تفسير ابن أبي
حاتم محققا حم (1)
سُورَةُ غَافِرٍ
40
قَوْلُهُ تَعَالَى: حم، تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ
الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ
18415 - وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: سَمِعْتُ أَبَا
إِسْحَاقَ السَّبِيعِيَّ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ
بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي
قَتَلْتُ فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَرَأَ عَلَيْهِ حم.
تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. غافر
الذنب وقابل التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ وَقَالَ: اعْمَلْ
وَلا تَيْأَسْ «1» .
18416 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ،
حَدَّثَنَا عُمَرُ يَعْنِي ابْنَ أَيُّوبَ- أَخْبَرَنَا
جَعْفَرُ بْنُ بَرَقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ قَالَ:
كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ذُو بَأْسٍ، وَكَانَ يَفِدُ
إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَفَقَدَهُ عُمَرُ فَقَالَ: مَا
فَعَلَ فَلَانُ بن فلان؟ فقالوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
يُتَابِعُ فِي هَذَا الشَّرَابِ قَالَ: فَدَعَا عُمَرُ
كَاتِبَهُ فَقَالَ: اكْتُبْ «مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
إِلَى فُلانِ بْنِ فُلانٍ سَلامُ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ
إِلَيْكَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلا هُوَ غَافِرُ
الذَّنْبِ وَقَابِلُ التَّوْبِ شَدِيدُ الْعِقَابِ ذِي
الطّوْلِ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِير» ثُمَّ
قَالَ لِأَصْحَابِهِ: ادْعُوا اللَّهَ لِأَخِيكُمْ أَنْ
يُقْبِلَ بِقَلْبِهِ، وَأَنْ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ،
فَلَمَّا بَلَغَ الرَّجُلَ كِتَابُ عمر جعل يقرؤه ويردده ويقول
غَافِرُ الذَّنْبِ وَقَابِلُ التَّوْبِ شَدِيدُ الْعِقَابِ
قَدْ حَذَّرَنِي عُقُوبَتَهُ وَوَعَدَنِي أَنْ يَغْفِرَ لِي
«2» .
18417 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ
بْنُ وَاقِدٍ أَبُو عُمَرَ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ
الْبُنَانِيُّ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ
فِي سَوَادِ الكوفة فدخلت حائطا أصلي ركعتين فافتحت «حم»
الْمُؤْمِنَ، حَتَّى بَلَغْتُ: لا إِلَهَ إِلا هو إليه المصير
فإذا رجل خلقي علي بغلة شهباء عليه مقطعات يمينة فَقَالَ:
إِذَا قُلْتَ: غَافِرِ الذَّنْبِ فَقُلْ: يَا غَافِرَ
الذَّنْبِ اغْفَرْ لِي ذَنْبِي. وَإِذَا قُلْتَ: قَابِلِ
التَّوْبِ فَقُلْ. يَا قَابِلَ التَّوْبِ اقْبَلْ تَوْبَتِي
وَإِذَا قلت: شديد العقاب فقال: يَا شَدِيدَ الْعِقَابِ، لَا
تُعَاقِبْنِي. قَالَ: فَالْتَفَتُّ فلم أر
__________
(1) ابن كثير 7/ 118.
(2) ابن كثير 7/ 119.
(10/3263)
مَا يُجَادِلُ فِي
آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ
تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ (4)
أَحَدًا فَخَرَجْتُ إِلَى الْبَابِ
فَقُلْتُ: مَرَّ بِكُمْ رجل عليه مقطعات يمينة؟ قَالُوا: مَا
رَأَيْنَا أَحَدًا فَكَانُوا يَرْوُنَ أَنَّهُ إِلْيَاسُ «1» .
18418 - عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ قَالَ: جَاءَ
رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ
فقال: يا أمير المؤمنين ان قَتَلْتُ فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ،
فَقَرَأَ عَلَيْهِ: حم تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ
الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، غافر الذنب وقابل التوب وَقَالَ:
اعْمَلْ وَلا تَيْأَسْ «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: ذِي الطَّوْلِ
18419 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُمَا ذِي
الطَّوْلِ السِّعَةِ وَالْغِنَى.
