تفسير ابن أبي حاتم محققا

قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16)

سُورَةُ الْفتح
48

قَوْلُهُ تَعَالَى: أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ
18594 - عن ابن عباس رضي الله عنهما في قَوْلِهِ: أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ يَقُولُ فَارِسُ «1» .

18595 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: أولي بأس شديد قَالَ: هُمُ الْبَآرِزُ يَعْنِي الْأَكْرَادَ «2» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ
18596 - عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ قَائِلُونَ إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَيُّهَا النَّاسُ الْبَيْعَةُ الْبَيْعَةُ نَزَلَ رُوحُ الْقُدُسِ فَسِرْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ تَحْتَ شَجَرَةِ سَمُرَةَ فَبَايَعْنَاهُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَبَايَعَ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى. فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لِابْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَنَحْنُ هَاهُنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْ مَكَثَ كَذَا وَكَذَا سَنَةً مَا طَافَ حَتَّى أَطُوفَ» «3» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ
18597 - عَنِ ابْنِ أُزَيٍّ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْهَدْيِ، وَانْتَهَى إِلى ذِي الْحُلَيْفَةِ قَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ تَدْخُلُ عَلَى قَوْمٍ لَكَ حَرْبٌ بِغَيْرِ سِلاحٍ وَلا كِرَاعٍ، فَبَعَثَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمْ يَدَعْ فِيهَا سِلاحًا وَلا كِرَاعًا إِلا حَمَلَهُ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ مَكَّةَ مَنَعُوهُ أَنْ يَدْخُلَ، فَسَارَ حَتَّى أَتَى مِنًى، فَنَزَلَ بِمِنًى فَأَتَاهُ عُيَنْيَةُ بْنُ عِكْرَمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ قَدْ خَرَجَ عَلَيْهِ فِي خَمْسِمِائَةٍ فَقَالَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: يَا خَالِدُ هَذَا ابْنُ عَمِّكَ قَدْ أَتَاكَ فِي الْخَيْلِ فَقَالَ خَالِدٌ: أَنَا سَيْفُ اللَّهِ وَسَيْفُ رَسُولِهِ- فَيَوْمَئِذٍ سُمِّيَ سَيْفُ اللَّهِ- يَا رَسُولَ اللَّهِ ارْمِ بِي أَيْنَ شِئْتَ، فَبَعَثَهُ عَلَى خَيْلٍ، فَلَقِيَهُ عِكْرَمَةُ فِي الشعب، فهزمه
__________
(1) الدر 7/ 519.
(2) الدر 7/ 519.
(3) الدر 7/ 521

(10/3300)


إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)

حَتَّى أَدْخَلَهُ حِيطَانَ مَكَّةَ، ثُمَّ عَادَ فِي الثانية أدخله حيان مَكَّةَ ثُمَّ عَادَ فِي الثَّالِثَةِ فَهَزَمَهُ حَتَّى أَدْخَلَهُ حِيطَانَ مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ الْآيَةَ قَالَ:
فَكَفَّ اللَّهُ النَّبِيَّ عَنْهُمْ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَهُ عَلَيْهِمْ لِبَقَايَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا بَقُوا فِيهَا كَرَاهِيَةً أَنْ تَطَأَهُمُ الْخَيْلُ «1» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى
18598 - عَنِ الْأَجْلَحِ قَالَ: كَانَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ حَسَنَ الْهَيْئَةِ صَاحِبَ صَيْدٍ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ عَلَى أَبِي جَهْلٍ فَوَلَعَ بِهِ وَآذَاهُ، فَرَجَعَ حَمْزَةُ مِنَ الصَّيْدِ وَامْرَأَتَانِ تَمْشِيَانِ خَلْفَهُ، فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا، لَوْ عَلِمَ ذَا مَا صُنِعَ بِابْنِ أَخِيهِ أَقْصَرَ عَنْ مِشْيَتِهِ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمَا فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَتْ: أَبوُ جَهْلٍ فَعَلَ بِمُحَمَّدٍ كَذَا وَكَذَا، فَدَخَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَفِيهِ أَبُو جَهْلٍ فَعَلا رَأْسَهُ بِقَوْسِهِ ثُمَّ قَالَ: دِينِي دِيْنُ مُحَمَّدٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَامْنَعُونِي، فَقَامَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ فَقَالُوا: يَا أَبَا يَعْلَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ إِلَى قَوْلِهِ: وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى قَالَ: حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ «2» .

18599 - عَنْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى قَالَ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ «3» .

