إيجاز البيان عن
معاني القرآن يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ
بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ
مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ
مَا يُرِيدُ (1)
ومن سورة المائدة
نزلت المائدة والنبي صلّى الله عليه وسلّم واقف بعرفة على
راحلته «1» ، فتنوخت لئلا تندقّ ذراعها.
1 أَوْفُوا بِالْعُقُودِ: ما عقدها الله عليكم، وما تعاقدتم
بينكم «2» .
بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ قال رجل عند مجاهد «3» : دعونا من هذه
الأحاديث،
__________
(1) أخرج الإمام أحمد في مسنده: 6/ 455 عن أسماء بنت يزيد
قالت: «إني لآخذة بزمام العضباء ناقة رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم إذ أنزلت عليه «المائدة» كلها، وكادت من ثقلها تدق بعضد
الناقة» .
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 3/ 3 وزاد نسبته إلى عبد بن
حميد، وابن جرير، ومحمد بن نصر، والطبراني، وأبي نعيم في
«الدلائل» ، والبيهقي في «شعب الإيمان» عن أسماء بنت يزيد
أيضا.
قال ابن عطية في المحرر الوجيز: 4/ 311: «هذه السورة مدنية
بإجماع ... ومن هذه السورة ما نزل في حجة الوداع، ومنها ما نزل
عام الفتح وهو قوله: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ
الآية. وكل ما نزل من القرآن بعد هجرة النّبي صلّى الله عليه
وسلّم فهو مدني، سواء ما نزل بالمدينة أو في سفر من الأسفار أو
بمكة، وإنما يرسم بالمكي ما نزل قبل الهجرة ... » .
وانظر تفسير البغوي: 2/ 5، وزاد المسير: 2/ 267، وتفسير
القرطبي: (6/ 30، 31) .
(2) عن معاني القرآن للزجاج: 2/ 139، وقال: «والعقود: العهود،
يقال: وفيت بالعهد وأوفيت. والعقود واحدها عقد، وهي أوكد
العهود، يقال: عهدت إلى فلان في كذا وكذا، تأويله ألزمته ذلك
... » .
(3) مجاهد: (21- 104 هـ) .
مجاهد بن جبر- بفتح الجيم وسكون الموحدة- المكي، القرشي، أبو
الحجاج.
الإمام التابعي الثبت، المقرئي المفسّر، الحافظ.
ترجمته في: تذكرة الحفاظ: 1/ 92، سير أعلام النبلاء: 4/ 449،
تهذيب التهذيب:
(10/ 42) ، وطبقات الحفاظ: (35، 36) .
(1/265)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا
الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ
وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ
رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا
يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى
الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ
وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ
الْعِقَابِ (2)
عليكم بالقرآن، فقال رجل من الكوفة: فما
تقول في لحم القرد؟.
فقال مجاهد: ليس القرد من بهيمة الأنعام «1» .
2 لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ: مناسك الحج وعلاماته «2» .
وقيل «3» : الهدايا المشعرة، أي: المطعونة. وفي الحديث «4» :
«لا سلب إلّا لمن أشعر أو قتل» أي: طعن.
وَلَا الْهَدْيَ: ما يهدى إلى البيت، فلا يذبح حتى يبلغ الحرم
«5» .
وَلَا الْقَلائِدَ: كانوا يقلّدون «6» من لحاء شجر «7» الحرم
ليأمنوا، أي: فلا تقتلوا من تقلد به «8» .
__________
(1) أخرج عبد الرزاق في مصنفه: 4/ 529، كتاب المناسك، باب
«الثعلب والقرد» عن مجاهد أنه سئل عن أكل القرد، فقال: «ليس من
بهيمة الأنعام» .
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 3/ 7، وزاد نسبته إلى عبد بن
حميد عن مجاهد أيضا.
(2) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 9/ 463 عن ابن عباس
ومجاهد.
ونقله الماوردي في تفسيره: 1/ 440 عن ابن عباس ومجاهد، وابن
الجوزي في زاد المسير: 2/ 372 عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(3) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 146، ومعاني القرآن للنحاس: 2/
250، ونقله البغوي في تفسيره: 2/ 7 عن أبي عبيدة وقال:
«والإشعار من الشعار، وهي العلامة، وأشعارها:
أعلامها بما يعرف أنها هدي، والاشعار هاهنا: أن يطعن في صحفة
سنام البعير بحديدة حتى يسيل الدم، فيكون ذلك علامة أنها هدي»
.
(4) أخرجه الخطابي في غريب الحديث: 3/ 136 بلفظ: «لا سلب إلا
لمن أشعر علجا أو قتله» عن مكحول، وهو في الفائق للزمخشري: 2/
250، وغريب الحديث لابن الجوزي:
1/ 543، والنهاية: 2/ 479.
قال الخطابي رحمه الله: «قوله: أشعر علجا: أي أثخنه جراحا.
يقال: أشعرت الرجل، إذا جرحته فسال دمه. ومنه إشعار البدن، وهو
أن تطعن بالحربة في سنامها ... » .
(5) تفسير الطبري: 9/ 466.
(6) لحاء الشجرة: - بكسر اللّام-: قشرها.
اللسان: 15/ 241 (لحا) .
(7) في «ج» : يتقلدون. [.....]
(8) معاني القرآن للفراء: 1/ 299، وتفسير غريب القرآن لابن
قتيبة: 139، وأخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (9/ 468، 469)
عن عطاء، ومجاهد، والسدي، وابن زيد.
وانظر هذا القول في معاني القرآن للنحاس: 2/ 251، وتفسير
الماوردي: 1/ 441، وزاد المسير: 2/ 273.
(1/266)
وقيل «1» : على عكسه، أي: لا تحلّوا
التقلّد به لأنه عادة جاهلية ولئلا يتشذّب «2» شجر الحرم.
وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ: أي: لا تحلّوا قاصدين البيت «3» .
وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ: لا يكسبنكم «4» . شَنَآنُ قَوْمٍ: أهل
مكة،
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره: 9/ 469 عن عطاء، ومطرّف بن
الشخير.
وذكره البغوي في تفسيره: 2/ 7.
قال الطبري رحمه الله: «والذي هو أولى بتأويل قوله: وَلَا
الْقَلائِدَ- إذ كانت معطوفة على أول الكلام، ولم يكن في
الكلام ما يدل على انقطاعها عن أوله، ولا أنه عني بها النهي عن
التقلد أو اتخاذ القلائد من شيء- أن يكون معناه: ولا تحلوا
القلائد.
فإذا كان ذلك بتأويله أولى، فمعلوم أنه نهي من الله جل ذكره عن
استحلال حرمة المقلّد، هديا كان ذلك أو إنسانا، دون حرمة
القلادة. وإن الله عز ذكره، إنما دل بتحريمه حرمة القلادة، على
ما ذكرنا من حرمة المقلّد، فاجتزأ بذكره «القلائد» من ذكر
«المقلد» ، إذ كان مفهوما عند المخاطبين بذلك معنى ما أريد به»
.
(2) في أساس البلاغة: 1/ 483: «شذب الشجرة. ونخل مشذّب، وطار
عن النخل شذ به وهو ما قطع عنه» .
وانظر اللسان: 1/ 486 (شذب) .
(3) قال الفراء في معاني القرآن: 1/ 299: «نسخت هذه الآية
الآية التي في التوبة فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ
وَجَدْتُمُوهُمْ إلى آخر الآية» .
وانظر تفسير الطبري: 9/ 471، ومعاني القرآن للنحاس: 2/ 252،
والمحرر الوجيز:
4/ 323.
(4) هذا نص قول ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 139، ونقله
النحاس في معاني القرآن:
2/ 253 عن أبي عبيدة. ولم أقف على هذا القول له في كتابه مجاز
القرآن.
وإنما قال: «مجازه: ولا يحملنكم ولا يعدينكم» .
ينظر مجاز القرآن: 1/ 147.
قال الزجاج في معاني القرآن: 2/ 143: «والمعنى واحد، وقال
الأخفش: لا يجنفنكم بغض قوم. وهذه ألفاظ مختلفة والمعنى واحد»
.
(1/267)
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ
الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ
لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ
وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ
إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ
تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ
يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ
وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ
الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ
مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)
أَنْ صَدُّوكُمْ: عام الحديبية.
أَنْ تَعْتَدُوا: موضع «أن» الأولى مفعول له، والثانية مفعول
به «1» ، أي: لا يكسبنكم بغضكم قوما بصدّهم إياكم الاعتداء على
هؤلاء الحجاج.
والمهلّ والمستهلّ: رافع صوته بذكر الله تعالى، وفي حديث
المولود «2» :
«لا يورّث حتى يستهل صارخا» .
