الدر المنثور في التفسير بالمأثور

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (52)
سُورَة الطّور
مَكِّيَّة وآياتها تسع وَأَرْبَعُونَ
مُقَدّمَة سُورَة الطّور أخرج ابْن الضريس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة الطّور بِمَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله
وَأخرج مَالك وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْمغرب بِالطورِ
وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: شَكَوْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنِّي أشتكي فَقَالَ: طوفي من وَرَاء النَّاس وَأَنت راكبة فطفت وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي إِلَى جنب الْبَيْت يقْرَأ {وَالطور وَكتاب مسطور}

الْآيَات 1 - 6

(7/626)


وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6)

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالطور} قَالَ: جبل
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الطّور من جبال الْجنَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الطّور جبل من جبال الْجنَّة

(7/626)


وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَالطور} قَالَ: هُوَ الْجَبَل بالسُّرْيَانيَّة {وَكتاب مسطور} قَالَ: صحف {فِي رق منشور} قَالَ: الصَّحِيفَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَكتاب} قَالَ: الذّكر {مسطور} قَالَ: مَكْتُوب
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ فِي خلق أَفعَال الْعباد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالطور وَكتاب مسطور} قَالَ: مَكْتُوب {فِي رق منشور} قَالَ: هُوَ الْكتاب
وَأخرج آدم بن أبي اياس وَالْبُخَارِيّ فِي خلق أَفعَال الْعباد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَكتاب مسطور} قَالَ: صحف مَكْتُوبَة {فِي رق منشور} قَالَ: فِي صحف
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فِي رق منشور} قَالَ: فِي الْكتاب
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْبَيْت الْمَعْمُور فِي السَّمَاء السَّابِعَة يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك لَا يعودون إِلَيْهِ حَتَّى تقوم السَّاعَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر والعقيلي وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي السَّمَاء بَيت يُقَال لَهُ الْمَعْمُور بحيال الْكَعْبَة وَفِي السَّمَاء الرَّابِعَة نهر يُقَال لَهُ الْحَيَوَان يدْخلهُ جِبْرِيل كل يَوْم فينغمس انغماسة ثمَّ يخرج فينتفض انتفاضة يخر عَنهُ سَبْعُونَ ألف قَطْرَة يخلق الله من كل قَطْرَة ملكا يؤمرون أَن يَأْتُوا الْبَيْت الْمَعْمُور فيصلون فيفعلون ثمَّ يخرجُون فَلَا يعودون إِلَيْهِ أبدا ويولي عَلَيْهِم أحدهم يُؤمر أَن يقف بهم فِي السَّمَاء موقفا يسبحون الله فِيهِ إِلَى أَن تقوم السَّاعَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْبَيْت الْمَعْمُور فِي السَّمَاء يُقَال لَهُ الضراح على مثل الْبَيْت الْحَرَام بحياله لَو سقط لسقط عَلَيْهِ يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك لم يردوه قطّ وَإِن لَهُ فِي السَّمَاء حُرْمَة على قدر حُرْمَة مَكَّة

(7/627)


وَأخرجه عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن كريب مولى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مُرْسلا
وَأخرج اسحق بن رَاهَوَيْه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن خَالِد بن عرْعرة أَن رجلا قَالَ لعَلي رَضِي الله عَنهُ: مَا الْبَيْت الْمَعْمُور قَالَ: بَيت فِي السَّمَاء يُقَال لَهُ الضراح وَهُوَ بحيال مَكَّة من فَوْقهَا حرمته فِي السَّمَاء كَحُرْمَةِ الْبَيْت فِي الأَرْض يُصَلِّي فِيهِ كل يَوْم سَبْعُونَ ألفا من الْمَلَائِكَة لَا يعودون إِلَيْهِ أبدا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن أبي الطُّفَيْل أَن ابْن الكوا سَأَلَ عليا رَضِي الله عَنهُ عَن الْبَيْت الْمَعْمُور مَا هُوَ قَالَ: ذَلِك الضراح بَيت فَوق سبع سموات تَحت الْعَرْش يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك ثمَّ لَا يعودون إِلَيْهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالْبَيْت الْمَعْمُور} قَالَ: هُوَ بَيت حذاء الْعَرْش يعمره الْمَلَائِكَة يُصَلِّي فِيهِ كل يَوْم سَبْعُونَ ألفا من الْمَلَائِكَة ثمَّ لَا يعودون إِلَيْهِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَالْبَيْت الْمَعْمُور} قَالَ: أنزل من الْجنَّة فَكَانَ يعمر بِمَكَّة فَلَمَّا كَانَ الْغَرق رَفعه الله فَهُوَ فِي السَّمَاء السَّادِسَة يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك من قَبيلَة إِبْلِيس ثمَّ لَا يرجع إِلَيْهِ أحد يَوْمًا وَاحِدًا أبدا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عَمْرو رَفعه قَالَ: إِن الْبَيْت الْمَعْمُور بحيال الْكَعْبَة لَو سقط شَيْء مِنْهُ لسقط عَلَيْهَا يُصَلِّي فِيهِ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك وَالْحرم حرم بحياله إِلَى الْعَرْش وَمَا من السَّمَاء مَوضِع إهَاب إِلَّا وَعَلِيهِ ملك ساجد أَو قَائِم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن فِي السَّمَاء بَيْتا يُقَال لَهُ الضراح وَهُوَ فَوق الْبَيْت من حياله حرمته فِي السَّمَاء كَحُرْمَةِ هَذَا فِي الأَرْض يلجه كل لَيْلَة سَبْعُونَ ألف ملك يصلونَ فِيهِ لَا يعودون إِلَيْهِ أبدا غير تِلْكَ اللَّيْلَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم مَكَّة فَأَرَادَتْ عَائِشَة أَن تدخل الْبَيْت فَقَالَ لَهَا بَنو شيبَة: إِن أحدا لَا يدْخلهُ لَيْلًا وَلَكِن نخليه لَك

(7/628)


نَهَارا فَدخل عَلَيْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فشكت إِلَيْهِ أَنهم منعوها أَن تدخل الْبَيْت فَقَالَ: إِنَّه لَيْسَ لأحد أَن يدْخل الْبَيْت لَيْلًا إِن هَذِه الْكَعْبَة بحيال الْبَيْت الْمَعْمُور الَّذِي فِي السَّمَاء يدْخل ذَلِك الْمَعْمُور سَبْعُونَ ألف ملك لَا يعودون إِلَيْهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَو وَقع حجر مِنْهُ لوقع على ظهر الْكَعْبَة
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَالْبَيْت الْمَعْمُور} قَالَ: ذكر لنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْمًا لأَصْحَابه: هَل تَدْرُونَ مَا الْبَيْت الْمَعْمُور قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم
قَالَ: فَإِنَّهُ مَسْجِد فِي السَّمَاء بحيال الْكَعْبَة لَو خرَّ خرَّ عَلَيْهَا يُصَلِّي كل يَوْم فِيهِ سَبْعُونَ ألف ملك إِذا خَرجُوا مِنْهُ لم يعودوا آخر مَا عَلَيْهِم
وَأخرج ابْن جرير عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما عرج بِي الْملك إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة انْتَهَيْت إِلَى بِنَاء فَقلت للْملك مَا هَذَا قَالَ: هَذَا بِنَاء بناه الله للْمَلَائكَة يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك يسبحون الله ويقدسونه لَا يعودون إِلَيْهِ
وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَصَححهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {والسقف الْمَرْفُوع} قَالَ: السَّمَاء
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {والسقف الْمَرْفُوع} قَالَ: الْعَرْش {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} قَالَ: هُوَ المَاء الْأَعْلَى الَّذِي تَحت الْعَرْش
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {والسقف} قَالَ: السَّمَاء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} قَالَ: بَحر فِي السَّمَاء تَحت الْعَرْش
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَمْرو مثله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} قَالَ: الْمَحْبُوس
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} قَالَ: الْمُرْسل

(7/629)


وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قَالَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ لرجل من الْيَهُود: أَيْن جَهَنَّم قَالَ: هِيَ الْبَحْر فَقَالَ عليّ: مَا أرَاهُ إِلَّا صَادِقا وَقَرَأَ {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} {وَإِذا الْبحار سجرت} التكوير 6
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: مَا رَأَيْت يَهُودِيّا أصدق من فلَان زعم أَن نَار الله الْكُبْرَى هِيَ الْبَحْر فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جمع الله فِيهِ الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم ثمَّ بعث عَلَيْهِ الدبور فسعرته
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} قَالَ: الموقد
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن كَعْب فِي قَوْله {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} قَالَ: الْبَحْر يسجر فَيصير جَهَنَّم
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} قَالَ: المملوء
وَأخرج الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب من طَرِيق الْأَصْمَعِي عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء عَن ذِي الرمة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} قَالَ: الفارغ خرجت أمة تستقي فرأت الْحَوْض فَارغًا فَقَالَت: الْحَوْض مسجور

الآيا 7 - 18

(7/630)


إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8) يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (10) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (15) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (16) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18)

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَأحمد عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: قدمت الْمَدِينَة فِي أُسَارَى بدر على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوقفت إِلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الْمغرب فَسَمعته يقْرَأ {إِن عَذَاب رَبك لوَاقِع} فَكَأَنَّمَا صدع قلبِي

(7/630)


وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله عَن الْحسن أَن عمر بن الْخطاب قَرَأَ {إِن عَذَاب رَبك لوَاقِع} فربا لَهَا ربوة عيد لَهَا عشْرين يَوْمًا
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مَالك بن مغول قَالَ: قَرَأَ عمر {وَالطور وَكتاب مسطور فِي رق منشور} قَالَ: قسم إِلَى قَوْله {إِن عَذَاب رَبك لوَاقِع} فَبكى ثمَّ بَكَى حَتَّى عيد من وَجَعه ذَلِك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن عَذَاب رَبك لوَاقِع} قَالَ: وَقع الْقسم هُنَا وَذَاكَ يَوْم الْقِيَامَة
قَوْله تَعَالَى: {يَوْم تمور السَّمَاء موراً} الْآيَات
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَوْم تمور السَّمَاء موراً} قَالَ: تحرّك وَفِي قَوْله {يَوْم يدعونَ} قَالَ: يدْفَعُونَ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يَوْم تمور السَّمَاء موراً} قَالَ: تَدور دوراً
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَوْم يدعونَ إِلَى نَار جَهَنَّم} قَالَ: يدْفع فِي أَعْنَاقهم حَتَّى يرِدوا النَّار
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {يَوْم يدعونَ إِلَى نَار جَهَنَّم دَعَا} قَالَ: يدْفَعُونَ إِلَيْهَا دفعا

الْآيَات 19 - 22

(7/631)


كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22)

أخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَول الله لأهل الْجنَّة {كلوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} قَوْله هَنِيئًا أَي لَا تموتون فِيهَا فعندما قَالُوا (فَمَا نَحن بميتين إِلَّا موتتنا الأولى وَمَا نَحن بمعذبين) (الصافات 59)

(7/631)


أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل تزاور أهل الْجنَّة
قَالَ: أَي وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ إِنَّهُم ليتزاورون على النوق الدمك عَلَيْهَا حشايا الديباج يزور الأعلون الأسفلين وَلَا يزور الأسفلون الأعلين قَالَ: هم دَرَجَات قَالَ: وَإِنَّهُم ليضعون مرافقهم فيتكئون ويأكلون وَيَشْرَبُونَ وَيَتَنَعَّمُونَ ويتنازعون فِيهَا كأساً لَا لَغْو فِيهَا وَلَا تأثيم لَا يصدّعون عَنْهَا وَلَا ينزفون مِقْدَار سبعين خَرِيفًا مَا يرفع أحدهم مرفقه من اتكائه قَالَ: يَا رَسُول الله هَل ينْكحُونَ قَالَ: أَي وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ دحاماً دحاماً وَأَشَارَ بِيَدِهِ وَلَكِن لأمني وَلَا منية وَلَا يَمْتَخِطُونَ فِيهَا وَلَا يتغوّطون رجيعهم رشح كحبوب الْمسك مجامرهم الالوة وأمشاطهم الذَّهَب وَالْفِضَّة آنيتهم من الذَّهَب وَالْفِضَّة يسبحون الله بكرَة وعشياً قُلُوبهم على قلب رجل وَاحِد لَا غل بَينهم وَلَا تباغض يسبحون الله تَعَالَى بكرَة وعشياً
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ بِإِيمَان ألحقنا بهم ذُرِّيتهمْ}
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وهناد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الله ليرْفَع ذُرِّيَّة الْمُؤمن مَعَه فِي الْجنَّة وَإِن كَانُوا دونه فِي الْعَمَل لتقر بهم عينه ثمَّ قَرَأَ {وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ} الْآيَة
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله يرفع ذُرِّيَّة الْمُؤمن إِلَيْهِ فِي دَرَجَته وَإِن كَانُوا دونه فِي الْعَمَل لتقر بهم عينه ثمَّ قَرَأَ {وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ بِإِيمَان ألحقنا بهم ذُرِّيتهمْ وَمَا ألتناهم من عَمَلهم من شَيْء} قَالَ: وَمَا نقصنا الْآبَاء بِمَا أعيطنا الْبَنِينَ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا دخل الرجل الْجنَّة سَأَلَ عَن أَبَوَيْهِ وَذريته وَولده فَيُقَال: إِنَّهُم لم يبلغُوا درجتك وعملك فَيَقُول: يَا رب قد عملت لي وَلَهُم فَيُؤْمَر بإلحاقهم بِهِ وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس {وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ} الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ} الْآيَة قَالَ: هم ذُرِّيَّة الْمُؤمن يموتون على الإِسلام فَإِن كَانَت منَازِل آبَائِهِم أرفع من مَنَازِلهمْ لَحِقُوا بآبائهم وَلم ينقصوا من أَعْمَالهم الَّتِي عمِلُوا شَيْئا

(7/632)


وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْمُؤمنِينَ وَأَوْلَادهمْ فِي الْجنَّة وَإِن الْمُشْركين وَأَوْلَادهمْ فِي النَّار ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ} الْآيَة
وَأخرج هناد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم فِي الْآيَة قَالَ: أعطي الْآبَاء مثل مَا أعطي الْأَبْنَاء وَأعْطِي الْأَبْنَاء مثل مَا أعطي الْآبَاء
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي مجلز فِي الْآيَة قَالَ: يجمع الله لَهُ ذُريَّته كَمَا يحب أَن يجمعوا لَهُ فِي الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا ألتناهم} قَالَ: مَا نقصناهم
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا ألتناهم} قَالَ: لم ننقصهم من عَمَلهم شَيْئا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا ألتناهم} يَقُول: وَمَا ظلمناهم

الْآيَات 23 - 29

(7/633)


يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28) فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29)

أخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج فِي قَوْله {يتنازعون فِيهَا كأساً} قَالَ: الرجل وأزواجه وخدمه يتنازعون أَخذه من خدمَة الكأس وَمن زَوجته وَأخذ خدمَة الكأس مِنْهُ وَمن زَوجته
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا لَغْو فِيهَا} يَقُول: لَا بَاطِل فِيهَا {وَلَا تأثيم}

(7/633)


وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَا لَغْو فِيهَا} قَالَ: لَا يستبون {وَلَا تأثيم} قَالَ: لَا يغوون
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤ مَكْنُون} قَالَ: الَّذِي لم تمر عَلَيْهِ الْأَيْدِي
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤ مَكْنُون} قَالَ: بَلغنِي أَنه قيل: يَا رَسُول الله هَذَا الخدم مثل اللُّؤْلُؤ فَكيف بمخدوم قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن فضل مَا بَينهمَا كفضل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر على النُّجُوم وَفِي لفظ لِابْنِ جرير إِن فضل المخدوم على الْخَادِم كفضل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر على سَائِر الْكَوَاكِب
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وحسنة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّا أكْرم ولد آدم على رَبِّي وَلَا فَخر يطوف عليّ ألف خَادِم {كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤ مَكْنُون}
قَوْله تَعَالَى: {فَأقبل بَعضهم على بعض يتساءلون} الْآيَات
أخرج الْبَزَّار عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة اشتاقوا إِلَى الإِخوان فَيَجِيء سَرِير هَذَا حَتَّى يُحَاذِي سَرِير هَذَا فيتحدثان فيتكىء ذَا ويتكىء ذَا فيتحدثان بِمَا كَانَا فِي الدُّنْيَا فَيَقُول أَحدهمَا لصَاحبه يَا فلَان تَدْرِي أَي يَوْم غفر الله لنا يَوْم كُنَّا فِي مَوضِع كَذَا وَكَذَا فدعونا الله فغفر لنا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِنَّا كُنَّا قبل فِي أهلنا مشفقين} قَالَ: فِي الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {ووقانا عَذَاب السمُوم} قَالَ: وهج النَّار
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو فتح الله من عَذَاب السمُوم على أهل الأَرْض مثل الْأُنْمُلَة أحرقت الأَرْض وَمن عَلَيْهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عَائِشَة أَنه قَرَأت هَذِه الْآيَة {فمنَّ الله علينا ووقانا عَذَاب السمُوم إِنَّا كُنَّا من قبل نَدْعُوهُ إِنَّه هُوَ الْبر الرَّحِيم} فَقَالَت: اللَّهُمَّ منَّ علينا وقنا عَذَاب السمُوم إِنَّك أَنْت الْبر الرَّحِيم وَذَلِكَ فِي الصَّلَاة

(7/634)


وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن أَسمَاء أَنَّهَا قَرَأت هَذِه الْآيَة فَوَقَعت عَلَيْهَا فَجعلت تستعيذ وَتَدْعُو
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّه هُوَ الْبر} قَالَ: اللَّطِيف
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {إِنَّه هُوَ الْبر} قَالَ: الصَّادِق

الْآيَات 30 - 46

(7/635)


أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34) أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (39) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43) وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (46)

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَن قُريْشًا لما اجْتَمعُوا فِي دَار الندوة فِي أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَائِل مِنْهُم: احْبِسُوهُ فِي وثاق وتربصوا بِهِ الْمنون حَتَّى يهْلك كَمَا هلك من قبله من الشُّعَرَاء زُهَيْر والنابغة إِنَّمَا هُوَ كأحدهم فَأنْزل الله فِي ذَلِك من قَوْلهم {أم يَقُولُونَ شَاعِر نتربص بِهِ ريب الْمنون}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ريب الْمنون} قَالَ: الْمَوْت

(7/635)


وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْت والابتداء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ريب: شكّ إِلَّا مَكَانا وَاحِدًا فِي الطّور {ريب الْمنون} يَعْنِي حوادث الْأُمُور قَالَ الشَّاعِر: تربص بهَا ريب الْمنون لَعَلَّهَا تطلق يَوْمًا أَو يَمُوت حَلِيلهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ريب الْمنون} قَالَ: حوادث الدَّهْر وَفِي قَوْله {أم هم قوم طاغون} قَالَ: بل هم قوم طاغون
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أم تَأْمُرهُمْ أحلامهم} قَالَ: الْعُقُول
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فليأتوا بِحَدِيث مثله} قَالَ: مثل الْقُرْآن وَفِي قَوْله: {فليأت مستمعهم} قَالَ: صَاحبهمْ وَفِي قَوْله {أم تَسْأَلهُمْ أجرا فهم من مغرم مثقلون} يَقُول: أسألت هَؤُلَاءِ الْقَوْم على الإِسلام أجرا فَمَنعهُمْ من أَن يسلمُوا الْجعل وَفِي قَوْله {أم عِنْدهم الْغَيْب} قَالَ: الْقُرْآن
وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن جُبَير بن مطعم رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْمغرب بِالطورِ فَلَمَّا بلغ هَذِه الْآيَة {أم خلقُوا من غير شَيْء أم هم الْخَالِقُونَ} الْآيَات كَاد قلبِي أَن يطير
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله {أم هم المصيطرون} قَالَ: المسلطون
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أم هم المصيطرون} قَالَ: أم هم المنزلون وَالله تَعَالَى أعلم

الْآيَات 47 - 49

(7/636)


وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن للَّذين ظلمُوا عذَابا دون ذَلِك} قَالَ: عَذَاب الْقَبْر قبل يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج هناد عَن زَاذَان مثله
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن عَذَاب الْقَبْر فِي الْقُرْآن ثمَّ تَلا {وَإِن للَّذين ظلمُوا عذَابا دون ذَلِك}

(7/636)


وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن للَّذين ظلمُوا عذَابا دون ذَلِك} قَالَ: الْجُوع لقريش فِي الدُّنْيَا
قَوْله تَعَالَى: {وَسبح بِحَمْد رَبك حِين تقوم}
أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَسبح بِحَمْد رَبك حِين تقوم} قَالَ: من كل مجْلِس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْأَحْوَص رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَسبح بِحَمْد رَبك حِين تقوم} قَالَ: إِذا قُمْت فَقل: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي جَامعه عَن أبي عُثْمَان الْفَقِير رَضِي الله عَنهُ أَن جِبْرِيل علم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ من مَجْلِسه أَن يَقُول: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت استغفرك وَأَتُوب إِلَيْك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول بآخرة إِذا أَرَادَ أَن يقوم من الْمجْلس: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت استغفرك وَأَتُوب إِلَيْك فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله: إِنَّك لتقول قولا مَا كنت تَقوله فِيمَا مضى قَالَ: كَفَّارَة لما يكون فِي الْمجْلس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زِيَاد بن الْحصين قَالَ: دخلت على أبي الْعَالِيَة فَلَمَّا أردْت أَن أخرج من عِنْده قَالَ: أَلا أزودك كَلِمَات علمهن جِبْرِيل مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت: بلَى قَالَ: فَإِنَّهُ لما كَانَ بآخرة كَانَ إِذا قَامَ من مَجْلِسه قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت استغفرك وَأَتُوب إِلَيْك فَقيل: يَا رَسُول الله مَا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات الَّتِي تقولهن قَالَ: هن كَلِمَات علمنيهن جِبْرِيل كَفَّارَات لما يكون فِي الْمجْلس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يحيى بن جعدة قَالَ: كَفَّارَة الْمجْلس سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَسبح بِحَمْد رَبك حِين تقوم} قَالَ: حِين تقوم إِلَى الصَّلَاة تَقول هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وتبارك اسْمك وَتَعَالَى جدك وَلَا إِلَه غَيْرك
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: حق على كل مُسلم حِين

