تفسير ابن أبي
حاتم محققا قَدْ سَمِعَ اللَّهُ
قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى
اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ
سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)
سُورَةُ الْمجادلة
58
قَوْلُهُ تَعَالَى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ
18839 - حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن نميم بْنِ
سَلَمَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: الْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي وَسِعُ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ، لَقَدْ جَاءَتِ
الْمُجَادِلَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ تُكَلِّمُهُ وَأَنَا فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ مَا
أَسْمَعُ مَا تَقُولَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ
سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا ...
إِلَى آخَرَ الْآيَةِ «1» .
18840 - عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ
عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:
تَبَارَكَ الَّذِي أَوْعَى سَمْعُهُ كُلَّ شَيْءٍ، إِنِّي
لاسْمَعُ كَلامَ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ ويَخْفَى عَلَيَّ
بَعْضُهُ وَهِيَ تَشْتَكِي زَوْجَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ تَقُولُ: يا رسول
الله أكل شبابي، ونثرت لَهُ بَطْنِي حَتَّى إِذَا كَبُرَتْ
سِنِّي وَانْقَطَعَ وَلَدِي ظَاهِرَ مِنِّي اللَّهُمَّ إِنِّي
أَشْكُو إِلَيْكَ. قَالَتْ: فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى نَزَلَ
جِبْرِيلُ بِهَذِهِ الْآيَةِ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ
الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَقَالَ: وَزَوْجُهَا
أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ «2» .
18841 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ
إِسْمَاعِيلَ أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ يَعْنِي
ابْنَ حَازِمٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قال: لقى عمر ابن الْخَطَّابِ
امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا خَوْلَةُ وَهُوَ يَسِيرُ مَعَ
النَّاسِ، فَاسْتَوْقَفَتْهُ، فَوَقَفَ لَهَا، وَدَنَا مِنْهَا
وَأَصْغَى إِلَيْهَا رَأْسَهُ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى
مَنْكِبَيْهَا حَتَّى قَضَتْ حَاجَتَهَا وَانْصَرَفَتْ، فقال
لَهُ رَجُلٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: حَبَسْتَ رِجَالَ
قُرَيْشٍ عَلَى هَذِهِ الْعَجُوزِ، قَالَ: وَيْحَكَ وَتَدْرِي
مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: هَذِهِ امْرَأَةٌ سَمِعَ
اللَّهُ شكواها من فوق سبع سموات، هَذِهِ خَوْلَةُ بِنْتُ
ثَعْلَبَةَ وَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَنْصَرِفْ عَنِّي إِلَى
اللَّيْلِ مَا انْصَرَفْتُ حَتَّى تقضي حاجتها «3» .
__________
(1) ابن كثير 8/ 48.
(2) ابن كثير 8/ 49.
(3) ابن كثير 8/ 49.
(10/3342)
أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا
نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ
وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا
لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ
لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ
جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8)
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى
18842 - عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ: كَانَ بَيْنَ
يَهُودَ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مُوَادَعَةٌ فَكَانُوا إِذَا مَرَّ بِهِمْ رَجُلٍ
مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
جَلَسُوا يَتَنَاجَوْنَ بَيْنَهُمْ، حَتَّى يَظُنَّ
الْمُؤْمِنُ أَنَّهُمْ يَتَنَاجَوْنَ بِقَتْلِهِ أَوْ بِمَا
يَكْرَهُ الْمُؤْمِنُ، فَإِذَا رَأَى الْمُؤْمِنُ ذَلِكَ
خَشِيَهُمْ فَتَرَكَ طَرِيقَهُ عَلَيْهِمْ فَنَهَاهُمُ
النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّجْوَى
فَلَمْ يَنْتَهُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى الْآيَةَ «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: حَيَّوْكَ
18843 - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَّلَ عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودُ فَقَالُوا:
السَّامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ:
وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَالَ:
يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلا
التَّفَحُّشَ. قُلْتُ أَلا تَسْمَعُهُمْ يَقُولُونَ السَّامُ
عَلَيْكَ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَوَمَا سَمِعْتِ مَا أَقُولُ وَعَلَيْكُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ
وإذا جاؤك حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ «2» .
