تفسير ابن أبي
حاتم محققا حم (1)
سُورَةُ الشورى
42
قَوْلُهُ تَعَالَى: حم عسق
18464 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
وَعِنْدَهُ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ
فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ تَفْسِيرِ حم عسق فَأَعْرَضَ،
عَنْهُ، ثُمَّ كَرَّرَ مَقَالَتَهُ فَأَعْرَضَ، عَنْهُ ثُمَّ
كَرَّرَهَا الثَّالِثَةَ فَلَمْ يُجِبْهُ فَقَالَ لَهُ
حُذَيْفَةُ: رضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ أَنَا أُنَبِّئُكَ بِهَا،
لم كَرَّرْتَهَا نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ
يقال له عبد الله أو عبد اللَّهِ، يَنْزَلُ عَلَى نَهْرٍ مِنْ
أَنْهَارِ الْمَشْرِقِ بِبَنِي، عَلَيْهِ مَدَيْنَتَيْنِ
يُشَقُّ النَّهْرُ بَيْنَهُمَا شَقًّا يَجْتَمِعُ فِيهَا كُلُّ
جَبَّارٍ، عَنِيدٍ، فَإِذَا أَذِنَ اللَّهُ فِي زَوَالِ
مُلْكِهِمْ وَانْقِطَاعِ دَوْلَتِهِمْ وَمُدَّتِهِمْ بَعَثَ
اللَّهُ عَلَى إِحْدَاهُمَا نَارًا لَيْلًا، فَتُصْبِحُ
سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً قَدِ احْتَرَقَتْ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ
مكانها، وتصبح صاحبتها متعجبة كيف أفتت! فَمَا هُوَ إِلا
بَيَاضُ يَوْمِهَا وَذَلِكَ حَتَّى يَجْتَمِعَ فِيهَا كُلُّ
جَبَّارٍ، عَنِيدٍ مِنْهُمْ ثُمَّ يُخْفِ اللَّهُ بِهَا
وَبِهِمْ جميعًا فَذَلِكَ عَدْلٌ منه سين- يعني سيكون. ق- يعني
واقع بهاتين المدينين «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ
فَوْقِهِنَّ
18465 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا تَكَادُ
السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ قَالَ: مِمَّنْ
فَوْقِهِنَّ، وَقَرَأَهَا خُصَيْفٌ بِالتَّاءِ الْمُشُدَّدَةِ
«2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَذْرَؤُكُمْ فيه
18466 - حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ،
حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ قَالَ:
نَسْلٌ بَعْدَ نَسْلٍ مِنَ النَّاسِ وَالْأَنْعَامِ «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ
18467 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ
حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ تَعَالَى: لا حُجَّةَ بَيْنَنَا
وَبَيْنَكُمُ قال: لا خطوبة «4» .
__________
(1) الدر 7/ 335
(2) الدر 7/ 337.
(3) تغليق التعليق 4/ 304.
(4) تغليق التعليق 4/ 304.
(10/3274)
وَالَّذِينَ
يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ
حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ
وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16)
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ
يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ
18468 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي
قَوْلِهِ: وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ
مَا اسْتُجِيبَ لَهُ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ كَانُوا
يُجَادِلُونَ الْمُسْلِمِينَ وَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ الْهُدَى
مِنْ بَعْدِ مَا اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَقَالَ: هُمْ قَوْمٌ
مِنْ أَهْلِ الضَّلالَةِ، وَكَانَ اسْتُجِيبَ عَلَى
ضَلالَتِهِمْ، وَهُمْ يَتَرَبَّصُونَ بِأَنْ تأتيهم الجاهلية
«1» .
قوله تعالى: لا أسئلكم عَلَيْهِ أَجْرًا
18469 - مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ
عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ لَهُمْ رَسُولُ
اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا أسئلكم
عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا أَنْ تَوَدُّوَنِي فِي نَفْسِي
لِقَرَابَتِي مِنْكُمْ وَتَحْفَظُوا الْقَرَابَةَ الَّتِي
بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ» «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى
18470 - مِنْ طَرِيقِ عَلِيٍّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: إِلا الْمَوَدَّةَ فِي
الْقُرْبَى قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَابَةً مِنْ جَمِيعِ قُرَيْشٍ فَلَمَّا
كَذَّبُوهُ وَأَبَوْا أَنْ يُبَايِعُوهُ قَالَ: يَا قَوْمِ
«إِذَا أَبَيْتُمْ أَنْ تُبَايِعُونِي فَاحْفَظُوا قَرَابَتِي
فِيكُمْ وَلا يَكُونُ غَيْرُكُمْ مِنَ الْعَرَبِ أَوْلَى
بِحِفْظِي وَنُصْرَتِي مِنْكُمْ» «3» .
