تفسير ابن أبي حاتم محققا

إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1)

سُورَةُ الْواقعة
56

قوله تعالى: الواقعة
17865 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا في قوله: إذا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ قَالَ:
يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ قَالَ: لَيْسَ لَهَا مَرَدٌ يَرُدُّ: خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ قَالَ:
تَخْفِضُ نَاسًا وَتَرْفَعُ آخَرِينَ «1» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ
17866 - عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سُرَاقَةَ، عَنْ خَالِهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي قَوْلِهِ: خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ قَالَ: السَّاعَةُ خَفَضَتْ أَعْدَاءَ اللَّهِ إِلَى النَّارِ، وَرَفَعَتْ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ إِلَى الْجَنَّةِ «2» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: إذا رجت الأرض
18767 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِذَا رُجَّتِ الأرض رجا يقول: ترجف الأرض تزلزل وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا يَقُولُ: فتتت فَتًّا «3» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: هَبَاءً
17868 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا قَالَ: الْهَبَاءُ الَّذِي يَطِيرُ مِنَ النَّارِ إِذَا اضْطَرَمَتْ يَطِيرُ مِنْهَا الشَّرَرُ فَإِذَا وَقَعَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا «4» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: أَزْوَاجًا
18773 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً قَالَ: أَصْنَافًا «5» .

18772 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً قَالَ: هِيَ الَّتِي فِي سُورَةِ فَاطِرٍ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ «6» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: السَّابِقُونَ
18773 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا في قوله: والسابقون السابقون
__________
(1) الدر 8/ 4
(2) الدر 8/ 4
(3) الدر 8/ 5- 6.
(4) الدر 8/ 5- 6. [.....]
(5) الدر 8/ 5- 6.
(6) الدر 8/ 5- 6.

(10/3329)


ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13)

قَالَ: يُوشَعُ بْنُ نُونٍ سَبَقَ إِلَى مُوسَى، وَمُؤْمِنُ آلِ يس سَبَقَ إِلَى عِيسَى، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَبَقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «1» .

18774 - عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ قَالَ: الضُّرَبَاءُ كُلُّ رَجُلٍ مَعَ قَوْمٍ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِعَمَلِهِ، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهِ تَعَالَى يَقُولُ وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ قَالَ: هُمُ الضُّرَبَاءُ «2» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: ثُلَّةٌ
18775 - عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَزَلَتْ: ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ وثلة مِنَ الْآخِرِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إني لأرجوا أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، بَلْ أَنْتُمْ نِصْفُ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ شَطْرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَتُقَاسِمُونَهُمُ الشَّطْرَ الثَّانِي» «3» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: مَوْضُونَةٍ
18776 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ قَالَ: مَرْمُولَةٌ بِالذَّهَبِ «4» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: لَغْوًا
18777 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا قَالَ: بَاطِلًا وَلا تَأْثِيمًا قَالَ: كَذِبًا «5» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: طَلْحٍ مَنْضُودٍ
18778 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ إِدْرِيسَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وطَلْحٍ مَنضُودٍ قَالَ: الْمَوْزُ، قَالَ وَرَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ وعكرمة وقسامة ابن زهير وقتادة وأبى حرزة مثل ذلك «6» .
__________
(1) الدر 8/ 5- 6
(2) الدر 8/ 5- 6
(3) الدر 8/ 7.
(4) الدر 8/ 7.
(5) الدر 8/ 7.
(6) ابن كثير 8/ 4.

(10/3330)


وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30)

18779 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وطلح منضود قال: الموز «1» .

قوله تعالى: ظل مَمْدُودٍ
18780 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: «فِي الْجَنَّة شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ مَا يَقْطَعُهَا، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ «2» .