18844 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: كَانَ
الْمُنَافِقُونَ يَقُولُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَيَّوْهُ: سَامٌ عَلَيْكَ
فَنَزَلَتْ «3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: تَفَسَّحُوا
18845 - عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: إِذَا قِيلَ لَكُمْ
تَفَسَّحُوا الْآيَةَ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي
مَجَالِسِ الذكر، وذلك أنهم كانوا إِذَا رَأَوْا أَحَدَهُمْ
مُقْبِلًا ضَنُّوا بِمَجَالِسِهِمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ
يَفْسَحَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ «4» .
18846 - عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ: أُنْزِلَتْ
هَذِهِ الْآيَةُ يَوْمَ جُمُعَةٍ وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ فِي الصُّفَّةِ
وَفِي الْمَكَانِ ضِيقٌ، وكان يكرم أهل بدر
__________
(1) الدر 8/ 80.
(2) الدر 8/ 80- 83.
(3) الدر 8/ 80- 83.
(4) الدر 8/ 80- 83.
(10/3343)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا
بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ
وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ (12)
مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ،
فَجَاءَ نَاسٌ مِنَ أَهْلِ بَدْرٍ وَقَدْ سُبِقُوا إِلى
الْمَجْلِسِ، فَقَامُوا حِيَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا
النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَرَدَّ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ،
ثُمَّ سَلَّمُوا عَلَى الْقَوْمِ بَعْدَ ذَلِكَ فَرَدُّوا
عَلَيْهِمْ. فَقَامُوا عَلَى أَرْجُلِهِمْ يَنْتَظِرُونَ أَنْ
يُوسَعَ لَهُمْ. فَعَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مَا يَحْمِلُهُمْ عَلَى الْقِيَامِ فَلَمْ يُفْسَحْ
لَهُمْ. فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ بَدْرٍ:
قُمْ يَا فُلانُ وَأَنْتَ يَا فُلانُ فَلَمْ يَزَلْ
يُقِيمُهُمْ بِعَدَّةِ النَّفَرِ الَّذِينَ هُمْ قِيَامٌ مِنْ
أَهْلِ بَدْرٍ. فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى مَنْ أُقِيمَ مِنْ
مَجْلِسِهِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ
18847 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: تَفْسِيرُ هَذِهِ
الْآيَةِ: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ
وَأُوتُوا الْعِلْمَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُؤْتَوُا
الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: نَاجَيْتُمُ
18848 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِذَا نَاجَيْتُمُ
الرَّسُولَ الْآيَةَ قَالَ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ أَكْثَرُوا
الْمَسَائِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حَتَّى شَقُّوا عَلَيْهِ، فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ
يُخَفِّفَ عَنْ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ امْتَنَعَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ
وَكَفُّوا عَنِ المسألة فأنزل الله بعد هذا أأشفقتم الآية فوسع
الله عليهم ولم يضيق «3» .
__________
(1) الدر 8/ 83. [.....]
(2) الدر 8/ 83.
(3) الدر 8/ 83.
(10/3344)
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا
فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ (1)
سُورَةُ الْحشر
59
قَوْلُهُ تَعَالَى: سَبَّحَ لِّلَّهِ مَا فِي السَّمَاواتِ
وَمَا فِي الأَرْضِ
18849 - حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ حَدَّثَنِي اللَّيْثٌ عَنْ عَقِيلٍ
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ
الزُّبَيْرِ قَالَ: ثُمَّ كَانَتْ وَقْعَةُ بَنِي النَّضِيرِ
وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ
أَشْهُرٍ من وقعة بَدْرٍ، وَكَانَ مَنْزِلُهُمْ بِنَاحِيَةٍ
مِنَ الْمَدِينَةِ، فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى الْجَلاءِ
وَإِنَّ لَهُمْ مَا أَقَلَّتِ الْإِبِلُ مِنَ الْأَمْوَالِ
وَالْأَمَتِعَةِ إِلا الْحَلَقَةَ وَهِيَ السلاح، فأجلاهم
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ
الشَّامُ قَالَ: وَالْجَلاءُ أَنَّهُ كُتِبَ عَلَيْهِمْ فِي
آيٍ مِنَ التَّوْرَاةِ، وَكَانُوا مِنْ سَبْطٍ لَمْ يصبهم
الجالء قَبْلَ مَا سُلِّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ اللَّهُ فيِهِمْ
سَبَّحَ لِّلَّهِ مَا فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ
إِلَى قَوْلِهِ: وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا
مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ
18850 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ،
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ شَكَّ فِي أَنَّ أول المحشر
هاهنا يَعْنِي الشَّامَ، لِيَتْلُ هَذِهِ الْآيَةَ هُوَ
الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اخْرُجُوا
قَالُوا: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: «إِلَى أَرْضِ الْمَحْشَرِ» «2»
.
