تفسير الماوردي النكت والعيون

سورة النصر
بسم الله الرحمن الرحيم

(6/359)


إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)

{إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} قوله تعالى {إذا جاءَ نَصْرُ اللهِ والفتحُ} أما النصر فهو المعونة مأخوذ من قولهم قد نصر الغيث الأرض إذا أعان على نباتها ومنع من قحطها , قال الشاعر:
(إذا انسلَخَ الشهرُ الحرامُ فَودِّعي ... بلادَ تميمٍ وانْصُري أرضَ عامِرِ)
وفي المعنيّ بهذا النصر قولان: أحدهما: نصر الرسول على قريش , قاله الطبري. الثاني: نصره على كل من قاتله من أعدائه , فإن عاقبة النصر كانت له. وقيل: إذا جاء نصره بإظهاره إياك على أعدائك , والفتح: فتحه مكة وقيل المراد حين نصر الله المؤمنين وفتح مكة وسائر البلاد عليهم. وإنما عبر عن الحصول بالمجيء تجوزاً للإشعار بأن المقدرات متوجهة حين إلى أوقاتها المعينة لها , فتعرف منها شيئاً فشيئاً , وقد قرب النصر من قوته فكن مترقباً لوروده مستعداً لشكره.

(6/359)


وفي هذا الفتح قولان: أحدهما: فتح مكة , قاله الحسن ومجاهد. الثاني: فتح المدائن والقصور , قاله ابن عباس وابن جبير , وقيل ما فتحه عليه من العلوم. {ورأيْتَ الناسَ يَدْخُلون في دِيْنِ اللهِ أَفْواجاً} فيهم قولان: أحدهما: أنهم أهل اليمن , ورورى عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الدين يمانٍ والفقه يمانٍ والحكمة يمانية) وروي عنه عليه السلام أنه قال: (إني لأجد نَفَس ربكم مِن قِبل اليمن) وفيه تأويلان: أحدهما: أنه الفرج لتتابع إسلامهم أفواجاً. الثاني: معناه أن الله تعالى نفس الكرب عن نبيه بأهل اليمن , وهم الأنصار. القول الثاني: أنهم سائر الأمم الذين دخلوا في الإسلام , قاله محمد بن كعب. وقال الحسن: لما فتح الله على رسوله مكة , قالت العرب بعضهم لبعض: أيها القوم ليس لكم به ولا بالقوم يد , فجعلوا يدخلون في دين الله أفواجاً أمة أمة. قال الضحاك: والأمة أربعون رجلاً , وقال ابن عباس: الأفواج (الزمر) , وقال الكلبي: الأفواج القبائل. وروى جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنّ الناس دخلوا في دين الله أفواجاً وسيخرجون أفواجاً).

(6/360)


(أفواجاً) جماعات كثيفة كأهل مكة والطائف واليمن وهوازن وقبائل سائر العرب. (يدخلون) حال , على أن (رأيت) بمعنى أبصرت , أو مفعول ثان على أن رأيت بمعنى علمت. {فسبّحْ بحْمد ربِّك واسْتَغْفِره إنه كان توّاباً} في أمره بهذا التسبيح والاستغفار وجهان: أحدهما: أنه أراد بالتسبيح الصلاة , قاله ابن عباس , وبالاستغفار مداومة الذكر. الثاني: أنه أراد صريح التسبيح , الذي هو التنزيه والاستغفار من الذنوب. روت عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية يكثر أن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك , أستغفرك وأتوب إليك , فقلت: يا رسول الله ما هذه الكلمات التي أراك أحدثتها؟ فقال: (جعلت لي علامة في أمتي إذا رأيتها قلتها) وفي قوله {إنه كان توّاباً} وجهان: أحدهما: قابل التوبة. والثاني: متجاوز عن الصغائر. وفي أمره بهذابعد النصر والفتح وجهان: أحدهما: ليكون ذلك منه شكراً لله تعالى على نعمه , لأن تجديد النعم يوجب تجديد الشكر. الثاني: أنه نعى إليه نفسه , ليجد في عمله. قال ابن عباس: وداعٌ من الله , ووداعٌ من الدنيا , فلم يعش بعدها إلا سنتين مستديماً التسبيح والاستغفار كما أُمِرَ , وكان قد لبث أربعين سنة لم يوح إليه , ورأى رؤيا النبوة سنتين , ومات في شهر ربيع الأول وفيه هاجر. وقال مقاتل: نزلت هذه السورة بعد فتح الطائف , والفتح فتح مكة،

