3 / 52، العبر 4 / 200، 201، معرفة
القراء الكبار 2 / 429، 430، تتمة المختصر 2 / 124، مرآة
الجنان 3 / 380 - 383، البداية والنهاية 12 / 270، غاية
النهاية 2 / 372، النجوم الزاهرة 6 / 66، بغية الوعاة 2 /
334، نفح الطيب 2 / 116 - 118، شذرات الذهب 4 / 225، هدية
العارفين 2 / 521، إيضاح المكنون 1 / 476.
(1) أورده المؤلف في " المشتبه " 97، ونقل عن الفرضي أنه
قرأ بالسبع على ابن سعدون القرطبي صاحب الترجمة كما ذكر
هنا، ثم قال: وإنما الذي قرأ على ابن سعدون والده أبو
الفضل عبد الكريم بن أحمد القرشي الضرير.
والبوازيجي نسبة إلى البوازيج: بلدة قديمة على دجلة فوق
بغداد.
" الانساب " 2 / 321.
(*)
(20/547)
الكال الحلي، وأبو جعفر القرطبي.
وحدث عنه: الحافظان ابن عساكر والسمعاني، وأبو الحسن
القطيعي، وعبد الله بن حسين الموصلي، وعدة.
توفي بالموصل يوم عيد الفطر سنة سبع وستين وخمس مئة.
قال ابن شداد: كنت أرى من يأتي الشيخ، فيعطيه شيئا ملفوفا
ويذهب، ثم تقصينا (1) ذلك، فعلمنا أنها دجاجة مسموطة كانت
برسمه كل يوم، يشتريها ذلك الرجل، ويسمطها، فإذا قام الشيخ
تولى طبخها.
قال: ولازمته إحدى عشرة سنة (2).
350 - البطائحي * الامام، مقرئ
العراق، أبو الحسن، علي بن عساكر بن المرحب
البطائحي الضرير.
تلا بالروايات الكثيرة على أبي العز القلانسي، وأبي عبد
الله البارع، وأبي بكر المزرفي (3)، وعمر بن إبراهيم
الزيدي.
وتقدم في هذا الشأن.
__________
(1) في الاصل: توصينا.
وفي مصادر الترجمة: تقفينا.
(2) انظر " إنباه الرواة " 4 / 38، و " وفيات الاعيان " 6
/ 172، و " نفح الطيب " 2 / 117.
(*) المنتظم 10 / 267، معجم الادبا 14 / 61، 62، الكامل 11
/ 435 (سنة 571)، إنباه الرواة 2 / 298، العبر 4 / 215،
معرفة القراء الكبار 2 / 434، دول الاسلام 2 / 86،
المشتبه: 582، تلخيص ابن مكتوم: 146، نكت الهميان: 214،
215، البداية والنهاية 12 / 296، ذيل طبقات الحنابلة 1 /
335 - 337، غاية النهاية 1 / 566، طبقات ابن قاضي شهبة 2 /
169، تبصير المنتبه 4 / 1275، النجوم الزاهرة 6 / 80،
شذرات الذهب 4 / 242.
والبطائحي: نسبة إلى البطائح: قرية بين واسط والبصرة.
قال ياقوت: وسميت بطائح واسط لان المياه تبطحت فيها أي
سالت، وكانت قديما قرى متصلة وأرضا عامرة.
(3) تصحفت في " معجم الادباء " 14 / 62 إلى " المرزقي "
بالراء ثم زاي ثم قاف، وفي = (*)
(20/548)
وحدث عن: أبي طالب بن يوسف، وهبة الله بن الحصين.
وله مصنف في القراءات.
وكان يدري العربية جيدا.
أخذ عنه القراءات: الوزير عون الدين، وعبد العزيز بن دلف،
والخطيب بهاء الدين بن الجميزي (1)، وعدة.
وحدث عنه: ابن الاخضر، وعبد الغني، وعبد القادر الرهاوي،
وابن باقا، والشيخ الموفق، وآخرون.
قرأت بخط الشيخ موفق الدين: سمعنا من البطائحي " الابانة "
لابن بطة (2)، و " الزهد " لاحمد، وكان مقرئ بغداد، وكان
عالما بالعربية، إماما في السنة.
وقال الضياء: قيل: ولد سنة تسعين وأربع مئة.
توفي في شعبان سنة اثنتين وسبعين (3) وخمس مئة.
أخبرنا عبد الحافظ بنابلس، أخبرنا ابن قدامة، أخبرنا علي
بن عساكر بقراءتي، أخبركم أبو طالب اليوسفي، أخبرنا أبو
إسحاق البرمكي، أخبرنا محمد بن بخيت، أخبرنا عمر بن محمد،
حدثنا أبو بكر الاثرم، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة،
أخبرنا ثابت، عن عبدالرحمن بن أبي
__________
= " غاية النهاية " 1 / 556 و " إنباه الرواة " 2 / 298
إلى " المزرقي " بالقاف آخره، وقد تقدم ضبط هذه النسبة في
ص 525 تعليق رقم (2).
(1) تحرفت في " طبقات " ابن رجب 1 / 336 إلى " الجمري ".
(2) المتوفى سنة 387، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم
(389).
(3) أورده في " الكامل " في وفيات سنة 571.
(*)
(20/549)
ليلى، عن صهيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه
الآية: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) [ يونس: 26 ] قال: "
إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، نادى مناد: يا
أهل الجنة إن لكم عند الله عهدا يريد أن ينجزكموه، قالوا:
ألم يبيض وجوهنا، ويثقل موازيننا، ويدخلنا الجنة، ويجرنا
من النار ؟ فيكشف الحجاب، فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم
الله شيئا أحب إليهم من ذلك ولا أقر لاعينهم منه " (1).
351 - تجني * بنت عبد الله، أم
عتب (2) الوهبانية (3)، عتيقة أبي المكارم بن
وهبان.
هي آخر من سمع طراد الزينبي وأبي عبد الله بن طلحة النعالي
موتا ببغداد.
حدث عنها: السمعاني، وابن عساكر، والشيخ الموفق، والناصح
ابن الحنبلي، والبهاء عبدالرحمن، وأبو الفتوح بن الحصري،
وهبة الله بن
__________
(1) صحيح، وأخرجه أحمد 4 / 333 من طريق عفان بهذا الاسناد،
وهو من طرق عن حماد بن سلمة به في " المسند " 4 / 332 و
333، والطيالسي (1315) ومسلم (181) والترمذي (2552)
والطبري (1726) وابن ماجه (187) والآجري ص 261.
(*) الاستدراك لابن نقطة: باب تجني ونحيي، دول الاسلام 2 /
88، العبر 4 / 223، المشتبه 1 / 110، المستفاد من ذيل
تاريخ بغداد: 268، 269، الوافي 10 / 379، القاموس: (جنى)،
تبصير المنتبه 1 / 194، الدارس 2 / 93، شذرات الذهب 4 /
250، تاج العروس 10 / 78، حاشية الاكمال 1 / 503، أعلام
النساء 1 / 165، 166.
وتجني ضبطها القاموس تجني بالضم وسكون الجيم، وصوابه بفتح
التاء والجيم وتشديد النون المكسورة بعدها ياء.
(2) في " المشتبه ": ويقال: أم الحباء.
(3) تحرفت في " العبر " 4 / 223 إلى الوهابية.
(*)
(20/550)
الحسن الدوامي، ومحمد بن عبد الكريم السيدي، وفخر النساء
بنت الوزير محمد بن رئيس الرؤساء، وإبراهيم بن الخير،
ويحيى بن قميرة، وآخرون.
قال ابن الدبيثي: أجازت لنا، وتوفيت في شوال سنة خمس
وسبعين
وخمس مئة.
352 - خديجة * بنت أحمد بن
الحسن (1) بن عبد الكريم، فخر النساء، بنت
النهرواني، امرأة صالحة معمرة.
روت عن: ابن طلحة النعالي.
حدث عنها: ابن أخيها علي بن روح، والشيخ الموفق، ونصر بن
عبد الرزاق، والشيخ العماد المقدسي، وآخرون.
توفيت في رمضان سنة سبعين وخمس مئة.
وآخر من تبقى من أصحابها بالسماع المقرئ إبراهيم بن الخير.
وفيها مات أحمد بن المبارك بن سعد المرقعاتي، وقاضي القضاة
أبو طالب روح بن أحمد الحديثي (2)، وعبد الله بن عبد الصمد
السلمي والد أحمد العطار، وأبو بكر محمد بن علي بن محمد
الطوسي (3)، ومحمد بن
__________
(*) العبر 4 / 210، النجوم الزاهرة 6 / 75، شذرات الذهب 4
/ 237، أعلام النساء 1 / 320.
(1) في " شذرات الذهب ": الحسين.
(2) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (7).
(3) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (21).
(*)
(20/551)
عبد الله بن محمد بن خليل القيسي اللبلي (1).
353 - عبد الحق * ابن الحافظ
عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف،
الشيخ العالم الخير المسند الثقة، أبو الحسين البغدادي
اليوسفي، من بيت
الحديث، والفضل.
ولد سنة أربع وتسعين وأربع مئة.
وأسمعه أبوه (2) الكثير من أبي الحسين بن الطيوري، وأبي
القاسم الربعي، وجعفر بن أحمد السراج، وأبي الحسن بن
العلاف، وأبي سعد بن خشيش، وأبي القاسم بن بيان، وأبي طالب
بن يوسف، وخلق.
حدث عنه: أبو محمد بن الاخضر، وابن الحصري، وعبد القادر
الرهاوي، وعبد الغني، وابن قدامة، وابن راجح، وحمد بن
صديق، وأبو الحسن بن القطيعي، وعبد الرحمن بن بختيار، وعمر
(3) بن بطاح، وقيصر البواب، وإبراهيم بن الخير، وأعز بن
العليق، وأبو الحسن بن الجميزي، ومحمد بن عبد الكريم
السيدي، وخلق.
قال أبو الفضل بن شافع: هو أثبت أقرانه.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (330).
(*) الكامل 11 / 461، العبر 4 / 224، دول الاسلام 2 / 88،
النجوم الزاهرة 6 / 86، شذرات الذهب 4 / 251.
(2) الذي تقدمت ترجمته برقم (187).
(3) في الاصل: قمر، والتصويب من " المشتبه " 645 و " تبصير
المنتبه " 1 / 1423.
وبطاح ضبط في " المشتبه " ضبط قلم بفتح الباء وتشديد
الطاء، وضبط في " تبصير المنتبه " بالعبارة بموحدة مكسورة
مخففا.
(*)
(20/552)
وقال ابن الاخضر: كان لا يحدث بما سمعه حضورا تورعا.
وقال ابن الجوزي: كان حافظا لكتاب الله، دينا ثقة.
وقال البهاء عبدالرحمن: سمعنا عليه كثيرا، وكان من بيت
الحديث،
وكان صالحا فقيرا، وكان عسرا في السماع جدا، ورزقت منه
حظا، وكان يعيرني الاجزاء، فأكتبها، وكان يتلو في اليوم
عشرين جزءا.
قلت: مات في جمادي الاولى سنة خمس وسبعين وخمس مئة.
وفيها مات أبو الفتح أحمد بن أبي الوفاء الصائغ (1)، وأبو
يحيى اليسع ابن حزم الغافقي (2)، وتجني الوهبانية (3)،
والمستضئ بأمر الله (4)، وعبد المحسن بن تريك البيع،
والمحدث علي بن أحمد الحسيني الزيدي (5) القدوة، وأبو
المعالي علي بن هبة الله بن خلدون، والمحدث أبو المحاسن
عمر بن علي القرشي (6) عم كريمة، وعيسى بن أحمد أبو هاشم
الدوشابي (7) الهراس، والحافظ أبو بكر بن خير اللمتوني
(8)، والحافظ أبو بكر محمد بن
__________
(1) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (48).
(2) مترجم في: معجم ابن الابار: 334 - 336، تكملة الصلة:
744، 745، المغرب 2 / 88، العبر 4 / 222، 223، معرفة
القراء الكبار 2 / 436، 437، المغني في الضعفاء 2 / 756،
ميزان الاعتدال 4 / 446، غاية النهاية 2 / 385، لسان
الميزان 6 / 299، 270، حسن المحاضرة 1 / 496، نفح الطيب 2
/ 379، كشف الظنون: 306، شذرات الذهب 4 / 250، هدية
العارفين 2 / 536.
(3) تقدمت ترجمتها برقم (351).
(4) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (24).
(5) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (49).
(6) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (50).
(7) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (31).
(8) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (34).
(*)
(20/553)
أبي غالب الباقداري (1)، ومنوجهر بن تركانشاه، وأبو محمد
المبارك بن علي ابن الطباخ بمكة.
354 - ابن عساكر * الامام
العلامة الحافظ الكبير المجود، محدث الشام، ثقة
الدين (2)، أبو القاسم الدمشقي الشافعي، صاحب " تاريخ دمشق
".
نقلت ترجمته من خط ولده المحدث أبي محمد القاسم بن علي،
فقال: ولد في المحرم في أول الشهر سنة تسع وتسعين وأربع
مئة، وسمعه أخوه صائن الدين (3) هبة الله في سنة خمس وخمس
مئة وبعدها، وارتحل
__________
(1) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (26).
