تفسير الإمام
الشافعي سورة الروم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال الله عزَّ وجلَّ: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ
وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)
الأم: أول ما فرضت الصلاة
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ويقال في قول الله عزَّ وجلَّ:
(فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ) المغرب والعشاء،
(وَحِينَ تُصْبِحُونَ) الصبح.
(وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا)
العصر، (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) الظهر وما أشبه ما قيل من هذا
بما قيل - واللَّه تعالى أعلم -.
(3/1172)
قال الله عزَّ وجلَّ: (وَمِنْ آيَاتِهِ
أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا
إِلَيْهَا)
الأم: تفريع القَسْم والعدل بينهم (أي: النساء) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: عماد القَسْم الليل لأنه سَكَن،
فقال اللَّه تعالى -:
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا) الآية.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فإذا كان عند الرجل أزواج حرائر
مسلمات أو
كتابيات، أو مسلمات وكتابيات، فهن في القسم سواء، وعليه أن
يبيت عند كل واحدة منهن ليلة، وإذا كان فيهن أمَة قَسَم للحرة
ليلتين، وللأمة ليلة، ولا يكون له أن يدخل في الليل على التي
لم يقسم لها؛ لأن الليل هو القَسْم، ولا بأس أن يدخله في
النهار للحاجة، لا ليأوي - وبسط الكلام في المسألة -.
* * *
قال الله عزَّ وجلَّ: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ
ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ)
أحكام القرآن: فصل (فيما يؤثر عنه - الشَّافِعِي - من التفسير
والمعاني في آيات متفرقة) :
قرأت في كتاب أبي الحسن (محمد بن الحسن القاضي) ، فيما أخبره
أبو
عبد الله (محمد بن يوسف بن النضر) ، أخبرنا ابن الحكم قال:
(3/1173)
سمعت الشَّافِعِي ينول: في قول اللَّه - عز
وجل -: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ
وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) الآية.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: معناه: هو أهون عليه في العبرة
عندكم، لما كان يقول للشيء كن؛ فيخرج مفصلاً بعينيه وأذنيه،
وسمعه ومفاصله، وما خلق اللَّه فيه من العروق فهذا - في العبرة
- أشد من أن يقول لشيء قد كان: عُدْ إلى ما كنت.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فهو - سبحانه وتعالى - إنما هو
أهون عليه في
العبرة عندكم، ليس أن شيئاً يعظم على الله - عز وجل -.
* * *
قال الله - عزَّ وجلَّ -: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ
الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ)
الأم: القول في الإنصات عند رؤية السحاب والرياح
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أخبرني من لا أتهم قال: حدثنا
العلاء بن راشد.
عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما هبت ريح إلا جثا
النبي - صلى الله عليه وسلم - على ركبتيه، وقال: "اللهم اجعلها
رحمة ولا تجعلها عذاباً، اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها
ريحاً. . . " الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال ابن عباس في كتاب اللَّه - عز
وجل - آيات تشير إلى هذا، منها -: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ
يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ) الآية.
(3/1174)
قال الله عزَّ وجلَّ: (فَاصْبِرْ إِنَّ
وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا
يُوقِنُونَ (60)
الأم: أبواب الصلاة:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أخبرنا شريك، عن عمران بن ظبيان،
عن حكيم
ابن سعد أن رجلاً من الخوارج قال لعلي - رضي الله عنه -:
(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ)
الآية، فقال علي - رضي الله عنه -:
(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ
الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ)
وهو راكع، وهم يقولون من فعل هذا، يريد به الجواب، فصلاته
فاسدة.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أخبرنا ابن علية، عن شعبة، عن أبي
إسحاق، عن
عاصم بن ضمرة، عن علي - رضي الله عنه - قال: إذا ركعت فقلت:
"اللهم لك ركعت، ولك خشعت، ولك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت"
الحديث.
فقد تم ركوعك، وهذا كلام عندهم يفسد الصلاة وهم يكرهون هذا،
وهذا عندي كلام حسن، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
شبيه به، ونحن نأمر بالقول به، وهم يكرهونه.
(3/1175)
|