الدر المنثور في
التفسير بالمأثور 56
سُورَة الْوَاقِعَة
مَكِّيَّة وآياتها سِتّ وَتسْعُونَ بِسم الله الرَّحْمَن
الرَّحِيم
الْآيَة 1 - 6
(8/3)
إِذَا وَقَعَتِ
الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2)
خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4)
وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا
(6)
أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن
مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس
قَالَ: نزلت سُورَة الْوَاقِعَة بِمَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله
وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن الضريس والحرث بن أبي
أُسَامَة وَأَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي
شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود: سَمِعت رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من قَرَأَ سُورَة الْوَاقِعَة كل
لَيْلَة لم تصبه فاقة أبدا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ سُورَة الْوَاقِعَة
كل لَيْلَة لم تصبه فاقة أبدا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس عَن رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سُورَة الْوَاقِعَة سُورَة الْغنى
فاقرأوها وعلموها أَوْلَادكُم
وَأخرج الديلمي عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: علمُوا نساءكم سُورَة الْوَاقِعَة فَإِنَّهَا
سُورَة الْغنى
وَأخرج أَبُو عبيد عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ قَالَ: قَالَت
عَائِشَة للنِّسَاء: لَا تعجز إحداكن أَن تقْرَأ سُورَة
الْوَاقِعَة
(8/3)
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَابْن
خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي
الْأَوْسَط عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم: يقْرَأ فِي الْفجْر الْوَاقِعَة
وَنَحْوهَا من السُّور
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ألظ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَاقِعَة والحاقة وَعم يتساءلون
والنازعات وَإِذا الشَّمْس كورت وَإِذا السَّمَاء انفطرت
فاستطار فِيهِ [] الْفقر فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر: قد أسْرع
فِيك الْفقر قَالَ: شيبتني هود وصواحباتها هَذِه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن
أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِذا وَقعت الْوَاقِعَة} قَالَ: يَوْم
الْقِيَامَة {لَيْسَ لوقعتها كَاذِبَة} قَالَ: لَيْسَ لَهَا
مرد يرد {خافضة رَافِعَة} قَالَ: تخْفض نَاسا وترفع آخَرين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي
قَوْله: {خافضة رَافِعَة} قَالَ: أسمعت الْقَرِيب والبعيد
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عُثْمَان بن سراقَة
عَن خَاله عمر بن الْخطاب فِي قَوْله: {خافضة رَافِعَة} قَالَ:
السَّاعَة خفضت أَعدَاء الله إِلَى النَّار وَرفعت أَوْلِيَاء
الله إِلَى الْجنَّة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ
فِي العظمة عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله: {خافضة
رَافِعَة} قَالَ: تخْفض رجَالًا كَانُوا فِي الدُّنْيَا
مرتفعين وترفع رجَالًا كَانُوا فِي الدُّنْيَا منخفضين
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله: {خافضة
رَافِعَة} قَالَ: خفضت المتكبرين وَرفعت المتواضعين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله:
{إِذا وَقعت الْوَاقِعَة} قَالَ: نزلت {لَيْسَ لوقعتها
كَاذِبَة} قَالَ: [] مثنوية {خافضة رَافِعَة} قَالَ: خفضت قوما
فِي عَذَاب الله وَرفعت قوما فِي كَرَامَة الله {إِذا رجت
الأَرْض رجّاً} قَالَ: زلزلت زَلْزَلَة {وبست الْجبَال بسّاً}
قَالَ: حتت حتّاً {فَكَانَت هباء منبثاً} كيابس الشّجر
تَذْرُوهُ الرِّيَاح يَمِينا وَشمَالًا
(8/4)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زيد بن أسلم فِي
قَوْله: {خافضة رَافِعَة} قَالَ: من انخفض يَوْمئِذٍ لم
يرْتَفع ابداً وَمن ارْتَفع يَوْمئِذٍ لم ينخفض ابداً
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي
قَوْله: {إِذا رجت الأَرْض رجّاً} قَالَ: زلزلت {وبست الْجبَال
بسّاً} قَالَ: فتت {فَكَانَت هباء منبثاً} قَالَ: كشعاع
الشَّمْس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله:
{إِذا رجت الأَرْض رجّاً} يَقُول: ترجف الأَرْض تزلزل {وبست
الْجبَال بسّاً} يَقُول: فتت فتاً
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله:
{إِذا رجت الأَرْض رجّاً} قَالَ: زلزلت {وبست الْجبَال بسّاً}
قَالَ: فتت
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي
قَوْله: {فَكَانَت هباء منبثاً} قَالَ: الهباء الَّذِي يطير من
النَّار إِذا اضطرمت يطير مِنْهَا الشرر فَإِذا وَقع لم يكن
شَيْئا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَكَانَت
هباء منبثاً} قَالَ: الهباء يثور مَعَ شُعَاع الشَّمْس
وانبثاثه تفرقه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن
أبي طَالب قَالَ: الهباء المنبث رهج الذوات والهباء المنثور
غُبَار الشَّمْس الَّذِي ترَاهُ فِي شُعَاع الكوّة
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك فِي قَوْله: {هباء منبثا}
قَالَ: الغبارالذي يخرج من الكوة مَعَ شُعَاع الشَّمْس
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله:
{هباء منبثاً} قَالَ: الشعاع الَّذِي يكون فِي الكوّة
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله: {هباء منبثاً}
قَالَ: هُوَ الَّذِي ترَاهُ فِي الشَّمْس إِذا دخلت من الكوة
إِلَى الْبَيْت
الْآيَة 7 - 20
(8/5)
وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا
ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ
الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ
الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10)
أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12)
ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ
(14) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا
مُتَقَابِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ
مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ
مَعِينٍ (18) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19)
وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20)
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي
قَوْله: {وكنتم أَزْوَاجًا ثَلَاثَة} قَالَ: أصنافاً
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه
عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وكنتم أَزْوَاجًا ثَلَاثَة}
قَالَ: هِيَ الَّتِي فِي سُورَة الْمَلَائِكَة (ثمَّ
أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا فَمنهمْ
ظَالِم لنَفسِهِ وَمِنْهُم مقتصد وَمِنْهُم سَابق بالخيرات)
(سُورَة فاطر الْآيَة 32) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن
عَبَّاس فِي قَوْله: {وكنتم أَزْوَاجًا ثَلَاثَة} قَالَ: هَذَا
حِين تزايلت بهم الْمنَازل هم أَصْحَاب الْيَمين وَأَصْحَاب
الشمَال وَالسَّابِقُونَ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن
قَتَادَة {وكنتم أَزْوَاجًا ثَلَاثَة} قَالَ: منَازِل النَّاس
يَوْم الْقِيَامَة {فأصحاب الميمنة مَا أَصْحَاب الميمنة}
قَالَ: مَاذَا لَهُم وماذا أعد لَهُم {وَأَصْحَاب المشأمة مَا
أَصْحَاب المشأمة} قَالَ: مَاذَا لَهُم وماذا أعد لَهُم
{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} قَالَ: السَّابِقُونَ من كل
أمة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير عَن الْحسن
فِي قَوْله: {وكنتم أَزْوَاجًا ثَلَاثَة} إِلَى قَوْله: {وثلة
من الآخرين} قَالَ: سوى بَين أَصْحَاب الْيَمين من الْأُمَم
الْمَاضِيَة وَبَين أَصْحَاب الْيَمين من هَذِه الْأمة وَكَانَ
السَّابِقُونَ من الْأَوَّلين أَكثر من سابقي هَذِه الْأمة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس
رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَالسَّابِقُونَ
السَّابِقُونَ} قَالَ: يُوشَع بن نون سبق إِلَى مُوسَى وَمُؤمن
آل يس سبق إِلَى عِيسَى وَعلي بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ
سبق إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم: السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة
أَرْبَعَة فَأَنا سَابق الْعَرَب وسلمان سَابق فَارس وبلال
سَابق الْحَبَشَة وصهيب سَابق الرّوم
وَأخرج أَبُو نعيم الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {وَالسَّابِقُونَ
السَّابِقُونَ أُولَئِكَ المقربون} أول من يدْخل الْمَسْجِد
وَآخر من يخرج مِنْهُ
(8/6)
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن
عُثْمَان بن أبي سَوْدَة مولى عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ:
بلغنَا فِي هَذِه الْآيَة {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}
أَنهم السَّابِقُونَ إِلَى الْمَسَاجِد وَالْخُرُوج فِي سَبِيل
الله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَالسَّابِقُونَ
السَّابِقُونَ} قَالَ: من كل أمة
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة مثله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله:
{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} قَالَ: نزلت فِي حزقيل مُؤمن
آل فِرْعَوْن وحبِيب النجار الَّذِي ذكر فِي يس وَعلي بن أبي
طَالب وكل رجل مِنْهُم سَابق أمته وعليّ أفضلهم سبقاً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن النُّعْمَان بن
بشير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
{وَإِذا النُّفُوس زوّجت} قَالَ: الضرباء كل رجل مَعَ قوم
كَانُوا يعْملُونَ بِعَمَلِهِ وَذَلِكَ بِأَن الله تَعَالَى
يَقُول: {وكنتم أَزْوَاجًا ثَلَاثَة} {فأصحاب الميمنة مَا
أَصْحَاب الميمنة وَأَصْحَاب المشأمة مَا أَصْحَاب المشأمة
وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} قَالَ: هم الضرباء
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد
فِي قَوْله: {ثلة} قَالَ: أمة
وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن
مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت {ثلة من
الْأَوَّلين وَقَلِيل من الآخرين} شقّ ذَلِك على أَصْحَاب
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت {ثلة من
الْأَوَّلين وثلة من الآخرين} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي لأرجو أَن تَكُونُوا ربع أهل الْجنَّة
ثلث أهل الْجنَّة بل أَنْتُم نصف أهل الْجنَّة أَو شطر أهل
الْجنَّة وتقاسمونهم الشّطْر الثَّانِي
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عُرْوَة بن
رُوَيْم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: لما نزلت {إِذا وَقعت
الْوَاقِعَة} ذكر فِيهَا {ثلة من الْأَوَّلين وَقَلِيل من
الآخرين} قَالَ عمر: يَا رَسُول الله: {ثلة من الأوّلين وثلة
من الآخرين} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا
عمر تعال فاستمع مَا قد أنزل الله {ثلة من الْأَوَّلين وثلة من
الآخرين} أَلا وَإِن آدم إليّ ثلة وَأمتِي ثلة وَلنْ نستكمل
ثلتنا حَتَّى نستعين
(8/7)
باسودان من رُعَاة الإِبل مِمَّن يشْهد أَن
لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأخرجه ابْن أبي
حَاتِم من وَجه آخر عَن عُرْوَة بن رُوَيْم مُرْسلا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت
{ثلة من الْأَوَّلين وَقَلِيل من الآخرين} حزن أَصْحَاب رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالُوا: إِذا لَا يكون من أمة
مُحَمَّد إلاقليل فَنزلت نصف النَّهَار {ثلة من الأوّلين وثلة
من الآخرين} وتقابلون النَّاس فنسخت الْآيَة {وَقَلِيل من
الآخرين} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله:
{ثلة من الأوّلين} قَالَ: مِمَّن سبق {وَقَلِيل من الآخرين}
قَالَ: من هَذِه الْأمة
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والبهيقي فِي الْبَعْث
والنشور عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {على سرر موضونة} قَالَ:
مصفوفة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وهناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير
وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي
الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {على سرر موضونة}
قَالَ: مرمولة بِالذَّهَب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن
مُجَاهِد {موضونة} قَالَ: مرمولة بِالذَّهَب وَأخرج هناد عَن
سعيد بن جُبَير مثله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: الموضونة
المرملة وَهُوَ أوثق الأسِرّة
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق
قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل: {على سرر موضونة}
قَالَ: الموضونة مَا توضن بقضبان الْفضة عَلَيْهَا سَبْعُونَ
فراشا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت
حسان بن ثَابت وَهُوَ يَقُول: أَعدَدْت للهيجاء موضونة فضفاضة
بِالنَّهْي بالباقع وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {متكئين
عَلَيْهَا مُتَقَابلين} قَالَ: لَا ينظر أحدهم فِي قفا صَاحبه
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن إِسْحَق قَالَ فِي قِرَاءَة عبد
الله: [متكئين عَلَيْهَا ناعمين]
(8/8)
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {يطوف
عَلَيْهِم ولدان مخلدون} قَالَ: لم يكن لَهُم حَسَنَات يجزون
بهَا وَلَا سيئات يعاقبون عَلَيْهَا فوضعوا فِي هَذِه
الْمَوَاضِع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير
وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {يطوف عَلَيْهِم
ولدان مخلدون} قَالَ: لَا يموتون وَفِيه قَوْله: {بأكواب
وأباريق} قَالَ: الأكواب لَيْسَ لَهَا آذان والأباريق الَّتِي
لَهَا آذان وَفِي قَوْله: {وكأس من معِين} قَالَ: خمر بَيْضَاء
{لَا يصدّعون عَنْهَا وَلَا ينزفون} قَالَ: لَا تصدع رؤوسهم
وَلَا يقيئونها وَفِي لفظ وَلَا تنزف عُقُولهمْ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي رَجَاء قَالَ: سَأَلت
الْحسن عَن الأكواب فَقَالَ: هِيَ الأباريق الَّتِي يصب
مِنْهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: الأكواب الأقداح
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله:
{وكأس من معِين} قَالَ: يَعْنِي الْخمر وَهِي هُنَاكَ جَارِيَة
الْمعِين الْجَارِي {لَا يصدّعون عَنْهَا وَلَا ينزفون} لَيْسَ
فِيهَا وجع الرَّأْس وَلَا يغلب أحد على عقله
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك {لَا يصدّعون عَنْهَا وَلَا
ينزفون} قَالَ: لاتصدع رؤوسهم وَلَا تذْهب عُقُولهمْ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن
الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {لَا يصدّعون
عَنْهَا وَلَا ينزفون} قَالَ: لَا تصدع رؤوسهم وَلَا تنزف
عُقُولهمْ
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {لَا يصدّعون
عَنْهَا وَلَا ينزفون} قَالَ: أهل الْجنَّة يَأْكُلُون
وَيَشْرَبُونَ وَلَا ينزفون كَمَا ينزف أهل الدُّنْيَا
إِذا أَكْثرُوا الطَّعَام وَالشرَاب يَقُول: لَا يملوا
وَأخرج عبد بن حميد بن عَاصِم أَنه قَرَأَ {لَا يصدّعون
عَنْهَا وَلَا ينزفون} بِرَفْع الْيَاء وَكسر الزَّاي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الرجل من
أهل الْجنَّة ليؤتى بالكأس وَهُوَ جَالس مَعَ زَوجته
فَيَشْرَبهَا ثمَّ يلْتَفت إِلَى زَوجته فَيَقُول: قد ازددت
فِي عَيْني سبعين ضعفا
(8/9)
الْآيَة 21 - 33
(8/10)
وَلَحْمِ طَيْرٍ
مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ
اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ (24) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا
تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26)
وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي
سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ
مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ
(32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33)
أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن
الْحسن فِي قَوْله: {وَلحم طير مِمَّا يشتهون} قَالَ: لَا
يَشْتَهِي مِنْهَا شَيْئا إِلَّا صَار بَين يَدَيْهِ فَيُصِيب
مِنْهُ حَاجته ثمَّ يطير فَيذْهب
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَالْبَزَّار
وَابْن مرْدَوَيْه والبهيقي فِي الْبَعْث عَن عبد الله بن
مَسْعُود قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: إِنَّك لتنظر إِلَى الطير فِي الْجنَّة فتشتهيه فيخر
بَين يَديك مشوياً وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد
الْخُدْرِيّ قَالَ: ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
طير الْجنَّة فَقَالَ أَبُو بكر: إِنَّهَا لناعمة
قَالَ: وَمن يَأْكُل مِنْهَا أنعم مِنْهَا وَإِنِّي لأرجو أَن
تَأْكُل مِنْهَا
وَأخرج الْخَطِيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: فِي هَذِه الْآيَة {وفرش
مَرْفُوعَة} قَالَ: غلظ كل فرَاش مِنْهَا كَمَا بَين السَّمَاء
وَالْأَرْض
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما طير الْجنَّة كأمثال البخت
ترعى فِي شجر الْجنَّة فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم إِن هَذِه الطُّيُور لناعمة فَقَالَ:
آكلها أنعم مِنْهَا وَإِنِّي لأرجو أَن تكون مِمَّن يأكلها
وَأخرج البهيقي فِي الْبَعْث عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي الْجنَّة طيراً
أَمْثَال البخائي قَالَ أَبُو بكر: إِنَّهَا لناعمة يَا رَسُول
الله قَالَ: أنعم مِنْهَا من يأكلها وَأَنت مِمَّن يأكلها
وَأَنت مِمَّن يَأْكُل مِنْهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي الْجنَّة طيراً كأمثال
البخت تَأتي الرجل فَيُصِيب مِنْهَا ثمَّ تذْهب كَأَن لم ينقص
مِنْهَا شَيْء
(8/10)
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة
الْجنَّة عَن أبي أُمَامَة قَالَ: إِن الجل ليشتهي الطير فِي
الْجنَّة من طيور الْجنَّة فَيَقَع فِي يَده مقلياً نضيجاً
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مَيْمُونَة أَن النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الرجل ليشتهي الطير فِي
الْجنَّة فَيَجِيء مثل البختي حَتَّى يَقع على خوانه لم يصبهُ
دُخان وَلم تمسه نَار فيأكل مِنْهُ حَتَّى يشْبع ثمَّ يطير
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود: سَمِعت رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن فِي الْجنَّة طيراً لَهُ
سَبْعُونَ ألف ريشة فَإِذا وضع الخوان قُدَّام وليّ الله جَاءَ
الطير فَسقط عَلَيْهِ فانتفض فَخرج من كل ريشة لون ألذ من
الشهد وألين من الزّبد وَأحلى من الْعَسَل ثمَّ يطير
وَأخرج هناد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي الْجنَّة لطيراً فِيهِ
سَبْعُونَ ألف ريشة فَيَجِيء فَيَقَع على صَحْفَة الرجل من أهل
الْجنَّة ثمَّ ينتفض فَيخرج من كل ريشة لون أَبيض من الثَّلج
وألين من الزّبد وأعذب من الشهد لَيْسَ فِيهِ لون يشبه صَاحبه
ثمَّ يطير فَيذْهب
قَوْله تَعَالَى: {وحور عين} الْآيَة
أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن عَاصِم بن بَهْدَلَة
قَالَ: أَقْرَأَنِي أَبُو عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ {وحور عين}
يَعْنِي بِالْجَرِّ
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {وحور عين}
بِالرَّفْع فيهمَا وينوّن
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وحور عين}
قَالَ: يحار فِيهِنَّ الْبَصَر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كأمثال
اللُّؤْلُؤ الْمكنون} قَالَ: الَّذِي فِي الصدف لم يحور
عَلَيْهِ الْأَيْدِي
وَأخرج هناد بن السّري عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {كأمثال
اللُّؤْلُؤ الْمكنون} قَالَ: اللُّؤْلُؤ الْعِظَام الَّذِي قد
أكن من أَن يمسهُ شَيْء
قَوْله تَعَالَى: {لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا} الْآيَة
أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي
قَوْله: {لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا} قَالَ: بَاطِل ا {وَلَا
تأثيماً} قَالَ: كذبا
وَأخرج هناد عَن الضَّحَّاك {لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا}
قَالَ: الهدر من القَوْل والتأثيم الْكَذِب
(8/11)
قَوْله تَعَالَى: {أَصْحَاب الْيَمين}
الْآيَات
أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر
والبهيقي فِي الْبَعْث من طَرِيق حُصَيْن عَن عَطاء وَمُجاهد
قَالَ: لم سَأَلَ أهل الطَّائِف الْوَادي يحمي لَهُم فِيهِ عسل
فَفعل وَهُوَ وَاد معجب فَسَمِعُوا النَّاس يَقُولُونَ فِي
الْجنَّة كَذَا وَكَذَا قَالُوا يَا لَيْت لنا فِي الْجنَّة
مثل هَذَا الْوَادي فَأنْزل الله {وَأَصْحَاب الْيَمين مَا
أَصْحَاب الْيَمين فِي سدر مخضود}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير والبهيقي فِي الْبَعْث من وَجه
آخر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا يعْجبُونَ
من وَج (هَكَذَا فِي الأَصْل) وظلاله من طَلْحَة وسدرة فَأنْزل