(6/361)


والناس أهل اليمن , وهي آية موت النبي صلى الله عليه وسلم فلما نزلت قرأها على أبي بكر وعمر ففرحا بالنصر وبدخول الناس أفواجاً في دين الله عز وجل , وسمعها العباس فبكى , فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما يبكيك يا عم؟) فقال: نعيت إليك نفسك , قال: (إنه لكما تقول). وهذه السورة تسمى التوديع , عاش النبي بعدها حولاً على قول مقاتل , وحولين على قول ابن عباس , ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم من قابل , فنزل {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية , فعاش بعدها ثمانين يوماً , ثم نزلت (لقد جاءكم رسول) فعاش بعدها خمسة وثلاثين يوماً , ثم نزلت {واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله} فعاش بعدها واحداً وعشرين يوماً. وقال مقاتل: عاش بعدها سبعة أيام , والله أعلم وصلوات الله عليه متتابعة لا تنقطع على مر الأزمان وكر الأوان , وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

(6/362)


سورة المسد
بسم الله الرحمن الرحيم

(6/363)


تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)

{تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد} قوله تعالى: {تبّتْ يدا أبي لهب} اختلف في سبب نزولها في أبي لهب على ثلاثة أقاويل: أحدها: ما حكاه عبد الرحمن بن زيد أن أبا لهب أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ماذا أُعطَى إن آمنتُ بك يا محمد؟ قال: ما يعطَى المسلمون , قال: ما عليهم فضل؟ قال: وأي شيء تبتغي؟ قال: تبَّا لهذا من دين أن أكون أنا وهؤلاء سواء , فأنزل الله فيه: {تبت يدا أبي لهب}. الثاني: ما رواه ابن عباس أنه لما نزل {وأنذر عشيرتك الأقربين} أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفا فصعد عليها , ثم نادى يا صباحاه! فاجتمع الناس إليه , فقال: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم , صدقتموني؟ قالوا:

(6/363)


نعم، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد , فقال أبو لهب: تبّا لك سائر اليوم أما دعوتنا إلا لهذا؟! فأنزل الله تعالى هذه السورة. الثالث: ما حكاه عبد الرحمن بن كيسان أنه كان إذا وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وفْدٌ انطلق إليهم أبو لهب , فيسألونه عن رسول الله ويقولون: أنت أعلم به , فيقول لهم أبو لهب: إنه كذاب ساحر , فيرجعون عنه ولا يلقونه , فأتاه وفد , ففعل معهم مثل ذلك , فقالوا: لا ننصرف حتى نراه ونسمع كلامه , فقال لهم أبو لهب: إنا لم نزل نعالجه من الجنون فتبّاً له وتعساً , فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فاكتأب له , فأنزل الله تعالى (تَبّتْ) السورة , وفي (تبّتْ) خمسة أوجه: أحدها: خابت , قاله ابن عباس. الثاني: ضلّت , وهو قول عطاء. الثالث: هلكت , قاله ابن جبير. الرابع: صفِرت من كل خير , قاله يمان بن رئاب. حكى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء أنه لما قتل عثمان بن عفان سمع الناس هاتفاً يقول:
(لقد خلّوْك وانصدعوا ... فما آبوا ولا رجعوا)
(ولم يوفوا بنذرِهمُ ... فيا تبَّا لما صَعنوا)
والخامس: خسرت , قاله قتادة , ومنه قول الشاعر:
(تواعَدَني قوْمي ليَسْعوْا بمهجتي ... بجارية لهم تَبّا لهم تبّاً)
وفي قوله {يَدَا أَبِي لَهَبٍ} وجهان: أحدهما: يعني نفس أبي لهب , وقد يعبر عن النفس باليد كما قال تعالى {ذلك بما قدمت يداك} أي نفسك. الثاني: أي عمل أبي لهب , وإنما نسب العمل إلى اليد لأنه في الأكثر يكون بها.

