تفسير مقاتل بن سليمان

سورة النور

(3/169)


[سورة النور (24) : الآيات 1 الى 64]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاَّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (4)
إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ (7) وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (8) وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)
وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10) إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ (13) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ (14)
إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هَذَا بُهْتانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (19)
وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (20) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21) وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (24)
يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25) الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ (29)
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْها وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (32) وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33) وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34)
اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (36) رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (39)
أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (40) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ (41) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (43) يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (44)
وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45) لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (46) وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49)
أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (50) إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (52) وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (53) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (54)
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (57) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59)
وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62) لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (63) أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64)

(3/171)


[سورة النور «1» ] سورة النور مدنية وهي أربع «2» وستون آية كوفية «3» .
__________
(1) مقصود السورة إجمالا:
اشتملت سورة النور على ما يأتى:
بيان فرائض مختلفة، وآداب حد الزاني والزانية، والنهى عن قذف المحصنات، وحكم القذف، واللعان وقصة إفك الصديقة، وشكاية المنافقين، وخوضهم فيه وحكاية حال المخلصين فى حفظ اللسان، وبيان عظمة عقوبة البهتان، وذم إشاعة الفاحشة والنهى عن متابعة الشيطان والمنة بتزكية الأحوال على أهل الإيمان، والشفاعة لمسطح إلى الصديق فى ابتداء الفضل والإحسان، ومدح عائشة بأنها حصان رزان، وبيان أن الطيبات الطيبين، ولعن الخائضين فى حديث الافك، والنهى عن دخول البيوت بغير إذن وإيذان، والأمر بحفظ الفروج وغض الأبصار، والأمر بالتوبة لجميع أهل الإيمان، وبيان النكاح وشرائطه، وكراهة الإكراه على الزنا وتشبيه المعرفة بالسراج والقنديل، وشجرة الزيتون، وتمثيل أعمال الكفار، وأحوالهم، وذكر الطيور وتسبيحها وأورادها، وإظهار عجائب صنع الله فى إرسال المطر، وتفصيل أصناف الحيوان، والانقياد لأمر الله- تعالى- بالتواضع والإذعان، وخلافة المؤمنين فى الأرض، وصلابتهم فى الشدة وبيان استئذان الصبيان والعبيد، ورفع الحرج عن الأعمى والأعرج والزمن، والأمر بحرمة سيد الإنس والجان، وتهديد المنافقين، وتحذيرهم من العصيان، وختم السورة بأن لله الملك والملكوت بقوله: «أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» : 64.
(2) فى أ: أربعة.
(3) وفى المصحف (24) سورة مدنية وآياتها 64 نزلت بعد الحشر.

(3/181)


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سُورَةٌ يريد فريضة وحكم أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها يعني وبيناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ يعني- عز وجل- آيات القرآن بينات يعني واضحات يعني حدوده- تعالى- وأمره ونهيه لَعَلَّكُمْ يعني لكي تَذَكَّرُونَ- 1- فتتبعون ما فيه من الحدود والنهى الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي إذا لم يحصنا فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ يجلد الرجل على بشرته وعليه إزار، وتجلد المرأة جالسة عليها درعها وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ يعني رقة في أمر الله- عز وجل- من تعطيل الحدود عليهما إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ الذي فيه جزاء الأعمال فلا تعطلوا الحد وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما يعني جلدهما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ- 2- يعني رجلين فصاعدا يكون ذلك نكالا لهما وعظة للمؤمنين، قال الفراء: الطائفة الواحد فما فوقه الزَّانِي من أهل الكتاب لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً من أهل الكتاب أَوْ ينكح مُشْرِكَةً من غير أهل الكتاب من العرب يعني الولائد اللاتي يزنين بالأجر علانية منهن أم شريك جارية عمرو بن عمير المخزومي، وأم مهزول جارية ابن أبى السائب بن عاند «1» ،
__________
(1) فى أ: ابن أم الشايب بن عايد، ف: ابن أبى السايب بن عايذ، ز، ل: جارية أبى السائب بن عائد.

(3/182)


وشريفة جارية زمعة بن الأسود وجلالة جارية سهيل «1» بن عمرو، وقريبة جارية هشام بن عمرو، وفرشي «2» جارية عبد الله بن خطل، وأم عليط «3» جارية صفوان بن أمية، وحنة «4» القبطية جارية العاص بن وائل [34 ب] ، وأميمة جارية عبد الله بن أبي، ومسيكة بنت أمية جارية عبد الله بن نفيل كل امرأة منهن رفعت علامة على بابها كعلامة البيطار ليعرف أنها زانية، وذلك أن نفرا من المؤمنين سألوا النبي- صلى الله عليه وسلم- عن تزويجهن بالمدينة، قالوا: ائذن لنا في تزويجهن فإنهن أخصب أهل المدينة وأكثر خيرا، والمدينة غالية السعر، والخبز بها قليل، وقد أصابنا الجهد، فإذا جاء الله- عز وجل- بالخير طلقناهن وتزوجنا مسلمات فأنزل الله- عز وجل- «الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً «5» » أَوْ مُشْرِكَةً.
وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ يقول وحرم تزويجهن عَلَى الْمُؤْمِنِينَ- 3- وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ يعني نساء المؤمنين بالزنا ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ من الرجال على قولهم فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً
__________
(1) فى أ: سهيل، ف: سهيل، ل، ز: صهيب.
(2) من ز، وفى ف، ا: وجارية عبد الله.
(3) فى ف: عليط، ا، ز: غليظ. [.....]
(4) فى أ: وجنة، ز: وحنة.
(5) جاء فى حاشية ز ما يأتى: «وكان فى الجاهلية ينكح الرجل الزانية ويتخذها مأكلة فرغب رجل من المسلمين فى نكاح أم مهزول واشترطت له أن تنفق عليه فأنزل الله هذه الآية.
وكان ابن مسعود يحرم نكاح الزانية ويقول إذا تزوج الزاني الزانية فهما زانيان، وقيل إن المرأة الفاجرة لا ترغب فى الصالح وإنما ترغب فى الفاجر مثلها.

(3/183)


يجلد بين الضر «1» بين على ثيابه. وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً ما دام حيا وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ- 4- يعني العاصين في مقالتهم، ثم استثنى فقال: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ يعني بعد الرمي وَأَصْلَحُوا العمل فليسوا بفساق فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لقذفهم رَحِيمٌ- 5- بهم فقرأ النبي- صلى الله عليه وسلم- هاتين الآيتين في خطبة يوم الجمعة، فقال عاصم بن عدى الأنصارى للنبي- صلى الله عليه وسلم-: جعلني الله فداك، لو أن رجلا منا وجد على بطن امرأته رجلا فتكلم جلد ثمانين جلدة ولا تقبل له شهادة «2» في المسلمين أبدا ويسميه المسلمون فاسقا، فكيف لأحدنا عند ذلك بأربعة شهداء إلى أن تلتمس أحدنا أربعة شهداء فقد فرغ الرجل من حاجته فأنزل الله- عز وجل- فى قوله: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ بالزنا وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ يعني الزوج أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ- 6- إلى ثلاث آيات،
فابتلى «3» الله- عز وجل- عاصما بذلك في يوم الجمعة الأخرى فأتاه ابن عمه عويمر الأنصاري من بني العجلان بن عمرو بن عوف وتحته ابنة عمه أخى أبيه فرماها بابن عمه شريك بن السحماء، والخليل والزوج والمرأة
__________
(1) هكذا فى أ، ز، ف، ل.
والمراد ضربا وسطا بين الشديد والخفيف، يضرب بسوط لا ثمرة فيه ويفرق الضرب على جسمه ولا يضرب على وجهه لأنه مجمع المحاسن ولا على فرجه لأنه مقتل. انظر كتاب الاختيار لتعليل المختار للموصلي: 4/ 84.
(فصل فى بيان حد الزنا) وأيضا: 4/ 79. (كتاب الحدود) : 4/ 93، باب حد القذف.
(2) من، ز، وفى أ: ولا تقبل له شهادة، ولا تقبل لها شهادة.
(3) فى أ: فابتل، ز: فابتلى.