3 وَالْمَوْقُوذَةُ: المضروبة ضربا مبرّحا حتى تموت فتكون أرخص
للحمها «3» .
وَالْمُتَرَدِّيَةُ: الهاوية من جبل أو [في] «4» بئر «5» .
[26/ ب] وَالنَّطِيحَةُ: / نطحتها أخرى فماتت «6» .
__________
(1) عن معاني القرآن للزجاج: 2/ 143، وانظر تفسير غريب القرآن
لابن قتيبة: 140، وتفسير الطبري: (9/ 488، 489) ، وزاد المسير:
(2/ 276، 277) .
(2) أخرجه ابن ماجة في سننه: 2/ 919، كتاب الفرائض، باب «إذا
استهل المولود ورث» عن جابر بن عبد الله والمسور بن مخرمة
مرفوعا.
وقال: واستهلاله، أن يبكي ويصيح أو يعطس.
وأخرج- نحوه- الدارمي في سننه: (2/ 393) عن مكحول مرفوعا.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما موقوفا.
(3) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 151، وتفسير غريب القرآن
لابن قتيبة: 140، وتفسير الطبري: 9/ 495.
(4) عن نسخة «ج» .
(5) كذا في معاني القرآن للفراء: 1/ 301، وفي مجاز القرآن لأبي
عبيدة: 1/ 151: «التي تردت فوقعت في بئر أو وقعت من جبل أو
حائط أو نحو ذلك فماتت» .
وانظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 140، وتفسير المشكل لمكي:
150، وزاد المسير:
2/ 280، وتفسير القرطبي: 6/ 49.
(6) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 140.
قال الطبري في تفسيره: 9/ 499: «وأصل النطيحة المنطوحة، صرفت
من مفعولة إلى فعلية» .
وقال مكي في تفسير المشكل: 150: «ويجوز أن تكون هي الناطحة
نطحت غيرها فماتت، فتكون النطيحة بمعنى الناطحة» .
(1/268)
والتذكية: فري الأوداج «1» وانهار الدم.
قال أبو حنيفة رحمة الله عليه: كل ما فرى الأوداج من شظية «2»
، أو شظاظ، أو ليطة.
و «النّصب» : الأصنام المنصوبة واحدها «نصاب» «3» . أو واحد
وجمعه «أنصاب» «4» . و «نصايب» .
وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا: تطلبوا قسمة الجزور «5» بالميسر.
قال المبرد «6» : تأويل الاستقسام أنهم ألزموا أنفسهم ما تخرج
به الأزلام كما يفعل ذلك في اليمين، فيقال: أقسم به، أي: ألزم
نفسه وجعله قسمه. وكانوا يحيلون القداح مكتوبا عليها الأمر
والنهي ليقسم لهم ما يفعلون أو يتركون «7» . وحكى أبو سعيد
الضرير «8» : تركت فلانا
__________
(1) أي قطعها.
النهاية لابن الأثير: 3/ 442، واللسان: 15/ 153 (فرا) .
(2) جاء في هامش الأصل: «الشّظية: القطعة من العصا. الشظاظ:
العود. اللّيطة: قشر القصب» .
اللسان: 14/ 443 (شظى) ، 7/ 445 (شظظ) ، 7/ 396 (ليط) .
وانظر قول الإمام أبي حنيفة في أحكام القرآن للجصاص: (2/ 306،
307) ، والهداية للمرغيناني: 4/ 65.
(3) معاني القرآن للزجاج: 2/ 146، ومعاني القرآن للنحاس: 2/
258، وتفسير الفخر الرازي: 11/ 137. [.....]
(4) ذكره أبو عبيدة في مجاز القرآن: 1/ 152، وابن قتيبة في
تفسير غريب القرآن: (140، 141) ، والطبري في تفسيره: 9/ 508،
والزجاج في معاني القرآن: 2/ 146.
(5) قال ابن الأثير في النهاية: 1/ 266: «الجزور: البعير ذكرا
كان أو أنثى ... » .
(6) لم أقف على قول المبرد فيما تيسر لي من كتبه.
وينظر قوله في تفسير الماوردي: 1/ 444.
(7) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 152، وتفسير الطبري: 9/ 510،
ومعاني القرآن للزجاج:
(2/ 146، 147) ، وتفسير القرطبي: 6/ 58.
(8) هو أحمد بن خالد البغدادي، أبو سعيد.
وصفه القفطي في إنباه الرواة: 1/ 41 ب «اللغوي الفاضل الكامل»
، وقال: «لقي ابن- الأعرابي وأبا عمرو الشيباني، وحفظ عن
الأعراب نكتا كثيرة» .
وانظر أخباره في إنباه الرواة: 4/ 95، ومعجم الأدباء: (3/ 15-
26) ، وبغية الوعاة:
1/ 305.
(1/269)
يَسْأَلُونَكَ مَاذَا
أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا
عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ
مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ
عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا
اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4)
يستقسم، أي: يروي ويفكّر بين أمرين.
والقداح أزلام لأنها تزلم، أي:
تسوّى وتؤخذ من حروفها «1» .
4 مِنَ الْجَوارِحِ: الكواسب «2» .
مُكَلِّبِينَ: ذوي كلاب «3» . أو معلّمين الكلاب الصيد «4» ك
«المؤدب» لمعلم الأدب.
__________
(1) جاء في اللسان: 2/ 270 (زلم) : «زلّم القدح: سوّاه ولينه.
وزلّم الرّحى: أدارها وأخذ من حروفها ... ويقال: قدح مزلم وقدح
زليم إذا طرّ وأجيد قدّه وصنعته» .
(2) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن: 1/ 154: «أي الصوائد،
ويقال: فلان جارحة أهله أي كاسبهم ... ويقال: امرأة أرملة لا
جارح لها، أي لا كاسب لها» .
وانظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 141، وتفسير الطبري: 9/
543، ومعاني القرآن للنحاس: 2/ 264، والصحاح: 1/ 358، واللسان:
2/ 423 (جرح) .
(3) ذكره الفراء في معاني القرآن: 1/ 302، وأبو عبيدة في مجاز
القرآن: 1/ 154، وأخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 9/ 549 عن
الضحاك، والسدي.
وقيل أيضا هو كل ما علّم الصيد من بهيمة أو طائر.
أخرجه الطبري في تفسيره: (9/ 547- 549) عن ابن عباس، والحسن،
ومجاهد، وعبيد ابن عمير، وخيثمة بن عبد الرحمن.
قال الطبري- رحمه الله- بعد أن أورد القولين: «وأولى القولين
بتأويل الآية قول من قال:
كل ما صاد من الطير والسباع فمن الجوارح، وأنّ صيد جميع ذلك
حلال إذا صاد بعد التعليم، لأنّ الله جل ثناؤه عمّ بقوله: وَما
عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ، كل جارحة، ولم
يخصص منها شيئا. فكل جارحة كانت بالصفة التي وصف الله من كل
طائر وسبع، فحلال أكل صيدها ... فإن ظنّ ظان أن في قوله:
مُكَلِّبِينَ، دلالة على أن الجوارح التي ذكرت في قوله: وَما
عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ، هي الكلاب خاصة، فقد ظن غير
الصواب.
وذلك أن معنى الآية: قل أحل لكم، أيها الناس، في حال مصيركم
أصحاب كلاب الطيبات، وصيد ما علمتوه الصيد من كواسر السباع
والطير.
فقوله: مُكَلِّبِينَ: صفة للقانص، وإن صاد بغير الكلاب في بعض
أحيانه ... » .
(4) ذكره البغوي في تفسيره: 2/ 12 دون عزو. وعزاه ابن الجوزي
في زاد المسير: 2/ 292 إلى أبي سليمان الدمشقي.
(1/270)
الْيَوْمَ أُحِلَّ
لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ
مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ
أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا
مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ
حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى
الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى
الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى
الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ
كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ
مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ
تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا
بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ
لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ
لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)
ويقال «أكلب» إذا كثرت كلابه، و «أمشى»
كثرت ماشيته «1» .
وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ: على الإرسال «2» .
5 وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ: ذبائحهم «3» .
6 وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ: خفض أرجلكم على
الجوار «4» . ومن قرأ: وَأَرْجُلَكُمْ «5» فيقدر فيه تكرار
الفعل.
وأرجلكم بالرفع «6» على الابتداء المحذوف الخبر، أي:
وأرجلكم مغسولة.
وقيل «7» : إنه معطوف على الرأس في اللفظ والمعنى، ثم نسخ
بالسنة، أو بدليل التحديد إلى الكعبين.
__________
(1) ينظر معاني القرآن للنحاس: 2/ 263، والمحرر الوجيز: (4/
354، 355) ، وزاد المسير:
2/ 292.