18781 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ ابْنُ أَبِي الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، عَنْ زَمَعَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سلمة ابن وَهْرَامَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الظِّلُّ الْمَمْدُودُ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ عَلَى سَاقِ ظِلِّهَا، قَدْرُ مَا يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي نَوَاحِيهَا مَائَةَ عَامٍ. قَالَ: فَيَخْرُجُ إِلَيْهَا أَهْلُ الْجَنَّةِ، أَهْلُ الْغُرَفِ وَغَيْرُهُمْ، فَيَتَحَدَّثُونَ فِي ظِلِّهَا. قَالَ: فَيَشْتَهِي بَعْضُهُمْ وَيَذْكُرُ لَهْوَ الدُّنْيَا فَيُرْسِلُ اللَّهُ رِيحًا مِنَ الْجَنَّةِ فَتُحَرِّكُ تِلْكَ الشَّجَرَةَ بِكُلِّ لَهْوٍ فِي الدُّنْيَا «3» .

18782 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ يَمَانٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مَيْمُونٍ فِي قَوْلِهِ: وَظِلٍّ مَمْدُودٍ، قَالَ: سَبْعُونَ أَلْفَ سَنَةٍ «4» .

18783 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَظِلٍّ مَمْدُودٍ قَالَ: فِي الْجَنَّة شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ لَا يَقْطَعُهَا «5» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: مَرْفُوعَةٍ
18784 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنْ أَبِي سَهْلٍ يَعْنِي كَثِيرَ بْنَ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ قَالَ: ارْتِفَاعُ فِرَاشُ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ ثَمَانِينَ سَنَةً «6» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْشَاءً
18785 - قَالَ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً قَالَ: نِسَاءٌ عَجَائِزُكُنَّ فِي الدُّنْيَا عَمَشًا رَمَصًا» «7» .
__________
(1) الدر 8/ 11.
(2) ابن كثير 8/ 5 قال إسناده جيد
(3) ابن كثير 8/ 6 قال: هذا أثر غريب وإسناده قوي حسن.
(4) ابن كثير 6/ 9.
(5) ابن كثير 6/ 9.
(6) ابن كثير 6/ 9. [.....]
(7) ابن كثير 6/ 9.

(10/3331)


وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34)

18786 - عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنِ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قَوْلِهِ: وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ قَالَ:
ارْتِفَاعُهَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَمَسِيرَةُ مَا بَيْنِهِمَا خَمْسُمِائَةِ عَامٍ «1» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: أَبْكَارًا
18787 - عَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ: فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا قَالَ: عَذَارَى «2» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: عُرُبًا أَتْرَابًا
18788 - مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عُرُبًا قَالَ: عَوَاشِقُ لِأَزْوَاجِهِنَّ وَأَزْوَاجُهُنَّ لَهُنَّ عَاشِقُونََ أَتْرَابًا قَالَ: فِي سِنٍّ وَاحِدٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ سَنَةً «3» .

18789 - مِنْ طَرِيقِ عِكْرَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْعُرُبُ الْمَلِقَةُ لِزَوْجِهَا «4» .

18790 - ذُكِرَ، عَنْ سَهْلِ بْنِ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيِّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم «عُرُبًا قَالَ: كَلامُهُنَّ عَرَبِيٌّ» «5» .

18792 - عَنْ زَيْدٍ بْنِ أَسْلَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: الْعَرِبَةُ هِيَ الْحَسَنَةُ الْكَلامِ «6» .

18793 - عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قَوْلِهِ: (عُرُبًا) قَالَ: «كَلامُهُنَّ عَرَبِيٌّ» «7» .

18794 - حَدَّثَنَا الْمُنْذِرُ بْنُ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَأْخُذُ، عَنْ بَعْضٍ قَالَ: أُكْرِينَا ذَاتَ لَيْلَةٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ غَدَوْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ «عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأَنْبِيَاءُ وَأَتْبَاعُهَا بِأُمَمِهَا، فَيَمُرُّ عَلَيَّ النَّبِيُّ وَالنَّبِيُّ فِي الْعِصَابَةِ، وَالنَّبِيُّ فِي الثَّلاثَةِ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ- وَتَلا قَتَادَةُ هَذِهِ الْآيَةَ أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ قَالَ: حَتَّى مَرَّ عَلَيَّ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ فِي كَبْكَبَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: قُلْتُ رَبِّ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: قُلْتُ: رَبِّ، فَأَيْنَ أُمَّتِي؟ قَالَ: انْظُرْ، عَنْ يمينك في الظراب. قال:
__________
(1) ابن كثير 8/ 9.
(2) الدر 8/ 16.
(3) الدر 8/ 16.
(4) الدر 8/ 16.
(5) ابن كثير 8/ 12
(6) الدر 8/ 18.
(7) الدر 8/ 18.