(*) خريدة القصر (قسم الشعراء الشام) 1 / 274 - 280،
المنتظم 10 / 261، معجم الادباء 13 / 73 - 87، مرآة الزمان
8 / 212 - 214، جامع المسانيد للخوارزمي 2 / 539، الروضتين
1 / 10 و 2 / 261، وفيات الاعيان 3 / 309 - 311، المختصر 3
/ 59، العبر 4 / 212، 213، دول الاسلام 2 / 85، تذكرة
الحفاظ 4 / 1328 - 1334، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 186
- 189، تتمة المختصر 2 / 132، 133، الوافي بالوفيات ج 19 /
ق 144 - 148، مرآة الجنان 3 / 393 - 396، طبقات السبكي 7 /
215 - 223، طبقات الاسنوي 2 / 216، 217، البداية والنهاية
12 / 294، النجوم الزاهرة 6 / 77، طبقات الحفاظ: 474، 475،
الدارس للنعيمي 1 / 100، 101، مفتاح السعادة 1 / 266، 267،
و 2 / 352، تاريخ الخميس 2 / 366، الزيارات بدمشق: 73، كشف
الظنون: 54، 57، 103، 162، 294، 340، 342، 526، 574، 974،
1736، 1737، 1836، شذرات الذهب 4 / 239، 240، أبجد العلوم
2 / 375 و 3 / 790، 791، هدية العارفين 1 / 701 - 702،
إيضاح المكنون 1 / 224 تهذيب تاريخ دمشق لبدران 1 / 7 -
10، منتخبات التواريخ: 478، 479، معجم المطبوعات: 181،
182، كنوز الاجداد 306 - 313، تاريخ بروكلمان
6 / 69 - 73، فهرس مخطوطات الظاهرية: المنتخب من مخطوطات
الحديث: 79 - 84.
وانظر كتاب " ابن عساكر في ذكرى مرور تسع مئة سنة على
ولادته " طبعه المجلس الاعلى لرعاية الفنون والآداب
والعلوم الاجتماعية في سورية، ففيه ترجمات ابن عساكر من
المراجع القديمة والحديثة، مع ذكر مؤلفاته.
(2) في " المختصر ": نور الدين، وهو خطأ.
(*)
(20/554)
إلى العراق في سنة عشرين، وحج سنة إحدى وعشرين.
قلت: وارتحل إلى خراسان على طريق أذربيجان في سنة تسع
وعشرين وخمس مئة.
وهو علي بن الشيخ أبي محمد الحسن بن هبة الله بن عبد الله
بن الحسين، فعساكر لا أدري لقب من هو من أجداده، أو لعله
اسم لاحدهم.
سمع: الشريف أبا القاسم النسيب، وعنده عنه الاجزاء العشرون
التي خرجها له شيخه الحافظ أبو بكر الخطيب سمعناها
بالاتصال، وسمع من قوام ابن زيد صاحب ابن هزارمرد
الصريفيني، ومن أبي الوحش سبيع بن قيراط صاحب الاهوازي،
ومن أبي طاهر الحنائي، وأبي الحسن بن الموازيني، وأبي
الفضائل الماسح، ومحمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي،
والامين هبة الله بن الاكفاني، وعبد الكريم بن حمزة، وطاهر
بن سهل الاسفراييني، وخلق بدمشق.
وأقام ببغداد خمسة أعوام، يحصل العلم، فسمع من هبة الله بن
الحصين، وعلي بن عبد الواحد الدينوري، وقراتكين بن أسعد،
وأبي غالب بن البناء، وهبة الله بن أحمد بن الطبر، وأبي
الحسن البارع، وأحمد ابن ملوك الوراق، والقاضي أبي بكر،
وخلق كثير.
وبمكة من عبد الله بن محمد المصري الملقب بالغزال (1).
وبالمدينة من عبد الخلاق بن عبد الواسع الهروي.
وبأصبهان من الحسين بن عبدالملك الخلال، وغانم بن خالد،
__________
(1) بتخفيف الزاي، انظر " المشتبه ": 484.
(*)
(20/555)
وإسماعيل بن محمد الحافظ، وخلق.
وبنيسابور من أبي عبد الله الفراوي، وأبي محمد السيدي،
وزاهر الشحامي، وعبد المنعم بن القشيري، وفاطمة بنت زعبل،
وخلق.
وبمرو من يوسف بن أيوب الهمذاني الزاهد، وخلق.
وبهراة من تميم بن أبي سعيد المؤدب، وعدة وبالكوفة من عمر
بن إبراهيم الزيدي الشريف.
وبهمذان وتبريز والموصل.
وعمل أربعين حديثا بلدانية.
وعدد شيوخه الذي في " معجمه " ألف وثلاث مئة شيخ بالسماع،
وستة وأربعون (1) شيخا أنشدوه، وعن مئتين وتسعين شيخا
بالاجازة، الكل في " معجمه "، وبضع وثمانون امرأة لهن "
معجم " صغير سمعناه.
وحدث ببغداد والحجاز وأصبهان ونيسابور.
وصنف الكثير.
وكان فهما حافظا متقنا ذكيا بصيرا بهذا الشأن، لا يلحق
شأؤه، ولا يشق غباره، ولا كان له نظير في زمانه.
حدث عنه: معمر بن الفاخر، والحافظ أبو العلاء العطار،
والحافظ أبو سعد السمعاني، وابنه القاسم بن علي، والامام
أبو جعفر القرطبي،
والحافظ أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم بن صصرى،
وقاضي دمشق أبو القاسم بن الحرستاني، والحافظ عبد القادر
الرهاوي، والمفتي
__________
(1) في الاصل: وأربعين.
(*)
(20/556)
فخر الدين عبدالرحمن بن عساكر، وأخواه زين الامناء حسن،
وأبو نصر عبد الرحيم، وأخوهم تاج الامناء أحمد، وولده العز
النسابة، ويونس بن محمد الفارقي، وعبد الرحمن بن نسيم،
والفقيه عبد القادر بن أبي عبد الله البغدادي، والقاضي أبو
نصر بن الشيرازي، وعلي بن حجاج البتلهي، وأبو عبد الله
محمد بن نصر القرشي ابن أخي الشيخ أبي البيان، وأبو
المعالي أسعد، والسديد مكي ابنا المسلم بن علان، ومحمد بن
عبد الكريم بن الهادي المحتسب، وفخر الدين محمد بن عبد
الوهاب بن الشيرجي، وأبو إسحاق إبراهيم وعبد العزيز ابنا
أبي طاهر الخشوعي، وعبد الواحد بن أحمد ابن أبي المضاء،
ونصر الله بن عبدالرحمن بن فتيان الانصاري، وعبد الجبار بن
عبد الغني بن الحرستاني، ومحمد بن أحمد الماكسيني (1)،
ومحاسن بن أبي القاسم الجوبراني، وسيف الدولة محمد بن
غسان، وعبد الرحمن بن شعلة (2) البيت سوائي، وخطاب بن عبد
الكريم المزي، وعتيق ابن أبي الفضل السلماني، وعمر بن عبد
الوهاب بن البراذعي، ومحمد بن رومي السقباني، والرشيد أحمد
بن المسلمة وبهاء الدين علي بن الجميزي، وخلق.
وقد روى لشيوخي نحو من أربعين نفسا من أصحاب الحافظ أفردت
لهم جزءا.
__________
(1) بكسر الكاف والسين المهملة، نسبة إلى " ماكسين، وهي
مدينة بالجزيرة على
الخابور، وقد تحرفت في كتاب " ابن عساكر في ذكرى مرور تسع
مئة سنة على ولادته " طبع المجلس الاعلى لرعاية الفنون في
الترجمة المأخوذة من " سير النبلاء " ص 35 إلى " الماليني
".
(2) ضبطها ابن الصابوني في " تكملة إكمال الاكمال " ص 220
بضم الشين المعجمة وسكون العين المهملة وفتح اللام - تحرفت
في كتاب " ابن عساكر " ص 35 إلى " شهلة بالهاء بدل العين -
وهو أبو الحسن عبدالرحمن بن راشد بن شعلة بن راشد البيت
سوائي، نسبة إلى بيت سوا، وهي قرية من غوطة دمشق الشرقية.
(*)
(20/557)
وكان له إجازات عالية، فأجاز له مسند بغداد الحاجب أبو
الحسن بن العلاف، وأبو القاسم بن بيان، وأبو علي بن نبهان
الكاتب، وأبو الفتح أحمد بن محمد الحداد، وغانم البرجي،
وأبو علي الحداد المقرئ، وعبد الغفار الشيروي صاحب القاضي
أبي بكر أحمد بن الحسن الحيري، وخلق سواهم أجازوا له وهو
طفل.
قال ابنه القاسم: روي عنه أشياء من تصانيفه بالاجازة في
حياته، واشتهر اسمه في الارض، وتفقه في حداثته على جمال
الاسلام أبي الحسن السلمي وغيره، وانتفع بصحبة جده لامه
القاضي أبي المفضل عيسى (1) بن علي القرشي في النحو، وعلق
مسائل من الخلاف عن أبي سعد بن أبي صالح الكرماني ببغداد،
ولازم الدرس والتفقه بالنظامية ببغداد، وصنف وجمع فأحسن.
قال: فمن ذلك " تاريخه " (2) في ثمان مئة جزء - قلت: الجزء
عشرون
__________
(1) تحرف في الترجمة المطبوعة في كتاب " ابن عساكر " ص 36
إلى " يحيى ".
(2) واسمه " تاريخ مدينة دمشق حماها الله وذكر فضلها
وتسمية من حلها من الاماثل، أو اجتاز بنواحيها من وارديها
وأهلها " وهو من أعظم وأوعب ما ألف في تاريخ المدن، ألفه
ابن
عساكر على نسق " تاريخ بغداد " للخطيب، لكنه أعظم منه
حجما، إذ يقع في ثمانين مجلدا، ترجم فيه للاعيان والعلماء
والمشاهير ممن سكن دمشق أو اجتاز بها منذ زمن الصحابة حتى
عصره، بل إنه ترجم لبعض الاقدمين كسليمان وشعيب عليهما
السلام، وقد رتب أسماء المترجمين على حروف المعجم مقدما
تراجم من اسمه أحمد، مع مراعاة أسماء آبائهم.
وقد تبنى مجمع اللغة العربية بدمشق مشروع طبع هذا السفر
العظيم، وهو أحق به وأهله، فطبع المجلد الاول سنة 1951
والقسم الاول من المجلد والثاني سنة 1954 بتحقيق الدكتور
صلاح الدين المنجد، وصدر المجلد العاشر سنة 1963 بتحقيق
الشيخ محمد أحمد دهمان، يبدأ بترجمة بسر بن أبي أرطاة
وينتهي بترجمة ثابت بن أقرم.
وفي أواخر عام 1976 طبع مجلد بتحقيق الدكتور شكري فيصل فيه
تراجم حرف العين المتلوة بالالف يبدأ بترجمة عاصم بن
بهدلة، وينتهي بترجمة عائذ بن محمد، ثم تلاه سنة 1982 م
مجلد آخر بتحقيق الدكتور شكري فيصل والاستاذين رياض مراد
وروحية النحاس، يبدأ بترجمة عبادة بن أوفى، وينتهي بترجمة
عبد الله بن = (*)
(20/558)
ورقة، فيكون ستة عشر ألف ورقة - قال: وجمع " الموافقات "
في اثنين وسبعين جزءا، و " عوالي مالك "، و " الذيل " عليه
خمسين جزءا، و " غرائب مالك " عشرة أجزاء، و " المعجم " في
اثني عشرة جزءا - قلت: هو رواية مجردة لم يترجم فيه شيوخه
(1) - قال: وله " مناقب الشبان " خمسة عشر جزءا، و " فضائل
أصحاب الحديث " أحد عشر جزء، " فضل الجمعة " مجلد (2)، و "
تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الاشعري " (3)
__________
= ثوب، وكان صدر عام 1981 م جزء ثالث بتحقيق الاستاذين
مطاع الطرابيشي وسكينة الشهابي يبدأ بترجمة عبد الله بن
جابر، وينتهي بترجمة عبد الله بن زيد، وصدر أيضا المجلد
الاخير المشتمل على تراجم النساء حققته الفاضلة سكينة
الشهابي وذلك سنة 1982 م.
كما قام المجمع بنشر بعض أجزاء هذا التاريخ بطريقة التصوير
للنسخة الخطية، فصور جزءا يضم جملة من تراجم
العبادلة تبدأ بعد الله بن عمران وتنتهي بعبد الله بن قيس،
وذلك سنة 1978 م.
وأفرد بالطبع من هذا " التاريخ " ترجمة علي بن أبي طالب
رضي الله عنه بتحقيق محمد باقر المحمودي، وأفردت بالطبع
أيضا ترجمة الزهري، بتحقيق شكر الله بن نعمة الله قوجاني،
نشر مؤسسة الرسالة سنة 1982 م.
وقد عكف على " تاريخ " ابن عساكر عدد كبير من العلماء
يقتبسون منه ويختصرونه ويذيلون عليه، انظر " كشف الظنون "
294، وانظر النسخ الخطية لهذه المختصرات في " تاريخ "
بروكلمان 6 / 71، 72 (النسخة العربية).
وممن اختصره إمامنا الذهبي في عشر مجلدات، انظر " الوافي "
2 / 164 و " الاعلان بالتوبيخ ": 631 وقد رآه السخاوي بخط
الذهبي، و " شذرات الذهب " 6 / 156.
واختصره الشيخ عبد القادر بدران، وطبع من مختصره سبعة
أجزاء تنتهي بترجمة عبد الله بن سيار.
وممن اختصره العلامة ابن منظور صاحب لسان العرب، وتتولى
الآن دار الفكر في دمشق نشر هذا المختصر.