18600 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى قَالَ: شَهَادَةُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَهِيَ رَأْسُ كُلِّ تَقْوَى «4» .

18601 - عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مجزمة ومروان بن الْحَكَمِ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى قَالَ: لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ «5» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ
18602 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم قَالَ: السِّمْتُ الْحُسْنُ «6» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ
18603 - عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ قال: نباته فروخه.
__________
(1) الدر 7/ 533
(2) الدر 7/ 536.
(3) الدر 7/ 536.
(4) الدر 7/ 537.
(5) الدر 7/ 542. [.....]
(6) الدر 7/ 544.

(10/3301)


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)

سُورَةُ الْحجرات
49

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
18604 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ: لَا تَقُولُوا خِلافَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ «1» .

18605 - عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: ذَكَرَ لَنَا أن نَاسًا كَانُوا يَقُولُونَ: لَوْ أُنْزِلَ فِي كَذَا وكذا الوضع كذا كذا فَكَرِهَ اللَّهُ ذَلِكَ وَقَدَّمَ فِيهِ «2» .

18606 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ: نُهُوا أَنْ يَتَكَلَّمُوا بَيْنَ يَدَيْ كَلامِهِ «3» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
18607 - حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ حدثنا المعتمر بن سليمان:
سَمِعْتُ دَاوُدَ الطُّفَاوِيَّ يُحَدِّثَ عَنْ أَبيِ مُسْلِمِ الْبَجَلِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: اجْتَمَعَ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ فَقَالُوا، بِنَا إِلَى هَذَا الرجل فإن يك نبيا فنحن أسعد الناس به وإن يك مَلِكًا نَعِشْ بِجَنَاحِهِ قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالُوا فَجَاءُوا إِلَى حُجْرَتِهِ، فَجَعَلُوا يُنَادُونَهُ وَهُوَ فِي حُجْرَتِهِ يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ قَالَ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: لَقَدْ صَدَّقَ اللَّهُ قَوْلَكَ يَا زَيْدُ لَقَدْ صَدَّقَ اللَّهُ قَوْلَكَ يَا زَيْدُ» «4» .
__________
(1) الدر 7/ 546.
(2) الدر 7/ 546.
(3) الدر 7/ 546.
(4) ابن كثير 7/ 249 والدر 7/ 552.

(10/3302)


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ.
18608 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ دِينَارٍ، حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ الْحَارِثَ بْنَ ضِرَارٍ الْخُزَاعِيَّ يَقُولُ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَعَانِي إِلَى الْإِسْلامِ فَدَخَلْتُ فِيهِ وَأَقْرَرْتُ بِهِ، وَدَعَانِي إِلَى الزَّكَاةِ فَأَقْرَرْتُ بِهَا وَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَأَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلامِ وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِي جَمَعْتُ زَكَاتَهُ وَيُرْسِلُ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ رَسُولًا لِإِبَّانِ كَذَا وَكَذَا لِيَأْتِيَكَ مَا جَمَعْتُ مِنَ الزَّكَاةِ.
فَلَمَّا جَمَعَ الْحَارِثُ الزَّكَاةَ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لَهُ وَبَلَغَ الْإِبَّانَ الَّذِي أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبْعَثَ إِلَيْهِ، احْتَبَسَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ فَلَمْ يَأْتِهِ فَظَنَّ الْحَارِثُ أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ فِيهِ سُخْطَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسَولِهِ، فَدَعَا بِسَرَوَاتِ قَوْمِهِ فَقَالَ لَهُمْ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ وَقَّتَ لِي وَقْتًا يُرْسِلُ إِلَيَّ رَسُولَهُ لِيَقْبِضَ مَا كَانَ عِنْدِي مِنَ الزَّكَاةِ، وَلَيْسَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْخُلْفُ وَلا أَرَى حَبَسَ رَسُولَهُ إِلا مِنْ سُخْطَةٍ كَانَتْ، فَانْطَلِقُوا فَنَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ إلى الْحَارِثِ لِيَقْبَضَ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِمَّا جَمَعَ مِنَ الزَّكَاةِ، فَلِمَا أَنْ سَارَ الْوَلِيدُ حَتَّى بَلَغَ بَعْضَ الطَّرِيقِ فَرَقَّ أَيْ خَافَ فَرَجَعَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْحَارِثَ مَنَعَنِي الزَّكَاةَ وَأَرَادَ قَتْلِي، فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَعْثَ إِلَى الْحَارِثِ وَأَقْبَلَ الْحَارِثُ بِأَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا اسْتَقْبَلَ الْبَعْثَ، وَفُصِلَ عَنِ الْمَدِينَةِ، لَقِيَهُمُ الْحَارِثُ فَقَالُوا:
هَذَا الْحَارِثُ فَلَمَّا غَشِيَهُمْ قَالَ لَهُمْ: إِلى مَنْ بُعِثْتُمْ؟ قَالُوا إِلَيْكَ قَالَ: وَلِمَ؟ قَالُوا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ بَعَثَ إِلَيْكَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ فَزَعَمَ أَنَّكَ مَنَعْتَهُ الزَّكَاةَ وَأَرَدْتَ قَتْلَهُ قَالَ: لَا وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ مَا رَأَيْتُهُ بَتَّةَ، وَلا أَتَانِي فَلَمَّا دَخَلَ الْحَارِثُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنَعْتَ الزَّكَاةَ وَأَرَدْتَ قَتْلَ رَسُولِي؟» قَالَ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَأَيْتُهُ وَلا أَتَانِي وَمَا أَقْبَلْتُ إِلا حِينَ احْتُبِسَ عَلَيَّ رَسُولِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ سُخْطَةٌ قَالَ: فَنَزَلَتِ الْحُجُرَاتُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ إِلَى قوله حكيم «1» .
__________
(1) ابن كثير 7/ 350- 351 والدر 7/ 555.

