الدر المنثور في التفسير بالمأثور

105
سُورَة الْفِيل
مَكِّيَّة وآياتها خمس بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْآيَة 1 - 5

(8/627)


أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزل {ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك} بِمَكَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن عُثْمَان بن الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس قَالَ: كَانَ من حَدِيث أَصْحَاب الْفِيل أَن أَبْرَهَة الأشرم الحبشي كَانَ ملك الْيمن وَأَن ابْنَته أكسوم بن الصَّباح الحميريّ خرج حَاجا فَلَمَّا انْصَرف من مَكَّة نزل فِي كَنِيسَة بِنَجْرَان فغدا عَلَيْهَا نَاس من أهل مَكَّة فَأخذُوا مَا فِيهَا من الحليّ وَأخذُوا مَتَاع أكسوم فَانْصَرف إِلَى جده مغضباً فَبعث رجلا من أَصْحَابه يُقَال لَهُ شهر بن مَعْقُود على عشْرين ألفا من خولان والاشعريين فَسَارُوا حَتَّى نزلُوا بِأَرْض خثعم فتنحت خثعم عَن طريقهم فَلَمَّا دنا من الطَّائِف خرج إِلَيْهِ نَاس من بني خثعم وَنصر وَثَقِيف فَقَالُوا: مَا حاجت إِلَى طائفنا وَإِنَّمَا هِيَ قَرْيَة صَغِيرَة وَلَكنَّا ندلك على بَيت بِمَكَّة يعبد وحرز من لَجأ إِلَيْهِ من ملكه تمّ لَهُ ملك الْعَرَب فَعَلَيْك بِهِ وَدعنَا مِنْك فَأَتَاهُ حَتَّى إِذا بلغ المغمس وجد إبِلا لعبد الْمطلب مائَة نَاقَة مقلدة فاتهبها بَين أَصْحَابه فَلَمَّا بلغ

(8/627)


ذَلِك عبد الْمطلب جَاءَهُ وَكَانَ جميلا وَكَانَ لَهُ صديق من أهل الْيمن يُقَال لَهُ ذُو عَمْرو فَسَأَلَهُ أَن يرد عَلَيْهِ إبِله فَقَالَ: إِنِّي لَا أُطِيق ذَلِك وَلَكِن إِن شِئْت أدخلتك على الْملك فَقَالَ عبد الْمطلب افْعَل
فَأدْخلهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: إِن لي إِلَيْك حَاجَة
قَالَ: قضيت كل حَاجَة تطلبها
قَالَ: أَنا فِي بلد حرَام وَفِي سَبِيل بَين أَرض الْعَرَب وَأَرْض الْعَجم وَكَانَت مائَة نَاقَة لي مقلدة ترعى بِهَذَا الْوَادي بَين مَكَّة وتهامة عَلَيْهَا عير أَهلهَا وَتخرج إِلَى تِجَارَتِنَا وتتحمل من عدوّنا عدا عَلَيْهَا جيشك فَأَخَذُوهَا وَلَيْسَ مثلك يظلم من جاوره
فَالْتَفت إِلَى ذِي عَمْرو ثمَّ ضرب بِإِحْدَى يَدَيْهِ على الْأُخْرَى عجبا فَقَالَ: لَو سَأَلَني كل شَيْء أحوزه أَعْطيته إِيَّاه أما ابلك فقد رددنا إِلَيْك وَمثلهَا مَعهَا فَمَا يمنعك أَن تكلمني فِي بنيتكم هَذِه وبلدكم هَذِه فَقَالَ لَهُ عبد الْمطلب: أما بنيتنا هَذِه وَبَلَدنَا هَذِه فَإِن لَهما رَبًّا إِن شَاءَ أَن يمْنَعهَا منعهما وَلَكِنِّي إِنَّمَا أُكَلِّمك فِي مَالِي فَأمر عِنْد ذَلِك بالرحيل وَقَالَ: لتهد من الْكَعْبَة ولتنهبن مَكَّة فَانْصَرف عبد الْمطلب وَهُوَ يَقُول: لَا همّ إِن الْمَرْء يمْنَع رَحْله فامنع حلالك لَا يغلبن صليبهم ومحالهم عدوا محالك فَإِذا فعلت فَرُبمَا تحمى فَأمر مَا بدالك فَإِذا فعلت فَإِنَّهُ أَمر تتمّ بِهِ فعالك وغدوا غَدا بجموعهم والفيل كي يسبوا عِيَالك فَإِذا تَركتهم وكعبتا فوا حَربًا هُنَالك فَلَمَّا توجه شهر وَأَصْحَاب الْفِيل وَقد أَجمعُوا مَا أَجمعُوا طفق كلما وجهوه أَنَاخَ وبرك فَإِذا صرفوه عَنْهَا من حَيْثُ أَتَى أسْرع السّير فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى غشيهم اللَّيْل وَخرجت عَلَيْهِم طير من الْبَحْر لَهَا خراطيم كَأَنَّهَا البلس شَبيهَة بالوطواط حمر وسود فَلَمَّا رأوها أشفقوا مِنْهَا وَسقط فِي أَيْديهم فرمتهم بحجارة مدحرجة كالبنادق تقع على رَأس الرجل فَتخرج من جَوْفه فَلَمَّا أَصْبحُوا من الْغَد أصبح عبد الْمطلب وَمن مَعَه على جبالهم فَلم يرَوا أحدا غشيهم فَبعث ابْنه على فرس لَهُ سريع ينظر مَا لقوا فَإِذا هم مشدخين جَمِيعًا فَرجع يرفع رَأسه كاشفاً عَن فَخذه فَلَمَّا رأى ذَلِك أَبوهُ قَالَ: إِن ابْن أَفرس الْعَرَب وَمَا كشف عَن فَخذه إِلَّا بشيراً أَو نذيراً فَلَمَّا دنا من ناديهم قَالُوا مَا وَرَاءَك قَالَ: هَلَكُوا جَمِيعًا
فَخرج عبد الْمطلب وَأَصْحَابه فَأخذُوا أَمْوَالهم

(8/628)


وَقَالَ عبد الْمطلب شعرًا فِي الْمَعْنى: أَنْت منعت الْجَيْش والأفيالا وَقد رعو بِمَكَّة الأفيالا وَقد خشينا مِنْهُم القتالا وكل أَمر مِنْهُم معضالا شكرا وحمداً لَك ذَا الجلالا فَانْصَرف شهر هَارِبا وَحده فَأول منزل نزله سَقَطت يَده الْيُمْنَى ثمَّ نزل منزلا آخر فَسَقَطت رجله الْيُمْنَى فَأتى منزله وَقَومه وَهُوَ جَسَد لَا أَعْضَاء لَهُ فَأخْبرهُم الْخَبَر ثمَّ فاضت نَفسه وهم ينظرُونَ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ أَصْحَاب الْفِيل حَتَّى نزلُوا الصفاح فَأَتَاهُم عبد الْمطلب فَقَالَ: إِن هَذَا بَيت الله لم يُسَلط عَلَيْهِ أحد
قَالُوا: لَا نرْجِع حَتَّى نهدمه وَكَانُوا لَا يقدمُونَ فيلهم إِلَّا تَأَخّر فَدَعَا الله الطير الأبابيل فَأَعْطَاهَا حِجَارَة سُودًا عَلَيْهِم الطين فَلَمَّا حاذتهم رَمَتْهُمْ فَمَا بَقِي مِنْهُ أحد إِلَّا أَخَذته الحكة فَكَانَ لَا يحك إِنْسَان مِنْهُم جلده إِلَّا تساقط لَحْمه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أقبل أَصْحَاب الْفِيل حَتَّى إِذا دنوا من مَكَّة اسْتَقْبَلَهُمْ عبد الْمطلب فَقَالَ لملكهم: مَا جَاءَ بك إِلَيْنَا أَلا بعثت فنأتيك بِكُل شَيْء أردْت فَقَالَ: أخْبرت بِهَذَا الْبَيْت الَّذِي لَا يدْخلهُ أحد إِلَّا أَمن فَجئْت أخيف أَهله فَقَالَ: إِنَّا نَأْتِيك بِكُل شَيْء تُرِيدُ فَارْجِع فَأبى أَن يرجع إِلَّا أَن يدْخلهُ وَانْطَلق يسير نَحوه وتخلف عبد الْمطلب فَقَامَ على جبل فَقَالَ: لَا أشهد مهلك هَذَا الْبَيْت وَأَهله
ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِن لكل إِلَه حَلَالا فامنع حلالك لَا يغلبن محالهم أبدا محالك اللَّهُمَّ فَإِن فعلت فَأمر مَا بدا لَك فَأَقْبَلت مثل السحابة من نَحْو الْبَحْر حَتَّى أظلتهم طيراً أبابيل الَّتِي قَالَ الله ترميهم بحجارة من سجيل فَجعل الْفِيل يعج عجاً فجعلهم كعصف مَأْكُول
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل} قَالَ: أقبل أَبْرَهَة الأشرم بِالْحَبَشَةِ وَمن تبعه من غواة أهل الْيمن إِلَى بَيت الله ليهدموه من أجل بيعَة لَهُم أَصَابَهَا الْعَرَب بِأَرْض الْيمن فَأَقْبَلُوا بفيلهم حَتَّى إِذا كَانُوا بالصفاح فَكَانُوا إِذا وجهوه إِلَى بَيت الله ألْقى بجرانه إِلَى الأَرْض فَإِذا وجهوه قبل بِلَادهمْ انْطلق وَله هرولة حَتَّى إِذا كَانُوا ببجلة اليمانية بعث الله عَلَيْهِم طيراً أبابيل

