تفسير ابن أبي
حاتم محققا قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا
تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ
الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي
بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ
كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4)
سُورَةُ الْأحقاف
46
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ
18563 - مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ قَالَ: «الْخَطُّ» «1»
.
18564 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ
يَقُولُ: بَيِّنَةٌ مِنَ الْأَمْرِ «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ
... الآية
18565 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ
الرُّسُلِ يَقُولُ لَسْتُ بِأَوَّلِ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي
مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَهَا
هَذَا: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ
وَمَا تَأَخَّرَ وَقَوْلُهُ: لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ الْآيَةَ فَأَعْلَمَ اللَّهُ
سَبْحَانُهُ نَبِيَّهُ مَا يَفْعَلُ بِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ
جَمِيعًا «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا
18566 - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ
يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ بَعْجَةَ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ قَالَ: تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنَّا
امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ فَوَلَدَتْ لَهُ لِتَمَامِ سِتَّةِ
أَشْهُرٍ، فَانْطَلَقَ زَوْجُهَا إِلى عُثْمَانَ فَذَكَرَ
ذَلِكَ لَهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا، فَلَمَّا قَامَتْ لِتَلْبَسَ
ثِيَابَهَا بَكَتْ أُخْتُهَا، فَقَالَتْ: مَا يُبْكِيكِ؟ فو
الله مَا الْتَبَسَ بِي أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ غَيْرُهُ
قَطُّ، فَيَقْضِي اللَّهُ فِيَّ مَا يَشَاءُ، فَلَمَّا أَتَى
بِهَا عُثْمَانَ أَمَرَ بِرَجْمِهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا
فَأَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ:
مَا تَصْنَعُ؟ قَالَ: وَلَدَتْ تَمَامًا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ،
وَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ لَهُ: أَمَا تَقْرَأُ
الْقُرْآنَ؟
قَالَ: بَلَى قَالَ: أَمَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ:
وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا وَقَالَ:
حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ فَلَمْ تَجِدْهُ بَقِيَ إِلا سِتَّةُ
أَشْهُرٍ، قَالَ: فَقَالَ عُثْمَانُ وَاللَّهِ مَا فَطِنْتُ
لِهَذَا، عَلَيَّ بِالْمَرْأَةِ. فَوَجَدُوهَا قَدْ فُرِغَ
مِنْهَا، قَالَ: فَقَالَ بَعْجَةُ: فو الله ما الغراب
__________
(1) الدر 7/ 434.
(2) الدر 7/ 434.
(3) الدر 7/ 434.
(10/3293)
أُولَئِكَ الَّذِينَ
نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ
عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ
الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)
بِالْغُرَابِ، وَلا الْبَيْضَةُ
بِالْبَيْضَةِ بِأَشْبَهَ مِنْهُ بِأَبِيهِ. فَلَمَّا رَآهُ
أَبُوهُ قَالَ: ابْنِي وَاللَّهِ لَا أشك فيه، قال: وأبلاه
الله بهذه الفرحة الْأَكَلَةَ، فَمَا زَالَتْ تَأْكُلُهُ
حَتَّى مَاتَ «1» .
قَوْلُهُ تعالى: حمله وَفِصَالُهُ
18567 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي
الْمَغْرَاءِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ دَاوُدَ
بْنِ أَبِي هِنْدَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
إِذَا وَضَعَتِ الْمَرْأَةُ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ، كَفَاهُ مِنَ
الرَّضَاعِ أَحَدَ وَعِشْرُونَ شَهْرًا، وَإِذَا وَضَعَتْهُ
لِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ كَفَاهُ مِنَ الرَّضَاعِ ثَلاثَةٌ
وَعِشْرُونَ شَهْرًا، وَإِذَا وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ
فَحَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ، لِأَنَّ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ:
وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ
أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا ... الْآيَةَ
18568 - حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيِّ عَنِ الْمُعْتَمَرِ بْنِ
سُلَيْمَانَ، عَنِ الْغِطْرِيفِ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عَنِ الرُّوحِ الْأَمِينِ عَلَيْهِ السَّلامُ
قَالَ: «يُؤْتَى بِحَسَنَاتِ الْعَبْدِ وَسَيْئَاتِهِ،
فَيَقْتَصُّ بَعْضَهَا بِبِعْضٍ، فَإِنْ بَقِيَتْ حَسَنَةٌ
وَسَّعَ اللَّهُ لَهُ فِي الجنة» قال: فدخلت على يزداد فحدث
بمثل هذا الحديث قال: قلت: فإن ذهبت الحسنة؟ قَالَ: أُولَئِكَ
الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ، عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا
وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ
وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ «3» .