(10/3332)


وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43)

فَإِذَا وُجُوهُ الرِّجَالِ. قَالَ: قَالَ: أَرَضِيتَ؟ قَالَ: قلت: قَدْ رَضِيتُ، رَبِّ. قَالَ انْظُرْ إِلَى الْأُفِقِ، عَنْ يَسَارِكَ، فَإِذَا وُجُوهُ الرِّجَالِ. قَالَ: أَرَضِيتَ؟ قُلْتُ رَضِيتُ رَبَّ قَالَ:
فَإِنَّ مَعَ هَؤُلاءِ سَبْعِينَ أَلْفًا، يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ... بِغَيْرِ حِسَابٍ» قَالَ: وَأَنْبَأَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ قَالَ سَعِيدٌ: وَكَانَ بَدْرِيًّا- قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ» قَالَ: أَنْشَأَ رَجُلٌ آخَرُ، قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَقَالَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ» قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ- فِدَاكُمْ أَبِي وَأُمِّي- أَنْ تَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّبْعِينَ فَافْعَلُوا، وَإِلا فَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ الظِّرَابِ، وَإِلا فَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ الْأُفُقِ، فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ نَاسًا كَثِيرًا قَدْ تَأَشَّيُوا حَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لارْجُو إِنَّ تَكُونُوا ربع أهل الجنة» فكبرنا، ثُمَّ قَالَ «إني لأرجو إِنَّ تكونوا ثلث أَهْلِ الْجَنَّةِ» قَالَ: فَكَبَرَّنَا. قَالَ: «إِنِّي لارْجُو إِنَّ تَكُونُوا نِصْف أَهْل الْجَنَّة» قَالَ: فَكَبَّرْنَا، ثُمَّ تَلا رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَذِهِ الْآيَةَ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ قَالَ: فَقُلْنَا بَيْنَنَا: مَنْ هَؤُلاءِ السَّبْعُونَ أَلْفًا؟ فَقُلْنَا: هُمُ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْإِسْلامِ، وَلَمْ يُشْرِكُوا قَالَ: فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَقَالَ «بَلْ هُمُ الَّذِينَ لَا يَكْوُونَ وَلا يَسْتَرِقُونَ وَلا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» «1» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ
18795 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ قَالَ:
مِنْ دُخَانٍ أَسْوَدَ. وَفِي لَفْظٍ: مِنْ دُخَانِ جَهَنَّمَ «2» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ
18796 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ قَالَ: مُنَعَّمِينَ وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ قَالَ: عَلَى الذَّنْبِ الْعَظِيمِ «3» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: شُرْبَ الْهِيمِ
18797 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما في قوله: شرب الهيم قال: الإبل العطاش «4» .
__________
(1) ابن كثير 8/ 14 قال هذا الحديث له طرق كثيره، عن غير هذا الوجه في الصحاح وغيرها.
(2) الدر 8/ 20- 21.
(3) الدر 8/ 20- 21.
(4) الدر 8/ 20- 21.

(10/3333)


أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69)

قوله تعالى: أأنتم أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ
18798 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ قَالَ:
السَّحَابُ «1» .

18799 - عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا شَرِبَ الْمَاءَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَقَانَا عَذْبًا فُرَاتًا بِرَحْمَتِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِلْحًا أُجَاجًا بِذُنُوبِنَا «2» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ
18800 - طرق، عن ابن عباس رضي الله عنهما نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً قَالَ:
تَذْكِرَةً لِلنَّارِ الْكُبْرَى ومتاعا للمقوين قَالَ: لِلْمُسَافِرِينَ «3» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ
18802 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَا تَقُولُوا زَرَعْنَا، وَلَكِنْ قُولُوا حَرَثْنَا «4» .

18803 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُرَّةَ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ إِذَا شَرِبَ الْمَاءَ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَقَانَاهُ عَذْبًا بِرَحْمَتِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِلْحًا أُجَاجًا بِذُنُوبِنَا» «5» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ
18804 - عَنِ ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ قَالَ: الْقُرْآنُ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ قَالَ: الْقُرْآنُ «6» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: مُدْهِنُونَ
18805 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ قَالَ: مُكَذِّبُونَ «7» .

