تفسير سفيان
الثوري تفسير سفيان الثوري
للامام ابي عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي
المتوفي سنة 161 هـ - 777 م.
رواية أبي جعفر محمد بن أبي حذيفة النهدي عنه
صححه ورتبه وعلق عليه راجع النسخة وضبط أعلامها
لجنة من العلماء بإشراف الناشر
دار الكتب العلمية بيروت. لبنان
(1/1)
إعتمدنا بتحقيق هذه الطبعة على النسخة
المطبوعة في الهند
والتي حققها إمتياز علي عرشي
جميع الحقوق محفوظة بيروت - لبنان
الطبعة الاولى 1403 هـ 1983 م
يطلب من دار الكتب العلمية
ص ب 9424 / 11
بيروت - لبنان
(1/2)
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المصحح
نحمده، ونستعينه، ونصلي علي رسوله الكريم، وعلى آله وأصحابه
وأتباعه أجمعين.
وبعد فإن أمر الوحي العزيز قد بدأ بنزول آيات تدل على ان العلم
والكتابة من نعم الله جل وعز ذكره، لان أول ما تلا النَّبِيِّ،
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من القرآن المقدس، (اقرأ
باسم ربك الذي خلق، خلق الانسان من علق، اقرأ وربك الاكرم،
الذي علم بالقلم، علم الانسان ما لم يعلم) (1) .
وقد سعى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مدى
حياته الطيبة في الكشف عن هذا السر لتلاميذه السعداء، وأوضح
لهم جلالة العلم ومزية الكتابة - فكان في أقل من قرن أن الامة
العربية التي كانت معظمها أمية حين بعث فيها الرسول، قد تزينت
بحلى العلم وتحلت بجواهر الحكمة، ولم يتيسر لها هذا الا ببركة
خدمتها الكتاب المقدس، الذي قد تكفل للانسان بالنجاة والفوز
والفلاح في الدنيا والاخرة، ومع هذا كان ذلك الكتاب موافقا
للسليقة الادبية التي قد حثت العرب على أن يلقبوا غيرهم
بالعجم، فصرفوا وجوهم في حفظه وكتابته والتفكر في معانيه
والعمل بأوامره والاجتناب عن نواهيه، وتركوا كل ما كان تفخر به
العرب من القصاسد والاشعار وردوها على الشياطين الذين كانوا
يلقونها على قائليها من الجاهلية الاولى.
وكان ذلك الكتاب حاويا لاسرار الصفات الالهية الغامضة، وجامعا
لقوانين
__________
(1) العلق 1 - 5.
(*)
(1/3)
الاخلاق العالية وضوابط السياسة والتمدن
المحكمة، ومنطويا على قصص الامم الماضية، وهادا إلى الفكر
اصحيح في المبدء والمعاد، فكان لابد من أن توجد فيه مواضع لم
تكد تصل الى فهمها عقول تلك الامة الجديدة النشأة - فهل
اجترءوا رضي الله عنهم، على أن يقولوا فهيا بآرائهم؟ لا،
والله! بل سألوا عنها رسولا قد أمره الله أن (لا تحرك به لسانك
لتعجيل به.
إن علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرأنا، فاتبع قرآنه. ثم إن علينا
بيانه) (1) .
فتارة فسر الله ما أشكل عليهم بالوحي كما في آية " حتى يتبين
لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود بلفظ " من الفجر " (2) .
وأخرى شرح النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
إشكال الاية، إما بآيگ اخرى نزلت من قبل كما فعل في (ولم
يلبسوا إيمانهم بظلم) بآية (إن الشر كلظلم عظيم) (3) .
أو بألفاظه الطاهرة التي نحن نعتقد أنها تقوم مقام الوحي الخفي
إذا صحت نسبتها إليه، فحفظت الصحابة، رضي الله عنهم، كل ما قال
الله ورسوله في تفسير القرآن العزيز ورووه لتابعيهم بالاحسان
(4) .
لكنهم لم يدونوا تلك الروايات في لاكتب ولا صحائف، أولا لان
رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، قد قال: " لا
تكتبوا عني. ومن كتب عني غير القرآن فيمحه " (5) ، وثانيا لان
الصحابة لخلوص عقدتهم ببركة صحبة النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقرب العهد إليه، ولقلة الاختلاف
والواقعات وتمكنهم من المراجعة الى الثقات، كانوا مستغنين عن
تدوين علم الشرائع، والاحكام، حتى أن بعضهم كره كتابة العلم "
(6) .
عهد التابعين.
فلما انقضي عصر الصحابة أو كاد، وصار الامر الى تابعيهم، "
انتشر الاسلام، واتسعت الامصار، وتفرقت الصحابة في الاقطار،
وحدثت الفتن، واختلاف الاراء، وكثرت الفتاوي، والرجوع الى
الكبراء، فأخذوا في تدوين الحدث والفقه وعلوم القرآن " (6) .
__________
(1) القيامة 16 - 19.
(2) البقرة 5.
(3) الانعام 13.
(4) مفتاح السعادة 2 / 404 - 405.
(5) صحيح مسلم 2 / 538، طبعة مصر 1323 هـ.
(6) الحاج خليفة 1 / 33.
(*)
(1/4)
فأول ما دونه من العلوم التفسير، ومن أقدم
التفاسير تفسير أبي لعالية رفيع ابن مهران الرياحي (م 90 هـ)
الذي رواه الربيع بن انس عنه، ثم تفسير مجاهد ابن جبر (م 101
هـ) ، ثم تفسير عطاء بن أبي رياح (م 114 هـ) ثم تفسير محمد ابن
كعب القرظي (م 117 هـ) (1) .
وانقسمت جماعة المفسرين الى ثلاث مدارس: أولها مفسرو مكة
المكرمة.
وهم تلاميذ عبد الله بن عباس رضي الله عنه، جبر هذه الامة،
الذي دعا له رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم،
بقوله: " اللهم علمه الحكمة وتأويل القرآن " (2) .
وثانيتها مفسرو الكوفة.
وهم تلاميذ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، الذي قال: صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي حقه: " من أحب أن يقرأ القرآن
عضا كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ".
وثالثتها مفسرو والمدينة المنورة، وهم أصحاب زيد بن أسلم
العدوي وهذه الطائفة قد لقبت بقدماء المفسرين.
عهد تبع التابعين
وبعد ذلك العصر جاء تبع التابعين، فصرفوا هممهم في جمع ما روي
في تفسير الايات عن رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وسلم، والصحابة والتابعين، ولم يفرقوا بين المدارس الثلاث التي
كانت امتازت في عصر التابعين بروايات مخصوصة، فدونوا علم
التفسير في الكتب الصغار والكبار.
وصارت كتبهم أجمع للعلم من الكتب السابقة، واشتهر من بينهم
شعبة بن الحجاج (م 160 هـ) ، وسفيان بن سعيد الثوري (م 161 هـ)
، ووكيع بن الجراح (م 197 هـ) ، وسفيان بن عيينة (م 198 هـ) ،
ويزيد بن هارون (م 206 هـ) ، واسحق بن راهوية (م 238 هـ) .
__________
(1) الحاج خليفة 1 / 427 إلى آخر عنوان التفسير.
(2) الاستيعاب 1 / 372 وقال: " في بعض الروايات: اللهم فقهه في
الدين وعلمه التأويل، وفي حديث آخر: اللهم بارك فيه وانشر منه
واجعله من عبادك الصالحين، وفي حديث آخر: اللهم زده علما وفقها
- وهي كلها أحاديث صحاح ".
(3) الاستيعاب 1 / 360.
(*)
(1/5)
مزية تفاسيرهم ولما كانت كتبهم جامعة لما
روي عن الصحابة والتابعين في تفسير القرآن، وكانوا يرجحون
المشي في النار على القول بالرأي في كتاب الله، لا لعدم
البصيرة فيه ولا لغفلة عن خدمته، بل لانه تعالى قد نهى عنه
بقوله (لا تقف مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) ، ولانه، صلى الله
عليه وسلم، قد قال: " من فسر القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ "، و
" من قال في القرآن بغير علم، فليتبوا مقعده من النار "، ولان
أبا بكر الصديق رضي الله عنه، قال: " أي سماء تظلني، وإي أرض
تقلني، لو قلت في القرآن برأيي ".
فصار تفسير كل واحد من هذه الطائفة منبع الهداية الى ما فهمته
الصحابة والتابعتون، ومخزن الدلالة على المنهاج الذي سههل لهم
الخوض في مطالبه التي هي الوسيلة الكبري لنهضة العالم
المستقيمة.
وبالاسف لم يكن عندنا كتاب في تفسير القرآن لاحد من هذه الطبقة
العالية أيضا.
بيد أن أبا جعفر ابن جرير الطبري (م 310 هـ) قد جمع في تفسيره
اكثر مروياتهم، ولعبت بباقيها ايدي الزمان.
لكن الله تعالى قد من علي منة عظمة، وفتح لي بابا واسعا من
أبواب الفخر - أعني وجدت في مكتبة رضا برامبور كتابا صغيرا في
تفسير القرآن لسفيان الثوري، الذي كان يقول: " سلوني عن
المناسك والقرآن، فإني بهما عالم " (1) .
