الدر المنثور في
التفسير بالمأثور بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (50)
سُورَة ق
مَكِّيَّة وآياتها خمس وَأَرْبَعُونَ
مُقَدّمَة سُورَة ق أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن
مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت
سُورَة ق بِمَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: نزلت الْمفصل
بِمَكَّة فَمَكثْنَا حجَجًا نقرأوه لَا ينزل غَيره
وَأخرج ابْن أبي دَاوُد وَابْن عَسَاكِر عَن عُثْمَان بن
عَفَّان أَنَّهَا لما ضربت يَده قَالَ: وَالله إِنَّهَا لأوّل
يَد خطت الْمفصل
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ
فِي شعب الْإِيمَان عَن وَاثِلَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم: أَعْطَيْت مَكَان التَّوْرَاة السَّبع
الطوَال وَأعْطيت مَكَان الزبُور المئين وَأعْطيت مَكَان
الْإِنْجِيل المثاني وفضلت بالمفصل
وَأخرج الدَّارمِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَمُحَمّد بن نصر
وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن لكل
شَيْء لبابا وَإِن لباب الْقُرْآن الْمفصل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن
أَوْس بن حُذَيْفَة قَالَ: قدمنَا فِي وَفد ثَقِيف فَسَأَلت
أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَيفَ تجزئون
الْقُرْآن قَالُوا: ثلث وَخمْس وَسبع وتسع وَإِحْدَى عشرَة
وَثَلَاث عشرَة وحزب الْمفصل وَحده
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن
أَبِيه عَن جده قَالَ: مَا من الْمفصل سُورَة صَغِيرَة وَلَا
كَبِيرَة إِلَّا وَسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
يأم بهَا النَّاس فِي الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة
(7/587)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف
وَمُسلم عَن جَابر بن سَمُرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الْفجْر {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد}
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَاللَّفْظ لَهُ وَمُسلم وَابْن ماجة
عَن قُطْبَة بن مَالك قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم يقْرَأ فِي صَلَاة الْفجْر فِي الرَّكْعَة الأولى {ق
وَالْقُرْآن الْمجِيد}
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ
وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْعِيد
بقاف وإقتربت
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد
وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم هِشَام
ابْنة حَارِثَة قَالَت: مَا أخذت {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد}
إِلَّا من فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ
يقْرَأ بهَا كل يَوْم جُمُعَة على الْمِنْبَر إِذا خطب النَّاس
وَأخرج ابْن سعد عَن أم صبية خَوْلَة بنت قيس الجهنية قَالَت:
كنت أسمع خطْبَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم
الْجُمُعَة وَأَنا فِي مُؤخر النِّسَاء فَأَسْمع قِرَاءَته {ق
وَالْقُرْآن الْمجِيد} على الْمِنْبَر وَأَنا فِي مُؤخر
الْمَسْجِد
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تعلمُوا (عَم يتساءلون)
وتعلموا {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد} وتعلموا (والنجم إِذا هوى)
(وَالسَّمَاء ذَات البروج) (وَالسَّمَاء والطارق)
الْآيَات 1 - 11
(7/588)
ق وَالْقُرْآنِ
الْمَجِيدِ (1) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ
مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2)
أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3)
قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا
كِتَابٌ حَفِيظٌ (4) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا
جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (5) أَفَلَمْ يَنْظُرُوا
إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا
وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ
مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا
فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى
لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ
مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ
الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ
(10) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا
كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11)
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن
عَبَّاس فِي قَوْله {ق} قَالَ: هُوَ اسْم من أَسمَاء الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خلق الله
تَعَالَى من وَرَاء هَذِه الأَرْض بحراً محيطاً بهَا ثمَّ خلق
من وَرَاء ذَلِك جبلا يُقَال لَهُ {ق} السَّمَاء الدُّنْيَا
مترفرفة عَلَيْهِ ثمَّ خلق من وَرَاء ذَلِك الْجَبَل أَرضًا
مثل تِلْكَ الأَرْض سبع مَرَّات ثمَّ خلق من وَرَاء ذَلِك
بحراً محيطاً بهَا ثمَّ خلق من وَرَاء ذَلِك جبلا يُقَال لَهُ
ق السَّمَاء الثَّانِيَة مترفرفة عَلَيْهِ حَتَّى عد سبع
أَرضين وَسَبْعَة أبحر وَسَبْعَة أجبل وَسبع سموات قَالَ:
وَذَلِكَ قَوْله (وَالْبَحْر يمده من بعده سَبْعَة أبحر)
(لُقْمَان الْآيَة 27)
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو الشَّيْخ
وَالْحَاكِم عَن عبد الله بن بُرَيْدَة فِي قَوْله {ق} قَالَ:
جبل من زمرد مُحِيط بالدنيا عَلَيْهِ كَتفًا السَّمَاء
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْعُقُوبَات وَأَبُو الشَّيْخ
فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خلق الله جبلا يُقَال لَهُ
{ق} مُحِيط بالعالم وعروقه إِلَى الصَّخْرَة الَّتِي عَلَيْهَا
الأَرْض فَإِذا أَرَادَ الله أَن يزلزل قَرْيَة أَمر ذَلِك
الْجَبَل فحرك الْعرق الَّذِي يَلِي تِلْكَ الْقرْيَة فيزلزلها
ويحركها فَمن ثمَّ تحرّك الْقرْيَة دون الْقرْيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد قَالَ: {ق} جبل مُحِيط
بِالْأَرْضِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة {ق} إسم من
أَسمَاء الْقُرْآن
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن
ابْن عَبَّاس {وَالْقُرْآن الْمجِيد} قَالَ: الْكَرِيم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: {وَالْقُرْآن
الْمجِيد} لَيْسَ شَيْء أحسن مِنْهُ وَلَا أفضل مِنْهُ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {ذَلِك رَجَعَ
بعيد} قَالَ: أَنْكَرُوا الْبَعْث فَقَالُوا: من يَسْتَطِيع
أَن يرجعنا ويحيينا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس:
{قد علمنَا مَا تنقص الأَرْض مِنْهُم} قَالَ: من أَجْسَادهم
وَمَا يذهب مِنْهَا
(7/589)
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {قد
علمنَا مَا تنقص الأَرْض مِنْهُم} قَالَ: مَا تَأْكُل الأَرْض
من لحومهم وأشعارهم وعظامهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة
قَالَ: يَعْنِي الْمَوْتَى تأكلهم الأَرْض إِذا مَاتُوا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {وَعِنْدنَا كتاب حفيظ}
قَالَ: لعدتهم وأسمائهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من
طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {فِي أَمر مريج} يَقُول:
مُخْتَلف
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق
أبي جَمْرَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {فِي
أَمر مريج} يَقُول: الشَّيْء المريج الشَّيْء الْمُنكر
الْمُتَغَيّر أما سَمِعت قَول الشَّاعِر فجالت والتمست بِهِ
حشاها فَخر كَأَنَّهُ خوط مريج وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق
الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {فِي أَمر مريج} يَقُول: فِي
أَمر ضَلَالَة
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الْوَقْف والخطيب فِي تالي
التَّلْخِيص والطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع
بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {فِي أَمر مريج} قَالَ:
مختلط
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول
الشَّاعِر: فراغت فانتفذت بِهِ حشاها فَخر كَأَنَّهُ خوط مريج
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد
فِي قَوْله {فِي أَمر مريج} قَالَ: ملتبس وَفِي قَوْله {وَمَا
لَهَا من فروج} قَالَ: شقوق
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن
نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله
تَعَالَى {من كل زوج بهيج} قَالَ: الزَّوْج الْوَاحِد والبهيج
الْحسن
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت
الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول: وكل زوج من الديباج يلْبسهُ أَبُو
قدامَة محبوك يَدَاهُ مَعًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن
حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {كل زوج بهيج}
قَالَ: حسن {تبصرة} قَالَ: نعم تبصرة للعباد {وذكرى لكل عبد
منيب} قَالَ: الْمُنِيب الْمقبل قلبه إِلَى الله
(7/590)
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن
جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تبصرة} قَالَ:
بَصِيرَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد وَعَطَاء فِي
قَوْله {لكل عبد منيب} قَالَ: مخبت
وَأخرج فِي الْأَدَب عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
أَنه كَانَ إِذا أمْطرت السَّمَاء يَقُول: يَا جَارِيَة
أَخْرِجِي سرجي أَخْرِجِي ثِيَابِي وَيَقُول {ونزلنا من
السَّمَاء مَاء مُبَارَكًا}
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله
{ونزلنا من السَّمَاء مَاء مُبَارَكًا} قَالَ: الْمَطَر
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد
رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَحب الحصيد} قَالَ: الْحِنْطَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة
فِي قَوْله {وَحب الحصيد} قَالَ: هُوَ الْبر وَالشعِير
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن قُطْبَة
قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي
الصُّبْح فَلَمَّا أَتَى على هَذِه الْآيَة {وَالنَّخْل باسقات
لَهَا طلع نضيد} قَالَ قُطْبَة: فَجعلت أَقُول مَا أطولها
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق
عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالنَّخْل
باسقات} قَالَ: الطول
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عُثْمَان
بن خثيم قَالَ: سَأَلت عِكْرِمَة عَن {وَالنَّخْل باسقات}
فَقلت: مَا بسوقها قَالَ: بسوقها طلعها ألم تَرَ أَنه يُقَال
للشاة إِذا حَان ولادها بسقت قَالَ: فَرَجَعت إِلَى سعيد بن
جُبَير فَقلت لَهُ: فَقَالَ: كذب بسوقها طولهَا فِي كَلَام
الْعَرَب ألم تَرَ أَن الله قَالَ: {وَالنَّخْل باسقات} ثمَّ
قَالَ {طلع نضيد}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن شَدَّاد
فِي قَوْله {وَالنَّخْل باسقات} قَالَ: استقامتها
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: بسوقها التفافها
(7/591)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن
ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَهَا طلع
نضيد} قَالَ: متراكم بعضه على بعض
الْآيَات 12 - 15
(7/592)
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ
قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12) وَعَادٌ
وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (13) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ
وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ
(14) أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي
لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15)
أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن جرير عَن
مُجَاهِد فِي قَوْله {فَحق وَعِيد} قَالَ: مَا أهلكوا بِهِ
تخويفاً لَهُم وَفِي قَوْله {أفعيينا بالخلق الأوّل} قَالَ:
