تفسير ابن أبي
حاتم محققا يَعْلَمُ مَا يَلِجُ
فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ
السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ
الْغَفُورُ (2)
سورة سَبَأٍ
34
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فَي الْأَرْضِ
17868 - عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ قَالَ:
مِنَ الْمَطَرِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا قَالَ: مِنَ النَّبَاتِ
وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ قَالَ: الْمَلائِكَةُ وَمَا
يَعْرُجُ فِيهَا قَالَ: الْمَلائِكَةُ «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: بَلَى وَرَبِّي
17869 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ قَالَ:
مَغْفِرَةٌ لِذُنُوبِهِمْ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ فِي الْجَنَّةِ
وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ قَالَ: أَيْ
لَا يَعْجَزُونَ، وَفِي قَوْلِهِ: أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ
مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ قَالَ: الرِّجْزُ هُوَ الْعَذَابُ
الْأَلِيمُ الْمُوجِعُ وَفِي قَوْلِهِ: وَيَرَى الَّذِينَ
أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ
هُوَ الْحَقَّ قَالَ: أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ
17870 - عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: وَيَرَى الَّذِينَ
أُوتُوا الْعِلْمَ قَالَ: الَّذِينَ أُوتُوا الْحِكْمَةَ مِنْ
قَبْلُ قَالَ: يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
«3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى
رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ ... الآية
17871 - عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَقَالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ قَالَ:
قَالَ ذلك مشركوا قُرَيْشٍ إِذَا مُزِّقَتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ
يَقُولُ: إِذَا أَكَلَتْكُمُ الْأَرْضُ وَصِرْتُمْ عِظَامًا
وَرُفَاتًا. وَتَقَطَّعَتْكُمُ السِّبَاعُ وَالطَّيْرُ
إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ إِنَّكُمْ سَتُحْيَوْنَ
وَتُبْعَثُونَ قَالُوا: ذَلِكَ تَكْذِيبًا بِهِ أَفْتَرَى
عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ قَالَ:
قَالُوا: إِمَّا أَنْ يَكُونَ يَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ،
وَإِمَّا أن يكون مجنونا
__________
(1) الدر 6/ 674. [.....]
(2) الدر 6/ 674.
(3) الدر 6/ 674.
(10/3161)
وَلَقَدْ آتَيْنَا
دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ
وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10)
أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
قَالَ: إِنَّكَ إِنْ نَظَرْتَ عَنْ يَمِينِكَ، وَعَنْ شمالك
ومن بَيْنَ يَدَيْكَ وَمِنَ خَلْفِكَ رَأَيْتَ السَّمَاءَ
وَالْأَرْضَ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرَضَ كَمَا
خَسَفْنَا بِمَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ
كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ أَيْ قَطْعًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ
يَشَأْ يُعَذِّبُ بِسَمَائِهِ فَعَلَ، وَإِنْ يَشَأْ يُعَذِّبُ
بِأَرْضِهِ فَعَلَ، وَكُلُّ خَلْقِهِ لَهُ جُنْدٌ قَالَ
قَتَادَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَكَانَ الْحَسَنُ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: إِنَّ الزَّبَدَ لَمِنْ جُنُودِ
اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لايَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ قَالَ
قَتَادَةُ: تَائِبٌ مُقْبِلٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ «1»
.
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ
17872 - عن ابن زيد رضي الله عنه في قَوْلِهِ: يَا جِبَالُ
أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ أَيْضًا يَعْنِي يُسَبِّحُ مَعَهُ
الطَّيْرُ «2» .
17873 - عَنِ ابْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ
قَرَأَ الطَّيْرَ بِالنَّصْبِ بِجُمْلَةِ قَالَ:
سَخَّرْنَا لَهُ الطَّيْرَ «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ
17874 - عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ يَصِيرُ فِي يَدِهِ مِثْلَ
الْعَجِينِ، فَيَصْنَعُ مِنْهُ الدُّرُوعَ «4» .
17875 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا في
قَوْلِهِ: وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ قَالَ:
حِلَقُ الْحَدِيدِ «5» .