فحمدت الله على هذا الفوز العظيم، وأخذت في تصحيحه وترتيبه
وتحشيته، على منوال علمائنا المحققين، وبعد الجهد الطويل
المتعب وفقت لان أقدم الى علماء الامة المعاصرين نتائج بحثي
وفحصي، فأرجوهم ان يستقبلوه بعين العناية ووجه القبول، والله
تعالى هو الموفق والمعين، وهو بالاجابة واعطاء الاجر جدير.
ترجمة المؤلف
هو أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، أحد
الائمة
__________
(1) الجرح 2 / 224.
(2) قال سبط ابن العجمي في النهاية 121 ب: " ان الحافظ أبا
الفرج ابن الجوزي جمع اخبار سفيان في مجلد مفرد.
وعمل له الحافظ الذبي ترجمة مفردة في كراستين ونصف، وله في
تاريخ دمشق لابن عساكر ترجمة مطولة ".
(*)
(1/6)
الخمسة المجتهدين.
نسبه
ونسبه على ما ذكر ابن سعد (1) والطبري (2) وابن حزم (3)
والقلقشندي (4) ، سفيان بن سعيد بن مسروق بن رافع بن عبد الله
بن موهبة بن أبي بن عبد الهل بن منقذ بن نصر بن الحارث بن
ثعلبة بن عامر بن ملكان بن ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن
الياس بن مضر بن نزار.
وهو الصحيح المجمع عليه، ورواه الخطيب أيضا عن الهيثم بن عدي
بتغير يسير لا يعبا به (5) ، وروي عن أبي عبد الله محمد بن خلف
التميمي انه: سفيان ابن سعيد بن مسروق بن حمزة بن حبيب بن نافع
بن موهبة بن أبي بن عبد الله بن نصر بن ثعلبة بن ملكان،
واختاره السمعاني (6) .
وأسقط منه ابن القيسراني (7) والخزرجي (8) " أبي بن عبد الله،
وثعلبة " وزادا " الحكم " بعد " نصر "، وأبدلا " عامرا "
بمالك، وكتب ابن خلكان (9) : " نصر بن الحكم بن الحارث، وثعلبة
بن ملكان "، وتبعه العيني في ثعلبة بن ملكان (10) .
وقال الحاكم (11) : " هو سفيان بن سعيد بن مسروق بن نافع بن
عبد الله بن موهبة بن عبد الله بن منقذ بن النضر بن مازن بن
ثعلبة بن أد بن طابخة بن الياس ابن مضر بن نزار.
ومع هذا الخلاف الذي رأيناه في نسبه بحذف الاسماء في رواية
وبزيادتها في اخرى، قد تحقق ان نسبة يصل الى ثور بن عبد مناة -
بطن من طابخة، من العدنانية - وانتسابه الى ثور همدان، من
القحطانية، غلط (12) .
__________
(1) الطبقان 6 / 257.
(2) الذيل 105.
(3) جمهرة النسب 63 ب.
(4) نهاية الارب 1 - 2.
(5) تاريخ بغداد: 9 / 54 - وفيه " أبي عبد الله " و (ثعلبة بن
ملاكن ".
(6) الانساب 117 الف.
(7) الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 194.
(8) الخلاصة 145.
(9) الوفيات 1 / 296.
(10) عمدة القارئ (1 / 360.
(11) المعرفة 174 (12) ليراجع البخاري في الكبير 2 / 2 / 94،
وابن أبي حاتم في الجرح 2 / 222 والتقدمة 55، وابن النديم في
الفهرست 314، والمقدسي في الانساب 27، والازدي في المشتبه 11،
وابن ماكولا في الاكمال 1 / 586 والذهبي في التذكرة 1 / 19،
والعسقلاني في التهذيب 4 / 11، وسبط ابن العجمي في النهاية 121
ب.
(*)
(1/7)
بيت الثوري كان والده سعيد بن مسروق أبو
سفيان من محدثي الكوفة الثقات، وثقه ابن معين وأبو حاتم
والعجلي والنسائي وابن المديني، وذكره ابن حبان في الثقات، روي
هو عن أبي وائل، وابراهيم التيمي، وخيثمة بن عبد الرحمن، وسلمة
بن كهيل، والشعبي، وعكرمة، وعون بن أبي جحيفة، وروي عنه
الاعمش، وشعبة بن الحجاج، وأبو عوانة، وابناه سفيان ومبارك،
وخلق.
واختلفت في عام وفاته، فقال ابن أبي عاصم أنه توفي سنة 126 هـ
(743 م) ، وقال ابن قانع: " مات سنة 127 هـ " (744 م) وأرخ
وفاته أحمد وابن حبان في سنة 128 هـ (745 م) (1) .
وأم سفيان كانت ذات زهد وورع، ذكرها ابن الجوزي والمناوي في
الصالحات المتورعات من النساء، ونقلا عنها كلمة جديرة بأن
تحفظها امهات المسلمين جيلا بعد جيل، ويلقينها على أولادهن مرة
بعد اخرى.
وهي أنها قالت لسفيان: " اذهب، فاطلب العلم حتى أعولك انا
بمغزلي، فإذا كتبت عدد أحاديث، فانظر، هل تجد في نفسك زيادة،
فاتبعه، والا فلا تتبعني " (2) .
وأخوه، عمر بن سعيد ومبارك بن سعيد، كانا من أولي العلم والفضل
ومن الحملة لاحاديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، ذكرهما ابن
قتيبة والمقدسي وابن حزم والحاكم والعسقلاني وغيرهم في كتبهم
(2) .
وأخته كانت كام عمار بن محمد المتوفي سنة 182 هـ (801 م) (4))
.
وعلمنا بها قليل.
__________
(1) ابن القيسراني 1 / 69، والنهاية 119 الف، والتهذيب 4 - 82،
والخلاصة 142.
(2) أدب الاملاء 109، وصفة الصفوة 3 / 116، والكواكب 1 / 82
الف.
(3) المعارف 218، والانساب للمقدسي 27، وجمهرة النسب 63 ب،
والمعرفة 245، والتهذيب 4 / 452 و 10 / 28، والانساب 117 الف.
(4) الطبقات 6 / 258.
(*)
(1/8)
وكان لسفيان أقارب أخر توطنوا بخارى وماتوا
بها، منهم عمه الذي ذهب سفيان الى بخرى يطلب ميراثه، وكان عنره
إذ ذاك ثماني عشرة سنة (1) .
ولادة الثوري
ولد الثوري باثير (2) في الكوفة التي كانت راس بلاد العراق، في
خلافة سليمان بن عبد الملك الاموي.
واختلف في السنة التي ولد فيها، فروى الواقدي، وتبعه ابن سعد
والبخاري، انه ولد في سنة هـ (715) (3) وروى الخطيب عن علي بن
صالح، قال: (ولدنا سنة مائة، وكان سفيان أسن منا بخمس سنين) .
وروي ايضا عن ابي نعيم انه قال: (خرج سفيان الثوري من الكوفة
خمس وخمسين ومائة، ولم يرجع - ومات سنة احدى وستين ومائة، وهو
ابن ست وستين فيما أظن) (4) .
فيظهر من هاتين الروايتين انه ولد في سنة 95 هـ (713 م) .
ونقل ابن خلكان (5) واليافعي (6) رواية أخرى تدل على انه ولد
في سنة 96 هـ (714 م) وذكر التبريزي (7) ، وتبعه الفتني (8)
والدهلوي (9) ، انه ولد سنة 99 هـ (8 - 717 م) .
والاول هو الصحيح المعتمد عليه كما نص به الجزري في الغاية
(10) .
مشائخ الثوري
كانت الكوفة مسقط رأس الثوري - وكانت هي في تلك الايام من اهم
مراكز
(1/9)
العلوم الشرعية: الحديث والفقه.
وكان بيته ايضا بيت وجاهة ووثوق في الحديث، فسلك الثوري مسلك
أبيه في طلب الحديث وفقهه من أجلة المحدثين.
منهم أبو اسحق السبيعي، ومنصور بن المعتمر، وسلمة بن كهيل،
وحبيب بن ابي ثابت، وايوب السختياني، وعاصم الاحول، وعمر بن
دينار، وخلق غيرهم من مشائخ الكوفة والبصرة والحجاز وغيرها (1)
.
تلامذة الثوري
ولما انتشر صيته في بلاد الاسلام، رحل إليه طلبة الحديث
والفقه، وكثر اجتماعهم عنده حتى انه لم ينقطع حين كان مختفيا
في مكة المكرمة، والبصرة - ذكر ابن ابي حاتم والخطيب وغيرهما
من اشتهر من تلامذته (2) وذكروا فيهم شعبة، والامام مالك بن
انس، ويحيى بن سعيد القطان، والاوزاعي، وابن المبارك، وسفيان
بن عيينة - فهل رايت أجل مرتبة وأعظم منزلة منهم في الحديث
والرواية؟ مرتبته في الحديث قد ذكر ابن سعد، وابن أبي حاتم (2)
، والخطيب، والذهبي، والعسقلاني في كتبهم أكثر ما قال أرباب
الجرح والتعديل في سفيان وشأنه في الحديث - ومن جملتها: قال
شعبة، وابن عيينة، وأبو عاصم، وابن معين، وغيرهم: (سفيان أمير
المؤمنين في الحديث) -
وقال ابن المبارك: (كتبت عن ألف ومائة شيخ - ما كتبت عن أفضل
من سفيان) - فقال رجل: (ابا عبد الرحمن، رأيت سعيد بن جبير
وغيره، وتقول هذا؟) قال ابن المبارك: (هو ما اقول - ما رأيت
أفضل من سفيان) - وقال ابن عيينة: (لم يدرك مثل ابن عباس في
زمانه، ولا مثل الشعبي في زمانه، ولا مثل الثوري في زمانه) -
(1/10)
وقال ورقاء بن عمر، ووكيع بن الجراح، وعيسى
بن يونس، ويحيى بن يمان، وغيرهم: (لم ير سفيان مثل نفسه) -
وقال يحيى بن سعيد القطان: (سفيان الثورري أحب الي من مالك في
شئ) - قال ابن معين: (في الحديث والفقه والزهد) - وقال الامام
أبو حنيفة: (لو كان سفيان الثوري في التابعين، لكان فيهم له
شان) - وسئل اسمعيل بن ابراهيم عن علم شعبة وسفيان - فقال: (ما
علم شعبة عند سفيان الا كتفلة في بحر) - وقال الامام مالك:
(انما كانت العراق تجيش علينا بالدراهم والثياب ثم صارت تجيش
علينا بالعلم منذ جاء سفيان) (يعني الثوري) - وقال الاوزاعي:
(لم يبق من تجتمع عليه الامة بالرضى الا سفيان) - وقال
النسائي: (هو أجل من ان يقال فيه ثقة.