أفعي علينا حِين أنشأناكم {بل هم فِي لبس من خلق جَدِيد}
قَالَ: يمترون بِالْبَعْثِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي
قَوْله {أفعيينا بالخلق الأوّل} يَقُول: لم يعينا الْخلق
الأوّل وَفِي قَوْله {بل هم فِي لبس من خلق جَدِيد} يَقُول فِي
شكّ من الْبَعْث
الْآيَة 16
(7/592)
وَلَقَدْ خَلَقْنَا
الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ
وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)
أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد رَضِي
الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نزل
الله من ابْن آدم أرفع الْمنَازل هُوَ أقرب إِلَيْهِ من حَبل
الوريد وَهُوَ يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه وَهُوَ آخذ بناصية
كل دَابَّة وَهُوَ مَعَهم أَيْنَمَا كَانُوا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن جُوَيْبِر رَضِي الله عَنهُ قَالَ:
سَأَلت الضَّحَّاك عَن قَوْله {وَنحن أقرب إِلَيْهِ من حَبل
الوريد} قَالَ: لَيْسَ شَيْء أقرب إِلَى ابْن آدم من حَبل
الوريد وَالله أقرب إِلَيْهِ مِنْهُ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {من حَبل الوريد} قَالَ: عرق
الْعُنُق
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
فِي قَوْله {من حَبل الوريد} قَالَ: نِيَاط الْقلب وَمَا حمل
(7/592)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن
مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {من حَبل الوريد} قَالَ:
الَّذِي فِي الْحلق
الْآيَات 17 - 18
(7/593)
إِذْ يَتَلَقَّى
الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ
(17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ
عَتِيدٌ (18)
أخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله
{إِذْ يتلَقَّى المتلقيان} قَالَ: مَعَ كل إِنْسَان ملكان ملك
عَن يَمِينه وَآخر عَن شِمَاله فَأَما الَّذِي عَن يَمِينه
فَيكْتب الْخَيْر وَأما الَّذِي عَن شِمَاله فَيكْتب الشَّرّ
وَأخرج أَبُو نعيم والديلمي عَن معَاذ بن جبل مَرْفُوعا أَن
الله لطف الْملكَيْنِ الحافظين حَتَّى أجلسهما على الناجذين
وَجعل لِسَانه قَلَمهمَا وريقه مِدَادهمَا
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد قَالَ: إسم
صَاحب السَّيِّئَات قعيد
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة
قَالَ: عَن الْيَمين كَاتب الْحَسَنَات وَعَن الشمَال كَاتب
السَّيِّئَات
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مَا يلفظ من قَول} الْآيَة قَالَ:
يكْتب كل مَا تكلم بِهِ من خير أَو شَرّ حَتَّى إِنَّه ليكتب
قَوْله أكلت شربت ذهبت جِئْت رَأَيْت حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم
الْخَمِيس عرض قَوْله وَعَمله فَأقر مِنْهُ مَا كَانَ فِيهِ من
خير أَو شَرّ وَألقى سائره فَذَلِك قَوْله (يمحو الله مَا
يَشَاء وَيثبت) (الرَّعْد آيَة 39)
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه
وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس
رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مَا يلفظ من قَول إِلَّا
لَدَيْهِ رَقِيب عتيد} قَالَ: إِنَّمَا يكْتب الْخَيْر
وَالشَّر لَا يكْتب يَا غُلَام أَسْرج الْفرس وَيَا غُلَام
اسْقِنِي المَاء
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: لَا يكْتب إِلَّا
مَا يُؤجر عَلَيْهِ ويؤزر فِيهِ لَو قَالَ رجل لامْرَأَته
تعالي حَتَّى نَفْعل كَذَا وَكَذَا كَانَ يكْتب عَلَيْهِ شَيْء
(7/593)
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْفِدْيَة
من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مَا يلفظ من قَول} الْآيَة قَالَ:
كَاتب الْحَسَنَات عَن يَمِينه يكْتب حَسَنَاته وَكَاتب
السَّيِّئَات عَن يسَاره فَإِذا عمل حَسَنَة كتب صَاحب
الْيَمين عشرا وَإِذا عمل سَيِّئَة قَالَ صَاحب الْيَمين
لصَاحب الشمَال دَعه حَتَّى يسبح أَو يسْتَغْفر فَإِذا كَانَ
يَوْم الْخَمِيس كتب مَا يجزى بِهِ من الْخَيْر وَالشَّر ويلقى
مَا سوى ذَلِك ثمَّ يعرض على أم الْكتاب فيجده بجملته فِيهِ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الصمت عَن عَليّ رَضِي الله
عَنهُ قَالَ: لِسَان الإِنسان قلم الْملك وريقه مداده
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن الْمُنْذر عَن الْأَحْنَف
بن قيس فِي قَوْله {عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد} قَالَ:
صَاحب الْيَمين يكْتب الْخَيْر وَهُوَ أَمِير على صَاحب
الشمَال فَإِن أصَاب العَبْد خَطِيئَة قَالَ أمسك فَإِن
اسْتغْفر الله نَهَاهُ أَن يَكْتُبهَا وَإِن أَبى إِلَّا أَن
يصر كتبهَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فيي العظمة من طَرِيق
ابْن الْمُبَارك عَن ابْن جريج قَالَ: ملكان أَحدهمَا على
يَمِينه يكْتب الْحَسَنَات وَملك عَن يسَاره يكْتب
السَّيِّئَات فَالَّذِي عَن يَمِينه يكْتب بِغَيْر شَهَادَة من
صَاحبه إِن قعد فأحدهما عَن يَمِينه وَالْآخر عَن يسَاره وَإِن
مَشى فأحدهما أَمَامه وَالْآخر خَلفه وَإِن رقد فأحدهما عِنْد
رَأسه وَالْآخر عِنْد رجلَيْهِ
قَالَ ابْن الْمُبَارك: وكل بِهِ خَمْسَة أَمْلَاك ملكان
بِاللَّيْلِ وملكان بِالنَّهَارِ يجيئان ويذهبان وَملك خَامِس
لَا يُفَارِقهُ لَيْلًا وَلَا نَهَارا
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله
{رَقِيب عتيد} قَالَ: رصيد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن حجاج بن دِينَار
قَالَ: قلت لأبي معشر: الرجل يذكر الله فِي نَفسه كَيفَ تكتبه
الْمَلَائِكَة قَالَ: يَجدونَ الرّيح
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن أبي
عمرَان الْجونِي قَالَ: بلغنَا أَن الْمَلَائِكَة تصف بكتبها
فِي السَّمَاء الدُّنْيَا كل عَشِيَّة بعد الْعَصْر فينادي
الْملك ألقِ تِلْكَ الصَّحِيفَة وينادي الْملك الآخر ألقِ
تِلْكَ الصَّحِيفَة فَيَقُولُونَ رَبنَا قَالُوا خيرا وحفظنا
عَلَيْهِم فَيَقُول إِنَّهُم لم يُرِيدُوا بِهِ وَجْهي
وَإِنِّي لَا أقبل إِلَّا مَا أُرِيد بِهِ وَجْهي وينادي
الْملك الآخر أكتب لفُلَان بن فلَان كَذَا وَكَذَا فَيَقُول:
يَا رب إِنَّه لم يعمله فَيَقُول إِنَّه نَوَاه وَأخرج ابْن
الْمُبَارك وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الإِخلاص وَأَبُو
الشَّيْخ فِي العظمة عَن
(7/594)
ضَمرَة بن حبيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْمَلَائِكَة يصعدون بِعَمَل
العَبْد من عباد الله فيكثرونه ويزكونه حَتَّى ينْتَهوا بِهِ
حَيْثُ شَاءَ الله من سُلْطَانه فَيُوحِي الله إِلَيْهِم
إِنَّكُم حفظَة على عمل عَبدِي وَأَنا رَقِيب على مَا فِي
نَفسه إِن عَبدِي هَذَا لم يخلص لي عمله فَاجْعَلُوهُ فِي
سِجِّين قَالَ: ويصعدون بِعَمَل العَبْد من عباد الله
فيستقلونه ويحقرونه حَتَّى ينْتَهوا حَيْثُ شَاءَ الله من
سُلْطَانه فَيُوحِي الله إِلَيْهِم إِنَّكُم حفظَة على عمل
عَبدِي وَأَنا رَقِيب على مَا فِي نَفسه فضاعفوه لَهُ واجعلوه
فِي عليين
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي
الشّعب عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: صَاحب الْيَمين أَمِير على صَاحب الشمَال
فَإِذا عمل العَبْد حَسَنَة كتبت لَهُ بِعشر أَمْثَالهَا
وَإِذا عمل سَيِّئَة فَأَرَادَ صَاحب الشمَال أَن يَكْتُبهَا
قَالَ صَاحب الْيَمين أمسك فَيمسك سِتّ سَاعَات أَو سبع
سَاعَات فَإِن اسْتغْفر الله مِنْهَا لم يكْتب عَلَيْهِ شَيْئا
وَإِن لم يسْتَغْفر الله كتب عَلَيْهِ سَيِّئَة وَاحِدَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي التَّفْسِير عَن حسان بن عَطِيَّة
قَالَ: تَذَاكَرُوا مَجْلِسا فِيهِ مَكْحُول وَابْن أبي
زَكَرِيَّا أَن العَبْد إِذا عمل خَطِيئَة لم تكْتب عَلَيْهِ
ثَلَاث سَاعَات فَإِن اسْتغْفر الله وَإِلَّا تكْتب عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَنه قَالَ:
إِن من كَانَ قبلكُمْ كَانَ يكره فضول الْكَلَام مَا عدا كتاب
الله أَن يقرأه أَو أَمر بِمَعْرُوف أَو نهي عَن مُنكر وَأَن
تنطق بحاجتك فِي معيشتك الَّتِي لَا بُد لَك مِنْهَا
أتنكرون أَن عَلَيْكُم حافظين كراماً كاتبين وَأَن عَن
الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد مَا يلفظ من قَول إِلَّا لَدَيْهِ
رَقِيب عتيد أما يستحي أحدكُم لَو نشر صَحِيفَته الَّتِي مَلأ
صدر نَهَاره وَأكْثر مَا فِيهَا لَيْسَ من أَمر دينه وَلَا
دُنْيَاهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من
طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ عَن حسان بن عَطِيَّة قَالَ: بَيْنَمَا
رجل رَاكب على حمَار إِذْ عثر بِهِ فَقَالَ: تعست فَقَالَ
صَاحب الْيَمين: مَا هِيَ بحسنة فأكتبها وَقَالَ صَاحب الشمَال
مَا هِيَ بسيئة فأكتبها فَنُوديَ صَاحب الشمَال أَن مَا ترك
صَاحب الْيَمين فأكتبه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن بكر بن مَاعِز قَالَ: جَاءَت بنت
الرّبيع بن خَيْثَم وَعِنْده أَصْحَاب لَهُ فَقَالَت: يَا
أبتاه أذهب أَلعَب
قَالَ: لَا
قَالَ لَهُ أَصْحَابه: يَا
(7/595)
أَبَا يزِيد اتركها
قَالَ: لَا يُوجد فِي صحيفتي أَنِّي قلت لَهَا: إذهبي فالعبي
لَكِن إذهبي فَقولِي خيرا وافعلي خيرا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان
أَن الْكَلَام بسبعة أغلاق إِذْ أخرج مِنْهَا كتب وَإِذا لم
يخرج لم يكْتب الْقلب واللهاة وَاللِّسَان والحنكين والشفتين
وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك وَابْن عَسَاكِر عَن مَالك
أَنه بلغه أَن كل شَيْء يكْتب حَتَّى أَنِين الْمَرِيض
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: يكْتب على ابْن آدم
كل شَيْء يتَكَلَّم بِهِ حَتَّى أنينه فِي مَرضه
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن عَسَاكِر عَن الفضيل بن
عِيسَى قَالَ: إِذا احْتضرَ الرجل قيل للْملك الَّذِي كَانَ
يكْتب لَهُ كف قَالَ: لَا وَمَا يدريني لَعَلَّه يَقُول لَا
إِلَه إِلَّا الله فأكتبها لَهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: يكْتب من الْمَرِيض
كل شَيْء حَتَّى أنينه فِي مَرضه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء بن يسَار يبلغ بِهِ النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا مرض العَبْد قَالَ الله
للكرام الْكَاتِبين: اكتبوا لعبدي مثل الَّذِي كَانَ يعْمل
حَتَّى أقبضهُ أَو أعافيه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سلمَان قَالَ: إِذا مرض العَبْد
قَالَ الْملك يَا رب إبتليت عَبدك بِكَذَا فَيَقُول: مَا دَامَ
فِي وثاقي فَاكْتُبُوا لَهُ مثل عمله الَّذِي كَانَ يعْمل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن
معَاذ قَالَ: إِذا إبتلى الله العَبْد بِالسقمِ قَالَ لصَاحب
الشمَال إرفع وَقَالَ لصَاحب الْيَمين أكتب لعبدي مَا كَانَ
يعْمل
(7/596)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن النَّضر بن أنس
قَالَ: كُنَّا نتحدث مُنْذُ خمسين سنة أَنه مَا من عبد يمرض
إِلَّا قَالَ الله لكاتبيه أكتبا لعبدي مَا كَانَ يعْمل فِي
صِحَّته
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي قلَابَة قَالَ: إِذا مرض الرجل
على عمل صَالح أجْرى لَهُ مَا كَانَ يعْمل فِي صِحَّته
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة قَالَ إِذا مرض الرجل رفع
لَهُ كل يَوْم مَا كَانَ يعْمل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ثَابت بن مُسلم بن يسَار قَالَ:
إِذا مرض العَبْد كتب لَهُ أحسن مَا كَانَ يعْمل فِي صِحَّته
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد
وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد
الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من أحد من الْمُسلمين يبتلى ببلاء
فِي جسده إِلَّا أَمر الله الْحفظَة فَقَالَ أكتبوا لعبدي مَا
كَانَ يعْمل وَهُوَ صَحِيح مَا دَامَ مشدوداً فِي وثاقي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من مرض أَو سَافر
