تفسير ابن فورك
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ
الكتاب: تفسير ابن فورك من أول سورة المؤمنون - آخر سورة
السجدة
المؤلف: الإمام العلَّامة / أبو بكر محمد بن الحسن ابن فورك
(المتوفى 406)
دراسة وتحقيق: علال عبد القادر بندويش (ماجستير)
عدد الأجزاء: 1
الناشر: جامعة أم القرى - المملكة العربية السعودية
الطبعة الأولى: 1430 - 2009 م
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
* * * * * * * * * * * * *
تفسير ابن فورك من أول سورة الأحزاب - آخر سورة غافر
المؤلف: الإمام العلَّامة / أبو بكر محمد بن الحسن ابن فورك
(المتوفى 406)
دراسة وتحقيق: عاطف بن كامل بن صالح بخاري (ماجستير)
عدد الأجزاء: 1
الناشر: جامعة أم القرى - المملكة العربية السعودية
الطبعة الأولى: 1430 - 2009 م
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
جَزَى اللَّهُ كَاتِبَهُ وَمَنْ تَحَمَّلَ نَفَقَةَ
الْكِتَابَةِ خَيرَ الجَزَاءِ وَأَوفَاهُ.
* * * * * * * * * * * * *
الكتاب: تفسير ابن فورك - من أول سورة نوح - إلى آخر سورة
الناس
المؤلف: الإمام العلَّامة / أبو بكر محمد بن الحسن ابن فورك
(المتوفى 406)
دراسة وتحقيق: سهيمة بنت محمد سعيد محمد أحمد بخاري (ماجستير)
عدد الأجزاء: 1
الناشر: جامعة أم القرى - المملكة العربية السعودية
الطبعة الأولى: 1430 - 2009 م
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
* * * * * * * * * * * * *
تنبيه:
بقي مجلدان يجري تحقيقهما الآن
أولهما من أول سورة فصلت إلى آخر سورة ق
والثاني من أول سورة الذاريات إلى آخر سورة المعارج
* * * * * * * * * * * * *
تنبيه أخير:
بقيت هذه المواضع لم أهتد إلى الصواب فيها
* * *
وبم انتصب {أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} ؟ ، وما حكم في {}
؟
{جـ 1 ص: 113}
وقوله: {} جواب ماذا؟ ، وما معنى: العبد؟ ، وكيف جازت العبودية
{جـ 1 ص: 442}
ولم كان {} يدل على حجة الإجماع؟ ، ولم يدل قوله: {} ؟ ،
{جـ 1 ص: 469}
وهذه عبارة غير مفهومة:
لا يعتاده بما بعده من ذلك الفوز الكبير واقتضاء ما قبله من
صفة المؤمنين الذين صبروا على المحنة للوعد به.
{جـ 3 ص: 191}
* * * * * * * * * * *
(1/61)
سورة المؤمنون
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مسألة: وإن سأل عن قوله - سبحانه - {قَدْ أَفْلَحَ
الْمُؤْمِنُونَ (1)
الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ
هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ
لِلزَّكَاة ِ فَاعِلُونَ (4) }
[الآيات من 1 إلى 4] فقال: ما معنى قد؟ وما الفلاح؟
، وما الخشوع في الصلاة؟ ، وما اللغو؟ ، وما الزكاة؟ ، وهل
تقوم.
هذه الأوصاف مقام الأمر بهذه الخصال؟
الجواب:
معنى قد: تقريب الماضي من الحال؛ فدل على أن فلاحهم قد
حصل، وهم عليه في الحال..
وهذا أبلغ في الصفة من تجريد ذكر الفعل.
الخشوع في الصلاة: الخضوع بجمع الهمة لها، والإعراض
عما سواها؛ لتدبر ما يجري فيها من التكبير، والتسبيح، وتلاوة
القرآن.
ومن موقف الخاضع لربه الطالب لمرضاته بطاعته
واللغو: الفعل الذي لا فائدة فيه يعتد بها، وقيل اللغو:
(1/62)
الباطل عن ابن عباس.
الزكاة: أداء الصدقة التي تجب في المال بالحول، وهي مما ينمو.
به المال بحكم الله؛ أنها زكاة أي يزكو بها المال عاجلاً،
وآجلاً
وقيل: (خاشعون) يقبلون على صلاتهم بالخضوع والتذلل.
لربهم.
وقيل: خائفون
(1/63)
مسألة: وإن سأل عن قوله - سبحانه -
{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ
(5) إِلَّا عَلَى
أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ
غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ
لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ
عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ
الْوَارِثُونَ (10) }
[الآيات من 5 إلى 10] فقال: لم أعيد ذكر الصلاة هاهنا؟ ، ولم
قيل للجارية ملك يمين؟ ولم يقل في الدار ملك يمين؟ ،
وما الفرق بين اللوم والذم؟ ، وما معنى: ابتغاء وراء ذلك؟ ،
وما معنى: هم الوارثون؟ ولم قيل إلا على أزواجهم؟ ومن قرأ
لأمانتهم؟ .
الجواب:
قيل: عنى بالفروج هاهنا فروج الرجال خاصة، بدلالة ما بعده.
