تفسير مقاتل بن
سليمان سورة الحجر
[سورة الحجر (15) : الآيات 1 الى 99]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1) رُبَما
يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (2)
ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ
فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ
إِلاَّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (4)
مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (5)
وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ
إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ
إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ
الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً
مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا
لَهُ لَحافِظُونَ (9)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ
(10) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ
يَسْتَهْزِؤُنَ (11) كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ
الْمُجْرِمِينَ (12) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ
سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13) وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَابًا
مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14)
لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ
مَسْحُورُونَ (15) وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً
وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ
شَيْطانٍ رَجِيمٍ (17) إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ
فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ (18) وَالْأَرْضَ مَدَدْناها
وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ
شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19)
وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ
بِرازِقِينَ (20) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنا
خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)
وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ
مَاءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ
(22) وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ
الْوارِثُونَ (23) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ
مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24)
وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ
(25) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ
حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ
مِنْ نارِ السَّمُومِ (27) وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ
إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ
(28) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي
فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (29)
فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلاَّ
إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31) قالَ يَا
إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32)
قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ
صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33) قالَ فَاخْرُجْ مِنْها
فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34)
وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ (35) قالَ
رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قالَ
فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (37) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ
الْمَعْلُومِ (38) قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي
لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ
أَجْمَعِينَ (39)
إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) قالَ هَذَا
صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ
عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ
(42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَها
سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ
(44)
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوها
بِسَلامٍ آمِنِينَ (46) وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ
غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (47) لا
يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ (48)
نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49)
وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ (50) وَنَبِّئْهُمْ
عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا
سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) قالُوا لا
تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (53) قالَ
أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ
تُبَشِّرُونَ (54)
قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ
(55) قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ
الضَّالُّونَ (56) قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا
الْمُرْسَلُونَ (57) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ
مُجْرِمِينَ (58) إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ
أَجْمَعِينَ (59)
إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ
(60) فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61) قالَ
إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (62) قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما
كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (63) وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ
وَإِنَّا لَصادِقُونَ (64)
فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ
أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا
حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65) وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ
أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (66) وَجاءَ
أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (67) قالَ إِنَّ هؤُلاءِ
ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ (68) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا
تُخْزُونِ (69)
قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ (70) قالَ هؤُلاءِ
بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (71) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ
لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) فَأَخَذَتْهُمُ
الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها
وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74)
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75) وَإِنَّها
لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (76) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً
لِلْمُؤْمِنِينَ (77) وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ
لَظالِمِينَ (78) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما
لَبِإِمامٍ مُبِينٍ (79)
وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80)
وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (81)
وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ (82)
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83) فَما أَغْنى
عَنْهُمْ مَا كانُوا يَكْسِبُونَ (84)
وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما
إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ
الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ
الْعَلِيمُ (86) وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي
وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87) لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى
مَا مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ
عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) وَقُلْ
إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89)
كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ
جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) فَوَ رَبِّكَ
لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ
(93) فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ
(94)
إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ
يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
(96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما
يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ
السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ
الْيَقِينُ (99)
(2/415)
[سورة الحجر] «1» مكية كلها «2» وهي تسع
وتسعون آية باتفاق
__________
(1) مقصود السورة إجمالا:
بيان حقيقة القرآن، وبرهان النبوة، وحفظ الحق كتابه العزيز من
التغيير والتبديل، وتزيين السموات بمواكب الكواكب، وحفظها
برجوم النجوم من استراق الشياطين السمع، وتقديره- تعالى- الماء
والسحاب من خزائن بره ولطفه، وعلمه- تعالى- بأحوال المتقدمين
فى الطاعة والمتأخرين عنها وبيان الحكمة فى تخليق آدم، وأمر
الملائكة والمقربين بالسجود له، وتعبير إبليس وملامته على
تأبيه واستكباره وجحوده، واستحقاقه اللعنة من الله بعصيانه،
وجرأته بالمناظرة لخالقه ومعبوده. وإخبار الله- تعالى- عباده
بالرحمن والغفران، وتهديدهم بالعذاب والعقاب، والإشارة إلى ذكر
أضياف الخليل- عليه السّلام، والنهى عن القنوط من الرحمة، وذكر
آل لوط، وسكرتهم فى طريق العماية والضلالة، وتسلية النبي- صلى
الله عليه وسلم- عن جفاء الكفار.
وبذي أقوالهم، والمن عليه- صلى الله عليه وسلم- بنزول السبع
المثاني، وسور القرآن العظيم، والشكوى من الطاعنين فى القرآن،
وذكر القسم بوقوع السؤال فى القيامة، وأمر الرسول- صلى الله
عليه وسلم- بإظهار الدعوة، والمن عليه بإهلاك أعداء دينه،
ووصيته بالعبادة إلى يوم الحق واليقين فى قوله: «وَاعْبُدْ
رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ» .
(2) فى المصحف: سورة الحجر مكية إلا آية 87 فمدنية وآياتها 99
نزلت بعد سورة يوسف، وفى كتاب بصائر ذوى التمييز للفيروزآبادي:
السورة مكية إجماعا وعدد آياتها تسع وتسعون بلا خلاف. وتسمى
سورة الحجر لاشتمالها على قصتهم وقوله: «وَلَقَدْ كَذَّبَ
أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ» .
