تفسير ابن أبي
حاتم محققا مَا جَعَلَ اللَّهُ
لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ
أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ
أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ
ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ
الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4)
سورة الأحزاب
33
قوله تعالى: مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ من قلبين في جوفه
17570 - عن ابن عباس قَالَ: قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومًا يصلي، فخطر خطر فقال المنافقون الذين
يصلون معه: ألا ترى أن له قلبين؟ قلبًا معكم وقلبًا معهم فأنزل
الله: مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قلبين في جوفه «1» .
17571 - عن سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة قالوا: كان رجل يدعى ذا
القلبين، فأنزل الله: مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ
قَلْبَيْنِ فِي جوفه «2» .
17572 - عن الحسن قال: كان رجل عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمى ذا القلبين كان يقول:
لي نفس تأمرني، ونفس تنهاني، فأنزل الله فيه ما تسمعون «3» .
17573 - عن مجاهد قال: إن رجلًا من بني فهر قال: إن في جوفي
قلبين، أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد، فنزلت «4» .
17574 - عن السدى: أنها نزلت في رجل من قريش من بني جمح، يقال
له:
جميل بن معمر «5» .
قوله تعالى: وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي
تُظَاهِرُونَ منهن أمهاتكم
17574 - عن مجاهد قال: كان الرجل يقول لامرأته أنت عليَّ أمي.
فقال الله:
وَمَا جَعَلَ أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم وكان يقال:
زيد بن محمد فقال الله وما جعل أدعياءكم أبناءكم «6» .
قوله تعالى: وما جعل أدعياءكم أبناءكم
17575 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ
أُمَّهَاتِكُمْ أي ما جعلها أمك. وإذا ظاهر الرجل من امرأته
فإن الله لم
__________
(1) . الدر 6/ 561- 562.
(2) . الدر 6/ 561- 562.
(3) . الدر 6/ 561- 562.
(4) . الدر 6/ 561- 562.
(5) . الدر 6/ 561- 562.
(6) . الدر 6/ 561- 562.
(9/3112)
ادْعُوهُمْ
لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ
تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ
وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا
أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ
وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (5)
يجعلها أمه، ولكن جعل فيها الكفارة وَمَا
جعل أدعياءكم أبناءكم يقول: ما جعل دعيك ابنك يقول: إن ادعى
رجل رجلًا فليس بابنه ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: من ادعى إلى
غير أبيه متعمدًا حرم الله عليه الجنة» «1» .
قوله تعالى: ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله
17576 - عن ابن عمر: أن زيد بن حارثه مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كنا ندعوه إلا زيد بن
محمد حتى نزل القرآن ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ
عِنْدَ اللَّهِ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: أنت زيد بن حارثه بن شراحيل «2» .
17577 - عن عائشة «أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس،
وكان ممن شهد بدرًا تبنى سالمًا، وأنكحه بنت أخيه هند بنت
الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهو مولى لامرأة من الأنصار، كما
تبنى النبي صلى الله عليه وسلم زيدًا، وكان من تبنى رجلًا في
الجاهلية دعاه الناس إليه وورثه من ميراثه، حتى أنزل الله في
ذلك ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ
فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي
الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ فردوا إلى آبائهم، س فمن لم يعلم له
أب كان مولي وأخا في الدين، فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو إلى
النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن سالمًا كان يدعى لأبى
حذيفة رضي الله عنه، وان الله قد أنزل في كتابه ادعوهم لآبائهم
وكان يدخل عليَّ وأنا وحدي، ونحن في منزل ضيق، فقال النبي صلى
الله عليه وسلم: أرضعي سالمًا تحرمي عليه» «3» .
17578 - عن مقاتل في الآية يقول: إن لم تعلموا لهم آباء تدعوهم
إليهم فانسبوهم إخوانكم في الدين، إذ تقول: عبد الله وعبد
الرحمن، وعبيد الله وأشباههم من الأسماء، وأن يدعى إلى اسم
مولاه «4» .
قوله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءهم فإخوانكم في الدين
ومواليكم
17579 - عن مجاهد رضي الله عنه فَإِنْ لَمْ تعلموا آباءهم
فإخوانكم في الدين ومواليكم يقول: أخوك في الدين ومولاك مولى
بني فلان «5» .
__________
(1) . الدر 6/ 565.
(2) . الدر 6/ 565.
(3) . الدر 6/ 565.
(4) . - الدر 6/ 565.
(5) . الدر 6/
(9/3113)
النَّبِيُّ أَوْلَى
بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ
أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى
بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى
أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ
مَسْطُورًا (6)
17580 - عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ
قَالَ: لَمَّا نزلت ادعوهم لآبائهم لم يعرفوا لسالم أبا، ولكن
مولى أبى حذيفة إنما كان حليفًا لهم «1» .
قوله تعالى: ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به
17581 - عن مجاهد في قوله: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فيما
أخطأتم به قال: هذا من قبل النهي في هذا وغيره ولكن ما تعمدت
قلوبكم بعد ما أمرتم وبعد النهي «2» .
17582 - عن قتادة في قوله: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا
أَخْطَأْتُمْ به قال: لو دعوت رجلًا لغير أبيه وأنت ترى أنه
أبوه لم يكن عليك بأس، ولكن ما أردت به العمد «3» .
قوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض
17583 - عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: حدثنا أبى
حدثنا أحمد بن أبي بكر المصعبي من ساكني بغداد عَنْ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ
عَنْ أَبِيهِ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ العوام قال: أنزل الله عز
وجل فينا خاصة معشر قريش والأنصار وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض وَذَلِكَ أَنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لَمَّا قَدِمْنَا
الْمَدِينَةَ وَلا أَمْوَالَ لَنَا، فَوَجَدْنَا الأَنْصَارَ
نِعْمَ الإِخْوَانُ، فواخيناهم ووارثناهم، فواخى أَبُو بَكْرٍ
خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَآخَى عُمَرُ فُلانًا، وَآخَى
عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَجُلاً مِنْ بني زريق سَعْدٍ
الزُّرَقِيِّ، وَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ غَيْرَهُ قَالَ
الزبير: وواخيت أسنا كعب بن فجئته فابتعلته فوجدت السلاح قد
ثقله فيما يرى، فو الله يَا بُنَيَّ، لَوْ مَاتَ يَوْمَئِذٍ
عَنِ الدُّنْيَا مَا وَرِثَهُ غَيْرِي، حَتَّى أَنْزَلَ
اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ فِينَا مَعْشَرِ قُرَيْشٍ
وَالأَنْصَارِ خَاصَّةً، فَرَجَعْنَا إلى مواريثنا «4» .
17584 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
مَا مِنْ مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة،
اقرءوا إن شئتم النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم فأيما مؤمن ترك
مالًا فليرثه عصبته من كانوا فإن ترك دينًا، أو ضياعًا،
فليأتني فأنا مولاه.
__________
(1) . الدر 6/
(2) . الدر 6/ [.....]
(3) . الدر 6/
(4) . ابن كثير 6/ 382.
(9/3114)
وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ
النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ
وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا
مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (7)
قوله تعالى: وأزواجه أمهاتهم «1»
17585 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وأزواجه أمهاتهم قال: يعظم بذلك حقهن «2» .
17586 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وأزواجه أمهاتهم يقول: أمهاتهم في الحرمة، لا يحل لمؤمن أن
ينكح امرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم في حياته إن طلق.
ولا بعد موته هي حرام على كل مؤمن مثل حرمة أمه «3» .
قوله تعالى: النَّبِيُّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم
17588 - عن مجاهد رضي الله عنه أنه قرأ النبي أولى بالمؤمنين
من أنفسهم وهو أب لَهُمْ «4» .
17589 - عَنْ عِكْرِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كان في
الحرف الأول «النَّبِيُّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم»
«5» .
قوله تعالى: إِلا أَنْ تفعلوا إلى أوليائكم معروفا
17590 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: إلا
أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا قال: توصون لحلفائكم الذين والى
بينهم النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار «6» .
17591 - عن محمد بن علي بن الحنفية رضي الله عنه في قوله: إِلا
أَنْ تَفْعَلُوا إلى أوليائكم معروفا قال: نزلت هذه الآية في
جواز وصية المسلم لليهودي والنصراني «7» .
قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا من النبيين ميثاقهم
17592 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وإذ
أخذنا من النبيين ميثاقهم قال: في ظهر آدم وَأَخَذْنَا
مِنْهُمْ مِيثَاقًا غليظا قال: أغلظ مما أخذه من الناس ليسئل
الصادقين عن صدقهم قال: المبلغين من الرسل المؤدين «8» .
17593 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَإِذْ أَخَذْنَا من النبيين ميثاقهم
__________
(1) . الدر 6/ 566- 567- 570.
(2) . الدر 6/ 566- 567- 570.
(3) . الدر 6/ 566- 567- 570.
(4) . الدر 6/ 566- 567- 570.
(5) . الدر 6/ 566- 567- 570.
(6) . الدر 6/ 566- 567- 570.
(7) . الدر 6/ 566- 567- 570.
(8) . الدر 6/ 566- 567- 570.
(9/3115)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ
جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا
وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ
بَصِيرًا (9)
الآية قال: أخذ الله على النبيين خصوصًا أن
يصدق بعضهم بعضًا. وان يتبع بعضهم بعضًا «1» .
17594 - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ
حدثني قتادة عن الحسن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
قوله تَعَالَى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ
مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ ومن نوح، الآية قَالَ النَّبِيّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم
في البعث، فبدئ بي قبلهم «2» .
17595 - عن الحسن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قوله:
وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ قال: كنت
أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث فبدئ به قبلهم «3» .
17596 - عن ابن عباس رضي الله عنهما مِيثَاقَهُمْ عهدهم.
17597 - عن ابن عباس وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النبيين ميثاقهم
قال: إنما أخذ الله ميثاق النبيين على قومهم «4» .
قوله تعالى: يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ
اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءتكم جنود
17598 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَا
أيها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
إِذْ جاءتكم جنود قال: كان يوم أبى سفيان يوم الأحزاب «5» .
17599 - حدثنا أحمد بن عاصم الأنصاري، حدثنا أبو عامر [ح]
وحدثني ابي، ثنا أبو عامر العقدي، ثنا الزبير يعني ابن عبد
الله، مولى عثمان بن عفان عن رتيج بن عبد الرحمن بن أبي سعيد
عن أبيه عن أبي سعيد قال: قلنا يوم الخندق: يا رسول الله هل من
شيء نقول، فقد بلغت القلوب الحناجر؟ قال صلي الله عليه وسلم:
نعم،
__________
(1) . الدر 6/ 566- 567- 570.
(2) . ابن كثير 6/ 383 وقال سعيد بن بشير فيه ضعف.
(3) . الدر 6/ 570.
(4) . الدر 6/ 570. [.....]
(5) . الدر 6/ 570.
(9/3116)
إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ
فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ
الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ
بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10)
قولوا: اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا.
قال: فضرب وجوه أعدائه بالريح، فهزمهم بالريح «1» .
17600 - عن مجاهد إذ جاءتكم جنود قال: الأحزاب. عيينة بن بدر،
وأبو سفيان، وقريظة فأرسلنا عليهم ريحا قال: يعني ريح الصبا
أرسلت على الأحزاب يوم الخندق حتى كفأت قدورهم على أفواهها،
ونزعت فساطيطهم حتى أظعنتهم وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا يعني
الملائكة، قال: ولم تقاتل الملائكة يومئذ «2» .
قوله تعالى: فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ
تروها
17601 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ:
لما كانت ليلة الأحزاب جاءت الشمال إلى الجنوب قالت: انطلقي
فإن صري الله ورسوله، فقالت الجنوب: إن الحرة لا تسري بالليل،
فغضت الله عليها وجعلها عقيمًا فأرسل الله عليهم الصبا، فأطفأت
نيرانهم، وقطعت أطنابهم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نُصِرْتُ بالصبا، وأهلكت عاد
بالدبور» ، فذلك قوله: فَأَرْسَلْنَا عليهم ريحا وجنودا لم
تروها «3» .
قوله تعالى: إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم
17602 - عن عائشة في قوله: من فوقكم ومن أسفل منكم قالت: كان
ذلك يوم الخندق «4» .
قوله تعالى: وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي
قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا
17603 - من طريق كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو بْنِ
عوف المزني عن أبيه عن جده قَالَ: «خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم الخندق عام الأحزاب، فخرجت لنا
من الخندق صخرة بيضاء مدورة فكسرت حديدنا وشقت علينا، فشكونا
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فأخذ المعول من سلمان، فضرب الخصر ضربة صدعها وبرقت منها برقة
أضاءت ما بين لابتي المدينة، حتى لكأن مصباحا في جوف ليل مظلم،
فكبر
__________
(1) . ابن كثير 6/ 389.
(2) . الدر 6/ 575.
(3) . الدر 6/ 575.
(4) . الدر 6/ 575.
(9/3117)
رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكبر
المسلمون، ثم ضربها الثانية فصدعها وبرق منها برقة أضاء ما بين
لابتيها. فكبر وكبر المسلمون، ثم ضربها الثالثة فصدعها وبرق
منها برقة أضاء ما بين لابتيها، فكبر وكبر المسلمون فسألناه،
فقال: أضاء لي في الأولى قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب
الكلاب، فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، وأضاء لي في
الثانية قصور الحمر من أرض الروم كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني
جبريل أن أمتي ظاهر عليها وأضاء لي في الثالثة قصور صنعاء
كأنها أنياب الكلاب، أخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها.
فأبشروا بالنصر، فاستبشر المسلمون وقالوا: الحمد لله موعد صادق
بأن وعدنا النصر بعد الحصر، فطلعت الأحزاب فقال المسلمون:
هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ
وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا وقال
المنافقون: ألا تعجبون! يحدثكم ويعدكم ويمنيكم الباطل، يخبر
انه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم،
وإنكم تحفرون الخندق ولا تستطيعون أن تبرزوا، وأنزل القرآن
وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ
مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا «1» .
17604 - عن قتادة في قوله: إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم
قال:
نزلت هذه الآية يوم الأحزاب، وقد حصر رسول الله صلى الله عليه
وسلم شهرا فخنذق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل أبو
سفيان بقريش ومن معه من الناس حتى نزلوا بعفوة رسول الله صلى
الله عليه وسلم، وأقبل عيينة بن حصن أخو بني بدر بغطفان ومن
تبعه، حتى نزلوا بعفوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكاتبت
اليهود أبا سفيان فظاهروه، فبعث الله عليهم الرعب والريح فذكر
أنهم كانوا كلما بنوا بناء قطع الله أطنابه، وكلما ربطوا دابة
قطع الله رباطها، وكلما أوقدوا نارًا ... أطفأها الله، حتى لقد
ذكر لنا أن سيد كل حي يقول: يا بني فلان، هلم إلى حتى إذا
اجتمعوا عنده قال: النجاة ... النجاة.. أتيتم لما بعث الله
عليهم الرعب «2» .
17605 - عن مجاهد في قوله: إِذْ جاؤكم من فوقكم قال: عيينة بن
حصن في أهل نجد ومن أسفل منكم قال: أبو سفيان بن حرب في أهل
تهامة ومواجهتهم قريظة «3» .
__________
(1) . الدر 6/ 576.
(2) . الدر 6/ 576.
(3) . الدر 6/ 576.
(9/3118)
17607 - عن قتادة في قوله وَإِذْ زَاغَتِ
الأَبْصَارُ قال: شخصت الأبصار «1» .
قوله تعالى: وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الحناجر
17608 - عن قتادة في قوله: وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ
قال: شخصت من مكانها، فلولا أنه ضاق الحلقوم عنها أن تخرج
لخرجت «2» .
قوله تعالى: وتظنون بالله الظنونا
17608 - عن الحسن في قوله: وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا
قال: ظنون مختلفة ظن المنافقون أن محمدًا وأصحابه يستأصلون،
وأيقن المؤمنون أن ما وعدهم الله ورسوله حق أنه سيظهر على
الدين كله «3» .