كتب الله لَهُ مَا كَانَ يعْمل صَحِيحا مُقيما
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن
مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: إِذا ابتلى الله الْمُؤمن ببلاء فِي جسده
قَالَ للْملك: أكتب لَهُ صَالح عمله الَّذِي كَانَ يعْمل فَإِن
شفَاه غسله وطهره وَإِن قَبضه غفر لَهُ ورحمه
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب
الإِيمان عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَن النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله وكل بِعَبْدِهِ الْمُؤمن
ملكَيْنِ يكتبان عمله فَإِذا مَاتَ قَالَ الْملكَانِ اللَّذَان
وُكِّلاَ بِهِ: قد مَاتَ فائذن لنا أَن نصعد إِلَى السَّمَاء
فَيَقُول الله: سمائي مَمْلُوءَة من ملائكتي يسبحونني
فَيَقُولَانِ: أنقيم فِي الأَرْض فَيَقُول الله: أرضي
مَمْلُوءَة من خلقي يسبحونني فَيَقُولَانِ: فَأَيْنَ فَيَقُول:
قوما على قبر عَبدِي فسبحاني واحمداني وكبراني وأكتبا ذَلِك
لعبدي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد والحكيم
التِّرْمِذِيّ عَن عمر بن ذَر عَن أَبِيه رَضِي الله عَنهُ
قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله
عِنْد لِسَان كل قَائِل فليتق الله عبد ولينظر مَا يَقُول
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا مَرْفُوعا مثله
الْآيَات 19 - 30
(7/597)
وَجَاءَتْ سَكْرَةُ
الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19)
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20)
وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ
كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ
فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا
مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ
كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ
(25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ
فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا
أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ
لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ
بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا
أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ
هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30)
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج
{وَجَاءَت سكرة الْمَوْت} قَالَ: غمرة الْمَوْت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ
وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت بَين يَدَيْهِ
ركوة أَو علبة فِيهَا مَاء فَجعل يدْخل يَدَيْهِ فِي المَاء
فيمسح بهما وَجهه وَيَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله إِن
للْمَوْت سَكَرَات
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد رَضِي
الله عَنهُ أَنه تَلا {وَجَاءَت سكرة الْمَوْت بِالْحَقِّ}
فَقَالَ: حَدَّثتنِي أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا
قَالَت: لقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَهُوَ بِالْمَوْتِ وَعِنْده قدح فِيهِ مَاء وَهُوَ يدْخل يَده
فِي الْقدح ثمَّ يمسح وَجهه بِالْمَاءِ ثمَّ يَقُول:
اللَّهُمَّ أَعنِي على سَكَرَات الْمَوْت
وَأخرج ابْن سعد عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما
مَاتَ الْوَلِيد بن الْوَلِيد بكته أم سَلمَة فَقَالَت: يَا
عين فأبكي للوليد بن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة كَانَ الْوَلِيد
بن الْوَلِيد أَبَا الْوَلِيد فَتى الْعَشِيرَة فَقَالَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقولي هَكَذَا يَا أم
سَلمَة وَلَكِن قولي {وَجَاءَت سكرة الْمَوْت بِالْحَقِّ ذَلِك
مَا كنت مِنْهُ تحيد}
وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة
قَالَت: لما حضرت أَبَا بكر الْوَفَاة قلت: وأبيض يَسْتَسْقِي
الْغَمَام بِوَجْهِهِ ثمال الْيَتَامَى عصمَة للأرامل قَالَ
أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ بل {وَجَاءَت سكرة الْمَوْت
بِالْحَقِّ ذَلِك مَا كنت مِنْهُ تحيد} قدم الْحق وَأخر
الْمَوْت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن ابْن أبي مليكَة
رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صبحت ابْن عَبَّاس من مَكَّة إِلَى
الْمَدِينَة فَكَانَ إِذا نزل منزلا قَامَ شطر اللَّيْل
فَسئلَ:
(7/598)
كَيفَ كَانَت قِرَاءَته قَالَ: قَرَأَ
{وَجَاءَت سكرة الْمَوْت بِالْحَقِّ ذَلِك مَا كنت مِنْهُ
تحيد} فَجعل يرتل وَيكثر فِي ذَلِك التَّسْبِيح
وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير عَن عبد الله بن اليمني مولى الزبير
بن الْعَوام قَالَ: لما حضر أَبُو بكر تمثلت عَائِشَة بِهَذَا
الْبَيْت
أعاذل مَا يُغني الحذار عَن الْفَتى إِذا حشرجت يَوْمًا وضاق
بهَا الصَّدْر فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: لَيْسَ
كَذَلِك يَا بنية وَلَكِن قولي {وَجَاءَت سكرة الْمَوْت
بِالْحَقِّ ذَلِك مَا كنت مِنْهُ تحيد}
أما قَوْله تَعَالَى: {مَا كنت مِنْهُ تحيد}
أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مثل الَّذِي يفر
من الْمَوْت كَمثل الثَّعْلَب تطلبه الأَرْض بدين فجَاء يسْعَى
حَتَّى إِذا أعيا وانبهر دخل حجره فَقَالَت لَهُ الأَرْض يَا
ثَعْلَب ديني فَخرج [] خصاص فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى انْقَطَعت
عُنُقه فَمَاتَ
أما قَوْله تَعَالَى: {وَجَاءَت كل نفس مَعهَا سائق وشهيد}
أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور
وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي
حَاتِم وَالْحَاكِم فِي الكنى وَابْن مرْدَوَيْه
وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور وَابْن عَسَاكِر عَن
عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {وَجَاءَت
كل نفس مَعهَا سائق وشهيد} قَالَ: سائق يَسُوقهَا إِلَى أَمر
الله وشهيد يشْهد عَلَيْهَا بِمَا عملت
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم فِي
الكنى وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة
رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَجَاءَت كل نفس مَعهَا سائق
وشهيد} قَالَ: السَّائِق الْملك والشهيد الْعَمَل
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي
قَوْله {سائق وشهيد} قَالَ: السَّائِق من الْمَلَائِكَة
والشهيد شَاهد عَلَيْهِ من نَفسه
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله
{سائق وشهيد} قَالَ: السَّائِق من الْمَلَائِكَة وَالشَّاهِد
من أنفسهم الْأَيْدِي والأرجل وَالْمَلَائِكَة أَيْضا شُهَدَاء
عَلَيْهِم
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن
مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سائق وشهيد} قَالَ:
الْملكَانِ كَاتب وشهيد
(7/599)
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر
الْمَوْت وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن
جَابر بن عبد الله قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن ابْن آدم لفي غَفلَة عَمَّا خلق
لَهُ إِن الله إِذا أَرَادَ خلقه قَالَ للْملك أكتب رزقه أكتب
أَثَره أكتب أَجله أكتب شقياً أم سعيداً ثمَّ يرْتَفع ذَلِك
الْملك وَيبْعَث الله ملكا فيحفظه حَتَّى يدْرك ثمَّ يرْتَفع
ذَلِك الْملك ثمَّ يُوكل الله بِهِ ملكَيْنِ يكتبان حَسَنَاته
وسيئاته فَإِذا حَضَره الْمَوْت ارْتَفع ذَلِك الْملكَانِ
وَجَاء ملك الْمَوْت ليقْبض روحه فَإِذا أَدخل قَبره رد الرّوح
فِي جسده وجاءه ملكا الْقَبْر فامتحناه ثمَّ يرتفعان فَإِذا
قَامَت السَّاعَة انحط عَلَيْهِ ملك الْحَسَنَات وَملك
السَّيِّئَات فبسطا كتابا معقوداً فِي عُنُقه ثمَّ حضر مَعَه
وَاحِد سائق وَآخر شَهِيد ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: إِن قدامكم لأمراً عَظِيما لَا تقدرونه
فاستعينوا بِاللَّه الْعَظِيم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن
عَبَّاس فِي قَوْله {لقد كنت فِي غَفلَة من هَذَا} قَالَ: هُوَ
الْكَافِر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي
قَوْله {فكشفنا عَنْك غطاءك} قَالَ: الْحَيَاة بعد الْمَوْت
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة
فِي قَوْله {فكشفنا عَنْك غطاءك فبصرك الْيَوْم حَدِيد} قَالَ:
عاين الْآخِرَة فَنظر إِلَى مَا وعده الله فَوَجَدَهُ كَذَلِك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {فبصرك
الْيَوْم} قَالَ: إِلَى لِسَان الْمِيزَان حَدِيد قَالَ:
حَدِيد النّظر شَدِيد
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قَالَ قرينه}
قَالَ: الشَّيْطَان
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَقَالَ قرينه}
قَالَ: الشَّيْطَان الَّذِي قيض لَهُ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَقَالَ
قرينه} قَالَ: ملكه {هَذَا مَا لديّ عتيد} قَالَ: الَّذِي
عِنْدِي عتيد للإِنسان حفظته حَتَّى جِئْت بِهِ وَفِي قَوْله
{قَالَ قرينه رَبنَا مَا أطغيته} قَالَ: هَذَا شَيْطَانه
(7/600)
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم فِي
قَوْله {كل كفار عنيد} قَالَ: مناكب عَن الْحق
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله
{ألقيا فِي جَهَنَّم كل كفار عنيد} قَالَ: كفار بنعم الله عنيد
عَن طَاعَة الله وَحقه مناع للخير قَالَ: الزَّكَاة
الْمَفْرُوضَة {مُعْتَد مريب} قَالَ: مُعْتَد فِي قَوْله
وَكَلَامه آثم بربه فَقَالَ هَذَا الْمُنَافِق الَّذِي جعل
مَعَ الله إِلَهًا آخر هَذَا الْمُشرك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن مَنْصُور قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من أحد إِلَّا
وَقد وكل بِهِ قرينه من الْجِنّ قَالُوا: وَلَا أَنْت قَالَ:
وَلَا أَنا إِلَّا أَن الله أعانني عَلَيْهِ فَأسلم فَلَا
يَأْمُرنِي الا بِخَير
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن
عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تختصموا لديّ} قَالَ: إِنَّهُم
اعتذروا بِغَيْر عذر فَأبْطل الله عَلَيْهِم حجتهم ورد
عَلَيْهِم قَوْلهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قَالَ
لَا تختصموا لديّ} قَالَ: عِنْدِي {وَقد قدمت إِلَيْكُم
بالوعيد} قَالَ: على لِسَان الرُّسُل أَن من عَصَانِي عَذبته
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع
بن أنس قَالَ: قلت لأبي الْعَالِيَة قَالَ الله: {لَا تختصموا
لديَّ وَقد قدمت إِلَيْكُم بالوعيد} وَقَالَ {ثمَّ إِنَّكُم
يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} فَكيف هَذَا قَالَ:
نعم أما قَوْله {لَا تختصموا لديّ} فَهَؤُلَاءِ أهل الشّرك
وَقَوله {ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم
تختصمون} فَهَؤُلَاءِ أهل الْقبْلَة يختصمون فِي مظالمهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله
{مَا يُبدل القَوْل لديّ} قَالَ: قد قضيت مَا أَنا قَاض
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {مَا يُبدل
القَوْل لديّ} قَالَ: هَهُنَا الْقسم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ
وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس
قَالَ: فرضت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة
أسريَ بِهِ الصَّلَاة خمسين ثمَّ نقصت
(7/601)
حَتَّى جعلت خمْسا ثمَّ نُودي يَا مُحَمَّد
إِنَّه لَا يُبدل القَوْل لدي وَإِن لَك بِهَذِهِ الْخمس خمسين
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا
أَنا بظلام للعبيد} قَالَ: مَا أَنا بمعذب من لم يجترم وَالله
تَعَالَى أعلم
أما قَوْله تَعَالَى: {يَوْم نقُول لِجَهَنَّم هَل امْتَلَأت
وَتقول هَل من مزِيد}
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَوْم
نقُول لِجَهَنَّم هَل امْتَلَأت وَتقول هَل من مزِيد} قَالَ:
وَهل فيَّ من مَكَان يُزَاد فيَّ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن
مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: حَتَّى تَقول فَهَل من مزِيد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: وعدها
الله ليملأنها فَقَالَ أوفيتك فَقَالَت: وَهل من مَسْلَك
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ
وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ
فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تزَال جَهَنَّم يلقى فِيهَا
وَتقول هَل من مزِيد حَتَّى يضع رب الْعِزَّة فِيهَا قدمه
فينزوي بَعْضهَا إِلَى بعض وَتقول قطّ قطّ وَعزَّتك وكرمك
وَلَا يزَال فِي الْجنَّة فضل حَتَّى ينشىء الله لَهَا خلقا
آخر فيسكنهم فِي قُصُور الْجنَّة
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة
رَفعه: يُقَال لِجَهَنَّم هَل امْتَلَأت وَتقول هَل من مزِيد
فَيَضَع الرب قدمه عَلَيْهَا فَتَقول قطّ قطّ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير
وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي
الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تَحَاجَّتْ الْجنَّة
وَالنَّار فَقَالَت النَّار أُوثِرت بِالْمُتَكَبِّرِينَ
وَالْمُتَجَبِّرِينَ وَقَالَت الْجنَّة مَا لي لَا يدخلني
إِلَّا ضعفاء النَّاس وَسَقَطهمْ قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى
للجنة: أَنْت رَحْمَتي أرْحم بك من أَشَاء من عبَادي وَقَالَ
للنار إِنَّمَا أَنْت عَذَابي أعذب بك من أَشَاء من عبَادي
وَلكُل وَاحِدَة مِنْكُمَا ملؤُهَا فَأَما النَّار فَلَا
تمتلىء حَتَّى يضع رجله فَتَقول قطّ قطّ فهنالك تمتلىء ويزوي
بَعْضهَا إِلَى بعض وَلَا يظلم الله من خلقه أحدا وَأما
الْجنَّة فَإِن الله ينشىء لَهَا خلقا
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد
الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله
(7/602)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: افتخرت
الْجنَّة وَالنَّار فَقَالَت النَّار: يَا رب يدخلني
الْجَبَابِرَة والمتكبرون والملوك والأشراف وَقَالَت الْجنَّة:
أَي رب يدخلني الضُّعَفَاء والفقراء وَالْمَسَاكِين فَيَقُول
الله للنار أَنْت عَذَابي أُصِيب بك من أَشَاء وَقَالَ للجنة:
أَنْت رَحْمَتي وسعت كل شَيْء وَلكُل وَاحِدَة مِنْكُمَا
ملؤُهَا فَيلقى فِيهَا أَهلهَا فَتَقول هَل من مزِيد ويلقى
فِيهَا وَتقول هَل من مزِيد حَتَّى يَأْتِيهَا عز وَجل فَيَضَع
قدمه عَلَيْهَا فتزوي وَتقول قدني قدني وَأما الْجنَّة فَيلقى
فِيهَا مَا شَاءَ الله أَن يلقى فينشىء لَهَا خلقا مَا يَشَاء
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بن كَعْب أَن
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يعرفنِي الله
نَفسه يَوْم الْقِيَامَة فأسجد سَجْدَة يرضى بهَا عني ثمَّ
أمدحه مِدْحَة يرضى بهَا عني
ثمَّ يُؤذن لي فِي الْكَلَام ثمَّ تمر أمتِي على الصِّرَاط
مَضْرُوب بَين ظهراني جَهَنَّم فيمرون أسْرع من الطّرف والسهم
وأسرع من أَجود الْخَيل حَتَّى يخرج الرجل مِنْهَا يحبو وَهِي
الْأَعْمَال وجهنم تسْأَل الْمَزِيد حَتَّى يضع فِيهَا قدمه
فينزوي بَعْضهَا إِلَى بعض وَتقول قطّ قطّ
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن
أُبيّ كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: أول من يدعى يَوْم الْقِيَامَة أَنا فأقوم فألبي ثمَّ
يُؤذن لي فِي السُّجُود فأسجد لَهُ سَجْدَة يرضى بهَا عني ثمَّ
يُؤذن لي فأرفع رَأْسِي فأدعو بِدُعَاء يرضى بِهِ عني
فَقُلْنَا يَا رَسُول الله كَيفَ تعرف أمتك يَوْم الْقِيَامَة
قَالَ: يعْرفُونَ غراً محجّلين من أثر الطّهُور فيردون عَليّ
الْحَوْض مَا بَين عدن إِلَى عمان بصرى أَشد بَيَاضًا من
اللَّبن وَأحلى من الْعَسَل وأبرد من الثَّلج وَأطيب ريحًا من
الْمسك فِيهِ من الْآنِية عدد نُجُوم السَّمَاء من ورده فَشرب
مِنْهُ لم يظمأ بعده أبدا وَمن صرف عَنهُ لم يرو بعده أبدا
ثمَّ يعرض النَّاس على الصِّرَاط فيمر أوائلهم كالبرق ثمَّ
يَمرونَ كَالرِّيحِ ثمَّ يَمرونَ كالطرف ثمَّ يَمرونَ كأجاويد
الْخَيل والركاب وعَلى كل حَال وَهِي الْأَعْمَال
وَالْمَلَائِكَة جَانِبي الصِّرَاط يَقُولُونَ رب سلم سلم
فسالم نَاجٍ ومخدوش نَاجٍ ومرتبك فِي النَّار وجهنم تَقول هَل
من مزِيد حَتَّى يضع فِيهَا رب الْعَالمين مَا شَاءَ الله أَن
يضع فتقبض وتغرغر كَمَا تغرغر المزادة الجديدة إِذا ملئت
وَتقول قطّ قطّ
الْآيَات 31 - 35
(7/603)
وَأُزْلِفَتِ
الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا
تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ
الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33)
ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ
مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن
الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وأزلفت الْجنَّة} قَالَ: زينت
الْجنَّة
وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن
التَّمِيمِي قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الأواب الحفيظ
قَالَ حفظ ذنُوبه حَتَّى رَجَعَ عَنْهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سعيد بن سِنَان فِي
قَوْله {لكل أواب حفيظ} قَالَ: حفظ ذنُوبه فَتَابَ مِنْهَا
ذَنبا ذَنبا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن
أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعيد بن الْمسيب
قَالَ: الأواب الَّذِي يُذنب ثمَّ يَتُوب ثمَّ يُذنب ثمَّ
يَتُوب ثمَّ يُذنب ثمَّ يَتُوب حَتَّى يخْتم الله لَهُ
بِالتَّوْبَةِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أنس
بن خباب قَالَ: قَالَ لي مُجَاهِد أَلا أنبئك بالأواب الحفيظ
هُوَ الرجل يذكر ذَنبه إِذا خلا فيستغفر لَهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن
أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبيد بن
عُمَيْر مثله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عبيد بن عُمَيْر
قَالَ: كُنَّا نعد الأواب الحفيظ الَّذِي يكون فِي الْمجْلس
فَإِذا أَرَادَ أَن يقوم قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لي مَا أصبت
فِي مجلسي هَذَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة
فِي قَوْله {لكل أواب} قَالَ: مُطِيع لله {حفيظ} قَالَ: لما
استودعه الله من حَقه ونعمه وَفِي قَوْله {وَجَاء بقلب منيب}
قَالَ: منيب إِلَى الله مقبل إِلَيْهِ وَفِي قَوْله {ادخلوها
بِسَلام} قَالَ: سلمُوا من عَذَاب الله وَسلم الله عَلَيْهِم
{ذَلِك يَوْم الخلود} قَالَ: خلدوا وَالله فَلَا يموتون
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {من خشِي
الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ} قَالَ: يخْشَى وَلَا يرى
(7/604)
أما قَوْله تَعَالَى: {لَهُم مَا يشاؤون
فِيهَا ولدينا مزِيد}
أخرج الْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن
مرْدَوَيْه واللالكائي فِي السّنة وَالْبَيْهَقِيّ فِي
الْبَعْث والنشور عَن أنس فِي قَوْله {ولدينا مزِيد} قَالَ:
يتجلى لَهُم الرب عز وَجل
وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار
وَأَبُو يعلى وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَابْن
جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن
مرْدَوَيْه والآجري فِي الشَّرِيعَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي
الرُّؤْيَة وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة من طرق جَيِّدَة
عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَتَانِي جِبْرِيل وَفِي يَده مرْآة بَيْضَاء فِيهَا نُكْتَة
سَوْدَاء فَقلت: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذِه
الْجُمُعَة فضلت بهَا أَنْت وَأمتك فَالنَّاس لكم فِيهَا تبع
الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَلكم فِيهَا خير وفيهَا سَاعَة لَا
يُوَافِقهَا مُؤمن يَدْعُو الله بِخَير إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ
وَهُوَ عندنَا يَوْم الْمَزِيد قَالَ النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: يَا جِبْرِيل وَمَا يَوْم الْمَزِيد قَالَ:
إِن رَبك اتخذ فِي الفردوس وَاديا أفيح فِيهِ كثب من مسك
فَإِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة أنزل الله مَا شَاءَ من
الْمَلَائِكَة وَحَوله مَنَابِر من نور عَلَيْهَا مقاعد
النَّبِيين وتحف تِلْكَ المنابر بكراسي من ذهب مكللة بالياقوت
والزبرجد عَلَيْهَا الشُّهَدَاء وَالصِّدِّيقُونَ ثمَّ جَاءَ
أهل الْجنَّة فجلسوا من ورائهم على تِلْكَ الكثب فيتجلى لَهُم
تبَارك وَتَعَالَى حَتَّى ينْظرُوا إِلَى وَجهه وَيَقُول الله:
أَنا ربكُم قد صدقتكم وعدي فسلوني أعطكم فَيَقُولُونَ: رَبنَا
نَسْأَلك رضوانك فَيَقُول: قد رضيت عَنْكُم فسلوني فيسألونه
حَتَّى تَنْتَهِي رغبتهم فَيَقُول: لكم مَا تمنيتم {ولدينا
مزِيد} فهم يحبونَ يَوْم الْجُمُعَة لما يعطيهم فِيهِ رَبهم من
الْخَيْر وَهُوَ الْيَوْم الَّذِي اسْتَوَى فِيهِ ربكُم على
الْعَرْش وَفِيه خلق آدم وَفِيه تقوم السَّاعَة
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير بِسَنَد حسن عَن أبي
سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الرجل ليتكىء فِي الْجنَّة سبعين
سنة قبل أَن يتحوّل ثمَّ تَأتيه امْرَأَته فَتضْرب على
مَنْكِبه فَينْظر وَجهه فِي خدها أصفى من الْمرْآة وَإِن أدنى
لؤلؤة عَلَيْهَا تضيء مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب فتسلم
عَلَيْهِ فَيرد عَلَيْهَا السَّلَام ويسألها من أنتِ فَتَقول:
أَنا من الْمَزِيد وَإنَّهُ ليَكُون عَلَيْهَا سَبْعُونَ حلَّة
أدناها مثل [] الغمان من طُوبَى فينفذها بَصَره حَتَّى يرى مخ
سَاقهَا من وَرَاء ذَلِك وَإِن عَلَيْهَا التيجان إِن أدنى
لؤلؤة مِنْهَا لتضيء مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب
(7/605)
وَأخرج ابْن جرير عَن أنس رَضِي الله عَنهُ
قَالَ: إِن الله إِذا أسكن أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل
النَّار النَّار هَبَط إِلَى مرج من الْجنَّة أفيح فَمد بَينه
وَبَين خلقه حجباً من لُؤْلُؤ وحجباً من نور ثمَّ وضعت
مَنَابِر النُّور وسرر النُّور وكراسي النُّور
ثمَّ أذن لرجل على الله بَين يَدَيْهِ أَمْثَال الْجبَال من
النُّور فَيسمع دويّ تَسْبِيح الْمَلَائِكَة مَعَه وصفق
أجنحتهم فَمد أهل الْجنَّة أَعْنَاقهم فَقيل من هَذَا الَّذِي
قد أذن لَهُ على الله فَقيل: هَذَا المجبول بِيَدِهِ والمعلم
الْأَسْمَاء أمرت الْمَلَائِكَة فسجدت لَهُ وَالَّذِي أبيحت
لَهُ الْجنَّة: آدم قد أذن لَهُ على الله
ثمَّ يُؤذن لرجل آخر بَين يَدَيْهِ أَمْثَال الْجبَال من
النُّور يسمع دويّ تَسْبِيح الْمَلَائِكَة مَعَه وصفق أجنحتهم
فَمد أهل الْجنَّة أَعْنَاقهم فَقيل: من هَذَا الَّذِي قد أذن
لَهُ على الله فَقيل: هَذَا الَّذِي قد اتَّخذهُ الله خَلِيلًا
وَجعلت النَّار عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا: إِبْرَاهِيم قد أذن
لَهُ على الله
ثمَّ أذن لرجل آخر على الله بَين يَدَيْهِ أَمْثَال الْجبَال
من النُّور يسمع مَعَه دويّ تَسْبِيح الْمَلَائِكَة وصفق
أجنحتهم فَمد أهل الْجنَّة أَعْنَاقهم فَقيل: من هَذَا الَّذِي
قد أذن لَهُ على الله فَقيل: هَذَا الَّذِي اصطفاه الله
برسالته وقربه نجياً وَكَلمه كلَاما: مُوسَى قد أذن لَهُ على
الله
ثمَّ يُؤذن لرجل آخر مَعَه مثل جَمِيع مواكب النَّبِيين قبله
من بَين يَدَيْهِ أَمْثَال الْجبَال من النُّور يسمع دويّ
تَسْبِيح الْمَلَائِكَة مَعَه وصفق أجنحتهم فَمد أهل الْجنَّة
أَعْنَاقهم فَقيل: من هَذَا الَّذِي قد أذن لَهُ على الله
فَقيل: هَذَا أول شَافِع وَأول مُشَفع وَأكْثر النَّاس
وَارِدَة وَسيد ولد آدم وَأول من تَنْشَق عَن ذؤابته الأَرْض
وَصَاحب لِوَاء الْحَمد وَقد أذن لَهُ على الله
فَجَلَسَ النَّبِيُّونَ على مَنَابِر النُّور وَالصِّدِّيقُونَ
على سرر النُّور وَالشُّهَدَاء على كراسي النُّور وَجلسَ
سَائِر النَّاس على كُثْبَان الْمسك الأذفر الْأَبْيَض ثمَّ
ناداهم الرب تَعَالَى من وَرَاء الْحجب: مرْحَبًا
(7/606)
بعبادي وزواري وجيراني ووفدي يَا ملائكتي