17876 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ قَالَ: السَّرْدُ:
الْمَسَامِيرُ الَّتِي فِي الْحِلَقِ «6» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا
شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ
17877 - عَنِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ
سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمَّا شَغَلَتُهُ الْخَيْلُ
فَاتَتْهُ صَلاةُ الْعَصْرِ غَضِبَ لِلَّهُ فَعَقَرَ
الْخَيْلَ، فَأَبْدَلَهُ اللَّهُ مَكَانَهَا خَيْرًا مِنْهَا
وَأَسْرَعَ: الرِّيِحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ كَيْفَ شَاءَ
فَكَانَ غَدُوُّهَا شَهْرًا، وَرُوَاحُهَا شَهْرًا وَكَانَ
يَغْدُو مِنْ إِيلْيَا فَيَقِيلُ بِقَرِيرَا وَيَرُوحُ مِنْ
قَرِيرَا فَيْبِيتُ بكابل «7» .
__________
(1) الدر 6/ 674.
(2) الدر 676- 677.
(3) الدر 676- 677.
(4) الدر 676- 677.
(5) الدر 676- 677.
(6) الدر 676- 677.
(7) الدر 6/ 677- 679.
(10/3162)
يَعْمَلُونَ لَهُ مَا
يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ
وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا
وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَعْمَلُونَ لَهُ مَا
يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ
17878 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
مِنْ مَحَارِيبَ قَالَ: بُنْيَانٌ دُونَ الْقُصُورِ
وَتَمَاثِيلَ قَالَ: مِنْ نُحَاسٍ وَجِفَانٍ قَالَ: صِحَافٌ
كَالْجَوَابِ قَالَ:
الْجَفْنَةُ مِثْلُ الْجَوْبَةِ مِنَ الْأَرْضِ وَقُدُورٍ
رَاسِيَاتٍ قَالَ: عِظَامٌ «1» .
17879 - عَنْ عَطَيَّةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ فِي الْآيَةِ
قَالَ: «الْمَحَارِيبِ» الْقُصُورُ «وَالتَّمَاثِيلُ» الصُّورُ
وجفان كالجواب قال: كالجوبة مِنَ الْأَرْضِ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ
جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
مِنْ مَحَارِيبَ قَالَ: قُصُورٌ، ومساجد وَتَمَاثِيلَ قَالَ:
مِنْ رُخَامٍ وَشِبْهَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ كَالحِيَاضِ
وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ قَالَ: ثَابِتَاتٌ لَا يِزِلْنَ عَنْ
مَكَانِهِنَّ كُنَّ يُرَيْنَ بِأَرْضِ الْيَمَنِ «2» .
17880 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما في قوله:
وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ قَالَ:
كَالْجَوَيَةِ مِنَ الْأَرْضِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ قَالَ:
أَثَافِيهَا مِنْهَا «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا
17881 - عَنْ ثَابِتِ اللُّبْنَانِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السلام جزء الصَّلاةَ
عَلَى بُيُوتِهِ عَلَى نِسَائِهِ وَوَلَدِهِ، فَلَمْ تَكُنْ
تَأْتِي سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِلا وَإِنْسَانٌ
قَائِمٌ مِنْ آلِ دَاوُدَ يُصَلِّي، فَعَمَّتْهُمْ هَذِهِ
الْآيَةُ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ
عِبَادِيَ الشَّكُورُ «4» .
17882 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
داوود لِسُلَيْمَانَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ: قَدْ ذَكَرَ
اللَّهُ الشُّكْرَ فَاكْفِنِي قِيَامَ النَّهَارِ «5» .
17883 - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: الشُّكْرُ، تَقْوَى الله والعمل بطاعته
«6» .
__________
(1) الدر 6/ 677- 679.
(2) الدر 6/ 677- 679.
(3) الدر 6/ 677- 679.
(4) الدر 6/ 677- 679.
(5) الدر 6/ 680 [.....]
(6) الدر 6/ 680
(10/3163)
فَلَمَّا قَضَيْنَا
عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا
دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ
تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ
مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمَّا قَضَيْنَا
عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا
دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ
تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمَونَ الْغَيْبَ
مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ
17884 - عَنْ السُّدِّيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ
سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَخْلُو فِي بَيْتِ
الْمَقْدِسِ السُّنَّةَ وَالسُّنَّتَيْنِ، وَالشَّهْرَ
وَالشَّهْرَيْنَ، وَأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَرَ،
وَيُدْخِلُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَأَدْخَلَهُ فِي
الْمَرَّةِ التي مات فيها، وكان بدئ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ
يَكُنْ يَوْمًا يُصْبِحُ فِيهِ إِلا نَبَتَتْ فِي بِيْتِ
الْمَقْدِسِ شَجَرَةٌ، فَيَأْتِيهَا فَيَسْأَلُهَا مَا
اسْمُكِ؟ فَتَقُولُ الشَّجَرَةُ اسْمِي كَذَا وَكَذَا ...
