تفسير الجلالين = 69 سُورَة الْحَاقَّة
مَكِّيَّة وَآيَاتهَا اثْنَتَانِ وَخَمْسُونَ آيَة بسم الله
الرحمن الرحيم
(1/761)
الْحَاقَّةُ (1)
{الْحَاقَّة} الْقِيَامَة الَّتِي يَحِقّ
فِيهَا مَا أُنْكِرَ مِنْ الْبَعْث وَالْحِسَاب وَالْجَزَاء
أَوْ الْمُظْهِرَة لِذَلِكَ
(1/761)
مَا الْحَاقَّةُ (2)
{مَا الْحَاقَّة} تَعْظِيم لِشَأْنِهَا
وَهُوَ مُبْتَدَأ وَخَبَر الحاقة
(1/761)
وَمَا أَدْرَاكَ مَا
الْحَاقَّةُ (3)
{وَمَا أَدْرَاك} أَعْلَمَك {مَا
الْحَاقَّة} زِيَادَة تَعْظِيم لِشَأْنِهَا فَمَا الْأُولَى
مُبْتَدَأ وَمَا بَعْدهَا خَبَره وَمَا الثَّانِيَة وَخَبَرهَا
فِي مَحَلّ الْمَفْعُول الثَّانِي لأدرى
(1/761)
كَذَّبَتْ ثَمُودُ
وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (4)
{كَذَّبَتْ ثَمُود وَعَاد بِالْقَارِعَةِ}
الْقِيَامَة لِأَنَّهَا تَقْرَع القلوب بأهوالها
(1/761)
فَأَمَّا ثَمُودُ
فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5)
{فَأَمَّا ثَمُود فَأُهْلِكُوا
بِالطَّاغِيَةِ} بِالصَّيْحَةِ الْمُجَاوِزَة لِلْحَدِّ في
الشدة
(1/761)
وَأَمَّا عَادٌ
فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6)
{وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر} شديد الصوت
{عَاتِيَة} قَوِيَّة شَدِيدَة عَلَى عَادٍ مَعَ قُوَّتهمْ
وشدتهم
(1/762)
سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ
سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى
الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ
خَاوِيَةٍ (7)
{سَخَّرَهَا} أَرْسَلَهَا بِالْقَهْرِ
{عَلَيْهِمْ سَبْع لَيَالٍ وَثَمَانِيَة أَيَّام} أَوَّلهَا
مِنْ صُبْح يَوْم الْأَرْبِعَاء لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ
شَوَّال وَكَانَتْ فِي عَجُز الشِّتَاء {حُسُومًا}
مُتَتَابِعَات شُبِّهَتْ بِتَتَابُعِ فِعْل الْحَاسِم فِي
إعَادَة الْكَيّ عَلَى الدَّاء كَرَّة بَعْد أُخْرَى حَتَّى
يَنْحَسِم {فَتَرَى الْقَوْم فِيهَا صَرْعَى} مَطْرُوحِينَ
هَالِكِينَ {كَأَنَّهُمْ أَعْجَاز} أُصُول {نَخْل خَاوِيَة}
سَاقِطَة فارغة
(1/762)
فَهَلْ تَرَى لَهُمْ
مِنْ بَاقِيَةٍ (8)
{فهل ترى لهم من باقية} صفة نفس مقدرة أو
التاء للمبالغة أي باق لا
(1/762)
وَجَاءَ فِرْعَوْنُ
وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (9)
{وَجَاءَ فِرْعَوْن وَمَنْ قَبَله}
أَتْبَاعه وَفِي قِرَاءَة بِفَتْحِ الْقَاف وَسُكُون الْبَاء
أَيْ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ الْأُمَم الْكَافِرَة
{وَالْمُؤْتَفِكَات} أَيْ أَهْلهَا وَهِيَ قُرَى قَوْم لُوط
{بِالْخَاطِئَةِ} بِالْفِعْلَاتِ ذَات الْخَطَأ
1 -
(1/762)
فَعَصَوْا رَسُولَ
رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (10)
{فَعَصَوْا رَسُول رَبّهمْ} أَيْ لُوطًا
وَغَيْره {فَأَخَذَهُمْ أَخْذَة رَابِيَة} زَائِدَة فِي
الشِّدَّة عَلَى غَيْرهَا
1 -
(1/762)
إِنَّا لَمَّا طَغَى
الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11)
{إنا لما طغا الْمَاء} عَلَا فَوْق كُلّ
شَيْء مِنْ الْجِبَال وَغَيْرهَا زَمَن الطُّوفَان
{حَمَلْنَاكُمْ} يَعْنِي آبَاءَكُمْ إذْ أَنْتُمْ فِي
أَصْلَابهمْ {فِي الْجَارِيَة} السَّفِينَة الَّتِي عَمِلَهَا
نُوح وَنَجَا هُوَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فِيهَا وَغَرِقَ
الْآخَرُونَ
1 -
(1/762)
لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ
تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12)
{لِنَجْعَلهَا} أَيْ هَذِهِ الْفَعْلَة
وَهِيَ إنْجَاء الْمُؤْمِنِينَ وَإِهْلَاك الْكَافِرِينَ
{لَكُمْ تَذْكِرَة} عِظَة {وَتَعِيهَا} وَلِتَحْفَظهَا {أُذُن
وَاعِيَة} حَافِظَة لِمَا تَسْمَع
1 -
(1/762)
فَإِذَا نُفِخَ فِي
الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13)
{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّور نَفْخَة
وَاحِدَة} لِلْفَصْلِ بَيْن الْخَلَائِق وَهِيَ الثَّانِيَة
1 -
(1/762)
وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ
وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14)
{وحملت} رفعت {الأرض والجبال فدكتا} دقتا
{دكة واحدة}
1 -
(1/762)
فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ
الْوَاقِعَةُ (15)
{فَيَوْمئِذٍ وَقَعَتْ الْوَاقِعَة}
قَامَتْ الْقِيَامَة
1 -
(1/762)
وَانْشَقَّتِ
السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16)
{وَانْشَقَّتْ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمئِذٍ
وَاهِيَة} ضَعِيفَة
1 -
(1/762)
وَالْمَلَكُ عَلَى
أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ
ثَمَانِيَةٌ (17)
{وَالْمَلَك} يَعْنِي الْمَلَائِكَة {عَلَى
أَرْجَائِهَا} جَوَانِب السَّمَاء {وَيَحْمِل عَرْش رَبّك
فَوْقهمْ} أَيْ الْمَلَائِكَة الْمَذْكُورِينَ {يَوْمئِذٍ
ثَمَانِيَة} مِنْ الْمَلَائِكَة أَوْ مِنْ صُفُوفهمْ
1 -
(1/762)
يَوْمَئِذٍ
تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18)
{يَوْمئِذٍ تُعْرَضُونَ} لِلْحِسَابِ {لَا
تَخْفَى} بِالتَّاءِ وَالْيَاء {مِنْكُمْ خَافِيَة} مِنْ
السَّرَائِر
1 -
(1/762)
فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ
كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا
كِتَابِيَهْ (19)
{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابه
بِيَمِينِهِ فَيَقُول} خِطَابًا لجماعته لما سر به {هاؤم} خذوا
{اقرؤوا كتابيه} تَنَازَعَ فِيهِ هَاؤُمُ وَاقْرَءُوا
2 -
(1/762)
إِنِّي ظَنَنْتُ
أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20)
{إني ظننت} تيقنت {أني ملاق حسابية
(1/762)
2 -
(1/763)
فَهُوَ فِي عِيشَةٍ
رَاضِيَةٍ (21)
{فهو في عيشة راضية} مرضية
2 -
(1/763)
فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ
(22)
{في جنة عالية}
2 -
(1/763)
قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ
(23)
{قُطُوفهَا} ثِمَارهَا {دَانِيَة} قَرِيبَة
يَتَنَاوَلهَا الْقَائِم وَالْقَاعِد والمضطجع
2 -
(1/763)
كُلُوا وَاشْرَبُوا
هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ
(24)
فَيُقَال لَهُمْ {كُلُوا وَاشْرَبُوا
هَنِيئًا} حَال أَيْ مُتَهَنِّئِينَ {بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي
الْأَيَّام الْخَالِيَة} الْمَاضِيَة في الدنيا
2 -
(1/763)
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ
كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ
كِتَابِيَهْ (25)
{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابه
بِشِمَالِهِ فَيَقُول يَا} للتنبيه {ليتني لم أوت كتابيه}
2 -
(1/763)
وَلَمْ أَدْرِ مَا
حِسَابِيَهْ (26)
{ولم أدر ما حسابيه}
2 -
(1/763)
يَا لَيْتَهَا كَانَتِ
الْقَاضِيَةَ (27)
{يَا لَيْتَهَا} أَيْ الْمَوْتَة فِي
الدُّنْيَا {كَانَتْ القاضية} القاطعة لحياتي بأن لا أبعث
2 -
(1/763)
مَا أَغْنَى عَنِّي
مَالِيَهْ (28)
{ما أغنى عني ماليه}
2 -
(1/763)
هَلَكَ عَنِّي
سُلْطَانِيَهْ (29)
{هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} قُوَّتِي
وَحُجَّتِي وَهَاء كِتَابِيَهْ وَحِسَابِيَهْ وَمَالِيَهْ
وَسُلْطَانِيَهْ لِلسَّكْتِ تَثْبُت وَقْفًا وَوَصْلًا
اتِّبَاعًا لِلْمُصْحَفِ الْإِمَام وَالنَّقْل وَمِنْهُمْ مَنْ
حَذَفَهَا وصلا
3 -
(1/763)
خُذُوهُ فَغُلُّوهُ
(30)
{خُذُوهُ} خِطَاب لِخَزَنَةِ جَهَنَّم
{فَغُلُّوهُ} اجْمَعُوا يَدَيْهِ إلَى عُنُقه فِي الْغُلّ
3 -
(1/763)
ثُمَّ الْجَحِيمَ
صَلُّوهُ (31)
{ثُمَّ الْجَحِيم} النَّار الْمُحْرِقَة