(10/3303)


وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ
18609 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: إِنَّ الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ كَانَ بَيْنَهُمَا قِتَالٌ بِالسَّيْفِ وَالنِّعَالِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَإِنْ طَائِفَتَانِ الْآيَةَ «1» .

18610 - عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ عِمْرَانُ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا أَمُّ زَيْدٍ، وَأَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَزُورَ أَهْلَهَا فَحَبَسَهَا زَوْجُهَا، وَجَعَلَهَا فِي عِلْيَةٍ لَهُ لا يدخل عليه أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهَا، وَإِنَّ الْمَرْأَةَ بَعَثَتْ إِلَى أَهْلِهَا فَجَاءَ قَوْمُهَا فَأَنَزَلُوهَا لَيَنْطَلِقَوْا بِهَا، وَكَانَ الرَّجُلُ قَدْ خَرَجَ فَاسْتَعَانَ أَهْلُ الرَّجُلِ، فَجَاءَ بَنُو عَمِّهِ لَيَحُولُوا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ أَهْلِهَا فَتَدَافَعُوا وَاجْتَلَدُوا بِالنِّعَالِ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَصْلَحَ بينهم وفاؤوا إِلَى أَمْرِ اللَّهِ «2» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
18611 - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدِّمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو أَنّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَنَابِرَ مِنْ لُؤْلُؤٍ بَيْنَ يَدَيِ الرَّحْمَنِ بِمَا أَقْسَطُوا فِي الدُّنْيَا» «3» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ
18612 - عَنْ مُقَاتِلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ قَالَ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ اسْتَهْزَءُوا مِنْ بِلالٍ وَسَلْمَانَ وَعَمَّارٍ وَخَبَّابٍ وَصُهَيْبٍ وَابْنِ فُهَيْرَةَ وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ «4» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ
18613 - عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ قَالَ: أَنْ يَقُولَ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ: يَا يَهُودِيُّ يَا نَصْرَانِيُّ يَا مَجُوسِيُّ وَيَقُولُ: لِلرَّجُلِ الْمُسْلِمِ يَا فَاسِقُ «5» .
__________
(1) الدر 7/ 560- 561.
(2) الدر 7/ 560- 561.
(3) قال ابن كثير: هذا إسناد جيد قوي رجاله على شرط الصحيح.
(4) الدر 7/ 563- 567.
(5) الدر 7/ 563- 567.

(10/3304)


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)

قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ
18614 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ قَالَ: نَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنَ أَنْ يَظُنَّ بِالْمُؤْمِنِ سُوءًا «1» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَجَسَّسُوا
18615 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَلا تَجَسَّسُوا قَالَ: نَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنَ أَنْ يَتَبِعَ عَوْرَاتِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ «2» .

18616 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدٍ قَالَ: أَتَى ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِرَجُلٍ فَقِيلَ لَهُ: هَذَا فُلانٌ تَقْطُرُ لِحْيَتُهُ خَمْرًا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ قَدْ نُهِينَا عَنِ التَّجَسُّسِ وَلَكِنْ إِنْ يَظْهَرَ لَنَا شَيْءٌ نَأْخُذُ بِهِ «3» .
سَمَّاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي رِوَايَتِهِ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: التَّجَسُّسُ: الْبَحْثُ عَنِ الشَّيْءِ وَالتَّحَسُّسُ: الِاسْتِمَاعُ إِلَى حَدِيثِ الْقَوْمِ وَهُمْ لَهُ كارهون او يتسمع إلى أبوابهم وَالتَّدَابُرُ: الصَّرْمُ «4» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُم بَعْضًا
18617 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُم بَعْضًا الْآيَةَ قَالَ: حَرَّمَ اللَّهُ أَنْ يُغْتَابَ الْمُؤْمِنُ بِشَيْءٍ كَمَا حَرَّمَ الْمَيْتَةَ «5» .