18806 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ يَقُولُ: شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ تَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، بِنَجْمِ كَذَا وَكَذَا» «8» .
__________
(1) الدر 8/ 20- 21.
(2) ابن كثير 8/ 17- 18. [.....]
(3) ابن كثير 8/ 17- 18.
(4) . 8/ 24- 25.
(5) . 8/ 24- 25.
(6) . 8/ 24- 25.
(7) . 8/ 24- 25.
(8) ابن كثير 8/ 22.

(10/3334)


فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89)

18807 - عَنْ أَبِي حِرْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَنَزَلُوا بِالْحَجَرِ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لَا يَحْمِلُوا مِنْ مَائِهَا شَيْئًا ثُمَّ ارْتَحَلَ ثُمَّ نَزَلَ مَنْزِلًا آخَرَ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ دَعَا، فَأَرْسَلَ سَحَابَةً فَأَمْطَرَتْ عَلَيْهِمْ حَتَّى اسَّتَقَوْا مِنْهَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لِآخَرَ مِنْ قَوْمِهِ يُتَّهَمُ بِالنِّفَاقِ: وَيْحَكَ قَدْ تَرَى مَا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمْطَرَ اللَّهُ عَلَيْنَا السَّمَاءَ، فَقَالَ: إِنَّمَا مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ «1» .

18808 - عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ قَالَ: شُكْرَكُمْ تَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، وَبِنَجْمِ كَذَا وَكَذَا «2» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ
18809 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَرَوْحٌ قَالَ: رَاحَةٌ وَرَيْحَانٌ قَالَ اسْتِرَاحَةٌ «3» .

18810 - عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ قَالَ: الرَّوْحُ الرَّحْمَةُ، وَالرَّيْحَانُ يُتَلَقَّى بِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ «4» .

18811 - عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ يُفَارِقُ الدُّنْيَا حَتَّى يُؤْتَى بِغُصْنٍ مِنْ رَيْحَانِ الْجَنَّةِ فَيَشُمُهُ ثُمَّ يُقْبَضُ «5» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ
18812 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ قَالَ: لَا يَخْرُجُ الْكَافِرُ مِنْ دَارِ الدُّنْيَا حَتَّى يَشْرَبَ كَأْسًا مِنْ حَمِيمٍ «6» .

18813 - عَنِ الضَّحَّاكِ فِي الْآيَةِ قَالَ: مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ شُجَّ فِي وَجْهِهِ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ «7» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: حَقُّ الْيَقِينِ
18814 - عَنِ ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ قَالَ: مَا قَصَّصْنَا عَلَيْكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ «8» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبُّكَ
18815 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العظيم قال: فصل لربك «9» .
__________
(1) الدر 8/ 36- 37.
(2) الدر 8/ 36- 37.
(3) الدر 8/ 36- 37.
(4) الدر 8/ 36- 37.
(5) الدر 8/ 36- 37.
(6) الدر 8/ 39- 40.
(7) الدر 8/ 39- 40.
(8) الدر 8/ 39- 40. [.....]
(9) الدر 8/ 39- 40.

(10/3335)


وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10)

سُورَةُ الْحديد
57

قَوْلُهُ تَعَالَى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ ... الْآيَةَ
18816 - أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عن عطاء ابن يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِعَسْفَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ أَعْمَالَكُمْ مَعَ أَعْمَالِهِمْ» فَقُلْنَا: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ أَقُرَيْشٌ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا» فَقُلْنَا: هُمْ خَيْرٌ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ «لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمْ جَبَلٌ مِنْ ذَهَبٍ فَأَنْفَقَهُ مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحْدِكُمْ وَلا نَصِيفَهُ، أَلا إِنَّ هَذَا فَضْلُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ النَّاسِ، لا يَسْتَوِي مِنكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ، أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا، وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى، وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ «1» .