17609 - عن مجاهد في قوله: وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظنونا
قال: هم المنافقون ظنوا بالله ظنونًا مختلفة وفي قوله: هنالك
ابتلي المؤمنون قال: محصوا. وفي قوله:
وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ تكلموا بما في أنفسهم من
النفاق. وتكلم المؤمنون بالحق والإيمان قَالُوا هَذَا مَا
وَعَدَنَا الله ورسوله «4» .
17610 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا حفر
النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الخندق، وأصاب النبي صلى
الله عليه وسلم والمسلمين جهد شديد، فمكثوا ثلاثًا لا يجدون
طعامًا حتى ربط النبي صلى الله عليه وسلم على بطنه حجرًا من
الجوع «5» .
17611 - عن السدى قال: حفر رسول الله صلى الله عليه وسلم
الخندق واجتمعت قريش، وكنانه وغطفان فاستأجرهم أبو سفيان
بلطيمة قريش، فأقبلوا حتى نزلوا بفنائه فنزلت قريش أسفل
الوادي، ونزلت غطفان عن يمين ذلك وطليحة الأسدي في بني أسد
يسار ذلك وظاهرهم بنو قريظة من اليهود على قتال النبي صلى الله
عليه وسلم فلما نزلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم تحصن
بالمدينة، وحفر النبي صلى الله عليه وسلم الخندق، فبينما هو
يضرب فيه بمعوله إذ وقع المعول في صفا، فطارت منه كهيئة الشهاب
من النار في السماء وضرب الثاني فخرج مثل ذلك، فرأى ذلك سلمان
رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، قد رأيت خرج من كل ضربة
كهيئة الشهاب، فسطع الى السماء «6» .
__________
(1) . الدر 6/ 576.
(2) . الدر 6/ 576- 577.
(3) . الدر 6/ 576- 577.
(4) . الدر 6/ 576- 577.
(5) . الدر 6/ 576- 577.
(6) . الدر 6/ 576- 577. [.....]
(9/3119)
وَإِذْ قَالَتْ
طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ
فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ
يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ
إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (13)
17612 - عن قتادة قال: قال المنافقون يوم
الأحزاب حين رأوا الأحزاب قد اكتنفوهم من كل جانب فكانوا في شك
وريبة من أمر الله قالوا: إن محمدًا كان يعدنا فتح فارس والروم
وقد حصرنا هاهنا حتى ما يستطيع يبرز أحدنا لحاجته، فأنزل الله:
وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ
مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا «1» .
قوله تعالى: وإذ قالت طائفة منهم
17613 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وإذ
قالت طائفة منهم قال:
من المنافقين «2» .
قوله تعالى: لا مُقَامَ لكم
عن هارون بن موسى قال: أمرت رجلًا فسأل الحسن رضي الله عنه لا
مُقَامَ لكم أو لا مقام لكم قال: كلتاهما الإقامة «3» .
17614 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: لا
مقام لكم قال: لا مقاتل لكم هاهنا، ففروا ودعوا هذا الرجل «4»
.
17615 - عن البراء بن عازب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «من سمي
المدينة يثرب فليستغفر الله، هي طابة هي طابة، هي طابة» «5» .
قوله تعالى: إِنَّ بُيُوتَنَا عورة
17616 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: إن
بيوتنا عورة نخاف عليها السرقة «6» .
قوله تعالى: وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا
ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا
17617 - عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: ولو
دخلت عليهم من أقطارها قال: من نواحيها ثُمَّ سُئِلُوا
الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا قال: لو دعوا إلى الشرك لأجابوا «7» .
17618 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ ولو
دخلت عليهم من أقطارها قال: من أطرافها ثم سئلوا الفتنة يعني
الشرك «8» .
__________
(1) . الدر 6/ 580.
(2) . الدر 6/ 580.
(3) . الدر 6/ 580.
(4) . الدر 6/ 580.
(5) . الدر 6/ 580.
(6) . الدر 6/ 580.
(7) . الدر 6/ 580.
(8) . الدر 6/ 580.
(9/3120)
قُلْ لَنْ
يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ
الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16)
قوله تعالى: وَإِذًا لا تُمَتَّعُونَ إِلا
قَلِيلا
17619 - عن الربيع بن خثيم رضي الله عنه في قوله: وَإِذًا لا
تُمَتَّعُونَ إِلا قَلِيلا قال: ما بينهم وبين الأجل «1» .
قوله تعالى: قد يعلم الله المعوقين منكم
17620 - عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: قد يعلم الله
المعوقين منكم قال: هذا يوم الأحزاب، انصرف رجل مِنْ عِنْدِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوجد أخاه بين
يديه شواء رغيف، فقال له: أنت هاهنا في الشواء والرغيف
والنبيذ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرماح والسيوف.
قال: هلم إليّ لقد بلغ بك وبصاحبك والذي يحلف به لا يستقي لهما
محمد أبدًا قال: كذبت- والذي يحلف به- وكان أخاه من أبيه وأمه،
والله لأخبرن النبي صلى الله عليه وسلم بأمرك، وذهب إلى النبي
صلى الله عليه وسلم بخبره «2» .
قوله تعالى: أَشِحَّةً عليكم
17621 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ أشحة
عليكم بالخير المنافقون «3» .
17622 - عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
أشحة عليكم قال: في الغنائم، إذا أصابها المسلمون شاحوهم عليها
قالوا بألسنتهم: لستم بأحق بها منا قد شهدنا وقاتلنا «4» .
قوله تعالى: فَإِذَا جَاءَ الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور
أعينهم
17623 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: فإذا
جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك قال: إذا حضروا القتال والعدو
رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إليك أجبن قوم، وأخذله للحق «تدور
أعينهم قال: من الخوف «5» .
قوله تعالى: قَدْ يَعْلَمُ الله المعوقين منكم
17624 - عن قتادة في قوله: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ المعوقين
منكم قال: هؤلاء أناس
__________
(1) . الدر 6/ 580.
(2) . الدر 6/ 580.
(3) . الدر 6/ 580.
(4) . الدر 6/ 580.
(5) . الدر 6/ 580.
(9/3121)
أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ
فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ
تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ
الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ
حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا
فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى
اللَّهِ يَسِيرًا (19)
من المنافقين كانوا يقولون لإخوانهم: ما
محمد وأصحابه إلا أكلة رأس، ولو كانوا لحمًا لالتهمهم أبو
سفيان وأصحابه دعوا هذا الرجل فإنه هالك والقائلين لإخوانهم أي
من المؤمنين هلم إلينا أي دعوا محمدًا وأصحابه فإنه هلك ومقتول
ولا يأتون البأس إلا قليلا قال: لا يحضرون القتال إلا كارهين.
وإن حضروه كانت أيديهم من المسلمين، وقلوبهم من المشركين «1» .
قوله تعالى: سلقوكم
17625 - عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: سلقوكم قال:
استقبلوكم «2» .
17626 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حداد قال:
أما عند الغنيمة فأشح قوم وأسوأه مقاسمة. أعطونا.. أعطونا..
أنا قد شهدنا معكم، وأما عند البأس فأجبن قوم وأخذ له للحقن
«3» .
قوله تعالى: أشحة على الخير
17627 - عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
أشحة على الخير قال: على المال «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً
17628 - عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وكان ذلك على الله
يسيرا يعني هينًا «5» .
قوله تعالى: يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يذهبوا ... الآية
17629 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
يحسبون الأحزاب لم يذهبوا قال: يحسبونهم قريبًا لم يبعدوا «6»
.
17630 - عن السدى رضي الله في قوله: يحسبون الأحزاب لم يذهبوا
قال: كانوا يتحدثون بمجيء أبي سفيان وأصحابه، وإنما سموا
الأحزاب، لأنهم حزبوا من قبائل الأعراب على النبي صلى الله
عليه وسلم
__________
(1) . الدر 6/ 581- 583. [.....]
(2) . الدر 6/ 581- 583.
(3) . الدر 6/ 581- 583.
(4) . الدر 6/ 581- 583.
(5) . الدر 6/ 581- 583.
(6) . الدر 6/ 581- 583.
(9/3122)
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ
فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو
اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)
وإن يأت الأحزاب قال: أبو سفيان وأصحابه
يَوَدُّوا لَوْ أنهم بادون في الأعراب يقول:
يود المنافقون «1» .
17631 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وإن
يأت الأحزاب قال: أبو سفيان وأصحابه يَوَدُّوا لَوْ أنهم بادون
يقول: يود المنافقون «2» .
17632 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَإِنْ يَأْتِ الأَحْزَابُ يَوَدُّوا لو أنهم بادون في الأعراب
قال: هم المنافقون بناحية المدينة، كانوا يتحدثون بنبي «3» .
قوله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رسول الله أسوة حسنة
17633 - عن عطاء رضي الله عنه أن رجلًا أتى ابن عباس رضي الله
عنهما قال:
إني نذرت أن أنحر نفسي. فقال ابن عباس: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ
فِي رَسُولِ اللَّهِ أسوة حسنة وفديناه بذبح عظيم» فأمره بكبش
«4» .
قوله تعالى: وما زادهم إلا إيمانا وتسليما
17634 - عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وما
زادهم إلا إيمانا وتسليما قال: ما زادهم البلاء إلا إيمانًا
بالرب وتسليما للقضاء «5» .
17635 - عن قتادة رضي الله عنه قال: أنزل الله في سورة البقرة
أم حسبتم أن تدخلوا الجنة «6» .
قوله تعالى: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عاهدوا
الله عَلَيْهِ
17636 - عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: نرى هذه
الآية نزلت في أنس بن النضر رضي الله عنه مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
رِجَالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عَلَيْهِ «7» .
17637 - عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: غاب عمي أنس
بن النضر عن بدر فشق عليه وقال: أول مشهد شهده رسول الله صلى
الله عليه وسلم غبت عنه، لئن أراني الله مشهدًا مَعَ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بعد ليرين
الله ما أصنع، فشهد يوم أحد فاستقبله سعد بن معاذ رضي الله عنه
فقال: يا أبا عمرو
__________
(1) . الدر 6/ 581- 583.
(2) . الدر 6/ 585.
(3) . الدر 6/ 585.
(4) . الدر 6/ 585.
(5) . الدر 6/ 585.
(6) . الدر 6/ 585.
(7) . الدر 6/ 585.
(9/3123)
إلى أين؟ قال: واها لريح الجنة أجدها دون
أحد، فقاتل حتى قتل، فوجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة
بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم، ونزلت هذه الآية رِجَالٌ صَدَقُوا
مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ وكانوا يرون أنها نزلت فيه وفي
أصحابه «1» .
17638 - عن أنس رضي الله عنه أن عمه غاب عن قتال بدر فقال: غبت
عن أول قتال قاتله النبي صلى الله عليه وسلم المشركين، لئن
أشهدني الله تعالى قتالا للمشركين ليرين الله كيف أصنع، فلما
كان يوم أحد انكشف المشركين، فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما
جاء به هؤلاء- يعني المشركون وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني
أصحابه، ثم تقدم فلقيه سعد رضي الله عنه فقال: يا أخي، ما فعلت
فأنا معك، فلم أستطع أن أصنع ما صنع، فوجد فيه بضعًا وثمانين
من ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية «2» .
17639 - عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: لما رجع النبي
صلى الله عليه وسلم من أحد، صعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه
ثم قرأ هذه الآية مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا ما
عاهدوا الله عليه كلها فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، من
هؤلاء؟ فأقبلت فقال: أيها السائل هذا منهم «3» .
17640 - عن معاوية رضي الله عنه «سمعت رسول الله عليه وسلم
يقول:
طلحة ممن قضى نحبه «4» .
17641 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ
بْنُ هارون حدثنا حميد عن انس أن عمه يعني أنس بن النضر غاب عن
قتال بدر فقال: غيبت عن أول قتال قاتله رسول الله صلى الله
عليه وسلم المشركين، لئن الله أشهدني قتالًاً للمشركين ليرين
الله ما أصنع. قال: فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون، فقال:
الله إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني أصحابه، وأبرأ إليك
مما جاء به هؤلاء- يعني المشركين، ثم تقدم فلقيه سعد يعني ابن
معاذ دون أحد فقال: أنا معك قال سعد: فلم أستطع أن أصنع
__________
(1) . الدر 6/ 586- 587.
(2) . الدر 6/ 586- 587. [.....]
(3) . الدر 6/ 586- 587.
(4) . الدر 6/ 586- 587.
(9/3124)
وَرَدَّ اللَّهُ
الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا
وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ
قَوِيًّا عَزِيزًا (25)
ما صنع قال: فوجد فيه بضع وثمانون ضربة
سيف، وطعنة رمح، ورمية سهم.
وكانوا يقولون: فيه وفي أصحابه فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نحبه
ومنهم من ينتظر «1» .
17642 - حدثنا أحمد بن الفضل العسقلاني، ثنا سليمان بن أيوب بن
سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله حدثني أبى عن جدي
عن موسى بن طلحة عن أبيه طلحة قال: لما أن رجع النبي صلى الله
عليه وسلم هذه الآية رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ
عَلَيْهِ الآية كلها فقام إليه رجل من المسلمين فقال: يا رسول
الله من هؤلاء؟ فأقبلت وعليَّ ثوبان أخضران حضرميان فقال:
«أيها السائل، هذا منهم» «2» .
قوله تعالى: فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ
يَنْتَظِرُ
17643 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
فَمِنْهُمْ من قضى نحبه قال: الموت على ما عاهدوا الله عليه
ومنهم من ينتظر على ذلك «3» .
17644 - عن أبيه رضي الله عنه في قوله: فمنهم من قضى نحبه قال:
نذره وقال الشاعر:
فضت من يثرب نحبها فاستمرت «4» .
17645 - عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي قوله:
فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ قال: مات على ما هو عليه من
التصديق والإيمان ومنهم من ينتظر ذلك وما بدلوا تبديلا ولم
يغيروا كما غير المنافقون «5» .
قوله تعالى: ورد الله الذين كفروا بغيظهم
17646 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: ورد
الله الذين كفروا بغيظهم قال: الأحزاب «6» .
قوله تعالى: لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا
17647 - عن السدى رضي الله تعالى عنه في قوله: وَرَدَّ اللَّهُ
الَّذِينَ كَفَرُوا بغيظهم
__________
(1) . ابن كثير 6/ 394.
(2) . ابن كثير 6/ 394.
(3) . الدر 6/ 588- 589.
(4) . الدر 6/ 588- 589.
(5) . الدر 6/ 588- 589.
(6) . الدر 6/ 588- 589.
(9/3125)
وَأَوْرَثَكُمْ
أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ
تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (27)
قال: أبو سفيان وأصحابه لَمْ يَنَالُوا
خَيْرًا قال: لم يصيبوا من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه
ظفرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ القتال انهزموا بالريح
من غير قتال «1» .
قوله تعالى: وكفى الله المؤمنين القتال
17648 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وكفى
الله المؤمنين القتال قال:
بالجنود من عنده، والريح التي بعث عليهم وكان الله قويا في
أمره عزيزا في نقمته «2» .
17649 - عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ
كان يقرأ هذا الحرف وَكَفَى الله المؤمنين القتال بعلي بن أبي
طالب.
قوله تعالى: وَأَرْضًا لم تطؤها
17650 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وأرضا لم تطؤها قال: كنا نحدث أنها مكة، وقال الحسن رضي الله
عنه: هي أرض الروم وفارس، وما فتح عليهم «3» .