18471 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ:
نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بِمَكَّةَ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ
يَؤْذُونَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: قَلْ لَهُمْ يَا
مُحَمَّدُ لا أسئلكم عَلَيْهِ يَعْنِي عَلَى مَا أَدْعُوكُمْ
إِلَيْهِ أَجْرًا عِوَضًا مِنَ الدُّنْيَا إِلا الْمَوَدَّةَ
فِي الْقُرْبَى إِلا الْحِفْظَ لِي فِي قَرَابَتِي فِيكُمْ،
قَالَ: الْمَوَدَّةُ إِنَّمَا هِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَرَابَتِهِ فَلَمَّا هَاجَرَ
إِلَى الْمَدِينَةِ أَحَبَّ أَنْ يُلْحِقَهُ بِإِخْوَتِهِ مِنَ
الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام فقال: لا أسئلكم عَلَيْهِ أَجْرًا
... فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللهِ يَعْنِي
ثَوَابَهُ وَكَرَامَتَهُ فِي الْآخِرَةِ، كَمَا قَالَ: نوح
عليه السلام وما أسئلكم عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ
إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ وَكَمَا قَالَ هُودٌ وَصَالِحٌ
وَشُعَيْبٌ لَمْ يَسْتَثْنُوا أَجْرًا كَمَا اسْتَثْنَى
النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَدَّهُ
عَلَيْهِمْ وَهِيَ مَنْسُوخَةٌ «4» .
__________
(1) الدر 7/ 341- 346.
(2) الدر 7/ 341- 346.
(3) الدر 7/ 341- 346.
(4) الدر 7/ 347- 348. [.....]
(10/3275)
18472 - مِنْ طَرِيقِ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَتِ الْأَنْصَارُ:
فَعَلْنَا وَفَعَلْنَا وكأنهم فَخَرُوا، فَقَالَ ابْنُ
عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَنَا الْفَضْلُ
عَلَيْكُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَاهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ فَقَالَ:
يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَمْ تَكُونُوا أَذِلَّةً
فَأَعَزَّكُمُ اللَّهُ؟ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ
قَالَ: أَفَلا تُجِيبُونِي؟
قَالُوا: مَا تَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَلا
تَقُولُونَ أَلَمْ يُخْرِجْكَ قَوْمُكَ فَآوَيْنَاكَ؟ أَوَ
لَمْ يُكَذِّبُوكَ فَصَدَّقْنَاكَ؟ أَوَ لَمْ يَخْذُلُوكَ
فَنَصَرْنَاكَ؟ فَمَا زَالَ يَقُولُ: حَتَّى جثوا على الركب
وَقَالُوا: أَمْوَالُنَا وَمَا فِي أَيْدِينَا لِلَّهِ
وَرَسُولِهِ فنزلت قل لا أسئلكم عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا
الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى «1» .
18473 - بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
قل لا أسئلكم عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي
الْقُرْبَى قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ قَرَابَتُكَ
هَؤْلاءِ الَّذِينَ وَجَبَتْ مَوَدَّتُهُمْ؟ قَالَ: عَلِيٌّ
وَفَاطِمَةُ وَوَلَدَاهَا «2» .
18474 - حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا
لَيْثٌ، حَدَّثَنَا أَبُو قُبَيْلٍ الْمُعَافِرِيُّ عَنْ
شُفَيٍّ الْأَصْبَحِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ
اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِي يَدِهِ
كِتَابَانِ، فَقَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا هَذَانِ
الْكِتَابَانِ؟» قَالَ:
قُلْنَا: لَا، إِلا أَنْ تُخْبِرَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ
قَالَ لِلَّذِي فِي يَدِهِ الْيُمْنَى: هَذَا كِتَابٌ مِنْ
رَبِّ الْعَالَمِينَ، بِأَسْمَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ
وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَقَبَائِلِهِمْ، ثُمَّ أَجْمَلَ عَلَى
آخَرِهِمْ لَا يُزَادُ فِيهِمْ وَلا يُنْقَصُ مِنْهُمْ أَبَدًا
ثُمَّ قَالَ: لِلَّذِي فِي يَسَارِهِ هَذَا كِتَابُ أَهْلِ
النَّارِ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ
وَقَبَائِلِهِمْ، ثُمَّ أَجْمَلَ عَلَى آخَرِهِمْ لَا يُزَادُ
فِيهِمْ وَلا يُنْقَصُ مِنْهُمْ أَبَدًا» فَقَالَ أَصْحَابُ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلِأَيِّ
شَيْءٍ إِذًا نَعْمَلُ إِنْ كَانَ هَذَا أَمْرٌ قَدْ فُرِغَ
مِنْهُ؟ فَقَال َرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: سَدِّدُوا وَقَارِبُوا فَإِنَّ صَاحِبَ الْجَنَّةِ
يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ
عَمَلٍ، وَإِنَّ صَاحِبَ النَّارِ لَيُخْتَمَ لَهُ بِعَمَلِ
النَّارِ، وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ» ثُمَّ قَالَ: بِيَدِهِ
فَقَبَضَهَا، ثُمَّ قَالَ: فَرَغَ رَبُّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ
مِنَ الْعِبَادِ ثُمَّ قَالَ بِالْيُمْنَى فَنَبَذَ بِهَا
فَقَالَ: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَنَبَذَ بِالْيُسْرَى
فَقَالَ: فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ «3» .
