تفسير التستري

مقدمة المحقق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

حياته «1»
: أ- اسمه ونسبه:
أبو محمد سهل بن عبد الله بن يونس بن عيسى بن عبد الله بن رفيع التّستري «2» . ولد بمدينة تستر في سنة مائتين، وقيل: إحدى ومائتين «3» . وإلى هذه المدينة ترجع نسبته (التستري) وهذه المدينة من أعظم مدن خوزستان، (وتفرد بعض الناس بجعل تستر مع الأهواز، وبعضهم يجعلها مع البصرة ... وجعلها عمر بن الخطاب من أرض البصرة لقربها منها) «4» .
__________
(1) انظر ترجمته وأخباره في المصادر الآتية:
الأعلام 3/ 143 والأنساب للسمعاني 1/ 465 والبداية والنهاية 1/ 182 (حوادث سنة 283 هـ) وتاريخ الأدب لبروكلمان 4/ 13 وتاريخ التراث العربي 1: 4/ 29- 30 والتصوف في الإسلام 66- 67 وحركة التصوف الإسلامي 109- 120 وحلية الأولياء 10/ 190- 212 وحياة الحيوان 1/ 545- 547 (مادة السبع) والرسالة القشيرية 15 وسير أعلام النبلاء 13/ 330- 333 وشذرات الذهب 1/ 182- 183 وصفوة الصفوة 4/ 64- 66 وطبقات الصوفية 1/ 166- 171 وطبقات الشعراني 1/ 13 والعبر 2/ 76 (حوادث سنة 283 هـ) والعصر العباسي الثاني 163 والكامل في التاريخ 6/ 389 (حوادث سنة 283 هـ) واللباب في معرفة الأنساب 1/ 216 واللمع للسراج 394 ومرآة الجنان 2/ 249 والمعارضة والرد 1- 75 ومعجم المفسرين 1/ 218 ومعجم المؤلفين 4/ 284 ومن التراث الصوفي 1- 125 والمنتظم 5/ 263 والنجوم الزاهرة 3/ 95 ونفحات الأنس لجامي 73 والوافي بالوفيات 16/ 17 ووفيات الأعيان 2/ 429- 430.
(2) حلية الأولياء 10/ 190 وطبقات الصوفية 1/ 166 والفهرست ص 263 ومعجم البلدان 2/ 31 (تستر) ووفيات الأعيان 2/ 429.
(3) الكامل في التاريخ 6/ 389 (حوادث سنة 283) والوافي بالوفيات 16/ 17.
(4) معجم البلدان 2/ 30.

(1/3)