17651 - عن عكرمة في قوله: وأرضا لم تطؤها قال: يزعمون أنها
خيبر، ولا أحسبها إلا كل أرض فتحها الله على المسلمين، أو هو
فاتحها إلى يوم القيامة «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ
لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدنيا
وزينتها ... الآية
17652 - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ
عائشة رضي الله عنها قالت:
لما نزلت آية التخير، بدأ بي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يا عائشة، إني عارض عليك أمرًا،
فلا تفتاتي فيه بشيء حتى تعرضيه على أبويك أبي بكر وأم رومان،
فقلت: يا رسول الله، وما هو؟ قال: قال الله عز وجل: يا أيها
النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ
الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ
أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا، وَإِنْ
كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ
فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا
عَظِيمًا
__________
(1) . الدر 6/ 588- 589.
(2) . ابن كثير 6/ 402.
(3) . ابن كثير 6/ 402.
(4) . ابن كثير 6/ 402.
(9/3126)
قالت: فإني أريد الله ورسوله والدار
الآخرة، ولا أؤامر في ذلك أبويّ أبا بكر وأم رومان، فَضَحِكَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ
استقرأ الحجر فقال: «إن عائشة قالت كذا وكذا «فقلن: ونحن نقول
مثل ما قالت عائشة، رضي الله عنهن كلهن «1» .
17653 - حدثنا يزيد بن سنان البصري، ثنا أبو صالح عبد الله بن
صالح، حدثني الليث حدثني عقيل عن الزهري أخبرني عبيد الله بن
عبيد الله بن ثور عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
قَالَ: قالت عائشة رضي الله عنها: أنزلت آية التخير، فبدأ بي
أول امرأة من نسائه، فقال: «إني ذاكر لك أمرًا، فلا عليك أن لا
تعجلي حتى تستأمري أبويك» قالت: قد علم أن أبوي لم يكونا
يأمراني بفراقه قالت: ثم قال: «إن الله قال: يا أيها النبي قل
لأزواجك ... الآيتين، قالت عائشة: فقلت: أفي هذا أستأمر أبوي؟
فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة ثم خير نساءه كلهن فقلن
مثل ما قالت عائشة رضي الله عنهن «2» .
17654 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «أَنّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاءها حين أمره الله
أن يخير أزواجه قالت: فبدأ بي فقال: إني ذاكر لك أمرًا فلا
عليك أن تستعجلي حتى تستأمري أبويك قد علم أن أبوي لم يكونا
يأمراني بفراقه، فقال: إن الله قال: يا أيها النَّبِيُّ قُلْ
لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدنيا
وزينتها إلى تمام الآيتين فقلت لها: ففي أي هذا أستأمر أبوي،
فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، وفعل أزواج النبي صلى
الله عليه وسلم مثل ما فعلت «3» .
17655 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: «حلف رسول الله صلى الله
عليه وسلم ليهجرنا شهرًا، فدخل عليَّ صبيحة تسعة وعشرين، فقلت
يا رسول الله، ألم تكن حلفت لتهجرنا شهرًا؟ قال: إن الشهر هكذا
وهكذا وهكذا وضرب بيده جميعا، وخنس يقبض إصبعا في الثالثة، ثم
قال: يا عائشة، إني ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن تعجلي حتى
تستشيري أبويك، وخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم حداثه سنى،
قلت: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: إني أمرت أن أخيركن، ثم تلا
هذه الآية
__________
(1) . الدر 6/ 592.
(2) . ابن كثير 6/ 402. [.....]
(3) . الدر 6/ 596.
(9/3127)
يَا نِسَاءَ
النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ
يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى
اللَّهِ يَسِيرًا (30)
يا أيها النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ
كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدنيا وزينتها إلى قوله: أجرا
عظيما قالت: فيم أستشير أبوي يا رسول الله؟ بل أختار الله
ورسوله، فسر رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، وسمع نساؤه فتواترن عليه» «1» .
17656 - عن قتادة والحسن رضي الله عنهما قالا: أمره الله أن
يخيرهن بين الدنيا والآخرة، والجنة والنار، قال الحسن رضي الله
عنه: في شيء كن أردنه من الدنيا وقال قتادة رضي الله عنه: في
غيرة كانت غارتها عائشة رضي الله عنها، وكان تحته يومئذ تسعة
نسوة خمس من قريش، عائشة. وحفصة. وأم حبيبة بنت أبى سفيان.
وسودة بنت زمعة. وأم سلمة بنت أبي أمية، وكانت تحته صفية بنت
حي الخيبرية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وزينب بنت جحش
الأسدية، وجويرية بنت الحارث من بني المصطلق. وبدأ بعائشة رضي
الله عنها، فلما اختارت الله ورسوله والدار الآخرة رؤي الفرح
فِي وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فتتابعن كلهن على ذلك فلما خيرهن واخترن الله
ورسوله والدار الآخرة شكرهن الله تعالى على ذلك أن قال: لا تحل
لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ
أَزْوَاجٍ وَلَوْ أعجبك حسنهن، فقصره الله تعالى عليهن، وهن
التسع اللاتي اخترن الله ورسوله «2» .
17657 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في
قوله: يا أيها النبي قل لأزواجك قال: أمر الله تعالى نبيه صلى
الله صلى الله عليه وسلم أن يخبر نساءه في هذه الآية، فلم تختر
واحدة منهن نفسها غير الحميرية «3» .
قوله تعالى: يَا نِسَاءَ النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة
17658 - عَنْ مقاتل بن سليمان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في قوله:
يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ منكن بفاحشة مبينة يعني
العصيان للنبي صلى الله عليه وسلم يضاعف لها العذاب ضعفين في
الآخرة وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا يقول: وكان
عذابها عند الله هينًا وَمَنْ يقنت يعني من يطع منكن لله
ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين في الآخرة بكل صلاة أو
صيام أو صدقة أو تكبيرة أو تسبيحة باللسان مكان كل حسنة تكتب
عشرين حسنة وَأَعْتَدْنَا لها رزقا كريما يعني حسنا وهي الجنة
«4» .
__________
(1) . الدر 6/ 596.
(2) . الدر 6/ 596.
(3) . الدر 6/ 596.
(4) . الدر 6/ 596.
(9/3128)
وَمَنْ يَقْنُتْ
مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا
أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا
(31)
قوله تعالى: يضاعف لها العذاب ضعفين
17659 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
يضاعف لها العذاب ضعفين قال: عذاب الدنيا وعذاب الآخرة «1» .
17660 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في
قوله: يضاعف لها العذاب ضعفين قال: يجعل عذابهن ضعفين، ويجعل
على من قذفهن الحد ضعفين «2» .
17661 - عَنِ الرَّبِيعِ بن أنس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في قوله:
يَا نِسَاءَ النبي قال: إن الحجة على الأنبياء أشد منها على
الأتباع في الخطيئة، وإن الحجة على العلماء أشد منها على
غيرهم، فإن الحجة على نساء النبي صلى الله عليه وسلم أشد منها
على غيرهن، فقال: إنه من عصى منكن فإنه يكون عليها العذاب
الضعف منه على سائر نساء المؤمنين، ومن عمل صالحا فإن الأجر
لها الضعف على سائر نساء المسلمين «3» .
17662 - حدثنا أبي ثنا سريج بن يونس أبو الحارث حدثني محمد بن
يزيد عن العوام يعني ابن حوشب عن عم له قال: دخلت مع أبى على
عائشة، فسألتها عن علي رضي الله عنه، فقالت رضي الله عنها:
تسألني عن رجل كان من أحب الناس إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكانت تحته ابنته وأحب الناس إليه؟
لقد رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ دعا عليًا وفاطمة وحسنا وحسينًا فألقى عليهم ثوبًا
فقال: «اللهم، هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنه الرجس وطهرهم تطهيرًا»
قالت: فدنوت منه فقلت: يا رسول الله، وأنا من أهل بيتك؟ فقال:
تنحي، فإنك علي خير «4» .
قوله تعالى: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ
وَتَعْمَلْ صَالِحًا
17663 - عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: وَمَنْ يَقْنُتْ
مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالحا قال: يقول من
يطع الله منكن، وتعمل صالحًا لله ورسوله بطاعته «5» .
__________
(1) . الدر 6/ 596.
(2) . الدر 6/ 596.
(3) . الدر 6/ 596.
(4) . ابن كثير 6/ 410.
(5) . الدر 6/ 597.
(9/3129)
يَا نِسَاءَ
النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ
اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ
الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32)
17664 - عن جعفر بن محمد رضي الله عنه يجري
أزواجه مجرانا في الثواب والعقاب «1» .
قوله تعالى: لستن كأحد من النساء
قال: حسن عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
لستن كأحد من النساء قال:
كأحد من نساء هذه الأمة «2» .
17666 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: يَا
نساء النبي لستن كأحد الآية يقول: أنتن أزواج النبي صلى الله
عليه وسلم ومعه تنظرن إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى الوحي
الذي يأتيه من السماء، وأنتن أحق بالتقوى من سائر النساء،
تشروا إلى قوله: بكل شيء عليما عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ،
عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
فيطمع الذي في قلبه مرض يعني الزنا «3» .
قوله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ
17667 - عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
فلا تخضعن بالقول قال: لا ترفثن بالقول «4» .
قوله تعالى: فَيَطْمَعَ الذي في قلبه مرض
17668 - عَنْ عِكْرِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
فيطمع الذي في قلبه مرض قال: شهوة الزنا «5» .
17669 - عن أم نائلة رضي الله عنها قالت: جاء أبو برزة فلم يجد
أم ولده في البيت، وقالوا: ذهبت الى المسجد، فلما أتت صالح بها
فقال: إن الله نهى النساء أن يخرجن، وأمرهن يقرن في بيتهن ولا
يتبعن جنازة، ولا يأتين مسجدًا، ولا يشهدن جمعة «6» .
قوله تعالى: وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ
الأُولَى
17670 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ:
كانت الجاهلية الأولى فيما بين نوح وإدريس عليهما السلام،
وكانت ألف سنة وإن بطنين من ولد آدم كان أحدهما
__________
(1) . الدر 6/ 597.
(2) . الدر 6/ 597.
(3) . الدر 6/ 597.
(4) . الدر 6/ 597. [.....]
(5) . الدر 6/ 597.
(6) . الدر 6/ 597.
(9/3130)
يسكن السهل، والآخر يسكن الجبال فكان رجال
الجبال صباحًا وفي النساء دمامة، وكان نساء السهل صباحًا وفي
الرجال دمامة، وان إبليس أتى رجلًا من أهل السهل في صورة غلام،
فأجر نفسه فكان يخدمه واتخذ إبليس شبابة مثل الذي يزمر فيه
الرعاء، فجاء بصوت لم يسمع الناس مثله، فبلغ ذلك من حوله فإن
تأبوهم يسمعون إليه، واتخذوا عبدا يجتمعون إليه في السنة
فتتبرج النساء للرجال، وتتبرج الرجال لهن، وأن رجلًا من أهل
الجبل هجم عليه في عيدهم ذلك، فرأى النساء وصباحتهن فأتى
أصحابه فأخبرهم بذلك، فتحولوا إليهن فنزلوا معهن وظهرت الفاحشة
فيهن فهو قول الله: وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ
الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى «1» .
17671 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا إِنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سأله فقال:
أرأيت قول الله تعالى لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وَلا
تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهلية الأولى هل كانت الجاهلية غير
واحدة؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما: ما سمعت بأولى إلا ولها
آخرة. فقال له عمر رضي الله عنه: فأنبئني من كتاب الله ما يصدق
ذلك قال: إن الله يقول: وَجَاهِدُوا في الله حق جهاده كما
جاهدتم أول مرة فقال عمر رضي الله عنه من أمرنا أن نجاهد؟ قال:
بني مخزوم وعبد شمس «2» .
17672 - من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: ولا
تبرجن تبرج الجاهلية الأولى قال: تكون جاهلية أخرى «3» .
قوله تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ
الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويطهركم تطهيرا
17673 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وسلم «نزلت هذه الآية في خمسة: في، وفي علي وفاطمة وحسن وحسين
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ
أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيرا «4» .
17674 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غداة وعليه مرط مرجل من شعر
أسود، فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما
__________
(1) . الدر 6/ 600- 605.
(2) . الدر 6/ 600- 605.
(3) . الدر 6/ 600- 605.
(4) . الدر 6/ 600- 605.
(9/3131)
فأدخلهما معه، ثم جاء علي فأدخله معه ثم
قال إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرجس أهل
البيت ويطهركم تطهيرا «1» .
17675 - من طريق عكرمة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما في قوله: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ
لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل البيت قال: نزلت في نساء
النبي صلى الله عليه وسلم خاصة. وقال عكرمة رضي الله عنه: من
شاء بأهلته أنها نزلت في أزواج النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «2» .
17676 - حَدَّثَنَا أَبِي ثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا أَبُو
عوانة عن حصين بن عبد الرحمن عن أبي جميلة قال: إن الحسن بن
علي استخلف حين قتل على رضي الله عنهما قال:
فبينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجر وزعم حصين أنه
بلغه أن الذي طعنه رجل من بني أسد وحسن ساجد قال: فيزعمون أن
الطعنة وقعت في وركه فمرض منها أشهرًا، ثم برأ فقعد على
المنبر، فقال: يا أهل العراق، اتقوا الله فينا فإنا أمراؤكم
وضيفانكم، ونحن أهل البيت الذي قال الله: إِنَّمَا يُرِيدُ
اللَّهُ لِيُذْهِبَ عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا قال:
فما زال يقولها حتى ما بقى أحد من أهل المسجد إلا وهو يحن بكاء
«3» .
17677 - عن الأعمش عن عطية عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم «نزلت هذه الآية
في خمسة: في، وفي علي، وحسن وحسين وفاطمة إِنَّمَا يُرِيدُ
اللَّهُ لِيُذْهِبَ عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا «4» .
17678 - عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: «جاء رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى فاطمة ومعه
حسن وحسين وعلي حتي دخل، فأدنى عليًا وفاطمة فأجلسهما بين
يديه، وأجلس حسنًا وحسين كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم
ثوبه وأنا مستدبرهم، ثم تلا هذه الآية إِنَّمَا يُرِيدُ
اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيرا «5» .
17679 - عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه
وسلم: أن
__________
(1) . الدر 6/ 605.
(2) . الدر 6/ 605.
(3) . - ابن كثير 6/ 410.
(4) . الدر 6/ 605.
(5) . ابن كثير 6/ 415.
(9/3132)
وَاذْكُرْنَ مَا
يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)
رسول الله كان بيتها على منامة له عليه
كساء خيبري، فجاءت فاطمة رضي الله عنها ببرمة فيها خزيرة،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«ادعي زوجك وابنيك، حسنا، وحسينًا، فدعتهم فبينما هم يأكلون إذ
نزلت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ
أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا فأخذ النبي صلى
الله عليه وسلم بفضلة إزاره فغشاهم إياها، ثم أخرج يده من
الكساء وأومأ بها إلى السماء، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي
وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، قالها ثلاث مرات قالت
أم سلمة رضي الله عنها:
فأدخلت رأسي في الستر (تطهيرا) ، فقلت: يا رسول الله، وأنا
معكم فقال: إنك إلى خير مرتين» «1» .
17680 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ
أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا قال: هم أهل بيت
طهرهم الله من السوء، واختصهم برحمته قال: وحدث الضحاك بن
مزاحم رضي الله عنه، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «نحن أهل بيت طهرهم الله من
شجرة النبوة، وموضع الرسالة ومختلف الملائكة، وبيت الرحمة
ومعدن العلم» «2» .
قوله تعالى: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى في بيوتكن من آيات الله
والحكمة
17681 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ الله
والحكمة قال: القرآن.، والسنة، عتب عليهن بذلك «3» .
قوله تعالى: إن المسلمين والمسلمات
17682 - عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله
عليه وسلم مالي أسمع الرجال يذكرون في القرآن والنساء لا
يذكرن؟ فأنزل الله: إن المسلمين والمسلمات «4» .
17683 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في
قوله: إن المسلمين والمسلمات يعني المخلصين لله من الرجال،
والمخلصات من النساء والمؤمنين والمؤمنات يعني المصدقين
والمصدقات والقانتين والقانتات يعني المطيعين والمطيعات
__________
(1) . الدر 6/ 605.