(8/629)


بيضًا وَهِي الْكَبِيرَة فَجعلت ترميهم بهَا حَتَّى جعلهم الله كعصف مَأْكُول فنجا أَبُو يكسوم فَجعل كلما نزل أَرضًا تساقط بعض لَحْمه حَتَّى إِذا أَتَى قومه فَأخْبرهُم الْخَبَر ثمَّ هلك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل} قَالَ: أَبُو يكسوم جَبَّار من الْجَبَابِرَة جَاءَ بالفيل يَسُوقهُ مَعَه الْحَبَش ليهْدم - زعم - بَيت الله من أجل بيعَة كَانَت هدمت بِالْيمن فَلَمَّا دنا الْفِيل من الْحرم ضرب بجرانه فَإِذا أَرَادوا بِهِ الرّجْعَة عَن الْحرم أسْرع الهرولة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: أقبل أَبُو يسكوم صَاحب الْحَبَشَة وَمَعَهُ الْفِيل فَلَمَّا انْتهى إِلَى الْحرم برك الْفِيل فَأبى أَن يدْخل الْحرم فَإِذا وَجه رَاجعا أسْرع رَاجعا وَإِذا ارْتَدَّ على الْحرم أَبى فَأرْسل الله عَلَيْهِم طيراً صغَارًا بيضًا فِي أفواهها حِجَارَة أَمْثَال الحمص لَا تقع على أحد إِلَّا هلك
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ أَصْحَاب الْفِيل حَتَّى نزلُوا الصفاح فَأَتَاهُم عبد الْمطلب فَقَالَ: إِن هَذَا بَيت لم يُسَلط عَلَيْهِ أحد
قَالُوا: لَا نرْجِع حَتَّى نهدمه وَكَانُوا لَا يقدمُونَ فيلهم إِلَّا تَأَخّر فَدَعَا الله الطير الأبابيل فَأَعْطَاهَا حِجَارَة سُودًا عَلَيْهَا الطين فَلَمَّا حاذت بهم صفت عَلَيْهِم ثمَّ رَمَتْهُمْ فَمَا بَقِي مِنْهُم أحد إِلَّا أَصَابَته الحكة
وَكَانُوا لَا يحك إِنْسَان مِنْهُم جلده إِلَّا تساقط جلده
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أرسل الله الْحِجَارَة على أَصْحَاب الْفِيل جعل لَا يَقع مِنْهَا حجر إِلَّا سقط [] وَذَلِكَ مَا كَانَ الجدري ثمَّ أرسل الله سيلاً فَذهب بهم فألقاهم فِي الْبَحْر
قيل: فَمَا الأبابيل قَالَ: الْفرق
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود {طيراً أبابيل} قَالَ: هِيَ الْفرق
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {طيراً أبابيل} قَالَ: فوجاً بعد فَوْج كَانَت تخرج عَلَيْهِم من الْبَحْر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {طيراً أبابيل} قَالَ: خضر لَهَا خراطيم كخراطيم الإِبل وأنف كأنف الْكلاب

(8/630)


وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {طيراً أبابيل} قَالَ: لَهَا أكفّ كأكفّ الرجل وأنياب كأنياب السبَاع
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ قَالَ: لما أَرَادَ الله أَن يهْلك أَصْحَاب الْفِيل بعث الله عَلَيْهِم طيراً نشأت من الْبَحْر كَأَنَّهَا الخطاطيف بكف كل طير مِنْهَا ثَلَاثَة أحجر مجزعة فِي منقاره حجر وحجران فِي رجلَيْهِ ثمَّ جَاءَت حَتَّى صفت على رؤوسهم ثمَّ صاحت وَأَلْقَتْ مَا فِي أرجلها ومناقيرها فَمَا من حجر وَقع مِنْهَا على رجل إِلَّا خرج من الْجَانِب الآخر إِن وَقع على رَأسه خرج من دبره وَإِن وَقع على شَيْء من بدنه خرج من الْجَانِب الآخر وَبعث الله ريحًا شَدِيدا فَضربت أرجلها فزادها شدَّة فأهلكوا جَمِيعًا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عِكْرِمَة {طيراً أبابيل} قَالَ: طير بيض وَفِي لفظ: خضر جَاءَت من قبل الْبَحْر كَأَن وجوهها وُجُوه السبَاع لم تَرَ قبل ذَلِك وَلَا بعده فأثرت فِي جُلُودهمْ مثل الجدري فَإِنَّهُ أول مَا رُؤِيَ الجدري
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل} لما أقبل أَصْحَاب الْفِيل يُرِيدُونَ مَكَّة ورأسهم أَبُو يكسوم الحبشي حَتَّى أَتَوا المغمس أَتَتْهُم طيرا فِي منقار كل طير حجر وَفِي رجلَيْهِ حجران فرمتهم بهَا فَذَلِك قَوْله: {وَأرْسل عَلَيْهِم طيراً أبابيل} يَقُول: يتبع بَعْضهَا بَعْضًا {ترميهم بحجارة من سجيل} يَقُول من طين
قَالَ: وَكَانَت من جزع أظفار مثل بعر الْغنم فرمتهم بهَا {فجعلهم كعصف مَأْكُول} وَهُوَ ورق الزَّرْع الْبَالِي الْمَأْكُول: يَقُول: خرقتهم الْحِجَارَة كَمَا يتخرق ورق الزَّرْع الْبَالِي الْمَأْكُول
قَالَ: وَكَانَ إقبال هَؤُلَاءِ إِلَى مَكَّة قبل أَو يُولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِثَلَاث وَعشْرين سنة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي الكنود {ترميهم بحجارة من سجيل} قَالَ: دون الحمصة وَفَوق العدسة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عمرَان {طيراً أبابيل} قَالَ: طير كَثِيرَة جَاءَت بحجارة كَثِيرَة أكبرها مثل الحمصة وأصغرها مثل العدسة
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ترميهم بحجارة من سجيل}

(8/631)


قَالَ: بحجارة مثل البندق وَبهَا نضح حمرَة مختمة مَعَ كل طَائِر ثَلَاثَة أَحْجَار حجران فِي رجلَيْهِ وَحجر فِي منقاره حلقت عَلَيْهِم من السَّمَاء ثمَّ أرْسلت تِلْكَ الْحِجَارَة عَلَيْهِم فَلم تعد عَسْكَرهمْ
وَأخرج أَبُو نعيم عَن نَوْفَل بن مُعَاوِيَة الديلمي قَالَ: رَأَيْت الْحَصَى الَّتِي رمي بهَا أَصْحَاب الْفِيل حَصى مثل الحمص وأكبر من العدس حمر مختمة كَأَنَّهَا جزع ظفار
وَأخرج أَبُو نعيم عَن حَكِيم بن حزَام قَالَ: كَانَت فِي الْمِقْدَار من الحمصة والعدسة حَصى بِهِ نضح أَحْمَر مختمة كالجزع فلولا أَنه عذب بِهِ قوم أخذت مِنْهُ مَا اتَّخذهُ لي مَسْجِدا وَهِي بِمَكَّة كثير
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أم كرز الْخُزَاعِيَّة قَالَت: رَأَيْت الْحِجَارَة الَّتِي رمي بهَا أَصْحَاب الْفِيل حمراً مختمة كَأَنَّهَا جزع ظفار فَمن غير ذَلِك فَلم ير مِنْهَا شَيْئا وَلم يصبهم كلهم وَقد أفلت مِنْهُم
وَأخرج أَبُو نعيم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: جاؤوا بفيلين فَأَما مَحْمُود فَرَبَضَ وَأما الآخر فشجع فحصب
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: حَدثنِي من كلم قَائِد الْفِيل وسائسه قَالَ لَهما: أخبراني خبر الْفِيل قَالَا: أَقبلنَا بِهِ وَهُوَ فيل الْملك النَّجَاشِيّ الْأَكْبَر لم يسر بِهِ قطّ إِلَى جمع إِلَّا هَزَمَهُمْ فَلَمَّا دنا من الْحرم جعلنَا كلما نوجهه إِلَى الْحرم يربض فَتَارَة نضربه فيهبط وتاره نضربه حَتَّى نمل ثمَّ نتركه فَلَمَّا انْتهى إِلَى المغمس ربض فَلم يقم فطلع الْعَذَاب فَقُلْنَا: نجا غيركما قَالَا: نعم
لَيْسَ كلهم أَصَابَهُ الْعَذَاب
وَولى أَبْرَهَة وَمن تبعه يُرِيد بِلَاده كلما دخلُوا أَرضًا وَقع مِنْهُم عُضْو حَتَّى انْتَهوا إِلَى بِلَاد خثعم وَلَيْسَ عَلَيْهِ غير رَأسه فَمَاتَ
وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق عَطاء وَالضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس أَن أَبْرَهَة الأشرم قدم من الْيمن يُرِيد هدم الْكَعْبَة فَأرْسل الله عَلَيْهِم {طيراً أبابيل} يُرِيد مجتمعة لَهَا خراطيم تحمل حَصَاة فِي منقارها وحصاتين فِي رِجْلَيْهَا ترسل وَاحِدَة على رَأس الرجل فيسيل لَحْمه وَدَمه وَتبقى عظاماً خاوية لَا لحم عَلَيْهِ وَلَا جلد وَلَا دم
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عُثْمَان بن عَفَّان أَنه سَأَلَ رجلا من هُذَيْل قَالَ: أَخْبرنِي عَن يَوْم الْفِيل فَقَالَ: بعثت يَوْم الْفِيل طَلِيعَة على فرس لي أُنْثَى فَرَأَيْت طيراً خرجت من الْحرم فِي كل منقار طير مِنْهَا حجر وَفِي رجل كل طير مِنْهَا حجر وهاجت ريح