فَيَقُولُ لَهَا: لايِّ شَيْءٍ نَبَتِّ؟ فَتَقُولُ: نَبَتُّ
لِكَذَا وَكَذَا ... فَيَأْمُرُ بِهَا فَتُقْطَعُ. فَإِنْ
كَانَتْ نَبَتَتْ لِغَرْسٍ غَرَسَهَا، وَإِنْ كَانَتْ نَبَتَتْ
دَوَاءً قَالَتْ: نَبَتُّ دَوَاءً لِكَذَا وَكَذَا ...
فَيَجْعَلُهَا لِذَلِكَ حَتَّى نَبَتَتْ شَجَرَةٌ يُقَالُ
لَهَا الْخَرْنُوبَةُ قَالَ لَهَا: لايِّ شَيْءٍ نَبَتِّ؟
قَالَتْ: نَبَتُّ لِخَرَابِ هَذَا الْمَسْجِدِ، فَقَالَ
سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ: مَا كَانَ اللَّهُ
لَيُخْرِبَهُ وَأَنَا حَيٌّ! أَنْتِ الَّذِي عَلَى وَجْهِكِ
هَلاكِي، وَخَرَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَنَزَعَهَا
فَغَرَسَهَا فِي حَائِطٍ لَهُ، ثُمَّ دَخَلَ الْمِحْرَابَ،
فَقَامَ يُصَلِّي مُتَّكِئًا عَلَى عَصًا، فَمَاتَ وَلا
تَعْلَمُ بِهِ الشَّيَاطِينُ فِي ذَلِكَ، وَهُمْ يَعْمَلُونَ
لَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَخْرُجَ فَيُعَاقِبَهُمْ.
وَكَانَتِ الشَّيَّاطِينُ حَوْلَ الْمِحْرَابِ يَجْتَمِعُونَ،
وَكَانَ الْمِحْرَابُ لَهُ كُوًا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ
خَلْفِهِ، وَكَانَ الشَّيَّطَانُ الْمَرِيدُ الَّذِي يُرِيدُ
أَنْ يَخْلَعَ يَقُولُ: أَلَسْتُ جَلِيدًا؟ إِنْ دَخَلْتُ
فَخَرَجْتُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ، فَيَدْخُلُ حَتَّى
يَخْرُجُ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَدَخَلَ شَيْطَانٌ مِنْ
أُولَئِكَ، فَمَرَّ وَلَمْ يَكُنْ شَيْطَانٌ يَنْظُرُ إِلَى
سُلَيْمَانَ إِلا احْتَرَقَ، فَمَرَّ وَلَمْ يَسْمَعْ صَوْتَ
سُلَيْمَانَ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَمْ يَسْمَعْ صَوْتَهُ، ثُمَّ
عَادَ فَلَمْ يَسْمَعْ، ثُمَّ رَجَعَ فَوَقَعَ فِي الْبَيْتِ
وَلَمْ يَحْتَرِقْ، وَنَظَرَ إِلَى سُلَيْمَانَ قَدْ سَقَطَ
مَيْتًا فَخَرَجَ فَأَخْبَرَ النَّاسَ: إِنَّ سُلَيْمَانَ قَدْ
مَاتَ، فَفَتَحُوا عَنْهُ فَأَخْرَجُوهُ، فَوَجَدُوا
مِنْسَأَتَهُ- وَهِيَ الْعَصَا بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ- قد
أكلتها الأرض وَلَمْ يَعْلَمُوا مُنْذُ كَمْ مَاتَ فَوَضَعُوا
الْأَرَضَةَ على العصا فأكلت منها يوم وَلَيْلَةً ثُمَّ
حَسَبُوا عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ فَوَجَدُوا قَدْ مَاتَ مُنْذُ
سَنَةٍ وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مُسْعُودٍ «فَمَكَثُوا
يَدِينُونَ لَهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ حَوْلًا كَامِلًا»
فَأَيْقَنَ النَّاسُ عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْجِنَّ كَانُوا
يَكْذِبُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ عَلِمُوا الْغَيْبَ لَعَلِمُوا
بِمَوْتِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَلَمَا لَبِثُوا
فِي الْعَذَابِ سَنَةً يَعْمَلُونَ لَهُ، ثُمَّ ان الشياطين
قالوا للأرضة: لو كنتي تأكلين الطعام أتيناك بأطيب الطعام ولو
كنت
(10/3164)
لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ
فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ
كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ
طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15)
تشربين أتيناك بِأَطْيَبِ الشَّرَابِ
وَلَكِنَّنَا نَنْقُلُ إِلَيْكِ الطِّينَ وَالْمَاءَ فَهُمْ
يَنْقُلُونَ إِلَيْهَا حَيْثُ كَانَتْ، أَلَمْ تَرَ إِلَى
الطِّينِ الَّذِي يَكُونُ فِي جَوْفِ الْخَشَبِ فَهُوَ مِمَّا
يَأْتِيهَا الشَّيَاطِينُ شُكْرًا لَهَا «1» .