(2) . الدر 6/ 605.
(3) . الدر 6/ 605. [.....]
(4) . الدر 6/ 605.
(9/3133)
وَمَا كَانَ
لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ
أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا
مُبِينًا (36)
والصادقين والصادقات يعني الصادقين في
إيمانهم والصابرين والصابرات يعني على أمر الله: والخاشعين
يعني المتواضعين لله في الصلاة من لا يعرف من عن يمينه ولا من
عن يساره ولا يلتفت من الخشوع لله والخاشعات يعني المتواضعات
من النساء والصائمين والصائمات قال: من صام شهر رمضان، ثلاثه
أيام من كل شهر، فهو من أهل هذه الآية والحافظين فروجهم
والحافظات قال: يعني فروجهم عن الفواحش، ثم أخبر بثوابهم فقال:
أعد الله لهم مغفرة يعني لذنوبهم وأجرا عظيما يعني جزاء وافر
في الجنة «1» .
17684 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: «إذا أيقظ الرجل امرأته من الليل فصليا
ركعتين كانا تلك الليلة من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات»
«2» .
17685 - عن مجاهد رضي الله عنه قال: لا يكتب الرجل مِنَ
الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا حَتَّى يَذْكُرَ اللَّهَ
قَائِمًا، وَقَاعِدًا، وَمُضْطَجِعًا «3» .
17686 - حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ
اللَّهِ، حدثني محمد بن جابر عن علي بن الأقمر عن الأغر أبى
مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«إذا أيقظ الرجل امرأته من الليل فصليا ركعتين كتبا تلك الليلة
من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات» «4» .
قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا
قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لهم الخيرة من
أمرهم
17687 - عَنِ ابْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: نزلت في
أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وكانت أول امرأة هاجرت من
النساء، فوهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، فزوجها زيد بن
حارثه فسخطت هي وأخوها، وقالت: إنما أردنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم فزوجها عبده، فنزلت.
17688 - عن طاوس، أنه سأل ابن عباس رضي الله عنهما عن ركعتين
بعد
__________
(1) . الدر 6/ 607.
(2) . الدر 6/ 607.
(3) . الدر 6/ 607.
(4) . ابن كثير 6/ 415.
(9/3134)
وَإِذْ تَقُولُ
لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ
أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي
نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ
أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا
زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ
وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37)
العصر فنهاه وقال ابن عباس رضي الله عنهما:
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ
وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخيرة من أمرهم «1»
.
17689 - عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: جاء العباس وعلي بن
أبي طالب إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فقالا: «يا رسول الله، جئناك لتخبرنا أي أهلك أحب
إليك؟ قال: أحب أهلي إليَّ فاطمة. قالا: ما نسألك عن فاطمة
قال: فأسامة بن زيد الذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه. قال علي
رضي الله عنه: ثم من يا رسول الله؟ قال: ثم أنت، ثم العباس.
فقال العباس رضي الله عنه: يا رسول الله جعلت عمك آخرًا قال:
إن عليًا سبقك بالهجرة» «2» .
قوله تعالى: وتخفي في نفسك ما الله مبديه
17690 - عن أنس رضي الله عنه أن هذه الآية وتخفي في نفسك ما
الله مبديه نزلت في شأن زينب بنت جحش وزيد بن حارثة «3» .
17691 - حَدَّثَنَا أَبِي ثنا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ
مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عيينة عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ
بْنِ جُدْعَانَ قَالَ: سألني علي بن الحسين ما يقول الحسن في
قوله: وَتُخْفِي في نفسك ما الله مبديه؟ فذكرت له فقال: لا،
ولكن الله أعلم نبيه أنها ستكون من أزواجه قبل أن يتزوجها،
فلما أتاه زيد ليشكوها إليه قال: اتق الله، وأمسك عليك زوجك.
فقال: قد أخبرتك أني مزوجكها وتخفي في نفسك ما الله مبديه «4»
.
17692 - عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا
انقضت عده زينب قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لزيد: «اذهب فاذكرها عليَّ فإن طلق قال: فلما رأتها
عظمت في صدري، فقلت: يا زينب، أبشري أرسلني رسول الله صلى الله
عليه وسلم يذكرك قالت: ما أنا بصانعة شيئًا حتى أوامر ربي
فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن، وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أطعمنا عليا الخبز واللحم، فخرج
الناس وبقى رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام فَخَرَجَ رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واتبعته فجعل يتبع
حجر نسائه يسلم عليهن ويقلن: يا رسول الله، كيف وجدت أهلك؟ فما
أدري أنا
__________
(1) . الدار 6/ 610.
(2) . الدار 6/ 610.
(3) . الدار 6/ 610.
(4) . ابن كثير 6/ 420.
(9/3135)
أخبرته أن القوم قد خرجوا أو أخبر، فإن طلق
حتى دخل البيت فذهبت أدخل معه فألقى الستر بيني وبينه فنزل
الحجاب ووعظ القوم بما وعظوا به لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ
النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لكم «1» .
قوله تعالى: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ
عَلَيْهِ إلى قوله: وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا
17693 - عن عائشة رضي الله، عنها قالت: لو كان النبي صلى الله
عليه وسلم كاتمًا شيئًا من الوحي لكتم هذه الآية وَإِذْ تقول
للذي أنعم الله عليه يعني النبي بالإسلام وأنعمت عليه بالعتق
أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ إلى قوله: وَكَانَ أمر الله مفعولا
وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَمَّا تزوجها خليلة ابنه، فأنزل الله تعالى: مَا كَانَ
مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ ولكن رسول الله وخاتم
النبيين وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ تبناه وهو صغير فلبث حتى صار رجلًا يقال له: زيد بن
محمد. فأنزل الله: ادعوهم لآبائهم هو أقسط، عند الله يعني
أعدل، عند اللَّهُ.
17694 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنعم الله عليه قال: زيد بن حارثه
أنعم الله عليه بالإسلام وأنعمت عليه اعتقه رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْسِكْ عليك زوجك واتق
الله يا زيد بن حارثه قال: جاء إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ الله، إن
زينب اشتد على لسانها، وأنا أريد أن أطلقها، فَقَالَ لَهُ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اتق الله وأمسك
عليك زوجك قال: والنبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يطلقها،
ويخشى قالة الناس إن أمره بطلاقها فأنزل الله: وتخفي في نفسك
ما الله مبديه قال: كان يخفي في نفسه وذاته طلاقها: قال: قال
الحسن رضي الله، عنه: ما أنزلت عليه آية كانت أشد عليه منها،
ولو كان كاتما شيئًا من الوحي لكتمها وتخشى الناس قال: خشي
النبي صلى الله عليه وسلم قالة الناس فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ
مِنْهَا وَطَرًا قال: طلقها زيد زوجناكها فكانت تفخر على أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم تقول: أما أنتن زوجكن آباؤكن، وأما
أنا فزوجني ذو العرش لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إذا قضوا منهن وطرا
__________
(1) . الدر 6/ 614.
(9/3136)
مَا كَانَ مُحَمَّدٌ
أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ
وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمًا (40)
قال: إذا طلقوهن، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تبنى زيد بن حارثه رضي
الله، عنه مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا
فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا
مِنْ قَبْلُ يقول: كما هوى داود النبي عليه السلام المرأة التي
نظر إليها فهويها فتزوجها، فكذلك قضى الله لمحمد صلى الله عليه
وسلم فتزوج زينب، كما كان سنة الله في داود أن يزوجه تلك
المرأة وَكَانَ أَمْرُ الله قدرا مقدورا في أمر زينب «1» .
17695 - عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ قَالَ: قال
لي علي بن الحسين: ما يقول الحسن رضي الله، عنه في قوله:
وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مبديه؟ فقلت له..
فقال: لا. ولكن الله أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم أن زينب رضي
الله، عنها ستكون من أزواجه قبل أن يتزوجها فلما أتاه زيد
يشكوا إليه قال: اتق الله، وأمسك عليك زوجك فقال: قد أخبرتك
أني مزوجكها وتخفي في نفسك ما الله مبديه «2» .
17696 - عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ
وَأَنْعَمْتَ قال: بلغنا أن هذا الآية أنزلت في زينب بنت جحش
رضي الله، عنها وكانت أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يزوجها زيد بن حارثه رضي الله،
عنه فكرهت ذلك ثم إنها رضيت بما صنع رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فزوجها إياه ثم أعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم بعد
أنها من أزواجه فكان يستحي أن يأمر زيد بن حارثة بطلاقها وكان
لا يزال يكون بين زيد وزينب بعض ما يكون بين الناس فيأمره
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يمسك
عليه زوجه، وأن يتقي الله، وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه أن
يقولوا تزوج امرأة ابنه، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ تبنى زيدًا «3» .
قوله تعالى: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ
رِجَالِكُمْ ولكن رسول الله
17697 - عن علي بن الحسين رضي الله، عنه في قوله: مَا كَانَ
مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ
الله قال: نزلت في زيد بن حارثة «4» .
__________
(1) . الدر 6/ 615.
(2) . الدر 6/ 615.
(3) . الدر 6/ 615.
(4) . الدر 6/ 615. [.....]
(9/3137)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41)
17698 - عن قتادة رضي الله، عنه في أنه لم
يكن بابنه، ولعمري لقد ولد له ذكور وإنه لأبو القاسم وإبراهيم
والطيب والمطهر «1» .
17699 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
ولكن رسول الله وخاتم النبيين قال: آخر نبي.
17700 - عن جابر رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «مثلي ومثل الأنبياء
كمثل رجل ابتنى دارًا فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة فكان من
دخلها فنظر إليها قال: ما أحسنها! إلا موضع اللبنة فأنا موضع
اللبنة فختم بي الأنبياء» «2» .
قوله تعالى: اذْكُرُوا اللَّهَ ذكرا كثيرا
17701 - عن ابن عباس رضي الله، عنهما في قوله: اذكروا الله
ذكرا كثيرا يقول: لا يفرض على عبادة فريضة إلا جعل لها حدًا
معلومًا، ثم عذر أهلها في حال عذر غير الذكر فإن الله تعالى لم
يجعل له حدًا ينتهي إليه ولم يعذر أحدًا في تركه إلا مغلوبًا
على عقله، فقال: فاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا
وَعَلَى جُنُوبِكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ في البر والبحر،
في السفر والحضر، في الغنى والفقر، والصحة والسقم والسر
والعلانية وعلى كل حال وقد سبحوه بكرة وأصيلًا، فإذا فعلتم ذلك
صلى عليكم هو ملائكته قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي
عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ «3» .
17702 - عن مقاتل في قوله: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كثيرا
قال: باللسان، بالتسبيح والتكبير والتهليل والتحميد، وذكروه
على كل حال وسبحوه بكرة وأصيلا يقول:
صلوا لله بكرة بالغداة وأصيلا بالعشى.
قوله تعالى: وسبحوه بكرة وأصيلا
17703 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وسبحوه بكرة وأصيلا قال:
صلاة الصبح وصلاة العصر «4» .
__________
(1) . الدر 6/ 615.
(2) . الدر 6/ 615.
(3) . الدر 6/ 615.
(4) . الدر 6/ 622.
(9/3138)
هُوَ الَّذِي يُصَلِّي
عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ
إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)
قوله تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي
عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ
17704 - عَنِ أبي العالية رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قوله: هو
الذي يصلي عليكم وملائكته قال: صلاه الله:، ثناؤه وصلاة
الملائكة عليهم: السلام الدعاء «1» .
17705 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ في
قوله: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عليكم وملائكته قال: يغفر لكم،
وتستغفر لكم ملائكته «2» .
17706 - عن سفيان رضي الله، عنه أنه سئل، عن قوله «اللَّهُمَّ
صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ
عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ قال: أكرم الله
أمة محمد صلى الله عليه وسلم فصلى عليهم كما صلى على الأنبياء
فقال: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وملائكته «3» .
17707 - عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ هو
الذي يصلي عليكم قال:
إن بني إسرائيل سألوا موسى عليه السلام هل يصلي ربك؟ فكان ذلك
كبر في صدر موسى عليه السلام، فأوحى الله إليه: أخبرهم أني
أصلي، وأن صلاتي رحمتي سبقت غضبي «4» .
17708 - من طريق عطاء بن أبي رباح، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «قلت لجبريل عليه السلام: هل يصلي ربك؟
قال نعم. قلت: وما صلاته؟ قال: سبوح قدوس سبقت رحمتي غضبي» «5»
.
قوله تعالى: تحيتهم يوم يلقونه سلام وقوله تعالى: وأعد لهم
أجرا كريما
17709 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
تحيتهم يوم يلقونه سلام تحية أهل الجنة: السلام وَأَعَدَّ
لَهُمْ أَجْرًا كريما أي الجنة «6» .
17710 - عن البراء بن عازب رضي الله، عنه في قوله:
تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سلام قال: يوم يلقون ملك
الموت، ليس من مؤمن يقبض روحه إلا سلم عليه «7» .
__________
(1) . الدر 6/ 622.
(2) . الدر 6/ 622.
(3) . الدر 6/ 622.
(4) . الدر 6/ 622.
(5) . الدر 6/ 622.
(6) . الدر 6/ 624- 625.
(7) . الدر 6/ 624- 625.
(9/3139)
يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا
وَنَذِيرًا (45)
قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا ونذيرا
17711 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُمَا قَالَ:
لَمَّا نَزَلَتْ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ
شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَقَدْ كَانَ أَمَرَ
عَلِيًّا ومعاذ أَنْ يَسِيرَا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ:
انْطَلِقَا فَبَشِّرَا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا فإنه قَدْ
أُنْزِلَ عَلَيَّ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا
أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا ومبشرا ونذيرا قال: شاهدًا ومبشرًا
بالجنة ونذيرًا من النار، وداعيًا إلى شهادة لا إله إلا الله:
بإذنه وسراجا منيرا بالقرآن «1» .
17712 - عن عطاء بن يسار رضي الله، عنه قال: لقيت عبد الله بن
عمرو بن العاص فقلت: أخبرني، عن صفة رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التوراة قال:
أجل والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا
وَمُبَشِّرًا ونذيرا وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي سميتك
المتوكل لَيْسَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ وَلا صَخَّابٍ فِي
الأسواق ولا تجزئ بالسيئة، السيئة ولكن تعفو وتصفح «2» .
17713 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: يا
أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا قال: على أمتك بالبلاغ ومبشرًا
بالجنة ونذيرًا من النار وداعيًا إلى الله إلى شهادة أن لا إله
إلا الله: بإذنه قال: بأمره وسراجا منيرا قال: كتاب الله
يدعوهم إليه وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ
اللَّهِ فَضْلا كبيرا وهي الجنة وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ
وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أذاهم قال: اصبر على أذاهم «3» .
17714 - وقال وهب بن منبه: إن الله أَوْحَى إِلَى نَبِيٍّ مِنْ
أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ- فإني منطق لسانك بوحي وأبعث
أميا من الأميين، أَبْعَثُهُ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ وَلا
صَخَّابٍ فِي الأسواق لو يمر إلى جنب سراج لَمْ يُطْفِئْهُ
مِنْ سَكِينَتِهِ، وَلَوْ يَمْشِي عَلَى القصب لَمْ يَسْمَعْ
مَنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ أَبْعَثُهُ مُبَشِّرًا ونذيرًا لا يقول
الخنا، فاتح به أعينا كمها وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا
غُلْفًا، أُسَدِّدُهُ لِكُلِّ أَمْرٍ جَمِيلٍ وَأَهَبُ لَهُ
كُلَّ خُلُقٍ كَرِيمٍ وَأَجْعَلُ السَّكِينَةَ لِبَاسَهُ
وَالْبِرَّ شِعَارَهُ وَالتَّقْوَى ضُمَيرَهُ وَالْحِكْمَةَ
مَنْطِقَهُ وَالصِّدْقَ وَالْوَفَاءَ طَبِيعَتَهُ وَالْعَفْوَ
وَالْمَعْرُوفَ خُلُقَهُ، وَالْحَقَّ شَرِيعَتَهُ وَالْعَدْلَ
سِيرَتَهُ وَالْهُدَى إِمَامَهُ وَالإِسْلامَ مِلَّتَهُ
وَأَحْمَدُ اسْمَهُ أَهْدِي بِهِ بَعْدَ الضَّلالَةِ
وَأُعَلِّمُ بِهِ بَعْدَ الْجَهَالَةِ، وَأَرْفَعُ بِهِ بَعْدَ
الخمالة
__________
(1) . الدر 6/ 624- 625.