(3/184)


كلهم من بني عمرو بن عوف وكلهم بنو عم عاصم فقال: يا عاصم، لقد رأيت شريكا على بطن امرأتي فاسترجع عاصم فأتى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال:
أرأيت سؤالي عن هذه وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ فقد ابتليت بها في أهل بيتي فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- وما ذاك يا عاصم [35 أ] فقال: أتاني ابن عمي فأخبرني أنه وجد ابن عم لنا على بطن امرأته فأرسل النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى الزوج والخليل والمرأة فأتوه «1» فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- لزوجها عويمر: ويحك اتق الله- عز وجل- في خليلتك وابنة عمك أن تقذفها بالزنا.
فقال الزوج: أقسم لك بالله- عز وجل- إني رأيته معها على بطنها وإنها لحبلى منه، وما قربتها منذ أربعة أشهر. فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- للمرأة: خولة بنت قيس الأنصارية ويحك ما يقول زوجك، قالت: أحلف بالله إنه لكاذب، ولكنه غار، ولقد رءانى معه نطيل السمر بالليل «2» والجلوس بالنهار، فما رأيت ذلك في وجهه، وما نهاني عنه قط، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- للخليل: ويحك ما يقول ابن عمك فحدثه مثل قولها، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- للزوج والمرأة: قوما فاحلفا بالله- عز وجل.
فقام الزوج عند المنبر دبر صلاة العصر يوم الجمعة «وهو» عويمر بن أمية «3» فقال:
__________
(1) ورد ذلك فى لباب النقول للسيوطي: 155- 156. كما ساق رواية أخرى أخرجها الإمام أحمد أن الآية نزلت فى سعد بن عبادة وهو سيد الأنصار. ونقل السيوطي أن الحافظ بن حجر قال:
اختلف الأئمة فى هذه المواضع فمنهم من رجح أنها نزلت فى شأن عويمر، ومنهم من رجح أنها نزلت فى شأن هلال، ومنهم من جمع بينهما بأن أول من وقع له هلال، وصادف مجيء عويمر أيضا فنزلت فى شأنهما معا.
(2) فى أ: السمر بالليل، ز: السهر والجلوس بالنهار.
(3) عويمر بن أمية: ليس فى ز ولا فى ل، «وهو» : زيادة اقتضاها السياق.

(3/185)


أشهد بالله أن فلانة زانية يعني امرأته خولة، وإني لمن الصادقين، ثم قال الثانية «1» : أشهد بالله أن فلانة زانية ولقد رأيت شريكا على بطنها وإني لمن الصادقين، ثم قال الثالثة: أشهد بالله أن فلانة زانية وإنها لحبلى من غيري وإني لمن الصادقين.
ثم قال في الرابعة: أشهد بالله أن فلانة زانية وما قربتها منذ أربعة أشهر وإني لمن الصادقين.
ثم قال الخامسة: لعنة الله على عويمر إن كان من الكاذبين عليها فى قوله.
«وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ» «2» - 7- ثم قامت خولة بنت قيس الأنصاري مقام زوجها، فقالت: أشهد بالله ما أنا بزانية وإن زوجي لمن الكاذبين، ثم قالت «3» الثانية: أشهد بالله ما أنا بزانية، وما رأى شريكا على بطني وإن زوجي لمن الكاذبين.
ثم قالت الثالثة: أشهد بالله ما أنا بزانية وإني لحبلى منه وإنه لمن الكاذبين.
ثم قالت الرابعة: أشهد بالله ما أنا بزانية وما رأى علي من ريبة ولا فاحشة وإن زوجي لمن الكاذبين.
ثم قالت الخامسة: غضب الله على خولة إن كان عويمرا من الصادقين في قوله. ففرق النبي- صلى الله عليه وسلم- بينهما، فذلك قوله- عز وجل-:
وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ يقول يدفع عنها الحد «4» لشهادتها «5» بعد
__________
(1) من ز، وليست فى أ.
(2) الآية ساقطة من أ، ف، ز، ل، ح، م.
(3) فى أزيادة: فقالت.
(4) فى أ: الحد، ز: الجلد.
(5) فى أ: بشهادتها، ز: لشهادتها.

(3/186)


أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ- 8- «وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ» زوجها «مِنَ الصَّادِقِينَ» - 9- في قوله وكان الخليل رجلا «1» أسود [35 ب] ابن حبشية
فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- إذا ولدت فلا ترضع ولدها حتى تأتوني به فأتوه بولدها فإذا هو أشبه الناس بالخليل، فَقَالَ النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لولا الأيمان «2» لكان لي فيهما «3» أمر.
«والمتلاعنان يفترقان فلا يجتمعان أبدا، وإن صدقت زوجها لم يتلاعنا.
فإن كان زوجها جامعها- بعد الدخول بها «4» - رجمت ويرثها زوجها، وإن كان لم يجامعها جلدت مائة جلدة وهي امرأته «5» .
وإن كان الزوج رجع عن قوله قبل أن يفرغا من الملاعنة جلد ثمانين جلدة وكانت امرأته كما هي «6» .
ثم قال الله- عز وجل-: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ يعني ونعمته لأظهر المريب «7» يعني الكاذب منهما. ثم قال: وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ على التائب حَكِيمٌ- 10- حكم الملاعنة ثم قال: - عز وجل- إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ يعني بالكذب عُصْبَةٌ مِنْكُمْ وذلك أن النبي- صلى الله
__________
(1) فى أ: رجل، ز: رجلا. [.....]
(2) فى أ: لولا ما مضى، ز: او لا الأيمان.
(3) فى أ: فيها، ز: فيهما.
(4) زيادة اقتضاها السياق. والمراد إن كان زوجها قد جامعها صارت محصنة فحدها الرجم وإن لم يكن جامعها لم تكن محصنة فيكون حدها الجلد.
(5) ما بين الأقواس « ... » : من ل، ز، وهو ناقص ومضطرب فى أ.
(6) ساقط من أ، وهو من ز، ل.
(7) فى أ: على المذنب، ز: المريب.

(3/187)


عليه وسلم- انطلق غازيا وانطلق معه «1» عائشة بنت «2» أبي بكر- رضي الله عنهما- زوج النبي- صلى الله عليه وسلم-، ومع النبي- صلى الله عليه وسلم- يومئذ رفيق له، يقال له صفوان بن المعطل من بني سليم، وكان النبي- صلى الله عليه وسلم- إذا سار ليلا مكث صفوان في مكانه حتى يصبح فإن سقط من المسلمين شيء من متاعهم حمله إلى العسكر فعرفه، فإذا جاء صاحبه دفعه إليه، وإن عائشة- رضي الله عنها- لما نودي بالرحيل ذات ليلة «3» ركبت الرحل فدخلت هودجها، ثم ذكرت حليا كان لها نسيته في المنزل «4» فنزلت لتأخذ الحلي ولا يشعر بها صاحب البعير فانبعث البعير فسار مع المعسكر فلما وجدت عائشة- رضي الله عنها- حليها وكان جزعا ظفار يا لا ذهب فيه ولا فضة ولا جوهر «5» فإذا البعير قد ذهب فجعلت تمشي على إثره وهي تبكي، وأصبح صفوان بن المعطل في المنزل «6» ، ثم سار في أثر النبي- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فإذا هو بعائشة- رضي الله عنها- قد غطت وجهها تبكي. فقال صفوان: من هذا؟ فقالت: أنا عائشة؟ فاسترجع «7» ونزل عن بعيره «8» وقال: ما شأنك يا أم المؤمنين. فحدثته بأمر الحلي فحملها على بعيره،
__________
(1) كذا فى أ، ل، ز، ف.
(2) فى الأصل: ابنت.
(3) فى أ: ذلك ليلة، ل: ذات ليلة، والجملة ساقطة من ز.
(4) هكذا فى أ، ز، ل، ف، والمراد بالمنزل اسم مكان للنزول وهو الموضع الذي نزلت به لنقضي حاجتها بعيدا عن الجيش.
(5) ما بين الأقواس « ... » من أ، ل وساقط من ز. وفى أ: ولا جوهرا.
(6) أى فى المكان الذي نزل به الجيش.
(7) استرجع: أى قال: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ.
(8) وردت هذه القصة فى لباب النقول للسيوطي: 157، وقد أخرجها الشيخان وغيرهما عن عائشة- رضى الله عنها. [.....]