عليه وأعيد ذكر الصلاة هاهنا: بمعنى الأمر بالمحافظة عليها
كالأمر.
بالخشوع فيها كما أعيد ذكر الفلاح؛ لأنه يجب بالخصال المذكورة
بعده؛ كما يجب في سورة البقرة بالخصال المذكورة قبله
(1/64)
وقيل: للجارية ملك يمين دون الدار؛ لأن ملك
الجارية أخص من
ملك الدار؛ إذ له نقض بنية الدار، وليس له نقض بنية الجارية،
وله عارية الدار حتى يتصرف في منافعها، وليس له مثل ذلك في
الجارية؛ حتى توطأ بالعارية.
ولذلك خص الملك في الإضافة
والفرق بين اللوم والذم: أن الذم قد كثر استعماله على معنى
صفة النقص؛ كقولهم الكفر مذموم، وأخلاق هذه الدابة مذمومة، ولا
يقال: ملومة؛ كما أنه يمدح بحسن الصوت، وبالسماحة، وبالقوة.
ومعنى: ابتغاء وراء ذلك طلب سوى الزوجة، وملك اليمين
(1/65)
وأصل الباب فيه الطلب ومنه البغية
الطلِبَة..
والعادون: الذين يتعدون الحلال إلى الحرام
وقيل: يحافظون على الصلاة: أي يراعونها للتأدية في أوقاتها.
عن مسروق.
وهم الوارثون: فيه قولان: الأول:
أنه روى أبو هريرة عن النبي أنه قال:
ما منكم أحد إلا وله منزلان: منزل في الجنة، ومنزل في النار؛
فإن مات على الضلال
ورث منزله أهل الجنة، وإن مات على الإيمان ورث منزله أهل
النار.
وروي أنه يهدم منزله في النار عن مجاهد
(1/66)
والثاني: أنه يؤول أمره إلى النعيم في
الجنة وملك ما يعطيه الله.
كما يؤول أمر الوارث.
وقيل المراعاة قيام الراعي بإصلاح ما يتولاه، وهو أصل الباب
- قرأ ابن كثير وحده: (لأمَانَتِهِمُ) ..
وقرأ الباقون: (لأَمَانَاتِهِمُ) جمع
وقرأ حمزة والكسائي: (عَلَى صَلَاتِهِمُ) واحدة.
(1/67)
وقرأ الباقون: (عَلَى صَلَوَاتِهِمُ) جمع
(1/68)
مسألة: وإن سأل عن قوله - سبحانه -
{الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
(11) وَلَقَدْ خَلَقْنَا
الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَة ٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ
جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ
خَلَقْنَا النُّطْفَة َ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَة َ
مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَة َ عِظَامًا فَكَسَوْنَا
الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ
فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ
إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) }
[الآيات من 11 إلى 15]
فقال: ما الإرث؟ ، وما الفردوس؟ ، وما السلالة؟ ، وما النطفة؟
، وهل
تسمى النطفة سلالة؟ ، وما العلقة؟ ، وما المضغة؟ ،
وما معنى: (أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ) ؟ وما معنى: (تبارك)
؟
وكيف جمع الخالقين والخالق واحد؟
الجواب: الإرث: ملك ما يتركه الميت لمن بعده ممن هو أولى به في
حكم الله.
فهذا أصله ثم يشبه فيقال: ورث فلان علم فلان، أي صار إليه..
فكذلك يرثون الفردوس، أي يصيرون إليه بعد الأحوال المتقدمة.
الفردوس: البستان الذي يجمع محاسن النبات.
وقيل: أصله رومي عرب
(1/69)
وقيل: بل هو عربي ووزنه فِعْلَوْلٌ.
والسلالة: صفوة الشيء التي تخرج منه؛ كأنها تستل منه.
والنطفة: القطرة من ماء المني
والله يخلق منها الحيوان بحسب ما أجرى العادة في التناسل.
فجعل من نطفة الإنسان إنساناً.
ومن نطفة الفرس فرسا.
وكذلك البعير، وغيره من الحيوان..
وقيل استل آدم من أديم الأرض.
وقيل استل من طين. عن قتادة.
وقيل: المعني بالإنسان كل إنسان؛ لأنه يرجع إلى آدم الذي خلق
(1/70)
من سلالة من طين، عن ابن عباس ومجاهد.
النطفة سلالة، والولد سلالة وسليلة
مكين: أي مكن لذلك بأن هيئ لاستقراره فيه إلى أمده الذي جعل.
له.
والعلقة: القطعة من الدم.
والمضغة: القطعة من اللحم
وقيل: [ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ] بنفخ الروح فيه عن
ابن عباس، ومجاهد
(1/71)
وقيل: نبات الأسنان، والشعر، وإعطاء العقل،
والفهم.
ومعنى تبارك: استحق التعظيم؛ بأنه لم يزل، ولا يزال
وأصل الصفة: البروك، وهو الثبوت..
وقيل (خلقا آخر) أي ذكراً أو أنثى
قرأ عاصم: في رواية أبي بكر وابن عامر (عَظْماً فَكَسَوْنَا
العَظْمَ لَحَمًاً) ..
