تفسير الجلالين

= 37 سُورَة الصَّافَّات
مكية وآياتها 182 نزلت بعد الأنعام بسم الله الرحمن الرحيم

(1/587)


وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1)

{وَالصَّافَّات صَفًّا} الْمَلَائِكَة تَصُفّ نُفُوسهَا فِي الْعِبَادَة أَوْ أَجْنِحَتهَا فِي الْهَوَاء تَنْتَظِر مَا تُؤْمَر به

(1/587)


فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2)

{فَالزَّاجِرَات زَجْرًا} الْمَلَائِكَة تَزْجُر السَّحَاب أَيْ تَسُوقهُ

(1/587)


فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3)

{فَالتَّالِيَات} أَيْ قُرَّاء الْقُرْآن يَتْلُونَهُ {ذِكْرًا} مَصْدَر مِنْ مَعْنَى التَّالِيَات

(1/587)


إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4)

{إن إلهكم} يا أهل مكة {لواحد}

(1/587)


رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5)

{رَبّ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا وَرَبّ الْمَشَارِق} أي والمغارب للشمس ولها كُلّ يَوْم مَشْرِق وَمَغْرِب

(1/587)


إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6)

{إنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِب} أَيْ بِضَوْئِهَا أَوْ بِهَا وَالْإِضَافَة لِلْبَيَانِ كَقِرَاءَةِ تَنْوِين زِينَة الْمُبَيَّنَة بِالْكَوَاكِبِ

(1/587)


وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7)

{وَحِفْظًا} مَنْصُوب بِفِعْلٍ مُقَدَّر أَيْ حَفِظْنَاهَا بِالشُّهُبِ {مِنْ كُلّ} مُتَعَلِّق بِالْمُقَدَّرِ {شَيْطَان مَارِد} عَاتٍ خَارِج عَنْ الطَّاعَة

(1/587)


لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8)

{لَا يَسَّمَّعُونَ} أَيْ الشَّيَاطِين مُسْتَأْنَف وَسَمَاعهمْ هُوَ فِي الْمَعْنَى الْمَحْفُوظ عَنْهُ {إلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى} الْمَلَائِكَة فِي السَّمَاء وَعُدِّيَ السَّمَاع بِإِلَى لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى الْإِصْغَاء وَفِي قِرَاءَة بِتَشْدِيدِ الْمِيم وَالسِّين أَصْله يَتَسَمَّعُونَ أُدْغِمَتْ التَّاء فِي السِّين {وَيُقْذَفُونَ} أَيْ الشَّيَاطِين بِالشُّهُبِ {مِنْ كُلّ جَانِب} مِنْ آفاق السماء

(1/587)


دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9)

{دُحُورًا} مَصْدَر دَحَرَهُ أَيْ طَرَدَهُ وَأَبْعَدَهُ وَهُوَ مَفْعُول لَهُ {وَلَهُمْ} فِي الْآخِرَة {عَذَاب وَاصِب} دائم

(1/587)


1 -

(1/588)


إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10)

{إلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَة} مَصْدَر أَيْ الْمَرَّة وَالِاسْتِثْنَاء مِنْ ضَمِير يَسَّمَعُونَ أَيْ لَا يَسْمَع إلَّا الشَّيْطَان الَّذِي سَمِعَ الْكَلِمَة مِنْ الْمَلَائِكَة فَأَخَذَهَا بِسُرْعَةٍ {فَأَتْبَعهُ شِهَاب} كَوْكَب مُضِيء {ثَاقِب} يَثْقُبهُ أَوْ يُحْرِقهُ أَوْ يَخْبِلهُ
1 -

(1/588)


فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ (11)

{فَاسْتَفْتِهِمْ} اسْتَخْبِرْ كُفَّار مَكَّة تَقْرِيرًا أَوْ تَوْبِيخًا {أَهُمْ أَشَدّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا} مِنْ الْمَلَائِكَة وَالسَّمَاوَات وَالْأَرْضِينَ وَمَا فِيهِمَا وَفِي الْإِتْيَان بِمِنْ تَغْلِيب الْعُقَلَاء {إنَّا خَلَقْنَاهُمْ} أَيْ أَصْلهمْ آدَم {مِنْ طِين لَازِب} لَازِم يُلْصَق بِالْيَدِ الْمَعْنَى أَنَّ خَلْقهمْ ضَعِيف فَلَا يَتَكَبَّرُوا بِإِنْكَارِ النَّبِيّ وَالْقُرْآن الْمُؤَدِّي إلَى هَلَاكهمْ الْيَسِير
1 -

(1/588)


بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (12)

{بَلْ} لِلِانْتِقَالِ مِنْ غَرَض إلَى آخَر وَهُوَ الْإِخْبَار بِحَالِهِ وَحَالهمْ {عَجِبْت} بِفَتْحِ التَّاء خِطَابًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ مِنْ تكذيبهم إياك {و} هم {يسخرون} من تعجبك
1 -

(1/588)


وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ (13)

{وَإِذَا ذُكِّرُوا} وُعِظُوا بِالْقُرْآنِ {لَا يَذْكُرُونَ} لَا يتعظون
1 -

(1/588)


وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (14)

{وَإِذَا رَأَوْا آيَة} كَانْشِقَاقِ الْقَمَر {يَسْتَسْخِرُونَ} يُسْتَهْزَءُونَ بها
1 -

(1/588)


وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (15)

{وَقَالُوا} فِيهَا {إنْ} مَا {هَذَا إلَّا سِحْر مبين} بين وقالوا منكرين للبعث
1 -

(1/588)


أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (16)

{أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لَمَبْعُوثُونَ} فِي الْهَمْزَتَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ التَّحْقِيق وَتَسْهِيل الثَّانِيَة وَإِدْخَال أَلِف بَيْنهمَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ
1 -

(1/588)


أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (17)