18569 - عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ:
قُلْتُ لِمَسْرُوقٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَتَى يُؤْخَذُ
الرَّجُلُ بِذِنُوبِهِ؟ قَالَ: إِذَا بَلَغْتَ الْأَرْبَعِينَ
فَخُذْ حِذْرَكَ «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ
نِعْمَتَكَ
18570 - عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ قَالَ شَكَا أَبُو
مَعْشَرٍ ابْنَهُ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ مُصْرَفٍ فَقَالَ
طَلْحَةُ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ: اسْتَعِنْ عَلَيْهِ بَهَذِهِ
الْآيَةِ رَبِّ أوزعني أن أشكر نعمتك الآية «5» .
__________
(1) ابن كثير 7/ 264- والدر 7/ 441.
(2) ابن كثير 7/ 265.
(3) المرجع السابق.
(4) الدر 7/ 443.
(5) الدر 7/ 443.
(10/3294)
18571 - حَدَّثَنَا أَبيِ، حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ مِعْبَدٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ
الْكَلَائِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ
جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ سَعْدٍ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: وَنَزَلَ فِي دَارِي
حَيْثُ ظَهَرَ عَلِيٌّ عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَقَالَ لِي
يَوْمًا: لَقَدْ شَهِدْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيًّا
وَعِنْدَهُ عَمَّارٌ وَصَعْصَعَةُ وَالْأَشْتَرُ وَمُحَمَّدُ
بْنُ أَبِي بَكْرٍ، فَذَكَرُوا عُثْمَانَ فَنَالُوا مِنْهُ
وَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى السَّرِيرِ،
وَمَعَهُ عُودٌ فِي يَدِهِ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: إن،
عندكم من يفصل بينكم. فسألوه، فقال على: كان عثمان من الذين
قال الله: أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ، عَنْهُمْ أَحْسَنَ
مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ
الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ
قَالَ: وَاللَّهِ عُثْمَانُ وَأَصْحَابُ عُثْمَانَ قَالَهَا
ثَلاثًا- قَالَ يُوسُفُ: فَقُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ:
اللَّهُ لَسَمِعْتَ هَذَا مِنْ عَلِيٍّ؟ قَالَ:
اللَّهُ لَسَمِعْتُ هَذَا مِنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
«1» .
18572 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي
زَائِدَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، أَخْبَرَنِي
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الميني قَالَ: إِنِّي لَفِي الْمَسْجِدِ
حِينَ خَطَبَ مَرْوَانُ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَرَى أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ فِي يَزِيدَ رَأْيًا حَسَنًا، وَإِنْ
يَسْتَخْلِفَهُ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ.
فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ:
أَهِرْقَلِيَّةٌ؟! إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَاللَّهِ مَا جَعَلَهَا
فِي أَحَدٍ مِنْ وَلَدِهِ، وَلا أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ،
وَلا جَعَلَهَا مُعَاوِيَةُ فِي وَلَدِهِ إِلا رَحْمَةً
وَكَرَامَةً لِوَلِدِهِ. فَقَالَ مَرْوَانُ: أَلَسْتَ الَّذِي
قَالَ لِوَالِدَيْهِ: أُفٍّ لَكُمَا؟
فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَلَسْتَ ابْنُ اللَّعِينُ
الَّذِي لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَبَاكَ. قَالَ: وَسَمِعَتْهُمَا عَائِشَةُ
فَقَالَتْ: يَا مَرْوَانُ، أَنْتَ الْقَائِلُ لِعَبْدِ
الرَّحْمَنِ كَذَا وَكَذَا؟
كَذَبْتُ، مَا فِيهِ نَزَلَتْ، وَلَكِنْ نَزَلَتْ فِي فُلانِ
بْنِ فُلانٍ. ثُمَّ انْتَحَبَ مَرْوَانُ، ثُمَّ نَزَلَ عَنِ
الْمِنْبَرِ حَتَّى أَتَى بَابَ حُجْرَتِهَا فَجَعَلَ
يُكَلِّمُهَا حَتَّى انْصَرَفَ «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ
لَكُمَا
18573 - عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا فِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ لِوَالِدَيْهِ وَكَانَا
قَدْ أَسْلَمَا، وَأَبَى هُوَ أَنْ يُسْلِمَ فَكَانَ
يَأْمُرَانَهُ بِالْإِسْلامِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِمَا
وَيُكَذِّبُهُمَا، فَيَقُولُ: فَأَيْنَ فُلانٌ؟ وَأَيْنَ
فُلانٌ؟ يَعْنِي مَشَايِخَ
__________
(1) ابن كثير 7/ 266.