(2) . الدر 6/ 624- 625.
(3) . الدر 6/ 624- 625. [.....]
(9/3140)
[الجزء العاشر]
[تتمة سورة الأحزاب]
وَأُعَرِّفُ بِهِ بَعْدَ النُّكْرَةِ وَأُكْثِرُ بِهِ بَعْدَ
الْقِلَّةِ وَأُغْنِي بِهِ بَعْدَ الْعَيْلَةِ وَأَجْمَعُ بِهِ
بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَأُؤَلِّفُ بِهِ بَيْنَ أُمَمٍ
مُتَفَرِّقَةٍ، وَقُلُوبٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَأَهْوَاءٍ
مُتَشَتِّتَةٍ، وَسَأُنْقِذُ بِهِ فِئَامًا مِنَ النَّاسِ
عَظِيمَةً مِنَ الْهَلَكَةِ، وَأَجْعَلُ أُمَّتَهُ خَيْرَ
أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ، عَنِ الْمُنْكَرِ مُوَحِّدِينَ مُؤْمِنِينَ
مُخْلِصِينَ مُصَدِّقِينَ لِمَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلِي،
أُلْهِمُهُمُ التَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ وَالثَّنَاءُ
وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّوْحِيدُ فِي مَسَاجِدَهِمْ
وَمَجَالِسِهِمْ وَمَضَاجِعِهِمْ وَمُنْقَلَبِهِمْ
وَمَثْوَاهِمْ يُصَلُّونَ لِي قِيَامًا وَقُعُودًا
وَيُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صُفُوفًا وَزُحُوفًا،
وَيَخْرُجُونَ مِنْ دِيَارِهِمِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي
أُلُوفًا يُطَهِّرُونَ الْوُجُوهَ وَالْأَطْرَافَ وَيُشِدُّونَ
الثِّيَابَ فِي الْأَنْصَافِ قُرْبَانُهُمْ دِمَاؤُهُمْ
وَأَنَاجِيلُهُمْ فِي صُدُورِهِمْ رُهْبَانٌ بِاللَّيْلِ
لُيُوثٌ بِالنَّهَارِ، وَأَجْعَلُ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ
وَذُرِّيتِهِ السَّابِقِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءَ
وَالصَّالِحِينَ، أُمَّتُهُ مِنْ بَعْدِهِ يَهْدُونَ بِالْحَقِ
وَبِهِ يَعْدِلُونَ أُعِزُّ مَنْ نَصَرَهُمْ وَأُؤَيِّدُ مَنْ
دَعَا لَهُمْ، وَأَجْعَلُ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَى مَنْ
خَالَفَهُمْ أَوْ بَغَى عَلَيْهِمْ، أَوْ أَرَادَ أَنْ
يَنْتَزِعَ شَيْئًا مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ أَجْعَلُهُمْ
وَرَثَةً لِنَبِيِّهِمْ وَالدَّاعِيَةِ إِلَى رَبِّهِمْ
يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ، عَنِ الْمُنْكَرِ
وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويؤتون الزكاة ويوفون بعهدهم، أختم بهم
الخير الذي بدأته بأولهم، ذلك فضلي أوتيه من أشاء، وأنا ذو
الفضل العظيم «1» .
17715 - حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
صَالِحٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
عُبَيْدِ اللَّهِ العرزمي، عَنْ شَيْبَانَ النَّحْوِيِّ
أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا
أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَقَدْ كَانَ
أَمَرَ عَلِيًّا وَمُعَاذًا أَنْ يَسِيرَا إِلَى الْيَمَنِ
فَقَالَ: انْطَلِقَا فَبَشِّرَا وَلا تُنَفِّرَا وَيَسِّرَا
وَلا تُعَسِّرَا» إِنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيَّ يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا
وَنَذِيرًا «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَدَعْ أَذَاهُمْ
17716 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَدَعْ أَذَاهُمْ قَالَ: أَعْرِضْ، عَنْهُمْ «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ..
17717 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِذَا نَكَحْتُمُ
المؤمنات الآية. قال: هذا في
__________
(1) ابن كثير 6/. 43.
(2) ابن كثير 6/. 43.
(3) الدر 6/ 625.
(10/3141)
يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي
آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ
اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ
وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ
مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا
لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا
خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا
فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ
اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (50)
الرَّجُلِ. يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ ثُمَّ
يُطَلِّقُهَا مِنْ قَبْلِ أن يمسها فإذا طلقها وَاحِدَةً
بَانَتْ مِنْهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا تَتَزَوَّجُ مَنْ
شَاءَتْ ثُمَّ قَالَ: فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ
سَرَاحًا جَمِيلًا يَقُولُ: [إِنْ كَانَ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا
فَلَيْسَ لَهَا إِلا النِّصْفُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى
لَهَا صَدَاقًا مَتَّعَهَا عَلَى قَدْرِ عُسْرِهِ وَيُسْرِهِ
وَهُوَ السَّرَاحُ الْجَمُيلُ «1» .
17718 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُمَا أَنَّهُ
تَلا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ
الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ
تَمَسُّوهُنَّ قَالَ: فَلا يَكُونُ طالق حَتَّى يَكُونَ
نِكَاحٌ «2» .
17719 - مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ
عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: إِذَا قَالَ:
كُلُّ امْرَأَةٍ أُزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، أَوْ إِنْ
تَزَوَّجْتُ فُلانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ،
إِنَّمَا الطَّلاقُ لِمَنْ يَمْلِكُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللَّهَ
يَقُولُ إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ
طَلَّقْتُمُوهُنَّ «3» .
17720 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَرْوَزِيُّ
حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ
يَعْنِي ابْنَ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعْتُ آدَمَ مَوْلَى
خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ: إِذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ
طَالِقٌ» قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللَّهَ
تَعَالَى يَقُولُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا
نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ الْآيَةَ
«4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا
أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ
17721 - عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ
اللَّهُ، عَنْهَا قَالَتْ: خَطَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَذَرْتُ إِلَيْهِ
فَعَذَرَنِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ
إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ إِلَى قَوْلِهِ:
هَاجَرْنَ مَعَكَ قَالَتْ: فَلَمْ أَكُنْ أَحِلُّ لَهُ،
لِأَنِّي لَمْ أُهَاجِرْ مَعَهُ كُنْتُ مِنَ الطُّلَقَاءِ «5»
.
17722 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
إِنَّا أَحْلَلْنَا لك أزواجك قال: أزواجه الأول الاتي كُنَّ
قَبْلَ أَنَّ تَنْزِلَ هَذِهِ الْآيَةُ فِي قَوْلِهِ: اللاتِي
آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ قَالَ: صَدَقَاتُهُنَّ. وَمَا مَلَكَتْ
يَمِينُكَ قَالَ: هِيَ الْإِمَاءُ الَّتِي أَفَاءَ اللَّهُ
عَلَيْهِ «6» .
__________
(1) الدر 6/ 625.
(2) الدر 6/ 625.
(3) الدر 6/ 625.
(4) الدر 6/ 627- 628.
(5) الدر 6/ 627- 628.
(6) الدر 6/ 627- 628.
(10/3142)
قَوْلُهُ تَعَالَى: خَالِصَةً لَكَ مِنْ
دَوْنِ الْمُؤْمِنِينَ
17723 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ قَالَ:
بِغَيْرِ صَدَاقٍ أُحِلَّ لَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ
أُحِلَّ لَهُ إِلا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ
قَالَ: خَاصَّةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ «1» .
17724 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهَا قَالَ:
الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ «2» .
17725 - عَنْ عُرْوَةَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ: إِنَّ خَوْلَةَ
بِنْتَ حَكِيمِ بْنِ الْأَقْوَصِ كَانَتْ مِنَ اللاتِي
وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «3» .
17726 - عَنْ مُحَمَّد بْنِ كَعْبٍ وَعُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ
وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالُوا: تَزَوَّجَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَ عشرة امرأة.
ست من قريش خديجة وعائشة وحفصة وأم حبيبة وسورة، وَأُمُّ
سَلَمَةَ، وَثَلاثٌ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صعصعة وامرأتين من
بني هلال، ميمونة بن الحرث، وَهِيَ الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا
لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَيْنَبُ
أُمُّ الْمَسَاكِينِ، وَهِيَ الَّتِي اختارت الدنيا وامرأة من
بن الْحَارِثِ وَهِيَ الَّتِي اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ، وَزَيْنَبُ
بِنْتُ جحش والسبيتين صَفَيَّةُ بِنْتُ حَيٍّ وَجُوَيْرِيَةُ
بِنْتُ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيَّةُ «4» .
17727 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ
الْأَحْمَسِيُّ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنِ
عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَعُمَرَ بْنِ
الْحَكَمِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالُوا:
تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ثَلاثَ عشرة امرأة، ست من قُرَيْشٍ خَدِيجَةُ وَعَائِشَةُ
وَحَفْصَةُ، وَأُمُّ حَبِيبَةَ وَسَوْدَةُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ
وَثَلاثٌ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَامْرَأَتَانِ
مِنْ بَنِي هِلالِ بْنِ عَامِرٍ مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ
وَهِيَ الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَزَيْنَبُ أُمُّ الْمَسَاكِينِ امْرَأَةٌ
مِنْ بَنِي أَبِي بَكْرِ بْنِ كُلابٍ مِنَ الْقَرْطَاءِ وَهِيَ
الَّتِي اخْتَارَتِ الدُّنْيَا وَامْرَأَةً مِنْ بَنِي
الجُّونِ وَهِيَ الَّتِي اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ وَزَيْنَبُ
بِنْتُ جَحْشٍ الْأَسَدِيَةُ السَّبِيَّتَانُ صَفَيَّةُ بِنْتُ
حَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَجُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بن عمرو
بن المصطلق الخزاعية «5» .
__________
(1) الدر 6/ 627- 628.
(2) الدر 6/ 627- 628.
(3) الدر 6/ 627- 628.
(4) الدر 6/ 629.
(5) ابن كثير 6/ 435- 436. [.....]
(10/3143)
17728 - حدثنا أبي حدثنا منصور بن أبي
مزاحم، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الْوَضَّاحِ يَعْنِي مُحَمَّدَ
بْنَ مُسْلِمٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا
لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَوْلَةُ
بِنْتُ حَكِيمٍ «1» .
17729 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْجُعْفِيُّ، ثنا يُونُسُ بْنُ
بُكَيْرٍ، عَنْ، عَنْبَسَةَ بْنِ الْأَزَهَرِ، عَنْ سِمَاكٍ،
عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ،
عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
امْرَأَةً وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ «2» .
17730 - عَنِ الزُّهْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ رضي
الله، عنهما في قوله: خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُوْنِ
الْمُؤْمِنِينَ قَالا: لَا تَحِلُّ الْهِبَةُ لِأَحَدٍ بَعْدَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «3» .
17731 - عَنْ عُرْوَةَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ: كُنَّا
نَتَحَدَّثُ أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهَا
كَانَتْ مِمَّنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتِ امْرَأَةً صَالِحَةً «4»
.
17732 - عَنْ عِكْرِمَةَ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: لَا تَحِلُّ
الْمَوْهُوبَةُ لِغَيْرِكَ: وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً وَهَبَتْ
نَفْسَهَا لِرَجُلٍ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يُعْطِيَهَا
شَيْئًا.
17733 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ: لَيْسَ
لِامْرَأَةٍ أَنْ تَهِبَ نَفْسُهَا لِرَجُلٍ بِغَيْرِ وَلِيٍّ،
وَلا مَهْرٍ إِلا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَتْ خَالِصَةً لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِنْ دَوْنِ النَّاسِ، يَزْعُمُونَ أَنَّهَا
نَزَلَتْ فِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ. هِيَ الَّتِي
وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ «5» .
قَوْلُهُ تَعَالَى قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ
17734 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: قد
عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ قَالَ:
فَرَضَ اللَّهُ أَنْ لَا تُنْكَحَ امْرَأَةٌ إِلا بِوَلِيٍّ
وَصَدَاقٍ وَشُهَدَاءَ، وَلا يَنْكِحُ الرَّجُلُ إِلا
أَرْبَعًا «6» .
17735 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ
قَالَ: لا يجاوز الرجل أربع نسوة «7» .
__________
(1) ابن كثير 6/ 435- 436.
(2) ابن كثير 6/ 435- 436.
(3) الدر 6/ 630.
(4) الدر 6/ 630.
(5) الدر 6/ 631- 634.
(6) الدر 6/ 631- 634.
(7) الدر 6/ 631- 634.
(10/3144)
تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ
مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ
مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ
تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا
آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي
قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51)
قَوْلُهُ تَعَالَى: ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ
تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ إِذَا عَلِمْنَ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ
اللَّهِ «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي
إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ ... الْآيَةَ
17736 - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَغَارَ مِنَ اللاتِي
وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقُولُ: كَيْفَ تَهِبُ نَفْسَهَا؟
فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ
وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ
عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ قُلْتُ: مَا أَرَى رَبَّكَ
إِلا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ «2» .
17737 - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شَيْبَةَ حَدَّثَنِي
عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى
عُمَرَ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:
لَمْ يَمُتْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حَتَّى أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنَ
النِّسَاءِ مَا شَاءَ إِلا ذَاتَ مَحْرَمٍ، وَذَلِكَ قَوْلُ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ
وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ «3» .
17738 - عَنِ الشَّعْبِيِّ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ:
كُنَّ نِسَاءٌ وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ بِبِعْضِهِنَّ
وَأَرْجَأَ بَعْضَهُنَّ فَلَمْ يَقْرَبْنَ حَتَّى تُوُفِّيَ
وَلَمْ يُنْكَحْنَ بَعْدَهُ مِنْهُنَّ أُمُّ شَرِيكٍ فَذَلِكَ
قَوْلُهُ: تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ
مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا
جُنَاحَ عَلَيْكَ «4» .
17739 - عَنْ أَبِي زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ:
هَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ
يُطَلِّقَ مِنْ نِسَائِهِ، فَلَمَّا رَأَيْنَ ذَلِكَ
أَتَيْنَهُ فَقُلْنَ: لَا تُخَلِّ سَبِيلَنَا وَأَنْتَ فِي
حِلٍّ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ، إِفْرِضْ لَنَا مِنْ
نَفْسِكَ وَمَالِكَ مَا شِئْتَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: تُرْجِي
مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ نِسْوَةٌ يَقُولُ: تَعْزِلُ مَنْ
تَشَاءُ فَأَرْجَأَ مِنْهُنَّ وَآوَى نِسْوَةً وَكَانَ مِمَّنْ
أُرْجِئَ مَيْمُونَةُ.
وَجُوَيْرِيَةُ، وَأُمُّ حَبِيبَةَ وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ.
وَكَانَ يَقْسِمُ بَيْنَهُنَّ مِنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ مَا
شَاءَ، وَكَانَ مِمَّنْ آوَى عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ. وَأُمُّ
سَلَمَةَ وَزَيْنَبُ. فَكَانَتْ قِسْمَتُهُ من نفسه وماله
بينهن سواء «5» .
__________
(1) الدر 6/ 631- 634.
(2) الدر 6/ 631- 634.
(3) ابن كثير 6/ 438.
(4) الدر 6/ 635.