قُوْلُهُ تَعَالَى: يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ
18817 - عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ قَالَ: يُؤْتَوْنَ نُورَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ. يَمُرُّونَ عَلَى الصِّرَاطِ، مِنْهُمْ مَنْ نُورُهُ مِثْلُ الْجَبَلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ نُورُهُ مِثْلُ النَّخْلَةِ، وَأَدْنَاهُمْ نُورًا مَنْ نُورُهُ عَلَى إِبْهَامِهِ يُطْفَأَ مَرَّةً وَيُوقَدُ أُخْرَى «2» .

18820 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنُ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمِّي، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الدَّرْدَاءِ وَأَبَا ذَرٍّ يُخْبِرَانِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُؤْذَنُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالسُّجُودِ، وَأَوَّلُ مَنْ يُؤْذَنُ لَهَ بِرَفْعِ رَأْسِهِ، فَأَنْظُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، فَأَعْرِفُ أُمَّتِي مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ» فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، كَيْفَ تَعْرِفُ أُمَّتَكَ مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ، مَا بَيْنَ نُوحٍ إِلَى أُمَّتِكَ؟ قَالَ: أَعْرِفُهُمْ، مُحَجَّلُونَ مِنْ أَثَرِ
__________
(1) ابن كثير 8/ 38 وقال: هذا حديث غريب بهذا السياق.
(2) الدر 8/ 52

(10/3336)


يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13)

الْوُضُوءِ، وَلا يَكُونُ لِأَحَدٍ مِنَ الْأُمَمِ غَيْرِهِمْ، وَأَعْرِفُهُمْ يُؤْتَوْنَ كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ، وَأَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ فِي وجوههم، وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم ودريتهم «1» .

18821 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا سليم ابن عَامِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا عَلَى جِنَازَةٍ فِي بَابِ دِمَشْقَ، وَمَعَنَا أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، فَلَمَّا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ وَأَخَذُوا فِي دَفْنِهَا، قَالَ أَبُو أُمَامَةَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ قَدْ أَصْبَحْتُمْ وَأَمْسَيْتُمْ فِي مَنْزِلٍ تَقْتَسِمُونَ فِيهِ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، وَتُوشِكُونَ أَنْ تَظْعَنُوا مِنْهُ إِلَى مَنْزِلٍ آخَرَ، وَهُوَ هَذَا يَشِيرُ إِلَى الْقَبْرِ- بَيْتُ الْوَحْدَةِ، وَبَيْتُ الظُّلْمَةِ، وَبَيْتُ الدُّودِ، وَبَيْتُ الضِّيقِ، إِلا مَا وَسَّعَ اللَّهُ، ثُمَّ تَنْتَقِلُونَ مِنْهُ إِلَى مَوَاطِنِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإِنَّكُمْ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْمَوَاطِنِ حَتَّى يَغْشَى النَّاسَ فِي أَمْرٍ مِنَ اللَّهِ، ف تبيض وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ، ثُمَّ تَنْتَقِلُونَ مِنْهُ إِلَى مَنْزِلٍ آخَرَ تَغْشَى النَّاسَ ظُلْمَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ يُقْسَمُ النُّورُ فَيُعْطَى الْمُؤْمِنُ نُورًا، وَيُتْرَكُ الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ فَلا يُعْطَيَانِ شَيْئًا وَهُوَ الْمَثَلُ الَّذِي ضَرَبُهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ قَالَ: أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ إِلَى قَوْلِهِ: فَمَا لَهُ من نور فَلَا يَسْتَضِيءُ الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ بِنُورِ الْمُؤْمِنِ، كَمَا لَا يَسْتَضِيءُ الْأَعْمَى بِنُورِ الْبَصِيرِ، وَيَقُولُ الْمُنَافِقُونَ ... لِلَّذِينَ آمَنُوا: انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ، قِيلَ: ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا وَهِيَ خُدْعَةُ اللَّهِ الَّتِي خَدَعَ بِهَا الْمُنَافِقِينَ حَيْثُ قَالَ:
يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ فَيَرْجِعُونَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي قُسِمَ فِيهِ النُّورُ. فَلا يَجِدوُنَ شَيْئًا، فَيَنْصَرِفُونَ إِلَيْهِمْ وَقَدْ ضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ، بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ، وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ.. الْآيَةَ يَقُولُ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ: فَمَا يَزَالُ الْمُنَافِقُ مُغْتَرًّا حَتَّى يُقْسَمَ النُّورُ، وَيَمِيزَ اللَّهُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْمُنَافِقِ «2» .