{صَلُّوهُ} أَدْخِلُوهُ
3 -
(1/763)
ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ
ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32)
{ثُمَّ فِي سَلْسَلَة ذَرْعهَا سَبْعُونَ
ذِرَاعًا} بِذِرَاعِ الْمَلَك {فَاسْلُكُوهُ} أَدْخِلُوهُ
فِيهَا بَعْد إدْخَاله النَّار وَلَمْ تَمْنَع الْفَاء مِنْ
تَعَلُّق الْفِعْل بِالظَّرْفِ الْمُتَقَدِّم
3 -
(1/763)
إِنَّهُ كَانَ لَا
يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33)
{إنه كان لا يؤمن بالله العظيم}
3 -
(1/763)
وَلَا يَحُضُّ عَلَى
طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34)
{ولا يحض على طعام المسكين}
3 -
(1/763)
فَلَيْسَ لَهُ
الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35)
{فليس له اليوم ها هنا حَمِيم} قَرِيب
يَنْتَفِع بِهِ
3 -
(1/763)
وَلَا طَعَامٌ إِلَّا
مِنْ غِسْلِينٍ (36)
{وَلَا طَعَام إلَّا مِنْ غِسْلِين} صَدِيد
أَهْل النَّار أَوْ شَجَر فِيهَا
3 -
(1/763)
لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا
الْخَاطِئُونَ (37)
{لَا يَأْكُلهُ إلَّا الْخَاطِئُونَ}
الْكَافِرُونَ
3 -
(1/763)
فَلَا أُقْسِمُ بِمَا
تُبْصِرُونَ (38)
{فَلَا} زَائِدَة {أُقْسِم بِمَا
تُبْصِرُونَ} مِنْ الْمَخْلُوقَات
3 -
(1/763)
وَمَا لَا تُبْصِرُونَ
(39)
{وَمَا لَا تُبْصِرُونَ} مِنْهَا أَيْ
بِكُلِّ مَخْلُوق
4 -
(1/763)
إِنَّهُ لَقَوْلُ
رَسُولٍ كَرِيمٍ (40)
{إنَّهُ} أَيْ الْقُرْآن {لَقَوْل رَسُول
كَرِيم} أَيْ قاله رسالة عن الله تعالى
(1/763)
4 -
(1/764)
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ
شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41)
{وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون}
4 -
(1/764)
وَلَا بِقَوْلِ
كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42)
{وَلَا بِقَوْلِ كَاهِن قَلِيلًا مَا
تَذَكَّرُونَ} بِالتَّاءِ وَالْيَاء فِي الْفِعْلَيْنِ وَمَا
مَزِيدَة مُؤَكَّدَة وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ آمَنُوا
بِأَشْيَاء يَسِيرَة وَتَذْكُرُوهَا مِمَّا أَتَى بِهِ
النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْخَيْر
وَالصِّلَة وَالْعَفَاف فَلَمْ تُغْنِ عَنْهُمْ شَيْئًا
4 -
(1/764)
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ
الْعَالَمِينَ (43)
بَلْ هُوَ {تَنْزِيل مِنْ رَبّ
الْعَالَمِينَ}
4 -
(1/764)
وَلَوْ تَقَوَّلَ
عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44)
{وَلَوْ تَقَوَّلَ} أَيْ النَّبِيّ
{عَلَيْنَا بَعْض الْأَقَاوِيل} بِأَنْ قَالَ عَنَّا مَا لَمْ
نَقُلْهُ
4 -
(1/764)
لَأَخَذْنَا مِنْهُ
بِالْيَمِينِ (45)
{لَأَخَذْنَا} لِنَلِنَا {مِنْهُ} عِقَابًا
{بِالْيَمِينِ} بِالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَة
4 -
(1/764)
ثُمَّ لَقَطَعْنَا
مِنْهُ الْوَتِينَ (46)
{ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِين}
نِيَاط الْقَلْب وَهُوَ عِرْق مُتَّصِل بِهِ إذَا انْقَطَعَ
مَاتَ صَاحِبه
4 -
(1/764)
فَمَا مِنْكُمْ مِنْ
أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)
{فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد} هُوَ اسْم مَا
ومِنْ زَائِدَة لِتَأْكِيدِ النَّفْي ومِنْكُمْ حَال مِنْ
أَحَد {عَنْهُ حَاجِزِينَ} مَانِعِينَ خَبَر مَا وَجُمِعَ
لِأَنَّ أَحَدًا فِي سِيَاق النَّفْي بِمَعْنَى الْجَمْع
وَضَمِير عَنْهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَيْ لَا مَانِع لَنَا عَنْهُ مِنْ حَيْثُ العقاب
4 -
(1/764)
وَإِنَّهُ
لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48)
{وإنه} أي القرآن {لتذكرة للمتقين}
4 -
(1/764)
وَإِنَّا لَنَعْلَمُ
أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49)