(8/632)


وظلمة حَتَّى قعدت بِي فرسي مرَّتَيْنِ فمسحتهم مسحة [] كلفته كرداك وانجلت الظلمَة وسكنت الرّيح
قَالَ: فَنَظَرت إِلَى الْقَوْم خامدين
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن أبي صَالح أَنه رأى عِنْد أم هَانِئ بنت أبي طَالب من تِلْكَ الْحِجَارَة نَحوا من قفيز مخططة بحمرة كَأَنَّهَا جزع ظفار مَكْتُوب فِي الْحجر اسْمه وَاسم أَبِيه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس {فجعلهم كعصف} يَقُول: كالتبن
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس {فجعلهم كعصف مَأْكُول} قَالَ: ورق الْحِنْطَة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: العصف الْمَأْكُول ورق الْحِنْطَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن طَاوس {كعصف مَأْكُول} قَالَ: ورق الْحِنْطَة فِيهَا النقب
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {كعصف مَأْكُول} قَالَ: إِذا أكل فَصَارَ أجوف
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس {كعصف مَأْكُول} قَالَ: هُوَ الطُّيُور عصافة الزَّرْع
وَأخرج ابْن إِسْحَق فِي السِّيرَة والواقدي وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: لقد رَأَيْت سائس الْفِيل وقائده بِمَكَّة أعميين مقعدين يستطعمان
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن أَبْزي قَالَ: ولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفِيل
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن قيس بن مخرمَة قَالَ: ولدت أَنا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفِيل
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم قَالَ: ولد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفِيل وَكَانَت عكاظ بعد الْفِيل بِخمْس عشرَة سنة وَبني الْبَيْت على رَأس خمس وَعشْرين سنة من الْفِيل وتنبأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رَأس أَرْبَعِينَ من الْفِيل

(8/633)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
106
سُورَة قُرَيْش
مَكِّيَّة وآياتها أَربع
مُقَدّمَة السُّورَة
الْآيَة 1 - 4

(8/634)


لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت {لإِيلاف قُرَيْش} بِمَكَّة
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الخلافيات عَن أم هَانِئ بنت أبي طَالب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فضل الله قُريْشًا بِسبع خِصَال لم يُعْطهَا أحدا قبلهم وَلَا يُعْطِيهَا أحدا بعدهمْ: إِنِّي فيهم وَفِي لفظ النبوّة فيهم والخلافة فيهم والحجابة فيهم والسقاية فيهم ونصروا على الْفِيل وعبدوا الله سبع سِنِين وَفِي لفظ عشر سِنِين لم يعبده أحد غَيرهم وَنزلت فيهم سُورَة من الْقُرْآن لم يذكر فِيهَا أحد غَيرهم {لإِيلاف قُرَيْش}
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن الزبير بن العوّام قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فضل الله قُريْشًا بِسبع خِصَال
فَضلهمْ بِأَنَّهُم عبدُوا الله عشر سِنِين لَا يعبده إِلَّا قُرَيْش وفضلهم بِأَنَّهُ نَصرهم يَوْم الْفِيل وهم مشركون وفضلهم بِأَنَّهُ نزلت فيهم سُورَة من الْقُرْآن لم يدْخل فِيهَا أحد من الْعَالمين غَيرهم وَهِي {لإِيلاف قُرَيْش} وفضلهم بِأَن فيهم النبوّة والخلافة والحجابة والسقاية

(8/634)


وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله فضل قُريْشًا بِسبع خِصَال: أَنا مِنْهُم وَأَن الله أنزل فيهم سُورَة كَامِلَة من كِتَابه لم يذكر فِيهَا أحدا غَيرهم وَأَنَّهُمْ عبدُوا الله عشر سِنِين لَا يعبده أحد غَيرهم وَأَن الله نَصرهم يَوْم الْفِيل وَأَن الْخلَافَة والسقاية والسدانة فيهم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: صلى عمر بن الْخطاب بِالنَّاسِ بِمَكَّة عِنْد الْبَيْت فَقَرَأَ {لإِيلاف قُرَيْش} قَالَ: {فليعبدوا رب هَذَا الْبَيْت} وَجعل يُومِئ بِأُصْبُعِهِ إِلَى الْكَعْبَة وَهُوَ فِي الصَّلَاة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ويل أمكُم يَا قُرَيْش {لإِيلاف قُرَيْش إيلافهم رحْلَة الشتَاء والصيف}
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم عَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: {لإِيلاف قُرَيْش إيلافهم رحْلَة الشتَاء والصيف} وَيحكم يَا قُرَيْش اعبدوا رب هَذَا الْبَيْت الَّذِي أطْعمهُم من جوع وآمنهم من خوف
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة أَنه كَانَ يقْرَأ: لإِيلاف قُرَيْش الْفَهم رحْلَة الشتَاء والصيف
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة أَنه كَانَ يعيب {لإِيلاف قُرَيْش} وَيَقُول انما هِيَ لتألف قُرَيْش وَكَانُوا يرحلون فِي الشتَاء والصيف إِلَى الرّوم وَالشَّام فَأَمرهمْ الله أَن يألفوا عبَادَة ربت هَذَا الْبَيْت
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لإِيلاف قُرَيْش} قَالَ: نعمتي على قُرَيْش {إيلافهم رحْلَة الشتَاء والصيف} قَالَ: كَانُوا يشتون بِمَكَّة ويصيفون بِالطَّائِف {فليعبدوا رب هَذَا الْبَيْت} قَالَ: الْكَعْبَة {الَّذِي أطْعمهُم من جوع وآمنهم من خوف} قَالَ: الجذام
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {لإِيلاف قُرَيْش} قَالَ: نعمتي على قُرَيْش {إيلافهم رحْلَة الشتَاء والصيف} قَالَ: إيلافهم ذَلِك فَلَا يشق عَلَيْهِم رحْلَة شتاء وَلَا صيف {وآمنهم من خوف} قَالَ: من كل عدوّ فِي حرمهم

(8/635)


وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لإِيلاف قُرَيْش إيلافهم} يَقُول لزومهم {الَّذِي أطْعمهُم من جوع} يَعْنِي قُريْشًا أهل مَكَّة بدعوة إِبْرَاهِيم حَيْثُ قَالَ: (وارزقهم من الثمرات وآمنهم من خوف) حَيْثُ قَالَ ابراهيم: (رب اجْعَل هَذَا الْبَلَد آمنا) وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {لإِيلاف قُرَيْش} فَقَرَأَ (ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل) إِلَى آخر السُّورَة
قَالَ: هَذَا لإِيلاف قُرَيْش صنعت هَذَا بهم لألفة قُرَيْش لِئَلَّا أفرق إلفهم وجماعتهم إِنَّمَا جَاءَ صَاحب الْفِيل يستبد حرمهم فَصنعَ الله ذَلِك بهم
وَأخرج ابْن الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ: كَانَت قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة تحتفد وَكَانَ احتفادها أَن أهل الْبَيْت مِنْهُ كَانُوا إِذا سافت يَعْنِي هَلَكت أَمْوَالهم خَرجُوا إِلَى برَاز من الأَرْض فَضربُوا على أنفسهم الأخبية ثمَّ تناوبوا فِيهَا حَتَّى يموتوا من قبل أَن يعلم بخلتهم حَتَّى نَشأ هَاشم بن عبد منَاف فَلَمَّا نبل وَعظم قدره فِي قومه قَالَ: يَا معشر قُرَيْش إِن الْعِزّ مَعَ الْكَثْرَة وَقد أَصْبَحْتُم أَكثر الْعَرَب أَمْوَالًا وأعزهم نَفرا وَإِن هَذَا الإِحتفاد قد أَتَى على كثير مِنْكُم وَقد رَأَيْت رَأيا
قالو: رَأْيك رَاشد فمرنا نأتمر
قَالَ: رَأَيْت أَن أخلط فقراءكم بأغنيائكم فأعمد إِلَى رجل غَنِي فأضم إِلَيْهِ فَقير عِيَاله بِعَدَد عِيَاله فَيكون يوازره فِي الرحلتين رحْلَة الصَّيف وَإِلَى الشَّام ورحلة الشتَاء إِلَى الْيمن فَمَا كَانَ فِي مَال الْغَنِيّ من فضل عَاشَ الْفَقِير وَعِيَاله فِي ظله وَكَانَ ذَلِك قطعا للاحتفاد قَالُوا: نعم مَا رَأَيْت فألف بَين النَّاس
فَلَمَّا كَانَ من أَمر الْفِيل وَأَصْحَابه مَا كَانَ وَأنزل الله مَا أنزل وَكَانَ ذَلِك مِفْتَاح النُّبُوَّة وَأول عز قُرَيْش حَتَّى أهابهم النَّاس كلهم وَقَالُوا أهل الله وَالله مَعَهم وَكَانَ مولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك الْعَام فَلَمَّا بعث الله رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِيمَا مَعَهم وَكَانَ مولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك الْعَام فَلَمَّا بعث الله رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِيمَا أنزل الله عَلَيْهِ يعرف قومه وَمَا صنع إِلَيْهِم وَمَا نَصرهم من الْفِيل وَأَهله (ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل) (سُورَة الْفِيل) إِلَى آخر السُّورَة ثمَّ قَالَ: وَلم فعلت ذَلِك يَا مُحَمَّد بقومك وهم يَوْمئِذٍ أهل عبَادَة أوثان فَقَالَ لَهُم: {لإِيلاف قُرَيْش} إِلَى آخر السُّورَة