إنهضوا إِلَى عبَادي فاطعموهم
فقربت إِلَيْهِم من لُحُوم الطير كَأَنَّهَا البخت لَا ريش
لَهَا وَلَا عظم فَأَكَلُوا ثمَّ ناداهم الرب عز وَجل من
وَرَاء الْحجب: مرْحَبًا بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلُوا
اسقوهم
فَنَهَضَ إِلَيْهِم غلْمَان كَأَنَّهُمْ اللُّؤْلُؤ الْمكنون
بأباريق الذَّهَب وَالْفِضَّة بأشربة مُخْتَلفَة لذيذة آخرهَا
كلذة أَولهَا (لَا يصدعون عَنْهَا وَلَا ينزفون) (الْوَاقِعَة
آيَة 19)
ثمَّ ناداهم الرب عز وَجل من وَرَاء الْحجب: مرْحَبًا بعبادي
وزواري وجيراني ووفدي أكلُوا وَشَرِبُوا فكّهوهم
فَيقرب إِلَيْهِم على أطباق مكللة بالياقوت والمرجان من الرطب
الَّذِي سمى الله أشدّ بَيَاضًا من اللَّبن وَأَشد عذوبة من
الْعَسَل
فَأَكَلُوا ثمَّ ناداهم الرب من وَرَاء الْحجب: مرْحَبًا
بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلُوا وَشَرِبُوا وفكهوا أكسوهم
ففتحت لَهُم ثمار الْجنَّة بحلل مصقولة بِنور الرَّحْمَن
فأكسوها
ثمَّ ناداهم الرب عز وَجل من وَرَاء الْحجب: مرْحَبًا بعبادي
وزواري وجيراني ووفدي أكلُوا وَشَرِبُوا وفكهوا وكسوا طيبوهم
فهاجت عَلَيْهِم ريح يُقَال لَهَا المثيرة بأباريق الْمسك
الْأَبْيَض الأذفر فنفخت على وُجُوههم من غير غُبَار وَلَا
قتام ثمَّ ناداهم الرب عز وَجل من وَرَاء الْحجب: مرْحَبًا
بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلُوا وَشَرِبُوا وفكهوا وكسوا
وطيبوا وَعِزَّتِي لأتجلين لَهُم حَتَّى ينْظرُوا إليّ
فَذَلِك إنتهاء الْعَطاء وَفضل الْمَزِيد
فتجلى لَهُم الرب ثمَّ قَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم عبَادي
أنظروا إليّ فقد رضيت عَنْكُم
فتداعت قُصُور الْجنَّة وشجرها سُبْحَانَكَ أَربع مَرَّات وخر
الْقَوْم سجدا فناداهم الرب: عبَادي إرفعوا رؤوسكم فَإِنَّهَا
لَيست بدار عمل وَلَا دَار نصب إِنَّمَا هِيَ دَار جَزَاء
وثواب وَعِزَّتِي مَا خلقتها إِلَّا من أجلكم وَمَا من سَاعَة
ذكرتموني فِيهَا فِي دَار الدُّنْيَا إِلَّا ذكرتكم فَوق
عَرْشِي
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ
قَالَ: حَدثنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
حَدثنِي جِبْرِيل قَالَ: يدْخل الرجل على الْحَوْرَاء فتستقبله
بالمعانقة والمصافحة فَبِأَي بنان تعاطيه لَو أَن بعض بنانها
بدا لغلب ضوءه ضوء الشَّمْس وَالْقَمَر وَلَو أَن طَاقَة من
شعرهَا بَدَت لملأت مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب من طيب
رِيحهَا فَبَيْنَمَا هُوَ متكىء مَعهَا على أريكته إِذْ أشرق
عَلَيْهِ نور من فَوْقه فيظن أَن الله تَعَالَى قد أشرف على
خلقه فَإِذا حوراء تناديه يَا ولي الله أما لنا فِيك من دولة
فَيَقُول وَمن أنتِ يَا هَذِه فَتَقول: أَنا من اللواتي قَالَ
الله {ولدينا مزِيد} فيتحول إِلَيْهَا فَإِذا عِنْدهَا من
الْجمال والكمال مَا لَيْسَ مَعَ الأولى فَبَيْنَمَا هُوَ
متكىء على أريكته إِذْ أشرف عَلَيْهِ نور من فَوْقه فَإِذا
حوراء أُخْرَى تناديه: يَا ولي الله أما لنا فِيك من دولة
فَيَقُول وَمن أنتِ يَا هَذِه فَتَقول: أَنا من اللواتي قَالَ
الله (فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين جَزَاء
بِمَا كَانُوا يعْملُونَ) (السَّجْدَة آيَة 17) فَلَا يزَال
يتَحَوَّل من زَوْجَة إِلَى زَوْجَة
(7/607)
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر
عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {لَهُم مَا يشاؤون فِيهَا
ولدينا مزِيد} قَالَ: لَو أَن أدنى أهل الْجنَّة نزل بِهِ أهل
الْجنَّة كلهم لأوسعهم طَعَاما وَشَرَابًا ومجالس وخدماً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كثير بن مرّة قَالَ: من الْمَزِيد
أَن تمر السحابة بِأَهْل الْجنَّة فَتَقول مَاذَا تُرِيدُونَ
فأمطره لكم فَلَا يدعونَ بِشَيْء إِلَّا أمطرتهم وَالله
تَعَالَى أعلم
الْآيَات 36 - 37
(7/608)
وَكَمْ أَهْلَكْنَا
قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا
فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (36) إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى
السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن
عَبَّاس فِي قَوْله {فَنقبُوا فِي الْبِلَاد} قَالَ: أثروا
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق
سَأَلَهُ عَن قَوْله {فَنقبُوا فِي الْبِلَاد} قَالَ: هربوا
بلغَة الْيمن
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول
عدي بن زيد: نقبوا فِي الْبِلَاد من حذر الْمَوْت وجالوا فِي
الأَرْض أيَّ مجَال وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن
مُجَاهِد فِي قَوْله {فَنقبُوا فِي الْبِلَاد} قَالَ: ضربوا
فِي الأَرْض
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {هَل من
محيص} قَالَ: هَل من مهرب يهربون من الْمَوْت
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن
قَتَادَة فِي قَوْله {فَنقبُوا فِي الْبِلَاد هَل من محيص}
قَالَ: حَاص أَعدَاء الله فوجدوا أَمر الله لَهُم مدْركا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن فِي
ذَلِك لذكرى لمن كَانَ لَهُ قلب} قَالَ: كَانَ المُنَافِقُونَ
يَجْلِسُونَ عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ
يخرجُون فَيَقُولُونَ مَاذَا قَالَ آنِفا لَيْسَ مَعَهم قُلُوب
(7/608)
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب
وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ بن أبي طَالب
رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الْعقل فِي الْقلب وَالرَّحْمَة
فِي الكبد والرأفة فِي الطحال وَالنَّفس فِي الرئة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ
قَالَ: التَّوْفِيق خير قَائِد وَحسن الْخلق خير قرين وَالْعقل
خير صَاحب وَالْأَدب خير ميزَان وَلَا وَحْشَة أَشد من الْعجب
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله
{أَو ألْقى السّمع} قَالَ: لَا يحدث نَفسه بِغَيْرِهِ {وَهُوَ
شَهِيد} قَالَ: شَاهد بِالْقَلْبِ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {أَو
ألْقى السّمع وَهُوَ شَهِيد} قَالَ: يستمع وَقَلبه شَاهد لَا
يكون قلبه مَكَانا آخر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله
{أَو ألْقى السّمع وَهُوَ شَهِيد} قَالَ: هُوَ رجل من أهل
الْكتاب ألْقى السّمع أَي اسْتمع لِلْقُرْآنِ وَهُوَ شَهِيد
على مَا فِي يَدَيْهِ من كتاب الله أَنه يجد النَّبِي
مُحَمَّدًا مَكْتُوبًا
الْآيَات 38 - 45
(7/609)
وَلَقَدْ خَلَقْنَا
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ
أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلَى
مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ
الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ
فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ
يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ
يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ
(42) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ
(43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ
حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا
يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ
بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك قَالَ:
قَالَت الْيَهُود ابْتَدَأَ الله الْخلق يَوْم الْأَحَد
والإِثنين وَالثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء وَالْخَمِيس
وَالْجُمُعَة واستراح يَوْم السبت فَأنْزل الله {وَلَقَد
خلقنَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا فِي سِتَّة
أَيَّام وَمَا مسنا من لغوب}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن
قَتَادَة قَالَ: قَالَت الْيَهُود: إِن الله
(7/609)
خلق الْخلق فِي سِتَّة أَيَّام وَفرغ من
الْخلق يَوْم الْجُمُعَة واستراح يَوْم السبت فأكذبهم الله فِي
ذَلِك فَقَالَ {وَمَا مسنا من لغوب}
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا مسنا من
لغوب} قَالَ: من نصب
وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير
وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد فِي
قَوْله {وَمَا مسنا من لغوب} قَالَ: اللغوب النصب
تَقول الْيَهُود إِنَّه أعيا بعد مَا خلقهما
وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن العوّام بن حَوْشَب قَالَ:
سَأَلت أَبَا مجلز عَن الرجل يجلس فَيَضَع إِحْدَى رجلَيْهِ
على الْأُخْرَى فَقَالَ لَا بَأْس بِهِ إِنَّمَا كره ذَلِك
الْيَهُود زَعَمُوا أَن الله خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي
سِتَّة أَيَّام ثمَّ استراح يَوْم السبت فَجَلَسَ تِلْكَ
الجلسة فَأنْزل الله {وَلَقَد خلقنَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض
وَمَا بَينهمَا فِي سِتَّة أَيَّام وَمَا مسنا من لغوب}
قَوْله تَعَالَى: {فاصبر على مَا يَقُولُونَ} الْآيَة
أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن عَسَاكِر عَن جرير
بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله
{وَسبح بِحَمْد رَبك قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل الْغُرُوب}
قَالَ: قبل طُلُوع الشَّمْس صَلَاة الصُّبْح وَقبل الْغُرُوب
صَلَاة الْعَصْر
أما قَوْله تَعَالَى: {وَمن اللَّيْل فسبحه وأدبار السُّجُود}
أخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَمن اللَّيْل فسبحه}
قَالَ: الْعَتَمَة {وأدبار السُّجُود} النَّوَافِل
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَمن اللَّيْل فسبحه} قَالَ:
اللَّيْل كُله
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن
مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بت
عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى رَكْعَتَيْنِ
خفيفتين قبل صَلَاة الْفجْر ثمَّ خرج إِلَى الصَّلَاة فَقَالَ
يَا ابْن عَبَّاس رَكْعَتَانِ قبل صَلَاة الْفجْر أدبار
النُّجُوم وركعتان بعد الْمغرب أدبار السُّجُود
وَأخرج مُسَدّد فِي مُسْنده وَابْن الْمُنْذر وَابْن
مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ:
سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أدبار
النُّجُوم وَالسُّجُود فَقَالَ: أدبار السُّجُود الركعتان بعد
الْمغرب وأدبار النُّجُوم الركعتان قبل الْغَدَاة
(7/610)
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة
قَالَ: حفظت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشر
رَكْعَات تطوّعاً مِنْهَا أَربع فِي كتاب الله وَمن اللَّيْل
فسبحه وأدبار السُّجُود قَالَ: الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَمُحَمّد بن نصر فِي الصَّلَاة عَن عمر
بن الْخطاب فِي قَوْله {وأدبار السُّجُود} قَالَ: رَكْعَتَانِ
بعد الْمغرب {وأدبار النُّجُوم} قَالَ: رَكْعَتَانِ قبل
الْفجْر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن نصر عَن أبي تَمِيم الجيشاني
قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله
{وأدبار السُّجُود} هما الركعتان بعد الْمغرب
وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانَ يُقَال أدبار
السُّجُود الركعتان بعد الْمغرب
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ {وأدبار السُّجُود}
الركعتان بعد الْمغرب
وَأخرج عَن قَتَادَة وَالشعْبِيّ وَالْحسن مثله
وَأخرج ابْن جرير عَن الْأَوْزَاعِيّ أَنه سُئِلَ عَن
الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب فَقَالَ هما فِي كتاب الله
تَعَالَى {فسبحه وأدبار السُّجُود}
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن نصر
وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُجَاهِد قَالَ: قَالَ ابْن
عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أدبار السُّجُود التَّسْبِيح
بعد الصَّلَاة وَلَفظ البُخَارِيّ أمره أَن يسبح فِي أدبار
الصَّلَوَات كلهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي
قَوْله {واستمع يَوْم يناد المناد} قَالَ: هِيَ الصَّيْحَة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر والواسطي فِي فَضَائِل بَيت الْمُقَدّس
عَن يزِيد بن جَابر فِي قَوْله {واستمع يَوْم يناد المناد من
مَكَان قريب} قَالَ: يقف إسْرَافيل على صَخْرَة بَيت
الْمُقَدّس فينفخ فِي الصُّورَة فَيَقُول: يَا أيتها الْعِظَام
النخرة والجلود المتمزقة والأشعار المتقطعة إِن الله يَأْمُرك
أَن تجتمعي لفصل الْحساب
وَأخرج ابْن جرير عَن كَعْب فِي قَوْله {واستمع يَوْم يناد
المناد من مَكَان قريب} قَالَ: ملك قَائِم على صَخْرَة بَيت
الْقُدس يُنَادي يَا أيتها الْعِظَام البالية والأوصال
المتقطعة إِن الله يأمركن أَن تجتمعن لفصل الْقَضَاء
وَأخرج ابْن جرير عَن بُرَيْدَة قَالَ: ملك قَائِم على صَخْرَة
بَيت الْمُقَدّس وَاضع إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ يُنَادي يَقُول:
يَا أَيهَا النَّاس هلموا إِلَى الْحساب
(7/611)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم
والواسطي إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ يُنَادي يَقُول: يَا أَيهَا
النَّاس هلموا إِلَى الْحساب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والواسطي عَن قَتَادَة فِي
قَوْله {يَوْم يناد المناد من مَكَان قريب} قَالَ: كُنَّا
نُحدث أَنه يُنَادي من بَيت الْمُقَدّس من الصَّخْرَة وَهِي
أَوسط الأَرْض وَحدثنَا أَن كَعْبًا قَالَ: هِيَ أقرب الأَرْض
إِلَى السَّمَاء بِثمَانِيَة عشر ميلًا
وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي
قَوْله {يَوْم يناد المناد من مَكَان قريب} قَالَ: من صَخْرَة
بَيت الْمُقَدّس
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {يَوْم
يسمعُونَ الصَّيْحَة بِالْحَقِّ} قَالَ: يسمع النفخة الْقَرِيب
والبعيد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس
رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ذَلِك يَوْم الْخُرُوج}
قَالَ: يَوْم يخرجُون إِلَى الْبَعْث من الْقُبُور
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي
قَوْله {يَوْم تشقق الأَرْض عَنْهُم سرَاعًا} قَالَ: تمطر
السَّمَاء عَلَيْهِم حَتَّى تشقق الأَرْض عَنْهُم
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنا أول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض ثمَّ
أَبُو بكر ثمَّ عمر ثمَّ آتِي أهل البقيع فيحشرون معي ثمَّ
أنْتَظر أهل مَكَّة وتلا ابْن عمر {يَوْم تشقق الأَرْض عَنْهُم
سرَاعًا} الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله
عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا أَنْت عَلَيْهِم بجبار} قَالَ لَا
تتجبر عَلَيْهِم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة
رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا أَنْت عَلَيْهِم بجبار}
قَالَ: إِن الله كره لنَبيه الجبرية وَنهى عَنْهَا وَقدم
فِيهَا فَقَالَ {فَذكر بِالْقُرْآنِ من يخَاف وَعِيد}
وَأخرج الْحَاكِم عَن جرير قَالَ: أُتِي النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم بِرَجُل ترْعد فرائصه فَقَالَ: هوّن عَلَيْك
فَإِنَّمَا أَنا ابْن إمرأة من قُرَيْش كَانَت تَأْكُل القديد
فِي هَذِه الْبَطْحَاء ثمَّ تَلا جرير {وَمَا أَنْت عَلَيْهِم
بجبار}
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس قَالَ: كَانَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعود الْمَرِيض وَيتبع الْجَنَائِز
ويجيب دَعْوَة الْمَمْلُوك ويركب الْحمار وَلَقَد كَانَ يَوْم
خَيْبَر وَيَوْم قُرَيْظَة على حمَار خطامه حَبل من لِيف
وَتَحْته اكاف من لِيف
(7/612)
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالُوا يَا رَسُول الله لَو خوّفتنا
فَنزلت {فَذكر بِالْقُرْآنِ من يخَاف وَعِيد}
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (51)
سُورَة الذاريات
مَكِّيَّة وآياتها سِتُّونَ
مُقَدّمَة سُورَة الذاريات أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن
مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس
رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة الذاريات بِمَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ مثله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن أبي المتَوَكل
النَّاجِي عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَ فِي
الظّهْر بقاف والذاريات
الْآيَات 1 - 19
(7/613)
وَالذَّارِيَاتِ
ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2) فَالْجَارِيَاتِ
يُسْرًا (3) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4) إِنَّمَا
تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (5) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6)
وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ (7) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ
مُخْتَلِفٍ (8) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (9) قُتِلَ
الْخَرَّاصُونَ (10) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ
(11) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12) يَوْمَ هُمْ
عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (13) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا
الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (14) إِنَّ
الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا
آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ
مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا
يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)
وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)
أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي
وَسَعِيد بن مَنْصُور والْحَارث بن أبي أُسَامَة وَابْن جرير
وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي
الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم وَصَححهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب
الإِيمان من طرق عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي
قَوْله {والذاريات ذَروا} قَالَ: الرِّيَاح {فَالْحَامِلَات
وقرا} قَالَ: السَّحَاب {فَالْجَارِيَات يسرا} قَالَ: السفن
{فَالْمُقَسِّمَات أمرا} قَالَ: الْمَلَائِكَة
وَأخرج الْبَزَّار وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَابْن
مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: جَاءَ
صبيغ التَّمِيمِي إِلَى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ
فَقَالَ: أَخْبرنِي عَن {والذاريات ذَروا} قَالَ: هِيَ
الرِّيَاح وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم يَقُوله مَا قلته قَالَ: فَأَخْبرنِي عَن
{فَالْحَامِلَات وقرا} قَالَ: هِيَ السَّحَاب وَلَوْلَا أَنِّي
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُوله مَا قلته
قَالَ: فَأَخْبرنِي عَن {فَالْجَارِيَات يسرا} قَالَ: هِيَ
السفن وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم يَقُوله مَا قلته
قَالَ: فَأَخْبرنِي عَن {فَالْمُقَسِّمَات أمرا} قَالَ: هن
الْمَلَائِكَة وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم يَقُوله مَا قلته ثمَّ أَمر بِهِ فَضرب مائَة
وَجعل فِي بَيت فَلَمَّا برأَ دَعَاهُ فَضرب مائَة أُخْرَى
وَحمله على قتب وَكتب إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ إمنع
النَّاس من مُجَالَسَته فَلم يزَالُوا كَذَلِك حَتَّى أَتَى
أَبَا مُوسَى فَحلف لَهُ بالأيمان الْمُغَلَّظَة مَا يجد فِي
نَفسه مِمَّا كَانَ يجد شَيْئا فَكتب فِي ذَلِك إِلَى عمر
فَكتب عمر: مَا إخَاله إِلَّا وَقد صدق فَحل بَينه وَبَين
مجالسة النَّاس
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن الْحسن قَالَ: سَأَلَ صبيغ
التَّمِيمِي عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ عَن {والذاريات
ذَروا} وَعَن {والمرسلات عرفا} وَعَن {والنازعات غرقاً}
فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: إكشف رَأسك فَإِذا لَهُ ضفيرتان
فَقَالَ: وَالله لَو وَجَدْتُك محلوقاً لضَرَبْت عُنُقك
ثمَّ كتب إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن لَا يجالسه مُسلم
وَلَا يكلمهُ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير
قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن
{والذاريات ذَروا} فَقَالَ: الرِّيَاح {فَالْحَامِلَات وقرا}
قَالَ: السَّحَاب {فَالْجَارِيَات يسرا} قَالَ: السفن
وَأخرج ابْن جرير وَابْن نصر وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن
عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {كَانُوا قَلِيلا من
اللَّيْل مَا يهجعون} يَقُول: قَلِيلا مَا كَانُوا ينامون
(7/614)
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن
أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه
وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي
قَوْله {كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون} قَالَ:
كَانُوا يصلونَ بَين الْمغرب وَالْعشَاء وَكَذَلِكَ
(تَتَجَافَى جنُوبهم) (الْبَقَرَة الْآيَة 264)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي
قَوْله {كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون} قَالَ: لَا
ينامون عَن الْعشَاء الْآخِرَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن نصر وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء
فِي قَوْله {كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون} قَالَ:
ذَلِك إِذْ أمروا بِقِيَام اللَّيْل وَكَانَ أَبُو ذَر يعْتَمد
على الْعَصَا فَمَكَثُوا شَهْرَيْن ثمَّ نزلت الرُّخْصَة
(فاقرأوا مَا تيَسّر مِنْهُ) (الْمَائِدَة الْآيَة 90)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة
قَالَ: كَانُوا قَلِيلا من النَّاس الَّذين يَفْعَلُونَ ذَلِك
إِذْ ذَاك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ:
الْمُتَّقِينَ هم الْقَلِيل كَانُوا من النَّاس قَلِيلا
وَأخرج ابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله
{كَانُوا قَلِيلا} يَقُول: المحسنون كَانُوا قَلِيلا هَذِه
مفصولة ثمَّ اسْتَأْنف فَقَالَ: {من اللَّيْل مَا يهجعون}
الهجوع النّوم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن نصر عَن مُجَاهِد رَضِي الله
عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا لَا ينامون اللَّيْل كُله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله
{كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون} قَالَ: كَانَ الْحسن
يَقُول: كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا ينامون وَكَانَ مطرف
بن عبد الله يَقُول: كَانُوا قلّ لَيْلَة لَا يصيبون مِنْهَا
وَكَانَ مُحَمَّد بن عَليّ يَقُول: لَا ينامون حَتَّى يصلوا
الْعَتَمَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه من
طَرِيق الْحسن عَن عبد الله بن رَوَاحَة رَضِي الله عَنهُ فِي
قَوْله {كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون} قَالَ: هجعوا
قَلِيلا ثمَّ مدوها إِلَى السحر
(7/615)
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله
عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن
آخر اللَّيْل فِي التَّهَجُّد أحب إليَّ من أوّله لِأَن الله
يَقُول {وبالأسحار هم يَسْتَغْفِرُونَ}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وبالأسحار هم
يَسْتَغْفِرُونَ} قَالَ: يصلونَ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن
الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر
رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وبالأسحار هم
يَسْتَغْفِرُونَ} قَالَ: يصلونَ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن نصر وَابْن جرير وَابْن
الْمُنْذر عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: صلوا فَلَمَّا كَانَ
السحر اسْتَغْفرُوا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