(1) انظر " تاريخ " بروكلمان 6 / 73، وعندنا منه نسخة
مصورة.
(2) كذا الاصل بدون هاء، وقد توهم المشرف على كتاب " ابن
عساكر الفاصلة الموجودة بعدها في الاصل هاء، فأثبت في
الكتاب ص 36: " مجلدة " وكذا فعل فيما سيأتي من كلمة "
مجلد ".
(3) طبع في دمشق سنة 1347 ه، ومنه مختصر مع زيادة الطبقات
بعنوان " أشرف المفاخر العلية في مناقب الائمة الاشعرية "
لعبد الله بن أسعد اليمني.
انظر بروكلمان 6 / 72.
(*)
(20/559)
مجلد، و " المسلسلات " مجلد، و " السباعيات " سبعة أجزاء،
" من وافقت كنيته كنية زوجته " أربعة أجزاء، و " في إنشاء
دار السنة " ثلاثة
أجزاء، " في يوم المزيد " ثلاثة أجزاء، " الزهادة في
الشهادة " مجلد، " طرق قبض العلم "، " حديث الاطيط "، "
حديث الهبوط وصحته "، " عوالي الاوزاعي وحاله " جزآن.
ومن تواليف ابن عساكر اللطيفة: " الخماسيات " جزء، "
السداسيات " جزء، " أسماء الاماكن التي سمع فيها "، "
الخضاب "، " إعزاز الهجرة عند إعواز النصرة "، " المقالة
الفاضحة "، " فضل كتابة القرآن "، " من لا يكون مؤتمنا لا
يكون مؤذنا "، " فضل الكرم على أهل الحرم "، " في حفر
الخندق "، " قول عثمان: ما تغنيت " (1)، " أسماء صحابة
المسند "، " أحاديث رأس مال شعبة "، " أخبار سعيد بن عبد
العزيز "، " مسلسل العيد "، " الابنة " (2)، " فضائل (3)
العشرة " جزآن، " من نزل المزة "، " في الربوة والنيرب "،
" في كفر سوسية " (4)، " رواية
__________
(1) كذا في الاصل بالغين المعجمة، وهي كذلك في حديث ابن
ماجه (311) عن عقبة بن صهبان قال: سمعت عثمان بن عفان
يقول: " ما تغنيت ولا تمنيت ولا مسست ذكري بيميني منذ
بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم " وكذا ورد في "
اللسان " نقلا عن " النهاية " بلفظ " ما تغنيت ولا تمنيت
ولا شربت خمرا في جاهلية ولا إسلام " وتصحف في المطبوع من
النهاية إلى " تغيت "، وقد شرح المحب الطبري في " الرياض
النضرة " قوله: " تغنيت " بأنه من الغناء، بالكسر والمد،
وهو الصوت المطرب المعروف عند أهل اللهو واللعب، وهو ما
شرحه السندي في " حاشيته على ابن ماجة " 1 / 131، وقوله: "
ما تمنيت " أي: ما كذبت.
انظر " اللسان " و " النهاية ": مادة: مني.
(2) مخطوط في الظاهرية مجموع 9، انظر " المنتخب من مخطوطات
الحديث " للالباني: 80.
(3) غيرها في كتاب " ابن عساكر " ص 36 إلى " فضل ".
(4) ضبطت في " معجم البلدان " 4 / 469 بالقلم بتشديد
الياء، بعد السين المهملة، وقد أثبتها في كتاب " ابن عساكر
" ص 36 " سوسة " بغير ياء مع أن الاصل المنقول عنه بياء.
(*)
(20/560)
أهل صنعاء "، " أهل الحمريين " (1)، " فذايا " (2)، " بيت
قوفا " (3)، " البلاط "، " قبر سعد "، " جسرين "، " كفر
بطنا "، " حرستا "، " دوما مع مسرابا "، " بيت سوا "، "
جركان " (4)، " جديا وطرميس " (5)، " زملكا "، " جوبر "، "
بيت لهيا " (6)، " برزة "، " منين "، " يعقوبا " (7)، "
أحاديث بعلبك "، " فضل عسقلان "، " القدس "، " المدينة "،
" مكة "، كتاب " الجهاد "، " مسند أبي حنيفة ومكحول "،
__________
(1) كذا ورد في الاصل، وهو موافق ل " معجم الادباء " 13 /
80، وهو نسبة إلى موضع بظاهر دمشق يسميه العامة: الحمرية،
ويقال له: " الحميريون " أورده ياقوت في " معجمه " 2 / 307
وقال: محلة بظاهر دمشق على القنوات.
وقد سمي هذا الموضع باسم جماعة من قبيلة حمير نزلوا فيه.
وقد تصحف في " هدية العارفين " إلى " فضل الجمرتين ".
(2) فذايا، بالفاء والذال المعجمة: من قرى دمشق " معجم
البلدان " 4 / 241، ويقصد كتاب " حديث جماعة من أهل فذايا
" كما قال ياقوت في " معجم الادباء " 13 / 80، وكذا
المقصود بالنسبة لما سيورده من أسماء القرى والمواضع.
(3) في الاصل: قيوفا، وهو خطأ، فقد ضبطها ياقوت بضم القاف
وسكون الواو وفاء مقصورة، وهي من قرى دمشق.
" معجم البلدان " 1 / 521.
(4) كذا في الاصل، وهو خطأ، والصواب: حردان، بضم الحاء
المهملة وسكون الراء والدال المهملة: من قرى دمشق.
" معجم البلدان " 2 / 40، ومنه نسخة خطية، انظر فهرس
الظاهرية المنتخب من مخطوطات الحديث: ص 83.
(5) وكلاهما من قرى دمشق، وقد تحرف اسم " طرميس " في كتاب
" ابن عساكر " إلى
" طرمس " بحذف الياء، وذكر على الصواب فيه ص 359.
(6) ضبطها ياقوت بكسر اللام وسكون الهاء وياء وألف مقصورة
وقال: كذا يتلفظ به، والصحيح بيت الالاهة، وهي قرية مشهورة
بغوطة دمشق، وللشعراء فيها أشعار كثيرة، منها قول أحمد بن
منير الاطرابلسي: سقاها وروى من النيربين * إلى الغيضتين
وحموريه إلى بيت لهيا إلى برزة * دلاح مكفكفة الاوعيه
والنسبة إليها بتلهي، وقد نسب إليها خلق كثير من أهل
الرواية.
وهذه القرية قد دثرت وأقيم مكانها البنك المركزي.
(7) يعقوبا بالياء التحتية المثناة: قرية من قرى غوطة دمشق
ذكرها ابن طولون في كتابه " ضرب الحوطة " في حرف الياء.
(*)
(20/561)
" العزل " وغير ذلك، و " الاربعون الطوال " مجيليد، و "
الاربعون البلدية " جزء (1)، و " الاربعون في الجهاد "
(2)، و " الاربعون الابدال " (3)، و " فضل عاشوراء " ثلاثة
أجزاء، و " طرق قبض العلم " (4) جزء، كتاب " الزلازل "
مجيليد، " المصاب بالولد " جزآن، " شيوخ النبل " (5)
مجيليد، " عوالي شعبة " اثنا عشر جزءا، " عوالي سفيان "
أربعة أجزاء، " معجم القرى والامصار " جزء، وسرد له عدة
تواليف (6).
قال: وأملى أربع مئة مجلس وثمانية.
قال: وكان مواظبا على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن، يختم كل
جمعة، ويختم في رمضان كل يوم، ويعتكف في المنارة الشرقية،
وكان كثير النوافل والاذكار، يحيي ليلة النصف والعيدين
بالصلاة والتسبيح، ويحاسب نفسه على لحظة تذهب في غير طاعة،
قال لي: لما حملت بي
أمي، رأت في منامها قائلا يقول: تلدين غلاما يكون له شأن.
وحدثني أن أباه رأى رؤيا معناه يولد لك ولد يحيى الله به
السنة، ولما عزم على الرحلة،
__________
(1) انظر " تاريخ " بروكلمان 6 / 72.
(2) طبع بتحقيق الشيخ عبد الله بن يوسف في دار الخلفاء
للكتاب الاسلامي - الكويت.
(3) انظر المنتخب من مخطوطات الحديث: ص 79.
(4) ذكره المؤلف آنفا، فهو تكرار.
(5) طبع في دار الفكر بدمشق سنة 1980 م بتحقيق الاستاذة
الفاضلة سكينة الشهابي.
وقد اختصر الذهبي هذا الكتاب وزاده فوائد ومحاسن.
انظر " رونق الالفاظ " لسبط ابن حجر: ق 180، " وشذرات
الذهب " 6 / 155.
(6) وطبع من مؤلفاته كتاب " كشف المغطى في فضل الموطا "
سنة 1954 م، وطبع المجلس الرابع عشر من الامالي في " ذم من
لا يعمل بعلمه " والمجلس الثالث والخمسون في " ذم قرناء
السوء " بدمشق سنة 1978 في دار الفكر.
وانظر كل ما ذكرته المصادر من مؤلفاته في كتاب " ابن عساكر
في ذكرى مرور تسع مئة سنة على ولادته " ص 344 - 360.
(*)
(20/562)
قال له أبو الحسن بن قبيس (1): أرجو أن يحيي الله بك هذا
الشأن.
وحدثني أبي قال: كنت يوما أقرأ على أبي الفتح المختار بن
عبد الحميد وهو يتحدث مع الجماعة، فقال: قدم علينا أبو علي
بن الوزير، فقلنا: ما رأينا مثله، ثم قدم علينا أبو سعد
السمعاني، فقلنا: ما رأينا مثله، حتى قدم علينا هذا، فلم
نر مثله (2).
قال القاسم: وحكى لي أبو الحسن علي بن إبراهيم الانصاري
الحنبلي، عن أبي الحسن سعد الخير قال: ما رأيت في سن أبي
القاسم
الحافظ مثله (3).
وحدثنا التاج محمد بن عبدالرحمن المسعودي، سمعت الحافظ أبا
العلاء الهمذاني (4) يقول لبعض تلامذته - وقد استأذنه أن
يرحل - فقال: إن عرفت أستاذا [ أعلم مني ] (5) أو في الفضل
مثلي، فحينئذ آذن إليك أن تسافر إليه، اللهم إلا أن تسافر
إلى الحافظ ابن عساكر، فإنه حافظ كما يجب، فقلت: من هذا
الحافظ ؟ فقال: حافظ الشام أبو القاسم، يسكن دمشق..وأثنى
عليه.
وكان يجري ذكره عند ابن شيخه وهو الخطيب أبو
__________
(1) وهو من شيوخه الذين يروي عنهم في " تاريخ "، فيقول:
أخبرنا أبو الحسن، وهو أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور بن
قبيس الغساني المالكي، تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (9)
وهو أحد الشيوخ الذين يروي " تاريخ بغداد " من طريقهم.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ 4 / 1331، و " معجم الادباء " 13
/ 83، 84، و " طبقات " السبكي 7 / 217.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1331.
(4) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين.
(5) ما بين حاصرتين مستدرك من " طبقات " السبكي 7 / 218
ليصح السياق.
وفي " تذكرة الحفاظ ": إن عرفت أحدا أفضل مني.
وقد حذف في كتاب " ابن عساكر " ص 37 لفظ " أو " دونما
إشارة إلى ذلك.
(*)
(20/563)
الفضل بن أبي نصر الطوسي، فيقول: ما نعلم من يستحق هذا
اللقب اليوم - أعني الحافظ - ويكون حقيقا به سواه.
كذا حدثني أبو المواهب بن صصرى.
وقال: لما دخلت همذان أثنى عليه الحافظ أبو العلاء، وقال
لي: أنا
أعلم أنه لا يساجل الحافظ أبا القاسم في شأنه أحد، فلو
خالق الناس ومازجهم كما أصنع، إذا لاجتمع عليه الموافق
والمخالف.
وقال لي أبو العلاء يوما: أي شئ فتح له، وكيف ترى الناس له
؟ قلت: هو بعيد من هذا كله، لم يشتغل منذ أربعين سنة إلا
بالجمع والتصنيف والتسميع حتى في نزهه وخلواته، فقال:
الحمد الله، هذا ثمرة العلم، ألا إنا (1) قد حصل لنا هذه
الدار والكتب والمسجد، هذا يدل على قلة حظوظ أهل العلم في
بلادكم.
ثم قال لي: ما كان يسمي أبو القاسم ببغداد إلا شعلة نار من
توقده وذكائه وحسن إدراكه (2).
وروى زين الامناء، حدثنا (3) ابن القزويني عن والده مدرس
النظامية قال: حكى لنا الفراوي قال: قدم علينا ابن عساكر،
فقرأ علي في ثلاثة أيام فأكثر، فأضجرني، وآليت أن أغلق
بابي، وأمتنع، جرى هذا الخاطر لي بالليل، فقدم من الغد
شخص، فقال: أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليك،
رأيته في النوم، فقال: امض إلى الفراوي، وقل له: إن قدم
بلدكم رجل من أهل الشام أسمر يطلب حديثي، فلا يأخذك منه
ضجر ولا ملل.
قال:
__________
(1) تحرف في كتاب " ابن عساكر " ص 38 إلى " أنه ".
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1331، 1332، و " طبقات "
السبكي 7 / 218، و " معجم الادباء " 13 / 84، 85.
(3) سقط لفظ " حدثنا " من كتاب " ابن عساكر " ص 38، فأوهم
أن زين الامناء هو ابن القزويني.
(*)
(20/564)
فما كان الفراوي يقوم حتى يقوم الحافظ أولا (1).