18822 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ حَيَوَةَ، حَدَّثَنَا أَرْطَأَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: تُبْعَثُ ظَلْمَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَلا كَافِرٍ يَرَى كَفَّهُ، حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ بِالنُّورِ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ بِقَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، فَيَتْبَعُهُمُ الْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُونَ: انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نوركم «3» .
__________
(1) ابن كثير 8/ 42.
(2) ابن كثير 8/ 42- والدر 8/ 53.
(3) المرجع السابق.

(10/3337)


أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)

قَوْلُهُ تَعَالَى: انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ
18823 - مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: تُبْعَثُ ظَلْمَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَلا كَافِرٍ يَرَى كَفَّهُ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ بِالنُّورِ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ بِقَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فَيَتْبَعُهُمُ الْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُونَ: انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ «1» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ
18824 - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ الْآيَةَ. قَالَ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ أَحْيَاءً فِي الدُّنْيَا يُنَاكِحُونَهُمْ وَيُعَاشِرُونَهُمْ، وَكَانُوا مَعَهُمْ أَمْوَاتًا، وَيُعْطَوْنَ النُّورَ جَمِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُطْفَأُ نُورُ الْمُنَافِقِينَ إِذَا بَلَغُوا السُّورَ يُمَازُ بَيْنِهِمْ يومئذ، والسور كالحجاب فِي الْأَعْرَافِ فَيَقُولُونَ: انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا «2» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا
18825 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ اسْتَبْطَأَ قُلُوبَ الْمُهَاجِرِينَ فَعَاتَبَهُمْ عَلَى رَأْسِ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ نُزُولِ الْقُرْآنِ فَقَالَ: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا الْآيَةَ «3» .

18826 - عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخَذُوا فِي شَيْءٍ مِنَ الْمِزَاحِ فَأُنْزِلَ اللَّهُ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا الْآيَةَ «4» .

18827 - مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: مَلَّ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَلَّةً فَقَالُوا: حَدِّثْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ثُمَّ مَلُّوا مَلَّةً فَقَالُوا: حَدِّثْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً
18828 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حُمَيْدِ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ، قَالَ أَبُو الدَّحْدَاحِ الأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ اللهَ لَيُرِيدُ مِنَّا الْقَرْضَ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا أَبَا الدَّحْدَاحِ، قَالَ: أَرِنِي يَدَكَ يَا رسول
__________
(1) الدر 8/ 56- 58.
(2) الدر 8/ 56- 58.
(3) الدر 8/ 56- 58.
(4) الدر 8/ 56- 58.

(10/3338)