أما أسرته فلم تفدنا المصادر بشيء عنها، سوى ما ذكره ابن بطوطة الذي قال إنه رأى حفدة للتستري في تستر «1» . أما وفاته فكانت بالبصرة سنة (283 هـ) «2» وقيل سنة (273 هـ) «3» ، وقيل (293 هـ) «4» .
ب- نشأته وتصوفه:
نشأ سهل التستري في تستر، وكانت بدايات اتجاهه إلى التصوف في سن مبكرة جدا، واحتفظ لنا اليافعي بنص مروي عن سهل التستري تحدث فيه عن نشأته واتخاذه التصوف منهجا وسبيلا لحياته، فقال: (كنت ابن ثلاث سنين، وكنت أقوم بالليل أنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوّار، وكان يقوم بالليل، وكان يقول: يا سهل، اذهب ونم، فقد شغلت قلبي. وقال لي يوما خالي: ألا تذكر الله الذي خلقك؟ فقلت: كيف أذكره؟ فقال: قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك: الله معي، الله ناظر إلي، الله شاهدي. فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته، فقال: قلها في كل ليلة سبع مرات، فقلت ذلك، فوقع في قلبي حلاوة. فلما كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ ما علمتك ودم عليه إلى أن تدخل القبر، فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة، فلم أزل على ذلك سنين، فوجدت لها حلاوة في سري. ثم قال لي خالي يوما:
يا سهل، من كان الله معه وهو ناظر إليه وشاهده لا يعصيه، إياك والمعصية.
حفظت القرآن وأنا ابن ست أو سبع، وكنت أصوم الدهر، وقوتي خبز الشعير اثنتي عشرة سنة، فوقعت لي مسألة وأنا ابن ثلاث عشرة سنة، فسألت أن يبعثوا بي إلى البصرة أسأل عنها، فجئت البصرة، وسألت علماءها، فلم يشفني ما سمعت. فخرجت إلى عبادان إلى رجل يعرف بأبي حبيب حمزة بن عبد الله العبادي، فسألته عنها فأجابني. وأقمت عنده مدة أنتفع بكلامه وأتأدب بأدبه. ثم رجعت إلى تستر، فجعلت قوتي اقتصارا على أن يشترى لي بدرهم فرقان الشعير، فيطحن ويختبز، فأفطر عند السحر كل ليلة على أوقية واحدة بغير ملح ولا إدام،
__________
(1) رحلة ابن بطوطة 1/ 209، وتاريخ الأدب العربي لبروكلمان 6/ 13.
(2) البداية والنهاية 11/ 74 وتذكرة الحفاظ 2/ 685 وسير أعلام النبلاء 13/ 333، وشذرات الذهب 1/ 182 وصفوة الصفوة 4/ 66 وطبقات الصوفية 1/ 167 والعبر 2/ 76 والكامل 6/ 389 ومعجم البلدان 2/ 31 والمنتظم 5/ 163 والنجوم الزاهرة 3/ 95 ووفيات الأعيان 2/ 429 والوافي بالوفيات 16/ 17.
(3) البداية والنهاية 11/ 74 وسير أعلام النبلاء 13/ 333 وصفوة الصفوة 4/ 66 ومعجم البلدان 2/ 31 والمنتظم 5/ 163 والوافي بالوفيات 16/ 17 ووفيات الأعيان 2/ 429.
(4) طبقات الصوفية 1/ 167.

(1/4)


وكان يكفيني ذلك الدرهم سنة. ثم عزمت على أن أطوي ثلاث ليال، ثم جعلتها خمسا، ثم سبعا، حتى بلغت خمسا وعشرين ليلة، وكنت على ذلك عشرين سنة. ثم خرجت أسيح في الأرض سنين، ثم عدت إلى تستر، وكنت أقوم الليل كله) «1» .
يتضح من هذا النص أن بدايات التستري الصوفية كانت على يد خاله الذي لا تفيدنا المصادر بشيء عنه، سوى أنه لقّن التستري مبادئ التصوف، ثم تلقى التصوف على يد شيخه حمزة العبادي في عبادان.
وتفيد مصادر أخرى أنه صحب ذا النون المصري الذي كان له دور- لا نعلم مداه- في رعاية بذرة التصوف لديه، فقد ذكرت بعض المصادر أن التستري لقيه في الحج وصحبه «2» .
وثمت متصوف آخر هو إدريس بن أبي خولة الأنطاكي، أفادت المصادر أن التستري حكى عنه، ولم تضف إلى ذلك شيئا آخر «3» .
ولا ندري كم من الزمن أقام في تستر، فإنه هجرها ورحل إلى البصرة وأقام فيها حتى وفاته «4» .
وعن سبب انتقاله إلى البصرة قال ابن الجوزي: (حكى رجل عن سهل أنه يقول: إن الملائكة والجن والشياطين يحضرونه، وإنه يتكلم إليهم، فأنكر ذلك عليه العوام، حتى نسبوه إلى القبائح، فخرج إلى البصرة، فمات بها) «5» .
ويبدو أن ابن الجوزي كان يتحامل على التستري، فقد أنكر عليه تفسير قوله تعالى:
وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ [النساء: 36] فقد فسرها التستري على أنها القلب والنفس والجوارح «6» ، (وابن الجوزي اكتفى بإنكار هذا التفسير، دون أن يذكر مبررا لإنكاره) «7» .
__________
(1) مرآة الجنان 2/ 249 (حوادث سنة 283) وذكر ابن خلكان في وفيات الأعيان 2/ 429 من هذا الخبر قصته مع خاله فقط وانظر: التصوف في الإسلام 66- 67 وحركة التصوف الإسلامي ص 110.
(2) البداية والنهاية 11/ 174 وسير أعلام النبلاء 13/ 330 ووفيات الأعيان 2/ 429 ومعجم البلدان 2/ 31 (تستر) .
(3) بغية الطلب 3/ 1134.
(4) معجم البلدان 2/ 31 (تستر) ووفيات الأعيان 2/ 429.
(5) تلبيس إبليس ص 207.
(6) تفسير التستري ص 45. [.....]
(7) من التراث الصوفي ص 102.