(2) ذكره الطبري في تفسيره: 9/ 571، والقرطبي في تفسيره: 6/
74، وقال: «وقيل المراد بالتسمية هنا عند الأكل، وهو الأظهر
... » .
(3) تفسير الطبري: 9/ 572، ومعاني القرآن للزجاج: 2/ 151،
وتفسير الماوردي: 1/ 449، وقال القرطبي في تفسيره: 6/ 76:
«والطعام اسم لما يؤكل والذبائح منه، وهو هنا خاص بالذبائح عند
كثير من أهل العلم بالتأويل» .
(4) وهي قراءة ابن كثير، وحمزة، وأبي عمرو كما في السبعة لابن
مجاهد: 243، والتبصرة لمكي: 186.
(5) وهي قراءة نافع، وابن عامر، والكسائي، وعاصم في رواية حفص.
ينظر السّبعة لابن مجاهد: (243، 244) ، والكشف لمكي: 1/ 406،
ومعاني القرآن للزجاج: 2/ 152. [.....]
(6) وتنسب هذه القراءة إلى الحسن البصري والأعمش وهي قراءة
شاذة.
ينظر المحتسب لابن جني: 1/ 208، والكشاف: 1/ 598، وتفسير
القرطبي: 6/ 91.
(7) هذا توجيه آخر لقراءة الخفض، وقد ذكره أبو عبيدة في مجاز
القرآن: 1/ 155، والزجاج في معاني القرآن: 2/ 154، وأبو علي
الفارسي في الحجة: (3/ 215، 216) ، وابن عطية في المحرر
الوجيز: 4/ 371، والقرطبي في تفسيره: 6/ 91، والسمين الحلبي في
الدر المصون: 4/ 215.
(1/271)
وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ
اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ
إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ
بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى
أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
(8) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ
أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (10) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ
يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ
عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ
الْمُؤْمِنُونَ (11) وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي
إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا
وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ
وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي
وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا
لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ
بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (12)
وروى الأزهري «1» بإسناد له عن أبي زيد
الأنصاري «2» أنّ المسح عند العرب غسل ومسح «3» .
7 وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ: يعني: بيعة الرضوان
«4» .
عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ: بضمائرها، ولذلك أنثت، وإنما لم
تجيء «ذوات الصّدور» لينبئ عن التفصيل في كل ذات.
12 نَقِيباً: حفيظا أمينا «5» .
وَعَزَّرْتُمُوهُمْ: عزرته أعزره عزرا: حطته، وعزّرته: فخّمت
__________
(1) الأزهري: (282- 370 هـ) .
هو محمد بن أحمد بن الأزهر الهروي، أبو منصور.
الإمام اللغوي الأديب، صاحب كتاب تهذيب اللّغة، وعلل القراءات،
وشرح ديوان أبي تمام ... وغير ذلك.
أخباره في معجم الأدباء: 17/ 164، وفيات الأعيان: 4/ 334،
والطبقات الكبرى للسبكي: 3/ 63، وبغية الوعاة: 1/ 19.
(2) أبو زيد الأنصاري: (119- 215 هـ) .
هو سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري، البصري.
إمام اللّغة والأدب في عصره، وصفه الذهبي بقوله: «الإمام
العلامة، حجة العرب ...
صاحب التصانيف» .
صنف «النوادر» في اللّغة، وخلق الإنسان، ولغات القرآن، وغريب
الأسماء ... وغير ذلك.
أخباره في: تاريخ بغداد: 9/ 77، إنباه الرواة: 2/ 30، سير
أعلام النبلاء: 9/ 494.
(3) لم أقف على قول أبي زيد في تهذيب اللغة للأزهري.
وينظر قوله في معاني القرآن للنحاس: 2/ 272، والحجة لأبي علي
الفارسي: 3/ 215، والمحرر الوجيز: 4/ 371، وتفسير القرطبي: 6/
92.
(4) ذكره الزمخشري في الكشاف: 1/ 598 دون عزو.
وانظر زاد المسير: 2/ 306، وتفسير الفخر الرازي: 11/ 183،
وتفسير القرطبي:
(6/ 108، 109) .
(5) قال الطبري في تفسيره: 10/ 110: «والنقيب في كلام العرب،
كالعريف على القوم، غير أنه فوق العريف. يقال منه: نقب فلان
على بني فلان فهو ينقب نقبا» .
وانظر الصحاح: 1/ 227، واللسان: 1/ 769 (نقب) .
(1/272)
فَبِمَا نَقْضِهِمْ
مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً
يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا
مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى
خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ
وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) وَمِنَ
الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ
فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا
بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا
يَصْنَعُونَ (14) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ
رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ
تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ
جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي
بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ
وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ
وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16) لَقَدْ كَفَرَ
الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ
مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ
أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ
وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَقَالَتِ الْيَهُودُ
وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ
فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ
مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ
يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا
بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ
قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ
مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ
وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19) وَإِذْ قَالَ مُوسَى
لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا
وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (20)
يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ
اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ
فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ
فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى
يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا
دَاخِلُونَ (22)
أمره «1» ، فكأنّه لقربه من «الأزر» كانت
التقوية معناه.
13 عَلى خائِنَةٍ: مصدر ك «الخاطئة» و «الكاذبة» «2» أو اسم ك
«العافية» / و «العاقبة» «3» . [27/ أ]
15 وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ: لما أخبرهم بالرجم من التوراة «4»
أخبرهم بعلمه غير ذلك لئلا يجاحدوه.
22 وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها: هي أريحا «5» .
كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ: الذين كتب لهم دخولها غير الذين حرّمت
عليهم أربعين سنة، دخلوها بعد موت موسى بشهرين مع يوشع بن
__________
(1) فهو من الأضداد كما في الأضداد لابن الأنباري: 147،
واللسان: 4/ 562 (عزر) ونقل الماوردي في تفسيره: 1/ 452 عن
الفراء قال: «عزرته عزرا: إذا رددته عن الظلم، ومنه التعزير
لأنه يمنع عن معاودة القبح» .
وانظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 141، وتفسير الطبري: 10/
121، ومعاني القرآن للزجاج: 2/ 159، وتفسير الفخر الرازي: 11/
190، وتفسير القرطبي: 6/ 114.
(2) قال الطبري في تفسيره: 10/ 131: «و «الخائنة» في هذا
الموضع: الخيانة، وضع- وهو اسم- موضع المصدر، كما قيل: «خاطئة»
للخطيئة، وقائلة «للقيلولة» .
(3) معاني القرآن للزجاج: 2/ 160.
(4) أخرج الطبريّ في تفسيره: 10/ 141. والحاكم في المستدرك: 4/
359، كتاب الحدود، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «من كفر
بالرجم فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب، قوله عز وجل: يا
أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ
كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ، فكان
الرجم مما أخفوا» .
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ، ووافقه
الذهبي.
(5) أريحا: مدينة بفلسطين المحتلة.
وأخرج الطبريّ هذا القول في تفسيره: 10/ 168 عن ابن عباس، وابن
زيد، والسدي.
وقيل: هي الطور، وقيل: الشام، وقيل: إنها دمشق وفلسطين وبعض
الأردن. وعقب الطبري على هذه الأقوال بقوله: «وأولى الأقوال في
ذلك بالصواب أن يقال: هي الأرض المقدسة، كما قال نبي الله
موسى، لأن القول في ذلك بأنها أرض دون أرض، لا تدرك حقيقة صحته
إلا بالخبر، ولا خبر بذلك يجوز قطع الشهادة به. غير أنها لن
تخرج من أن تكون من الأرض التي ما بين الفرات وعريش مصر،
لإجماع جميع أهل التأويل والسّير والعلماء بالأخبار على ذلك» .
(1/273)
قَالَ رَبِّ إِنِّي
لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا
وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) قَالَ فَإِنَّهَا
مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي
الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26)
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ
قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ
يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ
إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ
بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ
يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ
الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي
وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ
جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ
أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30)
فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ
كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا
أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ
سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) مِنْ
أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ
مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي
الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ
أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ
جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا
مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)
نون «1» عليهما السلام.
25 لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي: أَخِي رفع أي: وأخي لا
يملك إلا نفسه «2» . ويجوز نصبا «3» لأنه إذا ملك طاعة أخيه
فكأنه ملكه.
29 بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ: بإثم قتلي وإثمك إذ لم يقبل قربانك
«4» .
30 فَطَوَّعَتْ: فوق «أطاعت» لأن فيه معنى «انطاع» «5» .
32 مِنْ أَجْلِ ذلِكَ: من أجله ومن جراه ومن جرائه وجاره «6» .
فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ: بما سن القتل، قال عليه السلام
«7» : «على ابن
__________
(1) يوشع بن نون بن أفرائيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن
إبراهيم.
فتى موسى عليه السلام، ابتعثه الله بعد موسى وأمره الله بالسير
لقتال الجبارين، واختلف أهل العلم في تفاصيل ذلك.
ينظر المعارف لابن قتيبة 44، وتاريخ الطبري: (1/ 435- 438) .
(2) أي أن رفع «أخي» على الابتداء، والخبر محذوف تقديره: لا
يملك إلا نفسه.
ينظر مشكل إعراب لمكي: 1/ 223، والتبيان للعكبري: 1/ 431،
والدر المصون:
4/ 235. [.....]
(3) بأن يكون معطوفا على «نفسي» .
ذكر ذلك الزجاج في معاني القرآن: 2/ 65: وقال: «فيكون المعنى:
لا أملك إلا نفسي، ولا أملك إلا أخي، لأن أخاه إذا كان مطيعا
له فهو ملك طاعته» .
وانظر مشكل إعراب القرآن لمكي: 1/ 223، والتبيان للعكبري: 1/
431.
ورجح أبو حيان هذا الوجه في البحر المحيط: 3/ 457، وكذا
السّمين الحلبي في الدر المصون: 4/ 234.
(4) عن معاني القرآن للزجاج: 2/ 167.
وانظر تفسير الطبري: 10/ 215، وتفسير الماوردي: 1/ 458، وتفسير
الفخر الرازي:
11/ 212 عن الزجاج.
(5) معاني القرآن للزجاج: 2/ 167، وزاد المسير: 2/ 337، وتفسير
القرطبي: 6/ 138، والدر المصون: 4/ 242.
(6) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن: 1/ 162: «أي من جناية ذلك
وجرّ ذلك، وهي مصدر أجلت ذلك عليه» .
وقال الطبري في تفسيره: 6/ 145: «أي من جرّاء ذلك القاتل
وجريرته» .
(7) الحديث باختلاف في بعض ألفاظه في صحيح البخاري: 4/ 104،
كتاب الأنبياء، باب- «خلق آدم وذريته» ، وصحيح مسلم: 3/ 1304،
كتاب القسامة، باب «بيان إثم من سن القتل» عن عبد الله بن
مسعود رضي الله عنه مرفوعا.
(1/274)
إِنَّمَا جَزَاءُ
الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي
الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ
تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ
يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا
وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)
آدم القاتل أولا كفل «1» من إثم كلّ قاتل
بني آدم» .
وَمَنْ أَحْياها: أنقذها من هلكة في دين أو دنيا «2» .
33 أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ: يحبسوا «3» . أو يقاتلوا
حيث توجهوا «4» . أو من قتلهم فدمه هدر، إذ لا يجوز إلجاؤهم
إلى دار الحرب.
نزلت في عرنيين «5» وعكل «6» وكانوا ارتدوا وساقوا إبل الصدقة
«7» .
وخطب الحجاج يوم الجمعة فقال: أتزعمون أني شديد العقوبة، وهذا
__________
(1) الكفل: بكسر الكاف وسكون الفاء: الحظ والنصيب.
والكفل- أيضا- ضعف الشيء.
قال الحافظ في الفتح: 12/ 201: «وأكثر ما يطلق على الأجر
والضعف على الإثم» .
وانظر غريب الحديث لأبي عبيد: 4/ 429، والنهاية لابن الأثير:
4/ 192.
(2) ينظر تفسير الطبري: 10/ 233، ومعاني القرآن للزجاج: 2/
169، وتفسير الماوردي:
1/ 460، وزاد المسير: 2/ 343، وتفسير الفخر الرازي: 11/ 219.
(3) وهو قول الحنفية كما في أحكام القرآن للجصاص: 2/ 412.
وقال الفخر الرازي في تفسيره: 11/ 222: «وهو اختيار أكثر أهل
اللّغة» .
(4) ذكره الزجاج في معاني القرآن: 2/ 170.
(5) العرنيون نسبة إلى عرينة: بضم العين المهملة وفتح الراء
وآخرها نون ثم هاء حي من قضاعة وحي من بجيلة. وهم من بجيلة في
هذه الحادثة كما ذكره الماوردي في تفسيره:
1/ 462.
وينظر الاشتقاق لابن دريد: 226.
(6) عكل: بضم العين وسكون الكاف: بطن من طابخة، من العدنانية.
قال ابن دريد في الاشتقاق: 183: «واشتقاق (عكل) من قولهم: عكلت
الشيء أعكله عكلا، إذا جمعته» وفي «عكل» قال الحازمي في عجالة
المبتدي: 93: «هي امرأة حضنت ولد عوف بن إياس بن قيس بن عوف بن
عبد مناة بن أد بن طابخة فنسبوا إليها ... » .
وانظر الإنباه على قبائل الرواة لابن عبد البر: 62.
(7) راجع هذه الحادثة في صحيح البخاري: 8/ 43، كتاب الديات،
باب «القسامة» ، وصحيح مسلم: 3/ 1296 كتاب القسامة، باب «حكم
المحاربين والمرتدين» حديث رقم (1671) ، وأسباب النزول
للواحدي: 225.
(1/275)
يَا أَيُّهَا
الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي
الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ
وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا
سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ
يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ
يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ
تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ
فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ
الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ
لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ
عَظِيمٌ (41)
أنس «1» حدثني أن رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم قطع أيدي رجال وأرجلهم وسمل أعينهم «2» .
فقال أنس: فوددت أنّي متّ قبل أن حدّثته.
وقال أبو عبيد «3» : سألت محمد بن الحسن «4» عن قوله: أَوْ
يُصَلَّبُوا فقال: هو أن يصلب حيا ثم يطعن بالرماح «5» . قلت:
هذا مثلة.
قال: فالمثلة تراد.
41 وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ: فضيحته «6» ، أو عذابه
«7» ،........
__________
(1) هو أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه.
(2) سمل العين: فقؤها بحديدة محماة.
النهاية: 2/ 403، واللسان: 11/ 347 (سمل) . [.....]
(3) أبو عبيد: (157- 224 هـ) .
هو القاسم بن سلام الهروي الأزدي.
الإمام المحدث، الفقيه، الأديب المشهور.
وصفه الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء: 10/ 490 بقوله:
«الإمام الحافظ المجتهد ذو الفنون ... » .
أخباره في: طبقات النحويين للزبيدي: 199، وفيات الأعيان: 4/
60، وتذكرة الحفاظ:
1/ 417.
(4) محمد بن الحسن: (131- 189 هـ) .
هو محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني، أبو عبد الله.
الإمام الفقيه المشهور، صاحب الإمام أبي حنيفة.
أخباره في: تاريخ بغداد: 2/ 172، طبقات الفقهاء للشيرازي: 135،
سير أعلام النبلاء:
9/ 134، الجواهر المضيئة: 3/ 122.
(5) هذا مذهب أبي حنيفة ومحمد بن الحسن رحمهما الله تعالى، وهو
أن المحارب إذا قدر عليه صلب حيا وطعن حتى يموت.
ينظر أحكام القرآن للجصاص: 2/ 412، والكشاف: 1/ 609.
ورجح ابن العربي المالكي هذا القول في أحكام القرآن: 2/ 602،
فقال: «والصلب حيا أصح لأنه أنكى وأفضح، وهو مقتضى الردع
الأصلح» .
(6) هذا قول الزجاج في معاني القرآن: 2/ 176، وذكره الماوردي
في تفسيره: 1/ 467، وابن الجوزي في زاد المسير: 2/ 359 عن
الزجاج.
وانظر اللسان: 13/ 319 (فتن) .
(7) ذكره النحاس في معاني القرآن: 2/ 308 دون عزو. ونقله
الماوردي في تفسيره: 1/ 467- عن الحسن. وابن الجوزي في زاد
المسير: 2/ 359 عن الحسن وقتادة.
(1/276)
وَأَنْزَلْنَا
إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ
يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ
بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ
أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا
مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ
لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي
مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ
مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ
تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ
اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ
يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ
تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ
يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ
النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ
يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ
يُوقِنُونَ (50) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ
أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ
مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
(51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ
فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى
اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ
فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ
(52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ
أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ
لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ
(53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ
عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ
وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ
عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا
يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ
مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا
وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ
الْغَالِبُونَ (56) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا
مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ
وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ (57) وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ
اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا
يَعْقِلُونَ (58) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ
مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ
إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ
فَاسِقُونَ (59)
كقوله «1» : عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ.