17885 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ
مِنْسَأَتَهُ عَصَاهُ «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ-
آية
17886 - عن ابن زيد رضي الله عنه في قَوْلِهِ: لَقَدْ كَانَ
لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ يُرَى فِي
قَرْيَتِهِمْ بَعُوضَةٌ قَطُّ وَلا الذُّبَابُ وَلا بَرْغُوثٌ
وَلا عَقْرَبٌ، وَلا حَيَّةٌ، وَإِنَّ الرَّكْبَ لَيَأْتُونَ
فِي ثِيَابِهِمِ الْقَمْلُ وَالدَّوَابُّ، فَمَا هُوَ إِلا
أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى بُيُوتِهَا، فَتَمُوتُ تِلْكَ
الدَّوَابُّ، وَإِنْ كَانَ الْإِنْسَانُ لَيَدْخُلَ
الْجَنَّتَيْنِ، فَيَمْسِكُ الْقُفَّةَ عَلَى رَأْسِهِ،
وَيَخْرُجُ حين يخرج وَقَدِ امْتَلاتْ تِلْكَ الْقُفَّةُ مِنْ
أَنْوَاعِ الْفَاكِهَةِ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا
بِيَدِهِ «3» .
17887 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ قَالَ: هَذِهِ الْبَلَدُ
طَيِّبَةٌ، وَرَبُّكُمْ غَفُورٌ لِذُنُوبِكُمْ. وَفِي
قَوْلِهِ: فَأَعْرَضُوا قَالَ: بَطَرَ الْقَوْمُ أَمْرَ
اللَّهِ، وَكَفَرُوا نِعْمَتَهُ «4» .
17888 - عَنْ السُّدِّيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ
أَهْلُ سَبَأٍ أُعْطُوا مَا لَمْ يُعْطَهْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ
زَمَانِهِمْ، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى رَأْسِهَا
الْمَكْتَلُ فَتُرِيدُ حَاجَتَهَا، فَلا تَبْلُغَ مَكَانُهَا
الَّذِي تُرِيدُ حَتَّى يَمْتلِأَ مِكْتَلَهَا مِنْ أَنْوَاعِ
الْفَاكِهَةِ، فَأَجْمَعُوا ذَلِكَ فَكَذَّبُوا رُسُلَهُمْ،
وَقَدْ كَانَ السَّيْلُ يَأْتِيهِمْ مِنْ مَسِيرَةِ عَشَرَةِ
أَيَّامٍ حَتَّى يَسْتَقِرَّ فِي وَادِيهِمْ، فَيُجْمَعُ
الْمَاءُ مِنْ تِلْكَ السُّيُولِ وَالْجِبَالِ فِي ذَلِكَ
الْوَادِي، وَكَانَ قَدْ حَفَرُوهُ بِمُسَنَّاةٍ وَهُمْ
يُسَمُّونَ الْمُسَنَّاةَ عَرِمٌ- وَكَانَ يَفْتَحُونَ إذا
شاؤوا من ذلك الماء، فيسقون جنانهم إذا شاؤوا، فَلَمَّا غَضِبَ
اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَأَذِنَ فِي هَلاكِهِمْ، دَخَلَ رَجُلٌ
إِلَى جَنَّتِهِ- وَهُوَ عُمَرُ بْنُ عَامِرٍ فِيمَا
بَلَغَنَا، وَكَانَ كَاهِنًا فَنَظَرَ إِلَى جرزة تَنْقُلُ
أَوْلادُهَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي إِلَى أَعْلَى الْجَبَلِ
فَقَالَ: مَا نَقَلَتْ هَذِهِ أَوْلادَهَا من هاهنا إِلا
وَقَدْ حَضَرَ أَهْلَ هَذِهِ الْبِلادِ عَذَابٌ وَيُقَدَّرُ
أَنَّهَا خَرَقَتْ ذَلِكَ الْعَرِمَ فَلُقِّبَتْ لَقَبًا
فَسَالَ ذَلِكَ اللَّقَبُ مَاءً إِلَى جَنَّتِهِ، فَأَمَرَ عمر
بن عامر بذلك
__________
(1) الدر 6/ 682- 683
(2) الدر 6/ 683
(3) الدر 6/ 687.