(1/5)


ج- تلاميذه وأصحابه: (رواة أخباره) 1- ابن درستويه: ورد في سير أعلام النبلاء 13/ 330: (ابن درستويه صاحب سهل قال:
قال سهل ... ) .
2- أبو جعفر المصيصي المغازلي: ورد في بغية الطلب 10/ 4379: (من العباد المذكورين.
حكى عن سهل التستري) .
3- أبو الحسن البشري: ورد في تكلمة الإكمال 1/ 411: (من أصحاب سهل التستري، روى عنه كثيرا) .
4- أبو الحسن البغدادي المزين.
5- أبو الحسن النخاس: ورد في تاريخ بغداد 14/ 428: (سمع سهل بن عبد الله التستري) .
6- أبو علي البصري: ورد في تاريخ بغداد 14/ 426: (سكن بغداد، وكان من عباد الله الصالحين، وممن صحب سهل بن عبد الله التستري، حكى عنه أبو محمد الجريري) .
7- أبو محمد الجريري: ورد في طبقات الصوفية 1/ 203 وصفوة الصفوة 2/ 447- 448:
(أبو محمد الجريري: يقال: إن اسمه أحمد بن محمد بن الحسين، وكنية والده أبو الحسين. كان من كبار أصحاب الجنيد، وصحب أيضا سهل بن عبد الله التستري، وهو من علماء مشايخ القوم.
أقعد بعد الجنيد في مجلسه لتمام حاله وصحة علمه. توفي سنة ثلاثمائة وإحدى عشرة) .
8- أبو يعقوب السوسي: ورد في كتاب من التراث الصوفي 71: (ومن أصدقاء سهل أيضا أبو يعقوب السوسي الصوفي والأستاذ العظيم الذي أشرف على أبي يعقوب إسحاق بن محمد النهرجوري المتوفى سنة 333/ 944. ومن هنا نشأت علاقة الود بين النهرجوري والتستري الذي كان يقدره حق التقدير) . وثمت خبر ورد في تفسير التستري يفيد أنهما كانا معا بأرجان، وهذا الخبر ورد أيضا في اللمع للسراج 193.
9- أحمد بن سالم: ورد في العبر 2/ 326 وشذرات الذهب 2/ 36: (أبو الحسن بن سالم الزاهد أحمد بن محمد بن سالم البصري: شيخ السالمية. وكان له أحوال ومجاهدات، وعنه أخذ الأستاذ أبو طالب صاحب القوت، وهو آخر أصحاب سهل التستري وفاة) . وانظر:
الحلية 10/ 378 وسير أعلام النبلاء 16/ 272.
10- أيوب الحمال: ورد في صفوة الصفوة 2/ 293: (أيوب الحمال أبو سليمان: من ذوي الكرامات، صحب سهل بن عبد الله التستري) .
11- البربهاري: ورد في سير أعلام النبلاء 15/ 90: (البربهاري: شيخ الحنابلة، القدوة،

(1/6)


