تفسير الجلالين = 33 سُورَة الْأَحْزَاب
مدنية وآياتها 73 نزلت بعد آل عمران بسم الله الرحمن الرحيم
(1/548)
يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ
وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1)
{يأيها النَّبِيّ اتَّقِ اللَّه} دُمْ
عَلَى تَقْوَاهُ {وَلَا تُطِعْ الْكَافِرِينَ
وَالْمُنَافِقِينَ} فِيمَا يُخَالِف شَرِيعَتك {إنَّ اللَّه
كَانَ عَلِيمًا} بِمَا يَكُون قَبْل كَوْنه {حَكِيمًا} فِيمَا
يَخْلُقهُ
(1/549)
وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى
إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ
خَبِيرًا (2)
{وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إلَيْك مِنْ رَبّك}
أَيْ الْقُرْآن {إنَّ اللَّه كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ
خَبِيرًا} وَفِي قِرَاءَة بِالتَّحْتَانِيَّة
(1/549)
وَتَوَكَّلْ عَلَى
اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3)
{وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه} فِي أَمْرك
{وَكَفَى بِاَللَّهِ وَكِيلًا} حَافِظًا لَك وَأُمَّته تَبَع
لَهُ فِي ذلك كله
(1/549)
مَا جَعَلَ اللَّهُ
لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ
أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ
أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ
ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ
الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4)
{مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ
قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه} رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ مِنْ
الْكُفَّار إنَّ لَهُ قَلْبَيْنِ يَعْقِل بِكُلٍّ مِنْهُمَا
أَفَضْل مِنْ عَقْل مُحَمَّد {وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجكُمْ
اللَّائِي} بهمزة وياء وبلا ياء {تظهرون} بلا ألف قبل الهاء
وبها والتاء والثانية فِي الْأَصْل مُدْغَمَة فِي الظَّاء
{مِنْهُنَّ} يَقُول الْوَاحِد مَثَلًا لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ
عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي {أُمَّهَاتكُمْ} أَيْ كَالْأُمَّهَاتِ
فِي تَحْرِيمهَا بِذَلِكَ الْمُعَدّ فِي الْجَاهِلِيَّة
طَلَاقًا وَإِنَّمَا تَجِب بِهِ الْكَفَّارَة بِشَرْطِهِ كَمَا
ذَكَرَ فِي سُورَة الْمُجَادَلَة {وَمَا جَعَلَ
أَدْعِيَاءَكُمْ} جَمْع دَعِيّ وَهُوَ مَنْ يَدَّعِي لِغَيْرِ
أَبِيهِ ابْنًا لَهُ {أَبْنَاءَكُمْ} حَقِيقَة {ذَلِكُمْ
قَوْلكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ} أَيْ الْيَهُود وَالْمُنَافِقِينَ
قَالُوا لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ زَيْنَب بِنْت جَحْش الَّتِي كَانَتْ امْرَأَة زَيْد
بْن حَارِثَة الَّذِي تَبَنَّاهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا تَزَوَّجَ مُحَمَّد امْرَأَة ابْنه
فَأَكْذَبَهُمْ اللَّه تَعَالَى فِي ذَلِكَ {وَاَللَّه يَقُول
الْحَقّ} فِي ذَلِكَ {وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيل} سَبِيل
الْحَقّ
(1/549)
ادْعُوهُمْ
لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ
تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ
وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا
أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ
وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (5)
لكن {اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ
أَقْسَط} أَعْدَل {عِنْد اللَّه فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا
آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانكُمْ فِي الدِّين وَمَوَالِيكُمْ} بَنُو
عَمّكُمْ {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح فِيمَا أَخْطَأْتُمْ
بِهِ} فِي ذَلِكَ {وَلَكِنْ} فِي {مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبكُمْ}
فِيهِ أَيْ بَعْد النَّهْي {وَكَانَ اللَّه غَفُورًا} لِمَا
كَانَ مِنْ قَوْلكُمْ قَبْل النَّهْي {رَحِيمًا} بِكُمْ فِي
ذَلِكَ
(1/549)
النَّبِيُّ أَوْلَى
بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ
أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى
بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى
أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ
مَسْطُورًا (6)
{النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ
أَنْفُسهمْ} فِيمَا دَعَاهُمْ إلَيْهِ وَدَعَتْهُمْ أَنْفُسهمْ
إلَى خِلَافه {وَأَزْوَاجه أُمَّهَاتهمْ} في حرمة نكاحهن عليهم
{وأولوا الْأَرْحَام} ذَوُو الْقَرَابَات {بَعْضهمْ أَوْلَى
بِبَعْضٍ} فِي الْإِرْث {فِي كِتَاب اللَّه مِنْ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ} أَيْ مِنْ الْإِرْث
بِالْإِيمَانِ وَالْهِجْرَة الَّذِي كَانَ أَوَّل الْإِسْلَام
فَنُسِخَ {إلَّا} لَكِنْ {أَنْ تَفْعَلُوا إلَى
أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} بِوَصِيَّةٍ فَجَائِز {كَانَ
ذَلِكَ} أَيْ نُسِخَ الْإِرْث بِالْإِيمَانِ وَالْهِجْرَة
بِإِرْثِ ذَوِي الْأَرْحَام {فِي الْكِتَاب مَسْطُورًا}
وَأُرِيدَ بِالْكِتَابِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ اللَّوْح
الْمَحْفُوظ
(1/550)
وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ
النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ
وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا
مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (7)
{وَ} اُذْكُرْ {إِذْ أَخَذْنَا مِنْ
النَّبِيِّينَ مِيثَاقهمْ} حِين أُخْرِجُوا مِنْ صُلْب آدَم
كَالذَّرِّ جَمْع ذَرَّة وَهِيَ أَصْغَر النَّمْل {وَمِنْك
وَمِنْ نُوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مَرْيَم} بِأَنْ
يَعْبُدُوا اللَّه وَيَدْعُوا إلَى عِبَادَته وَذِكْر
الْخَمْسَة مِنْ عَطْف الْخَاصّ عَلَى الْعَامّ {وَأَخَذْنَا
مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} شَدِيدًا بِالْوَفَاءِ بِمَا
حَمَلُوهُ وَهُوَ الْيَمِين بِاَللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ أَخَذَ
الميثاق
(1/550)
لِيَسْأَلَ
الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ
عَذَابًا أَلِيمًا (8)
{لِيَسْأَل} اللَّه {الصَّادِقِينَ عَنْ
صِدْقهمْ} فِي تَبْلِيغ الرِّسَالَة تَبْكِيتًا لِلْكَافِرِينَ
بِهِمْ {وَأَعَدَّ} تَعَالَى {لِلْكَافِرِينَ} بِهِمْ
{عَذَابًا أَلِيمًا} مُؤْلِمًا هُوَ عَطْف عَلَى أخذنا
(1/550)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ
جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا
وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ
بَصِيرًا (9)
{يأيها الَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا
نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ إذْ جَاءَتْكُمْ جُنُود} مِنْ
الْكُفَّار مُتَحَزِّبُونَ أَيَّام حَفْر الْخَنْدَق
{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا}
مِنْ الْمَلَائِكَة {وَكَانَ اللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ}
بِالتَّاءِ مِنْ حَفْر الْخَنْدَق وَبِالْيَاءِ مِنْ تَحْزِيب
الْمُشْرِكِينَ {بصيرا}
1 -
(1/550)
إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ
فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ
الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ
بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10)
{إذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقكُمْ وَمِنْ
أَسْفَل مِنْكُمْ} مِنْ أَعْلَى الْوَادِي وَأَسْفَله مِنْ
الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب {وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَار} مَالَتْ
عَنْ كُلّ شَيْء إلَى عَدُوّهَا مِنْ كُلّ جَانِب {وَبَلَغَتْ
الْقُلُوب الْحَنَاجِر} جَمْع حَنْجَرَة وَهِيَ مُنْتَهَى
الْحُلْقُوم مِنْ شِدَّة الْخَوْف {وَتَظُنُّونَ بِاَللَّهِ
الظُّنُونَا} الْمُخْتَلِفَة بِالنَّصْرِ والبأس
(1/550)
1 -
(1/551)
هُنَالِكَ ابْتُلِيَ
الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11)
{هُنَالِكَ اُبْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ}
اُخْتُبِرُوا لِيَتَبَيَّن الْمُخْلِص مِنْ غَيْره
{وَزُلْزِلُوا} حُرِّكُوا {زِلْزَالًا شَدِيدًا} مِنْ شِدَّة
الفزع
1 -
(1/551)
وَإِذْ يَقُولُ
الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا
وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)
{وَ} اُذْكُرْ {إذْ يَقُول الْمُنَافِقُونَ
وَاَلَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض} ضَعْف اعْتِقَاد {مَا
وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله} بِالنَّصْرِ {إلَّا غُرُورًا}
بَاطِلًا
1 -
(1/551)
وَإِذْ قَالَتْ
طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ
فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ
يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ
إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (13)
{وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَة مِنْهُمْ} أَيْ
الْمُنَافِقُونَ {يَا أَهْل يَثْرِب} هِيَ أَرْض الْمَدِينَة
وَلَمْ تُصْرَف لِلْعَلَمِيَّةِ وَوَزْن الْفِعْل {لَا مُقَام
لَكُمْ} بِضَمِّ الْمِيم وَفَتْحهَا أَيْ لَا إقَامَة وَلَا
مَكَانَة {فَارْجِعُوا} إلَى مَنَازِلكُمْ مِنْ الْمَدِينَة
وَكَانُوا خَرَجُوا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إلَى سَلْع جَبَل خَارِج الْمَدِينَة لِلْقِتَالِ
{وَيَسْتَأْذِن فَرِيق مِنْهُمْ النَّبِيّ} فِي الرُّجُوع
{يَقُولُونَ إنَّ بُيُوتنَا عورة} غير حصينة يخشى عليها قال
تعالى {وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إنْ} مَا {يُرِيدُونَ إلَّا
فِرَارًا} مِنْ الْقِتَال
1 -
(1/551)
وَلَوْ دُخِلَتْ
عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ
لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (14)
{وَلَوْ دُخِلَتْ} أَيْ الْمَدِينَة
{عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارهَا} نَوَاحِيهَا {ثُمَّ سُئِلُوا}
أَيْ سَأَلَهُمْ الدَّاخِلُونَ {الْفِتْنَة} الشِّرْك
{لَآتَوْهَا} بِالْمَدِّ وَالْقَصْر أَيْ أَعْطَوْهَا
وَفَعَلُوهَا {وما تلبثوا بها إلا يسيرا}
1 -
(1/551)
وَلَقَدْ كَانُوا
عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ
وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا (15)
{وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّه مِنْ
قَبْل لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَار وَكَانَ عَهْد اللَّه
مَسْئُولًا} عَنْ الوفاء به
1 -
(1/551)
قُلْ لَنْ
يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ
الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16)
{قُلْ لَنْ يَنْفَعكُمْ الْفِرَار إنْ
فَرَرْتُمْ مِنْ الموت أو القتل وإذا} إن فررتم {لَا
تُمَتَّعُونَ} فِي الدُّنْيَا بَعْد فِرَاركُمْ {إلَّا
قَلِيلًا} بَقِيَّة آجَالكُمْ
1 -
(1/551)
قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي
يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ
أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ
اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (17)
{قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمكُمْ}
يُجِيركُمْ {مِنْ اللَّه إنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا} هَلَاكًا
وَهَزِيمَة {أَوْ} يُصِيبكُمْ بِسُوءٍ إنْ {أَرَادَ} اللَّه
{بِكُمْ رحمة} خَيْرًا {وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُون
اللَّه} أَيْ غَيْره {وَلِيًّا} يَنْفَعهُمْ {وَلَا نَصِيرًا}
يَدْفَع الضر عنهم
(1/551)
1 -
(1/552)
قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ
الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ
هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا
(18)
{قَدْ يَعْلَم اللَّه الْمُعَوِّقِينَ}
الْمُثَبِّطِينَ {مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ
هَلُمَّ} تَعَالَوْا {إلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْس}
الْقِتَال {إلَّا قَلِيلًا} رِيَاء وَسُمْعَة
1 -
(1/552)
أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ
فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ
تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ
الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ
حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا
فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى
اللَّهِ يَسِيرًا (19)
{أَشِحَّة عَلَيْكُمْ} بِالْمُعَاوَنَةِ
جَمْع شَحِيح وَهُوَ حَال مِنْ ضَمِير يَأْتُونَ {فَإِذَا
جَاءَ الْخَوْف رَأَيْتهمْ يَنْظُرُونَ إلَيْك تَدُور
أَعْيُنهمْ كَاَلَّذِي} كَنَظَرِ أَوْ كَدَوَرَانِ الَّذِي
{يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْت} أَيْ سَكَرَاته {فَإِذَا
ذَهَبَ الْخَوْف} وَحِيزَتْ الْغَنَائِم {سَلَقُوكُمْ} آذوكم
أؤ ضَرَبُوكُمْ {بِأَلْسِنَةٍ حِدَاد أَشِحَّة عَلَى الْخَيْر}
أَيْ الْغَنِيمَة يَطْلُبُونَهَا {أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا}
حَقِيقَة {فَأَحْبَطَ اللَّه أَعْمَالهمْ وَكَانَ ذَلِكَ}
الْإِحْبَاط {عَلَى اللَّه يسيرا} بإرادته
2 -
(1/552)
يَحْسَبُونَ
الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ
يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ
يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا
قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا (20)
{يَحْسَبُونَ الْأَحْزَاب} مِنْ الْكُفَّار
{لَمْ يَذْهَبُوا} إلَى مَكَّة لِخَوْفِهِمْ مِنْهُمْ {وَإِنْ
يَأْتِ الْأَحْزَاب} كَرَّة أُخْرَى {يَوَدُّوا} يَتَمَنَّوْا
{لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَاب} أَيْ كَائِنُونَ
فِي الْبَادِيَة {يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ}
أَخْبَاركُمْ مَعَ الْكُفَّار {وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ} هَذِهِ
الْكَرَّة {مَا قَاتَلُوا إلَّا قَلِيلًا} رِيَاء وَخَوْفًا
مِنْ التَّعْيِير
2 -
(1/552)
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ
فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو
اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُول اللَّه
إِسْوَة} بِكَسْرِ الْهَمْزَة وَضَمّهَا {حَسَنَة} اقْتِدَاء
بِهِ فِي الْقِتَال وَالثَّبَات فِي مَوَاطِنه {لِمَنْ} بَدَل
مِنْ لَكُمْ {كَانَ يَرْجُو اللَّه} يَخَافهُ {وَالْيَوْم
الْآخِر وَذَكَرَ اللَّه كَثِيرًا} بِخِلَافِ مَنْ لَيْسَ
كَذَلِكَ
2 -
(1/552)
وَلَمَّا رَأَى
الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا
اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا
زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22)
{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ
الْأَحْزَاب} مِنْ الْكُفَّار {قَالُوا هذا ماوعدنا اللَّه
وَرَسُوله} مِنْ الِابْتِلَاء وَالنَّصْر {وَصَدَقَ اللَّه
وَرَسُوله} فِي الْوَعْد {وَمَا زَادَهُمْ} ذَلِكَ {إلَّا
إيمَانًا} تَصْدِيقًا بِوَعْدِ اللَّه {وَتَسْلِيمًا}
لِأَمْرِهِ
(1/552)
2 -
(1/553)
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ
مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا
بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)
{مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَال صَدَقُوا مَا
عَاهَدُوا اللَّه عَلَيْهِ} مِنْ الثَّبَات مَعَ النَّبِيّ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى
نَحْبه} مَاتَ أَوْ قُتِلَ فِي سَبِيل اللَّه {وَمِنْهُمْ مَنْ
يَنْتَظِر} ذَلِكَ {وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} فِي الْعَهْد
وَهُمْ بِخِلَافِ حَال الْمُنَافِقِينَ
2 -
(1/553)
لِيَجْزِيَ اللَّهُ
الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ
شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا
رَحِيمًا (24)
{لِيَجْزِيَ اللَّه الصَّادِقِينَ
بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّب الْمُنَافِقِينَ إنْ شَاءَ} بِأَنْ
يُمِيتهُمْ عَلَى نِفَاقهمْ {أَوْ يَتُوب عَلَيْهِمْ إنَّ
اللَّه كَانَ غَفُورًا} لِمَنْ تَابَ {رحيما} به
2 -
(1/553)
وَرَدَّ اللَّهُ
الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا
وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ
قَوِيًّا عَزِيزًا (25)
{وَرَدَّ اللَّه الَّذِينَ كَفَرُوا} أَيْ
الْأَحْزَاب {بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا} مُرَادهمْ
مِنْ الظَّفَر بِالْمُؤْمِنِينَ {وَكَفَى اللَّه
الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَال} بِالرِّيحِ وَالْمَلَائِكَة
{وَكَانَ اللَّه قَوِيًّا} عَلَى إيجَاد مَا يُرِيدهُ
{عَزِيزًا} غَالِبًا عَلَى أَمْره
2 -
(1/553)
وَأَنْزَلَ الَّذِينَ
ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ
وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ
وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26)
{وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ
أَهْل الْكِتَاب} أَيْ قُرَيْظَة {مِنْ صَيَاصِيهمْ} حُصُونهمْ
جَمْع صِيصَة وَهُوَ مَا يُتَحَصَّن بِهِ {وَقَذَفَ فِي
قُلُوبهمْ الرُّعْب} الْخَوْف {فَرِيقًا تَقْتُلُونَ} مِنْهُمْ
وَهُمْ الْمُقَاتِلَة {وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا} مِنْهُمْ أَيْ
الذَّرَارِيّ
2 -
(1/553)
وَأَوْرَثَكُمْ
أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ
تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (27)
{وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضهمْ وَدِيَارهمْ
وَأَمْوَالهمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا} بعد وهي خيبر أخذت
