تفسير الجلالين = 32 سُورَة السجدة
مكية وآياتها ثلاثون بسم الله الرحمن الرحيم
(1/544)
الم (1)
{الم} اللَّه أَعْلَم بِمُرَادِهِ بِهِ
(1/545)
تَنْزِيلُ الْكِتَابِ
لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)
{تَنْزِيل الْكِتَاب} الْقُرْآن مُبْتَدَأ
{لَا رَيْب} شَكّ {فِيهِ} خَبَر أَوَّل {مِنْ رَبّ
الْعَالَمِينَ} خَبَر ثان
(1/545)
أَمْ يَقُولُونَ
افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ
قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ
يَهْتَدُونَ (3)
{أَمْ} بَلْ {يَقُولُونَ افْتَرَاهُ}
مُحَمَّد لَا {بَلْ هُوَ الْحَقّ مِنْ رَبّك لِتُنْذِر} بِهِ
{قَوْمًا مَا} نَافِيَة {أَتَاهُمْ مِنْ نَذِير مِنْ قَبْلك
لعلهم يهتدون} بإنذارك
(1/545)
اللَّهُ الَّذِي
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي
سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ
مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا
تَتَذَكَّرُونَ (4)
{الله الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات
وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا فِي سِتَّة أَيَّام} أَوَّلهَا
الْأَحَد وَآخِرهَا الْجُمُعَة {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى
الْعَرْش} هُوَ فِي اللُّغَة سَرِير الْمُلْك اسْتِوَاء يَلِيق
بِهِ {مَا لَكُمْ} يَا كُفَّار مَكَّة {مِنْ دُونه} أَيْ
غَيْره {مِنْ وَلِيّ} اسْم مَا بِزِيَادَةِ مِنْ أَيْ نَاصِر
{وَلَا شَفِيع} يَدْفَع عَذَابه عَنْكُمْ {أَفَلَا
تَتَذَكَّرُونَ} هَذَا فَتُؤْمِنُونَ
(1/545)
يُدَبِّرُ الْأَمْرَ
مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي
يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5)
{يُدَبِّر الْأَمْر مِنْ السَّمَاء إلَى
الْأَرْض} مُدَّة الدُّنْيَا {ثُمَّ يَعْرُج} يَرْجِع الْأَمْر
وَالتَّدْبِير {إلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْف سَنَة
مِمَّا تَعُدُّونَ} فِي الدُّنْيَا وَفِي سُورَة سَأَلَ
خَمْسِينَ أَلْف سَنَة وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة لِشِدَّةِ
أَهْوَاله بالنسبة إلى الكفار وَأَمَّا الْمُؤْمِن فَيَكُون
أَخَفّ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاة مَكْتُوبَة يُصَلِّيهَا فِي
الدُّنْيَا كَمَا جَاءَ فِي الحديث
(1/545)
ذَلِكَ عَالِمُ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (6)
{ذَلِكَ} الْخَالِق الْمُدَبِّر {عَالِم
الْغَيْب وَالشَّهَادَة} أَيْ مَا غَابَ عَنْ الْخَلْق وَمَا
حَضَرَ {الْعَزِيز} الْمَنِيع فِي مُلْكه {الرَّحِيم} بِأَهْلِ
طَاعَته
(1/545)
الَّذِي أَحْسَنَ
كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ
طِينٍ (7)
{الَّذِي أَحْسَنَ كُلّ شَيْء خَلَقَهُ}
بِفَتْحِ اللَّام فِعْلًا مَاضِيًا صِفَة وَبِسُكُونِهَا بَدَل
اشْتِمَال {وَبَدَأَ خلق الإنسان} آدم {من طين}
(1/545)
ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ
مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8)
{ثُمَّ جَعَلَ نَسْله} ذُرِّيَّته {مِنْ
سُلَالَة} عَلَقَة {مِنْ مَاء مَهِين} ضَعِيف هُوَ النُّطْفَة
(1/545)
ثُمَّ سَوَّاهُ
وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ
وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (9)
{ثُمَّ سَوَّاهُ} أَيْ خَلْق آدَم
{وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحه} أَيْ جَعَلَهُ حَيًّا حَسَّاسًا
بَعْد أَنْ كَانَ جَمَادًا {وَجَعَلَ لَكُمْ} أَيْ
لِذُرِّيَّتِهِ {السَّمْع} بِمَعْنَى الْأَسْمَاع
{وَالْأَبْصَار وَالْأَفْئِدَة} الْقُلُوب {قَلِيلًا مَا
تَشْكُرُونَ} مَا زَائِدَة مُؤَكِّدَة لِلْقِلَّةِ
1 -
(1/546)
وَقَالُوا أَإِذَا
ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ
هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (10)
{وقالوا} أي منكرو البعث {أئذا ضَلَلْنَا
فِي الْأَرْض} غِبْنَا فِيهَا بِأَنْ صِرْنَا ترابا مختلطا
بترابها {أننا لَفِي خَلْق جَدِيد} اسْتِفْهَام إنْكَار
بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة
وَإِدْخَال أَلِف بَيْنهمَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ في الموضعين
قال تعالى {بل هم بلقاء ربهم} بالبعث {كافرون}
1 -
(1/546)
قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ
مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى
رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11)
{قُلْ} لَهُمْ {يَتَوَفَّاكُمْ مَلَك
الْمَوْت الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} أَيْ يَقْبِض أَرْوَاحكُمْ
{ثُمَّ إلَى رَبّكُمْ تُرْجَعُونَ} أَحْيَاء فَيُجَازِيكُمْ
بِأَعْمَالِكُمْ
1 -
(1/546)
وَلَوْ تَرَى إِذِ
الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ
رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ
صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12)
{ولو ترى إذ المجرمون} الكافرون {ناكسوا
رؤوسهم عِنْد رَبّهمْ} مُطَأْطِئُوهَا حَيَاء يَقُولُونَ
{رَبّنَا أَبْصَرْنَا} مَا أَنْكَرْنَا مِنْ الْبَعْث
{وَسَمِعْنَا} مِنْك تَصْدِيق الرُّسُل فِيمَا كَذَّبْنَاهُمْ
فِيهِ {فَارْجِعْنَا} إلَى الدُّنْيَا {نَعْمَل صَالِحًا}
فِيهَا {إنَّا مُوقِنُونَ} الْآن فَمَا يَنْفَعهُمْ ذَلِكَ
وَلَا يَرْجِعُونَ وَجَوَاب لَوْ لَرَأَيْت أمرا فظيعا قال
تعالى
1 -
(1/546)
وَلَوْ شِئْنَا
لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ
مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ
أَجْمَعِينَ (13)
{وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلّ نَفْس
هُدَاهَا} فَتَهْتَدِي بِالْإِيمَانِ وَالطَّاعَة بِاخْتِيَارٍ
مِنْهَا {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْل مِنِّي} وَهُوَ
{لَأَمْلَأَنّ جَهَنَّم مِنْ الْجِنَّة} الْجِنّ {والناس
أجمعين} وتقول لهم الخزنة إذا دخلوها
1 -
(1/546)
فَذُوقُوا بِمَا
نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ
وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (14)
{فَذُوقُوا} الْعَذَاب {بِمَا نَسِيتُمْ
لِقَاء يَوْمكُمْ هَذَا} أَيْ بِتَرْكِكُمْ الْإِيمَان بِهِ
{إنَّا نَسِينَاكُمْ} تَرَكْنَاكُمْ فِي الْعَذَاب {وَذُوقُوا
عَذَاب الْخُلْد} الدَّائِم {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} مِنْ
الْكُفْر وَالتَّكْذِيب
1 -
(1/546)
إِنَّمَا يُؤْمِنُ
بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا
وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ
(15)
{إنَّمَا يُؤْمِن بِآيَاتِنَا} الْقُرْآن
{الَّذِينَ إذَا ذُكِّرُوا} وُعِظُوا {بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا
وَسَبَّحُوا} مُتَلَبِّسِينَ {بِحَمْدِ رَبّهمْ} أَيْ قَالُوا
سُبْحَان اللَّه وَبِحَمْدِهِ {وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}
عَنْ الْإِيمَان وَالطَّاعَة
(1/546)
1 -
(1/547)
تَتَجَافَى
جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا
وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16)
{تَتَجَافَى جُنُوبهمْ} تَرْتَفِع {عَنْ
الْمَضَاجِع} مَوَاضِع الِاضْطِجَاع بِفُرُشِهَا لِصَلَاتِهِمْ
بِاللَّيْلِ تَهَجُّدًا {يَدْعُونَ رَبّهمْ خَوْفًا} مِنْ
عِقَابه {وَطَمَعًا} فِي رَحْمَته {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
ينفقون} يتصدقون
1 -
(1/547)
فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ
مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا
كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)
{فلا تعلم نفس ما أخفي} خبىء {لَهُمْ مِنْ
قُرَّة أَعْيُن} مَا تُقِرّ بِهِ أعينهم وفي قراءة بسكون الياء
مضارع {جزاء بما كانوا يعملون}
1 -
(1/547)
أَفَمَنْ كَانَ
مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18)
{أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ
فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ} أَيْ الْمُؤْمِنُونَ
وَالْفَاسِقُونَ
1 -
(1/547)
أَمَّا الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ
الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19)
{أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَات فَلَهُمْ جَنَّات المأوى نزلا} هو ما يعد للضيف
{بما كانوا يعملون}
2 -
(1/547)
وَأَمَّا الَّذِينَ
فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ
يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا
عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20)
{وأما الذين فسقوا} بالكفر والتكذيب
{فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل
لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون}
2 -
(1/547)
وَلَنُذِيقَنَّهُمْ
مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21)