{أَوْ آبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ} بِسُكُونِ الْوَاو عَطْفًا بِأَوْ وَبِفَتْحِهَا وَالْهَمْزَة لِلِاسْتِفْهَامِ وَالْعَطْف بِالْوَاوِ وَالْمَعْطُوف عَلَيْهِ مَحَلّ إنَّ وَاسْمهَا أَوْ الضَّمِير فِي لَمَبْعُوثُونَ وَالْفَاصِل هَمْزَة الِاسْتِفْهَام
1 -

(1/588)


قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ (18)

{قُلْ نَعَمْ} تُبْعَثُونَ {وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ} أَيْ صَاغِرُونَ
1 -

(1/588)


فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ (19)

{فَإِنَّمَا هِيَ} ضَمِير مُبْهَم يُفَسِّرهُ {زَجْرَة} أَيْ صَيْحَة {وَاحِدَة فَإِذَا هُمْ} أَيْ الْخَلَائِق أَحْيَاء {يَنْظُرُونَ} مَا يُفْعَل بِهِمْ
2 -

(1/588)


وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (20)

{وقالوا} أي الكفار {يَا} لِلتَّنْبِيهِ {وَيْلنَا} هَلَاكنَا وَهُوَ مَصْدَر لَا فِعْل لَهُ مِنْ لَفْظه وَتَقُول لَهُمْ الْمَلَائِكَة {هَذَا يَوْم الدِّين} يَوْم الْحِسَاب وَالْجَزَاء
2 -

(1/588)


هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (21)

{هذا يوم الفصل} بين الخلائق {الذي كنتم به تكذبون} ويقال للملائكة

(1/588)


2 -

(1/589)


احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22)

{اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا} أَنْفُسهمْ بِالشِّرْكِ {وَأَزْوَاجهمْ} قُرَنَاءَهُمْ من الشياطين {وما كانوا يعبدون}
2 -

(1/589)


مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23)

{مِنْ دُون اللَّه} أَيْ غَيْره مِنْ الْأَوْثَان {فَاهْدُوهُمْ} دُلُّوهُمْ وَسُوقُوهُمْ {إلَى صِرَاط الْجَحِيم} طَرِيق النار
2 -

(1/589)


وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)

{وَقِفُوهُمْ} احْبِسُوهُمْ عِنْد الصِّرَاط {إنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} عَنْ جَمِيع أَقْوَالهمْ وَأَفْعَالهمْ وَيُقَال لَهُمْ تَوْبِيخًا
2 -

(1/589)


مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (25)

{مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ} لَا يَنْصُر بَعْضكُمْ بَعْضًا كَحَالِكُمْ فِي الدُّنْيَا وَيُقَال لَهُمْ
2 -

(1/589)


بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (26)

{بَلْ هُمُ الْيَوْم مُسْتَسْلِمُونَ} مُنْقَادُونَ أَذِلَّاء
2 -

(1/589)


وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (27)

{وَأَقْبَلَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض يَتَسَاءَلُونَ} يَتَلَاوَمُونَ وَيَتَخَاصَمُونَ
2 -

(1/589)


قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ (28)

{قَالُوا} أَيْ الْأَتْبَاع مِنْهُمْ لِلْمَتْبُوعِينَ {إنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِين} عَنْ الْجِهَة الَّتِي كُنَّا نَأْمَنكُمْ مِنْهَا لِحَلِفِكُمْ أَنَّكُمْ عَلَى الْحَقّ فَصَدَّقْنَاكُمْ وَاتَّبَعْنَاكُمْ الْمَعْنَى أَنَّكُمْ أَضْلَلْتُمُونَا
2 -

(1/589)


قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (29)

{قَالُوا} أَيْ الْمُتَّبِعُونَ لَهُمْ {بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} وَإِنَّمَا يَصْدُق الْإِضْلَال مِنَّا أَنْ لَوْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَرَجَعْتُمْ عَنْ الْإِيمَان إلَيْنَا
3 -

(1/589)


وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ (30)

{وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَان} قُوَّة وَقُدْرَة تَقْهَركُمْ عَلَى مُتَابَعَتنَا {بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ} ضَالِّينَ مِثْلنَا
3 -

(1/589)


فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ (31)

{فَحَقَّ} وَجَبَ {عَلَيْنَا} جَمِيعًا {قَوْل رَبّنَا} بِالْعَذَابِ أَيْ قَوْله {لَأَمْلَأَن جَهَنَّم مِنْ الْجِنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ} {إنَّا} جَمِيعًا {لَذَائِقُونَ} الْعَذَاب بِذَلِكَ الْقَوْل وَنَشَأَ عَنْهُ قَوْلهمْ
3 -

(1/589)


فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ (32)

{فأغويناكم} المعلل بقولهم {إنا كنا غاوين}
3 -

(1/589)


فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (33)

قال تعالى {فَإِنَّهُمْ يَوْمئِذٍ} يَوْم الْقِيَامَة {فِي الْعَذَاب مُشْتَرِكُونَ} أَيْ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي الْغَوَايَة
3 -

(1/589)


إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (34)

{إنَّا كَذَلِكَ} كَمَا نَفْعَل بِهَؤُلَاءِ {نَفْعَل بِالْمُجْرِمِينَ} غَيْر هَؤُلَاءِ أَيْ نُعَذِّبهُمْ التَّابِع مِنْهُمْ وَالْمَتْبُوع
3 -

(1/589)


إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35)

{إنهم} أي هؤلاء بقرينة ما بعده {كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون}
3 -

(1/589)


وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (36)

{ويقولون أئنا} فِي هَمْزَتَيْهِ مَا تَقَدَّمَ {لَتَارِكُوا آلِهَتنَا لِشَاعِرٍ مجنون} أي لأجل محمد
3 -

(1/589)


بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (37)

قال تعالى {بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} الْجَائِينَ بِهِ وَهُوَ أَنْ لَا إلَه إلَّا اللَّه

(1/589)


3 -

(1/590)


إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ (38)

{إنكم} فيه التفات {لذائقوا العذاب الأليم}
3 -

(1/590)


وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (39)