الله {وَأَصْحَاب الْيَمين مَا أَصْحَاب الْيَمين فِي سدر
مخضود وطلح منضود وظل مَمْدُود}
وَأخرج أَحْمد عَن معَاذ بن جبل أَن رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم تَلا هَذِه الْآيَة {وَأَصْحَاب الْيَمين مَا
أَصْحَاب الْيَمين} {وَأَصْحَاب الشمَال مَا أَصْحَاب الشمَال}
فَقبض يَدَيْهِ قبضتين فَقَالَ: هَذِه فِي الْجنَّة وَلَا
أُبَالِي وَهَذِه فِي النَّار وَلَا أُبَالِي
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ والبهيقي فِي الْبَعْث عَن أبي
أُمَامَة قَالَ: كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم يَقُولُونَ: إِن الله ينفعنا بالأعراب ومسائلهم أقبل
أَعْرَابِي يَوْمًا فَقَالَ: يَا رَسُول الله لقد ذكر الله فِي
الْقُرْآن شَجَرَة مؤذية وَمَا كنت أرى أَن فِي الْجنَّة
شَجَرَة تؤذي صَاحبهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: وَمَا هِيَ قَالَ: السدر فَإِن لَهَا شوكاً فَقَالَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلَيْسَ يَقُول الله:
{فِي سدر مخضود} يخضده الله من شَوْكَة فَيجْعَل مَكَان كل
شَوْكَة ثَمَرَة إِنَّهَا تنْبت ثمراً يفتق الثَّمر مِنْهَا
عَن اثْنَيْنِ وَسبعين لوناً من الطَّعَام مَا فِيهَا لون يشبه
الآخر
وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْبَعْث وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو
نعيم فِي الْحِلْية وَابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن عبد الله
السّلمِيّ قَالَ: كنت جَالِسا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فجَاء أَعْرَابِي فَقَالَ: يَا رَسُول أسمعك تذكر فِي
الْجنَّة شَجَرَة لَا أعلم شَجَرَة أَكثر شوكاً مِنْهَا
يَعْنِي الطلح فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِن الله تَعَالَى يَجْعَل مَكَان كل شَوْكَة مِنْهَا ثَمَرَة
مثل خصية التيس الملبود يَعْنِي المخصيّ فِيهَا سَبْعُونَ
لوناً من الطَّعَام لَا يشبه لون الآخر
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي
قَوْله: {فِي سدر مخضود} قَالَ: خضده وقره من الْحمل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طرق عَن
ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فِي سدر مخضود} قَالَ:
المخضود الَّذِي لَا شوك فِيهِ
(8/12)
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا قَالَ: المخضود الموقر الَّذِي لَا شوك فِيهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن يزِيد الرقاشِي رَضِي
الله عَنهُ {فِي سدر مخضود} قَالَ: نبقها أعظم من القلال
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن
الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله تَعَالَى: {فِي سدر مخضود}
قَالَ: الَّذِي لَيْسَ لَهُ شوك قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب
ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول أُميَّة بن أبي الصَّلْت:
إِن الحدائق فِي الْجنان ظليلة فِيهَا الكواعب سدرها مخضود
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وهناد وَعبد بن حميد
وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي
الله عَنهُ فِي قَوْله: {وطلح منضود} قَالَ: هُوَ الموز
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وهناد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن
حميد وَابْن جريروابن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ
رَضِي الله عَنهُ {وطلح منضود} قَالَ: الموز
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن وَقَتَادَة مثله وَأخرج عبد بن
حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب
رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ / وطلع منضود /
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن
قيس بن عباد قَالَ: قَرَأت على عليّ {وطلح منضود} فَقَالَ:
عليّ مَا بَال الطلح أما تقْرَأ [وطلع] ثمَّ قَالَ: [وطلع
نضيد] فَقيل لَهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أنحكها من
الْمَصَاحِف فَقَالَ: لَا يهاج الْقُرْآن الْيَوْم
وَأخرج ابْن جريرعن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {منضود} قَالَ:
بعضه على بعض
وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر
وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ
فِي قَوْله: {سدر مخضود} قَالَ: الموقر حملا {وطلح منضود}
يَعْنِي الموز المتراكم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ
عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن حَائِط
الْجنَّة لبنة من ذهب ولبنة من فضَّة وقاع الْجنَّة ذهب
ورضاضها اللُّؤْلُؤ وطينها مسك وترابها الزَّعْفَرَان وخلال
ذَلِك سدر مخضود وطلح منضود وظل مَمْدُود وَمَاء مسكوب
(8/13)
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة
وهناد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ
وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي
هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم قَالَ: فِي الْجنَّة شَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها
مائَة عَام لَا يقطعهَا اقرأوا إِن شِئْتُم {وظل مَمْدُود}
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير
وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن فِي الْجنَّة لشَجَرَة يسير
الرَّاكِب فِيهِ ظلها مائَة عَام لَا يقطعهَا وَإِن شِئْتُم
فاقرأوا {وظل مَمْدُود} وَمَاء مسكوب
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله
عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن
فِي الْجنَّة شَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة عَام لَا
يقطعهَا وَذَاكَ الظل الْمَمْدُود
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس
رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الظل الْمَمْدُود شَجَرَة فِي
الْجنَّة على سَاق ظلها قدر مَا يسير الرَّاكِب فِي كل
نَوَاحِيهَا مائَة عَام فَيخرج إِلَيْهَا أهل الْجنَّة أهل
الغرف وَغَيرهم فيتحدثون فِي ظلها فيشتهي بَعضهم وَيذكر لَهو
الدُّنْيَا فَيُرْسل الله ريحًا من الْجنَّة فَتحَرك تِلْكَ
الشَّجَرَة بِكُل لَهو فِي الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا قَالَ: فِي الْجنَّة شجر لَا يحمل يستظل بِهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عمروبن
مَيْمُون {وظل مَمْدُود} قَالَ: مسيرَة سبعين ألف سنة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {وَمَاء مسكوب} قَالَ:
جَار
وَأخرج هناد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا قَالَ: سعف نخل الْجنَّة مِنْهَا مقاطعاتهم وكسوتهم
وَأخرج هناد وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ:
عناقيد الْجنَّة مَا بَيْنك وَبَين صنعاء وَهُوَ بِالشَّام
الْآيَة 34 - 40
(8/14)
وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ
(34) إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ
أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِأَصْحَابِ
الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ
مِنَ الْآخِرِينَ (40)
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ حسنه
وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَابْن
حبَان وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالرُّويَانِيّ وَابْن
مرْدَوَيْه وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة والبهيقي فِي الْبَعْث
عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: فِي قَوْله {وفرش مَرْفُوعَة} قَالَ: ارتفاعها كَمَا
بَين السَّمَاء وَالْأَرْض مسيرَة مَا بَينهمَا خَمْسمِائَة
عَام
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة:
سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْفرش
المرفوعة قَالَ: لَو طرح فرَاش من أَعْلَاهَا لهوى إِلَى
قَرَارهَا مائَة خريف
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة
الْجنَّة عَن أبي أُمَامَة فِي قَوْله: {وفرش مَرْفُوعَة}
قَالَ: لَو أَن أَعْلَاهَا سقط مَا بلغ أَسْفَلهَا أَرْبَعِينَ
خَرِيفًا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَفعه فِي الْفرش
المرفوعة لَو طرح من أَعْلَاهَا شَيْء مَا بلغ قَرَارهَا مائَة
خريف
وَأخرج هناد عَن الْحسن فِي قَوْله: {وفرش مَرْفُوعَة} قَالَ:
ارْتِفَاع فرَاش أهل الْجنَّة مسيرَة ثَمَانِينَ سنة وَالله
أعلم
أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وهناد وَالتِّرْمِذِيّ
وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن
مرْدَوَيْه والبهيقي فِي الْبَعْث عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {إِنَّا
أَنْشَأْنَاهُنَّ إنْشَاء} قَالَ: إِن من الْمُنْشَآت
اللَّاتِي كن فِي الدُّنْيَا عَجَائِز شُمْطًا عمشًا رمصاً
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي الدُّنْيَا
وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن قَانِع والبهيقي
فِي الْبَعْث عَن سَلمَة بن زيد الْجعْفِيّ سَمِعت النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي قَوْله: {إِنَّا أنشأناهنّ
إنْشَاء} قَالَ: الثّيّب والأبكار اللَّاتِي كنّ فِي
الدُّنْيَا
وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل وَابْن
الْمُنْذر والبهيقي فِي الْبَعْث عَن الْحسن قَالَ: أَتَت
عَجُوز فَقَالَت يَا رَسُول الله: ادْع الله أَن يدخلني
الْجنَّة فَقَالَ: يَا أم فلَان إِن لجنة لَا يدخلهَا عَجُوز
فولّت تبْكي قَالَ: أَخْبرُوهَا أَنَّهَا لَا تدْخلهَا وَهِي
عَجُوز إِن الله يَقُول: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إنْشَاء
فجعلناهن أَبْكَارًا}
وَأخرج البهيقي فِي الشّعب عَن عَائِشَة قَالَت: دخل النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليّ وَعِنْدِي عَجُوز فَقَالَ: من
هَذِه قلت: إِحْدَى خَالَاتِي قَالَ: أما إِنَّه لَا يدْخل
الْجنَّة الْعَجُوز فَدخل الْعَجُوز من ذَلِك مَا شَاءَ الله
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّا
أَنْشَأْنَاهُنَّ خلقا آخر
(8/15)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن
عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَتْهُ
عَجُوز من الْأَنْصَار فَقَالَت: يَا رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم ادْع الله أَن يدخلني الْجنَّة فَقَالَ: إِن
الْجنَّة لَا يدخلهَا عَجُوز فَذهب يُصَلِّي ثمَّ رَجَعَ
فَقَالَت عَائِشَة: لقد لقِيت من كلمتك مشقة فَقَالَ: إِن
ذَلِك كَذَلِك إِن الله إِذا أدْخلهُنَّ الْجنَّة حوّلهنّ
أَبْكَارًا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {إِنَّا أنشأناهنّ
إنْشَاء} نخلقهن غير خَلقهنَّ الأول
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه
عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
{إِنَّا أنشأناهنّ إنْشَاء} قَالَ: أنبتناهن
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أهل الْجنَّة إِذا جامعوا
النِّسَاء عُدْنَ أَبْكَارًا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس فِي قَوْله: {فجعلناهن
أَبْكَارًا} قَالَ: عذارى وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر
والبهيقي من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {عربا}
قَالَ: عواشق {أَتْرَابًا} يَقُول: مستويات
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس
{عربا} قَالَ: عواشق لِأَزْوَاجِهِنَّ وأزواجهن لَهُنَّ عاشقون
{أَتْرَابًا} قَالَ: فِي سنّ وَاحِد ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن
ابْن عَبَّاس قَالَ: الْعَرَب الملقة لزَوجهَا
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس
قَالَ: الْعَرَب المتحببات المتوددات إِلَى أَزوَاجهنَّ
وَأخرج هناد من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن
عَبَّاس قَالَ: الْعَرَب الغنجة وَفِي قَول أهل الْمَدِينَة
الشكلة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد حميد وَابْن
الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: هِيَ الغنجة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله:
{عربا} قَالَ: هن المتغنجات
وَأخرج سُفْيَان وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر
من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن
(8/16)
عَبَّاس فِي قَوْله: {عربا} قَالَ:
النَّاقة الَّتِي تشْتَهي الْفَحْل يُقَال لَهَا: عربة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن بُرَيْدَة فِي قَوْله:
{عربا} قَالَ: هِيَ الشكلة بلغَة مَكَّة المغنوجة بلغَة
الْمَدِينَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عبيد بن
عُمَيْر قَالَ: العربة الَّتِي تشْتَهي زَوجهَا
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع الْأَزْرَق قَالَ
لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزوجل {عربا أَتْرَابًا} قَالَ: هن
العاشقات لِأَزْوَاجِهِنَّ اللَّاتِي خُلِقْنَ من
الزَّعْفَرَان والأتراب المستويات قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب
ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت نَابِغَة بني ذبيان وهويقول:
عهِدت بهَا سعدى وسعدى عزيزة عروب تهادى فِي جوَار خرائد
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن
قَتَادَة {فجعلناهن أَبْكَارًا} قَالَ: عذارى {عربا} قَالَ:
عشقاً لِأَزْوَاجِهِنَّ {أَتْرَابًا} قَالَ: مستويات سنا
وَاحِدًا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عكركة
فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: المغنوجات والعربة هِيَ الغنجة
وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر أَنه
سُئِلَ عَن قَوْله تَعَالَى: {عربا} قَالَ: أما سَمِعت أَن
الْمحرم يُقَال لَهُ: لَا تعربها بِكَلَام تلذ ذَهَابه وَهِي
مُحرمَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن تيم بن
جدلم وَكَانَ من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ: العربة الْحَسَنَة التبعل وَكَانَت الْعَرَب تَقول
للْمَرْأَة إِذا كَانَت حَسَنَة التبعل: إِنَّهَا العربة
وَأخرج هناد بن السّري وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن
جُبَير فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: يشتهين أَزوَاجهنَّ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير
فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: الْعَرَب المتعشقات
وَأخرج هناد بن السّري وَعبد بن حميد وَابْن جرر وَابْن
الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {عربا}
قَالَ: عواشق لِأَزْوَاجِهِنَّ {أَتْرَابًا} قَالَ: مستويات
(8/17)
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن
الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: المتعشقات
لبعولتهن والأتراب المستويات فِي سنّ وَاحِد
وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ
قَالَ: الْعَرَب المتعشقات واأتراب المستويات فِي سنّ وَاحِد
وَأخرج هناد بن السّري وَعبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله
عَنهُ فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: المتحببات إِلَى الْأزْوَاج
والأتراب المستويات
وَأخرج سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير
وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله:
{عربا} قَالَ: مُتَحَببَات إِلَى أَزوَاجهنَّ {أَتْرَابًا}
قَالَ: أَمْثَالًا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ:
الْعَرَب المتحببات إِلَى أَزوَاجهنَّ والأتراب الْأَشْبَاه
المستويات
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم رَضِي
الله عَنهُ قَالَ: العربة هِيَ الْحَسَنَة الْكَلَام
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {عربا} قَالَ:
عواشق {أَتْرَابًا} قَالَ: أقراناً
وَأخرج وَكِيع فِي الْغرَر وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن
هِلَال بن أبي بردة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لجلسائه: مَا
العروب من النِّسَاء فماجوا وَأَقْبل إِسْحَق بن عبد الله بن
الْحَرْث النَّوْفَلِي رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: قد جَاءَكُم
من يُخْبِركُمْ عَنْهَا فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: الخفرة المتبذلة
لزَوجهَا وَأنْشد: يعربن عِنْد بهولهن إِذا خلوا وَإِذا هم
خَرجُوا فهن خفار وَأخرج ابْن عدي بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس
رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: خير نِسَائِكُم العفيفة الغلمة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أَنه
راود زَوجته فَاخِتَة بنت قرطة فنخرت نخرة شَهْوَة ثمَّ وضعت
يَدهَا على وَجههَا فَقَالَ: لَا سوأة عَلَيْك فوَاللَّه
لخيركن الناخرات والشخارات
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه
رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: كلامهنّ عَرَبِيّ
(8/18)
وَأخرج عبد بن حميد عَن مَيْمُون بن
مهْرَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ثلة من الْأَوَّلين
وثلة من الآخرين} قَالَ: كثير من الْأَوَّلين وَكثير من
الآخرين
وَأخرج مُسَدّد فِي مُسْنده وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ
وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد حسن عَن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ
عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {ثلة من
الْأَوَّلين وثلة من الآخرين} قَالَ: هما جَمِيعًا من هَذِه
الْأمة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن
الْمُنْذر وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن
ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ثلة من
الْأَوَّلين وثلة من الآخرين} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم: هما جَمِيعًا من أمتِي
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن
ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ثلة من
الْأَوَّلين وثلة من الآخرين} قَالَ: الثُّلَّتَانِ جَمِيعًا
من هَذِه الْأمة
وَأخرج الْحسن بن سُفْيَان وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر
وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن مَسْعُود
رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: إِنِّي لأرجو أَن يكون من اتبعني من أمتِي ربع أهل
الْجنَّة فكبرنا ثمَّ قَالَ: إِنِّي لأرجو أَن يكون من أمتِي
الشّطْر ثمَّ قَرَأَ {ثلة من الْأَوَّلين وثلة من الآخرين}
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ
قَالَ: تحدثنا ذَات لَيْلَة عِنْد رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى [] ألرنا (هَكَذَا فِي الأَصْل)
الحَدِيث فَلَمَّا أَصْبَحْنَا غدونا على رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: عرضت عَليّ الْأَنْبِيَاء باتباعها من
أممها فَإِذا النَّبِي مَعَه الثلَّة من أمته وَإِذا النَّبِي
لَيْسَ مَعَه أحد وَقد أنبأكم الله عَن قوم لوط فَقَالَ:
أَلَيْسَ مِنْكُم رشيدحتى مر مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَمن
مَعَه من بني إِسْرَائِيل قلت: يَا رب
فَأَيْنَ أمتِي قَالَ: انْظُر عَن يَمِينك فَإِذا الظراب ظراب
مَكَّة قد سد من وُجُوه الرِّجَال قَالَ: أرضيت يَا مُحَمَّد
قلت: رضيت يَا رب قَالَ: أنظر عَن يسارك فَإِذا الْأُفق قد سد
من وُجُوه الرِّجَال قَالَ: أرضيت يَا مُحَمَّد قلت: رضيت يَا
رب قَالَ: فَإِن مَعَ هَؤُلَاءِ سبعين ألفا يدْخلُونَ الْجنَّة
بِغَيْر حِسَاب فَأتى عكاشة بن مُحصن الْأَسدي رَضِي الله
عَنهُ فَقَالَ يَا رَسُول الله: ادْع الله أَن يَجْعَلنِي
مِنْهُم قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُم ثمَّ قَامَ رجل
آخر فَقَالَ يَا رَسُول الله: ادْع الله أَن يَجْعَلنِي
مِنْهُم فَقَالَ: سَبَقَك بهَا عكاشة ثمَّ قَالَ لَهُم
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن اسْتَطَعْتُم بِأبي
أَنْتُم وَأمي أَن تَكُونُوا من السّبْعين فكونوا فَإِن
(8/19)
عجزتم وقصرتم فكونوا من أَصْحَاب الظراب
فَإِن عجزتم وقصرتم فكونوا من أَصْحَاب الْأُفق فَإِنِّي قد
رَأَيْت أُنَاسًا يتهارشون كثيرا ثمَّ قَالَ: إِنِّي لأرجو أَن
تَكُونُوا شطر أهل الْجنَّة فَكبر الْقَوْم ثمَّ تَلا هَذِه
الْآيَة {ثلة من الْأَوَّلين وثلة من الآخرين} فتذاكروا من
هَؤُلَاءِ السبعون ألفا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: هم الَّذين لَا يسْتَرقونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وعَلى
رَبهم يَتَوَكَّلُونَ
الْآيَة 41 - 57
(8/20)
وَأَصْحَابُ
الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ
وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43) لَا بَارِدٍ وَلَا
كَرِيمٍ (44) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ
(45) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (46)
وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا
وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47) أَوَآبَاؤُنَا
الْأَوَّلُونَ (48) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ
(49) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (50)
ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51)
لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمَالِئُونَ
مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ
الْحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55) هَذَا
نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (56) نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ
فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (57)
أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن
قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَأَصْحَاب الشمَال مَا أَصْحَاب
الشمَال} قَالَ: مَاذَا لَهُم وماذا أعد لَهُم وَأخرج
الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير
وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن
ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وظل من يحموم}
قَالَ: من دُخان أسود وَفِي لفظ: من دُخان جَهَنَّم
وَأخرج هناد وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وظل
من يحموم} قَالَ: من دُخان جَهَنَّم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة
رَضِي الله عَنهُ {وظل من يحموم} قَالَ: من دُخان
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ {وظل من
يحموم} قَالَ: الدُّخان
(8/20)
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك رَضِي
الله عَنهُ قَالَ: النَّار سَوْدَاء وَأَهْلهَا سود وكل شَيْء
فِيهَا أسود
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن
قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لَا بَارِد وَلَا
كريم} قَالَ: لَا بَارِد الْمنزل وَلَا كريم المنظر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ان
عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِنَّهُم كَانُوا
قبل ذَلِك مترفين} قَالَ: منعمين {وَكَانُوا يصرون على
الْحِنْث الْعَظِيم} قَالَ: على الذَّنب الْعَظِيم
وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ {وَكَانُوا
يصرون على الْحِنْث الْعَظِيم} قَالَ: هِيَ الْكَبَائِر
وَأخرج ابْن عدي والشيرازي فِي الألقاب وَالْحَاكِم وَصَححهُ
وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص وَابْن
عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي الْوَاقِعَة
{فشاربون شرب الهيم} بِفَتْح الشين من شرب
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {شرب الهيم}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن
عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {شرب الهيم} قَالَ:
الإِبل العطاش
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن
نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزوجل:
{فشاربون شرب الهيم} قَالَ: الإِبل يَأْخُذهَا دَاء يُقَال
لَهُ الهيم فَلَا تروى من المَاء فَشبه الله تَعَالَى شرب أهل
النَّار من الْحَمِيم بِمَنْزِلَة الإِبل الهيم قَالَ: وَهل
تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت لبيد بن ربيعَة
وَهُوَ يَقُول: أجزت إِلَى معارفها بشعب واطلاح من العبديّ هيم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مجلز رَضِي
الله عَنهُ {فشاربون شرب الهيم} قَالَ: كَانَ المراض تمص
المَاء مصا وَلَا تروى
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله
عَنهُ {فشاربون شرب الهيم} قَالَ: الإِبل المراض تمص المَاء
مصا وَلَا تروى
(8/21)
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي
الله عَنهُ {فشاربون شرب الهيم} قَالَ: ضراب الإِبل دَوَاب لَا
تروى
وَأخرج سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي جَامعه عَن ابْن عَبَّاس
رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فشاربون شرب الهيم} قَالَ:
هيام الأَرْض يَعْنِي الرمال
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ {الهيم}
الإِبل العطاش
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {شرب
الهيم} قَالَ: الإِبل الهيم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله
عَنهُ {شرب الهيم} قَالَ: دَاء يَأْخُذ فَإِذا أَخذهَا لم ترو
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ
{شرب الهيم} بِرَفْع الشين
الْآيَة 58 - 74
(8/22)
أَفَرَأَيْتُمْ مَا
تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ
الْخَالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ
وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ
أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61)
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا
تَذَكَّرُونَ (62) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63)
أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ
نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65)
إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67)
أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ
أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ
(69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ
(70) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71)
أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ
الْمُنْشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً
وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (73) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ
الْعَظِيمِ (74)
أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر
وَالْحَاكِم والبهيقي فِي سنَنه عَن حجر الْمرَادِي رَضِي الله
عَنهُ قَالَ: كنت عبد عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَسَمعته وَهُوَ
يُصَلِّي بِاللَّيْلِ يقْرَأ فَمر بِهَذِهِ الْآيَة
{أَفَرَأَيْتُم مَا تمنون أأنتم تخلقونه أم نَحن
الْخَالِقُونَ} قَالَ: بل أَنْت يَا رب ثَلَاثًا
(8/22)
ثمَّ قَرَأَ {أأنتم تزرعونه} قَالَ: بل
أَنْت يَا رب ثَلَاثًا ثمَّ قَرَأَ {أأنتم أنزلتموه من المزن}
قَالَ: بل أَنْت يَا رب ثَلَاثًا ثمَّ قَرَأَ {أأنتم أنشأتم
شجرتها} قَالَ: بل أَنْت يارب ثَلَاثًا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الضَّحَّاك رَضِي الله
عَنهُ فِي قَوْله: {نَحن قَدرنَا بَيْنكُم الْمَوْت} قَالَ:
تَقْدِير أَن جعل أهل الأَرْض وَأهل السَّمَاء فِيهِ سَوَاء
شريفهم وضعيفهم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله
عَنهُ فِي قَوْله: {نَحن قَدرنَا بَيْنكُم الْمَوْت} قَالَ:
الْمُتَأَخر والمعجل وَأي فِي قَوْله: {وننشئكم فِي مَا لَا
تعلمُونَ} قَالَ: فِي خلق شِئْنَا وَفِي قَوْله: {وَلَقَد
علمْتُم النشأة الأولى} إِذا لم تَكُونُوا شَيْئا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن
الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَقَد
علمْتُم النشأة الأولى} قَالَ: خلق آدم عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم
وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَضَعفه عَن أبي هُرَيْرَة
رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: لَا يَقُولَن أحدكُم زرعت وَلَكِن ليقل حرثت قَالَ
أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: ألم تسمعوا الله يَقُول:
{أَفَرَأَيْتُم مَا تَحْرُثُونَ أأنتم تزرعونه أم نَحن
الزارعون}
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي عبد الرَّحْمَن رَضِي الله عَنهُ
أَنه كره أَن يَقُول: زرعت وَيَقُول: حرثت
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي
قَوْله: {أأنتم تزرعونه} قَالَ: تنبتونه
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي
قَوْله: {فظلتم تفكهون} قَالَ: تعْجبُونَ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ
{فظلتم تفكهون} قَالَ: تَنْدمُونَ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن
مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّا لمغرمون}
قَالَ: ملقون للشر {بل نَحن محرومون} قَالَ: محدودون وَفِي
قَوْله: {أأنتم أنزلتموه من المزن} قَالَ: السَّحَاب
(8/23)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن
أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {أأنتم
أنزلتموه من المزن} قَالَ: السَّحَاب
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن وَقَتَادَة رَضِي الله
عَنْهُمَا مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي جَعْفَر رَضِي الله عَنهُ عَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ إِذا شرب المَاء
قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي سقانا عذباً فراتاً برحمته وَلم
يَجعله ملحاً أجاجاً بذنوبنا
وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن
مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {نَحن جعلناها تذكرة}
قَالَ: هَذِه لنا تذكرة للنار الْكُبْرَى {ومتاعاً للمقوين}
قَالَ: للمستمتعين النَّاس أَجْمَعِينَ وَفِي لفظ للحاضر
والبادي
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي
حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا {نَحن جعلناها تذكرة} قَالَ: تذكرة للنار الْكُبْرَى
{ومتاعاً للمقوين} قَالَ: للمسافرين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله
عَنهُ {نَحن جعلناها تذكرة} قَالَ: تذكرة للنار الْكُبْرَى
{ومتاعاً للمقوين} قَالَ: للمسافرين كم من قوم قد سافروا ثمَّ
أرملوا فأحجبوا نَارا فاستدفؤوا بهَا وانتفعوا بهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {ومتاعاً
للمقوين} قَالَ: للمسافرين
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن
وَاثِلَة بن الْأَسْقَع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تمنعوا عباد الله فضل الله
المَاء وَلَا كلأ وَلَا نَارا فَإِن الله تَعَالَى جعلهَا
مَتَاعا للمقوين وَقُوَّة للمستضعفين وَلَفظ ابْن عَسَاكِر
وقواما للمستمتعين
الْآيَة 75 - 85
(8/24)
فَلَا أُقْسِمُ
بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ
تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي
كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ
(79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80) أَفَبِهَذَا
الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ
رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) فَلَوْلَا إِذَا
بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ
(84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا
تُبْصِرُونَ (85)
أخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله
عَنهُ أَنه قَرَأَ {فَلَا أقسم} ممدودة مَرْفُوعَة الْألف
{بمواقع النُّجُوم} على الْجِمَاع
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد
رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم}
على الْجِمَاع
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد
رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم}
قَالَ: نُجُوم السَّمَاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ
{فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} قَالَ: بمساقطها قَالَ: وَقَالَ
الْحسن رَضِي الله عَنهُ: مواقع النُّجُوم انكدارها وانتثارها
يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله
عَنهُ {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} قَالَ: بمغايبها
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله
عَنهُ فِي قَوْله: {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} قَالَ:
بمنازل النُّجُوم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن
الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن
مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله:
{فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} قَالَ: الْقُرْآن {وَإنَّهُ
لقسم لَو تعلمُونَ عَظِيم} قَالَ: الْقُرْآن
وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَالْحَاكِم
وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب
الْإِيمَان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزل
الْقُرْآن فِي لَيْلَة الْقدر من السَّمَاء الْعليا إِلَى
السَّمَاء الدُّنْيَا جملَة وَاحِدَة ثمَّ فرق فِي السنين
وَفِي لفظ: ثمَّ نزل من السَّمَاء الدُّنْيَا إِلَى الأَرْض
نجوماً ثمَّ قَرَأَ {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
{فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} بِأَلف قَالَ: نُجُوم الْقُرْآن
حِين ينزل
وَأخرج ابْن الْمُنْذر الْأَنْبَارِي فِي كتاب الْمَصَاحِف
وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
قَالَ: أنزل الْقُرْآن إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا جملَة
وَاحِدَة ثمَّ أنزل إِلَى الأَرْض نجوما ثَلَاثًا آيَات وَخمْس
آيَات وَأَقل وَأكْثر فَقَالَ: {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم}
وَأخرج الْفرْيَابِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن الْمنْهَال بن عَمْرو
رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأَ عبد
(8/25)
الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ {فَلَا
أقسم بمواقع النُّجُوم} قَالَ: بمحكم الْقُرْآن فَكَانَ ينزل
على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نجوماً
وَأخرج ابْن نصر وَابْن الضريس عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ
{فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} قَالَ: بمحكم الْقُرْآن
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
{فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} قَالَ: مُسْتَقر الْكتاب أَوله
وَآخره
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن أنس رَضِي
الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّه لقرآن كريم فِي كتاب مَكْنُون}
قَالَ: الْقُرْآن الْكَرِيم وَالْكتاب الْمكنون هُوَ اللَّوْح
الْمَحْفُوظ {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} قَالَ:
الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام هم الْمُطهرُونَ من
الذُّنُوب
وَأخرج آدم ابْن أبي إِيَاس وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن
الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة عَن مُجَاهِد رَضِي
الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّه لقرآن كريم فِي كتاب مَكْنُون}
قَالَ: الْقُرْآن فِي كِتَابه والمكنون الَّذِي لَا يمسهُ
شَيْء من تُرَاب وَلَا غُبَار {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ}
قَالَ: الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام
وَأخرج عبد حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ
{فِي كتاب مَكْنُون} قَالَ: التَّوْرَاة الْإِنْجِيل {لَا
يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} قَالَ: حَملَة التَّوْرَاة
والإِنجيل
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن
مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: مَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ
وَأخرج آدم وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر
وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} قَالَ:
الْكتاب الْمنزل فِي السَّمَاء لَا يمسهُ إِلَّا الْمَلَائِكَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن أنس رَضِي الله
عَنهُ {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} قَالَ: الْمَلَائِكَة
عَلَيْهِم السَّلَام
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ
{لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} قَالَ: ذاكم عِنْد رب
الْعَالمين {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} من الْمَلَائِكَة
فاما عنْدكُمْ فيمسه الْمُشرك وَالنَّجس وَالْمُنَافِق والرجس
(8/26)
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد رَوَاهُ
عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم {إِنَّه لقرآن كريم فِي كتاب مَكْنُون} قَالَ:
عِنْد الله فِي صحف مطهرة {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ}
قَالَ: المقربون
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن عَلْقَمَة رَضِي
الله عَنهُ قَالَ: أَتَيْنَا سلمَان الْفَارِسِي رَضِي الله
عَنهُ فَخرج علينا من كن لَهُ فَقُلْنَا لَهُ: لَو تَوَضَّأت
يَا أَبَا عبد الله ثمَّ قَرَأت علينا سُورَة كَذَا وَكَذَا
قَالَ: إِنَّمَا قَالَ الله: {فِي كتاب مَكْنُون لَا يمسهُ
إِلَّا الْمُطهرُونَ} وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء لَا يمسهُ
إِلَّا الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام ثمَّ قَرَأَ علينا
من الْقُرْآن مَا شِئْنَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن
الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله:
{فِي كتاب مَكْنُون} قَالَ: فِي السَّمَاء {لَا يمسهُ إِلَّا
الْمُطهرُونَ} قَالَ: الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة
رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ}
قَالَ: الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام لَيْسَ أَنْتُم يَا
أَصْحَاب الذُّنُوب
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن النعيمي رَضِي الله عَنهُ قَالَ:
قَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ: أحسن مَا سَمِعت فِي هَذِه
الْآيَة {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} أَنَّهَا بِمَنْزِلَة
الْآيَة الَّتِي فِي عبس (فِي صحف كرمة) (سُورَة عبس الْآيَة
13) إِلَى قَوْله: (كرام بررة) (سُورَة عبس الْآيَة 16) وَأخرج
ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ
لَا يمس الْمُصحف إِلَّا متوضئاً
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي دَاوُد وَابْن الْمُنْذر عَن
عبد الله بن أبي بكر عَن أَبِيه قَالَ: فِي كتاب النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم لعَمْرو بن حزم: لَا تمس الْقُرْآن إِلَّا
على طهُور
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف
وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن
زيد قَالَ: كُنَّا مَعَ سلمَان فَانْطَلق إِلَى حَاجَة فتوارى
عَنَّا فَخرج إِلَيْنَا فَقُلْنَا: لَو تَوَضَّأت فسألناك عَن
أَشْيَاء من الْقُرْآن فَقَالَ: سلوني فَإِنِّي لست أمسّه
إِنَّمَا يمسهُ الْمُطهرُونَ ثمَّ تَلا {لَا يمسهُ إِلَّا
الْمُطهرُونَ}
(8/27)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه
عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يمس الْقُرْآن إِلَّا طَاهِر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ أَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما بَعثه إِلَى الْيمن كتب
لَهُ فِي عَهده أَن لَا يمس الْقُرْآن إِلَّا طَاهِر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن حزم الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه
عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَيْهِ:
لَا يمس الْقُرْآن إِلَّا طَاهِر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أفبهذا الحَدِيث أَنْتُم مدهنون}
قَالَ: مكذبون
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد
رَضِي الله عَنهُ {أفبهذا الحَدِيث أَنْتُم مدهنون} قَالَ:
تُرِيدُونَ أَن تمالئوا فِيهِ وتركنوا إِلَيْهِم
قَوْله: تَعَالَى {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون}
أخرج مُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن
عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مطر النَّاس على عهد
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم: أصبح من النَّاس شَاكر وَمِنْهُم كَافِر
قَالُوا: هَذِه رَحْمَة وَضعهَا الله وَقَالَ بَعضهم لقد صدق
نوء كَذَا فَنزلت هَذِه الْآيَة {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم}
حَتَّى بلغ {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون}
وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن
حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن
عَبَّاس رَضِي الله عنهماأنه كَانَ يقْرَأ وتجعلون رزقكم
أَنكُمْ تكذبون قَالَ: يَعْنِي الأنواء وَمَا مطر قوم إِلَّا
أصبح بَعضهم كَافِرًا وَكَانُوا يَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَوْء
كَذَا وَكَذَا فَأنْزل الله تَعَالَى {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ
تكذبون}
وَأخرج مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي
قَوْله: {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} قَالَ: بلغنَا أَن
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَافر فِي حر شَدِيد
فَنزل النَّاس على غير مَاء فعطشوا فاستسقوا رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُم: فلعلّي لَو فعلت فسقيتم
قُلْتُمْ هَذَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا قَالُوا: يَا نبيّ الله
مَا هَذَا بِحِين أنواء فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم بِمَاء فَتَوَضَّأ ثمَّ قَامَ فصلى فَدَعَا الله