(8/636)


أَي لتراحمهم وتواصلهم وَكَانُوا على شرك وَكَانَ الَّذِي آمنهم مِنْهُ من الْخَوْف خوف الْفِيل وَأَصْحَابه واطعامهم إيَّاهُم من الْجُوع من جوع الاحتفاد
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لإِيلاف قُرَيْش} الْآيَة قَالَ: نَهَاهُم عَن الرحلة وَأمرهمْ أَن يعبدوا رب هَذَا الْبَيْت وكفاهم الْمُؤْنَة وَكَانَت رحلتهم فِي الشتَاء والصيف وَلم يكن لَهُم رَاحَة فِي شتاء وَلَا صيف فأطعمهم الله بعد ذَلِك من جوع وآمنهم من خوف فألفوا الرحلة وَكَانَ ذَلِك من نعْمَة الله عَلَيْهِم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {لإِيلاف قُرَيْش إيلافهم رحْلَة الشتَاء والصيف} قَالَ: ألفوا ذَلِك فَلَا يشق عَلَيْهِم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لإِيلاف قُرَيْش} قَالَ: عَادَة قُرَيْش رحْلَة الشتَاء ورحلة فِي الصَّيف وَفِي قَوْله: {وآمنهم من خوف} قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: نَحن من حرم الله فَلَا يعرض لَهُم أحد فِي الْجَاهِلِيَّة يأمنون بذلك وَكَانَ غَيرهم من قبائل الْعَرَب إِذا خرج أغير عَلَيْهِم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لإِيلاف قُرَيْش} قَالَ: كَانَ أهل مَكَّة يتعاورون الْبَيْت شتاء وصيفاً تجارًا آمِنين لَا يخَافُونَ شَيْئا لحرمهم وَكَانَت الْعَرَب لَا يقدرُونَ على ذَلِك وَلَا يستطيعونه من الْخَوْف فَذكرهمْ الله مَا كَانُوا فِيهِ من الْأَمْن حَتَّى إِن كَانَ الرجل مِنْهُم ليصاب فِي الحيّ من أَحيَاء الْعَرَب فَيُقَال حرمي
قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أذلّ قُريْشًا أذله الله وَقَالَ: ارقبوني وقريشاً فَإِن ينصرني الله عَلَيْهِم فَالنَّاس لَهُم تبع فَلَمَّا فتحت مَكَّة أسْرع النَّاس فِي الإِسلام فَبَلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: النَّاس تبع لقريش فِي الْخَيْر وَالشَّر كفارهم تبع لكفارهم ومؤمنوهم تبع لمؤمنهم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لإِيلاف قُرَيْش} الْآيَة قَالَ: أمروا أَن يألفوا عبَادَة رب هَذَا الْبَيْت كإلفهم رحْلَة الشتَاء والصيف
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح قَالَ: علم الله حب قُرَيْش الشَّام فَأمروا أَن يألفوا عبَادَة رب هَذَا الْبَيْت كإيلافهم رحْلَة الشتَاء والصيف
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك فِي قَوْله: {لإِيلاف قُرَيْش} قَالَ: كَانُوا يتجرون فِي الشتَاء والصيف فألفتهم ذَلِك

(8/637)


وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَت قُرَيْش تتجر شتاء وصيفاً فتأخذ فِي الشتَاء على طَرِيق الْبَحْر وإيلة إِلَى فلسطين يَلْتَمِسُونَ الدفاء وَأما الصَّيف فَيَأْخُذُونَ قبل بصرى وَأَذْرعَات يَلْتَمِسُونَ الْبرد فَذَلِك قَوْله: {إيلافهم}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَت لَهُم رحلتان الصَّيف إِلَى الشَّام والشتاء إِلَى الْيمن فِي التِّجَارَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وآمنهم من خوف} قَالَ: لَا يخطفون
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش {وآمنهم من خوف} قَالَ: خوف الْحَبَشَة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {وآمنهم من خوف} قَالَ: من الجذام
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي رَيْحَانَة العامري أَن مُعَاوِيَة قَالَ لِابْنِ عَبَّاس: لم سميت قُرَيْش قُريْشًا بِدَابَّة تكون فِي الْبَحْر أعظم دوابه يُقَال لَهَا القرش لَا تمر بِشَيْء من الغث والسمين إِلَّا أَكلته
قَالَ: فأنشدني فِي ذَلِك شَيْئا فأنشده شعر الجُمَحِي إِذْ يَقُول: وقريش هِيَ الَّتِي تسكن الْبَحْر بهَا سميت قُرَيْش قُريْشًا تَأْكُل الغث السمين وَلَا تتْرك مِنْهَا لذِي الجناحين ريشا هَكَذَا فِي الْبِلَاد حَيّ قُرَيْش يَأْكُلُون الْبِلَاد أكلا كميشا وَلَهُم آخر الزَّمَان نَبِي يكثر الْقَتْل فيهم والخموشا وَأخرج ابْن سعد عَن سعيد بن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم أَن عبد الْملك بن مَرْوَان سَأَلَ مُحَمَّد بن جُبَير مَتى سميت قُرَيْش قُريْشًا قَالَ: حِين اجْتمعت إِلَى الْحرم من تفرقها فَذَلِك التجمع التقرش فَقَالَ عبد الْملك مَا سَمِعت هَذَا وَلَكِن سَمِعت أَن قصياً كَانَ يُقَال لَهُ الْقرشِي وَلم تسم قُرَيْش قبله
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: لما نزل قصيّ الْحرم وَغلب عَلَيْهِ فعل أفعالاً فَقيل لَهُ الْقرشِي فَهُوَ أول من سمي بِهِ
وَأخرج أَحْمد عَن قَتَادَة بن النُّعْمَان أَنه وَقع بِقُرَيْش فَكَأَنَّهُ نَالَ مِنْهُم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا قَتَادَة لَا تسبن قُريْشًا فَإِنَّهُ لَعَلَّك أَن ترى مِنْهُم رجَالًا تزدري عَمَلك

(8/638)


مَعَ أَعْمَالهم وفعلك مَعَ أفعالهم وتغبطهم إِذا رَأَيْتهمْ لَوْلَا أَن تطغى قُرَيْش لأخبرتهم بِالَّذِي لَهُم عِنْد الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُعَاوِيَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: النَّاس تبع لقريش فِي هَذَا الْأَمر خيارهم فِي الْجَاهِلِيَّة خيارهم فِي الإِسلام إِذا فقهوا وَالله لَوْلَا أَن تبطر قُرَيْش لأخبرتها بِمَا لخيارها عِنْد الله قَالَ: وَسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: خير نسْوَة ركبن الإِبل صَالح نسَاء قُرَيْش أرعاه على زوج فِي ذَات يَده وأحناه على ولد فِي صغره
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ عَن أنس قَالَ: كُنَّا فِي بَيت رجل من الْأَنْصَار فجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى وقف فَأخذ بِعضَادَتَيْ الْبَاب فَقَالَ: الْأَئِمَّة من قُرَيْش وَلَهُم عَلَيْكُم حق وَلكم مثل ذَلِك مَا إِن استحكموا عدلوا وَإِن استرحموا رحموا وَإِذا عَاهَدُوا أَوْفوا فَمن لم يفعل ذَلِك مِنْهُم فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن للقرشي مثلي قُوَّة الرجل من غير قُرَيْش
قيل لِلزهْرِيِّ: مَا عني بذلك قَالَ: نبل الرَّأْي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سهل بن أبي حثْمَة أَن رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تعلمُوا من قُرَيْش وَلَا تعلموها وَقدمُوا قُريْشًا وَلَا تؤخروها فَإِن للقرشي قُوَّة الرجلَيْن من غير قُرَيْش
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي جَعْفَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقدمُوا قُريْشًا فتضلوا وَلَا تَأَخَّرُوا عَنْهَا فتضلوا خِيَار قُرَيْش خِيَار النَّاس وشرار قُرَيْش شرار النَّاس وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَوْلَا أَن تبطر قُرَيْش لأخبرتها مَا لَهَا عِنْد الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: النَّاس تبع لقريش فِي الْخَيْر وَالشَّر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن رِفَاعَة عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُريْشًا فَقَالَ: هَل فِيكُم من غَيْركُمْ قَالُوا: لَا إِلَّا ابْن أُخْتنَا ومولانا وحليفتنا فَقَالَ: ابْن أختكم مِنْكُم ومولاكم مِنْكُم إِن قُريْشًا أهل صدق وَأَمَانَة فَمن بغى لَهُم الغواء أكبه الله على وَجهه