18420 - عَنْ ثَابِتِ الْبُنَانِيِّ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ
قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ،
عَنْهُ فِي سَوَادِ الْكُوفَةِ فَدَخَلْتُ حَائِطًا أُصَلِّي
رَكْعَتَيْنِ فَافْتَتَحْتُ «حم» الْمُؤْمِنَ حَتَّى بَلَغْتُ
لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ، فَإِذَا خَلْفِي
رَجُلٌ عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ عَلَيْهِ مقطنات يَمِنِيَّةٌ
فَقَالَ: إِذَا قَلْتَ: قَابِلِ التَّوْبِ فَقُلْ: يَا قَابِلَ
التَّوْبِ اقْبَلْ تَوْبَتِي وَإِذَا قُلْتَ: شَدِيدِ
الْعِقَابِ فَقُلْ: يَا شَدِيدَ الْعِقَابِ لَا تُعَاقِبْنِي
«3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلا
الَّذِينَ كَفَرُوا
18421 - عَنْ أَبِي مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ فِي
قَوْلِهِ: مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلا الَّذِينَ
كَفَرُوا وَنَزَلَتْ في الحراث بْنِ قَيْسٍ السُّلَمِيِّ «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: الْعَرْشَ
18422 - عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ إِنَّ النَّبِيّ-
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أُذِنَ لِي أَنْ
أُحَدِّثَ، عَنْ مَلَكٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مِنْ حَمَلَةِ
الْعَرْشِ. مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ
مَسِيرَةُ سَبْعِمِائَةِ سَنَةٍ «5» .
18423 - مِنْ طَرِيقِ أَبِي قُبَيْلٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُمَا يَقُولُ:
حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثَمَانِيَةٌ. مَا بَيْنَ مُوقِ أَحَدِهِمْ
إِلَى مُؤَخِّرَةِ عَيْنَيْهِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ
«6» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا
اثْنَتَيْنِ
18424 - عن ابن عباس ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي
قَوْلِهِ:
__________
(1) ابن كثير 7/ 119.
(2) الدر 7/ 171- 172.
(3) الدر 7/ 171- 172.
(4) الدر 7/ 272- 274.
(5) الدر 7/ 272- 274.
(6) الدر 7/ 272- 274.
(10/3264)
يَوْمَ هُمْ
بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ
الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16)
أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا
اثْنَتَيْنِ قَالَ: هِيَ مِثْلُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ
كُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ
يُحْيِيكُمْ كَانُوا أَمْوَاتًا فِي أَصْلابِ آبَائِهِمْ،
ثُمَّ أَخْرَجَهُمْ فَأَحْيَاهُمْ، ثُمَّ يُمِيتُهُمْ، ثُمَّ
يُحْيِيهِمْ بَعْدَ الْمَوْتِ «1» .
18425 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُمَا فِي
قَوْلِهِ: أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ
قَالَ: كُنْتُمْ أَمْوَاتًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَكُمْ فَهَذِهِ
مَيْتَةٌ، ثُمَّ أَحْيَاكُمْ فَهَذِهِ حَيَاةٌ، ثُمَّ
يُمِيتُكُمْ فَتُرْجَعُونَ إِلَى الْقُبُورِ فَهَذِهِ مَيْتَةٌ
أُخْرَى، ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَهَذِهِ
حَيَاةٌ فَهُمَا مِيْتَتَانِ وَحَيَّاتَانِ. فَهُوَ
كَقَوْلِهِ: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ
أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ
ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ «2» .