الإمام، أبو محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري الفقيه. كان قوالا بالحق، لا يخاف في الله لومة لائم. صحب سهل بن عبد الله التستري، وصنف التصانيف. توفي سنة ثلاثمائة وثمان وعشرين وعمره سبع وسبعون سنة) . وانظر: شذرات الذهب 1/ 319 وطبقات الحنابلة 299 والعبر 2/ 222.
12- بكر بن محمد ابن العلاء أبو الفضل القشيري: ورد في سير أعلام النبلاء 15/ 537: (حكى عن سهل، وصنف التصانيف، وسكن مصر. توفي بمصر سنة ثلاثمائة وأربع وأربعين، وجاوز الثمانين سنة) . وجاء في الديباج المذهب 1/ 100: (من كبار فقهاء المالكيين رواية للحديث) .
13- الحلاج: الحسين بن منصور الحلاج أبو مغيث، توفي سنة 309 هـ. جاء في سير أعلام النبلاء 14/ 314 أنه (نشأ بتستر، وصحب سهل التستري، وصحب ببغداد الجنيد) . وانظر ديوان الحلاج، المقدمة ص 7.
14- عبد الجبار بن شيراز بن يزيد العبدي النهربطي: ورد في تكملة الإكمال 3/ 465 ومعجم البلدان 5/ 319 أنه (روى عن سهل التستري) وجاء في اعتقاد أهل السنة 182- 183 أنه (صاحب سهل التستري) وروى عن التستري عدة أقوال وردت في الحلية أثناء ترجمة سهل التستري 10/ 198- 211.
15- علي بن عبد العزيز الضرير الصوفي البغدادي أبو الحسن: جاء في تاريخ بغداد 12/ 30: (من قدماء مشايخهم، صحب سهل بن عبد الله التستري) .
16- عمر بن واصل العنبري، أبو الحسن: جاء في تاريخ بغداد 11/ 221: (أظنه بصريا، سكن بغداد، وروى بها عن التستري) . قلت: ورد اسمه في تفسير التستري حوالي عشر مرات، انظر فهرس الأعلام بذيل التفسير.
17- محمد بن الحسن بن أحمد الجوري: جاء في الإكمال 3/ 10 أنه (حدث عن سهل التستري) وفي معجم البلدان 2/ 182 جور: (سمع سهل التستري قراءة) .
18- محمد بن الحسن: ورد في تاريخ بغداد 5/ 252 أنه كان (صاحب سهل بن عبد الله) ، ثم ذكر قولا للتستري وروى قولا للتستري في الحلية 10/ 211.
19- محمد بن أحمد بن سالم أبو عبد الله: ورد في طبقات الصوفية 1/ 312: (صاحب التستري وراوي كلامه. لا ينتمي إلى غيره من المشايخ، وهو من أهل الاجتهاد، وطريقته طريقة أستاذه سهل التستري، وله بالبصرة أصحاب ينتمون إليه، وإلى ابنه أبي الحسن) . وجاء في

(1/7)


الكامل لابن الأثير 6/ 466، حوادث سنة 297 هـ: (فيها توفي أبو عبد الله محمد بن سالم صاحب التستري) .
20- المزين: أبو الحسن البغدادي علي بن محمد المزين، توفي سنة 328 هـ، ورد في سير أعلام النبلاء 15/ 232: (الأستاذ، العارف، من أورع القوم وأكملهم حالا. صحب التستري والجنيد، وجاور بمكة) .
- ورد في سير أعلام النبلاء 13/ 330 عند ترجمة سهل التستري: (روى عنه الحكايات:
عمر بن واصل وأبو محمد الجريري وعباس بن عصام ومحمد بن المنذر الهجيمي) .
- ورد في حلية الأولياء 10/ 198- 211 أسماء خمسة وعشرين رجلا سمعوا سهل التستري ونقلوا أقواله. وكذلك وردت بعض الأسماء في طبقات الصوفية 1/ 166- 171 وصفوة الصفوة 4/ 64- 66.