48 وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ: أمينا، أو شاهدا «2» . هيمن عليه:
شهده وحفظه مفيعل من «الأمان» مثل: مبيطر ومسيطر، فانقلبت
الهمزة هاء «3» وليست الياء للتصغير «4» ، بل لحقت «فعل»
فألحقته بذوات الأربعة.
52 يُسارِعُونَ فِيهِمْ: في الكفار «5» ، في مرضاتهم وولايتهم
«6» .
54 أَذِلَّةٍ: رحماء ليّنون «7» .
58 نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ: أدّيتم.
59 تَنْقِمُونَ مِنَّا: تكرهون وتعيبون «8» .
__________
(1) سورة الذاريات: آية: 13.
(2) ذكره الزّجاج في معاني القرآن: 2/ 179، ونقله الماوردي في
تفسيره: 1/ 471 عن قتادة والسدي.
وأورده ابن الجوزي في زاد المسير: 2/ 371 وقال: «رواه أبو صالح
عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وقتادة، والسدي، ومقاتل» .
(3) أي أن أصل الكلمة: «مؤيمن» وهو قول المبرد كما في معاني
القرآن للزجاج: 2/ 180، ومعاني القرآن للنحاس: 2/ 318، وزاد
المسير: 2/ 30.
ونقل السمين الحلبي في الدر المصون: 4/ 287 عن أبي عبيدة قال:
«لم يجيء في كلام العرب على هذا البناء إلا أربعة ألفاظ: مبيطر
ومسيطر ومهيمن ومحيمر» ونقل عن الزجاجي لفظا خامسا هو: مبيقر.
(4) قال السمين الحلبي في الدر المصون: 4/ 288: «وقد سقط ابن
قتيبة سقطة فاحشة حيث زعم أن «مهيمنا» مصغر، وأن أصله «مؤيمن»
تصغير «مؤمن» اسم فاعل ثم قلبت همزته هاء كهراق، ويعزى ذلك
لأبي العباس المبرد أيضا» .
(5) هم المنافقون الذين يتوددون إلى الكفار.
(6) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 144، وتفسير الطبري: 10/
403، وتفسير المشكل لمكي: 154، وزاد المسير: 2/ 379.
(7) تفسير الطبري: 10/ 421. وقال الزجاج في معاني القرآن: 2/
183: «أي جانبهم ليّن على المؤمنين، ليس أنهم أذلاء مهانون» .
وانظر معاني القرآن للنحاس: 2/ 324، وزاد المسير: 2/ 382.
(8) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 170، وتفسير الطبري: 10/ 433،
ومعاني القرآن للزجاج: - 2/ 186 قال الزجاج: «يقال: نقمت على
الرجل أنقم، ونقمت عليه أنقم، والأجود نقمت أنقم ... ومعنى
نقمت بالغت في كراهة الشيء» .
(1/277)
قُلْ هَلْ
أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ
مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ
الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ
شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60)
وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا
بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ
يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ
السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلَا
يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ
الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا
يَصْنَعُونَ (63) وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ
مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا
بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ
وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ
رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ
الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ
وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ
الْمُفْسِدِينَ (64) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا
وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ
وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ
أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا
أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ
فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ
مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66)
[27/ ب] 60 وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ: أي:
الشيطان «1» ، فعطف الفعل على مثله وإن اختلفا في الفاعل.
61 وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ:
أي: دخلوا وخرجوا بالكفر، لا بما أظهروه «2» ، أو استمروا على
الكفر وتصحّفوا فيه.
قال معاوية: أبو بكر رضي الله عنه- سلم من الدنيا وسلمت منه،
وعمر عالجها وعالجته، وعثمان رضي الله عنه نال منها ونالت منه،
وأما أنا فقد تصحّفت فيها ظهرا لبطن «3» .
63 لَوْلا يَنْهاهُمُ: هلّا ينهاهم، و «لولا» في الماضي توبيخ
وفي المستقبل تحريض «4» .
66 مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ: النّجاشيّ وبحيرا «5»
وأمثالهما القائلون في عيسى بالحق «6» .
__________
(1) معاني القرآن للزجاج: 2/ 187، ومعاني القرآن للنحاس: 2/
332، وزاد المسير: 2/ 390. [.....]
(2) تفسير الطبري: 10/ 444، وزاد المسير: 2/ 391.
وقال الفخر الرازي في تفسيره: 12/ 41: «الباء في قوله:
دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وخَرَجُوا بِهِ يفيد بقاء الكفر معهم
حالتي الدخول والخروج من غير نقصان ولا تغيير فيه ألبتة، كما
تقول: دخل زيد بثوبه وخرج به، أي: بقي ثوبه حال الخروج كما كان
حال الدخول» .
(3) لم أقف على هذا الأثر.
(4) في تفسير الفخر الرازي: 12/ 42، والبحر المحيط: 3/ 522،
والدر المصون: 4/ 342 أن «لولا» حرف تحضيض ومعناه «التوبيخ» .
(5) بحيرا- بفتح أوله وكسر ثانيه- كان عالما نصرانيا، رأى
النبي صلّى الله عليه وسلّم قبل مبعثه وآمن به.
ترجمته في: أسد الغابة: 1/ 199، والإصابة: (1/ 271، 352) .
(6) أخرج الطبري في تفسيره: (10/ 465، 466) عن مجاهد قال: «هم
مسلمة أهل الكتاب ... » دون تسمية أحد منهم. وكذا نقل ابن
الجوزي في زاد المسير: 2/ 395 عن ابن عباس، ومجاهد. وورد اسم
النجاشي فقط في تفسير الفخر الرازي: 122/ 50، وتفسير القرطبي:
6/ 241.
(1/278)
إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى
مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا
فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (69)
69 إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا: أظهروا
الإيمان، يعني: المنافقين «1» .
وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ: رفع «الصابئين» على تقدير
التأخير، كأنه: ولا هم يحزنون والصابئون كذلك «2» .
أو عطف على ضمير هادُوا أي: والذين هادوا هم والصابئون «3» .
أو ارتفع لضعف عمل «إن» لا سيما وهو عطف على المضمر الذي لم
يظهر إعرابه «4» .
وبلغ ابن عباس قراءة أهل المدينة «5» : «والصّابون» فأنكرها
وقال:
__________
(1) ذكره الزجاج في معاني القرآن: 2/ 194، والنحاس في معاني
القرآن: 2/ 339.
وقال الزجاج: فأما مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ «وقد ذكر الذين آمنوا،
فإنما يعني الذين آمنوا هاهنا المنافقين الذين أظهروا الإيمان
بألسنتهم ودلّ على أن المعنى هنا ما تقدم من قوله: لا
يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ
الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ
قُلُوبُهُمْ.
وقيل: هم المسلمون الذين صدقوا الله ورسوله.
وهو قول الطبري في تفسيره: 10/ 476، وابن كثير في تفسيره: 3/
147.
(2) هذا قول سيبويه في الكتاب: 2/ 155. وعزاه الزجاج في معاني
القرآن: 2/ 193 إلى سيبويه والخليل وإلى جميع البصريين.
وانظر هذا القول في تفسير البغوي: 2/ 53، والمحرر الوجيز: 4/
522، والتبيان للعكبري: 1/ 451، والدر المصون: 4/ 353.
(3) هذا قول الكسائي وردّه الفراء في معاني القرآن: 1/ 312،
وخطّأه الزجاج في معاني القرآن: 2/ 194 فقال: «وهذا القول خطأ
من جهتين، إحداهما: أن الصابئ يشارك اليهودي في اليهودية وإن
ذكر أنّ هادوا في معنى تابوا فهذا خطأ في هذا الموضع أيضا لأن
معنى «الذين آمنوا» هاهنا إنما هو إيمان بأفواههم، لأنه يعنى
به المنافقون، ألا ترى أنه قال:
من آمن بالله، فلو كانوا مؤمنين لم يحتج أن يقال إن آمنوا فلهم
أجرهم» .
وانظر مشكل إعراب القرآن لمكي: 1/ 232، والتبيان للعكبري: 1/
451، والدر المصون: (4/ 356، 357) .
(4) معاني القرآن للفراء: (1/ 310، 311) ، ومشكل إعراب القرآن
لمكي: 1/ 232، والدر المصون: 4/ 362.
(5) وهي قراءة نافع كما في الكشف لمكي: 1/ 245، والتيسير لأبي
عمرو الداني: 74 وفي توجيه هذه القراءة السبعية قال مكي: «فأما
من لم يهمز فهو على أحد وجهين إما أن يكون خفف الهمزة على
البدل، فأبدل منها ياء مضمومة، أو واوا مضمومة، في الرفع،
فلما- انضمت الياء إلى الواو ألقى الحركة على الياء، استثقالا
للضم على حرف علة، فاجتمع حرفان ساكنان، فحذف الأول لالتقاء
الساكنين، ... والوجه الثاني أن يكون من «صبا يصبو» إذا فعل ما
لا يجب له فعله، كما يفعل الصبي، فيكون في الاعتلال، قد حذف
لامه في الجمع، وهي واو مضمومة في الرفع، وواو مكسورة في الخفض
والنصب، فجرى الاعتلال على إلقاء حركة الواو على الياء، وحذف
الواو الأولى لسكونها وسكون واو الجمع أو يائه بعدها ... » .
