تفسير التستري

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)

السورة التي يذكر فيها الفيل

[سورة الفيل (105) : آية 1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (1)
قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ [1] قال: ألم تعلم كيف فعل ربك بأعدائك وأنت بعد لم تظهر في الدنيا، كذلك يفعل بأعدائك وأنت بين ظهرانيهم ويرفع عنك مكرهم.

[سورة الشرح (94) : آية 3]
الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3)
قال عكرمة: قوله تعالى: طَيْراً أَبابِيلَ [3] قال: طير نشأت من قبل البحر، لها رؤوس كرؤوس الأفاعي «1» . وقيل: كرؤوس السباع، لم تر قبل يومئذ ولا بعده، فجعلت ترميهم بالحجارة لتجدر جلودهم، وكان أول يوم رئي فيه الجدري.

السورة التي يذكر فيها قريش

[سورة قريش (106) : الآيات 1 الى 4]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)
قوله تعالى: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ [1] قال: يعني لتألف قريش الرحلتين.
رِحْلَةَ الشِّتاءِ [2] إلى الشام. وَرحلة الصَّيْفِ [2] إلى اليمن أهلكنا أصحاب اليمن كذلك، كأنه يقول للنبي صلّى الله عليه وسلّم: ذكّر قريشاً نعمتي عليهم بك قبل إرسالك إليهم.
ْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ
[3] يعني مكة.
الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ [4] السنين، وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ [4] النجاشي.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

السورة التي يذكر فيها الدين (الماعون)

[سورة الماعون (107) : الآيات 1 الى 7]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4)
الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ (7)
قوله تعالى: أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ [1] قال: أي بالحساب يوم يدان الناس.
فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ [2] أي يدفعه عن حقه.
وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ [3] أي لا يطعم مسكيناً، نزلت في العاص بن وائل «2» .
فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ [4- 5] قال: هم المنافقون، غافلون عن مراعاة أوقات الصلاة ومراعاة حقوقها، وهذا وعيد شديد، إذ ليس كل من كان في صورة المطيعين واقفاً مع العابدين، كان مطيعاً مقبول العمل. وفي زبور داود عليه السلام: قل للذين يحضرون الكنائس بأبدانهم، ويقفون مواقف العباد وقلوبهم في الدنيا: أبي يستخفون؟ أم إياي يخدعون؟. وفي الخبر: ليس لأحد من صلاته إلا ما عقل «3» .
__________
(1) في تفسير ابن كثير 4/ 590: (كرؤوس السباع) . [.....]
(2) العاص بن وائل بن هاشم السهمي القرشي ( ... - نحو 3 ق. هـ) : أحد الحكام في الجاهلية. أدرك الإسلام، وظل على الشرك. وهو والد عمرو بن العاص الصحابي فاتح مصر. (الأعلام 3/ 247) .
(3) قوت القلوب 2/ 169 وفيض القدير 2/ 334.

(1/206)


إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)

قوله تعالى: الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ [6] قال: هو الشرك الخفي، لأن المنافقين كانوا يحسنون الصلاة في المساجد، فإذا غابوا عن أعين المسلمين تكاسلوا عنها، ألا ترى كيف أثبتهم أولاً مصلين، ثم أوعدهم بالوعيد. واعلموا أن الشرك شركان: شرك في ذات الله عزَّ وجلَّ، وشرك في معاملته، فالشرك في ذاته غير مغفور، وأما الشرك في معاملته قال: نحو أن يحج ويصلي ويعلم الناس، فيثنون عليه، هذا هو الشرك الخفي. وفي الخبر: أخلصوا أعمالكم لله فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما خلص، ولا تقولوا هذا لله، وللرحم إذا وصلتموه فإنه للرحم، وليس منه شيء «1» . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم لمعاذ حين قال له: أوصني يا رسول الله، قال: «أخلص لله يكفيك القليل من العمل» «2» .
قوله تعالى: وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ [7] قال: الماعون متاع البيت. وقيل: هو الزكاة، وهو المال بلغة الحبش، والله سبحانه وتعالى أعلم.

السورة التي يذكر فيها الكوثر

[سورة الكوثر (108) : الآيات 1 الى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
قوله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ [1] قال: لما مات القاسم بمكة وإبراهيم بالمدينة قالت قريش: أصبح محمد صلّى الله عليه وسلّم أبتر، فغاظه ذلك، فنزلت: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ [1] نعزيه ونعوضه الكوثر، وهو الحوض، تسقي من شئت بإذني، وتمنع من شئت بإذني. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ [2- 3] عن خير الدارين أجمع.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

السورة التي يذكر فيها الكافرون

[سورة الكافرون (109) : الآيات 1 الى 6]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (1) لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ (3) وَلا أَنا عابِدٌ مَّا عَبَدْتُّمْ (4)
وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)
قوله تعالى: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ [1] قال: إنَّما ذكر: قُلْ [1] جواباً عن سؤال الكفار إياه: «اعبد إلهنا شهراً فنعبد إلهك سنة» . فأنزل الله تعالى هذه السورة عند قولهم ذلك، يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ [1] قالوا: ما لك يا محمد. قال: لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ [2] اليوم.
وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ [3] اليوم. وَلا أَنا عابِدٌ مَّا عَبَدْتُّمْ [4] في المستقبل. وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ [5] في المستقبل. لَكُمْ [6] اختياركم ل دِينُكُمْ وَلِيَ [6] اختياري ل دِينِ [6] ، ثم نسختها آية السيف «3» ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
__________
(1) شعب الإيمان 5/ 336 والترغيب والترهيب 1/ 23 والفردوس بمأثور الخطاب 5/ 271 وفيض القدير 1/ 217 وجامع العلوم والحكم ص 16 ومجمع الزوائد 10/ 221.
(2) نوادر الأصول 1/ 91 وشعب الإيمان 5/ 342- 343 والفردوس بمأثور الخطاب 1/ 435.
(3) آية السيف هي الآية الخامسة من سورة التوبة. وهذه الآية قال فيها الضحاك بن مزاحم: (إنها نسخت كل عهد بين النبي صلى الله عليه وسلّم وبين أحد من المشركين، وكل عقد، وكل مدة) . تفسير ابن كثير 2/ 350.

(1/207)