(2/423)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الر
تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ- 1- يعني بين ما فيه
رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا من أهل مكة في الآخرة لَوْ
كانُوا مُسْلِمِينَ- 2- يعني مخلصين في الدنيا بالتوحيد، وذلك
قوله- سبحانه: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا يقول خل يا محمد- صلى الله
عليه وسلم- عن كفار مكة إذا كذبوك يأكلوا وَيَتَمَتَّعُوا في
دنياهم وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ يعني طول الأمل عن الآخرة
فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ- 3- هذا وعيد، ثم خوف كفار مكة بمثل عذاب
الأمم الخالية فقال- سبحانه: وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ
يقول وما عذبنا من قرية إِلَّا وَلَها بهلاكها كِتابٌ
مَعْلُومٌ- 4- يعني موقوت «1» في اللوح المحفوظ إلى أجل وكذلك
كفار مكة عذابهم إلى أجل معلوم يعني القتل ببدر مَا تَسْبِقُ
مِنْ أُمَّةٍ عذبت أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ- 5- يقول ما
يتقدمون من أجلهم ولا يتأخرون عنه «2» وَقالُوا يا أَيُّهَا
الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ يعني القرآن إِنَّكَ
لَمَجْنُونٌ- 6- يعني النبي- صلى الله عليه وسلم- نزلت في عبد
الله بن أمية بن المغيرة المخزومي، والنضر بن الحارث هو ابن
علقمة من بني عبد الدار [196 ب] بن قصي ونوفل بن خويلد بن أسد
بن عبد العزى، كلهم من قريش والوليد بن المغيرة، قالوا للنبي-
صلى الله عليه وسلم-: إنك
__________
(1) فى أ: موقوف.
(2) فى ل: عنه، أ: عنها.
(2/424)
لمجنون. وقالوا له: لَوْ ما تَأْتِينا يعني
أفلا تجيئنا بِالْمَلائِكَةِ فتخبرنا بأنك نبي مرسل إِنْ
كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ- 7- بأنك نبي مرسل ولو نزلت
الملائكة لنزلت إليهم بالعذاب مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ
إِلَّا بِالْحَقِّ «1» وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ- 8- يقول
لو نزلت الملائكة بالعذاب إذا لم يناظروا حتى يعذبوا يعني كفار
مكة، يقول الله- عز وجل-: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
يعني القرآن على محمد- صلى الله عليه وسلم- وَإِنَّا لَهُ
لَحافِظُونَ- 9- لأن الشياطين لا يصلون إليه لقولهم للنبي- صلى
الله عليه وسلم- إنك لمجنون يعلمك الري «2» وَلَقَدْ
أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ يا محمد- صلى الله عليه وسلم- الرسل
فِي شِيَعِ يعني في فرق الْأَوَّلِينَ- 10- يعني الأمم الخالية
وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ ينذرهم بالعذاب في الدنيا
إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ- 11- بأن العذاب ليس بنازل
بهم كَذلِكَ نَسْلُكُهُ يعني هكذا نجعله يعني الكفر بالعذاب
فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ- 12- يعنى كفار مكة لا يُؤْمِنُونَ
بِهِ يعني بالعذاب، ثم قال- سبحانه: وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ
الْأَوَّلِينَ- 13- بالتكذيب لرسلهم بالعذاب يعني الأمم
الخالية الذين أهلكوا بالعذاب في الدنيا وَلَوْ فَتَحْنا
عَلَيْهِمْ يعني على كفار مكة بَابًا مِنَ السَّماءِ فينظرون
إلى الملائكة عيانا كيف يصعدون إلى السماء فَظَلُّوا فِيهِ
يَعْرُجُونَ- 14- يقول فمالوا في الباب يصعدون، ولو عاينوا ذلك
لَقالُوا من كفرهم: إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا مخففة يعني
سدت ولقالوا «3» : بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ- 15- يقول
إذا لقالوا قد سحرنا.
__________
(1) ساقط من أ، ل.
(2) فى ل: الري، أ: الدنى. [.....]
(3) فى أ، ل: لقالوا.