ونسب ابن جني هذه القراءة في المحتسب: 1/ 216 إلى أبي جعفر
وشيبة.
(1/279)
وَحَسِبُوا أَلَّا
تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ
بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (71) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ
قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ
الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي
وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ
اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا
لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ
قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ
إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا
يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ
وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) مَا
الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ
قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ
الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ
انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ
دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا
وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76) قُلْ يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا
تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ
وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77)
إنما الصابون ما يغسل به الثّياب.
71 ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بأن أرسل محمدا يعلمهم أنهم
إن آمنوا تاب عليهم «1» .
فَعَمُوا وَصَمُّوا: لم يعملوا بما سمعوا ولا ما رأوا «2» .
كَثِيرٌ مِنْهُمْ: يرتفع على البدل من الواو في عَمُوا
وَصَمُّوا.
وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ: رفعه بمعنى: أنه لا تكون
«3» .
77 قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ: عن الهدى في الدنيا.
__________
(1) هذا قول الزجاج في معاني القرآن: 2/ 195. وذكره النحاس في
معاني القرآن: 2/ 341، ونقله ابن الجوزي في زاد المسير: 2/ 401
عن الزجاج.
وذكره ابن عطية في المحرر الوجيز: 4/ 525، وقال: «وخص بهذا
العمى كثيرا منهم لأنّ منهم قليلا آمن» .
(2) قال الزجاج في معاني القرآن: 2/ 195: «هذا مثل، تأويله:
أنهم لم يعملوا بما سمعوا ولا بما رأوا من الآيات، فصاروا
كالعمي الصّمّ» .
وانظر معاني القرآن للنحاس: 2/ 341، وزاد المسير: 2/ 401.
(3) ورد هذا التوجيه لقراءة أبي عمرو، وحمزة، والكسائي برفع
تكون وقرأ باقي السبعة تَكُونَ نصبا.
ينظر السبعة لابن مجاهد: 247، والتبصرة لمكي: 188.
قال الزجاج في معانيه: 2/ 195: «فمن قرأ بالرفع فالمعنى: أنه
لا تكون فتنة، أي:
حسبوا فعلهم غير فاتن لهم وذلك أنهم كانوا يقولون إنهم أبناء
الله وأحباؤه» .
ينظر توجيه القراءتين في مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 174،
والكشف لمكي:
1/ 416.
(1/280)
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ
النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ
أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ
آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ
مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا
يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى
الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا
عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا
فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لَا
نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ
أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84)
فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ
الْمُحْسِنِينَ (85) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا
بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (86) يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ
اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ
الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ
حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ
مُؤْمِنُونَ (88) لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي
أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ
الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ
مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ
أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ
ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا
حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ
اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89) يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ
وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ
الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)
إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ
الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ
وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ
أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا
أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (92) لَيْسَ
عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ
فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا
وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)
وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ: عن طريق
الجنة في الآخرة «1» .
82 قِسِّيسِينَ: عابدين، من الاتباع، يقال في اتباع الحديث:
يقسّ، وفي أثر الطّريق يقصّ «2» ، جعلوا الأقوى لما فيه أثر
مشاهد كالوصيلة في المماسّة الحسيّة، والوسيلة في القربة،
والفسيل «3» في نتاج النخيل «4» ، والفصيل في الإبل «5» .
93 لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا: لما حرّمت الخمر قالت
الصحابة: كيف بمن مات من إخواننا «6» .
إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ
اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا: الاتقاء
الأول: فعل الاتقاء، والثاني: دوامه، والثالث: اتقاء مظالم
العباد بدليل/ ضم الإحسان إليه «7» . [28/ أ]
__________
(1) تفسير الطبري: 10/ 487، وتفسير الفخر الرازي: 12/ 67.
[.....]
(2) ليس هذا على الإطلاق، ولكنه في الغالب، فقد استعمل القرآن
في اتباع الحديث (يقص) كما في قوله تعالى: إِنَّ هذَا
الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ [سورة النمل: 76] ،
وقوله تعالى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ
[سورة يوسف: آية: 3] ، واستعمله أيضا في تتبع الأثر كما في
قوله تعالى: وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ [سورة القصص: آية:
11] .
ينظر المفردات للراغب: (403، 404) ، واللسان: 6/ 174 (قسس) ،
(7/ 74 (قصص) .
(3) ينظر كتاب النخل لأبي حاتم: (54، 55) ، واللسان: 11/ 519
(فسل) .
(4) اللسان: 11/ 519 (فسل) .
(5) النهاية لابن الأثير: 3/ 451، واللسان: 11/ 522 (فصل) .
(6) سنن الترمذي: 5/ 254، كتاب التفسير، باب «ومن سورة
المائدة» عن البراء بن عازب رضي الله عنه.
ومعاني القرآن للنحاس: 2/ 357، وأسباب النزول للواحدي: 242،
وتفسير الماوردي:
1/ 485، وزاد المسير: 2/ 419.
(7) ذكره الفخر الرازي في تفسيره: 12/ 89.
وقال الطبري في تفسيره: 10/ 577: «الاتقاء الأول: هو الاتقاء
بتلقي أمر الله بالقبول والتصديق، والدينونة به والعمل.
والاتقاء الثاني: الاتقاء بالثبات على التصديق، وترك التبديل
والتغيير. والاتقاء الثالث: هو الاتقاء بالإحسان، والتقرب
بنوافل الأعمال» . -
وتوجيه الطبري للحالة الثالثة أنسب لأن الديمومة على التقوى
تستلزم الحالة الثالثة التي ذكرها المصنف وهي اتقاء الظلم،
وليس ضم الإحسان دليلا على ذلك، فالإحسان أمر زائد على الفرائض
والواجبات وترك المنهيات، ولذا كان توجيه الطبري أنسب حيث جعله
في دائرة التقرب بنوافل الأعمال.
(1/281)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ
وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا
قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ
هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ
مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ
أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ
فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ
(95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا
لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ
مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ
تُحْشَرُونَ (96)
95 فَجَزاءٌ مِثْلُ «1» ما قَتَلَ: أي:
عليه جزاء مثل ما قتل فيكون «الجزاء» بمعنى المصدر، وهو غير
المثل لأنه فعل المجازي «2» . ويقرأ: فَجَزاءٌ مِثْلُ «3» . ف
«مثل» صفة للجزاء «4» .
96 صَيْدُ الْبَحْرِ: هو الطريّ «5» ، وَطَعامُهُ: المالح «6»
.
__________
(1) برفع «فجزاء» بغير تنوين وخفض «مثل» وهي قراءة نافع، وابن
كثير، وأبي عمرو، وابن عامر.
السّبعة لابن مجاهد: 247، والتبصرة لمكي: 188.
(2) الحجة لأبي علي الفارسي: (3/ 256، 257) .
وقال السّمين الحلبي في الدر المصون: 4/ 419: «و «جزاء» مصدر
مضاف لمفعوله تخفيفا، والأصل: فعليه جزاء مثل ما قتل، أي أن
يجزئ مثل ما قتل، ثم أضيف، كما تقول: «عجبت من ضرب زيدا» ثم
«من ضرب زيد» ... وبسط ذلك أن الجزاء هنا بمعنى القضاء والأصل:
فعليه أن يجزي المقتول من الصيد مثله من النعم، ثم حذف المفعول
الأول لدلالة الكلام عليه وأضيف المصدر إلى ثانيهما ... » .
(3) وهي قراءة عاصم، وحمزة، والكسائي كما في السّبعة لابن
مجاهد: 248، والتبصرة لمكي: 188.
(4) الحجة لأبي علي الفارسي: 3/ 254 وقال: «والمعنى: فعليه
جزاء من النّعم مماثل المقتول، والتقدير: فعليه جزاء وفاء
للازم له، أو فالواجب عليه جزاء من النعم مماثل ما قتل من
الصيد» .
وانظر معاني القرآن للزجاج: 2/ 217، والبحر المحيط: 4/ 19،
والدر المصون:
4/ 418.