فِي قَوْله {وَفِي أَمْوَالهم حق} قَالَ: سوى الزَّكَاة يصل
بهَا رحما أَو يقري بهَا ضيفاً أَو يعين بهَا محروماً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن
مُجَاهِد فِي قَوْله {وَفِي أَمْوَالهم حق} قَالَ: سوى
الزَّكَاة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يرَوْنَ
فِي أَمْوَالهم حَقًا سوى الزَّكَاة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن
أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن السَّائِل
والمحروم قَالَ: السَّائِل الَّذِي يسْأَل النَّاس والمحروم
الَّذِي لَيْسَ لَهُ سهم فِي الْمُسلمين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن
أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن بن مُحَمَّد بن
الْحَنَفِيَّة قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
سَرِيَّة فَأَصَابُوا وغنموا فجَاء قوم بعد مَا فرغوا فَنزلت
{فِي أَمْوَالهم حق مَعْلُوم للسَّائِل والمحروم}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
قَالَ: المحروم هُوَ المحارف الَّذِي يطْلب الدُّنْيَا وتدبر
عَنهُ وَلَا يسْأَل النَّاس فَأمر الله الْمُؤمنِينَ برفده
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة قَالَ: سَأَلت عَائِشَة
رَضِي الله عَنْهَا عَن المحروم فِي هَذِه الْآيَة فَقَالَت:
هُوَ المحارف الَّذِي لَا يكَاد يَتَيَسَّر لَهُ مكسبه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا قَالَ: المحروم المحارف الَّذِي لَيْسَ لَهُ
فِي الإِسلام سهم
(7/616)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي
الله عَنهُ قَالَ: المحروم الَّذِي لَيْسَ فِي الْغَنِيمَة
شَيْء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم مثله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي قلَابَة قَالَ: كَانَ رجل
بِالْيَمَامَةِ فجَاء السَّيْل فَذَهَبت بِمَالِه فَقَالَ رجل
من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا المحروم
فَأَعْطوهُ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله
عَنهُ قَالَ: السَّائِل الَّذِي يسْأَل بكفه والمحروم
الْمُتَعَفِّف
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: المحروم
المحارف
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: المحروم المحارف
الَّذِي لَا يثبت لَهُ مَال
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: المحروم
الَّذِي لَا يَنْمُو لَهُ مَال فِي قَضَاء الله
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَامر قَالَ: هُوَ المحارف وتلا هَذِه
الْآيَة (إِنَّا لمغرمون بل نَحن محرمون) (الْوَاقِعَة الْآيَة
66 - 67) قَالَ: هَلَكت ثمارهم وحرموا بركَة أَرضهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن قزعة أَن رجلا سَأَلَ ابْن عمر رَضِي
الله عَنْهُمَا عَن قَوْله {فِي أَمْوَالهم حق مَعْلُوم}
قَالَ: هِيَ الزَّكَاة وَفِي سوى ذَلِك حُقُوق
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله
{للسَّائِل والمحروم} قَالَ: السَّائِل الَّذِي يسْأَل بكفه
والمحروم المحارف
وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ قَالَ: أعياني أعلم مَا
المحروم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي بشر قَالَ: سَأَلت
سعيد بن جُبَير عَن المحروم فَلم يقل فِيهِ شَيْئا وَسَأَلت
عَطاء فَقَالَ: هُوَ الْمَحْدُود وَزعم أَن الْمَحْدُود
المحارف
وَأخرج ابْن جرير وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي
هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ الْمِسْكِين الَّذِي ترده التمرة
وَالتَّمْرَتَانِ وَلَا الْأكلَة وَالْأكْلَتَان قَالُوا: فَمن
الْمِسْكِين قَالَ: الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَا يُغْنِيه وَلَا
يُعْلم مَكَانَهُ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَذَلِك المحروم
(7/617)
وَأخرج العسكري فِي المواعظ وَابْن
مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أنس ويل للأغنياء من
الْفُقَرَاء يَوْم الْقِيَامَة يَقُولُونَ: رَبنَا ظلمونا
حقوقنا الَّتِي فرضت لنا عَلَيْهِم فَيَقُول: وَعِزَّتِي
وَجَلَالِي لأقربنكم ولأباعدنهم قَالَ: وتلا رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم {فِي أَمْوَالهم حق مَعْلُوم للسَّائِل
والمحروم}
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن فَاطِمَة بنت قيس أَنَّهَا
سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن هَذِه الْآيَة
{فِي أَمْوَالهم حق مَعْلُوم} قَالَ: إِن فِي المَال حَقًا سوى
الزَّكَاة وتلا هَذِه الْآيَة (لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا
وُجُوهكُم) إِلَى قَوْله (وَفِي الرّقاب وَأقَام الصَّلَاة
وَآتى الزَّكَاة) (الْبَقَرَة 177) وَالله سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى أعلم
الْآيَات 20 - 40
(7/618)
وَفِي الْأَرْضِ
آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا
تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا
تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ
لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23) هَلْ أَتَاكَ
حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ
دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ
مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ
سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ
(27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ
وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (28) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ
فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ
(29) قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ
الْعَلِيمُ (30) قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا
الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ
مُجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ
(33) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (34)
فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35)
فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
(36) وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ
الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (37) وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ
إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) فَتَوَلَّى
بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39) فَأَخَذْنَاهُ
وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40)
أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن
الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن قَتَادَة رَضِي
الله عَنهُ فِي قَوْله {وَفِي الأَرْض آيَات للموقنين} قَالَ:
يَقُول: مُعْتَبر لمن اعْتبر {وَفِي أَنفسكُم} قَالَ: يَقُول:
فِي خلقه أَيْضا إِذا فكر فِيهِ مُعْتَبر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن
قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله وَفِي أَنفسكُم {أَفلا
تبصرون} قَالَ: من تفكر فِي خلقه علم أَنما لينت مفاصله
لِلْعِبَادَةِ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن
الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان
عَن ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَفِي أَنفسكُم
أَفلا تبصرون} قَالَ: سَبِيل الْغَائِط وَالْبَوْل
وَأخرج الخرائطي فِي مساوئ الْأَخْلَاق عَن عَليّ بن أبي طَالب
رَضِي الله عَنهُ {وَفِي أَنفسكُم أَفلا تبصرون} قَالَ: سَبِيل
الْغَائِط وَالْبَوْل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي
قَوْله {وَفِي أَنفسكُم أَفلا تبصرون} قَالَ: فِيمَا يدْخل من
طَعَامكُمْ وَمَا يخرج وَالله أعلم
قَوْله تَعَالَى: {وَفِي السَّمَاء رزقكم} الْآيَتَيْنِ
أخرج ابْن النقور والديلمي عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَفِي السَّمَاء
رزقكم وَمَا توعدون} قَالَ: الْمَطَر
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا قَالَ: إِنِّي لأعرف الثَّلج وَمَا رَأَيْته فِي
قَول الله {وَفِي السَّمَاء رزقكم وَمَا توعدون} قَالَ:
الثَّلج
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله
عَنهُ فِي قَوْله {وَفِي السَّمَاء رزقكم} قَالَ: الْمَطَر
{وَمَا توعدون} قَالَ: الْجنَّة وَالنَّار
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله
عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: الْجنَّة فِي السَّمَاء وَمَا توعدون
من خير وَشر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله
عَنهُ فِي قَوْله {فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْض} الْآيَة
قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ: قَاتل الله أَقْوَامًا أقسم لَهُم رَبهم ثمَّ لم
يصدقُوا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي
قَوْله {فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْض إِنَّه لحق} قَالَ:
لكل شَيْء ذكره فِي هَذِه السُّورَة
(7/619)
أخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن الْمُنْذر
وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد رَضِي الله
عَنهُ فِي قَوْله {هَل أَتَاك حَدِيث ضيف إِبْرَاهِيم
الْمُكرمين} قَالَ: خدمته إيَّاهُم بِنَفسِهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد
رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: أكْرمهم إِبْرَاهِيم
بالعجل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة
رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فرَاغ إِلَى أَهله فجَاء بعجل
سمين} قَالَ: كَانَ عَامَّة مَال إِبْرَاهِيم الْبَقر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي
حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وبشروه
بِغُلَام عليم} قَالَ: هُوَ إِسْمَاعِيل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن
عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَأَقْبَلت
امْرَأَته فِي صرة} قَالَ: فِي صَيْحَة {فصكت} قَالَ: لطمت
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن
مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فِي صرة} قَالَ:
صَيْحَة {فصكت وَجههَا} قَالَ: ضربت بِيَدِهَا على جبهتها
وَقَالَت: يَا ويلتاه
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك
رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن عَجُوز عقيم وَعَن الرّيح
الْعَقِيم وَعَن عَذَاب يَوْم عقيم فَقَالَ: الْعَجُوز
الْعَقِيم الَّتِي لَا ولد لَهَا وَأما الرّيح الْعَقِيم فالتي
لَا بركَة فِيهَا وَلَا مَنْفَعَة وَلَا تلقح وَأما عَذَاب
يَوْم عقيم فَيوم لَا لَيْلَة لَهُ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي
الله عَنهُ فِي قَوْله {فَمَا وجدنَا فِيهَا غير بَيت من
الْمُسلمين} قَالَ: لوط وابنتيه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ
قَالَ: كَانُوا ثَلَاثَة عشر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله
عَنهُ فِي قَوْله {فَمَا وجدنَا فِيهَا غير بَيت من
الْمُسلمين} قَالَ: لَو كَانَ فِيهَا أَكثر من ذَلِك لنجاهم
الله ليعلموا أَن الإِيمان عِنْد الله مَحْفُوظ لَا ضَيْعَة
على أَهله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي
قَوْله {وَتَركنَا فِيهَا آيَة} قَالَ: ترك فِيهَا صخراً
منضوداً
(7/620)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن
ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَتَوَلّى
بركنه} قَالَ: بقَوْمه
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فَتَوَلّى
بركنه} قَالَ: بعضده وَأَصْحَابه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن
قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَهُوَ مليم} قَالَ:
مليم فِي عباد الله تَعَالَى