(4) الدر 6/ 687.
(10/3165)
اللَّقَبِ فَسُدَّ فَأَصْبَحَ وَقَدِ
انْفَجَرَ بِأَعْظَمِ مَا كَانَ، فَأَمَرَ بِهِ أَيْضًا
فَسُدَّ ثُمَّ انْفَجَرَ بِأَعْظَمِ مَا كَانَ، فَلَمَّا رَأَى
ذَلِكَ دَعَا ابْنَ أَخِيهِ فَقَالَ: إِذْ أَنَا جَلَسْتُ
الْعَشَيَّةَ فيء نَادِي قَوْمِي فَائْتِنِي فَقُلْ عَلامَ
تَحْبِسُ عَلَيَّ مَالِي؟ فَإِنِّي سَأَقُولُ: لَيْسَ لَكَ
عِنْدِي مَالٌ وَلا تَرَكَ أَبُوكَ شَيْئًا وَإِنَّكَ
لَكَاذِبٌ، فَإِذَا أَنَا كَذَّبْتُكَ فَكَذِّبْنِي وَارْدُدْ
عَلَيَّ مِثْلَ مَا قُلْتُ لَكَ فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ
فَإِنِّي سَأَشْتُمَكَ، فَاشْتُمْنِي، فَإِذَا أَنْتَ
شَتَمْتَنِي لَطَمْتُكَ، فَإِذَا أَنَا لَطَمْتُكَ فَقُمْ
فَالْطُمْنِي قَالَ: مَا كُنْتُ لِأَسْتَقْبِلَكَ بِذَلِكَ يَا
عَمُّ! قَالَ: بَلَى فَافْعَلْ فَإِنِّي أُرِيدُ بِهَا
صَلاحَكَ. وَصَلاحَ أَهْلِ بَيْتِكَ فَقَالَ الْفَتَى: نَعَمْ،
حَيْثُ عَرَفَ هُوَ عَمُّهُ، فَجَاءَ فَقَالَ:
مَا أَمَرَ بِهِ حَتَّى لَطَمَهُ، فَتَنَاوَلَهُ الفتى فلطمه
فقال الشَّيْخُ: يَا مَعْشَرَ بَنِي فِلانٍ أُلْطَمُ فِيكُمْ؟
لأسكنت فِي بَلَدٍ لَطَمَنِي فِيهِ فُلانٌ أَبَدًا، لَمْ يبتاع
مِنِّي فَلَمَّا عَرَفَ الْقَوْمُ مِنْهُ الْجِدَّ أَعْطَوْهُ
فَنَظَرَ إِلَى أَفْضَلِهِمْ عَطِيَّةً، فَأَوْجَبَ لَهُ
الْبَيْعَ، فَدَعَا بِالْمَالِ فَنَقَدَهُ وَتَحَمَّلَ هُوَ
وَبَنُوهُ من ليلته، فتفرقوا «1» .
قوله: سَيْلَ الْعَرِمِ
17889 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي
قَوْلِهِ: سَيْلَ الْعَرِمِ قَالَ:
الشَّدِيدُ «2» .
17890 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: سيل
العرم قال: العرم بالحبشة. وهي المنسأة الَّتِي يَجْتَمِعُ
فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ يَنْشَفُ «3» .
17891 - عَنْ عَطَاءٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: الْعَرِمِ
اسْمُ الْوَادِي.
