الدر المنثور في التفسير بالمأثور

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (46)
سُورَة الْأَحْقَاف
مَكِّيَّة وآياتها خمس وَثَلَاثُونَ
مُقَدّمَة سُورَة الْأَحْقَاف أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت بِمَكَّة سُورَة {حم} الْأَحْقَاف
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله

الْآيَات 1 - 3

(7/433)


حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3)

وَأخرج أَحْمد بِسَنَد جيد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُورَة من آل {حم} وَهِي الْأَحْقَاف قَالَ: وَكَانَت السُّورَة إِذا كَانَت أَكثر من ثَلَاثِينَ آيَة سميت ثَلَاثِينَ
وَأخرج ابْن الضريس وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: اقرأني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُورَة الْأَحْقَاف وأقرأها آخر فَخَالف قِرَاءَته فَقلت: من أقرأكها قَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقلت: وَالله لقد أَقْرَأَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير ذَا
فأتينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت يَا رَسُول الله: ألم تقرئني كَذَا وَكَذَا قَالَ: بلَى فَقَالَ الآخر: ألم تقرئني كَذَا وَكَذَا قَالَ: بلَى
فتمعر (تمعر وَجهه: تغير) وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: ليقْرَأ كل واحدٍ مِنْكُمَا مَا سمع فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بالإختلاف

(7/433)


الْآيَات 4 - 8

(7/434)


قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (7) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (8)

أخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أَو أثارة من علم} قَالَ: الْخط
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب من طَرِيق أبي سَلمَة عَن ابْن عَبَّاس {أَو أثارة من علم} قَالَ: هَذَا الْخط
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور من طَرِيق صَفْوَان بن سليم عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْخط فَقَالَ: علمه نَبِي وَمن كَانَ وَافقه علم
قَالَ: صَفْوَان: فَحدثت بِهِ أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن فَقَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس فَقَالَ: {أَو أثارة من علم}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَ نَبِي من الْأَنْبِيَاء يخط فَمن صَادف مثل خطه علم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {أَو أثارة من علم} قَالَ: حسن خطّ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم من طَرِيق الشّعبِيّ عَن ابْن عَبَّاس {أَو أثارة من علم} قَالَ: جودة الْخط

(7/434)


وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق أبي سَلمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو أثارة من علم} قَالَ: خطّ كَانَ تخطه الْعَرَب فِي الأَرْض
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَو أثارة من علم} قَالَ: أَو خَاصَّة من علم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {أَو أثارة من علم} يَقُول: بَيِّنَة من الْأَمر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَو أثارة من علم} قَالَ: أحد يأثر علما وَفِي قَوْله {هُوَ أعلم بِمَا تفيضون فِيهِ} قَالَ: تَقولُونَ

الْآيَة 9

(7/435)


قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9)

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {قل مَا كنت بدعاً من الرُّسُل} يَقُول لست بأوّل الرُّسُل {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} فَأنْزل الله بعد هَذَا (ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر) (الْفَتْح الْآيَة 2) وَقَوله {ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جنَّات} الْفَتْح الْآيَة 3 الْآيَة فَأعْلم الله سُبْحَانَهُ نبيه مَا يفعل بِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ جَمِيعًا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {قل مَا كنت بدعاً من الرُّسُل} قَالَ: مَا كنت بأوّلهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {قل مَا كنت بدعاً من الرُّسُل} قَالَ: يَقُول: قد كَانَت الرُّسُل قبله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} قَالَ: هَل يتْرك بِمَكَّة أَو يخرج مِنْهَا
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} قَالَ: نسختها هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي الْفَتْح

(7/435)


فَخرج إِلَى النَّاس فبشرهم بِالَّذِي غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر
فَقَالَ رجل من الْمُؤمنِينَ: هَنِيئًا لَك يَا نَبِي الله قد علمنَا الْآن مَا يفعل بك فَمَاذَا يفعل بِنَا فَأنْزل الله فِي سُورَة الْأَحْزَاب (وَبشر الْمُؤمنِينَ بِأَن لَهُم من الله فضلا كَبِيرا) (الْأَحْزَاب الْآيَة 47) وَقَالَ (ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا وَيكفر عَنْهُم سيئاتهم وَكَانَ ذَلِك عِنْد الله فوزاً عَظِيما) (الْفَتْح الْآيَة 5) فَبين الله مَا بِهِ يفعل وبهم
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة وَالْحسن مثله
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم الْعَلَاء رَضِي الله عَنْهَا وَكَانَت بَايَعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا قَالَت: لما مَاتَ عُثْمَان بن مَظْعُون رَضِي الله عَنهُ قلت: رَحْمَة الله عَلَيْك أَبَا السَّائِب شهادتي عَلَيْك لقد أكرمك الله
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا يدْريك أَن الله أكْرمه أما هُوَ فقد جَاءَهُ الْيَقِين من ربه وَإِنِّي لأرجو لَهُ الْخَيْر وَالله مَا أَدْرِي وَأَنا رَسُول الله مَا يفعل بِي وَلَا بكم
قَالَت أم الْعَلَاء: فو الله مَا أزكي بعده أحدا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما مَاتَ عُثْمَان بن مَظْعُون رَضِي الله عَنهُ قَالَت: امْرَأَته أَو امْرَأَة: هَنِيئًا لَك ابْن مَظْعُون الْجنَّة
فَنظر إِلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نظر مغضب وَقَالَ: وَمَا يدْريك وَالله إِنِّي لرَسُول الله وَمَا أَدْرِي مَا يفعل الله بِي
قَالَ: وَذَلِكَ قبل أَن ينزل (ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر) (الْفَتْح الْآيَة 1 - 2) فَقَالَت يَا رَسُول الله صَاحبك وفارسك وَأَنت أعلم فَقَالَ: أَرْجُو لَهُ رَحْمَة ربه وأخاف عَلَيْهِ ذَنبه
وَأخرج ابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ عَن زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ أَن عُثْمَان بن مَظْعُون رَضِي الله عَنهُ لما قبض قَالَت أم الْعَلَاء: طبت أَبَا السَّائِب نفسا إِنَّك فِي الْجنَّة
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا يدْريك قَالَت: يَا رَسُول الله عُثْمَان بن مَظْعُون قَالَ: أجل مَا رَأينَا إِلَّا خيرا وَالله مَا أَدْرِي مَا يصنع بِي
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} عمل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْخَوْف زَمَانا فَلَمَّا نزلت (إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر) (الْفَتْح الْآيَة 1 - 2) اجْتهد

(7/436)


فَقيل لَهُ: تجهد نَفسك وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر
قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} قَالَ: ثمَّ درى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك مَا يفعل بِهِ بقوله (إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر)
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} قَالَ: أما فِي الْآخِرَة فمعاذ الله قد علم أَنه فِي الْجنَّة حِين أَخذ ميثاقه فِي الرُّسُل وَلَكِن {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} فِي الدُّنْيَا أخرج كَمَا أخرجت الْأَنْبِيَاء من قبلي أم أقتل كَمَا قتلت الْأَنْبِيَاء من قبلي {وَلَا بكم} أمتِي المكذبة أم أمتِي المصدقة أم أمتِي المرمية بِالْحِجَارَةِ من السَّمَاء قذفا أم يخسف بهَا خسفاً ثمَّ أُوحِي إِلَيْهِ (وَإِذ قُلْنَا لَك أَن رَبك أحَاط بِالنَّاسِ) (الْإِسْرَاء الْآيَة 60) يَقُول: أحطت لَك بالعرب أَن لَا يَقْتُلُوك فَعرف أَنه لَا يقتل ثمَّ أنزل الله (هُوَ الَّذِي أرسل رَسُوله بِالْهدى وَدين الْحق لِيظْهرهُ على الدّين كُله وَكفى بِاللَّه شَهِيدا) (التَّوْبَة الْآيَة 33) يَقُول: أشهد لَك على نَفسه أَنه سَيظْهر دينك على الْأَدْيَان ثمَّ قَالَ لَهُ فِي أمته (وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ) (الرَّعْد الْآيَة 43) فَأخْبر الله مَا صنع بِهِ وَمَا يصنع بأمته

الْآيَة 10

(7/437)


قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)

أخرج أَبُو يعلى وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ بِسَنَد صَحِيح عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: انْطلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا مَعَه حَتَّى دَخَلنَا على كَنِيسَة الْيَهُود يَوْم عيدهم فكرهوا دخولنا عَلَيْهِم فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أروني اثْنَي عشر رجلا مِنْكُم يشْهدُونَ أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله يحبط الله عَن كل يَهُودِيّ تَحت أَدِيم السَّمَاء الْغَضَب الَّذِي عَلَيْهِ
فَسَكَتُوا فَمَا أَجَابَهُ مِنْهُم أحد ثمَّ رد عَلَيْهِ فَلم يجبهُ أحد فثلث فَلم يجبهُ أحد فَقَالَ: أَبَيْتُم فو الله لأَنا الحاشر وَأَنا

(7/437)


العاقب وَأَنا المقفي آمنتم أَو كَذبْتُمْ
ثمَّ انْصَرف وَأَنا مَعَه حَتَّى كدنا أَن نخرج فَإِذا رجل من خَلفه فَقَالَ: كَمَا أَنْت يَا مُحَمَّد فَأقبل فَقَالَ ذَلِك الرجل أَي رجل تعلموني فِيكُم يَا معشر الْيَهُود فَقَالُوا: وَالله مَا نعلم فِينَا رجلا أعلم بِكِتَاب الله وَلَا أفقه مِنْك وَلَا من أَبِيك وَلَا من جدك
قَالَ: فَإِنِّي أشهد بِاللَّه أَنه النَّبِي الَّذِي تجدونه فِي التَّوْرَاة والإِنجيل
قَالُوا: كذبت ثمَّ ردوا عَلَيْهِ وَقَالُوا شرا
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَذبْتُمْ لن يقبل مِنْكُم قَوْلكُم
فخرجنا وَنحن ثَلَاث: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا وَابْن سَلام
فَأنْزل الله {قل أَرَأَيْتُم إِن كَانَ من عِنْد الله وكفرتم بِهِ وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله فَآمن وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِن الله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين}
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لأحد يمشي على وَجه الأَرْض إِنَّه من أهل الْجنَّة إِلَّا لعبد الله بن سَلام وَفِيه نزلت {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله}
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن سَلام رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت فِي آيَات من كتاب الله نزلت فيّ {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله فَآمن وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِن الله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين} وَنزل فيَّ (قل كفى بِاللَّه شَهِيدا بيني وَبَيْنكُم وَمن عِنْده علم الْكتاب) (الْأَحْقَاف الْآيَة 16)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل} قَالَ: عبد الله بن سَلام
وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد وَالضَّحَّاك مثله
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن زيد بن أسلم وَقَتَادَة مثله
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد وَعَطَاء وَعِكْرِمَة {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل} قَالَ: عبد الله بن سَلام
وَأخرج الْحسن بن مُسلم رَضِي الله عَنهُ نزلت هَذِه الْآيَة بِمَكَّة وَعبد الله بن سَلام بِالْمَدِينَةِ
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت {حم} وَعبد الله بِالْمَدِينَةِ مُسلم

(7/438)


وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا يرَوْنَ أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي عبد الله بن سَلام {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله} قَالَ: وَالسورَة مَكِّيَّة وَالْآيَة مَدَنِيَّة
قَالَ: وَكَانَت الْآيَة تنزل فَيُؤْمَر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يَضَعهَا بَين آيتي كَذَا وَكَذَا فِي سُورَة كَذَا يرَوْنَ أَن هَذِه مِنْهُنَّ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله} قَالَ: لَيْسَ بِعَبْد الله بن سَلام هَذِه الْآيَة مَكِّيَّة فَيَقُول: من آمن من بني إِسْرَائِيل فَهُوَ كمن آمن بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا نزل فِي عبد الله بن سَلام رَضِي الله عَنهُ شَيْء من الْقُرْآن
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله} قَالَ: وَالله مَا نزلت فِي عبد الله بن سَلام مَا نزلت إِلَّا بِمَكَّة وَإِنَّمَا كَانَ إِسْلَام ابْن سَلام بِالْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا كَانَت خُصُومَة خَاصم بهَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن عَسَاكِر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أَرَادَ عبد الله بن سَلام الإِسلام دخل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: أشهد أَنَّك رَسُول الله أرسلك بِالْهدى وَدين الْحق وَإِن الْيَهُود تَجِد ذَلِك عِنْدهم فِي التَّوْرَاة منعوتاً
ثمَّ قَالَ لَهُ: أرسل إِلَى نفر من الْيَهُود فسلهم عني وَعَن وَالِدي فَإِنَّهُم سيخبرونك وَإِنِّي سأخرج عَلَيْهِم فَأشْهد أَنَّك رَسُول الله لَعَلَّهُم يسلمُونَ
فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى النَّفر فَدَعَاهُمْ وخبأهم فِي بَيته فَقَالَ لَهُم مَا عبد الله بن سَلام فِيكُم وَمَا كَانَ وَالِده قَالُوا: سيدنَا وَابْن سيدنَا وعالمنا وَابْن عالمنا
قَالَ: أَرَأَيْتُم إِن أسلم أتسلمون قَالُوا: إِنَّه لَا يسلم
فَخرج عَلَيْهِم فَقَالَ: أشهد أَنَّك رَسُول الله وَإِنَّهُم ليعلمون مِنْك مثل مَا أعلم
فَخَرجُوا من عِنْده وَأنزل الله فِي ذَلِك {قل أَرَأَيْتُم إِن كَانَ من عِنْد الله} الْآيَة
وَأخرج ابْن مردوية عَن جُنْدُب قَالَ: جَاءَ عبد الله بن سَلام حَتَّى أَخذ بِعضَادَتَيْ الْبَاب ثمَّ قَالَ: أنْشدكُمْ بِاللَّه أَي قوم أتعلمون أَنِّي الَّذِي أنزلت فِيهِ {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله} الْآيَة قَالُوا: اللَّهُمَّ نعم
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: جَاءَ مَيْمُون بن يَامِين إِلَى النَّبِي

(7/439)


صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ رَأس الْيَهُود بِالْمَدِينَةِ قد أسلم وَقَالَ: يَا رَسُول الله ابْعَثْ إِلَيْهِم فَاجْعَلْ بَيْنك وَبينهمْ حكما من أنفسهم فَإِنَّهُم سيرضوني فَبعث إِلَيْهِم وَأدْخلهُ الدَّاخِل فَأتوهُ فخاطبوه مليّاً فَقَالَ لَهُم: اخْتَارُوا رجلا من أَنفسكُم يكون حكما بيني وَبَيْنكُم قَالُوا: فَإنَّا قد رَضِينَا بميمون بن يَامِين فَأخْرجهُ إِلَيْهِم فَقَالَ لَهُم مَيْمُون أشهد أَنه رَسُول الله وَأَنه على الْحق فَأَبَوا أَن يصدقوه فَأنْزل الله فِيهِ {قل أَرَأَيْتُم إِن كَانَ من عِنْد الله} الْآيَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله} قَالَ: مُوسَى مثل مُحَمَّد والتوراة مثل الْقُرْآن فَآمن هَذَا بكتابه وَنبيه وكفرتم أَنْتُم يَا أهل مَكَّة

الْآيَات 11 - 14

(7/440)


وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11) وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12) إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (14)

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ نَاس من الْمُشْركين: نَحن أعز وَنحن وَنحن فَلَو كَانَ خيرا مَا سبقنَا إِلَيْهِ فلَان وَفُلَان فَنزل {وَقَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا لَو كَانَ خيرا مَا سبقُونَا إِلَيْهِ}
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عون بن أبي شَدَّاد قَالَ: كَانَت لعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أمة أسلمت قبله يُقَال لَهَا زنيرة فَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ يضْربهَا على اسلامها وَكَانَ كفار قُرَيْش يَقُولُونَ: لَو كَانَ خيرا مَا سبقتنا إِلَيْهِ زنيرة فَأنْزل الله فِي شَأْنهَا {وَقَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا لَو كَانَ خيرا} الْآيَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَنو غفار وَأسلم كَانُوا الْكثير من النَّاس فتْنَة يَقُولُونَ لَو كَانَ خيرا مَا جعلهم الله أول النَّاس فِيهِ يَقُولُونَ لَو كَانَ خيرا ماجعلهم الله أول النَّاس فِيهِ

(7/440)


الْآيَات 15 - 16

(7/441)


وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)

أخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت فِي أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ {وَوَصينَا الإِنسان بِوَالِديهِ إحساناً} إِلَى قَوْله: {وعد الصدْق الَّذِي كَانُوا يوعدون}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {حَملته أمه كرها} قَالَ: مشقة عَلَيْهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن أَنه قَالَ: وَحمله وفصله بِغَيْر ألف
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن بعجة بن عبد الله الْجُهَنِيّ قَالَ: تزوّج رجل منا امْرَأَة من جُهَيْنَة فَولدت لَهُ تَمامًا لسِتَّة أشهر فَانْطَلق زَوجهَا إِلَى عُثْمَان بن عَفَّان فَأمر برجمها فَبلغ ذَلِك عليا رَضِي الله عَنهُ فَأَتَاهُ فَقَالَ: مَا تصنع قَالَ: ولدت تَمامًا لسِتَّة أشهر وَهل يكون ذَلِك قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: أما سَمِعت الله تَعَالَى يَقُول {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} وَقَالَ: (حَوْلَيْنِ كَامِلين) (الْبَقَرَة الْآيَة 233) فكم تَجدهُ بَقِي إِلَّا سِتَّة أشهر فَقَالَ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ: وَالله مَا فطنت لهَذَا عَليّ بِالْمَرْأَةِ فوجدوها قد فرغ مِنْهَا
وَكَانَ من قَوْلهَا لاختها: يَا أَخِيه لَا تحزني فو الله مَا كشف فَرجي أحد قطّ غَيره
قَالَ: فشب الْغُلَام بعدُ فاعترف الرجل بِهِ وَكَانَ أشبه النَّاس بِهِ
قَالَ: فَرَأَيْت الرجل بعد يتساقط عضوا عضوا على فرَاشه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق قَتَادَة عَن أبي حَرْب ابْن أبي الْأسود الدؤَلِي قَالَ: رفع إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ امْرَأَة ولدت لسِتَّة أشهر

(7/441)


فَسَأَلَ عَنْهَا أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: لَا رجم عَلَيْهَا أَلا ترى أَنه يَقُول {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} وَقَالَ: (وفصاله فِي عَاميْنِ) (لُقْمَان 14) وَكَانَ الْحمل هَهُنَا سِتَّة أشهر
فَتَركهَا عمر رَضِي الله عَنهُ
قَالَ: ثمَّ بلغنَا أَنَّهَا ولدت آخر لسِتَّة أشهر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن نَافِع بن جُبَير أَن ابْن عَبَّاس أخبرهُ قَالَ: إِنِّي لصَاحب الْمَرْأَة الَّتِي أُتِي بهَا عمر وضعت لسِتَّة أشهر فَأنْكر النَّاس ذَلِك فَقلت لعمر: لَا تظلم
قَالَ: كَيفَ قلت: اقْرَأ {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين} الْبَقَرَة الْآيَة 233 كم الْحول قَالَ: سنة
قلت: كم السّنة قَالَ: اثْنَا عشر شهرا
قلت: فَأَرْبَعَة وَعشْرين شهرا حولان كاملان وَيُؤَخر الله من الْحمل مَا شَاءَ وَيقدم
قَالَ: فاستراح عمر رَضِي الله عَنهُ إِلَى قولي
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن أبي عبيد مولى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: رفعت امْرَأَة إِلَى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ ولدت لسِتَّة أشهر فَقَالَ عُثْمَان: إِنَّهَا قد رفعت إِلَيّ امْرَأَة مَا أَرَاهَا إِلَّا جَاءَت بشرّ فَقَالَ ابْن عَبَّاس: إِذا كملت الرضَاعَة كَانَ الْحمل سِتَّة أشهر وَقَرَأَ (وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا)
فدرأ عُثْمَان عَنْهَا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يَقُول: إِذا ولدت الْمَرْأَة لتسعة أشهر كفاها من الرَّضَاع أحد وَعِشْرُونَ شهرا وَإِذا ولدت لسبعة أشهر كفاها من الرَّضَاع ثَلَاثَة وَعِشْرُونَ شهرا وَإِذا وضعت لسِتَّة أشهر فحولين كَامِلين لِأَن الله تَعَالَى يَقُول {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: قلت لمسروق رَضِي الله عَنهُ: مَتى يُؤْخَذ الرجل بذنوبه قَالَ: إِذا بلغت الْأَرْبَعين فَخذ حذرك
وَأخرج ابْن الْجَوْزِيّ فِي كتاب الحدائق بِسَنَد ضَعِيف عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن الله أَمر الحافظين فَقَالَ لَهما رفقا بعبدي فِي حداثته فَإِذا بلغ الْأَرْبَعين فاحفظا وحققا
وَأخرج أَبُو الْفَتْح الْأَزْدِيّ من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا من أَتَى عَلَيْهِ الْأَرْبَعُونَ سنة فَلم يغلب خَيره شَره فليتجهز إِلَى النَّار

(7/442)


وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن مغول قَالَ شكا أَبُو معشر ابْنه إِلَى طَلْحَة بن مصرف فَقَالَ طَلْحَة رَضِي الله عَنهُ: اسْتَعِنْ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَة {رب أوزعني أَن أشكر نِعْمَتك} الْآيَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة فِي أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ {حَتَّى إِذا بلغ أشده وَبلغ أَرْبَعِينَ سنة قَالَ رب أوزعني} الْآيَة فَاسْتَجَاب الله لَهُ فَأسلم والداه جَمِيعًا وإخوانه وَولده كلهم وَنزلت فِيهِ أَيْضا {فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى} الْآيَة (اللَّيْل الْآيَة 5) إِلَى آخر السُّورَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَأصْلح لي فِي ذريتي} قَالَ: اجعلهم لي صالحين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الرّوح الْأمين قَالَ: يُؤْتى بحسنات العَبْد وسيئاته فيقتص بَعْضهَا من بعض فَإِن بقيت لَهُ حَسَنَة وسع الله لَهُ بهَا إِلَى الْجنَّة قَالَ: فَدخلت على يَزْدَان فَحدثت مثل هَذَا الحَدِيث قلت: فَإِن ذهبت الْحَسَنَة
قَالَ {أُولَئِكَ الَّذين نتقبل عَنْهُم أحسن مَا عمِلُوا} الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ دَعَا أَبُو بكر عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ لَهُ: إِنِّي مُوصِيك بِوَصِيَّة أَن تحفظها إِن لله فِي اللَّيْل حَقًا لَا يقبله بِالنَّهَارِ وَحقا بِالنَّهَارِ لَا يقبله بِاللَّيْلِ إنّه لَيْسَ لأحد نَافِلَة حَتَّى يُؤَدِّي الْفَرِيضَة إِنَّه إِنَّمَا ثقلت مَوَازِين من ثقلت مَوَازِينه يَوْم الْقِيَامَة باتبَاعهمْ الْحق فِي الدُّنْيَا وَثقل ذَلِك عَلَيْهِم وَحقّ لِمِيزَانٍ لَا يوضع فِيهِ إِلَّا الْحق أَن يثقل وَخفت مَوَازِين من خفت مَوَازِينه يَوْم الْقِيَامَة لاتباعهم الْبَاطِل فِي الدُّنْيَا وَخِفته عَلَيْهِم وَحقّ لِمِيزَانٍ لَا يوضع فِيهِ إِلَّا الْبَاطِل أَن يخف
ألم ترَ أَن الله ذكر أهل الْجنَّة بِأَحْسَن أَعْمَالهم فَيَقُول: أَيْن يبلغ عَمَلك من عمل هَؤُلَاءِ وَذكر أهل النَّار بِأَسْوَأ أَعْمَالهم حَتَّى يَقُول الْقَائِل أَنا خير من عمل هَؤُلَاءِ وَذَلِكَ بِأَن الله تَعَالَى رد عَلَيْهِم أحسن أَعْمَالهم ألم تَرَ أَن الله أنزل آيَة الشدَّة عِنْد آيَة الرخَاء وَآيَة الرخَاء عِنْد آيَة الشدَّة ليَكُون الْمُؤمن رَاغِبًا رَاهِبًا لِئَلَّا يلقى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَة وَلَا يتَمَنَّى على الله أُمْنِية يتَمَنَّى على الله فِيهَا غير الْحق

(7/443)


الْآيَات 17 - 19

(7/444)


وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (18) وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (19)

أخرج البُخَارِيّ عَن يُوسُف بن مَاهك قَالَ: كَانَ مَرْوَان على الْحجاز اسْتَعْملهُ مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان فَخَطب فَجعل يذكر يزِيد بن مُعَاوِيَة لكَي يُبَايع لَهُ بعد أَبِيه فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ شَيْئا فَقَالَ: خذوه
فَدخل بَيت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَلم يقدروا عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْوَان: إِن هَذَا أنزل فِيهِ {وَالَّذِي قَالَ لوَالِديهِ أُفٍّ لَكمَا} فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا من وَرَاء الْحجاب: مَا أنزل الله فِينَا شَيْئا من الْقُرْآن إِلَّا أَن الله أنزل عُذْري
وَأخرج عبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُحَمَّد بن زِيَاد قَالَ: لما بَايع مُعَاوِيَة لِابْنِهِ قَالَ مَرْوَان: سنة أبي بكر وَعمر فَقَالَ عبد الرَّحْمَن: سنة هِرقل وَقَيْصَر
فَقَالَ مَرْوَان: هَذَا الَّذِي أنزل الله فِيهِ {وَالَّذِي قَالَ لوَالِديهِ أُفٍّ لَكمَا} الْآيَة فَبلغ ذَلِك عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَقَالَت: كذب مَرْوَان كذب مَرْوَان وَالله مَا هُوَ بِهِ وَلَو شِئْت أَن أسمي الَّذِي أنزلت فِيهِ لَسَمَّيْته وَلَكِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن أَبَا مَرْوَان فِي صلبه فمروان فضفض (فضفض: سَعَة) من لعنة الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله قَالَ: إِنِّي لفي الْمَسْجِد حِين خطب مَرْوَان فَقَالَ: إِن الله قد أرى أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي يزِيد رَأيا حسنا وَإِن يستخلفه فقد اسْتخْلف أَبُو بكر وَعمر
فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ: أهرقلية أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ وَالله مَا جعلهَا فِي أحد من وَلَده وَلَا أحد من أهل بَيته وَلَا جعلهَا مُعَاوِيَة إِلَّا رَحْمَة وكرامة لوَلَده فَقَالَ مَرْوَان: أَلَسْت الَّذِي قَالَ لوَالِديهِ أفّ لَكمَا فَقَالَ عبد الرَّحْمَن: أَلَسْت ابْن اللعين الَّذِي لعن أَبَاك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَسمعتهَا

(7/444)


عَائِشَة فَقَالَت: يَا مَرْوَان أَنْت الْقَائِل لعبد الرَّحْمَن كَذَا وَكَذَا كذبت وَالله مَا فِيهِ نزلت نزلت فِي فلَان بن فلَان
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي {وَالَّذِي قَالَ لوَالِديهِ أفّ لَكمَا} الْآيَة قَالَ: هَذَا ابْن لأبي بكر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَالَّذِي قَالَ لوَالِديهِ أفّ لَكمَا} فِي عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر قَالَ لوَالِديهِ وَكَانَا قد أسلما وأبى هُوَ أَن يسلم فَكَانَا يأمرانه بالإِسلام وَيرد عَلَيْهِمَا ويكذبهما فَيَقُول فَأَيْنَ فلَان وَأَيْنَ فلَان يَعْنِي مَشَايِخ قُرَيْش مِمَّن قد مَاتَ
ثمَّ أسلم بعد فَحسن إِسْلَامه فَنزلت تَوْبَته فِي هَذِه الْآيَة {وَلكُل دَرَجَات مِمَّا عمِلُوا}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ميناء أَنه سمع عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا تنكر أَن تكون الْآيَة نزلت فِي عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ وَقَالَت: إِنَّمَا نزلت فِي فلَان بن فلَان سمت رجلا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {أتعدانني أَن أخرج} قَالَ: يَعْنِي الْبَعْث بعد الْمَوْت

الْآيَة 20

(7/445)


وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20)

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حَفْص بن أبي العَاصِي قَالَ: كُنَّا نتغدى مَعَ عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: قَالَ الله فِي كِتَابه {وَيَوْم يعرض الَّذين كفرُوا على النَّار أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ} الْآيَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن عمر رَضِي الله عَنهُ رأى فِي يَد جَابر بن عبد الله درهما فَقَالَ: مَا هَذَا الدِّرْهَم قَالَ: أُرِيد أَن أَشْتَرِي بِهِ لَحْمًا لأهلي قرموا (قرموا إِلَيْهِ: اشتهوه) إِلَيْهِ

(7/445)


فَقَالَ: أفكلما اشتهيتم شَيْئا اشتريتموه أَيْن تذْهب عَنْكُم هَذِه الْآيَة {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بهَا}
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن الْأَعْمَش قَالَ: مر جَابر بن عبد الله وَهُوَ مُتَعَلق لَحْمًا على عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ مَا هَذَا يَا جَابر قَالَ: هَذَا لحم اشتهيته اشْتَرَيْته
قَالَ: وَكلما اشْتهيت شَيْئا اشْتَرَيْته أما تخشى أَن تكون من أهل هَذِه الْآيَة {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا}
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن سَالم بن عبد الله بن عمر أَن عمر كَانَ يَقُول: وَالله مَا يَعْنِي بلذات الْعَيْش أَن نأمر بصغار المعزى فتسمط لنا ونأمر بلباب الْحِنْطَة فتخبز لنا ونأمر بالزبيب فينبذ لنا فِي الأسعان (الأسعان: جمع سعنة: الْقرْبَة) حَتَّى إِذا صَار مثل عين اليعقوب أكلنَا هَذَا وشربنا هَذَا وَلَكنَّا نُرِيد أَن نستبقي طيباتنا لأَنا سمعنَا الله يَقُول: {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا} الْآيَة
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قدم على عمر رَضِي الله عَنهُ ناسٌ من الْعرَاق فَرَأى كَأَنَّهُمْ يَأْكُلُون هديرا (الهدير: العشب طَال وَعظم) فَقَالَ يَا أهل الْعرَاق لَو شِئْت أَن يدهمق لي كَمَا يدهمق لكم لفَعَلت وَلَكنَّا نستبقي من رَبنَا مَا نجده فِي آخرتنا أما سَمِعْتُمْ الله يَقُول لقوم {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا} الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بهَا} قَالَ: تعلمُوا أَن أَقْوَامًا يسترطون حسناتهم فِي الدُّنْيَا استبقى رجل طيباته إِن اسْتَطَاعَ وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه
قَالَ: وَذكر لنا أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ كَانَ يَقُول: لَو شِئْت لَكُنْت أطيبكُم طَعَاما وألينكم لباساً وَلَكِنِّي أستبقي طَيِّبَاتِي وَذكر لنا أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ لما قدم الشَّام صنع لَهُ طَعَام لم ير قبله مثله قَالَ: هَذَا لنا فَمَا لفقراء الْمُسلمين الَّذين مَاتُوا وهم لَا يشبعون من خبز الشّعير فَقَالَ خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ: لَهُم الْجنَّة
فاغرورقت عينا عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: لَئِن كَانَ حظنا من هَذَا الحطام وذهبوا بِالْجنَّةِ لقد باينونا بوناً بَعيدا

(7/446)


وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مجلز رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ليطلبن نَاس حَسَنَات عملوها فَيُقَال لَهُم {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بهَا} الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أُتِي عمر رَضِي الله عَنهُ بِشَربَة عسل فَقَالَ: وَالله لَا أتحمل فَضلهَا اسقوها فلَانا
وَأخرج عبد بن حميد عَن وهب بن كيسَان عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رَآنِي عمر رَضِي الله عَنهُ وَأَنا مُتَعَلق لَحْمًا فَقَالَ يَا جَابر مَا هَذَا قلت: لحم اشْتَرَيْته بدرهم لنسوة عِنْدِي قرمن إِلَيْهِ فَقَالَ أما يَشْتَهِي أحدكُم شَيْئا إِلَّا صنعه أما يجد أحدكُم أَن يطوي بَطْنه لجاره وَابْن عَمه أَيْن تذْهب هَذِه الْآيَة {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا} قَالَ فَمَا انفلتّ مِنْهُ حَتَّى كدت أَن لَا أنفلت
وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد عَن حميد بن هِلَال قَالَ: كَانَ حَفْص رَضِي الله عَنهُ يكثر غشيان أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ إِذا قرب طَعَامه اتَّقَاهُ فَقَالَ لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ: مَا لَك ولطعامنا فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن أَهلِي يصنعون لي طَعَاما هُوَ أبين من طَعَامك فَاخْتَارَ طعامهم على طَعَامك فَقَالَ: ثكلتك أمك أما تراني لَو شِئْت أمرت بِشَاة فتية سَمِينَة فألقي عَنْهَا شعرهَا ثمَّ أمرت بدقيق فنخل فِي خرقَة فَجعل خبْزًا مرققاً وَأمرت بِصَاع من زبيب فَجعل فِي سمن حَتَّى يكون كَدم الغزال فَقَالَ حَفْص: إِنِّي أَرَاك تعرف لين الطَّعَام
فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: ثكلتك أمك وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَوْلَا كَرَاهِيَة أَن ينقص من حسناتي يَوْم الْقِيَامَة لأشركتكم فِي لين طَعَامكُمْ
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن سعد وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن الْحسن قَالَ: قدم وَفد أهل الْبَصْرَة على عمر مَعَ أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَكَانَ لَهُ فِي كل يَوْم خبز يلت فَرُبمَا وَافَقْنَاهَا مَأْدُومَة بِزَيْت وَرُبمَا وَافَقْنَاهَا مَأْدُومَة بِسمن وَرُبمَا وَافَقْنَاهَا مَأْدُومَة بِلَبن وَرُبمَا وَافَقْنَاهَا القدائد الْيَابِسَة قد دقَّتْ ثمَّ أغلي لَهَا وَرُبمَا وَافَقْنَاهَا اللَّحْم الْغَرِيض وَهُوَ قَلِيل
قَالَ وَقَالَ لنا عمر رَضِي الله عَنهُ: إِنِّي وَالله لقد أرى تقديركم وَكَرَاهِيَتُكُمْ طَعَامي أما وَالله لَو شِئْت لَكُنْت أطيبكُم طَعَاما وَأَرَقِّكُمْ عَيْشًا أما وَالله مَا أَجْهَل عَن كراكر وَأَسْنِمَة وَعَن صلى وَصِنَاب وسلائق وَلَكِنِّي وجدت الله عير قوما بِأَمْر فَعَلُوهُ فَقَالَ {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بهَا}

(7/447)


وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الايمان عَن ثَوْبَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سَافر كَانَ آخر عَهده بِإِنْسَان من أَهله فَاطِمَة وأوّل من يدْخل عَلَيْهِ إِذا قدم فَاطِمَة فَقدم من غزَاة فَأَتَاهَا فَإِذا بمسح على بَابهَا وَرَأى على الْحسن وَالْحُسَيْن قلبين من فضَّة فَرجع وَلم يدْخل عَلَيْهَا فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِك فَاطِمَة ظنت أَنه لم يدْخل من أجل مَا رأى فهتكت السّتْر ونزعت القلبين من الصَّبِيَّيْنِ فقطعتهما فَبكى الصّبيان فقسمته بَينهمَا فَانْطَلقَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهما يَبْكِيَانِ فَأَخذه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُمَا فَقَالَ: يَا ثَوْبَان اذْهَبْ بِهَذَا إِلَى بني فلَان أهل بَيت بِالْمَدِينَةِ واشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج فَإِن هَؤُلَاءِ أهل بَيْتِي وَلَا أحب أَن يَأْكُلُوا طَيِّبَاتهمْ فِي حياتهم الدُّنْيَا وَالله تَعَالَى أعلم

الْآيَات 21 - 23

(7/448)


وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23)

أخرج ابْن مَاجَه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَرْحَمنَا الله وأخا عَاد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خير واديين فِي النَّاس وَادي مَكَّة ووادي أرم بِأَرْض الْهِنْد وشرّ واديين فِي النَّاس وَادي الْأَحْقَاف وواد بحضرموت يدعى برهوت يلقى فِيهِ أَرْوَاح الْكفَّار وَخير بِئْر فِي النَّاس زَمْزَم وَشر بِئْر فِي النَّاس برهوت وَهِي فِي ذَاك الْوَادي الَّذِي بحضرموت
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْأَحْقَاف جبل بِالشَّام
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: الْأَحْقَاف جبل بِالشَّام يُسمى الْأَحْقَاف
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْأَحْقَاف الأَرْض
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْأَحْقَاف جساق من جسمي

(7/448)


وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا أَن عاداً كَانُوا أَحيَاء بِالْيمن أهل رمل مشرفين على الْبَحْر بِأَرْض يُقَال لَهَا الشحر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله بالأحقاف قَالَ: تلال من أَرض الْيمن
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقد خلت النّذر من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه أَلا تعبدوا إِلَّا الله} قَالَ: لم يبْعَث الله رَسُولا إِلَّا بِأَن يعبد الله
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لتأفكنا} قَالَ لتزيلنا وَقَرَأَ إِن كَاد ليضلنا عَن آلِهَتنَا قَالَ: يضلنا ويزيلنا ويأفكنا وَاحِد

الْآيَات 24 - 25

(7/449)


فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} قَالَ: هُوَ السَّحَاب
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مستجمعاً ضَاحِكا حَتَّى أرى مِنْهُ لهواته إِنَّمَا كَانَ يتبسم وَكَانَ إِذا رأى غيماً أَو ريحًا عرف ذَلِك فِي وَجهه
قلت يَا رَسُول الله إِن النَّاس إِذا رَأَوْا الْغَيْم فرحوا رَجَاء أَن يكون فِيهِ الْمَطَر وَإِذا رَأَيْته عرف فِي وَجهك الْكَرَاهِيَة
قَالَ يَا عَائِشَة وَمَا يؤمنني أَن يكون فِيهِ عَذَاب قد عذب قوم بِالرِّيحِ وَقد رأى قوم الْعَذَاب فَقَالُوا {هَذَا عَارض مُمْطِرنَا}
وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عصفت الرّيح قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خَيرهَا وَخير مَا فِيهَا وَخير مَا أرْسلت بِهِ وَأَعُوذ بك من شَرها وَشر مَا فِيهَا وَشر مَا أرْسلت بِهِ

(7/449)


فَإِذا تخليت السَّمَاء تغير لَونه وَخرج وَدخل وَأَقْبل وَأدبر فَإِذا أمْطرت سري عَنهُ فَسَأَلته فَقَالَ لَا أَدْرِي لَعَلَّه كَمَا قَالَ قوم عَاد {هَذَا عَارض مُمْطِرنَا}
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب السَّحَاب وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَلَمَّا رَأَوْهُ عارضاً مُسْتَقْبل أَوْدِيَتهمْ} قَالَ غيم فِيهِ مطر فَأول مَا عرفُوا أَنه عَذَاب رَأَوْا مَا كَانَ خَارِجا من رحالهم ومواشيهم يطير بَين السَّمَاء وَالْأَرْض مثل الريش دخلُوا بُيُوتهم وَأَغْلقُوا أَبْوَابهم فَجَاءَت الرّيح ففتحت أَبْوَابهم ومالت عَلَيْهِم بالرمل فَكَانُوا تَحت الرمل سبع لَيَال وَثَمَانِية أَيَّام حسوماً لَهُم أَنِين ثمَّ أَمر الرّيح فكشف عَنْهُم الرمل وطرحتهم فِي الْبَحْر فَهُوَ قَوْله {فَأَصْبحُوا لَا يرى إِلَّا مساكنهم}
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا فتح الله على عَاد من الرّيح الَّتِي هَلَكُوا فِيهَا إِلَّا مثل الْخَاتم فمرت بِأَهْل الْبَادِيَة فحملتهم وَأَمْوَالهمْ فجعلتهم بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَلَمَّا رأى ذَلِك أهل الْحَاضِرَة من عَاد الرّيح وَمَا فِيهَا {قَالُوا هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} فَأَلْقَت أهل الْبَادِيَة ومواشيهم على أهل الحاضره
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا فتح الله على عَاد من الرّيح إِلَّا مَوضِع الْخَاتم أرْسلت عَلَيْهِم فَحملت البدو إِلَى الْحَضَر فَلَمَّا رَآهَا أهل الْحَضَر {قَالُوا هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} مُسْتَقْبل أوديتنا وَكَانَ أهل الْبَوَادِي فِيهَا فألقي أهل الْبَادِيَة على أهل الْحَاضِرَة حَتَّى هَلَكُوا قَالَ: عَتَتْ على خزَّانِها حَتَّى خرجت من خلال الْأَبْوَاب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عَمْرو بن مَيْمُون رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ هود قَاعِدا فِي قومه فجَاء سَحَاب مكفهر فَقَالُوا {هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} فَقَالَ هود {بل هُوَ مَا استعجلتم بِهِ ريح فِيهَا عَذَاب أَلِيم} فَجعلت تلقي الْفسْطَاط وتجيء بِالرجلِ الْغَائِب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا أرسل الله على عَاد من الرّيح إِلَّا قدر خَاتمِي هَذَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن مَيْمُون رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ لَا ترى إِلَّا مساكنهم بِالتَّاءِ وَالنّصب

(7/450)


وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {لَا يرى إِلَّا مساكنهم} بِالْيَاءِ وَرفع النُّون

الْآيَات 26 - 28

(7/451)


وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (26) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27) فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (28)

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَقَد مكناهم فِيمَا إِن مكناكم فِيهِ} يَقُول: لم نمكنكم فِيهِ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَقَد مكناهم} الْآيَة قَالَ: عَاد مكنوا فِي الأَرْض أفضل مِمَّا مكنت فِيهِ هَذِه الْأمة وَكَانُوا أَشد قُوَّة وَأكْثر أَوْلَادًا وأطول أعماراً
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَقَد أهلكنا مَا حَوْلكُمْ من الْقرى} هَهُنَا وَهَهُنَا شَيْئا بِالْيمن واليمامة وَالشَّام
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ وَتلك إفكهم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقْرَأها وَذَلِكَ أفكهم يَعْنِي بِفَتْح الْألف وَالْكَاف وَقَالَ: أصلهم

الْآيَات 29 - 34

(7/451)


وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (32) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (34)

أخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الزبير {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ يَسْتَمِعُون الْقُرْآن} قَالَ: بنخلة قَالَ: وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الْعشَاء الْآخِرَة كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن منيع وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هَبَطُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يقْرَأ الْقُرْآن بِبَطن نَخْلَة فَلَمَّا سَمِعُوهُ قَالُوا: أَنْصتُوا قَالُوا: صه وَكَانُوا تِسْعَة أحدهم زَوْبَعَة فَأنْزل الله {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ} إِلَى قَوْله {ضلال مُبين}
وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ يَسْتَمِعُون الْقُرْآن} الْآيَة قَالَ: كَانُوا تِسْعَة عشر من أهل نَصِيبين فجعلهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رسلًا إِلَى قَومهمْ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: صُرِفَتِ الْجِنّ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرَّتَيْنِ وَكَانَ أَشْرَاف الْجِنّ بنصيبين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ} قَالَ: كَانُوا من أهل نَصِيبين أَتَوْهُ بِبَطن نَخْلَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: بت اللَّيْلَة أَقرَأ على الْجِنّ []- رفقا بالحجون
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن مَسْرُوق قَالَ: سَأَلت ابْن مَسْعُود من آذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالجن لَيْلَة اسْتَمعُوا الْقُرْآن قَالَ: آذنته بهم شَجَرَة

(7/452)


وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ أَيْن قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْجِنّ فَقَالَ: قَرَأَ عَلَيْهِم بشعب يُقَال لَهُ الْحجُون
وَأخرج عبد بن حميد وَأحمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن عَلْقَمَة قَالَ: قلت لِابْنِ مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: هَل صحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْجِنّ مِنْكُم أحد قَالَ: مَا صَحبه منا أحد وَلَكنَّا فقدناه ذَات لَيْلَة فَقُلْنَا اغتيل استطير مَا فعل قَالَ: فبتنا بشر لَيْلَة بَات بهَا قوم فَلَمَّا كَانَ فِي وَجه الصُّبْح إِذا نَحن بِهِ يَجِيء من قبل حرا فَأَخْبَرنَاهُ فَقَالَ: إِنَّه أَتَانِي دَاعِي الْجِنّ فأتيتهم فَقَرَأت عَلَيْهِم الْقُرْآن فَانْطَلق فأرانا آثَارهم وآثار نيرانهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ} قَالَ: هم اثْنَا عشر ألفا من جَزِيرَة الْموصل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ} قَالَ: كَانُوا سَبْعَة ثَلَاثَة من أهل حران وَأَرْبَعَة من نَصِيبين وَكَانَ أَسمَاؤُهُم حسى ومسى وشاصر وماصر والأرد وإينان والأحقم وسرق
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن صَفْوَان بن الْمُعَطل قَالَ: خرجنَا حجاجاً فَلَمَّا كُنَّا بالعرج إِذا نَحن بحية تضطرب فَمَا لبث أَن مَاتَت فلفها رجل فِي خرقَة ودفنها ثمَّ قدمنَا مَكَّة فَإنَّا لبالمسجد الْحَرَام إِذْ وقف علينا شخص فَقَالَ: أَيّكُم صَاحب عَمْرو قُلْنَا: مَا نَعْرِف عمرا
قَالَ: أَيّكُم صَاحب الجان قَالُوا: هَذَا
قَالَ: أما أَنه آخر التِّسْعَة موتا الَّذين أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَسْتَمِعُون الْقُرْآن
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل والواقدي عَن أبي جَعْفَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجِنّ فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى عشرَة من النُّبُوَّة
وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَأَبُو نعيم عَن كَعْب الْأَحْبَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما انْصَرف النَّفر التِّسْعَة من أهل نَصِيبين من بطن نَخْلَة وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان والأرد واينان والأحقب جاؤوا قَومهمْ منذرين فَخَرجُوا بعد وافدين إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم ثلثمِائة فَانْتَهوا إِلَى الْحجُون فجَاء الأحقب فَسلم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن قَومنَا قد حَضَرُوا الْحجُون يلقونك فواعده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لساعة من اللَّيْل بالحجون وَالله أعلم

الْآيَة 35

(7/453)


فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)

أخرج ابْن أبي حَاتِم والديلمي عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: ظلّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَائِما ثمَّ طوى ثمَّ ظلّ صَائِما ثمَّ طوى ثمَّ ظلّ صَائِما قَالَ: يَا عَائِشَة إِن الدُّنْيَا لَا تنبغي لمُحَمد وَلَا لآل مُحَمَّد
يَا عَائِشَة إِن الله لم يرض من أولي الْعَزْم من الرُّسُل إِلَّا بِالصبرِ على مكروهها وَالصَّبْر عَن محبوبها ثمَّ لم يرض مني إِلَّا أَن يكلفني مَا كلفهم فَقَالَ: {فاصبر كَمَا صَبر أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل} وَإِنِّي وَالله لأصبرنَّ كَمَا صَبَرُوا جهدي وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أولو الْعَزْم من الرُّسُل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونوح وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن أبي الْعَالِيَة {فاصبر كَمَا صَبر أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل} قَالَ: نوح وَهود وَإِبْرَاهِيم فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يصبر كَمَا صَبَرُوا وَكَانُوا ثَلَاثَة وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رابعهم قَالَ نوح: يَا قوم إِن كَانَ كبر عَلَيْكُم مقَامي وتذكيري بآيَات الله) (يُونُس الْآيَة 71) إِلَى آخرهَا فأظهر لَهُم الْمُفَارقَة وَقَالَ هود حِين (قَالُوا: إِن نقُول الا اعتراك بعض آلِهَتنَا بِسوء قَالَ إِنِّي أشهد الله واشهدوا أَنِّي بَرِيء مِمَّا تشركون من دونه) (تعود الْآيَة 53) فأظهر لَهُم الْمُفَارقَة قَالَ لإِبراهيم (لقد كَانَ لكم أُسْوَة حَسَنَة فِي إِبْرَاهِيم) (الممتحنة الْآيَة 4) إِلَى آخر الْآيَة فأظهر لَهُم الْمُفَارقَة قَالَ يَا مُحَمَّد: (قل إِنِّي نهيت أَن أعبد الَّذين تدعون من دون الله) (الْأَنْعَام الْآيَة 56) فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد الْكَعْبَة فقرأها على الْمُشْركين فأظهر لَهُم الْمُفَارقَة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أولُوا الْعَزْم} قَالَ: هم نوح وَهود وَإِبْرَاهِيم وَشُعَيْب ومُوسَى
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ {أولُوا الْعَزْم} إِسْمَاعِيل وَيَعْقُوب وَأَيوب وَلَيْسَ آدم مِنْهُم وَلَا يُونُس وَلَا سُلَيْمَان

(7/454)


وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: {أولُوا الْعَزْم} نوح وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {فاصبر كَمَا صَبر أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل} قَالَ: هم الَّذين أمروا بِالْقِتَالِ حَتَّى مضوا على ذَلِك نوح وَهود وَصَالح ومُوسَى وَدَاوُد وَسليمَان
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن أولي الْعَزْم من الرُّسُل كَانُوا ثلثمِائة وَثَلَاثَة عشر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَهَل يهْلك إِلَّا الْقَوْم الْفَاسِقُونَ} قَالَ: تعلمُوا وَالله مَا يهْلك على الله إِلَّا هَالك مُشْرك ولى الإِسلام ظَهره أَو مُنَافِق صدق بِلِسَانِهِ وَخَالف بِقَلْبِه
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا طلبت وأحببت أَن تنجح فَقل: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الْعلي الْعَظِيم لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ رب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَرب الْعَرْش الْعَظِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين كَأَنَّهُمْ يَوْم يرونها لم يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّة أَو ضحاها كَأَنَّهُمْ يَوْم يرَوْنَ مَا يوعدون لم يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَة من نَهَار بَلَاغ فَهَل يهْلك إِلَّا الْقَوْم الْفَاسِقُونَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك مُوجبَات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إِثْم وَالْغنيمَة من كل بر والفوز بِالْجنَّةِ والنجاة من النَّار اللَّهُمَّ لَا تدع لي ذَنبا إِلَّا غفرته وَلَا همّاً إِلَّا فرجته وَلَا حَاجَة هِيَ لَك رضَا إِلَّا قضيتها يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين

(7/455)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (47)
سُورَة مُحَمَّد
مَدَنِيَّة وآياتها ثَمَان وَثَلَاثُونَ
مُقَدّمَة سُورَة مُحَمَّد أخرج ابْن ضريس عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزلت سُورَة الْقِتَال بِالْمَدِينَةِ وَأخرج النّحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة مُحَمَّد بِالْمَدِينَةِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: نزلت بِالْمَدِينَةِ سُورَة {الَّذين كفرُوا}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: سُورَة مُحَمَّد آيَة فِينَا وَآيَة فِي بني أُميَّة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ بهم فِي الْمغرب {الَّذين كفرُوا وصدوا عَن سَبِيل الله}

الْآيَات 1 - 3

(7/456)


الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3)

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الَّذين كفرُوا وصدوا عَن سَبِيل الله أضلّ أَعْمَالهم} قَالَ: هم أهل مَكَّة قُرَيْش نزلت فيهم {وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} قَالَ: هم أهل الْمَدِينَة الْأَنْصَار {وَأصْلح بالهم} قَالَ: أَمرهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أضلّ أَعْمَالهم} قَالَ: كَانَت لَهُم أَعمال فاضلة لَا يقبل الله مَعَ الْكفْر عملا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَأصْلح بالهم} قَالَ: أصلح حَالهم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَأصْلح بالهم} قَالَ: شَأْنهمْ
وَفِي قَوْله {ذَلِك بِأَن الَّذين كفرُوا اتبعُوا الْبَاطِل} قَالَ: الشَّيْطَان

الْآيَات 4 - 6

(7/457)


فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6)

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فَإِذا لَقِيتُم الَّذين كفرُوا فَضرب الرّقاب} قَالَ: مُشْركي الْعَرَب يَقُول {فَضرب الرّقاب} قَالَ: حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {حَتَّى إِذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق} قَالَ: لَا تأسروهم وَلَا تفادوهم حَتَّى تثخنوهم بِالسَّيْفِ
وَأخرج النّحاس عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَ: فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُؤمنِينَ بِالْخِيَارِ فِي الأسرى إِن شاؤوا قتلوهم وَإِن شاؤوا استعبدوهم وَإِن شاؤوا فادوهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَ: هَذَا مَنْسُوخ نسختها (فَإِذا انْسَلَخَ الْأَشْهر الْحرم فَاقْتُلُوا الْمُشْركين) (التَّوْبَة الْآيَة 5)

(7/457)


وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَ: فَرخص لَهُم أَن يمنوا على من شاؤوا مِنْهُم نسخ الله ذَلِك بعد فِي بَرَاءَة فَقَالَ: (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (التَّوْبَة الْآيَة 5)
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَ: كَانَ الْمُسلمُونَ إِذا لقوا الْمُشْركين قاتلوهم فَإِذا أَسرُّوا مِنْهُم أَسِيرًا فَلَيْسَ لَهُم إِلَّا أَن يفادوه أَو يمنوا عَلَيْهِ ثمَّ نسخ ذَلِك بعد (فإمَّا تثقفنهم فِي الْحَرْب فشرد بهم من خَلفهم) (الْأَنْفَال 57)
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك وَمُجاهد فِي قَوْله {فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَا: نسختها (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن السّديّ مثله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عمرَان بن حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَادى رجلَيْنِ من أَصْحَابه برجلَيْن من الْمُشْركين أَسرُّوا
وَأخرج عبد بن حميد عَن أَشْعَث قَالَ: سَأَلت الْحسن وَعَطَاء عَن قَوْله {فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَ: أَحدهمَا يمن عَلَيْهِ أَو لَا يفادى وَقَالَ الآخر: يصنع كَمَا صنع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمن عَلَيْهِ أَو لَا يفادى
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَتَى الْحجَّاج بِأسَارَى فَدفع إِلَى ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا رجلا يقْتله فَقَالَ ابْن عمر: لَيست بِهَذَا أمرنَا إِنَّمَا قَالَ الله {حَتَّى إِذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن نَافِع أَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أعتق ولد زنية وَقَالَ: قد أمرنَا الله وَرَسُوله أَن نمنَّ على من هُوَ شَرّ مِنْهُ قَالَ الله {فإمَّا منَّا بعدُ وَإِمَّا فدَاء}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن لَيْث رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت لمجاهد: بلغنى أَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لَا يحل قتل الْأُسَارَى لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {فإمَّا منَّا بعدُ وَإِمَّا فدَاء} فَقَالَ مُجَاهِد: لَا تعبأ بِهَذَا شَيْئا أدْركْت أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكلهمْ يُنكر هَذَا وَيَقُول: هَذِه مَنْسُوخَة إِنَّمَا كَانَت

(7/458)


فِي الْهُدْنَة الَّتِي كَانَت بَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين الْمُشْركين فَأَما الْيَوْم فَلَا يَقُول الله (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) وَيَقُول {فَإِذا لَقِيتُم الَّذين كفرُوا فَضرب الرّقاب} فَإِن كَانُوا من مُشْركي الْعَرَب لم يقبل مِنْهُم شَيْء إِلَّا الإِسلام فَإِن لم يسلمُوا فالقتل وَأما من سواهُم فَإِنَّهُم إِذا أَسرُّوا فالمسلمون فيهم بِالْخِيَارِ إِن شاؤوا قتلوهم وَإِن شاؤوا استحيوهم وَإِن شاؤوا فادوهم إِذا لم يتحوّلوا عَن دينهم فَإِن أظهرُوا الإِسلام لم يفادوا وَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قتل الصَّغِير وَالْمَرْأَة وَالشَّيْخ الفاني
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نسخت (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (النِّسَاء 89) مَا كَانَ قبل ذَلِك من فدَاء أَو مَنّ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يكره قتل أهل الشّرك صبرا وَيَتْلُو {فشدوا الوثاق فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} ثمَّ نسختها {فخذوهم واقتلوهم حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} وَنزلت زَعَمُوا فِي الْعَرَب خَاصَّة وَقتل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عقبَة بن أبي معيط [] يَوْم بدر صبرا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أَيُّوب رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن قتل الوصفاء والعسفاء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قتل النِّسَاء والولدان إِلَّا من عدا مِنْهُم بِالسَّيْفِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة فطلبوا رجلا فَصَعدَ شَجَرَة فأحرقوها بالنَّار فَلَمَّا قدمُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخْبرُوهُ بذلك فَتغير وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: إِنِّي لم أبْعث أعذب بِعَذَاب الله إِنَّمَا بعثت بِضَرْب الرّقاب وَشد الوثاق
أما قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى تضع الْحَرْب أَوزَارهَا}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {حَتَّى تضع الْحَرْب أَوزَارهَا} قَالَ: حَتَّى لَا يكون شرك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {حَتَّى تضع الْحَرْب أَوزَارهَا} قَالَ: حَتَّى يعبد الله وَلَا يُشْرك بِهِ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن

(7/459)


مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {حَتَّى تضع الْحَرْب أَوزَارهَا} قَالَ: حَتَّى يخرج عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام فَيسلم كل يَهُودِيّ وَنَصْرَانِي وَصَاحب مِلَّة وتأمن الشَّاة من الذِّئْب وَلَا تقْرض فَأْرَة جراباً وَتذهب الْعَدَاوَة من النَّاس كلهَا ذَلِك ظُهُور الإِسلام على الدّين كُله وينعم الرجل الْمُسلم حَتَّى تقطر رجله دَمًا إِذا وَضعهَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يُوشك من عَاشَ مِنْكُم أَن يلقى عِيسَى بن مَرْيَم إِمَامًا مهدياً وَحكما عدلا فيكسر الصَّلِيب وَيقتل الْخِنْزِير وتوضع الْجِزْيَة وتضع الْحَرْب أَوزَارهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {حَتَّى تضع الْحَرْب أَوزَارهَا} قَالَ: خُرُوج عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَغوِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَلمَة بن نفَيْل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا أَنا جَالس عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ جَاءَهُ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله: إِن الْخَيل قد سُيبت وَوُضِعَ السلاحُ وَزعم أَقوام أَن لَا قتال وأنْ قد وضعت الْحَرْب أَوزَارهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كذبُوا فَالْآن جَاءَ الْقِتَال وَلَا تزَال طَائِفَة من أمتِي يُقَاتلُون فِي سَبِيل الله لَا يضرهم من خالفهم يزِيغ الله قُلُوب قوم ليرزقهم مِنْهُم ويقاتلون حَتَّى تقوم السَّاعَة وَلَا تزَال الْخَيل معقوداً فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر حَتَّى تقوم السَّاعَة وَلَا تضع الْحَرْب أَوزَارهَا حَتَّى يخرج يَأْجُوج وَمَأْجُوج
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فتح لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتح فَقلت يَا رَسُول الله الْيَوْم ألْقى الإِسلام بجرانه وَوضعت الْحَرْب أَوزَارهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن دون أَن تضع الْحَرْب أَوزَارهَا خلالاً سِتا أولهنَّ موتِي ثمَّ فتح بَيت الْمُقَدّس ثمَّ فئتان من أمتِي دَعوَاهُم وَاحِدَة يقتل بَعضهم بَعْضًا وَيفِيض المَال حَتَّى يُعْطي الرجل الْمِائَة دِينَار فيتسخط وَمَوْت يكون كقعاص الْغنم وَغُلَام من بني الْأَصْفَر ينْبت فِي الْيَوْم كنبات الشَّهْر وَفِي الشَّهْر كنبات السّنة فيرغب فِيهِ قومه فيملكونه يَقُولُونَ نرجو أَن ير بك علينا ملكنا فَيجمع جمعا عَظِيما ثمَّ يسير حَتَّى يكون فِيمَا بَين الْعَريش وأنطاكية وأميركم يَوْمئِذٍ نعم الْأَمِير فَيَقُول لأَصْحَابه: مَا ترَوْنَ فَيَقُولُونَ نقاتلهم حَتَّى يحكم الله بَيْننَا وَبينهمْ فَيَقُول لَا أرى ذَلِك نحرز ذرارينا وعيالنا ونخلي بَينهم وَبَين الأَرْض ثمَّ نغزوهم وَقد أحرزنا ذرارينا فيسيرون فيخلون بَينهم وَبَين أَرضهم حَتَّى يَأْتُوا مدينتي هَذِه فيستهدون أهل الإِسلام فيهدونهم ثمَّ يَقُول لَا ينتدبن

(7/460)


معي إِلَّا من يهب نَفسه لله حَتَّى نلقاهم فنقاتل حَتَّى يحكم الله بيني وَبينهمْ فينتدب مَعَه سَبْعُونَ ألفا وَيزِيدُونَ على ذَلِك فَيَقُول حسبي سَبْعُونَ ألفا لَا تحملهم الأَرْض وَفِيهِمْ عين لعدوّهم فيأتيهم فيخبرهم بِالَّذِي كَانَ فيسيرون إِلَيْهِم حَتَّى إِذا الْتَقَوْا سَأَلُوا أَن يخلي بَينهم وَبَين من كَانَ بَينهم وَبَينه نسب فيدعونهم فَيَقُولُونَ مَا ترَوْنَ فِيمَا يَقُولُونَ فَيَقُول: مَا أَنْتُم بِأَحَق بقتالهم وَلَا أبعد مِنْهُم فَيَقُول: فعندكم فأكسروا أغمادكم فيسل الله سَيْفه عَلَيْهِم فَيقْتل مِنْهُم الثُّلُثَانِ ويقر فِي السفن الثُّلُث وصاحبهم فيهم حَتَّى إِذا تراءت لَهُم جبالهم بعث الله عَلَيْهِم ريحًا فردتهم إِلَى مراسيهم من الشَّام فأخِذوا فَذُبِحوا عِنْد أرجل سفنهم عِنْد السَّاحِل فَيَوْمئِذٍ تضع الْحَرْب أَوزَارهَا
أما قَوْله تَعَالَى: {ذَلِك وَلَو يَشَاء الله لانتصر مِنْهُم}
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {ذَلِك وَلَو يَشَاء الله لانتصر مِنْهُم} قَالَ: أَي وَالله بجُنُوده الْكَثِيرَة كل خلقه لَهُ جند فَلَو سلط أَضْعَف خلقه لَكَانَ لَهُ جنداً
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ذَلِك {وَلَو يَشَاء الله لانتصر مِنْهُم} قَالَ: لأرسل عَلَيْهِم ملكا فدمر عَلَيْهِم وَفِي قَوْله {وَالَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله فَلَنْ يضل أَعْمَالهم} قَالَ: نزلت فِيمَن قتل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أُحد
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ وَالَّذين قَاتلُوا بِالْألف
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله فَلَنْ يضل أَعْمَالهم} الْآيَة
قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي يَوْم أحد وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الشّعب وَقد فَشَتْ فيهم الْجِرَاحَات وَالْقَتْل وَقد نَادَى الْمُشْركُونَ يَوْمئِذٍ: أعلُ هُبَل ونادى الْمُسلمُونَ الله أَعلَى وَأجل ففادى الْمُشْركُونَ يَوْم بِيَوْم بدر وَإِن الْحَرْب سِجَال لنا عُزّى وَلَا عُزّى لكم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قُولُوا الله مَوْلَانَا وَلَا مولى لكم إِن الْقَتْلَى مُخْتَلفَة أما قَتْلَانَا فأحياء يرْزقُونَ وَأما قَتْلَاكُمْ فَفِي النَّار يُعَذبُونَ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {ويدخلهم الْجنَّة عرفهَا لَهُم} قَالَ: يهدي أَهلهَا إِلَى بُيُوتهم ومساكنهم وَحَيْثُ قسم الله لَهُم مِنْهَا لَا يخطئون كَأَنَّهُمْ ساكنوها مُنْذُ خلقُوا لَا يستدلون عَلَيْهَا أحدا

(7/461)


وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {عرفهَا لَهُم} قَالَ: عرفهم مَنَازِلهمْ فِيهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ويدخلهم الْجنَّة عرفهَا لَهُم} قَالَ: بلغنَا أَن الْملك الَّذِي كَانَ وُكّلَ بِحِفْظ عمله فِي الدُّنْيَا يمشي بَين يَدَيْهِ فِي الْجنَّة ويتبعه ابْن آدم حَتَّى يَأْتِي أقْصَى منزل هُوَ لَهُ فيعرفه كل شَيْء أعطَاهُ الله فِي الْجنَّة فَإِذا انْتهى إِلَى أقْصَى منزله فِي الْجنَّة دخل إِلَى منزله وأزواجه وَانْصَرف الْملك عَنهُ

الْآيَات 7 - 11

(7/462)


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11)

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن تنصرُوا الله ينصركم وَيثبت أقدامكم} قَالَ: على نَصره
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {إِن تنصرُوا الله ينصركم} قَالَ: حق على الله أَن يُعْطي من سَأَلَهُ وَأَن ينصر من نَصره {وَالَّذين كفرُوا فتعساً لَهُم وأضل أَعْمَالهم ذَلِك بِأَنَّهُم كَرهُوا مَا أنزل الله فأحبط أَعْمَالهم} قَالَ: أما الأولى فَفِي الْكفَّار الَّذين قتل الله يَوْم بدر وَأما الْأُخْرَى فَفِي الْكفَّار عَامَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَمْرو بن مَيْمُون رَضِي الله عَنهُ: {ذَلِك بِأَنَّهُم كَرهُوا مَا أنزل الله} قَالَ: كَرهُوا الْفَرَائِض
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أفلم يَسِيرُوا فِي الأَرْض فينظروا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الَّذين من قبلهم دمر الله عَلَيْهِم} قَالَ: أهلكهم الله بألوان الْعَذَاب بِأَن يتفكر متفكر ويتذكر متذكر وَيرجع رَاجع فَضرب الْأَمْثَال وَبعث الرُّسُل ليعقلوا عَن الله أمره