(6/364)


وقيل إنه كني أبا لهب لحُسنه وتلهّب وجنته , وفي ذكر الله له بكنيته دون اسمه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه كان بكنيته أشهر منه باسمه. الثاني: لأنه كان مسمى بعبد هشم , وقيل إنه عبد العزى فلذلك عدل عنه. الثالث: لأن الاسم أشرف من الكنية , لأن الكنية إشارة إليه باسم غيره , ولذلك دعا الله أنبياءه بأسمائهم. وفي قوله {وتَبَّ} أربعة أوجه: أحدها: أنه تأكيد للأول من قوله {تبت يدا أبي لهب} فقال بعده (وتب) تأكيداً. الثاني: يعني تبت يدا أبي لهب بما منعه الله تعالى من أذى لرسوله , وتب بما له عند الله من أليم عقابه. الثالث: يعني قد تبّ , قاله ابن عباس. الرابع: يعني وتبّ ولد أبي لهب , قاله مجاهد. وفي قراءة ابن مسعود: تبت يدا أبي لهبٍ وقد تب , جعله خبراً , وهي على قراءة غيره تكون دعاء كالأول. وفيما تبت عنه يدا أبي لهب وجهان: أحدهما: عن التوحيد , قاله ابن عباس. الثاني: عن الخيرات , قاله مجاهد. {ما أَغْنَى عَنْه مالُه وما كَسَب} في قوله (ما أغنى عنه) وجهان: أحدهما: ما دفع عنه. الثاني: ما نفعه , قاله الضحاك. وفي {مالُه} وجهان: أحدهما: أنه أراد أغنامه , لأنه كان صاحب سائمة , قاله أبو العالية. الثاني: أنه أراد تليده وطارفه , والتليد: الموروث , والطارف: المكتسب. وفي قوله {وما كَسَبَ} وجهان:

(6/365)


أحدهما: عمله الخبيث , قاله الضحاك. الثاني: ولده , قاله ابن عباس. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أولادكم من كسبكم) وكان ولده عتبة بن أبي لهب مبالغاً في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم كأبيه , فقال حين نزلت {والنجم إذا هوى} كفرت بالنجم إذا هوى , وبالذي دنا فتدلى , وتفل في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشام , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم سلط عليه كلباً من كلابك) فأكله الأسد. وفيما لم يغن عنه ماله وما كسب وجهان: أحدهما: في عداوته النبي صلى الله عليه وسلم. الثاني: في دفع النار عنه يوم القيامة. {سَيَصْلَى ناراً ذاتَ لَهَبٍ} في سين سيصلى وجهان: أحدهما: أنه سين سوف. الثاني: سين الوعيد , كقوله تعالى {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ} و {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا} وفي {يَصْلًى} وجهان: أحدهما: صلي النار , أي حطباً ووقوداً , قاله ابن كيسان. الثاني: يعني تُصليه النار , أي تنضجه , وهو معنى قول ابن عباس , فيكون على الوجه الأول صفة له في النار , وعلى الوجه الثاني صفة للنار. وفي {ناراً ذاتَ لَهَبٍ} وجهان: أحدهما: ذات ارتفاع وقوة واشتعال , فوصف ناره ذات اللهب بقوتها , لأن قوة النار تكون مع بقاء لهبها. الثاني: ما في هذه الصفة من مضارعة كنيته التي كانت من نذره ووعيده. وهذه الآية تشتمل على أمرين:

(6/366)