(8/639)


وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: النَّاس تبع لقريش فِي هَذَا الْأَمر خيارهم تبع لخيارهم وشرارهم تبع لشرارهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بَاب فِيهِ نفر من قُرَيْش فَقَالَ: إِن هَذَا الْأَمر فِي قُرَيْش
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقريش: إِن هَذَا الْأَمر فِيكُم وَأَنْتُم ولاته
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يزَال هَذَا الْأَمر فِي قُرَيْش مَا بَقِي من النَّاس اثْنَان وحرك أصبعيه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْملك فِي قُرَيْش وَالْقَضَاء فِي الْأَنْصَار وَالْأَذَان فِي الْحَبَشَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقريش فَقَالَ: اللَّهُمَّ كَمَا أذقت أَوَّلهمْ عذَابا فأذق آخِرهم نوالاً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعد بن أبي وَقاص أَن رجلا قتل فَقيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أبعده الله أَنه كَانَ يبغض قُريْشًا
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ أذقت أول قُرَيْش نكالاً فأذق آخِرهم نوالا

(8/640)


107
سُورَة الماعون
مَكِّيَّة وآياتها سبع بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْآيَة 1 - 7

(8/641)


أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزلت {أَرَأَيْت الَّذِي يكذب} بِمَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {أَرَأَيْت الَّذِي يكذب بِالدّينِ} قَالَ: الْكَافِر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {أَرَأَيْت الَّذِي يكذب بِالدّينِ} قَالَ: بِالْحِسَابِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {أَرَأَيْت الَّذِي يكذب بِالدّينِ} قَالَ: يكذب بِحكم الله {فَذَلِك الَّذِي يدعّ الْيَتِيم} قَالَ: يَدْفَعهُ عَن حَقه

(8/641)


وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: عزَّ وَجل {فَذَلِك الَّذِي يدعّ الْيَتِيم} قَالَ: يَدْفَعهُ عَن حَقه
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت أَبَا طَالب يَقُول: يقسم حَقًا للْيَتِيم وَلم يكن يدعّ لذِي يسارهن الأصاغر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُحَمَّد بن كَعْب {يدع الْيَتِيم} قَالَ: يَدْفَعهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {يدع الْيَتِيم} قَالَ: يَظْلمه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس {فويل للمصلين الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ يراؤون النَّاس بصلاتهم إِذا حَضَرُوا ويتركونها إِذا غَابُوا ويمنعونهم الْعَارِية بغضاً لَهُم وَهِي الماعون
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ يتركون الصَّلَاة فِي السِّرّ وَيصلونَ فِي الْعَلَانِيَة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُصعب بن سعد قَالَ: قلت لأبي: أَرَأَيْت قَول الله: {الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} أَيّنَا لَا يسهو وأينا لَا يحدث نَفسه قَالَ: إِنَّه لَيْسَ ذَلِك إِنَّه إِضَاعَة الْوَقْت
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَوْله: {الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: هم الَّذين يؤخرون الصَّلَاة عَن وَقتهَا قَالَ الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ الْمَوْقُوف أصح
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الله أكبر هَذِه الْآيَة خير لكم من أَن يعْطى كل رجل مِنْكُم جَمِيع الدُّنْيَا هُوَ الَّذِي إِن صلى لم يرج خير صلَاته وَإِن تَركهَا لم يخف ربه

(8/642)


وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: الَّذين يؤخرونها عَن وَقتهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَسْرُوق {عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: تَضْييع ميقاتها
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: سَأَلَ رجل أَبَا الْعَالِيَة عَن قَوْله: {الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} مَا هُوَ فَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة: هُوَ الَّذِي لَا يدْرِي عَن كم انْصَرف عَن شفع أَو عَن وتر فَقَالَ الْحسن: مَه هُوَ الَّذِي يسهو عَن ميقاتها حَتَّى تفوت
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: لاهون
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ: الَّذين هم عَن صلَاتهم لاهون
وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي قَالَ {هم عَن صلَاتهم ساهون} وَلم يقل فِي صلَاتهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة {عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي وَيَقُول: هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي يلْتَفت عَن يَمِينه وَعَن يسَاره
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم {عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: يصلونَ رِيَاء وَلَيْسَ الصَّلَاة من شَأْنهمْ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة {عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: لَا يُبَالِي عَنْهَا أصلى أم لم يصلّ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ بن أبي طَالب {الَّذين هم يراؤون} قَالَ: يراؤون بصلاتهم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا نعد الماعون على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَارِية الدَّلْو وَالْقدر والفأس وَالْمِيزَان وَمَا تتعاطون بَيْنكُم

(8/643)


وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نتحدث أَن الماعون الدَّلْو وَالْقدر والفأس وَلَا يَسْتَغْنِي عَنْهُن
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {الماعون} قَالَ: الفأس وَالْقدر والدلو وَنَحْوهَا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ الْمُسلمُونَ يستعيرون من الْمُنَافِقين الدَّلْو وَالْقدر والفأس وَشبهه فيمنعونهم فَأنْزل الله {وَيمْنَعُونَ الماعون}
وَأخرج أَبُو نعيم والديلمي وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {وَيمْنَعُونَ الماعون} قَالَ: مَا تعاون النَّاس بَينهم الفأس وَالْقدر والدلو وأشباهه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن قُرَّة بن دعموص النميري أَنهم وفدوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله مَا تعهد إِلَيْنَا قَالَ: لاتمنعوا الماعون
قَالُوا: وَمَا الماعون قَالَ: فِي الْحجر وَفِي الحديدة وَفِي المَاء
قَالَ: فَأَي الحديدة قَالَ: قدوركم النّحاس وحديد النَّاس الَّذِي يمتهنون بِهِ
قَالُوا: مَا الْحجر قَالَ: قدوركم الْحِجَارَة
وَأخرج الباوردي عَن الْحَرْث بن شُرَيْح قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْمُسلم أَخُو الْمُسلم لَا يمنعهُ الماعون قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا الماعون قَالَ: فِي الْحجر وَفِي المَاء وَفِي الْحَدِيد قَالُوا أَي الْحَدِيد قَالَ: قدر النّحاس وحديد الفأس الَّذِي تمتهنون بِهِ
قَالُوا: فَمَا هَذَا الْحجر قَالَ: الْقدر الَّذِي من الْحِجَارَة
وَأخرج ابْن قَانِع عَن عَليّ ابْن أبي طَالب سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْمُسلم أَخُو الْمُسلم إِذا لقِيه حَيَّاهُ بِالسَّلَامِ وَيرد عَلَيْهِ مَا هُوَ خير مِنْهُ لَا يمْنَع الماعون
قلت: يَا رَسُول الله مَا الماعون قَالَ: الْحجر وَالْحَدِيد وَالْمَاء وَأَشْبَاه ذَلِك
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن حَفْصَة بنت سِيرِين: قَالَت لنا أم عَطِيَّة: أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا نمْنَع الماعون
قلت: وَمَا الماعون قَالَت: هُوَ مَا يتعاطاه النَّاس بَينهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن سعيد بن عِيَاض عَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الماعون والفأس وَالْقدر والدلو
وَأخرج آدم وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ والضياء فِي المختارة من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله:

(8/644)


{وَيمْنَعُونَ الماعون} قَالَ: عَارِية مَتَاع الْبَيْت
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: الماعون الْعَارِية
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ عَن الماعون فَقَالَ: هِيَ الْعَارِية فَقيل: فَمن يمْنَع مَتَاع بَيته فَلهُ الويل قَالَ: لَا وَلَكِن إِذا جمعهن ثلاثهن فَلهُ الويل إِذا سهى عَن الصَّلَاة ورايا وَمنع الماعون
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: الماعون الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة يراؤون بصلاتهم وَيمْنَعُونَ زكاتهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله: {وَيمْنَعُونَ الماعون} قَالَ: أُولَئِكَ المُنَافِقُونَ ظَهرت الصَّلَاة فصلوها وخفيت الزَّكَاة فمنعوها
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس {وَيمْنَعُونَ الماعون} قَالَ: الزَّكَاة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الْمُغيرَة قَالَ: قَالَ ابْن عمر: المَال الَّذِي لَا يعْطى حَقه
قلت لَهُ: إِن ابْن مَسْعُود قَالَ: هُوَ مَا يتعطاه النَّاس بَينهم من الْخَيْر
قَالَ: ذَلِك مَا أَقُول لَك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: رَأس الماعون زَكَاة المَال وَأَدْنَاهُ المنخل والدلو والإِبرة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: الماعون بِلِسَان قُرَيْش المَال
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك وَابْن الْحَنَفِيَّة قَالَا: الماعون الزَّكَاة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: الماعون الْمَعْرُوف
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَيمْنَعُونَ الماعون} قَالَ: اخْتلف النَّاس فِي ذَلِك فَمنهمْ من قَالَ: يمْنَعُونَ الزَّكَاة وَمِنْهُم من قَالَ: يمْنَعُونَ الطَّاعَة وَمِنْهُم من قَالَ: يمْنَعُونَ الْعَارِية
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَيمْنَعُونَ الماعون} قَالَ: مَا جَاءَ هَؤُلَاءِ بعد