مؤلفاته:
يرى بعض الدارسين أن التستري لم يقم بكتابة مؤلفاته بنفسه «1» ، ولعل مرد ذلك (حرصه على أن لا يضع بين أيدي خصومه وثائق خطية تحمل فكره، وتكون سببا في عواقب قد تسوء) «2» . وقال كمال جعفر: (إن المؤرخين قد نسبوا إليه عددا من المؤلفات التي تختلف كما وكيفا. وأغلب الظن أن هذه الكتب والرسائل إنما هي خلاصة انتقاها ونقلها تلامذته من بعده، وبخاصة ابن سالم) «3» .
وقام العلامة فؤاد سزكين بإحصاء مؤلفات التستري المخطوطة، مع بيان مكان وجودها، وانتهى إلى ذكر ثمانية كتب «4» كما قام كمال جعفر بإحصاء مماثل، انتهى فيه إلى ذكر اثني عشر كتابا «5» ، منها ستة كتب ذكرها سزكين، وثلاثة ذكرها النديم في الفهرست «6» وكتاب ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون «7» . وانفرد سزكين بذكر كتابين للتستري، لم يذكرهما جعفر،
__________
(1) حركة التصوف الإسلامي ص 109 ومن التراث الصوفي ص 79.
(2) حركة التصوف الإسلامي ص 109.
(3) من التراث الصوفي ص 79.
(4) تاريخ التراث العربي: المجلد الأول، الجزء الرابع ص 129.
(5) من التراث الصوفي ص 79- 83.
(6) الفهرست ص 263.
(7) كشف الظنون 2/ 1193.

(1/8)


وبذلك يكون مجموع عدد مؤلفات التستري هو أربع عشرة كتابا، وهي حسب ترتيبها الهجائي:
1- تفسير القرآن العظيم: ذكر سزكين أن لهذا التفسير ست نسخ خطية موزعة كما يلي:
- جوتا: 529 (153 ق، 825 هـ) .
- القاهرة ثان: 1/ 38، تفسير 68.
- الظاهرية: 515 (146 ق) ، نسخة حديثة، انظر عزة حسن 1/ 176.
- فاتح: 638 (72 ق، 872 هـ) ، 3488/ 2 (من 181 أ- 279 أ، 965 هـ) .
- صنعاء: 62.
- طبع بالقاهرة 1326 هـ/ 1908 م، ثم أعيد طبعه 1329 هـ/ 1911.
2- جوابات أهل اليقين: ذكره النديم في الفهرست ص 263 وعنه ذكره كمال جعفر في كتابه من التراث الصوفي ص 81. وهو من الكتب المفقودة.
3- دقائق المحبين: ذكره النديم في الفهرست ص 263، وعنه ذكره كمال جعفر في كتابه من التراث الصوفي ص 81، وذكر أن اسمه رقائق المحبين في الكواكب الدرية للمناوي 1/ 243 وفي هدية العارفين 1/ 412 وفي روضات الجنان للخوانساري ص 324.
4- رسالة في الحروف: ذكر سزكين ص 30 أن لها نسخة خطية في تشنستربيتي 3168/ 3 (83- 84، 686 هـ) . وذكر كمال جعفر في كتابه من التراث الصوفي ص 80: (يبدو أنها الرسالة التي أشار إليها إسماعيل البغدادي في كتابه هدية العارفين 1/ 412 بعنوان «زايرجة» . وربما أطلق البغدادي عليها هذا الاسم نظرا لما رأى من أرقام بهوامش المخطوط ظن أنها القيم العددية للحروف التي تمتّ بصلة وثيقة بالزايرجة، على حين أنها خاصة بأسرار الحروف التي تشرح فكرة الخلق والتأليف، بناء على التأمل في حقيقة الحروف من الجانب الميتافيزيقي) .
5- رسالة في الحكم والتصوف: ذكر سزكين وجعفر أن لهذه الرسالة نسخة خطية في مكتبة أيا صوفيا 4128/ 4 (148- 168، القرن السابع هـ) . ومنها نسخة مصورة في معهد المخطوطات العربية برقم 195. وقال جعفر: (اطلعنا على هذه الرسالة فوجدناها غير كاملة وليست ذات أهمية كبيرة، بل يبدو أنها ربما لم تكن سوى مستخلصات محرفة وغير تامة، من بعض مؤلفات سهل التستري) .
- زايرجة: من الكتب المفقودة. ورد ذكرها في كشف الظنون 2/ 948، وأبجد العلوم 2/ 313، وهدية العارفين 1/ 412. وورد في كشف الظنون أن علم الزايرجة هو من القوانين الصناعية لاستخراج الغيوب. وانظر ما تقدم برقم 4 رسالة في الحروف.