{وَإِنَّا لَنَعْلَم أَنَّ مِنْكُمْ}
أَيّهَا النَّاس {مُكَذِّبِينَ} بالقرآن ومصدقين
5 -
(1/764)
وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ
عَلَى الْكَافِرِينَ (50)
{وَإِنَّهُ} أَيْ الْقُرْآن {لَحَسْرَة
عَلَى الْكَافِرِينَ} إذَا رَأَوْا ثَوَاب الْمُصَدِّقِينَ
وَعِقَاب الْمُكَذِّبِينَ بِهِ
5 -
(1/764)
وَإِنَّهُ لَحَقُّ
الْيَقِينِ (51)
{وَإِنَّهُ} أَيْ الْقُرْآن {لَحَقّ
الْيَقِين} أَيْ الْيَقِين الحق
5 -
(1/764)
فَسَبِّحْ بِاسْمِ
رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)
{فَسَبِّحْ} نَزِّهْ {بِاسْمِ} الْبَاء
زَائِدَة {رَبّك الْعَظِيم} سبحانه = 70 سورة المعارج
(1/764)
سَأَلَ سَائِلٌ
بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1)
{سأل سائل} دعا داع {بعذاب واقع
(1/764)
لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ
لَهُ دَافِعٌ (2)
{لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِع} هُوَ
النَّضْر بْن الْحَارِث قَالَ {اللَّهُمَّ إنْ كَانَ هَذَا
هُوَ الحق} الآية
(1/765)
مِنَ اللَّهِ ذِي
الْمَعَارِجِ (3)
{مِنْ اللَّه} مُتَّصِل بِوَاقِعِ {ذِي
الْمَعَارِج} مَصَاعِد الْمَلَائِكَة وَهِيَ السَّمَاوَات
(1/765)
تَعْرُجُ
الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ
مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)
{تَعْرُج} بِالتَّاءِ وَالْيَاء
{الْمَلَائِكَة وَالرُّوح} جِبْرِيل {إلَيْهِ} إلَى مَهْبِط
أَمْره مِنْ السَّمَاء {فِي يَوْم} مُتَعَلِّق بِمَحْذُوفٍ
أَيْ يَقَع الْعَذَاب بِهِمْ فِي يَوْم الْقِيَامَة {كَانَ
مِقْدَاره خَمْسِينَ أَلْف سَنَة} بِالنِّسْبَةِ إلَى
الْكَافِر لِمَا يَلْقَى فِيهِ مِنْ الشَّدَائِد وَأَمَّا
الْمُؤْمِن فَيَكُون أَخَفّ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاة مَكْتُوبَة
يُصَلِّيهَا فِي الدُّنْيَا كَمَا جَاءَ فِي الحديث
(1/765)
فَاصْبِرْ صَبْرًا
جَمِيلًا (5)
{فَاصْبِرْ} وَهَذَا قَبْل أَنْ يُؤْمَر
بِالْقِتَالِ {صَبْرًا جَمِيلًا} أَيْ لَا جَزَع فِيهِ
(1/765)
إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ
بَعِيدًا (6)
{إنَّهُمْ يَرَوْنَهُ} أَيْ الْعَذَاب
{بَعِيدًا} غَيْر وَاقِع
(1/765)
وَنَرَاهُ قَرِيبًا
(7)
{وَنَرَاهُ قَرِيبًا} وَاقِعًا لَا
مَحَالَة
(1/765)
يَوْمَ تَكُونُ
السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8)
{يَوْم تَكُون السَّمَاء} مُتَعَلِّق
بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيره يَقَع {كَالْمُهْلِ} كَذَائِبِ
الْفِضَّة
(1/765)
وَتَكُونُ الْجِبَالُ
كَالْعِهْنِ (9)
{وَتَكُون الْجِبَال كَالْعِهْنِ}
كَالصُّوفِ فِي الْخِفَّة وَالطَّيَرَان بالريح
1 -
(1/765)
وَلَا يَسْأَلُ
حَمِيمٌ حَمِيمًا (10)
{وَلَا يَسْأَل حَمِيم حَمِيمًا} قَرِيب
قَرِيبه لِاشْتِغَالِ كل بحاله
1 -
(1/765)
يُبَصَّرُونَهُمْ
يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ
بِبَنِيهِ (11)
{يُبَصَّرُونَهُمْ} أَيْ يُبْصِر
الْأَحْمَاء بَعْضهمْ بَعْضًا وَيَتَعَارَفُونَ وَلَا
يَتَكَلَّمُونَ وَالْجُمْلَة مُسْتَأْنَفَة {يَوَدّ
الْمُجْرِم} يَتَمَنَّى الْكَافِر {لَوْ} بِمَعْنَى أَنْ
{يَفْتَدِي مِنْ عَذَاب يومئذ} بكسر الميم وفتحها {ببنيه}
1 -
(1/765)
وَصَاحِبَتِهِ
وَأَخِيهِ (12)
{وصاحبته} زوجته {وأخيه}
1 -
(1/765)
وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي
تُؤْوِيهِ (13)
{وفصيلته} عشيرته لفصله منها {التي تؤويه}
تضمه
1 -
(1/765)
وَمَنْ فِي الْأَرْضِ
جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (14)
{وَمَنْ فِي الْأَرْض جَمِيعًا ثُمَّ
يُنْجِيه} ذَلِكَ الافتداء عَطْف عَلَى يَفْتَدِي
1 -
(1/765)
كَلَّا إِنَّهَا لَظَى
(15)
{كَلَّا} رَدّ لِمَا يَوَدّهُ {إنَّهَا}