قال أبو المواهب: وأنا كنت أذاكره في خلواته عن الحفاظ
الذين
لقيهم، فقال: أما ببغداد، فأبو عامر العبدري، وأما
بأصبهان، فأبو نصر اليونارتي، لكن إسماعيل الحافظ كان أشهر
منه.
فقلت له: فعلى هذا ما رأى سيدنا مثل نفسه.
فقال: لا تقل هذا، قال الله تعالى: (فلا تزكوا أنفسكم) [
النجم: 32 ] قلت: فقد قال: (وأما بنعمة ربك فحدث) [ الضحى:
11 ]، فقال: نعم، لو قال قائل: إن عيني لم تر مثلي لصدق
(2).
قال أبو المواهب: وأنا أقول: لم أر مثله ولا من اجتمع فيه
ما اجتمع فيه من لزوم طريقة واحدة مدة أربعين سنة من لزوم
الجماعة في الخمس في الصف الاول إلا من عذر، والاعتكاف في
رمضان وعشر ذي الحجة وعدم التطلع إلى تحصيل الاملاك وبناء
الدور، قد أسقط ذلك عن نفسه، وأعرض عن طلب المناصب من
الامامة والخطابة، وأباها بعد أن عرضت عليه، وقلة التفاته
إلى الامراء، وأخذ نفسه بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر
لا تأخذه في الله لومة لائم.
قال لي: لما عزمت على التحديث والله المطلع أنه ما حملني
على ذلك حب الرئاسة والتقدم، بل قلت: متى أروي كل ما قد
سمعته، وأي فائدة في كوني أخلفه بعدي صحائف ؟ فاستخرت
الله، واستأذنت أعيان شيوخي ورؤساء البلد، وطفت عليهم، فكل
قال: ومن أحق بهذا منك ؟ فشرعت في ذلك سنة ثلاث وثلاثين،
فقال لي والدي أبو القاسم الحافظ: قال لي جدي القاضي أبو
المفضل لما قدمت من سفري:
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1330 و " طبقات " السبكي 7
/ 219.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1332 و " طبقات " السبكي 7
/ 221، 222.
(*)
(20/565)
اجلس إلى سارية من هذه السواري حتى نجلس إليك، فلما عزمت
عى
الجلوس اتفق أنه مرض، ولم يقدر له بعد ذلك الخروج إلى
المسجد (1)...إلى أن قال أبو محمد القاسم: وكان أبي رحمه
الله قد سمع أشياء لم يحصل منها نسخا اعتمادا على نسخ
رفيقه الحافظ أبي علي بن الوزير (2)، وكان ما حصله ابن
الوزير لا يحصله أبي، وما حصله أبي لا يحصله ابن الوزير،
فسمعت أبي ليلة يتحدث مع صاحب له في الجامع، فقال: رحلت
وما كأني رحلت، كنت أحسب أن ابن الوزير يقدم بالكتب مثل "
الصحيحين " وكتب البيهقي والاجزاء، فاتفق سكناه بمرو، وكنت
أؤمل وصول رفيق آخر له يقال له: يوسف بن فاروا الجياني،
ووصول رفيقنا أبي الحسن المرادي (3)، وما أرى أحدا منهم
جاء، فلابد من الرحلة ثالثة وتحصيل الكتب والمهمات.
قال: فلم يمض إلا أيام يسيرة حتى قدم أبو الحسن المرادي،
فأنزله أبي في منزلنا، وقدم بأربعة أسفاط كتب مسموعة، ففرح
أبي بذلك شديدا، وكفاه الله مؤنة السفر، وأقبل على تلك
الكتب، فنسخ واستنسخ وقابل، وبقي من مسموعاته أجزاء نحو
الثلاث مئة، فأعانه عليها أبو سعد السمعاني، فنقل إليه
منها جملة حتى لم يبق عليه أكثر من عشرين جزءا، وكان كلما
حصل له جزء منها كأنه قد حصل على ملك الدنيا (4).
قال ابن النجار: قرأت بخط معمر بن الفاخر في " معجمه ":
أخبرني
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1332.
(2) الذي تقدمت ترجمته برقم (113).
(3) تقدمت ترجمته برقم (122).
(4) انظر " طبقات " السبكي 7 / 219، 220.
(*)
(20/566)
أبو القاسم الحافظ إملاء بمنى وكان من أحفظ من رأيت وكان
شيخنا إسماعيل ابن محمد الامام يفضله على جميع من لقيناهم،
قدم أصبهان ونزل في داري، وما رأيت شابا أحفظ ولا أورع ولا
أتقن منه، وكان فقيها أديبا سنيا، سألته عن تأخره عن
الرحلة إلى أصبهان، قال: استأذنت أمي في الرحلة إليها، فما
أذنت (1).
وقال السمعاني: أبو القاسم كثير العلم، غزير الفضل، حافظ
متقن، دين خير، حسن السمت، جمع بين معرفة المتون
والاسانيد، صحيح القراءة، متثبت محتاط..إلى أن قال: جمع ما
لم يجمعه غيره، وأربى على أقرانه، دخل نيسابور قبلي بشهر،
سمعت منه، وسمع مني، وسمعت منه " معجمه "، وحصل لي بدمشق
نسخة به، وكان قد شرع في " التاريخ الكبير لدمشق "، ثم
كانت كتبه تصل إلي، وأنفذ جوابها (2).
سمعت الحافظ علي بن محمد يقول: سمعت الحافظ (3) أبا محمد
المنذري يقول: سألت شيخنا أبا الحسن علي بن المفضل الحافظ
عن أربعة تعاصروا، فقال: من هم ؟ قلت: الحافظ ابن عساكر،
والحافظ ابن ناصر، فقال: ابن عساكر أحفظ.
قلت: ابن عساكر وأبو موسى المديني ؟ قال: ابن عساكر.
قلت: ابن عساكر وأبو طاهر السلفي ؟ فقال: السلفي شيخنا،
السلفي شيخنا (4).
قلت: لوح بأن ابن عساكر أحفظ، ولكن تأدب مع شيخه، وقال
لفظا
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1333.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1330.
(3) لفظ " الحافظ " سقط من ترجمة " سير النبلاء " الموجودة
في كتاب " ابن عساكر ".
(4) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1333، وطبقات " السبكي 7 /
220.
(*)
(20/567)
محتملا أيضا لتفضيل أبي طاهر، فالله أعلم.
وبلغنا أن الحافظ عبد الغني المقدسي بعد موت ابن عساكر نفذ
(1) من استعار له شيئا من " تاريخ دمشق "، فلما طالعه،
انبهر لسعة حفظ ابن عساكر، ويقال: ندم على تفويت السماع
منه، فقد كان بين ابن عساكر بين المقادسة واقع، رحم الله
الجميع.
ولابي علي الحسين بن عبد الله بن رواحة يرثي الحافظ ابن
عساكر (2): ذرا السعي في نيل العلى والفضائل مضى من إليه
كان شد الرواحل وقولا لساري البرق إني نعيته (3) بنار أسى
أو دمع سحب هو اطل وما كان إلا البحر غار ومن يرد سواحله
لم يلق غير جداول وهبكم رويتم علمه عن رواته وليس (4)
عوالي صحبه بنوازل فقد فاتكم نور الهدى بوفاته وعز التقى
(5) منه ونجح الوسائل
__________
(1) غيرها في كتاب " ابن عساكر " ص 40 إلى " أنفذ ".
(2) الابيات ضمن قصيدة طويلة في رثاء ابن عساكر في ترجمة
الحسين بن عبد الله بن رواحة الانصاري في " معجم الادباء "
10 / 48 - 55.
(3) في " معجم الادباء ": فقولا..معينة.
(4) في " معجم الادباء ": فليس.
(5) في " معجم الادباء ": ونور التقى.
(*)
(20/568)
خلت سنة المختار من ذب ناصر فأقرب ما نخشاه بدعة خاذل (1)
نحا (2) للامام الشافعي مقالة فأصبح شافي عي كل مجادل (3)
وسد من التجسيم باب ضلالة ورد من التشبيه شبهة باطل.
قتل ناظمها على عكا سنة خمس وثمانين.
ومن نظم الحافظ أبي القاسم: ألا إن الحديث أجل علم *
وأشرفه الاحاديث العوالي وأنفع كل نوع منه عندي * وأحسنه
الفوائد والامالي (4) فإنك لن ترى للعلم شيئا * تحققه
كأفواه الرجال فكن يا صاح ذا حرص عليه * وخذه عن الشيوخ
بلا ملال ولا تأخذه من صحف فترمى * من التصحيف بالداء
العضال (5) وله: أيا نفس ويحك جاء المشيب * فماذا التصابي
وماذا الغزل
__________
(1) في " معجم الادباء ": فأيسر ما لاقته بدعة جاهل.
(2) كذا الاصل، وفي " معجم الادباء ": نما، بالميم بعد
النون.
(3) في " معجم الادباء ": فأصبح يثني عنه كل مجادل.
(4) في " وفيات الاعيان ": الفرائد في الامالي.
وفي " مرآة الجنان ": الفوائد في الامالي.
(5) الابيات في " وفيات الاعيان " 3 / 310، و " مرآة
الجنان " 3 / 294، و " شذرات الذهب " 4 / 399، 340.
(*)
(20/569)
تولى شبابي كأن لم يكن * وجاء مشيبي كأن لم يزل كأني بنفسي
على غرة * وخطب المنون بها قد نزل فيا ليت شعري ممن (1)
أكون * وما قدر الله لي في الازل (2).
ولابن عساكر شعر حسن يمليه عقيب كثير من مجالسه، وكان فيه
انجماع عن الناس، وخير، وترك للشهادات على الحكام وهذه
الرعونات.
توفي في رجب سنة إحدى وسبعين وخمس مئة ليلة الاثنين حادي
عشر الشهر، وصلى عليه القطب النيسابوري (3)، وحضره السلطان
صلاح الدين، ودفن عند أبيه بمقبرة باب الصغير.
أخبرنا الامام أبو الحسين (4) علي بن محمد بن أحمد
اليونيني ببعلبك سنة ثلاث وتسعين، أخبرنا القاضي عبد
الواحد بن أحمد بن أبي المضاء في سنة ست وعشرين وست مئة
بقراءة الحافظ أبي موسى المقدسي قال: حدثنا علي بن الحسن
الشافعي إملاء ببعلبك سنة إحدى وخمسين وخمس مئة، أخبرنا
الحسين بن عبدالملك بأصبهان، أخبرنا أبو طاهر أحمد بن
محمود الثقفي، أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم، حدثنا محمد
بن الحسن بن قتيبة، ومحمد بن الفيض، والحسين بن عبد الله
الرقي قالوا: حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني،
حدثني أبي، عن عروة بن رويم
__________
(1) في معجم الادباء: فيمن.
(2) الابيات في " وفيات الاعيان " 3 / 310، و " مرآة
الجنان " 3 / 394، و " البداية والنهاية " 12 / 294، وهي
ما عدا البيت الثالث في " الخريدة " 1 / 274، و " معجم
الادباء " 13 / 86، و " مرآة الزمان " 8 / 214، و " النجوم
الزاهرة " 6 / 77، والاول والرابع في " طبقات " الاسنوي 2
/ 217.
(3) المتوفى سنة 578 ه، ستأتي ترجمته في الجزء الحادي
والعشرين.
(4) تحرف في كتاب " ابن عساكر " إلى " أبو الحسن "، وهو
مترجم في " مشيخة " الذهبي ورقة 99.
(*)
(20/570)
اللخمي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان ذا وصلة لاخيه
المسلم إلى ذي سلطان في تبيلغ بر أو تيسير عسير، أعانه
الله على إجازة الصراط يوم دحص الاقدام " (1).
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بقراءتي، أخبرنا زين
الامناء الحسن بن محمد، أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي
بن الحسن، أخبرنا أبو القاسم النسيب، أخبرنا محمد بن
عبدالرحمن التميمي، أخبرنا يوسف ابن القاسم الميانجي،
أخبرنا أحمد بن علي التميمي، حدثنا أحمد بن حاتم الطويل،
حدثنا مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة أن النبي صلى
الله عليه وسلم كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذات،
ونفث، أو نفث (2) عليه.
متفق عليه (3).
أما أحمد بن حاتم بن مخشي (4)، عن مالك، فشيخ بصري، وأما
الطويل فبغدادي.
__________
(1) إسناده تالف، إبراهيم بن هشام كذبه أبو حاتم وأبو
زرعة، وقال المؤلف في " ميزان الاعتدال " 4 / 378: هو أحد
المتروكين الذين مشاهم ابن حبان فلم يصب، وأبوه لا يعرف،
وأخرجه ابن حبان في صحيحه (520) من طريق إبراهيم بن هشام
بهذا الاسناد، وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " ص 824،
وزاد نسبة للخرائطي في " مكارم الاخلاق " وابن عساكر.
(2) في الاصل: تفث، بالتاء أوله، وهو خطأ.
(3) أخرجه البخاري (4439) (5016) و (5735) و (5751) ومسلم
(2192)، وهو في " الموطأ " 2 / 942 - 943.
(4) بالميم أوله، وتحرف في كتاب " ابن عساكر " ص 42 إلى "
يخشى ".
انظر " الجرح والتعديل " 2 / 48.
(*)
(20/571)
355 - ابن شافع * الامام الحافظ المفيد، محدث بغداد، أبو
الفضل، أحمد بن صالح
ابن شافع بن صالح بن حاتم، الجيلي، ثم البغدادي المعدل.