{وَمَا تُجْزَوْنَ إلَّا} جَزَاء {مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}
4 -

(1/590)


إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (40)

{إلَّا عِبَاد اللَّه الْمُخْلَصِينَ} أَيْ الْمُؤْمِنِينَ اسْتِثْنَاء منقطع أي ذكر جزاؤهم في قوله
4 -

(1/590)


أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (41)

{أُولَئِكَ لَهُمْ} فِي الْجَنَّة {رِزْق مَعْلُوم} بُكْرَة وعشيا
4 -

(1/590)


فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (42)

{فَوَاكِه} بَدَل أَوْ بَيَان لِلرِّزْقِ وَهُوَ مَا يُؤْكَل تَلَذُّذًا لَا لِحِفْظِ صِحَّة لِأَنَّ أَهْل الْجَنَّة مُسْتَغْنَوْنَ عَنْ حِفْظهَا بِخَلْقِ أَجْسَامهمْ لِلْأَبَدِ {وهم مكرمون} بثواب الله سبحانه وتعالى
4 -

(1/590)


فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (43)

{في جنات النعيم}
4 -

(1/590)


عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (44)

{عَلَى سُرَر مُتَقَابِلِينَ} لَا يَرَى بَعْضهمْ قَفَا بعض
4 -

(1/590)


يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (45)

{يُطَاف عَلَيْهِمْ} عَلَى كُلّ مِنْهُمْ {بِكَأْسٍ} هُوَ الْإِنَاء بِشَرَابِهِ {مِنْ مَعِين} مِنْ خَمْر يَجْرِي عَلَى وَجْه الْأَرْض كَأَنْهَارِ الْمَاء
4 -

(1/590)


بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (46)

{بَيْضَاء} أَشَدّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَن {لَذَّة} لَذِيذَة {لِلشَّارِبِينَ} بِخِلَافِ خَمْر الدُّنْيَا فَإِنَّهَا كَرِيهَة عِنْد الشرب
4 -

(1/590)


لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ (47)

{لَا فِيهَا غَوْل} مَا يَغْتَال عُقُولهمْ {وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} بِفَتْحِ الزَّاي وَكَسْرهَا مِنْ نَزَفَ الشَّارِب وَأَنْزَفَ أَيْ يَسْكَرُونَ بِخِلَافِ خَمْر الدنيا
4 -

(1/590)


وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48)

{وَعِنْدهمْ قَاصِرَات الطَّرْف} حَابِسَات الْأَعْيُن عَلَى أَزْوَاجهنَّ لَا يَنْظُرْنَ إلَى غَيْرهمْ لِحُسْنِهِمْ عِنْدهنَّ {عِين} ضِخَام الْأَعْيُن حِسَانهَا
4 -

(1/590)


كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (49)

{كَأَنَّهُنَّ} فِي اللَّوْن {بِيض} لِلنَّعَامِ {مَكْنُون} مَسْتُور بِرِيشِهِ لَا يَصِل إلَيْهِ غُبَار وَلَوْنه وَهُوَ الْبَيَاض فِي صُفْرَة أَحْسَن أَلْوَان النِّسَاء
5 -

(1/590)


فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50)

{فَأَقْبَلَ بَعْضهمْ} بَعْض أَهْل الْجَنَّة {عَلَى بَعْض يَتَسَاءَلُونَ} عَمَّا مَرَّ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا
5 -

(1/590)


قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51)

{قَالَ قَائِل مِنْهُمْ إنِّي كَانَ لِي قَرِين} صاحب ينكر البعث
5 -

(1/590)


يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52)

{يقول} لي تبكيتا {أئنك لمن المصدقين} بالبعث
5 -

(1/590)


أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (53)

{أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا} فِي الْهَمْزَتَيْنِ فِي الثَّلَاثَة مَوَاضِع مَا تَقَدَّمَ {لَمَدِينُونَ} مَجْزِيُّونَ وَمُحَاسَبُونَ أَنْكَرَ ذَلِكَ أَيْضًا

(1/590)


5 -

(1/591)


قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54)

{قَالَ} ذَلِكَ الْقَائِل لِإِخْوَانِهِ {هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ} مَعِي إلَى النَّار لِنَنْظُر حَاله فَيَقُولُونَ لَا
5 -

(1/591)


فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55)

{فَاطَّلَعَ} ذَلِكَ الْقَائِل مِنْ بَعْض كُوَى الْجَنَّة {فَرَآهُ} أَيْ رَأَى قَرِينه {فِي سَوَاء الْجَحِيم} فِي وَسَط النَّار
5 -

(1/591)


قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56)

{قَالَ} لَهُ تَشْمِيتًا {تَاللَّهِ إنْ} مُخَفَّفَة مِنْ الثقيلة {كدت} قاربت {لتردين} لتهلكني بإغوائك
5 -

(1/591)


وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57)

{وَلَوْلَا نِعْمَة رَبِّي} عَلَيَّ بِالْإِيمَانِ {لَكُنْت مِنَ الْمُحْضَرِينَ} مَعَك فِي النَّار وَتَقُول أَهْل الْجَنَّة
5 -

(1/591)


أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58)

{أفما نحن بميتين}
5 -

(1/591)


إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59)

{إلَّا مَوْتَتنَا الْأُولَى} أَيْ الَّتِي فِي الدُّنْيَا {وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} هُوَ اسْتِفْهَام تَلَذُّذ وَتَحَدُّث بِنِعْمَةِ اللَّه تَعَالَى مِنْ تَأْبِيد الْحَيَاة وَعَدَم التعذيب
6 -

(1/591)


إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60)

{إن هذا} الذي ذكرت لأهل الجنة {لهو الفوز العظيم}
6 -

(1/591)


لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61)

{لمثل هذا فليعمل العاملون} قيل يقال لَهُمْ ذَلِكَ وَقِيلَ هُمْ يَقُولُونَهُ
6 -

(1/591)


أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62)