(1/9)


6- سلسبيل سهلية: ذكرها جعفر قائلا: (نسب الشيخ السنوسي هذا المؤلف الصغير، الذي هو عبارة عن صيغة يظن أنها مأثورة لسهل، ولكن ماسينيون يشكك في نسبتها، ويرى أنها ذات أصل أحدث بكثير من عصر التستري. ويشير عبد الرؤوف المناوي في الكواكب الدرية 1/ 243 إلى هذه الصيغة باعتبارها الصيغة التي تعوّد سهل أداءها. ويبدو أنها نفس الصيغة التي تلقاها من خاله محمد بن سوّار) .
7- الغاية لأهل النهاية: من الكتب المفقودة. ورد ذكرها في كشف الظنون 2/ 948.
وقال جعفر: (ورد ذكر هذا المؤلف في كشف الظنون 4/ 303، كما ورد في هدية العارفين 1/ 412. ويذكر الفريابي ت 300/ 912 أن عنوان هذا المؤلف هو «خلاصات غايات أهل النهاية» . [القرشي: طبقات الحنفية 1/ 53] ) .
8- لطائف القصص في قصص الأنبياء: ذكر سزكين أن له نسخة خطية في مكتبة طلعت، مجموع 283. وقال جعفر: (أورد ذكر هذا المؤلف حاجي خليفة في كشف الظنون 2/ 107.
ويبدو أن حاجي خليفة قد رأى هذا المؤلف فعلا ... ولم نعثر على هذا المؤلف للآن، وإن كنا نعتقد أن أجزاء قليلة منه قد احتفظ بها في كل من التفسير وكلام سهل، في تلك المواضع التي تخدم غرضا روحيا كما كان يرى التستري) .
9- كتاب المعارضة والرد على أهل الفرق وأهل الدعاوى في الأحوال: ذكر سزكين أنه لها نسخة خطية في كوبرلي برقم 727/ 3 (205 أ- 242 أ، القرن السابع الهجري) . وهذا الكتاب حققه محمد كمال جعفر سنة 1980 ونشره في القاهرة، دار الإنسان. ويضم هذا الكتاب بعض أقوال سهل التستري، محكية على لسان ابن سالم أحيانا، وعلى لسان غيره أحيانا أخرى.
وإذا كان عنوانه يوحي بأنه كتاب كلامي مخصص للجدل حول المسائل الكلامية الخالصة، فإن الواقع غير ذلك، فهو كتاب يضم كثيرا من أوجه النقد الموجهة ضد بعض آراء الفرق الكلامية وبخاصة القدرية والمرجئة، ونقض بعض الاتجاهات أو العادات أو الفرق الصوفية.
10- كتاب الميثاق: ذكره جعفر قائلا: (نصّ عليه ناسخ رسائل الجنيد وهو تلميذ ابن عربي، إسماعيل ابن سودكين الذي توفي عام 646/ 1284. ومن المهم أن نلاحظ أن هذا الناسخ يتخذ العنوان الذي وجده لسهل نموذجا ومثالا لعنوان رسالة مماثلة للجنيد في نفس الموضوع. ويضاف إلى ذلك أن الناسخ يؤكد أنه وجد وقرأ رسالة في «الميثاق» لسهل بن عبد الله التستري وهذا المؤلف- وإن كان قد فقد- يمكن التقاط بعض نقاطه الهامة المتصلة بموضوعه فيما عثر عليه من أقوال سهل، وبخاصة في التفسير وفي كلامه المجموع، فيما يتصل بتعليقة على

(1/10)