(1/72)
وقرأ الباقون (عِظَامًا فَكَسَوْنَا
الْعِظَامَ لَحْمًا)
(1/73)
مسألة:
وإن سأل عن قوله - سبحانه - {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ
الْقِيَامَة ِ تُبْعَثُونَ (16)
وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا
عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17) وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ
مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى
ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18) فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ
جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ
كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ
مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ
لِلْآكِلِينَ (20) } ..
[الآيات من 16 إلى 20]
فقال ما البعث؟ ، وما الغفلة؟ ، وما معنى: ذكر الغفلة بعد
الطرائق؟ ولم خص الشجرة التي تخرج من طور سيناء بالذكر؟ ،
وما معنى: سيناء؟ وكيف قيل طرائق؟ ، وما معنى: [طُورِ
سَيْنَاءَ] ؟ .
الجواب:
البعث: الإطلاق لأمرٍ فالعباد كانوا كأنهم حبسوا عن التصرف
بالإفناء فأطلقوا بالإعادة للجزاء.
ومن هذا بعث الأنبياء لإبلاغ الرسالة..
الغفلة: إذهاب المعنى عن النفس
(1/74)
ونظيره السهو
ومعنى ذكر الغفلة بعد الطرائق: أن من جاز عليه الغفلة عن
العباد؛ جاز عليه عن الطرائق التي فوقهم فتسقط.
والله - جل وعز - مسك طرائق السماوات أن تقع على الأرض.
إلا بإذنه، ولولا إمساكه لها لم تقف طرفة عين
وخصت الشجرة التي تخرج من طور سيناء بالذكر لما فيها من العبرة
؛ بأنه لا يتعاهدها إنسان بالسقي ولا يراعيها أحد من العباد.
وهي: تُخْرِجُ الثمرة التي يكون منها الدهن الذي تعظم به.
الفائدة وتكثر المنفعة.
وقيل: الطرائق السموات الطباق عن ابن زيد
وقيل: بل حافظين من أن تسقط عليهم.
فتهلكهم وقيل: إنما خص بالذكر النخيل والأعناب؛ لأنها من ثمار
الحجاز من
(1/75)
مكة، والمدينة، والطائف فذكروا بالنعمة بما
يعرفون.
ومعنى [طُورِ سَيْنَاءَ]
: البركة؛ كأنه قيل: جبل البركة عن ابن عباس
وقيل: اسم الجبل الذي نودي منه موسى وهو كثير
الشجر عن ابن عباس
ويحتمل أن يكون فِيعَالًا من السناء وهو الارتفاع.
(1/76)
وقيل هي شجرة الزيتون
و (تَنْبُتُ بالدُّهُن) أي: تنبت ثمرها بالدهن..
ومن فتح التاء فهو تَنْبُتُ بثمر الدهن.
وقيل نَبَتَ وأنبتَ بمعنى واحد
: كما قال زهير:
(1/77)
رَأَيْتُ ذَوِي الحَاجَاتِ حَوْلَ
بُيُوتِهِم ... قَطِيناً بِهَا حَتَّى إذَا أَنْبَتَ البَقْل.
وقيل بل الباء زائدة والمعنى تنبت ثمر الدهن
: كما قال الراجز
نَحْنُ بَنُو جَعْدَة أَرْبَاب الفَلَج ... نَضْرِبُ بِالبِيضِ
وَنَرْجُوا
أي نرجوا الفرج..
وقيل: طرائق؛ لأن كل طبقة طريقة
(1/78)
وقيل: لأنها طرائق الملائكة.
الاصطباغ بالزيت الغمس فيه للائتدام به
وقال الحسن: ما بين كل سماء مسيرة خمس مائة عام؛ وكذلك
ما بين السماء والأرض.
فقال: أي ننزل عليهم ما يحييهم من المطر
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو (سِينَاء) بكسر السين
(1/79)
ولم يصرف؛ لأنه اسم البقعة.
وقرأ الباقون بفتح السين.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (تُنبِتُ) بضم التاء.
وقرأ الباقون (تَنبُتُ) بفتح التاء
(1/80)
مسألة:
وإن سأل عن قوله - سبحانه - {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ
لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا
مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ
(21) وَعَلَيْهَا وَعَلَى
الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى
قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ
مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23) فَقَالَ
الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا
بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ
شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا
فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ
بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (25) }
[الآيات من 21 إلى 25]
فقال: ما الأنعام؟ ، وما العبرة؟ ، وما السقي؟ ، وما المنفعة؟
، وما الجِنَّة؟
وما معنى: إلى حين؟ .
الجواب:
الأنعام: الماشية لنعمة في مشيها خلاف الحافر في وطئها، وهي.
الإبل، والبقر، والغنم.
العبرة: الدلالة المؤدية إلى البغية
كأنها معبر إليه، وطريق مؤدي إليه، وذلك أنها توصل إليه
بقطع مؤنته بعد مرتبة..
والسقي: إعطاء ما يصلح للشرب
فلما كان الله - عز وجل - قد أعطى العباد ألبان الأنعام
بإجرائه
في ضروعها وتمكنهم منها من غير خطو لها كان قد سقاهم إياها..
والمنفعة: إيجاب اللذة بفعلها، أو التسبب إليها
(1/81)
والجنة: غفوة تنفي عقل صاحبها حتى تختلط
أفعاله بها
وقيل: إن الأشراف من قومه كانوا يصدون الناس عن اتباعه.