اللهِ قَالَ: فَنَاوَلَهُ يَدَهُ، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ أَقْرَضْتُ رَبِّي حَائِطِي- وَلَهُ حَائِطٌ فِيهَا سِتُّمِائَةِ نَخْلَةٍ، وَأُمُّ الدَّحْدَاحِ فِيهِ وَعِيَالُهَا- قَالَ فَجَاءَ أَبُو الدَّحْدَاحِ فَنَادَاهَا: يَا أُمَّ الدَّحْدَاحِ، قَالَتْ لَبَّيْكَ، فَقَالَ: اخْرُجِي فَقَدْ أَقْرَضْتُهُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ: رَبِحَ بَيْعُكَ يَا أَبَا الدَّحْدَاحِ وَنَقَلَتْ مِنْهُ مَتَاعَهَا وَصِبْيَانَهَا، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَمْ عِذْقِ رَدَاحٍ فِي الْجَنَّةِ لِأَبِي الدَّحْدَاحِ» وَفِي لَفْظٍ «رُبَّ نَخْلَةٍ مُدَلاةٍ، عُرُوقُهَا دُرٌّ وَيَاقُوتٌ، لِأَبِي الدَّحْدَاحِ فِي الْجَنَّةِ» «1» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وكثير مِنْهُمْ فَاسِقُونَ
18829 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ عُمَيْلَةَ الْفَزَارِيِّ قَالَ:، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، حَدَّثَنَا مَا سَمِعْتُ أَعْجَبَ إِلَيَّ مِنْهُ، إِلا شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ شَيْئًا قاله النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا طَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ اخْتَرَعُوا كِتَابًا مِنْ عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ، اسْتَهْوَتْهُ قُلُوبُهُمْ وَاسْتَحْلَتْهُ أَلْسِنَتُهُمْ وَاسْتَلَذَّتْهُ، وَكَانَ الْحَقُّ يَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ كَثِيرٍ مِنْ شَهَوَاتِهِمْ فَقَالُوا: تَعَالَوْا نَدْعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى كِتَابِنَا هَذَا، فَمَنْ تَابَعَنَا عَلَيْهِ تَرَكْنَاهُ، وَمَنْ كَرِهَ أَنْ يُتَابِعَنَا قَتَلْنَاهُ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَكَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ فَقِيهٌ، فَلَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُونَ عَمَدَ إِلَى مَا يَعْرِفُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَكَتَبَهُ فِي شَيْءٍ لَطِيفٍ، ثُمَّ أَدْرَجَهُ فَجَعَلَهُ فِي قَرْنٍ ثُمَّ عَلَّقَ ذَلِكَ فِي عُنُقِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا الْقَتَلَ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: يَا هَؤُلاءِ، إِنَّكُمْ قَدْ أَفْشَيْتُمُ الْقَتْلَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَادْعُوا فُلانًا فَاعْرِضُوا عَلَيْهِ كِتَابَكُمْ، فَإِنَّهُ إِنْ تَابَعْكُمْ فَسَيُتَابِعْكُمْ بَقِيَّةُ النَّاسِ، وَإِنْ أَبَى فَاقْتُلُوهُ، فَدَعَوْا فُلانًا ذَلِكَ الْفَقِيهَ فَقَالُوا: تُؤْمِنُ بِمَا فِي كِتَابِنَا؟ قَالَ: وَمَا فِيهِ؟ اعْرِضُوهُ عَلَيَّ فَعَرَضُوهُ عَلَيْهِ إِلَى آخَرِهِ ثُمَّ قَالُوا: أَتُؤْمِنُ بِهَذَا؟ قَالَ نَعَمْ، آمَنْتُ بِمَا فِي هَذَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْقَرْنِ، فَتَرَكُوهُ، فَلَمَّا مَاتَ نَبَشُوهُ فَوَجَدُوهُ مُتَعَلِّقًا ذَلِكَ الْقَرْنَ، فَوَجَدُوا فِيهِ مَا يُعْرَفُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِبَعْضٍ يَا هَؤُلاءِ مَا كُنَّا نَسْمَعُ هَذَا أَصَابَهُ فِتْنَةٌ فافترقت بنوا إِسْرَائِيلَ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَخَيْرُ مِلَلِهِمْ ملة أصحاب ذي القرن» «2» .
__________
(1) ابن كثير 8/ 40.
(2) ابن كثير 8/ 45.

(10/3339)


وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19)

18830 - قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَوْشَكُ بِكُمْ إِنْ بَقِيتُمْ، أَوْ بَقَيَ مَنْ بَقَيَ مِنْكُمْ، أَنْ تَرَوْا أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا لَا تَسْتَطِيعُونَ لَهَا غَيْرًا، فَحَسْبُ الْمَرْءِ مِنْكُمْ أَنْ يَعْلَمَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ أنه لها كاره «1» .