18618 - حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّيُّ، ثنا أَبُو هَارُونَ الْعَبْدِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنَا مَا رَأَيْتَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِكَ؟ ... قَالَ: ثُمَّ انْطُلِقَ بِي إِلَى خَلْقٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ كَثِيرٍ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ مُوَكَّلٌ بِهِمْ رِجَالٌ، يَعْمَدُونَ إِلَى عَرْضِ جَنْبِ أَحَدِهِمْ فَيَحَذُونَ مِنْهُ الْحَذْوَةَ مِنْ مِثْلِ النَّعْلِ، ثُمَّ يَضَعُونَهُ في فِي أَحَدِهِمْ فَيُقَالُ لَهُ: «كُلْ كَمَا أَكَلْتُ» وَهُوَ يَجِدُ مِنْ أَكْلِهِ الْمَوْتَ، يَا مُحَمَّدُ- لَوْ يَجِدُ الْمَوْتَ وَهُوَ يُكْرَهُ عَلَيْهِ. فَقُلْتُ: يا جبرائيل مَنْ هَؤُلاءِ: قَالَ: هَؤُلاءِ الْهَمَّازُونَ اللَّمَّازُونَ أَصْحَابُ النَّمِيمَةِ فَيُقَالُ: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَهُوَ يُكْرَهُ عَلَى أَكْلِ لحمه «6» .
__________
(1) الدر 7/ 563- 567.
(2) الدر 7/ 563- 567.
(3) ابن كثير 7/ 358. [.....]
(4) ابن كثير 7/ 358.
(5) الدر 7/ 567.
(6) ابن كثير 7/ 361 والدر 7/ 570.

(10/3305)


يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)

18619 - عَنْ مُقَاتِلٍ فِي قَوْلِهِ: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي رَجُلٍ كَانَ يَخْدِمُ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْسَلَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ إِلَيْهِ يَطْلُبُ مِنْهُ إِدَامًا فَمَنَعَ فقالوا له: إنه لبخيل رَخِيمٌ فَنَزَلَتْ فِي ذَلِكَ «1» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى
18620 - عَنِ ابْنِ أبي مُلَيْكَةَ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ رَقَى بِلالٌ فَأَذَّنَ عَلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هَذَا الْعَبْدُ الْأَسْوَدُ يُؤَذِّنُ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنْ يَسْخَطِ اللَّهُ هَذَا يُغَيَّرْهُ فَنَزَلَتْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى الآية «2» .

قوله تعالى: وجعلناكم شعوبًا وقبائل
18621 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الشُّعُوبُ الْجُمَاعُ، وَالْقَبَائِلُ الْأَفْخَاذُ الَّتِي يَتَعَارَفُونَ بِهَا «3» .

18622 - حَدَّثَنَا الرَبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بِنُ زَكَرِيَّا الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عن عبيد اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: طَافَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ بِمِحْجَنٍ فِي يَدِهِ، فَمَا وَجَدَ لَهَا مَنَاخًا فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى نَزَلَ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أَيْدِي الرِّجَالِ فَخَرَجَ بِهَا إِلَى بَطْنِ الْمَسِيلِ فَأُنِيخَتْ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطَبَهُمْ عَلَى رَاحِلَةٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ لَهُ أَهَلٌ ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ حَمِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وتعظيمها بِآبَائِهَا فَالنَّاسُ رَجُلانِ: رَجُلٌ بَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَي اللَّهِ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ثُمَّ قَالَ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ» «4» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا
18623 - عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ جَاءَ نَاسٌ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّا قَدْ أَسْلَمْنَا وَلَنْ نُقَاتِلَكَ كَمَا قَاتَلَكَ بَنُو فُلانٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: يَمُنُّونَ عليك أن أسلموا «5» .
__________
(1) الدر 7/ 570.
(2) الدر 7/ 578- 579.
(3) الدر 7/ 578- 579.
(4) ابن كثير 7/ 366- والدر 7/ 578.
(5) الدر 7/ 585.

(10/3306)