وهو احد الائمة الذين اوجو ان يكون ممن جعله الله للمتقين
اماما) .
وقال الطبري: (كان فقيها عالما عابدا ورعا ناسكا رواية للحديث
ثقة امينا على ما روى وحدث عن رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلم، وغيره ممن أثر في الدين) .
وكان رحمه الله آية في الحفظ.
قال العجلي: (لا يسمع شيئا الا حفظه حتى كان يخاف عليه) (1) .
وقال الثوري نفسه: (ما استودعت قلبي شيئا فخانني (2) ولاجل ذلك
بلغ عدد مروياته الى ثلاثين الفا (2) وكان يروي جملة مروياته
من كتاب) ؟ فقال: (لا. من حفظة. كان أصحاب الحديث يكتبون
الابواب، وهو يسردها) (4) .
ولاجل هذه الاقوال المنقولة عن الاساطين الحديث والرجال اجمع
السلف والخلف على انه كان (اماما من أئمة المسلمين، وعلما من
اعلام الدين، مجمعا على
(1/11)
امامته، بحيث يستغنى عن تزكيته، مع الاتقان
والحفظ والمعرفة والضبط والورع والزهد) (1) .
ونعلم ان اصحاب هذه الاقوال لم يكونوا من الشعراؤ الذين يغلب
عليهم المدح أو الهجاء، بل هم ارباب الصدق في القول والديانة
في الرأي، فيقولون ما يجدون في رجل، أي رجل كان، ولا يخافون
فيه لومة لائم. فلا سبيل لنا الا الى قبول ما قالوا.
رتبته في الفقه ومع هذا كان
الثوري قد فاق أكثر أقرانه في الفقه والقياس، واشتهر بالرأي
والاجتهاد (2) .
وكان فقهه معمولا به الى القرن الخامس.
وكان مقلدوه يقال لهم الثوري.
وكان من بينهم شيخ الطائفة جنيد البغدادي وابو صالح حمدون بن
احمد القصار النيسابوري وجماعة من أهل دينور (3) .
ولمعرفة رتبته في الفقه يكفينا ان نذكر نبذة مما حكي لنا عن
الفقهاء: قال الخطيب: (عرض الفريابي مرة على الامام ابن عيينة
مسالة فقهية - فاجابه الامام بما كان رأيه فيها.
فقال الفريابي: (ان الثوري يرى خلاف هذا) .
فقال ابن عيينة: (لم تر عيناك يثل سفيان أبدا) (4) .
وقال ايضا: (ما رايت رجلا اعلم بالحلال والحرام من سفيان
الثوري) (5) .
وقال الحسن بن الربيع، سمعت ابن المبارك قبل ان يموت بيومين أو
ثلاثة.
وكان حسن هو الذي غسله وكفنه وقبره.
قال، سمعته قال: (ما أحد عندي من الفقهاء أفضل من سفيان بن
سعيد.
ما أدري ما عبد الله بن عون..؟) (6) .
وقال الوزاعي: (لو قيل لي، اختر لهذه الامة، ما اخترت الا
سفيان الثوري) - 7) .
(1/12)
وقال الوليد بن مسلم: (رايت الثوري بمكة
يستفتى، ولما يخط وجهه بعد) (1) .
وكان الزبير بن عدي، قاضي الري، يستفتي الثوري في قضايا ترد
عليه.
ويفتيه الثوري، ويقضي به الزربير (2) .
وكان الشعيب بن حرب يقول: (اني لاحسب يجاء بسفيان يوم القيامة
حجة من الله على هذا الخلق.
يقال لهم: (تدركوا نبيكم، فقد رأيتم سفيان. الا اقتديتم به..؟)
(3) .
وقال ابن المديني: (انتهى علم أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، من الاحكام الى ثلاثة ممن أخذ عنهم
العلم: عبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عباس.
فاخذ عن ابن مسعود ستة: علقمة، والاسود وعبيدة والحارث بن قيس،
ومسروق، وعمرو بن شرحبيل.
وانتهى علم هؤلاء أي ابراهيم النخعي، والشعبي.
ثم انتهى علم هؤلاء الى ابي اسحق، والاعمش.
ثم انتهى علم هؤلاء الى سفيان الثوري) (4) .
واما الكتب التي صنفها الثوري ومقلدوه في فقهه.
فقد تلفت ولعبت بها ايدي الحدثان.
لكن اقواله الفقهية قد نقلت كثيرا في الكتب التي صنفها الفقهاء
الحنفية والشافعية وغيرهم بحيث يمكن الان جمع كتاب مستقل في
فقهه من هذه الكتب.
مرتبته في التفسير:
وكان رحمه الله من اكابر مفسري عصره.
وكان علمه بالقران واسعا جدا.
حتى كان ياخذ المصحف، فلا يكاد يمر باية الا فسرها (5) .
وكان يقول: (سلوني عن المناسك والقران، فاني بهما عالم) (6) .
(1/13)
وكان رحمه الله لا يقول في القران برايه.
بل كان يتبع ما قال به الصحابة والتابعون، لانه روى عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، قال: (من قال في
القران برانه، فليتبوأ مقعده من النار) .
وروى عن الشعبي، قال: (لان أكذب على مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أحب الى من ان أكذب في القآن كذبة. انما
يقضى الكاذب في القران الى الله) (1) .
وكان لا يفسر من القران الا ما أشكل، لانه روى عن ابن عباس انه
قال: (تفسير القران على أربعة وجوه: (1) تفسير يعلمه العلماء
(2) وتفسير تعرفه العرب (3) وتفسير لا يعذر احد بجهالته، يقول:
من الحلال والحرام (4) وتفسير لا يعلم تأويله الا الله.
من ادعى علمه فهو كاذب) (2) .
ولاجل هذا كان يعجبه من التفسير ماكان حرفا حرفا.
وكان لا يعجته هؤلاء الذين يفسرون السورة من اولها الى اخرها
مثل الكلبي (3) .
وكان يقول: (خذوا التفسير عن اربعة: عن سعيد بن جبير، ومجاهد،
وعكرمة، والضحاك) (4) .
وكان اعتماده على مجاهد أكثر.
وكان يقول: (إذ جاءك التفسير عن مجاهد، فحسبك به) (4) .
عقيدته: اختلف المؤرخون في عقيدة الثوري.
فعده ابن قتيبة وابن رسته من الشيعة (5) .
وقال ابن النديم انه كان زيديا (6) .
وذكر الطبري انه كان شيعيا في بدء الامر.
فلما ذهب الى البصرة لطلب الحديث ولقي ابن عون وأيوب، ترك
التشيع وسلك مسلك أهل السنة (7) .
ويؤيد قول الطبري ما حكى الكفوي انه سئل مرة عن عثمان وعلي رضي
الله عنهما، فقال: (أهل البصرة يقولون بتفضيل عثمان، وأهل
الكوفة بتفضيل علي) .
قيل له: (فانت) ؟ قال: (انا رجل كوفي) (8) .
(1/14)
بسم الله الرحمن الرحيم
القرآن كلام الله غير مخلوق.
منه بدأ وإليه يعود.
من قال غير هذا، فهو كافر والايمان قول وعمل ونيه.
يزيد وينقص.
وتقدمة الشيخين (إلى ن قال) : يا شعيب لا ينفك ما كتبت، حتى
ترى المسح على الخفين، وحتى ترى أن إخفاء (بسم الله الرحمن
الرحيم) أفضل من الجهر به، وحتى تؤمن بالقدر وحتى ترى الصلاة
وراء كل بر وفاجر، والجهاد ماض إلى يوم القيامة والصبر تحت
لواء سلطان جائر أو عدل فقلت: (يا أبا عبد الله، الصلاة كلها)
؟ قال (لا، ولكن صلاة الجمعة والعيدين صل خلف من أدركت.
وأما سائر ذلك فأنت مخير.
لا تصل إلا خلف من تثق به وتعلم إنه من أهل السنة.
إذا وقفت بين يدى الله فسألك عن
(1/15)
هذا فقل: يا رب حدثنى بهذا سفيان الثوري.
ثم خل بينى وبين الله عز وجل فيظهر من هذا الكتاب أن الثوري
كان يعتقد كسائر أئمة أهل السنة وكان يقدم الشيخين.