(2) ابن كثير 7/ 267.
(10/3295)
فَلَمَّا رَأَوْهُ
عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ
مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا
عَذَابٌ أَلِيمٌ (24)
قُرَيْشٍ مِمَّنْ قَدْ مَاتَ. ثُمَّ
أَسْلَمَ بَعْدُ فحسن إسلامه، فنزلت توبته فِي هَذِهِ الْآيَةِ
وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا «1» .
18574 - عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَيْرُ
وَادِيَيْنِ فِي النَّاسِ وَادِي مَكَّةَ وَوَادِي إِرَمَ
بِأَرْضِ الْهِنْدِ، وَشَرُّ وَادِيَيْنِ فِي النَّاسِ وَادِي
الأحقاف، وواد بحضرموت يدعى برهوت، يلقي في أَرْوَاحُ
الْكُفَّارِ، وَخَيْرُ بِئْرٍ فِي النَّاسِ زَمْزَمُ، وَشَرُّ
بِئْرٍ فِي النَّاسِ بَرْهُوتُ. وَهِيَ فِي ذَاكَ الْوَادِي
الَّذِي بِحَضَرَمَوْتَ «2» .
18575 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ:
الْأَحْقَافُ جَبَلٌ بِالشَّامِ «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا
18576 - مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما
في قَوْلِهِ: هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا قَالَ: هُوَ
السَّحَابُ «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ
مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ
18577 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي
قَوْلِهِ: وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ
فِيهِ يَقُولُ: لَمْ نُمَكِّنْكُمْ فِيهِ «5» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ
18578 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الطِّهْرَانِيِّ،
أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدْنِيُّ، حَدَّثَنَا
الحكم ابن أَبَانِ عَنْ عِكْرَمَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ قَالَ:
هُمُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا جَاءُوا مِنْ جِزِيرَةِ
الْمَوْصِلِ، فَقَالَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- لِابْنِ مَسْعُودٍ كَادَ أَنْ يَذْهَبَ، فَذَكَرَ
قَوْلَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَلَمْ يَبْرَحْ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ ذَهَبْتَ مَا الْتَقَيْنَا إِلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ» «6» .
18579 - قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ: أَمَّا الْجِنُّ
الَّذِينَ لَقُوهُ بِنَخْلَةٍ فَجِنُّ نِينَوَى، وَأَمَّا
الْجِنُّ الذين لقوه بمكة فجن نصيبين «7» .
__________
(1) الدر 7/ 448. [.....]
(2) الدر 7/ 448.
(3) الدر 7/ 448.
(4) الدر 5/ 448.
(5) الدر 5/ 448.
(6) ابن كثير 7/ 278- 279.
(7) ابن كثير 7/ 278- 279.
(10/3296)
فَاصْبِرْ كَمَا
صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ
لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ
يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ
يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)
18580 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ
الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ،
حَدَّثَنَا رَجُلٌ سَمَّاهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ
قَالَ: كَانُوا سَبْعَةَ نَفَرٍ، ثَلاثَةً مِنْ أَهْلِ
حِرَّانَ، وَأَرْبَعَةً مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ وَكَانَتْ
أَسْمَاؤُهُمْ حَيٌّ وَحَسِّيٌّ وَمَسِّيٌّ، وَشَاصِرٌ
وَنَاصِرٌ، وَالْأَرْدُ وَإِبْيَانُ وَالْأَحْقَمُ «1» .
18581 - حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ
لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا يدخل
مؤمنوا الْجِنِّ الْجَنَّةَ، لِأَنَّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ
إِبْلِيسَ، وَلا تَدْخُلُ ذُرِّيَّةُ إِبْلِيسَ الْجَنَّةَ «2»
.
18582 - عَنِ الزُّبَيْرِ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا
مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ قَالَ:
بِنَخْلَةٍ، قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ كَادُوا يَكُونُونَ
عَلَيْهِ لِبَدًا «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ
مِنَ الرُّسُلِ
18583 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ
الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ حَيَّانَ،
حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا مُجَالِدُ بْنُ
سَعِيدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَتْ لِي
عَائِشَةُ:
ظَلّ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
صَائِمًا ثُمَّ طَوَاهُ، ثم ظل صَائِمًا ثُمَّ طَوَاهُ، ثُمَّ
ظَلَّ صَائِمًا قَالَ: «يَا عَائِشَةُ، إِنَّ الدُّنْيَا لَا
تَنْبَغِي لِمُحَمَّدٍ وَلا لِآلِ مُحَمَّدٍ، يَا عَائِشَةُ
إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَرْضَ مِنْ أُولِي الْعَزْمِ مِنَ
الرُّسُلِ إلا بالصبر عَلَى مَكْرُوهِهَا وَالصَّبْرَ عَنْ
مَحْبُوبِهَا، ثُمَّ لَمْ يَرْضَ مَنِّي إِلا أَنْ
يُكَلِّفَنِي مَا كَلَّفَهُمْ، فَقَالَ: فَاصْبِرْ كَمَا
صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَإِنِّي وَاللَّهِ
لاصْبِرَنَّ كَمَا صَبَرُوا جُهْدِي وَلَا قوة إلا بالله» «4»
.