(2/425)
حدثنا عبيد الله قال: حدثني أبي، قال:
حَدَّثَنِي الْهُذَيْلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُقَاتِلٍ عَنْ
عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ حَسَّانٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ
النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ:
سُئِلَ عَنْ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ «1» فَقَالَ:
الْكَوَاكِبِ، وَسُئِلَ عَنِ «2» «الَّذِي جَعَلَ فِي
السَّماءِ بُرُوجاً» «3» قَالَ: الْكَوَاكِبُ، مِثْلُ
الْبُرُوجِ مُشَيَّدَةٌ «4»
قَالَ الْقُصُورُ وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً
قال الكواكب وَزَيَّنَّاها يعني السماء بالكواكب
لِلنَّاظِرِينَ- 16- إليها يعني أهل الأرض وَحَفِظْناها يعني
السماء بالكواكب مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ- 17- يعني ملعون
لئلا يستمعوا إلى كلام الملائكة ثم استثنى من الشياطين فقال
سبحانه: إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ يعني من اختطف السمع
من كلام الملائكة فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ- 18- يعني
الكوكب المضيء وهو الثاقب ونظيرها في الصافات: فَأَتْبَعَهُ
شِهابٌ «5» ثاقب يعنى مضيء «6» وَالْأَرْضَ مَدَدْناها يعنى
بسطناها يعنى مسيرة خمسمائة عام طولها وعرضها وغلظها مثله
فبسطها من تحت الكعبة، ثم قال- عز وجل-:
وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ يعنى الجبال [197 أ] الراسيات في
الأرض الطوال أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ «7» يقول لئلا تزول بكم
الأرض وتمور بمن عليها وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ
مَوْزُونٍ- 19- يقول وأخرجنا من الأرض كل شيء موزون يعني من كل
ألوان النبات معلوم وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها يعني في الأرض
مَعايِشَ مما عليها من النبات، ثم قال سبحانه: وَمَنْ لَسْتُمْ
لَهُ بِرازِقِينَ- 20-
__________
(1) سورة البروج: 1.
(2) عن: ساقطة من أ، وهي من ل.
(3) سورة الفرقان: 61.
(4) سورة النساء: 178.
(5) سورة الصافات: 10.
(6) فى أ، ل: المضيء.
(7) أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ: جزء من 15: النحل، 31: الأنبياء، 10:
لقمان.
(2/426)
يقول لستم أنتم ترزقونهم ولكن أنا أرزقهم
يعني الدواب، والطير معايشهم مما في الأرض من رزقي، ثم قال
سبحانه: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ يقول
ما من شيء من الرزق إلا عندنا مفاتيحه وهو بأيدينا ليس بأيديكم
وَما نُنَزِّلُهُ يعني الرزق وهو المطر وحده إِلَّا بِقَدَرٍ
مَعْلُومٍ- 21- يعنى موقوت وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ
وذلك أن الله يرسل الريح فتأخذ الماء بكيل معلوم من سماء
الدنيا ثم تثير الرياح والسحاب فتلقي الريح السحاب بالماء الذي
فيها من ماء النبت ثم تسوق تلك الرياح السحاب إلى الأرض التي
أمر الرعد أن يمطرها، فذلك قوله سبحانه: فَأَنْزَلْنا مِنَ
السَّماءِ مَاءً يعني المطر فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ
يعني يا بني آدم لَهُ بِخازِنِينَ- 22- يقول لستم أنتم
بخازنيها فتكون مفاتيحها بأيديكم ولكنها بيدي «1» وَإِنَّا
لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ يقول الله- تعالى-: أنا أحى
الموتى، وأميت الأحياء وَنَحْنُ الْوارِثُونَ- 23- يعني ونميت
الخلق ويبقى الرب- تعالى- ويرثهم وَلَقَدْ عَلِمْنَا
الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ يعني من بني آدم من مات منكم
وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ- 24- يقول من بقي منكم
فلم يمت ونظيرها في «ق والقرآن» : قَدْ عَلِمْنا مَا تَنْقُصُ
الْأَرْضُ مِنْهُمْ «2» وَإِنَّ رَبَّكَ يا محمد- صلى الله
عليه وسلم- هُوَ يَحْشُرُهُمْ يعني من تقدم منهم ومن تأخر يقول
وهو يجمعهم في الآخرة إِنَّهُ حَكِيمٌ حكم البعث، ثم قال:
عَلِيمٌ- 25- ببعثهم وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ يعني آدم
مِنْ صَلْصالٍ.
__________
(1) من ل، وفى أ: بخازنيه فيكون مفاتيحه بأيديكم ولكنه بيدي.
(2) سورة ق: 4.
(2/427)
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي
أَبِي، حَدَّثَنِي الْهُذَيْلُ عَنْ مُقَاتِلٍ، وَالضَّحَّاكِ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الصَّلْصَالُ الطين الجيد يعنى الحر
إِذَا ذَهَبَ عَنْهُ الْمَاءُ تَشَقَّقَ، فَإِذَا «حُرِّكَ»
«1» تَقَعْقَعَ مِنْ حَمَإٍ يعني الأسود مَسْنُونٍ- 26- يعني
المنتن فكان التراب مبتلا «2» فصار أسود منتنا، ثم قال:
وَالْجَانَّ يعني إبليس خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ آدم مِنْ نارِ
السَّمُومِ- 27- يعنى صافى «3» ليس فيه دخان وهو المارج من نار
يعني الجان وإنما سمي إبليس الجان لأنه من حي من الملائكة يقال
لهم الجن، والجن جماعة والجان «4» واحد. وَإِذْ قالَ يعني وقد
قال: رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ الذين في الأرض منهم إبليس قال
لهم قبل أن يخلق آدم- عليه السّلام-: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً
يعنى آدم مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ يعني أسود مَسْنُونٍ- 28-
يعني منتن فَإِذا سَوَّيْتُهُ يعنى سويت خلقه [197 ب]
وَنَفَخْتُ فِيهِ يعني آدم مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ
ساجِدِينَ- 29- يقول فاسجدوا لآدم فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ
الذين هم في الأرض كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ- 30- ثم استثنى من
الملائكة إبليس، فقال سبحانه: إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ
يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ- 31- لآدم- عليه السلام- قالَ يَا
إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ في السجود مَعَ
السَّاجِدِينَ- 32- يعني الملائكة الذين سجدوا لآدم- عليه
السلام- قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ يعنى آدم
خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ يعنى
__________
(1) «حرك» من ل. وهي ساقطة من أ
(2) فى ل: مبتلا، أ: مبتل.