18426 - حَدَّثَنَا الرُّبَيْعُ، حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ بْنُ
نَاصِحٍ، حَدَّثَنَا صَالِحٌ يَعْنِي الْمُرِيَّ، عَنْ هِشَامِ
بْنِ حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ
مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا
يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ» «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ
الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ
18427 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ الدَّقَّاقُ،
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ،
عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ: يُنَادِي مُنَادٍ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: يَا
أَيُّهَا النَّاسُ، أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ فَيَسْمَعُهَا
الْأَحْيَاءُ وَالْأَمْوَاتُ، قَالَ: وَيَنْزِلُ اللَّهُ،
إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا وَيَقُولُ: لِمَنِ الْمُلْكُ
الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا
تُخْفِي الصُّدُورُ
18428 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُمَا فِي
قَوْلِهِ: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي
الصُّدُورُ قَالَ: الرَّجُلُ يَكُونُ فِي الْقَوْمِ فَتَمُرُّ
بِهِمُ المرأة فَيُرِيهِمْ أَنَّهُ يَغُضُّ بَصَرَهُ، عَنْهَا
وَإِذَا غَفِلُوا لَحَظَ إِلَيْهَا وَإِذَا نَظَرُوا غَضَّ
بَصَرَهُ، عَنْهَا، وَقَدِ اطَّلَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ
أَنَّهُ وَدَّ أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى عَوْرَتِهَا «5» .
18429 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُمَا فِي
قَوْلِهِ: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعين
__________
(1) الدر 7/ 272- 274.
(2) الدر 7/ 272- 274.
(3) ابن كثير 7/ 124- 125.
(4) ابن كثير 7/ 124- 125.
(5) الدر 7/ 282. [.....]
(10/3265)
وَقَالَ رَجُلٌ
مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ
أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ
جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ
كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ
بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ
هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28)
قال: نظرت إليها لتريد الْخِيَانَةَ أَمْ
لَا؟ إِلا أَخْبَرُكُمْ وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ قَادِرٌ
عَلَى أَنْ يَجْزِيَ بِالْحَسَنَةِ الْحَسَنَةَ
وَبِالسَّيْئَةِ السَّيْئَةَ «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ
رَبِّيَ اللَّهُ ... الآية
18430 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمَدَانِيُّ
حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ يَعْنِي ابْنَ عُرْوَةَ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سُئِلَ: مَا
أَشَدُّ مَا رَأَيْتَ قُرَيْشًا بَلَغُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَرَّ بِهِمْ ذَاتَ
يَوْمٍ فَقَالُوا لَهُ: أَنْتَ تَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا
يَعْبُدُ آبَاؤُنَا؟ فَقَالَ: «أَنَا ذَاكَ» فَقَامُوا
إِلَيْهِ، فَأَخَذُوا بِمَجَامِعِ ثِيَابِهِ، فَرَأْيَتُ أَبَا
بَكْرٍ مُحْتَضِنَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَهُوَ يُصِيحُ بِأَعْلَى
صَوْتِهِ وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَيَسِيلانَ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا
قَوْمِ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ
وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ؟ حَتَّى
فَرَغَ مِنَ الْآيَةِ كُلِّهَا «2» .
18431 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُمَا قَالَ:
لَمْ يَكُنْ فِي آلِ فِرْعَونَ مُؤْمِنٌ غَيْرَهُ وَغَيْرَ
امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ وَغَيْرَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي أَنْذَرَ
مُوسَى عَلَيْهِ «3» السَّلامُ الَّذِي قَالَ: «إِنَّ الْمَلا
يَأْتَمِرُونَ بِكَ لَيَقْتُلُوكَ»
قَوْلُهُ تَعَالَى: كَبُرَ مَقْتًا
18432 - عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ:
مَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حَسَنًا فَهُوَ حَسَنٌ، عِنْدَ
اللَّهِ. وَمَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ سَيِّئًا فَهُوَ سَيْئٌ،
عِنْدَ اللَّهِ. وَكَانَ الْأَعْمَشُ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ
يَتَأَوَّلُ بَعْدَهُ كَبُرَ مَقْتًا، عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ
الَّذِينَ آمَنُوا «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِلا فِي تَبَابٍ
18433 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُمَا فِي
قَوْلِهِ: إِلا فِي تَبَابٍ قَالَ:
خَسْرَانٍ «5» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ
18434 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُمَا قَالَ:
الدُّنْيَا جُمُعَةٌ مِنْ جَمَعَ الْآخِرَةِ.