قَوْلُهُ تَعَالَى: أُكُلٍ خَمْطٍ
17892 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَرْسَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ.
وَفِي قَوْلِهِ: أُكُلٍ خَمْطٍ قَالَ: «الْخَمْطُ» الْأَرَاكُ
«4» .
17893 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي
قَوْلِهِ: أُكُلٍ خَمْطٍ قال: الأراك.
وأثل قال: الطرفاء «5» .
__________
(1) الدر 6/ 688- 689.
(2) الدر 6/ 690
(3) الدر 6/ 690- 691.
(4) الدر 6/ 690- 691.
(5) الدر 6/ 690- 691.
(10/3166)
ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ
بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17)
قوله تعالى: هل نُجَازِي إِلا الْكَفُور
17894 - عَنْ طَاوُسٍ وَهَلْ نُجَازِي إِلا الْكَفُورَ قَالَ:
هُوَ الْمُنَاقَشَةُ فِي الْحِسَابِ، وَمَنْ نُوقِشَ
الْحِسَابَ عُذِّبَ، وَهُوَ الْكَافِرُ لَا يُغْفَرُ لَهُ «1»
.
17895 - عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ
وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً
قَالَ: كَانَ فِيمَا بَيْنَ الْيَمَنِ إِلَى الشَّامِ قرى
متواصلة والقرى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا الشَّامُ. كَانَ
الرَّجُلُ يَغْدُو فَيُقْبِلُ فِي الْقَرْيَةِ، ثُمَّ يَرُوحُ
فَيَبِيتُ فِي الْقَرْيَةِ الْأُخْرَى وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ
تَخْرُجُ وَزَنْبِيلُهَا عَلَى رَأْسِهَا، فَمَا تَبْلَغُ
حَتَّى يَمْتَلِئَ مِنْ كُلِّ الثِّمَارِ «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِلا لِنَعْلَمَ
17896 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: إِلا
لِنَعْلَمَ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ بِنَاءٌ لِيَعْلَمَ اللَّهُ
الْكَافِرَ مِنَ الْمُؤْمِنِ «3» .
17897 - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ فِي قوله: كافة للناس
قَالَ: لِلنَّاسِ عَامَّةً «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا أَمَوَالُكُمْ ولا أولادكم بالتي
تقربكم عندنا زلفى ... الآية
17898 - عَنْ قَتَادَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ لَا تَعْتَبِرُوا
النَّاسَ بِكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ، وَإِنَّ الْكَافِرَ
يُعْطَى الْمَالَ وَرُبَّمَا حَبَسَهُ عَنِ الْمُؤْمِنِ «5» .
17899 - عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ
ارْزُقْنِي الْإِيْمَانَ وَالْعَمَلَ، وَجَنِّبْنِي الْمَالَ
وَالْوَلَدَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ فِيمَا أَوْحَيْتَ وَمَا
أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ
عِنْدَنَا زُلْفَى «6» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ
يُخْلِفُهُ
17900 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهِمَا فِي
قَوْلِهِ: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ
قَالَ: فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلا تقتير «7» .
__________
(1) الدر 6/ 692.
(2) الدر 6/ 692.
(3) الدر 6/ 696.
(4) الدر 6/ 702 [.....]
(5) الدر 6/ 702
(6) الدر 6/ 702
(7) الدر 6/ 706
(10/3167)
وَمَا آتَيْنَاهُمْ
مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ
قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44)
17901 - عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ:
وَمَا أَتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا قَالَ: لَمْ
يَكُنْ عِنْدَهِمْ كِتَابٌ يَدْرُسُونَهُ، فَيَعَلَمُونَ أَنَّ
مَا جِئْتَ بِهِ حَقٌّ أَمْ بَاطِلٌ «1» .
17902 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهِمَا وَمَا
بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ يَقُولُ:
مِنَ الْقُدْرَةِ فِي الدُّنْيَا «2» .
17903 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: قُلْ
مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ أَيْ مِنْ جُعْلٍ فَهُوَ لَكُمْ
يَقُولُ: لَمَّا أَسْأَلَكُمْ عَلَى الْإِسْلامِ جُعْلًا وَفِي
قَوْلِهِ: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ ... وَمَا
يُبْدِئُ الْبَاطِلُ قَالَ الشَّيْطَانُ: مَا يُبْدِئُ وَمَا
يُعِيدُ إِذَا هَلَكَ «3» .