18475 - حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
عَنْ قَزَعَةَ بن سويد، عن ابن أبى
__________
(1) الدر 7/ 347- 348.
(2) الدر 7/ 347- 348.
(3) ابن كثير 7/ 180
(10/3276)
وَهُوَ الَّذِي
يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ
السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25)
نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: «لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَى مَا آتَيْتُكُمْ مِنَ
الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى أَجْرًا، إِلا أَنْ تَوَادُّوا
اللَّهَ، وَأَنْ تَقْرَبُوا إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ «1» .
18476 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ
بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ: قَالَتِ الْأَنْصَارُ: فَعَلْنَا وَفَعَلْنَا
وَكَأَنَّهُمْ فَخَرُوا. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَوِ:
الْعَبَّاسُ، - شَكَّ عَبْدُ السَّلامِ- لَنَا الْفَضْلُ
عَلَيْكُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُمْ مجالسهم فقال: «يا معشر
الأنصار ألم تكونوا أَذِلَّةً فَأَعَزَّكُمُ اللَّهُ بِي؟»
قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «أَلَمْ تَكُونُوا
ضُلالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ
اللَّهِ. قَالَ: «أَفَلا تُجِيبُونِي» ؟ قَالُوا: مَا نَقُولُ
يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَلا تَقُولُونَ: أَلَمْ
يُخْرِجْكَ قَوْمُكَ فَآوَيْنَاكَ؟ أَوَ لَمْ يُكَذِّبُوكَ
فَصَدَّقْنَاكَ؟ أَوَ لَمْ يَخْذُلُوكَ فَنَصَرْنَاكَ» ؟ فَمَا
زَالَ يَقُولُ حَتَّى جثوا على الركب، وقالوا:
أموالنا وما في أَيْدِينَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ. قَالَ:
فَنَزَلَتْ قُلْ لا أسئلكم عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ
فِي الْقُرْبَى «2» .
18477 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا
رَجُلٌ سَمَّاهُ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْأَشْقَرُ عَنْ
قَيْسٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قُلْ لا
أسئلكم عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ أَمَرَ
الله بمودتهم؟ قال: «فاطمة وولدها عَلَيْهِمُ السَّلامُ» «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ
عِبَادِهِ
18478 - مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ الْقَاضِي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنْ هَمَّامٍ
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا
بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَجِدُ ضَالَّتَهُ فِي
الْمَكَانِ الَّذِي يَخَافُ أَنْ يَقْتُلَهُ الْعَطَشُ فِيهِ»
وَقَالَ هَمَّامُ بْنُ الْحَارِثِ: سُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ
عَنِ الرَّجُلِ يَفْجُرُ بِالْمَرْأَةِ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا؟
قَالَ لَا بَأَسَ بِهِ وَقَرَأَ: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ
التَّوْبَةَ عن عباده الآية «4» .
__________
(1) ابن كثير 7/ 180.
(2) ابن كثير 7/ 188
(3) ابن كثير 7/ 189 وقال: هذا إسناد ضعيف فيه متهم لا يعرف عن
شيخ شيعي متغرق وهو حسين الأشقر.
(4) ابن كثير 7/، 193 والدر 351.
(10/3277)
وَيَسْتَجِيبُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ
مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26)
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَسْتَجِيبُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ويزيدهم من فضله
18479 - عن سلمة بن سيرة رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ:
خَطَبْنَا مُعَاذٌ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ فَقَالَ: أَنْتُمُ
الْمُؤْمِنُونَ، وَأَنْتُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَاللَّهِ
إِنِّي لاطْمَعُ أَنْ يَكُونَ عَامَّةُ مَنْ تُنَصِّبُونَ
بِفَارِسَ وَالرُّومِ فِي الْجَنَّةِ فَإِنَّ أَحَدَهُمْ
يَعْمَلُ الْخَيْرَ فيَقَوُلُ أَحْسَنْتَ بَارَكَ اللَّهُ
فِيكَ، أَحْسَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ وَاللَّهُ يَقُولُ:
وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا
كسبت أيديكم ويعفوا عَنْ كَثِيرٍ
18480 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي
مُزَاحِمَ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي الْوَضَّاحِ،
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: دَخَلْتُ
عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ
فَقَالَ: أَلا أُحَدِّثَكُمْ بِحَدِيثٍ يَنْبَغِي لِكُلِّ
مُؤْمِنٍ أَنْ يَعِيَهُ؟ قَالَ: فَسَأَلْنَاهُ، فَتَلا هَذِهِ
الْآيَةَ: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ
أيديكم ويعفوا عَنْ كَثِيرٍ قَالَ:
مَا عَاقَبَ اللَّهُ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَاللَّهُ أَحَلَمُ
مِنْ أَنْ يَثْنَي عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،
وَمَا عَفَا، عَنْهُ فِي الدُّنْيَا فَاللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ
أَنْ يَعُودَ فِي عَفْوِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ «2» .