(5) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (11/ 57- 59) عن أبي بكر
الصديق، وعمر بن الخطاب، وابن عباس، وسعيد بن جبير، رضي الله
تعالى عنهم أجمعين.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 3/ 198 وزاد نسبته إلى سعيد
بن منصور، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ عن ابن عباس رضي الله
عنهما.
(6) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (11/ 65- 68) عن ابن
عباس، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وإبراهيم النخعي، وقتادة،
ومجاهد، والسدي. -
ونقله الماوردي في تفسيره: 1/ 489 عن ابن عباس، وسعيد بن جبير،
وسعيد بن المسيب.
(1/282)
جَعَلَ اللَّهُ
الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ
وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ
لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ
وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
(97)
وقيل «1» : ما نضب عنه الماء فأخذ بغير
صيد.
97 قِياماً لِلنَّاسِ: عمادا وقواما «2» ومعناه ما في المناسك
من منافع الدين، وما في الحج من معايش أهل مكة.
97 قوله تعالى: ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ ... : أن من علم
أموركم قبل خلقكم جعل لكم حرما يؤمن اللّاجيء إليه ويقيم معيشة
الثاوي «3» فيه، فهو الذي يعلم ما في السماوات والأرض.
البحيرة «4» : المشقوقة الأذن وهي النّاقة نتجت خمسة أبطن فإن
كان آخرها سقبا- أي: ذكرا- أكلوه وبحروا أذن الناقة وخلّيت، لا
تحلب ولا تركب. وإن كانت الخامسة أنثى صنعوا بها هذا دون أمها
«5» . والسائبة:
الإبل تسيّب بنذر أو بلوغ راكبها حاجته «6» .
والوصيلة: الشّاة ولدت سبعة أبطن فإن كان ذكرا «7» أكله
الرجال.
__________
(1) رجحه الطبري في تفسيره: 11/ 69 بدليل: «أنّ الله تعالى
ذكره ذكر قبله صيد الذي يصاد، فقال: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ
الْبَحْرِ، فالذي يجب أن يعطف عليه في المفهوم ما لم يصد منه،
فقال: أحل لكم ما صدتموه من البحر، وما لم تصيدوه منه ... » .
(2) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 147، والمفردات للراغب:
417. [.....]
(3) أي المقيم فيه.
قال الخطابي في غريب الحديث: 1/ 498: «والثواء: طول المكث
بالمكان، والمثوى:
المنزل» .
(4) من قوله تعالى: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا
سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ
لا يَعْقِلُونَ [المائدة: 103] .
(5) عن مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 180.
وانظر تفسير الطبري: 11/ 130، ومعاني القرآن للزجاج: 2/ 213.
(6) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 179، وتفسير غريب القرآن لابن
قتيبة: 147، وتفسير الطبري: 11/ 125، ومعاني القرآن للزجاج: 2/
213، وزاد المسير: 2/ 438.
(7) أي فإن كان السابع ذكرا.
(1/283)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ
مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ
جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)
وإن كانت أنثى أرسلت في الغنم، وكذلك إن
كان ذكرا وأنثى «1» وقالوا: وصلت أخاها.
والحامي: الفحل يضرب في الإبل عشر سنين فيصير ظهره حمى «2» .
وقيل «3» : هو الذي نتج ولده.
105 عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ: نصب على الإغراء «4» ، أي:
احفظوها.
لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ: أي: في الآخرة «5» . أما الإمساك
عن إرشاد الضّالّ فلا سبيل إليه «6» .
__________
(1) في مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 178: «وإذا ولدت سبعة أبطن،
كل بطن ذكرا وأنثى، قالوا: قد وصلت أخاها، وإذا وضعت بعد سبعة
أبطن ذكرا وأنثى قالوا: وصلت أخاها، فأحموها وتركوها ترعى ولا
يمسها أحد ... » . وانظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة:
147، وتفسير الطبري: 11/ 124، والمفردات للراغب: 525، وزاد
المسير: 2/ 439.
(2) نص هذا القول في زاد المسير: 2/ 440، وقال: «ذكره الماوردي
عن الشّافعي» ، وقال الماوردي في تفسيره: 1/ 493: «وأما الحام
ففيه قول واحد أجمعوا عليه وهو البعير ينتج من صلبه عشرة أبطن
فيقال: حمى ظهره ويخلّى» . وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة:
1/ 179، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 148، وتفسير الطبري:
(11/ 124، 125) ، ومعاني القرآن للزجاج: 2/ 213.
(3) ذكره الفراء في معاني القرآن: 1/ 322، وابن قتيبة في تفسير
غريب القرآن: 148، والطبري في تفسيره: 11/ 130 والسمين الحلبي
في الدر المصون: 4/ 448 وقال:
«فيقولون» : قد حمى ظهره، فلا يركب ولا يستعمل ولا يطرد عن ماء
ولا شجر» .
(4) معاني القرآن للفراء: (1/ 322، 323) ، وقال الطبري في
تفسيره: 11/ 138: «ونصب قوله: أَنْفُسَكُمْ بالإغراء، والعرب
تغري من الصفات ب «عليك» ، و «عندك» ، و «دونك» ، و «إليك» ...
» . وقال السّمين الحلبي في الدر المصون: 4/ 450: «الجمهور على
نصب أَنْفُسَكُمْ على الإغراء ب عَلَيْكُمْ لأن عَلَيْكُمْ هنا
اسم فعل، إذ التقدير: الزموا أنفسكم أي: هدايتها وحفظها مما
يؤذيها ... » .
(5) لم أقف على هذا القول.
(6) قال ابن عطية في المحرر الوجيز: 5/ 75: «وجملة ما عليه أهل
العلم في هذا أن الأمر بالمعروف متعين متى رجى رد المظالم ولو
بعنف ما لم يخف المرء ضررا يلحقه في خاصته أو فتنة يدخلها على
المسلمين إما بشق عصا وإما بضرر يلحق طائفة من الناس فإذا خيف
هذا فعليكم أنفسكم محكم واجب أن يوقف عنده» . -
- وقال ابن كثير في تفسيره: 3/ 207: «وليس في الآية مستدل على
ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذا كان فعل ذلك ممكنا»
.
(1/284)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ
أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا
عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ
ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ
تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ
بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ
كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا
إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (106)
106 شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ
أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ: أي: أسبابه «1» .
اثْنانِ: شهادة اثنين، أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ: من غير
ملتكم في السّفر «2» ، ثم نسخ «3» ، فيحلفان بعد صلاة العصر
«4» إذ هو وقت يعظّمه
__________
(1) زاد المسير: 2/ 445، وقال الفخر الرازي في تفسيره: 12/
121: «والمراد بحضور الموت مشارفته وظهور أمارات وقوعه ... » .
وقال القرطبي في تفسيره: 6/ 348: «معناه إذا قارب الحضور، وإلا
فإذا حضر الموت لم يشهد ميت، وهذا كقوله تعالى: فَإِذا
قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ، وكقوله: إِذا
طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ ومثله كثير» .
(2) ذكره الفراء في معاني القرآن: 1/ 324، وأخرجه الطبريّ في
تفسيره: (11/ 160- 166) عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وسعيد بن
المسيب، ومجاهد، وإبراهيم النخعي، وشريح وعبيدة السّلماني،
وابن زيد، وزيد بن أسلم. ورجح الطبري هذا القول في تفسيره: 11/
168.
وانظر هذا القول وأدلة القائلين به في معاني القرآن للزجاج: 2/
215، ومعاني القرآن للنحاس: 2/ 376، وتفسير الماوردي: 1/ 494،
وزاد المسير: 2/ 446، وتفسير الفخر الرازي: 12/ 122.
(3) الناسخ والمنسوخ للنحاس: 163 عن زيد بن أسلم، ومالك بن
أنس، والشافعي، وأبي حنيفة.
وذكره ابن الجوزي في نواسخ القرآن: 32 وقال: «وهو قول زيد بن
أسلم. وإليه يميل أبو حنيفة ومالك والشّافعي، قالوا: وأهل
الكفر ليسوا بعدول» .
وقيل: إن الآية محكمة والعمل على هذا عندهم باق. وقال مكي في
الإيضاح: 275:
«أكثر الناس على أنه محكم غير منسوخ» . ونقل مكي هذا القول عن
ابن عباس، وعائشة، وأبي موسى الأشعري، والشعبي، وابن سيرين،
وسعيد بن المسيب، وشريح، وإبراهيم النخعي، والأوزاعي.
وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 2/ 446، ونواسخ القرآن: 321
ونسبه إلى ابن عباس، وابن المسيب، وابن جبير، وابن سيرين،
وقتادة، والشعبي، والثّوري، وأحمد بن حنبل.
وصحح ابن الجوزي هذا القول وقال: «لأن هذا موضع ضرورة كما يجوز
في بعض الأماكن شهادة نساء لا رجل معهن بالحيض والنفاس
والاستهلال» . [.....]