(7/462)


وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وللكافرين أَمْثَالهَا} قَالَ: لكفار قَوْمك يَا مُحَمَّد مثل مَا دمرت بِهِ الْقرى فأهلكوا بِالسَّيْفِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وللكافرين أَمْثَالهَا} قَالَ: مثل مَا دمرت بِهِ الْقُرُون الأولى وَعِيد من الله تَعَالَى لَهُم وَفِي قَوْله {ذَلِك بِأَن الله مولى الَّذين آمنُوا} قَالَ: وليهم الله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ذَلِك بِأَن الله مولى الَّذين آمنُوا} قَالَ: لَيْسَ لَهُم مولى غَيره

الْآيَات 12 - 14

(7/463)


إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13) أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14)

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَالَّذين كفرُوا يتمتعون ويأكلون كَمَا تَأْكُل الْأَنْعَام} قَالَ: لَا يلْتَفت إِلَى آخرته
قَوْله تَعَالَى: {وكأين من قَرْيَة} الْآيَتَيْنِ
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما خرج من مَكَّة إِلَى الْغَار الْتفت إِلَى مَكَّة وَقَالَ: أَنْت أحب بِلَاد الله إِلَى الله وَأَنت أحب بِلَاد الله إِلَيّ وَلَوْلَا أَن أهلك أَخْرجُونِي مِنْك لم أخرج مِنْك فأعتى الْأَعْدَاء من عدا على الله فِي حرمه أَو قتل غير قَاتله أَو قتل بذحول أهل الْجَاهِلِيَّة فَأنْزل الله تَعَالَى {وكأين من قَرْيَة هِيَ أَشد قوّة من قريتك الَّتِي أخرجتك أهلكناهم فَلَا نَاصِر لَهُم}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وكأين من قَرْيَة هِيَ أَشد قوّة من قريتك} قَالَ: قريته مَكَّة وَفِي قَوْله {أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَة من ربه} قَالَ: هُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {كمن زين لَهُ سوء عمله} قَالَ: هم الْمُشْركُونَ

(7/463)


وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كلُّ هوى ضَلَالَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن طَاوس قَالَ: مَا ذكر الله هوى فِي الْقُرْآن إِلَّا ذمه

الْآيَة 15

(7/464)


مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15)

أخرج ابْن جريج وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أَنهَار من مَاء غير آسن} قَالَ: غير متغير
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {من مَاء غير آسن} قَالَ: غير منتن
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {وأنهار من لبن لم يتَغَيَّر طعمه} قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: لم يحلب
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأنهار من لبن لم يتَغَيَّر طعمه} قَالَ: لم يخرج من بَين فرث وَدم {وأنهار من خمر لَذَّة للشاربين} قَالَ: لم تدنسه الرِّجَال بأرجلهم {وأنهار من عسل مصفى} قَالَ: لم يخرج من بطُون النَّحْل
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن مُعَاوِيَة بن حيدة رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي الْجنَّة بَحر اللَّبن وبحر المَاء وبحر الْعَسَل وبحر الْخمر ثمَّ تشقق الْأَنْهَار مِنْهَا بعد
وَأخرج الْحَرْث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده وَالْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نهر النّيل نهر الْعَسَل فِي الْجنَّة ونهر دجلة نهر اللَّبن فِي الْجنَّة ونهر الْفُرَات نهر الْخمر فِي الْجنَّة
ونهر سيحان نهر المَاء فِي الْجنَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْكَلْبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {مثل الْجنَّة الَّتِي وعد المتقون فِيهَا أَنهَار من مَاء غير آسن} الْآيَة قَالَ: حَدثنِي أَبُو صَالح عَن ابْن عَبَّاس

(7/464)


رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي فَانْطَلق بِي الْملك فَانْتهى بِي إِلَى نهر الْخمر فَإِذا عَلَيْهِ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَقلت للْملك: أَي نهر هَذَا فَقَالَ: هَذَا نهر دجلة
فَقلت لَهُ: إِنَّه مَاء قَالَ هُوَ فِي مَاء فِي الدُّنْيَا يسْقِي الله بِهِ من يَشَاء وَهُوَ فِي الْآخِرَة خمر لأهل الْجنَّة
قَالَ: ثمَّ انْطَلَقت مَعَ الْملك إِلَى نهر الرب فَقلت للْملك: أَي نهر هَذَا قَالَ: هُوَ جيحون وَهُوَ المَاء غير آسن وَهُوَ فِي الدُّنْيَا مَاء يسْقِي الله بِهِ من يَشَاء وَهُوَ فِي الْآخِرَة مَاء غير آسن ثمَّ انْطلق بِي فأبلغني نهر اللَّبن الَّذِي يَلِي الْقبْلَة فَقلت للْملك: أيّ نهر هَذَا قَالَ: هَذَا نهر الْفُرَات فَقلت: هُوَ مَاء
قَالَ: هُوَ مَاء يسْقِي الله بِهِ من يَشَاء فِي الدُّنْيَا وَهُوَ لبن فِي الْآخِرَة لذرية الْمُؤمنِينَ الَّذين رَضِي الله عَنْهُم وَعَن آبَائِهِم ثمَّ انْطلق بِي فأبلغني نهر الْعَسَل الَّذِي يخرج من جَانب الْمَدِينَة فَقلت للْملك الَّذِي أرسل معي: أيّ نهر هَذَا قَالَ: هَذَا نهر مصر
قلت: هُوَ مَاء
قَالَ: هُوَ مَاء يسْقِي الله بِهِ من يَشَاء فِي الدُّنْيَا وَهُوَ فِي الْآخِرَة عسلٌ لأهل الْجنَّة {وَلَهُم فِيهَا من كل الثمرات} يَقُول: فِي الْجنَّة {ومغفرة من رَبهم} يَقُول: لذنوبهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي وَائِل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ رجل يُقَال لَهُ نهيك بن سِنَان ألى ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن كَيفَ تقْرَأ هَذَا الْحَرْف أياء تَجدهُ أم الْفَا من مَاء غير ياسن أَو من مَاء غير آسن فَقَالَ لَهُ عبد الله رَضِي الله عَنهُ: وكل الْقُرْآن أحصيت غير هَذَا فَقَالَ أَنِّي لأقرأ الْمفصل فِي رَكْعَة
قَالَ: هَذَا كَهَذا الشّعْر إِن قوما يقرأون الْقُرْآن لَا يُجَاوز تراقيهم وَلَكِن الْقُرْآن إِذا وَقع فِي الْقلب فَرسَخ نفع إِنِّي لأعرف النَّظَائِر الَّتِي كَانَ يقْرَأ بِهن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن جرير عَن سعد بن طريف رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت أَبَا إِسْحَق رَضِي الله عَنهُ عَن {مَاء غير آسن} قَالَ: سَأَلت عَنْهَا الْحَارِث فَحَدثني أَن المَاء الَّذِي غير آسن تسنيم قَالَ: بَلغنِي أَنه لَا تمسه يَد وَأَنه يَجِيء المَاء هَكَذَا حَتَّى يدْخل فَمه وَالله تَعَالَى أعلم

الْآيَات 16 - 19

(7/465)


وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17) فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19)

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ الْمُؤْمِنُونَ والمنافقون يَجْتَمعُونَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيستمع الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُ مَا يَقُول ويعونه ويسمعه المُنَافِقُونَ فَلَا يعونه فَإِذا اخْرُجُوا سَأَلُوا الْمُؤمنِينَ مَاذَا قَالَ آنِفا فَنزلت {وَمِنْهُم من يستمع إِلَيْك}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا يدْخلُونَ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا خَرجُوا من عِنْده قَالُوا لِابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: مَاذَا قَالَ آنِفا فَيَقُول: كَذَا وَكَذَا
وَكَانَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا من الَّذين أُوتُوا الْعلم
وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {حَتَّى إِذا خَرجُوا من عنْدك قَالُوا للَّذين أُوتُوا الْعلم مَاذَا قَالَ آنِفا} قَالَ: أَنا مِنْهُم وَلَقَد سُئِلت
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمِنْهُم من يستمع إِلَيْك} قَالَ: هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ دخل رجلَانِ فَرجل عقل عَن الله وانتفع بِمَا يسمع وَرجل لم يعقل عَن الله وَلم يعه وَلم ينْتَفع بِهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ {قَالُوا للَّذين أُوتُوا الْعلم مَاذَا قَالَ آنِفا} قَالَ: هُوَ عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: هُوَ عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ
قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين اهتدوا} الْآيَة
أخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَن نَاسا من أهل الْكتاب آمنُوا برسلهم وصدقوهم وآمنوا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يبْعَث فَلَمَّا بعث كفرُوا بِهِ فَذَلِك قَوْله {فَأَما الَّذين اسودّت وُجُوههم أكفرتم بعد إيمَانكُمْ} وَكَانَ قوم

(7/466)


من أهل الْكتاب آمنُوا برسلهم وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يبْعَث فَلَمَّا بعث آمنُوا بِهِ فَذَلِك قَوْله {وَالَّذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالَّذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} قَالَ: لما أنزل الْقُرْآن آمنُوا بِهِ فَكَانَ هدى فَلَمَّا تبين النَّاسِخ من الْمَنْسُوخ زادهم هدى
أما قَوْله تَعَالَى: {فَهَل ينظرُونَ إِلَّا السَّاعَة أَن تأتيهم بَغْتَة فقد جَاءَ أشراطها}
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فقد جَاءَ أشراطها} قَالَ: دنت السَّاعَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فقد جَاءَ أشراطها} قَالَ: أول السَّاعَات
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فقد جَاءَ أشراطها} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أشراطها
وَأخرج البُخَارِيّ عَن سهل بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بِأُصْبُعِهِ هَكَذَا الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا بعثت أَنا والساعة كهاتين
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بعثت أَنا والساعة كهاتين وَأَشَارَ بالسبابة وَالْوُسْطَى
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن أبي عرُوبَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَهَل ينظرُونَ إِلَّا السَّاعَة أَن تأتيهم بَغْتَة فقد جَاءَ أشراطها} قَالَ: كَانَ قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ يَقُول: قد دنت السَّاعَة ودنا مِنْكُم فدَاء ودنا من الله فرَاغ للعباد قَالَ قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب أَصْحَابه بعد الْعَصْر حَتَّى كَادَت الشَّمْس تغرب وَلم يبْق مِنْهَا إِلَّا أَسف أَي شَيْء قَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا مثل مَا مضى من الدُّنْيَا فِيمَا بَقِي مِنْهَا إِلَّا مثل مَا مضى من يومكم هَذَا فِيمَا بَقِي مِنْهُ وَمَا بَقِي مِنْهُ إِلَّا الْيَسِير
وَأخرج أَحْمد عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: بعثت أَنا والساعة جَمِيعًا إِن كَادَت تسبقني
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بعثت أَنا والساعة كهاتين

(7/467)


وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي جبيرَة بن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بعثت فِي سم السَّاعَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يرفع الْعلم وَيظْهر الْجَهْل وَيشْرب الْخمر وَيظْهر الزِّنَا ويقل الرِّجَال وَيكثر النِّسَاء حَتَّى يكون على خمسين امْرَأَة قيم وَاحِد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا بارزاً للنَّاس فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَتى السَّاعَة فَقَالَ: مَا المسؤول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل وَلَكِن سأحدثك عَن أشراطها إِذا ولدت الْأمة ربتها فَذَاك من أشراطها وَإِذا كَانَت الحفاة العراة رعاء الشَّاء رُؤُوس النَّاس فَذَاك من أشراطها وَإِذا تطاول رعاء الْغنم فِي الْبُنيان فَذَاك من أشراطها
وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن أَعْرَابِيًا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَتى السَّاعَة فَقَالَ: إِذا ضيعت الْأَمَانَة فانتظر السَّاعَة
قَالَ يَا رَسُول الله وَكَيف إضاعتها قَالَ: إِذا وسد الْأَمر إِلَى غير أَهله فانتظر السَّاعَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَتَى رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله مَتى السَّاعَة قَالَ: مَا السَّائِل بِأَعْلَم من المسؤول
قَالَ: فَلَو علمتنا أشراطها
قَالَ: تقَارب الْأَسْوَاق
قلت: وَمَا تقَارب الْأَسْوَاق قَالَ: أَن يشكو النَّاس بَعضهم إِلَى بعض قلَّة إصابتهم وَيكثر ولد الْبَغي وتفشوا الْغَيْبَة ويعظم رب المَال وترتفع أصوات الْفُسَّاق فِي الْمَسَاجِد وَيظْهر أهل الْمُنكر وَيظْهر الْبغاء
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أَشْرَاط السَّاعَة سوء الْجوَار وَقَطِيعَة الْأَرْحَام وَأَن يعطل السَّيْف من الْجِهَاد وَأَن ينتحل الدُّنْيَا بِالدّينِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يكون أسعد النَّاس بالدنيا لكع بن لكع
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لن تذْهب الدُّنْيَا حَتَّى تصير للكع بن لكع

(7/468)


وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَابْن ماجة عَن عَمْرو بن تغلب رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن تقاتلوا قوما نعَالهمْ الشّعْر وَإِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن تقاتلوا قوما عراض الْوُجُوه كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة
وَأخرج النَّسَائِيّ عَن عَمْرو بن تغلب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يقبض الْعلم ويفشو المَال وتفشو التِّجَارَة وَيظْهر الْقَلَم قَالَ عَمْرو فَإِن كَانَ هَذَا الرجل ليبيع البيع فَيَقُول حَتَّى استأمر تَاجر بني فلَان ويلتمس فِي الحواء الْعَظِيم الْكَاتِب فَلَا يُوجد
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يكون بَين يَدي السَّاعَة أَيَّام فيرفع فِيهَا الْعلم وَينزل فِيهَا الْجَهْل وَيكثر فِيهَا الْهَرج
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عبد الله بن ربيب الجندي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا الْوَلِيد يَا عبَادَة بن الصَّامِت إِذا رَأَيْت الصَّدَقَة كتمت وغلت واستؤجر فِي الْغَزْو وَعمر الخراب وَخرب العامر وَالرجل يتمرس بأمانته كَمَا يتمرس الْبَعِير بِالشَّجَرَةِ فَإنَّك والساعة كهاتين وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ السبابَة وَالَّتِي تَلِيهَا
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يتباهى النَّاس فِي الْمَسَاجِد
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يتقارب الزَّمَان فَيكون السّنة كالشهر والشهر كَالْجُمُعَةِ وَالْجُمُعَة كَالْيَوْمِ وَالْيَوْم كالساعة والساعة كالضرمة بالنَّار)
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يتقارب الزَّمَان فَتكون السّنة كالشهر وَيكون الشَّهْر كَالْجُمُعَةِ وَتَكون الْجُمُعَة كَالْيَوْمِ وَيكون الْيَوْم كالساعة وَتَكون السَّاعَة كاحتراق السعفة
وَأخرج مُسلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تعود أَرض الْعَرَب مروجاً وأنهاراً
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يقتل فئتان عظيمتان يكون بَينهم مقتلة عَظِيمَة دعواهما وَاحِدَة

(7/469)


وَحَتَّى يبْعَث دجالون كذابون قريب من ثَلَاثِينَ كلهم يزْعم أَنه رَسُول الله وَحَتَّى يقبض الْعلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزَّمَان وَتظهر الْفِتَن وَيكثر الْهَرج وَهُوَ الْقَتْل وَحَتَّى يكثر فِيكُم المَال فيفيض حَتَّى يهم رب المَال من يقبل صدقته وَحَتَّى يعرضه فَيَقُول الَّذِي يعرضه عَلَيْهِ لَا أرب لي بِهِ وَحَتَّى يَتَطَاوَل النَّاس فِي الْبُنيان وَحَتَّى يمر الرجل بِقَبْر الرجل فَيَقُول يَا لَيْتَني مَكَانَهُ وَحَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا فَإِذا طلعت وَرَآهَا النَّاس آمنُوا أَجْمَعُونَ وَذَلِكَ حِين لَا ينفع إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي ايمانها خيرا
وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد نشر الرّجلَانِ ثوبا بَينهمَا فَلَا يتبايعانه وَلَا يطويانه وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد انْصَرف الرجل بِلَبن لقحته فَلَا يطعمهُ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَهُوَ يليط حَوْضه فَلَا يسْقِي بِهِ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد رفعت أَكلته إِلَى فِيهِ فَلَا يطْعمهَا
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله لَا يحب الْفَاحِش وَلَا الْمُتَفَحِّش وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يظْهر الْفُحْش والتفحش وَسُوء الْجوَار وَقَطِيعَة الْأَرْحَام وَحَتَّى يخون الْأمين ويؤتمن الخائن
ثمَّ قَالَ: إِنَّمَا مثل الْمُؤمن مثل النَّخْلَة وَقعت فَأكلت طيبا وَلم تفْسد وَلم تكسر وَمثل الْمُؤمن كَمثل الْقطعَة الذَّهَب الْأَحْمَر أدخلت النَّار فَنفخ عَلَيْهَا وَلم تَتَغَيَّر ووزنت فَلم تنقص
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يمطر النَّاس مَطَرا عامّاً وَلَا تنْبت الأَرْض شَيْئا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: بَين يَدي السَّاعَة كذابون مِنْهُم صَاحب الْيَمَامَة وَصَاحب صنعاء الْعَنسِي وَمِنْهُم صَاحب حمير وَمِنْهُم الدَّجَّال وَهُوَ أعظمهم فتْنَة
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَين يَدي السَّاعَة قريب من ثَلَاثِينَ دجالين كلهم يَقُول أَنا نَبِي أَنا نَبِي
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سَيكون فِي أمتِي دجالون كذّابون يأتونكم ببدع من الحَدِيث بِمَا لم تسمعوا أَنْتُم وَلَا آباؤكم فإياكم وإياهم لَا يفتنونكم

(7/470)


وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَيَكُونن قبل يَوْم الْقِيَامَة الْمَسِيح الدَّجَّال وكذابون ثَلَاثُونَ أَو أَكثر
وَأخرج أَبُو يعلى عَن ابْن عمر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن فِي أمتِي لنيفاً وَسبعين دَاعيا كلهم دَاع إِلَى النَّار لَو أَشَاء لأنبأتكم بِأَسْمَائِهِمْ وقبائلهم
وَأخرج أَبُو يعلى عَن أبي الْجلاس قَالَ: سَمِعت عليا رَضِي الله عَنهُ يَقُول لعبد الله السبائي لقد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن بَين يَدي السَّاعَة ثَلَاثِينَ كذابا وَإنَّك لأَحَدهم
وَأخرج أَبُو يعلى عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يكون قبل خُرُوج الدَّجَّال ينيف على سبعين دجالًا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن بَين يَدي السَّاعَة لستاً وَسبعين دجالًا
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تمطر السَّمَاء مَطَرا لَا يكن مِنْهُ بيُوت الْمدر وَلَا يكن مِنْهُ إِلَّا بيُوت الشّعْر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن الْحسن قَالَ: قَالَ [] عليّ خرجت فِي طلب الْعلم فَقدمت الْكُوفَة فَإِذا أَنا بِعَبْد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَقلت يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن: هَل للساعة من علم تعرب بِهِ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك فَقَالَ: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يكون الْوَلَد غيظاً والمطر قيظاً وَتفِيض الأشرار فيضاً وَيصدق الْكَاذِب ويؤتمن الخائن ويخون الْأمين ويسود كل قَبيلَة وكل سوق فجارهم وتزخرف المحاريب وتخرب الْقُلُوب ويكتفي الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء وَيخرب عمرَان الدُّنْيَا ويعمر خرابها وَتظهر الْفِتْنَة وَأكل الرِّبَا وَتظهر المعازف والكنوز وَشرب الْخمر وَيكثر الشَّرْط والغمازون والهمازون
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من اقتراب السَّاعَة اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ خصْلَة إِذْ رَأَيْتُمْ النَّاس أماتوا الصَّلَاة وأضاعوا الْأَمَانَة وأكلوا الرِّبَا وَاسْتَحَلُّوا الْكَذِب واستخفوا بالدماء واستعلوا الْبناء وَبَاعُوا الدّين بالدنيا وتقطعت الْأَرْحَام وَيكون الحكم ضعفا وَالْكذب صدقا وَالْحَرِير لباساً وَظهر الْجور وَكَثْرَة الطَّلَاق وَمَوْت الْفُجَاءَة وائتمن الخائن وخوّن الْأمين

(7/471)