18481 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ،
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ
عَنِ الْحَسَنِ هُوَ الْبَصَرِيُّ قَالَ فِي قَوْلِهِ: وَمَا
أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أيديكم ويعفوا
عَنْ كَثِيرٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا مِنْ خَدْشِ عُوَدٍ
وَلا اخْتَلاجِ عِرْقٍ، وَلا عَثْرَةِ قَدَمٍ إِلا بِذَنْبٍ
وَمَا يَعْفُو اللَّهُ، عَنْهُ أَكْثَرُ» «3» .
18482 - حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ،
حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ: دَخَلَ
عَلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَقَدْ كَانَ ابْتُلِيَ فِي
جَسَدِهِ فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ، إنا لنبتئس لك لما ترى
فِيكَ قَالَ: فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا تَرَى، فَإِنَّ
__________
(1) الدر 7/ 351.
(2) ابن كثير 7/ 193- 196.
(3) ابن كثير 7/ 193- 196.
(10/3278)
إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ
الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33)
مَا تَرَى بِذَنْبٍ وَمَا يَعْفُو اللَّهُ،
عَنْهُ أَكْثَرُ، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الْآيَةَ: وَمَا
أَصَابَكُمْ من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كَثِيرٍ «1»
.
18483 - حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ
الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ أَبِي
الْبِلادِ قَالَ: قُلْتُ لِلْعَلاءِ بْنِ بَدْرٍ: وَمَا
أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ
وَقَدْ ذَهَبَ بَصَرِي وَأَنَا غُلامٌ؟ قَالَ: فَبِذُنُوبِ
وَالِدَيْكَ «2» .
18484 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّد
الطَّنَافِسِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ
بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: مَا نَعْلَمُ
أَحَدًا حَفِظَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ إِلا بِذَنْبٍ ثُمَّ
قَرَأَ الضَّحَّاكُ: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا
كَسَبَتْ أيديكم ويعفوا عَنْ كَثِيرٍ ثُمَّ يَقُولُ
الضَّحَّاكُ: وَأَيُّ مُصِيبَةٍ أَعْظَمُ مِنْ نِسْيَانِ
الْقُرْآنِ «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: رَوَاكِدَ إِلَى قَوْلِهِ: أَوْ
يُوبِقُهُنَّ بِمَا كَسَبُوا
18485 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
رَوَاكِدَ قَالِبٌ وُقُوفًا أَوْ يُوبِقُهُنَّ قَالَ:
يُهْلِكُهُنَّ «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ
هُمْ يَنتَصِرُونَ
18486 - عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ،
عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ
هُمْ يَنتَصِرُونَ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ
أَنْ يُسْتَذَلُّوا، وَكَانُوا إِذَا قَدِرُوا عَفَوْا «5» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ
يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ
الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
18487 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا سَعِيدُ
بْنُ زَيْدٍ أَخُو حماد بن زيد حَدَّثَنَا عُثْمَانُ
الشَّحَّامُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ قَالَ:
قَدِمْتُ مَكَّةَ فَإِذَا عَلَى الْخَنْدَقِ مَنْظَرَةُ
فَأُخِذْتُ، فَانْطَلَقَ بِي إِلَى مَرْوَانَ بْنِ
الْمُهَلَّبِ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْبَصَرَةِ فَقَالَ:
حَاجَتُكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. قُلْتُ: حَاجَتِي إِنِ
اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ أَخُو بَنِي عَدِيٍّ
قَالَ: وَمَنْ أَخُو بَنِي عَدِيٍّ؟ قَالَ: الْعَلاءُ بْنُ
زِيَادٍ، اسْتَعْمَلَ صَدِيقًا لَهُ مَرَّةً عَلَى عَمَلٍ
فَكَتَبَ إِلَيْهِ «أَمَّا بَعْدُ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا
تَبِيتَ إِلا وَظَهْرُكَ خَفِيفٌ، وَبَطْنُكَ خَمِيصٌ
وَكَفُّكَ نَقِيَّةٌ مِنْ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ
وَأَمْوَالِهِمْ، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ
عَلَيْكَ سَبِيلٌ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ
يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ
الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عذاب أليم فقال: صدق
__________
(1) ابن كثير 7/ 196.
(2) ابن كثير 7/ 196.
(3) ابن كثير 7/ 196.
(4) الدر 7/ 200. [.....]
(5) الدر 7/ 200.
(10/3279)
وَلَمَنْ صَبَرَ
وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)
وَاللَّهِ وَنَصَحَ ثُمَّ قَالَ: مَا
حَاجَتُكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قُلْتُ: حَاجَتِي أَنْ
تُلْحِقَنِي بِأَهْلِي.
قَالَ: نَعَمْ «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ
18488 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى
الطَّرَسُوسِيُّ، حدثنا عبد الصمد ابن يزيد خادم الفضيل ابن
عَيَّاشٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ يَقُولُ:
إِذَا أَتَاكَ رَجُلٌ يَشْكُو إِلَيْكَ رَجُلًا فَقُلْ: «يَا
أَخِي، اعْفُ، عَنْهُ فَإِنَّ الْعَفْوَ أَقْرَبُ للتقوى، فإن
قال لا يحتمل قلبي العفو، ولكن انتصر كما أمرني الله عز وجل.