ولد سنة عشرين وخمس مئة.
وسمعه أبوه من أبي غالب بن البناء، وهبة الله بن الطبر،
وهبة الله بن عبد الله الشروطي، والقاضي أبي بكر، وبدر
الشيحي.
ثم طلب هو بنفسه، وتلا بالروايات على أبي محمد سبط الخياط،
ولازم الحديث، فأكثر منه، واقتفى أثر ابن ناصر، وحذا حذوه،
وتخرج به، واستملي له، ثم كان قارئ الحديث بمجلس ابن هبيرة
الوزير.
وكان مليح الخط، متقنا ورعا دينا، على سمت السلف، علق
تاريخا على السنين ما بيضه.
روى عنه: ابن الاخضر، والحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق.
قال الموفق: إمام ثقة حافظ، إمام في السنة، يقرأ قراءة
مليحة
بصوت رفيع (1).
وقال ابن النجار: كان حافظا حجة ثبتا ورعا سنيا، صحيح
النقل، وقيل: كان ذا حلم وسؤدد وصفات حميدة (2).
(*) المنتظم 10.
230، 231، الكامل 11 / 359، المختصر المحتاج إليه 1 / 183،
العبر 4 / 190، الوافي بالوفيات 6 / 421، 422، ذيل طبقات
الحنابلة 1 / 311 - 313، كشف الظنون: 279، شذرات الذهب 4 /
215، إيضاح المكنون 1 / 212، هدية العارفين 1 / 86.
(1) انظر " طبقات " ابن رجب 1 / 312.
(2) انظر " طبقات " ابن رجب 1 / 312.
(*)
(20/572)
مات في شعبان سنة خمس وستين وخمس مئة كهلا، رحمه الله.
ذيل على " تاريخ " الخطيب على السنين إلى بعد الستين وخمس
مئة، فذكر الحوادث والوفيات.
قال عمر بن علي القرشي: هو أحد العلماء الاثبات، كتب
الكثير، ونال رئاسة مع علم ودين وتثبت وإتقان، رحمه الله.
356 - أبو الخير * الامام
الحافظ، العالم الكبير، أبو الخير عبدالرحيم بن محمد
بن أحمد بن حمدان بن موسى الاصبهاني.
ولد في صفر سنة خمس مئة.
وروى عن: غانم البرجي، وأبي علي الحداد، وجعفر الثقفي،
وعبد الواحد بن محمد الدشتج، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق،
وطبقتهم، وفي الرحلة من ابن الحصين، وأبي العز بن كادش،
وخلق.
ثم قدم بغداد بعد الستين وخمس مئة، وأملى بجامع القصر،
استملى
عليه أبو محمد بن الاخضر.
قال ابن النجار: سألت ابن الاخضر عنه، فأثنى عليه، ووصفه
بالحفظ والمعرفة، وقال: كانوا يفضلونه على معمر بن الفاخر.
ثم قال ابن النجار: كان من حفاظ الحديث، سمعت جماعة
__________
(*) تذكرة الحفاظ 3 / 1321 - 1323، المستفاد من ذيل تاريخ
بغداد 159، 160، لسان الميزان 4 / 7، 8، طبقات الحفاظ 510،
شذرات الذهب 4 / 228.
(*)
(20/573)
يقولون: كان يحفظ " الصحيحين "، وكانوا يفضلونه على الحافظ
أبي موسى في الحفظ (1).
قلت: حدث عنه الحافظ عبد الغني، والشيخ موفق الدين.
قال ابن النجار: أخرج إلي شيخنا أبو عبد الله الحنبلي
بأصبهان محضرا في أبي الخير، وفيه خط إسماعيل بن محمد بن
الفضل، وأبي نصر الغازي، ومحمد بن أبي نصر اللفتواني،
وكوتاه عليه، وكلهم شهدوا أنه لا يحتج بنقله، ولا يقبل
قوله، ولا يوثق به في ديانته وسوء سيرته.
وقرأت بخط عبيدالله بن محمد الخجندي سؤالا سأله الحافظ أبا
موسى عن إجازات البغداديين لمسعود الثقفي، وهم الخطيب،
وابن المهتدي بالله، وابن المأمون، وتمام العشرة (2)،
الذين نقلهم عبدالرحيم ابن موسى، وأحال على مواضع طلبت،
فلم توجد، وتكلم الناس في ذلك، وسأله أيضا عن إجازات ابن
هاجر، فكتب ما [ نصه ]: اغترت الاغرار بهذه الاجازات،
وضيعوا أوقاتهم في القراءة بها، وبتسويف المدعي لها
بإظهارها إلى أن تحقق بطلانها بعد طول المدة، والرجوع إلى
الحق أولى، فمن قرأ على الرئيس مسعود بإجازة هؤلاء فقد ضل
سعيه، وخاب أمله، وقد
أشهد الرئيس على نفسه ببطلان بعضها (3).
قال الضياء: سمعت الامام عبد الله الجبائي يقول: كان أبو
الخير يحفظ " صحيح " البخاري، ويقول: من أراد أن يقرأ
المتن حتى أقرأ له
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1321، 1322، و " المستفاد
": 159.
(2) في الاصل: عشرة.
بدون أل التعريف.
والمثبت من " تذكرة الحفاظ ".
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1322 و " المستفاد " 159،
160.
(*)
(20/574)
الاسناد، ومن أراد أن يقرأ الاسناد حتى أقرأ المتن (1).
وقرأت بخط الشيخ الضياء: سمعت الامام محمد بن أبي سعيد
بأصبهان يقول: أرسل إلي ولد الحافظ أبي العلاء من همذان
يسألني عن أبي الخير بن موسى: ما صح عندك فيه ؟ فأرسلت
إليه: عندي درج فيه جرحه، ودرج فيه تعديله، والتعديل -
والله أعلم - أقرب.
ثم قال: لانه تكلم فيه الحافظ أبو موسى من أجل إجازات
مسعود الثقفي (2).
قلت: توفي في شوال سنة ثمان وستين وخمس مئة.
357 - الحاجي * الامام المحدث الحافظ العدل، أبو مسعود،
عبدالرحيم بن أبي الوفاء علي بن حمد بن عيسى الاصبهاني
الحاجي، سبط الشيخ غانم البرجي.
سمع من: جده غانم، وأبي علي الحداد، وعبد الغفار بن محمد
الشيروي ارتحل إليه، وأبي القاسم بن الحصين، وأبي العز بن
كادش، وعدة.
وعنه: السمعاني، وابن عساكر (3)، وعبد القادر الرهاوي،
وطائفة،
وبالاجازة: ابن اللتي، وكريمة الزبيرية.
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1322.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1323.
(*) العبر 4 / 193، شذرات الذهب 4 / 217.
والحاجي بتشديد الجيم يطلقه الاعاجم على من حج.
انظر حاشية " الانساب " 4 / 13.
(3) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 111.
(*)
(20/575)
وعاش بضعا وسبعين سنة.
قال السمعاني: شاب كيس متودد، حسن السيرة، له أنسه
بالحديث، وهو أحد الشهود المعدلين.
قلت: سمع منه ابن عساكر " المعجم الكبير " للطبراني.
توفي في الثاني والعشرين من شوال سنة ست وستين وخمس مئة.
358 - أبو رشيد * الشيخ الكبير المعمر، عبد الله بن عمر بن
عبد الله بن عمر، أبو رشيد، الاصبهاني، من بقايا أصحاب
الرئيس الثقفي، وأحمد بن أشتة.
عاش نيفا وتسعين سنة.
توفي في ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وخمس مئة.
أجاز لابن اللتي، وكريمة.
وسمع منه أحاديث: ابن نظيف محمد بن محمود الواعظ الهمذاني،
ومحمد بن أبي سعيد الاديب الاصبهاني، ومحمد بن محمد بن
محمد بن المقرئ، وأخوه أحمد، ومحمد بن أبي الحسن القصار،
والحسين بن الحسن الكوسج، الاصبهانيون.
__________
(*) العبر 4 / 220، شذرات الذهب 4 / 248.
(*)
(20/576)
359 - البروي * مفتي الشافعية، أبو منصور (1)، محمد بن
محمد بن محمد بن سعد (2)، الفقيه الخراساني الواعظ، صاحب
التعليقة في الخلاف (3).
وهو أكبر (4) أصحاب ابن يحيى (5).
ألف جدلا مشهورا، واشنغلوا به.
قدم بغداد، وأقبلوا عليه كثيرا، فمات بعد أشهر في رمضان
سنة سبع وستين وخمس مئة وله خمسون سنة (6).
وقد درس بالبهائية، وكان أحد الاذكياء.
__________
(*) المنتظم 10 / 239، الكامل 11 / 376، مرآة الزمان 8 /
182، 183، وفيات الاعيان 4 / 225، 226، المختصر المحتاج
إليه 1 / 116، العبر 4 / 200، الوافي بالوفيات 1 / 279،
280، مرآة الجنان 3 / 382، 383، طبقات السبكي 6 / 389 -
391، طبقات الاسنوي 1 / 260 - 263، البداية والنهاية 12 /
269، تاريخ ابن الفرات م 4 ج 1 / 206، شذرات الذهب 4 /
224.
البروي: ضبطها ابن خلكان بفتح الباء الموحدة والراء وبعدها
واو، قال: ولا أعلم هذه النسبة إلى أي شئ هي، ولا ذكرها
السمعاني، وغالب ظني أنها من نواحي طوس.
وضبطها ابن العماد بفتح الموحدة وتشديد الراء المضمومة
نسبة إلى برويه: جد.
فإن كانت نسبة إلى الجد فقد ذكرها السمعاني في " الانساب "
2 / 177 (البرويي) ولم يذكر صاحب الترجمة.
وقد تحرفت هذه النسبة في " الكامل " إلى " البوري " وفي "
البداية " إلى " الدوي ".
(1) في " المنتظم " و " البداية ": أبو المظفر.
وفي " العبر " و " الشذرات ": أبو حامد.
(2) وقيل اسمه: محمد بن محمد بن أحمد بن إسماعيل كما في "
طبقات " السبكي 6 / 389، وفيه: ومنهم من قال: محمد بن محمد
بن محمد بن إسماعيل بن عبد الله.
(3) انظر عن هذه التعليقة " طبقات " الاسنوي 1 / 261.
(4) في الاصل " أكثر " مجودة، والصواب ما أثبتناه.
(5) وهو محمد بن يحيى الشافعي، تقدمت ترجمته برقم (208).
(6) انظر في سبب موته " الكامل " 11 / 376 و " مرآة الزمان
" 8 / 183 و " طبقات " السبكي 6 / 390، و " الوافي " 1 /
280.
(*)
(20/577)
360 - الجبريلي * الشيخ المعمر، أبو أحمد، أسعد (1) بن
بلدرك بن أبي اللقاء الجبريلي البواب.
ولد في ربيع الاول سنة سبعين وأربع مئة.
سمع وهو كبير من أبي الخطاب بن الجراح، وأبي الحسن بن
العلاف.
وعنه: ابن الاخضر، والشيخ الموفق، والبهاء عبدالرحمن،
ومحمد ابن المني، وآخرون.
توفي في ربيع الاول سنة أربع وسبعين وخمس مئة.
361 - ابن العصار * * العلامة الاديب، أبو الحسن، علي بن
عبدالرحيم بن الحسن السلمي، ثم العباسي الرقي، ثم البغدادي
اللغوي، صاحب التصانيف (2).
ولد سنة ثمان وخمس مئة.
وسمع من: أبي الغنائم محمد بن محمد بن المهتدي بالله، وأبي
العز ابن كادش.
__________
(*) العبر 4 / 219، البداية 12 / 301، شذرات الذهب 4 /
246.
(1) تحرف اسمه في " شذرات الذهب " إلى: أحمد بن أسعد.
(* *) معجم الادباء 14 / 10، 11، الكامل 11 / 469، إنباه
الرواة 2 / 291، 292، العبر 4 / 229، 230، تلخيص ابن
مكتوم: 144، 145، الوافي خ 12 / 96، مرآة الجنان 3 / 405،
طبقات ابن قاضي شهبة 2 / 164، 165، بغية الوعاة 2 / 175،
شذرات الذهب 4 / 257.
(2) قال ياقوت: لا أعرف له مصنفا ولا سمعت له شعرا.
" معجم الادباء " 14 / 11.
(*)
(20/578)
وطلب الحديث، وقرأ كثيرا.
حدث عنه: أبو الفتوح بن الحصري وغيره.
وكان عجبا في اللغة، ثبتا في النقل قال ابن النجار: لم يكن
له عيب سوى تقنيطه على نفسه، وله في ذلك حكايات، وخلف مالا
طائلا.
قلت: أخذ عن أبي منصور بن الجواليقي، وبمصر عن صاحب
الانشاء أبي الحجاج يوسف بن الخلال.
وكان مليح الخط، أنيق الضبط، سافر في التجارة، ثم تصدر
للافادة، وأقرأ كتب الادب، وله معرفة قوية بالنحو، وكان
يأخذ بمصر النحو عن ابن بري (1)، وكان ابن بري يستفيد منه
اللغة، وكان يحفظ من أشعار العرب ما لا يوصف.
وهو خال المحدث أحمد بن طارق الكركي (2).
مات في ثالث المحرم سنة ست وسبعين وخمس مئة.
وفيها مات: السلفي (3)، وأبو الضياء بدر الجذاداذي (4)
راوي " الصحيح "، وشمس الدولة تورانشاه (5) بن أيوب، وأبو
المفاخر سعيد بن
__________
(1) المتوفى سنة 582 ه، ستأتي ترجمته في الجزء الحادي
والعشرين.