بعد قريظة {وكان الله على كل شيء قديرا}
2 -
(1/553)
يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ
الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ
أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28)
{يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك}
وَهُنَّ تِسْع وَطَلَبْنَ مِنْهُ مِنْ زِينَة الدُّنْيَا مَا
لَيْسَ عِنْده {إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاة الدُّنْيَا
وَزِينَتهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعكُنَّ} أَيْ مُتْعَة
الطَّلَاق {وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} أُطَلِّقكُنَّ
مِنْ غَيْر ضِرَار
2 -
(1/553)
وَإِنْ كُنْتُنَّ
تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ
اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا
(29)
{وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّه
وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة} أَيْ الْجَنَّة {فَإِنَّ
اللَّه أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ} بإاردة الْآخِرَة
{أَجْرًا عَظِيمًا} أَيْ الْجَنَّة فَاخْتَرْنَ الْآخِرَة على
الدنيا
(1/553)
3 -
(1/554)
يَا نِسَاءَ
النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ
يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى
اللَّهِ يَسِيرًا (30)
{يَا نِسَاء النَّبِيّ مَنْ يَأْتِ
مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة} بِفَتْحِ الْيَاء
وَكَسْرهَا أَيْ بَيَّنَتْ أَوْ هِيَ بَيِّنَة {يُضَاعِف}
وَفِي قِرَاءَة يُضَعَّف بِالتَّشْدِيدِ وَفِي أُخْرَى
نُضَعِّف بِالنُّونِ مَعَهُ وَنُصِبَ الْعَذَاب {لَهَا
الْعَذَاب ضِعْفَيْنِ} ضِعْفَيْ عَذَاب غَيْرهنَّ أَيْ مثليه
{وكان ذلك على الله يسيرا}
3 -
(1/554)
وَمَنْ يَقْنُتْ
مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا
أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا
(31)
{وَمَنْ يَقْنُت} يُطِعْ {مِنْكُنَّ
لِلَّهِ وَرَسُوله وَتَعْمَل صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرهَا
مَرَّتَيْنِ}
أَيْ مِثْلَيْ ثَوَاب غَيْرهنَّ مِنْ النِّسَاء وَفِي قِرَاءَة
بِالتَّحْتَانِيَّة فِي تَعْمَل وَنُؤْتِهَا {وَأَعْتَدْنَا
لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} فِي الجنة زيادة
3 -
(1/554)
يَا نِسَاءَ
النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ
اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ
الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32)
{يَا نِسَاء النَّبِيّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ}
كَجَمَاعَةٍ {مِنْ النِّسَاء إنْ اتَّقَيْتُنَّ} اللَّه
فَإِنَّكُنَّ أَعْظَم {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ}
لِلرِّجَالِ {فَيَطْمَع الَّذِي فِي قَلْبه مَرَض} نِفَاق
{وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} مِنْ غَيْر خضوع
3 -
(1/554)
وَقَرْنَ فِي
بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ
الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ
وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ
لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)
{وَقَرْنَ} بِكَسْرِ الْقَاف وَفَتْحهَا
{فِي بُيُوتكُنَّ} مِنْ الْقَرَار وَأَصْله أَقْرِرْنَ
بِكَسْرِ الرَّاء وَفَتْحهَا مِنْ قَرَرْت بِفَتْحِ الرَّاء
وَكَسْرهَا نُقِلَتْ حَرَكَة الرَّاء إلَى الْقَاف وَحُذِفَتْ
مَعَ هَمْزَة الْوَصْل {وَلَا تَبَرَّجْنَ} بِتَرْكِ إحْدَى
التَّاءَيْنِ مِنْ أَصْله {تَبَرُّج الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى}
أَيْ مَا قَبْل الْإِسْلَام مِنْ إظْهَار النِّسَاء
مَحَاسِنهنَّ لِلرِّجَالِ وَالْإِظْهَار بَعْد الْإِسْلَام
مَذْكُور فِي آيَة {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إلَّا مَا
ظَهَرَ مِنْهَا} {وَأَقِمْنَ الصَّلَاة وَآتِينَ الزَّكَاة
وَأَطِعْنَ اللَّه وَرَسُوله إنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب
عَنْكُمْ الرِّجْس} الْإِثْم يَا {أَهْل الْبَيْت} أَيْ نِسَاء
النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَيُطَهِّركُمْ}
منه {تطهيرا}
3 -
(1/554)
وَاذْكُرْنَ مَا
يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)
{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتكُنَّ
مِنْ آيَات اللَّه} الْقُرْآن {وَالْحِكْمَة} السُّنَّة {إنَّ
اللَّه كَانَ لَطِيفًا} بِأَوْلِيَائِهِ {خَبِيرًا} بِجَمِيعِ
خَلْقه
(1/554)
3 -
(1/555)
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ
وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ
وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ
وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ
وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ
وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ
اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ
مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)
{إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين
والمؤمنات والقانتين والقنتات} الْمُطِيعَات {وَالصَّادِقِينَ
وَالصَّادِقَات} فِي الْإِيمَان {وَالصَّابِرِينَ
وَالصَّابِرَات}
عَلَى الطَّاعَات {وَالْخَاشِعِينَ} الْمُتَوَاضِعِينَ
{وَالْخَاشِعَات وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَات
وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَات وَالْحَافِظِينَ فُرُوجهمْ
وَالْحَافِظَات} عَنْ الْحَرَام {وَالذَّاكِرِينَ اللَّه
كَثِيرًا وَالذَّاكِرَات أَعَدَّ اللَّه لَهُمْ مَغْفِرَة}
لِلْمَعَاصِي {وَأَجْرًا عَظِيمًا} عَلَى الطَّاعَات
3 -
(1/555)
وَمَا كَانَ
لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ
أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا
مُبِينًا (36)