(7/637)


يقوم إِلَى الصَّلَاة أَن يَقُول: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ لِأَن الله يَقُول لنَبيه {وَسبح بِحَمْد رَبك حِين تقوم}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَسبح بِحَمْد رَبك حِين تقوم} قَالَ: حِين تقوم من فراشك إِلَى أَن تدخل فِي الصَّلَاة وَالله أعلم
قَوْله تَعَالَى: {وَمن اللَّيْل فسبحه وإدبار النُّجُوم}
أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن اللَّيْل فسبحه وإدبار النجومِ} قَالَ: الركعتان قبل صَلَاة الصُّبْح
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وإدبار النُّجُوم} قَالَ: رَكْعَتي الْفجْر
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وإدبار النُّجُوم} قَالَ: صَلَاة الْغَدَاة

(7/638)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (53)
سُورَة النَّجْم
مَكِّيَّة وآياتها ثِنْتَانِ وَسِتُّونَ
مُقَدّمَة سُورَة النَّجْم أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة النَّجْم بِمَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أول سُورَة نزلت فِيهَا سَجْدَة {والنجم} فَسجدَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسجد النَّاس كلهم إِلَّا رجلا رَأَيْته أَخذ كفا من تُرَاب فَسجدَ عَلَيْهِ فرأيته بعد ذَلِك قتل كَافِرًا وَهُوَ أُميَّة بن خلف
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أول سُورَة أعلن بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرؤهَا {والنجم}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سجد فِي سُورَة {والنجم} وَسجد من حضر من الْجِنّ وَالْإِنْس وَالشَّجر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْعَالِيَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سجد فِي النَّجْم والمسلمون
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سجد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمسلمون فِي النَّجْم إِلَّا رجلَيْنِ من قُرَيْش أَرَادَا بذلك الشُّهْرَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر عِنْد جَابر بن عبد الله {والنجم} فَقَالَ جَابر: سجد بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُشْرِكُونَ وَالْإِنْس وَالْجِنّ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {والنجم} فَسجدَ فِيهَا الْمُسلمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنّ والإِنس

(7/639)


وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه فِي سنَنه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ النَّجْم فَسجدَ بِنَا فَأطَال السُّجُود
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ سُورَة النَّجْم فَلَمَّا بلغ السَّجْدَة سجد فِيهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي كسوف الشَّمْس رَكْعَتَيْنِ قَرَأَ فِي إِحْدَاهمَا النَّجْم
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأت النَّجْم عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يسْجد فِيهَا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْجد فِي النَّجْم بِمَكَّة فَلَمَّا هَاجر إِلَى الْمَدِينَة لم يسْجد فِيهَا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يسْجد فِي شَيْء من الْمفصل مُنْذُ تحول إِلَى الْمَدِينَة
وَأخرج أَحْمد عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ أَنه سجد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِحْدَى عشرَة سَجْدَة مِنْهُنَّ النَّجْم

الْآيَات 1 - 4

(7/640)


وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {والنجم إِذا هوى} قَالَ: الثريا إِذا غَابَتْ وَفِي لفظ إِذا سَقَطت مَعَ الْفجْر وَفِي لفظ قَالَ: الثريا إِذا وَقعت
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {والنجم إِذا هوى} قَالَ: الثريا إِذا تدلت
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {والنجم إِذا هوى} قَالَ: إِذا انصب

(7/640)


وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {والنجم إِذا هوى} قَالَ: إِذا غَابَ
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {والنجم إِذا هوى} قَالَ: الْقُرْآن إِذا نزل
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن معمر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {والنجم إِذا هوى} قَالَ: قَالَ عتبَة بن أبي لَهب: إِنِّي كفرت بِرَبّ النَّجْم قَالَ معمر: فَأَخْبرنِي ابْن طَاوُوس عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: أما تخَاف أَن يُسَلط الله عَلَيْك كَلْبه فَخرج ابْن أبي لَهب مَعَ النَّاس فِي سفر حَتَّى إِذا كَانُوا بِبَعْض الطَّرِيق سمعُوا صَوت الْأسد فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا يُرِيدنِي فَاجْتمع أَصْحَابه حوله وجعلوه فِي وَسطهمْ حَتَّى إِذا نَامُوا جَاءَ الْأسد فَأخذ هامته
وَأخرج أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي كتاب الأغاني عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {والنجم إِذا هوى} قَالَ عتبَة بن أبي لَهب للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي كفرت بِرَبّ النَّجْم إِذا هوى فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ أرسل عَلَيْهِ كَلْبا من كلابك قَالَ: فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عنهكا: فَخرج إِلَى الشَّام فِي ركب فيهم هَبَّار بن الْأسود حَتَّى إِذا كَانُوا بوادي الغاضرة وَهِي مسبعَة نزلُوا لَيْلًا فافترشوا صفا وَاحِدًا فَقَالَ عتبَة: أتريدون أَن تجْعَلُوا حجزة لَا وَالله لَا أَبيت إِلَّا وسطكم فَمَا انبهني إِلَّا السَّبع يشم رؤوسهم رجلا رجلا حَتَّى انْتهى إِلَيْهِ فَالْتَفت أنيابه فِي صدغيه
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عُرْوَة عَن هَبَّار بن الْأسود قَالَ: كَانَ أَبُو لَهب وَابْنه عتبَة قد تجهزا إِلَى الشَّام وتجهزت مَعَهُمَا فَقَالَ ابْن أبي لَهب: وَالله لأنطلقن إِلَى مُحَمَّد فَلَأُوذِيَنَّهُ فِي ربه فَانْطَلق حَتَّى أَتَاهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّد هُوَ يكفر بِالَّذِي {دنا فَتَدَلَّى فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ أبْعث عَلَيْهِ كَلْبا من كلابك
وَأخرج أَبُو نعيم عَن طَاوُوس قَالَ: لما تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {والنجم إِذا هوى} قَالَ عتبَة بن أبي لَهب: كفرت بِرَبّ النَّجْم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سلط الله عَلَيْهِ كَلْبا من كلابه
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي الضُّحَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ ابْن أبي لَهب: هُوَ يكفر بِالَّذِي قَالَ {والنجم إِذا هوى} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عَسى أَن يُرْسل

(7/641)


عَلَيْهِ كَلْبا من كلابه فَبلغ ذَلِك أَبَاهُ فأوصى أَصْحَابه إِذا نزلتم منزلا فَاجْعَلُوهُ وسطكم فَفَعَلُوا حَتَّى إِذا كَانَ لَيْلَة بعث الله عَلَيْهِ سبعا فَقتله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {والنجم إِذا هوى مَا ضل} قَالَ: أقسم الله أَنه مَا ضل مُحَمَّد وَمَا غوى
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {والنجم إِذا هوى} قَالَ: أقسم الله لَك بنجوم الْقُرْآن مَا ضل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا غوى
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا ينْطق عَن الْهوى} قَالَ: مَا ينْطق عَن هَوَاهُ {إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى} قَالَ: يوحي الله إِلَى جِبْرِيل ويوحي جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الْحَمْرَاء وحبة العرني قَالَا: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تسد الْأَبْوَاب الَّتِي فِي الْمَسْجِد فشق عَلَيْهِم قَالَ حَبَّة: إِنِّي لأنظر إِلَى حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَهُوَ تَحت قطيفة حَمْرَاء وَعَيناهُ تَذْرِفَانِ وَهُوَ يَقُول: أخرجت عمك وَأَبا بكر وَعمر وَالْعَبَّاس وأسكنت ابْن عمك فَقَالَ رجل يَوْمئِذٍ: مَا يألوا يرفع ابْن عَمه قَالَ: فَعلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قد شقّ عَلَيْهِم فَدَعَا الصَّلَاة جَامِعَة فَلَمَّا اجْتَمعُوا صعد الْمِنْبَر فَلم يسمع لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطْبَة قطّ كَانَ أبلغ مِنْهَا تمجيداً وتوحيداً فَلَمَّا فرغ قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس مَا أَنا سددتها وَلَا أَنا فتحتها وَلَا أَنا أخرجتكم وأسكنته ثمَّ قَرَأَ {والنجم إِذا هوى مَا ضل صَاحبكُم وَمَا غوى وَمَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى}
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ والضياء عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ليدخلن الْجنَّة بشفاعة رجل لَيْسَ بِنَبِي مثل الْحَيَّيْنِ أَو مثل أحد الْحَيَّيْنِ ربيعَة وَمُضر فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله وَمَا ربيعَة من مُضر قَالَ: إِنَّمَا أَقُول مَا أَقُول
وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا أَخْبَرتكُم أَنه من عِنْد الله فَهُوَ الَّذِي لَا شكّ فِيهِ
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: لَا أَقُول إِلَّا حقّاً قَالَ بعض أَصْحَابه: فَإنَّك تداعبنا يَا رَسُول الله قَالَ: إِنِّي لَا أَقُول إِلَّا حقّاً

(7/642)


وَأخرج الدَّارمِيّ عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: كَانَ جِبْرِيل ينزل بِالسنةِ كَمَا ينزل بِالْقُرْآنِ

الْآيَات 5 - 18

(7/643)


عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {علمه شَدِيد القوى} قَالَ: جِبْرِيل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {علمه شَدِيد القوى} يَعْنِي جِبْرِيل {ذُو مرّة} قَالَ: ذُو خلق طَوِيل حسن
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {علمه شَدِيد القوى ذُو مرّة} قَالَ: ذُو قوّة جِبْرِيل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله {ذُو مرّة} ذُو خلق حسن
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن {ذُو مرّة} قَالَ: ذُو شدَّة فِي أَمر الله قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول نَابِغَة بني ذبيان: فدى أقرّ بِهِ إِذْ ضافني وَهنا قرى ذِي مرّة حَازِم وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن مَسْعُود أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم ير جِبْرِيل فِي صورته إِلَّا مرَّتَيْنِ أما وَاحِدَة فَإِنَّهُ سَأَلَهُ أَن يرَاهُ فِي صورته فَأرَاهُ صورته فسد الْأُفق وَأما الثَّانِيَة فَإِنَّهُ كَانَ مَعَه حَيْثُ صعد فَذَلِك قَوْله {وَهُوَ بالأفق الْأَعْلَى} {لقد رأى من آيَات ربه الْكُبْرَى} قَالَ: خلق جِبْرِيل