18851 - عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لَمَّا أَجْلَى رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي النَّضِيرِ قَالَ:
«هَذَا أَوَّلُ الْحَشْرِ وَأَنَا على الأثر» «3» .
__________
(1) ابن كثير 8/ 84- 85.
(2) ابن كثير 8/ 84- 85.
(3) ابن كثير 8/ 84- 85.
(10/3345)
مَا أَفَاءَ اللَّهُ
عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ
وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ
السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ
مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ
عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ
الْعِقَابِ (7)
18852 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ
شَكَّ أَنَّ الحشر بِالشَّامِ فَيَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ هُوَ
الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ:
اخْرُجُوا قَالُوا: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى أَرْضِ
الْمَحْشَرِ «1» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا
نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا
18853 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ عَنِ
الْحَسَنِ الْعَوْفِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ عَنْ
مَسْرُوقٍ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ
فَقَالَتْ: بلغني أنك تنهى عن الواشمة والوصلة أَشَيْءٌ
وَجَدْتَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: بَلَى شَيْءٌ
وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَتْ: وَاللَّهِ لَقَدْ
تَصَفَّحْتُ مَا بَيْنَ دَفَّتَيِ الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُ
الَّذِي تَقُولُ! قَالَ: فَمَا وَجَدْتِ فِيهِ: وَمَا آتَاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا؟
قَالَتْ: بَلَى. قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ الْوَاصِلَةِ
وَالْوَاشِمَةِ وَالنَّامِصَةِ قَالَتْ: فَلَعَلَّهُ فِي
بَعْضِ أَهْلِكَ. قَالَ: فَادْخُلِي فَانْظُرِي فَدَخَلَتْ
فَنَظَرَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ قَالَتْ:
مَا رَأَيْتُ بَأْسًا فَقَالَ لَهَا: أَمَا حَفِظْتِ وَصِيَّةَ
الْعَبْدِ الصَّالِحِ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى
مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ «2» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: خَصَاصَةٌ
18854 - عَنْ مُقَاتِلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ قَالَ:
فَاقَةٌ «3» .
18855 - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ
سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا
الْمَسْعُودِيُّ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنِ الأَسْوَدِ
بْنِ هِلالٍ قال: جاء رجل
__________
(1) الدر 8/ 89.
(2) ابن كثير 8/ 92
(3) الدر 8/ 107.
(10/3346)
وَالَّذِينَ جَاءُوا
مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا
وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا
تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا
إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)
إِلَى عَبْدٍ اللَّهِ فَقَالَ: يَا أَبَا
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَكُونَ قَدْ
هَلَكْتُ! فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: لَيْسَ ذَلِكَ
بِالشُّحِّ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ، إِنَّمَا
الشُّحُّ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ أَنْ تَأْكُلَ
مَالَ أَخِيكَ ظُلْمًا، وَلَكِنَّ ذَلِكَ الْبُخْلُ وَبِئْسَ
الشيء البخل «1» .
قوله تعالى: والذين جاؤ مِنْ بَعْدِهِمْ
18856 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الْمَسْرُوقِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ،
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابن مهاجر، عن أبيه
عن عائشة أنا قَالَتْ: أُمِرُوا أَنْ يَسَتَغْفَرُوا لَهُمْ
فَسَبُّوهُمْ! ثُمَّ قرأت هذه الآية والذين جاؤ مِنْ
بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا
الذين سبقونا بالإيمان الآية «2» .
18857 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: أمروا أن يستغفروا
لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسبوهم ثم قرأت هذه الآية
والذين جاؤ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا
وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ
«3» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا
يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ
18858 - عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: قَدْ أَسْلَمَ نَاسٌ مِنْ
أَهْلِ قُرَيْظَةِ مَعَكُمْ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ
الْآيَةُ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ
لِإِخْوَانِهِمُ الآية «4» .