سَبْعَةُ آلاف سنة «6» .
__________
(1) الدر 7/ 282.
(2) ابن كثير 7/ 130.
(3) الدر 7/ 284.
(4) الدر 7/ 284.
(5) الدر 7/ 288.
(6) الدر 7/ 288.
(10/3266)
النَّارُ يُعْرَضُونَ
عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ
أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)
18435 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ،
حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ ثَرْوَانَ، عَنْ هُزَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ: إِنَّ
أَرْوَاحَ الشُّهَدَاءِ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ
بِهِمْ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءُوا. وَإِنَّ أَرْوَاحَ
وِلْدَانِ الْمُؤْمِنِينَ فِي أَجْوَافِ عَصَافِيرَ تَسْرَحُ
فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، فَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ
مُعَلَّقَةٍ فِي الْعَرْشِ.
وَإِنَّ أَرْوَاحَ آلِ فِرْعَوْنَ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ سُودٍ
تَغْدُوا عَلَى جَهَنَّمَ وَتَرُوحُ عَلَيْهَا فَذَلِكَ
عَرْضُهَا «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ
الْعَذَابِ
18436 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا
زَيْدُ بْنُ أَخْرَمَ، حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ مُدِرِكٍ
الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا عُتْبَةُ يَعْنِي ابْنَ يَقَظَانَ،
عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقٍ، عَنْ شِهَابٍ، عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا أَحْسَنَ مُحْسِنٌ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ
كَافِرٍ إِلا أَثَابَهُ اللَّهُ» قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ
اللَّهِ مَا إِثَابَةُ الْكَافِرِ؟ فَقَالَ: «إِنْ كَانَ قَدْ
وَصَلَ رَحِمًا أَوْ تَصَدَقَ بِصَدَقَةٍ، أَوْ عَمِلَ
حَسَنَةً، أَثَابَهُ اللَّهُ الْمَالَ وَالْوَلَدَ
وَالصِّحَّةَ وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ» قُلْنَا فَمَا إِثَابَتُهُ
فِي الْآخِرَةِ؟ قَالَ: «عَذَابًا دَوْنَ الْعَذَابِ»
وَقَرَأَ: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا
18437 - عَنِ أَبِي الْعَالِيَةِ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي
قَوْلِهِ: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا الْآيَةَ قَالَ: ذَلِكَ
فِي الْحُجَّةِ يَفْتَحُ اللَّهُ حُجَّتَهُمْ فِي الدُّنْيَا
«3» .
18438 - عَنِ السُّدِّيِّ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ فِي هَذِهِ
الْآيَةِ قَالَ: لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ إِلِيْهِمْ مَنْ
يَنْصُرُهُمْ فَيَطْلُبُ بِدِمَائِهِمْ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ
بِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَهُمْ مَنْصُورُونَ فِيهَا «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: الْأَشْهَادُ
18439 - عَنْ زَيْدٍ بْنِ أَسْلَمَ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ قال:
الأشهاد أربعة الملائكة
__________
(1) ابن كثير 7/ 137.
(2) ابن كثير 7/ 138.
(3) الدر 7/ 292.
(4) الدر 7/ 292.