فقل له: إِنْ كُنْتَ تُحْسِنُ أَنْ تَنْتَصِرَ وَإِلا
فَارْجِعْ إِلَى بَابِ الْعَفْوِ، فَإِنَّهُ بَابٌ وَاسِعٌ،
فَإِنَّهُ مَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ،
وَصَاحِبُ الْعَفْوِ يَنَامُ عَلَى فِرَاشِهِ بِاللَّيْلِ،
وَصَاحِبُ الِانْتِصَارِ يُقَلِّبُ الْأُمُورَ «2» .
18489 - عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِذَا وَقَفَ الْعِبَادُ لِلْحِسَابِ يُنَادِي مُنَادٍ
لِيَقُمْ مَنْ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فَلْيَدْخُلِ
الْجَنَّةَ، ثُمَّ نَادَى الثَّانِيةَ لِيَقُمْ مَنْ أَجْرُهُ
عَلَى اللَّهِ قَالُوا: وَمَنْ ذَا الَّذِي أَجْرُهُ عَلَى
اللَّهِ؟ قَالَ: الْعَافُونَ عَنِ النَّاسِ فَقَامَ كَذَا
وَكَذَا أَلْفًا، فَدَخَلُوا الْجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَنظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ
18490 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ،
حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ،
عَنِ ابْنِ عباس قوله: يَنظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ قَالَ:
ذَلِيلٍ «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ
لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ
18491 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهَا قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ أَوْلادَكُمْ هِبَةُ اللَّهِ: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ
إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ فَهُمْ
وَأَمْوَالُهُمْ لَكُمْ إِذَا احْتَجْتُمْ إِلَيْهَا «5» .
18492 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ،
حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا قَالَ: لَا
يُلَقَّحُ «6» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا
18493 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ
حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رُوحًا مِنْ أمرنا قال: القرآن «7» .
__________
(1) ابن كثير 7/ 200.
(2) ابن كثير 7/ 200.
(3) - الدر 7/ 359.
(4) تغليق التعليق 4/ 304.
(5) تغليق التعليق 4/ 304.
(6) تغليق التعليق 4/ 304.
(7) تغليق التعليق 4/ 304.
(10/3280)
وَإِنَّهُ فِي أُمِّ
الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)
سُورَةُ الزُّخْرُفِ
43
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا
لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ
18494 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ:
إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ الْقَلَمُ،
فَأَمَرَهُ أَنْ يَكْتُبَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ، وَالْكِتَابُ عِنْدَهُ، ثُمَّ قَرَأَ: وَإِنَّهُ
فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا
18495 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامُ بن خالد، حدثنا
شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَفَنَضْرِبُ
عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا قَالَ: وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ هَذَا
الْقُرْآنَ رُفِعَ حِينَ رَدَّتْهُ أَوَّائِلُ هَذِهِ
الْأُمَّةِ لَهَلَكُوا، وَلَكِنَّ اللَّهَ عَادَ
بِعَائِدَتِهِ، وَرَحْمَتِهِ، فَكَرَّرَهُ عَلَيْهِمْ،
وَدَعَاهُمْ إِلَيْهِ «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَنْ كُنتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ
18496 - حَدَّثَنَا أبي حدثنا هشام بن خالد، حدثنا شُعَيْب،
حَدَّثَنَا سَعِيد عن قَتَادَة أَن كُنتُمْ قَوْمًا
مُّسْرِفِينَ أي: مشركين «3» .
قوله تعالى: وَمَا كُنَّا لَهُ مقرنين
18497 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي
قَوْلِهِ: وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ قَالَ:
مُطِيقِينَ «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ
عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا
18498 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
قَالَ: كُنْتُ أَقْرَأُ هَذَا الْحَرْفَ الَّذِينَ هُمْ
عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ
فَقَالَ: عِبَادُ الرَّحْمَنِ قُلْتُ: فَإِنَّهَا فِي
مُصْحَفِي «عِنْدَ الرَّحْمَنِ» قَالَ: فَامْحُهَا
وَاكْتُبُهَا عِبَادُ الرَّحْمَنِ بِالْأَلِفِ وَالْبَاءِ.
وَقَالَ: أَتَانِي رَجُلٌ الْيَوْمَ وَدَدْتُ أَنَّهُ لَمْ
يَأْتِنِي فَقَالَ: كَيْفَ تَقْرَأُ هَذَا الحرف
__________
(1) الدر 7/ 366.
(2) تغليق التعليق 4/ 309.
(3) تغليق التعليق 4/ 309.
(4) الدر 7/ 369.