تَعَالَى فهاجت ريح وثاب سَحَاب فَمُطِرُوا
(8/28)
حَتَّى سَالَ كل وَاد فزعموا أَن رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِرَجُل يغْرف بقدحه
وَيَقُول: هَذَا نوء فلَان فَنزل {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ
تكذبون}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي حزرة رَضِي الله عَنهُ قَالَ:
نزلت الْآيَة فِي رجل من الْأَنْصَار فِي غَزْوَة تَبُوك
ونزلوا بِالْحجرِ فَأَمرهمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم إِن لَا يحملوا من مَائِهَا شَيْئا ثمَّ ارتحل ثمَّ نزل
منزلا آخر وَلَيْسَ مَعَهم مَاء فشكوا ذَلِك إِلَى رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثمَّ
دَعَا فَأرْسل سَحَابَة فأمطرت عَلَيْهِم حَتَّى استقوا
مِنْهَا فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار لآخر من قومه يتهم
بالنفاق: وَيحك قد ترى مَا دَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فَأمْطر الله علينا السَّمَاء فَقَالَ: إِنَّمَا
مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا فَأنْزل الله {وتجعلون رزقكم
أَنكُمْ تكذبون}
وَأخرج أَحْمد وَابْن منيع وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ
وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم
والخرائطي فِي مساوئ الْأَخْلَاق وَابْن مرْدَوَيْه والضياء
فِي المختارة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ
تكذبون} قَالَ: شكركم تَقولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا
وَكَذَا وبنجم كَذَا وَكَذَا
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ عَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا مطر قوم من
لَيْلَة إِلَّا أصبح قوم بهَا كَافِرين ثمَّ قَالَ: {وتجعلون
رزقكم أَنكُمْ تكذبون} يَقُول قَائِل: مُطِرْنَا بِنَجْم كَذَا
وَكَذَا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن عَائِشَة رَضِي الله
عَنْهَا قَالَت: مطر النَّاس على عهد رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أصبح من النَّاس شَاكر وَمِنْهُم كَافِر قَالُوا هَذِه رَحْمَة
وَضعهَا الله وَقَالَ بَعضهم: لقد صدق نوء كَذَا فَنزلت هَذِه
الْآيَة {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} حَتَّى بلغ {وتجعلون
رزقكم أَنكُمْ تكذبون}
وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن
حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن
عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يقْرَأ {وتجعلون
رزقكم أَنكُمْ تكذبون} قَالَ: يَعْنِي الأنواء وَمَا مطر قوم
إِلَّا أصبح بَعضهم كَافِرًا وَكَانُوا يَقُولُونَ: مُطِرْنَا
بِنَوْء كَذَا وَكَذَا فَأنْزل الله {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ
تكذبون}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه قَالَ: مَا فسر رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم من الْقُرْآن إِلَّا آيَات يسيرَة قَوْله:
{وتجعلون رزقكم} قَالَ: شكركم
(8/29)
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي
الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ
وتجعلون شكركم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ
رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ
الْوَاقِعَات فِي الْفجْر فَقَالَ: وتجعلون شكركم أَنكُمْ
تكذبون فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: إِنِّي قد عرفت أَنه سَيَقُولُ
قَائِل: لم قَرَأَهَا هَكَذَا أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرؤهَا كَذَلِك كَانُوا إِذا مُطِرُوا
قَالُوا: مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا فَأنْزل الله
وتجعلون شكركم أَنكُمْ إِذا مطرتم تكذبون
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي عبد الرَّحْمَن رَضِي
الله عَنهُ قَالَ: كَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ يقْرَأ
وتجعلون شكركم أَنكُمْ تكذبون
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وتجعلون
رزقكم أَنكُمْ تكذبون} فَقَالَ: أما الْحسن فَقَالَ: بئس مَا
أَخذ الْقَوْم لأَنْفُسِهِمْ لم يرزقوا من كتاب الله إِلَّا
التَّكْذِيب قَالَ: وَذكر لنا أَن النَّاس أمحلوا على عهد
نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا يَا نَبِي الله:
لَو استقيت لنا فَقَالَ: عَسى قوم إِن سقوا أَن يَقُولُوا
سقينا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا فَاسْتَسْقَى نَبِي الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَمُطِرُوا فَقَالَ رجل: إِنَّه قد كَانَ بَقِي
من الأنواء كَذَا وَكَذَا فَأنْزل الله {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ
تكذبون}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ
{وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} قَالَ: قَوْلهم: فِي الأنواء
مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا فَيَقُول: قُولُوا: هُوَ من
عِنْد الله تَعَالَى وَهُوَ رزقه
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
{وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} قَالَ: الاسْتِسْقَاء بالأنواء
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَوْف عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي
قَوْله: {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} قَالَ: تَجْعَلُونَ
حظكم مِنْهُ أَنكُمْ تكذبون قَالَ عَوْف رَضِي الله عَنهُ:
وَبَلغنِي أَن مُشْركي الْعَرَب كَانُوا إِذا مُطِرُوا فِي
الْجَاهِلِيَّة قَالُوا مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم
والدارمي وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان عَن أبي
سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو
(8/30)
أمسك الله الْمَطَر عَن النَّاس ثمَّ
أرْسلهُ لأصبحت طَائِفَة كَافِرين قَالُوا: هَذَا بِنَوْء
الذّبْح يَعْنِي الدبران
وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ
وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي
الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ قَالَ:
صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة
الصُّبْح زمن الْحُدَيْبِيَة فِي أثر سَمَاء فَلَمَّا أقبل
علينا فَقَالَ: ألم تسمعوا مَا قَالَ ربكُم فِي هَذِه الْآيَة:
مَا أَنْعَمت على عبَادي نعْمَة إِلَّا أصبح فريق مِنْهُم بهَا
كَافِرين
فَأَما من آمن بِي وحمدني على سقياي فَذَلِك الَّذِي آمن بِي
وَكفر بالكوكب وَأما من قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا
وَكَذَا فَذَلِك الَّذِي آمن بالكوكب وَكفر بِي
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْمًا لأَصْحَابه:
هَل تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا: الله وَرَسُوله
أعلم قَالَ: إِنَّه يَقُول: إِن الَّذين يَقُولُونَ نسقى
بِنَجْم كَذَا وَكَذَا فقد كفر بِاللَّه وآمن بذلك النَّجْم
وَالَّذين يَقُولُونَ سقانا الله فقد آمن بِاللَّه وَكفر بذلك
النَّجْم
وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن محيريز أَن سُلَيْمَان بن
عبد الْملك دَعَاهُ فَقَالَ: لَو تعلمت علم النُّجُوم فازددت
إِلَى علمك فَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: إِن أخوف مَا أَخَاف على أمتِي ثَلَاث حيف الْأَئِمَّة
وَتَكْذيب بِالْقدرِ وإيمان بالنجوم
وَأخرج عبد بن حميد عَن رَجَاء بن حَيْوَة رَضِي الله عَنهُ
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مِمَّا أَخَاف
على أمتِي التَّصْدِيق بالنجوم والتكذيب بِالْقدرِ وظلم
الْأَئِمَّة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن [] جَابر السوَائِي رضى
الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
يَقُول: أَخَاف على أمتِي ثَلَاثًا استسقاء بالأنواء وحيف
السُّلْطَان وتكذيباً بِالْقدرِ
وَأخرج أَحْمد عَن مُعَاوِيَة اللَّيْثِيّ رَضِي الله عَنهُ
قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يكون
النَّاس مجدبين فَينزل الله عَلَيْهِم رزقا من رزقه فيصبحون
مُشْرِكين قيل لَهُ: كَيفَ ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ:
يَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله
(8/31)
ليُصبح الْقَوْم بِالنعْمَةِ أَو يمسيهم
بهَا فَيُصْبِح بهَا قوم كَافِرين يَقُولُونَ مُطِرْنَا
بِنَوْء كَذَا وَكَذَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس
رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: وتجعلون شكركم يَقُول: على
مَا أنزلت عَلَيْكُم من الْغَيْث وَالرَّحْمَة يَقُولُونَ:
مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا وَكَانَ ذَلِك مِنْهُم كفرا
بِمَا أنعم الله عَلَيْهِم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
قَالَ: مَا مطر قوم إِلَّا أصبح بَعضهم كَافِرًا يَقُولُونَ:
مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا وتجعلون شكركم أَنكُمْ تكذبون
وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ
فِي قَوْله: {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} قَالَ: كَانَ نَاس
يمطرون فَيَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا
قَوْله تَعَالَى: {فلولا إِذا بلغت الْحُلْقُوم} الْآيَات
وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ:
سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَتى تَنْقَطِع
معرفَة العَبْد من النَّاس قَالَ: إِذا عاين
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب المحتضرين عَن عمر بن
الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: احضروا مَوْتَاكُم وذكروهم
فَإِنَّهُم يرَوْنَ مَا لَا ترَوْنَ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو بكر
الْمروزِي فِي كتاب الْجَنَائِز عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله
عَنهُ قَالَ: احضروا مَوْتَاكُم ولقنوهم لَا إِلَه إِلَّا الله
فَإِنَّهُم يرَوْنَ وَيُقَال لَهُم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور الْمروزِي عَن عمر رَضِي الله عَنهُ
قَالَ: لقنوا مَوْتَاكُم لاإله إِلَّا الله واعقلوا مَا
تَسْمَعُونَ من المطيعين مِنْكُم فَإِنَّهُ يجلي لَهُم أُمُور
صَادِقَة
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت وَأَبُو يعلى من
طَرِيق أبي يزِيد الرقاشِي عَن تَمِيم الدَّارِيّ رَضِي الله
عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَقُول
الله لملك الْمَوْت: انْطلق إِلَى وليي فائتني بِهِ فَإِنِّي
قد جربته بالسراء وَالضَّرَّاء فَوَجَدته حَيْثُ أحب فائتني
بِهِ لأريحه من هموم الدُّنْيَا وغمومها
فَينْطَلق إِلَيْهِ ملك الْمَوْت وَمَعَهُ خَمْسمِائَة من
الْمَلَائِكَة مَعَهم أكفان وحنوط من حنوط الْجنَّة وَمَعَهُمْ
ضبائر الريحان أصل الريحانة وَاحِد وَفِي رَأسهَا عشرُون لوناً
لكل لون مِنْهَا ريح سوى ريح صَاحبه وَمَعَهُمْ الْحَرِير
الْأَبْيَض فِيهِ الْمسك الأذفر فيجلس ملك الْمَوْت عِنْد
رَأسه وتحتوشه الْمَلَائِكَة
(8/32)
وَيَضَع كل ملك مِنْهُم يَده على عُضْو من
أَعْضَائِهِ ويبسط ذَلِك الْحَرِير الْأَبْيَض والمسك الأذفر
تَحت ذقنه وَيفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَإِن نَفسه لتعلل
عِنْده ذَلِك بِطرف الْجنَّة مرّة بأزواجها وَمرَّة بكسوتها
وَمرَّة بثمارها كَمَا يُعلل الصبيّ أَهله إِذا بَكَى وَإِن
أَزوَاجه ليبتهشن عِنْد ذَلِك ابتهاشاً وتنزو الرّوح نَزْوًا
وَيَقُول ملك الْمَوْت: أَخْرِجِي أيتها الرّوح الطّيبَة إِلَى
سدر مخضود وطلح مَمْدُود وَمَاء مسكوب وَملك الْمَوْت أَشد
تلطفاً بِهِ من الوالدة بِوَلَدِهَا يعرف أَن ذَلِك الرّوح
حبيب إِلَى ربه كريم على الله فَهُوَ يلْتَمس بِلُطْفِهِ
تِلْكَ الرّوح رضَا الله عَنهُ فسلّ روحه كَمَا تسل الشعرة من
الْعَجِين وَإِن روحه لتخرج وَالْمَلَائِكَة حوله يَقُولُونَ:
(سَلام عَلَيْكُم ادخُلُوا الْجنَّة بِمَا كُنْتُم
تَعْمَلُونَ) (سُورَة النَّحْل الْآيَة 32) وَذَلِكَ قَوْله:
(الَّذين تتوفاهم الْمَلَائِكَة طيبين يَقُولُونَ سَلام
عَلَيْكُم) (سُورَة النَّحْل الْآيَة 32) قَالَ: فَأَما إِن
كَانَ من المقربين فَروح وَرَيْحَان وجنة نعيم قَالَ: روح من
جهد الْمَوْت وروح يُؤْتى بِهِ عِنْد خُرُوج نَفسه وجنة نعيم
أَمَامه
فَإِذا قبض ملك الْمَوْت روحه يَقُول الرّوح للجسد: لقد كنت
بِي سَرِيعا إِلَى طَاعَة الله بطيئاً عَن مَعْصِيَته فهنيئاً
لَك الْيَوْم فقد نجوت وأنجيت وَيَقُول الْجَسَد للروح مثل
ذَلِك وتبكي عَلَيْهِ بقاع الأَرْض الَّتِي كَانَ يُطِيع الله
عَلَيْهَا كل بَاب من السَّمَاء كَانَ يصعد مِنْهُ عمله وَينزل
مِنْهُ رزقه أَرْبَعِينَ لَيْلَة
فَإِذا اقبضت الْمَلَائِكَة روحه أَقَامَت الْخَمْسمِائَةِ ملك
عِنْد جسده لَا يقلبه بَنو آدم لشق إِلَّا قلبته الْمَلَائِكَة
عَلَيْهِم السَّلَام قبلهم وعلته بأكفان قبل أكفانهم وحنوط قبل
حنوطهم وَيقوم من بَاب بَيته إِلَى بَاب قَبره صفان من
الْمَلَائِكَة يَسْتَقْبِلُونَهُ بالاستغفار
ويصيح إِبْلِيس عِنْد ذَلِك صَيْحَة يتصرع مِنْهَا بعض أعظام
جسده وَيَقُول لجنوده: الوليل لكم كَيفَ خلص هَذَا العَبْد
مِنْكُم فَيَقُولُونَ: إِن هَذَا كَانَ مَعْصُوما
فَإِذا صعد ملك الْمَوْت بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاء يستقبله
جِبْرِيل فِي سبعين ألفا من الْمَلَائِكَة كلهم يَأْتِيهِ من
ربه فَإِذا انْتهى ملك الْمَوْت إِلَى الْعَرْش خرت الورح
سَاجِدَة لِرَبِّهَا فَيَقُول الله لملك الْمَوْت: انْطلق
بِروح عَبدِي فضعه (فِي سدر مخضود وطلح منضود وظل مَمْدُود
وَمَاء مسكوب) (سُورَة الْوَاقِعَة الْآيَة 28)
فَإِذا وضع فِي قَبره جَاءَت الصَّلَاة فَكَانَت عَن يَمِينه
وَجَاء الصّيام فَكَانَ عَن يسَاره وَجَاء الْقُرْآن وَالذكر
فَكَانَا عِنْد رَأسه وَجَاء مَشْيه إِلَى الصَّلَاة فَكَانَ
عِنْد رجلَيْهِ
(8/33)
وَجَاء الصَّبْر فَكَانَ نَاحيَة الْقَبْر
وَيبْعَث الله عنقًا من الْعَذَاب فيأتيه عَن يَمِينه فَتَقول
الصَّلَاة: وَرَاءَك وَالله مَا زَالَ دائباً عمره كُله
وَإِنَّمَا استراح الْآن حِين وضع فِي قَبره
فيأتيه عَن يسَاره فَيَقُول الصّيام مثل ذَلِك
فيأتيه من قبل رَأسه فَيَقُول لَهُ مثل ذَلِك
فَلَا يَأْتِيهِ الْعَذَاب من نَاحيَة فيلتمس هَل يجد لَهَا
مساغاً إِلَّا وجد ولي الله قد أحرزته الطَّاعَة فَيخرج عَنهُ
الْعَذَاب عِنْدَمَا يرى
وَيَقُول الصَّبْر لسَائِر الْأَعْمَال: أما إِنَّه لم
يَمْنعنِي أَن أباشره بنفسي إِلَّا أَنِّي نظرت مَا عنْدكُمْ
فَلَو عجزتم كنت أَنا صَاحبه فَأَما إِذا أجزأتم عَنهُ فَأَنا
ذخر لَهُ عِنْد الصِّرَاط وَذخر لَهُ عِنْد الْمِيزَان
وَيبْعَث الله ملكَيْنِ أبصارهما كالبرق الخاطف وأصواتهما
كالرعد القاصف وأنيابهما كالصياصي وأنفاسهما كاللهب يطآن فِي
أشعارهما بَين مَنْكِبي كل وَاحِد مِنْهُمَا مسيرَة كَذَا
وَكَذَا قد نزعت مِنْهُمَا الرأفة وَالرَّحْمَة إِلَّا
بِالْمُؤْمِنِينَ يُقَال لَهما: مُنكر وَنَكِير وَفِي يَد كل
وَاحِد مِنْهُمَا مطرقة لَو اجْتمع عَلَيْهَا الثَّقَلَان لم
يقلوها
فَيَقُولَانِ لَهُ: اجْلِسْ
فيستوي جَالِسا فِي قَبره فَتسقط أَكْفَانه فِي حقْوَيْهِ
فَيَقُولَانِ لَهُ: من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَيَقُول:
رَبِّي الله وَحده لَا شريك لَهُ والإِسلام ديني وَمُحَمّد
نَبِي وَهُوَ خَاتم النَّبِيين
فَيَقُولَانِ لَهُ: صدقت
فيدفعان الْقَبْر فيوسعانه من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه وَعَن
يَمِينه وَعَن يسَاره وَمن قبل رَأسه وَمن قبل رجلَيْهِ ثمَّ
يَقُولَانِ لَهُ: أنظر فَوْقك
فَينْظر فَإِذا هُوَ مَفْتُوح إِلَى الْجنَّة فَيَقُولَانِ
لَهُ: هَذَا مَنْزِلك يَا وليّ الله لم أَطَعْت الله
فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِنَّه لتصل إِلَى قلبه فرحة لَا
ترتد أبدا فَيُقَال لَهُ: أنظر تَحْتك فَينْظر تَحْتَهُ فَإِذا
هُوَ مَفْتُوح إِلَى النَّار فَيَقُولَانِ: يَا ولي الله نجوت
من هَذَا
فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّه لتصل إِلَى قلبه عِنْد ذَلِك
فرحة لَا ترتد أبدا وَيفتح لَهُ سَبْعَة وَسَبْعُونَ بَابا
إِلَى الْجنَّة يَأْتِيهِ رِيحهَا وبردها حَتَّى يَبْعَثهُ
الله تَعَالَى من قَبره إِلَى الْجنَّة
وَأما الْكَافِر فَيَقُول الله لملك الْمَوْت وَيفتح الله لملك
الْمَوْت: انْطلق إِلَى عَبدِي فائتني بِهِ فَإِنِّي قد بسطت
لَهُ رِزْقِي وسربلته نعمتي فَأبى إِلَّا معصيتي فأئتني بِهِ
لأنتقم مِنْهُ الْيَوْم
فَينْطَلق إِلَيْهِ ملك الْمَوْت فِي أكره صُورَة رَآهَا أحد
من النَّاس قطّ لَهُ اثْنَتَا عشرَة عينا وَمَعَهُ سفود من
النَّار كثير الشوك وَمَعَهُ خَمْسمِائَة من الْمَلَائِكَة
مَعَهم نُحَاس وجمر من جمر جَهَنَّم وَمَعَهُمْ سياط من
النَّار تأجج
فيضربه ملك الْمَوْت بذلك السفود ضَرْبَة يغيب أصل كل شَوْكَة
من ذَلِك السفود فِي أصل كل شَعْرَة وعرق من عروقه ثمَّ يلويه
ليّاً شَدِيدا فينزع روحه من أظفار قَدَمَيْهِ فيلقيها فِي
عَقِبَيْهِ فيسكر عدوّ
(8/34)
الله عِنْد ذَلِك سكرة وتضرب الْمَلَائِكَة
وَجهه وَدبره بِتِلْكَ السِّيَاط ثمَّ كَذَلِك إِلَى حقْوَيْهِ
ثمَّ كَذَلِك إِلَى صَدره ثمَّ كَذَلِك إِلَى حلقه ثمَّ تبسط
الْمَلَائِكَة ذَلِك النّحاس وجمر جَهَنَّم تَحت ذقنه ثمَّ
يَقُول ملك الْمَوْت: أَخْرِجِي أيتها النَّفس اللعينة
الملعونة (إِلَى سموم وحميم وظل من يحموم لَا بَارِد وَلَا
كريم) (سُورَة الْوَاقِعَة الْآيَة 43)
فَإِذا قبض ملك الْمَوْت روحه قَالَت الرّوح للجسد: جَزَاك
الله عني شرّاً فقد كنت بِي سَرِيعا إِلَى مَعْصِيّة الله
بطيئاً بِي عَن طَاعَة الله فقد هَلَكت وأهلكت وَيَقُول
الْجَسَد للروح مثل ذَلِك
وتلعنه بقاع الأَرْض الَّتِي كَانَ يَعْصِي الله تَعَالَى
عَلَيْهَا وتنطلق جنود إِبْلِيس إِلَيْهِ يُبَشِّرُونَهُ
بِأَنَّهُم قد أوردوا عبدا من بني آدم النَّار
فَإِذا وضع فِي قَبره ضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف
أضلاعه فَتدخل الْيُمْنَى فِي الْيُسْرَى واليسرى فِي
الْيُمْنَى وَيبْعَث الله إِلَيْهِ حيات دهماء تَأْخُذ بأرنبته
وإبهام قَدَمَيْهِ فتغوصه حَتَّى تلتقي فِي وَسطه
وَيبْعَث الله إِلَيْهِ الْملكَيْنِ فَيَقُولَانِ لَهُ: من
رَبك وَمَا دينك فَيَقُول: لَا أَدْرِي فَيُقَال لَهُ: لَا
دَريت وَلَا تليت
فيضربانه ضَرْبَة يتطاير الشرار فِي قَبره ثمَّ يعود
فَيَقُولَانِ لَهُ: انْظُر فَوْقك
فَينْظر فَإِذا بَاب مَفْتُوح إِلَى الْجنَّة فَيَقُولَانِ
لَهُ: عَدو الله لَو كنت أَطَعْت الله تَعَالَى هَذَا مَنْزِلك
فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّه ليصل إِلَى قلبه حسرة لَا ترتد
أبدا وَيفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار فَيُقَال: عدوّ الله
هَذَا مَنْزِلك لما عصيت الله
وَيفتح لَهُ سَبْعَة وَسَبْعُونَ بَابا إِلَى النَّار
يَأْتِيهِ حرهَا وسمومها حَتَّى يَبْعَثهُ من قَبره يَوْم
الْقِيَامَة إِلَى النَّار
الْآيَة 86 - 96
(8/35)
فَلَوْلَا إِنْ
كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ
صَادِقِينَ (87) فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ
(88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا
إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ
مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ
الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93)
وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ
الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن
عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {غير مدينين} قَالَ:
غير محاسبين
(8/35)
وَأخرج عبد حميد وَابْن جرير وَابْن
الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ {فلولا إِن
كُنْتُم غير مدينين} قَالَ: غير محاسبين {ترجعونها} قَالَ:
النَّفس
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ
وَالْحسن وَقَتَادَة مثله
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله:
{غير مدينين} قَالَ: غير موقنين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ
{فلولا إِن كُنْتُم غير مدينين} قَالَ: غير مبعوثين يَوْم
الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد
وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن خَيْثَم فِي قَوْله: {فَأَما
إِن كَانَ من المقربين فَروح وَرَيْحَان} قَالَ: هَذَا لَهُ
عِنْد الْمَوْت {وجنة نعيم} قَالَ: تخبأ لَهُ الْجنَّة إِلَى
يَوْم يبْعَث {وَأما إِن كَانَ من المكذبين الضَّالّين فَنزل
من حميم} قَالَ: هَذَا عِنْد الْمَوْت {وتصلية جحيم} قَالَ:
تخبأ لَهُ الْجَحِيم إِلَى يَوْم يبْعَث
وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَأحمد وَعبد بن حميد
وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ
وَحسنه وَالنَّسَائِيّ والحكيم الترميذي فِي نَوَادِر
الْأُصُول وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية
وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {فَروح وَرَيْحَان} بِرَفْع
الرَّاء
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَرَأت على رسو ل
