تفسير ابن أبي حاتم محققا

ترجمة المؤلف
اسمه ونسبه:
هو عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي، يكنى أبا محمد، واشتهر بابن أبى حاتم.
أصلهم من أصبهان، ثم انتقلوا إلى الري وهي بلدة كبيرة من بلاد الديلم «1» .

ولادته:
ولد سنة أربعين ومائتين «2» .

نشأته:
نشأ ابن أبى حاتم في رعاية والده، الذي غرس فيه روح العلم والتقى، فحفظ القرآن الكريم في صغره.
قال ابن أبى حاتم: «لم يدعني أبي أشتغل في الحديث حتى قرأت القرآن على الفضل بن شاذان ثم كتب الحديث» «3» .

عبادته وتقواه
قال أبو عبد الله القزويني:
(إذا صليت مع عبد الرحمن فسلم إليه نفسك يعمل بها ما يشاء) .
وقال أحمد بن عبد الله النيسابوري:
(كنا عند عبد الرحمن وهو يقرأ علينا الجرح والتعديل الذي صنفه، فدخل يوسف ابن الحسين الرازي فجلس وقال: يا أبا محمد، ما هذا؟
قال: أظهر أحوال العلماء من كان ثقة ومن كان غير ثقة.
فقال له يوسف: أما استحيت من الله تعالى تذكر أقواما قد حطوا رواحلهم في الجنة أو عند الله منذ مائة عام أو مائتي سنة، تغتابهم؟
__________
(1) . الأنساب- للسمعاني 4/ 287، وسير أعلام النبلاء 13/ 250.
(2) . تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 829.
(3) . سير أعلام النبلاء 13/ 265.

(1/7)


فبكى عبد الرحمن، وقال:
يا أبا يعقوب، والله لو طرق سمعي هذا الكلام قبل أن أصنفه، ما صنفته! وارتعد وسقط الكتاب من يده ولم يقرأ في ذلك المجلس «1» .

رحلاته العلمية:
قال ابن أبى حاتم:
رحل بي أبى سنة خمس وخمسين ومائتين وما احتلمت بعد، فلما بلغنا ذا الحليفة احتلمت، فسر أبي حيث أدركت حجة الإسلام، فسمعت في هذه السنة من محمد بن عبد الرحمن المقرئ.
فهذه كانت أول رحلة للإمام عبد الرحمن، وفي عام ستين ومائتين ذهب إلى مكة المكرمة، وفيها سمع من محمد بن حماد الطهراني.
وفي عام اثنين وستين ومائتين رحل إلى بلدان السواحل والشام ومصر.
وفي عام 264 هـ رحل إلى أصبهان ولقى في هذه الرحلة يونس بن حبيب «2» .

تلاميذه «3»
1- أبو حاتم محمد بن حبان البستي المتوفى سنة 354 هـ.
2- عبد الله بن عدي الجرجاني المتوفى سنة 365 هـ.
3- أبو محمد عبد الله بن محمد بن حبان (أبو الشيخ) المتوفى سنة 369 هـ.
4- القاضي يوسف بن القاسم الميانجي المتوفى سنة 375 هـ.
5- محمد بن إسحاق النيسابوري (الحاكم الكبير) المتوفى سنة 378 هـ.
6- محمد بن إسحاق بن مندة المتوفى سنة 395 هـ.

تحمله الشدائد في تحصيل العلم:
قال ابن أبى حاتم:
__________
(1) . سير أعلام النبلاء 13/ 268.
(2) . تذكرة الحفاظ 3/ 381، وسير أعلام النبلاء 13/ 266.
(3) . تذكرة الحفاظ 3/ 976، أخبار أصبهان 2/ 90.

(1/8)


(كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقة، كل نهارنا مقسم لمجالس الشيوخ وبالليل للنسخ والمقابلة، قال: فأتينا يوما أنا ورفيق لي شيخا. فقالوا: هو عليل. فرأينا في طريقنا سمكا أعجبنا فاشتريناه، فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس فلم يمكننا إصلاحه، ومضينا إلى المجلس فلم نزل حتى أتى عليه ثلاثة أيام وكاد أن يتغير، فأكلناه نيئا. لم يكن لنا فراغ أن نعطيه من يشويه! ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد «1» .

أقوال العلماء في علمه
قال أبو يعلي الخليلي:
(أخذ أبو محمد علم أبيه وأبى زرعة، وكان بحرا في العلوم ومعرفة الرجال حتى في الفقه وفي اختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار «2» .
وقال الذهبي عنه:
(كان بحرا لا تكدره الدلاء) «3» .
وقال أحمد بن علي القرضي:
(ما رأيت أحدا ممن عرف عبد الرحمن ذكر عنه جهالة قط) «4» .
وقال ابن كثير:
(كان من العبادة والزهد والورع والحفظ على جانب كبير) «5» .