{أَذَلِكَ} الْمَذْكُور لَهُمْ {خَيْر نُزُلًا} وَهُوَ مَا يُعَدّ لِلنَّازِلِ مِنْ ضَيْف وَغَيْره {أَمْ شَجَرَة الزَّقُّوم} الْمُعَدَّة لِأَهْلِ النَّار وَهِيَ مِنْ أَخْبَث الشَّجَر الْمُرّ بِتُهَامَة يُنْبِتهَا اللَّه فِي الْجَحِيم كما سيأتي
6 -

(1/591)


إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63)

{إنَّا جَعَلْنَاهَا} بِذَلِكَ {فِتْنَة لِلظَّالِمِينَ} أَيْ الْكَافِرِينَ مِنْ أَهْل مَكَّة إذْ قَالُوا النَّار تُحْرِق الشَّجَر فَكَيْفَ تُنْبِتهُ
6 -

(1/591)


إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64)

{إنَّهَا شَجَرَة تَخْرُج فِي أَصْل الْجَحِيم} أَيْ قَعْر جَهَنَّم وَأَغْصَانهَا تَرْتَفِع إلَى دَرَكَاتهَا
6 -

(1/591)


طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65)

{طلعها} المشبه بطلع النخل {كأنه رؤوس الشَّيَاطِين} الْحَيَّات الْقَبِيحَة الْمَنْظَر
6 -

(1/591)


فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66)

{فَإِنَّهُمْ} أَيْ الْكُفَّار {لَآكِلُونَ مِنْهَا} مَعَ قُبْحهَا لشدة جوعهم {فمالئون منها البطون}
6 -

(1/591)


ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ (67)

{ثُمَّ إنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيم} أَيْ مَاء حَارّ يَشْرَبُونَهُ فَيَخْتَلِط بِالْمَأْكُولِ مِنْهَا فَيَصِير شَوْبًا لَهُ
6 -

(1/591)


ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (68)

{ثُمَّ إنَّ مَرْجِعهمْ لَإِلَى الْجَحِيم} يُفِيد أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْهَا لِشُرْبِ الْحَمِيم وَأَنَّهُ خَارِجهَا
6 -

(1/591)


إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69)

{إنهم ألفوا} وجدوا {آباءهم ضالين}
7 -

(1/591)


فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70)

{فَهُمْ عَلَى آثَارهمْ يُهْرَعُونَ} يُزْعَجُونَ إلَى اتِّبَاعهمْ فيسرعون إليه
7 -

(1/591)


وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (71)

{وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلهمْ أَكْثَر الْأَوَّلِينَ} مِنْ الْأُمَم الماضية
7 -

(1/591)


وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ (72)

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ} مِنْ الرُّسُل مُخَوِّفِينَ

(1/591)


7 -

(1/592)


فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73)

{فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُنْذَرِينَ} الْكَافِرِينَ أَيْ عاقبتهم العذاب
7 -

(1/592)


إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (74)

{إلَّا عِبَاد اللَّه الْمُخْلَصِينَ} أَيْ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُمْ نَجَوْا مِنْ الْعَذَاب لِإِخْلَاصِهِمْ فِي الْعِبَادَة أَوْ لِأَنَّ اللَّه أَخْلَصَهُمْ لَهَا عَلَى قِرَاءَة فَتْح اللام
7 -

(1/592)


وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75)

{وَلَقَدْ نَادَانَا نُوح} بِقَوْلِهِ رَبّ إنِّي مَغْلُوب فَانْتَصِرْ {فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ} لَهُ نَحْنُ أَيْ دَعَانَا عَلَى قَوْمه فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِالْغَرَقِ
7 -

(1/592)


وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76)

{وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْله مِنَ الْكَرْب الْعَظِيم} أَيْ الْغَرَق
7 -

(1/592)


وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (77)

{وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّته هُمُ الْبَاقِينَ} فَالنَّاس كُلّهمْ مِنْ نَسْله عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ لَهُ ثَلَاثَة أَوْلَاد سَام وَهُوَ أَبُو الْعَرَب وَالْفُرْس وَالرُّوم وَحَام وَهُوَ أَبُو السُّودَان ويافث وَهُوَ أَبُو التُّرْك وَالْخَزْر وَيَأْجُوج وَمَأْجُوج وَمَا هُنَالِكَ
7 -

(1/592)


وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (78)

{وَتَرَكْنَا} أَبْقَيْنَا {عَلَيْهِ} ثَنَاء حَسَنًا {فِي الْآخِرِينَ} مِنْ الْأَنْبِيَاء وَالْأُمَم إلَى يَوْم الْقِيَامَة
7 -

(1/592)


سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79)

{سلام} منا {على نوح في العالمين}
8 -

(1/592)


إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (80)

{إنا كذلك} كما جزيناهم {نجزي المحسنين}
8 -

(1/592)


إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (81)

{إنه من عبادنا المؤمنين}
8 -

(1/592)


ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (82)

{ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ} كُفَّار قَوْمه
8 -

(1/592)


وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (83)

{وَإِنَّ مِنْ شِيعَته} أَيْ مِمَّنْ تَابَعَهُ فِي أَصْل الدِّين {لِإِبْرَاهِيم} وَإِنْ طَالَ الزَّمَان بَيْنهمَا وَهُوَ أَلْفَانِ وَسِتّمِائَةِ وَأَرْبَعُونَ سَنَة وَكَانَ بَيْنهمَا هود وصالح
8 -

(1/592)


إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84)

{إذْ جَاءَ رَبّه} أَيْ تَابَعَهُ وَقْت مَجِيئِهِ {بِقَلْبٍ سَلِيم} مِنْ الشَّكّ وَغَيْره
8 -

(1/592)


إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (85)

{إذْ قَالَ} فِي هَذِهِ الْحَالَة الْمُسْتَمِرَّة لَهُ {لأبيه وقومه} موبخا {ماذا} ما الذي {تعبدون}
8 -

(1/592)


أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (86)