بهذا الذي حكى عنهم من الغواية
وقيل (مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فيِ آبائِنا الأَوْلِينَ) أي بمثل
دعوته.
وقيل بمثله بشرا أتى برسالة ربه.
وقيل إنه بجنونه يأتي بمثل هذا.
وإلى حين: كقولك إلى وقت ما
(1/82)
مسألة:
وإن سأل عن قوله - سبحانه - ...
إلى قوله {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ
(26) فَأَوْحَيْنَا
إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا
فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا
مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ
سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي
الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27) فَإِذَا
اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ
الظَّالِمِينَ (28) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا
مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29) إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30) } .
[الآيات من 26 إلى 30]
فقال ما النصر؟ ، وما معنى: بأعيننا؟ ، وما معنى: وفار التنور؟
، وما الفرق بين سلكته في كذا وأسلكته فيه؟ ، وما معنى: من كل
زوجين اثنين؟
الجواب:
النصر: المعونة على العدو.
نصره الله - عز وجل - بإهلاك عدوه، ونجاته من بينهم بمن معه
وقوله (بِمَا كَذَّبُونِ) يقتضي الدعاء عليهم بالإهلاك من أجل
ذلك.
التكذيب
ومعنى: (بِأَعَيُنِنَا) فيه قولان:.
الأول: بحيث يراها كما يراها الرائي من عبادنا بعينه
الثاني: بأعين أوليائنا من الملائكة والمؤمنين، فإنهم يحرسونك
(1/83)
من منع مانع لك.
ومعنى (وَفَارَ الَّتنُورُ) جعلت العلامة في الفرن خروج الماء
من
أبعد المواضع من الماء، وهو التنور؛ لتكون العلامة معجزة
تدعوا إلى الإيمان به.
ومعنى: سلكته في كذا، وأسلكته فيه بمعنى واحدٌ.
وقيل سلكته فيه محذوف من سلكت به فيه.
وقيل: (رَبِّ أَنزِلْنِي مُنْزَلَا مُبَاَرَكاً) حين خرج من
السفينة.
عن مجاهد.
وقيل: من كل زَوْجَينِ اثْنَيْنٍ.
من الحيوان ذكر، وأنثى.
وقيل: وأهلك أي الذين آمنوا معك.
والزوج: واحد له قرين من جنسه
(1/84)
والمنزل المبارك: هو السفينة؛ لأنها سبب
النجاة
قال الحسن: كان في السفينة من المؤمنين سبعة أنفس، ونوح.
عليه السلام - ثامنهم.
وقيل: ستة قال: كل من كان على الأرض هلك بالغرق إلا من نجا مع
نوح
في السفينة.
وقال الحسن: كان طول السفينة ألفاً ومائتي ذراع وعرضها ستمائة.
ذراع وكانت مطبقة، تسير ما بين السماء والأرض (1) .
__________
(1) هذا كلام يفتقر إلى سند صحيح والأولى تفويض العلم فيه إلى
الله تعالى.
(1/85)
قرأ عاصم في رواية أبي بكر (مَنزِلا) بفتح
الميم وكسر الزاي..
وقرأ الباقون: (مُنَزلا) بضم الميم وفتح الزاي
وقرأ عاصم في رواية حفص (من كلٍّ زوجين) منون..
وقرأ الباقون بالإضافة.
(1/86)
مسألة:
وإن سأل عن قوله - سبحانه - {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ
بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (31)
فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا
اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ
(32) وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا
وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَة ِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي
الْحَيَاة ِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ
يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا
تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ
إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ
إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ
مُخْرَجُونَ (35) }
[الآيات من 31 إلى 35]
فقال: ما الإنشاء؟ ، وما القرن؟ ، وما موضع أن من الإعراب؟
وأين خبر أن في الأولى؟ ، وما الإتراف؟
الجواب:
الإنشاء إيجاد الشيء من غير سبب يولده، وكل ما يفعله الله.
فهو إنشاء واختراع.
والقرن: أهل العصر على مقارنة بعضهم لبعض
ومنه قرن الكبش؛ لمقارنته القرن الآخر..
ومنه القرينة، وهي: الدلالة التي تقارن الكلام
وموضع أن من الإعراب نصب تقدير بِـ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ إلا
أنه
نصب أرسلنا لما حذفت الباء
وخبر أن الأولى فيه قولان:
(1/87)
الأول: مخرجون، وتكون الثانية مكررة
للتأكيد
والثاني: أن يكون الخبر الجملة، بتقدير أيعدكم أنكم إذا متم.
وكنتم ترابا وعظاما كإخراجكم.
وقيل يعني بالرسول هاهنا صالح؛ لأنه المرسل بعد نوح..
والإتراف: التنعم بضروب الملاذ
(1/88)
مسألة:
وإن سأل عن قوله سبحانه: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ
فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ
(76) حَتَّى إِذَا
فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ
فِيهِ مُبْلِسُونَ (77) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ
السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَة َ قَلِيلًا مَا
تَشْكُرُونَ (78) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ
وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ
وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ
(80) }
[الآيات [من 76 إلى 80]
فقال: ما الإستكانة؟ وما الفتح؟ وما الإبلاس؟ وما الإنشاء؟
وما معنى: وله اختلاف الليل والنهار؟
الجواب:
الإستكانة: طلب السكون خوفا من السطوة.