(10/3267)
إِنَّ الَّذِينَ
يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ
إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ
فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
(56)
الَّذِينَ يُحْصُونَ أَعْمَالَنَا
وَقَرَأَ: وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ
وَالنَّبِيُّونَ شُهَدَاءُ عَلَى أُمَمِهِمْ وَقَرَأَ:
فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَأُمَّةُ
مُحَمَّدٍ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شُهَدَاءُ
عَلَى الْأُمَمِ وَقَرَأَ: لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى
النَّاسِ وَالْأَجْسَادُ وَالْجُلُودُ وَقَرَأَ: وَقَالُوا
لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا
اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ
اللَّهِ
18440 - عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ
قَالَ: إِنَّ الْيَهُودَ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: إِنَّ الدَّجَّالَ يَكُونَ
مِنَّا فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وَيَكُونُ مِنْ أمَرِهِ
فَعَظَّمُوا امره، وقالوا: يصنع كَذَا ... فَأَنْزَلَ اللَّهُ:
إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ
سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ مَا هُم
بِبَالِغِيهِ قَالَ: لَا يَبْلُغُ الَّذِي يَقُولُ فَاسْتَعِذْ
بِاللَّهِ فَأَمَرَ نَبِيَّهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَنْ يَتَعَوَّذَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ
لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ
النَّاسِ الدَّجَّالِ «2» .
18441 - عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي
قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ
بِغَيْرِ سُلْطَانٍ قَالَ: هُمُ الْيَهُودُ نَزَلَتْ فِيهِمْ
فِيمَا يَنْتَظِرُونَهُ مِنْ أَمْرِ الدَّجَّالِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ السَّاعَةَ لاتِيَةٌ لا رَيْبَ
فِيهَا
18442 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ
الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا أَشْهَبُ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ
شَيْخٍ قَدِيمٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ قَدِمَ مِنْ ثَمَّ
قَالَ: سَمِعْتُ أَنَّ الساعة إِذَا دَنَتِ اشْتَدَّ الْبَلاءُ
عَلَى النَّاسِ، وَاشْتَدَّ حَرُّ الشَّمْسِ «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ
18443 - قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارُ: أُعْطِيَتْ هَذِهِ
الْأُمَّةُ ثَلاثًا لَمْ تُعْطَهُنَّ أُمَّةٌ قَبْلَهُمْ إِلا
نَبِيٌّ: كَانَ إِذَا أَرْسَلَ اللَّهُ نَبِيًّا قِيلَ لَهُ:
«أَنْتَ شَاهِدٌ علَى أُمَّتِكَ» وَجَعَلَكُمْ شُهَدَاءَ عَلَى
النَّاسِ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: «لَيْسَ عَلَيْكَ فِي
الدِّينِ من حرج» وقال لهذه الأمة:
__________
(1) الدر 7/ 292.
(2) الدر 7/ 294.
(3) ابن كثير 7/ 142.
(10/3268)
إِذِ الْأَغْلَالُ فِي
أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71)
وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ
حَرَجٍ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لك» ،
وَقَالَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ «1»
.
18444 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا
الْأَعْمَشُ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ يَسِيعٍ الْكِنْدِيِّ، عَنِ
النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ» ثُمَّ قَرَأَ: ادْعُونِي
أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ، عَنْ
عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ
وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ
18445 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ
حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ طَلْحَةَ الْخِزَامِيُّ، عَنْ خَالِدِ
بْنِ دُرَيْكٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ رَفَعَ الْحَدِيثَ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: «يَنْشِئُ اللَّهُ سَحَابَةً لِأَهْلِ النَّارِ
سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً وَيُقَالُ: يَا أَهْلَ النَّارِ» أَيُّ
شَيْءٍ تَطْلُبُونَ؟ فَيَذْكُرُونَ بِهَا سَحَابَ الدُّنْيَا
فَيَقُولُونَ:
نَسْأَلُ بَرْدَ الشَّرَابِ فَتُمْطِرُهُمْ أَغْلالًا تَزِيدُ
فِي أَغْلالِهِمْ، وَسَلاسِلَ تَزِيدُ فِي سَلاسِلِهِمْ،
وَجَمْرًا يُلْهِبُ النَّارَ عَلَيْهِمْ «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: يُسْجَرُونَ
18446 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
يُسْجَرُونَ قَالَ: تُوقَدُ بِهِمُ النَّارُ وَفِي قَوْلِهِ:
تَمْرَحُونَ قال: تبطرون وتأشرون «4» .