(2) المتوفى سنة 592 ه، ستأتي ترجمته في الجزء الحادي
والعشرين برقم (144).
(3) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (1).
(4) لم أجد هذه النسبة ولا صاحبها.
(5) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (9).
(*)
(20/579)
الحسين المأموني (1)، وأبو المعالي عبد الله بن عبدالرحمن
بن صابر (2)، وعبد الجبار بن يحيى بن الاعرابي، وأبو الفهم
عبدالرحمن بن عبد العزيز ابن أبي العجائز (3)، وغازي بن
مودود صاحب الموصل (4)، وأبو العز محمد ابن محمد بن مواهب
بن الخراساني (4).
362 - الحظيري * أبو المعالي، سعد بن علي بن قاسم،
الانصاري الوراق الشاعر عرف بدلال الكتب.
صنف كتاب " زينة الدهر وعصرة أهل العصر " ذيل به على "
دمية القصر " للباخرزي، وله كتاب " لمح الملح " (5) يدل
على سعة اطلاعه.
__________
(1) مترجم في " العبر " 4 / 229، و " حسن المحاضرة " 1 /
375 وفيه سعد، و " شذرات الذهب " 4 / 257.
(2) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (40).
(3) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (41).
(4) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (30).
(*) الخريدة (القسم الرابع) 1 / 28، المنتظم 10 / 241،
242، معجم الادباء 11 / 194 - 197، وفيات الاعيان 2 / 366
- 368، الوافي بالوفيات 15 / 169 - 176، النجوم
الزاهرة 6 / 68، مفتاح السعادة 1 / 263، كشف الظنون: 121،
خزانة البغدادي 3 / 118، هدية العارفين 1 / 384، الفهرس
التمهيدي 271، تاريخ بروكلمان 5 / 13، 14.
(5) قال الصفدي: وهو كتاب جمع فيه ما وقع لغيره من الجناس
نظما ونثرا.
انظر نسخه الخطية في " تاريخ " بروكلمان 5 / 14 (النسخة
العربية)، وانظر فيه كتاب " الاعجاز في الاحاجي والالغاز "
له، ونشر منه اثنا عشر لغزا ملحقة بكتاب محمد شكري المكي:
" شرح اللفظ اللائق في المعنى الرائق " لابي بكر شهاب
الدين أحمد بن هارون، المطبوع في القاهرة سنة 1318 ه.
قال الصفدي: وله " ديوان " صغير الحجم إلا أن أكثره مصنوع
مجدول تقرأ القصيدة منه على عدة وجوه.
ثم أورد بعض نظمه، انظر " الوافي " 15 / 170 - 176، وانظر
" وفيات الاعيان " 2 / 366 - 368.
(*)
(20/580)
توفي في صفر سنة ثمان وستين وخمس مئة ببغداد.
والخطيرة: محلة فوق ببغداد.
363 - ابن الدهان * العلامة أبو محمد، سعيد بن المبارك بن
الدهان البغدادي النحوي، صاحب التصانيف ولد سنة أربع
وتسعين وأربع مئة وسمع وهو كبير من ابن الحصين، وأبي غالب
بن البناء.
وشرح " الايضاح " لابي علي في ثلاثة وأربعين مجلدا، وشرح "
اللمع " (1).
ثم نزل الموصل، وأقبلوا عليه، وبالغ الجواد (2) في إكرامه،
وقرر له.
قال القفطي (3): ذهب إلى أصبهان، واستفاد من كتبها، وقد
غرقت
__________
(*) الخريدة 1 / 82، 83، معجم الادباء 11 / 219 - 223،
إنباه الرواة 2 / 47 - 51، وفيات الاعيان 2 / 382 - 385،
إشارة التعيين: 20، العبر 4 / 207، تلخيص ابن مكتوم: 77،
مسالك الابصار ج 4 م 2 / 255، نكت الهميان: 158، 159، مرآة
الجنان 3 / 390، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 352 - 354،
النجوم الزاهرة 6 / 72، بغية الوعاة 1 / 587، طبقات
المفسرين للداوودي 1 / 183، 184، كشف الظنون: 72، 116،
212، 438، 752، 872، 960، 1156، 1212، 1265، 1438، 1563،
1630، 1977، شذرات الذهب 4 / 233، الفلاكة والمفلوكين 126،
127، روضات الجنات 314، 315، هدية العارفين 1 / 391، تاريخ
بروكلمان 5 / 169، 170 (النسخة العربية).
(1) لابن جني شرحا كبيرا في مجلدين، وسماه " الغرة ".
قال ابن خلكان: ولم أر مثله مع كثرة شروح هذا الكتاب: "
وفيات الاعيان " 2 / 382.
(2) أبو جعفر الاصبهاني الوزير، تقدمت ترجمته برقم (236).
(3) في " إنباه الرواة " 2 / 47، 48.
(*)
(20/581)
كتبه ببغداد في غيبته، ثم نقلت إليه إلى الموصل، فشرع في
تبخيرها باللاذن ليقطع ريحها الردئ، فطلع ذلك إلى رأسه،
وأحدث له العمى.
وله كتاب " سرقات المتنبي " مجلد، وكتاب " التذكرة " سبع
مجلدات (1).
قال العماد الكاتب: هو سيبويه عصره، ووحيد دهره، لقيته
وكان حينئذ يقال: نحاة بغداد أربعة: ابن الجواليقي (2)،
وابن الشجري (3)، وابن الخشاب (4)، وابن الدهان (5).
قال ابن خلكان: لقبه ناصح الدين، توفي سنة تسع وستين وخمس
مئة (6).
364 - عبد النبي * ابن المهدي علي بن مهدي.
كان أبوه قد وعظ، واشتغل، ودعا إلى نفسه، وجرت له أمور،
__________
(1) انظر بقية مصنفاته في " إنباه الرواة " 2 / 50، و "
معجم الادباء " 11 / 221، 222، و " وفيات الاعيان " 2 /
382، و " هدية العارفين " 1 / 391.
وانظر " تاريخ " بروكلمان 5 / 170 (النسخة العربية).
(2) تقدمت ترجمته برقم (50).
(3) تقدمت ترجمته برقم (126).
(4) تقدمت ترجمته برقم (337).
(5) انظر " إنباه الرواة " 2 / 51.
(6) انظر " وفيات الاعيان " 2 / 383 ولم أجد فيه قوله:
لقبه ناصح الدين.
(*) الكامل 11 / 396 (حوادث سنة 569)، مفرج الكروب: 238 -
243، المختصر 3 / 54، العبر 4 / 207، تتمة المختصر 2 /
126، مرآة الجنان 3 / 390، البداية والنهاية 12 / 273،
274، النجوم الزاهرة 6 / 69 و 72، شذرات الذهب 4 / 234،
بلوغ المرام: 18.
(*)
(20/582)
وغلب على اليمن، وعسف وظلم، وفجر، شقق بطون الحبالي، وتمرد
على الله، وكان من دعاة الباطنية، فقصمه الله سنة نيف
وخمسين (1).
فقام بعده عبد النبي هذا، ففعل كأبيه، وسبى الحريم،
وتزندق، وبنى على قبر أبيه المهدي قبة عظيمة، وزخرفها،
وعمل أستار الحرير عليها وقناديل الذهب، وأمر الناس بالحج
إليها، وأن يحمل كل أحد إليها مالا،
ولم يدع أحد زيارتها (2) إلا وقتله، ومنعهم من حج بيت
الله، فتجمع بها أموال لا تحصى، وانهمك في الفواحش إلى أن
أخذه الله على يد شمس الدولة (3) أخي السلطان صلاح الدين،
عذبه، ثم قتله، وأخذ خزائنه، فلله الحمد على مصرع هذا
الزنديق، وكان [ ذلك ] في قرب سنة سبعين وخمس مئة فإن مضي
شمس الدولة توران شاه إلى اليمن وأخذها كان في سنة تسع
وتسعين، فأسر هذا المجرم، وشنقه، وتملك زبيد وعدن وصنعاء
(4).
ولعبد النبي أخبار في الجبروت والعتو، فلا رحمه الله.
365 - الطاهري * الشيخ الجليل، أبو المكارم، محمد بن أحمد
بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن
طاهر بن الحسين، الخزاعي الحريمي.
سمع الحسين بن البسري، وشجاعا الذهلي، وأبا العز بن
المختار وعدة.
__________
(1) وقد تقدمت ترجمته برقم (214) وذكر وفاته سنة أربع
وخمسين وخمس مئة.
(2) في الاصل: زياتها.
(3) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (9).
(4) انظر " الكامل " 11 / 396 - 399، و " البداية " 12 /
273، 274.
(*) لم نعثر على مصدر ترجمه.
(*)
(20/583)
وعنه: ابن الاخضر، وأحمد بن البندنيجي، وابن السمعاني.
وكان من أعيان التجار.
حدث بخراسان، وروى عنه الشيخ الموفق.
توفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وخمس مئة.
366 - ابن النعمة * الامام العلامة، ذو الفنون، أبو الحسن،
علي بن عبد الله بن خلف ابن محمد بن النعمة، الانصاري
الاندلسي المريي، شيخ بلنسية.
أخذ عن الامام أبي الحسن بن شفيع، وعباد بن سرحان ؟.
وقدم به أبوه إلى بلنسية سنة ست وخمس مئة، فتلا بها على
موسى بن خميس، واختص به.
وروى عن أبي بحر بن العاص، وخليص بن عبد الله.
وتفقه بقرطبة على أبي الوليد بن رشد، وأبي عبد الله بن
الحاج.
وسمع من أبي محمد بن عتاب، وأبي علي بن سكرة، وعدة.
تصدر لاقراء القراءات والفقه والنحو والحديث.
قال الابار: كان عالما متقنا، حافظا للفقه والتفاسير
ومعاني الآثار، مقدما في علم اللسان، فصيحا مفوها، ورعا
فاضلا، معظما، لين
__________
(*) بغية الملتمس: 424، معجم ابن الابار: 298، 299، تكملة
الصلة: 669، العبر 4 / 198، مرآة الجنان 3 / 382، غاية
النهاية 1 / 553، النجوم الزاهرة 6 / 66، بغية الوعاة 2 /
171، طبقات المفسرين للسيوطي: 23، 24، طبقات المفسرين
للداوودي 1 / 407، 408، نيل الابتهاج: 200، شذرات الذهب 4
/ 223، إيضاح المكنون 2 / 28، هدية العارفين 1 / 700.
(*)
(20/584)
الجانب، ولي الشورى وخطابة بلنسية مدة، وانتهت إليه رئاسة
الاقراء والفتوى، له كتاب " ري الظمآن " في تفسير القرآن،
كبير، و " شرح سنن النسائي "، بلغ فيه الغاية من الاحتفال
والاكثار، وأخبرنا عنه
جماعة، وهو خاتمة العلماء بشرق الاندلس.
توفي في رمضان سنة سبع وستين وخمس مئة (1) في عشر الثمانين
رحمه الله.
367 - البيهقي * الوزير
العلامة، ذو التصانيف، شرف الدين، وحجة الدين أبو الحسن،
علي بن أبي القاسم زيد بن أميرك الانصاري الاوسي
الخزيمي [ نسبة إلى ] خزيمة بن ثابت (2)، البستي، ثم
البيهقي.
مولده سنة تسع وتسعين وأربع مئة.
وولي قضاء بيهق سنة 526.
قال أبو النضر الفامي: صدر السيف والقلم، واختار سؤدده
كنار في العلم، نادرة الدهر، افتتح ولاية هراة خمس عشرة
سنة، وإليه الحل والعقد.
قلت: مدحه الحيص بيص.
__________
(1) في " بغية الملتمس ": توفي في حدود السبعين وخمس مئة.
(*) معجم الادباء 13 / 219 - 240، الوافي بالوفيات خ 12 /
284، 285، كشف الظنون: 289، إيضاح المكنون 1 / 3، 36، 180،
هدية العارفين 1 / 699، 700، أعيان الشيعة 41 / 257 - 269،
الذريعة 4 / 149 و 7 / 113، دائرة المعارف الاسلامية 4 /
431.
(2) أورد ياقوت نسبه إلى خزيمة بن ثابت نقلا عن كتاب لصاحب
الترجمة ترجم فيه نفسه، سماه " مشارب التجارب ".
انظر " معجم الادباء " 13 / 219.
(*)
(20/585)
وذكره العماد الكاتب، فقال: كان من أعيان الانام، وأعوان
الكرام، وأجواد الورى، وأطواد النهى، حدثني والدي أنه لما
مضى إلى الري عقيب
النكبة، أصبح وشرف الدين البيهقي قد قصده في موكبه وهو
حينئذ والي الري، فنقله إلى منزله، وكان يترشح حينئذ
لوزارة السلطان سنجر.
قال: وأظن أنه نكب في واقعة سنجر مع الخطا، وكان أبي يقول:
ما رأيت مثله.
قلت: هو القائل: يا خالق العرش حملت الورى * لما طغى الماء
على جاريه وعبدك الآن طغى ماؤه * فاحمله يا رب على جاريه
(1) وشعره كثير سائر (2).