أما عثمان وعلى رضى الله عنهما، فلعله كان يسكت عن تقديم
أحدهما على الاخر ويحب كليهما لانه كان يقول: (لا يستقيم حب
علي وعثمان رضى الله عنهما، إلا في قلب نبلاء الرجال وإن
الخلفاء الراشدين خمسة: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ
وَعَلِيٌّ وعمر بن عبد العزيز رضى الله عنهم.
ومن اعتقد خلاف هذا فهو متجاوز عن الحد) وعده الشهرستاني في
الصفاتية الذين لم يتعرضوا للتأويل في الصفات ولا تهدفوا
للتشبيه وكان يبغض المرجئة الذين يقولون إن الايمان تصديق فقط
ولذا لا يزيد ولا ينقص حتى إنه سئل مرة أن يصلى على مرجئ قد
مات، فأبى وروى القفطي أنه لقى مرة ما شاء الله اليهودي المنجم
فقال له: (ما شاء الله! أنت تخاف الزحل وترجو المشترى.
وأنا أخاف ربهما) زهد الثوري وورعه: وكان رحمه الله من أزهد
الناس وأورعهم في زمانه وكان يتقى الله حق تقاته، ويحاسب نفسه
كالذى لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها قال يحيى بن بمام:
(ما أرينا مثل سفيان الثوري، ولا رأى سفيان مثله أقبلت الدنيا
عليه فصرف وحهه عنها) وقال عبد الرحمن بن مهدى: (ما عاشرت في
الناس رجلا أرق من سفيان الثوري.
وكنت أرمقه في الليلة بعد الليلة ينهض مذعورا ينادى: (النار!
النار!
(1/16)
شغلنى ذكر النار عن النوم والشهوات) وقال
قبيصة: (ما جلست مع سفيان مجلسا إلا ذكرت الموت.
وما رأيت أحدا كان أكثر ذكرا للموت منه)
وقال قتيبة بن سعيد: (لولا الثوري لمات الورع) وقال أبو خالد:
(أكل سفيان ليلة فشبع فقال: (إن الحمار إذا زيد في علفه زيد في
عمله) .
فقام حتى أصبح) وقال محمد بن عبد الوهاب: (ما رأيت الفقير أعز
ولا أرفع منه في مجلس سفيان.
ولا رأيت الغنى أذل منه في مجلس سفيان) وكان يقول: (الزهد في
الدنيا قصر الامل ليس بأكل الغليظ ولا لبس العباء) مقال ابن
ثابت: (رأيت سفيان في طريق مكة فقومت كل شئ عليه حتى نعليه:
درهم وأربعة دوانيق) وكان يقول: (لا يطوى لى ثوب ابدا، ولا
يبنى لى بيت أبدا ولا اتخذ مملوكا أبدا) ورسالته التى كتب إلى
عباد بن عباد حجة على ما نقلوه من دأب الثوري وديدنه في
المعاملة بالله وبالناس، أمرائهم وفقرائهم وصلحائهم وفجارهم.
وهذا نصه: من سفيان بن سعيد إلى عباد بن عباد.
سلام عليك.
فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو أما بعد فانى أوصيك
بتقوى الله.
فإن اتقيت الله عز وجل كفاك الناس وإن اتقيت الناس لم يغنوا
عنك من الله شيئا
(1/17)
سألت ان أكتب اليك كتابا أصف فيه خلالا
تصحب بها أهل زمانك وتودي إليهم ما يحق لهم عليك وتسأل الله عز
وجل الذى لك، وقد سألت عن أمر جسيم الناظرون فيه اليوم
المقيمون به قليل بل لا أعلم مكان أحد وكيف يستطاع ذلك؟ وقد
كدر هذا الزمان إنه لسشتبه الحق والباطل ولا تنجو من شره إلا
من دعى بدعاء الغريق فهل تعلم مكان أحد هكذا؟ وكان يقال: يوشك
أن يأتي على الناس زمان لا تقر فيه عين حكيم فعليك بتقوى الله
عز وجل والزم العزلة واشتغل بنفسك، واستأنس بكتاب الله عز وجل
واحذر الامراء وعليك بالفقراء والمساكين والدنو منهم فإن
استطعت ان تأمر بخير في رفق، فان قبل منك حمدت الله عز وجل وان
رد عليك أقبلت على نفسك، فإن لك فيها شغلا.
واحذر المنزلة وحبها فإن الزهد فيها اشد من الزهد في الدنيا.
وبلغني ان أصحاب مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كانوا يتعوذون ان يدركوا هذا الزمان وكان لهم من العلم ما ليس
لنا فكيف بنا حين ادركنا على قلة علم وبصر وقلة صبر وقلة أعوان
على الخير مع كدر الزمان وفساد من الناس وعليك بالامر الاول
والتمسك به وعليك بالخمول فان هذا زمان خمول.
وعليك بالعزلة وقلة مخالطة الناس.
فان عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: (إياكم والطمع فان الطمع
فقر واليأس غنى) وفى العزلة راحة من خلاط السوء وكان سعيد بن
المسيب يقول: (العزلة عبادة) وكان الناس إذا التقوا انتفع
بعضهم ببعض.
فأما اليوم فقد ذهب ذلك والنجاة في تركهم فيما نرى وإياك
والامراء والدنو منهم، وإن تخالطهم في شئ من الاشياء إياك ان
تخدع فيقال لك: تشفع فترد عن مظلوم أو مظلمة.
فان تلك خدعة ابليس وانما اتخذها فجار القراء سلما.
وكان يقال: اتقوا فتنة العابد الجاهل وفتنة العالم الفاجر، فان
فتنتهما فتنة كل فتون
(1/18)
يحب ان يعمل بقوله وينشر قوله أو يسمع منه
وإياك وحب الياسة، فان من الناس من تكون الرياسة أحب إليه من
الذهب والفضة.
وهو باب غامض لا يبصره الا البصير من العلماء السماسرة واحذر
الرئاء فإن الرئاء أخفى من ديب النمل وقال حذيفة: (سيأتي على
الناس زمان يعرض على الرجل الخير والشر فلا يدرى أيما يركب) .
وقد ذكر عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم،
قال: (ل تزال يد الله عز وجل على هذه الامة وفى كنفه وجواره
وجناحه ما لم يما قراؤهم الى أمرائهم وما لم يبر خيارهم
أشرارهم وما لم يعظم أبرارهم فجارهم فإذا فعلوا ذلك، رفعها
عنهم وقذف في قلوبهم العب وأنزل بهم الفاقة وسلط عليهم
جبابرتهم فساموهم سوء العذاب) .
وقال: (إذا كان ذلك لا يأتيهم امر يضجون منه إلا اردفه بآخر
يشغلهم عن ذلك) .
فليكن الموت من شأنك ومن بالك.
وأقل الامل.
وأكثر ذكر الموت.
فإنك ان أكثرت ذكر الموت هان عليك أمر دنياك وقال عمر: (أكثرو
ذكر الموت فانكم ان ذكرتموه في كثير، قلله وان ذكرتموه في قليل
كثره. واعلموا انه قد حان للرجل يشتهى الموت) .
أعاذنا الله وإياك من المهالك وسلك بنا وبك سبيل الطاعة) فهذا
هو سفيان الثوري الذى رأيناه الان جالسا بين المجتهدين يذاكرهم
في اصول الدين وفروعه.
يوافق واحد ويخالف اخر.
يؤيد هذا ويرد على ذاك يباحثهم ويناظرهم مرة ويملى عليهم ويروى
عنهم اخرى.
وذاك الثوري بعينه يرى قاعدا في نادى الورع والزهد، لا كعامة
تلك الطريقة بل كأنه سيدها ومدارها، تحيا بحياته وتموت بموته.
ويؤيد رأينا ما قاله شعبة: (ان سفيان سادس الناس بالورع والعم)
، وكا قال أبو رجاء: (لولا الثوري لمات الورع) .
وكانت له رحمه الله طريقة خاصة في التصوف وكان محمد عبد الله
بن خبيق بن سابق الكوفى الانطاكي منسلكا بها كما صرح السلمى في
الطبقات
(1/19)
كسب الثوري لمعيشته كان رحمه الله يتجر
كالامام أبى حنيفة الكوفى رحمهما الله - وكان ما بيديه من رأس
المال نحوا من مائتي دينار - فكان يفرقها على قوم من إخوانه في
اليمن، يبضعون له به - ويوافي الموسم كل عام، فيلقاهم ويحاسبهم
ويأخذ ما ربحوا.
ولم يقبل شئ من الولاة والسلاطين إلا مرة واحدة - ثم ترك ذلك
حتى أنه جاء إليه رجل ببدرة أو بدرتين - وكان أبو ذلك الرجل
صديقا لسفيان جدا - وكان سفيان يأتيه فيقيل عنده - ويإتيه
كثيرا.
فقال: (يا اب عبد الله، في نفسك من أبى شئ) ؟ فأثنى عليه وقال:
(رحم الله أباك) ! وذكر من فضله - فقال له: (يا أبا عبد الله،
قد عرفت كيف صار إلى هذا المال - وأنا أحب أن تقبل هذا الذى
جئتك به، تستعين به على عيالك) - فقبله منه - فخرج الرجل -
فلما خرج أو كاد أن يخرج قال لاخيه مبارك: (يا مبارك، الحقة
فرده) - قال مبارك فلحقته فرددته فقال: (يا ابن أخى أن تقبل
هذا المال - فإنى قد قبلته منك ولكن أحب ان تقبله) - فلم يزل
به حتى أخذه - قال مبارك فلما خرج، جئت وقد داخلني ما لا أملك
- فقعدت بين يديه فقلت: (ويحك، يا أخى! ايش قلبك هذا؟ حجارة؟
أنت ليس لك عيال - أما ترحمني؟ أما ترحم اخوانك؟ أما ترحم
صبياننا؟ فأكثرت عليه من هذا النحو.