(5) الدر 6/ 635.
(10/3145)
لَا يَحِلُّ لَكَ
النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ
أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ
يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52)
17740 - عَنِ ابْنِ شِهَابٍ رَضِيَ
اللَّهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ قَالَ:
هَذَا أَمْرٌ جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَأْدِيبِهِ نِسَاءَهُ لِكَيْ يَكُونَ
ذَلِكَ أَقَرَّ لِأَعْيُنِهِنَّ وَأَرْضَى فِي عَيْشَتِهِنَّ
وَلَمْ نَعْلَمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَرْجَأَ مِنْهُنَّ شَيْئًا وَلا عَزَلَهُ بَعْدَ
أَنْ خَيَرَهُنَّ فَاخْتَرْنَهُ «1» .
17741 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ قَالَ:
تَعْتَزِلُ من تشاء منهن لا تأتيه بِغَيْرِ طَلاقٍ وتؤوي
إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ قَالَ: رُدَّهُ إِلَيْكَ وَمَنِ
ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ أَنْ تؤويه إِلَيْكَ إِنْ شِئْتَ
«2» .
17742 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُمَا
تُرْجِي قَالَ: تُؤَخِّرُ.
17743 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ: لَمْ
يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُطَلِّقُ، كَانَ يَعْتَزِلُ «3» .
17744 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهَا: أَنّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَأْذِنُ
فِي يَوْمِ الْمَرْأَةِ مِنَّا بَعْدَ أَنْ أنزلت هَذِهِ
الْآيَةُ تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ فَقُلْتُ لها: ما كنت
تقولين؟ قال: كُنْتُ أَقُولَ لَهُ: إِنْ كَانَ ذَاكَ إِلَي
فَإِنِّي لَا أَرِيدُ أَنْ أُوثِرَ عَلَيْكَ أَحَدًا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ
17745 - عَنْ زِيَادٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ
لِأَبِي رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ
أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِتْنَ أَمَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ؟ قَالَ: وَمَا
يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ! قُلْتُ: قَوْلُهُ: لا يَحِلُّ لَكَ
النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ فَقَالَ: إِنَّمَا أَحَلَّ لَهُ
ضَرْبًا مِنَ النِّسَاءِ وَوَصَفَ لَهُ صِفَةً فَقَالَ: يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ
إِلَى قَوْلِهِ: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً ثُمَّ قَالَ: لا
يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ هَذِهِ الصِّفَةِ «4» .
17746 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُمَا قَالَ:
«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
عَنْ أَصْنَافِ النِّسَاءِ، إِلا مَا كَانَ مِنَ
الْمُؤْمِنَاتِ الْمُهَاجِرَاتِ قَالَ: لا يَحِلُّ لَكَ
النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ
أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلا ما ملكت يمينك
__________
(1) الدر 6/ 635.
(2) الدر 6/ 635. [.....]
(3) الدر 6/ 635.
(4) الدر/ 638- 639.
(10/3146)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا
أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ
وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ
فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ
كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ
لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ
مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ
أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ
أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا
أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ
عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)
فَأَحَلَّ لَهُ الْفَتَيَاتِ
الْمُؤْمِنَاتِ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ
نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ وَحَرَّمَ كُلَّ ذَاتِ دِينٍ إِلا
الْإِسْلامَ وَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا
أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ إِلَى قَوْلِهِ: خَالِصَةً لَكَ
مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَحَرَّمَ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ
أَصْنَافِ النَّاسِ «1» .
17747 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ لا يَحِلُّ
لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ يَهُودِيَاتٌ وَلا نَصْرَانِيَاتٌ
لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ إِلا
مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ قَالَ: هِيَ الْيَهُودِيَاتُ
وَالنَّصْرَانِيَاتُ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا «2» .
17748 - عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهَا قَالَتْ:
لَمْ يَمُتْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حَتَّى أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنَ
النِّسَاءِ مَا شَاءَ إِلا ذَاتَ مَحْرَمٍ، وَذَلِكَ قَوْلُ
اللَّهِ: تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وتؤوي إِلَيْكَ مَنْ
تَشَاءُ «3» .
17749 - عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ لا يَحِلُّ
لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ قَالَ: مِنَ الْمُشْرِكَاتِ إِلا
مَا سَبَيْتَ فَمَلَكَتْهُ يمينك «4» .
17750 - عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ لا يَحِلُّ
لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ قَالَ: مِنَ الْمُشْرِكَاتِ إِلا
مَا سَبَيْتَ فَمَلَكَتْهُ يَمِينُكَ «5» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ
أَزْوَاجٍ
17751 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ رَضِيَ اللَّهُ،
عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ
أَزْوَاجٍ قَالَ: ذَلِكَ لَوْ طَلَّقَهُنَّ لَمْ يَحِلَّ لَهُ
أَنْ يَتَبَدَّلَ وَقَدْ كَانَ يَنْكِحُ بَعْدَ مَا نَزَلَتْ
هَذِهِ الْآيَةُ مَا شَاءَ، قَالَ: وَنَزَلَتْ وَتَحْتُهُ
تِسْعُ نِسْوَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ بَعْدُ أَمَّ حَبِيبَةَ
رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهَا بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ،
وَجُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ «6» .
17752 - عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ قَالَ: قَصَرَهُ
اللَّهُ عَلَى نِسَائِهِ التِّسْعِ اللاتِي مَاتَ، عَنْهُنَّ
قَالَ عَلِيٌّ: فَأَخْبَرْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ رَضِيَ
اللَّهُ، عَنْهُ، فَقَالَ: لَوْ شَاءَ تَزَوَّجَ غَيْرَهُنَّ
وَلَفَظُ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ فَقَالَ: بَلْ كَانَ لَهُ
أَيْضًا أَنْ يَتَزَوَّجَ غَيْرَهُنَّ «7» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ ...
17753 - عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ: لَمَّا
تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه
__________
(1) الدر 6/ 638- 639.
(2) الدر 6/ 638- 639.
(3) الدر 6/ 638- 639.
(4) الدر 6/ 638- 639.
(5) الدر 6/ 638- 639.
(6) الدر 6/ 638- 639.
(7) الدر 6/ 638- 639.
(10/3147)
وسلم زينب بنت جحش رضي اله، عَنْهَا دَعَا
الْقَوْمَ فَطَعِمُوا ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ، وإذا هو
كأنه يتهيأ للقيام فلم يقولوا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ،
فَلَمَّا قَامَ مَنْ قَامَ وَقَعَدَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ فَجَاءَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَدْخُلَ،
فَإِذَا الْقَوْمُ جُلُوسٌ، ثم إنهم قاموا فانطلقت فجئت فأخبرت
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ قَدِ
انْطَلَقُوا، فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ، فَذَهَبْتُ أَدْخُلَ،
فَأَلْقَى الْحِجَابَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهِ
تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا
بُيُوتَ النَّبِيِّ.... «1» .
17754 - عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ
مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى
بَابَ امْرَأَةٍ عَرَّسَ بِهَا، فَإِذَا، عِنْدَهَا قَوْمٌ،
فَانْطَلَقَ فَقَضَى حَاجَتَهُ فَرَجَعَ وَقَدْ خَرَجُوا
فَدَخَلَ وَقَدْ أَرْخَى بَيْنِي وَبَيْنُهُ سِتْرًا
فَذَكَرْتُهُ لِأَبِي طَلْحَةَ فَقَالَ: لَئِنْ كَانَ كَمَا
تَقُولُ لَيَنْزِلَنَّ فِي هَذَا شَيْءٌ فَنَزَلَتْ آيَةُ
الْحِجَابِ «2» .
17755 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُمَا قَالَ:
«دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَأَطَالَ الْجُلَوسَ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِرَارًا كَي يَتْبَعَهُ
وَيَقُومَ، فَلَمْ يَفْعَلْ، فَدَخَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ،
عَنْهُ فَرَأَى الرَّجُلَ وَعَرَفَ الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهُ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ
إِلَى الرَّجُلِ الْمُقْعَدِ فَقَالَ: لَعَلَّكَ آذَيْتَ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَطِنَ
الرَّجُلُ فَقَامَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
لَقَدْ قُمْتُ مِرَارًا كَيْ يَتْبَعَنِي فَلَمْ يَفْعَلْ،
فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ: لَوِ اتَّخَذَتَ
حِجَابًا، فَإِنَّ نِسَاءَكَ لَسْنَ كَسَائِرِ النِّسَاءِ،
وَهُوَ أَطْهَرُ لِقُلُوبِهِنَّ. فَأَنْزَلَ اللَّهِ تَعَالَى
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ
النَّبِيِّ ... فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ» «3» .
17756 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عُمَرَ،
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ،، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي
كَثِيرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ
آكُلَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم حسيا في
قعب فمر عمر فدعاه فَأَصَابَتْ إِصْبَعَهُ إِصْبَعِي فَقَالَ:
حَسْ أَوْ:
أَوِّهْ لَوْ أُطَاعُ فِيكُنَّ مَا رَأَتْكِ عَيْنٌ فَنَزَلَ
الْحِجَابُ «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلا
مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ
17757 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ قَالَ: غَيْرَ مُتَحَيِّنِينَ
نُضْجَهُ وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ بَعْدَ أَنْ
تَأْكُلُوا «5» .
17758 - عَنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
إناه قال: نضجه «6» .
__________
(1) الدر 6/ 642.
(2) الدر 6/ 642.
(3) الدر 6/ 642.
(4) ابن كثير 6/ 445.
(5) الدر 6/ 642. [.....]
(6) الدر 6/ 642.
(10/3148)
17759 - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو
الْمُظَّفَرِ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ
الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ الْيَشْكَرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ قَالَ: أعْرَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ نِسَائِهِ فَصَنَعَتْ أُمُّ
سُلَيْمٍ حَيْسًا ثُمَّ وَضَعَتْهُ فِي تَوْرٍ فَقَالَتْ:
اذْهَبْ بِهَذَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ،
وَأخْبِرْهُ أَنَّ هَذَا مِنَّا لَهُ قَلَيْلٌ قَالَ أَنَسٌ:
وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ فِي جَهْدٍ فَجِئْتُ بِهِ فَقُلْتُ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، بَعَثَ بِهَذَا أَمُّ سُلَيْمٍ إِلَيْكَ
وَهِيَ تُقْرِئُكَ السَّلامَ وَتَقُولُ: «أَخْبِرْهُ أَنَّ
هَذَا مِنَّا لَهُ قَلِيلٌ» فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:
ضَعْهُ فَوَضَعْتُهُ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، ثُمَّ قَالَ:
اذْهَبْ فَادْعُ لِي فُلانًا وَفُلانًا فَسَمَّى رِجَالًا
كَثِيرًا، وَقَالَ: وَمَنْ لَقِيتَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
فَدَعَوْتُ مَنْ قَالَ لِي، وَمَنْ لَقِيتُ من المسلمين، فجئت
والبت وَالصُّفَّةَ وَالْحُجْرَةَ مَلْأَى مِنَ النَّاسِ
فَقُلتُ: يَا أَبَا عُثْمَانَ كَمْ، كَانُوا؟
فَقَالَ كَانُوا زُهَاءَ ثَلاثِمِائَةٍ قَالَ أَنْسٌ فَقَالَ
لِي رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جِئْ
بِهِ. فَجِئْتُ بِهِ إِلَيْهِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ،
وَدَعَا وَقَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ:
لِيَتَحَلَّقْ عَشَرَةً عَشَرَةً وَلْيُسَمُّوا وَلْيَأْكُلْ
كُلَّ إِنْسَانٍ مِمَّا يَلِيهِ فَجَعِلُوا يُسَمُّونَ
وَيَأْكُلُونَ حَتَّى أَكَلُوا كُلُّهُمْ فَقَالَ لِي رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارْفَعْهُ قَالَ:
فَأَخَذْتُ التَّوْرِ فَمَا أَدْرِي أَهُوَ حِينَ وَضَعْتُ
أَكْثَرَ أَمْ حِينَ أَخَذْتُ؟ قَالَ: وَتَخَلَّفَ رِجَالٌ
يَتَحَدَّثُونَ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ وَزَوْجُ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي دَخَلَ
بِهَا مَعَهُمْ مُولِيَةٌ وَجْهَهَا إِلَى الْحَائِطِ
فَأَطَالُوا الْحَدِيثَ فَشَقُّوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَشَدَّ النَّاسِ
حَيَاءً وَلَوْ أُعْلَمُوا كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ عَزِيزًا،
فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَخَرَجَ فَسَلَّمَ عَلَى حُجَرِهِ وَعَلَى نِسَائِهِ،
فَلَمَّا رَأَوْهُ قَدْ جَاءَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ ثَقَلُوا
عَلَيْهِ، ابْتَدَرُوا بِالْبَابِ فَخَرَجُوا وَجَاءَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَرْخَى
السِّتْرَ وَدَخَلَ الْبَيْتَ وَأَنَا فِي الْحُجْرَةِ
فَمَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي بَيْتِهِ يَسِيرًا وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ
فَخَرَجَ وَهُوَ يَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةُ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا
أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ
إِنَاهُ، وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا، فَإِذَا
طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا إِلَى قَوْلِهِ: بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمًا قَالَ أَنَسٌ: فَقَرَأَهُنَّ عَلَيَّ قَبْلَ
النَّاسِ، فَأَنَا أَحْدَثُ النَّاسِ بِهِنَّ عَهْدًا «1» .
17760 - عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ،
عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ قَالَ:
نزلت في الثقلاء «2» .
__________
(1) ابن كثير 6/ 445.
(2) الدر 6/ 642.
(10/3149)
لَا جُنَاحَ
عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا
إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا
أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا
مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ
كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (55)
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذَا
سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا
17761 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا قَالَ:
أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَلَيْهِنَّ الْحِجَابُ.
17762 - عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا قَالَ:
حَاجَةً «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ
اللَّهُ ...
17763 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُمَا فِي
قَوْلِهِ: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رسول الله ...
قال: نزلت في رَجُلٍ هَمَّ أَنْ يَتَزَوَّجَ بَعْضَ نِسَاءِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ، قَالَ
سُفْيَانُ: ذَكَرُوا أَنَّهَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ،
عَنْهَا «2» .
17764 - عَنْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ
قَالَ: بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنَّ رَجُلًا يَقُولُ: إِنْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجْتُ فُلانَةَ مِنْ
بَعْدِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ يُؤْذِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَ الْقُرْآنُ وَمَا كَانَ لَكُمْ
أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ... «3» .
17765 - عَنِ السُّدِّيِّ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ:
بَلَغَنَا أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ:
أَيَحْجُبُنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ بَنَاتِ عَمِّنَا،
وَيَتَزَوَّجُ نِسَاءَنَا مِنْ بَعْدِنَا لَئِنْ حَدَثَ بِهِ
حَدَثٌ لَنَتَزَوَّجَنَّ نِسَاءَهُ مِنْ بَعْدِهِ. فَنَزَلَتْ
هَذِهِ الْآيَةُ «4» .
17766 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ
سُفْيَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا كَانَ
لَكُمْ أَنْ تؤذوا رسول الله قال: نزلت في رجل هم أَنْ
يَتَزَوَّجَ بَعْضَ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ رَجُلٌ لِسُفْيَانَ: أَهِيَ
عَائِشَةُ؟ قَالَ: قَدْ ذَكَرُوا ذَاكَ «5» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ
17767 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: لا
جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَمَنْ ذَكَرَ مَعَهُنَّ
أَنْ يَرَوْهُنَّ يَعْنِي أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «6» .
__________
(1) الدر 6/ 656.
(2) الدر 6/ 656.
(3) الدر 6/ 656.
(4) الدر 6/ 656.
(5) ابن كثير 6/ 445.
(6) الدر 6/ 656.