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة
إذَا قَضَى الله ورسوله أمرا أن تكون} بِالتَّاءِ وَالْيَاء
{لَهُمْ الْخِيرَة} أَيْ الِاخْتِيَار {مِنْ أمرهم} خلاف أَمْر
اللَّه وَرَسُوله نَزَلَتْ فِي عَبْد اللَّه بْن جَحْش
وَأُخْته زَيْنَب خَطَبَهَا النَّبِيّ لِزَيْدِ بْن حَارِثَة
فَكَرِهَا ذَلِكَ حِين عَلِمَا لِظَنِّهِمَا قَبْل أَنَّ
النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَهَا
لِنَفْسِهِ ثُمَّ رَضِيَا لِلْآيَةِ {وَمَنْ يَعْصِ اللَّه
وَرَسُوله فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} بَيِّنًا
فَزَوَّجَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِزَيْدٍ ثُمَّ وَقَعَ بَصَره عَلَيْهَا بَعْد حِين فَوَقَعَ
فِي نَفْسه حُبّهَا وَفِي نَفْس زَيْد كَرَاهَتهَا ثُمَّ قَالَ
لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أريد فراقها
فقال أمسك عليك زوجك كما قال تعالى
(1/555)
3 -
(1/556)
وَإِذْ تَقُولُ
لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ
أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي
نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ
أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا
زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ
وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37)
{وإذ} منصوب باذكر {تقول للذي أنعم الله
عليه} بالإسلام {وأنعمت عليه} بالإعتاق وهو زيد بن حارثة كان
من سبي الجاهلية اشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل
البعثة وأعتقه وتبناه {أمسك عليك زوجك واتق الله} في أمر
طلاقها {وتخفي في نفسك ما الله مبديه} مظهره من محبتها وأن لو
فارقها زيد تزوجتها {وتخشى الناس} أن يقولوا تزوج زوجة ابنه
{والله أحق أن تخشاه} في كل شيء وتزوجها ولا عليك من قول الناس
ثم طلقها زيد وانقضت عدتها قال تعالى {فلما قضي زيد منها وطرا}
حاجة {زوجناكها} فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم بغير إذن
وأشبع المسلمين خبزا ولحما {لكي لا يكون على المؤمنين حرج في
أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله} مقضيه
{مفعولا}
3 -
(1/556)
مَا كَانَ عَلَى
النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ
اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ
اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (38)
{مَا كَانَ عَلَى النَّبِيّ مِنْ حَرَج
فِيمَا فَرَضَ} أَحَلَّ {اللَّه لَهُ سُنَّة اللَّه} أَيْ
كَسُنَّةِ اللَّه فَنُصِبَ بِنَزْعِ الْخَافِض {فِي الَّذِينَ
خَلَوْا مِنْ قَبْل} مِنْ الْأَنْبِيَاء أَنْ لَا حَرَج
عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ تَوْسِعَة لَهُمْ فِي النِّكَاح
{وَكَانَ أَمْر اللَّه} فِعْله {قَدَرًا مَقْدُورًا} مقضيا
3 -
(1/556)
الَّذِينَ
يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا
يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا
(39)
{الَّذِينَ} نَعْت لِلَّذِينَ قَبْله
{يُبَلِّغُونَ رِسَالَات اللَّه وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا
يَخْشَوْنَ أَحَدًا إلَّا اللَّه} فَلَا يَخْشَوْنَ مَقَالَة
النَّاس فِيمَا أَحَلَّ اللَّه لَهُمْ {وَكَفَى بِاَللَّهِ
حَسِيبًا} حَافِظًا لِأَعْمَالِ خَلْقه وَمُحَاسَبَتهمْ
4 -
(1/556)
مَا كَانَ مُحَمَّدٌ
أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ
وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمًا (40)
{مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أَحَد مِنْ
رِجَالكُمْ} فَلَيْسَ أَبَا زَيْد أَيْ وَالِده فَلَا يَحْرُم
عَلَيْهِ التَّزَوُّج بِزَوْجَتِهِ زَيْنَب {وَلَكِنْ} كَانَ
{رَسُول الله وخاتم النبيين} فلا يكون له بن رَجُل بَعْده
يَكُون نَبِيًّا وَفِي قِرَاءَة بِفَتْحِ التَّاء كَآلَةِ
الْخَتْم أَيْ بِهِ خُتِمُوا {وَكَانَ اللَّه بِكُلِّ شَيْء
عَلِيمًا} مِنْهُ بِأَنْ لَا نَبِيّ بَعْده وَإِذَا نَزَلَ
السَّيِّد عِيسَى يَحْكُم بشريعته
4 -
(1/556)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41)
{يأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا
كثيرا}
4 -
(1/556)
وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً
وَأَصِيلًا (42)
{وَسَبِّحُوهُ بُكْرَة وَأَصِيلًا} أَوَّل
النَّهَار وَآخِره
4 -
(1/556)
هُوَ الَّذِي يُصَلِّي
عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ
إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)
{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ} أَيْ
يَرْحَمكُمْ {وَمَلَائِكَته} يَسْتَغْفِرُونَ لَكُمْ
{لِيُخْرِجكُمْ} لِيُدِيمَ إخْرَاجه إيَّاكُمْ {مِنْ
الظُّلُمَات} أي الكفر {إلى النور} أي الإيمان {وكان بالمؤمنين
رحيما}
4 -
(1/556)
تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ
يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44)
{تَحِيَّتهمْ} مِنْهُ تَعَالَى {يَوْم
يَلْقَوْنَهُ سَلَام} بِلِسَانِ الْمَلَائِكَة {وَأَعَدَّ
لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا} هُوَ الْجَنَّة
(1/556)
4 -
(1/557)
يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا
وَنَذِيرًا (45)
{يأيها النَّبِيّ إنَّا أَرْسَلْنَاك
شَاهِدًا} عَلَى مَنْ أَرْسَلْت إلَيْهِمْ {وَمُبَشِّرًا} مِنْ
صِدْقك بِالْجَنَّةِ {وَنَذِيرًا} مُنْذِرًا مَنْ كَذَّبَك
بِالنَّارِ
4 -
(1/557)
وَدَاعِيًا إِلَى
اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46)
{وَدَاعِيًا إلَى اللَّه} إلَى طَاعَته
{بِإِذْنِهِ} بِأَمْرِهِ {وَسِرَاجًا مُنِيرًا} أَيْ مِثْله
فِي الِاهْتِدَاء بِهِ
4 -
(1/557)
وَبَشِّرِ
الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا
(47)
{وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ
مِنْ اللَّه فَضْلًا كَبِيرًا} هُوَ الْجَنَّة
4 -
(1/557)
وَلَا تُطِعِ
الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ
عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (48)
{وَلَا تُطِعْ الْكَافِرِينَ
وَالْمُنَافِقِينَ} فِيمَا يُخَالِف شَرِيعَتك {وَدَعْ}
اُتْرُكْ {أَذَاهُمْ} لَا تُجَازِهِمْ عَلَيْهِ إلَى أَنْ
تُؤْمَر فِيهِمْ بِأَمْرٍ {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه} فَهُوَ
كَافِيك {وَكَفَى بِاَللَّهِ وَكَيْلًا} مُفَوِّضًا إلَيْهِ
4 -
(1/557)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ
طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا
لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا
فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49)
{يأيها الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَكَحْتُمْ
الْمُؤْمِنَات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ
تَمَسُّوهُنَّ} وَفِي قِرَاءَة تُمَاسُّوهُنَّ أَيْ
تُجَامِعُوهُنَّ {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّة
تَعْتَدُّونَهَا} تُحْصُونَهَا بِالْأَقْرَاءِ وَغَيْرهَا
{فَمَتِّعُوهُنَّ} أَعْطُوهُنَّ مَا يَسْتَمْتِعْنَ بِهِ أَيْ
إنْ لَمْ يُسَمِّ لَهُنَّ أصدقة وإلا فلهن نصف المسمى فقط قاله
بن عَبَّاس وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيّ {وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا
جَمِيلًا} خَلُّوا سبيلهن من غير إضرار
(1/557)
5 -
(1/558)
يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي
آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ
اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ
وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ
مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا
لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا
خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا
فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ
اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (50)
{يأيها النَّبِيّ إنَّا أَحْلَلْنَا لَك
أَزْوَاجك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورهنَّ} مُهُورهنَّ {وَمَا
مَلَكَتْ يَمِينك مِمَّا أَفَاءَ اللَّه عَلَيْك} مِنْ
الْكُفَّار بِالسَّبْيِ كَصَفِيَّة وَجُوَيْرِيَة {وَبَنَات
عَمّك وَبَنَات عَمَّاتك وَبَنَات خَالك وَبَنَات خَالَاتك
اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك} بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْنَ
{وَامْرَأَة مُؤْمِنَة إنْ وَهَبَتْ نَفْسهَا لِلنَّبِيِّ إنْ
أَرَادَ النَّبِيّ أَنْ يَسْتَنْكِحهَا} يَطْلُب نِكَاحهَا
بِغَيْرِ صَدَاق {خَالِصَة لَك مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ}
النِّكَاح بِلَفْظِ الْهِبَة مِنْ غَيْر صَدَاق {قَدْ
عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ} أَيْ الْمُؤْمِنِينَ {فِي
أَزْوَاجهمْ} مِنْ الْأَحْكَام بِأَنْ لَا يَزِيدُوا عَلَى
أَرْبَع نِسْوَة وَلَا يَتَزَوَّجُوا إلَّا بِوَلِيٍّ وَشُهُود
ومهر {و} في {ما مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ} مِنْ الْإِمَاء
بِشِرَاءٍ وَغَيْره بِأَنْ تَكُون الْأَمَة مِمَّنْ تَحِلّ
لِمَالِكِهَا كَالْكِتَابِيَّةِ بِخِلَافِ المجوسية والوثنية
وأن تستبريء قَبْل الْوَطْء {لِكَيْلَا} مُتَعَلِّق بِمَا
قَبْل ذَلِكَ {يكون عليه حَرَج} ضِيق فِي النِّكَاح {وَكَانَ
اللَّه غَفُورًا} فِيمَا يُعْسِر التَّحَرُّز عَنْهُ
{رَحِيمًا} بِالتَّوْسِعَةِ فِي ذلك
5 -
(1/558)
تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ
مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ
مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ
تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا
آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي
قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51)
{ترجيء} بِالْهَمْزَةِ وَالْيَاء بَدَله
تُؤَخِّر {مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ} أَيْ أَزْوَاجك عَنْ
نَوْبَتهَا {وَتُؤْوِي} تَضُمّ {إلَيْك مَنْ تَشَاء} مِنْهُنَّ
فَتَأْتِيهَا {وَمَنْ ابْتَغَيْت} طَلَبْت {مِمَّنْ عَزَلْت}
مِنْ الْقِسْمَة {فَلَا جُنَاح عَلَيْك} فِي طَلَبهَا
وَضَمّهَا إلَيْك خَيْر فِي ذَلِكَ بَعْد أَنْ كَانَ الْقَسْم
وَاجِبًا عَلَيْهِ {ذَلِكَ} التَّخْيِير {أَدْنَى} أَقْرَب
إلَى {أَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ ولا يحزن ويرضين بِمَا
آتَيْتهنَّ} مَا ذَكَرَ الْمُخَيَّر فِيهِ {كُلّهنَّ} تَأْكِيد
لِلْفَاعِلِ فِي يَرْضَيْنَ {وَاَللَّه يَعْلَم مَا فِي
قُلُوبكُمْ} مِنْ أَمْر النِّسَاء وَالْمَيْل إلَى بَعْضهنَّ
وَإِنَّمَا خَيَّرْنَاك فِيهِنَّ تَيْسِيرًا عَلَيْك فِي كُلّ
مَا أَرَدْت {وَكَانَ اللَّه عَلِيمًا} بِخَلْقِهِ {حليما} عن
عقابهم
5 -
(1/558)
لَا يَحِلُّ لَكَ
النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ
أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ
يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52)
{لا تحل} بالتاء والياء {لَك النِّسَاء
مِنْ بَعْد} بَعْد التِّسْع الَّتِي اخْتَرْنَك {وَلَا أَنْ
تَبَدَّلَ} بِتَرْكِ إحْدَى التَّاءَيْنِ فِي الْأَصْل
{بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج} بِأَنْ تُطَلِّقهُنَّ أَوْ بَعْضهنَّ
وَتَنْكِح بَدَل مِنْ طَلَّقْت {وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْنهنَّ
إلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك} مِنْ الْإِمَاء فَتَحِلّ لَك
وَقَدْ مَلَكَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدهنَّ
مَارِيَة وَوَلَدَتْ لَهُ إبْرَاهِيم وَمَاتَ فِي حَيَاته
{وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شيء رقيبا} حفيظا
(1/558)
5 -
(1/559)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا
أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ
وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ
فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ
كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ
لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ
مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ
أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ
أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا
أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ
عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)
{يأيها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا
بُيُوت النَّبِيّ إلَّا أَنْ يُؤْذَن لَكُمْ} فِي الدُّخُول
بِالدُّعَاءِ {إلَى طَعَام} فَتَدْخُلُوا {غَيْر نَاظِرِينِ}
مُنْتَظِرِينَ {إنَاهُ} نُضْجه مَصْدَر أَنِيَ يَأْنِي
{وَلَكِنْ إذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ
فَانْتَشِرُوا وَلَا} تَمْكُثُوا {مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ}
مِنْ بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ {إنَّ ذَلِكُمْ} الْمُكْث {كَانَ يؤذي
النبي فيستحيي منكم} أن يخرجكم {والله لا يستحيي مِنْ الْحَقّ}
أَنْ يُخْرِجكُمْ أَيْ لَا يَتْرُك بيانه وقريء يَسْتَحْيِ
بِيَاءٍ وَاحِدَة {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ} أَيْ أَزْوَاج
النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَتَاعًا
فَسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب} سِتْر {ذَلِكُمْ أَطْهَر
لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبهنَّ} مِنْ الْخَوَاطِر الْمُرِيبَة
{وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُول اللَّه} بِشَيْءٍ
{وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجه مِنْ بَعْده أَبَدًا إنَّ
ذَلِكُمْ كان عند الله} ذنبا {عظيما}
5 -
(1/559)
إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا
أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا
(54)
{إنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ}
مِنْ نِكَاحهنَّ بَعْده {فَإِنَّ اللَّه كَانَ بِكُلِّ شَيْء
عَلِيمًا} فيجازيكم عليه
5 -
(1/559)
لَا جُنَاحَ
عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا
إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا
أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا
مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ
كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (55)
{لَا جُنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ
وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إخْوَانهنَّ وَلَا أَبْنَاء
إخْوَانهنَّ وَلَا أَبْنَاء أَخَوَاتهنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ}
أَيْ الْمُؤْمِنَات {وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهنَّ} مِنْ
الْإِمَاء وَالْعَبِيد أَنْ يَرَوْهُنَّ وَيُكَلِّمُوهُنَّ
مِنْ غَيْر حِجَاب {وَاتَّقِينَ اللَّه} فِيمَا أَمَرْتُنَّ
بِهِ {إنَّ اللَّه كَانَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيدًا} لَا
يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء
5 -
(1/559)
إِنَّ اللَّهَ
وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
(56)
{إنَّ اللَّه وَمَلَائِكَته يُصَلُّونَ
عَلَى النَّبِيّ} مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم {يأيها
الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
أَيْ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدنَا مُحَمَّد
وَسَلِّمْ
5 -
(1/559)
إِنَّ الَّذِينَ
يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا
(57)
{إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّه
وَرَسُوله} وَهُمْ الْكُفَّار يَصِفُونَ اللَّه بِمَا هُوَ
مُنَزَّه عَنْهُ مِنْ الْوَلَد وَالشَّرِيك وَيُكَذِّبُونَ
رَسُوله {لَعَنَهُمْ اللَّه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة}
أَبْعَدَهُمْ {وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} ذَا
إهَانَة وَهُوَ النَّار
5 -
(1/559)
وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا
فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)
{وَاَلَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَات بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} يَرْمُونَهُمْ
بِغَيْرِ مَا عَمِلُوا {فَقَدْ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا} تحملوا
كذبا {وإثما مبينا} بينا
(1/559)
5 -
(1/560)
يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ
الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ
ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ
اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)
{يأيها النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك
وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ
جَلَابِيبهنَّ} جَمْع جِلْبَاب وَهِيَ الْمُلَاءَة الَّتِي
تَشْتَمِل بِهَا الْمَرْأَة أَيْ يُرْخِينَ بَعْضهَا عَلَى
الْوُجُوه إذَا خَرَجْنَ لِحَاجَتِهِنَّ إلَّا عَيْنًا
وَاحِدَة {ذَلِكَ أَدْنَى} أَقْرَب إلَى {أَنْ يُعْرَفْنَ}
بِأَنَّهُنَّ حَرَائِر {فَلَا يُؤْذَيْنَ} بِالتَّعَرُّضِ
لَهُنَّ بِخِلَافِ الْإِمَاء فَلَا يُغَطِّينَ وُجُوههنَّ
فَكَانَ الْمُنَافِقُونَ يَتَعَرَّضُونَ لَهُنَّ {وَكَانَ
اللَّه غَفُورًا} لِمَا سَلَفَ مِنْهُنَّ مِنْ تَرْك السِّتْر
{رَحِيمًا} بِهِنَّ إذْ سَتَرَهُنَّ
6 -
(1/560)
لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ
الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ
وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ
ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60)
{لَئِنْ} لَام قَسَم {لَمْ يَنْتَهِ
الْمُنَافِقُونَ} عَنْ نفاقهم {والذين في قلوبهم مرض} بالزنى
{وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَة} الْمُؤْمِنِينَ