(3) هكذا فى: أ، ل، والأنسب: صاف.
(4) فى أ: والجن، ل: والجان. [.....]
(2/428)
الطين مِنْ حَمَإٍ يعني أسود مَسْنُونٍ-
33- يعني منتن فأول ما خلق من آدم- عليه السلام- عجب الذنب ثم
ركب فيه سائر خلقه، وآخر ما خلق من آدم- عليه السلام- أظفاره
وتأكل الأرض عظام الميت كلها غير عجب الذنب- غير عظام «1»
الأنبياء- عليهم السلام- فإنها لا تأكلها الأرض. وفي العجب
يركب بنو آدم يوم القيامة ثم: قالَ فَاخْرُجْ مِنْها يعني من
ملكوت السماء فَإِنَّكَ رَجِيمٌ- 34- يعني ملعون وهو إبليس
وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ- 35- قالَ
رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ- 36- يعني يبعث
الناس بعد الموت يقول أجلني إلى يوم النفخة الثانية كقوله
سبحانه: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ «2» يعني فأجله إلى ميسرة
قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ 37- لا تموت إِلى يَوْمِ
الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ- 38- يعني إلى أجل موقوت وهي النفخة
الأولى وإنما أراد عدو الله الأجل إلى يوم يبعثون لئلا يذوق
الموت لأنه قد علم أنه لا يموت بعد البعث قالَ إبليس: رَبِّ
بِما أَغْوَيْتَنِي يقول أما إذ أضللتني لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ
فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ- 39- يعني
ولأضلنهم عن الهدى أجمعين، ثم استثنى عدو الله إبليس فقال:
إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ- 40- يعني أهل
التوحيد وقد علم إبليس أن الله استخلص عبادا لدينه ليس له
عليهم سلطان، فذلك قوله سبحانه: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ
عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ يعنى ملك أن تضلهم عن الهدى وَكَفى
بِرَبِّكَ وَكِيلًا «3» يعنى حرزا ومانعا لعباده قالَ
__________
(1) هكذا فى: أ، ل: والأنسب: وغير عظام.
(2) سورة البقرة: 280.
(3) سورة الإسراء: 65.
(2/429)
الله- تعالى: هذا صِراطٌ عَلَيَّ يقول هذا
طريق الحق الهدى إلي مُسْتَقِيمٌ- 41- يعني الحق «1» كقوله:
لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ «2» يعني للناس. نظيرها
في هود قوله: إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «3» يعني
المستقيم الحق المبين «4» . ثم قال سبحانه: إِنَّ عِبادِي
لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ
الْغاوِينَ- 42- يعني من المضلين وَإِنَّ جَهَنَّمَ
لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ- 43- يعني كفار الجن والإنس وإبليس
وذريته لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ بعضها أسفل من بعض كل باب أشد
حرا من الذي فوقه بسبعين جزءا بين كل بابين سبعين سنة أولها
جهنم، ثم لظى، ثم الحطمة، ثم السعير، ثم الجحيم، ثم الهاوية،
ثم سقر. لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ [198 أ] جُزْءٌ مَقْسُومٌ- 44-
يعني عدد معلوم من كفار الجن والإنس يعني الباب الثاني يضعف
على الباب الأعلى «5» في شدة العذاب سبعين ضعفا إِنَّ
الْمُتَّقِينَ الشرك فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ- 45- يعني بساتين
وأنهار جارية ادْخُلُوها بِسَلامٍ سلم «6» الله- عز وجل- لهم
أمرهم وتجاوز عنهم نظيرها- في الواقعة- ثم قال: آمِنِينَ- 46-
من الخوف وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ يقول
أخرجنا ما في قلوبهم من الغش الذي كان في الدنيا بعضهم لبعض
فصاروا متحابين إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ- 47- فى
الزيارة يرى بعضهم بعضا
__________
(1) يعنى الحق: ساقطة من أ، وهي من ل.
(2) سورة البقرة: 143.
(3) سورة هود: 56.
(4) من ل، وفى أ: يعنى على الحق المستقيم.
(5) فى أ: على الباب الأعلى، ل: على الأعلى.
(6) فى أ: يسلم، ل: سلم.