(10/3281)
وَقَالُوا لَوْ شَاءَ
الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ
عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20)
وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ
عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا قَالَ: إِنَّ أَنَاسًا
يَقْرَءُونَ «الَّذِينَ هُمْ عِنْدَ الرَّحْمَنِ» فَسَكَتْ
عَنْهُ، فَقُلْتُ: اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ! «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ
18499 - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَقَالُوا لَوْ شَاءَ
الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم قَالَ: يَعْنُونَ الْأَوْثَانَ
لِأَنَّهُمْ عَبَدُوا الْأَوْثَانَ يَقُولُ اللَّهُ: مَا
لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ يَعْنِي الْأَوْثَانَ أَنَّهُمْ
لَا يَعْلَمُونَ إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ قَالَ: يعلمون
قدرة الله على ذَلِكَ «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي
عَقِبِهِ
18500 - عَنْ عِكْرَمَةَ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي
عَقِبِهِ قَالَ: فِي الْإِسْلامِ أَوْصَى بِهَا وَلَدَهُ «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى
رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ
18501 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ
سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ
عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ قَالَ: يَعْنِي
بِالْقَرْيَتَيْنِ مَكَّةَ وَالطَّائِفَ وَالْعَظِيمُ
الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْقُرَشِيُّ، وَحَبِيبُ بْنُ
عُمَيْرٍ الثَّقَفِيُّ «4» .
18502 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي
قَوْلِهِ: لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ
الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ قَالَ: يَعْنُونَ أَشْرَفَ مِنْ
مُحَمَّدٍ، الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ،
وَمَسْعُودَ بْنَ عَمْرٍو الثَّقَفِيَّ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ
«5» .
18503 - عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ
الْمُغِيرَةِ: لَوْ كَانَ مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ حَقًّا،
أُنْزِلَ عَلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ، أَوْ عَلَى عُرْوَةَ بْنِ
مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ، فَنَزَلَتْ وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ
هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ
«6» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: لَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً
وَاحِدَةً
18504 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً الْآيَةَ
يَقُولُ: لَوْلا أَنْ أَجْعَلَ النَّاسَ كُلَّهُمْ كُفَّارًا،
لَجَعَلْتُ لِبُيُوتِ الْكُفَّارِ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ
وَمَعَارِجَ مِنْ فِضَّةٍ وَهِيَ دَرَجٌ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ
يَصْعَدُونَ إِلَى الْغُرَفِ وَسُرُرُ فِضَّةٍ وزُخْرُفًا وهو
الذهب «7» .
__________
(1) الدر 7/ 371- 373.
(2) الدر 7/ 371- 373. [.....]
(3) الدر 7/ 371- 373.
(4) الدر 7/ 371- 373.
(5) الدر 7/ 374- 375.
(6) الدر 7/ 374- 375.
(7) الدر 7/ 374- 375.
(10/3282)
وَمَنْ يَعْشُ عَنْ
ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ
قَرِينٌ (36)
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ
ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا
18505 - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْمَخْرَمِيِّ أَنَّ
قُرَيْشًا قَالَتْ: قَيِّضُوا لِكُلِّ رَجُلٍ رَجُلًا مِنْ
أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ يَأْخُذُهُ، فَقَيَّضُوا لِأَبِي بَكْرٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ
فأَتَاهُ وَهُوَ فِي الْقَوْمِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ، إِلامَ تَدْعُونِي؟ قَالَ: أَدْعُوكَ إِلَى
عِبَادَةِ اللاتِ وَالْعُزَّى! قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ: وَمَا اللاتُ؟ قَالَ: رَبُّنَا قَالَ: وَمَا
الْعُزَّى؟ قَالَ: بَنَاتُ اللَّهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ: فَمَنْ أُمُّهُمْ؟ فَسَكَتَ طَلْحَةُ، فَلَمْ
يُجِبْهُ. فَقَالَ طَلْحَةُ لِأَصْحَابِهِ: أَجِيبُوا
الرَّجُلَ، فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَقَالَ طَلْحَةُ: قُمْ يَا
أَبَا بَكْرٍ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ
مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: وَمَنْ
يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا
الْآيَةَ «1» .
18506 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ
الرَّحْمَنِ قَالَ: يَعْمَى قَالَ: ابْنُ جَرِيرٍ هَذَا عَلَى
قِرَاءَةِ فَتْحِ الشِّينِ «2» .
18507 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي
قَوْلِهِ: وَمَنْ يَعْشُ الْآيَةَ. قَالَ:
مَنْ جَانَبَ الْحَقَّ، وَأَنْكَرَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ
الْحَلالَ حَلالٌ وَأَنَّ الْحَرَامَ حَرَامٌ، فَتَرَكَ
الْعِلْمَ بِالْحَلالِ وَالْحَقِّ لِهَوَى نَفْسِهِ. وَقَضَى
حَاجَتَهُ ثُمَّ أَرَادَ مِنَ الْحَرَامِ، قُيِّضَ لَهُ
شَيْطَانٌ «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ
18508 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ قال:
للقرآن شرف لك ولقومك «4» .
18509 - عن مجاهد في قوله: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ
وَلِقَوْمِكَ قَالَ: يُقَالُ مِمَّنْ هَذَا الرَّجُلُ؟
فَيُقَالُ: مِنَ الْعَرَبِ، فَيُقَالُ: مِنْ أَيِّ الْعَرَبِ؟
فَيُقَالُ: مِنْ قُرَيْشٍ فَيُقَالُ: مِنْ أَيِّ قُرَيْشٍ؟
فَيُقَالُ: مِنْ بَنِي هَاشِمٍ «5» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ
18510 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ أَخِي بْنِ
وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ
عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ التُّجِيبِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ
عَامِرٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
(1) الدر 7/ 376- 378.