(3/188)


ونزل النبي- صلى الله عليه وسلم «1» - ففقد «2» عائشة- رضي الله عنها- فلم يجدها فلبثوا ما شاء الله ثم جاء صفوان «3» وقد حملها على بعيره، فقذفها عبد الله بن أبي، وحسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب «4» بن عبد مناف وحمنة «5» بنت جحش أخت عبد الله بن جحش الأسدي «6» .
يقول الله- تعالى-: لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ لأنكم تؤجرون على ما قد قيل لكم من الأذى بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [36 أ] حين أمرتم بالتثبت «7» والعظة لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ على قدر ما خاض فيه من أمر عائشة- رضي الله عنها- وصفوان بن المعطل السلمى وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ يعني عظمة منهم يعني من العصبة وهو عبد الله بن أبي رأس المنافقين وهو الذي قال ما برئت منه وما برئ منها «8» ، لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ- 11- أى شديد.
__________
(1) فى ز، ل «وأصحابه» ، وليست فى أ.
(2) فى أ: فقد، ل، ز: ففقد، وقد تكون فتفقد.
(3) فى حاشية ز، ما يأتى: (وفى رواية «وكان صفوان قد عرض من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزل والنفر (كذ أ] بين نزول المساء وأخذ الليل، يقلل عرض مشددا نزل آخر الليل ومخففا سار الليل كله.
(4) فى أ: عبد المطلب، ل، ز: المطلب.
(5) فى أ: وجميلة بنت جحش، ز: وحمنة بنت جحش أخت عبد الله بن جحش.
(6) جاء فى النسفي: فقال عبد الله بن أبى ما برئت عائشة من صفوان وما برىء منها فخاض الناس فى ذلك فقال بعضهم قد كان كذا وكذا، وقال بعضهم سمعت كذا وكذا، وبعضهم عرض بالقول، وبعضهم أعجبه ذلك، فنزلت ثماني عشرة آية تكذب الذين قذفوا عائشة- رحمها الله- وتبرئها وتؤدب المؤمنين فنزلت «إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ» يعنى عبد الله بن أبى وحسان بن ثابت ومسطح ابن أثاثة وحمنة بنت جحش «لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ» يقول لعائشة وصفوان لا تحسبوا الذي قيل لكم من الكذب شرا لكم لأنكم تؤجرون على ذلك.
(7) فى أ: بالتثبيت، ز: بالتثبت.
(8) من ز، وفى أ: يعنى عظمه من المعصية يعنى عبد الله بن أبى.

(3/189)


ففي هذه الآية عبرة لجميع المسلمين إذا كانت بينهم خطيئة، فمن أعلن عليها «1» بفعل أو كلام أو عرض أو أعجبه ذلك أو رضي به فهو شريك في تلك الخطيئة على قدر ما كان بينهم والذي تولى كبره يعني الذي ولي الخطيئة بنفسه فهو أعظم إثما عند الله وهو المأخوذ به قال فإذا كانت خطيئة بين المسلمين فمن شهد وكره فهو مثل الغائب، ومن غاب ورضي فهو كمن شهد «2» ، ثم وعظ الذين خاضوا في أمر عائشة- رضي الله عنها- فقال: لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ يقول هلا إذ سمعتم قذف عائشة- رضي الله عنها- بصفوان «3» كذبتم به ألا ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ لأن فيهم حمنة بنت جحش بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً يقول ألا ظن بعضهم ببعض خيرا بأنهم لم يزنوا وَألا قالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ- 12- يقول ألا قالوا هذا القذف كذب بين، ثم ذكر الذين قذفوا عائشة فقال: لَوْلا يعنى هلا جاؤُ عَلَيْهِ يعني على القذف بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ: بأربعة شهداء فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ- 13- في قولهم «4» ، يعني الذين قذفوا عائشة- رحمها الله- ثم قال: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ يعنى ونعمته فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ- 14- يقول لأصابكم «5» فيما قلتم من القذف العقوبة في الدنيا والآخرة فيها تقديم إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ يقول إذ يرويه بعضكم عن بعض وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ يعنى
__________
(1) هذا التعليق من ز وحدها، وفيها (عليه) .
(2) كل هذا التعليق من ز، وليس فى أ.
(3) مكررة فى أ.
(4) الآية رقم 13 مع تفسيرها سقطا من أ، وهما من ز.
(5) فى أ: لأصابهم، ز، ل: لأصابكم.

(3/190)


بألسنتكم ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ يقول من غير أن تعلموا أن الذي قلتم من القذف حق وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً يقول تحسبون القذف ذنبا هينا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ- 15- في الوزر ثم وعظ الذين خاضوا في أمر عائشة- رضي الله عنها- فقال- سبحانه-: وَلَوْلا يعني هلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ يعني القذف قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا يعني ما ينبغي لنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا الأمر هلا قلتم مثل ما قال سعد بن معاذ «1» - رضي الله عنه- وذلك أن سعدا لما سمع القول في أمر عائشة قال:
سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ «2» .
ثم قال- عز وجل- ألا قلتم سُبْحانَكَ يعني ألا نزهتم الرب- جل جلاله- عن أن يعصى وقلتم هَذَا القول بُهْتانٌ عَظِيمٌ- 16- لشدة قولهم والبهتان الذي يبهت فيقول «3» ما لم يكن من قذف أو غيره ثم وعظ الذين خاضوا في أمر عائشة- رضي الله عنها- فقال: يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً يعنى القذف أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ- 17- وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ يعني أموره «4» وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ- 18- إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ يعني من قذف عائشة- رضي الله عنها- وصفوان أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ يعني أن يظهر الزنا، أحبوا ما شاع لعائشة- رضى الله عنها- من الثناء السيء فِي الَّذِينَ آمَنُوا في صفوان وعائشة- رضي الله عنهما- لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ يعني وجيع فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ يعني عذاب النار وَاللَّهُ يَعْلَمُ [36 ب] وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ- 19- وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ يعني نعمته لعاقبكم فيما قلتم لعائشة
__________
(1) فى ز: الأنصارى صاحب لواء الأنصار. [.....]
(2) ما بين القوسين « ... » من ز، وهو ناقص من أ.
(3) فى أ: فيقول، ز: فيكون.
(4) كذا فى أ، ز.

(3/191)


- رضي الله عنها. ثم قال- عز وجل- وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ يعني رفيق بكم «1» رَحِيمٌ- 20- بكم حين عفا عنكم فلم يعاقبكم في أمر عائشة- رضي الله عنها- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ يعني تزيين الشيطان في قذف عائشة- رضي الله عنها- وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ يعني بالمعاصي وَالْمُنْكَرِ يعني ما لا يعرف وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ يعني نعمته ما زَكى يعني ما صلح مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي يعنى بصلح مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ لقولهم لعائشة عَلِيمٌ- 21- به.
وَلا يَأْتَلِ يعني ولا يحلف أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ يعني في الغنى وَالسَّعَةِ في الرزق يعني أبا بكر الصديق- رضي الله عنه- أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى يعني مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف، وأمه اسمها أسماء بنت أبي جندل بن نهشل، قرابة أبي بكر الصديق ابن خالته «2» وَالْمَساكِينَ لأن مسطحا كان فقيرا وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لأنه كان من المهاجرين الذين هاجروا إلى المدينة وَلْيَعْفُوا يعني وليتركوا وَلْيَصْفَحُوا يعني وليتجاوزوا عن مسطح أَلا تُحِبُّونَ يعني أبا بكر أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ للذنوب العظام رَحِيمٌ- 22- يعني بالمؤمنين
فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر- رضي الله عنه-: أما تحب أن يغفر الله- تعالى
__________
(1) فى أ: رفيق لكم، ز: يرق لكم.
(2) من ز، ل، وفى أزيادة هي: وكان يتيما فى حجره فى صغره فلما تبين عذر عائشة- رضى الله عنها- وكان مسطح فيمن خاض فى أمرها حلف أَبُو بَكْر- رَضِيَ اللَّه عَنْهُ- ألا يصله بشيء أبدا لأنه أذاع على عائشة أمر القذف، وكان مسطح من المهاجرين الأولين فأنزل الله- عز وجل- في أبي بكر الصديق «وَلا يَأْتَلِ» يعني ولا يحلف «أُولُو الْفَضْلِ منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى» .