أَيْ النَّار {لَظَى} اسْم لِجَهَنَّم لِأَنَّهَا تَتَلَظَّى
أَيْ تَتَلَهَّب على الكفار
1 -
(1/765)
نَزَّاعَةً لِلشَّوَى
(16)
{نَزَّاعَة لِلشَّوَى} جَمْع شَوَاة وَهِيَ
جِلْدَة الرَّأْس
1 -
(1/765)
تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ
وَتَوَلَّى (17)
{تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى} عَنْ
الْإِيمَان بِأَنْ تَقُول إلَيَّ إلَيَّ
1 -
(1/765)
وَجَمَعَ فَأَوْعَى
(18)
{وَجَمَعَ} الْمَال {فَأَوْعَى} أَمْسَكَهُ
فِي وِعَائِهِ وَلَمْ يُؤَدِّ حَقَّ اللَّه مِنْهُ
1 -
(1/765)
إِنَّ الْإِنْسَانَ
خُلِقَ هَلُوعًا (19)
{إنَّ الْإِنْسَان خُلِقَ هَلُوعًا} حَال
مُقَدَّره وَتَفْسِيره
2 -
(1/765)
إِذَا مَسَّهُ
الشَّرُّ جَزُوعًا (20)
{إذَا مَسَّهُ الشَّرّ جَزُوعًا} وَقْت
مَسّ الشَّرّ
2 -
(1/765)
وَإِذَا مَسَّهُ
الْخَيْرُ مَنُوعًا (21)
{وإذا مسه الخير منوعا} وقت مس الْخَيْر
أَيْ الْمَال لِحَقِّ اللَّه مِنْهُ
2 -
(1/765)
إِلَّا الْمُصَلِّينَ
(22)
{إلَّا الْمُصَلِّينَ} أَيْ الْمُؤْمِنِينَ
(1/765)
2 -
(1/766)
الَّذِينَ هُمْ عَلَى
صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23)
{الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتهمْ
دَائِمُونَ} مُوَاظِبُونَ
2 -
(1/766)
وَالَّذِينَ فِي
أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24)
{وَاَلَّذِينَ فِي أَمْوَالهمْ حَقّ
مَعْلُوم} هُوَ الزَّكَاة
2 -
(1/766)
لِلسَّائِلِ
وَالْمَحْرُومِ (25)
{لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم} الْمُتَعَفِّف
عَنْ السُّؤَال فَيُحْرَم
2 -
(1/766)
وَالَّذِينَ
يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26)
{وَاَلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ
الدِّين} الْجَزَاء
2 -
(1/766)
وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ
عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27)
{وَاَلَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَاب رَبّهمْ
مُشْفِقُونَ} خَائِفُونَ
2 -
(1/766)
إِنَّ عَذَابَ
رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28)
{إن عذاب ربهم غير مأمون} نزوله
2 -
(1/766)
وَالَّذِينَ هُمْ
لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29)
{والذين هم لفروجهم حافظون}
3 -
(1/766)
إِلَّا عَلَى
أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ
غَيْرُ مَلُومِينَ (30)
{إلَّا عَلَى أَزْوَاجهمْ أَوْ مَا
مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ} من الإماء {فإنهم غير ملومين}
3 -
(1/766)
فَمَنِ ابْتَغَى
وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31)
{فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ
فَأُولَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ} الْمُتَجَاوِزُونَ الْحَلَال
إلَى الْحَرَام
3 -
(1/766)
وَالَّذِينَ هُمْ
لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32)
{وَاَلَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ}
وَفِي قِرَاءَة بِالْإِفْرَادِ مَا ائْتَمَنُوا عَلَيْهِ مِنْ
أَمْر الدِّين وَالدُّنْيَا {وَعَهْدهمْ} الْمَأْخُوذ
عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ {رَاعُونَ} حَافِظُونَ
3 -
(1/766)
وَالَّذِينَ هُمْ
بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33)
{والذين هم بشهادتهم} وَفِي قِرَاءَة
بِالْجَمْعِ {قَائِمُونَ} يُقِيمُونَهَا وَلَا يَكْتُمُونَهَا
3 -
(1/766)
وَالَّذِينَ هُمْ
عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34)
{وَاَلَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتهمْ
يُحَافِظُونَ} بِأَدَائِهَا فِي أوقاتها
3 -
(1/766)
أُولَئِكَ فِي
جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (35)
{أولئك في جنات مكرمون}
3 -
(1/766)
فَمَالِ الَّذِينَ
كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36)
{فَمَال الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلك} نَحْوك
{مُهْطِعِينَ} حَال أَيْ مُدِيمِي النَّظَر
3 -
(1/766)
عَنِ الْيَمِينِ
وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (37)
{عَنْ الْيَمِين وَعَنْ الشِّمَال} مِنْك
{عِزِينَ} حَال أَيْضًا أَيْ جَمَاعَات حِلَقًا حِلَقًا
يَقُولُونَ اسْتِهْزَاء بِالْمُؤْمِنِينَ لَئِنْ دَخَلَ
هَؤُلَاءِ الْجَنَّة لَنَدْخُلَنَّهَا قَبْلهمْ قال تعالى
3 -
(1/766)
أَيَطْمَعُ كُلُّ
امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (38)
{أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم
(1/766)
3 -
(1/767)
كَلَّا إِنَّا
خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (39)
{كَلَّا} رَدْع لَهُمْ عَنْ طَمَعهمْ فِي
الْجَنَّة {إنَّا خَلَقْنَاهُمْ} كَغَيْرِهِمْ {مِمَّا
يَعْلَمُونَ} مِنْ نُطَف فَلَا يُطْمَع بِذَلِكَ فِي الْجَنَّة
وَإِنَّمَا يُطْمَع فيها بالتقوى
4 -
(1/767)
فَلَا أُقْسِمُ
بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (40)
{فَلَا} لَا زَائِدَة {أُقْسِم بِرَبِّ
الْمَشَارِق وَالْمَغَارِب} للشمس والقمر وسائر الكواكب {إنا
لقادرون}
4 -
(1/767)
عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ
خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (41)
{عَلَى أَنْ نُبَدَّل} نَأْتِي بَدَلهمْ
{خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} بِعَاجِزِينَ
عَنْ ذَلِكَ
4 -
(1/767)
فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا
وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ
(42)
{فَذَرْهُمْ} اُتْرُكْهُمْ {يَخُوضُوا} فِي
بَاطِلهمْ {وَيَلْعَبُوا} فِي دُنْيَاهُمْ {حَتَّى يُلَاقُوا}
يَلْقَوْا {يَوْمهمْ الَّذِي يُوعَدُونَ} فيه العذاب
4 -
(1/767)
يَوْمَ يَخْرُجُونَ
مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ
يُوفِضُونَ (43)
{يَوْم يَخْرُجُونَ مِنْ الْأَجْدَاث}
الْقُبُور {سِرَاعًا} إلَى الْمَحْشَر {كَأَنَّهُمْ إلَى
نُصُب} وَفِي قِرَاءَة بِضَمِّ الْحَرْفَيْنِ شَيْء مَنْصُوب
كَعَلَمٍ أَوْ رَايَة {يُوفِضُونَ} يسرعون
4 -
(1/767)
خَاشِعَةً
أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي
كَانُوا يُوعَدُونَ (44)
{خَاشِعَة} ذَلِيلَة {أَبْصَارهمْ
تَرْهَقهُمْ} تَغْشَاهُمْ {ذِلَّة ذَلِكَ الْيَوْم الَّذِي
كَانُوا يُوعَدُونَ} ذَلِكَ مُبْتَدَأ وَمَا بعدها الخبر
ومعناه يوم القيامة = 71 سورة نوح
(1/767)
إِنَّا أَرْسَلْنَا
نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ
أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1)
{إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أَنْ أَنْذِرْ}
أَيْ بِإِنْذَارِ {قَوْمك مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِيهِمْ} إنْ
لَمْ يُؤْمِنُوا {عَذَاب أَلِيم} مُؤْلِم فِي الدُّنْيَا
وَالْآخِرَة
(1/767)
قَالَ يَا قَوْمِ
إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2)
{قَالَ يَا قَوْم إنِّي لَكُمْ نَذِير
مُبِين} بَيِّن الْإِنْذَار
(1/767)
أَنِ اعْبُدُوا
اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3)
{أن} أي بأن أقول لكم {اعبدوا الله واتقوه
وأطيعون
(1/767)
يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ
ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ
أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ
تَعْلَمُونَ (4)
{يَغْفِر لَكُمْ مِنْ ذُنُوبكُمْ} مِنْ
زَائِدَة فَإِنَّ الْإِسْلَام يُغْفَر بِهِ مَا قَبْله أَوْ