__________
(1) ابن كثير 7/ 142 [.....]
(2) ابن كثير 7/ 142
(3) ابن كثير 7/ 147 وقال هذا حديث غريب
(4) الدر 7/ 306.
(10/3269)
قُلْ إِنَّمَا أَنَا
بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ
وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ
لِلْمُشْرِكِينَ (6)
سُورَةُ فصلت
41
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ
18447 - عَنِ ابن عباس رضي الله، عنهما في قَوْلِهِ: وَوَيْلٌ
لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ قَالَ: لَا
يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَفِي قَوْلِهِ:
لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ قَالَ: غَيْرُ مَنْقُوصٍ «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا
18448 - عَنْ عِكْرَمَةَ فِي قَوْلِهِ: وَقَدَّرَ فِيهَا
أَقْوَاتَهَا قَالَ: قَدَّرَ فِي كُلِّ أَرْضٍ شَيْئًا لَا
يَصْلُحُ فِي غَيْرِهَا «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِئْتِيَا
18449 - عَنِ ابن عباس رضي الله، عنهما في قوله: إِئْتِيَا
قَالَ: أَعْطِيَا وَفِي قَوْلِهِ: إِئْتِيَا أَعْطِينَا «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ
18450 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُمَا فِي
قَوْلِهِ: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ قَالَ: بَيَّنَا
لَهُمْ «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: يُوزَعُونَ
18451 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُمَا فِي
قَوْلِهِ: يُوزَعُونَ قَالَ:
يُدْفَعُونَ «5» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ
عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ
18452 - عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ،
عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «تُحْشَرُونَ هَاهُنَا وَأَوْمَا بِيَدِهِ إِلَى
الشَّامِ، مُشَاةً وَرُكْبَانًا عَلَى وُجُوهِكُمْ،
__________
(1) الدر 7/ 314- 318.
(2) الدر 7/ 314- 318.
(3) الدر 7/ 314- 318.
(4) الدر 7/ 314- 318.
(5) الدر 7/ 314- 318.
(10/3270)
وَتُعْرَضُونَ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى
أَفْوَاهِكُمُ الْفِدَامُ، إِنَّ أَوَّلَ مَا يُعْرِبُ، عَنْ
أَحَدِكُمْ فَخِذُهُ وَكَفُّهُ وَتَلا رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ
أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا
جُلُودُكُمْ «1» .
18453 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ
قَالَ: لِابْنِ الْأَزْرَقِ: إِنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
يَأْتِي عَلَى النَّاسِ مِنْهُ حِينَ لَا يَنْطِقُونَ وَلا
يَعْتَذِرُونَ وَلا يَتَكَلَّمُونَ حَتَّى يُؤْذَنَ لَهُمْ
فَيَخْتَصِمُونَ، فَيَجْحَدُ الْجَاحِدُ بِشِرْكِهِ بِاللَّهِ
تَعَالَى فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ
فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حِينَ يَجْحَدُونَ شُهُودًا
مِنْ أَنْفُسِهِمْ جُلُودَهُمْ، وَأَبْصَارَهُمْ،
وَأَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَيَخْتِمُ عَلَى
أَفْوَاهِهِمْ، ثُمَّ تُفْتَحُ الْأَفْوَاهُ فَتُخَاصِمُ
الْجَوَارِحُ فَتَقُولُ: أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ
كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ
تُرْجَعُونَ فَتُقِرُّ الْأَلْسِنَةُ بَعْدُ «2» .