(3/192)


لك. قال: بلى. قال: فاعف واصفح.
فَقَالَ أَبُو بَكْر- رَضِيَ اللَّه عَنْهُ-: قَدْ عفوت وصفحت لا أمنعه معروفا بعد اليوم، وقد جعلت له مثل ما كان قبل اليوم. وكان أبو بكر- رضي الله عنه- قد حرمه تلك العطية حين ذكر عائشة- رضي الله عنها- بالسوء.
إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ يعني يقذفون بالزنا الْمُحْصَناتِ لفروجهن عفائف يعني عائشة- رضي الله عنها- الْغافِلاتِ عن الفواحش الْمُؤْمِناتِ يعني المصدقات لُعِنُوا يعني عذبوا بالجلد ثمانين فِي الدُّنْيا وَفى الْآخِرَةِ بعذاب «النار. يعني عبد الله بن أبي يعذب بالنار «1» [37 أ] لأنه منافق وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ- 23- ثم ضرب النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْد اللَّه بن أبي وحسان بن ثابت ومسطح وحمنة بنت جحش كل واحد منهم ثمانين في قذف عائشة- رضي الله عنها- يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ- 24- يَوْمَئِذٍ في الآخرة يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ يعني حسابهم بالعدل لا يظلمون وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ- 25- يعني العدل البين، ثم قال- تعالى-: الْخَبِيثاتُ يعنى السيء من الكلام لِلْخَبِيثِينَ من الرجال والنساء الذين قذفوا عائشة لأنه يليق بهم الكلام السيء «2» .
__________
(1) من «النار ... » إلى « ... النار» : ساقط من أ، وهو من ز.
(2) اضطراب فى النسخ والتفسير مستخلص من أ، ز.
ففي أ: «الخبيثات» يعنى السيء من الكلام لأنهم يليق بهم الكلام السيء يعنى قذف عائشة- رضى الله عنها. «لِلْخَبِيثِينَ» من الرجال والنساء الذين قذفوا عائشة- رضى الله عنها- لأن فيهم حمنة بنت جحش.
وفى ز: «الخبيثات للخبيثين» يعنى السيئ من الكلام لأنه يليق بها السيء، ثم قال «وَالْخَبِيثُونَ» من الرجال والنساء «لِلْخَبِيثَاتِ» يعني السيئ من الكلام لأنه يليق بهم الكلام السيئ.

(3/193)


وَالْخَبِيثُونَ من الرجال والنساء لِلْخَبِيثاتِ يعني السيئ من الكلام لأنه يليق بهم الكلام السيئ «1» .
ثم قال- سبحانه-: وَالطَّيِّباتُ يعني الحسن من الكلام لِلطَّيِّبِينَ من الرجال والنساء يعني- عز وجل- الذين ظنوا بالمؤمنين والمؤمنات خيرا وَالطَّيِّبُونَ من الرجال والنساء لِلطَّيِّباتِ يعني الحسن من الكلام لأنه يليق بهم الكلام الحسن، ثم قال- تعالى-: أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ يعني مما يقول هؤلاء القاذفون الذين قذفوا عائشة- رضى الله عنها- هم مبرأون من الخبيثات من الكلام لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لذنوبهم وَرِزْقٌ كَرِيمٌ- 26- يعني رزقا حسنا فى الجنة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا يعنى حتى تستأذنوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها فيها تقديم فابدءوا بالسلام قبل الاستئذان وذلك أنهم كانوا في الجاهلية يقول بعضهم لبعض حييت صباحا ومساء فهذه كانت تحية القوم بينهم حتى نزلت هذه الآية، ثم قال:
__________
(1) وفى الجلالين: «الخبيثات» من النساء ومن الكلمات «للخبيثين» من الناس «والخبيثون» من الناس «للخبيثات» مما ذكر.
وفى البيضاوي: «الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ، وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ للطيبات» أى الخبائث يتزوجن الخبائث وبالعكس وكذلك أهل الطيب فيكون كالدليل على قوله «أولئك» يعنى أهل بيت النبي- صلى الله عليه وسلم- أو الرسول وعائشة وصفوان «مبرءون مما يقولون» إذ لو صدق لم تكن زوجته ولم يقرر عليها وقيل الخبيثات والطيبات من الأقوال والإشارة إلى الطيبين والضمير فى «يقولون» للآفكين مما يقولون فيهم أو للخبيثات أى مبرءون من أن يقولوا مثل قولهم.
«لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ» يعنى الجنة ولقد برأ الله أربعة بأربع، برأ يوسف- عليه السلام- بشاهد من أهلها، وموسى- عليه السلام- من قول اليهود فيه بالحجر الذي ذهب بثوبه، ومريم بإنطاق ولدها، وعائشة- رضى الله عنها- بهذه الآيات مع هذه المبالغات، وما ذلك إلا لإظهار منصب الرسول- صلى الله عليه وسلم- وإعلاء منزلته.

(3/194)


ذلِكُمْ يعني السلام والاستئذان خَيْرٌ لَكُمْ يعني أفضل لكم من «1» أن تدخلوا بغير إذن لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ- 27- أن التسليم والاستئذان خير لكم فتأخذون به ويأخذ أهل البيت حذرهم فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً يعني في البيوت فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ في الدخول وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ولا تقعدوا ولا تقوموا على أبواب الناس فإن لهم حوائج «2» هُوَ أَزْكى لَكُمْ يقول الرجعة خير لكم من القيام والقعود على أبوابهم وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ- 28- إن دخلتم بإذن أو بغير إذن فمن دخل بيتا بغير إذن أهله قال له ملكاه اللذان يكتبان عليه [37 ب] : أف لك عصيت وآذيت.
يعني عصيت الله- عز وجل- وآذيت أهل البيت، فلما نزلت آية التسليم والاستئذان في البيوت، قال أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- للنبي- صلى الله عليه وسلم-: فكيف بالبيوت التي بين مكة والمدينة والشام على طهر الطريق ليس فيها ساكن؟ فأنزل الله- عز وجل- في قول أبي بكر الصديق- رضي الله عنه- لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ يعني حرج أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ ليس بها ساكن فِيها مَتاعٌ يعني منافع لَكُمْ من البرد والحر يعني الخانات والفنادق وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ يعني ما تعلنون بألسنتكم وَما تَكْتُمُونَ- 29- يعني ما تسرون في قلوبكم.
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا يخفضوا «3» مِنْ أَبْصارِهِمْ و «من» «4» ها هنا صلة يعني يحفظوا أبصارهم كلها عما لا يحل النظر إليه وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ عن
__________
(1) من: ساقطة من أ، وفى حاشية أ: من محمد وهي فى ز.
(2) فى أ: حوائج، ل، ز: حوائجا.
(3) فى أ: يحفظوا، وفى حاشية أ: يخفضوا، محمد.
وفى ل: يحفظوا، وليست فى ز مطلقا.
(4) فى الأصل: «المن» .