{أئفكا} فِي هَمْزَتَيْهِ مَا تَقَدَّمَ {آلِهَة دُون اللَّه تُرِيدُونَ} وَإِفْكًا مَفْعُول لَهُ وَآلِهَة مَفْعُول بِهِ لتُرِيدُونَ وَالْإِفْك أَسْوَأ الْكَذِب أَيْ أَتَعْبُدُونَ غَيْر الله
8 -

(1/592)


فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87)

{فَمَا ظَنّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} إذْ عَبَدْتُمْ غَيْره أَنَّهُ يَتْرُككُمْ بِلَا عِقَاب لَا وَكَانُوا نَجَّامِينَ فَخَرَجُوا إلَى عِيد لَهُمْ وَتَرَكُوا طَعَامهمْ عِنْد أَصْنَامهمْ زَعَمُوا التَّبَرُّك عَلَيْهِ فَإِذَا رَجَعُوا أَكَلُوهُ وَقَالُوا لِلسَّيِّدِ إبْرَاهِيم اُخْرُجْ مَعَنَا

(1/592)


8 -

(1/593)


فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88)

{فَنَظَرَ نَظْرَة فِي النُّجُوم} إيهَامًا لَهُمْ أَنَّهُ يَعْتَمِد عَلَيْهَا لِيَعْتَمِدُوهُ
8 -

(1/593)


فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89)

{فَقَالَ إنِّي سَقِيم} عَلِيل أَيْ سَأَسْقَمُ
9 -

(1/593)


فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (90)

{فَتَوَلَّوْا عنه} إلى عيدهم {مدبرين}
9 -

(1/593)


فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (91)

{فَرَاغَ} مَالَ فِي خُفْيَة {إلَى آلِهَتهمْ} وَهِيَ الْأَصْنَام وَعِنْدهَا الطَّعَام {فَقَالَ} اسْتِهْزَاء {أَلَا تَأْكُلُونَ} فلم ينطقوا
9 -

(1/593)


مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ (92)

فَقَالَ {مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ} فَلَمْ يُجَبْ
9 -

(1/593)


فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ (93)

{فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ بِالْقُوَّةِ فَكَسَرَهَا فَبَلَغَ قَوْمه مِمَّنْ رَآهُ
9 -

(1/593)


فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (94)

{فَأَقْبَلُوا إلَيْهِ يَزِفُّونَ} أَيْ يُسْرِعُونَ الْمَشْي فَقَالُوا لَهُ نَحْنُ نَعْبُدهَا وَأَنْت تَكْسِرهَا
9 -

(1/593)


قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95)

{قَالَ} لَهُمْ مُوَبِّخًا {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} مِنْ الْحِجَارَة وَغَيْرهَا أَصْنَامًا
9 -

(1/593)


وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)

{وَاَللَّه خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} مِنْ نَحْتكُمْ وَمَنْحُوتكُمْ فَاعْبُدُوهُ وَحْده وَمَا مَصْدَرِيَّة وَقِيلَ مَوْصُولَة وَقِيلَ موصوفة
9 -

(1/593)


قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97)

{قالوا} بينهم {ابنوا له بنيانا} فاملأوه حَطَبًا وَأَضْرِمُوهُ بِالنَّارِ فَإِذَا الْتَهَبَ {فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيم} النَّار الشَّدِيدَة
9 -

(1/593)


فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98)

{فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا} بِإِلْقَائِهِ فِي النَّار لِتُهْلِكهُ {فَجَعَلْنَاهُمْ الْأَسْفَلِينَ} الْمَقْهُورِينَ فَخَرَجَ مِنْ النَّار سَالِمًا
9 -

(1/593)


وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99)

{وَقَالَ إنِّي ذَاهِب إلَى رَبِّي} مُهَاجِر إلَيْهِ من دار الكفر {سيهدين} إلَى حَيْثُ أَمَرَنِي رَبِّي بِالْمَصِيرِ إلَيْهِ وَهُوَ الشَّام فَلَمَّا وَصَلَ إلَى الْأَرْض الْمُقَدَّسَة قَالَ
10 -

(1/593)


رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100)

{رَبّ هَبْ لِي} وَلَدًا {مِنَ الصَّالِحِينَ}
10 -

(1/593)


فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101)

{فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيم} أَيْ ذِي حِلْم كَثِير
10 -

(1/593)


فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)

{فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْي} أَيْ أَنْ يَسْعَى مَعَهُ وَيُعِينهُ قِيلَ بَلَغَ سَبْع سِنِينَ وَقِيلَ ثَلَاث عَشْرَة سَنَة {قَالَ يَا بُنَيّ إنِّي أَرَى} أَيْ رَأَيْت {فِي الْمَنَام أَنِّي أَذْبَحك} وَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاء حَقّ وَأَفْعَالهمْ بِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى {فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} مِنْ الرَّأْي شَاوَرَهُ لِيَأْنَس بِالذَّبْحِ وَيَنْقَاد لِلْأَمْرِ بِهِ {قَالَ يَا أَبَتِ} التَّاء عِوَض عَنْ يَاء الْإِضَافَة {افْعَلْ مَا تُؤْمَر} بِهِ {سَتَجِدُنِي إنْ شَاءَ اللَّه مِنَ الصَّابِرِينَ} عَلَى ذَلِكَ

(1/593)


10 -

(1/594)


فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103)

{فَلَمَّا أَسْلَمَا} خَضَعَا وَانْقَادَا لِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} صَرَعَهُ عَلَيْهِ وَلِكُلِّ إنْسَان جَبِينَانِ بَيْنهمَا الْجَبْهَة وَكَانَ ذَلِكَ بِمِنًى وَأَمَرَّ السِّكِّين عَلَى حَلْقه فَلَمْ تَعْمَل شَيْئًا بِمَانِعٍ مِنْ القدرة الإلهية
10 -

(1/594)


وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104)

{وناديناه أن يا إبراهيم}
10 -

(1/594)


قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105)