فقال: (يا مباك تأكلها انت هنيئا مريئا وأسأل انا عنه. لا يكون
هذا ابدا) ولا يبعد إن يكون مبنى هذا الاجتناب أنه كان آية في
الورع، والورع لا يجتمع مع أكل ما فيه شيهة.
والاموال التى كانت بيد السلاطين والامراء، كان
المتورعون من العلماء يحسبونها من بيوت أموال المسلمين، التى
تصرفوا فيها
(1/21)
خلافا للشرع المبين.
ولذا أبى، رحمه الله أن يقبل مائتي دينار بعث بها محمد بن
إبراهيم الهاشمي الذى كان واليا على مكة.
فقال ابن عيينة، وكان حاضرا في مجلسه (كأنك لا تراها حلالا) ؟
قال: (بلى ولكن أكره أن أذل) وقد عرض عليه قضاء الكوفة فلم
يقبله أيضا لانه كان لا يحب أن يعين الحكومة التى بنيت على
القهر والجبر.
وكذا كان لا يود أن يجعل نفسه عرضة لوعيد (وَمَنْ لَمْ
يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الظالمون) لان حرية
الفكر والعمل لم تبق في ذلك العهد، وكان العمال يحكمون بما
أشار به السلاطين.
ولاجل هذا الزهد قد صار جريئا على القول بالحق واشتهر بين
الناس بالقوال بالحق خروج الثوري من الكوفة ولما استخلف أبو
جعفر المنصور وحج، لقيه الثوري بمنى (وكان ذلك قى سنة 140 أو
144) قال: فقلت: اتق الله.
فإنما انزلت هذه المنزلة وصرت في هذا الموضع بسيوف المهاجرين
والانصار، وأبنائهم يموتون جوعا حج عمر بن الخطاب، فما انفق
الا خمسة عشر دينارا.
وكان ينزل تحت الشجر) فقال: (فإنما تريد ان أكون مثلك) .
فقال لى: (أخرج) .
فخرج الثوري من عنده.
ولما رجع الكوفة، جعل يأخذ عليه ما يفعل بالمسلمين من الجور
والجبر والقهر.
فصبر أبو جعفر عليه مدة، وبالاخرة أمر بأخذه.
فخرج من الكوفة هاربا للنصف من ذى القعدة سنة 155 هـ (761 م)
ولم يرجع إليها حتى مات.
وكان
(1/22)
معدان معه حين خرج.
فلما خلفا الكوفة بظهر، قال له سفيان: (يا معدان، ما
تركت ورائي من أثق به.
ولا أقدم أمامى على من أثق به) .
يعنى الثقة في الدين وروده مكة ولعله ذهب من الكوفة الى مكة
لاداء فريضة الحج.
فلما صار إليها، اجتمع هو والاوزاعي في دار مفضل بن مهلهل.
قال المفضل، وكان على الموسم عبد الصمد بن على الهاشمي.
فدق الباب.
قلنا: (من هذا) ؟ قال: (الامير) فقام الثوري فدخل المخرج.
وقام الاوزاعي، فتلقاه فقال له عبد الصمد بن على: (من أنت؟
أيها الشيخ) ! قال: (أنا أبو عمرو الاوزاعي) قال: (حياك الله
بالسلام! أما أن كتبك كانت تأتينا فكنا نقضى حوائجك؟ ما فعل
سفيان الثوري) ؟ قال قلت (دخل المخرج) فدخل الاوزاعي في أثره
فقال (سلام عليكم، كيف أنتم) ؟ فقال له عبد الصمد بن على (يا
أبا عبد الله أتيتك أكتب هذه المناسك عنكك) قال له سفيان (ألا
أدلك على ما هو أنفع لك) ؟ قال (وما هو) ؟ قال (تدع ما أنت
فيه) قال (كيف أصنع بأمير المؤمنين أبى جعفر) ؟ قال (إن أردت
الله كفاك الله أبا جعفر) فقال له الاوزاعي (يا أبا عبد الله،
ان هؤلاء قريش. وليس يرضون منا إلا بالاعظام لهم) فقال: يا أبا
عمرو، إنا ليس نقدر نضربهم.
فإنما نؤدبهم بمثل هذا الذى ترى) قال المفضل فالتفت الى
الاوزاعي فقال لي: (قم بنا من ههنا فإنى لا آمن أن يبعث هذا من
يضع في رقابنا حبالا، وأرى هذا لا يبالى)
(1/23)
حبسه بأمر أبى جعفر ولما تيقن أبو جعفر أن
الثوري لا يعدل عن نهجه في نقد الحكومة ولا يبالى في مؤخذتها
أي مؤخذة كانت أراد أن يحبسه وينتقم منه انتقاما تاما.
فكتب الى محمد بن إبراهيم عامله على مكة، بحبس رجل من آل أبى
طالب كان بمكة، وبحبس ابن جريج وعباد بن كثير والثوري. فحبسهم.
ثم اطلقهم من الحبس بغير إذن أبى جعفر.
فغضب عليه أبو جعفر أمر أبى جعفر بصلب الثوري ولما لم تصل يد
أبى جعفر الى الثوري وظن أنه قد خاب بعث الخشابين حين خرج الى
مكة في سنة 158 هـ (774 م) وقال (إن رأيتم سفيان الثوري
فاصلبوه) فجاء النجارون ونصبوا الخشب، ونودى سفيان وإذا رأسه
في حجر الفضل بن عياض ورجلاه في حجر ابن عيينة.
فقالوا: (يا أبا عبد الله، اتق الله ولا تشمت بنا الاعداء)
فتقدم الى أستار الكعبة ثم أخذها.
ثم قال (برئت منه، ان دخلها أبو جعفر) فمات أبو جعفر قبل أن
يدخل مكة.
فأخبر بذلك سفيان.
فلم يقل - حضوره عند المهدى ولما مات أبو جعفر في سنة 158 هـ،
ظن الثوري أن الخلاف الذى كان بينه وبين الحكومة قد دفن معه.
وكان قد قاسى الشدة حين اختفائه بمكة.
فكان لا يرى ان يبقى على تلك الحالة الصعبة، بل يود أن يسالم
الحكومة ويسمك لسانه.
فجاءوا به الى المهدى. فلما دخل عليه الثوري، سلم تسليم
العامة، والربيع قائم على رأسه متكئا على سيفه يراقب أمره.
فأقبل عليه المهدى بوجه طلق، وقال
(1/24)
له (يا سفيان، تفر منا ههنا وههنا، وتظن
أنا لو اردناك بسوء لم نقدر عليك.
فقد قدرنا عليك الان. أفما تخشى ان نحكم فيك بهوانا) ؟ قال
سفيان (إن تحكم في بحكم يحكم فيك ملك قادر يفرق بين الحق
والباطل) فقال له
الربيع (إلهذا الجاهل أن يستقبلك بمثل هذا! إئذن لى أن أضرب
عنقه) فقال له المهدى (اسكت ويلك! وهل يريد هذا وأمثاله إلا أن
نقتلهم فنشقى بسعادتهم.
اكتبوا عهده على قضاء الكوفة على أن لا يعترض عليه في حكم)
فكتب عهده ودفع إليه، فأخذه وخرج فرمى به في دجلة وهرب.
فطلب في كل بلد فلم يوجد.
ولما امتنع من قضاء الكوفة، ويولاه شريك بن عبد الله النخعي
قال الشاعر: تحرز سفيان وفر بدينه * وأمسى شريك مرصدا للدراهم
أمر المهدى بطلبه قال ابن سعد، فطلب الثوري.
فخرج الى مكة.
فكتب المهدى أمير المؤمنين الى محمد بن إبراهيم وهو على مكة
يطلبه.
فبعث محمد الى سفيان فأعلمه ذلك وقال (إن كنت تريد إتيان القوم
فاظهر حتى أبعث بك إليهم وإن كنت لا تريد ذلك فتوار) فتوارى
سفيان وطلبه محمد بن إبراهيم.
أمر مناديا فنادى بمكة (من جاء بسفيان فله كذا وكذا) فلم يزل
متواريا بمكة لا يظهر إلا لاهل العلم ومن لا يخافه.
وحينما كان متواريا بمكة لقيه الفقر والفاقة.
حتى أن أخته بعثت مرة مع أبى شهاب الحناط بجراب فيه كعك
وخشكنانج فقدم هو مكة فسأل عنه.
فقيل له، إنه ربما يقعد دبر الكعبة مما يلى باب الحناطين.
قال أبو شهاب، فأتيته هناك.
وكان لى صديقا فوجدته مستلقيا فسلمت عليه.
فلم يسألنى تلك السألة، ولم يسلم علي كما كنت أعرف منه.
فقلت له (إن أختك بعثت إليك
(1/25)
معى بجراب فيه كعك وخشكنانج) فعجل على
واستوى جالسا فقلت (يا أبا عبد الله أتيتك وأنا صديقك فسلمت
عليه فلم ترد على ذلك الرد.