قال ياقوت الحموي (3): له كتاب " إعجاز القرآن "، و "
فرائض "، " وأصول فقه " و " معارج نهج البلاغة "، وكتاب "
إيضاح البراهين " في الاصول، و " إثبات الحشر "، و "
الوقيعة في منكر الشريعة " وديوانه "، وتواليف في الترسل و
" غرر الامثال "، وكتاب " الانتصار من الاشرار "، و " شرح
المقامات "، و " مجامع الامثال " في أربع مجلدات، و "
أطعمة المرضى " وكتاب " المعالجات الاعتبارية "، وكتاب "
السموم " و " تفاسير العقاقير "، وفي التنجيم، وفي
الاسطرلاب، والكرة، والقرانات، وقصص الانبياء، وكتاب "
الامارات (4) في شرح الاشارات "، وشرح
__________
(1) البيتان في " معجم الادباء " 13 / 232.
(2) انظر بعضه في " معجم الادباء " 13 / 233 - 240.
(3) في " معجم الادباء " 13 / 225 - 228.
(4) في " معجم الادباء ": الامانات.
(*)
(20/586)
النحاة، و " تاريخ بيهق " وأشياء عدة ذكرها ياقوت (1).
مات ببيهق سنة خمس وستين وخمس مئة.
368 - ابن البلدي * وزير
المستنجد بالله، أبو جعفر، أحمد بن محمد بن سعيد،
من رجال الدهر سعدا ودهاء ونبلا، فلما توفي المستنجد،
طلبوه للعزاء، ولاخذ بيعة المستضئ، فلما دخل أدخل بيتا،
وقتل، وقطع، ورمي في دجلة، وأخذ البيعة الوزير الجديد أبو
الفرج ابن رئيس الرؤساء (2).
وكانت وزارة ابن البلدي ست سنين، فوجدوا في أوراقه خط
الخليفة المستنجد يأمر ابن البلدي بالقبض على ابن رئيس
الرؤساء وقطب الدين قيماز، وكتابة الوزير إلى الخليفة
ينهاه عن ذلك، فعلما براءة ساحته، وندما على قتله (3)، ثم
اقتص الله له من ابن رئيس الرؤساء وقتل.
قتل ابن البلدي في ربيع الآخر سنة ست وستين وخمس مئة.
369 - شيركوه * * الملك
المنصور، فاتح الديار المصرية، أسد الدين شيركوه بن
شاذي
__________
(1) نقلا عن صاحب الترجمة في كتابه " مشارب التجارب " انظر
" معجم الادباء " 13 / 228.
(*) المنتظم 10 / 233، الكامل 11 / 361، 362، مرآة الزمان
8 / 178، العبر 4 / 192، شذرات الذهب 4 / 216، 217.
(2) انظر " الكامل " 11 / 361.
(3) انظر " الكامل " 11 / 362.
(* *) الكامل 11 / 335 - 342، مرآة الزمان 8 / 173،
الروضتين 1 / 154 و 156 و 158 و 160، وفيات الاعيان 2 /
479 - 481، مفرج الكروب 1 / 148 - 168، المختصر 2 / 45، =
(*)
(20/587)
ابن مروان بن يعقوب الدويني الكردي، أخو الامير نجم الدين
أيوب (1).
مولده بدوين: بليدة بطرف أذربيجان مما يلي بلاد الكرج -
بضم أوله (2)، وكسر ثانيه - ويقال في النسبة إليها: دويني
بفتح ثانيه (3).
نشأ هو وأخوه بتكريت لما كان أبوهما شاذي نقيب قلعتها،
وشاذي بالعربي: فرحان (4)، أصلهم من الكرد الروادية فخذ من
الهذبانية.
وأنكر طائفة من أولاده أن يكونوا أكرادا، وقالوا: بل نحن
عرب نزلنا فيهم، وتزوجنا منهم.
نعم قدم الاخوان الشام، وخدما، وتنقلت بهما الاحوال إلى أن
صار شيركوه من أكبر أمراء نور الدين، وصار مقدم جيوشه.
وكان أحد الابطال المذكورين، والشجعان الموصوفين، ترعب
الفرنج من ذكره، ثم جهزه نور الدين في جيش إلى مصر لاختلال
أمرها، وطمع الفرنج فيها، فسار إليها غير مرة، فسلك أولا
على طريق وادي الغزلان، وخرج من عند إطفيح (5)، وجهز ولد
أخيه صلاح الدين إلى الاسكندرية،
__________
= 46، دول الاسلام 2 / 77، العبر 4 / 186، 187، تتمة
المختصر 3 / 115 - 117، طبقات السبكي 7 / 352 - 354،
البداية والنهاية 12 / 252، 253 و 255 و 259، تاريخ ابن
خلدون 5 / 281 - 283، النجوم الزاهرة 5 / 381 و 387 - 389،
حسن المحاضرة 2 / 3، 4، 216، شذرات الذهب 4 / 211، تهذيب
تاريخ دمشق لبدران 6 / 360.
(1) سترد ترجمته عقب هذه الترجمة.
(2) ضبط ياقوت أوله بالفتح.
" معجم البلدان " 2 / 491.
(3) ضبط السمعاني ثانيها بالكسر في " الانساب " 5 / 375.
(4) وشيركوه بالعربي: أسد الجبل، فشير: أسد، وكوه: جبل،
كما قال ابن خلكان في " وفيات الاعيان " 2 / 481.
(5) بكسر أوله والفاء وياء ساكنة وحاء مهملة: بلد بالصعيد
الادنى من أرض مصر على شاطئ النيل في شرقيه.
" معجم البلدان " 1 / 218.
(*)
(20/588)
وجرت له أمور يطول شرحها (1) وحروب وحصار، وأقبلت الفرنج،
وأحاطوا ببلبيس، واستباحوها في سنة أربع وستين، فاستغاث
المصريون بنور الدين، فبعث إليهم أسد الدين، فطرد عنهم
العدو، ودخل القاهرة، وتمكن، فعزم شاور (2) وزير مصر على
الفتك به، فبادر وبته، واستقل بوزارة العاضد، ودان له
الاقليم، فبقي شهرين، وبغته الاجل الخوانيق شهيدا في جمادى
الآخرة سنة أربع وستين، فقام في الدست بعده صلاح الدين،
ولما ضايقت الفرنج شيركوه ما كانوا يقدمون عليه، قتله
خانوق في ليلة، وكان يعتل به لكثرة أكله اللحم (3).
وخلف ولده صاحب حمص ناصر الدين (4) وأبا (5) صاحبها الملك
المجاهد شيركوه (6) وجد صاحبها [ الملك المنصور ناصر الدين
إبراهيم ] (7).
أخوه الامير الكبير:
370 - نجم الدين أيوب * والد
الملوك.
__________
(1) انظر " الكامل " 11 / 298 - 301 و 324 - 327.
(2) تقدمت ترجمته برقم (329).
(3) انظر " الكامل " 11 / 335 - 342.
(4) انظر " وفيات الاعيان " 2 / 480.
(5) في الاصل: وأبو، وهو خطأ.
(6) انظر " وفيات الاعيان " 2 / 480، 481.
(7) انظر " وفيات الاعيان " 2 / 481، وما بين حاصرتين منه.
(*) الكامل 11 / 393، 394، مرآة الزمان 1 / 184، 185،
الروضتين 1 / 209 - 213، وفيات الاعيان 1 / 255 - 261،
المختصر 3 / 53، 54، العبر 4 / 203، 204، تتمة المختصر 2 /
125، الوافي بالوفيات 10 / 47 - 51، البداية والنهاية 12 /
270 و 271، 272، شذرات الذهب 4 / 226، 227.
(*)
(20/589)
ولي نيابة بعلبك للاتابك زنكي، وأنشأ الخانكاه بها، ثم كان
من أعيان أمراء دمشق، ولما تملك مصر ولده، أذن له نور
الدين، فسار إلى ابنه، فبالغ في ملتقاه، وخرج لتلقيه
الخليفة الرافضي العاضد.
وكان من رجال العالم عقلا وخبرة.
شب به الفرس، فمات بعد أيام في ذي الحجة سنة ثمان وستين
وخمس مئة (1).
ثم نقل هو وأخوه إلى تربة بقرب الحجرة النبوية بعد عشر
سنين.
ولده عدة بنين وبنات رحمه الله.
371 - يوسف بن آدم * ابن محمد
بن آدم، المحدث الصالح، أبو يعقوب المراغي، ثم
الدمشقي، من مشايخ السنة.
سمع من: الحافظ ابن ناصر، وأبي بكر بن الزاغوني، وجماعة.
وحدث ب " صحيح " مسلم عن الفراوي، ما أدري بالسماع - وهو
أظهر - أو بالاجازة ؟ وسمعه منه المحدثان عبد الرزاق
الجيلي، ومحمد بن مشق.
وروى عنه: الشيخ سلامة الحداد، وهلال بن محفوظ الرسعني،
وطائفة.
__________
(1) ورثاه عمارة اليمني بقصيدة طويلة أولها: هي الصدمة
الاولى فمن بان صبره * على هول ملقاها تضاعف أجره انظر "
النكت العصرية " 260، و " الروضتين " 1 / 212، و " وفيات
الاعيان " 1 / 259 و 261.
(*) لم نعثر على مصدر ترجمه.
(*)
(20/590)
وحدث بدمشق وببغداد ونصيبين، ونسخ الكثير.
ولد سنة إحدى عشرة وخمس مئة.
وكان أمارا بالعرف، داعيا إلى الاثر بزعارة.
قال ابن النجار: كان كثير الشغب، مثيرا للفتن بين الطوائف.
قال أبو الحسن القطيعي: كان إذا بلغه أن قاضيا أشعريا عقد
نكاحا، فسخ نكاحه، وأفتى بأن الطلاق لا يقع في ذلك النكاح،
فأثار فتنا، فأخرجه صاحب دمشق منها، فسكن حران، ثم تملكها
نور الدين، فالتمس منه العود إلى دمشق ليزور أمه، فأذن له
بشرط أن لا يدخل البلد، فجاء ونزل بكهف آدم، فخرجت أمه
إليه، ثم دخل البلد يوم جمعة، فخاف واليها من فتنه، فأمره
بالعود إلى حران، فعاد إليها، لقيته بها، وكتبت عنه.
قال: وبها مات في قرب ربيع الاول سنة تسع وستين وخمس مئة.
قلت: كان في سنة نيف وخمسين قد ضرب السيف البلخي الواعظ
أنف يوسف بن آدم بدمشق، فأدماه، فنفى نور الدين ابن آدم من
دمشق، وكان من عوام المحدثين، مزجي البضاعة.
أنبأني أحمد بن سلامة، عن عبد الغني الحافظ، أخبرنا يوسف
بن آدم
في سنة أربع وخمسين وخمس مئة، أخبرنا جعفر بن زيد الحموي،
أخبرنا أبو الحسن ابن الزاغوني (ح) وقرأت على محمد بن أبي
بكر الاسدي، أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا عبد الله بن محمد
بن علي بن عبد السلام، أخبرنا جدي، قالا: أخبرنا أبو محمد
الصريفيني، أخبرنا الكتاني، أخبرنا البغوي، حدثنا أبو
خيثمة، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الاعمش، عن إبراهيم قال:
كانوا يكرهون أن يظهر الرجل أحسن ما عنده.
(20/591)
372 - ابن عبد * الفقيه العلامة، أبو البركات، الخضر بن
شبل
بن الحسين بن عبد الواحد، الحارثي الدمشقي الشافعي، مدرس
الغزالية والمجاهدية (1)، وخطيب دمشق، مولده في سنة ست
وثمانين وأربع مئة.
وسمع أبا القاسم النسيب، وأبا طاهر الحنائي، وسبيع بن
قيراط، وعدة.
وتفقه بجمال الاسلام (2) وغيره.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وابنه بهاء الدين، وأبو نصر
بن الشيرازي، وجماعة.
قال ابن عساكر: كتب كثيرا من الفقه والحديث، ودرس سنة
ثماني عشرة، وأفتى، وكان سديد الفتاوى، واسع المحفوظ،
ثبتا، ذا مروءة ظاهرة، يتكلم في الخلاف والاصول، لزمت درسه
مدة.
توفي سنة اثنتين وستين وخمس مئة (3).
373 - عمارة * * العلامة، أبو
محمد، عمارة بن علي بن زيدان الحكمي المذحجي
__________
(*) مرآة الزمان 8 / 168، 169، العبر 4 / 177، طبقات
السبكي 7 / 83، طبقات الاسنوي 2 / 109، النجوم الزاهرة 5 /
375، الدارس 1 / 105، مختصر تنبيه الطالب: 65 و 72، شذرات
الذهب 4 / 205، تهذيب تاريخ دمشق لبدران 5 / 165.
(1) انظر " مختصر تنبيه الطالب ": 65 و 72.
(2) تقدمت ترجمته برقم (14).
(3) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " لبدران 5 / 165.
(* *) الخريدة (قسم الشام) 3 / 101، الكامل 11 / 396، 397
و 400، 401، مرآة = (*)
(20/592)
اليمني الشافعي الفرضي، الشاعر، صاحب " الديوان " المشهور:
ولد سنة خمس عشرة وخمس مئة.