(3/195)


الفواحش ذلِكَ الغض للبصر والحفظ للفرج أَزْكى لَهُمْ يعنى خيرا لهم «من أن لا يغضوا الأبصار، ولا يحفظوا الفروج» «1» ثم قال- عز وجل-:
إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ- 30- في الأبصار والفروج نزلت هذه الآية والتي بعدها في أسماء بنت مرشد كان لها في بني حارثة نخل يسمى الوعل فجعلت «2» النساء يدخلنه غير متواريات يظهرن ما على صدورهن وأرجلهن وأشعارهن، فقالت أسماء: ما أقبح هذا! فأنزل الله- عز وجل- وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها يعني الوجه والكفين وموضع السوارين وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ يعنى على صدورهن وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ يعني- عز وجل- ولا يضعن الجلباب إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ يعني أزواجهن أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ، ثم قال: أَوْ نِسائِهِنَّ يعني نساء المؤمنات كلهن أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ من العبيد أَوِ التَّابِعِينَ وهو الرجل يتبع الرجل فيكون معه من غير عبيده، من غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ «مِنَ الرِّجالِ» «3» يقول من لا حاجة له في النساء: الشيخ الهرم والعنين والخصي والعجوب ونحوه، ثم قال- سبحانه-: أَوِ الطِّفْلِ يعني الغلمان الصغار الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ لا يدرون ما النساء من الصغر فلا بأس بالمرأة أن تضع الجلباب عند هؤلاء «4» المسلمين فى هذه الآية، ثم قال- تعالى-[38 أ] :
__________
(1) فى أ: «مما لا يغضون الأبصار ولا يحفظون الفروج» ، ز: «من أن لا يحفظوا ... » .
(2) فى أ: «فجعل» ، ز: «فجعلت» وتشبه فجعلن. [.....]
(3) «من الرجال» : ساقطة من أ، ل، ز.
(4) كذا فى أ، ل، ز، والمراد عند وجود هؤلاء تتخفف المرأة من جلبابها.

(3/196)


وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ يقول ولا يحركن أرجلهن لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ يعني الخلخال وذلك أن المرأة يكون في رجلها خلخال فتحرك رجلها عمدا ليسمع صوت الجلاجل، فذلك قوله- عز وجل- «وَلا يَضْرِبْنَ بأرجلهن» وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً من الذنوب التي أصابوها مما في هذه السورة أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مما نهى عنه- عز وجل- من أول هذه السورة إلى هذه الآية لَعَلَّكُمْ يعني لكي تُفْلِحُونَ- 31- وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ يعني الأحرار بعضكم بعضا يعني من الأزواج من رجل أو امرأة وهما حران فأمر الله- عز وجل- أن يزوجا، ثم قال- سبحانه- وَأنكحوا الصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ يقول وزوجوا المؤمنين من عبيدكم وإمائكم فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج، ثم رجع إلى الأحرار فيها تقديم إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ لا سعة لهم في التزويج يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الواسع فوعدهم أن يوسع عليهم عند التزويج وَاللَّهُ واسِعٌ لخلقه عَلِيمٌ- 32- بهم «1» فقال عمر- رضي الله عنه- ما رأيت أعجز ممن لم يلتمس الغناء في الباءة يعني النساء يعني قول الله- عز وجل-:
«إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ» وَلْيَسْتَعْفِفِ عن الزنا ويقال نكاح الأمة الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً يعني سعة التزويج حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ يعنى يرزقه فيتزوج الحرائر وتزوجوا الإماء وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ يعني عبيدكم فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً يعنى ما لا، نزلت في حويطب بن عبد العزى وفي غلامه صبيح القبطي وذلك أنه طلب إلى سيده المكاتبة على مائة دينار ثم وضع عنه عشرين دينارا، فأداها وعتق، ثم إن صبيحا
__________
(1) فى أ: به، ز: بهم.

(3/197)


يوم حنين أصابه سهم فمات منه، ثم أمر الله- تبارك وتعالى- أن يعينوا في الرقاب فقال: وَآتُوهُمْ يعني وأعطوهم مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي «آتاكُمْ» «1» وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ يقول ولا تكرهوا ولائدكم على الزنا، نزلت فى عبد الله ابن أبي المنافق وفي جاريته أميمة «2» ، وفي عبد الله بن نتيل «3» المنافق وفي جاريته مسيكة وهي بنت أميمة، ومنهن أيضا معادة «4» وأروى وعمرة وقتيلة، فأتت أميمة وابنتها مسيكة للنبي «5» - صلى الله عليه وسلم- فقالت: إنا نكره على الزنا.
فأنزل الله- عز وجل- هذه الآية [38 ب] «وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ» إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً «6» يعني تعففا عن الفواحش لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا يعني كسبهن وأولادهن من الزنا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ على الزنا فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ لهن في قراءة ابن مسعود غَفُورٌ لذنوبهن رَحِيمٌ- 33- بهن لأنهن مكرهات. وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ يعني الحلال والحرام والحدود وأمره ونهيه مما ذكر فى هذه السورة إلى هذه الآية، ثم قال- سبحانه-:
وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ يعني سنن العذاب في الأمم الخالية حين
__________
(1) فى أ: أعطاكم، وفى حاشية أ: الآية «آتاكم» .
(2) فى ز، زيادة- أم مسيكة.
(3) فى أ: شبل، ز: نتبل.
(4) ورد ذلك فى لباب النقول للسيوطي: 162.
(5) فى أ: النبي، ز: النبي.
(6) فى حاشية ز ما يأتى:
قوله: «إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً» مفهوم الشرط هنا معطل إجماعا، وإنما أتى به ليظهر عن الإكراه فائدة إذا لو أردن البغاء وهو الزنا لم يظهر للنهي عنه فائدة لاتفاق السادات والنفيات عليه، كذا فهمته، وأن لم أعلم، كتبه الفقير إلى من قال «ادعوني» أحمد بن عبد الكريم الأشمونى- عفا الله عنهما.
وذلك فى حاشية الورقة 56 من النسخة الأزهرية.

(3/198)


كذبوا رسلهم وَمَوْعِظَةً يعني وعظة لِلْمُتَّقِينَ- 34- اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ «1» يقول الله هادي أهل السموات والأرض ثم انقطع الكلام، وأخذ في نعت نبيه- صلى الله عليه وسلم- وما ضرب له من المثل، فقال- سبحانه-:
مَثَلُ نُورِهِ مثل نور محمد- صلى الله عليه وسلم- إذا كان مستودعا في صلب أبيه عبد الله بن عبد المطلب كَمِشْكاةٍ يعني بالمشكاة الكوة ليست بالنافذة فِيها مِصْباحٌ يعني السراج الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الصافية تامة الصفاء يعني بالمشكاة صلب عبد الله أبي محمد- صلى الله عليه وسلم- ويعني بالزجاجة جسد محمد- صلى الله عليه وسلم- ويعني بالسراج الإيمان في جسد محمد- صلى الله عليه وسلم-، فلما خرجت الزجاجة فيها المصباح من الكوة صارت الكوة مظلمة فذهب نورها والكوة مثل عبد الله ثم شبه الزجاجة بمحمد- صلى الله عليه وسلم- في كتب الأنبياء- عليهم السلام- لا خفاء فيه «2» كضوء الكواكب الدري وهو الزهرة في الكواكب ويقال المشتري وهو البرجرس بالسريانية «3» يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ يعني بالشجرة المباركة إبراهيم- خليل الرحمن، صلى الله عليه
__________
(1) جاء فى حاشية ز ما يأتى: ورقة 56:
روى مقاتل عن الضحاك مثل للنبي- صلى الله عليه وسلم-، فشبه عبد المطلب بالمشكاة، وشبه عبد الله بالزجاجة وشبه النبي بالمصباح وكان فى صلبهما، فنورت النبوة من إبراهيم وهو قوله: «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ» وإنما شبه إبراهيم بالشجرة لأن أكثر الأنبياء منه «لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ» أى لا يهودية ولا نصرانية، ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا.
(2) فى أ: به.
(3) من أ، وفى ز: «كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ» يعنى أن اسم محمد- صلى الله عليه وسلم- وذكره مع أسماء الأنبياء والرسل فى اللوح المحفوظ عند الله، فضل اسمه على تلك الأسماء كفضل الكوكب الدري يعنى المضيء على سائر الكواكب وهي الزهرة.