فلما أخبرتك أنى أتيتك بجراب كعك لا يساوى شيئا، جلست وكلمتني)
فقال (يا أبا شهاب لا تلمني فإن هذه لى ثلاثة أيام لم أذق فيها
ذواقا) .
قال أبو شهاب فعذرته) عند المهدى بمكة فلما حج المهدى في سنة
160 هـ، دخل عليه سفيان وقال له مثل ما قال لابي جعفر المنصور
(حج عمر بن الخطاب فأنفق في حجته ستة عشر دينارا.
وأنت حججت فأنفقت في حجتك بيوت الاموال) فقال (أي شئ تريد؟
أكون مثلك) ؟ قال (فوق ما أنا فيه ودون ما أنت فيه) فقال وزيره
أبو عبيد الله: يا أبا عبد الله قد كانت كتبك تأتينا فننفذها)
قال (من هذا) ؟ قال المهدى (أبو عبيد الله وزيرى) قال (احذره
فإنه كذاب أنا كتبت اليك) ؟.
ثم قام فقال له المهدى: أين أبا عبد الله؟ قابل (أعود) وكان قد
ترك نعله حين قام فعاد فأخذها ثم مضى فانتظره المهدى فلم يعد
قال (وعدنا أن يعود فلم يعد) قيل له إنه قد عاد لاخذ نعاله.
فغضب فقال (قد آمن الناس إلا سفيان الثوري.
يونس بن فروة الزنديق) قرنه بزنديق.
قال، فإنه ليطلب وإلخلفى المسجد الحرام.
فذهب فألقى نفسه بين النساء فجللنه قيل له (لم فعلت) ؟ قال
(إنهن أرحم) ثم خرج الى البصرة فلم يزل بها حتى مات وروده
البصرة قال ابن سعد فلما خاف سفيان بمكة من الطلب خرج الى
البصرة فقدمها فنزل قرب منزل يحيى بن سعيد القطان فقال لبعض
أهل الدار (أما قربكم أحد من أصحاب الحديث) ؟ قالوا (بلى يحيى
بن سعيد) قال
(1/26)
(فجئني به) فأتاه به فقال (أنا ههنا منذ
ستة أيام أو سبعة) فحوله يحيى الى جواره وفتح بينه وبينه بابا.
وكان يأتيه بمحدثي أهل البصرة يسلمون عليه ويسمعون منه فكان
فيمن أتاه جرير بن حازم والمبارك بن فضالة وحماد بن سلمة
ومرحوم العطار وحماد بن زيد وغيرهم.
وأتاه عبد الرحمن بن مهدى ولزمه فكان يكتبان عنه تلك الايام.
وكلما أبا عوانة أن يأتيه فأبى وقال (رجل لا يعرفني كيف آتيه)
؟ وذلك أن أبا عوانة سلم عليه بمكة فلم يرد عليه سفيان السلام.
وكلم في ذلك، فقال (لا أعرفه) ولما تخوف سفيان ان يشتهر في
مقامه بالبصرة قرب يحيى بن سعيد قال له (حولني من هذا الموضع)
فحوله الى منزل الهيثم بن منصور الاعرجي من بنى سعد بن زيد
مناة من بنى تميم.
فلم يزل فيهم المراسلة بينه وبين الخليفة وحين قيامة بالبصرة
كلمه حماد بن زيد في تنحيه عن السلطان وقال (هذا فعل أهل
البدع.
وما تخاف منهم؟) فأجمع سفيان وحماد بن زيد على أن يقدما بغداد.
وكتب سفيان الى المهدى (أو الى يعقوب بن داود) فبدأ بنفسه فقيل
له (إنهم يغضبون من هذا) فبدأ بهم.
فأتاه جواب كتابه بما يحب من القريب والكرامة واليمع منه
والطاعة فكان على الخروج إليهم إذ حمى.
واشتد به المرض وقارب الهلاك.
فلما أحس بالموت جزع فقال له مرحوم بن عبد العزيز (يا أبا عبد
الله ما هذا الجزع؟ إنك تقدم على الرب الذى كنت تعبده) فسكن
وهدأ وقال (انظروا من ههنا من أصحابنا الكوفيين) فأرسلوا الى
عبادان فقدم عليه عبد الرحمن بن عبد الملك والحسن بن عياش أخو
أبى بكر بن عياش.
فأوصى الى الحسن بن عياش في تركته وأوصى عبد الرحمن أن يصلى
عليه فأقاما عنده حتى مات
فخرج بجنازته على أهل البصرة فجأة وسمعوا بموته.
وشهده الخلق.
وصلى عليه
(1/27)
عبد الرحمن بن عبد الملك وكان رجلا صالحا
رضيه سفيان لنفسه ونزل في حفرته ونزل معه خالد بن الحارث
وغيرهما ودفنوه ثم انصرف عبد الرحمن بن عبد الملك والحسن بن
عياش الى الكوفة فاخبرا أهلها بموت سفيان وقال السمعاني: إنه
كان انتقل الى عبد الرحمن بن مهدى قبل موته فغسله هو ويحيى بن
سعيد ودفن في مقابر بنى كليب بالبصرة وقت العشاء وكان أبو حاتم
الرازي قد زار قبره هناك وقال الخطيب (إن بنى تميم كانوا لا
يحبون ان يصلى يمانى على مضرى فقيل لهم ما أوصاه به الثوري،
فسكتوا) وقال أبو داؤد (مات سفيلن بالبصرة ودفن ليلا ولم نشهد
الصلاة يعنى عليه - وغدونا على قبره ومعنا جرير فصلى بنا على
قبره، ومعنا جرير بن حازم وسلام بن مسكين.
فتقدم جرير فصلى بنا على قبره.
ثم بكى فقال إذا بكيت على قبر لتكرمه * فبك الغداة على الثوري
سفيان ورثاه أبو زياد الفقيمى.
فقال لقد مات سفيان حميدا مبرزا * على كل قار هجنته المطامع
يلوذ بأبواب الملوك بنية * مبهرجة والزى فيه التواضع يشمر عن
ساقيه والرأس فوقه * قلنسوة فيها اللصيص المخادع جعلتم فداء
للذى صان دينه * وفر به حتى حوته المضاجع على غير ذنب كا إلا
تنزها * عن الناس حتى ادركته المصارع بعيد من أبواب الملوك
مجانب * وإن طلبوه لم تنله الاصابع فعينى على سفيان تبكى حزينة
* شجاها طريد نازح الدار شاسع
يقلب طرفا لا يرى عند رأسه * قريبا حميما أوجعته الفواجع فجعنا
به حبرا فقيها مؤدبا * بفقه جميع الناس قصد الشرائع على مثله
تبكى العيون بفقده * على واصل الارحام والخلق واسع
(1/28)
تاريخ وفاته قال ابن سعد (اجمعوا لنا أنه
توفى بالبصرة وهو مستخف في شعبان سنة 161 هـ (778 م) في خلافة
المهدى) واختاره البخاري.
الطبري والمسعودي.
الخطيب.
ابن النديم.
الحاكم والسمعاني وابن الجوزى وابن الاثير وابن خلكان والذهبي
وابن حجر وغيرهم وروى الخطيب عن خيفة بن خياط انه مات سنة 162
هـ (779 م) وذكرها ابن خلكان واليافعي أيضا - لكنهم ضعفوا هذا
القول واختلف في عمره فالاصح أنه مات وهو ابن 64 سنة لان موسى
بن داؤد قال سمعت سفيان الثوري يقول سنة ثمان وخمسين (لى إحدى
وستون سنة) وروى الخطيب عن أبى نعيم أنه مات وهو إبن 66 سنة
واختار هده الرواية السمعاني والذهبي في الدول واليافعي
والناوى وابن العماد.
وعند المسعودي كان له 63 سنة حين قضى نحبه زواجه وكان الثوري
مع الزهد عن الدنيا يقول (كثرة النساء ليست من الدنيا لان عليا
رضى الله عنه كان من أزهد الصحابة وكان له أربع نسدة وتسع عشرة
سرية) لكنه كان يكره أن يتزوج امرأة ذات مال.
بل يكره التزويج نفسه مخافة ان يكون له ولد فيأكل حسناته قال
منصور بن سابق: ألح على سفيان رجل من إخوانه من أهل البصرة في
التزويج فقال له: (فزوجني)
(1/29)
قال: فخرج سفيان الى مكة وأتى الرجل
البصرة، فخطب عليه امرأة من كبار أهل البصرة ممن لها المال
والشرف.
فأجبوه.
وهيأت قطارا من الحشم والمال، حتى قدمت مكة على سفيان.
فأتى الرجل سفيان فقال له (أخطب عليك) ؟ فقااال (من) ؟ قال
(ابنة فلان) فقال (ما لى فيها حاجه إنما سألتك أن تزوجني امرأة
مثلى) .
قال (فإنهم قد أجابوا) فقال له (ما لى فيها حاجه) قال (تفضحني
عند القوم) قال (ما لى فيها حاجه) قال (وكيف أصنع) ؟ قال (إرجع
الى القوم فقل لهم لا حاجة لى فيها) قال: فرجع فأخبرهم فقالت
الورأة فبأى شئ يكرهنى) ؟ قال: قلت (المال) قالت (فإنى أخرج من
كل مال لى، وأصبر معه) قال: فجاء الجل نشطا فأخبره فقال (لا
حاجة لى فيها إمرأة نشأت في الخير ملكة لا تصبر على هذا فأبى
أن يقبلها فرجعت وقبيل لسفيان (أي شئ تكرهه في التزويج) ؟ قال
(أخاف أن يكون لى ولد) ومع هذا قد نكح مرتين.