(7/643)


وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل فِي صورته وَله سِتّمائَة جنَاح كل جنَاح مِنْهَا قد سد الْأُفق يسْقط من جنَاحه من التهاويل والدر والياقوت مَا الله بِهِ عليم
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رَأَيْت جِبْرِيل عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى لَهُ سِتّمائَة جنَاح ينفض من ريشه التهاويل والدر والياقوت
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَهُوَ بالأفق الْأَعْلَى} قَالَ: مطلع الشَّمْس
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَهُوَ بالأفق الْأَعْلَى} قَالَ: قَالَ الْحسن: الْأُفق الْأَعْلَى على أفق الْمشرق {ثمَّ دنا فَتَدَلَّى} يَعْنِي جِبْرِيل {فَكَانَ قاب قوسين} قَالَ: قيد قوسين {أَو أدنى} قَالَ: حَيْثُ الْوتر من الْقوس الله من جِبْرِيل
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى} قَالَ: رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل لَهُ سِتّمائَة جنَاح
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى} قَالَ: رأى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
جِبْرِيل عَلَيْهِ حلتا رَفْرَف أَخْضَر قد مَلأ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ أول شَأْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه رأى فِي مَنَامه جِبْرِيل بأجياد ثمَّ خرج لبَعض حَاجته فَصَرَخَ بِهِ جِبْرِيل يَا مُحَمَّد يَا مُحَمَّد فَنظر يَمِينا وَشمَالًا فَلم ير شَيْئا ثَلَاثًا ثمَّ رفع بَصَره فَإِذا هُوَ ثانٍ إِحْدَى رجلَيْهِ على الْأُخْرَى على أفق السَّمَاء فَقَالَ: يَا مُحَمَّد جِبْرِيل جِبْرِيل يسكنهُ فهرب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى دخل فِي النَّاس فَنظر فَلم ير شَيْئا ثمَّ خرج من النَّاس فَنظر فَرَآهُ فَذَلِك قَول الله {والنجم إِذا هوى مَا ضل صَاحبكُم وَمَا غوى} إِلَى قَوْله {ثمَّ دنا فَتَدَلَّى} يَعْنِي جِبْرِيل إِلَى مُحَمَّد {فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى}

(7/644)


يَقُول: القاب نصف الْأصْبع {فَأوحى إِلَى عَبده مَا أوحى} جِبْرِيل إِلَى عبد ربه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ثمَّ دنا فَتَدَلَّى} قَالَ: هُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دنا فَتَدَلَّى إِلَى ربه عزّ وجلّ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ثمَّ دنا} قَالَ دنا ربه {فَتَدَلَّى}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَكَانَ قاب قوسين} قَالَ: كَانَ دنوه قدر قوسين وَلَفظ عبد بن حميد قَالَ: كَانَ بَينه وَبَينه مِقْدَار قوسين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَكَانَ قاب قوسين} قَالَ: دنا جِبْرِيل مِنْهُ حَتَّى كَانَ قدر ذِرَاع أَو ذراعين
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى} قَالَ: القاب الْقَيْد والقوسين الذراعين
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قاب قوسين} قَالَ: ذراعين القاب الْمِقْدَار الْقوس الذِّرَاع
وَأخرج عَن شَقِيق بن سَلمَة فِي قَوْله {فَكَانَ قاب قوسين} قَالَ ذراعين والقوس الذِّرَاع يُقَاس بِهِ كل شَيْء
وَأخرج عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: الذِّرَاع يُقَاس بِهِ
وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَالْفِرْيَابِي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قاب قوسين} قَالَ: حَيْثُ الْوتر من الْقوس يَعْنِي ربه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة قَالَا: دنا مِنْهُ حَتَّى كَانَ بَينه وَبَينه مثل مَا بَين كَبِدهَا إِلَى الْوتر
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {قاب قوسين} قَالَ: قدر قوسين
وَأخرج الْحسن فِي قَوْله {قاب قوسين} قَالَ: من قسيكم هَذِه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: لما أسرِي بِالنَّبِيِّ

(7/645)


صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقْترب من ربه {فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى} قَالَ: ألم تَرَ إِلَى الْقوس مَا أقربها من الْوتر
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ذكر لنا أَن القاب فضل طرف الْقوس على الْوتر
وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَأوحى إِلَى عَبده مَا أوحى} قَالَ: عَبده مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة والحكيم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَأَيْت النُّور الْأَعْظَم ولط دوني بحجاب رفرفه الدّرّ والياقوت فَأوحى الله إليّ مَا شَاءَ أَن يوحي
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن سُرَيج بن عبيد قَالَ: لما صعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى السَّمَاء فَأوحى الله إِلَى عَبده مَا أوحى قَالَ: فَلَمَّا أحس جِبْرِيل بدنو الرب خر سَاجِدا فَلم يزل يسبحه تسبيحات ذِي الجبروت والملكوت والكبرياء وَالْعَظَمَة حَتَّى قضى الله إِلَى عَبده مَا قضى ثمَّ رفع رَأسه فرأيته فِي خلقه الَّذِي خلق عَلَيْهِ منظوم أجنحته بالزبرجد واللؤلؤ والياقوت فخيل إليّ أَن مَا بَين عَيْنَيْهِ قد سد الأفقين وَكنت لَا أرَاهُ قبل ذَلِك إِلَّا على صور مُخْتَلفَة وَأكْثر مَا كنت أرَاهُ على صُورَة دحْيَة الْكَلْبِيّ وَكنت أَحْيَانًا لَا أرَاهُ قبل ذَلِك إِلَّا كَمَا يرى الرجل صَاحبه من وَرَاء الغربال
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عمر أَن جِبْرِيل كَانَ يَأْتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صُورَة دحْيَة الْكَلْبِيّ
وَأخرج مُسلم وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي السَّمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى أفتمارونه على مَا يرى وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} قَالَ: رأى مُحَمَّد ربه بِقَلْبِه مرَّتَيْنِ
وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى} قَالَ: رَآهُ بِقَلْبِه
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه كَانَ يقْرَأ [أفتمرونه] وفسرها أفتجحدونه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير أَنه كَانَ يقْرَأ / افتمرونه / قَالَ: من قَرَأَ {أفتمارونه} قَالَ: أفتجادلونه

(7/646)


وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ [افتمرونه]
وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ أَن شريحاً كَانَ يقْرَأ {افتمارونه} بِالْألف وَكَانَ مَسْرُوق يقْرَأ [أفتمرونه]
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رأى مُحَمَّد ربه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى ربه بِعَيْنِه
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن مُحَمَّدًا رأى ربه مرَّتَيْنِ مرّة ببصره وَمرَّة بفؤاده
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله الله {وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} قَالَ ابْن عَبَّاس: قد رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه عز وَجل
وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الشّعبِيّ قَالَ: لَقِي ابْن عَبَّاس كَعْبًا بِعَرَفَة فَسَأَلَهُ عَن شَيْء فَكبر حَتَّى جاوبته الْجبَال فَقَالَ ابْن عَبَّاس: إِنَّا بَنو هَاشم نزعم أَن نقُول: إِن مُحَمَّدًا قد رأى ربه مرَّتَيْنِ فَقَالَ كَعْب: إِن الله قسم رُؤْيَته وَكَلَامه بَين مُوسَى وَمُحَمّد عَلَيْهِمَا السَّلَام فَرَأى مُحَمَّد ربه مرَّتَيْنِ وكلم مُوسَى مرَّتَيْنِ
قَالَ مَسْرُوق: فَدخلت عليَّ عَائِشَة فَقلت: هَل رأى مُحَمَّد ربه فَقَالَت: لقد تَكَلَّمت بِشَيْء وقف لَهُ شعري قلت: رويداً ثمَّ قَرَأت {لقد رأى من آيَات ربه الْكُبْرَى} قَالَت: أَيْن يذهب بك إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيل من أخْبرك أَن مُحَمَّدًا رأى ربه أَو كتم شَيْئا مِمَّا أَمر بِهِ أَو يعلم الْخمس الَّتِي قَالَ الله إِن الله عِنْده علم السَّاعَة الْآيَة فقد أعظم الْفِرْيَة وَلكنه رأى جِبْرِيل لم يره فِي صورته إِلَّا مرَّتَيْنِ مرّة عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى وَمرَّة عِنْد أجياد لَهُ سِتّمائَة جنَاح قد سد الْأُفق
وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أتعجبون أَن تكون الْخلَّة لإِبراهيم وَالْكَلَام لمُوسَى والرؤية لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: رأى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَأَيْت رَبِّي فِي أحسن صُورَة فَقَالَ لي: يَا مُحَمَّد هَل تَدْرِي فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى فَقلت: لَا يارب فَوضع يَده بَين كَتِفي فَوجدت بردهَا بَين ثديي فَعلمت مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْض فَقلت: يَا رب فِي الدَّرَجَات وَالْكَفَّارَات وَنقل الْأَقْدَام إِلَى الْجَمَاعَات وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة

(7/647)


فَقلت: يَا رب إِنَّك اتَّخذت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وَكلمت مُوسَى تكليماً وَفعلت وَفعلت فَقَالَ: ألم أشرح لَك صدرك ألم أَضَع عَنْك وزرك ألم أفعل بك ألم أفعل فأفضى إليّ بأَشْيَاء لم يُؤذن لي أَن أحدثكموها فَذَلِك قَوْله {ثمَّ دنا فَتَدَلَّى فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى فَأوحى إِلَى عَبده مَا أوحى مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى} فَجعل نور بَصرِي فِي فُؤَادِي فَنَظَرت إِلَيْهِ بفؤادي
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَضَعفه عَن عبد الله بن أبي سَلمَة أَن عبد الله بن عمر بن الْخطاب بعث إِلَى عبد الله بن عَبَّاس يسْأَله هَل رأى مُحَمَّد ربه فَأرْسل إِلَيْهِ عبد الله بن عَبَّاس أَن نعم فَرد عَلَيْهِ عبد الله بن عمر رَسُوله أَن كَيفَ رَآهُ فَأرْسل: إِنَّه رَآهُ فِي رَوْضَة خضراء دونه فرَاش من ذهب على كرْسِي من ذهب يحملهُ أَرْبَعَة من الْمَلَائِكَة: ملك فِي صُورَة رجل وَملك فِي صُورَة ثَوْر وَملك فِي صُورَة نسر وَملك فِي صُورَة أَسد
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي السَّمَاء وَالصِّفَات وَضَعفه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ: هَل رأى مُحَمَّد ربه قَالَ: نعم رَآهُ كأنّ قَدَمَيْهِ على خضرَة دونه ستر من لُؤْلُؤ فَقلت: يَا أَبَا عَبَّاس أَلَيْسَ يَقُول الله: لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار قَالَ: لَا أم لَك ذَاك نوره الَّذِي هُوَ نوره إِذا تجلى بنوره لَا يُدْرِكهُ شَيْء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالُوا يَا رَسُول الله هَل رَأَيْت رَبك قَالَ: لم أره بعيني ورأيته بفؤادي مرَّتَيْنِ ثمَّ تَلا {ثمَّ دنا فَتَدَلَّى}
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل رَأَيْت رَبك قَالَ: رَأَيْت نَهرا وَرَأَيْت وَرَاء النَّهر حِجَابا وَرَأَيْت الْحجاب نورا لم أره غير ذَلِك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى} قَالَ: مُحَمَّد رَآهُ بفؤاده وَلم يره بِعَيْنيهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي صَالح فِي قَوْله {مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى} قَالَ: رَآهُ مرَّتَيْنِ بفؤاده
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: مَا أزعم أَنه رَآهُ وَمَا أزعم أَنه لم يره