(4) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (11/ 174، 175) عن سعيد
بن جبير، وشريح، -- وإبراهيم النخعي، وقتادة.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 3/ 225 وعزا إخراجه إلى عبد
الرازق، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن عبيدة السّلماني، قال
الزجاج في معاني القرآن: 2/ 216: «كان الناس بالحجاز يحلفون
بعد صلاة العصر، لأنه وقت اجتماع الناس» . ونقل ابن الجوزي في
زاد المسير: 2/ 448 عن ابن قتيبة قال: «لأنه وقت يعظمه أهل
الأديان» .
(1/285)
فَإِنْ عُثِرَ عَلَى
أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ
مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ
الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا
أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا
لَمِنَ الظَّالِمِينَ (107)
أهل الكتاب.
لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً: لا نطلب عوضا.
ومن لا يرى نسخ القرآن فهو شهادة حضور الوصية لا الأداء «1» .
أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ: وصيّان من غير قبيلتكم «2» ،
والوصيّ يحلّف عند التهمة لا الشاهد.
107 فَإِنْ عُثِرَ: اطّلع «3» ، عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا:
اقتطعا بشهادتهما أو [28/ ب] يمينهما «إثما» حلّف آخران أوليان
بالميت، / أي: بوصيته على العلم أنهما لم يعلما من الميت ما
ادعيا عليه وأن أيمانهما أحق من أيمانهما.
__________
(1) الناسخ والمنسوخ للنحاس: 162، والإيضاح لمكي: 279، وتفسير
الماوردي: 1/ 493.
وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 2/ 445، وقال: «واستدل أرباب
هذا القول بقوله:
فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ قالوا: والشاهد لا يلزمه يمين» .
(2) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (11/ 166، 167) ، عن
الحسن، وعكرمة، والزهري، وعبيدة السّلماني.
ونقله ابن الجوزي في زاد المسير: 2/ 446 عن الحسن، وعكرمة،
والأزهري، والسدي.
(3) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 181، وتفسير غريب القرآن لابن
قتيبة: 148.
وقال الطبري في تفسيره: 11/ 179: «وأصل «العثر» الوقوع على
الشيء والسقوط عليه ... وأما قوله: عَلى أَنَّهُمَا
اسْتَحَقَّا إِثْماً، فإنه يقول تعالى ذكره: فإن اطلع من
الوصيين اللذين ذكر الله أمرهما في هذه الآية- بعد حلفهما
بالله لا نشتري بأيماننا ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة
الله- عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً، يقول: على أنهما
استوجبا بأيمانهما التي حلفا بها إثما، وذلك أن يطلع على أنهما
كانا كاذبين في أيمانهما بالله ما خنّا ولا بدلنا ولا غيرنا.
فإن وجدا قد خانا من مال الميت شيئا، أو غيرا وصيته، أو بدّلا،
فأثما بذلك من حلفهما بربهما فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما،
يقول يقوم حينئذ مقامهما من ورثة الميت، الأوليان الموصى
إليهما» .
(1/286)
يَوْمَ يَجْمَعُ
اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا
عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (109) إِذْ
قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي
عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ
الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ
عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ
وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ
الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا
بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي
وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي
إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ
(110) وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا
بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا
مُسْلِمُونَ (111) إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى
ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ
عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ
إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ
نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ
قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ
(113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا
أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا
عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا
وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللَّهُ إِنِّي
مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ
فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ
الْعَالَمِينَ (115) وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ
مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ
إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ
لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ
فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ
مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116)
مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ: أي:
بكسبهم الإثم على الخيانة، وهم أهل الميت «1» ، هما الأوليان
بالشهادة من الوصيين.
109 قالُوا لا عِلْمَ لَنا: أي: بباطن أمورهم «2» التي
المجازاة عليها بدليل قوله: إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ
الْغُيُوبِ، أو ذلك لذهولهم عن الجواب لأهوال القيامة «3» .
111 أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ: ألقيت إليهم، والوحي:
الإلقاء السريع، والوحي: السرعة، والأمر الوحي: السريع «4» .
112 هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ: هل يطيع إن سألت، أو هل يستجيب
«5» . أو قالوا ذلك في ابتداء أمرهم قبل استحكام إيمانهم «6» ،
أو بعد إيمانهم لمزيد اليقين «7» ، ولذلك قالوا: وَتَطْمَئِنَّ
قُلُوبُنا.
116 وَإِذْ قالَ اللَّهُ: جاء إِذْ وهو للماضي لإرادة التقريب،
ولأنه
__________
(1) ذكر الماوردي هذا القول في تفسيره: 1/ 495 وعزاه إلى سعيد
بن جبير.
وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 2/ 450 وقال: «قاله الجمهور»
.
(2) تفسير الطبري: 11/ 211، ومعاني القرآن للزجاج: 2/ 218.
وذكره النحاس في معاني القرآن: (2/ 381، 382) وقال: «هذا مذهب
ابن جريج» .
(3) معاني القرآن للفراء: 1/ 324، وتفسير غريب القرآن لابن
قتيبة: 148.
وأخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 11/ 20 عن الحسن، ومجاهد،
والسدي.
وانظر معاني القرآن للزجاج: 2/ 218، وتفسير الماوردي: 1/ 496،
وزاد المسير:
2/ 453.
(4) ينظر معنى «الوحي» في تفسير الطبري: (6/ 405، 406) ،
والمفردات للراغب: 515، واللسان: (15/ 379- 382) (وحى) .
(5) تفسير الطبري: 11/ 219، ومعاني القرآن للزجاج: 2/ 220،
وتفسير الماوردي:
1/ 499.
(6) معاني القرآن للزجاج: 2/ 221، ومعاني القرآن للنحاس: 2/
385، وزاد المسير:
2/ 456.
(7) ذكره الزجاج في معاني القرآن: 2/ 221.
(1/287)
إِنْ تُعَذِّبْهُمْ
فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ
أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) قَالَ اللَّهُ هَذَا
يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ
الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)
كائن «1» .
أَأَنْتَ قُلْتَ: يقول الله ذلك لتوبيخ أمته «2» . أو لإعلامه
كيلا يشفع لهم.
118 وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ: تفويض الأمر إلى الله «3» ، أو
تغفر كذبهم عليّ لا كفرهم «4» .
119 هذا يَوْمُ يَنْفَعُ: رفعه «5» على الإشارة إلى «اليوم» ،
ونصبه «6» على الظرف.
__________
(1) أي: أن هذا القول سيكون يوم القيامة.
وقد أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (11/ 234، 235) عن ابن
جريج، وقتادة، وميسرة.
وانظر معاني القرآن للنحاس: 2/ 390، وزاد المسير: 2/ 463،
وتفسير الفخر الرازي:
12/ 142.
(2) ذكره الزجاج في معاني القرآن: 2/ 222 فقال: «فالمسألة هنا
على وجه التوبيخ للّذين ادعوا عليه لأنهم مجمعون أنه صادق
الخبر وأنه لا يكذبهم وهو الصادق عندهم فذلك أوكد في الحجة
عليهم وأبلغ في توبيخهم، والتوبيخ ضرب من العقوبة» .
(3) ذكر النحاس هذا القول في معاني القرآن: 2/ 391 وصححه.
وذكره الماوردي في تفسيره: 1/ 505، والفخر الرازي في تفسيره:
12/ 146. [.....]
(4) ذكره الزجاج في معاني القرآن: 2/ 223 فقال: «اختلف أهل
النظر في تفسير قول عيسى:
إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فقال بعضهم: معناه إن تغفر لهم كذبهم
عليّ، وقالوا: لا يجوز أن يقول عيسى عليه السلام: إن الله يجوز
أن يغفر الكفر، وكأنه على هذا القول: إن تغفر لهم الحكاية فقط،
هذا قول أبي العباس محمد بن يزيد، ولا أدري أشيء سمعه أم
استخرجه» .
وانظر هذا القول في معاني القرآن للنحاس: (2/ 392، 393) ،
وتفسير الماوردي:
1/ 505.
(5) أي رفع يَوْمُ والجمهور على رفعه من غير تنوين.
ينظر معاني القرآن للفراء: 1/ 326، وتفسير الطبري: 11/ 241،
والسبعة لابن مجاهد:
250، والدر المصون: 4/ 520.
(6) وهي قراءة نافع. كما في السّبعة لابن مجاهد: 250، والتبصرة
لمكي: 189.
وانظر معاني القرآن للزجاج: 2/ 224، والحجة لأبي علي الفارسي:
3/ 283، والدر المصون: 4/ 520.
(1/288)
|