استكان الرجل استكانة إذا ذُلَّ عند الشدة.
التضرع: طلب كشف البلاء من القادر عليه.
والفتح: فرج الباب بطريق يمكن فيه السلوك.
والإبلاس: الحيرة لليأس من الرحمة.
أبلس فلان إبلاسا إذا بهت عند انقطاع الحجة.
والإنشاء: إيجاد الشيء من غير سبب
ومعنى {أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ}
الجدب وضيق الرزق والقتل بالسيف
(1/89)
وقيل: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ
بِالْعَذَابِ}
أنه حين دعا النبي فقال: (اللهم سنين كسني يوسف) فجاعوا.
حتى أكلوا العلهز وهو الوبر بالدم. عن مجاهد.
وقيل إنه القتل يوم بدر عن ابن عباس.
وقيل: فتحنا عليهم بابا من عذاب جهنم في الآخرة.
ومعنى: {وَلَهُ اخْتِلاَفُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} .
مرورهما يوما بعد ليلة وليلة بعد يوم
كما يقال إذا أتى الرجل المكرام مرة بعد مرة هو يختلف إلى هذه.
الدار.
وقيل: وله تدبيرهما بالزيادة والنقصان
(1/90)
مسألة:
وإن سأل عن قوله سبحانه {بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ
الْأَوَّلُونَ (81) قَالُوا
أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا
لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا
هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ
(83) قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ
تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا
تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ
وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ
أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ
شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ
تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى
تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ
لَكَاذِبُونَ (90) }
[الآيات من 81 إلى 90]
فقال: ما المثل؟ ، وما وجه الشبهة في إنكار البعث بعد الموت؟
، وما وجه ملك الأرض ومن فيها على البعث بعد الموت؟ ، وما
معنى الموت؟ وما معنى: أساطير الأولين؟ ، وما معنى: وصفه بأنه
رب
السماوات والأرض؟ ، ولم وجب أن السماوات والأرض والعرش
جميع ذلك مربوب؟ ، وما الملكوت؟ ، ولم جاز الجواب ب (لِلَّه)
في المواضع الثلاثة على قراءة بعض القراء؟ ، وما معنى: فأنى
تسحرون؟ ، وما معنى: يجير ولا يجار عليه؟ .
الجواب:
المثل: شيء يسد مسد غيره في الإدراك؛ حتى لو شوهد لم
يفرق بينه وبينه.
كما لا يفرق بين سوادين يسد كل واحد منهما مسد الآخر في
الرؤية.
فقول هؤلاء: مثل قول الأولين؛ في إنكار البعث بعد الموت.
وجه الشبهة في إنكار البعث بعد الموت، أنه لم تجري به عادة،
ولو فكروا في أن النشأة الأولى أعظم منه لعلموا أن من أنكره
فقد جهل جهلا عظيما.
ووجه دلالة ملك الأرض ومن فيها فإنه قادر على تصريفها تام
(1/91)
التصريف الذي يُعقل بملك إنشائها بعد
إهلاكها
ومعنى {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}
الأحاديث المسطرة في الكتب ما سطره الأولون.
مما لا حقيقة له، ويجري مجْرى السمر
ومعنى وصفه بأنه: {بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ}
أي الملك الذي لولاه لبطل كل شيء سواه؛ فإن قوام كل ذلك به،
ولا تستغنى عنه طرفة عين؛ لأنها ترجع إلى تدبيره على ما يشاء
ووجب أن السموات، والأرض، والعرش مربوب؛ لأن جميعه
على صفة نقص؛ من حيث هو جسم لا يقوم بنفسه دون مدبر يدبره،
وممسك يمسكه وصفات النقص متميزة من صفات التعظيم..
والملكوت عظم الملك.
وفعلوت من صفات المبالغة نحو جبروت ورهبوت ورحموت.
وجاز الجواب ب (لله) في المواضع الثلاثة على قراءة بعض القراء
(1/92)
أما الأول: فلا خلاف فيه، وهو جواب مطابق
للسؤال؛ في {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا} فجوابه لله
وأما الثاني، والثالث، فمن قرأ (الله الله) فهو جواب على
اللفظ.
، والمعنى إذ السؤال.
مَن رَبَ السَمواتِ والأَرضِ.
وَمَنْ بِيَدِهَ ملَكوُتُ كلِّ شَيء.
؛ (وأما من قرأ (لله) فهو: جواب على المعنى دون اللفظ
كقول القائل من مولاك فيقول: أنا لفلان.
وقال الشاعر:
(1/93)
وَأَعْلَمَ أَنَّنِي سَأَكُونُ رَمْساً ...
إِذَا سَارَ النَّواعِجُ لاَ تَسِير
فَقَالَ السَّائِلُونُ لِمَنْ حَفَرتُْم ... فَقَالَ
المُخْبِرُونَ لَهُمْ وَزِيرُ
لأنه بمنزلة من الميت فقالوا وزير.