(2/430)
متقابلين على الأسرة يتحدثون ثم أخبر عنهم-
سبحانه- فقال: لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ يقول لا تصيبهم
فيها مشقة في أجسادهم كما كان في الدنيا وَما هُمْ مِنْها من
الجنة بِمُخْرَجِينَ- 48- أبدا ولا بميتين أبدا قال الله-
تعالى- للنبي- صلى الله عليه وسلم-: نَبِّئْ عِبادِي يقول أخبر
عبادي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ لذنوب المؤمنين الرَّحِيمُ- 49-
لمن تاب منهم وَأخبرهم أَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ
الْأَلِيمُ- 50- يعني الوجيع لمن عصاني وَنَبِّئْهُمْ يعني
وأخبرهم عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ- 51- ملكان أحدهما جبريل،
والآخر ميكائيل إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ على إبراهيم «1»
فَقالُوا سَلاماً «2» فسلموا عليه وسلم عليهما قالَ إِنَّا
مِنْكُمْ وَجِلُونَ- 52- يعني خائفين وذلك أن إبراهيم- عليه
السلام- قرب إليهم العجل فلم يأكلوا منه فخاف إبراهيم- عليه
السلام- وكان في زمان إبراهيم- عليه السلام- إذا أكل الرجل عند
الرجل طعاما أمن من شره، فلما رأى إبراهيم- عليه السلام-
أيديهم لا تصل إلى العجل خاف شرهم قالُوا «3» قال له جبريل-
عليه السلام-: لا تَوْجَلْ يقول لا تخف إِنَّا نُبَشِّرُكَ
بِغُلامٍ عَلِيمٍ- 53- وهو إسحاق- عليه السلام- قالَ لهم
إبراهيم- عليه السلام-: أَبَشَّرْتُمُونِي بالولد عَلى أَنْ
مَسَّنِيَ الْكِبَرُ على كبر سني فَبِمَ تُبَشِّرُونَ- 54- قال
ذلك إبراهيم- عليه السلام- تعجبا لكبره وكبر امرأته قالُوا «4»
قال جبريل- عليه السلام-: بَشَّرْناكَ يعني نبشرك
__________
(1) فى أ، ل: (إذ دخلوا) على إبراهيم.
(2) «فَقالُوا سَلاماً» : ساقطة من أ، ل.
(3) «قالوا» : ساقطة من أ، ل.
(4) «قالوا» : ساقطة من: أ، ل.
(2/431)
بِالْحَقِّ يعني بالصدق أن الولد لكائن
فَلا تَكُنْ بإبراهيم مِنَ الْقانِطِينَ- 55- يعني لا تيأس
«1» قالَ «2» إبراهيم- عليه السلام-: وَمَنْ يَقْنَطُ يعني
ومن ييئس مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ- 56-
يعنى المشركين قالَ إبراهيم: فَما خَطْبُكُمْ يعني فما
أمركم أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ- 57- قالُوا «3» أي قال
جبريل- عليه السلام-: إِنَّا أُرْسِلْنا بالعذاب إِلى
قَوْمٍ مُجْرِمِينَ- 58- إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا
لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ- 59- ثم استثنى جبريل- عليه
السلام- امرأة لوط، فقال: إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا
إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ- 60- يعني الباقين في العذاب
فخرجوا من عند إبراهيم- عليه السلام- بالأرض المقدسة «4»
فأتوا لوطا بأرض سدوم من ساعتهم فلم يعرفهم لوط- عليه
السّلام-[198 ب] وظن أنهم رجال، فذلك قوله- سبحانه-:
فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ- 61- فيها تقديم
يقول جاء المرسلون إلى لوط قالَ لهم لوط: إِنَّكُمْ قَوْمٌ
مُنْكَرُونَ- 62- أنكرهم ولم يعلم أنهم ملائكة لأنهم كانوا
في صورة الرجال قالُوا بَلْ «5» قال جبريل- عليه السلام-:
قد «6» جِئْناكَ يا لوط بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ-
63- يعني بما كان «7» قومك بالعذاب يمترون يعني يشكون في
العذاب أنه ليس بنازل بهم
__________
(1) فى أ: لا تأيس، ل: لا يبئس. [.....]
(2) فى أ، ل: «يقول» .
(3) فى أ، ل: قال جبريل- عليه السّلام.
(4) فى أ، ل: بأرض المقدسة.
(5) «قالوا بل» : ساقطة من: أ، ل.
(6) فى حاشية أ: بل.
(7) فى أ: بما كانوا. وعليها علامة تمريض. وفى ل: بما كان.
(2/432)
في الدنيا وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ جئناك
بالصدق وَإِنَّا لَصادِقُونَ- 64- بما تقول إنا جئناهم
بالعذاب فقالوا للوط: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ يعنى امرأته
وابنته ريثا وزعوثا «1» بِقِطْعٍ يعنى بعض وهو السحر مِنَ
اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ يعني سر من وراء أهلك
تسوقهم وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ البتة يقول ولا
ينظر أحد منكم وراءه وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ- 65-
إلى الشام وَقَضَيْنا إِلَيْهِ يقول وعهدنا إلى لوط ذلِكَ
الْأَمْرَ يعني أمر العذاب أَنَّ دابِرَ يعني أصل هؤُلاءِ
القوم مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ- 66- يقول إذا أصبحوا نزل بهم
العذاب وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ- 67-
بدخول الرجال منزل لوط. ثم قالَ لهم لوط: إِنَّ هؤُلاءِ
ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ- 68- فيهم ولوط- عليه السلام-
يرى أنهم رجال وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ
- 69- فيهم قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ-
70- أن تضيف منهم أحدا لأن لوطا كان يحذرهم «2» لئلا يؤتون
في أدبارهم فعرض عليهم ابنتيه من الحياء تزويجا واسم
إحداهما ريثا والأخرى زعوثا فذلك قوله:
«قالَ» «3» هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ- 71-
لا بد فتزوجوهن يقول الله- عز وجل-: لَعَمْرُكَ كلمة من
كلام العرب إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ- 72-
يعنى لفي ضلالتهم يترددون فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ يعني
صيحة جبريل- عليه السّلام- مُشْرِقِينَ- 73- يعنى
__________
(1) من أ، وفى ل: ريثاوز عرثا.