(2) الدر 7/ 376- 378.
(3) الدر 7/ 376- 378.
(4) الدر 7/ 376- 378.
(5) الدر 7/ 376- 378.
(10/3283)
وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ
مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57)
قَالَ: «إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ عَزَّ
وَجَلَّ يُعْطِي الْعَبْدَ مَا شَاءَ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى
مَعَاصِيهِ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ اسْتِدْرَاجٌ مِنْهُ لَهُ» ،
ثُمَّ تَلا فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين «1» .
18511 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَلَمَّا آسَفُونَا
قَالَ: أَغْضَبُونَا وَفِي قَوْلِهِ:
سَلَفًا قَالَ: أَهْوَاءٌ مُخْتَلِفَةٌ «2» .
18512 - عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتَ
اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مَا شَاءَ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى
مَعَاصِيهِ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ اسْتِدْرَاجٌ مِنْهُ لَهُ»
ثُمَّ تَلا:
فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ
أَجْمَعِينَ «3» .
18513 - عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ
عَبْدِ اللَّهِ فَذُكِرَ عِنْدَهُ مَوْتُ الْفَجْأَةِ فَقَالَ:
تَخْفِيفٌ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِ
فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا
إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ
18514 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الدَّمَشْقِيُّ،
حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ
أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ مَوْلَى الْأَنْصَارِ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّهُ
لَيْسَ أَحَدٌ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ فِيهِ خَيْرٌ»
فَقَالُوا لَهُ: أَلَسْتَ تَزْعَمُ أَنَّ عِيسَى كَانَ
نَبِيًّا وَعَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ صَالِحًا، فَقَدْ
كَانَ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا
قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ «5» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلًا بَلْ هُمْ
قَوْمٌ خَصِمُونَ
18515 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَيَّاشٍ الرَّمْلِيُّ،
حَدَّثَنَا مُؤَمِّلٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ
مَخْزُومٍ عَنِ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الشَّامِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ حَمَّادٌ: لَا أَدْرِي
رَفَعَهُ أَمْ لَا؟ قَالَ: مَا ضَلَّتْ أُمَّةٌ بَعْدَ
نَبِيِّهَا إِلا كَانَ أَوَّلُ ضَلالِهَا التَّكْذِيبَ
بِالْقَدَرِ، وَمَا ضَلَّتْ أُمَّةٌ بَعْدَ نَبِيِّهَا إِلا
أُعْطُوا الْجَدَلَ، ثُمَّ قَرَأَ: مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا
جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ «6» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ
18516 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ
__________
(1) ابن كثير 7/ 219.
(2) الدر 7/ 384.
(3) الدر 7/ 384.
(4) الدر 7/ 384. [.....]
(5) ابن كثير 7/ 221.
(6) ابن كثير 7/ 222.
(10/3284)
الْأَخِلَّاءُ
يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ
(67)
لِقُرَيْشٍ: «إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ
يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ فِيهِ خَيْرٌ» فَقَالُوا:
أَلَسْتَ تَزْعَمُ أَنَّ عِيسَى كَانَ نَبِيًّا وَعَبْدًا مِنْ
عِبَادِ اللَّهِ صَالِحًا وَقَدْ عَبَدَتُهُ النَّصَارَى؟
فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا، فَإِنَّهُ كَآلِهَتِهِمْ، فَأَنْزَلَ
اللَّهُ: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا
قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ قَالَ: يَضِجُّونَ وَإِنَّهُ
لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ قَالَ: هُوَ خُرُوجُ عيسى بن مريم قبيل
يَوْمِ الْقِيَامَةِ «1» .
18517 - عَنِ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَا
ضَلَّتْ أُمَّةٌ بَعْدَ نَبِيِّهَا إِلا أُعْطُوا الْجَدَلَ،
ثُمَّ قَرَأَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلًا
18518 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي
قَوْلِهِ: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ قَالَ:
خُرُوجُ عِيسَى قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: الْأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ عَدُوٌّ
18519 - أَخْبَرَنِي إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ
الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْأَخِلاءُ
يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ،
قَالَ: خَلِيلانِ مُؤْمِنَانِ، وَخَلِيلانِ كَافِرَانِ،
فَتُوُّفِّيَ أَحْدُ الْمُؤْمِنِينِ وَبُشِّرَ بِالْجَنَّةِ
فذكر خليله، فيقال: اللَّهُمَّ، إِنَّ فُلانًا خَلِيلِي كَانَ
يَأْمُرُنِي بِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ، وَيَأْمُرُنِي
بِالْخَيْرِ وَيَنْهَانِي عَنِ الشَّرِّ، وَيُنَبِّئُنِي
أَنَّي مُلاقِيكَ، اللَّهُمَّ فَلا تُضِلَّهُ بَعْدِي حَتَّى
تُرِيَهُ مِثْلَ مَا أَرَيْتَنِي، وَتَرْضَى عَنْهُ كَمَا
رَضِيتُ عَنِّي فَيُقَالُ لَهُ: اذْهَبْ فَلَوْ تَعْلَمُ
مَالَهُ عِنْدِي لَضَحِكْتَ كَثِيرًا وَبَكَيْتَ قَلِيلًا.