{قَدْ صَدَّقْت الرُّؤْيَا} بِمَا أَتَيْت بِهِ مِمَّا أَمْكَنَك مِنْ أَمْر الذَّبْح أَيْ يَكْفِيك ذَلِكَ فَجُمْلَة نَادَيْنَاهُ جَوَاب لِمَا بِزِيَادَةِ الْوَاو {إنَّا كَذَلِكَ} كَمَا جَزَيْنَاك {نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} لِأَنْفُسِهِمْ بِامْتِثَالِ الْأَمْر بِإِفْرَاجِ الشِّدَّة عَنْهُمْ
10 -

(1/594)


إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106)

{إنَّ هَذَا} الذَّبْح الْمَأْمُور بِهِ {لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِين} أَيْ الِاخْتِبَار الظَّاهِر
10 -

(1/594)


وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)

{وَفَدَيْنَاهُ} أَيْ الْمَأْمُور بِذَبْحِهِ وَهُوَ إسْمَاعِيل أَوْ إسْحَاق قَوْلَانِ {بِذِبْحٍ} بِكَبْشٍ {عَظِيم} مِنْ الْجَنَّة وَهُوَ الَّذِي قَرَّبَهُ هَابِيل جَاءَ بِهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَذَبَحَهُ السَّيِّد إبْرَاهِيم مُكَبِّرًا
10 -

(1/594)


وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108)

{وَتَرَكْنَا} أَبْقَيْنَا {عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ} ثَنَاء حَسَنًا
10 -

(1/594)


سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109)

{سلام} منا {على إبراهيم}
11 -

(1/594)


كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110)

{كذلك} كما جزيناه {نجزي المحسنين} لأنفسهم
11 -

(1/594)


إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111)

{إنه من عبادنا المؤمنين}
11 -

(1/594)


وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112)

{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ} اُسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الذَّبِيح غَيْره {نَبِيًّا} حَال مُقَدَّرَة أَيْ يُوجَد مُقَدَّرًا نبوته {من الصالحين}
11 -

(1/594)


وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (113)

{وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ} بِتَكْثِيرِ ذُرِّيَّته {وَعَلَى إسْحَاق} وَلَده بِجَعْلِنَا أَكْثَر الْأَنْبِيَاء مِنْ نَسْله {وَمِنْ ذُرِّيَّتهمَا مُحْسِن} مُؤْمِن {وَظَالِم لِنَفْسِهِ} كَافِر {مُبِين} بَيِّن الْكُفْر
11 -

(1/594)


وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (114)

{وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ} بِالنُّبُوَّةِ
11 -

(1/594)


وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (115)

{وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمهمَا} بَنِي إسْرَائِيل {مِنَ الْكَرْب الْعَظِيم} أَيْ استعباد فرعون إياهم
11 -

(1/594)


وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (116)

{ونصرناهم} على القبط {فكانوا هم الغالبين}
11 -

(1/594)


وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (117)

{وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَاب الْمُسْتَبِين} الْبَلِيغ الْبَيَان فِيمَا أَتَى بِهِ مِنْ الْحُدُود وَالْأَحْكَام وَغَيْرهَا وَهُوَ التَّوْرَاة
11 -

(1/594)


وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (118)

{وهديناهما الصراط} الطريق {المستقيم}
11 -

(1/594)


وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ (119)

{وَتَرَكْنَا} أَبْقَيْنَا {عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ} ثَنَاء حَسَنًا
12 -

(1/594)


سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (120)

{سلام} منا {على موسى} وهارون
12 -

(1/594)


إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (121)

{إنا كذلك} كما جزيناهما {نجزي المحسنين}
12 -

(1/594)


إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (122)

{إنهما من عبادنا المؤمنين}
12 -

(1/594)


وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123)

{وَإِنَّ إلْيَاس} بِالْهَمْزَةِ أَوَّله وَتَرَكَهُ {لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} قيل هو بن أَخِي هَارُونَ أَخِي مُوسَى وَقِيلَ غَيْره أُرْسِلَ إلَى قَوْم بِبَعْلَبَكّ وَنَوَاحِيهَا

(1/594)


12 -

(1/595)


إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124)

{إذْ} مَنْصُوب بِاُذْكُرْ مُقَدَّرًا {قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تتقون} الله
12 -

(1/595)


أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125)

{أَتَدْعُونَ بَعْلًا} اسْم صَنَم لَهُمْ مِنْ ذَهَب وَبِهِ سُمِّيَ الْبَلَد أَيْضًا مُضَافًا إلَى بَكّ أَيْ أَتَعْبُدُونَهُ {وَتَذَرُونَ} تَتْرُكُونَ {أَحْسَن الْخَالِقِينَ} فَلَا تعبدونه
12 -

(1/595)


اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126)

{اللَّه رَبّكُمْ وَرَبّ آبَائِكُمْ الْأَوَّلِينَ} بِرَفْعِ الثَّلَاثَة عَلَى إضْمَار هُوَ وَبِنَصْبِهَا عَلَى الْبَدَل مِنْ أحسن
12 -

(1/595)


فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127)

{فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} فِي النَّار
12 -

(1/595)


إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128)

{إلَّا عِبَاد اللَّه الْمُخْلَصِينَ} أَيْ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ نَجَوْا مِنْهَا
12 -

(1/595)


وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129)

{وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ} ثَنَاء حَسَنًا
13 -

(1/595)


سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130)

{سَلَام} مِنَّا {عَلَى إلْ يَاسِين} قِيلَ هُوَ إلْيَاس الْمُتَقَدِّم ذِكْره وَقِيلَ هُوَ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ فَجَمَعُوا مَعَهُ تَغْلِيبًا كَقَوْلِهِمْ لِلْمُهَلِّبِ وَقَوْمه الْمُهَلِّبُونَ وَعَلَى قِرَاءَة آل يَاسِين بِالْمَدِّ أَيْ أَهْله الْمُرَاد بِهِ إلْيَاس أَيْضًا
13 -

(1/595)


إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131)

{إنا كذلك} كما جزيناه {نجزي المحسنين}
13 -

(1/595)


إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (132)

{إنه من عبادنا المؤمنين}
13 -

(1/595)


وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (133)

{وإن لوطا لمن المرسلين}
13 -

(1/595)


إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (134)

اذكر {إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ}
13 -

(1/595)


إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (135)

{إلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} أَيْ الْبَاقِينَ فِي الْعَذَاب
13 -

(1/595)


ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (136)

{ثُمَّ دَمَّرْنَا} أَهْلَكْنَا {الْآخَرِينَ} كُفَّار قَوْمه
13 -

(1/595)


وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137)

{وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ} عَلَى آثَارهمْ وَمَنَازِلهمْ فِي أَسْفَاركُمْ {مُصْبِحِينَ} أَيْ وَقْت الصَّبَاح يَعْنِي بِالنَّهَارِ
13 -

(1/595)


وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (138)

{وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} يَا أَهْل مَكَّة مَا حل بهم فتعتبرون به
13 -

(1/595)


وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139)

{وإن يونس لمن المرسلين}
14 -

(1/595)


إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140)

{إذْ أَبَقَ} هَرَبَ {إلَى الْفُلْك الْمَشْحُون} السَّفِينَة الْمَمْلُوءَة حِين غَاضَبَ قَوْمه لَمَّا لَمْ يَنْزِل بِهِمْ الْعَذَاب الَّذِي وَعَدَهُمْ بِهِ فَرَكِبَ السَّفِينَة فَوَقَفَتْ فِي لُجَّة الْبَحْر فَقَالَ الْمَلَّاحُونَ هُنَا عَبْد أَبَقَ مِنْ سَيِّده تُظْهِرهُ الْقُرْعَة
14 -

(1/595)


فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141)

{فَسَاهَمَ} قَارَعَ أَهْل السَّفِينَة {فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} الْمَغْلُوبِينَ بِالْقُرْعَةِ فَأَلْقَوْهُ فِي الْبَحْر
14 -

(1/595)


فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142)

{فَالْتَقَمَهُ الْحُوت} ابْتَلَعَهُ {وَهُوَ مُلِيم} أَيْ آتٍ بِمَا يُلَام عَلَيْهِ مِنْ ذَهَابه إلَى الْبَحْر وَرُكُوبه السَّفِينَة بِلَا إذْن مِنْ رَبّه
14 -

(1/595)


فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143)

{فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} الذَّاكِرِينَ بِقَوْلِهِ كَثِيرًا فِي بَطْن الْحُوت لَا إلَه إلَّا أَنْتَ سُبْحَانك إنِّي كُنْت مِنَ الظَّالِمِينَ

(1/595)


14 -

(1/596)


لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)

{لَلَبِثَ فِي بَطْنه إلَى يَوْم يُبْعَثُونَ} لَصَارَ بَطْن الْحُوت قَبْرًا لَهُ إلَى يَوْم الْقِيَامَة
14 -

(1/596)


فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145)

{فَنَبَذْنَاهُ} أَيْ أَلْقَيْنَاهُ مِنْ بَطْن الْحُوت {بِالْعَرَاءِ} بِوَجْهِ الْأَرْض أَيْ بِالسَّاحِلِ مِنْ يَوْمه أَوْ بَعْد ثَلَاثَة أَوْ سَبْعَة أَيَّام أَوْ عِشْرِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا {وَهُوَ سَقِيم} عَلِيل كَالْفَرْخِ الممعط
14 -

(1/596)


وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146)

{وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَة مِنْ يَقْطِين} وَهِيَ الْقَرْع تُظِلّهُ بِسَاقٍ عَلَى خِلَاف الْعَادَة فِي الْقَرْع مُعْجِزَة لَهُ وَكَانَتْ تَأْتِيه وَعِلَّة صَبَاحًا وَمَسَاء يَشْرَب مِنْ لَبَنهَا حَتَّى قَوِيَ
14 -

(1/596)


وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147)

{وَأَرْسَلْنَاهُ} بَعْد ذَلِكَ كَقَبْلِهِ إلَى قَوْم بِنِينَوَى مِنْ أَرْض الْمُوصِل {إلَى مِائَة أَلْف أَوْ} بَلْ {يَزِيدُونَ} عِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ أَوْ سَبْعِينَ ألفا
14 -

(1/596)


فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (148)

{فَآمَنُوا} عِنْد مُعَايَنَة الْعَذَاب الْمَوْعُودِينَ بِهِ {فَمَتَّعْنَاهُمْ} أبقيناهم ممتعين بما لهم {إلى حين} تَنْقَضِي آجَالهمْ فِيهِ
14 -

(1/596)


فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149)

{فَاسْتَفْتِهِمْ} اسْتَخْبِرْ كُفَّار مَكَّة تَوْبِيخًا لَهُمْ {أَلِرَبِّك الْبَنَات} بِزَعْمِهِمْ أَنَّ الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه {وَلَهُمْ الْبَنُونَ} فَيَخْتَصُّونَ بِالْأَسْنَى
15 -

(1/596)


أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (150)

{أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون} خلقنا فَيَقُولُونَ ذَلِكَ
15 -

(1/596)


أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151)

{ألا إنهم من أفكهم} كذبهم {ليقولون}
15 -

(1/596)


وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (152)

{وَلَدَ اللَّه} بِقَوْلِهِمْ الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه {وَإِنَّهُمْ لكاذبون} فيه
15 -

(1/596)


أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (153)

{أَصْطَفَى} بِفَتْحِ الْهَمْزَة لِلِاسْتِفْهَامِ وَاسْتُغْنِيَ بِهَا عَنْ هَمْزَة الْوَصْل فَحُذِفَتْ أَيْ أَخْتَار {الْبَنَات عَلَى البنين}
15 -

(1/596)


مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154)

{مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} هَذَا الْحُكْم الْفَاسِد
15 -

(1/596)


أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (155)

{أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} بِإِدْغَامِ التَّاء فِي الذَّال أَنَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى مُنَزَّه عَنْ الْوَلَد
15 -