(2) فى أ: يحرر، ل: يحذرهم.
(3) «قال» : ساقطة من أ، ل.
(2/433)
حين طلعت الشمس فَجَعَلْنا المدائن الأربع
عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ سدوم، ودامورا،
وعاموا، وصابورا، وأمطرنا على من كان خارجا من المدينة
حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ- 74- ولعل الرجل منهم يكون في قرية
أخرى فيأتيه الحجر فيقتله «مِنْ سِجِّيلٍ» يعني الحجارة
خلطها الطين إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ يقول إن في هلاك قوم
لوط لعبرة لِلْمُتَوَسِّمِينَ- 75- يقول للناظرين من بعدهم
فيحذرون مثل عقوبتهم وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ- 76-
يعني قرى لوط التي أهلكت بطريق مستقيم يعني واضح مقيم يمر
عليها أهل مكة وغيرهم وهي بين مكة والشام إِنَّ فِي ذلِكَ
لَآيَةً يعني إن في هلاك قوم لوط لعبرة لِلْمُؤْمِنِينَ-
77- يعني للمصدقين بتوحيد الله- عز وجل- لمن بعدهم فيحذرون
عقوبتهم يخوف كفار مكة بمثل عذاب [199 أ] الأمم الخالية
وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ- 78- يعني
لمشركين فهم قوم شعيب- عليه السلام- والأيكة الغيضة «1» من
الشجر وكان أكثر الشجر «2» الدوم وهو المقل فَانْتَقَمْنا
مِنْهُمْ بالعذاب وَإِنَّهُما يعني قوم لوط، وقوم شعيب
لَبِإِمامٍ يعني طريق مُبِينٍ- 79- يعني مستقيم وكان عذاب
قوم شعيب- عليه السلام- أن الله- عز وجل- حبس عنهم الرياح
فأصابهم حر شديد لم ينفعهم من الحر شيء وهم في منازلهم،
فلما أصابهم ذلك الحر خرجوا من منازلهم إلى الغيضة
ليستظلوا «3» بها من الحر فأصابهم من الحر أشد مما أصابهم
في منازلهم ثم بعث الله- عز وجل- لهم سحابة فيها عذاب
فنادى بعضهم بعضا
__________
(1) فى أ: الغبطة، ل: الغبضة.
(2) من ل، وفى أ: من الشجر وهو الدوم وهو المقل.
(3) من: ل، وفى أ: يستظلوا.
(2/434)
ليخرجوا من الغيضة فيستظلون «1» تحت
السحابة لشدة حر الشمس يلتمسون بها «2» الروح فلما لجئوا
إليها أهلكهم الله- عز وجل- فيها حرا وغما تحت السحابة.
قال: حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، سمعت أبي، قال: سمعت أبا
صالح «3» ، يقول: غلت أدمغتهم فى رءوسهم، كما يغلى الماء
في المرجل على النار من شدة الحر تحت السحابة «4» فذلك
قوله سبحانه: فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ
إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ «5» .
وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ- 80-
يعني قوم صالح واسم القرية الحجر وهو بوادي القرى، يعني
بالمرسلين صالحا «6» وحده- عليه السلام- يقول كذبوا صالحا
وَآتَيْناهُمْ آياتِنا يعني الناقة آية لهم فكانت ترويهم
من اللبن في يوم شربها من غير أن يكلفوا مؤنة فَكانُوا
عَنْها مُعْرِضِينَ- 81- حين لم يتفكروا في أمر الناقة
وابنها فيعتبروا، فأخبر عنهم، فقال سبحانه: وَكانُوا
يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ- 82- من أن
تقع عليهم الجبال إذا نحتوها وجوفوها فَأَخَذَتْهُمُ
الصَّيْحَةُ يعني صيحة جبريل- عليه السلام- مُصْبِحِينَ-
83- يوم السبت فخمدوا أجمعون «7» يقول الله- عز وجل-:
__________
(1) فى ل: ليستظلوا، أ: فيستظلون.
(2) فى ل: بها، أ: فيها. [.....]
(3) فى أ: قال أبا صالح.
(4) من «حدثنا عبيد الله ... » إلى هنا: ساقط من ل، وهو:
من أ.
(5) سورة الشعراء: 189.
(6) فى أ: صالح، ل: صالحا.
(7) هكذا فى أ، ل.