(8/645)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
108
سُورَة الْكَوْثَر
مَكِّيَّة وآياتها ثَلَاث
مُقَدّمَة السُّورَة
الْآيَة 1 - 3

(8/646)


إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} بِمَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير وَعَائِشَة مثله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ: لما طعن عمر وماج النَّاس تقدم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَرَأَ بأقصر سورتين فِي الْقُرْآن {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} و (إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح) (سُورَة النَّصْر) وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن شبْرمَة قَالَ: لَيْسَ فِي الْقُرْآن سُورَة أقل من ثَلَاث آيَات
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} قَالَ: نهر فِي بطْنَان الْجنَّة حافتاه قباب الدّرّ والياقوت فِيهِ أَزوَاجه وخدمه
قَالَ: وَبِأَيِّ شَيْء ذكر ذَلِك قَالَ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل من بَاب الصَّفَا وَخرج من بَاب الْمَرْوَة فَاسْتَقْبلهُ الْعَاصِ بن واثل السَّهْمِي فَرجع الْعَاصِ إِلَى قُرَيْش فَقَالَت لَهُ قُرَيْش: من استقبلك يَا أَبَا عَمْرو آنِفا قَالَ: ذَلِك

(8/646)


الأبتر يُرِيد بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أنزل الله هَذِه السُّورَة {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر فصل لِرَبِّك وانحر إِن شانئك هُوَ الأبتر} يَعْنِي عدوّك الْعَاصِ بن وَائِل هُوَ الأبتر من الْخَيْر لَا أذكر فِي مَكَان إِلَّا ذكرت معي يَا مُحَمَّد فَمن ذَكرنِي وَلم يذكرك لَيْسَ لَهُ فِي الْجنَّة نصيب قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت حسان بن ثَابت يَقُول: وحباه الإِله بالكوثر الْأَكْبَر فِيهِ النَّعيم والخيرات وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس بن مَالك قَالَ: أغفي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إغْفَاءَة فَرفع رَأسه مُتَبَسِّمًا فَقَالَ: إِنَّه نزلت عليّ آنِفا سُورَة فَقَرَأَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} حَتَّى خَتمهَا قَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا الْكَوْثَر قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: هُوَ نهر أعطانيه رَبِّي فِي الْجنَّة عَلَيْهِ خير كثير ترده أمتِي يَوْم الْقِيَامَة آنيته عدد الْكَوَاكِب يختلج العَبْد مِنْهُم فَأَقُول يَا رب إِنَّه من أمتِي فَيُقَال: إِنَّك لَا تَدْرِي مَا أحدث بعْدك
وَأخرج مُسلم الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر بِلَفْظ ثمَّ رفع رَأسه فَقَرَأَ إِلَى آخر السُّورَة قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَالْمَشْهُور فِيمَا بَين أهل التفاسير والمغازي أَن هَذِه السُّورَة مَكِّيَّة وَهَذَا اللَّفْظ لَا يُخَالِفهُ فَيُشبه أَن يكون أولى
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ هَذِه الْآيَة {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر}
وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَعْطَيْت الْكَوْثَر فَإِذا هُوَ نهر فِي الْجنَّة يجْرِي وَلم يشق شقاً وَإِذا حافتاه قباب اللُّؤْلُؤ فَضربت بيَدي إِلَى تربته فَإِذا هُوَ مسكة ذفرة وَإِذا حصاه اللُّؤْلُؤ
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: دخلت الْجنَّة فَإِذا أَنا بنهر حافتاه خيام اللُّؤْلُؤ فَضربت بيَدي إِلَى مَا يجْرِي فِيهِ المَاء فَإِذا مسك اذفر
قلت: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا الْكَوْثَر الَّذِي أعطاكه الله
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس:

(8/647)


أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله: مَا الْكَوْثَر قَالَ: نهر فِي الْجنَّة أعطانيه رَبِّي لَهو أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الْعَسَل فِيهِ طيور أعناقها كأعناق الجزر
قَالَ عمر: يَا رَسُول الله إِنَّهَا لناعمة
قَالَ: آكلها أنعم مِنْهَا يَا عمر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: قد أَعْطَيْت الْكَوْثَر قلت يَا رَسُول الله: مَا الْكَوْثَر قَالَ: نهر فِي الْجنَّة عرضه وَطوله مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب لَا يشرب مِنْهُ أحد فيظمأ وَلَا يتَوَضَّأ مِنْهُ أحد فيتشعث أبدا لَا يشرب مِنْهُ من أَخْفَر ذِمَّتِي وَلَا من قتل أهل بَيْتِي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَطاء بن السَّائِب قَالَ: قَالَ لي محَارب بن دثار مَا قَالَ سعيد بن جُبَير فِي الْكَوْثَر قلت: حَدثنَا عَن ابْن عَبَّاس أَنه الْخَيْر الْكثير
فَقَالَ: صدقت وَالله إِنَّه للخير الْكثير وَلَكِن حَدثنَا ابْن عمر قَالَ: نزلت {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْكَوْثَر نهر فِي الْجنَّة حافتاه من ذهب يجْرِي على الدّرّ والياقوت تربته أطيب من الْمسك وماؤه أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الْعَسَل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا سُئِلت عَن قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} قَالَت: هُوَ نهر أعْطِيه نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بطْنَان الْجنَّة شاطئاه عَلَيْهِ در مجوّف فِيهِ من الْآنِية والأباريق عدد النُّجُوم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} قَالَ: الْخَيْر الْكثير
وَقَالَ أنس بن مَالك: نهر فِي الْجنَّة وَقَالَت عَائِشَة: هُوَ نهر فِي الْجنَّة لَيْسَ أحد يدْخل أصبعيه فِي أُذُنَيْهِ إِلَّا سمع خرير ذَلِك النَّهر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أُوتيت الكوثرآنيته عدد النُّجُوم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} قَالَ: نهر أعطَاهُ الله مُحَمَّدًا فِي الْجنَّة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْكَوْثَر نهر فِي الْجنَّة

(8/648)


حافتاه من ذهب وَفِضة يجْرِي على الْيَاقُوت والدر وماؤه أَبيض من الثَّلج وَأحلى من الْعَسَل
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} قَالَ: نهر فِي الْجنَّة عمقه سَبْعُونَ ألف فَرسَخ مَاؤُهُ أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الْعَسَل شاطئاه الدّرّ والياقوت الزبرجد خص الله بِهِ نبيه مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دون الْأَنْبِيَاء
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير وَالْحَاكِم من طَرِيق أبي بشر عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ: الْكَوْثَر الْخَيْر الَّذِي أعطَاهُ الله إِيَّاه
قَالَ أَبُو بشر: قلت لسَعِيد بن جُبَير: فَإِن نَاسا يَزْعمُونَ أَنه نهر الْجنَّة قَالَ: النَّهر الَّذِي فِي الْجنَّة من الْخَيْر الَّذِي أعطَاهُ الله إِيَّاه
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن حُذَيْفَة فِي قَوْله: {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} قَالَ: نهر فِي الْجنَّة أجوف فِيهِ آنِية من الذَّهَب وَالْفِضَّة لَا يعلمهَا إِلَّا الله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أُسَامَة بن زيد: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى حَمْزَة بن عبد الْمطلب يَوْمًا فَلم يجده فَسَأَلَ امْرَأَته عَنهُ فَقَالَت: خرج آنِفا أَولا تدخل يَا رَسُول الله فَدخل فَقدمت لَهُ حَيْسًا فَأكل فَقَالَت: هَنِيئًا لَك يَا رَسُول الله ومريئاً لقد جِئْت وَأَنا أُرِيد أَن آتِيك فأهنئك وأمريك أَخْبرنِي أَبُو عمَارَة أَنَّك أَعْطَيْت نَهرا فِي الْجنَّة يدعى الْكَوْثَر فَقَالَ: أجل وأرضه ياقوت ومرجان وَزَبَرْجَد ولؤلؤ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده: أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله: مَا الْكَوْثَر قَالَ: نهر من أَنهَار الْجنَّة أعطانيه الله عرضه مَا بَين إيلة وعدن
قَالَ: يَا رَسُول الله أَله طين أَو حَال
قَالَ: نعم الْمسك الْأَبْيَض
قَالَ: لَهُ رَضْرَاض حَصى قَالَ: نعم رضراضه الْجَوْهَر وحصباؤه اللُّؤْلُؤ
قَالَ: أَله شجر قَالَ: نعم حافتاه قضبان ذهب رطبَة شارعة عَلَيْهِ
قَالَ: ألتلك القضبان ثمار قَالَ: نعم تنْبت أَصْنَاف الْيَاقُوت الْأَحْمَر والزبرجد الْأَخْضَر فِيهِ أكواب وآنية وأقداح تسْعَى إِلَى من أَرَادَ أَن يشرب مِنْهَا منتشرة فِي وَسطه كَأَنَّهَا الْكَوْكَب الدُّرِّي
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} قَالَ: نهر فِي الْجنَّة حافتاه قباب الدّرّ فِيهِ أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(8/649)