(3/199)


وسلم- يقول يوقد محمد من إبراهيم- عليهما السلام- وهو من ذريته ثم ذكر إبراهيم- عليه السلام- فقال- سبحانه-: زَيْتُونَةٍ قال طاعة حسنة لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يقول لم يكن إبراهيم- عليه السلام- يصلي قبل المشرق كفعل النصارى ولا قبل المغرب كفعل اليهود، ولكنه كان يصلي قبل الكعبة، ثم قال: يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ «يعني إبراهيم يكاد علمه يضيء. وسمعت من يحكي عن أبي صالح في قوله- تعالى-: (يكاد زيتها يضيء) «1» قال: يكاد محمد- صلى الله عليه وسلم- أن يتكلم بالنبوة قبل أن يوحى إليه يقول: «وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ» يقول ولو لم تأته النبوة لكانت طاعته مع طاعة [39 أ] الأنبياء، عليهم السلام، ثم قال- عز وجل-: نُورٌ عَلى نُورٍ قال محمد- صلى الله عليه وسلم- نبي خرج من صلب نبي يعني إبراهيم- عليهما السلام- يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ قال يهدي الله لدينه من يشاء من عباده، وكأن الكوة مثلا لعبد الله بن عبد المطلب، ومثل السراج مثل الإيمان، ومثل الزجاجة مثل جسد محمد- صلى الله عليه وسلم- ومثل الكوكب الدري مثل محمد- صلى الله عليه وسلم-، ومثل الشجرة المباركة مثل إبراهيم- عليهما السلام «2» -، فذلك قوله- عز وجل-
__________
(1) ما بين الأقواس « ... » كان قد سقط سهوا من أ، ثم كتبه فى الهامش.
(2) سار مقاتل على أن الضمير فى قوله- تعالى: «مَثَلُ نُورِهِ» عائد على محمد- صلى الله عليه وسلم- وهو احتمال بعيد فى رأيى.
وقد سار البيضاوي على أن الضمير عائد على لله- تعالى- فقال: «اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» بمعنى منور السموات والأرض وقد قرئ به فإنه- تعالى- نورهما بالكواكب وما يفيض عنها من الأنوار وبالملائكة والأنبياء أو مدبرهما.
«مَثَلُ نُورِهِ» صفة نوره العجيبة وإضافته إلى ضميره- سبحانه- دليل على أن إطلاقه عليه لم يكن على ظاهره.
وقال فى الجلالين «اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» أى منورهما بالشمس والقمر «مَثَلُ نُورِهِ» أى صفته فى قلب المؤمن «كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ» هي القنديل والمصباح السراج أى الفتيلة الموقودة، والمشكاة الطاقة غير النافذة أى الأنبوبة فى القنديل. [.....]

(3/200)


وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ- 35- فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ يقول أمر الله- عز وجل- أن ترفع يعني أن تبنى.
أمر الله- عز وجل- برفعها وعمارتها وَأمر أن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يعني يوحَّد الله- عز وجل- نظيرها في البقرة» «1» : يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ يقول يصلي لله- عز وجل- رِجالٌ فيها تقديم بالغدو والعشي «2» ، ثم نعتهم فقال- سبحانه-: لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ يعني شراء «3» وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ يعني الصلوات المفروضة وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يقول لا تلهيهم التجارة عن إقام الصلاة وإعطاء الزكاة، ثم أخبر عنهم فقال- سبحانه-:
يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ حين زالت من أماكنها من الصدور فنشبت في حلوقهم عند الحناجر، قال: وَالْأَبْصارُ- 37- يعني تقلب أبصارهم فتكون زرقا، لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما يعني الذي عَمِلُوا من الخير ولهم مساوئ فلا يجزيهم بها وَيَزِيدَهُمْ على أعمالهم مِنْ فَضْلِهِ فضلا على أعمالهم وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ- 38- يقول الله- تعالى- لَيْسَ فوقي ملك يحاسبني أَنَا الملك أعطي من شئت بغير حساب لا أخاف من أحد يحاسبني وَالَّذِينَ كَفَرُوا بتوحيد الله مثل أَعْمالُهُمْ الخبيثة كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يعني- عز وجل- بالسراب الذي يرى في الشمس بأرض قاع «4» يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ يعني العطشان مَاءً فيطلبه ويظن أنه قادر عليه حَتَّى إِذا جاءَهُ
__________
(1) يشير إلى الآية 203 من سورة البقرة وهي «وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ ... » الآية.
(2) أى يسبح له رجال بالغدو والعشى أى فى الصباح والمساء.
(3) فى أ: شرى، ل: شراء.
(4) بأرض قاع: أى فى صحراء خالية أو فضاء متسع، وفى أ: فى الشمس قاع، ز: بأرض قاع.

(3/201)


يعنى أتاه لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً فهكذا الكافر إذا انتهى إلى عمله يوم القيامة وجده لم يغن عنه شيئا لأنه عمله في غير إيمان، كما لم يجد العطشان السراب شيئا حتى انتهى إليه فمات من العطش فهكذا الكافر يهلك يوم القيامة كما هلك العطشان حين انتهى إلى السراب، يقول: وَوَجَدَ اللَّهَ- جل جلاله- بالمرصاد وعِنْدَهُ عمله فَوَفَّاهُ حِسابَهُ يقول فجازاه بعمله لم يظلمه [39 ب] وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ- 39- يخوفه بالحساب كأنه قد كان نزلت فى شيبة ابن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف وكان يلتمس الدين في الجاهلية ويلبس الصفر فكفر في الإسلام، ثم ضرب الله- عز وجل- لشيبة وكفره بالإيمان مثلا آخر فقال: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يعني في بحر عميق والبحر إذا كان عميقا كان أشد لظلمته، يعني بالظلمات الظلمة التي فيها الكافر والبحر اللجي قلب الكافر يَغْشاهُ مَوْجٌ فوق الماء ثم يذهب عنه ذلك الموج ثم يغشاه موج آخر مكان الموج الأول، فذلك قوله- عز وجل-: «يَغْشَاهُ مَوْجٌ» مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ فهي ظلمة الموج وظلمة الليل وظلمة البحر والسحاب «1» يقول وهذه ظلمات بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ فهكذا الكافر قلبه مظلم في صدر مظلم في جسد مظلم «2» لا يبصر نور «3» الإيمان كما أن صاحب البحر إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ فى ظلمة الماء لَمْ يَكَدْ يَراها يعني لم يرها البتة، فذلك قوله- عز وجل- وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً يعنى الهدى الإيمان فَما لَهُ مِنْ نُورٍ- 40- يعنى من هدى.
__________
(1) فى أ: سحاب، ل: والسحاب، وهي ساقطة من ز.
(2) من ز، وفى أ: فهكذا الكافر قلبه مظلم فى صدر وجسد مظلم.
وفى ل: فهكذا الكافر قلبه مظلم فى صدر جسده مظلم.
(3) فى ا، ز: لا يبصرون، ل: لا يبصر نور.

(3/202)


«إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها» لم يقارب به البصر، كقول «1» الرجل لم يصب ولم يقارب.
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ يقول ألم تعلم أن الله يذكره مَنْ فِي السَّماواتِ من الملائكة وَمن فى الْأَرْضِ من المؤمنين: من الإنس والجن وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ الأجنحة كُلٌّ من فيها: في السموات «2» والأرض قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ من الملائكة والمؤمنين من الجن والإنس ثم قال- عز وجل-:
وَتَسْبِيحَهُ يعني ويذكره كل مخلوق بلغته غير كفار الإنس والجن وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ- 41- وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ- 42- في الآخرة أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يقول ألم تعلم أن الله يُزْجِي يعني يسوق سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ يعني يضم بعضه إلى بعض ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً يعنى قطعا يحمل بعضها على إثر بعض «ثُمَّ يُؤَلِّفُ «3» بَيْنَهُ» يعني يضم «4» السحاب بعضه إلى بعض بعد الركام فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ يقول فترى المطر يخرج من خلال «5» السحاب وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ بالبرد مَنْ يَشاءُ فيضر في زرعه وثمره وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ فلا يضره فى زرعه
__________
(1) فى ا، ل: كقول، ز: يقول.
(2) من ز، وفى أ: من فى السموات.
(3) فى أ: يولف.
(4) فى أ: يصف، ز: بضم.
(5) فى أ: خلل، ز: خلال.