18454 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ،
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ
عُبَيْدٍ الْمُكْتِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكِ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ: ضَحِكَ رَسُولُ
اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ
وَتَبَسَّمَ فَقَالَ: «أَلا تَسْأَلُونُي، عَنْ أَيِّ شَيْءٍ
ضَحِكْتُ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ
ضَحِكْتَ؟ قَالَ «عَجِبْتُ مِنْ مُجَادَلَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ: أَيْ رَبِّي أَلَيْسَ
وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تَظْلِمَنِي؟ قَالَ: بَلَى فَيَقُولُ:
فَإِنِّي لَا أَقْبَلُ عَلَيَّ شَاهِدًا إِلا مِنْ نَفْسِي
فيقول الله تبارك وتعالى: أو ليس كَفَى بِي شَهِيدًا،
وَبِالْمَلائِكَةِ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ؟! قَالَ:
فَيُرَدِّدُ هَذَا الْكَلامَ مِرَارًا قَالَ: فَيَخْتِمُ عَلَى
فِيهِ، وَتَتَكَلَّمُ أَرْكَانُهُ بِمَا كَانَ يَعْمَلُ
فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا، عَنْكُنَّ كُنْتُ
أُجَادِلُ» «3» .
18455 - حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابن عُلَيَّةَ، عَنْ
يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ قَالَ:
قَالَ أَبُو بُرْدَةَ قَالَ أَبُو مُوسَى: وَيُدْعَى
الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ لِلْحِسَابِ فَيَعْرِضُ عليه ربه عز
وجل عَمَلَهُ فَيَجْحَدُ وَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ
لَقَدْ كَتَبَ عَلَيَّ هَذَا الْمَلَكُ مَا لَمْ أَعْمَلْ!
فيق، ل لَهُ الْمَلَكُ: أَمَا عَمِلْتَ كَذَا فِي يَوْمِ كذا
في مكان كذا؟ فيقول: لا وعزتك أَيْ رَبِّ مَا عَمِلْتُهُ
فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ خُتِمَ عَلَى فِيهِ قَالَ
الْأَشْعَرِيُّ: فَإِنِّي لاحْسَبَ أَوَّلَ مَا يَنْطِقُ
مِنْهُ فَخْذَهُ الْيُمْنَى «4» .
18456 - حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ، ثنا عَبْدُ الصمد بن عبد الوارث:
__________
(1) الدر 7/ 318.
(2) الدر 7/ 318.
(3) ابن كثير 7/ 159.
(4) ابن كثير 7/ 160.
(10/3271)
وَقَالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ
لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26)
سَمِعْتُ أَبِي: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ
زَيْدٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ أَبِي الضُّحَى، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ الْأَزْرَقِ: إِنَّ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ مِنْهُ حِينَ لَا
يَنْطِقُونَ، وَلا يَعْتَذِرُونَ، وَلا يَتَكَلَّمُونَ حَتَّى
يُؤْذَنَ لَهُمْ، ثُمَّ يُؤْذَنُ لَهُمْ، فَيَخْتَصَمُونَ
فَيَجْحَدُ الْجَاحِدُ بِشِرْكِهِ بِاللَّهِ فَيَحْلِفُونَ
لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
حِينَ يَجْحَدُونَ شُهَدَاءَ مِنْ أنفسهم جلودهم وأبصارهم
وأيدهم وَأَرْجُلَهُمْ وَيَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، ثُمَّ
يَفْتَحُ لَهُمُ الأفواه فتخاصم الجوارح فتقول: أنطقنا الله
الذي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ
وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فَتُقِرُّ الْأَلْسِنَةُ بَعْدَ
الْجُحُودِ «1» .