وذكر أنها في مصاحف سائر الأمصار بغير ألف إلا مصحف.
أهل البصرة.
وقيل: (مَلَكوُتُ كُلَّ شَيْءٍ)
خزائن كل شيء. عن مجاهد
وقيل: {فَأَنَى تُسُحَرُونَ} .
أي: يخيل لكم الحق باطلا، والصحيح فاسدا.
{وَهُوَ يُجِيرُ} : يعقد المنع من السوء لمن يشاء.
(وَلاَ يُجارُ عَلَيْهِ*.
أي: لا يمكن منع من أراده بسوء منه.
وقيل: هو يجير من العذاب ولا يجار عليه منه
(1/94)
قرأ أبو عمرو (سَيَقُولُونَ اللهُ اللهُ)
الأخيرتين وقرأ الباقون (للهِ للهِ) .
من غير ألف، ولم يختلفوا في الأولى
(1/95)
مسألة:
وإن سأل عن قوله - سبحانه - {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ
وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ
بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ
اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91)
عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَة ِ فَتَعَالَى عَمَّا
يُشْرِكُونَ (92) قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ
(93) رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
(94) وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ
لَقَادِرُونَ (95) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
السَّيِّئَة َ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (96) وَقُلْ
رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97)
وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98) حَتَّى إِذَا
جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99)
لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا
كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى
يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) }
[الآيات من 91 إلى 100]
فقال ما اتخاذ الولد؟ ،
وما معنى: عالم الغيب والشهادة؟ ، وكيف تدفع السيئة بالتي هي
أحسن؟ ،
وما معنى: {نحن أعلم بما يصفون} هاهنا؟ ، وما معنى: همزات
الشياطين؟ ،
وما العياذ؟ ، ولم جاز {قال رب ارجعون} على خطاب الجميع؟ ،
وما البرزخ؟ .
الجواب:
اتخاذ الولد: جعل الجاعل له ولد غيره يقوم مقام ولده، لو كان
له،
وهذا محال في صفة القديم - عز وجل -؛ لأنه محال أن يكون له
ولد؛ فلا
يجوز التشبيه بما هو ممتنع مستحيل، إلا على التبعيد.
وكذلك التبني إنما هو جعل الجاعل ابن غيره يقوم مقام ابنه الذي
يصح أن يكون له.
(عَالِم الغَيبِ وَالشَّهَادَة ِ) يأتي بالحق، وهم يأتون
بالجهل
وقيل: لأن عالُم الْغَيبِ والشَّهَادَة.
لا يكون له شريك؛ لأنه الأعلى من كل شيء في صفته.
وقال الحسن: هو رد لقول المشركين (الملائكة بنات الله)
قرأ (عالِم الغَيُبِ) .
بالجر ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر..
وقرأ الباقون بالرفع
(1/96)
والسيئة تدفع بالتي هي أحسن؛ بأن يكونوا
إذا ذكروا المنكر
ذكرت الحجة في فساده.
والموعظة التي تصرف عنه إلى ضده من الحق، بتلطف في
الدعاء إليه، والحث عليه.
فقول القائل هذا لا يجوز، وهو خطأ، وعدول.
عن الحق حسن.
هو أحسن منه أن يوصل بذكر الحجة، والموعظة
ومعنى {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ}
أي على ما يستحقون به من الجزاء؛ في الوقت الذي يصلح الأخذ
بالعقوبة إذا انعقد الأجل المضروب للإمهال.
وهمزات الشياطين: دفعهم بالإغواء إلى المعاصي.
(1/97)
الهمز: شدة الدفع، ومنه الهمزة التي تخرج
من أقصى.
الحلق باعتماد شديد.
والعياذ: طلب الإعتصام من الشر.
وقيل: (بِالتِّيِ هيَ أَحْسَنُ) بالإعفاء، والصفح عن الحسن
وقال: (رَبِّ اَرْجِعُونِ) على خطاب الجميع) ؛ فيه قولان:
الأول: أنهم استعانوا أولا بالله، ثم رجعوا إلى مسألة
الملائكة.
الرجوع إلى الدنيا؛ فيما رواه ابن جريج
والثاني: جرى على تعظيم الذكر في المخاطب؛ كما جاء في
المتكلم، في نحو: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ}
(1/98)
البرزخ: الحاجز، وهو هاهنا الحاجز بين
الموت والبعث..
وقال مجاهد: حاجز بين الميت والرجوع إلى الدنيا.
وقال الضحاك: الحاجز بين الدنيا والآخرة.
وقيل: البرزخ: الإمهال.
وقيل كل فصل بين الشيئين: برزخ.
ومعنى: و (كَلاَّ) ردع وزجر.