وَصدق الْكَاذِب وَكذب الصَّادِق وَكثر الْقَذْف وَكَانَ الْمَطَر قيظاً وَالْولد غيظاً وفاض اللئام فيضاً وغاض الْكِرَام غيضاً وَكَانَ الْأُمَرَاء والوزراء كذبة والأمناء خونة والعرفاء ظَلَمَة والقراء فَسَقَة إِذا لبسوا مسوك الضَّأْن قُلُوبهم أنتن من الْجِيَف وأمرّ من الصَّبْر يغشيهم الله تَعَالَى فتْنَة يتهاركون (يتهاركون: يَمْشُونَ باختيال وبطىء) فِيهَا تهارك الْيَهُود الظلمَة وَتظهر الصَّفْرَاء يَعْنِي الدَّنَانِير وتطلب الْبَيْضَاء وتكثر الْخَطَايَا ويقل الْأَمْن وحليت الْمَصَاحِف وصورت الْمَسَاجِد وطوّلت المنائر وخرّبت الْقُلُوب وشربت الْخُمُور وعطلت الْحُدُود وَولدت الْأمة ربتها وَترى الحفاة العراة قد صَارُوا ملوكاً وشاركت الْمَرْأَة زَوجهَا فِي التِّجَارَة وتشبه الرِّجَال بِالنسَاء وَالنِّسَاء بِالرِّجَالِ وَحلف بِغَيْر الله وَشهد الْمُؤمن من غير أَن يستشهد وَسلم للمعرفة وتفقه لغير دين الله وَطلب الدُّنْيَا بِعَمَل الْآخِرَة وَاتخذ الْمغنم دولاً وَالْأَمَانَة مغنماً وَالزَّكَاة مغرماً وَكَانَ زعيم الْقَوْم أرذلهم وعق الرجل أَبَاهُ وجفا أمه وضر صديقه وأطاع امْرَأَته وعلت أصوات الفسقة فِي الْمَسَاجِد وَاتخذ الْقَيْنَات وَالْمَعَازِف وشربت الْخُمُور فِي الطّرق وَاتخذ الظُّلم فخراً وَبيع الحكم وَكَثُرت الشَّرْط وَاتخذ الْقُرْآن مَزَامِير وجلود السبَاع خفافاً وَلعن آخر هَذِه الْأمة أَولهَا فليرتقبوا عِنْد ذَلِك ريحًا حَمْرَاء وخسفاً ومسخاً وقذفاً وآيات
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنهم سَأَلُوا مَتى السَّاعَة فَقَالَ: لقد سَأَلْتُمُونِي عَن أَمر مَا يُعلمهُ جِبْرِيل وَلَا مِيكَائِيل وَلَكِن إِن شِئْتُم أنبأتكم بأَشْيَاء إِذا كَانَت لم يكن للساعة كثير لبث إِذا كَانَت الألسن لينَة والقلوب جنادل وَرغب النَّاس فِي الدُّنْيَا وَظهر الْبناء على وَجه الأَرْض وَاخْتلف الإِخوان فَصَارَ هواهما شَتَّى وَبيع حكم الله بيعا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سلمَان الْفَارِسِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن من اقتراب السَّاعَة أَن يظْهر الْبناء على وَجه الأَرْض وَأَن تقطع الْأَرْحَام وَأَن يُؤْذِي الْجَار جَاره
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن من أَشْرَاط

(7/472)


السَّاعَة أَن يظْهر الْفُحْش والتفحش وَسُوء الْخلق وَسُوء الْجوَار
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عمر بن الْعَاصِ قَالَ: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يظْهر القَوْل ويخزن الْعَمَل ويرتفع الأشرار وَيُوضَع الأخيار وَيقْرَأ المثاني عَلَيْهِم فَلَا يعيها أحد مِنْهُم
قلت: مَا المثاني قَالَ: كل كتاب سوى كتاب الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن رَجَاء بن حَيْوَة قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا تحمل النَّخْلَة إِلَّا تَمْرَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قيس قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقوم رَأس الْبَقَرَة بالأوقية
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الوداك قَالَ: من اقتراب السَّاعَة انتفاخ الإِهلّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من اقتراب السَّاعَة أَن يرى الْهلَال قبلا فَيُقَال ابْن لَيْلَتَيْنِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من اقتراب السَّاعَة أَن يرى الْهلَال قبلا فَيُقَال ابْن لَيْلَتَيْنِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى قَالَ: إِن بَين يَدي السَّاعَة أَيَّامًا ينزل فِيهَا الْجَهْل وَيرْفَع الْعلم حَتَّى يقوم الرجل إِلَى أمه فيكربها بِالسَّيْفِ من الْجَهْل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عمر قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان يَجْتَمعُونَ وَيصلونَ فِي الْمَسَاجِد وَلَيْسَ فيهم مُؤمن
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يصير الْعلم جهلا وَالْجهل علما
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان يجد النسْوَة نعلا ملقى على الطَّرِيق فَيَقُول بَعضهنَّ لبَعض قد كَانَت هَذِه النعلة مرّة لرجل
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَزَّار عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قيل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَتى السَّاعَة فزبره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى إِذا صلى الْفجْر رفع رَأسه إِلَى السَّمَاء فَقَالَ: تبَارك خَالِقهَا ورافعها ومبدلها وطاويها كطي السّجل للْكتاب ثمَّ تطلع إِلَى الأَرْض فَقَالَ تبَارك خَالِقهَا وواضعها ومبدلها وطاويها كطي السّجل للْكتاب ثمَّ قَالَ: أَيْن السَّائِل عَن السَّاعَة فَجَثَا رجل من آخر الْقَوْم على رُكْبَتَيْهِ فَإِذا هُوَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عِنْد حيف الْأَئِمَّة وَتَكْذيب بِالْقدرِ وإيمان بالنجوم وَقوم يتخذون الْأَمَانَة مغنماً وَالزَّكَاة مغرماً والفاحشة زِيَارَة فَسَأَلته عَن الْفَاحِشَة زِيَارَة فَقَالَ: الرّجلَانِ من أهل الْفسق يصنع أَحدهمَا طَعَاما وَشَرَابًا

(7/473)


ويأتيه بِالْمَرْأَةِ فَيَقُول اصنعي لي كَمَا صنعت فيتزاورون على ذَلِك قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِك هَلَكت أمتِي يَا ابْن الْخطاب
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكون السَّلَام على الْمعرفَة وَحَتَّى تتَّخذ الْمَسَاجِد طرقاً لَا يسْجد لله فِيهَا حَتَّى يُجَاوز وَحَتَّى يبْعَث الْغُلَام بالشيخ بريداً بَين الأفقين وَحَتَّى ينْطَلق الْفَاجِر إِلَى الأَرْض النامية فَلَا يجد فضلاًّ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: حج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حجَّة الْوَدَاع ثمَّ أَخذ بِحَلقَة بَاب الْكَعْبَة قَالَ: أَيهَا النَّاس أَلا أخْبركُم بأشراط السَّاعَة فَقَامَ إِلَيْهِ سلمَان رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: أخبرنَا فدَاك أبي وَأمي يَا رَسُول الله
قَالَ: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة إِضَاعَة الصَّلَاة والميل مَعَ الْهوى وتعظيم رب المَال
فَقَالَ سلمَان: وَيكون هَذَا يَا رَسُول الله قَالَ: نعم وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ فَعِنْدَ ذَلِك يَا سلمَان تكون الزَّكَاة مغرماً والفيء مغنماً وَيصدق الْكَاذِب ويكذب الصَّادِق ويؤتمن الخائن ويخون الْأمين وَيتَكَلَّم الرويبضة
قَالَ: وَمَا الرويبضة قَالَ: يتَكَلَّم فِي النَّاس من لم يتَكَلَّم وينكر الْحق تِسْعَة أعشارهم وَيذْهب الإِسلام فَلَا يبْقى إِلَّا اسْمه وَيذْهب الْقُرْآن فَلَا يبْقى إِلَّا رسمه وتحلى الْمَصَاحِف بِالذَّهَب وتتسمن ذُكُور أمتِي وَتَكون المشورة للإِماء ويخطب على المنابر الصّبيان وَتَكون المخاطبة للنِّسَاء فَعِنْدَ ذَلِك تزخرف الْمَسَاجِد كَمَا تزخرف الْكَنَائِس وَالْبيع وتطول المنائر وتكثر الصُّفُوف مَعَ قُلُوب متباغضة وألسن مُخْتَلفَة وَأَهْوَاء جمة
قَالَ سلمَان: وَيكون ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ: نعم وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ عِنْد ذَلِك يَا سلمَان يكون الْمُؤمن فيهم أذلّ من الْأمة يذوب قلبه فِي جَوْفه كَمَا يذوب الْملح فِي المَاء مِمَّا يرى من الْمُنكر فَلَا يَسْتَطِيع أَن يُغَيِّرهُ ويكتفي الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء ويغار على الغلمان كَمَا يغار على الْجَارِيَة الْبكر فَعِنْدَ ذَلِك يَا سلمَان يكون أُمَرَاء فسقة ووزراء فجرة وأمناء خونة يضيعون الصَّلَوَات ويتبعون الشَّهَوَات فَإِن أدركتموهم فصلوا صَلَاتكُمْ لوَقْتهَا
عِنْد ذَلِك يَا سلمَان يجي سبي من الْمشرق وَسبي من الْمغرب جثاؤهم جثاء النَّاس وَقُلُوبهمْ قُلُوب الشَّيَاطِين لَا يرحمون صَغِيرا وَلَا يوقرون كَبِيرا

(7/474)


عِنْد ذَلِك يَا سلمَان يحجّ النَّاس إِلَى هَذَا الْبَيْت الْحَرَام تحج مُلُوكهمْ لهواً وتنزهاً وأغنياؤهم للتِّجَارَة ومساكينهم للمسألة وقراؤهم رِيَاء وَسُمْعَة
قَالَ: وَيكون ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ: نعم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ عِنْد ذَلِك يَا سلمَان يفشوا الْكَذِب وَيظْهر الْكَوْكَب لَهُ الذَّنب وتشارك الْمَرْأَة زَوجهَا فِي التِّجَارَة وتتقارب الْأَسْوَاق
قَالَ: وَمَا تقاربها قَالَ: كسادها وَقلة أرباحها عِنْد ذَلِك يَا سلمَان يبْعَث الله ريحًا فِيهَا حيات صفر فتلتقط رُؤَسَاء الْعلمَاء لما رَأَوْا الْمُنكر فَلم يغيروه قَالَ: وَيكون ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ: نعم وَالَّذِي بعث مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وَالله لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يَلِي عَلَيْكُم من لَا يزن عشر بعوضة يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ عَن سَلامَة بنت الْحر قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يَأْتِي على النَّاس زمَان يقومُونَ سَاعَة لَا يَجدونَ إِمَامًا يُصَلِّي بهم
وَأخرج أَحْمد عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَيَّام الدَّجَّال سِنِين خداعة يكذب فِيهَا الصَّادِق وَيصدق فِيهَا الْكَاذِب ويخون فِيهَا الْأمين ويؤتمن فِيهَا الخائن وَيتَكَلَّم فِيهَا الرويبضة
قيل: وَمَا الرويبضة قَالَ: الْفَاسِق يتَكَلَّم فِي أَمر الْعَامَّة
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قبل السَّاعَة سنُون خداعة يكذب فِيهَا الصَّادِق وَيصدق فِيهَا الْكَاذِب ويخون فِيهَا الْأمين ويؤتمن فِيهَا الخائن وينطق بهَا الرويبضة
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والضياء عَن بُرَيْدَة قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن أمتِي يَسُوقهَا قوم اعراض الْوُجُوه صغَار الْأَعْين كَأَن وُجُوههم الحجف ثَلَاث مرار حَتَّى يلحوقهم بِجَزِيرَة الْعَرَب
أما السَّابِقَة الأولى فينجو من هرب مِنْهُم وَإِمَّا الثَّانِيَة فَيهْلك بعض وينجو بعض وَأما الثَّالِثَة فيصطلمون كلهم من بَقِي مِنْهُم
قَالُوا يَا رَسُول الله: من هم قَالَ: هم التّرْك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يتسافد النَّاس فِي الطّرق تسافد الْحمر وَفِي لفظ: حَتَّى يتهارجون فِي الطّرق تهارج الْحمر فيأتيهم إِبْلِيس فيصرفهم إِلَى عبَادَة الْأَوْثَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:

(7/475)


لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا قوما نعَالهمْ الشّعْر وَلَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا قوما صغَار الْأَعْين ذلف الْأنف كَأَن وُجُوههم المجانّ الْمُطَرَّقَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن النَّاس كَانُوا يسْأَلُون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْخَيْر وَكنت أسأله عَن الشَّرّ كَيْمَا أعرفهُ فأتقيه قلت يَا رَسُول الله: أَرَأَيْت هَذَا الْخَيْر الَّذِي أَعْطَانَا الله يكون بعده شَرّ قَالَ: نعم قلت: فَمَا الْعِصْمَة من ذَلِك قَالَ: السَّيْف
قلت: وَهل للسيف من بَقِيَّة قَالَ: نعم
قلت: ثمَّ مَاذَا قَالَ: ثمَّ على دخن جمَاعَة على فِرْيَة فَإِن كَانَ يَوْمئِذٍ لله خَليفَة ضرب ظهرك وَأخذ مَالك فاسمع وأطع وَإِلَّا فمت عاضّاً بجذل شَجَرَة قلت: ثمَّ مَاذَا قَالَ: يخرج الدَّجَّال وَمَعَهُ نهر ونار فَمن وَقع فِي ناره وَقع وَحط وزره وَمن وَقع فِي نهره وَجب وزره وَحط أجره
قلت: ثمَّ مَاذَا قَالَ: ثمَّ إِنَّمَا هِيَ قيام السَّاعَة
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُقَال فِي الأَرْض الله الله
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُقَال فِي الأَرْض الله الله
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُقَال فِي الأَرْض الله الله وَحَتَّى تمر الْمَرْأَة بِقِطْعَة النَّعْل فَتَقول: قد كَانَ لهَذِهِ رجل مرّة وَحَتَّى يكون الرجل قيم خمسين امْرَأَة وَحَتَّى تمطر السَّمَاء وَلَا تنْبت الأَرْض
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تقوم السَّاعَة على رجل يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَيَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يبْقى على وَجه الأَرْض أحد لله فِيهِ حَاجَة وَحَتَّى تُؤْخَذ الْمَرْأَة نَهَارا جهاراً تُنْكحُ وسط الطَّرِيق لَا يُنكر ذَلِك أحد فَيكون أمثلهم الَّذِي يَقُول: لَو نحيتها عَن الطَّرِيق قَلِيلا فَذَاك فيهم مثل أبي بكر وَعمر فِيكُم
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن علْبَاء السّلمِيّ مَرْفُوعا: لَا تقوم السَّاعَة إِلَّا على حثالة النَّاس

(7/476)


وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ لَا يدركني زمَان لَا تقوم السَّاعَة إِلَّا على شرار النَّاس
وَأخرج أَحْمد عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ لَا يدركني زمَان وَلَا تدركون زَمَانا لَا يتبع فِيهِ الْعَلِيم وَلَا يستحيا من الْحَلِيم قُلُوبهم قُلُوب الْأَعَاجِم وألسنتهم أَلْسِنَة الْعَرَب
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تضطرب اليات نسَاء دوس على ذِي الخلصة وَذُو الخلصة طاغية دوس الَّتِي كَانُوا يعْبدُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عمر قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تضطرب اليات نسَاء حول الْأَصْنَام
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن تعزب الْعُقُول وتنقص الأحلام
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَ يُقَال من اقتراب السَّاعَة موت الْفجأَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: من أَشْرَاط السَّاعَة موت البدار
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كُنَّا نتحدث أَنه سَيَأْتِي على النَّاس زمَان خير أَهله الَّذِي يرى الْخَيْر فيجانبه قَرِيبا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن طَلْحَة بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة هَلَاك الْعَرَب
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تتَّخذ الْمَسَاجِد طرقاً وَحَتَّى يسلم الرجل على الرجل بالمعرفة وَحَتَّى تتجر الْمَرْأَة وَزوجهَا وَحَتَّى تغلو الْخَيل وَالنِّسَاء ثمَّ ترخص فَلَا تغلو إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَين يَدي السَّاعَة تَسْلِيم الْخَاصَّة وفشو التِّجَارَة حَتَّى تعين الْمَرْأَة زَوجهَا على التِّجَارَة وَقطع الْأَرْحَام وفشو الْقَلَم وَظُهُور الشَّهَادَة بالزور وكتمان شَهَادَة الْحق
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود: سَمِعت رَسُول الله

(7/477)


صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يمر الرجل فِي الْمَسْجِد لَا يُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَأَن لَا يسلم الرجل إِلَّا على من يعرفهُ وَأَن يبرد الصَّبِي الشَّيْخ لفقره وَأَن تتطاول الحفاة العراة رُعَاة الشَّاء فِي الْبُنيان
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يَأْخُذ الله شريطته من أهل الأَرْض فَيبقى مِنْهَا عجاج لَا يعْرفُونَ مَعْرُوفا وَلَا يُنكرُونَ مُنْكرا
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن طَالَتْ بك مُدَّة يُوشك أَن ترى قوما يَغْدُونَ فِي سخط الله وَيَرُوحُونَ فِي لعنته فِي أَيْديهم مثل أَذْنَاب الْبَقر
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا يكون فِي آخر هَذِه الْأمة رجال يركبون على المياثر حَتَّى يَأْتُوا أَبْوَاب الْمَسَاجِد نِسَاؤُهُم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت الْعِجَاف العنوهن فَإِنَّهُنَّ ملعونات لَو كَانَت وراءكم أمة من الْأُمَم لخدمتهم كَمَا خدمكم نسَاء الْأُمَم قبلكُمْ فَقلت لأبي: وَمَا المياثر قَالَ: سروجٌ عِظَام
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا: يخرج فِي هَذِه الْأمة فِي آخر الزَّمَان رجال مَعَهم سياط كَأَنَّهَا أَذْنَاب الْبَقر يَغْدُونَ فِي سخط الله وَيَرُوحُونَ فِي لعنته
وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَا تَنْقَضِي هَذِه الدُّنْيَا حَتَّى يَقع بهم الْخَسْف وَالْمَسْخ وَالْقَذْف
قَالُوا: وَمَتى ذَاك يَا نَبِي الله قَالَ: إِذا رَأَيْت النِّسَاء ركبن السُّرُوج وَكَثُرت الْقَيْنَات وَشهد شَهَادَات الزُّور وَشرب المصلون فِي آنِية أهل الشّرك الذَّهَب وَالْفِضَّة وَاسْتغْنى الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء فاستبدروا واستعدوا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَصَححهُ عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يزْدَاد الْأَمر إِلَّا شدَّة وَلَا المَال إِلَّا إفَاضَة وَلَا تقوم السَّاعَة إِلَّا على شرار خلقه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَجعْنَا تعجل نَاس فَدَخَلُوا الْمَدِينَة فَسَأَلَ عَنْهُم

(7/478)


النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبر أَنهم تعجلوا الْمَدِينَة فَقَالَ: يُوشك أَن يدعوها أحسن مَا كَانَت لَيْت شعري مَتى تخرج نَار من جبل الْوراق يضيء لَهَا أَعْنَاق البخت ببصرى يروها كضوء النَّهَار
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن رَافع بن بشر السّلمِيّ عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تخرج نَار من حبس سيل تسير بِطيبَة تكمن بِاللَّيْلِ وتسير بِالنَّهَارِ تَغْدُو وَتَروح يُقَال غَدَتْ النَّار أَيهَا النَّاس فاغدوا قَالَت النَّار أَيهَا النَّاس فقيلوا راحت النَّار فروحوا من أَدْرَكته أَكلته
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي البداح بن عَاصِم الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ بِسَنَد ضَعِيف قَالَ: سَأَلنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حدثان مَا قدم فَقَالَ: أَيْن حبس سيل قُلْنَا: لَا نَدْرِي فَمر بِي رجل من بني سليم فَقلت: من أَيْن جِئْت قَالَ: من حبس سيل
فَأتيت فَقلت يَا رَسُول الله: إِن هَذَا الرجل يخبر أَن أَهله بِحَبْس سيل فَسَأَلَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: أخر أهلك فَإِنَّهُ يُوشك ان تخرج مِنْهُ نَار تضيء أَعْنَاق الإِبل ببصرى
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تخرج نَار بِأَرْض الْحجاز تضيء مِنْهَا أَعْنَاق الإِبل ببصرى
وَأخرج أَحْمد وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ عَن معَاذ بن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تزَال الْأمة على شَرِيعَة مَا لم يظْهر فيهم ثَلَاث: مَا لم يقبض مِنْهُم الْعلم وَيكثر ولد الْخبث وَيظْهر فيهم السقارون
قَالُوا: وَمَا السقارون قَالَ: بشر يكونُونَ فِي آخر الزَّمَان تكون تحيتهم بَينهم إِذا تلاقوا التلاعن
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تكْثر الصَّوَاعِق عِنْد اقتراب السَّاعَة فَيُصْبِح الْقَوْم فَيَقُولُونَ: من صعق البارحة فَيَقُولُونَ: صعق فلَان وَفُلَان
وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُحج الْبَيْت
وَأخرج الْحَاكِم صَححهُ عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يكون فِي أمتِي خَليفَة يحثي المَال حثا لَا يعده عدا ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليعودن الْأَمر كَمَا بَدَأَ ليعودن كل إِيمَان إِلَى الْمَدِينَة كَمَا بَدَأَ بهَا حَتَّى يكون كل إِيمَان بِالْمَدِينَةِ
ثمَّ قَالَ: لَا يخرج رجل من الْمَدِينَة رَغْبَة عَنْهَا إِلَّا أبدلها الله خيرا مِنْهُ

(7/479)


وليسمعن نَاس برخص من أسعار وزيف فيتبعونه وَالْمَدينَة خير لَهُم لَو كَانُوا يعلمُونَ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لتركبن سنَن من كَانَ قبلكُمْ شبْرًا بشبر وذراعاً بِذِرَاع حَتَّى لَو أَن أحدهم دخل حجر ضبّ لدخلتم وَحَتَّى لَو أَن أحدهم جَامع امْرَأَته بِالطَّرِيقِ لفعلتموه
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سَيَأْتِي على أمتِي زمَان يكثر فِيهِ الْقُرَّاء وتقل الْفُقَهَاء ويقل الْعلم وَيكثر الْهَرج
قَالُوا وَمَا الْهَرج يَا رَسُول الله قَالَ: الْقَتْل بَيْنكُم
ثمَّ يَأْتِي بعد ذَلِك زمَان يقْرَأ الْقُرْآن رجال لَا يُجَاوز تراقيهم
ثمَّ يَأْتِي بعد ذَلِك زمَان يحاول الْمُنَافِق الْكَافِر الْمُشرك بِاللَّه الْمُؤمن بِمثل مَا يَقُول)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تكلم السبَاع الإِنسان وَحَتَّى تكلم الرجل عذبة سَوْطه وشراك نَعله ويخبره فَخذه بِمَا أحدث أَهله من بعده
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يكون فتْنَة فَيقوم لَهَا رجال فيضربون خيشومها حَتَّى تذْهب ثمَّ تكون أُخْرَى فَيقوم لَهَا رجال فيضربون خيشومها حَتَّى تذْهب ثمَّ تكون أُخْرَى فَيقوم لَهَا رجال فيضربون خيشومها حَتَّى تذْهب ثمَّ تكون أُخْرَى فَيقوم لَهَا رجال فيضربون خيشومها حَتَّى تذْهب ثمَّ تكون الْخَامِسَة وَهِي مُجَللَة تَنْشَق فِي الأَرْض كَمَا ينشق المَاء
وَأخرج مُسلم عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وَالله إِنِّي لأعْلم النَّاس بِكُل فتْنَة كائنة فِيمَا بيني وَبَين السَّاعَة وَمَا بِي أَن لَا يكون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسر إِلَيّ فِي ذَلِك شَيْئا لم يحدثه غَيْرِي وَلَكِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَهُوَ يحدث مَجْلِسا أَنا فِيهِ عَن الْفِتَن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يعد الْفِتَن: مِنْهُنَّ ثَلَاث لَا يكدن يذرن شَيْئا ومنهن فتن كرياح الصَّيف مِنْهَا صغَار وَمِنْهَا كبار قَالَ حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ: فَذهب أُولَئِكَ الرَّهْط غَيْرِي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يكون فِي هَذِه الْأمة أَربع فتن آخرهَا الْغناء
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا

(7/480)


قَالَ: كُنَّا قعُودا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر الْفِتَن فَأكْثر فِي ذكرهَا حَتَّى ذكر فتْنَة الأحلاس فَقَالَ قَائِل يَا رَسُول الله: وَمَا فتْنَة الأحلاس قَالَ: هِيَ فتْنَة حَرْب وهرب ثمَّ فتْنَة السَّرَّاء دخنها من تَحت قدمي رجل من أهل بَيْتِي يزْعم أَنه نَبِي وَلَيْسَ مني إِنَّمَا أوليائي المتقون ثمَّ يصطلح النَّاس على رجل كورك على ضلع ثمَّ فتْنَة الدهيماء لَا تدع أحدا من هَذِه الْأمة إِلَّا لطمته حَتَّى إِذا قيل انْقَضتْ عَادَتْ يصبح الرجل فِيهَا مُؤمنا ويمسي كَافِرًا حَتَّى يصير النَّاس إِلَى فسطاطين فسطاط إِيمَان لَا نفاق فِيهِ وفسطاط نفاق لَا إِيمَان فِيهِ فَإِذا كَانَ ذاكم فانظروا الدَّجَّال من يَوْمه أَو من غده
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فنزلنا منزلا فمنا من يضْرب خباءه وَمنا من ينتضل إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الصَّلَاة جَامِعَة
فانتهيت إِلَيْهِ وَهُوَ يخْطب النَّاس وَيَقُول: أَيهَا النَّاس إِنَّه لم يكن نَبِي قبلي إِلَّا كَانَ حَقًا عَلَيْهِ أَن يدل أمته على مَا يُعلمهُ خيرا لَهُم وَيُنْذرهُمْ مَا يُعلمهُ شرا لَهُم الا وان عَافِيَة هَذِه الْأمة فِي أَولهَا وسيصيب آخرهَا بلَاء وَفتن يرفق بَعْضهَا بَعْضًا تَجِيء الْفِتْنَة فَيَقُول الْمُؤمن هَذِه تهلكني ثمَّ تنكشف ثمَّ تَجِيء فَيَقُول هَذِه وَهَذِه ثمَّ تَجِيء فَيَقُول هَذِه وَهَذِه ثمَّ تنكشف
فَمن أحب أَن يزحزح عَن النَّار وَيدخل الْجنَّة فلتدركه منيته وَهُوَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَيَأْتِي إِلَى النَّاس مَا يحب أَن يُؤْتى إِلَيْهِ وَمن بَايع إِمَامًا فَأعْطَاهُ صَفْقَة يَده وَثَمَرَة قلبه فليطعه مَا اسْتَطَاعَ
وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم عَن العداء بن خَالِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ قَامَ قومة لَهُ كَأَنَّهُ مفزع ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ: أحذركم الدجالين الثَّلَاث فَقَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله أخبرتنا عَن الدَّجَّال الْأَعْوَر وَعَن أكذب الْكَذَّابين فَمن الثَّالِث قَالَ: رجل يخرج فِي قوم أَوَّلهمْ مثبور وَآخرهمْ مثبور عَلَيْهِم اللَّعْنَة دائبة فِي فتْنَة الجارفة وَهُوَ الدَّجَّال الأكيس يَأْكُل عباد الله قَالَ مُحَمَّد: وَهُوَ أبعد النَّاس من سنَنه قَالَ الذَّهَبِيّ: الحَدِيث مُنكر بِمرَّة
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر بن سَمُرَة مَرْفُوعا ليفتحن لكم كنوز كسْرَى
الْأَبْيَض أَو الَّذِي فِي الْأَبْيَض عِصَابَة من الْمُسلمين
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا تكون هدة فِي شهر

(7/481)


رَمَضَان توقظ النَّائِم وتفزع الْيَقظَان ثمَّ تظهر عِصَابَة فِي شَوَّال ثمَّ مقمعَة فِي ذِي الْحجَّة تنتهك الْمَحَارِم ثمَّ يكون موت فِي صفر ثمَّ تتنازل الْقَبَائِل فِي ربيع ثمَّ الْعجب كل الْعجب بَين جُمَادَى وَرَجَب ثمَّ فِي الْمحرم نَاقَة مقتبة خير من دسكرة تقل مائَة ألف قَالَ الْحَاكِم: غَرِيب الْمَتْن وَقَالَ الذَّهَبِيّ: مَوْضُوع
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: شَيْطَان الردهة يحتدره رجل من بجيلة يُقَال لَهُ الْأَشْهب أَو ابْن الْأَشْهب راعي الْخَيل غُلَامه فِي الْقَوْم الظلمَة قَالَ الذَّهَبِيّ مَا أبعده من الصِّحَّة وَأنْكرهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أَرقم بن يَعْقُوب قَالَ: سَمِعت عبد الله رَضِي الله عَنهُ يَقُول: كَيفَ أَنْتُم إِذا أخرجتم من أَرْضكُم هَذِه إِلَى جَزِيرَة الْعَرَب ومنابت الشيح قلت: من يخرجنا قَالَ: عَدو الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَأَنِّي أَرَاهُم [] مسر آذان خيلهم وأبطيها بحافتي الْفُرَات
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن معيقيب ونعيم بن حَمَّاد عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا لن تفنى أمتِي حَتَّى يظْهر فيهم التمايز والتمايل والمقامع
قلت يَا رَسُول الله: مَا التمايز قَالَ: عصبية يظهرها النَّاس بعدِي فِي الإِسلام
قلت: فَمَا التمايل قَالَ: تميل الْقَبِيلَة على الْقَبِيلَة فتستحل حرمتهَا
قلت: فَمَا المقامع قَالَ: تسير الْأَحْبَار بَعْضهَا إِلَى بعض تخْتَلف أعناقها فِي الْحَرْب
وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا وَقعت الْمَلَاحِم خرج بعث من الموَالِي من دمشق هم أكْرم الْعَرَب فرسا وأجودهم سِلَاحا يُؤَيّد الله بهم هَذَا الدّين
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ: سَتَكُون فتْنَة تحصل النَّاس مِنْهَا كَمَا يحصل الذَّهَب فِي الْمَعْدن فَلَا تسبوا أهل الشَّام وَسبوا ظَلَمَتَهُمْ فَإِن فيهم الأبدال وسيرسل الله سيباً من السَّمَاء فيغرقهم حَتَّى لَو قَاتلهم الثعالب غلبتهم ثمَّ يبْعَث الله عِنْد ذَلِك رجلا من عترة الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي إثني عشر ألفا إِن قلوا أَو خَمْسَة عشر ألفا إِن كَثُرُوا أمارتهم أَن علامتهم أمت أمت على ثَلَاث رايات يقاتلهم أهل سبع رايات لَيْسَ من صَاحب راية إِلَّا وَهُوَ

(7/482)


يطْمع فِي الْملك فيقتلون ويهزمون ثمَّ يظْهر الْهَاشِمِي فيردّ الله على النَّاس إلفتهم ونعمتهم فيكونون على ذَلِك حَتَّى يخرج الدَّجَّال
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي عَن جُبَير بن نفير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لتستصعبن الأَرْض بِأَهْلِهَا حَتَّى لَا يكون على ظهرهَا أهل بَيت مَدَر وَلَا وبر وليبتلين آخر هَذِه الْأمة بالرجف فَإِن تَابُوا تَابَ عَلَيْهِم وَإِن عَادوا عَاد الله عَلَيْهِم بالرجف وَالْقَذْف وَالْمَسْخ وَالصَّوَاعِق
وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أبشركم بالمهدي يَبْعَثهُ الله فِي أمتِي على اخْتِلَاف من الزَّمَان وزلازل فَيمْلَأ الأَرْض قسطاً وعدلاً كَمَا ملئت جوراً وظلماً ويرضى عَنهُ ساكنو السَّمَاء وساكنو الأَرْض يقسم الأَرْض ضحاحاً
فَقَالَ لَهُ رجل: مَا ضحاحا قَالَ: بِالسَّوِيَّةِ بَين النَّاس ويملأ قُلُوب أمة مُحَمَّد غنى ويسعهم عدله حَتَّى يَأْمر مُنَاد يُنَادي يَقُول: من كَانَت لَهُ فِي مَال حَاجَة فَمَا يقوم من الْمُسلمين إِلَّا رجلٌ وَاحِد فَيَقُول: ائْتِ السادن يَعْنِي الخازن فَقل لَهُ: إِن المهديّ يَأْمُرك أَن تُعْطِينِي مَالا فَيَقُول لَهُ: أحث حَتَّى إِذا جعله فِي حجره وأبرزه نَدم فَيَقُول: كنت أجشع أمة مُحَمَّد نفسا إِذْ عجز عني مَا وسعهم قَالَ: فَيرد فَلَا يقبل مِنْهُ فَيُقَال لَهُ: إِنَّا لَا نَأْخُذ شَيْئا أعطيناه فَيكون كَذَلِك سبع سِنِين أَو ثَمَان سِنِين أَو تسع سِنِين ثمَّ لَا خير فِي الْعَيْش بعده قَالَ: ثمَّ لَا خير فِي الْحَيَاة بعده
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يملك الأَرْض رجل من أهل بَيْتِي أَجلي أقنى وَلَفظ أبي دَاوُد: الْمهْدي مني أجلى الْجَبْهَة أقنى الْأنف يمْلَأ الأَرْض قسطاً وعدلاً كَمَا ملئت قبله ظلما وجوراً يكون سبع سِنِين
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يخرج الْمهْدي فِي أمتِي خمْسا أَو سبعا - شكّ أَبُو الْجُورِي - قُلْنَا: أَي شَيْء قَالَ: سِنِين ثمَّ ترسل السَّمَاء عَلَيْهِم مدراراً وَلَا تدخر الأَرْض من نباتها شَيْئا وَيكون المَال كردساً يَجِيء الرجل إِلَيْهِ فَيَقُول يَا مهْدي أَعْطِنِي أَعْطِنِي فيحثي لَهُ فِي ثَوْبه مَا اسْتَطَاعَ أَن يحمل
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم: يكون فِي آخر الزَّمَان خَليفَة يقسم المَال وَلَا يعده

(7/483)


وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يخرج فِي آخر الزَّمَان خَليفَة يُعْطي الْحق بِغَيْر عدد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يخرج رجل من أهل بَيْتِي عِنْد انْقِطَاع من الزَّمَان وَظُهُور من الْفِتَن يكون عطاؤه حثياً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو لم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا يَوْم لبعث الله رجلا منا يملؤها عدلا كَمَا ملئت جوراً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن ماجة عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْمهْدي منا أهل الْبَيْت يصلحه الله فِي لَيْلَة
وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن أبي إِسْحَق قَالَ: قَالَ عَليّ وَنظر إِلَى ابْنه الْحسن فَقَالَ: إِن ابْني هَذَا سيد كَمَا سَمَّاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسيخرج من صلبه رجل يُسمى باسم نَبِيكُم يُشبههُ فِي الْخلق وَلَا يُشبههُ فِي الْخلق يمْلَأ الأَرْض عدلا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو لم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا يَوْم لطوّل الله ذَلِك الْيَوْم حَتَّى يبْعَث فِيهِ رجل مني أَو من أهل بَيْتِي وَفِي لفظ لَا تذْهب الْأَيَّام والليالي حَتَّى يملك الْعَرَب رجل من أهل بَيْتِي يواطىء اسْمه اسْمِي وَاسم أَبِيه اسْم أبي يمْلَأ الأَرْض قسطاً وعدلاً كَمَا ملئت ظلما وجوراً
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو لم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا يَوْم لطوّل الله ذَلِك الْيَوْم حَتَّى يَلِي رجل من أهل بَيْتِي يواطئ اسْمه اسْمِي
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن ام سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْمهْدي من عِتْرَتِي من ولد فَاطِمَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ عَن ام سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يكون اخْتِلَاف عِنْد موت خَليفَة فَيخرج رجل من أهل الْمَدِينَة هَارِبا إِلَى مَكَّة فيأتيه نَاس من أهل الْمَدِينَة فيخرجونه وَهُوَ كَارِه فيبايعونه بَين الرُّكْن وَالْمقَام وَيبْعَث إِلَيْهِ بعث من الشَّام فيخسف بهم بِالْبَيْدَاءِ بَين مَكَّة وَالْمَدينَة

(7/484)


فَإِذا رأى النَّاس ذَلِك أَتَاهُ إِبْدَال الشَّام وعصائب أهل الْعرَاق فيبايعونه ثمَّ ينشأ رجل من قُرَيْش اخواله كلب فيبعث إِلَيْهِم بعثاً فيظهرون عَلَيْهِم فَذَلِك بعث كلب والخيبة لمن لم يشْهد غنيمَة كلب فَيقسم المَال وَيعْمل فِي النَّاس سنة نَبِيّهم ويلقى الْإِسْلَام بجرانه إِلَى الأَرْض فيلبث سِنِين ثمَّ يتوفى وَيُصلي عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحن عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ أقبل فتية من بني هَاشم فَلَمَّا رَآهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اغرورقت عَيناهُ وَتغَير لَونه فَقلت: مَا تزَال ترى فِي وَجهك شَيْئا نكرهه فَقَالَ: إِنَّا أهل بَيت اخْتَار لنا الْآخِرَة على الدُّنْيَا وَإِن أهل بَيْتِي سيلقون بعدِي بلَاء وتشريداً وتطريداً حَتَّى يَأْتِي قوم من قبل الْمشرق مَعَهم رايات سود فَيسْأَلُونَ الْخَيْر فَلَا يُعْطونَهُ فيقاتلون فَيُنْصَرون فيعطون مَا سَأَلُوا فَلَا يقبلونه حَتَّى يدفعوها إِلَى رجل من أهل بَيْتِي فيملؤوها قسطا كَمَا ملؤوها جوراً فَمن أدْرك ذَلِك مِنْكُم فليأتهم وَلَو حبواً على الثَّلج
وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يقتتل عِنْد كنزكم ثَلَاثَة كلهم ابْن خَليفَة ثمَّ لَا يصير إِلَى وَاحِد مِنْهُم ثمَّ تطلع الرَّايَات السود من قبل الْمشرق فيقاتلونكم قتالاً لم يقاتله قوم ثمَّ ذكر شَيْئا لَا أحفظه قَالَ: فَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فتابعوه وَلَو حَبْواً على الثَّلج فَإِنَّهُ خَليفَة الله الْمهْدي
وَأخرج التِّرْمِذِيّ ونعيم بن حَمَّاد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ينزل بأمتي فِي آخر الزَّمَان بلَاء شَدِيد من سلطانهم حَتَّى تضيق عَلَيْهِم الأَرْض فيبعث الله رجلا من عِتْرَتِي فَيمْلَأ الأَرْض قسطاً وعدلاً كَمَا ملئت ظلما وجوراً يرضى عَنهُ سَاكن السَّمَاء وَسَاكن الأَرْض لَا تدخر الأَرْض من بذرها شَيْئا إِلَّا أخرجته وَلَا السَّمَاء شَيْئا من قطرها إِلَّا صبته يعِيش فيهم سبع سِنِين أَو ثَمَان أَو تسع
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدثنِي رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْمهْدي لَا يخرج حَتَّى يقتل النَّفس الزكية فَإِذا قتلت النَّفس الزكية غضب عَلَيْهِم من فِي السَّمَاء وَمن فِي الأَرْض فَأتى النَّاس الْمهْدي فزفوه كَمَا تزف الْعَرُوس إِلَى زَوجهَا لَيْلَة عرسها وَهُوَ يمْلَأ الأَرْض قسطاً وعدلاً وَتخرج الأَرْض نباتها وتمطر السَّمَاء مطرها وتنعم أمتِي فِي ولَايَته نعْمَة لَا تنعمها قطّ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْجلد قَالَ: تكون فتْنَة بعْدهَا فتْنَة أَلا وَفِي الْآخِرَة كثمرة السَّوْط يتبعهَا ذُبَاب السَّيْف ثمَّ يكون بعد ذَلِك فتْنَة تُسْتَحَلُّ فِيهَا

(7/485)


الْمَحَارِم كلهَا ثمَّ يَأْتِي الْخلَافَة خير أهل الأَرْض وَهُوَ قَاعد فِي بَيته هَهُنَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَاصِم بن عمر والبجيلي رضّي الله عَنهُ قَالَ: لَيُنادَيَنَّ باسم رجل من السَّمَاء لَا يُنكره الذَّلِيل وَلَا يمْتَنع مِنْهُ الدَّلِيل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق ثَابت بن عَطِيَّة عَن عبد الله قَالَ: الزموا هَذِه الطَّاعَة وَالْجَمَاعَة فَإِنَّهُ حَبل الله الَّذِي أَمر بِهِ وَإِن مَا تَكْرَهُونَ فِي الْجَمَاعَة خير مِمَّا تحبون فِي الْفرْقَة إِن الله لم يخلق شَيْئا إِلَّا جعل لَهُ مُنْتَهى وَإِن هَذَا الدّين قد تمّ وَإنَّهُ صائر إِلَى نُقْصَان وَإِن أَمارَة ذَلِك أَن تقطع الْأَرْحَام وَيُؤْخَذ المَال بِغَيْر حَقه ويسفك الدِّمَاء ويشتكي ذُو الْقَرَابَة قرَابَته لَا يعود عَلَيْهِ شَيْء وَيَطوف السَّائِل لَا يوضع فِي يَده شَيْء فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ خارت الأَرْض خور الْبَقَرَة يحْسب كل إِنْسَان أَنَّهَا خارت من قبلهم فَبَيْنَمَا النَّاس كَذَلِك قذفت الأَرْض بأفلاذ كَبِدهَا من الذَّهَب وَالْفِضَّة لَا ينفع بعد شَيْء مِنْهُ ذهب وَلَا فضَّة
وَأخرج أَحْمد عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: دخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يتَوَضَّأ فَرفع رَأسه فَنظر إليّ فَقَالَ: سِتّ فِيكُم أيتها الْأمة موت نَبِيكُم فَكَأَنَّمَا انتزع قلبِي من مَكَانَهُ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَاحِدَة قَالَ: وَيفِيض المَال فِيكُم حَتَّى إِن الرجل ليُعْطى عشرَة آلَاف فيظل يسخطها
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اثْنَتَيْنِ قَالَ: وفتنة تدخل بَيت كل رجل مِنْكُم
قَالَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث
قَالَ: وَمَوْت كقعاص الْغنم
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَربع وهدنة تكون بَيْنكُم وَبَين بني الْأَصْفَر فَيجْمَعُونَ لكم تِسْعَة أشهر بِقدر حمل الْمَرْأَة ثمَّ يكونُونَ أولى بالغدر مِنْكُم
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خمس وَفتح مَدِينَة
قلت يَا رَسُول الله: أَي مَدِينَة قَالَ: قسطنطينية
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك وَهُوَ فِي قبَّة أَدَم فَقَالَ: أعدد ستّاً بَين يَدي السَّاعَة: موتِي ثمَّ فتح بَيت الْمُقَدّس ثمَّ موتان يأخذكم كقعاص الْغنم ثمَّ استفاضة المَال حَتَّى يعْطى الرجل مائَة دِينَار فيظل ساخطاً ثمَّ فتْنَة لَا يبْقى بَيت من الْعَرَب إِلَّا دَخلته ثمَّ هدنة تكون بَيْنكُم وَبَين بني الْأَصْفَر فيغدرون فيأتونكم تَحت ثَمَانِينَ راية تَحت كل راية اثْنَا عشر ألفا زَاد أَحْمد فسطاط الْمُسلمين يَوْمئِذٍ فِي أَرض يُقَال لَهَا الغوطة فِي مَدِينَة يُقَال لَهَا دمشق
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ:

(7/486)


قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سِتّ من أَشْرَاط السَّاعَة: موتِي وَفتح بَيت الْمُقَدّس وَمَوْت يَأْخُذ فِي النَّاس كقعاص الْغنم وفتنة يدْخل حرهَا بَيت كل مُسلم وَأَن يعْطى الرجل ألف دِينَار فيسخطها وَأَن يغدر الرّوم فيسيرون بِثَمَانِينَ بنداً تَحت كل بند اثْنَا عشر ألفا
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن فسطاط الْمُسلمين يَوْم الملحمة الْكُبْرَى بالغوطة إِلَى جَانب مَدِينَة يُقَال لَهَا دمشق من خير مَدَائِن دمشق
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا رَأَيْت [] بيدة بيد رجل وَأهل بَيته فَعِنْدَ ذَلِك فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة
وَأخرج مُسلم وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: هَل سَمِعْتُمْ بِمَدِينَة جَانب مِنْهَا فِي الْبر وجانب مِنْهَا فِي الْبَحْر فَقَالُوا: نعم يَا رَسُول الله قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يغزوها سَبْعُونَ ألفا من بني إِسْحَق حَتَّى إِذا جاؤوها نزلُوا فَلم يقاتلوا بسلاح وَلم يرموا بِسَهْم فَيَقُولُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَيسْقط أحد جانبيها ثمَّ يَقُولُونَ الثَّانِيَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَيسْقط جَانبهَا الآخر ثمَّ يَقُولُونَ الثَّالِثَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فيفرج لَهُم فيدخلونها فيغنمون فَبَيْنَمَا هم يقتسمون الْغَنَائِم إِذْ جَاءَهُم الصَّرِيخ أَن الدَّجَّال قد خرج فيتركون كل شَيْء ويرجعون
قَالَ الْحَاكِم: يُقَال إِن هَذِه الْمَدِينَة هِيَ الْقُسْطَنْطِينِيَّة صَحَّ أَن فتحهَا مَعَ قيام السَّاعَة
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَأَبُو يعلى ونعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والضياء والمقدسي فِي المختارة عَن عبد الله بن بسر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَين الملحمة وَفتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة سِنِين وَيخرج الدَّجَّال فِي السَّابِعَة
وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة مَعَ قيام السَّاعَة
وَأخرج مُسلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تنزل الرّوم بالأعماق فَيخرج إِلَيْهِم جلب من الْمَدِينَة من خِيَار أهل الأَرْض يَوْمئِذٍ فَإِذا تصافوا قَالَت الرّوم: خلوا بَيْننَا وَبَين الَّذين سبوا منا نقاتلهم فَيُقَاتل الْمُسلمُونَ لَا وَالله فيقاتلونهم فينهزم ثلث لَا يَتُوب الله عَلَيْهِم أبدا