وفاته:
توفى- رحمه الله- سنة 327 هـ بمدينة الري وبلغ من العمر 87 عاما، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته «6» .

مصنفاته
1- آداب الشافعي ومناقبه- طبع.
__________
(1) . سير أعلام النبلاء 13/ 266.
(2) . انظر سير أعلام النبلاء 13/ 246، وتذكرة الحفاظ 3/ 830، والبداية 11/ 191.
(3) . انظر سير أعلام النبلاء 13/ 246، وتذكرة الحفاظ 3/ 830، والبداية 11/ 191.
(4) . انظر سير أعلام النبلاء 13/ 246، وتذكرة الحفاظ 3/ 830، والبداية 11/ 191.
(5) . انظر سير أعلام النبلاء 13/ 246، وتذكرة الحفاظ 3/ 830، والبداية 11/ 191.
(6) . تذكرة الحفاظ 3/ 831.

(1/9)


2- بيان خطأ محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه- طبع.
3- المعرفة- طبع.
4- علل الحديث- طبع.
5- زهد الثمانية من التابعين- طبع.
6- المراسيل- طبع.
7- اصول السنه واعتقاد الدين.
8- الرد على الجهمية.
9- فضائل الإمام أحمد.
10- فوائد أهل الري.

أهمية تفسير ابن أبى حاتم
1- امتاز هذا التفسير بأنه جمع بين دفتيه تفسير الكتاب بالسنة وآثار الصحابة والتابعين بالإسناد.
2- اختار أصح الأسانيد.
3- به روايات كثيرة لا توجد لدى غيره وبأسانيده، وانفرد بها، ويدل على هذا أنه من خلال جمع مروياته مثلا من كتاب الدر المنثور للسيوطي نجد أن السيوطي يذكر الرواية ولم ينسبها إلى غير ابن أبى حاتم، وكذلك ابن كثير.
4- حفظ لنا تفسير ابن أبى حاتم كثيرا من التفاسير المفقودة مثل تفسير سعيد بن جبير ومقاتل بن حيان وغيرهما.
5- إن معظم التفاسير تنقل عنه كثيرا من الآثار والروايات التي أوردها، فهو مصدر أصيل معتمد لدى جمهور علماء التفسير في كل العصور بعده.

منهج ابن أبى حاتم في تفسيره
نلاحظ منهجه من مقدمة كتابه حيث قال:
تحريت إخراج التفسير بِأَصَحِّ الْأَخْبَارِ إِسْنَادًا وَأَشْبَهِهَا مَتْنًا، فَإِذَا وَجَدْتُ التفسير عن

(1/10)


رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أَذْكُرْ مَعَهُ أَحَدًا مِنَ الصِّحَابَةِ مِمَّنْ أَتَى بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَإِذَا وَجَدْتُهُ عَنِ الصِّحَابَةِ فَإِنْ كانوا متفقين ذكرت أَعْلَاهُمْ دَرَجَةً بِأَصَحِّ الْأَسَانِيدِ، وَسَمَّيْتُ مُوَافِقِيهِمْ بِحَذْفِ اْلِإْسَنادِ، وَإِنْ كَانُوا مُخْتَلِفِينَ ذَكَرْتُ اخْتِلَافَهُمْ وَذَكَرْتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِسْنَادًا، وَسَمَّيْتُ مُوَافِقِيهِمْ بَحَذْفِ الْإِسْنَادِ، فَإِنْ لَمْ أَجِدْ عَنِ الصِّحَابَةِ وَوَجَدْتُهُ عَنِ التَّابِعِينَ عَمِلْتُ فِيمَا أَجِدُ عَنْهُمْ مَا ذكرته من المثال في الصحابة.

استفادة المفسرين من ابن أبى حاتم
فقد أخذ عنه الحسين بن مسعود البغوي في كتابه معالم التنزيل، وشيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى، والحافظ ابن كثير نقل عنه في كتابه تفسير القرآن العظيم الشيء الكثير.
وابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري، وأما السيوطي فقال: فقد لخصت تفسير ابن أبى حاتم في كتابي، وهو الدر المنثور.
والإمام الشوكاني في فتح القدير استفاد منه كثيرا، وغير ذلك من الكتب.