أحدهما: وعيد من الله حق عليه بكفره. الثاني: إخبار منه تعالى بأنه سيموت على كفره , وكان خبره صدقاً , ووعيده حقاً. {وامرأتُهُ حَمّالَةَ الحَطَبِ} وهي أم جميل بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان. وفي {حمالة الحطب} أربعة أوجه: أحدها: أنها كانت تحتطب الشوك فتلقيه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم ليلاً , قاله ابن عباس. الثاني: أنها كانت تعيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر , فكان يحتطب فعيرت بأنها كانت تحتطب , قاله قتادة. الثالث: أنها كانت تحتطب الكلام وتمشي بالنميمة , قاله الحسن والسدي فسمي الماشي بالنميمة حمال الحطب لأنه يشعل العداوة كما تشعل النار الحطب , قال الشاعر:
(إنّ بني الأَدْرَمِ حَمّالو الحَطَبْ ... هم الوُشاةُ في الرِّضا وفي الغَضَبْ.)
89 (عليهمُ اللعْنةُ تَتْرى والحرَبْ.} 9
وقال آخر:
(مِنَ البِيضِ لم تُصْطَدْ على ظهر لأمةٍ ... ولم تمشِ بَيْن الحيّ بالحَطَب والرطْبِ.)
الرابع: أنه أراد ما حملته من الآثام في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كالحطب في مصيره إلى النار. {في جِيدِها حَبْل مِنْ مَسَدِ} جيدها: عنقها. وفي {حبل من مسد} سبعة أقاويل: أحدها: أنه سلسلة من حديد , قاله عروة بن الزبير , وهي التي قال الله تعالى فيها: {ذرعها سبعون ذراعاً} قال الحسن: سميت السلسلة مسداً لأنها ممسودة , أي مفتولة.

(6/367)


الثاني: أنه حبل من ليف النخل , قاله الشعبي , ومن قول الشاعر:
(أعوذ بالله مِن لَيْل يُقرّبني ... إلى مُضاجعةٍ كالدَّلْكِ بالمسَدِ.)
الثالث: أنها قلادة من ودع , على وجه التعيير لها , قاله قتادة. الرابع: أنه حبل ذو ألوان من أحمر وأصفر تتزين به في جيدها , قاله الحسن , ذكرت به على وجه التعيير أيضاً. الخامس: أنها قلادة من جوهر فاخر , قالت لأنفقنها في عداوة محمد , ويكون ذلك عذاباً في جيدها يوم القيامة. السادس: أنه إشارة إلى الخذلان , يعني أنها مربوطة عن الإيمان بما سبق لها من الشقاء كالمربوطة في جيدها بحبل من مسد. السابع: أنه لما حملت أوزار كفرها صارت كالحاملة لحطب نارها التي تصلى بها. روى الوليد بن كثير عن ابن تدرس عن أسماء بنت أبي بكر أنه لما نزلت (تبت يدا) في أبي لهب وامرأته أم جميل أقبلت ولها ولولة وفي يدها قهر وهي تقول:
(مُذَمَّماً عَصَيْنَا ... وأَمْرَهُ أَبَيْنا)
89 (ودِينَه قَلَيْنا.} 9
ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد , ومعه أبو بكر , فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله قد أقبلت وإني أخاف أن تراك , فقال: إنها لن تراني , وقرأ قرآناً اعتصم به , كما قال تعالى: {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً} فأقبلت على أبي بكر , ولم تر رسول الله , فقالت: يا أبا بكر إني أخبرت أن صاحبك هجاني , فقال: لا ورب هذا البيت , ما هجاك , فولت فعثرت في مرطها , فقالت: تعس مذمم، وانصرفت.

(6/368)


سورة الاخلاص
مكية في قول ابن مسعود والحسن وعطاء وعكرمة وجابر، ومدينة في أحد قولي ابن عباس وقتادة والضحاك والسدي. بسم الله الرحمن الرحيم

(6/369)


قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)

{قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد} قوله تعالى: {قُلْ هُو اللهُ أَحَدٌ} اختلف في سبب نزول هذه الآية على ثلاثة أقاويل: أحدها: أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم هذا الله خَلَق الخلْق , فمن خلَقَ الله؟ فنزلت هذه السورة جواباً لهم , قاله قتادة. الثاني: أن مشركي قريش قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم انسب لنا ربك , فأنزل الله هذه السورة , وقال: يا محمد انسبني إلى هذا , وهذا قول أُبي بن كعب. الثالث: ما رواه أبو روق عن الضحاك أن المشركين أرسلوا عامر بن

(6/369)


الطفيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: قل له شققت عصانا وسببت آلهتنا وخالفت دين آبائك , فإن كنت فقيراً أغنيناك وإن كنت مجنوناً داويناك , وإن هويت امرأة زوجناكها , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لست بفقير ولا مجنون ولا هويت امرأة , أنا رسول الله إليكم , أدعوكم من عبادة الأصنام إلى عبادته ,) فأرسلوه ثانية وقالوا له: قل له بيّن لنا جنس معبودك , فأنزل الله هذه السورة , فأرسلوه ثالثة وقالوا: قل له لنا ثلاثمائة وستون صنماً لا تقوم بحوائجنا , فكيف يقوم إله واحِد بحوائج الخلق كلهم؟ فأنزل الله سورة الصافات إلى قوله {إن إلهاكم لواحد} يعني في جميع حوائجكم , فأرسلوه رابعة وقالوا: قل له بيّن لنا أفعال ربك , فأنزل الله تعالى: {إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض} الآية , وقوله {الذي خلقكم ثم رزقكم}. {قل هو الله أحد} خرج مخرج جواب السائل عن الله تعالى , فقال لرسوله صلى الله عليه وسلم {قل هو اللهُ أحَدٌ} والأحد: هو المتفرد بصفاته الذي لا مِثل له ولا شبه. فإن قيل: فلم قال (أحَدٌ) على وجه النكرة , ولم يقل الأحَدُ؟ قيل عنه جوابان: أحدهما: أنه حذف لام التعريف على نية إضمارها فصارت محذوفة في الظاهر , مثبتة في الباطن , ومعناه قل هو الله الأحد. الثاني: أنه ليس بنكرة , وإنما هو بيان وترجمة , قاله المبرد. فأما الأحد والواحد ففيهما وجهان: أحدهما: أن الأحد لا يدخل العدد , والواحد يدخل في العدد , لأنك تجعل للواحد ثانياً , ولا تجعل للأحد ثانياً. الثاني: أن الأحد يستوعب جنسه , والواحد لا يستوعب , لأنك لو قلت فلان لا

(6/370)


يقاومه أحد , لم يجز أن يقاومه اثنان ولا أكثر , فصار الأحد أبلغ من الواحد. وفي تسميتها بسورة الإخلاص ثلاثة أوجه: أحدها: لأن في قراءتها خلاصاً من عذاب الله. الثاني: لأن فيها إخلاص لله من كل عيب ومن كل شريك وولد , قاله عبد الله ابن المبارك. الثالث: لأنها خالصة لله ليس فيها أمر ولا نهي. {اللَّهُ الصّمَدُ} فيه عشرة تأويلات: أحدها: أن الصمد المصمت الذي لا جوف له , قاله الحسن وعكرمه والضحاك وابن جبير , قال الشاعر:
(شِهابُ حُروب لا تَزالُ جيادُه ... عوابسَ يعْلُكْنَ الشكيمَ المُصَمّدا)
الثاني: هو الذي لا يأكل ولا يشرب , قاله الشعبي. الثالث: أنه الباقي الذي لا يفنى , قاله قتادة , وقال الحسن: إنه الدائم الذي لم يزل ولا يزال. الرابع: هو الذي لم يلد ولم يولد , قاله محمد بن كعب. الخامس: أنه الذي يصمد الناس إليه في حوائجهم , قاله ابن عباس , ومنه قول الشاعر:
(ألا بكّر الناعي بخَيريْ بني أسدْ ... بعمرِو بن مَسعودٍ وبالسيّد الصَّمَد.)
السادس: أنه السيد الذي قد انتهى سؤدده , قاله أبو وائل وسفيان وقال الشاعر:
(عَلوْتُه بحُسامٍ ثم قلت له ... خُذْها حُذَيْفَ فأنت السيّد الصَّمَدُ.)
السابع: أنه الكامل الذي لا عيب فيه , قاله مقاتل , ومنه قول الزبرقان:
(ساروا جَميعاً بنصْفِ الليلِ واعْتَمدوا ... ألاّ رهينةَ إلا السيّدُ الصَمَدُ.)