بِقَوْلِهِمْ قَدْ أَتَاكُمْ الْعَدُوّ وَسَرَايَاكُمْ
قُتِلُوا أَوْ هُزِمُوا {لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ} لنسلطنك
عليهم {ثم لا يجاورونك} يساكنونك {فِيهَا إلَّا قَلِيلًا}
ثُمَّ يَخْرُجُونَ
6 -
(1/560)
مَلْعُونِينَ
أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (61)
{مَلْعُونِينَ} مُبْعَدِينَ عَنْ
الرَّحْمَة {أَيْنَمَا ثُقِفُوا} وُجِدُوا {أُخِذُوا
وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا} أَيْ الْحُكْم فِيهِمْ هَذَا عَلَى
جِهَة الْأَمْر بِهِ
6 -
(1/560)
سُنَّةَ اللَّهِ فِي
الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ
اللَّهِ تَبْدِيلًا (62)
{سُنَّة اللَّه} أَيْ سَنَّ اللَّه ذَلِكَ
{فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْل} مِنْ الْأُمَم الْمَاضِيَة
فِي مُنَافِقِيهِمْ الْمُرْجَفِينَ الْمُؤْمِنِينَ {وَلَنْ
تَجِد لِسُنَّةِ اللَّه تَبْدِيلًا} مِنْهُ
6 -
(1/560)
يَسْأَلُكَ النَّاسُ
عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا
يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (63)
{يَسْأَلك النَّاس} أَهْل مَكَّة {عَنْ
السَّاعَة} مَتَى تَكُون {قُلْ إنَّمَا عِلْمهَا عِنْد اللَّه
وَمَا يُدْرِيك} يُعْلِمك بِهَا أَيْ أَنْتَ لَا تَعْلَمهَا
{لعل الساعة تكون} توجد {قريبا}
6 -
(1/560)
إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ
الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64)
{إنَّ اللَّه لَعَنَ الْكَافِرِينَ}
أَبْعَدَهُمْ {وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا} نَارًا شَدِيدَة
يَدْخُلُونَهَا
6 -
(1/560)
خَالِدِينَ فِيهَا
أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (65)
{خَالِدِينَ} مُقَدَّرًا خُلُودهمْ {فِيهَا
أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا} يَحْفَظهُمْ عَنْهَا {وَلَا
نَصِيرًا} يَدْفَعهَا عَنْهُمْ
6 -
(1/560)
يَوْمَ تُقَلَّبُ
وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا
اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66)
{يَوْم تُقَلَّب وُجُوههمْ فِي النَّار
يَقُولُونَ يَا} للتنبيه {ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا
(1/560)
6 -
(1/561)
وَقَالُوا رَبَّنَا
إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا
السَّبِيلَا (67)
{وَقَالُوا} أَيْ الْأَتْبَاع مِنْهُمْ
{رَبّنَا إنَّا أَطَعْنَا سَادَتنَا} وَفِي قِرَاءَة
سَادَاتنَا جَمْع الْجَمْع {وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا
السَّبِيلَا} طَرِيق الْهُدَى
6 -
(1/561)
رَبَّنَا آتِهِمْ
ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا
(68)
{رَبّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنْ
الْعَذَاب} أَيْ مِثْلَيْ عذابنا {والعنهم} عذبهم {لعنا كثيرا}
عدده وفي قراءة بالموحدة أي عظيما
6 -
(1/561)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى
فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ
وَجِيهًا (69)
{يأيها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا}
مَعَ نَبِيّكُمْ {كَاَلَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} بِقَوْلِهِمْ
مَثَلًا مَا يَمْنَعهُ أَنْ يَغْتَسِل مَعَنَا إلَّا أَنَّهُ
آدَر {فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا} بِأَنْ وَضَعَ
ثَوْبه عَلَى حَجَر لِيَغْتَسِل فَفَرَّ الْحَجَر بِهِ حَتَّى
وَقَفَ بَيْن مَلَأ مِنْ بَنِي إسْرَائِيل فَأَدْرَكَهُ مُوسَى
فَأَخَذَ ثَوْبه فَاسْتَتَرَ بِهِ فَرَأَوْهُ وَلَا أُدْرَة
بِهِ وَهِيَ نَفْخَة فِي الْخُصْيَة {وَكَانَ عِنْد اللَّه
وَجِيهًا} ذَا جَاه وَمِمَّا أُوذِيَ بِهِ نَبِيّنَا صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَسَم قَسْمًا فَقَالَ
رَجُل هَذِهِ قِسْمَة مَا أُرِيد بِهَا وَجْه اللَّه تَعَالَى
فَغَضِبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ
ذَلِكَ وَقَالَ يَرْحَم اللَّه مُوسَى لَقَدْ أُوذِيَ
بِأَكْثَر مِنْ هَذَا فَصَبَرَ رواه البخاري
7 -
(1/561)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا
سَدِيدًا (70)
{يأيها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّه
وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} صوابا
7 -
(1/561)
يُصْلِحْ لَكُمْ
أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)
{يُصْلِح لَكُمْ أَعْمَالكُمْ}
يَتَقَبَّلهَا {وَيَغْفِر لَكُمْ ذُنُوبكُمْ وَمَنْ يُطِعْ
اللَّه وَرَسُوله فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} نَالَ غَايَة
مَطْلُوبَة
7 -
(1/561)
إِنَّا عَرَضْنَا
الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ
فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا
وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا
(72)
{إنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَة} الصَّلَوَات
وَغَيْرهَا مِمَّا فِي فِعْلهَا مِنْ الثَّوَاب وَتَرْكهَا
مِنْ الْعِقَاب {عَلَى السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال}
بِأَنْ خَلَقَ فِيهِمَا فَهْمًا وَنُطْقًا {فَأَبَيْنَ أَنْ
يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ} خِفْنَ {مِنْهَا وَحَمَلَهَا
الْإِنْسَان} آدَم بَعْد عَرْضهَا عَلَيْهِ {إنَّهُ كَانَ
ظَلُومًا} لِنَفْسِهِ بِمَا حَمَلَهُ {جَهُولًا} بِهِ
(1/561)
7 -
(1/562)
لِيُعَذِّبَ اللَّهُ
الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ
وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73)
{لِيُعَذِّب اللَّه} اللَّام مُتَعَلِّقَة بِعَرَضْنَا
الْمُتَرَتِّب عَلَيْهِ حَمْل آدَم {الْمُنَافِقِينَ
وَالْمُنَافِقَات وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَات}
الْمُضَيِّعِينَ الْأَمَانَة {وَيَتُوب اللَّه عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} الْمُؤَدِّينَ الْأَمَانَة
{وَكَانَ اللَّه غَفُورًا} لِلْمُؤْمِنِينَ {رَحِيمًا} بِهِمْ |