(7/648)


وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل رَأَيْت رَبك فَقَالَ: نور أَنى أرَاهُ
وَأخرج مُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر أَنه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل رَأَيْت رَبك فَقَالَ: رَأَيْت نورا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر قَالَ: رَآهُ بِقَلْبِه وَلم يره بِعَيْنيهِ
وَأخرج النَّسَائِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه بِقَلْبِه وَلم يره ببصره
وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله {وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} قَالَ: رأى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: رأى جِبْرِيل فِي صورته
وَأخرج عبد بن حميد عَن مرّة الْهَمدَانِي قَالَ: لم يَأْته جِبْرِيل فِي صورته إِلَّا مرَّتَيْنِ فَرَآهُ فِي خضر يتَعَلَّق بِهِ الدّرّ
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} قَالَ: رأى نورا عَظِيما عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود {وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} قَالَ: رأى جِبْرِيل مُعَلّقا رجله بسدرة عَلَيْهِ الدّرّ كَأَنَّهُ قطر الْمَطَر على البقل
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود {وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى} قَالَ: رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل فِي صورته عِنْد السِّدْرَة لَهُ سِتّمائَة جنَاح جنَاح مِنْهَا سد الْأُفق يَتَنَاثَر من أجنحته التهاويل والدر والياقوت مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لما أسريَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْتهى بِهِ إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى وَهِي فِي السَّمَاء السَّادِسَة إِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يعرج من الْأَرْوَاح فَيقبض مِنْهَا وإليها يَنْتَهِي مَا يهْبط بِهِ من فَوْقهَا فَيقبض مِنْهَا {إِذْ يغشى السِّدْرَة مَا يغشى} قَالَ: فرَاش من ذهب قَالَ: وَأعْطى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثًا: أعطي الصَّلَوَات الْخمس وَأعْطِي خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة وَغفر لمن لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا من أمته الْمُقْحمَات
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن سِدْرَة الْمُنْتَهى قَالَ: إِلَيْهَا يَنْتَهِي علم كل عَالم وَمَا وَرَاءَهَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله

(7/649)


وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن الضَّحَّاك أَنه قيل لَهُ: لم تسمى سِدْرَة الْمُنْتَهى
قَالَ: لِأَنَّهُ يَنْتَهِي إِلَيْهَا كل شَيْء من أَمر الله لَا يعدوها
وَأخرج ابْن جرير عَن شمر قَالَ: جَاءَ ابْن عَبَّاس إِلَى كَعْب فَقَالَ: حَدثنِي عَن سِدْرَة المنتهي قَالَ: إِنَّهَا سِدْرَة فِي أصل الْعَرْش إِلَيْهَا يَنْتَهِي علم كل ملك مقرب أَو نَبِي مُرْسل مَا خلفهَا غيب لَا يُعلمهُ إِلَّا الله تَعَالَى
وَأخرج ابْن جرير عَن كَعْب قَالَ: إِنَّهَا سِدْرَة على رُؤُوس حَملَة الْعَرْش إِلَيْهَا يَنْتَهِي علم الْخَلَائق ثمَّ لَيْسَ لأحد وَرَاءَهَا علم فَلذَلِك سميت سِدْرَة الْمُنْتَهى لانْتِهَاء الْعلم إِلَيْهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَأَلت كَعْبًا مَا سِدْرَة الْمُنْتَهى قَالَ: سِدْرَة يَنْتَهِي إِلَيْهَا علم الْمَلَائِكَة وَعِنْدهَا يَجدونَ أَمر الله لَا يجاوزها علم وَسَأَلته عَن جنَّة المأوى فَقَالَ: جنَّة فِيهَا طير خضر ترتقي فِيهَا أَرْوَاح الشُّهَدَاء
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى} قَالَ: صبو الْجنَّة يَعْنِي وَسطهَا جعل عَلَيْهَا فضول السندس والاستبرق
وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: انْتَهَيْت إِلَى السِّدْرَة فَإِذا نبقها مثل الْجَرَاد وَإِذا وَرقهَا مثل آذان الفيلة فَلَمَّا غشيها من أَمر الله مَا غشيها تحولت ياقوتاً وزمرداً وَنَحْو ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {سِدْرَة الْمُنْتَهى} قَالَ: أول يَوْم من الْآخِرَة وَآخر يَوْم من الدُّنْيَا فَهُوَ حَيْثُ يَنْتَهِي
وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أَسمَاء بنت أبي بكر: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصف سِدْرَة الْمُنْتَهى قَالَ: يسير الرَّاكِب فِي الْفِتَن مِنْهَا مائَة سنة يستظل بالفتن مِنْهَا مائَة رَاكب فِيهَا فرَاش من ذهب كَأَن ثَمَرهَا القلال
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَأَبُو يعلى عَن ابْن عَبَّاس {إِذْ يغشى السِّدْرَة مَا يغشى} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَأَيْتهَا حِين استبنتها ثمَّ حَال دونهَا فرَاش الذَّهَب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ {عِنْدهَا جنَّة المأوى} وَعَابَ على من قَرَأَ جنَّة المأوى

(7/650)


وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: من قَرَأَ {جنَّة المأوى} فأجنه الله إِنَّمَا هِيَ جنَّة المأوى
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {عِنْدهَا جنَّة المأوى} قَالَ: هِيَ عَن يَمِين الْعَرْش وَهِي منزل الشُّهَدَاء
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الْجنَّة فِي السَّمَاء السَّابِعَة الْعليا وَالنَّار فِي الأَرْض السَّابِعَة السُّفْلى
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَرَأَ: جنَّة المأوى قَالَ: جنَّة الْمبيت
وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد {إِذْ يغشى السِّدْرَة مَا يغشى} قَالَ: كَانَ أَغْصَان السِّدْرَة من لُؤْلُؤ وَيَاقُوت وَقد رَآهَا مُحَمَّد بِقَلْبِه وَرَأى ربه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {إِذْ يغشى السِّدْرَة مَا يغشى} قَالَ: الْمَلَائِكَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن سَلمَة بن وهرام {إِذْ يغشى السِّدْرَة مَا يغشى} قَالَ: اسْتَأْذَنت الْمَلَائِكَة الرب تبَارك وَتَعَالَى أَن ينْظرُوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأذن لَهُم فغشيت الْمَلَائِكَة السِّدْرَة لينظروا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن يَعْقُوب بن زيد قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا رَأَيْت بِفنَاء السِّدْرَة قَالَ: فراشا من ذهب
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {إِذْ يغشى السِّدْرَة مَا يغشى} قَالَ: رَآهَا لَيْلَة أسرِي بِهِ يلوذ بهَا جَراد من ذهب
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مَا زاغ الْبَصَر} قَالَ: مَا ذهب يَمِينا وَلَا شمالاً {وَمَا طَغى} قَالَ: مَا جَاوز مَا أَمر بِهِ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {لقد رأى من آيَات ربه الْكُبْرَى} قَالَ: رأى رفرفاً أَخْضَر من الْجنَّة قد سد الْأُفق

(7/651)


وَأخرج ابْن جرير عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما عرج بِي مضى جِبْرِيل حَتَّى جَاءَ الْجنَّة فَدخلت فَأعْطيت الْكَوْثَر ثمَّ مضى حَتَّى جَاءَ السِّدْرَة الْمُنْتَهى فَدَنَا رَبك فَتَدَلَّى فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما انْتَهَيْت إِلَى السِّدْرَة إِذا وَرقهَا مثل آذان الفيلة وَإِذا نبقها أَمْثَال القلال فَلَمَّا غشيها من أَمر الله مَا غشي تحوّلت فَذكر الْيَاقُوت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: سِدْرَة الْمُنْتَهى مُنْتَهى إِلَيْهَا أَمر كل نَبِي وَملك

الْآيَات 19 - 27

(7/652)


أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23) أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (24) فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى (25) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (26) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27)

أخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ اللات رجلا يلت سويق الْحَاج وَلَفظ عبد بن حميد: يلت السويق يسْقِيه الْحَاج
وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ: لما فتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة بعث خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى نَخْلَة وَكَانَ بهَا الْعُزَّى فَأَتَاهَا خَالِد وَكَانَت على ثَلَاث سمُرَات فَقطع السَّمُرَات وَهدم الْبَيْت الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا ثمَّ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ: ارْجع فَإنَّك لم تصنع شَيْئا فَرجع خَالِد فَلَمَّا أبصرته السَّدَنَة وهم حَجَبتهَا امعنوا فِي الْجَبَل وهم يَقُولُونَ: يَا عزى يَا عزى فَأَتَاهَا خَالِد فَإِذا امْرَأَة عُرْيَانَة نَاشِرَة شعرهَا تحفن التُّرَاب على رَأسهَا فعممها بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتلهَا ثمَّ رَجَعَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ: تِلْكَ الْعُزَّى

(7/652)


وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن الْعُزَّى كَانَت بِبَطن نَخْلَة وَأَن اللات كَانَت بِالطَّائِف وَأَن مَنَاة كَانَت بِقديد
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور والفاكهي عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَت اللات رجلا فِي الْجَاهِلِيَّة على صَخْرَة بِالطَّائِف وَكَانَ لَهُ غنم فَكَانَ يَأْخُذ من رسلها وَيَأْخُذ من زبيب الطَّائِف والأقط فَيجْعَل مِنْهُ حَيْسًا وَيطْعم من يمر من النَّاس فَلَمَّا مَاتَ عبدوه وَقَالُوا: هُوَ اللات وَكَانَ يقْرَأ: اللات مُشَدّدَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ اللات يلت السويق على الْحَاج فَلَا يشرب مِنْهُ أحدا إِلَّا سمن فعبدوه
وَأخرج الفاكهي عَن ابْن عَبَّاس أَن اللات لما مَاتَ قَالَ لَهُم عَمْرو بن لحي: إِنَّه لم يمت وَلكنه دخل الصَّخْرَة فعبدوها وبنوا عَلَيْهَا بَيْتا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {أَفَرَأَيْتُم اللات} قَالَ: كَانَ رجل من ثَقِيف يلت السويق بالزيت فَلَمَّا توفّي جعلُوا قَبره وثناً وَزعم النَّاس أَنه عَامر بن الظرب أَخذ عُدْوانًا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى} قَالَ: اللات كَانَ يلت السويق بِالطَّائِف فاعتكفوا على قَبره والعزى شجرات
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة} قَالَ: آلِهَة كَانُوا يعبدونها فَكَانَ اللات لأهل الطَّائِف وَكَانَت الْعُزَّى لقريش بسقام شعب بِبَطن نَخْلَة وَكَانَت مَنَاة للْأَنْصَار بِقديد
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي صَالح قَالَ: اللات الَّذِي كَانَ يقوم على آلِهَتهم وَكَانَ يلت لَهُم السويق والعزى بنخلة كَانُوا يعلقون عَلَيْهَا السبور والعهن وَمَنَاة حجر بِقديد
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الجوزاء قَالَ: اللات حجر كَانَ يلت السويق عَلَيْهِ فَسُمي اللات
قَوْله تَعَالَى: {تِلْكَ إِذا قسْمَة ضيزى}
أخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله

(7/653)


{ضيزى} قَالَ: جائرة
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول امرىء الْقَيْس: ضازت بَنو أَسد بحكمهم إِذْ يعدلُونَ الرَّأْس بالذنب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ضيزى} قَالَ: منقوصة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ضيزى} قَالَ: جائرة
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك مثله
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ضيزى} قَالَ: جائرة لَا حق فِيهَا
قَوْله تَعَالَى: {أم للْإنْسَان مَا تمنى}
أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا تمنى أحدكُم فَلْينْظر مَا تمنى فَإِنَّهُ لَا يدْرِي مَا يكْتب لَهُ من أمْنِيته
قَوْله تَعَالَى: {وَكم من ملك فِي السَّمَاوَات} الْآيَة
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَكم من ملك فِي السَّمَاوَات لَا تغني شفاعتهم شَيْئا} قَالَ: لقَولهم: إِن الغرانقة ليشفعون

الْآيَات 28 - 31

(7/654)


وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31)

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: احْذَرُوا هَذَا الرَّأْي على الدّين فَإِنَّمَا كَانَ الرَّأْي من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مصيباً لِأَن الله كَانَ يرِيه وَإِنَّمَا هُوَ هَهُنَا تكلّف وَظن {وَإِن الظَّن لَا يُغني من الْحق شَيْئا}
قَوْله تَعَالَى: {ذَلِك مبلغهم من الْعلم}

(7/654)


أخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ذَلِك مبلغهم من الْعلم} قَالَ: رَأْيهمْ
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن ابْن عمر قَالَ: قَلما كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقوم من مجْلِس حَتَّى يَدْعُو بهؤلاء الدَّعْوَات لأَصْحَابه: اللَّهُمَّ اقْسمْ لنا من خشيتك مَا يحول بَيْننَا وَبَين مَعَاصِيك وَمن طَاعَتك مَا تبلغنَا بِهِ جنتك وَمن الْيَقِين مَا يهون علينا مصيبات الدُّنْيَا وَمَتعْنَا بأسماعنا وأبصارنا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا واجعله الْوَارِث منا وَاجعَل ثَأْرنَا على من ظلمنَا وَانْصُرْنَا على من عَادَانَا وَلَا تجْعَل مُصِيبَتنَا فِي ديننَا وَلَا تجْعَل الدُّنْيَا أكبر هَمنَا وَلَا مبلغ علمنَا وَلَا تسلط علينا من لَا يَرْحَمنَا
قَوْله تَعَالَى: {وَللَّه مَا فِي السَّمَاوَات} الْآيَة
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {ليجزي الَّذين أساؤوا بِمَا عمِلُوا} قَالَ: أهل الشّرك {وَيجْزِي الَّذين أَحْسنُوا} قَالَ: الْمُؤمنِينَ

الْآيَة 32

(7/655)


الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الَّذين يجتنبون كَبَائِر الإِثم وَالْفَوَاحِش} قَالَ: الْكَبَائِر مَا سمى فِيهِ النَّار {وَالْفَوَاحِش} مَا كَانَ فِيهِ حد فِي الدُّنْيَا
قَوْله تَعَالَى: {إِلَّا اللمم}
أخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا رَأَيْت شَيْئا أشبه باللمم مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله كتب على ابْن آدم حَظه من الزِّنَا أدْرك ذَلِك لَا محَالة فزنا الْعين النّظر وزنا اللِّسَان النُّطْق وَالنَّفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذَلِك أَو يكذبهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: زنا الْعَينَيْنِ

(7/655)


النّظر وزنا الشفتين التَّقْبِيل وزنا الْيَدَيْنِ الْبَطْش وزنا الرجلَيْن الْمَشْي وَيصدق ذَلِك الْفرج أَو يكذبهُ فَإِن تقدم بفرجه كَانَ زَانيا وَإِلَّا فَهُوَ اللمم
وَأخرج مُسَدّد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: هِيَ النظرة والغمزة والقبلة والمباشرة فَإِذا مس الْخِتَان الْخِتَان فقد وَجب الْغسْل وَهُوَ الزِّنَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: اللمم مَا بَين الحدين
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: هُوَ الرجل يلم بالفاحشة ثمَّ يَتُوب مِنْهَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن تغْفر اللَّهُمَّ تغْفر جما وأيّ عبد لَك لَا ألمّا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} يَقُول: إِلَّا مَا قد سلف
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: قَالَ الْمُشْركُونَ: إِنَّمَا كَانُوا بالْأَمْس يعْملُونَ مَعنا فَأنْزل الله {إِلَّا اللمم} مَا كَانَ مِنْهُم فِي الْجَاهِلِيَّة قبل الإِسلام وغفرها لَهُم حِين أَسْلمُوا
وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {الَّذين يجتنبون كَبَائِر الإِثم} قَالَ: الشّرك {وَالْفَوَاحِش} قَالَ: الزِّنَا تركُوا ذَلِك حِين دخلُوا فِي الإِسلام وَغفر الله لَهُم مَا كَانُوا ألم بِهِ وَأَصَابُوا من ذَلِك قبل الإِسلام
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة أرَاهُ رَفعه فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: اللمة من الزِّنَا ثمَّ يَتُوب وَلَا يعود واللمة من شرب الْخمر ثمَّ يَتُوب وَلَا يعود قَالَ: فَتلك الإِلمام
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُونَ: هُوَ الرجل يُصِيب اللمة من الزِّنَا واللمة من شرب الْخمر فيجتنبها أَو يَتُوب مِنْهَا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَدْرُونَ مَا اللمم قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم
قَالَ: هُوَ الَّذِي يلم بالخطرة من الزِّنَا ثمَّ لَا يعود ويلم بالخطرة من شرب الْخمر ثمَّ لَا يعود ويلم بِالسَّرقَةِ ثمَّ لَا يعود

(7/656)


وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: يلم بهَا فِي الْحِين ثمَّ يَتُوب
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح قَالَ: سُئِلت عَن اللمم فَقلت: هُوَ الرجل يُصِيب الذَّنب ثمَّ يَتُوب وأخبرت بذلك ابْن عَبَّاس فَقَالَ: لقد أعانك عَلَيْهَا ملك كريم
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن الْحسن فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: الزنية فِي الْحِين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: الْوَقْعَة من الزِّنَا لَا يعود لَهَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: هُوَ مَا دون الْجِمَاع
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة أَنه ذكر لَهُ قَول الْحسن فِي اللمم هِيَ الخطرة من الزِّنَا فَقَالَ: لَا وَلكنهَا الضمة والقبلة والشمة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَمْرو قَالَ: اللمم مَا دون الشّرك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اللمم كل شَيْء بَين الحدين حد الدُّنْيَا وحد الْآخِرَة يكفره الصَّلَاة وَهُوَ دون كل مُوجب فَأَما حد الدُّنْيَا فَكل حد فرض الله عُقُوبَته فِي الدُّنْيَا وَأما حد الْآخِرَة فَكل شَيْء خَتمه الله بالنَّار وَأخر عُقُوبَته إِلَى الْآخِرَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: اللمم مَا بَين الحدين مَا لم يبلغ حد الدُّنْيَا وَلَا حد الْآخِرَة مُوجبَة قد أوجب الله لأَهْلهَا النَّار أَو فَاحِشَة يُقَام عَلَيْهِ الْحَد فِي الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: سَأَلَ رجل زيد بن ثَابت عَن هَذِه الْآيَة {الَّذين يجتنبون كَبَائِر الإِثم وَالْفَوَاحِش إِلَّا اللمم} فَقَالَ: حرم الله عَلَيْك الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن
قَوْله تَعَالَى: {هُوَ أعلم بكم إِذْ أنشأكم من الأَرْض}
أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة وَابْن مردوية والواحدي عَن ثَابت بن الْحَارِث الْأنْصَارِيّ قَالَ: كَانَت الْيَهُود إِذا هلك لَهُم صبي صَغِير قَالُوا: هَذَا صديق فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: كذبت يهود مَا من نسمَة

(7/657)


يخلقها الله فِي بطن أمهَا إِلَّا أَنه شقي أَو سعيد
فَأنْزل الله عِنْد ذَلِك {هُوَ أعلم بكم إِذْ أنشأكم من الأَرْض} الْآيَة كلهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {هُوَ أعلم بكم إِذْ أنشأكم من الأَرْض} قَالَ: هُوَ كنحو قَوْله (وَهُوَ أعلم بالمهتدين)
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {إِذْ أنشأكم من الأَرْض وَإِذ أَنْتُم أجنة} قَالَ: حِين خلق الله آدم من الأَرْض ثمَّ خَلقكُم من آدم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن فِي قَوْله {هُوَ أعلم بكم إِذْ أنشأكم من الأَرْض وَإِذ أَنْتُم أجنة فِي بطُون أُمَّهَاتكُم} قَالَ: علم الله من كل نفس مَا هِيَ عاملة وَمَا هِيَ صانعة وَمَا هِيَ إِلَيْهِ صائرة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {فَلَا تزكوا أَنفسكُم} قَالَ: لَا تبرئوا أَنفسكُم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَلَا تزكوا أَنفسكُم} قَالَ: لَا تعملوا بِالْمَعَاصِي وتقولون: نعمل بِالطَّاعَةِ
وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن مردوية عَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة أَنَّهَا سميت برة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {فَلَا تزكوا أَنفسكُم} الله أعلم بِأَهْل الْبر مِنْكُم سَموهَا زَيْنَب
وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن جده عبد الله بن مُصعب قَالَ: قَالَ أَبُو بكر الصّديق لقيس بن عَاصِم: صف لنا نَفسك
فَقَالَ: إِن الله يَقُول {فَلَا تزكوا أَنفسكُم} فلست مَا أَنا بمزك نَفسِي وَقد نهاني الله عَنهُ فأعجب أَبَا بكر ذَلِك مِنْهُ