17904 - عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
يَقْذِفُ بِالْحَقِّ قَالَ: يَنْزِلُ بِالْوَحْيِ «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ
وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ
17905 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا قَالَ: فِي الدُّنْيَا عِنْدِ
الْمَوْتِ حِينَ عَايَنُوا الْمَلائِكَةَ، وَرَأَوْا بَأْسَ
اللَّهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ
قَالَ: لَا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى الْإِيْمَانِ كَقَوْلِهِ:
فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ
وَحْدَهُ ... وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ قَالَ: قَدْ
كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَيْهِ وَهُمْ فِي دَعَةٍ وَرَخَاءٍ
فَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ يَرْجُمُونَ
بِالظَّنِّ يَقُولُونَ: إِنَّهُ لَا جَنَّةٌ وَلا نَارٌ وَلا
بَعْثٌ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ قَالَ:
اشْتَهَوْا طَاعَةَ اللَّهِ لَوْ أَنَّهُمْ عَمِلُوا فَحِيلَ
بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذَلِكَ «5» .
17906 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا قَالَ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلا
فَوْتَ فَلَمْ يَفُوتُوا رَبَّكَ «6» .
17907 - عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ تَرَى إِذْ
فَزِعُوا قَالَ: فِي الْقُبُورِ مِنَ الصَّيْحَةِ «7» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ
التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ
قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ
17908 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ قال: الله
__________
(1) الدر 6/ 709
(2) الدر 6/ 709
(3) الدر 6/ 710- 711
(4) الدر 6/ 710- 711
(5) الدر 6/ 711.
(6) الدر 6/ 711.
(7) الدر 6/ 711.
(10/3168)
وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ قَالَ:
التَّنَاوُشُ كَذَلِكَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ قَالَ: مَا كَانَ
بَيْنَ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ
قَبْلُ قَالَ: كَفَرُوا بِاللَّهِ فِي الدُّنْيَا
وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ قَالَ: فِي
الدُّنْيَا قَوْلُهُمْ: وَهُوَ سَاحِرٌ، بَلْ هُوَ كَاهِنٌ،
بَلْ هُوَ شَاعِرٌ، بَلْ هُوَ كَذَّابٌ «1» .
17909 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ قَالَ: كَيْفَ لَهُمُ الرِّدُّ.
مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ قَالَ: يَسْأَلُونَ الرِّدَّ، وَلَيْسَ
حِينَ رِدٌّ «2» .
17910 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ قَالَ: يَرْجِمُونَ بِالظَّنِّ،
إِنَّهُمْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا يُكَذِّبُونَ بِالْآخِرَةِ،
وَيَقُولُونَ: لَا بَعْثَ وَلا جَنَّةٌ وَلا نَارٌ «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا
يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ
إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ
17911 - عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ قَالَ: حِيلَ
بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِيْمَانِ «4» .
17912 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ قَالَ: مِنْ
مَالٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ زَهْرَةٍ أَوْ أَهْلٍ كَمَا فُعِلَ
بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ قَالَ: كَمَا فُعِلَ
بِالْكُفَّارِ مِنْ قَبْلِهِمْ «5» .
17913 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ
شَرِبَ ماءا بَارِدًا فَبَكَى، فَقِيلَ لَهُ:
مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: ذَكَرْتُ آيَةً فِي كِتَابِ اللَّهِ
وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ فَعَرَفْتُ أَنَّ
أَهْلَ النَّارِ لَا يَشْتَهُونَ إِلا الْمَاءَ الْبَارِدَ
وَقَالَ اللَّهُ: أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ «6» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ
17914 - عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: إِنَّهُمْ كَانُوا فِي
شَكٍّ مُرِيبٍ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالشَّكَّ وَالرَّيْبَةَ،
فَإِنَّهُ مَنْ مَاتَ عَلَى شَكٍّ بُعِثَ عَلَيْهِ، وَمَنْ
مَاتَ عَلَى يَقِينٍ بعث عليه «7» .
__________
(1) الدر 6/ 714.
(2) الدر 6/ 715.
(3) الدر 6/ 715.
(4) الدر 6/ 715. [.....]
(5) الدر 6/ 715.
(6) الدر 6/ 719.
(7) الدر 6/ 719.
(10/3169)
|