(7/487)


وَيقتل ثلثهم أفضل الشُّهَدَاء عِنْد الله وَيُصْبِح ثلث لَا يفتنون أبدا فيبلغون الْقُسْطَنْطِينِيَّة فيفتتحون فَبَيْنَمَا هم يقتسمون غنائمهم وَقد عَلقُوا سِلَاحهمْ بالزيتون إِذْ صَاح الشَّيْطَان
أَن الْمَسِيح قد خلفكم فِي أهليكم وَذَاكَ بَاطِل فَإِذا جاؤوا الشَّام خرج فَبَيْنَمَا هم يعدون لِلْقِتَالِ ويسوون الصُّفُوف إِذْ أُقِيمَت الصَّلَاة صَلَاة الصُّبْح فَينزل عِيسَى بن مَرْيَم فَأمهمْ فَإِذا رَآهُ عَدو الله ذاب كَمَا يذوب الْملح فَلَو تَركه لذاب حَتَّى يهْلك وَلَكِن الله يقْتله بِيَدِهِ فيريهم دَمه فِي حربته
وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم عَن كثير بن عبد الله الْمُزنِيّ عَن أَبِيه عَن جده: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تذْهب الدُّنْيَا حَتَّى تقاتلوا بني الْأَصْفَر يخرج إِلَيْهِم روقة الْمُؤمنِينَ أهل الْحجاز الَّذين يجاهدون فِي سَبِيل الله وَلَا تأخذهم فِي الله لومة لائم حَتَّى يفتح الله عَلَيْهِم قسطنطينية ورومية بالتسبيح وَالتَّكْبِير فينهدم حصنها فيصيبون نيلاً عَظِيما لم يُصِيبُوا مثله قطّ حَتَّى إِنَّهُم يقتسمون بالترس ثمَّ يصْرخ صارخ بِأَهْل الإِسلام قد خرج الدَّجَّال فِي بِلَادكُمْ وذراريكم فينفضّ النَّاس حَتَّى عَن المَال مِنْهُم الْآخِذ وَمِنْهُم التارك فالآخذ نادم والتارك نادم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عمرَان بَيت الْمُقَدّس خراب يثرب وخراب يثرب حُضُور الملحمة وَحُضُور الملحمة فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَفتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة خُرُوج الدَّجَّال ثمَّ ضرب معَاذ على منْكب عمر بن الْخطاب وَقَالَ وَالله إِن ذَلِك لحق كَمَا أَنَّك جَالس
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الملحمة الْعُظْمَى وَفتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَخُرُوج الدَّجَّال فِي سَبْعَة أشهر
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ذِي مخمر بن أخي النَّجَاشِيّ أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ستصالحكم الرّوم صلحا آمنا حَتَّى تغزون أَنْتُم وهم عدوا من ورائهم فتنصرون وتغنمون وتنصرفون تنزلوا بمرج ذِي تلال فَيَقُول قَائِل من الرّوم: غلب الصَّلِيب وَيَقُول قَائِل من الْمُسلمين: بل الله غلب فيتداولانها بَينهم فيثور الْمُسلم إِلَى صليبهم وهم مِنْهُم غير بعيد فيدقه وتثور الرّوم إِلَى كاسر صليبهم فيقتلونه ويثور الْمُسلمُونَ إِلَى أسلحتهم فيقتتلون فيكرم الله تِلْكَ

(7/488)


الْعِصَابَة من الْمُسلمين بِالشَّهَادَةِ فَتَقول الرّوم لصَاحب الرّوم كَفَيْنَاك حد الْعَرَب فيندرون فَيجْمَعُونَ الملحمة فيأتونكم تَحت ثَمَانِينَ غَايَة تَحت كل غَايَة اثْنَا عشر ألفا
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالْبَزَّار وَابْن خُزَيْمَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن بشر الغنوي حَدثنِي أبي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لتفتحن الْقُسْطَنْطِينِيَّة ولنعم الْأَمِير أميرها ولنعم الْجَيْش ذَلِك الْجَيْش
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي قبيل قَالَ: تَذَاكر فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة والرومية أَيهمَا تفتح أَولا فَدَعَا عبد الله بن عمر بصندوق ففتحه فَأخْرج مِنْهُ كتابا قَالَ: كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نكتب فَقيل: أَي المدينتين تفتح أوّلاً يَا رَسُول الله قسطنطينية أَو رُومِية فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَدِينَة هِرقل تفتح أوّلاً يُرِيد الْقُسْطَنْطِينِيَّة
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَوْف بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج عَلَيْهِم واقناء معلقَة وقنو مِنْهَا حشف وَمَعَهُ عَصا فطعن فِي القنو وَقَالَ: لَو شَاءَ رب هَذِه الصَّدَقَة تصدق بأطيب مِنْهَا
إِن صَاحب هَذِه الصَّدَقَة يَأْكُل الحشف يَوْم الْقِيَامَة أما وَالله يَا أهل الْمَدِينَة لتدعنها مذللة أَرْبَعِينَ عَاما للعوافي
قُلْنَا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا العوافي قَالُوا لَا
قَالَ: الطير وَالسِّبَاع
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا لتتركن الْمَدِينَة على خير مَا كَانَت تأكلها الطير وَالسِّبَاع
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن محجن بن الأدرع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صعد أحدا وصعدت مَعَه فَأقبل بِوَجْهِهِ نَحْو الْمَدِينَة فَقَالَ لَهَا قولا ثمَّ قَالَ: ويل أمك أَو يح أمهَا قَرْيَة يَدعهَا أَهلهَا أينع مَا تكون يأكلها عَافِيَة الطير وَالسِّبَاع وَلَا يدخلهَا الدَّجَّال إِن شَاءَ الله كلما أَرَادَ دُخُولهَا يلقاه: بِكُل نقب من أنقابها ملك مصلت يمنعهُ عَنْهَا
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكون عشر آيَات خسف بالمشرق وَخسف بالمغرب وَخسف فِي جَزِيرَة الْعَرَب والدجال ونزول يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَالدَّابَّة وطلوع الشَّمْس من مغْرِبهَا ونار تخرج من قَعْر عدن تَسوق النَّاس إِلَى الْمَحْشَر تحْشر الذَّر والنمل
وَأخرج أَبُو يعلي وَالرُّويَانِيّ وَابْن قَانِع وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن بُرَيْدَة قَالَ: قَالَ

(7/489)


رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن لله ريحًا يبعثها على رَأس مائَة سنة تقبض روح كل مُؤمن
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَيَّاش بن أبي ربيعَة: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: تَجِيء ريح بَين يَدي السَّاعَة تقبض فِيهَا روح كل مُؤمن
وَأخرج مُسلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله يبْعَث ريحًا من الْيمن أَلين من الْحَرِير فَلَا تدع أحدا فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من إِيمَان إِلَّا قَبضته
وَأخرج مُسلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يذهب اللَّيْل وَالنَّهَار حَتَّى تعبد اللات والعزى وَيبْعَث الله ريحًا طيبَة فتتوفى من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل من خير فَيبقى من لَا خير فِيهِ فيرجعون إِلَى دين آبَائِهِم
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تزَال عِصَابَة من أمتِي يُقَاتلُون على أَمر الله ظَاهِرين على العدوّ لَا يضرهم من خالفهم حَتَّى تأتيهم السَّاعَة وهم على ذَلِك فَقَالَ عبد الله بن عَمْرو أجل وَيبْعَث الله ريحًا رِيحهَا الْمسك ومسها مس الْحَرِير فَلَا تتْرك نفسا فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من الإِيمان إِلَّا قَبضته ثمَّ يبْقى شرار النَّاس عَلَيْهِم تقوم السَّاعَة
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَمْرو قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يبْعَث الله ريحًا لَا تدع أحدا فِي قلبه مِثْقَال ذرة من تقى أَو نهي إِلَّا قَبضته وَيلْحق كل قوم بِمَا كَانَ يعبد آباؤهم فِي الْجَاهِلِيَّة وَيبقى عجاج من النَّاس لَا يأمرون بِمَعْرُوف وَلَا ينهون عَن مُنكر يتناكحون فِي الطّرق فَإِذا كَانَ ذَلِك اشْتَدَّ غضب الله على أهل الأَرْض فَأَقَامَ السَّاعَة
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يحسر الْفُرَات عَن جبل من ذهب فيقتتل النَّاس عَلَيْهِ فَيقْتل من كل مائَة تِسْعَة وَتسْعُونَ وَيَقُول كل رجل مِنْهُم: لعَلي أكون الَّذِي أنجو
وَأخرج مُسلم عَن أبي كَعْب رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يُوشك الْفُرَات أَن يحسر عَن جبل من ذهب فَإِذا سمع بِهِ النَّاس سَارُوا إِلَيْهِ فَيَقُول من عِنْده: لَئِن تركنَا النَّاس يَأْخُذُونَ مِنْهُ ليذهبن بِهِ كُله
قَالَ: فيقتتلون عَلَيْهِ فَيقْتل من كل مائَة تِسْعَة وَتسْعُونَ

(7/490)


وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: تخرج معادن مُخْتَلفَة مَعْدن فِيهَا قريب من الْحجاز يَأْتِيهِ شرار النَّاس يُقَال لَهُ فِرْعَوْن فَبَيْنَمَا هم يعْملُونَ فِيهِ إِذْ حسر عَن الذَّهَب فَأَعْجَبَهُمْ معتمله إِذْ خسف بِهِ وبهم
وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يكون فِي أمتِي خسف وَقذف ومسخ
وَأخرج أَحْمد وَالْبَغوِيّ وَابْن قَانِع وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن صحار الْعَبْدي عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يخسف بقبائل من الْعَرَب فَيُقَال من بني فلَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: ليخسفن بِالدَّار إِلَى جنب الدَّار وبالدار إِلَى جنب الدَّار حَيْثُ تكون الْمَظَالِم
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي عَاصِم الْغَطَفَانِي قَالَ: كَانَ حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ لَا يزَال يحدث الحَدِيث يستفظعونه فَقيل لَهُ يُوشك أَن تحدثنا أَنه سَيكون فِينَا مسخ قَالَ: نعم لَيَكُونن فِيكُم مسخ قردة وَخَنَازِير
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي عَن فرقد السبخي قَالَ: قَرَأت فِي التَّوْرَاة الَّتِي جَاءَ بهَا جِبْرِيل إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: لَيَكُونن مسخ وَقذف وَخسف فِي أمة مُحَمَّد فِي أهل الْقبْلَة
قيل يَا أَبَا يَعْقُوب: مَا أَعْمَالهم قَالَ: باتخاذهم الْقَيْنَات وضربهم بِالدُّفُوفِ ولباسهم الْحَرِير وَالذَّهَب وَلنْ تغيب حَتَّى ترى أعمالاً أزلية فاستيقن واستعد وَاحْذَرْ
قيل: مَا هِيَ قَالَ: تكافأ الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء ورغبت الْعَرَب فِي آنِية الْعَجم فَعِنْدَ ذَلِك
ثمَّ قَالَ: وَالله ليقذفن رجال من السَّمَاء بِالْحِجَارَةِ يشدخون بهَا فِي طرقهم وقبائلهم كَمَا فعل بِقوم لوط وليمسخن آخَرُونَ قردة وَخَنَازِير كَمَا فعل ببني إِسْرَائِيل وليخسف بِقوم كَمَا خسف بقارون
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن سَالم بن أبي الْجَعْد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان يَجْتَمعُونَ فِيهِ على بَاب رجل مِنْهُم ينتظرون أَن يخرج إِلَيْهِم فيطلبون إِلَيْهِ الْحَاجة فَيخرج إِلَيْهِم وَقد مسخ قرداً أَو خنزيراً وليمرنَّ الرجل على الرجل فِي حانوته يَبِيع فَيرجع عَلَيْهِ وَقد مسخ قرداً أَو خنزيراً
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي الزَّاهِرِيَّة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يمشي الرّجلَانِ إِلَى الْأَمر يعملانه فيمسخ أَحدهمَا قرداً أَو خنزيراً فَلَا يمْنَع الَّذِي

(7/491)


نجا مِنْهُمَا مَا رأى بِصَاحِبِهِ أَن يمشي إِلَى شَأْنه ذَلِك حَتَّى يقْضِي شَهْوَته وَحَتَّى يمشي الرّجلَانِ إِلَى الْأَمر يعملانه فيخسف بِأَحَدِهِمَا فَلَا يمْنَع الَّذِي نجا مِنْهُمَا مَا رأى بِصَاحِبِهِ أَن يمْضِي إِلَى شَأْنه ذَلِك حَتَّى يقْضِي شَهْوَته مِنْهُ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم قَالَ: يُوشك أَن تقعد أمتان على رحى فتطحنان فتمسخ إِحْدَاهمَا وَالْأُخْرَى تنظر
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن غنم قَالَ: سَيكون خباءان متجاوران فينشق بَينهمَا نهر فيسقيان مِنْهُ بِسَهْم وَاحِد يقبس بَعضهم من بعض فيصبحان يَوْمًا من الْأَيَّام قد خسف بِأَحَدِهِمَا وَالْآخر حيّ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: بَلغنِي أَن ريحًا تكون فِي آخر الزَّمَان وظلمة فَيفزع النَّاس إِلَى عُلَمَائهمْ فيجدونهم قد مسخوا
وَأخرج التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يكون فِي أمتِي فزعة فَيصير النَّاس إِلَى عُلَمَائهمْ فَإِذا هم قردة وَخَنَازِير
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة أَنه قَالَ: لتعملن عمل بني إِسْرَائِيل فَلَا يكون فيهم شَيْء إِلَّا كَانَ فِيكُم مثله
فَقَالَ رجل: يكون منا قردة وَخَنَازِير قَالَ: وَمَا يبرئك من ذَلِك لَا أم لَك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة قَالَ: كَيفَ أَنْتُم إِذا أَتَاكُم زمَان يخرج أحدهم من حجلته إِلَى حشه فَيرجع وَقد مسخ قرداً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن عبد الله بن سَلام قَالَ يَا رَسُول الله: مَا أول أَشْرَاط السَّاعَة قَالَ: نَار تحْشر النَّاس من الْمشرق إِلَى الْمغرب
وَأخرج الدَّارقطني فِي الْأَفْرَاد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تبْعَث نَار على أهل الْمشرق فتحشرهم إِلَى الْمغرب تبيت مَعَهم حَيْثُ باتوا وتقيل مَعَهم حَيْثُ قَالُوا يكون لَهَا مَا سقط مِنْهُم وتخلف تسوقهم سوق الْجمل الكسير
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ: حسن صَحِيح عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ستخرج نَار قبل يَوْم الْقِيَامَة من بَحر حَضرمَوْت تحْشر النَّاس قَالُوا يَا رَسُول الله: فَمَا تَأْمُرنَا قَالَ: عَلَيْكُم بِالشَّام

(7/492)


أما قَوْله تَعَالَى: {فَأنى لَهُم إِذا جَاءَتْهُم ذكراهم}
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فَأنى لَهُم إِذا جَاءَتْهُم ذكراهم} يَقُول: إِذا جَاءَت السَّاعَة أَنى لَهُم الذكرى
وخ عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {فَأنى لَهُم إِذا جَاءَتْهُم ذكراهم} قَالَ: إِذا جَاءَتْهُم السَّاعَة فَأنى لَهُم أَن يذكرُوا ويتوبوا ويعملوا وَالله أعلم
أما قَوْله تَعَالَى: {فَأعْلم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله}
أخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أفضل الذّكر لَا إِلَه إِلَّا الله وَأفضل الدُّعَاء الاسْتِغْفَار ثمَّ قَرَأَ {فَاعْلَم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات}
وَأخرج أَبُو يعلى عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: عَلَيْكُم بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَالِاسْتِغْفَار فَأَكْثرُوا مِنْهُمَا فَإِن إِبْلِيس قَالَ: أهلكت النَّاس بِالذنُوبِ وأهلكوني بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَالِاسْتِغْفَار فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك اهلكتهم بالأهواء وهم يحسبون أَنهم مهتدون
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالتِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَمُوت عبد يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله يرجع ذَلِك إِلَى قلب موقن إِلَّا دخل الْجنَّة وَفِي لفظ: إِلَّا غفر الله لَهُ
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مِفْتَاح الْجنَّة شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ شَيْء إِلَّا بَينه وَبَين الله حجاب إِلَّا قَول لَا إِلَه إِلَّا الله وَدُعَاء الْوَالِد
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا قَالَ عبد لَا إِلَه إِلَّا الله مخلصاً إِلَّا فتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء حَتَّى تُفْضِي إِلَى الْعَرْش
وَأخرج أَحْمد عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِمعَاذ بن جبل: اعْلَم أَنه من مَاتَ يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن

(7/493)


عتْبَان بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لن يوافي عبد يَوْم الْقِيَامَة يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله يَبْتَغِي بذلك وَجه الله إِلَّا حرم على النَّار
وَأخرج أَحْمد عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله فَلَنْ تطعمه النَّار
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن سُهَيْل بن الْبَيْضَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحن فِي سفر مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا رديفه فَقَالَ: يَا سُهَيْل بن بَيْضَاء وَرفع صَوته فَاجْتمع النَّاس فَقَالَ: إِنَّه من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله حرمه الله على النَّار وَأوجب لَهُ الْجنَّة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن يحيى بن طلحه بن عبيد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رُؤِيَ طَلْحَة حَزينًا فَقيل لَهُ: مَا لَك قَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِنِّي لأعْلم كلمة لَا يَقُولهَا عبد عِنْد مَوته إِلَّا نفَّسَ الله عَنهُ كربته وأشرق لَونه وَرَأى مَا يسره وَمَا مَنَعَنِي أَن أسأله عَنْهَا إِلَّا الْقُدْرَة عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ فَقَالَ عمر: إِنِّي لأعلمها فَقَالَ: فَمَا هِيَ قَالَ: لَا نعلم كلمة هِيَ أعظم من كلمة أَمر بهَا عَمه
لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ: فَهِيَ وَالله هِيَ
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُثْمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من مَاتَ وَهُوَ يعلم أَن لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا ذَر بشّر النَّاس أَنه من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله حرم الله عَلَيْهِ النَّار
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله أنجته يَوْمًا من الدَّهْر أَصَابَهُ قبلهَا مَا أَصَابَهُ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله طلست مَا فِي صَحِيفَته من السَّيِّئَات حَتَّى يعود إِلَى مثلهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من ختم لَهُ بِشَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله صَادِقا دخل الْجنَّة وَمن ختم لَهُ بِصَوْم يَوْم يَبْتَغِي بِهِ وَجه الله دخل الْجنَّة وَمن ختم لَهُ عِنْد الْمَوْت بإطعام مِسْكين يَبْتَغِي بِهِ وَجه الله دخل الْجنَّة

(7/494)


قَوْله تَعَالَى: {واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} الْآيَة
أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي لأستغفر الله فِي الْيَوْم سبعين مرّة
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن سرجس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأكلت مَعَه من طَعَام فَقلت: غفر الله لَك يَا رَسُول الله
قَالَ: وَلَك
فَقيل: أسْتَغْفر لَك يَا رَسُول الله قَالَ: نعم وَلكم وَقَرَأَ {واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبيد بن الْمُغيرَة رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ تَلا قَوْله تَعَالَى {فَاعْلَم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله واستغفر لذنبك} قَالَ: كنت ذرب اللِّسَان على أَهلِي فَقلت يَا رَسُول الله: إِنِّي أخْشَى أَن يُدخلني لساني النَّار
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَأَيْنَ أَنْت عَن الإِستغفار أَنِّي لأستغفر الله فِي كل يَوْم مائَة مرّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أَصبَحت غَدَاة قطّ إِلَّا استغفرت الله فِيهَا مائَة مرّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن رجل من الْمُهَاجِرين يُقَال لَهُ الْأَغَر قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يَا أَيهَا النَّاس اسْتَغْفرُوا الله وتوبوا إِلَيْهِ فَإِنِّي اسْتغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ فِي كل يَوْم مائَة مرّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْأَغَر الْمُزنِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه ليغان على قلبِي وَأَنِّي لأستغفر الله كل يَوْم مائَة مرّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّا كُنَّا لنعد لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمجْلس يَقُول: رب اغْفِر لي وَتب عليّ إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم مائَة مرّة وَفِي لفظ التواب والغفور

(7/495)


وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنِّي لأستغفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ فِي الْيَوْم مائَة مرّة
أما قَوْله تَعَالَى: {وَالله يعلم متقلبكم ومثواكم}
أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَالله يعلم متقلبكم} فِي الدُّنْيَا {ومثواكم} فِي الْآخِرَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ {وَالله يعلم متقلبكم ومثواكم} قَالَ: متقلب كل دَابَّة بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار

الْآيَات 20 - 24

(7/496)


وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَيَقُول الَّذين آمنُوا لَوْلَا نزلت سُورَة فَإِذا أنزلت سُورَة محكمَة} الْآيَة قَالَ: كل سُورَة أنزل فِيهَا الْجِهَاد فَهِيَ محكمَة وَهِي أَشد الْقُرْآن على الْمُنَافِقين
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَيَقُول الَّذين آمنُوا} الْآيَة قَالَ: كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يشتاقون إِلَى كتاب الله تَعَالَى وَإِلَى بَيَان مَا ينزل عَلَيْهِم فِيهِ فَإِذا أنزلت السُّورَة يذكر فِيهَا الْقِتَال رَأَيْت يَا مُحَمَّد الْمُنَافِقين {ينظرُونَ إِلَيْك نظر المغشي عَلَيْهِ من الْمَوْت فَأولى لَهُم} قَالَ: وَعِيد من الله لَهُم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَأولى لَهُم} قَالَ: هَذِه وَعِيد ثمَّ انْقَطع الْكَلَام فَقَالَ {طَاعَة وَقَول مَعْرُوف} يَقُول: طَاعَة الله وَرَسُوله وَقَول بِالْمَعْرُوفِ عِنْد حقائق الْأُمُور خير لَهُم

(7/496)


وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {طَاعَة وَقَول مَعْرُوف} قَالَ: أَمر الله عز وَجل بذلك الْمُنَافِقين فَإِذا عزم الْأَمر قَالَ: جد الْأَمر
أخرج الْحَاكِم عَن عبد الله بن مُغفل رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {فَهَل عسيتم إِن توليتم}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فَهَل عسيتم إِن توليتم} الْآيَة قَالَ: كَيفَ رَأَيْتُمْ الْقَوْم حِين توَلّوا عَن كتاب الله ألم يسفكوا الدَّم الْحَرَام وَقَطعُوا الْأَرْحَام وعصوا الرَّحْمَن
وَأخرج عبد بن حميد عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ فِي قَوْله {فَهَل عسيتم إِن توليتم} الْآيَة قَالَ: مَا أَرَاهَا نزلت إِلَّا فِي الحرورية
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد عمر رَضِي الله عَنهُ إِذْ سمع صائحاً فَقَالَ يَا يرفا أنظر مَا هَذَا الصَّوْت فَنظر ثمَّ جَاءَ فَقَالَ: جَارِيَة من قُرَيْش تبَاع أمهَا
فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: ادْع لي الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فَلم يمْكث إِلَّا سَاعَة حَتَّى امْتَلَأت الدَّار والحجرة فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أما بعد فَهَل تعلمونه كَانَ فِيمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم القطيعة قَالُوا: لَا
قَالَ: فَإِنَّهَا قد أَصبَحت فِيكُم فَاشِية
ثمَّ قَرَأَ {فَهَل عسيتم إِن توليتم أَن تفسدوا فِي الأَرْض وتقطعوا أَرْحَامكُم} ثمَّ قَالَ: وَأي قطيعة أقطع من أَن تبَاع أم امرىء فِيكُم وَقد أوسع الله لكم قَالُوا: فأصنع مَا بدا لَك فَكتب فِي الْآفَاق أَن لَا تبَاع أمُّ حر فَإِنَّهَا قطيعة رحم وَأَنه لَا يحل
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ والحكيم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله خلق الْخلق حَتَّى إِذا فرغ مِنْهُم قَامَت الرَّحِم فَأخذت بحقو الرَّحْمَن فَقَالَ: مَه فَقَالَت: هَذَا مقَام العائذ بك من القطيعة قَالَ: نعم أما ترضي أَن أصل من وصلك وأقطع من قَطعك قَالَت: بلَى قَالَ: فَذَاك لَك ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اقرؤا إِن شِئْتُم {فَهَل عسيتم إِن توليتم أَن تفسدوا فِي الأَرْض وتقطعوا أَرْحَامكُم أُولَئِكَ الَّذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أَبْصَارهم أَفلا يتدبرون الْقُرْآن أم على قُلُوب أقفالها}

(7/497)


وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الرَّحِم معلقَة بالعرش تَقول من وصلني وَصله الله وَمن قطعني قطعه الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن للرحم لِسَانا يَوْم الْقِيَامَة تَحت الْعَرْش فَتَقول يَا رب قطعت يَا رب ظلمت يَا رب أُسِيء إليّ فيجيبها رَبهَا أَلا ترْضينَ أَن أصل من وصلك وأقطع من قَطعك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن للرحم لِسَانا ذلقاً يَوْم الْقِيَامَة ربِّ صل من وصلني واقطع من قطعني
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن طَاوس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن للرحم شُعْبَة من الرَّحْمَن تَجِيء يَوْم الْقِيَامَة لَهَا جلبة تَحت الْعَرْش تكلم بِلِسَان ذلق فَمن أشارت إِلَيْهِ بوصل وَصله الله وَمن أشارت إِلَيْهِ بِقطع قطعه الله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الرَّحِم معلقَة بالعرش لَهَا لِسَان ذلق تَقول اللَّهُمَّ صِلْ من وصلني واقطع من قطعني
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: قَالَ الله أَنا الرَّحْمَن خلقت الرَّحِم وشققت لَهَا اسْما من اسْمِي فَمن وَصلهَا وصلته وَمن قطعهَا قطعته وَمن بتها بتته
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَشِيَّة عَرَفَة فِي حَلقَة فَقَالَ: إِنَّا لَا نحل لرجل أَمْسَى قَاطع رحم إِلَّا قَامَ عَنَّا فَلم يقم إِلَّا فَتى كَانَ فِي أقْصَى الْحلقَة فَأتى خَالَة لَهُ فَقَالَت: مَا جَاءَ بك فَأَخْبرهَا بِمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ رَجَعَ فَجَلَسَ فِي مَجْلِسه فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لي لَا أرى أحدا قَامَ من الْحلقَة غَيْرك فَأخْبرهُ بِمَا قَالَ لخالته وَمَا قَالَت لَهُ فَقَالَ: اجْلِسْ فقد أَحْسَنت أَلا أَنَّهَا لَا تنزل الرَّحْمَة على قوم فيهم قَاطع رحم
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَعمال بني آدم تعرض عَشِيَّة كل خَمِيس فَلَا يقبل عمل قَاطع رحم

(7/498)


وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول مَا بعث وَهُوَ بِمَكَّة فَقلت: مَا أَنْت قَالَ: نَبِي
قلت: بِمَ أرْسلت قَالَ: بِأَن تعبد الله وتكسر الْأَصْنَام وَتصل الْأَرْحَام بِالْبرِّ والصلة
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ الله أَنا الرَّحْمَن وَهِي الرَّحِم فَمن وَصلهَا وصلته وَمن قطعهَا قطعته
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن سعيد بن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الرَّحِم شجنة من الرَّحْمَن فَمن وَصلهَا وَصله الله وَمن قطعهَا قطعه الله
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الرَّحِم شجنة من الله فَمن وَصلهَا وَصله الله وَمن قطعهَا قطعه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عمر يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الراحمون يرحمهم الرَّحْمَن ارحموا أهل الأَرْض يَرْحَمكُمْ أهل السَّمَاء الرَّحِم شجنة من الرَّحْمَن فَمن وَصلهَا وَصله وَمن قطعهَا قطعه
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: انْتَهَيْت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي قبَّة من أَدَم حَمْرَاء فِي نَحْو من أَرْبَعِينَ رجلا فَقَالَ: إِنَّه مَفْتُوح لكم وَإِنَّكُمْ منصورون ومصيبون فَمن أدْرك مِنْكُم ذَلِك فليتق الله وليأمر بِالْمَعْرُوفِ وَلينه عَن الْمُنكر وَليصل رَحمَه وَمثل الَّذِي يعين قومه على غير الْحق كَمثل الْبَعِير يتردى فَهُوَ يتردى بِذَنبِهِ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قلت يَا رَسُول الله: أوصني قَالَ: أقِم الصَّلَاة وأدِ الزَّكَاة وصم رَمَضَان وَحج الْبَيْت وَاعْتمر وبر والديك وصل رَحِمك واقرِ الضَّيْف وأمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وانْهَ عَن الْمُنكر وَزُلْ مَعَ الْحق حَيْثُ زَالَ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: افشوا السَّلَام وأطعموا الطَّعَام وصلوا الْأَرْحَام وصلوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام تدْخلُوا الْجنَّة بِسَلام
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَابْن نصر فِي

(7/499)


الصَّلَاة وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت يَا رَسُول الله: إِذا رَأَيْتُك طابت نَفسِي وقرت عَيْني فأنبئني عَن كل شَيْء قَالَ: كل شَيْء خلق من مَاء
قلت انبئني عَن أَمر إِذا عملت بِهِ دخلت الْجنَّة
قَالَ: إفْشِ السَّلَام وَأطْعم الطَّعَام وصل الْأَرْحَام وقم بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام ثمَّ أَدخل الْجنَّة بِسَلام
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله ليعمر بالقوم ويُكثر لَهُم الْأَمْوَال وَمَا نظر إِلَيْهِم مُنْذُ خلقهمْ بغضاً لَهُم
قَالُوا: وَكَيف ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: بصلتهم أرحامهم
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إعرفوا أنسابكم تصلوا أَرْحَامكُم فَإِنَّهُ لَا قرب لرحم إِذا قطعت وَإِن كَانَت قريبَة وَلَا بعد لَهَا إِذا وصلت وَإِن كَانَت بعيدَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تَجِيء الرَّحِم يَوْم الْقِيَامَة كحجنة المغزل فتتكلم بِلِسَان ذلق طلق فتصل من وَصلهَا وتقطع من قطعهَا
وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ثَوْبَان رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلَاث معلقات بالعرش: الرَّحِم تَقول: اللَّهُمَّ إِنِّي بك فَلَا أقطع وَالْأَمَانَة تَقول: اللَّهُمَّ إِنِّي بك فَلَا أخان وَالنعْمَة تَقول: اللَّهُمَّ إِنِّي بك فَلَا أكفر
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاث تَحت الْعَرْش الْقُرْآن لَهُ ظهر وبطن يحاج الْعباد وَالرحم تنادي صل من وصلني واقطع من قطعني وَالْأَمَانَة
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الرَّحِم معلقَة بالعرش فَإِذا أَتَاهَا الْوَاصِل بشرت بِهِ وكلمته وَإِذا أَتَاهَا الْقَاطِع احْتَجَبت مِنْهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الرَّحِم شجنة معلقَة بالعرش
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الرَّحِم شجنة آخذة بحجزة الرَّحْمَن تناشده حَقّهَا فَيَقُول: أَلا ترْضينَ أَن

(7/500)


أصل من وصلك وأقطع من قَطعك من وصلك فقد وصلني وَمن قَطعك فقد قطعني
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة مدمن الْخمر وَلَا العاقّ وَلَا المنّان قَالَ ابْن عَبَّاس: شقّ ذَلِك على الْمُؤمنِينَ يصيبون ذنوباً حَتَّى وجدت ذَلِك فِي كتاب الله فِي العاقّ {فَهَل عسيتم إِن توليتم أَن تفسدوا فِي الأَرْض وتقطعوا أَرْحَامكُم} و (لَا تُبْطِلُوا صَدقَاتكُمْ بالمن والأذى) (الْبَقَرَة الْآيَة 264) وَقَالَ (إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر) (الْمَائِدَة الْآيَة 90)
قَوْله تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذين لعنهم الله} الْآيَة
أخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سلمَان مَوْقُوفا وَالْحسن بن سُفْيَان وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا ظهر القَوْل وخزن الْعَمَل وائتلفت الألسن وَاخْتلفت الْقُلُوب وَقطع كل ذِي رحم رَحمَه فَعِنْدَ ذَلِك {لعنهم الله فأصمهم وأعمى أَبْصَارهم}
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْعلم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا النَّاس أظهرُوا الْعلم وضيعوا الْعَمَل وتحابوا بالألسن وتباغضوا بالقلوب وتقاطعوا فِي الْأَرْحَام لعنهم الله عِنْد ذَلِك {فأصمهم وأعمى أَبْصَارهم}
أما قَوْله تَعَالَى: {أَفلا يتدبرون الْقُرْآن أم على قُلُوب أقفالها}
أخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {أَفلا يتدبرون الْقُرْآن أم على قُلُوب أقفالها} فَقَالَ شَاب من أهل الْيمن بل عَلَيْهَا أقفالها حَتَّى يكون الله يفتحها أَو يفرجها فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صدقت فَمَا زَالَ الشَّاب فِي نفس عمر رَضِي الله عَنهُ حَتَّى ولي فاستعان بِهِ
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الافراد وَابْن مرْدَوَيْه عَن سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {أَفلا يتدبرون الْقُرْآن أم على قُلُوب أقفالها} فَقَالَ شَاب عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بل وَالله عَلَيْهَا أقفالها حَتَّى يكون الله هُوَ الَّذِي يفكها
فَلَمَّا ولى عمر سَأَلَ عَن ذَلِك الشَّاب ليستعمله فَقيل: قد مَاتَ

(7/501)


وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {أَفلا يتدبرون الْقُرْآن} قَالَ: إِذا وَالله فِي الْقُرْآن زاجر عَن مَعْصِيّة الله قَالَ: لم يتدبره الْقَوْم ويعقلوه وَلَكنهُمْ أخذُوا بمتشابهه فهلكوا عِنْد ذَلِك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن خَالِد بن معدان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا من عبد إِلَّا لَهُ أَربع أعين عينان فِي وَجهه يبصر بهما دُنْيَاهُ وَمَا يصلحه من معيشته وعينان فِي قلبه يبصر بهما دينه وَمَا وعد الله بِالْغَيْبِ فَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا فتح عَيْنَيْهِ اللَّذين فِي قلبه فأبصر بهما مَا وعد بِالْغَيْبِ وَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد سوء ترك الْقلب على مَا فِيهِ وَقَرَأَ {أم على قُلُوب أقفالها} وَمَا من عبد إِلَّا وَله شَيْطَان متبطن فقار ظَهره لاوٍ عُنُقه على عُنُقه فاغر فَاه على قلبه
وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن خَالِد بن معدان عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا إِلَى قَوْله: وَقَرَأَ {أم على قُلُوب أقفالها}
وَأخرج الديلمي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَأْتِي على النَّاس زمَان يخلق الْقُرْآن فِي قُلُوبهم يتهافتون تهافتاً قيل يَا رَسُول الله: وَمَا تهافتهم قَالَ: يقْرَأ أحدهم فَلَا يجد حلاوة وَلَا لَذَّة يبْدَأ أحدهم بالسورة وَإِنَّمَا مَعَه آخرهَا فَإِن عمِلُوا قَالُوا رَبنَا اغْفِر لنا وَإِن تركُوا الْفَرَائِض قَالُوا: لَا يعذبنا الله وَنحن لَا نشْرك بِهِ شَيْئا أَمرهم رَجَاء وَلَا خوف فيهم {أُولَئِكَ الَّذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أَبْصَارهم أَفلا يتدبرون الْقُرْآن أم على قُلُوب أقفالها}

الْآيَات 25 - 28

(7/502)


إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28)

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِن الَّذين ارْتَدُّوا على أدبارهم من بعد مَا تبين لَهُم الْهدى} قَالَ: هم

(7/502)


أَعدَاء الله أهل الْكتاب يعْرفُونَ نعت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه عِنْدهم ويجدونه مَكْتُوبًا فِي التَّوْرَاة والإِنجيل ثمَّ يكفرون بِهِ {الشَّيْطَان سوّل لَهُم} قَالَ: زين لَهُم {ذَلِك بِأَنَّهُم قَالُوا للَّذين كَرهُوا مَا نزل الله} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِن الَّذين ارْتَدُّوا على أدبارهم من بعد مَا تبين لَهُم الْهدى} قَالَ: الْيَهُود ارْتَدُّوا عَن الْهدى بعد أَن عرفُوا أَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَبِي {الشَّيْطَان سوّل لَهُم وأملى لَهُم} قَالَ: أمْلى الله لَهُم ذَلِك بِأَنَّهُم قَالُوا للَّذين كَرهُوا مَا نزل الله قَالَ: يهود تَقول لِلْمُنَافِقين من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانُوا يسرون إِلَيْهِم إِنَّا {سنطيعكم فِي بعض الْأَمر} وَكَانَ بعض الْأَمر أَنهم يعلمُونَ أَن مُحَمَّدًا نَبِي وَقَالُوا: الْيَهُودِيَّة الدّين فَكَانَ المُنَافِقُونَ يطيعون الْيَهُود بِمَا أَمرتهم {وَالله يعلم إسرارهم} قَالَ: ذَلِك سر القَوْل {فَكيف إِذا توفتهم الْمَلَائِكَة يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم} قَالَ: عِنْد الْمَوْت
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِن الَّذين ارْتَدُّوا على أدبارهم}

إِلَى {إسرارهم} هم أهل النِّفَاق
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم} قَالَ: يضْربُونَ وُجُوههم وأستاهم وَلَكِن الله كريم يكني

الْآيَات 29 - 32

(7/503)


أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32)

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أم حسب الَّذين فِي قُلُوبهم مرض أَن لن يخرج الله أضغانهم} قَالَ: أَعْمَالهم
خبثهمْ والحسد الَّذِي فِي قُلُوبهم ثمَّ دلّ الله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد على الْمُنَافِقين فَكَانَ يَدْعُو باسم الرجل من أهل النِّفَاق

(7/503)


وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ولتعرفنهم فِي لحن القَوْل} قَالَ: ببغضهم عَليّ بن أبي طَالب
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا كُنَّا نَعْرِف الْمُنَافِقين على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا ببغضهم عَليّ بن أبي طَالب
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ أَنه تَلا هَذِه الْآيَة {ولنبلونكم حَتَّى نعلم الْمُجَاهدين} الْآيَة فَقَالَ: اللَّهُمَّ عافنا واسترنا وَلَا تبل أخبارنا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ أَو ليبلونكم بِالْيَاءِ حَتَّى يعلم بِالْيَاءِ ويبلو بِالْيَاءِ وَنصب الْوَاو وَالله أعلم

الْآيَات 33 - 38

(7/504)


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34) فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35) إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36) إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن لَا يبطل عملا صَالحا بِعَمَل سوء فَلْيفْعَل وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه فَإِن الْخَيْر ينْسَخ الشَّرّ فَإِنَّمَا ملاك الْأَعْمَال خواتيمها
وَأخرج عبد بن حميد وَمُحَمّد بن نصر الْمروزِي فِي كتاب الصَّلَاة وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرَوْنَ أَنه لَا يضر مَعَ لَا إِلَه إِلَّا الله ذَنْب كَمَا لَا ينفع مَعَ الشّرك عمل حَتَّى نزلت {أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم}

(7/504)


فخافوا أَن يبطل الذَّنب الْعَمَل وَلَفظ عبد بن حميد: فخافوا الْكَبَائِر أَن تحبط أَعمالكُم
وَأخرج ابْن نصر وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا معشر أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نرى أَنه لَيْسَ شَيْء من الْحَسَنَات إِلَّا مَقْبُولًا حَتَّى نزلت {أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة قُلْنَا: مَا هَذَا الَّذِي يبطل أَعمالنَا فَقَالَ: الْكَبَائِر الموجبات وَالْفَوَاحِش فَكُنَّا إِذا رَأينَا من أصَاب شَيْئا مِنْهَا قُلْنَا: هلك حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء) (سُورَة النِّسَاء الْآيَة 48) فَلَمَّا نزلت كففنا عَن القَوْل فِي ذَلِك وَكُنَّا إِذا رَأينَا أحدا أصَاب مِنْهَا شَيْئا خفنا عَلَيْهِ وَإِن لم يصب مِنْهَا شَيْئا رجونا لَهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فَلَا تهنوا وَتَدعُوا إِلَى السّلم وَأَنْتُم الأعلون} يَقُول: وَلَا تَكُونُوا أول الطَّائِفَتَيْنِ صرعت صاحبتها ودعتها إِلَى الْمُوَادَعَة وَأَنْتُم أولى بِاللَّه مِنْهُم {وَلنْ يتركم أَعمالكُم} يَقُول: لن يظلمكم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فَلَا تهنوا} قَالَ: لَا تضعفوا {وَأَنْتُم الأعلون} قَالَ: الغالبون {وَلنْ يتركم} قَالَ: لن ينقصكم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يتركم} قَالَ: يظلمكم
وَأخرج الْخَطِيب عَن النُّعْمَان بن بشير رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {فَلَا تهنوا وَتَدعُوا إِلَى السّلم} قَالَ مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر: منتصبة السِّين
وَأخرج أَبُو نصر السجْزِي فِي الْإِبَانَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ هَؤُلَاءِ الأحرف (ادخُلُوا فِي السّلم) (سُورَة الْبَقَرَة الْآيَة 208) (وَإِن جنحوا للسلم) (سُورَة الْأَنْفَال الْآيَة 61) {وَتَدعُوا إِلَى السّلم} بِنصب السِّين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِن يسألكموها} قَالَ: علم الله فِي مَسْأَلَة الْأَمْوَال خُرُوج الأضغان

(7/505)


قَوْله تَعَالَى: {وَإِن تَتَوَلَّوْا} الْآيَة
أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {وَإِن تَتَوَلَّوْا يسْتَبْدل قوما غَيْركُمْ} قيل: من هَؤُلَاءِ وسلمان رَضِي الله عَنهُ إِلَى جنب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: هم الْفرس وَهَذَا وَقَومه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {وَإِن تَتَوَلَّوْا يسْتَبْدل قوما غَيْركُمْ ثمَّ لَا يَكُونُوا أمثالكم} فَقَالُوا يَا رَسُول الله: من هَؤُلَاءِ الَّذين إِن تولينا استبدلوا بِنَا ثمَّ لَا يَكُونُوا أمثالنا فَضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على منْكب سلمَان ثمَّ قَالَ: هَذَا وَقَومه وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو كَانَ الإِيمان مَنُوطًا بِالثُّرَيَّا لتنَاوله رجال من فَارس
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا هَذِه الْآيَة {وَإِن تَتَوَلَّوْا يسْتَبْدل قوما غَيْركُمْ} الْآيَة فَسئلَ من هم قَالَ: فَارس لَو كَانَ الدّين بِالثُّرَيَّا لتنَاوله رجال من فَارس
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ويستبدل قوما غَيْركُمْ} قَالَ: من شَاءَ

(7/506)