الْآيَات 33 - 37

(7/658)


أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (34) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37)

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج فِي مغزاة فجَاء رجل فَلم يجد مَا يخرج عَلَيْهِ فلقي صديقا لَهُ فَقَالَ: أَعْطِنِي شَيْئا قَالَ: أُعْطِيك بكري هَذَا على أَن تتحمل بذنوبي فَقَالَ لَهُ: نعم فَأنْزل الله {أَفَرَأَيْت الَّذِي تولى وَأعْطى قَلِيلا وأكدى}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن دراج أبي السَّمْح قَالَ: خرجت سَرِيَّة غَازِيَة فَسَأَلَ رجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يحملهُ فَقَالَ: لَا أجد مَا أحملك عَلَيْهِ فَانْصَرف حَزينًا فَمر بِرَجُل رحاله منيخة بَين يَدَيْهِ فَشَكا إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الرجل: هَل لَك أَن أحملك فتلحق الْجَيْش فَقَالَ: نعم فَنزلت {أَفَرَأَيْت الَّذِي تولى} إِلَى قَوْله {ثمَّ يجزاه الْجَزَاء الأوفى}
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: إِن رجلا أسلم فَلَقِيَهُ بعض من يعيره فَقَالَ: أتركت دين الْأَشْيَاخ وضللتهم وَزَعَمت أَنهم فِي النَّار قَالَ: إِنِّي خشيت عَذَاب الله قَالَ: أَعْطِنِي شَيْئا وَأَنا أحمل كل عَذَاب كَانَ عَلَيْك فَأعْطَاهُ شَيْئا فَقَالَ: زِدْنِي فتعاسرا حَتَّى أعطَاهُ شَيْئا وَكتب لَهُ كتابا وَأشْهد لَهُ فَفِيهِ نزلت هَذِه الْآيَة {أَفَرَأَيْت الَّذِي تولى وَأعْطى قَلِيلا وأكدى أعنده علم الْغَيْب فَهُوَ يرى}
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَفَرَأَيْت الَّذِي تولى} قَالَ: الْوَلِيد بن الْمُغيرَة كَانَ يَأْتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر فَيسمع مَا يَقُولَانِ وَذَلِكَ {وَأعْطى} من نَفسه أعْطى الِاسْتِمَاع {وأكدى} قَالَ: انْقَطع عطاؤه نزل فِي ذَلِك {أعنده علم الْغَيْب} قَالَ: الْغَيْب الْقُرْآن أرأى فِيهِ بَاطِلا أنفذه ببصره إِذْ كَانَ يخْتَلف إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر
وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأعْطى قَلِيلا وأكدى} قَالَ: قطع نزلت فِي الْعَاصِ بن وَائِل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأعْطى قَلِيلا وأكدى} قَالَ: أطَاع قَلِيلا ثمَّ انْقَطع
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {وَأعْطى قَلِيلا وأكدى} قَالَ: أعْطى قَلِيلا من مَاله وَمنع الْكثير ثمَّ كدره بمنه قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر:

(7/659)


أعْطى قَلِيلا ثمَّ أكدى بمنه وَمن ينشر الْمَعْرُوف فِي النَّاس يحمد قَوْله تَعَالَى: {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى}
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مردوية والشيرازي فِي الألقاب والديلمي بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا قَوْله {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم
قَالَ: وفى عمل يَوْمه بِأَرْبَع رَكْعَات كَانَ يصليهن من أول النَّهَار وَزعم أَنَّهَا صَلَاة الضُّحَى
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: وفى الله بالبلاغ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: وفى مَا فرض عَلَيْهِ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سِهَام الإِسلام ثَلَاثُونَ سَهْما لم يَمَسهَا أحد قبل إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ الله {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى}
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: وفى طَاعَة الله وَبلغ رِسَالَة ربه إِلَى خلقه
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: بلغ هَذِه الْآيَة {أَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى}
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: بلغ مَا أَمر بِهِ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} يَقُول: الَّذِي اسْتكْمل الطَّاعَة فِيمَا فعل بِابْنِهِ حِين رأى الرُّؤْيَا وَالَّذِي فِي صحف مُوسَى {أَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن الْقرظِيّ {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: وفى بِذبح ابْنه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: وفى سِهَام الإِسلام كلهَا وَلم يوفها أحد غَيره وَهِي ثَلَاثُونَ سَهْما مِنْهَا عشرَة فِي بَرَاءَة (إِن الله اشْترى من الْمُؤمنِينَ أنفسهم وَأَمْوَالهمْ) (التَّوْبَة 111) الْآيَات كلهَا وَعشرَة فِي الْأَحْزَاب (إِن

(7/660)


الْمُسلمين وَالْمُسلمَات) (الْأَحْزَاب 35) الْآيَات كلهَا وَسِتَّة فِي (قد أَفْلح الْمُؤمنِينَ) (الْمُؤْمِنُونَ 1) من أَولهَا الْآيَات كلهَا وَأَرْبع فِي (سَأَلَ سَائل) (المعارج 1) (وَالَّذين يصدقون بِيَوْم الدّين) (المعارج 26) (وَالَّذين هم من عَذَاب رَبهم مشفقون) (المعارج 27) الْآيَات كلهَا فَذَلِك ثَلَاثُونَ سَهْما فَمن وافى الله بِسَهْم مِنْهَا فقد وافاه بِسَهْم من سِهَام الإِسلام وَلم يوافه بسهام الإِسلام كلهَا إِلَّا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ الله {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى}

الْآيَات 38 - 41

(7/661)


أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)

أخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت {والنجم} فَبلغ {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: وفى {أَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} إِلَى قَوْله {من النّذر الأولى}
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: أدّى عَن ربه {أَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى}
وَأخرج الشَّافِعِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَمْرو بن أَوْس قَالَ: كَانَ الرجل يُؤْخَذ بذنب غَيره حَتَّى جَاءَ إِبْرَاهِيم فَقَالَ الله {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: بلغ وَأدّى {أَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى}
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: كَانُوا قبل إِبْرَاهِيم يَأْخُذُونَ الْوَلِيّ بالمولى حَتَّى كَانَ إِبْرَاهِيم فَبلغ {أَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} لَا يُؤْخَذ أحد بذنب غَيره
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن هُذَيْل بن شُرَحْبِيل قَالَ: كَانَ الرجل يُؤْخَذ بذنب غَيره فِيمَا بَين نوح إِلَى إِبْرَاهِيم حَتَّى جَاءَ إِبْرَاهِيم {أَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى}
قَوْله تَعَالَى: {وَأَن لَيْسَ للإِنسان إِلَّا مَا سعى}

(7/661)


أخرج أَبُو دَاوُد والنحاس كِلَاهُمَا فِي النَّاسِخ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {وَأَن لَيْسَ للإِنسان إِلَّا مَا سعى} فَأنْزل الله بعد ذَلِك (وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ بِإِيمَان ألحقنا بهم ذُرِّيتهمْ) (سُورَة الطّور الْآيَة 21) فَأدْخل الله الْأَبْنَاء الْجنَّة بصلاح الْآبَاء
وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَرَأَ {وَأَن لَيْسَ للإِنسان إِلَّا مَا سعى وَأَن سَعْيه سَوف يرى ثمَّ يجزاه الْجَزَاء الأوفى} اسْترْجع واستكان

الْآيَات 42 - 47

(7/662)


وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (46) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى (47)

أخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَالْبَغوِيّ فِي تَفْسِيره عَن أُبيّ بن كَعْب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَأَن إِلَى رَبك الْمُنْتَهى} قَالَ: لَا فكرة فِي الرب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سُفْيَان الثَّوْريّ فِي قَوْله {وَأَن إِلَى رَبك الْمُنْتَهى} قَالَ: لَا فكرة فِي الرب
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قوم يتفكرون فِي الله فَقَالَ: تَفَكَّرُوا فِي الْخلق وَلَا تَتَفَكَّرُوا فِي الْخَالِق فَإِنَّكُم لن تقدرونه
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تَفَكَّرُوا فِي خلق الله وَلَا تَفَكَّرُوا فِي الله فَتَهْلكُوا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن يُونُس بن مسيرَة قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَصْحَابه وهم يذكرُونَ عَظمَة الله تَعَالَى فَقَالَ: مَا كُنْتُم تذكرُونَ قَالُوا: كُنَّا نتفكر فِي عَظمَة الله تَعَالَى فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا فِي الله فَلَا تَفَكَّرُوا ثَلَاثًا أَلا فتفكروا فِي عظم مَا خلق ثَلَاثًا

(7/662)


وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي أُميَّة مولى شبْرمَة واسْمه الحكم عَن بعض أَئِمَّة الْكُوفَة قَالَ: قَالَ نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقصد نحوهم فَسَكَتُوا فَقَالَ: مَا كُنْتُم تَقولُونَ قَالُوا: نَظرنَا إِلَى الشَّمْس فتفكرنا فِيهَا من أَيْن تَجِيء وَمن أَيْن تذْهب وتفكرنا فِي خلق الله فَقَالَ: كَذَلِك فافعلوا تَفَكَّرُوا فِي خلق الله وَلَا تَفَكَّرُوا فِي الله فَإِن لله تَعَالَى وَرَاء الْمغرب أَرضًا بَيْضَاء بياضها ونورها مسيرَة الشَّمْس أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِيهَا خلق من خلق الله لم يعصوا الله طرفَة عين قيل: يَا رَسُول الله من ولد آدم هم قَالَ: مَا يَدْرُونَ خلق آدم أم لم يخلق قيل: يَا نَبِي الله فَأَيْنَ إِبْلِيس عَنْهُم قَالَ: لَا يَدْرُونَ خلق إِبْلِيس أم لم يخلق
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: دخل علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن فِي الْمَسْجِد حلق حلق فَقَالَ لنا: فيمَ أَنْتُم قُلْنَا: نتفكر فِي الشَّمْس كَيفَ طلعت وَكَيف غربت قَالَ: أَحْسَنْتُم كونُوا هَكَذَا تَفَكَّرُوا فِي الْمَخْلُوق وَلَا تَفَكَّرُوا فِي الْخَالِق فَإِن الله خلق مَا شَاءَ لما شَاءَ وتعجبون من ذَلِك إِن من وَرَاء (ق) سبع بحار كل بَحر خَمْسمِائَة عَام وَمن وَرَاء ذَلِك سبع أَرضين يضيء نورها لأَهْلهَا وَمن وَرَاء ذَلِك سبعين ألف أمة خلقُوا على أَمْثَال الطير هُوَ وفرخه فِي الْهَوَاء لَا يفترون عَن تَسْبِيحَة وَاحِدَة وَمن وَرَاء ذَلِك سبعين ألف أمة خلقُوا من ريح فطعامهم ريح وشرابهم ريح وثيابهم من ريح وآنيتهم من ريح ودوابهم من ريح لَا تستقرحوا فَردُّوا بهم إِلَى الأَرْض إِلَى قيام السَّاعَة أَعينهم فِي صدروهم ينَام أحدهم نومَة وَاحِدَة ينتبه وَعند رَأسه رزقه وَمن وَرَاء ذَلِك ظلّ الْعَرْش وَفِي ظلّ الْعَرْش سَبْعُونَ ألف أمة مَا يعلمُونَ أَن الله خلق آدم وَلَا ولد آدم وَلَا إِبْلِيس وَلَا ولد إِبْلِيس وَهُوَ قَوْله تَعَالَى (ويخلق مَا لَا تعلمُونَ) (سُورَة النَّحْل 8)
وَأخرج ابْن مردوية عَن عَائِشَة قَالَت: مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قوم يَضْحَكُونَ فَقَالَ: لَو تعلمُونَ مَا أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قَلِيلا فَنزل عَلَيْهِ جِبْرِيل فَقَالَ: إِن الله {وَأَنه هُوَ أضْحك وأبكى} فَرجع إِلَيْهِم فَقَالَ: مَا خطوت أَرْبَعِينَ خطْوَة حَتَّى أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ: ائْتِ هَؤُلَاءِ فَقل لَهُم: إِن الله أضْحك وأبكى