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُورَة الْوَاقِعَة فَلَمَّا
بلغت {فَروح وَرَيْحَان} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: {فَروح وَرَيْحَان}
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَوْف عَن الْحسن أَنه كَانَ يقرأُها
{فَروح وَرَيْحَان} بِرَفْع الرَّاء
وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن
قَتَادَة أَنه كَانَ يقْرَأ {فَروح} قَالَ: رَحْمَة قَالَ:
وَكَانَ الْحسن يقْرَأ {فَروح} يَقُول: رَاحَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي
قَوْله: {فَروح} قَالَ: رَاحَة {وَرَيْحَان} قَالَ: استراحة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
قَالَ: يَعْنِي بالريحان المستريح من الدُّنْيَا {وجنة نعيم}
يَقُول: مغْفرَة وَرَحْمَة
(8/36)
وَأخرج مَالك وَأحمد وَعبد بن حميد فِي
مُسْنده وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أبي
قَتَادَة قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم إِذا مرت جَنَازَة فَقَالَ: مستريح ومستراح مِنْهُ
فَقُلْنَا يَا رَسُول الله: مَا المستريح وَمَا المستراح
مِنْهُ قَالَ: العَبْد الْمُؤمن يستريح من نصب الدُّنْيَا
وأذاها إِلَى رَحْمَة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالْعَبْد
الْفَاجِر يستريح مِنْهُ الْعباد والبلاد وَالشَّجر
وَالدَّوَاب
وَأخرج الْقَاسِم بن مندة فِي كتاب الْأَحْوَال والإِيمان
بالسؤال عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: إِن أول مَا يبشر بِهِ الْمُؤمن عِنْد والوفاة
بِروح وَرَيْحَان وجنة نعيم وَإِن أول مَا يبشر بِهِ الْمُؤمن
فِي قَبره أَن يُقَال: أبشر بِرِضا الله تَعَالَى وَالْجنَّة
قدمت خير مقدم قد غفر الله لمن شيعك إِلَى قبرك وَصدق من شهد
لَك واستجاب لمن اسْتغْفر لَك
وَأخرج هناد بن السّري وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن
الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {فَروح وَرَيْحَان} قَالَ:
الرّوح الْفَرح وَالريحَان الرزق
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي
قَوْله: {فَروح وَرَيْحَان} قَالَ: فرج من الْغم الَّذِي
كَانُوا فِيهِ واستراحة من الْعَمَل لَا يصلونَ وَلَا
يَصُومُونَ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير الضَّحَّاك قَالَ: الرّوح
الاسْتِرَاحَة وَالريحَان الرزق
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الْقَاسِم بن مَنْدَه
فِي كتاب السُّؤَال عَن الْحسن فِي قَوْله: {فَروح وَرَيْحَان}
قَالَ: ذَاك فِي الْآخِرَة فاستفهمه بعض الْقَوْم فَقَالَ: أما
وَالله إِنَّهُم ليسرون بذلك عِنْد الْمَوْت
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَروح
وَرَيْحَان} قَالَ: الريحان الرزق
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: الرّوح الرَّحْمَة
وَالريحَان هُوَ هَذَا الريحان
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن
قَتَادَة فِي قَوْله: {فَروح وَرَيْحَان} قَالَ: الرّوح
الرَّحْمَة وَالريحَان يتلَقَّى بِهِ عِنْد الْمَوْت
وَأخرج الْمروزِي فِي الْجَنَائِز وَابْن جرير عَن الْحسن
قَالَ: تخرج روح الْمُؤمن من جسده فِي رَيْحَانَة ثمَّ قَرَأَ
{فَأَما إِن كَانَ من المقربين فَروح وَرَيْحَان}
3 - 8
(8/37)
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا
فِي ذكر الْمَوْت وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد
عَن أبي عمرَان الْجونِي فِي قَوْله: {فَأَما إِن كَانَ من
المقربين فَروح وَرَيْحَان} قَالَ: بَلغنِي أَن الْمُؤمن إِذا
نزل بِهِ الْمَوْت تلقى بضبائر الريحان من الْجنَّة فَيجْعَل
روحه فِيهَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة
قَالَ: لم يكن أحد من المقربين يُفَارق الدُّنْيَا حَتَّى
يُؤْتى بِغُصْن من ريحَان الْجنَّة فيشمه ثمَّ يقبض
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت عَن بكر بن عبد
الله قَالَ: إِذا أَمر ملك الْمَوْت بِقَبض روح الْمُؤمن أَتَى
بريحان من الْجنَّة فَقيل لَهُ: اقبض روحه فِيهِ وَإِذا أَمر
بِقَبض روح الْكَافِر أَتَى ببجاد من النَّار فَقيل لَهُ:
أقبضهُ فِيهِ
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْمُؤمن إِذا
حضر أَتَتْهُ الْمَلَائِكَة بحريرة فِيهَا مسك وضبائر ريحَان
فتسل روحه كَمَا تسل الشعرة من الْعَجِين وَيُقَال: أيتها
النَّفس الطّيبَة أَخْرِجِي راضية مرضيّاً عَنْك إِلَى روح
الله وكرامته فَإِذا خرجت روحه وضعت على ذَلِك الْمسك والريحان
وطويت عَلَيْهَا الحريرة وَذهب بِهِ إِلَى عليين وَإِن
الْكَافِر إِذا حضر أَتَتْهُ الْمَلَائِكَة بمسح فِيهِ جمر
فتنزع روحه انتزاعاً شَدِيدا وَيُقَال: أيتا النَّفس الخبيثة
أَخْرِجِي ساخطة مسخوطاً عَلَيْك إِلَى هوان الله عَذَابه
فَإِذا خرجت روحه وضعت على تِلْكَ الْجَمْرَة فَإِن لَهَا
نشيشاً ويطوى عَلَيْهَا الْمسْح وَيذْهب بِهِ إِلَى سِجِّين
وَأخرج أبن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت عَن إِبْرَاهِيم
النَّخعِيّ قَالَ: بلغنَا أَن الْمُؤمن يسْتَقْبل عِنْد مَوته
بِطيب من طيب الْجنَّة وَرَيْحَان من ريحَان الْجنَّة فتقبض
روحه فتجعل فِي حَرِير الْجنَّة ثمَّ ينضح بذلك الطّيب ويلف
فِي الريحان ثمَّ ترتقي بِهِ مَلَائِكَة الرَّحْمَة حَتَّى
يَجْعَل فِي عليين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي
قَوْله: {فسلام لَك من أَصْحَاب الْيَمين} قَالَ: تَأتيه
الْمَلَائِكَة بِالسَّلَامِ من قبل الله تسلم عَلَيْهِ
وَتُخْبِرهُ أَنه من أَصْحَاب الْيَمين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة
فِي قَوْله: {فسلام لَك من أَصْحَاب الْيَمين} قَالَ: سَلام من
عَذَاب الله وسلمت عَلَيْهِ مَلَائِكَة الله
(8/38)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس
فِي قَوْله: {وَأما إِن كَانَ من المكذبين الضَّالّين فَنزل من
حميم} قَالَ: لَا يخرج الْكَافِر من دَار الدُّنْيَا حَتَّى
يشرب كأساً من حميم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: من
مَاتَ وَهُوَ يشرب الْخمر شج فِي وَجهه من جمر جَهَنَّم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن
بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {فَأَما إِن
كَانَ من المقربين فَروح وَرَيْحَان} قَالَ: هَذَا فِي
الدُّنْيَا {وَأما إِن كَانَ من المكذبين الضَّالّين فَنزل من
حميم وتصلية جحيم} قَالَ: هَذَا فِي الدُّنْيَا
وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد
الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: حَدثنِي فلَان بن فلَان سمع
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من أحب لِقَاء
الله أحب الله لقاءه وَمن كره الله لقاءه فأكب الْقَوْم
يَبْكُونَ فَقَالُوا: إِنَّا نكره الْمَوْت قَالَ: لَيْسَ ذَاك
وَلكنه إِذا حضر {فَأَما إِن كَانَ من المقربين فَروح
وَرَيْحَان وجنة نعيم} فَإِذا بشر بذلك أحب لِقَاء الله وَالله
للقائه أحب {وَأما إِن كَانَ من المكذبين الضَّالّين فَنزل من
حميم} فَإِذا بشر بذلك كره لِقَاء الله وَالله للقائه أكره
وَأخرج آدم ابْن أبي اياس عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى
قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه
الْآيَات {فلولا إِذا بلغت الْحُلْقُوم} إِلَى قَوْله: {فَروح
وَرَيْحَان وجنة نعيم} إِلَى قَوْله: {فَنزل من حميم وتصلية
جحيم} ثمَّ قَالَ: إِذا كَانَ عِنْد الْمَوْت قيل لَهُ هَذَا
فَإِن كَانَ من أَصْحَاب الْيَمين أحب لِقَاء الله وَأحب الله
لقاءه وَإِن كَانَ من أَصْحَاب الشمَال كره لِقَاء الله وَكره
الله لقاءه
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ
عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه وَمن كره
لِقَاء الله كره الله لقاءه فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله
عَنْهَا: إِنَّا لنكره الْمَوْت فَقَالَ: لَيْسَ ذَاك وَلَكِن
الْمُؤمن إِذا حضر الْمَوْت بشر برضوان الله وكرامته فَلَيْسَ
شَيْء أحب إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامه وَأحب لِقَاء الله وَأحب
الله لقاءه وَإِن الْكَافِر إِذا حضر بشر بِعَذَاب الله
وعقوبته فَلَيْسَ شَيْء أكره إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامه وَكره
لِقَاء الله وَكره الله لقاءه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من ميت
يَمُوت إِلَّا وَهُوَ يعرف غاسله ويناشد حامله إِن كَانَ
بِخَير {فَروح وَرَيْحَان وجنة نعيم}
(8/39)
أَن يعجله وَإِن كَانَ بشر {فَنزل من حميم
وتصلية جحيم} أَن يحْبسهُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
فِي قَوْله: {إِن هَذَا لَهو حق الْيَقِين} قَالَ: مَا
قَصَصنَا عَلَيْك فِي هَذِه السُّورَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ
فِي قَوْله: {إِن هَذَا لَهو حق الْيَقِين} قَالَ: إِن الله
عزَّ وجلَّ لَيْسَ تَارِكًا أحدا من خلقه حَتَّى يقفه على
الْيَقِين من هَذَا الْقُرْآن فَأَما الْمُؤمن فأيقن فِي
الدُّنْيَا فنفعه ذَلِك يَوْم الْقِيَامَة وَأما الْكَافِر
فأيقن يَوْم الْقِيَامَة حِين لَا يَنْفَعهُ الْيَقِين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ
{إِن هَذَا لَهو حق الْيَقِين} قَالَ: الْخَبَر الْيَقِين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن
مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من أَرَادَ أَن يعلم نبأ
الْأَوَّلين والآخرين ونبأ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ونبأ
الْجنَّة وَالنَّار فليقرأ {إِذا وَقعت الْوَاقِعَة}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
فِي قَوْله: {فسبح باسم رَبك الْعَظِيم} قَالَ: فصل لِرَبِّك
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة
وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه
وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ
رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت على رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم {فسبح باسم رَبك الْعَظِيم} قَالَ: اجْعَلُوهَا
فِي ركوعكم وَلما نزلت {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} قَالَ:
اجْعَلُوهَا فِي سُجُودكُمْ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ
قَالَ: قَالُوا يَا رَسُول الله كَيفَ نقُول فِي ركوعنا
فَأنْزل الله الْآيَة الَّتِي فِي آخر سُورَة الْوَاقِعَة
{فسبح باسم رَبك الْعَظِيم} فَأمرنَا أَن نقُول: سُبْحَانَ
رَبِّي الْعَظِيم وترا
قَالَ ابْن مرْدَوَيْه: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن
إِبْرَاهِيم الشَّافِعِي أَنبأَنَا الْحُسَيْن بن عبد الله بن
يزِيد أَنبأَنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن سَابُور أَنبأَنَا
الحكم بن ظهير عَن السّديّ عَن أبي مَالك أَو عَن أبي صَالح
عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِذا
وَقعت الْوَاقِعَة} قَالَ: السَّاعَة
(8/40)
{لَيْسَ لوقعتها كَاذِبَة} يَقُول: من كذب
بهَا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ لَا يكذب بهَا فِي الْآخِرَة
إِذا وَقعت {خافضة رَافِعَة} قَالَ: الْقِيَامَة خافضة يَقُول:
خفضت فأسمعت الْأُذُنَيْنِ وَرفعت فأسمعت الْأَقْصَى كَانَ
الْقَرِيب والبعيد فِيهَا سَوَاء قَالَ: وخفضت أَقْوَامًا قد
كَانُوا فِي الدُّنْيَا مرتفعين وَرفعت أَقْوَامًا حَتَّى
جعلتهم فِي أَعلَى عليين {إِذا رجت الأَرْض رجّاً} قَالَ: هِيَ
الزلزلة {وبست الْجبَال بسّاً} {فَكَانَت هباء منبثّاً} قَالَ:
الحكم وَالسُّديّ قَالَ: على هَذَا الْهَرج هرج الدَّوَابّ
الَّذِي يُحَرك الْغُبَار {وكنتم أَزْوَاجًا ثَلَاثَة} قَالَ:
الْعباد يَوْم الْقِيَامَة على ثَلَاثَة منَازِل {فأصحاب
الميمنة مَا أَصْحَاب الميمنة} هم: الْجُمْهُور جمَاعَة أهل
الْجنَّة {وَأَصْحَاب المشأمة مَا أَصْحَاب المشأمة} هم
أَصْحَاب الشمَال يَقُول: مَا لَهُم وَمَا أعد لَهُم
{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} هم مثل النَّبِيين وَالصديقين
وَالشُّهَدَاء بِالْأَعْمَالِ من الْأَوَّلين والآخرين
{أُولَئِكَ المقربون} قَالَ: هم أقرب النَّاس من دَار
الرَّحْمَن من بطْنَان الْجنَّة وبطنانها وَسطهَا فِي جنَّات
النَّعيم {ثلة من الْأَوَّلين وَقَلِيل من الآخرين على سرر
موضونة} قَالَ: الموضونة الموصولة بِالذَّهَب المكللة بالجوهر
والياقوت {متكئين عَلَيْهَا مُتَقَابلين} قَالَ ابْن عَبَّاس:
مَا ينظر الرجل مِنْهُم فِي قفا صَاحبه يَقُول: حلقا حلقا
{يطوف عَلَيْهِم ولدان مخلدون} قَالَ: خلقهمْ الله فِي
الْجنَّة كَمَا خلق الْحور الْعين لَا يموتون لَا يشيبون وَلَا
يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب الَّتِي لَيْسَ لَهَا آذان
مثل الصواع والأباريق الَّتِي لَهَا الخراطم الْأَعْنَاق {وكأس
من معِين} قَالَ: الكأس من الْخمر بِعَينهَا وَلَا يكون كأس
حَتَّى يكون فِيهَا الْخمر فَإِذا لم يكن فِيهَا خمر
فَإِنَّمَا هُوَ إِنَاء والمعين يَقُول: من خمر جَار {لَا
يصدعون عَنْهَا} عَن الْخمر {وَلَا ينزفون} لَا تذْهب بعقولهم
{وَفَاكِهَة مِمَّا يتخيرون} يَقُول: مِمَّا يشتهون يَقُول:
يجيئهم الطير حَتَّى يَقع فيبسط جنَاحه فَيَأْكُلُونَ مِنْهُ
مَا اشتهوا نضجاً لم تنضجه النَّار حَتَّى إِذا شَبِعُوا
مِنْهُ طَار فَذهب كَمَا كَانَ {وحور عين} قَالَ: الْحور
الْبيض وَالْعين الْعِظَام الْأَعْين حسان {كأمثال اللُّؤْلُؤ}
قَالَ: كبياض اللُّؤْلُؤ الَّتِي لم تمسه الْأَيْدِي وَلَا
الدَّهْر {الْمكنون} الَّذِي فِي الأصداف
ثمَّ قَالَ {جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ لَا يسمعُونَ
فِيهَا لَغوا} قَالَ: اللَّغْو الْحلف لَا وَالله وبلى وَالله
{وَلَا تأثيماً} قَالَ: قَالَ لايموتون {إِلَّا قيلاً سَلاما
سَلاما} يَقُول: التَّسْلِيم مِنْهُم وَعَلَيْهِم بَعضهم على
بعض قَالَ: هَؤُلَاءِ المقربون ثمَّ قَالَ: {وَأَصْحَاب
الْيَمين مَا أَصْحَاب الْيَمين} وَمَا أعد لَهُم {فِي سدر
مخضود}
(8/41)
والمخضود الموقر الَّذِي لَا شوك فِيهِ
{وطلح منضود وظل مَمْدُود} يَقُول: ظلّ الْجنَّة لَا يَنْقَطِع
مَمْدُود عَلَيْهِم أبدا {وَمَاء مسكوب} يَقُول: مصبوب
{وَفَاكِهَة كَثِيرَة لَا مَقْطُوعَة وَلَا مَمْنُوعَة} قَالَ:
لَا تَنْقَطِع حينا وتجيء حينا مثل فَاكِهَة الدُّنْيَا وَلَا
مَمْنُوعَة كَمَا تمنع فِي الدُّنْيَا إِلَّا بِثمن {وفرش
مَرْفُوعَة} يَقُول: بَعْضهَا فَوق بعض ثمَّ قَالَ: {إِنَّا
أَنْشَأْنَاهُنَّ إنْشَاء} قَالَ: هَؤُلَاءِ نسَاء أهل
الْجنَّة وَهَؤُلَاء الْعَجز الرمص يَقُول: خلقهمْ خلقا
{فجعلناهن أَبْكَارًا} يَقُول: عذارى {عربا أَتْرَابًا}
وَالْعرب المتحببات إِلَى أَزوَاجهنَّ والأتراب المصطحبات
اللَّاتِي لَا تغرن {لأَصْحَاب الْيَمين ثلة من الْأَوَّلين
وثلة من الآخرين} يَقُول: طَائِفَة من الْأَوَّلين وَطَائِفَة
من الآخرين {وَأَصْحَاب الشمَال مَا أَصْحَاب الشمَال} مَا
لَهُم وَمَا أعد لَهُم {فِي سموم} قَالَ: فيح نَار جَهَنَّم
{وحميم} المَاء: الْجَار الَّذِي قد انْتهى حره فَلَيْسَ
فَوْقه حر {وظل من يحموم} قَالَ: من دُخان جَهَنَّم {لَا
بَارِد وَلَا كريم} إِنَّهُم كَانُوا قبل ذَلِك مترفين قَالَ:
مُشْرِكين جبارين {وَكَانُوا يصرون} يُقِيمُونَ {على الْحِنْث
الْعَظِيم} قَالَ: على الإِثم الْعَظِيم قَالَ: هُوَ الشّرك
{وَكَانُوا يَقُولُونَ أئذا متْنا وَكُنَّا تُرَابا وعظاماً}
إِلَى قَوْله: {أَو آبَاؤُنَا الأوّلون} قَالَ: قل يَا
مُحَمَّد إِن الْأَوَّلين والآخرين لمجموعون {إِلَى مِيقَات
يَوْم مَعْلُوم} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة {ثمَّ إِنَّكُم
أَيهَا الضالون} قَالَ: الْمُشْركُونَ المكذبون {لآكلون من شجر
من زقوم} قَالَ: والزقوم إِذا أكلُوا مِنْهُ خصبوا والزقوم
شَجَرَة {فمالئون مِنْهَا الْبُطُون} قَالَ: يملؤون من الزقوم
بطونهم {فشاربون عَلَيْهِ من الْحَمِيم} يَقُول: على الزقوم
الْحَمِيم {فشاربون شرب الهيم} هِيَ الرمال لَو مطرَت
عَلَيْهَا السَّمَاء أبدا لم ير فِيهَا مستنقع {هَذَا نزلهم
يَوْم الدّين} كَرَامَة يَوْم الْحساب {نَحن خَلَقْنَاكُمْ
فلولا تصدقُونَ} يَقُول: أَفلا تصدقُونَ {أَفَرَأَيْتُم مَا
تمنون} يَقُول: هَذَا مَاء الرجل {أأنتم تخلقونه أم نَحن
الْخَالِقُونَ} {نَحن قَدرنَا بَيْنكُم الْمَوْت} فِي المتعجل
والمتأخر {وَمَا نَحن بمسبوقين على أَن نبدل أمثالكم}
فَيَقُول: نَذْهَب بكم وَنَجِيء بغيركم {وننشئكم فِي مَا لَا
تعلمُونَ} يَقُول: نخلقكم فِيهَا لَا تعلمُونَ إِن نَشأ
خَلَقْنَاكُمْ قردة وَإِن نَشأ خَلَقْنَاكُمْ خنازير {وَلَقَد
علمْتُم النشأة الأولى فلولا تذكرُونَ} يَقُول: فَهَلا
تذكرُونَ ثمَّ قَالَ: {أَفَرَأَيْتُم مَا تَحْرُثُونَ} يَقُول:
مَا تزرعون [] {أم نَحن الزارعون} يَقُول: أَلَيْسَ نَحن
الَّذِي ننبته أم أَنْتُم المنبتون {لَو نشَاء لجعلناه حطاماً
فظلتم تفكهون} يَقُول: تَنْدمُونَ {إِنَّا لمغرمون}
(8/42)
يَقُول: إِنَّا [] للمواريه {بل نَحن
محرومون أَفَرَأَيْتُم المَاء الَّذِي تشربون أأنتم أنزلتموه
من المزن} يَقُول: من السَّحَاب {أم نَحن المنزلون لَو نشَاء
جَعَلْنَاهُ أجاجاً} يَقُول: مرّاً {فلولا تشكرون} يَقُول:
فَهَلا تشكرون {أَفَرَأَيْتُم النَّار الَّتِي تورون} يَقُول:
تقدحون {أأنتم أنشأتم} يَقُول: خلقْتُمْ {شجرتها أم نَحن
المنشئون} قَالَ: وَهِي من كل شَجَرَة إِلَّا فِي الْعنَّاب
وَتَكون فِي الْحِجَارَة {نَحن جعلناها تذكرة} يَقُول:
يتَذَكَّر بهَا نَار الْآخِرَة الْعليا {ومتاعاً للمقوين}
قَالَ: والمقوي هُوَ الَّذِي لَا يجد نَارا فَيخرج زنده
فيستنور ناره فَهِيَ مَتَاع لَهُ {فسبح باسم رَبك الْعَظِيم}
يَقُول: فصل لِرَبِّك الْعَظِيم {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم}
قَالَ: أَتَى ابْن عَبَّاس علبة بن الْأسود أَو نَافِع بن
الحكم فَقَالَ لَهُ: يَا ابْن عَبَّاس إِنِّي أَقرَأ آيَات من
كتاب الله أخْشَى أَن يكون قد دخلني مِنْهَا شَيْء
قَالَ ابْن عَبَّاس: وَلم ذَلِك قَالَ: لِأَنِّي أسمع الله
يَقُول: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر) (سُورَة
الْقدر الْآيَة 2) وَيَقُول: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة
مباركة إِنَّا كُنَّا منذرين) (سُورَة الدُّخان الْآيَة 3)
وَيَقُول فِي آيَة أُخْرَى: (شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ
الْقُرْآن) (سُورَة الْبَقَرَة الْآيَة 185) وَقد نزل فِي
الشُّهُور كلهَا شَوَّال وَغَيره
قَالَ ابْن عَبَّاس: وَيلك إِن جملَة الْقُرْآن أنزل من
السَّمَاء فِي لَيْلَة الْقدر إِلَى موقع النُّجُوم يَقُول:
إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا فَنزل بِهِ جِبْرِيل فِي لَيْلَة
مِنْهُ وَهِي لَيْلَة الْقدر الْمُبَارَكَة وَفِي رَمَضَان
ثمَّ نزل بِهِ على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي
عشْرين سنة الْآيَة والآيتين وَالْأَكْثَر
فَذَلِك [] قَوْله: {لَا أقسم} يَقُول: أقسم {بمواقع
النُّجُوم} {وَإنَّهُ لقسم} وَالْقسم قسم وَقَوله: {لَا يمسهُ
إِلَّا الْمُطهرُونَ} وهم السفرة والسفرة هم الكتبة
ثمَّ قَالَ: {تَنْزِيل من رب الْعَالمين} {أفبهذا الحَدِيث
أَنْتُم مدهنون} يَقُول: تولون أهل الشّرك وتجعلون رزقكم قَالَ
ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: سَافر النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فِي حر فعطش النَّاس عطشاً شَدِيدا حَتَّى
كَادَت أَعْنَاقهم أَن تَنْقَطِع من الْعَطش فَذكر ذَلِك لَهُ
قَالُوا: يَا رَسُول الله لَو دَعَوْت الله فسقانا قَالَ لعلّي
إِن دَعَوْت الله فسقاكم لقلتم هَذَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا
قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا هَذَا بِحِين أنواء ذهبت حِين
الأنواء فَدَعَا بِمَاء فِي مطهرة فَتَوَضَّأ ثمَّ ركع
رَكْعَتَيْنِ ثمَّ دَعَا الله فَهبت ريَاح وهاج سَحَاب ثمَّ
أرْسلت فَمُطِرُوا حَتَّى سَالَ الْوَادي فَشَرِبُوا وَسقوا
(8/43)
دوابهم ثمَّ مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم بِرَجُل وَهُوَ يغترف بِقَعْبٍ مَعَه من الْوَادي وَهُوَ
يَقُول: نوء كَذَا وَكَذَا سَقَطت الْغَدَاة قَالَ: نزلت هَذِه
الْآيَة {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون فلولا إِذا بلغت
الْحُلْقُوم} يَقُول: النَّفس {وَأَنْتُم حِينَئِذٍ تنْظرُون}
{وَنحن أقرب إِلَيْهِ مِنْكُم} يَقُول: الْمَلَائِكَة {وَلَكِن
لَا تبصرون} يَقُول: لَا تبصرون الْمَلَائِكَة {فلولا} يَقُول:
هلا {إِن كُنْتُم غير مدينين} غير محاسبين {ترجعونها} يَقُول:
ترجعوا النَّفس {إِن كُنْتُم صَادِقين فَأَما إِن كَانَ من
المقربين} مثل النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء
بِالْأَعْمَالِ {فَروح} الْفَرح مثل قَوْله: (وَلَا تيأسوامن
روح الله) (سُورَة يُوسُف الْآيَة 87) {وَرَيْحَان} الرزق
قَالَ ابْن عَبَّاس: لَا تخرج روح الْمُؤمن من بدنه حَتَّى
يَأْكُل من ثمار الْجنَّة قبل مَوته {وجنة نعيم} يَقُول: حققت
لَهُ الْجنَّة وَالْآخِرَة {وَأما إِن كَانَ من أَصْحَاب
الْيَمين} يَقُول: جُمْهُور أهل الْجنَّة {فسلام لَك من
أَصْحَاب الْيَمين وَأما إِن كَانَ من المكذبين الضَّالّين}
وهم الْمُشْركُونَ {فَنزل من حميم} قَالَ: ابْن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا لَا يخرج الْكَافِر من بَيته فِي الدُّنْيَا