تَبْعِيضِيَّةٌ لِإِخْرَاجِ حُقُوق الْعِبَاد {وَيُؤَخِّركُمْ}
بِلَا عَذَاب {إلَى أَجَل مُسَمَّى} أَجَل الْمَوْت {إنَّ
أَجَل اللَّه} بِعَذَابِكُمْ إنْ لَمْ تُؤْمِنُوا {إذَا جَاءَ
لَا يُؤَخَّر لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ذَلِكَ لَآمَنْتُمْ
(1/768)
قَالَ رَبِّ إِنِّي
دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5)
{قَالَ رَبّ إنِّي دَعَوْت قَوْمِي لَيْلًا
وَنَهَارًا} أي دائما متصلا
(1/768)
فَلَمْ يَزِدْهُمْ
دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6)
{فلم يزدهم دعائي إلَّا فِرَارًا} عَنْ
الْإِيمَان
(1/768)
وَإِنِّي كُلَّمَا
دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي
آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا
وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7)
{وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتهمْ لِتَغْفِر
لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعهمْ فِي آذَانهمْ} لِئَلَّا
يَسْمَعُوا كَلَامِي {وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابهمْ} غطوا رؤوسهم
بِهَا لِئَلَّا يُنْظِرُونِي {وَأَصَرُّوا} عَلَى كُفْرهمْ
{وَاسْتَكْبَرُوا} تكبروا عن الإيمان {استكبارا}
(1/768)
ثُمَّ إِنِّي
دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8)
{ثُمَّ إنِّي دَعَوْتهمْ جِهَارًا} أَيْ
بِأَعْلَى صَوْتِي
(1/768)
ثُمَّ إِنِّي
أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9)
{ثُمَّ إنِّي أَعْلَنْت لَهُمْ} صَوْتِي
{وَأَسْرَرْت} الْكَلَام {لهم إسرارا}
1 -
(1/768)
فَقُلْتُ
اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10)
{فقلت استغفروا ربكم} من الشرك {إنه كان
غفارا}
1 -
(1/768)
يُرْسِلِ السَّمَاءَ
عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11)
{يُرْسِل السَّمَاء} الْمَطَر وَكَانُوا
قَدْ مَنَعُوهُ {عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} كَثِير الدُّرُور
1 -
(1/768)
وَيُمْدِدْكُمْ
بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ
لَكُمْ أَنْهَارًا (12)
{وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ
وَيَجْعَل لَكُمْ جَنَّات} بَسَاتِين {ويجعل لكم أنهارا} جارية
1 -
(1/768)
مَا لَكُمْ لَا
تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13)
{مالكم لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}
أَيْ تَأْمُلُونَ وَقَار اللَّه إيَّاكُمْ بِأَنْ تُؤْمِنُوا
1 -
(1/768)
وَقَدْ خَلَقَكُمْ
أَطْوَارًا (14)
{وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} جَمْع
طَوْر وَهُوَ الْحَال فَطَوْرًا نُطْفَة وَطَوْرًا عَلَقَة
إلَى تَمَام خَلْق الْإِنْسَان وَالنَّظَر فِي خَلْقه يُوجِب
الْإِيمَان بِخَالِقِهِ
1 -
(1/768)
أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ
خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15)
{أَلَمْ تَرَوْا} تَنْظُرُوا {كَيْفَ
خَلَقَ اللَّه سَبْع سماوات طِبَاقًا} بَعْضهَا فَوْق بَعْض
(1/768)
1 -
(1/769)
وَجَعَلَ الْقَمَرَ
فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16)
{وَجَعَلَ الْقَمَر فِيهِنَّ} أَيْ فِي
مَجْمُوعهنَّ الصَّادِق بِالسَّمَاءِ الدُّنْيَا {نُورًا
وَجَعَلَ الشَّمْس سِرَاجًا} مِصْبَاحًا مُضِيئًا وَهُوَ
أَقْوَى مِنْ نُور الْقَمَر
1 -
(1/769)
وَاللَّهُ
أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17)
{وَاَللَّه أَنْبَتَكُمْ} خَلَقَكُمْ {مِنْ
الْأَرْض} إذْ خَلَقَ أباكم آدم منها {نباتا}
1 -
(1/769)
ثُمَّ يُعِيدُكُمْ
فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18)
{ثم يعيدكم فيها} مقبورين {ويخرجكم} للبعث
{إخراجا}
1 -
(1/769)
وَاللَّهُ جَعَلَ
لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19)
{وَاَللَّه جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْض
بِسَاطًا} مَبْسُوطَة
2 -
(1/769)
لِتَسْلُكُوا مِنْهَا
سُبُلًا فِجَاجًا (20)
{لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا} طُرُقًا
{فِجَاجًا} وَاسِعَة
2 -
(1/769)
قَالَ نُوحٌ رَبِّ
إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ
وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21)
{قَالَ نُوح رَبّ إنَّهُمْ عَصَوْنِي
وَاتَّبَعُوا} أَيْ السَّفَلَة وَالْفُقَرَاء {مَنْ لَمْ
يَزِدْهُ مَاله وَوُلْده} وَهُمْ الرُّؤَسَاء الْمُنَعَّم
عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ وَوُلْد بِضَمِّ الْوَاو وَسُكُون اللَّام
وَبِفَتْحِهِمَا وَالْأَوَّل قِيلَ جَمْع وَلَد بِفَتْحِهِمَا
كَخُشْبِ وَخَشَب وَقِيلَ بِمَعْنَاهُ كَبُخْلِ وَبَخَل {إلَّا
خَسَارًا} طُغْيَانًا وَكُفْرًا
2 -
(1/769)
وَمَكَرُوا مَكْرًا
كُبَّارًا (22)
{وَمَكَرُوا} أَيْ الرُّؤَسَاء {مَكْرًا
كُبَّارًا} عَظِيمًا جِدًّا بِأَنْ كَذَّبُوا نُوحًا وَآذَوْهُ
وَمَنْ اتَّبَعَهُ
2 -
(1/769)
وَقَالُوا لَا
تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا
وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23)
{وقالوا} للسفلة {لا تذرن آلهتكم ولا تذرن
وَدًّا} بِفَتْحِ الْوَاو وَضَمّهَا {وَلَا سُوَاعًا وَلَا
يَغُوث وَيَعُوق وَنَسْرًا} هِيَ أَسْمَاء أَصْنَامهمْ
2 -
(1/769)
وَقَدْ أَضَلُّوا
كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24)
{وَقَدْ أَضَلُّوا} بِهَا {كَثِيرًا} مِنْ
النَّاس بِأَنْ أَمَرُوهُمْ بِعِبَادَتِهِمْ {وَلَا تَزِدْ
الظَّالِمِينَ إلَّا ضَلَالًا} عَطْفًا عَلَى قَدْ أَضَلُّوا
دَعَا عَلَيْهِمْ لَمَّا أُوحِيَ إلَيْهِ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِن
مِنْ قَوْمك إلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ
2 -
(1/769)
مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ
أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ
دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (25)
{مما} ما صلة {خطاياهم} وَفِي قِرَاءَة
خَطِيئَآتِهِمْ بِالْهَمْزِ {أُغْرِقُوا} بِالطُّوفَانِ
{فَأُدْخِلُوا نَارًا} عُوقِبُوا بِهَا عَقِب الْإِغْرَاق
تَحْت الْمَاء {فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُون} أَيْ غَيْر
{اللَّه أَنْصَارًا} يَمْنَعُونَ عَنْهُمْ الْعَذَاب
2 -
(1/769)
وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ
لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26)
{وَقَالَ نُوح رَبّ لَا تَذَر عَلَى
الْأَرْض مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} أَيْ نَازِل دَار
وَالْمَعْنَى أحدا
2 -
(1/769)
إِنَّكَ إِنْ
تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا
فَاجِرًا كَفَّارًا (27)
{إنَّك إنْ تَذَرهُمْ يُضِلُّوا عِبَادك
وَلَا يَلِدُوا إلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} مَنْ يَفْجُر
وَيَكْفُر قَالَ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْإِيحَاء
إلَيْهِ
(1/769)
2 -
(1/770)
رَبِّ اغْفِرْ لِي
وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا
وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ
الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28)
{رَبّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} وَكَانَا مُؤْمِنَيْنِ
{وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي} مَنْزِلِي أَوْ مَسْجِدِي
{مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} إلَى يَوْم
الْقِيَامَة {وَلَا تَزِدْ الظَّالِمِينَ إلَّا تَبَارًا}
هَلَاكًا فَأُهْلِكُوا |