وتفقه بزبيد مدة، وحج سنة تسع وأربعين، ونفذه أمير مكة
قاسم بن فلينة رسولا إلى الفائز بمصر، فامتدحه بهذه
الكلمة: الحمد للعيس (1) بعد العزم والهمم * حمدا يقوم بما
أولت من النعم لا أجحد الحق عندي للركاب يد * تمنت اللجم
فيها رتبة الخطم قربن بعد مزار العز من نظري * حتى رأيت
إمام العصر من أمم فهل درى البيت أني بعد فرقته * ما سرت
من حرم إلا إلى حرم حيث الخلافة مضروب سرادقها * بين
النقيضين من عفو ومن نقم وللامامة أنوار مقدسة * تجلو
البغيضين من ظلم ومن ظلم وللنبوة آيات تنص (2) لنا * على
الخفيين من حكم ومن حكم وللمكارم أعلام تعلمنا * مدح
الجزيلين من بأس ومن كرم
__________
= الزمان 8 / 189 - 191، الروضتين 1 / 219 - 277، وفيات
الاعيان 3 / 431 - 436، مفرج
الكروب 1 / 212 - 216 و 243 - 246 و 251 - 257، المختصر 3
/ 54، 55، العبر 4 / 208، دول الاسلام 2 / 84، تتمة
المختصر 2 / 126، 127، طبقات الاسنوي 2 / 565 - 568،
البداية والنهاية 12 / 276، 277، صبح الاعشى 3 / 526،
السلوك 1 / 53، النجوم الزاهرة 6 / 70، 71 و 73، حسن
المحاضرة 1 / 406، كشف الظنون: 1777، شذرات الذهب 4 / 234،
235، معجم المطبوعات: 1377 - 1379، تاريخ بروكلمان 6 / 80
- 82، وقد ألف الدكتور ذو النون المصري كتاب " عمارة
اليمني " طبع سنة 1966 م.
(1) قال العلامة أبو شامة في " الروضتين " 1 / 227: وعندي
في قوله الحمد للعيس - وإن كانت القصيدة فائقة - نفرة
عظيمة، فإنه أقام ذلك مقام قولنا: الحمد لله، ولا ينبغي أن
يفعل ذلك مع غير الله عزوجل، فله الحمد وله الشكر، فهذا
اللفظ كالمتعين لجهة الربوبية المقدسة، وعلى ذلك اطراد
استعمال السلف والخلف رضي الله عنهم.
أه.
وقد قال مثل هذا القول سبط ابن الجوزي في " مرآة الزمان "
8 / 189.
(2) في " الروضتين ": تضئ.
(*)
(20/593)
وللعلى ألسن تثني محامدها * على الحميدين من فعل ومن شيم
منها: ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها * عقود مدح فما أرضى
لكم كلمي (1) ثم استوطن بعد مصر.
قال ابن خلكان (2): كان شديد التعصب للسنة، أديبا ماهرا،
رائجا في الدولة، ثم تملك صلاح الدين، فامتدحه، ثم إنه شرع
في اتفاق مع رؤساء في إعادة دولة العبيديين، فنقل أمرهم
إلى صلاح الدين، فشنق عمارة في ثمانية في رمضان سنة تسع
وستين وخمس مئة.
وقد نسب إلى عمارة بيت، فربما وضع عليه، فأفتوا بقتله،
وهو:
قد كان أول هذا الامر من رجل * سعى إلى أن دعوه سيد الامم
(3) وهو من بيت إمرة وتقدم من تهائم اليمن من وادي وساع
يكون عن مكة أحد عشر يوما.
قال عمارة: كان القاضي محمد بن أبي عقامة (4) الحفائلي رأس
أهل
__________
(1) انظر القصيدة بتمامها في " الروضتين " 1 / 225، 226، و
" وفيات الاعيان " 3 / 432، 433، وانظر قسما كبيرا منها في
" طبقات " الاسنوي 2 / 566، 567.
(2) في " وفيات الاعيان " 3 / 433 و 434، 435، وانظر في
سبب قتله " صبح الاعشى " 3 / 532.
(3) البيت في " النكت العصرية " 352 - 355، و " الروضتين "
1 / 220، و " وفيات الاعيان " 3 / 435، و " مرآة الزمان "
8 / 190، و " البداية والنهاية " 12 / 276، و " النجوم
الزاهرة " 6 / 70، وفيها: " الدين " بدل " الامر "، وفي "
النكت العصرية " و " المرآة " و " النجوم ": وكان بدل قد
كان، وهو من قصيدة يمدح بها شمس الدولة تورانشاه، ويحرضه
على أخذ اليمن، ومطلعها: العلم مذ كان محتاج إلى العلم *
وشفرة السيف تستغني عن القلم (4) المتوفى سنة 554.
انظر " النجوم الزاهرة " 5 / 330، 331.
(*)
(20/594)
العلم والادب بزبيد يقول لي: أنت خارجي هذا الوقت وسعيده،
لانك أصبحت تعد من أكابر التجار وأهل الثروة، ومن أعيان
الفقهاء الذين أفتوا، ومن أفضل أهل الادب، فهنيئا لك.
وحكى عمارة أن الصالح بن رزيك فاوضه، وقال: ما تعتقد في
أبي بكر وعمر ؟ قلت: أعتقد أنه لولاهما لم يبق الاسلام
علينا ولا عليكم، وأن محبتهما واجبة.
فضحك، وكان مرتاضا حصيفا، قد سمع كلام فقهاء
السنة.
قلت: هذا حلم من الصالح على رفضه.
ولعمارة فيه: ولو لم يكن يدري (1) بما جهل الورى * من
الفضل لم تنفق عليه (2) الفضائل لئن كان منا قاب قوس
فبيننا * فراسخ من إجلاله ومراحل (3) وله: لي في هوى (4)
الرشإ العذري أعذار * لم يبق لي مذ أقر الدمع إنكار لي في
القدود وفي لثم الخدود وفي * ضم النهود لبانات وأوطار هذا
اختياري فوافق إن رضيت به * أو لا فدعني وما أهوى وأختار
لمني جزافا وسامحني مصارفة * فالناس في درجات الحب أطوار
(5)
__________
(1) في " الروضتين ": أدرى.
(2) في " الروضتين ": لديه.
(3) البيتان في " الروضتين " 1 / 226.
(4) في " النكت العصرية ": ما عن هوى.
(5) الابيات في " النكت العصرية " 265، و " الروضتين " 1 /
225، والثلاثة الاولى منها في " الكامل " 11 / 401، و "
البداية " 12 / 276.
(*)
(20/595)
وله بيت كيس في العبيديين: أفاعيلهم في الجود أفعال سنة *
وإن خالفوني في اعتقاد التشيع (1) قلت: يا ليته تشيع فقط،
بل يا ليته ترفض، وإنما يقال: هو انحلال وزندقة.
ولعمارة فضائل وأخبار يطول بثها، سقت منها في " تاريخنا
الكبير " (2).
وصلب معه داعي الدعاة قاضي الديار المصرية أبو القاسم هبة
الله (3) ابن كامل، وكان صاحب فنون.
374 - العثماني * القاضي،
الامام المحدث، أبو محمد، عبد الله بن عبدالرحمن بن
يحيى بن إسماعيل بن علي بن محمد بن إسماعيل بن الوليد بن
عمرو بن محمد بن خالد بن الديباج محمد بن عبد الله بن عمرو
بن الشهيد عثمان بن
__________
(1) البيت في " النكت العصرية " ورواية صدره فيه: "
مذاهبهم في الجود مذهب سنة "، وهو من قصيدة كتب بها إلى
الملك الناصر ولم ينشدها، وترجمها بشكاية المتظلم ونكاية
المتألم، وهي في " النكت العصرية " 287 - 291.
(2) وله مصنفات منها كتاب " أخبار اليمن " طبع في القاهرة
سنة 1957 بتحقيق الدكتور حسن سليمان محمود، وكتاب " النكت
العصرية في أخبار الوزراء المصرية " وهو ترجمة لنفسه بقلمه
ووصف لمساجلاته الشعرية مع الوزراء، وقد طبعه المستشرق
الفرنسي ديرنبورغ مع مختارات من " ديوانه " وقطع شعرية
ونثرية وسيرته ضمن كتاب " عمارة اليمني " سيرته وآثاره،
صدر منه مجلدان سنتي 1897 و 1902 في شالون بفرنسا.
انظر " معجم المطبوعات " 1378، وانظر النسخ الخطية لديوانه
وبعض قصائده في " تاريخ " بروكلمان 6 / 81، 82.
(3) ذكرت مصادر ترجمته في حواشي الترجمة رقم (234).
(*) العبر 4 / 214، 215، لسان الميزان 3 / 309، النجوم
الزاهرة 6 / 80، حسن المحاضرة 1 / 375، شذرات الذهب 4 /
241، 242، فهرس الظاهرية المنتخب من مخطوطات الحديث
للالباني: ص 278.
(*)
(20/596)
عفان، الاموي العثماني الديباجي الاسكندراني، صاحب تلك
الفوائد التي
نرويها.
حدث عن: أبيه، وأبي القاسم بن الفحام، وأبي عبد الله
الرازي، وأبي بكر محمد بن الوليد الطرطوشي (1)، وأبي الفضل
جعفر بن إسماعيل بن خلف المقرئ، وعبد الله بن يحيى بن
حمود، وعدة.
وما علمته رحل.
روى عنه: الحافظ عبد الغني، والحافظ علي بن المفضل،
والحافظ عبد القادر، وحماد الحراني، وجعفر بن علي
الهمداني، وآخرون.
ويعرف في زمانه بابن أبي اليابس (2).
قال ابن المفضل: كانت عنده فنون عدة، ولد سنة أربع وثمانين
وأربع مئة، ومات في شوال سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة.
قلت: كان ثقة في نفسه.
وقد قال حماد الحراني: رمى أبو طاهر السلفي العثماني
بالكذب، فذكر لي جماعة من أعيان أهل الاسكندرية أن
العثماني كان صحيح السماعات، ثقة ثبتا صالحا متعففا، يقرئ
النحو واللغة والحديث، وسمعت جماعة يقولون: إنه كان يقول:
بيني وبين السلفي وقفه بين يدي الله (3).
قال الابار: أكثر أبو عبد الله التجيبي عن أبي الحجاج
الثغري، وقال:
__________
(1) تحرفت في " لسان الميزان " و " حسن المحاضرة " إلى
الطرسوسي.
راجع الصفحة 511 تعليق رقم (1) الترجمة (327).
(2) كذا في الاصل، ومثله في " العبر " و " الشذرات ".
وفي " لسان الميزان ": ابن أبي الياس.
(3) انظر " لسان الميزان " 3 / 309.
(*)
(20/597)
لم أر أفضل منه، ولم أر بالبلاد المشرقية أفضل من أبي محمد
العثماني ولا
أزهد ولا أورع منه.
قلت: خرج تلك الفوائد (1) في سنة أربع عشرة وخمس مئة، وحدث
بها في ذلك الوقت وهلم جرا.
وكان أبوه من علماء الثغر.
375 - ابن بنيمان * الشيخ
العالم الاديب، الصالح المعمر، أبو الفضل، محمد بن بنيمان
بن يوسف، الهمذاني المؤذن المؤدب، سبط الحافظ حمد بن نصر
الاعمش.
سمع من: جده، وعبدوس بن عبد الله بن عبدوس، والسلار مكي
ابن منصور الكرجي، والحسن بن ياسين، وسعد بن علي العلجي
المفتي، ومحمد بن جامع الجوهري القطان، وعبد الرحمن بن حمد
الدوني، وعنده " المجتبى " و " عمل يوم وليلة " لابن السني
عن الدوني.
وعنه: الحافظ أبو المواهب بن صصرى، ويوسف بن أحمد
الشيرازي، وصالح بن المعزم، ومحمد بن محمد بن الكرابيسي،
وأحمد ابن آدم الكرابيسي، وآخرون.
قال السمعاني (2): هو أبو الفضل الاشناني، شيخ أديب فاضل،
جميل الطريقة، ثقة، له سمت ووقار وتودد وصلاح، مكثر من
الحديث،
__________
(1) انظر " فهرس الظاهرية المنتخب من مخطوطات الحديث ": ص
278.
(*) التحبير 2 / 101، 102، معجم شيوخ السمعاني: ق 207 / 1.
(2) في " التحبير " 2 / 101، 102.
(*)
(20/598)
قرأ الادب على أبي المظفر الابيوردي، سمعت من لفظه كتاب "
سنن التحديث " لصالح بن أحمد الهمذاني، وجزء الذهلي.
__________
(1) انظر " فهرس الظاهرية المنتخب من مخطوطات الحديث ": ص
278.
(*) التحبير 2 / 101، 102، معجم شيوخ السمعاني: ق 207 / 1.
(2) في " التحبير " 2 / 101، 102.
(*)
(20/599)
قرأ الادب على أبي المظفر الابيوردي، سمعت من لفظه كتاب "
سنن التحديث " لصالح بن أحمد الهمذاني، وجزء الذهلي.
قلت: توفي بهمذان في ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة
وله تسع وثمانون سنة وأشهر.
بعونه تعالى وتوفيقه تم الجزء العشرون من سير أعلام
النبلاء ويليه الجزء الحادي والعشرون وأوله ترجمة أبي طاهر
السلفي.
(20/599)
وقد جاء في آخر المجلد الثاني عشر من الاصل ما نصه: تم
الجزء الثاني عشر من سير أعلام النبلاء للشيخ الامام
العالم العامل الحجة الناقد البارع جامع أشتات الفنون مؤرخ
الاسلام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان
الذهبي فسح الله في مدته وهي أول نسخة نسخت من خط المصنف
وقوبلت عليه بحسب الامكان، ولله الحمد والمنة، وبه التوفيق
والعصمة، ويتلوه في الجزء الذي يليه إن شاء الله تعالى وهو
الثالث عشر ترجمة أبي طاهر السلفي، وكان الفراغ من كتابته
ليلة الجمعة لثلاث بقين من جمادى الاولى سنة اثنتين
وأربعين وسبع مئة.
الحمد لله وحده، وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
تسليما.
(20/600)
|