(3/203)


ولا فى ثمره يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يقول ضوء برقه يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ- 43- يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ يعنى بالتقلب «1» اختلافهما: أنه يأتى بالليل [40 أ] ويذهب بالنهار، ثم يأتي بالنهار ويذهب بالليل إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر من صنعه لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ- 44- يعني لأهل البصائر في أمر الله- عز وجل- وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ يعني الهوام وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ الإنس والجن والطير وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ قوائم يعني الدواب والأنعام والوحش والسباع يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الخلق قَدِيرٌ- 45- لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ لما فيه من أمره ونهيه وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ- 46- يعني إلى دين مستقيم يعني الإسلام، وغيره من الأديان ليس بمستقيم، وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ يعني صدقنا بتوحيد الله- عز وجل- وَبِالرَّسُولِ يعني محمدا- صلى الله عليه وسلم- أنه من الله- عز وجل- نزلت في بشر المنافق وَأَطَعْنا قولهما ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ يعني ثم يعرض عن طاعتهما طائفة منهم مِنْ بَعْدِ ذلِكَ يعني من بعد الإيمان بالله- عز وجل- ورسوله- صلى الله عليه وسلم-. وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ- 47- يعني- عز وجل- بشر المنافق، ثم أخبر عنه فقال- تعالى-: وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يعني من المنافقين مُعْرِضُونَ- 48- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى كعب بن الأشرف وذلك أن رجلا من اليهود كان بينه وبين بشر خصومة وأن اليهودي دعا بشرا إلى النبي- صلى الله عليه وسلم-
__________
(1) أ: بالتقلب، ز: تقلب.

(3/204)


ودعاه بشر إلى كعب فقال بشر: إن محمدا «1» يحيف علينا، يقول الله- عز وجل:
وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يعنى بشرا المنافق يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ- 49- يأتوا إليه طائعين مسارعين إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يعني الكفر أَمِ ارْتابُوا أم شكوا في القرآن أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ يعنى أن يجوز الله- عز وجل- عليهم وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ- 50- ثم نعت الصادقين في إيمانهم فقال- سبحانه-: إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ يعني إلى كتابه ورسوله يعني أمر رسوله- صلى الله عليه وسلم- لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا قول النبي- صلى الله عليه وسلم- وَأَطَعْنا أمره وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ- 51- وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ في أمر الحكم وَيَخْشَ اللَّهَ في ذنوبه التي عملها ثم قال- تعالى- «وَيَتَّقْهِ» «2» ومن يتق الله- تعالى- فيما بعد فلم يعصه فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ- 52- يعنى الناجون [40 ب] من النار فلما بين الله- عز وجل- كراهية المنافقين لحكم النبي- صلى الله عليه وسلم- أتوه فقالوا والله لو أمرتنا أن نخرج من ديارنا وأموالنا ونسائنا لخرجنا أفنحن «3» لا نرضى بحكمك فأنزل الله- تبارك وتعالى- فيما حلفوا للنبي «4» - صلى الله عليه وسلم- وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ
يعني حلفوا بالله يعني المنافقين جَهْدَ أَيْمانِهِمْ
فإنه من حلف بالله- عز وجل- فقد اجتهد في اليمين لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ
يعنى النبي- صلى الله
__________
(1) فى أ: صلى الله عليه وسلم، وليست فى ل. [.....]
(2) «وَيَتَّقْهِ» : ساقطة من أ، وفى حاشية أ: الآية ويثقه.
(3) فى أ، ز، ل، ف: فنحن، وقد يكون أصلها أفنحن فسقطت الهمزة من النساخ.
(4) فى ز: حلفوا للنبي، أ: خالفوا النبي.

(3/205)


عليه وسلم- لَيَخْرُجُنَ
من الديار والأموال كلها قُلْ
لهم: لا تُقْسِمُوا
لا تحلفوا ولكن هذه منكم طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ
يعني طاعة حسنة للنبي- صلى الله عليه وسلم- إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ
- 53- من الإيمان والشرك، ثم أمرهم بطاعته- عز وجل- وطاعة رسوله- صلى الله عليه وسلم- فقال- تعالى-: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فيما أمرتم فَإِنْ تَوَلَّوْا يعني أعرضتم عن طاعتهما فَإِنَّما عَلَيْهِ يعني النبي- صلى الله عليه وسلم مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ يقول فإنما على محمد- صلى الله عليه وسلم- ما أمر من تبليغ الرسالة وعليكم وما أمرتم من طاعتهما، ثم قال- تعالى-: وَإِنْ تُطِيعُوهُ يعني- النبي صلى الله عليه وسلم- تَهْتَدُوا من الضلالة وإن عصيتموه فإنما على رسولنا محمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البلاغ المبين يعني ليس عليه إلا أن يبلغ ويبين «وَما» «1» عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ «2» - 54- وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وذلك أن كفار مكة صدوا المسلمين عن العمرة عام الحديبية فقال المسلمون: لو أن الله- عز وجل- فتح علينا مكة ودخلناها آمنين فسمع الله- عز وجل- قولهم فأنزل الله- تبارك وتعالى- «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا منكم وعملوا الصالحات، لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ يعني أرض مكة كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من بني إسرائيل وغيرهم، وعدهم أن يستخلفهم بعد هلاك كفار مكة «3» وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الإسلام حتى يشيع الإسلام الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ
__________
(1) فى أ: «فما» ، ز: «فانما» .
(2) أتيت بالنص القرآنى بلفظه فى آخر التفسير لأن جميع النسخ حرفته فنقلت التفسير كما فى النسخ ثم نقلت المقطع الأخير من الآية زائدا على التفسير.
(3) فى أ: كفارها، ز: بعد هلاك أهلها.

(3/206)


يعني الذي رضي لهم وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ من كفار أهل مكة أَمْناً لا يخافون أحدا يَعْبُدُونَنِي يعني يوحدونني لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً من الآلهة وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ التمكين فى الأرض فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ- 55- يعني العاصين وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ يعني وأتموا الصلاة وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [41 أ] فيما أمركم لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ- 56- يقول لكي ترحموا فلا تعذبوا لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا من أهل مكة مُعْجِزِينَ يعني سابقي الله فِي الْأَرْضِ حتى يجزيهم الله- عز وجل- بكفرهم وَمَأْواهُمُ «النَّارُ» «1» وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ- 57- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ فى بيوتكم الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ يعني العبيد والولائد في كل وقت نزلت في أسماء بنت أبي مرشد «2» قالت: إنه ليدخل على «3» الرجل والمرأة ولعلهما أن يكونا «4» في لحاف واحد لا علم لهما فنزلت هذه فقال- سبحانه- وَليستأذنكم الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ يعني من الأحرار من الصبيان ثَلاثَ مَرَّاتٍ لأنها ساعات غفلة وغيره مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ يعني نصف النهار وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ يقول هذه ساعات غفلة وغيره لَيْسَ عَلَيْكُمْ معشر المؤمنين يعني أرباب البيوت وَلا عَلَيْهِمْ يعني الخدم والصبيان الصغار جُناحٌ بَعْدَهُنَّ يعني بعد العورات الثلاث طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ يعني بالطوافين يتقلبون عليكم ليلا ونهارا
__________
(1) فى أ: جهنم. وفى حاشية أ: الآية «النار» .
(2) فى أ: أسماء بنت مرشد، ل: أسماء بنت أبى مرشد.
(3) فى أ: على، ز: على.
(4) فى أ: يكونا، ز: يكونان.