الآية الكريمة الخاصة بالميثاق في سورة الأعراف رقم 171) .
11- كلام سهل: ذكر سزكين أن له ثلاث نسخ خطية:
- كوبرلي 727 (1- 152 ب) وهي بعنوان: كلمات الإمام الرباني سهل بن عبد الله التستري. ومن المرجح أنها جمعت في القرن السابع الهجري.
- مكتبة جامعة إستانبول 4089 (34 ق، القرن 11 هـ) .
- مكتبة أسعد 3527 (217 ب- 248 ب، حوالي 1100 هـ) .
واكتفى جعفر بذكر نسخة كوبرلي قائلا عنها: (كتب هذا المخطوط عطاء الله المعروف بنوعي زاده القاضي في مدينة أسكوب عام 1044 هـ/ 1634 م. وقد نقله هذا الناسخ من أصل قديم لا يعرف تاريخه) . وعلق جعفر على هذا الكتاب قائلا إنه: (يضم أقوال سهل الموجزة المركزة حول قضايا الزهد والتصوف وعلم الكلام، مقدمة على سبيل الحكاية، مما يشهد بأن التستري نفسه لم يخطه، وإنما سجل أقواله حاضر ومجلسه، وعلى رأسهم ابن سالم الأب، ثم تلقى ذلك وتناوله بالترتيب ابن سالم الابن أو أبو القاسم الصقلي نفسه، الذي كرس جهوده فيما بعد للشرح والتعليق على أقوال سهل، والدفاع عنه دفاعا حارا) .
12- مقالة في المنهيات: ذكر سزكين أن لها نسخة خطية في: (طهران، كلية الحقوق 251 ج (12 أ- 19 أ، 1279 هـ، انظر الفهرس ص 487) .
13- مناقب أهل الحق ومناقب أهل الله عزّ وجلّ: ذكرها سزكين وحدد موضعها قائلا:
(شرحها محمد الرايثني، القرن السابع الهجري: طلعت، تصوف 1581 (367 ق، 675 هـ) .
14- مواعظ العارفين: ذكره النديم في الفهرست ص 263. ولأن كلام سهل التستري كان يشوبه الغموض ويكتنفه الإبهام، فقد قام أحد مريديه، وهو أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله الصّقليّ المتوفى نحو سنة 380 هـ/ نحو 990 م «1» ، بتأليف كتاب: «الشرح والبيان لما أشكل من كلام سهل» ، وذكر جعفر أن الصقلي في كتابه هذا (عرض بعض الأقوال السهلية التي أثارت التساؤل، ثم تبع كل قول بالشرح والتفسير الذي يراه) «2» . ولهذا الكتاب نسختان خطيتان:
- كوبرلي: 727 (153 أ- 204 ب) ، القرن السابع الهجري.
- أسعد أفندي: 1622 (42 ق) ، القرن التاسع الهجري. وتوجد منه نسخة مصورة في
__________
(1) الأعلام 3/ 325.
(2) من التراث الصوفي ص 83.

(1/11)


معهد المخطوطات العربية برقم 287 (1/ 171) . وهذا الكتاب ضمن مجموع فيه أيضا كتابان لسهل، وقد تقدم ذكرهما، وهما كلام سهل، وكتاب المعارضة والرد على أهل الفرق وأهل الدعاوي في الأحوال. ويضم هذا المجموع (242 ورقة) .
(إن أقوال سهل وما سجّل له من آراء قد شمل فعلا حقل التصوف برمته، وقد لمس تقريبا كل المشاكل الصوفية والكلامية التي أثارت اهتمام عصره) «1» .
ويرى جعفر أن النتاج الفكري للتستري (يشهد بإلمام كامل بعلم الكلام والفلسفة كما فهمتها بعض الفرق الإسلامية ... وأنه لم يكن يجهل الفروع الأخرى من أبواب المعرفة كالطب والكيمياء) «2» .