منهجي في تحقيق الكتاب
القسم الأول:
(تحقيق الموجود من تفسير ابن أبي حاتم) ، فالموجود من هذا التفسير ما يلي:
- من سورة الفاتحة إلى نهاية سورة الرعد.
- من سورة المؤمنون إلى نهاية العنكبوت.
1- نسخ المخطوط:
نظرا لكون الموجود نسخة واحدة كان النسخ صعبا بعض الشيء، والذي سهل علي النسخ المراجع التي نقلت من هذا التفسير كابن كثير والدر المنثور، أما السقط الموجود بالنسخة فأكملته كما يلي:
1- سقط لوحة من الأصل المصور على ميكروفيلم من سورة البقرة، فأكملته من كتاب تفسير ابن أبي حاتم- سورة البقرة، تحقيق الدكتور أحمد عبد الله الزهراني، طبعة مكتبة الدار بالمدينة المنورة- وكذلك تحقيق الدكتور حكمت بشير

(1/11)


لسورة آل عمران، طبعة مكتبة الدار بالمدينة المنورة فقد استفدت استفادة كبيره منها وخاصة في تصحيح الأسانيد، لأن كثيرا من الأسانيد كثيرة الدوران.
2- هنالك سقط من لوحة رقم 114- 115 بها آخر سورة الأعراف وأول سورة الأنفال. فأكملتها من رسالتي الأخ حمد احمد أبي بكر والدكتور عيادة الكبيسي نظرا لأن هؤلاء الأفاضل الكرام استطاعوا الحصول عليها وتصويرها من مصادرها الأصلية.
- قمت بتخريج الأحاديث المرفوعة.
- اكتفيت بتخريج الروايات والآثار من التفاسير المطبوعة التي نقل منها المؤلف مثل: تفسير عبد الرزاق، وتفسير سفيان الثوري، وتفسير مجاهد.
أما التفاسير المفقودة التي أخذ منها المؤلف، فجعلت تفسير ابن أبى حاتم هو الأصل لهذا، ولم أحل إلى التفاسير التي جاءت بعده إلا في حالة تصحيح النص.
- ذكرت الحكم علي الحديث أو الأثر بما قاله العلماء مثل: الحافظ ابن كثير في تفسيره والسيوطي، وكذلك ما قاله ابن حجر في فتح الباري، والحاكم في مستدركه، والترمذي في جامعه.

القسم الثاني:
(جمع الروايات المفقودة من التفسير) :
أ- اعتمدت في جمع الروايات علي الكتب الآتية:
1- تفسير القرآن العظيم لابن كثير.
2- الدر المنثور للسيوطي.
3- فتح الباري لابن حجر العسقلاني.
4- تغليق التعليق لابن حجر العسقلاني.
5- فتح القدير للشوكاني.

(1/12)


وصف المخطوط
اعتمدت في تحقيق تفسير ابن ابي حاتم نسخه وحيده من عدة أجزاء نسخه صورتها من معهد البحوث العلمية بجامعة أم القرى ونسخة مكررة منها وأوضح قليلا في كثير من صفحاتها من الأخ الأستاذ/ محمد بن عبد الله الحوثي جزاه الله خيرا.
1- جزء يبدأ من سورة الأنفال الى سورة الرعد عدد الأوراق 260 ورقة في كل صفحة 23 سطر وخطها مغربي وأصلها بالمكتبة المحمودية بالمدينة المنورة برقم 50 تفسير ورقمها بمعهد البحوث 108 تفسير 2- جزء به تفسير سورة المؤمنون الى نهاية تفسير سورة العنكبوت عدد الأوراق 284 ورقه في كل صفحه 24 سطر وخطها مغربي وأصلها بدار الكتب المصرية برقم 15 تفسير. ورقمها بمعهد البحوث 106 تفسير.
3- جزء يبدأ من أول المصحف الى جزء من سورة آل عمران عدد الأوراق 248 ورقه في كل صفحه 23 سطر خطها مغربي وأصلها بدار الكتب المصرية برقم 15 تفسير ورقمها بمعهد البحوث 104 تفسير.
4- جزء به تفسير سورة المائدة الى بعض من سورة الأنفال عدد الأوراق 243 ورقة في كل صفحه 24 سطر خطها مغربي.
أصلها بالمكتبة المحمودية برقم 49 تفسير ورقمها بمعهد البحوث 107 تفسير.
5- جزء به تفسير سورتا آل عمران والنساء.
عدد الأوراق 205 ورقة في كل صفحه 23 سطر خطها نسخي معتاد أصلها بمكتبة أياصوفيا بتركيا.

(1/13)