(3/207)


يدخلون ويخرجون بغير استئذان بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يعني هكذا يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ يعني أمره ونهيه في الاستئذان وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ- 58- «حكم» «1» ما ذكر من الاستئذان في هذه الآية وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ يعني من الأحرار «2» فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعني من الكبار من ولد الرجل وأقربائه «3» ويقال من العبيد كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ يعني أمره وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ- 59- حكم الاستئذان بعد العورات «4» الثلاث على الأطفال إذا احتلموا وَالْقَواعِدُ عن الحيض مِنَ النِّساءِ يعني المرأة الكبيرة التي لا تحيض من الكبر اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً يعنى تزويجا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ يعنى حرج أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ في قراءة ابن مسعود «من ثيابهن» وهو الجلباب الذي يكون فوق الخمار غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ لا تريد بوضع الجلباب أن تُرِيَ زينتها يعني الحلي، قال- عز وجل- وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ ولا يضعن الجلباب خَيْرٌ لَهُنَّ من وضع الجلباب وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ- 60- لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ نزلت في الأنصار، وذلك أنه «5» لما نزلت إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً «6» ، «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ [41 ب]
__________
(1) «حكم» : ساقطة من أ، وهي من ل.
(2) فى أ، ل: يعنى من الأحرار الحلم.
(3) فى أ: وأقرباء.
(4) فى أ: عورات. [.....]
(5) زيادة ليست فى أ، ولا فى ل.
(6) سورة النساء: 1.

(3/208)


بالباطل «1» » قالت الأنصار: ما بالمدينة مال أعز من الطعام، فكانوا لا يأكلون مع الأعمى لأنه لا يبصر موضع الطعام ولا مع الأعرج لأنه لا يطبق الزحام، ولا مع المريض لأنه لا يطيق «2» أن يأكل كما يأكل الصحيح، وكان الرجل يدعو حميمه وذا قرابته وصديقه إلى طعامه فيقول أطعم من هو أفقر إليه مني فان أكره أن آكل أموال الناس بالباطل والطعام أفضل المال فأنزل الله- عز وجل-: «لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ» وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ في الأكل معهم وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ لأنهم يأكلون على حدة أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ «3» أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ يعني خزائنه يعني عبيدكم وإمائكم أَوْ صَدِيقِكُمْ نزلت في مالك «4» بن زيد وكان «5» صديقه الحارث بن عمرو، وذلك أن الحارث خرج غازيا وخلف مالكا في أهله وماله وولده فلما رجع رأى مالكا مجهودا «6» قال: ما أصابك «7» ؟ قال: لم يكن عندي شيء ولم يحل لي أكل مالك، ثم قال- سبحانه-: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً وذلك أنهم كانوا يأكلون على حدة ولا يأكلون جميعا، يرون أن أكله ذنب «8» يقول
__________
(1) سورة النساء: 29.
(2) فى أ: لا يطيق يأكل، ز: لا يطيق أن يأكل.
(3) فى أ: إلى آخر الآية، وفى ز نص الآية كاملا.
(4) فى أ، ز: «ملك» لكن ذكرت بعد ذلك فى ز «مالك» .
(5) فى أ: كان، ز: وكان.
(6) فى، ل، ز: مجهودا، أقول والمعنى ضعيفا مهزولا.
(7) كذا فى أ، ز- والأنسب قال له: ما أصابك؟
(8) فى ل: ذنب، وفى أ: حلف ولعله محرف عن حلف. والجملة ساقطة من ز.

(3/209)


الله- عز وجل-: «كلوا جميعا أو أشتاتا» : وكانت بنو ليث بن بكر لا يأكل الرجل منهم حتى يجد من يأكل معه أو يدركه الجهد فيأخذ عنزة له فيركزها ويلقي عليها ثوبا تحرجا أن يأكل وحده، فلما جاء الإسلام فعلوا ذلك، وكان المسلمون إذا سافروا اجتمع نفر منهم فجمعوا نفقاتهم وطعامهم في مكان فإن غاب رجل منهم لم يأكلوا حتى يرجع صاحبهم مخافة الإثم، فنزلت «لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا» إن كنتم جماعة «أَوْ أَشْتَاتًا» يعني متفرقين فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً للمسلمين فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ يعني بعضكم على بعض يعني أهل دينكم يقول السلام تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً يعني من سلم أجر فهي البركة طَيِّبَةً حسنة كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ يعني أمره في أمر الطعام والتسليم لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ- 61- إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [42 أ] وَإِذا كانُوا مَعَهُ أي النبي «1» - صلى الله عليه وسلم-» عَلى أَمْرٍ جامِعٍ يقول إذا اجتمعوا «على أمر هو «2» » لله- عز وجل- طاعة لَمْ يَذْهَبُوا يعني لم يفارقوا النبي- صلى الله عليه وسلم- حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ يعني لبعض أمرهم فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ يعني من المؤمنين نزلت في عمر بن الخطاب- رضوان الله عليه- في غزاة تبوك وذلك
أنه استأذن النبي- صلى الله عليه وسلم- في الرجعة أن يسمع المنافقين، إلى أهله فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- انطلق فو الله ما أنت بمنافق.
يريد أن يسمع المنافقين فلما سمعوا ذلك، قالوا: ما بال محمد «3» إذا استأذنه أصحابه أذن لهم فإذا استأذناه
__________
(1) فى أ: « (وإذا كانوا مَعَ) النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-» .
(2) فِي ل: على أمر هو، ا: على أمرهم.
(3) فى أ: صلى الله عليه وسلم، وليس فى ل.

(3/210)


لم يأذن لنا، فو اللات ما نراه يعدل، وإنما «1» زعم أنه جاء ليعدل «2» ، ثم قال:
وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ يعني للمؤمنين «اللَّهَ» «3» إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ- 62- لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً يقول الله- عز وجل- لا تدعوا النبي- صلى الله عليه وسلم- باسمه: يا محمد «4» ويا بن عبد الله إذا كلمتموه كما يدعو بعضكم بعضا باسمه يا فلان ويا بن فلان ولكن عظموه وشرفوه- صلى الله عليه وسلم- وقولوا يا رسول الله يا نبي الله- صلى الله عليه وسلم- نظيرها في الحجرات «5» قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً وذلك أن المنافقين كان يثقل عليهم يوم الجمعة قول النبي- صلى الله عليه وسلم- وحديثه إذا كانوا معه على أمر جامع فيقوم المنافق وينسل ويلوذ بالرجال وبالسارية لئلا يراه النبي- صلى الله عليه وسلم- حتى يخرج من المسجد، ويدعوه «6» باسمه يا محمد ويا بن عبد الله فنزلت هؤلاء الآيات قوله- سبحانه-: «قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لو إذا» فخوفهم عقوبته فقال- سبحانه-: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ يعني عن أمر الله- عز وجل- أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ يعنى الكفر أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ- 63- يعنى وجيعا يعني القيل في الدنيا، ثم عظم نفسه- جل جلاله- فقال- تعالى-: أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
__________
(1) فى ل: وإنما، أ: فإنما. [.....]
(2) فى ل: ليعدل، أ: بالعدل.
(3) لفظ الجلالة ساقط من أ، وهو فى ز.
(4) كذا فى أ، ل، ز. والأنسب: مثل يا محمد.
(5) يشير إلى الآية الثانية من سورة الحجرات.
(6) فى أ: ويدعوا، ز: ويدعوه.

(3/211)


من الخلق عبيده وفي ملكه قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ من الإيمان والنفاق وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ أي إلى الله في الآخرة «1» فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا من خير أو شر وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ من اعمالكم عَلِيمٌ- 64- به- عز وجل
__________
(1) فى أ: (ويوم يرجعون) فى الآخرة: (إلى) الله.

(3/212)