قَوْلُهُ تعالى: قلوبهم شَتَّى
18859 - عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا
وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى قَالَ:
كَذَلِكَ أَهْلُ الْبَاطِلِ مُخْتَلِفَةٌ شَهَادَتُهُمْ،
مُخْتَلِفَةٌ أَهْوَاؤُهُمْ، مَخْتَلِفَةٌ أَعْمَالُهُمْ
وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ فِي عَدَاوَةِ أَهْلِ الْحَقِّ كَمَثَلِ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا قال:
هم بنو النضير «5» .
__________
(1) ابن كثير 8/ 98- 99.
(2) ابن كثير 8/ 98- 99.
(3) الدر 8/ 115- 116
(4) الدر 8/ 115- 116
(5) الدر 8/ 115.
(10/3347)
كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ
إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ
إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ
الْعَالَمِينَ (16)
قَوْلُهُ تَعَالَى: كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ
إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ
18860 - مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي
قَوْلِهِ: كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ الْآيَةَ قَالَ: كَانَ
رَاهِبٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَيُحْسِنُ
عِبَادَتَهُ، وَكَانَ يُؤْتَى مِنْ كُلِّ أَرْضٍ فَيُسْأَلُ
عَنِ الْفِقْهِ، وَكَانَ عَالِمًا، وَإِنَّ ثَلاثَةَ إِخْوَةٍ
لَهُمْ أُخْتٌ حَسْنَاءُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَإِنَّهُمْ
أَرَادُوا أَنْ يُسَافِرُوا وَكَبُرَ عَلَيْهِمْ أَنْ
يَدْعُوهَا ضَائِعَةً فَعَمَدُوا إِلَى الرَّاهِبِ فَقَالُوا:
إِنَّا نُرِيدَ السَّفَرَ وَإِنَّا لَا نَجِدُ أَحَدًا
أَوْثَقَ فِي أَنْفُسِنَا وَلا آمَنَ عِنْدَنَا مِنْكَ، فَإِنْ
رَأَيْتَ جَعَلْنَا أُخْتَنَا عِنْدَكَ فَإِنَّهَا شَدِيدَةُ
الْوَجَعِ، فَإِنْ مَاتَتْ فَقُمْ عَلَيْهَا وَإِنْ عَاشَتْ
فَأَصْلِحْ إِلَيْهَا حتى ترجع فَقَالَ: أَكْفِيكُمْ إِنْ
شَاءَ اللَّهُ، فَقَامَ عَلَيْهَا فَدَاوَاهَا حَتَّى بَرِئَتْ
وَعَادَ إِلَيْهَا حُسْنُهَا، وَأَنَّهُ اطَّلَعَ إِلَيْهَا
فَوَجَدَهَا مُتَصَنِّعَةً، وَلَمْ يَزَلْ بِهِ الشَّيْطَانُ
حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ ثُمَّ نَدَّمَهُ
الشَّيْطَانُ فَزَيَّنَ لَهُ قَتْلَهَا، فَلَمَّا قَدِمَ
إِخْوَتُهَا سَأَلُوهُ مَا فَعَلْتَ؟ قَالَ: مَاتَتْ،
فَدَفَنْتُهَا قَالُوا: أَحْسَنْتَ، فَجَعَلُوا يَرَوْنَ فِي
الْمَنَامِ وَيُخْبَرُونَ أَنَّ الرَّاهِبَ قَتَلَهَا
وَأَنَّهَا تَحْتَ شَجَرَةِ كَذَا وَكَذَا، وَأَنَّهُمْ
عَمَدُوا إِلَى الشَّجَرَةِ فَوَجَدُوهَا قَدْ قُتِلَتْ،
فَعَمَدُوا إِلَيْهِ فَأَخَذُوهُ فَقَالَ الشَّيْطَانُ: أَنَّا
الَّذِي زَيَّنْتُ لَكَ الزِّنَا وَزَيَّنْتُ لَكَ قَتْلَهَا،
فَهَلْ لك أن تعطيني وَأُنَجِّيَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:
فَاسْجُدْ لِي سَجْدَةً وَاحِدَةً، فَسَجَدَ لَهُ ثُمَّ
قُتِلَ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ
قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ الآية «1» .
__________
(1) الدر 8/ 117. [.....]
(10/3348)
|