قوله تعالى: الشهداء
18831 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قال اقرأوا: وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ «2» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ
18832 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِ اللَّهِ: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ يَقُولُ: فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الدِّينِ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا قَالَ: نَخْلُقَهَا لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ مِنَ الدُّنْيَا وَلا تفرحوا بما آتاكم منها «3» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ
18833 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْأَيَّامِ فَقَالَ: السَّبْتُ عَدَدٌ وَالْأَحَدُ عَدَدٌ وَالِاثْنَيْنُ يَوْمٌ تُعْرَضُ فِيهِ الْأَعْمَالُ، وَالثُّلاثَاءُ يَوْمُ الدَّمِ، وَالْأَرْبَعَاءُ يَوْمُ الْحَدِيدِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَالْخَمِيسُ يَوْمٌ تُعْرَضُ فِيهِ الْأَعْمَالُ. وَالْجُمُعَةُ يَوْمُ بَدَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ «4» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ
18834 - مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَا عَبْدَ اللَّهِ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ: هَلْ تَدْرِي أَيُّ عُرَا الْإِيْمَانِ أَوْثَقَ؟ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَوْثَقُ عُرَا الْإِيْمَانِ الْوِلايَةُ فِي اللَّهِ بَالْحُبِّ فِيهِ وَالْبُغْضِ فِيهِ، قَالَ: هَلْ تَدْرِي أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلَ؟ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:
أَفْضَلُ النَّاسِ أَفْضَلُهُمْ عَمَلًا إِذَا تَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، يَا عَبْدَ اللَّهِ هَلْ تَدْرِي أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمَ؟ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ أَبْصَرُهُمْ بِالْحَقِّ إِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ وَإِنْ كَانَ مُقَصِّرًا بِالْعَمَلِ، وَإِنْ كَانَ يَزْحَفُ عَلَى اسْتِهِ وَاخْتَلَفَ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً نَجَا مِنْهَا ثَلاثٌ وَهَلَكَ سَائِرُهَا، فِرْقَةٌ وَزَّتِ الْمُلُوكَ وَقَاتَلَتْهُمْ
__________
(1) ابن كثير 8/ 46.
(2) الدر 8/ 60. [.....]
(3) الدر 8/ 60.
(4) الدر 8/ 62- 64.

(10/3340)


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)

عَلَى دِينِ اللَّهِ وَعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ حَتَّى قُتِلُوا، وَفِرْقَةٌ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ طَاقَةٌ بِمُوَازَاةِ الْمُلُوكِ وَلا بِالْمُقَامِ مَعَهُمْ فَسَاحُوا فِي الْجِبَالِ وَتَرَهَّبُوا فِيهَا وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ الَّذِينَ آمَنُوا بِي وَصَدَّقُونِي وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِي وَجَحِدُونِي «1» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ...
18835 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَرْبَعِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّجَاشِيِّ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَهِدُوا مَعَهُ أُحُدًا فَكَانَتْ فِيهِمْ جِرَاحَاتٌ وَلَمْ يُقْتَلْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَلَمَّا رَأَوْا مَا بِالْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْحَاجَةِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنا أهل ميسرة فائذن لنا نجيء بِأَمْوَالِنَا نُوَاسِي بِهَا الْمُسْلِمِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ إِلَى قَوْلِهِ: أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صبروا فجعل لهم أجرين، قال:
ويدرؤن بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ قَالَ: أَيِ النَّفَقَةُ الَّتِي وَاسَوْا بِهَا الْمُسْلِمِينَ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالُوا: يَا مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ أَمَّا مَنْ آمَنَ مِنَّا بِكِتَابِكُمْ فَلَهُ أَجْرَانِ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِكِتَابِكُمْ فَلَهُ أَجْرٌ كَأُجُورِكُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ يَا أَيُّهَا الَّذِينُ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ فَزَادَهُمُ النُّورَ وَالْمَغْفِرَةَ «2» .

18836 - عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بما صبروا فخر مؤمنوا أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى الصَّحَابَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ يَا أَيُّهَا الَّذِينُ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ
فَجَعَلَ لَهُمْ أَجْرَيْنِ مِثْلَ أُجُورِ مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ وَسَوَّى بَيْنَهُمْ فِي الْأَجْرِ «3» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: كِفْلَيْنِ
18837 - عَنْ أَبِي مُوسَى فِي قَوْلِهِ: كِفْلَيْنِ قَالَ: ضِعْفَيْنِ: وَهِيَ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ «4» .

18838 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ قَالَ: الْكِفْلُ ثَلاثُمِائَةِ جزء وخمسون جزء من رحمة الله.
__________
(1) الدر 8/ 62- 64
(2) الدر 8/ 67.
(3) الدر 8/ 67.
(4) الدر 8/ 67.

(10/3341)