(10/3150)
إِنَّ اللَّهَ
وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
(56)
17768 - عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ رَضِيَ
اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ: صلاة الله عليه:، ثناؤه عَلَيْهِ،
عِنْدَ الْمَلائِكَةِ، وَصَلاةُ الْمَلائِكَةِ عَلَيْهِ:
الدُّعَاءُ لَهُ «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ
عَلَى النَّبِيِّ
17769 - عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ
قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ
يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسَلِيمًا قُلْنَا: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا السَّلامَ عَلَيْكَ فَكَيْفَ
الصَّلَاةُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صلى عَلَى
مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى
إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ
مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ،
كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ،
إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» «2» .
17770 - حَدَّثَنَا عَمْرٌو الْأَوْدِيُّ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ،
عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ
الْأَعْمَشُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ: إِنَّ اللَّهَ
وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ قَالَ:
صَلاتُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سُبُّوحٌ قُدُّوُسٌ، سَبَقَتْ
رَحْمَتِي غَضَبِي «3» .
17771 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ أَشْعَثَ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ جَعْفَرٍ يَعْنِي
ابْنَ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالُوا لِمُوسَى عَلَيْهِ
السَّلامُ: هَلْ يُصَلِّي رَبُّكَ؟ فَنَادَاهُ رَبُّهُ:
يَا مُوسَى، سَأْلُوكَ «هَلْ يُصَلِّي رَبُّكَ؟ فَقُلْ:
نَعَمْ، إِنَّمَا أُصَلِّي أَنَا وَمَلائِكَتِي عَلَى
أَنْبِيَائِي وَرُسُلِي. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ
اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ على النبي، يا أيها الذين
آمنوا صلوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا «4» .
17772 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ حَدَّثَنَا
هُشَيْمُ بْنُ هُشَيْمِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي
زِيَادٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى
عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ إِنَّ
اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ على النبي، يا أيها الذين
آمنوا صلوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا قَالَ:
قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا السَّلامَ
فَكَيْفَ الصَّلاةُ عَلَيْكَ، قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ
صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ
عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى
__________
(1) الدر 6/ 656
(2) الدر 6/ 657.
(3) ابن كثير 6/ 447.
(4) ابن كثير 6/ 447.
(10/3151)
إِنَّ الَّذِينَ
يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا
(57)
إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ،
إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى
آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا باركت عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ
إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَكَانَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: وَعَلَيْنَا مَعَهُمْ
«1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ
17773 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُمَا فِي
قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
الْآيَةَ قَالَ: نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ طَعَنُوا عَلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَخَذَ
صفية بنت حي رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهَا «2» .
17774 - عَنْ قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ فِي الْآيَةِ
قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِيمَا يَرْوِي، عَنْ
رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «شَتَمَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ
يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يَشْتُمَنِي وَكَذَّبَنِي وَلَمْ يَنْبَغِ
لَهُ أَنْ يُكَذِّبَنِي فَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ
فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا وَأَنَا الْأَحَدُ
الصَّمَدُ وَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لَنْ
يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأَنِي، قَالَ قَتَادَةُ: إِنَّ كَعْبًا
رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ كَانَ يَقُولُ: يَخْرُجُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، عُنُقٌ مِنَ النَّارِ، فَيَقُولُ: يَا أَيُّهَا
النَّاسُ إِنِّي وُكِّلْتُ مِنْكُمْ بِثَلاثٍ، بِكُلِّ عَزِيزٍ
كَرِيمٍ وَبِكُلِّ جَبَّارٍ، عَنِيدٍ، وَبِمَنْ دَعَا مَعَ
اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَيَلْتَقِطُهُمْ كَمَا يَلْتَقِطُ
الطَّيْرُ الْحَبَّ مِنَ الْأَرْضِ فَتَنْطَوِي عَلَيْهِمْ
فَتَدْخُلُ النَّارَ فَتَخْرُجُ، عُنُقٌ أُخْرَى فَتَقُولُ:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي وُكِّلْتُ مِنْكُمْ بِثَلاثَةٍ
بِمَنْ كَذَّبَ اللَّهَ، وَكَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَآذَى
اللَّهَ، فَأَمَّا مَنْ كَذَّبَ اللَّهَ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ
اللَّهَ لَا يَبْعَثُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَأَمَّا مَنْ كَذَبَ
عَلَى اللَّهِ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ يَتَّخِذُ
وَلَدًا، وَأَمَّا مَنْ آذَى اللَّهَ: فَالَّذِينَ
يُصَوِّرُونَ ولاي يُحْيُونَ فَتَلْقَطُهُمْ كَمَا تَلْقُطُ
الطَّيْرُ الْحَبَّ مِنَ الْأَرْضِ فَتَنْطَوِي عَلَيْهِمْ
فَتَدْخُلُ النَّارَ» «3» .
17775 - عَنْ عِكْرِمَةَ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ:
أَصْحَابُ التَّصَاوِيرِ «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ
17776 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ
وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ قَالَ:
يَقَعُونَ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا يَقُولُ: بِغَيْرِ مَا
عَلِمُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا قال: إثما «5» .
__________
(1) ابن كثير 6/ 449. [.....]
(2) الدر 6/ 657.
(3) الدر 6/ 657.
(4) الدر 6/ 657.
(5) الدر 6/ 657.
(10/3152)
يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ
الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ
ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ
اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)
17777 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ،
عَنْهُ فِي الْآيَةِ قَالَ: يُلْقَى الْجَرَبُ عَلَى أَهْلِ
النَّارِ فَيَحُكُّونَ حَتَّى تَبْدُوَ الْعِظَامُ
فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا بِمَ أَصَابَنَا هَذَا؟ فَيُقَالُ:
بِأَذَاكُمُ الْمُسْلِمِينَ «1» .
17778 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو
كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ عَمَّارِ
بْنِ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ
قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: أَيُّ الرِّبَا أَرْبَى عِنْدَ الله؟
قالوا: الله ورسوله أعلم قال: أربى الربا، عند الله استحلال
عِرْضِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، ثُمَّ قَرَأَ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا
فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا «2» .
17779 - عَنْ قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ فِي الْآيَةِ
قَال: إِيَّاكُمْ وَأَذَى الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّ اللَّهَ
يَحُوطُهُمْ وَيَغْضَبُ لَهُمْ وَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ عُمَرَ
بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَهَا ذَاتَ يَوْمٍ فَأَفْزَعُهُ ذَلِكَ
حَتَّى ذَهَبَ إِلَى أَبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ،
عَنْهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ،
إِنِّي قَرَأْتُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى
فَوَقَعَتْ مِنِّي كُلَّ مَوْقِعٍ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهِ إِنِّي
لاعَاقِبُهُمْ وَأُضْرِبُهُمْ فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ لَسْتَ
مِنْهُمْ، إِنَّمَا أَنْتَ مُعَلِّمٌ «3» .
17780 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهَا قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِأَصْحَابِهِ: «أَيُّ الرِّبَا أَرْبَى، عِنْدَ اللَّهِ؟
قالوا: الله ورسوله أعلم قال: أربى الربا، عند الله استحلال
عرض امْرِئٍ مُسْلِمٍ، ثُمَّ قَرَأَ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكتسبوا «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ
لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ
عليهن من جلابيبهن
17781 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهَا قَالَتْ:
خَرَجَتْ سَوْدَةُ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهَا بَعْدَ مَا ضُرِبَ
الْحِجَابُ لِحَاجَتِهَا وَكَانَتِ امْرَأَةً جَسِيمَةً لَا
تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا، فَرَآهَا عُمَرُ رَضِيَ
اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ: يَا سَوْدَةُ، إِنَّكِ وَاللَّهِ مَا
تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ
فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي، وَإِنَّهُ لِيَتَعَشَّى وَفِي
يَدِهِ عِرْقٌ فَدَخَلَتْ وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
إِنِّي خَرَجْتُ لِبَعْضِ حاجتي فقال لي عمر رضي
__________
(1) الدر 6/ 664.
(2) ابن كثير 6/. 47.
(3) الدر 6/ 664.
(4) الدر 6/ 664.
(10/3153)
اللَّهُ، عَنْهُ: كَذَا ... وَكَذَا
فَأُوحِيَ إِلَيْهِ ثُمَّ رُفِعَ، عَنْهُ وَإِنَّ الْعِرَقَ
فِي يَدِهِ فَقَالَ: انه قد أذن لكن أَنْ تَخْرُجْنَ
لِحَاجَتِكُنَّ.
17782 - عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: كَانَ نِسَاءُ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُنَّ بِاللَّيْلِ
لِحَاجَتِهِنَّ، وَكَانَ نَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ
يَتَعَرَّضُونَ لَهُنَّ فَيُؤْذَيْنَ فَقِيلَ ذَلِكَ
لِلْمُنَافِقِينَ فَقَالُوا: إِنَّمَا نَفْعَلُهُ بِالْإِمَاءِ
فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَا أيها النَّبِيُّ قُلْ
لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ
عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ
يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ فَأَمَرَ بِذَلِكَ حَتَّى عُرِفُوا
مِنَ الْإِمَاءِ «1» .
17783 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُمَا فِي
هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: أَمَرَ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ
إِذَا خَرَجْنَ مِنْ بُيُوتِهِنَّ فِي حَاجَةٍ أَنْ يُغَطِّينَ
وجوههن من فوق رؤوسهن بِالْجَلابِيبِ، يُبْدِينَ عَيْنًا
وَاحِدَةً «2» .
17784 - عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهَا قَالَتْ:
لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآية يدنين عليهن من جلابيبهن خرج
نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من أكسية سُودٍ
يَلْبَسْنَهَا «3» .
17785 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الطِّهْرَانِيُّ
فِيمَا كَتَبَ إلي حَدَّثَنَا عَبْد الرّزّاق أخبرنا مُعَمَّر،
عن ابن خثيم، عن صفية بِنْت شَيْبَة، عن أم سَلَمَة قَالَتْ:
لمّا نزلت هذه الآية يدنين عليهن من جلابيبهن خرج نساء الأنصار
كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها
«4» .
17786 - حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنِي
اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ:
وَسَأَلْنَاهُ يَعْنِي الزُّهْرِيَّ هَلْ عَلَى الْوُلَيْدَةِ
خِمَارٌ مُتَزَوِّجَةٌ أَوْ غَيْرُ مُتَزَوِّجَةٍ؟ قَالَ:
عَلَيْهَا الْخِمَارُ إِنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً، وَتُنْهَى
عَنِ الْجِلْبَابِ، لِأَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُنَّ أَنْ
يَتَشَبَّهْنَ بِالْحَرَائِرِ إِلا مُحَصَنَاتٍ: وَقَدْ قَالَ
اللَّهُ تَعَالَى يا أيها النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ
وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ
مِنْ جَلابِيبِهِنَّ «5» .
17787 - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ
قَالَ: سَأَلْتُ عبيدة رضي الله،
__________
(1) الدر 6/. 66.
(2) الدر 6/. 66.
(3) الدر 6/. 66.
(4) ابن كثير 6/ 471.
(5) ابن كثير 6/ 471.
(10/3154)
لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ
الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ
وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ
ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60)
عَنْهُ، عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ يُدْنِينَ
عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ فَرَفَعَ مِلْحَفَةً كَانَتْ
عَلَيْهِ فَقُنِّعَ بِهَا، وَغَطَّى رَأْسَهُ كُلَّهُ حَتَّى
بَلَغَ الْحَاجِبَيْنِ وَغَطَّى وَجْهَهُ وَأَخْرَجَ عَيْنَهُ
الْيُسْرَى مِنْ شِقِّ وَجْهِهِ وَالْأَيْسَرُ مِمَّا يَلِي
الْعَيْنِ.
17788 - عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي الْآيَةِ
قَالَ: كَانَ أُنَاسٌ مِنْ فُسَّاقِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
بِاللَّيْلِ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلامُ، يَأْتُونَ إِلَى
طُرُقِ الْمَدِينَةِ فَيَتَعَرَّضُونَ لِلنِّسَاءِ، وَكَانَتْ
مَسَاكِنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ضَيِّقَةً فَإِذَا كَانَ
اللَّيْلُ خَرَجَ النِّسَاءُ إِلَى الطُّرُقِ، فَيَقْضِينَ
حَاجَتَهُنَّ، فَكَانَ أُولَئِكَ الْفُسَّاقُ يَتْبَعُونَ
ذَلِكَ مِنْهُنَّ، فَإِذَا رَأَوُا امْرَأَةً عَلَيْهَا
جِلْبَابٌ قَالُوا: هَذِهِ حُرَّةٌ فَكُفُّوا، عَنْهَا،
وَإِذَا رَأَوُا الْمَرْأَةَ لَيْسَ عَلَيْهَا جِلْبَابٌ
قَالُوا: هَذِهِ أَمَةٌ فَوَثَبُوا عَلَيْهَا «1» .
17789 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ في
قَوْلِهِ: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ قَالَ:
يُسْدِلْنَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ وَهُوَ الْقِنَاعُ
فَوْقَ الْخِمَارِ وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمَةٍ أَنْ يَرَاهَا
غَرِيبٌ إِلا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا الْقِنَاعَ فَوْقَ
الْخِمَارِ، وَقَدْ شَدَّتْ بِهِ رَأْسَهَا وَنَحْرَهَا «2» .
17790 - عَنْ عِكْرَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ فِي الْآيَةِ:
تُدْنَي الْجِلْبَابَ حَتَّى لَا يُرَى ثَغْرَةُ نَحْرِهَا «3»
.
17791 - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ
قَالَ: سألت عبيدا السماني رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ، عَنْ
قَوْلِ اللَّهِ: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ
فَتَقَنَّعَ بِمِلْحَفَةٍ فَغَطَّى رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ
وَأَخْرَجَ إِحْدَى عَيْنَيْهِ «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ
وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ... الآية
17792 - عَنْ قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ فِي الْآيَةِ
قَالَ «الْإِرْجَافُ» الْكَذِبُ الَّذِي كَانَ يُذِيعُهُ
أَهْلُ النِّفَاقِ وَيَقُولُونَ: قَدْ أَتَاكُمْ عَدَدٌ
وَعُدَّةٌ وَذَكَرَ لَنَا: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ أَرَادُوا
أَنْ يُظْهِرُوا مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ النِّفَاقِ
فَأَوْعَدَهُمُ اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ لَئِنْ لَمْ
يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ
... إِلَى قَوْلِهِ: لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ أَيْ
لَنَحْمِلَنَّكَ عَلَيْهِمْ، وَلَنُحْرِشَنَّكَ بِهِمْ،
فَلَمَّا أَوْعَدَهُمُ اللَّهُ بِهِذِهِ الْآيَةِ كَتَمُوا
ذَلِكَ وَأَسَرُّوهُ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا
قَلِيلًا أَيْ بِالْمَدِينَةِ مَلْعُونِينَ قَالَ: عَلَى كُلِّ
حَالٍ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وقتلوا تقتيلا
__________
(1) الدر 6/ 662. [.....]
(2) الدر 6/ 662.
(3) الدر 6/ 662.
(4) الدر 6/ 662.
(10/3155)
قَالَ: إِذَا هُمْ أَظْهَرُوا النِّفَاقَ
سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ يَقُولُ:
هَكَذَا سُنَّةُ اللَّهِ فِيهِمْ إِذَا أَظْهَرُوا النِّفَاقَ
«1» .
17793 - عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ
قَالَ: سَأَلْتُ عِكْرَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ، عَنْ
قَوْلِ اللَّهِ: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ
وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ قَالَ: أَصْحَابُ
الْفَوَاحِشِ.
17794 - عَنْ عَطَاءٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ قَالَ:
أَصْحَابُ الْفَوَاحِشِ «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ فِي قلوبهم مرض
17795 - عَطَاءٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ قَالَ:
كَانُوا مُؤْمِنِينَ، وَكَانَ فِي أَنْفُسِهِمْ أَنْ يَزْنُوا
«3» .