(6/371)


الثامن: أنه المقصود إليه في الرغائب , والمستغاث به في المصائب , قاله السدي. التاسع: أنه المستغني عن كل أحد قاله أبو هريرة. العاشر: أنه الذي يفعل مايشاء ويحكم بما يريد , قاله الحسين بن فضيل. {لم يَلِدْ ولم يُولَدْ} فيه وجهان: أحدهما: لم يلد فيكون والداً , ولم يولد فيكون ولداً , قاله ابن عباس. الثاني: لم يلد فيكون في العز مشاركاً , ولم يولد فيكون موروثاً هالكاً , قاله الحسين بن فضيل. وإنما كان كذلك لأمرين: أحدهما: أن هاتين صفتا نقص فانتفتا عنه. الثاني: أنه لا مثل له , فلو وَلَدَ أو وُلدِ لصار ذا مثل , والله تعالى منزه عن أن يكون له مثل. {ولم يَكُن له كُفُواً أَحَدٌ} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: لم يكن له مثل ولا عديل , قاله أبي بن كعب وعطاء. الثاني: يعني لم تكن له صاحبة , فنفى عنه الولد والوالدة والصاحبة , قاله مجاهد. الثالث: أنه لا يكافئه في خلقه أحد , قاله قتادة وفيه تقديم وتأخير , تقديره: ولم يكن له أحدٌ كُفواً , فقدم خبر كان على اسمها لتنساق أواخر الآي على نظم واحد.

(6/372)


سورة الفلق
مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر، ومدينة في أحد قولي ابن عباس وقتادة. بسم الله الرحمن الرحيم

(6/373)


قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)

{قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد} وهذه والناس معوذتا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سحرته اليهود , وقيل إن المعوذتين كان يقال لهما (المقشقشتان) أي مبرئتان من النفاق , وزعم ابن مسعود أنهما دعاء تعوذ به وليستا من القرآن , وهذا قول خالف به الإجماع من الصحابة وأهل البيت. {قُلْ أَعُوذُ بربِّ الفَلَقِ} فيه ستة تأويلات:

(6/373)


أحدها: أن الفلق سجن في جهنم , قاله ابن عباس. الثاني: أنه اسم من أسماء جهنم , قاله أبو عبد الرحمن. الثالث: أنه الخلق كله , قاله الضحاك. الرابع: أنه فلق الصبح , قاله جابر بن عبد الله ومنه قول الشاعر:
(يا ليلةً لم أَنَمْها بِتُّ مُرْتفقا ... أرْعى النجومَ إلى أنْ نوَّرَ الفَلَقُ.)
الخامس: أنها الجبال والصخور تنفلق بالمياه. السادس: أنه كل ما انفلق عن جميع ما خلق من الحيوان والصبح والحب والنوى وكل شيء من نبات وغيره , قاله الحسن. ولأصحاب الغوامض أنه فلق القلوب للأفهام حتى وصلت إليها ووصلت فيها , وأصل الفلق الشق الواسع , وقيل للصبح فلق لفلق الظلام عنه كما قيل له فجر لانفجار الضوء منه. {مِن شَرِّ ما خَلَق} فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن شر ما خلق جهنم , قاله ثابت البناني. الثاني: إبليس وذريته , قاله الحسن. الثالث: من شر ما خلق في الدنيا والآخرة , قاله ابن شجرة. وفي هذا الشر وجهان: أحدهما: أنه محمول على عمومه في كل شر. الثاني: أنه خاص في الشر الذي يستحق المصاب به الثواب. {ومن شَرِّ غاسقٍ إذا وَقَبَ} فيه أربعة تأويلات: أحدها: يعني الشمس إذا غربت , قاله ابن شهاب. الثاني: القمر إذا ولج أي دخل في الظلام. روى أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة أنها قالت: أخذ رسول

(6/374)


الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم نظر إلى القمر فقال: يا عائشة تعوذي بالله من شر غاسقٍ إذا وقب , وهذا الغاسق إذا وقب. الثالث: أنه الثريا إذا سقطت , وكانت الأسقام والطواعين تكثر عنذ وقوعها , وترتفع عند طلوعها , قاله ابن زيد. الرابع: أنه الليل , لأنه يخرج السباع من آجامها , والهوام من مكامنها ويبعث أهل الشر على العبث والفساد , قاله ابن عباس والضحاك وقتادة والسدي , قال الشاعر:
(يا طيْفَ هِنْدٍ لقد أبقيْتَ لي أرَقا ... إذ جئْتَنا طارِقاً والليلُ قد غَسَقا)
وأصل الغسق الجريان بالضرر , مأخوذ من قولهم غسقت القرحة إذا جرى صديدها , والغسّاق: صديد أهل النار , لجريانه بالعذاب وغسقت عينه إذا جرى دمعها بالضرر في الحلق. فعلى تأويله أنه الليل في قوله (إذا وقب) أربعة تأويلات: أحدها: إذا أظلم , قاله ابن عباس. الثاني: إذا دخل , قاله الضحاك. الثالث: إذا ذهب , قاله قتادة. الرابع: إذا سكن , قاله اليمان بن رئاب. {ومِن شَرِّ النّفّاثاتِ في العُقَدِ} قال أهل التأويل: من السواحر ينفثن في عقد الخيوط للسحر , قال الشاعر:
(أعوذ بربي من النافثا ... تِ في عِضَه العاضه المعْضِه)
وربما فعل قوم في الرقى مثل ذلك , طلباً للشفاء , كما قال متمم بن نويرة:
(نَفَثْت في الخيط شبيه الرُّقَى ... من خشيةِ الجِنّة والحاسدِ.)
وقد روى الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من عقد عقدة ثم

(6/375)


نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك , ومن تعلق شيئاً وكل إليه ,) والنفث: النفخ في العقد بلا ريق , والتفل: النفخ فيها بريق , وفي {شر النفاثات في العقد} ثلاثة أوجه: أحدها: أنه إيهام للأذى وتخيل للمرض من غير أن يكون له تأثير في الأذى والمرض , إلا استشعار ربما أحزن , أو طعام ضار ربما نفذ بحيلة خفية. الثاني: أنه قد يؤذى بمرض لعارض ينفصل فيتصل بالمسحور فيؤثر فيه كتأثير العين , وكما ينفصل من فم المتثائب ما يحدث في المقابل له مثله. الثالث: أنه قد يكون ذلك بمعونة من خدم الجن يمتحن الله بعض عباده. فأما المروي من سحر النبي صلى الله عليه وسلم فقد أثبته أكثرهم , وأن قوماً من اليهود سحروه وألقوا عقدة سحره في بئر حتى أظهره الله عليها. روى أبو صالح عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم اشتكى شكوى شديدة , فبينا هو بين النائم واليقظان إذا ملكان أحدهما عند رأسه , والآخر عند رجليه , فقال أحدهما: ما شكواه؟ فقال الآخر: مطبوب , (أي مسحور , والطب: السحر) قال: ومن طبّه؟ قال: لبيد بن الأعصم اليهودي فطرحه في بئر ذروان تحت صخرة فيها , فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر فاستخرج السحر منها , ويروى أن فيه إحدى عشرة عقدة , فأمر بحل العقد , فكان كلما حل عقدة وجد راحة , حتى حلت العقد كلها , فكأنما أنشط من عقال , فنزلت عليه المعوذتان , وهما إحدى عشرة آية بعدد العقد , وأمر أن يتعوذ بهما. وأنكره آخرون , ومنعوا منه في رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن صح في غيره , لما في استمراره عليه من خبل العقل , وأن الله تعالى قد أنكر على من قال في رسوله حيث يقول: {إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً}. {ومن شر حاسد إذا حسد} أما الحسد فهو تمني زوال نعمة المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها , والمنافسة هي تمني مثلها وإن لم تزل , فالحسد شر

(6/376)