وقيل: (هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ) نزغات الشياطين
(1/99)
مسألة:
وإن سأل عن قوله - سبحانه - {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ
فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ
(101) فَمَنْ ثَقُلَتْ
مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ
خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا
أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ
وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) أَلَمْ
تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا
تُكَذِّبُونَ (105) قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا
شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا
أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107)
قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108) إِنَّهُ
كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا
فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ
(109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ
ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) إِنِّي
جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ
الْفَائِزُونَ (111) قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ
عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ
يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ
إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (114)
أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ
إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ
الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ
(116) وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ
لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا
يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ
وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118) }
إلى آخر السورة، [الآيات من 101 إلى 118]
فقال ما معنى النفخ في الصور؟ ، وما النسب؟ ،
وما معنى: ولا يتساءلون؟ ، وما معنى: ومن خفت موازينه؟ ، وهل
تصح الموازنة في الحسنة والسيئة حتى لا ترجح إحداهما على
الأخرى؟ ، وما
الكلوح؟ ، وما معنى: أنساب بينهم؟ ، وما الغلبة؟ ، وما الشقوة؟
،
وهل لو أخرجوا إلى دار التكليف كانوا ملحين إلى الطاعة؟ ، وما
معنى أخسئوا؟ ، وما معنى: ولا تكلمون؟ ، وما الجزاء؟ ، وما
الصبر؟ ، وما اللبث؟ ، وما العدد؟ ، وما اليوم؟ ، وما القلة؟ ،
وما الحسبان) ؟ ، وما العبث؟ ، وما معنى: السؤال لهم
{كم لبثتم في الأرض عدد سنين} ؟ ،
ولم يدل قوله {لبثنا يوما أو بعض يوم} على بطلان عذاب القبر
كما يقوله من أنكر ذلك؟ ،
وما معنى: (تعالى الله) ؟ ، وما معنى: الملك الحق؟ ، وما الحق؟
، وما معنى: وصف العرش بأنه الكريم؟ ، ولم قيل إلها آخر مع أنه
يكفي إلها؟ ، وما الحساب؟
(1/100)
الجواب:
النفخ في الصور: علامة لوقت إعادة الخلق؛ في تصورهم
بالإخبار عن تلك الحال؛ لأنه على ما يعرفون من بوق الرحيل.
والقدوم.
وقال الحسن: الصور جمع صورة.
والنسب: إضافة إلى قرابة في الولادة.
والمعنى: أنهم لا يتواصلون هناك بالأنساب
ومعنى: {وَلَاَ يَتَسَاءَلُونَ} .
أي: لا يسأل بعضهم بعضا عن خبره.
، وحاله؛ كما كانوا في الدنيا؛ لشغل كل واحد منهم بنفسه..
{وَمَنْ خَفَّتُ مَوَازِينُهُ} .
كان الحسن يقول: ميزان له كفتان، ولسان
(1/101)
وكان قتادة يقول: الميزان معادلة الأعمال
بالحق.
[وقيل: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ
(27) .
أنها مواطن؛ فمنها ما شغلهم عظم الأمر الذي ورد عليهم عن
المسألة، ومنها حال يفيقون فيها فيتساءلون
والموازنة بين الحسنة والسيئة صحيحة عندنا، ويغفر الله لمن.
يشاء، وأنكر ذلك المعتزلة.
الكلوحُ: تقلص الشفتين عن الأسنان؛ حتى تبدو الأسنان
وقيل: لا يتناسبون في ذلك الوقت؛ ليعرف بعض هم بعضا: من
(1/102)
أجل شغله بنفسه عن غيره
وقيل: تلفح وتنفح واحدا إلا أن اللفح أعظم تأثيرا، وهو ضرب
السموم الوجه، وكذلك النفح ضرب الريح الوجه.
وقال الحسن: لا أنساب بينهم يتعاطفون بها
وإن كانت المعرفة بأنسابهم قائمة؛ بدلالة قوله: {يَوْمَ
يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35)
وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) }
ولا يتساءلون: أي لا يسأل بعضهم بعضا؛ أن يحمل عنه من
ذنوبه شيئاً.
والغلبة: الإستعباد بالقوة على من حاول المنازعة؛ حتى يصير
في القبضة.
والشقوة: غلبت بأن صارت بهذه المنزلة
(1/103)
والغلبة: استعلاء القادر على غيره، ثم
يصيره في ملكه.
والشقوة: المضرة اللاحقة في العاقبة.
والسعادة: المنفعة اللاحقة في العاقبة.
وقد يقال لمن حصل في الدنيا على مضرة فادحة شقي على تقدير
التأدية إلى الألم الشديد والمعاصي شقوة لتأديتها إلى العقوبة.
ولو أخرجوا إلى دار التكليف: ما كانوا ملحين إلى الطاعة؛ لأن
الشقوة والإغترار بالإمهال يعود إليهم؛ دل على ذلك قوله:
{بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ
رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ
لَكَاذِبُونَ (28) }
(1/104)
ومعنى: اخسأ: ابعد بعد الكلب
وإذا قيل للكلب أخسأ: فهو زجره بمعنى أبعد بعد غيرك من
الكلاب.
وإذا قيل للإنسان ففيه إهانة.
وقيل: الفرق بين السُّخري والسِّخري: أن السخري من
التسخير.
وقيل: إنهما بمعنى الهزء.
ومعنى (وَلَا تُكَلِّمُونِ) .
فيه قولان:
الأول: أنه على جهة الغضب اللازم لهم، فذكر ليدل على هذا.
المعنى.
الثاني: (وَلَا تُكَلِّمُونِ) .
في رفع العذاب؛ فإني لا أرفعه عنكم، ولا أفتره
(1/105)
وهو على صيغة النهي، وليس بنهي.