وَأخرج هناد وَابْن جرير عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: من أحب أَن يسمع خرير الْكَوْثَر فليجعل أصبعيه فِي أُذُنَيْهِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْكَوْثَر خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
وَأخرج هناد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْكَوْثَر مَا أعطَاهُ الله من النبوّة وَالْخَيْر وَالْقُرْآن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: الْكَوْثَر الْقُرْآن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: لما نزلت هَذِه السُّورَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} قَالَ: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجبريل مَا هَذِه النحيرة الَّتِي أَمرنِي بهَا رَبِّي قَالَ: إِنَّهَا لَيست بنحيرة وَلَكِن يَأْمُرك إِذا تحرمت للصَّلَاة أَن ترفع يَديك إِذا كَبرت وَإِذا ركعت وَإِذا رفعت رَأسك من الرُّكُوع فَإِنَّهَا صَلَاتنَا وَصَلَاة الْمَلَائِكَة الَّذين هم فِي السَّمَوَات السَّبع وَإِن لكل شَيْء زِينَة وزينة الصَّلَاة رفع الْيَدَيْنِ عِنْد كل تَكْبِيرَة
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رفع الْيَدَيْنِ من الاستكانة الَّتِي قَالَ الله: (فَمَا اسْتَكَانُوا لرَبهم وَمَا يَتَضَرَّعُونَ) (سُورَة الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 76) وَأخرج ابْن جرير عَن أبي جَعْفَر فِي قَوْله: {فصل لِرَبِّك} قَالَ: الصَّلَاة {وانحر} قَالَ: يرفع يَدَيْهِ أول مَا يكبر فِي الِافْتِتَاح
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فصل لِرَبِّك وانحر} قَالَ: إِن الله أوحى إِلَى رَسُوله أَن ارْفَعْ يَديك حذاء نحرك إِذا كَبرت للصَّلَاة فَذَاك النَّحْر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فصل لِرَبِّك وانحر} قَالَ: وضع يَده الْيُمْنَى على وسط ساعده الْيُسْرَى ثمَّ وَضعهَا على صَدره فِي الصَّلَاة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن شاهين فِي السّنة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس

(8/650)


رَضِي الله عَنْهُمَا {فصل لِرَبِّك وانحر} قَالَ: وضع الْيُمْنَى على الشمَال عِنْد التَّحَرُّم فِي الصَّلَاة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء {فصل لِرَبِّك وانحر} قَالَ: إِذا صليت فَرفعت رَأسك من الرُّكُوع فاستو قَائِما
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْأَحْوَص {فصل لِرَبِّك وانحر} قَالَ: اسْتقْبل الْقبْلَة بنحرك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {فصل لِرَبِّك وانحر} قَالَ: صلي لِرَبِّك الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة واسأل
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {فصل لِرَبِّك} قَالَ: اشكر لِرَبِّك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَت هَذِه الْآيَة يَوْم الْحُدَيْبِيَة أَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: انْحَرْ وارجع فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخَطب خطْبَة الْأَضْحَى ثمَّ ركع رَكْعَتَيْنِ ثمَّ انْصَرف إِلَى الْبدن فنحرها فَذَلِك حِين يَقُول: {فصل لِرَبِّك وانحر}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد وَعَطَاء وَعِكْرِمَة {فصل لِرَبِّك وانحر} قَالُوا: صَلَاة الصُّبْح بِجمع وَنحر الْبدن بمنى
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وانحر} قَالَ: الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وَالذّبْح يَوْم الْأَضْحَى
وَأخرج ابْن جريرعن قَتَادَة {فصل لِرَبِّك وانحر} قَالَ: صَلَاة الْأَضْحَى والنحر نحر الْبدن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء {فصل لِرَبِّك} قَالَ: صَلَاة الْعِيد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {وانحر} قَالَ: الْبدن
وَأخرج ابْن جرير عَن أنس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْحَر قبل أَن يُصَلِّي فَأمر أَن يُصَلِّي ثمَّ ينْحَر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وانحر} قَالَ: يَقُول فَادع يَوْم النَّحْر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما أوحى الله تَعَالَى

(8/651)


إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت قُرَيْش: بتر مُحَمَّد منا فَنزلت {إِن شانئك هُوَ الأبتر}
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قدم كَعْب بن الْأَشْرَف مَكَّة فَقَالَت لَهُ قُرَيْش: أَنْت خير أهل الْمَدِينَة وسيدهم أَلا ترى إِلَى هَذَا الصَّابِئ المنبتر من قومه يزْعم أَنه خير منا وَنحن أهل الحجيج وَأهل السِّقَايَة وَأهل السدَانَة قَالَ: أَنْتُم خير مِنْهُ
فَنزلت {إِن شانئك هُوَ الأبتر} وَنزلت (ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب) (سُورَة النِّسَاء الْآيَة 15 - 25) إِلَى قَوْله: {فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا} )
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَيُّوب قَالَ: لما مَاتَ إِبْرَاهِيم بن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَشى الْمُشْركُونَ بَعضهم إِلَى بعض فَقَالُوا: إِن هَذَا الصَّابِئ قد بتر اللَّيْلَة فَأنْزل الله {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} إِلَى آخر السُّورَة
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ أكبر ولد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقَاسِم ثمَّ زَيْنَب ثمَّ عبد الله ثمَّ أم كُلْثُوم ثمَّ فَاطِمَة ثمَّ رقية فَمَاتَ الْقَاسِم وَهُوَ أول ميت من وَلَده بِمَكَّة ثما مَاتَ عبد الله فَقَالَ العَاصِي بن وَائِل السَّهْمِي: قد انْقَطع نَسْله فَهُوَ أَبتر فَأنْزل الله {إِن شانئك هُوَ الأبتر}
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق مَيْمُون بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ولدت خَدِيجَة من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله ثمَّ أَبْطَأَ عَلَيْهِ الْوَلَد من بعده فَبَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكلم رجلا والعاصي بن وَائِل ينظر إِلَيْهِ إِذْ قَالَ لَهُ رجل: من هَذَا قَالَ: هَذَا الأبتر يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَت قُرَيْش إِذا ولد للرجل ثمَّ أَبْطَأَ عَلَيْهِ الْوَلَد من بعده قَالُوا هَذَا الأبتر فَأنْزل الله {إِن شانئك هُوَ الأبتر} أَي مغضك هُوَ الأبتر الَّذِي بتر من كل خير
وَأخر الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ: كَانَ الْقَاسِم ابْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد بلغ أَن يركب على الدَّابَّة ويسير على النجيبة فَلَمَّا قَبضه الله قَالَ عَمْرو بن العَاصِي: لقد أصبح مُحَمَّد أَبتر من ابْنه فَأنْزل الله {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} عوضا يَا مُحَمَّد عَن مصيبتك بالقاسم {فصل لِرَبِّك وانحر إِن شانئك هُوَ الأبتر} قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَكَذَا رُوِيَ بِهَذَا الإِسناد وَهُوَ ضَعِيف وَالْمَشْهُور أَنَّهَا نزلت فِي العَاصِي بن وَائِل

(8/652)


وَأخرج الزبير بن بكار وَابْن عَسَاكِر عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه قَالَ: توفّي الْقَاسِم ابْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة فَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ آتٍ من جنَازَته على العَاصِي بن وَائِل وَابْنه عَمْرو فَقَالَ حِين رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي لأشنئوه فَقَالَ العاصيبن وَائِل: لَا جرم لقد أصبح أَبتر فَأنْزل الله {إِن شانئك هُوَ الأبتر}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِن شانئك هُوَ الأبتر} قَالَ: هُوَ العَاصِي بن وَائِل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت قُرَيْش تَقول إِذا مَاتَ ذُكُور الرجل: بتر فلَان فَلَمَّا مَاتَ ولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ العَاصِي بن وَائِل: بتر والأبتر الْفَرد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِن شانئك} يَقُول: عدوّك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء {إِن شانئك} قَالَ: أَبُو جهل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن شهر بن عَطِيَّة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانَ عقبَة بن أبي معيط يَقُول: إِنَّه لَا يبْقى للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولد وَهُوَ أَبتر فَأنْزل الله فِيهِ {إِن شانئك هُوَ الأبتر}

(8/653)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
109
سُورَة الْكَافِرُونَ
مَكِّيَّة وآياتها سِتّ
مُقَدّمَة السُّورَة
الْآيَة 1 - 6

(8/654)


قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} بِمَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزلت بِالْمَدِينَةِ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن قُريْشًا دعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَن يعطوه مَالا فَيكون أغْنى رجل بِمَكَّة ويزوّجوه مَا أَرَادَ من النِّسَاء فَقَالُوا: هَذَا لَك يَا مُحَمَّد وكف عَن شتم آلِهَتنَا وَلَا تذكر آلِهَتنَا بِسوء فَإِن لم تفعل فَإنَّا نعرض عَلَيْك خصْلَة وَاحِدَة وَلَك فِيهَا صَلَاح
قَالَ: مَا هِيَ قَالُوا: تعبد آلِهَتنَا سنة ونعبد إلهك سنة
قَالَ: حَتَّى أنظر مَا يأتيني من رَبِّي فجَاء الْوَحْي من عِنْد الله {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ لَا أعبد مَا تَعْبدُونَ} الْآيَة
وَأنزل الله (قَالَ أفغير الله تأمروني أعبد أَيهَا الجاهلون) (سُورَة الزمرالآية 46) إِلَى قَوْله: (الشَّاكِرِينَ)

(8/654)


وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن المنذرعن وهب قَالَ: قَالَت قُرَيْش للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن سرك أَن نتبعك عَاما وَترجع إِلَى ديننَا عَاما فَأنْزل الله {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} إِلَى آخر السُّورَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن سعيد بن ميناء مولى أبي البخْترِي قَالَ: لَقِي الْوَلِيد بن الْمُغيرَة والعاصي بن وَائِل وَالْأسود بن الْمطلب وَأُميَّة بن خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد هَلُمَّ فلتعبد مَا نعْبد ونعبد مَا تعبد ولنشترك نَحن وَأَنت فِي أمرنَا كُله فَإِن كَانَ الَّذِي نَحن عَلَيْهِ أصح من الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ كنت قد أخذت مِنْهُ حظاً وَإِن كَانَ الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ أصح من الَّذِي نَحن عَلَيْهِ كُنَّا قد أَخذنَا مِنْهُ حظاً فَأنْزل الله {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ لَا أعبد مَا تَعْبدُونَ} حَتَّى انْقَضتْ السُّورَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن قُريْشًا قَالَت: لَو استلمت آلِهَتنَا لعبدنا إلهك فَأنْزل الله {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} السُّورَة كلهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُرَارَة بن أوفى قَالَ: كَانَت هَذِه السُّورَة تسمى المقشقشة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي رَافع قَالَ: طَاف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْبَيْتِ ثمَّ جَاءَ مقَام إِبْرَاهِيم فَقَرَأَ (وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى) (سُورَة الْبَقَرَة الْآيَة 125) ثمَّ صلى فَقَرَأَ بِفَاتِحَة الْكتاب (وَقل هُوَ الله أحد الله الصَّمد) فَقَالَ كَذَلِك الله: (لم يلد وَلم يُولد) قَالَ: ذَاك الله (وَلم يكن لَهُ كفوا أحد) قَالَ: كَذَلِك الله ثمَّ ركع وَسجد ثمَّ قَرَأَ بِفَاتِحَة الْكتاب و {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ لَا أعبد مَا تَعْبدُونَ وَلَا أَنْتُم عَابِدُونَ مَا أعبد} قَالَ: لَا أعبد إِلَّا الله {وَلَا أَنا عَابِد مَا عَبدْتُمْ وَلَا أَنْتُم عَابِدُونَ مَا أعبد} فَقَالَ: لَا أعبد إِلَّا الله {لكم دينكُمْ ولي دين} ثمَّ ركع وَسجد
وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْمغرب {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (قل هُوَ الله أحد)
وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد صَلَاة الْمغرب {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (قل هُوَ الله أحد)

(8/655)


وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَاف بِالْبَيْتِ ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ قَرَأَ فيهمَا {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (قل هُوَ الله أحد)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوتر بسبح وَقل للَّذين كفرُوا وَالله الْوَاحِد الصَّمد
وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي رَكْعَتي الْفجْر {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (قل هُوَ الله أحد)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: رمقت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمْسا وَعشْرين مرّة وَفِي لفظ شهرا فَكَانَ يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر والركعتين بعد الْمغرب ب {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (قل هُوَ الله أحد)
وَأخرج ابْن الضريس وَالْحَاكِم فِي الكنى وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: رمقت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعِينَ صباحاً فِي غَزْوَة تَبُوك فَسَمعته يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (قل هُوَ الله أحد) وَيَقُول: نعم السورتان تعدل وَاحِدَة بِربع الْقُرْآن وَالْأُخْرَى بِثلث الْقُرْآن
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب والركعتين قبل صَلَاة الْفجْر ب {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (قل هُوَ الله أحد)
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من قَرَأَ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} كَانَت لَهُ عدل ربع الْقُرْآن
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سعيد بن أبي الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ربع الْقُرْآن وَمن قَرَأَ (قل هُوَ الله أحد) فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثلث الْقُرْآن
وَأخرج مُسَدّد عَن رجل من الصَّحَابَة قَالَ: سَمعتهَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بضعاً وَعشْرين مرّة يَقُول: نعم السورتان يقْرَأ بهما فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَحَد الصَّمد و {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ}
وَأخرج أَحْمد وَابْن الضريس وَالْبَغوِيّ وَحميد بن زَنْجوَيْه فِي ترغيبه عَن شيخ أدْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خرجت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَمر بِرَجُل يقْرَأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ}

(8/656)


فَقَالَ: أما هَذَا فقد برِئ من الشّرك وَإِذا آخر يقْرَأ (قل هُوَ الله أحد) فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بهَا وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَفِي رِوَايَة: أما هَذَا فقد غفر لَهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن فَرْوَة بن نَوْفَل بن مُعَاوِيَة الْأَشْجَعِيّ عَن أَبِيه أَنه قَالَ يَا رَسُول الله عَلمنِي مَا أَقُول إِذا أويت إِلَى فِرَاشِي قَالَ: اقْرَأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} ثمَّ نم على خاتمتها فَإِنَّهَا بَرَاءَة من الشّرك
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن نَوْفَل الْأَشْجَعِيّ عَن أَبِيه قَالَ: قلت يَا رَسُول الله: إِنِّي حَدِيث عهد بشرك فمرني بِآيَة تبرئني من الشّرك فَقَالَ: اقْرَأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} قَالَ: فَمَا أخطأها أبي من ويم وَلَا لَيْلَة حَتَّى فَارق الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنوفل بن مُعَاوِيَة الْأَشْجَعِيّ: إِذا أتيت مضجعك للنوم فاقرأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} فَإنَّك إِذا قرأتها فقد بَرِئت من الشّرك
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن الْحَارِث بن جبلة وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ عَن جبلة بن حَارِثَة وَهُوَ أَخُو زيد بن حَارِثَة قَالَ: قلت يَا رَسُول الله: عَلمنِي شَيْئا أقوله: عِنْد مَنَامِي قَالَ: إِذا أخذت مضجعك من اللَّيْل فاقرأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} حَتَّى تمر بآخرها فَإِنَّهَا بَرَاءَة من الشّرك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِمعَاذ: اقْرَأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} عِنْد مَنَامك فَإِنَّهَا بَرَاءَة من الشّرك
وَأخرج الديلمي عَن عبد الله بن جَراد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْمُنَافِق لَا يُصَلِّي الضُّحَى وَلَا يقْرَأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ}
وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أدلكم على كلمة تنجيكم من الإِشراك بِاللَّه تقرؤون {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} عِنْد منامكم
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن خباب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا

(8/657)


أخذت مضجعك فاقرأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} وَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يَأْتِ فرَاشه قطّ إِلَّا قَرَأَ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} حَتَّى يخْتم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن أَرقم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من لَقِي الله بسورتين فَلَا حِسَاب عَلَيْهِ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (قل هُوَ الله أحد
وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن الضريس عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ: من قر (قل هُوَ الله أحد) و {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} فِي لَيْلَة فقد أَكثر وأطاب
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير عَن عَليّ قَالَ: لدغت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عقرب وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمَّا فرغ قَالَ: لعن الله العقربلا تدع مُصَليا وَلَا غَيره ثمَّ دَعَا بِمَاء وملح وَجعل يمسح عَلَيْهَا وَيقْرَأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (قل أعوذ بِرَبّ الفلق) (سُورَة الفلق) و (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) (سُورَة النَّاس)
وَأخرج أَبُو يعلى عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتُحِبُّ يَا جُبَير إِذا خرجت سفرا أَن تكون أمثل أَصْحَابك هَيْئَة وَأَكْثَرهم زاداً قلت: نعم بِأبي أَنْت وَأمي
قَالَ: فاقرأ هَذِه السُّور الْخمس {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح) (سُورَة النَّصْر) و (قل هُوَ الله أحد) (سُورَة الاخلاص) و (قل أعوذ بِرَبّ الفلق) و (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) وافتتح كل سُورَة بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ جُبَير: وَكنت غَنِيا كثير المَال فَكنت أخرج فِي سفر فَأَكُون من أبذهم هَيْئَة وَأَقلهمْ زاداً فَمَا زلت مُنْذُ علمنيهن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقرأت بِهن أكون من أحْسنهم هَيْئَة وَأَكْثَرهم زاداً حَتَّى أرجع من سَفَرِي
وَأخرج ابْن الضريس عَن عَمْرو بن مَالك قَالَ: كَانَ أَبُو الجوزاء يَقُول: أَكْثرُوا من قِرَاءَة {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} وابرأوا مِنْهُم

(8/658)