حَتَّى يسقى كأساً من حميم {وتصلية جحيم} يَقُول: فِي
الْآخِرَة {إِن هَذَا لَهو حق الْيَقِين} يَقُول: هَذَا
القَوْل الَّذِي قَصَصنَا عَلَيْك لَهو حق الْيَقِين يَقُول
الْقُرْآن الصَّادِق وَالله أعلم
سُورَة الْحَدِيد
مَدَنِيَّة وآياتها تسع وَعِشْرُونَ
(8/44)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْآيَة 1 - 6
(8/45)
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا
فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
(1) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ
وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) هُوَ الْأَوَّلُ
وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمٌ (3) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ
مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا
يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ
مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ
بَصِيرٌ (4) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى
اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (5) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي
النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ
بِذَاتِ الصُّدُورِ (6)
أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن
مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة الْحَدِيد بِالْمَدِينَةِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والبهيقي عَن ابْن الزبير قَالَ: أنزلت
سُورَة الْحَدِيد بِالْمَدِينَةِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن
مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نزلت سُورَة الْحَدِيد يَوْم
الثُّلَاثَاء وَخلق الله الْحَدِيد يَوْم الثُّلَاثَاء وَقتل
ابْن آدم أَخَاهُ يَوْم الثُّلَاثَاء وَنهى رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْحجامَة يَوْم الثُّلَاثَاء
وَأخرج الديلمي عَن جَابر مَرْفُوعا: لَا تحتجموا يَوْم
الثُّلَاثَاء فَإِن سُورَة الْحَدِيد أنزلت عليّ يَوْم
الثُّلَاثَاء
(8/45)
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد
وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه
وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عرباض بن سَارِيَة أَن
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ المسبحات
قبل أَن يرقد وَقَالَ إِن فِيهِنَّ آيَة أفضل من ألف آيَة
وَأخرج ابْن الضريس عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: كَانَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينَام حَتَّى يقْرَأ
المسبحات وَكَانَ يَقُول: إِن فِيهِنَّ آيَة هِيَ أفضل من ألف
آيَة قَالَ يحيى: فنراها الْآيَة الَّتِي فِي آخر الْحَشْر
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن عَسَاكِر ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو
نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عمر
قَالَ: كنت أَشد النَّاس على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فَبينا أَنا فِي يَوْم حَار بالهاجرة فِي بعض طَرِيق
مَكَّة إِذْ لَقِيَنِي رجل فَقَالَ: عجبا لَك يَا ابْن الْخطاب
إِنَّك تزْعم أَنَّك وَأَنَّك وَقد دخل عَلَيْك الْأَمر فِي
بَيْتك قلت: وَمَا ذَاك قَالَ: هَذِه أختك قد أسلمت فَرَجَعت
مغضباً حَتَّى قرعت الْبَاب فَقيل: من هَذَا قلت: عمر فتبادروا
فاختفوا مني وَقد كَانُوا يقرأون صحيفَة بَين أَيْديهم تركوها
أَو نسوها فَدخلت حَتَّى جَلَست على السرير فَنَظَرت إِلَى
الصَّحِيفَة فَقلت: مَا هَذِه ناولينيها قَالَت: إِنَّك لست من
أَهلهَا إِنَّك لَا تَغْتَسِل من الْجَنَابَة وَلَا تطهر
وَهَذَا كتاب لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ فَمَا زلت بهَا
حَتَّى ناولتنيها ففتحتها فَإِذا فِيهَا بِسم الله الرَّحْمَن
الرَّحِيم فَلَمَّا قَرَأت الرَّحْمَن الرَّحِيم ذعرت فألقيت
الصَّحِيفَة من يَدي ثمَّ رجعت إِلَى نَفسِي فأخذتها فَإِذا
فِيهَا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {سبح لله مَا فِي
السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم} فَكلما
مَرَرْت باسم من أَسمَاء الله ذعرت ثمَّ ترجع إليَّ نَفسِي
حَتَّى بلغت {آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله وأنفقوا مِمَّا
جعلكُمْ مستخلفين فِيهِ} فَقلت: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا
الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَخرج الْقَوْم مستبشرين
فكبروا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي الْأسود قَالَ:
قَالَ رَأس الجالوت: إِنَّمَا التَّوْرَاة الْحَلَال
وَالْحرَام إِلَّا أَن فِي كتابكُمْ جَامعا {سبح لله مَا فِي
السَّمَاوَات وَالْأَرْض} وَفِي التَّوْرَاة يسبح لله الطير
وَالسِّبَاع
قَوْله تَعَالَى: {هُوَ الأول وَالْآخر} أخرج أَحْمد وَعبد بن
حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه
وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو
(8/46)
الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي هُرَيْرَة
قَالَ: بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس
وَأَصْحَابه إِذْ أَتَى عَلَيْهِم سَحَاب فَقَالَ نَبِي الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل تَدْرُونَ مَا هَذَا قَالُوا:
الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: هَذَا الْعَنَان هَذِه روايا
الأَرْض يَسُوقهَا الله إِلَى قوم لَا يشكرونه وَلَا
يَدعُونَهُ ثمَّ قَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا فَوْقكُم قَالُوا:
الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِنَّهَا الرقيع سقف مَحْفُوظ
وموج مكفوف
ثمَّ قَالَ: هَل تَدْرُونَ كم بَيْنكُم وَبَينهَا قَالُوا:
الله وَرَسُوله أعلم
قَالَ: بَيْنكُم وَبَينهَا خَمْسمِائَة سنة ثمَّ قَالَ: هَل
تَدْرُونَ مَا فَوق ذَلِك قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ:
فَإِن فَوق ذَلِك سماءين مَا بَينهمَا مسيرَة خَمْسمِائَة سنة
حَتَّى عدد سبع سموات مَا بَين كل سماءين كَمَا بَين السَّمَاء
وَالْأَرْض ثمَّ قَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا فَوق ذَلِك قَالُوا:
الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَوق ذَلِك الْعَرْش وَبَينه
وَبَين السَّمَاء بعد مثل مَا بَين السماءين ثمَّ قَالَ: هَل
تَدْرُونَ مَا الَّذِي تحتكم قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم
قَالَ: فَإِنَّهَا الأَرْض ثمَّ قَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا تَحت
ذَلِك قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِن تحتهَا
الأَرْض الْأُخْرَى بَينهمَا مسيرَة خَمْسمِائَة عَام حَتَّى
عد سبع أَرضين بَين كل أَرضين مسيرَة خَمْسمِائَة سنة ثمَّ
قَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَو أَنكُمْ دليتم
أحدكُم بِحَبل إِلَى الأَرْض السَّابِعَة السُّفْلى لهبط على
الله ثمَّ قَرَأَ {هُوَ الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر
وَالْبَاطِن وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم} قَالَ: التِّرْمِذِيّ
فسر بعض أهل الْعلم هَذَا الحَدِيث فَقَالُوا: إِنَّمَا هَبَط
على علم الله وَقدرته وسلطانه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس بن عبد الْمطلب عَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَالَّذِي نفس
مُحَمَّد بِيَدِهِ لَو دليتم أحدكُم بِحَبل إِلَى الأَرْض
السَّابِعَة لقدم على ربه ثمَّ تَلا {هُوَ الأول وَالْآخر
وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم} وَأخرج
الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أم سَلمَة عَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَدْعُو بهؤلاء
الْكَلِمَات: اللَّهُمَّ أَنْت الأول فَلَا شَيْء قبلك وَأَنت
الآخر فَلَا شَيْء بعْدك أعوذ بك من شَرّ كل دَابَّة ناصيتها
بِيَدِك وَأَعُوذ بك من الإِثم والكسل وَمن عَذَاب النَّار
وَمن عَذَاب الْقَبْر وَمن فتْنَة الْغنى وَمن فتْنَة الْفقر
وَأَعُوذ بك من المأثم والمغرم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وحسنة وَالْبَيْهَقِيّ
عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَت فَاطِمَة إِلَى رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسْأَل خَادِمًا فَقَالَ لَهَا: قولي
اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات السَّبع
(8/47)
وَرب الْعَرْش الْعَظِيم وربنا وَرب كل
شَيْء منزل التَّوْرَاة والإِنجيل وَالْفرْقَان فالق الْحبّ
النَّوَى أعوذ بك من شَرّ كل ذِي شَرّ أَنْت آخذ بناصيته أَنْت
الأول فَلَيْسَ قبلك شَيْء وَأَنت الآخر فَلَيْسَ بعْدك شَيْء
وَأَنت الظَّاهِر فَلَيْسَ فَوْقك شَيْء وَأَنت الْبَاطِن
فَلَيْسَ دُونك شَيْء اقْضِ عَنَّا الدّين وأغننا من الْفقر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه
وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَدْعُو عِنْد
النّوم: اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات السَّبع وَرب الْعَرْش
الْعَظِيم رَبنَا وَرب كل شَيْء منزل التَّوْرَاة والإِنجيل
وَالْفرْقَان فالق الْحبّ والنوى لَا إِلَه إِلَّا أَنْت أعوذ
بك من شَرّ كل شَيْء أَنْت آخذ بناصيته أَنْت الأول فَلَيْسَ
قبلك شَيْء وَأَنت الآخر فَلَيْسَ بعْدك شَيْء وَأَنت
الظَّاهِر فَلَيْسَ فَوْقك شَيْء وَأَنت الْبَاطِن فَلَيْسَ
دُونك شَيْء اقْضِ عَنَّا الدّين وأغننا من الْفقر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ من دُعَاء
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي يَقُول: يَا
كَائِن قبل أَن يكون شَيْء والمكوّن لكل شَيْء والكائن بعد مَا
لَا يكون شَيْء أَسأَلك بلحظة من لحظاتك الحافظات الوافرات
الراجيات المنجيات
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن
عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
علم عليا يَدْعُو بهَا عِنْدَمَا أهمه فَكَانَ عَليّ رَضِي
الله عَنهُ يعلمهَا لوَلَده: يَا كَائِن قبل كال شَيْء وَيَا
مكوّن كل شَيْء وَيَا كَائِن بعد كل شَيْء أفعل بِي كَذَا
وَكَذَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مقَاتل
بن حَيَّان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغنَا فِي قَوْله عزو
جلّ: {هُوَ الأوّل} قبل كل شَيْء {وَالْآخر} بعد كل شَيْء
{وَالظَّاهِر} فَوق كل شَيْء {وَالْبَاطِن} أقرب من كل شَيْء
وَإِنَّمَا يَعْنِي بِالْقربِ بِعِلْمِهِ وَقدرته وَهُوَ فَوق
عَرْشه {وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم} {هُوَ الَّذِي خلق
السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام} مِقْدَار كل
يَوْم ألف عَام ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش يعلم مَا يلج فِي
الأَرْض من الْقطر وَمَا يخرج مِنْهَا من النَّبَات وَمَا ينزل
من السَّمَاء من الْقطر وَمَا يعرج فِيهَا يَعْنِي مَا يصعد
إِلَى السَّمَاء من الْمَلَائِكَة وَهُوَ مَعكُمْ أَيْنَمَا
كُنْتُم يَعْنِي قدرته وسلطانه وَعلمه مَعكُمْ إينما كُنْتُم
وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عمر وَأبي سعيد عَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يزَال النَّاس
يسْأَلُون عَن كل شَيْء حَتَّى يَقُولُوا هَذَا الله كَانَ قبل
كل شَيْء فَمَاذَا كَانَ قبل
(8/48)
الله فَإِن قَالُوا لكم ذَلِك فَقولُوا:
هُوَ الأوّل قبل كل شَيْء وَهُوَ الآخر فَلَيْسَ بعده شَيْء
وَهُوَ الظَّاهِر فَوق كل شَيْء وَهُوَ الْبَاطِن دون كل شَيْء
وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم
وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن أبي زميل قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس
رَضِي الله عَنْهُمَا فَقلت: مَا شَيْء أَجِدهُ فِي صَدْرِي
قَالَ: مَا هُوَ قلت: وَالله لَا أَتكَلّم بِهِ فَقَالَ لي:
أَشَيْء من شكّ وَضحك قَالَ: مَا نجا من ذَلِك أحد حَتَّى أنزل
الله تَعَالَى {فَإِن كنت فِي شكّ مِمَّا أنزلنَا إِلَيْك}
الْآيَة وَقَالَ لي: إِذا وجدت فِي نَفسك شَيْئا فَقل: هُوَ
الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن وَهُوَ بِكُل شَيْء
عليم
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَهُوَ
مَعكُمْ أَيْن مَا كُنْتُم} قَالَ: عَالم بكم أَيْنَمَا
كُنْتُم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن
سُفْيَان الثَّوْريّ رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن قَوْله:
{وَهُوَ مَعكُمْ} قَالَ: علمه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبَادَة بن
الصَّامِت قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِن من أفضل إِيمَان الْمَرْء أَن يعلم أَن الله تَعَالَى
مَعَه حَيْثُ كَانَ
وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخ بَغْدَاد بِسَنَد ضَعِيف عَن
ابراء بن عَازِب قَالَ: قلت لعليّ رَضِي الله عَنهُ: يَا
أَمِير الْمُؤمنِينَ أَسأَلك بِاللَّه وَرَسُوله إِلَّا خصصتني
بأعظم مَا خصك بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
واختصه بِهِ جِبْرِيل وأرسله بِهِ الرَّحْمَن فَقَالَ: إِذا
أردْت أَن تَدْعُو الله باسمه الْأَعْظَم فاقرأ من أول سُورَة
الْحَدِيد إِلَى آخر سِتّ آيَات مِنْهَا {عليم بِذَات
الصُّدُور} وَآخر سُورَة الْحَشْر يَعْنِي أَربع آيَات ثمَّ
ارْفَعْ يَديك فَقل: يَا من هُوَ هَكَذَا أَسأَلك بِحَق هَذِه
الْأَسْمَاء أَن تصلّي على مُحَمَّد وَأَن تفعل بِي كَذَا
وَكَذَا مِمَّا تُرِيدُ فوَاللَّه الَّذِي لَا إِلَه غَيره
لتنقلبن بحاجتك إِن شَاءَ الله
الْآيَة 7 - 11
(8/49)
آمِنُوا بِاللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ
فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ
أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ
أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8) هُوَ
الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ
لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ
اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9) وَمَا لَكُمْ أَلَّا
تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ
أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ
دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا
وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ
قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ
(11)
أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن
جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وأنفقوا
مِمَّا جعلكُمْ مستخلفين فِيهِ} قَالَ: معمرين فِيهِ بالرزق
وَفِي قَوْله: {وَقد أَخذ ميثاقكم} قَالَ: فِي ظهر آدم وَفِي
قَوْله: {ليخرجكم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور} قَالَ: من
الضَّلَالَة إِلَى الْهدى
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَعبد بن حميد عَن
مُجَاهِد فِي قَوْله: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُم من أنْفق من قبل
الْفَتْح} يَقُول: من أسلم {وَقَاتل أُولَئِكَ أعظم دَرَجَة من
الَّذين أَنْفقُوا من بعد وقاتلوا} يَعْنِي أَسْلمُوا يَقُول
لَيْسَ من هَاجر كمن لم يُهَاجر {وكلا وعد الله الْحسنى}
قَالَ: الْجنَّة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن
قَتَادَة فِي قَوْله: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُم من أنْفق من قبل
الْفَتْح} الْآيَة قَالَ: كَانَ قتالان أَحدهمَا أفضل من الآخر
وانت نفقتان أَحدهمَا أفضل من الْأُخْرَى قَالَ: كَانَت
النَّفَقَة والقتال قبل الْفَتْح فتح مَكَّة أفضل من
النَّفَقَة والقتال بعد ذَلِك {وكلا وعد الله الْحسنى} قَالَ:
الْجنَّة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما
نزلت هَذِه الْآيَة {لَا يَسْتَوِي مِنْكُم من أنْفق من قبل
الْفَتْح وَقَاتل} قَالَ أَبُو الدحداح: وَالله لأنفقن
الْيَوْم نَفَقَة أدْرك بهَا من قبلي وَلَا يسبقني بهَا أحد
بعدِي فَقَالَ: اللَّهُمَّ كل شَيْء يملكهُ أَبُو الدحداح
فَإِن نصفه لله حَتَّى بلغ فَرد نَعله ثمَّ قَالَ: وَهَذَا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن زيد بن أسلم قَالَ: قَالَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يأتيكم قوم من هَهُنَا
وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْيمن تحقرون أَعمالكُم عِنْد
أَعْمَالهم قَالُوا: فَنحْن خير أم هم قَالَ: بل أَنْتُم فَلَو
أَن أحدهم أنْفق مثل أحد ذَهَبا مَا أدْرك أحدكُم وَلَا
(8/50)
نصيفه فصلت هَذِه الْآيَة بَيْننَا وَبَين
النَّاس {لَا يَسْتَوِي مِنْكُم من أنْفق من قبل الْفَتْح
وَقَاتل أُولَئِكَ أعظم دَرَجَة من الَّذين أَنْفقُوا من بعد
وقاتلوا}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو
نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق زيد بن أسلم عَن عَطاء بن
يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام
الْحُدَيْبِيَة إِذا كَانَ بعسفان قَالَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم يُوشك أَن يَأْتِي قوم تحقرون أَعمالكُم مَعَ
أَعْمَالهم قُلْنَا: من هم يَا رَسُول الله أقريش قَالَ: لَا
وَلَكنهُمْ أهل الْيمن هم أرق أَفْئِدَة وألين قلوباً
فَقُلْنَا: أهم خير منا يَا رَسُول الله قَالَ: لَو كَانَ
لأَحَدهم جبل من ذهب فأنفقه مَا أدْرك مد أحدكُم وَلَا نصيفه
إِلَّا أَن هَذَا فصل مَا بَيْننَا وَبَين النَّاس {لَا
يَسْتَوِي مِنْكُم من أنْفق من قبل الْفَتْح وَقَاتل} الْآيَة
وَأخرج أَحْمد عَن أنس قَالَ: كَانَ بَين خَالِد بن الْوَلِيد
وَبَين عبد الرَّحْمَن بن عَوْف كَلَام فَقَالَ خَالِد لعبد
الرَّحْمَن بن عَوْف: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بهَا
فَبلغ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: دعوا لي
أَصْحَابِي فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أنفقتم مثل أحد أَو مثل
الْجبَال ذَهَبا مَا بَلغْتُمْ أَعْمَالهم
وَأخرج أَحْمد عَن يُوسُف بن عبد الله بن سَلام قَالَ: سُئِلَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنَحْنُ خير أم من
بَعدنَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو
أنْفق أحدهم أحدا ذَهَبا مَا بلغ مد أحدكُم وَلَا نصيفه
وَأخرج ابْن بِي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد
وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تسبوا أَصْحَابِي
فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَن أحدكُم أنْفق مثل أحد ذَهَبا
مَا أدْرك مدّ أحدهم وَلَا نصيفه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: لَا تسبوا أَصْحَاب
مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلمقام أحدهم سَاعَة خير من
عمل أحدكُم عمره
الْآيَة 12 - 15
(8/51)
يَوْمَ تَرَى
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ
هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ
الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا
انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا
وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ
لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ
قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ
مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ
وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ
حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ
(14) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ
الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ
وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15)
أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن
الْحسن فِي قَوْله: {يسْعَى نورهم بَين أَيْديهم} قَالَ: على
الصِّرَاط حَتَّى يدخلُوا الْجنَّة
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود {يسْعَى نورهم بَين
أَيْديهم} قَالَ: على الصِّرَاط
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن يزِيد بن شَجَرَة قَالَ: إِنَّكُم
مكتوبون عِنْد الله بأسمائكم وسيماكم وحلاكم ونجواكم ومجالسكم
فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة قيل: يَا فلَان بن فلَان
هَلُمَّ بنورك وَيَا فلَان بن فلَان لَا نور لَك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن
قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن من الْمُؤمنِينَ يَوْم الْقِيَامَة
من يضيء لَهُ نوره كَمَا بَين الْمَدِينَة إِلَى عدن أبين
إِلَى صنعاء فدون ذَلِك حَتَّى أَن من الْمُؤمنِينَ من لَا
يضيء لَهُ نوره إِلَّا مَوضِع قَدَمَيْهِ وَالنَّاس منَازِل
بأعمالهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم
وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن بَان مَسْعُود فِي
قَوْله: {يسْعَى نورهم بَين أَيْديهم} قَالَ: يُؤْتونَ نورهم
على قدر أَعْمَالهم يَمرونَ على الصِّرَاط مِنْهُم من نوره مثل
الْجَبَل وَمِنْهُم من نوره مثل النَّخْلَة وأدناهم نورا من
نوره على إبهامه يطفأ مرّة ويقد أُخْرَى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن
مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير أَنه سمع أَبَا ذَر