الْآيَات 41 - 53
(7/621)
وَفِي عَادٍ إِذْ
أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ
مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ
(42) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى
حِينٍ (43) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ
الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (44) فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ
قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ (45) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ
قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (46)
وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ
(47) وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48)
وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ
تَذَكَّرُونَ (49) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ
مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ
إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51)
كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ
إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ
بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53)
أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن
الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن
عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {الرّيح الْعَقِيم}
قَالَ: الشَّدِيدَة الَّتِي لَا تلقح شَيْئا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي
قَوْله {وَفِي عَاد إِذْ أرسلنَا عَلَيْهِم الرّيح الْعَقِيم}
قَالَ: الرّيح الْعَقِيم الَّتِي لَا تلقح الشّجر وَلَا تثير
السَّحَاب وَفِي قَوْله {إِلَّا جعلته كالرميم} قَالَ: كالشيء
الْهَالِك
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا فِي قَوْله {الرّيح الْعَقِيم} قَالَ: ريح لَا بركَة
فِيهَا وَلَا مَنْفَعَة وَلَا ينزل مِنْهَا غيث وَلَا يلقح
مِنْهَا شجر
(7/621)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر رَضِي
الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: الرّيح مسجنة فِي الأَرْض الثَّانِيَة فَلَمَّا أَرَادَ
الله أَن يهْلك عاداً أَمر خَازِن الرّيح أَن يُرْسل عَلَيْهِم
ريحًا تهْلك عاداً قَالَ: أَي رب أرسل عَلَيْهِم من الرّيح قدر
منخر ثَوْر قَالَ لَهُ الْجَبَّار
لَا إِذا تكفأ الأَرْض وَمن عَلَيْهَا وَلَكِن أرسل عَلَيْهِم
بِقدر خَاتم فَهِيَ الَّتِي قَالَ الله {مَا تذر من شَيْء
أَتَت عَلَيْهِ إِلَّا جعلته كالرميم}
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن أبي طَالب
رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {الرّيح الْعَقِيم} النكباء
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي
العظمة عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {الرّيح
الْعَقِيم} الْجنُوب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله
عَنهُ قَالَ: {الرّيح الْعَقِيم} الصِّبَا الَّتِي لَا تلقح
شَيْئا وَفِي قَوْله: {كالرميم} قَالَ: الشَّيْء الْهَالِك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله
عَنهُ قَالَ: {الرّيح الْعَقِيم} الَّتِي لَا تنْبت وَفِي
قَوْله {إِلَّا جعلته كالرميم} قَالَ: كرميم الشّجر
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
وَابْن مرْدَوَيْه عَن رجل من ربيعَة قَالَ: قدمت الْمَدِينَة
فَدخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت عِنْده
وَافد عَاد فَقلت: أعوذ بِاللَّه أَن أكون مثل وَافد عَاد
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا وَافد عَاد
فَقلت: على الْخَبِير سَقَطت إِن عاداً لما أقحطت بعثت قيلاً
فَنزل على بكر بن مُعَاوِيَة فَسَقَاهُ الْخمر وغنته الجرادتان
ثمَّ خرج يُرِيد جبال مهرَة فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لم
آتِك لمريض فأداويه وَلَا لأسير فأفاديه فاسْق عَبدك مَا كنت
مسقيه واسق مَعَه بكر بن مُعَاوِيَة يشْكر لَهُ الْخمر الَّذِي
سقَاهُ فَرفع لَهُ سحابات فَقيل لَهُ: اختر إِحْدَاهُنَّ
فَاخْتَارَ السَّوْدَاء مِنْهُنَّ فَقيل لَهُ: خُذْهَا رَمَادا
ومدداً لَا تذر من عَاد أحدا وَذكر أَنه لم يُرْسل عَلَيْهِم
من الرّيح إِلَّا قدر هَذِه الْحلقَة يَعْنِي حَلقَة الْخَاتم
ثمَّ قَرَأَهُ {وَفِي عَاد إِذْ أرسلنَا عَلَيْهِم الرّيح
الْعَقِيم مَا تذر من شَيْء أَتَت عَلَيْهِ إِلَّا جعلته
كالرميم}
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ
فِي قَوْله {وَفِي ثَمُود إِذْ قيل لَهُم تمَتَّعُوا حَتَّى
حِين} قَالَ: ثَلَاثَة أَيَّام
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد
رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَعَتَوْا} قَالَ: علوا وَفِي
قَوْله {فَأَخَذتهم الصاعقة وهم ينظرُونَ} قَالَ: فَجْأَة
(7/622)
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن
الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله
{فَعَتَوْا} قَالَ: علوا وَفِي قَوْله {فَأَخَذتهم الصاعقة وهم
ينظرُونَ} قَالَ: فَجْأَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله
عَنهُ فِي قَوْله {فَمَا اسْتَطَاعُوا من قيام} قَالَ: من نهوض
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي
قَوْله {فَمَا اسْتَطَاعُوا من قيام} قَالَ: لم يستطيعوا أَن
ينهضوا بعقوبة الله إِذْ نزلت بهم وَفِي قَوْله {وَمَا كَانُوا
منتصرين} قَالَ: لم يستطيعوا امتناعاً من أَمر الله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم
وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس
رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالسَّمَاء بنيناها بأيد}
قَالَ: بِقُوَّة
وَأخرج آدم بن أبي اياس وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد رَضِي
الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالسَّمَاء بنيناها بأيد} قَالَ:
يَعْنِي بِقُوَّة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله
عَنهُ فِي قَوْله {وَإِنَّا لموسعون} قَالَ: لنخلق سَمَاء
مثلهَا وَفِي قَوْله {وَالْأَرْض فرشناها فَنعم الماهدون}
قَالَ: الفارشون
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله
عَنهُ فِي قَوْله {وَمن كل شَيْء خلقنَا زَوْجَيْنِ} قَالَ:
الْكفْر والإِيمان والشقاء والسعادة وَالْهدى والضلالة
وَاللَّيْل وَالنَّهَار وَالسَّمَاء وَالْأَرْض وَالْجِنّ
والإِنس وَالْبر وَالْبَحْر وَالشَّمْس وَالْقَمَر وبكرة
وَعَشِيَّة وَنَحْو هَذَا كُله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن
قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أتواصوا بِهِ} قَالَ:
هَل أوصى الأول الآخر مِنْهُم بالتكذيب
الْآيَات 54 - 60
(7/623)
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ
فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى
تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ
وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ
مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ
اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)
فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ
أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)
أخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن
الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله
{فتول عَنْهُم فَمَا أَنْت بملوم} قَالَ: أمره الله أَن
يتَوَلَّى عَنْهُم ليعذبهم وَعذر مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم ثمَّ قَالَ: {وَذكر فَإِن الذكرى تَنْفَع الْمُؤمنِينَ}
فنسختها
وَأخرج اسحق بن رَاهَوَيْه وَأحمد بن منيع والهيثم بن كُلَيْب
فِي أسانيدهم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم
وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والضياء
فِي المختارة من طَرِيق مُجَاهِد عَن عَليّ قَالَ: لما نزلت
{فتول عَنْهُم فَمَا أَنْت بملوم} لم يبْق منا أحد إِلَّا
أَيقَن بالهلكة إِذْ أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بالتولي عَنَّا فَنزلت {وَذكر فَإِن الذكرى تَنْفَع
الْمُؤمنِينَ} فطابت أَنْفُسنَا
وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي
الله عَنهُ فِي قَوْله {فتول عَنْهُم فَمَا أَنْت بملوم}
قَالَ: مَا نزلت علينا آيَة كَانَت أَشد علينا مِنْهَا وَلَا
أعظم علينا مِنْهَا فَقُلْنَا: مَا هَذَا إِلَّا من سخطَة أَو
مقت حَتَّى نزلت {وَذكر فَإِن الذكرى تَنْفَع الْمُؤمنِينَ}
قَالَ: ذكر بِالْقُرْآنِ
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله
{فتول عَنْهُم فَمَا أَنْت بملوم} قَالَ: ذكر لنا أَنَّهَا لما
نزلت اشْتَدَّ على أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم وَرَأَوا أَن الْوَحْي قد انْقَطع وَأَن الْعَذَاب قد
حضر فَأنْزل الله بعد ذَلِك {وَذكر فَإِن الذكرى تَنْفَع
الْمُؤمنِينَ}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله
عَنهُ فِي قَوْله {فتول عَنْهُم فَمَا أَنْت بملوم} قَالَ:
فَأَعْرض عَنْهُم فَقيل لَهُ: {وَذكر فَإِن الذكرى تَنْفَع
الْمُؤمنِينَ} فوعظهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سلمَان بن حبيب الْمحَاربي قَالَ:
من وجد للذِّكْرَى فِي قلبه موقعاً فَليعلم أَنه مُؤمن قَالَ
الله {وَذكر فَإِن الذكرى تَنْفَع الْمُؤمنِينَ}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمَا خلقت الْجِنّ والإِنس إِلَّا
ليعبدون} قَالَ: ليقروا بالعبودية طَوْعًا أَو كرها
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
فِي قَوْله {وَمَا خلقت الْجِنّ والإِنس إِلَّا ليعبدون}
قَالَ: على مَا خلقتهمْ عَلَيْهِ من طَاعَتي ومعصيتي وشقوتي
وسعادتي
(7/624)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن زيد
بن أسلم رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا خلقت الْجِنّ
والإِنس إِلَّا ليعبدون} قَالَ: مَا جبلوا عَلَيْهِ من
الشَّقَاء والسعادة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الجوزاء فِي الْآيَة قَالَ:
أَنا أرزقهم وَأَنا أطْعمهُم مَا خلقتهمْ إِلَّا ليعبدون
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة عَن أبي
هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ الله: ابْن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك
غنى وَأسد فقرك وَإِلَّا تفعل مَلَأت صدرك شغلا وَلم أَسد فقرك
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي مُسْند الشاميين وَالْحَاكِم فِي
التَّارِيخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والديلمي فِي
مُسْند الفردوس عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ الله إِنِّي
وَالْجِنّ والإِنس فِي نبأ عَظِيم أخلق ويعبد غَيْرِي وأرزق
ويشكر غَيْرِي
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ
وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن
حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ
فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله
عَنهُ قَالَ: اقرأني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِن
الله هُوَ الرَّزَّاق ذُو القوّة المتين}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء
وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله
{المتين} يَقُول: الشَّديد
قَوْله تَعَالَى: {فَإِن للَّذين ظلمُوا ذنوباً} الْآيَة
أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا {ذنوباً} قَالَ: دلواً
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله
عَنهُ فِي قَوْله {ذنوباً مثل ذنُوب أَصْحَابهم} قَالَ: سجلا
من الْعَذَاب مثل عَذَاب أَصْحَابهم
وَأخرج الخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق عَن طَلْحَة بن عَمْرو
فِي قَوْله {ذنوباً مثل ذنُوب أَصْحَابهم} قَالَ: عذَابا مثل
عَذَاب أَصْحَابهم وَالله تَعَالَى أعلم
(7/625)
|