فولدت له زوجته الاولى إبنا مات في حياته ثم نكح أم أبى حذيفة
النهدي حين اختفائه بالبصرة فلم تلد له.
ولم يعقب سفيان ولاجل ذلك وهب كل ماله (وكان مائة وخمسين
دينارا) لاخته وإبن أخته عمار بن محمد.
ولم يرثه مبارك بن سعيد أخوه.
كتب الثوري قد صرح المؤرخون أن للثوري غير واحد من الكتب في
التفسير والحديث والفقه والاختلاف والزهد.
وعده ابن الجوزى في المصنفين من العلماء المتقدمين
(1/30)
قال الخطيب: وكان أصحاب الحديث يأتونه في
مكانه حين اختفائه بالبصرة في بيت يحيى بن سعيد القطان.
فإذا سمع بصاحب حديث بعث إليه، وكان يقول (أنت (يعنى يحيى)
تريد مثل أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ.
أين تجد كل وقت هذا؟ اذهب الى الكوفة فجئني بكتبي أحدثك) قال
له يحيى (أنا أختلف إليك وأخاف على دمى. فكيف أذهب، فأتي
بكتبك) ؟ قال (وكان يحيى جبانا جدا) وقال ابن الاسود الحارثى
(خاف سفيان شيئا فطرح كتبه فلما أمن أرسل الى وإلى يزيد بن
توبة الرهبى فقال (أخرجوا الكتب) فدخلنا البئر فجعلنا نخرجها
فأقول (يا أبا عبد الله وفى الركاز الخمس) وهو يضحك فأخرجنا
تسع قمطرات كل واحد الى هنا وأشار الى أسفل ثدييه قال، فقلت
(اعزل لى كتابا تحدثني به) فعزل لى كتابا فحدثني به) وإذ قضى
الثوري أكثر عمره في الكوفة وكانت هي مركز جولاته الى سنة 155
هـ، فنحن على اليقين في أنه صنف أكثر الكتب أو كلها في الكوفة
ثم لما خرج منها في السنة المذكورة خوفا على نفسه من الخليفة
تركها في بيته ونظن أن واحدا من تلاميذه جاء بها إليه حين كان
هو مستترا بالبصرة ليريها عنه.
ثم طرحها الثوري حين خاف شيئا ثم أخرجها لما أمن وحدث بها.
وأيضا نجزم بأن ما أخرج من البئر من الكتب كان تسع قمطرات كل
واحده الى أسفل من ثديى الرجل.
والظاهر ان الكتب التى نسبها المؤرخون الى الثوري لا يمكن ان
تبلغ الى تسع قمطرات.
فهل لعب بها الحدثان مثل مؤلفات معاصريه أم في الرواية شئ من
المبالغة؟ فلولا ان عندنا قول ابن قتيبة (وأوصى الى عمار بن
سيف في كتبه فمحاها، وأحرقها) فيتضح منه ان الكتب المذكورة في
التاريخ والتذكرة هي البقية التى كانت قد رويت وانتشرت في
البلاد ولذا لم تصل إليها يد النار
(1/31)
فأول تلك الكتب 1 - الجامع الكبير في الفقه
والاختلاف.
ذكره ابن النديم، وقال (يجرى مجرى الحديث) وايضا ذكره أبو بكر
ابن خليفة في فهرست مروياته والعلامة محمد عابد السندي في حصر
الشارد وكان الجامع الكبير هذا من أطول الكتب.
وكان يضرب للشئ الجامع كل شئ كما يضرب لسفيانة نوح.
قال ابن الحاج: فقر وذل وخمول معا * أحسنت، يا جامع سفيان قا
لابن ماكولا في ترجمة على بن زياد العبسى التونسى انه روى عن
الثوري وأدخل المغرب جامع الثوري 2 - الجامع الصغير.
ذكره ابن النديم في فهرسته، وقال: رواه جماعة 3 - كتاب الفرائض
ذكره ابن النديم والعلامة السندي 4 - كتاب آداب سفيان الثوري.
ذكره أبو بكر بن خليفة في فهرست مروياته 5 - كتاب التفسير ذكره
الحاج خليفة باسم (تفسير الثوري) لكنه لم ير نسخته بنفسه فأحال
النسبة على الثعلبي بقوله (ذكره الثعلبي) وأيضا ذكره العسقلاني
في التهذيب 4 / 159 في ذكر سلمة بن نبيط فقال (وقع له (أي
للتفسير) ذكر في مسند أثر علقه البخاري في أواخر الطلاق (باب
اللعان) وعن الضحاك بن مزاحم في قوله تعالى: ثلاثة أيام إلا
رمزا، اشارة.
وهذا وصله الثوري في تفسيره
(1/32)
رواية أبى حذيفة عنه عَنْ سَلَمَةَ بْنِ
نُبَيْطٍ عَنِ الضحاك بهذا) ورواه العلامة السندي أيضا باسناد
حذيفة عنه كما في حصر الشارد (أما كتاب التفسير لامام الثوري،
فأنا أرويه عن الشيخ صالح الفلاني عن محمد بن سنه عن مولاى
الشريف محمد بن عبد الله باجازته، عن محمد بن عبد الرحمن
العلقمي عن الحافظ السيوطي عن الحافظ الذهبي، نا أحمد بن على
بن الحسن الجزرى نا محمد بن إسمعيل بن أبى الفتح خطيب مرو نا
على بن حمزة بن على بن طلحة البغدادي، نا أبو القاسم هبة الله
بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين نا محمد بن محمد بن أبى
إبراهيم بن غيلان، نا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي نا
اسحاق بن الحسن الحربى، نا أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي، عن
سفيان الثوري) وذكر ابن النديم وأبو المحاسن في تاريخه رسالتين
له.
أولاهما رسالة الى عباد بن عباد الارسوفى وقد تقدم في ذكر زهد
الثوري.
والاخرى في موضع اسمها بياض في الفهرست وذكر الحاكم نخسا أخرى
له فقال:
(1) نسخ الثوري وغيره من مشائخ العرب، ينفرد بها الهياج بن
بسطام الهروي عنهم
(2) نسخ أخرى للثوري وغيره ينفرد بها أبو مهران بن أبى عمر
الرازي عنهم
(3) نسخ للثوري وغيره، ينفرد بها نوح بن ميمون المرزوى عنهم
النسخة الرامبورية لتفسير الثوري
أما تفسير الثوري فلا توجد له نسخة سوى نسختنا.
وهذه النسخة ناقصة
(1/33)
من الاول والاخر كليهما، وهناك سفيانان في
عصر واحد: الثوري وابن عيينة، ولكليهما تفسير القرآن الكريم
كما صرح به الحاج خليفة في كشف الظنون فلم أجترى على نسبته الى
الثوري حتى وجدت دليلين قويين:
الاول انه ذكر في أول سورة و (الصافات) إسناد لفظه (حَدَّثَنَا
مُحَمَّدٌ ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ثنا سفيان) وأبو حذيفة هذا
هو موسى بن مسعود النهدي الذى لازم الثوري بالبصرة.
وكان العلامة السندي قد ذكره في اسناده لتفسير الثوري
والثانى: أنى وجدت في تفسير (وإهلكم إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ
إِلا هو الرحمن الرحيم) (البقرة) إسنادا لفظه (سفيان عَنْ
أَبِيهِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عن أبى الضحى) وكان سعيد اسم
أبى الثوري فجزمت بأن ما كان من الاوراق هو جزء من كتاب
التفسير للثوري
كيفية النسخة وكميتها
والنسخة مكتوبة بالنسخ القريب من الكوفى العادى على كاغد عربي
لونه مائل الى الحمرة.
ولا يبعد ان يكون قد كتبت في المائة الثالثة من الهجرة وفى أول
النسخة وآخرها نقصان لا يمكن تعيينه وتقديره على التخمين لان
الصفحات خالية عن الاعداد.
والاوراق عليها أثر البلى الخفيف.
وعدد الاوراق 18 - وعدد السطور 27 - 31.
وطول الكتاب وعرضه 26 + 8017.
وطول الكتابة وعرضها 3017 + 12.
ومن خصائص كتابتها
ان الكاتب:
1 - لم يلتزم رسم المصاحف العثمانية في كتابة آيات القرآن
الكريم.
2 - ولم يكتب الالف في ابن عباس وابن مسعود وامثالهما الا في
مواضع قليلة.
3 - ولم يكتبها في سفيان وحارث وأمثالهما.
4 - ولم يكتب الهمزة في حكماء وعلماء وأمثالهما، وكتب عوضها
المد على الالف
(1/34)
ولم يكتب في السائب ووائل وأمثالهما.
6 - ولم يكتبها في تقرؤنها وأمثالها
7 - ولم يكتب الواو العاطفة في قوله (صلى الله سلم) وأول
النسخة (الْإِسْلَامُ يَعْنِي ظَوْرَتَهُمْ.