(1/596)


أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ (156)

{أَمْ لَكُمْ سُلْطَان مُبِين} حُجَّة وَاضِحَة أَنَّ لله ولدا
15 -

(1/596)


فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (157)

{فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ} التَّوْرَاة فَأَرُونِي ذَلِكَ فِيهِ {إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} فِي قَوْلكُمْ ذَلِكَ
15 -

(1/596)


وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158)

{وَجَعَلُوا} أَيْ الْمُشْرِكُونَ {بَيْنه} تَعَالَى {وَبَيْن الْجِنَّة} أَيْ الْمَلَائِكَة لِاجْتِنَانِهِمْ عَنْ الْأَبْصَار {نَسَبًا} بِقَوْلِهِمْ إنَّهَا بَنَات اللَّه {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّة إنَّهُمْ} أَيْ قَائِلِي ذَلِكَ {لَمُحْضَرُونَ} لِلنَّارِ يُعَذَّبُونَ فِيهَا
15 -

(1/596)


سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159)

{سُبْحَان اللَّه} تَنْزِيهًا لَهُ {عَمَّا يَصِفُونَ} بِأَنَّ لله ولدا
16 -

(1/596)


إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (160)

{إلَّا عِبَاد اللَّه الْمُخْلَصِينَ} أَيْ الْمُؤْمِنِينَ اسْتِثْنَاء مُنْقَطِع أَيْ فَإِنَّهُمْ يُنَزِّهُونَ اللَّه تَعَالَى عَمَّا يصفه هؤلاء

(1/596)


16 -

(1/597)


فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (161)

{فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ} مِنْ الْأَصْنَام
16 -

(1/597)


مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162)

{مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} أَيْ عَلَى مَعْبُودكُمْ وَعَلَيْهِ مُتَعَلِّق بِقَوْلِهِ {بِفَاتِنِينَ} أَيْ أَحَدًا
16 -

(1/597)


إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (163)

{إلا من هو صال الجحيم} فِي عِلْم اللَّه تَعَالَى
16 -

(1/597)


وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (164)

قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم {وَمَا مِنَّا} مَعْشَر الْمَلَائِكَة أَحَد {إلَّا لَهُ مَقَام مَعْلُوم} فِي السَّمَاوَات يَعْبُد اللَّه فِيهِ لَا يَتَجَاوَزهُ
16 -

(1/597)


وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165)

{وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} أَقْدَامنَا فِي الصَّلَاة
16 -

(1/597)


وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (166)

{وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} الْمُنَزِّهُونَ اللَّه عَمَّا لَا يَلِيق به
16 -

(1/597)


وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (167)

{وَإِنْ} مُخَفَّفَة مِنْ الثَّقِيلَة {كَانُوا} أَيْ كُفَّار مكة {ليقولون}
16 -

(1/597)


لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ (168)

{لَوْ أَنَّ عِنْدنَا ذِكْرًا} كِتَابًا {مِنَ الْأَوَّلِينَ} أَيْ مِنْ كُتُب الْأُمَم الْمَاضِيَة
16 -

(1/597)


لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (169)

{لكنا عباد الله المخلصين} العبادة له
17 -

(1/597)


فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (170)

قال تعالى {فَكَفَرُوا بِهِ} بِالْكِتَابِ الَّذِي جَاءَهُمْ وَهُوَ الْقُرْآن الْأَشْرَف مِنْ تِلْكَ الْكُتُب {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} عَاقِبَة كفرهم
17 -

(1/597)


وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171)

{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتنَا} بِالنَّصْرِ {لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} وَهِيَ لَأَغْلِبَن أَنَا وَرُسُلِي
17 -

(1/597)


إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172)

أو هي قوله {إنهم لهم المنصورون}
17 -

(1/597)


وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)

{وَإِنَّ جُنْدنَا} أَيْ الْمُؤْمِنِينَ {لَهُمُ الْغَالِبُونَ} الْكُفَّار بِالْحُجَّةِ وَالنُّصْرَة عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا وَإِنْ لَمْ يَنْتَصِر بَعْض مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا فَفِي الْآخِرَة
17 -

(1/597)


فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174)

{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} أَيْ أَعْرِضْ عَنْ كُفَّار مَكَّة {حَتَّى حِين} تُؤْمَر فِيهِ بِقِتَالِهِمْ
17 -

(1/597)


وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175)

{وَأَبْصِرْهُمْ} إذْ نَزَلَ بِهِمْ الْعَذَاب {فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} عاقبة كفرهم
17 -

(1/597)


أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176)

{فَقَالُوا اسْتِهْزَاء مَتَى نُزُول هَذَا الْعَذَاب قَالَ تَعَالَى تَهْدِيدًا لَهُمْ {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ}
17 -

(1/597)


فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (177)

{فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ} بِفِنَائِهِمْ قَالَ الْفَرَّاء الْعَرَب تَكْتَفِي بِذِكْرِ السَّاحَة عَنْ الْقَوْم {فَسَاءَ} بِئْسَ صَبَاحًا {صَبَاح الْمُنْذَرِينَ} فِيهِ إقَامَة الظَّاهِر مَقَام المضمر
17 -

(1/597)


وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178)

{وتول عنهم حتى حين}
17 -

(1/597)


وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179)

{وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} كُرِّرَ تَأْكِيدًا لِتَهْدِيدِهِمْ وَتَسْلِيَة لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
18 -

(1/597)


سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180)

{سُبْحَان رَبّك رَبّ الْعِزَّة} الْغَلَبَة {عَمَّا يَصِفُونَ} بِأَنَّ لَهُ وَلَدًا
18 -

(1/597)


وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181)

{وَسَلَام عَلَى الْمُرْسَلِينَ} الْمُبَلِّغِينَ عَنْ اللَّه التَّوْحِيد والشرائع
18 -

(1/597)


وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)

{وَالْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ} عَلَى نَصْرهمْ وَهَلَاك الْكَافِرِينَ