وَأَبا الدَّرْدَاء قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: أَنا أول من يُؤذن لَهُ فِي السُّجُود يَوْم
الْقِيَامَة وَأول من يُؤذن لَهُ أَن يرفع رَأسه فأرفع رَأْسِي
فَأنْظر بَين يَدي وَعَن خَلْفي وَعَن يَمِيني وَعَن شمَالي
فأعرف أمتِي من بَين الْأُمَم فَقيل: يَا رَسُول الله وَكَيف
تعرفهم من بَين الْأُمَم مَا بَين نوح إِلَى أمتك قَالَ: غر
محجلون من أثر الْوضُوء وَلَا يكون لأحد غَيرهم وأعرفهم أَنهم
يُؤْتونَ كتبهمْ بأيمانهم وأعرفها بِسِيمَاهُمْ فِي
(8/52)
وُجُوههم من أثر السُّجُود وأعرفهم بنورهم
الَّذِي يسْعَى بَين أَيْديهم وَعَن أَيْمَانهم وَعَن شمائلهم
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم
وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي
أُمَامَة الْبَاهِلِيّ أَنه قَالَ: أَيهَا النَّاس إِنَّكُم قد
أَصْبَحْتُم وأمسيتم فِي منزل تقتسمون فِيهِ الْحَسَنَات
والسيئات وتوشكون أَن تظعنوا مِنْهُ إِلَى منزل آخر وَهُوَ
الْقَبْر بَيت الْوحدَة وَبَيت الظلمَة وبيد الدُّود وَبَيت
الضّيق إِلَّا مَا وسع الله ثمَّ تنتقلون مِنْهُ إِلَى
مَوَاطِن يَوْم الْقِيَامَة فَإِنَّكُم لفي بعض تِلْكَ المواطن
حَتَّى يغشى النَّاس أَمر الله فتبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه
ثمَّ تنتقلون مِنْهُ إِلَى مَوضِع آخر فتغشى النَّاس ظلمَة
شَدِيدَة ثمَّ يقسم النُّور فَيعْطى الْمُؤمن نورا وَيتْرك
الْكَافِر وَالْمُنَافِق فَلَا يعطيان شَيْئا وَهُوَ الْمثل
الَّذِي ضرب الله فِي كِتَابه إِلَى قَوْله وَلَا يستضيء
الْكَافِر وَالْمُنَافِق بِنور الْمُؤمن كَمَا لَا يستضيء
الْأَعْمَى ببصر الْبَصِير وَيَقُول الْمُنَافِق للَّذين
آمنُوا: {انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارْجعُوا وراءكم فالتمسوا
نورا} وَهِي خدعة الله الَّتِي خدع بهَا الْمُنَافِقين حَيْثُ
قَالَ: (يخادعون الله وَهُوَ خادعهم) (سُورَة النِّسَاء آيَة
142) فيرجعون إِلَى الْمَكَان الَّذِي قسم فِيهِ النُّور فَلَا
يَجدونَ شَيْئا فينصرفون إِلَيْهِم {فَضرب بَينهم بسور لَهُ
بَاب بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة وَظَاهره من قبله الْعَذَاب}
ينادونهم ألم نَكُنْ مَعكُمْ نصلي صَلَاتكُمْ ونغزو مغازيكم
قَالُوا: بلَى إِلَى قَوْله: {وَبئسَ الْمصير}
وَأخرج ابْن بِي حَاتِم من وَجه آخر عَن أبي أُمَامَة قَالَ:
تبْعَث ظلمَة يَوْم الْقِيَامَة فَمَا من مُؤمن وَلَا كَافِر
يرى كَفه حَتَّى يبْعَث الله بِالنورِ إِلَى الْمُؤمنِينَ
بِقدر أَعْمَالهم فيتبعهم المُنَافِقُونَ فَيَقُولُونَ:
{انظرونا نقتبس من نوركم}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي
الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بَيْنَمَا النَّاس فِي ظلمَة
إِذا بعث الله نورا فَلَمَّا رأى الْمُؤْمِنُونَ النُّور
توجهوا نَحوه وَكَانَ النُّور دَلِيلا لَهُم من الله إِلَى
الْجنَّة فَلَمَّا رأى المُنَافِقُونَ الْمُؤمنِينَ انْطَلقُوا
إِلَى النُّور تبعوهم فأظلم الله على الْمُنَافِقين فَقَالُوا
حِينَئِذٍ: {انظرونا نقتبس من نوركم} فَإنَّا كُنَّا مَعكُمْ
فِي الدُّنْيَا قَالَ الْمُؤْمِنُونَ: ارْجعُوا وراءكم
فالتمسوا نورا من حَيْثُ جئْتُمْ من الظلمَة فالتمسوا هُنَالك
النُّور
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس
قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله
يَدْعُو النَّاس يَوْم الْقِيَامَة بأمهاتهم سترا مِنْهُ على
عباده وَأما عِنْد الصِّرَاط فَإِن الله
(8/53)
يُعْطي كل مُؤمن نورا وكل مُنَافِق نورا
فَإِذا اسْتَووا على الصِّرَاط سلب الله نور الْمُنَافِقين
والمنافقات فَقَالَ المُنَافِقُونَ: {انظرونا نقتبس من نوركم}
وَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ: {رَبنَا أتمم لنا نورنا} فَلَا يذكر
عِنْد ذَلِك أحد أحدا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا جمع الله الْأَوَّلين
والآخرين دَعَا الْيَهُود فَقيل لَهُم: من كُنْتُم تَعْبدُونَ
فَيَقُولُونَ: كُنَّا نعْبد الله فَيُقَال لَهُم: كُنْتُم
تَعْبدُونَ مَعَه غَيره فَيَقُولُونَ: نعم فَيُقَال لَهُم: من
كُنْتُم تَعْبدُونَ مَعَه فَيَقُولُونَ: عُزيراً فيوجهون وَجها
ثمَّ يَدْعُو النَّصَارَى فَيُقَال لَهُم: من كُنْتُم
تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نعْبد الله فَيَقُول لَهُم:
هَل كُنْتُم تَعْبدُونَ مَعَه غَيره فَيَقُولُونَ: نعم
فَيُقَال لَهُم: من كُنْتُم تَعْبدُونَ مَعَه فَيَقُولُونَ:
الْمَسِيح فيوجهون وَجها ثمَّ يدعى الْمُسلمُونَ وهم على رابة
من الأَرْض فَيُقَال لَهُم: من كُنْتُم تَعْبدُونَ
فَيَقُولُونَ: كُنَّا نعْبد الله وَحده فَيُقَال لَهُم: هَل
كُنْتُم تَعْبدُونَ مَعَه غَيره فَيَقُولُونَ: مَا عَبدنَا
غَيره فَيعْطى كل إِنْسَان مِنْهُم نورا ثمَّ يوجهون إِلَى
الصِّرَاط ثمَّ قَرَأَ {يَوْم يَقُول المُنَافِقُونَ
والمنافقات للَّذين آمنُوا انظرونا نقتبس من نوركم} الْآيَة
وَقَرَأَ (يَوْم لَا يخزي الله النَّبِي وَالَّذين آمنُوا
مَعَه نورهم) (سُورَة التَّحْرِيم الْآيَة 8) إِلَى آخر
الْآيَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يَوْم
يَقُول المُنَافِقُونَ والمنافقات} الْآيَة قَالَ: بَيْنَمَا
النَّاس فِي ظلمَة إِذْ بعث الله نورا فَلَمَّا رأى
الْمُؤْمِنُونَ النُّور توجهوا نَحوه وَكَانَ النُّور لَهُم
دَلِيلا إِلَى الْجنَّة من الله فَلَمَّا رأى المُنَافِقُونَ
الْمُؤمنِينَ قد انْطَلقُوا تبعوهم فأظلم الله على
الْمُنَافِقين فَقَالُوا حِينَئِذٍ: {انظرونا نقتبس من نوركم}
فَإنَّا كُنَّا مَعكُمْ فِي الدُّنْيَا قَالَ الْمُؤْمِنُونَ:
ارْجعُوا من حَيْثُ جئْتُمْ من الظلمَة فالتمسوا هُنَالك
النُّور
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي
فَاخِتَة قَالَ: يجمع الله الْخَلَائق يَوْم الْقِيَامَة
وَيُرْسل الله على النَّاس ظلمَة فَيَسْتَغِيثُونَ رَبهم فيؤتي
الله كل مُؤمن يَوْمئِذٍ نورا ويؤتي الْمُنَافِقين نورا
فَيَنْطَلِقُونَ جَمِيعًا متوجهين إِلَى الْجنَّة مَعَهم نورهم
فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ طفأ الله نور الْمُنَافِقين
فيترددوهن فِي الظلمَة ويسبقهم الْمُؤْمِنُونَ بنورهم بَين
أَيْديهم فينادونهم {انظرونا نقتبس من نوركم} {فَضرب بَينهم
بسور لَهُ بَاب بَاطِنه} حَيْثُ ذهب الْمُؤْمِنُونَ فِيهِ
الرَّحْمَة وَمن قبله الْجنَّة ويناديهم المُنَافِقُونَ ألم
نَكُنْ مَعكُمْ قَالُوا: بلَى وَلَكِنَّكُمْ فتنتم أَنفسكُم
وتربصتم
(8/54)
وارتبتم فَيَقُول المُنَافِقُونَ بَعضهم
لبَعض: وهم يتسكعون فِي الظلمَة تَعَالَوْا نلتمس إِلَى
المؤمنيين سَبِيلا فيسقطون على هوة فَيَقُول بَعضهم لبَعض: إِن
هَذَا ينْفق بكم إِلَى الْمُؤمنِينَ فيتهافتون فِيهَا فَلَا
يزالون يهوون فِيهَا حَتَّى ينْتَهوا إِلَى قَعْر جَهَنَّم
فهنالك خدع المُنَافِقُونَ كَمَا قَالَ الله: {وَهُوَ خادعهم}
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {انظرونا}
مَوْصُولَة بِرَفْع الْألف وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش
أَنه قَرَأَ {انظرونا} مَقْطُوعَة بِنصب الْألف وَكسر الظَّاء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: أَيْن أَنْت
من يَوْم جِيءَ بجهنم قد سدت مَا بَين الْخَافِقين وَقيل: لن
تدخل الْجنَّة حَتَّى تخوض النَّار فَإِن كَانَ مَعَك نور
استقام بك الصِّرَاط فقد وَالله نجوت وهديت وَإِن لم يكن مَعَك
نور تشبث بك بعض خطاطيف جَهَنَّم أَو كلاليبها فقد وَالله رديت
وهويت
وَأخرج البهيقي فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مقَاتل فِي
قَوْله: {يَوْم يَقُول المُنَافِقُونَ والمنافقات للَّذين
آمنُوا} وهم على الصِّرَاط {انظرونا} يَقُول: ارقبونا {نقتبس
من نوركم} يَعْنِي نصيب من نوركم فنمضي مَعكُمْ قيل: يَعْنِي
قَالَت الْمَلَائِكَة لَهُم: {ارْجعُوا وراءكم فالتمسوا نورا}
من حَيْثُ جئْتُمْ هَذَا من الِاسْتِهْزَاء بهم استهزؤوا
بِالْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا حِين قَالُوا: آمنا وَلَيْسوا
بمؤمنين فَذَلِك قَوْله: {الله يستهزئ بهم} حِين يُقَال لَهُم:
{ارْجعُوا وراءكم فالتمسوا نورا} {فَضرب بَينهم بسور لَهُ
بَاب} يَعْنِي بالسور حَائِط بَين أهل الْجنَّة وَالنَّار
{بَاب بَاطِنه} يَعْنِي بَاطِن السُّور {فِيهِ الرَّحْمَة}
مِمَّا يَلِي الْجنَّة {وَظَاهره من قبله الْعَذَاب} يَعْنِي
جَهَنَّم وَهُوَ الْحجاب الَّذِي ضرب بَين أهل الْجنَّة وَأهل
النَّار
وَأخرج عبد بن حميد عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَنه كَانَ على
سور بَيت الْمُقَدّس الشَّرْقِي فَبكى فَقيل لَهُ مَا يبكيك
فَقَالَ: هَهُنَا أخبرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَنه رأى جَهَنَّم يحدث عَن أَبِيه أَنه قَالَ: {فَضرب بَينهم
بسور} قَالَ: هَذَا مَوضِع السورعند وَادي جَهَنَّم
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَن أبي سِنَان قَالَ: كنت مَعَ عَليّ
بن عبد الله بن عَبَّاس عِنْد وَادي جَهَنَّم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي
حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ
(8/55)
وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن عَمْرو بن
الْعَاصِ قَالَ: إِن السُّور الَّذِي ذكره الله فِي الْقُرْآن
{فَضرب بَينهم بسور} هوالسور الَّذِي بِبَيْت الْمُقَدّس
الشَّرْقِي {بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة} الْمَسْجِد {وَظَاهره
من قبله الْعَذَاب} يَعْنِي وَادي جَهَنَّم وَمَا يَلِيهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن
قَتَادَة {فَضرب بَينهم بسور} قَالَ: حَائِط بَين الْجنَّة
وَالنَّار
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن فِي قَوْله: {بَاطِنه فِيهِ
الرَّحْمَة} قَالَ: الْجنَّة {وَظَاهره من قبله الْعَذَاب}
قَالَ: النَّار
وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن
الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء
وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {يَوْم يَقُول
المُنَافِقُونَ والمنافقات} الْآيَة قَالَ: إِن الْمُنَافِقين
كَانُوا مَعَ الْمُؤمنِينَ أَحيَاء فِي الدُّنْيَا يناكحونهم
ويعاشرونهم وَكَانُوا مَعَهم أَمْوَاتًا ويعطون النُّور
جَمِيعًا يَوْم الْقِيَامَة فيطفأ نور الْمُنَافِقين إِذا
بلغُوا السُّور يماز بَينهم يَوْمئِذٍ والسور كالحجاب فِي
الْأَعْرَاف فَيَقُولُونَ: {انظرونا نقتبس من نوركم قيل
ارْجعُوا وراءكم فالتمسوا نورا}
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي
قَوْله: {وَلَكِنَّكُمْ فتنتم أَنفسكُم} قَالَ: بالشهوات
وَاللَّذَّات وتربصتم بِالتَّوْبَةِ {وارتبتم} أَي شَكَكْتُمْ
فِي الله {وغرتكم الْأَمَانِي حَتَّى جَاءَ أَمر الله} قَالَ:
الْمَوْت {وغركم بِاللَّه الْغرُور} قَالَ: الشَّيْطَان
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي سُفْيَان {وَلَكِنَّكُمْ فتنتم
أَنفسكُم} قَالَ: بِالْمَعَاصِي وتربصتم بِالتَّوْبَةِ
{وارتبتم} شَكَكْتُمْ {وغرتكم الْأَمَانِي} قُلْتُمْ: سيغفر
لنا حَتَّى جَاءَ أَمر الله قَالَ: الْمَوْت {وغركم بِاللَّه
الْغرُور} قَالَ: الشَّيْطَان
وَأخرج عبد بن حميد عَن مَحْبُوب اللَّيْثِيّ {وَلَكِنَّكُمْ
فتنتم أَنفسكُم} أَي بالشهوات {وتربصتم} بِالتَّوْبَةِ
{وارتبتم} أَي شَكَكْتُمْ فِي الله {وغرتكم الْأَمَانِي}
قَالَ: طول الأمل {حَتَّى جَاءَ أَمر الله} قَالَ: الْمَوْت
{وغركم بِاللَّه الْغرُور} قَالَ: الشَّيْطَان
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وتربصتم} قَالَ: تَرَبَّصُوا
بِالْحَقِّ وَأَهله {وارتبتم} قَالَ: كَانُوا فِي شكّ من أَمر
الله {وغرتكم الْأَمَانِي} قَالَ: كَانُوا على خدعة من
الشَّيْطَان وَالله مازالوا عَلَيْهَا حَتَّى قذفهم الله فِي
النَّار {وغركم بِاللَّه الْغرُور}
(8/56)
قَالَ: الشَّيْطَان {فاليوم لَا يُؤْخَذ
مِنْكُم فديَة} يَعْنِي من الْمُنَافِقين وَلَا من الَّذين
كفرُوا
الْآيَة 16 - 18
(8/57)
أَلَمْ يَأْنِ
لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ
اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا
كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ
عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ
فَاسِقُونَ (16) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ
بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ
تَعْقِلُونَ (17) إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ
وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ
وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18)
أخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله
عَنهُ أَنه قَرَأَ ألمايان للَّذين آمنُوا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس لَا أعلمهُ إِلَّا مَرْفُوعا
إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: استبطأ الله
قُلُوب الْمُهَاجِرين بعد سبع عشرَة من نزُول الْقُرْآن
فَأنْزل الله {ألم يَأن للَّذين آمنُوا أَن تخشع قُلُوبهم لذكر
الله} الْآيَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: خرج رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على نفر من أَصْحَابه فِي الْمَسْجِد
وهم يَضْحَكُونَ فسحب رِدَاءَهُ محمراً وَجهه فَقَالَ: أتضحكون
وَلم يأتكم أَمَان من ربكُم بِأَنَّهُ قد غفر لكم وَلَقَد أنزل
عليّ فِي ضحككم آيَة {ألم يَأن للَّذين آمنُوا أَن تخشع
قُلُوبهم لذكر الله} قَالُوا يَا رَسُول الله: فَمَا كَفَّارَة
ذَلِك قَالَ: تَبْكُونَ قدر مَا ضحكتم
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {ألم يَأن للَّذين آمنُوا أَن
تخشع قُلُوبهم لذكر الله} قَالَ: ذكر لنا أَن شَدَّاد بن أَوْس
كَانَ يروي عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه
كَانَ يَقُول: أول مَا يرفع من النَّاس الْخُشُوع
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {ألم يَأن للَّذين آمنُوا
أَن تخشع قُلُوبهم} يَقُول: ألم يحن للَّذين آمنُوا
وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
{اعلموا أَن الله يحيي الأَرْض بعد مَوتهَا} قَالَ: تليين
الْقُلُوب بعد قسوتها
(8/57)
وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ:
مَا كَانَ بَين أسلامنا وَبَين أَن عَاتَبَنَا الله بِهَذِهِ
{ألم يَأن للَّذين آمنُوا أَن تخشع قُلُوبهم لذكر الله} إِلَّا
أَربع سِنِين
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ
وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن الزبير أَن ابْن
مَسْعُود أخبرهُ أَنه لم يكن بَين إسْلَامهمْ وَبَين أَن نزلت
هَذِه الْآيَة يعاتبهم الله بهَا إِلَّا أَربع سِنِين وَلَا
يَكُونُوا كَالَّذِين أُوتُوا الْكتاب من قبل فطال عَلَيْهِم
الأمد فقست قُلُوبهم وَكثير مِنْهُم فَاسِقُونَ
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
لما نزلت {ألم يَأن للَّذين آمنُوا أَن تخشع قُلُوبهم لذكر
الله} الْآيَة أقبل بَعْضنَا على بعض أَي شَيْء أحدثنا أَي
شَيْء صنعنَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس
قَالَ: إِن الله استبطأ قُلُوب الْمُهَاجِرين فعاتبهم على رَأس
ثَلَاثًا عشرَة سنة من نزُول الْقُرْآن فَقَالَ: {ألم يَأن
للَّذين آمنُوا} الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن عبد الْعَزِيز بن أبي
رواد أَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ظهر
مِنْهُم المزاح والضحك فَنزلت {ألم يَأن للَّذين آمنُوا}
الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: كَانَ
أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أخذُوا فِي
شَيْء من المزاح فَأنْزل الله {ألم يَأن للَّذين آمنُوا}
الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَعبد الرَّزَّاق وَابْن
الْمُنْذر عَن الْأَعْمَش قَالَ: لم قدم أَصْحَاب رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة فَأَصَابُوا من لين
الْعَيْش مَا أَصَابُوا بَعْدَمَا كَانَ بهم من الْجهد فكأنهم
فتروا عَن بعض مَا كَانُوا عَلَيْهِ فعوتبوا فَنزلت {ألم يَأن
للَّذين آمنُوا} الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق السّديّ عَن الْقَاسِم
قَالَ: مل أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِلَّة
فَقَالُوا: حَدثنَا يَا رَسُول الله فَأنْزل الله (نَحن نقص
عَلَيْك أحسن الْقَصَص) (سُورَة يُوسُف الْآيَة 3) ثمَّ ملوا
مِلَّة فَقَالُوا حَدثنَا يَا رَسُول الله فَأنْزل الله {ألم
يَأن للَّذين آمنُوا} الْآيَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود أَن رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يطولن عَلَيْكُم
(8/58)
الأمد فتقسوا قُلُوبكُمْ أَلا أَن كل مَا
هُوَ آتٍ قريب أَلا إِنَّمَا الْبعيد مَا لَيْسَ بآت
وَأخرجه ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عبد
الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن بني إِسْرَائِيل
لما طَال عَلَيْهِم الأمد قست قُلُوبهم اخترعوا كتابا من عِنْد
أنفسهم استهوته قُلُوبهم واستحلته ألسنتهم وَكَانَ الْحق يحول
بَينهم وَبَين كثير من شهواتهم حَتَّى نبذوا كتاب الله وَرَاء
ظُهُورهمْ كَأَنَّهُمْ لَا يعلمُونَ فَقَالُوا: أَعرضُوا هَذَا
الْكتاب على بني إِسْرَائِيل فَإِن تابعوكم فاتركوهم وَإِن
خالفوكم فاقتلوهم قَالُوا: لَا بل أرْسلُوا إِلَى فلَان رجل من
عُلَمَائهمْ فاعرضوا عَلَيْهِ هَذَا الْكتاب فَإِن تابعكم
فَلَنْ يخالفكم أحد بعده وَإِن خالفكم فَاقْتُلُوهُ فَلَنْ
يخْتَلف عَلَيْكُم أحد بعده فأرسلوا إِلَيْهِ فَأخذ ورقة وَكتب
فِيهَا كتاب الله ثمَّ علقها فِي عُنُقه ثمَّ لبس عَلَيْهِ
الثِّيَاب فعرضوا عَلَيْهِ الْكتاب فَقَالُوا: أتؤمن بِهَذَا
فَأَوْمأ إِلَى صَدره فَقَالَ: آمَنت وَمَا لي لَا أومن
بِهَذَا يَعْنِي الْكتاب الَّذِي فِيهِ الْقُرْآن فَخلوا
سَبيله وَكَانَ لَهُ أَصْحَاب يغشونه فَلَمَّا مَاتَ وجدوا
الْكتاب الَّذِي فِيهِ الْقُرْآن مُعَلّق عَلَيْهِ فَقَالُوا:
أَلا ترَوْنَ إِلَى قَوْله: آمَنت بِهَذَا وَمَالِي لَا أومن
بِهَذَا إِنَّمَا عَنى هَذَا الْكتاب فَاخْتلف بنوا
إِسْرَائِيل على بضع وَسبعين مِلَّة وَخير مللهم أَصْحَاب ذِي
الْقُرْآن
قَالَ عبد الله: وَإِن من بَقِي مِنْكُم سيرى مُنْكرا وبحسب
امْرِئ يرى مُنْكرا لَا يَسْتَطِيع أَن يُغَيِّرهُ أَن يعلم
الله من قلبه أَنه كَارِه لَهُ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه
كَانَ إِذا تَلا هَذِه الْآيَة {ألم يَأن للَّذين آمنُوا أَن
تخشع قُلُوبهم لذكر الله} ثمَّ قَالَ: بلَى يَا رب بلَى يَا رب
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن
قَتَادَة فِي الْآيَة شَدَّاد بن أَوْس: أول مَا يرفع من
النَّاس الْخُشُوع
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله
عَنهُ فِي قَوْله: {الأمد} قَالَ: الدَّهْر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي حَرْب بن أبي الْأسود عَن
أَبِيه قَالَ: جمع أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ الْقُرَّاء
فَقَالَ: لَا يدخلن عَلَيْكُم إِلَّا من جمع الْقُرْآن
فَدَخَلْنَا ثَلَاثمِائَة رجل فوعظنا وَقَالَ: أَنْتُم قراء
هَذِه الْبَلَد وَالله ليطولن عَلَيْكُم الأمد فتقسو
قُلُوبكُمْ كَمَا قست قُلُوب أهل الْكتاب
الْآيَة 19 - 21
(8/59)
وَالَّذِينَ آمَنُوا
بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ
وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ
وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا
أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19) اعْلَمُوا أَنَّمَا
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ
بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ
كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ
فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ
عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)
سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ
عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ
لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ
اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ
الْعَظِيمِ (21)
أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء
رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: من فرّ بِدِينِهِ من أَرض إِلَى أَرض مَخَافَة
الْفِتْنَة على نَفسه وَدينه كتب عِنْد الله صديقا فَإِذا
مَاتَ قَبضه الله شَهِيدا وتلا هَذِه الْآيَة {وَالَّذين
آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله أُولَئِكَ هم الصديقون وَالشُّهَدَاء
عِنْد رَبهم} ثمَّ قَالَ: والفارون بدينهم من أَرض إِلَى أَرض
يَوْم الْقِيَامَة مَعَ عِيسَى ابْن مَرْيَم فِي دَرَجَته فِي
الْجنَّة
وَأخرج ابْن جرير عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مؤمنو
أمتِي شُهَدَاء ثمَّ تَلا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
{وَالَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله أُولَئِكَ هم الصديقون
وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبهم}
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ
قَالَ: إِن الرجل ليَمُوت على فرَاشه وَهُوَ شَهِيد ثمَّ تَلا
{وَالَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله أُولَئِكَ هم الصديقون
وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبهم}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ
أَنه قَالَ يَوْمًا وهم عِنْده: كلكُمْ صديق وشهيد قيل لَهُ:
مَا تَقول يَا أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: أقرأوا {وَالَّذين
آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله أُولَئِكَ هم الصديقون وَالشُّهَدَاء
عِنْد رَبهم}
(8/60)
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي هُرَيْرَة
رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا الشَّهِيد الَّذِي لَو مَاتَ
على فرَاشه دخل الْجنَّة يَعْنِي الَّذِي يَمُوت على فرَاشه
وَلَا ذَنْب لَهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله
عَنهُ قَالَ: كل مُؤمن صديق وشهيد ثمَّ تَلا {وَالَّذين آمنُوا
بِاللَّه وَرُسُله أُولَئِكَ هم الصديقون وَالشُّهَدَاء عِنْد
رَبهم}
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ: كل مُؤمن
صديق ثمَّ قَرَأَ {وَالَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله
أُولَئِكَ هم الصديقون} قَالَ: هَذِه مفصولة {وَالشُّهَدَاء
عِنْد رَبهم لَهُم أجرهم ونورهم}
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {وَالَّذين
آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله أُولَئِكَ هم الصديقون} قَالَ: هَذِه
مفصولة سماهم صديقين ثمَّ قَالَ: {وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبهم
لَهُم أجرهم ونورهم}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن
مَسْرُوق قَالَ: هِيَ للشهداء خَاصَّة
وَأخرج ابْن حبَان عَن عَمْرو بن مَيْمُون الْجُهَنِيّ قَالَ:
جَاءَ رجل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا
رَسُول الله أَرَأَيْت إِن شهِدت أَن لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأَنَّك رَسُول الله وَصليت الصَّلَوَات الْخمس وَأديت
الزَّكَاة وَصمت رَمَضَان وقمته فَمِمَّنْ أَنا قَالَ: من
الصديقين وَالشُّهَدَاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قتاة فِي قَوْله:
{وَفِي الْآخِرَة عَذَاب شَدِيد ومغفرة من الله ورضوان} قَالَ:
صَار النَّاس إِلَى هذَيْن الحرفين فِي الْآخِرَة
الْآيَة 22 - 24
(8/61)
مَا أَصَابَ مِنْ
مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي
كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى
اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ
وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ
مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ
النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ
الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (24)
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن
أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله:
{مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلَا فِي أَنفسكُم}
يَقُول: فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الدّين {إِلَّا فِي كتاب من
قبل أَن نبرأها} قَالَ: نخلقها {لكَي لَا تأسوا على مَا فاتكم}
من الدُّنْيَا {وَلَا تفرحوا بِمَا آتَاكُم} مِنْهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مَا أصَاب من
مُصِيبَة} الْآيَة قَالَ: هُوَ شَيْء قد فرغ مِنْهُ من قبل أَن
تَبرأ الْأَنْفس
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي حسان أَن رجلَيْنِ
دخلا على عَائِشَة فَقَالَا: إِن أَبَا هُرَيْرَة يحدث أَن
نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: إِنَّمَا
الطَّيرَة فِي الدَّابَّة وَالْمَرْأَة وَالدَّار فَقَالَت:
وَالَّذِي أنزل الْقُرْآن على أبي الْقَاسِم مَا هَكَذَا كَانَ
يَقُول: وَلَكِن كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
يَقُول: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يَقُولُونَ: إِنَّمَا
الطَّيرَة فِي الْمَرْأَة وَالدَّابَّة وَالدَّار ثمَّ قَرَأت
{مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا
فِي كتاب من قبل أَن نبرأها إِن ذَلِك على الله يسير}
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن أَنه سُئِلَ
عَنهُ هَذِه الْآيَة فَقَالَ: سُبْحَانَ الله من يشك فِي هَذَا
كل مُصِيبَة فِي السَّمَاء وَالْأَرْض فَفِي كتاب من قبل أَن
تَبرأ النَّسمَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن
الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب
الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لكَي لَا تأسوا على
مَا فاتكم} الْآيَة قَالَ: لَيْسَ أحد إِلَّا وَهُوَ يحزن
ويفرح وَلَكِن إِن أَصَابَته مُصِيبَة جعلهَا صبرا وَإِن
أَصَابَهُ خير جعله شكرا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مَا
أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي
كتاب من قبل أَن نبرأها} يُرِيد مصائب المعاش وَلَا يُرِيد
مصائب الدّين أَنه قَالَ: {لكَي لَا تأسوا على مَا فاتكم وَلَا
تفرحوا بِمَا آتَاكُم} وَلَيْسَ عَن مصائب الدّين أَمرهم أَن
يأسوا على السَّيئَة ويفرحوا بِالْحَسَنَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: إِنَّه
ليقضي بِالسَّيِّئَةِ فِي السَّمَاء وَهُوَ كل يَوْم فِي شَأْن
ثمَّ يضْرب لَهَا أجل فيحسبها إِلَى أجلهَا فَإِذا جَاءَ
أجلهَا أرسلها فَلَيْسَ لَهَا مَرْدُود أَنه كَائِن فِي يَوْم
كَذَا من شهر كَذَا من سنة كَذَا فِي بلد كَذَا من الْمُصِيبَة
من
(8/62)
الْقَحْط والرزق والمصيبة فِي الْخَاصَّة
والعامة حَتَّى إِن الرجل يَأْخُذ الْعَصَا يتَوَكَّأ بهَا
وَقد كَانَ لَهَا كَارِهًا ثمَّ يعتادها حَتَّى مَا يَسْتَطِيع
تَركهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن
الرّبيع بن أبي صَالح قَالَ: دخلت على سعيد بن جُبَير فِي نفر
فَبكى رجل من الْقَوْم فَقَالَ: مَا يبكيك فَقَالَ: أبْكِي لما
أرى بك وَلما يذهب بك إِلَيْهِ قَالَ: فَلَا تبك فَإِنَّهُ
كَانَ فَعلم الله أَن يكون أَلا تسمع إِلَى قَوْله: {مَا أصَاب
من مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي كتاب
من قبل أَن نبرأها}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن
قَتَادَة فِي قَوْله: {مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض
وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي كتاب} قَالَ: الأوجاع والأمراض
{من قبل أَن نبرأها} قَالَ: من قبل أَن نخلقها
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي
الْآيَة قَالَ: أنزل الله الْمُصِيبَة ثمَّ حَبسهَا عِنْده
ثمَّ يخلق صَاحبهَا فَإِذا عمل خطيئتها أرسلها عَلَيْهِ
وَأخرج الديليمي عَن سليم بن جَابر النجيمي قَالَ: قَالَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سيفتح على أمتِي بَاب من
الْقدر فِي آخر الزَّمَان لَا يسده شَيْء يكفيكم مِنْهُ أَن
تقوهم بِهَذِهِ الْآيَة {مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض
وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي كتاب} الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَعبد بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن
قزعة قَالَ: رَأَيْت على ابْن عمر ثيابًا خشنة فَقلت: يَا
أَبَا عبد الرَّحْمَن إِنِّي قد أَتَيْتُك بِثَوْب لين مِمَّا
يصنع بخراسان وتقر عَيْني أَن أرَاهُ عَلَيْك فَإِن عَلَيْك
ثيابًا خشنة قَالَ: إِنِّي أَخَاف أَن ألبسهُ فَأَكُون مختالاً
فخوراً {وَالله لَا يحب كل مختال فخور}
الْآيَة 25 - 27
(8/63)
لَقَدْ أَرْسَلْنَا
رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ
وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا
الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ
وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ
إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا
نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا
النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ
مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (26) ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ
بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ
وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ
اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً
ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ
رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا
فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ
مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27)
أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن
قَتَادَة فِي قَوْله: {وأنزلنا مَعَهم الْكتاب وَالْمِيزَان}
قَالَ: الْعدْل
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله:
{وأنزلنا الْحَدِيد فِيهِ بَأْس شَدِيد وَمَنَافع للنَّاس}
قَالَ: جنَّة وَسلَاح
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي
قَوْله: {وأنزلنا الْحَدِيد} الْآيَة قَالَ: إِن أول مَا أنزل
الله من الْحَدِيد الكلبتين وَالَّذِي يضْرب عَلَيْهِ
الْحَدِيد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن
الْأَيَّام فَقَالَ: السبت عدد والأحد عدد والاثنين يَوْم تعرض
فِيهِ الْأَعْمَال وَالثُّلَاثَاء يَوْم الدَّم
وَالْأَرْبِعَاء يَوْم الْحَدِيد {وأنزلنا الْحَدِيد فِيهِ
بَأْس شَدِيد} وَالْخَمِيس يَوْم تعرض الْأَعْمَال
وَالْجُمُعَة يَوْم بَدَأَ الله الْخلق وَفِيه تقوم السَّاعَة
قَوْله تَعَالَى: {وَجَعَلنَا فِي قُلُوب الَّذين اتَّبعُوهُ}
الْآيَة
أخرج عبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر
الْأُصُول وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن
أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن
مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر
من طرق عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا عبد الله: قلت: لبيْك يَا رَسُول
الله ثَلَاث مَرَّات قَالَ: هَل تَدْرِي أَي عرا الإِيمان أوثق
قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: أوثق عرا الإِيمان الْولَايَة
فِي الله بالحب فِيهِ والبغض فِيهِ قَالَ: هَل تَدْرِي أَي
النَّاس أفضل قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: أفضل النَّاس
أفضلهم عملا إِذا تفقهوا فِي الدّين يَا عبد الله هَل تَدْرِي
أَي النَّاس أعلم قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِن أعلم
النَّاس أبصرهم بِالْحَقِّ إِذا اخْتلف النَّاس وَإِن كَانَ
مقصراً بِالْعَمَلِ وَإِن كَانَ يزحف على استه وَاخْتلف من
كَانَ قبلنَا على اثْنَتَيْنِ وَسبعين فِرْقةً نجا مِنْهَا
ثَلَاث وَهلك سائرها فرقة (من الْفِرَاق) وزت الْمُلُوك
وقاتلتهم على دين الله وَعِيسَى ابْن مَرْيَم حَتَّى قتلوا
وَفرْقَة لم يكن لَهُم طَاقَة بموازاة الْمُلُوك وَلَا
(8/64)
بالْمقَام مَعَهم فساحوا فِي الْجبَال
وترهبوا فِيهَا وهم الَّذين قَالَ الله: {ورهبانية ابتدعوها
مَا كتبناها عَلَيْهِم إِلَّا ابْتِغَاء رضوَان الله فَمَا
رعوها حق رعايتها فآتينا الَّذين آمنُوا مِنْهُم أجرهم}
الَّذين آمنُوا بِي وصدقوني {وَكثير مِنْهُم فَاسِقُونَ}
الَّذين كفرُوا بِي وجحدوني
وَأخرج النَّسَائِيّ والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر
الْأُصُول وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن
ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت مُلُوك بعد عِيسَى بدلت
التَّوْرَاة والإِنجيل فَكَانَ مِنْهُم مُؤمنُونَ يقرأون
التَّوْرَاة والإِنجيل فَقيل لملوكهم: مَا نجد شَيْئا أَشد من
شتم يشتمنا هَؤُلَاءِ انهم يقرؤون (وَمن لم يحكم بِمَا أنزل
الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ) (الْمَائِدَة الْآيَة 44)
(وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ)
(الْمَائِدَة الْآيَة 45) (وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله
فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ) (الْمَائِدَة الْآيَة 47) مَعَ
مَا يعيبوننا بِهِ من أَعمالنَا فِي قراءتهم فادعهم فليقرؤوا
كَمَا نَقْرَأ وليؤمنوا كَمَا آمنا فَدَعَاهُمْ فَجَمعهُمْ
وَعرض عَلَيْهِم الْقَتْل أَو يتْركُوا قرءة التَّوْرَاة
والإِنجيل إِلَّا مَا بدلُوا مِنْهَا فَقَالُوا: مَا
تُرِيدُونَ إِلَى ذَلِك دَعونَا فَقَالَت طَائِفَة مِنْهُم:
ابْنُوا لنا اسطوانة ثمَّ ارفعونا إِلَيْهَا ثمَّ أعطونا
شَيْئا ترفع بِهِ طعامنا وشرابنا وَلَا ترد عَلَيْكُم وَقَالَت
طَائِفَة: دَعونَا نسيح فِي الأَرْض ونهيم وَنَأْكُل مِمَّا
تَأْكُل مِنْهُ الوحوش وَنَشْرَب مِمَّا تشرب فَإِن قدرتم
علينا فِي أَرْضكُم فاقتلونا وَقَالَت طَائِفَة: ابْنُوا لنا
ديوراً فِي الفيافي ونحتفر الْآبَار ونحرث الْبُقُول فَلَا
نَرِد عَلَيْكُم وَلَا نمر بكم وَلَيْسَ أحد من الْقَبَائِل
إِلَّا لَهُ حميم فيهم فَفَعَلُوا ذَلِك فَأنْزل الله
{ورهبانية ابتدعوها مَا كتبناها عَلَيْهِم إِلَّا ابْتِغَاء
رضوَان الله فَمَا رعوها حق رعايتها} قَالَ: وَالْآخرُونَ
مِمَّن تعبد من أهل الشّرك وفني من قد فني مِنْهُم قَالُوا:
نتعبد كَمَا تعبد فلَان ونسيح كَمَا ساح فلَان ونتخذ ديوراً
كَمَا اتخذ فلَان وهم على شركهم لَا علم لَهُم بإِيمان الَّذين
اقتدوا بهم فَلَمَّا بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَلم يبْق مِنْهُم إِلَّا الْقَلِيل انحط صَاحب الصومعة من
صومعته وَجَاء السائح من سياحته وَصَاحب الدَّيْر من ديره
فآمنوا بِهِ وَصَدقُوهُ فَقَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيهَا
الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وآمنوا بِرَسُولِهِ يُؤْتكُم
كِفْلَيْنِ من رَحمته} أَجْرَيْنِ بإيمَانهمْ بِعِيسَى وَنصب
أنفسهم والتوراة والإِنجيل وبإيمانهم بِمُحَمد وتصديقهم
{وَيجْعَل لكم نورا تمشون بِهِ} الْقُرْآن واتباعهم النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(8/65)
وَأخرج أَبُو يعلى عَن أنس أَن رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تشددوا على أَنفسكُم فيشدد
عَلَيْكُم فَإِن قوما شَدَّدُوا على أنفسهم فَشدد عَلَيْهِم
فَتلك بقاياهم فِي الصوامع والديارات {ورهبانية ابتدعوها مَا
كتبناها عَلَيْهِم}
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سهل بن أبي أُمَامَة بن
سهل بن جُبَير عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تشددوا على أَنفسكُم فَإِنَّمَا هلك
من كَانَ قبلكُمْ بتشديدهم على أنفسهم وستجدون بقاياهم فِي
الصوامع والديارات
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن
مرْدَوَيْه وَابْن نصر عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ
قَالَ: إِن الله كتب عَلَيْكُم صِيَام شهر رَمَضَان وَلم يكْتب
عَلَيْكُم قِيَامه وَإِنَّمَا الْقيام شَيْء ابتدعتموه فدوموا
عَلَيْهِ وَلَا تتركوه فَإِن نَاسا من بني إِسْرَائِيل ابتدعوا
بِدعَة فعابهم الله بِتَرْكِهَا وتلا هَذِه الْآيَة {ورهبانية
ابتدعوها}
وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول
وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس أَن النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن لكل أمة رَهْبَانِيَّة
ورهبانية هَذِه الْأمة الْجِهَاد فِي سَبِيل الله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله:
{ورهبانية ابتدعوها} قَالَ: ذكر لنا أَنهم رفضوا النِّسَاء
وَاتَّخذُوا الصوامع
الْآيَة 28 - 29
(8/66)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ
يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ
نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ (28) لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا
يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ
الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ
ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)
أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن
ابْن عَبَّاس أَن أَرْبَعِينَ من أَصْحَاب النَّجَاشِيّ قدمُوا
على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَشَهِدُوا مَعَه أحدا
فَكَانَت فيهم جراحات وَلم يقتل مِنْهُم أحد فَلَمَّا رَأَوْا
مَا بِالْمُؤْمِنِينَ من الْحَاجة قَالُوا يَا رَسُول الله:
إِنَّا أهل ميسرَة فائذن لنا نجيء بِأَمْوَالِنَا نواسي بهَا
الْمُسلمين فَأنْزل الله فيهم {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب من
قبله هم بِهِ يُؤمنُونَ}
(8/66)
إِلَى قَوْله: {أُولَئِكَ يُؤْتونَ أجرهم
مرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} فَجعل لَهُم أَجْرَيْنِ قَالَ:
{ويدرؤون بِالْحَسَنَة السَّيئَة} قَالَ: أَي النَّفَقَة
الَّتِي وَاسَوْا بهَا الْمُسلمين فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة
قَالُوا: يَا معشر الْمُسلمين أما من آمن منا بِكِتَابِكُمْ
فَلهُ أَجْرَانِ وَمن لم يُؤمن بِكِتَابِكُمْ فَلهُ أجر
كَأُجُورِكُمْ فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا
اتَّقوا الله وآمنوا بِرَسُولِهِ يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من
رَحمته وَيجْعَل لكم نورا تمشون بِهِ وَيغْفر لكم} فَزَادَهُم
النُّور وَالْمَغْفِرَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: لما نزلت
{أُولَئِكَ يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} فَخر
مؤمنو أهل الْكتاب على أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فَقَالُوا: لنا أَجْرَانِ وَلكم أجر فَاشْتَدَّ ذَلِك
على الصَّحَابَة فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا
اتَّقوا الله وآمنوا بِرَسُولِهِ يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من
رَحمته} فَجعل لَهُم أَجْرَيْنِ مثل أجور مؤمني أهل الْكتاب
وَسوى بَينهم فِي الْأجر
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من
رَحمته} قَالَ: أَجْرَيْنِ {وَيجْعَل لكم نورا تمشون بِهِ}
قَالَ: الْقُرْآن
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من
رَحمته} قَالَ: ضعفين {وَيجْعَل لكم نورا تمشون بِهِ} قَالَ:
هدى
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {كِفْلَيْنِ}
قَالَ: أَجْرَيْنِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {كِفْلَيْنِ} قَالَ: حظين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي
قَوْله: {كِفْلَيْنِ} قَالَ: ضعفين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن
الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مُوسَى فِي قَوْله:
{كِفْلَيْنِ} قَالَ: ضعفين وَهِي بِلِسَان الْحَبَشَة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم
وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر فِي قَوْله: {يُؤْتكُم
كِفْلَيْنِ من رَحمته} قَالَ: الكفل ثَلَاثمِائَة جُزْء
وَخَمْسُونَ جزأ من رَحْمَة الله
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي قلَابَة فِي قَوْله: {يُؤْتكُم
كِفْلَيْنِ من رَحمته} قَالَ: الكفل ثَلَاثمِائَة جُزْء من
الرَّحْمَة
(8/67)
وَأخرج ابْن الضريس عَن سعيد بن جُبَير
{وَيجْعَل لكم نورا تمشون بِهِ} قَالَ: الْقُرْآن
وَأخرج عبد بن حميد عَن يزِيد بن حَازِم قَالَ: سَمِعت
عِكْرِمَة وَعبد الله بن أبي سَلمَة رَضِي الله عَنْهُمَا
قَرَأَ أَحدهمَا {لِئَلَّا يعلم أهل الْكتاب} وَقَرَأَ الآخر
ليعلم أهل الْكتاب
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله قسم الْعَمَل وَقسم الْأجر
وَفِي لفظ وَقسم الْأَجَل فَقيل للْيَهُود: اعْمَلُوا فعملوا
إِلَى نصف النَّهَار فَقيل: لكم قِيرَاط وَقيل لِلنَّصَارَى:
اعْمَلُوا فعملوا من نصف النَّهَار فَقيل: لكم قِيرَاط وَقيل
للْمُسلمين: اعْمَلُوا فعملوا من الْعَصْر إِلَى غرُوب
الشَّمْس فَقيل: لكم قيراطان فتكلمت الْيَهُود وَالنَّصَارَى
فِي ذَلِك فَقَالَت الْيَهُود: أنعمل إِلَى نصف النَّهَار
فَيكون لنا قِيرَاط وَقَالَت النَّصَارَى: أنعمل من نصف
النَّهَار إِلَى الْعَصْر فَيكون لنا قِيرَاط وَيعْمل
هَؤُلَاءِ من الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس فَيكون لَهُم
قيراطان فَأنْزل الله {لِئَلَّا يعلم أهل الْكتاب إِلَّا
يقدرُونَ على شَيْء من فضل اللهْ} إِلَى آخر الْآيَة ثمَّ
قَالَ: إِن مثلكُمْ فِيمَا قبلكُمْ من الْأُمَم كَمَا بَين
الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن
الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {يَا
أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله} الْآيَة حسدهم أهل
الْكتاب عَلَيْهَا فَأنْزل الله {لِئَلَّا يعلم أهل الْكتاب}
الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله
عَنهُ قَالَ: قَالَت الْيَهُود: يُوشك أَن يخرج منا نَبِي
فَيقطع الْأَيْدِي والأرجل فَلَمَّا خرج من الْعَرَب كفرُوا
فَأنْزل الله {لِئَلَّا يعلم أهل الْكتاب} الْآيَة يَعْنِي
بِالْفَضْلِ النُّبُوَّة
وَأخرج عبد بن حميد ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي
الله عَنهُ أَنه قَرَأَ كي لَا يعلم أهل الْكتاب وَالله أعلم
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
(8/68)
|