فَنَزَلَتْ (لا إكراه في الدين) سفيان عَنْ مَنْصُورِ بْنِ
الْمُعْتَمِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ (وَيَلْعَنُهُمُ
اللَّاعِنُونَ) قَالَ الْعَقَارِبُ وَالْخَنَافِسُ
وَالدَّوَابُّ يَقُولُونَ (حُبِسَ عَنَّا الْمَطَرُ بِذُنُوبِ
بَنِي آدم) وخاتمتها (سورة والطور - سفيان عَنْ عَمْرِو بْنِ
مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عباس قال ان
الله ... ) وقد فسرت في هذه النسخة من سور القرآن العزيز:
(1) سورة البقرة
(2) وسورة آل عمران
(3) وسورة النساء
(4) وسورة المائدة
(5) وسورة الانعام
(6) وسورة الاعراف
(7) وسورة الانفال
(8) وسورة براءة
(9) وسورة يونس
(10) وسورة هود
(11) وسورة يوسف
(12) وسورة الرعد
(13) وسورة إبراهيم
(14) وسورة الحجر
(15) وسورة النحل
(16) وسورة بنى إسرائيل
(17) وسورة الكهف
(18) وسورة مريم
(19) وسورة طه
(20) وسورة اقترب
(21) وسورة الحج
(22) وسورة المؤمنين
(23) وسورة النور
(24) وسورة الفرقان
(25) وسورة الشعراء
(26) وسورة طس النمل
(27) وسورة القصص
(28) وسورة العنكبوت
(29) وسورة الروم
(30) وسورة لقمان
(31) وسورة الم السجدة
(32) وسورة الاحزاب
(33) وسورة سبأ
(34) وسورة الملائكة
(35) وسورة يس
(36) وسورة الصافات
(37) وسورة ص
(38) وسورة الزمر
(39) وسورة المؤمن
(40) وسورة حم السجدة
(41) وسورة عسق
(42) وسورة الزخرف
(43) وسورة الجاثية
(44) وسورة الاحقاف
(45) وسورة الفتح
(46) وسورة الحجرات
(47) وسورة ق
(48) وسورة الذاريات
(49) وسورة الطور.
والسور كلها على الترتيب العثماني.
وسقط بينها تفسير سورة محمد
(1/35)
وسورة الدخان، كأن الثوري لم يكن عنده
فيهما شئ.
أما الايات، فليس على النهج المتعارف.
فتفسير الاية المتأخرة مقدم على الاية المتقدمة.
وتفسير بعض الايات يوجد في تفسير الايات لسورة أخرى وعدد
روايات هذه النسخة 911.
وأكثرها مروية عن مفسري مكة.
وفيها روايات رفعت الى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلم وروى الثوري من الصحابة عن أبى بكر وعمر بن
الخطاب وعلى بن أبى طالب وعبد الله بن مسعود وأبى بن كعب وعبد
الله بن عمر وأنس بن مالك وأبى سعيد الخدرى وزبير بن العوام
وأبى هريرة وعمار بن ياسر وإبى ذر وابن عباس والبراء بن عازب
وجابر بن عبد الله وحذيفة بن اليمان وخباب بن الارت وسعد بن
أبى وقاص وسلمان الفارسى وعقبة بن عامر رضى الله عنهم أجمعين
ومن أمهات المؤمنين عن عائشة وأم سلمة رضى الله عنهما
وأكثر رواياته منقطعة رواها عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير
وأبى رزين والشعبى والسدى وعطاء وطاؤس وسعيد بن المسيب وشريح
والحسن البصري وضحاك بن مزاحم وعمرو بن ميمون وعلقمة وحبيب بن
أبى ثابت وقاسم بن محمد ومسروق ومحمد بن كعب القرظى وأبى
الهيثم وأبى مجلز وغيرهم
رواة هذه النسخة
وروى هذا التفسير عن تلميذه أبو خذيفة.
وهو موسى ابن مسعود النهدي البصري المؤدب.
وهو من رواة البخاري ووالترمذى وأبى داود وابن ماجة.
وروى هو عن الثوري وغيره وعنه البخاري وطائفة قال ابن معين:
(هو مثل عبد الرزاق وقبيصة ويعلى وعبيد الله في الثوري) وقال
أحمد (انه
(1/36)
من أهل الصدق) وقال أبو حاتم (صدوق معروف
بالثوري.
ولكن كان يصحف) وقال ابن سعيد (كثير الحديث ثقة إن شاء الله.
وكان حسن الرواية عن عكرمة بن عمار وزهير بن محمد وسفيان
الثوري) .
وقال العجلى: (ثقة صدوق) وضعفه بندار والترمذي.
وذكره ابن حبان في الثقات وقال (يخطئ) وقال ابن خزيمة (لا أحدث
عنه من يبصر الحديث) وقال أبو احمد الحاكم (ليس بالقوى عندهم)
ويروى عن الامام أحمد أنه قال مرة (كان سفيان الذى يحدث عنه
أبو حذيفة ليس هو سفيان الذى يحدث عنه الناس) مات في جمادى
الاخرة سنة 220 هـ (835 م) وقيل سنة 226 هـ (841 م) .
ورواه عن أبى حذيفة اسحق بن الحسن الحربى كما وقع في اسناد
العلامة السندي في حصر الشارد.
ورواه عنه أيضا محمد المكنى بأبى جعفر كما وجدنا في أسانيد بعض
الاثار من نسختنا هذه.
فمن هذا الراوى عن أبى حذيفة؟ كان ظنى قى بدء الامر ان محمدا
وأبا جعفر رجلان.
وهما محمد بن المثنى أبو موسى البصري، وأبو جعفر بن جرير
الطبري صاحب التفسير المشهور.
لكن صرفني عن هذا الظن ان ذكر أبى جعفر قد جاء في موضع بلفظ
(شك أبو جعفر) وفى موضع آخر بلفظ (الشك من أبى جعفر) وكان ذلك
أشارة الى أن أبا جعفر كنية احد من رواة الاثرين.
ورواتهما محمد وأبو حذيفة والثوري وابن جريج وسلنة بن كهيل
وابن أبى مليكة ومجاهد.
وليس فيهم
(1/37)
من يكنى بأبى جعفر.
فلم يبق الا محمد قمن هذا الذى يسمى بمحمد ويكنى بأبى جعفر؟
بالاسف لم أعثر على تعيينه بعد البحث عنه.
لعل الله يحدث بعد ذلك امرا.
مآخذ ترجمة الثوري
ولترجمة الثوري ولترجمة قد راجعت: ابن سعد في الطبقات 6: 257
الى 260 والبخاري في التاريخ الكبير 2: 93 2 الى 94 والصغير
186 و 187 و 216 ومسلما في المنفردات 32 وابن قتيبة في المعارف
217 و 268 وابن رستة في الاعلاق النفيسة 219 والدولابي في
الكنى: 56 2 والطبري في الذيل المذيل 105 وابن ابي حاتم في
الجرح 2: 222 1 الى 225 وتقدمة المعرفة 55 الى 126 وابن النديم
في الفهرست 314 والحاكم في المعرفة 106 و 165 و 174 وابن
ماكولا في الكمال 1: 568 وابن القيسراني المقدسي في الجمع بين
رجال الصحيحين 1: 194 والانساب 27 و 179.والشهرستاني في الملل
65 والسمعاني في الانساب 117 الف وادب الاملاء 6 وغيرها وابن
الجوزي في صفة الصفوة 3: 82 الى 84 والتلقيح 235 وابن الاثير
في جامع الاصول 2: 822 الف واخاه في الكال 6: 20 والقفطي في
الوفيات 1: 296 وابا الفداء في المخنصر 2: 9 والتبريزي في
الرجال 23 ب الذهبي في التذكرة 1: 190 الى 193 والكاشف 36 الف
والدول 6 1 78 واليافعي في مرآة الجنان 1: 345 الى 347 وابن
كثير في البداية 10: 134 وشمس الدين الحسيني في مختصر مجمع
الاحباب 279 الف الى 287 الف والقرشي في الجواهر المضيئة 1:
250 والقلقشندي في نهاية الارب
(1/38)
201 والجزري في الغاية 1: 308 وابن العجمي
في نهاية السوال 121 ب والعسقلاني في التهذيب 4 / 111 الى 115
التقريب 151 والمدلسين 10 والعيني في العمدة 1: 260 والسيوطي
في التلخيص 45 والخزرجي في الخلاصة 145 والشعراني في اللواقح
1: 52 الى 56 والفتني في الرجال 81 الف وب الكفوي في اعلام
الاخيار 65 ب الى 66 ب والدهلوي في الاكمال 116 الشذرات 1: 250
والزركلي في الاعلام 3: 158.
وقد ذكره من علماء الشعية الكشي في معرفة اخبار الرجال 248
والطوسي في الرجال 110 والحلي في الخلاصة 109 والاسترابادي في
منهج المقال 154 الف واللاهجي في خير الرجال 60 الف الى 61 الف
والكلابلابي في منتهى المقال 148.
من الواجب في الختام ان اشكر وزارة المعارف الجليلة على
اعانتها الجزيلة في نشر هذا الكتاب واشكر ايضا عمال هندوستان
برنتنك وركس على سعيهم الجميل في صحة الطباعة وحسنها.
وادعو للذين استفدت من كتبهم ان يعطيهم الله درجات عالية في
جنات عدن.
واستغفر الله لي من الخطا والسهو والنسيان في التصحيح
والتحشية.
والحمد لله اولا وآخرا.
والصلوة والسلام على رسوله محمد وآله واصحابه ظاهرا وباطنا.
مكتبة رضا - رامبور الهند
امتياز علي عرشي مدير المكتبة
(1/39)
|