(2/435)
فَما أَغْنى عَنْهُمْ من العذاب الذي نزل
بهم مَا كانُوا يَكْسِبُونَ- 84- من الكفر والتكذيب فعقروا
الناقة يوم الأربعاء فأهلكهم الله يوم السبت وَما
خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا
بِالْحَقِّ يقول لم يخلفهما الله- عز وجل- باطلا خلقهما
«1» لأمر هو كائن وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ يقول
القيامة كائنة فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ- 85- يقول
للنبي- صلى الله عليه وسلم- فأعرض عن كفار مكة الإعراض
الحسن فنسخ السيف الإعراض والصفح «2» إِنَّ رَبَّكَ هُوَ
الْخَلَّاقُ لخلقه في الآخرة بعد الموت الْعَلِيمُ- 86-
ببعثهم وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي يعني
ولقد أعطيناك فاتحة الكتاب وهي سبع آيات وَالْقُرْآنَ كله
مثاني ثم قال: الْعَظِيمَ- 87- يعني سائر القرآن كله [199
ب] لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى مَا مَتَّعْنا بِهِ
أَزْواجاً مِنْهُمْ يعنى أصنافا منهم من المال وَلا
تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ إن تولوا عنك وَاخْفِضْ جَناحَكَ
لِلْمُؤْمِنِينَ- 88- يقول لين جناحك للمؤمنين فلا تغلظ
لهم وَقُلْ لكفار مكة: إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ
الْمُبِينُ- 89- من العذاب قال سبحانه: كَما أَنْزَلْنا
عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ- 90- فيها تقديم يقول أنزلنا
المثاني والقرآن العظيم كما أنزلنا التوراة والإنجيل على
النصارى واليهود فهم المقتسمون فاقتسموا الكتاب فآمنت
اليهود بالتوراة وكفروا بالإنجيل والقرآن وآمنت النصارى
بالإنجيل وكفروا بالقرآن والتوراة هذا الذي اقتسموا آمنوا
ببعض ما أنزل إليهم من الكتاب وكفروا ببعض ثم نعت اليهود
والنصارى فقال
__________
(1) هكذا فى أ، ل. وفى غير هذا الموضوع كثيرا ما عبر بقوله
«بل خلقهما» .
(2) ليس نسخا ولكنه من المنسأ وهو ما تأخر نزوله لحكمة.
(2/436)
- سبحانه-: الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ
عِضِينَ- 91- جعلوا القرآن أعضاء كأعضاء الجزور. فرقوا
الكتاب ولم يجتمعوا على الإيمان بالكتب كلها فأقسم الله-
تعالى- بنفسه للنبي- صلى الله عليه وسلم- قال- سبحانه:
فَوَ رَبِّكَ يا محمد- صلى الله عليه وسلم-
لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ- 92- عَمَّا كانُوا
يَعْمَلُونَ- 93- من الكفر والتكذيب فَاصْدَعْ بِما
تُؤْمَرُ وذلك أن النبي- صلى الله عليه وسلم- أسر النبوة
وكتمها سنتين فقال الله- عز وجل- لنبيه- صلى الله عليه
وسلم: «فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ» يقول امض لما تؤمر من
تبليغ الرسالة فلما بلغ عن ربه- عز وجل- استقبله كفار مكة
بالأذى والتكذيب في وجهه فقال تعالى: وَأَعْرِضْ عَنِ
الْمُشْرِكِينَ- 94- يعني عن أذى المشركين إياك فأمره
الله- عز وجل- بالإعراض والصبر على الأذى ثم نسختها آية
السيف. ثم قال- سبحانه-: إِنَّا كَفَيْناكَ
الْمُسْتَهْزِئِينَ- 95- وذلك
أن الوليد بن المغيرة المخزومي حين حضر الموسم قال، يا
معشر قريش إن محمدا «1» قد علا أمره في البلاد وما أرى
الناس براجعين حتى يلقونه وهو رجل حلو الكلام إذا كلم
الرجل ذهب بعقله وإني لا آمن أن يصدقه بعضهم فابعثوا رهطا
من ذوي الحجى والرأي فليجلسوا على طريق مكة مسيرة ليلة أو
ليلتين فمن سأل عن محمد فليقل «2» بعضهم: إنه ساحر يفرق
بين الاثنين.
ويقول «3» بعضهم: إنه كاهن يخبر بما يكون في غد لئلا تروه
خير من أن
__________
(1) فى ل: محمدا، أ: محمدا صلى الله عليه وسلم.
(2) فى أ: فليقل بعضهم، ل: فليقل.
(3) هكذا فى أ، ل.
(2/437)
تروه فبعثوا في كل طريق بأربعة من قريش
وأقام الوليد بن المغيرة بمكة فمن دخل مكة في غير طريق
سالك يريد النبي- صلى الله عليه وسلم- تلقاهم «1» الوليد
فيقول هو ساحر كذاب. ومن دخل من طريق لقيه الستة عشر
فقالوا:
هو شاعر [200 أ] ، وكذاب، ومجنون. ففعلوا ذلك وانصدع الناس
عن قولهم فشق ذلك على النبي- صلى الله عليه وسلم- وكان
يرجو أن يلقاه الناس فيعرض عليهم أمره فمنعه هؤلاء
المستهزءون من قريش ففرحت قريش حين تفرق الناس عن قولهم
وقالوا: ما عند صاحبكم إلا غرورا. يعنون النبي- صلى الله
عليه وسلم- فقالت «2» قريش: هذا دأبنا ودأبك فذلك قوله-
سبحانه:
«وَإِذا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا
أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ» «3» وكان منهم من يقول: بئس وافد
القوم أنا إن انصرفت قبل أن ألقى صاحبي فيدخل مكة فيلقى
المؤمنين.