17796 - عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ قَالَ:
كَانَ النِّفَاقُ عَلَى ثَلاثَةِ وَجُوهٍ. نِفَاقٌ مِثْلُ
نِفَاقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَبْتَلٍ، وَمَالِكِ بْنِ
دَاعِسٍ، فَكَانَ هَؤُلاءِ وُجُوهًا مِنْ وُجُوهِ
الْأَنْصَارِ، فَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَأْتُوا
الزِّنَا يصونون بِذَلِك أنفسهم والذين فِي قلوبهم مرض قَالَ:
الزنا إِنْ وَجَدُوهُ عَمِلُوهُ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْوهُ لَمْ
يَبْتَغُوهُ. وَنِفَاقٌ يُكَابِرُونَ النِّسَاءَ مُكَابَرَةٌ،
وَهُمْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَانُوا يُكَابِرُونَ النِّسَاءَ
لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ يَقُولُ: لَنُعْلِمَنَّكَ بِهِمْ،
ثُمَّ قَالَ: مَلْعُونِينَ ثُمَّ فَصَّلَهُ فِي الْآيَةِ
أَيْنَمَا ثُقِفُوا يَعْمَلُونَ هَذَا الْعَمَلَ مُكَابَرَةَ
النِّسَاءِ أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا قَالَ السُّدِّيُّ
رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ، هَذَا حُكْمٌ فِي الْقُرْآنِ لَيْسَ
يُعْمَلُ بِهِ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ
اقْتَصُّوا أَثَرَ امْرَأَةٍ فَغَلَبُوهَا عَلَى نَفْسِهَا،
فَفَجَرُوا بِهَا كَانَ الْحُكْمُ فِيهِمْ غَيْرَ الْجَلْدِ
وَالرَّجْمِ أَنْ يُؤْخَذُوا فَتُضْرَبَ أَعْنَاقُهُمْ سُنَّةَ
اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ كَانَ
يُفْعَلُ بِمَنْ مَضَى مِنَ الْأُمَمِ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ
اللَّهِ تَبْدِيلًا قَالَ: فَمَنْ كَابَرَ امْرَأَةً عَلَى
نَفْسِهَا فَغَلَبَهَا فَقُتِلَ، فَلَيْسَ عَلَى قَاتِلِهِ
دِيَةٌ، لِأَنَّهُ مُكَابِرٌ «4» .
17797 - عن ابن عباس رضي الله، عنهما في قوله: لنغرينك بهم
قال:
لنسلطنك عليهم «5» .
__________
(1) الدر 6/ 662- 663.
(2) الدر 6/ 662- 663.
(3) الدر 6/ 662- 663.
(4) الدر 6/ 662- 663.
(5) الدر 6/ 662- 663.
(10/3156)
يَسْأَلُكَ النَّاسُ
عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا
يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (63)
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا يُدْرِيكَ
17798 - عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ رَضِيَ اللَّهُ،
عَنْهُ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ وَمَا يُدْرِيكَ
فَلَمْ يُخْبِرْهُ بِهِ، وَمَا كَانَ «مَا أَدْرَاكَ» فَقَدْ
أَخْبَرَهُ «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا
وَكُبَرَاءَنَا
17799 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا اي رؤسنا فِي الشَّرِّ
وَالشِّرْكِ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ
يَعْنِي بِذَلِكَ جَهَنَّمَ «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ
17800 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا
سِتِّيرًا لَا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ
فَآذَاهُ مَنْ أذَاهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقَالُوا مَا
يَسْتَتِرُ هَذَا السِّتْرَ إِلا مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ
إِمَّا بَرَصٌ وَإِمَّا أُدْرَةٌ وَإِمَّا آفَةٌ وَإِنَّ
اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا وَإِنَّ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ خَلا يَوْمًا وَحْدَهُ فَوَضَعَ
ثِيَابَهُ عَلَى حَجَرٍ، ثُمَّ اغْتَسَلَ فَلَمَّا فَرَغَ
أَقْبَلَ إِلَى ثِيَابِهِ لِيَأْخُذَهَا وَإِنَّ الْحَجَرَ
عَدَا بِثَوْبِهِ فَأَخَذَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ عَصَاهُ
وَطَلَبَ الْحَجَرَ فَجَعَلَ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرُ ثَوْبِي
حَجَرُ! حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَلا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ
فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ
وَأَبْرَأَهُ مِمَّا يَقُولُونَ، وَقَامَ الْحَجَرُ فَأَخَذَ
ثَوْبَهُ فَلَبِسَهُ وَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا بِعَصَاهُ
فو الله إِنَّ بِالْحَجَرِ لَنَدْبًا مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ
ثَلاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا فَذَلِكَ قَوْلُهُ: يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا
مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مُمَّا قَالُوا «3» .
17801 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُمَا، عَنْ
عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ فِي
قَوْلِهِ: لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى قَالَ:
صَعِدَ مُوسَى وَهَارُونُ الْجَبَلَ فَمَاتَ هَارُونُ عَلَيْهِ
السَّلامُ، فَقَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى عَلَيْهِ
السَّلامُ: أَنْتَ قَتَلْتَهُ كَانَ أَشَدَّ حُبًّا لَنَا
مِنْكَ وَأَلْيَنَ فَآذَوْهُ مِنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَ اللَّهُ
الْمَلائِكَةَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فَحَمَلَتْهُ فَمَرُّوا
بِهِ عَلَى مَجَالِسِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَتَكَلَّمَتِ
الْمَلائِكَةُ عَلَيهِمُ السَّلامُ بِمَوْتِهِ فَبَرَّأَهُ
اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، فَانْطَلَقُوا بِهِ فَدَفَنُوهُ، وَلَمْ
يَعْرَفْ قَبْرُهُ إِلا الرَّخَمُ وَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ
أصم أبكم.
__________
(1) الدر 6/ 664- 665.
(2) الدر 6/ 664- 665.
(3) الدر 6/ 664- 665.
(10/3157)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا
سَدِيدًا (70)
17802 - حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ
الْعَوَّامِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ حَدَّثَنَا
الْحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُمْ فِي
قَوْلِهِ: فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا قَالَ: صَعِدَ
مُوسَى وَهَارُونُ الْجَبَلَ فَمَاتَ هَارُونُ عليه السلام
فقال بنوا إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ: أَنْتَ
قَتَلْتَهُ، كَانَ أَلْيَنَ لَنَا مِنْكَ وَأَشَدَّ حَيَاءً
فَآذَوْهُ مِنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْمَلائِكَةَ
فَحَمَلَتْهُ فَمَرُّوا بِهِ عَلَى مَجَالِسِ بَنِي
إِسْرَائِيلَ فَتَكَلَّمَتْ بِمَوْتِهِ فَمَا عَرَفَ مَوْضِعَ
قَبْرِهُ إِلا الرَّخَمُ وَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ أَصَمَّ
أَبْكَمَ «1» .
17803 - عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ:
قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَسَمًا فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هِذِهِ لَقِسْمَةً مَا أُرِيدَ
بِهَا وَجْهَ اللَّهِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحْمَرَّ وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ:
«رَحْمَةُ اللَّهُ عَلَى مُوسَى لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ
مِنْ هَذَا فَصَبَرَ» «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكَانَ، عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا
17804 - عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَكَانَ، عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا قَالَ:
مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ «3» .
17805 - عَنْ سِنَانٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ فِي قَوْلِهِ:
وَكَانَ، عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا قَالَ:
مَا سَأَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ رَبَّهُ شَيْئًا قَطُّ
إِلا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ إِلا النَّظَرَ «4» .
17806 - عَنِ أََبِِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ،
عَنْهُ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الظُّهْرِ، ثُمَّ قَالَ «عَلَى
مَكَانِكُمُ اثْبُتُوا، ثُمَّ أَتَى الرِّجَالَ فَقَالَ: إِنَّ
اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ آمُرَكُمْ أَنْ تَتَّقُوا اللَّهَ
وَأَنْ تَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ
فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ آمُرَكُنَّ أَنْ
تَتَّقِينَ اللَّهَ وَأَنْ تَقُلْنَ قَوْلًا سَدِيدًا» «5» .
17807 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
قَوْلًا سَدِيدًا قَالَ: عَدْلًا «6» .
17808 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
قَوْلًا سَدِيدًا قَالَ: سَدَادًا «7» .
17809 - عَنْ عِكْرِمَةَ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا قَالَ:
قَولُوا: لا إله إلا الله «8» .
__________
(1) ابن كثير 6/ 474.
(2) الدر 6/ 667.
(3) الدر 6/ 667. [.....]
(4) الدر 6/ 667.
(5) الدر 6/ 667.
(6) الدر 6/ 669.
(7) الدر 6/ 669.
(8) الدر 6/ 669.
(10/3158)
إِنَّا عَرَضْنَا
الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ
فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا
وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا
(72)
قوله تعالى: إنا عرضنا الأمانة ... الآية
17810 - عن ابن عباس رضي الله، عنهما فِي قَوْلِهِ: إِنَّا
عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ الْآيَةَ قَالَ: الْأَمَانَةَ،
الْفَرَائِضَ، عَرَضَهَا اللَّهُ عَلَى السموات وَالْأَرْضِ
وَالْجِبَالِ إِنْ أَدَّوْهَا أَثَابَهُمْ، وَإِنْ ضَيَّعُوهَا
عَذَّبَهُمْ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَأَشْفَقُوا مِنْ غَيْرِ
مَعْصِيَةٍ، وَلَكِنْ تَعْظِيمًا لِدِينِ اللَّهِ أَنْ لَا
يَقُومُوا بِهَا، ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَى آدَمَ فَقَبِلَهَا
بِمَا فِيهَا وَهُوَ قَوْلُهُ وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ
إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا يَعْنِي غُرًّا بِأَمْرِ
اللَّهِ «1» .
17811 - عَنِ أَبِي الْعَالِيَةِ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي
قَوْلِهِ: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ قَالَ: الأَمَانَةُ: مَا أُمِرُوا بِهِ وَنُهُوا،
عَنْهُ وَفِي قَوْلِهِ: وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ قَالَ: آدَمُ
«2» .
17812 - قَال: إِنَّ اللَّهَ عَرَضَ الْأَمَانَةَ عَلَى
السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَأَبَتْ، ثُمَّ الَّتِي تَلِيهَا
حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، ثُمَّ الْأَرْضِ ثُمَّ الْجِبَالِ،
ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقَالَ:
نَعَمْ. بَيْنَ أُذُنِي وَعَاتِقِي قَالَ اللَّهُ: «فَثَلاثٌ
آمُرُكَ بِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ لَكَ عَوْنٌ إِنِّي جَعَلْتُ
لَكَ بَصَرًا وَجَعَلْتُ لَكَ شَفْرَتَيْنِ فَفُضَّهُمَا، عَنْ
كُلِّ شَيْءٍ نَهَيْتُكَ، عَنْهُ وَجَعَلْتُ لَكَ لِسَانًا
بَيْنَ لِحْيَيْنِ فَكُفَّهُ، عَنْ كُلِّ شَيْءٍ نَهَيْتُكَ،
عَنْهُ، وَجَعَلْتُ لَكَ فَرْجًا وَوَارَيْتُهُ فَلا
تَكْشِفْهُ إِلَى مَا حَرَّمْتُ عَلَيْكَ» «3» .
17813 - عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي
الْآيَةِ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خلق
السموات وَالْأَرْضَ وَالْجِبَالَ قَالَ: إِنِّي فَارِضٌ
فَرِيضَةً وَخَالِقٌ جَنَّةً وَنَارًا وَثَوَابًا لِمَنْ
أَطَاعَنِي وَعِقَابًا لِمَنْ عَصَانِي، فَقَالَتِ السَّمَاءُ:
خَلَقَنِي فَسُخِّرَتْ فِيَّ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ
وَالنُّجُومُ وَالسَّحَابُ وَالرِّيحُ وَالْغُيُوبُ، فَأَنَا
مُسَخَّرَةٌ عَلَى مَا خَلَقَنِي لَا أَتَحَمَّلُ فَرِيضَةً
وَلا أَبْغِي ثَوَابًا وَلا عِقَابًا، وَقَالَتِ الْأَرْضُ:
خَلَقْتَنِي وَسَخَّرْتَنِي وَفَجَّرْتَ فِيَّ الْأَنْهَارَ
فَأَخْرَجْتَ مِنِّي الثِّمَارَ وَخَلَقَتْنِي لِمَا شِئْتَ
فَأَنَا مُسَخَّرَةٌ عَلَى مَا خَلَقْتَنِي لَا أَتَحَمَّلُ
فَرِيضَةً وَلا أَبْغِي ثَوَابًا وَلا عِقَابًا، وَقَالَتِ
الْجِبَالُ: خَلَقْتَنِي رَوَاسِيَّ الْأَرْضِ فَأَنَا عَلَى
مَا خَلَقْتَنِي لَا أَتَحَمَّلُ فَرِيضَةً، وَلا أَبْغِي
ثَوَابًا وَلا عِقَابًا، فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَرَضَ
عَلَيْهِ فَحَمَلَهُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا ظُلْمَهُ نَفْسَهُ
فِي خَطِيئَتِهِ جَهُولًا بِعَاقِبَةِ ما تحمل» «4» .
__________
(1) الدر 6/ 669.
(2) الدر 6/ 669.
(3) الدر 6/ 669.
(4) الدر 6/ 670.
(10/3159)
17814 - حَدَّثَنَا أَبِي ثنا هَارُونُ
بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ الْمُوْصِلِيُّ
حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ
بْنِ أَسْلَمَ فِي هَذِهِ الْآيةِ إِنَّا عَرَضْنَا
الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ والأرض والجبال فقال
الإنسان: بين أذني وهاتفي، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنِّي
مُعِينُكَ عَلَيْهَا، أَيْ: مُعِينُكَ بِطَبَقَتَيْنِ، فَإِذَا
نَازَعَاكَ إِلَى مَا أَكْرَهُ فَأَطْبِقْ، وَمُعِينُكَ عَلَى
لِسَانِكَ بِطَبَقَتَيْنِ فَإِذَا نَازَعَكَ إِلَى مَا
أَكْرَهُ فَأَطْبِقْ، وَمُعِينُكَ عَلَى فَرْجِكَ بِلِبَاسٍ
فَلا تَكْشِفْهُ إِلَى مَا أَكْرَهُ «1» .
17815 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي الْآيَةِ
قَالَ: لما خلق الله السموات وَالْأَرْضَ وَالْجِبَالَ، عَرَضَ
الْأَمَانَةَ عَلَيْهِنَّ فَلَمْ يَقْبَلُوهَا، فَلَمَّا
خَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ عَرَضَهَا عَلَيْهِ قَالَ:
يَا رَبُّ، وَمَا هِيَ؟ قَالَ: هِيَ إِنْ أَحْسَنْتَ
أَجَرْتُكَ وَإِنْ أَسَأْتَ عَذَّبْتُكَ قَالَ: فَقَدْ
تَحَمَّلْتُ يَا رَبُّ قَالَ: فَمَا كَانَ بَيْنَ أَنْ
تَحَمَّلَهَا إِلَى أَنْ أُخْرَجَ إِلا قَدْرُ مَا بَيْنَ
الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ «2» .
17816 - عَنِ ابْنِ أَضْشُوعٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: عَرَضَ
عَلَيْهِنَّ الْعَمَلَ وَجَعَلَ لَهُنَّ الثَّوَابَ
فَضَجَّجْنَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ، فَقُلْنَ:
رَبَّنَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِالْعَمَلِ وَلا نريد الثواب «3»
.
17817 - عن أبي كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مِنَ
الأَمَانَةَ أَنِ ائْتُمِنَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى فَرْجِهَا «4»
.
__________
(1) ابن كثير 6/ 478.
(2) الدر 6/ 671.
(3) الدر 6/ 671.
(4) الدر 6/ 671.
(10/3160)
|