{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ الْعَذَاب
الْأَدْنَى} عَذَاب الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ وَالْأَسْر
وَالْجَدْب سِنِينَ وَالْأَمْرَاض {دُون} قَبْل {الْعَذَاب
الْأَكْبَر} عَذَاب الْآخِرَة {لَعَلَّهُمْ} أَيْ مَنْ بَقِيَ
مِنْهُمْ {يَرْجِعُونَ} إلَى الْإِيمَان
2 -
(1/547)
وَمَنْ أَظْلَمُ
مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا
إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22)
{وَمَنْ أَظْلَم مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ
رَبّه} الْقُرْآن {ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا} أَيْ لَا أَحَد
أَظْلَم منه {إنا من المجرمين} المشركين {منتقمون}
2 -
(1/547)
وَلَقَدْ آتَيْنَا
مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ
وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (23)
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب}
التَّوْرَاة {فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَة} شَكّ {مِنْ لِقَائِهِ}
وَقَدْ الْتَقَيَا لَيْلَة الْإِسْرَاء {وَجَعَلْنَاهُ} أَيْ
مُوسَى أَوْ الْكِتَاب {هدى} هاديا {لبني إسرائيل
(1/547)
2 -
(1/548)
وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ
أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا
بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)
{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّة}
بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَإِبْدَال الثَّانِيَة يَاء
قَادَة {يَهْدُونَ} النَّاس {بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}
عَلَى دِينهمْ وَعَلَى الْبَلَاء مِنْ عَدُوّهُمْ وَفِي
قِرَاءَة بِكَسْرِ اللَّام وَتَخْفِيف الْمِيم {وَكَانُوا
بِآيَاتِنَا} الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا {يوقنون}
2 -
(1/548)
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ
يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ
يَخْتَلِفُونَ (25)
{إنَّ رَبّك هُوَ يَفْصِل بَيْنهمْ يَوْم
الْقِيَامَة فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} مِنْ أَمْر
الدِّين
2 -
(1/548)
أَوَلَمْ يَهْدِ
لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ
يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ
أَفَلَا يَسْمَعُونَ (26)
{أَوَ لَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا
مِنْ قَبْلهمْ} أَيْ يَتَبَيَّن لِكُفَّارِ مَكَّة إهْلَاكنَا
كَثِيرًا {مِنْ الْقُرُون} الْأُمَم بِكُفْرِهِمْ {يَمْشُونَ}
حَال مِنْ ضَمِير لَهُمْ {فِي مَسَاكِنهمْ} فِي أَسْفَارهمْ
إلَى الشَّام وَغَيْرهَا فَيَعْتَبِرُوا {إنَّ فِي ذَلِكَ
لَآيَات} دَلَالَات عَلَى قُدْرَتنَا {أَفَلَا يَسْمَعُونَ}
سَمَاع تَدَبُّر واتعاظ
2 -
(1/548)
أَوَلَمْ يَرَوْا
أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ
بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ
أَفَلَا يُبْصِرُونَ (27)
{أو لم يَرَوْا أَنَّا نَسُوق الْمَاء إلَى
الْأَرْض الْجُرُز} الْيَابِسَة الَّتِي لَا نَبَات فِيهَا
{فَنُخْرِج بِهِ زَرْعًا تَأْكُل مِنْهُ أَنْعَامهمْ
وَأَنْفُسهمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ} هَذَا فَيَعْلَمُونَ أَنَّا
نَقْدِر عَلَى إعَادَتهمْ
2 -
(1/548)
وَيَقُولُونَ مَتَى
هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (28)
{وَيَقُولُونَ} لِلْمُؤْمِنِينَ {مَتَى
هَذَا الْفَتْح} بَيْننَا وَبَيْنكُمْ {إن كنتم صادقين}
2 -
(1/548)
قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ
لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ
يُنْظَرُونَ (29)
{قُلْ يَوْم الْفَتْح} بِإِنْزَالِ
الْعَذَاب بِهِمْ {لَا يَنْفَع الَّذِينَ كَفَرُوا إيمَانهمْ
وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} يُمْهَلُونَ لِتَوْبَةٍ أَوْ
مَعْذِرَةٍ
3 -
(1/548)
فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ
وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30)
{فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ} إنْزَال الْعَذَاب بِهِمْ
{إنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ} بِك حَادِث مَوْت أَوْ قَتْل
فَيَسْتَرِيحُونَ مِنْك وَهَذَا قَبْل الْأَمْر بِقِتَالِهِمْ |