قَالَ: ثُمَّ يَمُوتُ الْآخَرُ فَتَجْتَمِعُ أَرْوَاحُهُمَا،
فَيُقَالُ: لِيُثْنِ أَحَدُكُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، فَيَقُولُ
كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ: نِعْمَ الْأَخُ،
وَنِعْمَ الصَّاحِبُ وَنِعْمَ الْخَلِيلُ. وَإِذَا مَاتَ
أَحَدُ الْكَافِرَيْنِ وَبُشِّرَ بِالنَّارِ ذَكَرَ خَلَيلَهُ
فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّ خَلِيلِي فُلانًا كَانَ
يَأْمُرُنِي بِمَعْصِيَتِكَ وَمَعْصِيَةِ رَسُولِكَ،
وَيَأْمُرُنِي بِالشَّرِّ وَيَنْهَانِي عَنِ الْخَيْرِ،
وَيُخْبِرُنِي أَنِّي غَيْرُ مُلاقِيكَ، اللَّهُمَّ فَلا
تَهْدِهِ بَعْدِي حَتَّى تُرِيَهُ مِثْلَ مَا أَرَيْتَنِي
وَتَسْخَطَ عَلَيْهِ كَمَا سَخِطْتَ عَلَيَّ. قَالَ:
فَيَمُوتُ الْكَافِرُ الْآخَرُ، فَيُجْمَعُ بَيْنَ
أَرْوَاحِهِمَا فَيُقَالُ: لِيُثْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا
عَلَى صَاحِبِهِ. فَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
لِصَاحِبِهِ: بِئْسَ الْأَخُ، وَبِئْسَ الصَّاحِبُ وَبِئْسَ
الْخَلِيلُ «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: تُحْبَرُونَ
18520 - عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: تحبرون قال:
تكرمون «4» .
__________
(1) الدر 7/ 385.
(2) الدر 7/ 386.
(3) ابن كثير 7/ 242.
(4) الدر 7/ 390.
(10/3285)
يُطَافُ عَلَيْهِمْ
بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ
الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ (71)
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَفِيهَا مَا
تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ
فِيهَا خَالِدُونَ
18521 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ
الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا سِوَادٌ السَّرَحِيُّ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ
عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ وَذَكَرَ الْجَنَّةَ فَقَالَ:
«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمُ
اللُّقْمَةَ فَيَجْعَلُهَا فِي فِيهِ، ثُمَّ يَخْطُرُ عَلَى
بَالِهِ طَعَامٌ آخَرُ فَيَتَحَوَّلُ الطَّعَامُ الَّذِي فِي
فِيهِ عَلَى الَّذِي اشْتَهَى» ثُمَّ قَرَأَ: وَفِيهَا مَا
تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأعين وأنتم فيها
خَالِدُونَ «1» .
18522 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَخَسُّ أَهْلِ الْجَنَّةِ
مَنْزِلا لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ خَادِمٍ مَعَ كُلِّ خَادِمٍ
صَحْفَةٌ مِنْ ذَهَبٍ لَوْ نَزَلَ بِهِ أَهْلُ الْأَرْضِ
جَمِيعًا لاوْصَلَهُمْ لَا يَسْتَعِينُ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ
مِنْ عِنْدِ غَيْرِهِ. وَذَلِكَ فِي قَوْلِ اللَّهِ: وَفِيهَا
مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ «2» .
18523 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ فِي الْجَنَّةِ
وُلْدٌ؟ قَالَ: إِنْ شاؤوا «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي
أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
18524 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَن ّرَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ إِلا
وَلَهُ مَنْزِلٌ فِي الْجَنَّةِ وَمَنْزِلٌ فِي النَّارِ،
فَالْكَافِرُ يَرِثُ الْمُؤْمِنَ مَنْزِلَهُ فِي النَّارِ،
وَالْمُؤْمِنُ يَرِثُ الْكَافِرَ مَنْزِلَهُ فِي الْجَنَّةِ
وَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي
أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَنَادَوْا يَا مَالِكُ
18525 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ قَالَ:
مَكَثَ عَنْهُمْ أَلْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ يُجِيبُهُمْ: إِنَّكُمْ
مَاكِثُونَ «5» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ
18526 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: قُلْ إِنْ كَانَ
لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ يَقُولُ: لَمْ يَكُنْ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ
فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ قَالَ: الشاهدين «6» .
__________
(1) ابن كثير 7/ 255- 226.
(2) الدر 7/ 394.
(3) الدر 7/ 394.
(4) الدر 7/ 395
(5) الدر 7/ 395
(6) الدر 7/ 395
(10/3286)
|