كلمة حول تفسير التستري
أول ما يلفت النظر إلى هذا التفسير هو حجمه اللطيف، مما يعني بالتالي أنه لا يضم تفسيرا تاما لجميع الآيات القرآنية، وإنما هو تفسير لبعض آيات القرآن، وتعليقات كانت استجابة لأسئلة بعض مريديه. وليس عجيبا أن يكون تفسيره مختصرا، فتلك طريقة أهل التصوف، ومن هؤلاء السلمي صاحب طبقات الصوفية الذي وضع تفسيره المختصر «حقائق التفسير» .
وأثناء قيامي بتحقيق هذا التفسير، استوقفتني فيه أخبار وحوادث تتصل بسيرة التستري وحياته الروحية «3» ، حتى كدت أشك في نسبة التفسير إليه، لا سيما وأن فيه أيضا خبر احتضاره «4» ، وأحداثا وقعت بعد وفاته، كقصة عمرو بن الليث الذي توفي بعده بست سنوات، أي سنة 289 هـ «5» ، وعلاوة على ذلك فيه شرح لبعض أقواله «6» . وما أكثر ما يرد فيه: (وسئل سهل) ، و (قيل له) ، و (قلت لسهل) ، و (سمعته يقول) ...
إن وجود مثل هذه الأخبار والأقوال في هذا التفسير يدل بلا شك على أن التستري لم يضع بنفسه هذا التفسير، ومع ذلك فإن ما فيه من أقوال وآراء يمثل بصدق أقواله وآراءه خير تمثيل، وتتجلى مصداقية ذلك في أن هذه الأقوال والآراء يمكن توثيقها من مصادر صوفية أخرى، وهذا ما قمت به، ويتضح ذلك في الحواشي التي ذيلت بها متن التفسير.
__________
(1) من التراث الصوفي ص 82.
(2) المصدر نفسه ص 74.
(3) انظر في هذا التفسير على سبيل المثال الصفحات: 88، 162، 170، 212.
(4) تفسير التستري ص 76. [.....]
(5) المصدر نفسه ص 59.
(6) المصدر نفسه ص 16.

(1/12)


إن أقوال التستري المتعلقة بالتفسير كانت موضع اهتمام الصوفيين الذين كانوا يجلون التستري، فأخذوا بتدوينها في مؤلفاتهم، وأشهر الكتب التي حفظت لنا بعض أقواله وآرائه كتاب قوت القلوب لابن طالب المكي، وكتاب حلية الأولياء للأصفهاني «1» ، ويعد أبو بكر البلدي في أهم الرجال الذين اهتموا اهتماما فائقا بجمع أقوال التستري، ونجد اسمه يتكرر بكثرة في تفسير التستري ويمكن ملاحظة ذلك من خلال فهرس الأعلام الذي ذيلت به هذا التفسير.
ويرى د. كمال جعفر (أن دور أبي بكر بالنسبة للتفسير إنما هو الرواية عن طريق والده أبي النصر. ولما كان التفسير مجرد تعليقات مقتضبة على بعض آيات القرآن في مناسبات مختلفة، فلا يستبعد أن يكون أبو بكر قد بوّبه ورتبه حسب السور، مطعما إياه ببعض الروايات التاريخية أو السيرة الشخصية لسهل) «2» .
ومع ترجيح القول بأن أبا بكر البلدي هو من قام بجمع أقوال التستري المتعلقة بتفسير آيات القرآن، فإنه فاته ضمّ تفسير آيات أخرى، ومن يقرأ تفسير القرطبي يجد فيه أقوالا للتستري في تفسير آيات لم ترد في تفسيره «3» .
__________
(1) هذا عدا عن كتابي التستري اللذين حققهما د. كمال جعفر. حيث نجد أقوالا كثيرة للتستري، جمعها بعض مريديه بدقة وأمانة، والكتابان هما: كتاب كلام سهل الذي نشره المحقق تحت عنوان من التراث الصوفي، وكتاب المعارضة والرد.
(2) من التراث الصوفي ص 93.
(3) انظر تفسير القرطبي: 1/ 269، 2/ 174، 311، 5/ 181- 182، 259، 7/ 346، 9/ 269، 12/ 73، 16/ 168 وهذه الإشارة إلى الإحالات على سبيل المثال لا الحصر.

(1/13)