مذموم، والمنافسة رغبة مباحة , وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المؤمن يغبط والمنافق يحسد.) وفي الاستعاذة من شر حاسد إذا حسد وجهان: أحدهما: من شر نفسه وعينه , فإنه ربما أصاب بها فعان وضر , والمعيون المصاب بالعين , وقال الشاعر:
(قد كان قومُك يَحْسبونك سيّدا ... وإخال أنك سيدٌ مَعْيونُ)
الثاني: أن يحمله فرط الحسد على إيقاع الشر بالمحسود فإنه يتبع المساوىء ويطلب العثرات , وقد قيل إن الحسد أول ذنب عصي الله به في السماء والأرض فحسد إبليس آدم حتى أخرجه من الجنة , وأما في الأرض فحسد قابيل بن آدم لأخيه هابيل حتى قتله , نعوذ بالله من شر ما استعاذنا منه. وافتتح السورة ب (قُلْ) لأن الله تعالى أمر نبيه أن يقولها , وهي من السورة لنزولها معها , وقد قال بعض فصحاء السلف: احفظ القلاقل , وفيه تأويلان: أحدهما: قل (قل) في كل سورة ذكر في أوائلها لأنه منها. والثاني: احفظ السورة التي في أولها (قل) لتأكيدها بالأمر بقراءتها.

(6/377)


سورة الناس
بسم الله الرحمن الرحيم

(6/378)


قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)

{قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس} {قُلْ أعُوذُ بِربِّ النّاسِ} وإنما ذكر أنه رب الناس , وإن كان ربّاً لجميع الخلق لأمرين: أحدهما: لأن الناس معظمون , فأعلم بذكرهم أنه رب لهم وإن عظموا. الثاني: لأنه أمر بالاستعاذة من شرهم , فأعلم بذكرهم أنه هو الذي يُعيذ منهم. {مَلِكِ النّاسِ إلَهِ النّاسِ} لأن في الناس ملوكاً , فذكر أنه ملكهم , وفي الناس من يعبد غيره فذكر أنه إلههم ومعبودهم. {مِن شَرَّ الوَسْواسِ الخَنّاسِ} الخّناس هو الشيطان , وفي تسميته بذلك وجهان: أحدهما: لأنه كثير الاختفاء , ومنه قوله تعالى: {فلا أُقْسِمُ بالخُنَّس} يعني النجوم لاختفائها بعد الظهور. الثاني: لأنه يرجع عن ذكر الله , والخنس الرجوع , قال الراجز:
(وصاحب يَمْتَعِسُ امْتِعاسا ... يزدادُ من خَنسِه خناسا)

(6/378)


وأما (الوسواس) ها هنا ففيه وجهان: أحدهما: أنه الشيطان لأنه يوسوس للإنسان , وقد روى ابن جبير عن ابن عباس في قوله (الوسواس الخناس) قال: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم , فإذا سها وغفل وسوس , وإذا ذكر الله تعالى خنس , فعلى هذا يكون في تأويل الخناس وجهان: أحدهما: الراجع بالوسوسة على الهوى. الثاني: أنه الخارج بالوسوسة في اليقين. الوجه الثاني: أنه وسواس الإنسان من نفسه , وهي الوسوسة التي يحدث بها نفسه. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنّ الله تعالى تجاوز لأمتى عما وسوست به أنفسها ما لم تعمل به أو تتكلم به). {الذي يُوسْوِسُ في صُدورِ النّاسِ} وسوسة الشيطان هي الدعاء إلى طاعته بما يصل إلى القلب من قول متخيل , أو يقع في النفس من أمر متوهم ومنه الموسوس إذا غلب عليه الوسوسة , لما يعتريه من المسرة , وأصله الصوت الخفي , قال الأعشى:
(تسمع للحلْي وسواساً إذا انصرفت ... كما استعان بريح عشرق زجل.)
{من الجِنّة والنّاسِ} أما وسواس الجنة فهو وسواس الشيطان على ما قدمناه , وأما وسواس الناس ففيه وجهان: أحدهما: أنها وسوسة الإنسان من نفسه , قاله ابن جريج. الثاني: أنه إغواء من يغويه من الناس. قال قتادة: إن من الإنس شياطين , وإن من الجن شياطين , فنعوذ بالله من شياطين الإنس والجن.

(6/379)


وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوّذ حسناً وحسيناً فيقول: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامّة , ومن كل عْينٍ لامّةٍ , ونحن نسعتيذ بالله مما عوذ ونستمده جميل ما عوّد. وفقنا الله وقارئه لتدبر ما فيه وتفهم معانيه , فيه توفيقنا وعليه توكلنا , والحمد لله وحده وكفى , وصلواته على رسوله محمد المصطفى , وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين , وعلى آله وأصحابه الطاهرين.

(6/380)