__________
(1) ابن كثير 7/ 278- 279.
(2) قال ابن كثير: والحق أن مؤمنهم لمؤمنى الانس يدخلون الجنة،
كما هو مذهب جماعة من السلف 7/ 286.
(3) الدر 7/ 454.
(4) ابن كثير 7/ 288.
(10/3297)
مَثَلُ الْجَنَّةِ
الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ
غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ
طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ
وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ
الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ
فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ
(15)
سُورَةُ مُحَمَّدٍ
47
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ
18584 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُمَا فِي
قَوْلِهِ: أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ قَالَ: غَيْرُ
مُتَغَيِّرٍ «1» .
18585 - عَنْ عِكْرَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانُوا
يَدْخُلُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَإِذَا خَرَجُوا مِنْ، عِنْدِهِ قَالُوا لِابْنِ
عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. مَاذَا قَالَ آنِفًا؟
فَيَقُولُ: كَذَا وَكَذَا، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا
18586 - عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا قَالَ: مُحَمَّدٌ- صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَشْرَاطِهَا «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ
18587 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي
قَوْلِهِ: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لاسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي
الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً» «4» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ
18588 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ في الدنيا ومثواكم في
الآخرة «5» .
18589 - عن سلمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ظَهَرَ
الْقَوْلُ، وخزن العمل، وائتلفت الألسن، وأخلفت الْقُلُوبُ،
وَقُطَعَ كُلُّ ذِي رَحْمٍ رَحِمَةٍ فَعِنْدَ ذلك لعنهم الله
فأصمهم وأعمى أبصارهم «6» .
__________
(1) الدر 7/ 466- 502.
(2) الدر 7/ 466- 520.
(3) الدر 7/ 466- 520.
(4) الدر 7/ 466- 520. [.....]
(5) الدر 7/ 466- 520.
(6) الدر 7/ 466- 520.
(10/3298)
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ
أَضْغَانَهُمْ (29)
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ
فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ
18590 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي
قَوْلِهِ: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ أَنْ
لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ قَالَ: أَعْمَالَهُمْ
خُبْثَهُمْ، وَالْحَسَدَ الَّذِي فِي قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ دَلَّ
اللَّهُ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بَعْدُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فَكَانَ يَدْعُو بِاسْمِ
الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ
18591 - عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ
رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرَوْنَ
أَنَّهُ لَا يَضُرُّ مَعَ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ذَنْبٌ
كَمَا لَا يَنْفَعُ مَعَ الشِّرْكِ عَمَلٌ، حَتَّى نَزَلَتْ
أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا
أَعْمَالَكُمْ فَخَافُوا أَنْ يُبْطِلَ الذَّنْبُ الْعَمَلَ
«2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا
غَيْرَكُمْ
18592 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
لَمَّا نَزَلَتْ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا
غَيْرَكُمْ قِيلَ مَنْ هَؤُلاءُ وَسَلَّمَانُ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ إِلَى جَنْبِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَقَالَ: هُمُ الْفُرْسُ وَهَذَا وَقَوْمُهُ» «3» .
18593 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
تَلا رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
هَذِهِ الْآيَةَ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا
غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ فَقَالُوا يَا
رَسُولَ اللَّهِ: مَنْ هَؤُلاءُ الَّذِينَ إِنَّ تَوَلَّيْنَا
اسْتُبْدِلُوا بِنَا ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَنَا،
فَضَرَبَ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
عَلَى مَنْكِبِ سَلَّمَانَ ثُمَّ قَالَ: «هَذَا وَقَوْمُهُ
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ الْإِيْمَانُ منوطا
بالثريا لتناوله رجال من فارس» «4» .
__________
(1) الدر 7/ 502- 505.
(2) الدر 7/ 502- 505.
(3) الدر 7/ 502- 505.
(4) الدر 7/ 502- 505.
(10/3299)
|