و {قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا}
أي: لتشاغلكم بالسخرية بهم.
وقال الحسن: هو آخر كلام يتكلم به أهل النار.
قرأ حمزة والكسائي (شَقَاوَتُنَا) وقرأ الباقون (شِقْوَتُنَا)
قرأ نافع وحمزة والكسائي (سُخْرِيًّا) .
بضم السين..
قرأ الباقون بالكسر.
الجزاء: مقابلة العمل بما يستحق عليه من ثواب.
والصبرُ: حبس النفس عما تنازع إليه
(1/106)
واللبث: حصول الشيء على حالته.
والعدد: عقد يظهر به مقدار المعقود.
واليوم: من طلوع الفجر الثاني إلى مغيب الشمس
وإذا قيل أيام الآخرة طوال؛ فإنما ترجع إلى المقادير على
التشبيه
بهذا الأصل.
والقلة: عدة ناقصة عن عدة.
والحسبان قوة أحد النقيضين على الآخر في النفس.
ومن قرأ (أنَهَّمُ) بفتح الألف فالمعنى؛ لأنهم هم الفائزون
بالصبر.
ومن قرأ (إنهم) بالكسر فالمعنى على استئناف الإخبار
(1/107)
وقيل: (فسئل العادين) من الملائكة عن مجاهد
لأنهم
يحصون أعمال العباد.
وقيل (الْعَادِّينَ) من الحساب؛ لأنهم يعدون الشهور والسنين عن
قتادة.
والعبث: العمل لا لغرض؛ كالذي يقلب الحصى، أو التراب.
فإذا قيل له لم تقلب التراب؛ قال: لا لشيء.
فيقال له هذا عبث؛ لأنه منهي عن ذلك.
معنى السؤال لهم: (كَمُ لَبِثُتُمْ فيِ الْأَرْضِ عدَدَ
سنيِنَ) التوبيخ.
لمنكري البعث، والنشور قال الله لهم: لما بعثهم: (كَمْ
لَبِثْتُمْ في الْأرْضِ عَدَدَ سَنِينَ) أي: أنكم كنتم تنكرون،
وبما جاءت به الرسل تكذبون
ولا يدل قولهم: (لَبِثْنَا يَوْمَا أوْ بَعْضَ) على بطلان عذاب
القبر؛ لأنهم لم يكونوا يعذبون غير كاملي العقول.
(1/108)
وقد صح عذاب القبر بظاهر الإخبار به عن -
النبي -
وقيل: تُرجعون إلى حال لا يملك نفعكم فيها ولا ضركم إلا الله.
كما كنتم في ابتداء خلقكم قبل أن يملك شيئا من أمر دينكم.
قال الحسن: {كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ}
أي في طول لبثكم في النار.
وقرأ (إِنَّهُمْ) بكسر الألف حمزة والكسائي ونافع.
وقرأ الباقون بالفتح.
وقرا ابن كثير (قُلْ كَمْ لَبِثُتُمْ) (قال إنْ لَبِثتُمْ)
قرأ حمزة والكسائي (قُلْ) فيهما..
وقرأ الباقون (قَالَ) فيهما
وتأويل (قُلْ) على الجمع واللفظ على الواحد؛ كأنه على:
(1/109)
(قل يا أيها الكافرون)
وقرأ (تَرجِعُونَ) بفتح التاء وكسر الجيم، حمزة والكسائي..
وقرأ الباقون (تُرْجَعُونَ) بضم التاء
وقرأ (لَعَليَ أَعْمَلُ) بفتح الياء ابن كثير ونافع وأبو
عمرو..
وقرأ الباقون بالإسكان
ومعنى: (فتَعَالَى اللهُ) على معنى صفته فوق كل صفة لغيره.
فهو تعظيم لله بأن كل شيء سواه يصغر مقداره عن معنى صفته
والملك الحق: الذي يحق له الملك بأنه ملك غير مملك، وكل
ملك غيره فملكه مستعار له، وإنما يملك ما ملكه الله؛ فكأنه لا
يعتد بملكه في ملك ربه والحق: شيء من اعتقد معنى صفته فقد
اعتقد الشيء على ما هو
، والله
(1/110)
- جل وعز - الحق؛ لأنه من اعتقد أنه لا إله
إلا هو، فقد اعتقد الشيء.
على ما هو به.
ومعنى: وصف العرش بأنه الكريم العظيم بورود الخبر باستوائه.
عليه، وتدبير الله ذلك لعباده.
وقيل الكريم في أصل الصفة، القادر على التكرم من غير مانع
وقيل: (إِلهاً آَخَرَ) للبيان أنه يدعو غير الله إلها، فيزول
الإيهام.
أن إلها حال من اسم الله، والمفعول محذوف
كأنه قيل: يدعوا مع الله الإله إلها آخر.
وقيل المعنى: (تَعَالَى اللهُ) عما يصفه به الجهال من الشركاء.
واتخاذ الأولاد.
والحساب: إخراج مقدار العدة المنعقدة في الكمية
فلما كان الله يظهر مقدار الاستحقاق، وهو مما لا يقدر على
إخراجه على كنهه إلا الله
(1/111)
|