18457 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنِ ابْنِ
خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ قَالَ: لَمَّا رَجَعَتْ إِلَى النَّبِيِّ- صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُهَاجِرَةُ الْبَحْرِ قَالَ:
«أَلا تُحَدِّثُونَ بِأَعَاجِيبَ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ
الْحَبَشَةِ؟
فَقَالَ فِتَّيَةٌ مِنْهُمْ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ
بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ إِذْ مَرَّتْ عَلَيْنَا عَجُوزٌ مِنْ
عَجَائِزِ رها بينهم تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ
مَاءٍ فَمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ
بَيْنَ كَفَّيْهَا ثُمَّ دَفَعَهَا، فَخَرَّتْ عَلَى
رُكْبَتَيْهَا فَانْكَسَرَتْ قُلْتُهَا، فَلَمَا ارْتَفَعَتِ
الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ:
سَوْفَ تَعْلَمُ يَا غُدَرُ إِذَا وَضَعَ اللَّهُ
الْكُرْسِيَّ، وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ،
وَتَكَلَّمَتِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ بِمَا كَانُوا
يَكُسِبُونَ، فَسَوْفَ تَعْلَمُ كَيْفَ أَمْرِي وَأَمْرُكَ،
عِنْدَهُ غَدًا؟ قَالَ:
يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
«صَدَقَتْ، صدقت كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ قَوْمًا لَا
يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ؟» «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ
وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ
18458 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُمَا قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَهُوَ بِمَكَّةَ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ،
فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَطْرُدُونَ النَّاسَ، عَنْهُ
وَيَقُولُونَ: لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا
فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ-
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَخْفَى قَرَاءَتَهُ
لَمْ يَسْمَعْ مَنْ يَجِبُ أَنْ يَسْمَعَ الْقُرْآنَ
فَأَنْزَلَ اللَّهُ: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ
بِهَا «3» .
18459 - عَنِ ابْنِ عباس رضي الله، عنهما في قوله: والغوا فيه
قال:
__________
(1) ابن كثير 7/ 160.
(2) ابن كثير 7/ 161. [.....]
(3) الدر 7/ 320.
(10/3272)
وَقَالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ
الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا
لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29)
بِالتَّصْفِيرِ وَالتَّخْلِيطِ فِي
الْمَنْطِقِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ قُرَيْشٌ تَفْعَلُهُ «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ
الْجِنِّ وَالْإِنسِ
18460 - عَنْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ،
عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ، عَنْ قَوْلِهِ: رَبَّنَا أَرِنَا
الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ قَالَ: هُوَ
ابْنُ آدَمَ الَّذِي قَتَلَ أَخَاهُ وَإِبْلِيسُ «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا يُقَالُ لَكَ
18461 - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: مَا
يُقَالُ لَكَ مِنَ التَّكْذِيبِ إِلا مَا قَدْ قِيلَ
لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ فَكَمَا كُذِّبْتَ فَقَدْ كُذِّبُوا،
وَكَمَا صَبَرُوا عَلَى أَذَى قَوْمِهِمْ لَهُمْ فَاصْبِرْ
عَلَى أَذَى قَوْمِكَ إِلَيْكَ «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا
18462 - عَنِ ابن عباس رضي الله، عنهما في قوله: وَلَوْ
جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا الْآيَةَ يَقُولُ: لَوْ
جَعَلْنَا الْقُرْآنَ أَعْجَمِيًّا وَلِسَانُكَ يَا مُحَمَّدٌ
عَرَبِيٌّ لقالوا ... ء أعجمي وَعَرَبِيٌّ يَأْتِينَا بِهِ
مُخْتَلِفًا أَوْ مُخْتَلَطًا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ
فَكَانَ الْقُرْآنُ مِثْلَ اللِّسَانِ، يَقُولُ: فَلَمْ
يَفْعَلْ لَئِلا يَقُولُوا فَكَانَتْ حُجَّةً عَلَيْهِمْ «4» .
18463 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ
إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ
الْآيَةُ إن رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ-
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لولا غفر الله وتجاوزه
ما هنأ أحدا العيش، ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد» «5» .
__________
(1) الدر 7/ 320.
(2) الدر 7/ 320.
(3) الدر 7/ 320.
(4) الدر 7/ 320.
(5) الدر 7/ 320.
(10/3273)
|