فيقول: ما هذا الأمر؟ فيقولون: خيرا أنزل الله- عز وجل-
كتابا وبعث رسولا، فذلك قوله سبحانه: «مَاذَا أَنْزَلَ
رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً» «4» فنزل جبريل- عليه السلام-
والنبي- صلى الله عليه وسلم- عند الكعبة فمر به الوليد بن
المغيرة بن عبد الله.
فقال جبريل- عليه السلام- للنبي- صلى الله عليه وسلم- كيف
تجد هذا؟ فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- بئس «5» عبد
الله هذا فأهوى جبريل بيده إلى فوق كعبه، فقال: قد كفيتك،
فمر الوليد في حائط فيه نبل لبنى المصطلق وهي حي من خزاعة
__________
(1) هكذا فى أ، ل.
(2) فى أ، ل: فقالت. والأنسب: وقالت.
(3) سورة النحل: 24
(4) سورة النحل: 30 [.....]
(5) بئس: ساقطة من أ، وهي من ل.
(2/438)
يتبختر فيهما فتعلق السهم بردائه قبل أن
يبلغ منزله فنفض السهم وهو يمشي برجله فأصاب السهم أكحله
«1» فقطعه فلما بات تلك الليلة انتفضت به جراحته، ومر به
العاص بن وائل، فقال جبريل «2» : كيف تجد هذا؟ قال: بئس
عبد الله «3» هذا.
فأهوى جبريل بيده إلى باطن قدمه، فقال: قد كفيتك. وركب
العاص حمارا من مكة يريد الطائف، فاضطجع الحمار به على
شبرقة «4» ذات شوك، فدخلت شوكة في باطن قدمه، فانتفخت
فقتله الله- عز وجل- تلك الليلة. ومر به الحارث بن قيس بن
عمرو بن ربيعة بن سهم. فقال جبريل- عليه السلام-:
كيف تجد هذا؟ فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- بئس عبد
الله «5» هذا. فأهوى جبريل- عليه السلام- إلى رأسه، فانتفخ
رأسه فمات منها، ومر به الأسود ابن عبد العزى بن وهب بن
عبد مناف بن زهرة، فقال جبريل- عليه السلام- كيف تجد هذا؟
فقال النبي- صلى الله عليه وسلم: بئس عبد الله «6» هذا إلا
أنه ابن خالي. فأهوى جبريل- عليه السلام- بيده إلى بطنه،
فقال: قد كفيتك «7» .
فعطش فلم يروا من الشراب حتى مات. ومر الأسود بن عبد
المطلب بن المنذر ابن عبد العزى بن قصي فقال جبريل «8» :
كيف تجد هذا؟ قال النبي- صلى الله
__________
(1) فى أ: أبجله وهو الأكحل، وفى ل: الأكحل. وفى حاشية ل:
أكحله وهو الأكحل.
(2) فى ل: جبريل، أ: جبريل عليه السّلام.
(3) فى ل: عبد الله، أ: لعبد الله
(4) هكذا فى أ، ل وعليها فى أعلامة تمريض. والشبرق نبات به
شوك.
(5) فى أ: لعبد الله.
(6) فى أ: العبد لله، ل: عبد الله.
(7) فى أ: كفيتك، ل: قد كفيتك.
(8) فى أ: جبريل- عليه السّلام، ل: جبريل.
(2/439)
عليه وسلم- بئس عبد الله «1» هذا- قال: قد
كفيتك أمره. ثم ضرب ضربة بحبل «2» من تراب، رمى في وجهه
فعمي فمات منها. وأما بعكك، وأحرم فهما أخوان [200 ب] ابنا
الحجاج بن السياق بن عبد الدار بن قصي. فأما أحدهما فأخذته
الدبيلة، وأما الآخر فذات الجنب فماتا كلاهما فأنزل الله-
عز وجل-:
«إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ»
يعني هؤلاء السبعة من قريش «3» ، ثم نعتهم، فقال سبحانه:
الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ
يَعْلَمُونَ- 96- هذا وعيد لهم بعد القتل «4» .
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما
يَقُولُونَ- 97- حين قالوا: إنك ساحر، ومجنون، وكاهن، وحين
قالوا: هذا دأبنا ودأبك. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ يقول
فصل بأمر ربك وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ- 98- يعني المصلين
وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ- 99- فإن
عند الموت يعاين الخير والشر «5» .
__________
(1) فى أ: العبد لله، ل: عبد الله.
(2) فى ل: فضربه بحر ل، أ: بحبل.
(3) ورد هذا الكلام مجملا فى لباب النقول للسيوطي: 133.
(4) من ل، وفى أ: هذا وعيدهم بالقتل.
(5) هكذا فى أ، ل. [.....]
(2/440)
|