(7/663)


وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: هَبَط آدم من الْجنَّة بياقوتة بَيْضَاء تمسح بهَا دُمُوعه قَالَ: وَبكى آدم على الْجنَّة أَرْبَعِينَ عَاما فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: يَا آدم مَا يبكيك إِن الله بَعَثَنِي إِلَيْك معزيا فَضَحِك آدم فَذَلِك قَول الله {هُوَ أضْحك وأبكى} فَضَحِك آدم وضحكت ذُريَّته وَبكى آدم وبكت ذُريَّته
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَبَّار الطَّائِي قَالَ: شهِدت جَنَازَة أم مُصعب بن الزبير وفيهَا ابْن عَبَّاس فسمعنا أصوات نوائح فَقلت: عَبَّاس يصنع هَذَا وَأَنت هَهُنَا فَقَالَ: دَعْنَا عَنْك يَا جَبَّار فَإِن الله أضْحك وأبكى

الْآيَات 48 - 58

(7/664)


وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى (48) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى (49) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (50) وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (51) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (52) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (53) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (54) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (55) هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى (56) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (57) لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (58)

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأَنه هُوَ أغْنى وأقنى} قَالَ: أعْطى وأرضى
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أغْنى} قَالَ: أَكثر {وأقنى} قَالَ: قنع
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {أغْنى وأقنى} قَالَ: أغْنى من الْفقر وأقنى من الْغنى فقنع بِهِ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول عنترة الْعَبْسِي: فأقنى حياءك لَا أَبَا لَك واعلمي أَنِّي امْرُؤ سأموت إِن لم أقتل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: أغْنى أرْضى وأقنى موّن
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح فِي قَوْله {أغْنى وأقنى} قَالَ: غنى بِالْمَالِ وأقنى من الْقنية

(7/664)


وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة وَالضَّحَّاك مثله
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحَضْرَمِيّ فِي قَوْله {وَأَنه هُوَ أغْنى وأقنى} قَالَ: أغْنى نَفسه وأفقر الْخَلَائق إِلَيْهِ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأَنه هُوَ رب الشعرى} قَالَ: هُوَ الْكَوْكَب الَّذِي يدعى الشعرى
وَأخرج الفاكهي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي خُزَاعَة وَكَانُوا يعْبدُونَ الشعرى وَهُوَ الْكَوْكَب الَّذِي يتبع الجوزاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: الشعرى الْكَوْكَب الَّذِي خلف الجوزاء كَانُوا يعبدونه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ نَاس فِي الْجَاهِلِيَّة يعْبدُونَ هَذَا النَّجْم الَّذِي يُقَال لَهُ: الشعرى فَنزلت
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَأَنه أهلك عاداً الأولى} قَالَ: كَانَت الْآخِرَة بحضرموت
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَقوم نوح من قبل إِنَّهُم كَانُوا هم أظلم وأطغى} قَالَ: لم يكن قبيل من النَّاس هم أظلم وأطغى من قوم نوح دعاهم نوح ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما كلما هلك قرن وَنَشَأ قرن دعاهم حَتَّى لقد ذكر لنا أَن الرجل كَانَ يَأْخُذ بيد أَخِيه أَو ابْنه فَيَمْشِي إِلَيْهِ فَيَقُول: يَا بني إِن أبي قد مَشى بِي إِلَى هَذَا وَأَنا مثلك يَوْمئِذٍ
تتابعاً فِي الضَّلَالَة وتكذيبا بِأَمْر الله عزَّ وجلَّ
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {والمؤتفكة أَهْوى} قَالَ: أَهْوى بهَا جِبْرِيل بعد أَن رَفعهَا إِلَى السَّمَاء
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {والمؤتفكة أَهْوى} قَالَ: قوم لوط ائتفكت بهم الأَرْض بعد أَن رَفعهَا الله إِلَى السَّمَاء فالأرض تجلجل بهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {والمؤتفكة أَهْوى} قَالَ: قرى قوم لوط {فغشاها مَا غشى} قَالَ: الْحِجَارَة {فَبِأَي آلَاء رَبك} قَالَ: فَبِأَي نعم رَبك

(7/665)


وَأخرج ابْن جرير عَن أبي مَالك الْغِفَارِيّ فِي قَوْله {أَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} إِلَى قَوْله {هَذَا نَذِير من النّذر الأولى} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنذر مَا أنذر الْأَولونَ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {هَذَا نَذِير من النّذر الأولى} قَالَ: إِنَّمَا بعث مُحَمَّد بِمَا بعث بِهِ الرُّسُل قبله وَفِي قَوْله {أزفت الآزفة} قَالَ: السَّاعَة {لَيْسَ لَهَا من دون الله كاشفة} أَي رادة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الآزفة من أَسمَاء يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أزفت الآزفة} قَالَ: اقْتَرَبت السَّاعَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {أزفت الآزفة} قَالَ: اقْتَرَبت السَّاعَة {لَيْسَ لَهَا من دون الله كاشفة} قَالَ: لَا يكْشف عَنْهَا إِلَّا هُوَ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: لَيْسَ لَهَا من دون الله من آلِهَتهم كاشفة

الْآيَات 59 - 62

(7/666)


أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَفَمَن هَذَا الحَدِيث} قَالَ: الْقُرْآن
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وهناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن صَالح أبي الْخَلِيل قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {أَفَمَن هَذَا الحَدِيث تعْجبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ} فَمَا ضحك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك إِلَّا أَن يبتسم وَلَفظ عبد بن حميد فَمَا رُؤِيَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضَاحِكا وَلَا مُتَبَسِّمًا حَتَّى ذهب من الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أَفَمَن هَذَا الحَدِيث تعْجبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ} فَمَا رُؤِيَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعْدهَا ضَاحِكا حَتَّى ذهب من الدُّنْيَا

(7/666)


وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت {أَفَمَن هَذَا الحَدِيث تعْجبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ} بَكَى أَصْحَاب الصَّفَّة حَتَّى جرت دموعهم على خدودهم فَلَمَّا سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حنينهم بَكَى فبكينا ببكائه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يلج النَّار من بَكَى من خشيَة الله وَلَا يدْخل الْجنَّة مصر على مَعْصِيّة الله وَلَو لم تذنبوا لجاء الله بِقوم يذنبون فَيغْفر لَهُم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {سامدون} قَالَ: لاهون معرضون عَنهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَأَنْتُم سامدون} قَالَ: غافلون
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَأَبُو عبيد فِي فضائله وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأَنْتُم سامدون} قَالَ: الْغناء باليمانية كَانُوا إِذا سمعُوا الْقُرْآن تغنوا ولعبوا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {سامدون} قَالَ: هُوَ الْغناء بالحميرية
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {سامدون} قَالَ: كَانُوا يَمرونَ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي شامخين ألم تَرَ إِلَى الْبَعِير كَيفَ يخْطر شامخاً
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {سامدون} قَالَ: السمود اللَّهْو وَالْبَاطِل قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول هزيلة بنت بكر وَهِي تبْكي قوم عَاد: لَيْت عاداً قبلوا الْحق وَلم يبدوا حجوداً قيل قُم فَانْظُر إِلَيْهِم ثمَّ دع عَنْك السمودا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {سامدون} قَالَ: غضاب مبرطمون
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا

(7/667)


يكْرهُونَ أَن يقوم الْقَوْم ينتظرون الإِمام وَكَانَ يُقَال ذَاك من السمود أَو هُوَ السمود وَقَالَ مَنْصُور: حِين يقوم الْمُؤَذّن فَيقومُونَ ينتظرون
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق سعيد بن أبي عرُوبَة عَن أبي معشر عَن النَّخعِيّ أَنه كَانَ يكره أَن يقوم إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة حَتَّى يَجِيء الإِمام وَيقْرَأ هَذِه الْآيَة {وَأَنْتُم سامدون} قَالَ سعيد: وَكَانَ قَتَادَة يكره أَن يقوم حَتَّى يَجِيء الإِمام وَلَا يُفَسر هَذِه الْآيَة على ذَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي خَالِد الْوَالِبِي قَالَ: خرج عَليّ بن أبي طَالب علينا وَقد أُقِيمَت الصَّلَاة وَنحن قيام ننتظره لِيَتَقَدَّم فَقَالَ: مَا لكم سامدون لَا أَنْتُم فِي صَلَاة وَلَا أَنْتُم جُلُوس منتظرون
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فاسجدوا لله واعبدوا} قَالَ: أعنتوا هَذِه الْوُجُوه لله وعفروها فِي طَاعَة الله
وَأخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سجد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّجْم وَسجد مَعَه الْمُسلمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنّ والإِنس
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مردوية عَن الْمطلب بن أبي ودَاعَة قَالَ: قَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة {والنجم} فَسجدَ وَسجد من مَعَه
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن سُبْرَة قَالَ: صلى بِنَا عمر بن الْخطاب الْفجْر فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَة الأولى سُورَة يُوسُف ثمَّ قَرَأَ فِي الثَّانِيَة النَّجْم فَسجدَ ثمَّ قَامَ فَقَرَأَ إِذا زلزلت ثمَّ ركع

(7/668)