تفسير مقاتل بن سليمان

الباب الثالث المحكم والمتشابه
1- راى مقاتل فى المحكم والمتشابه.
2- متشابه الصفات عند مقاتل.
3- الرأي السديد فى متشابه الصفات.
4- ثلاثة مذاهب فى متشابه الصفات.
5- تفسير مقاتل فى ضوء هذه المذاهب.
6- الاستواء على العرش فى ضوء المذاهب.
7- الاستواء عند مقاتل وعند المفسرين.
8- بين التشبيه والتعطيل.
9- راى شترتمان فيهما.
10- مناقشة هذا الرأي.
(ا) المسلمون ليسوا فى حيرة.
(ب) وحدانية الذات.
(ج) اختلاف الفرق.
(د) بين السلف والخلف.
(هـ) خلاصة هذه المناقشة.

(5/185)


- 1- راى مقاتل فى المحكم والمتشابه
ان الأساس فى هذا الموضوع هو ان كلمة آيات متشابهات قد وردت فى القرآن الكريم فى مقابل آيات محكمات «1» وذلك فى قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ، فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ، وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ، وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ «2» .
«وقد اتفق المفسرون على ان فى هذه الآية روايتين مشهورتين بالنسبة للوقف» «3» .
فقد روى الوقف على كلمة (الله) فى قوله تعالى: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ، وهذه الرواية تقتضي التفويض عند الجمهور، والا يخوض الناس فيها والا يحاولوا إدراكها، وانه لا يحاول التأويل الا الذين يتبعون الزيغ.
والرواية الاخرى عطف قوله: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ على لفظ الجلالة. وهذا يقتضى ان يعلم التأويل الراسخون فى العلم ايضا..
وقد سار مقاتل فى تفسير هذه الآية على ان الآيات المحكمات هي ثلاث آيات فى سورة الانعام تبدا من قوله تعالى: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً.... «4» .
وإنما تسمين أم الكتاب لأنهن مكتوبات فِي جميع الكتب التي أنزلها اللَّه تبارك وتعالى على جميع الأنبياء، وليس من دين الا وهو يوصى بهن.
اما الآيات المتشابهات: فهي كلمات اربع، فى فواتح السور هي: «الم» .
«المص» ، «المر» ، «الر» ،
__________
(1) المحكم فى لسان الشرعيين هو ما ورد من نصوص الكتاب او السنة دالا على معناه بوضوح لاخفاء فيه، واختار اهل السنة ان المحكم: ما عرف المراد منه اما بالظهور واما بالتأويل.
اما المتشابه فهو ما استأثر الله بعلمه كموعد قيام الساعة وخروج الدجال، وكالحروف المقطعة فى أوائل السور،.
وجرى اكثر الأصوليين على ان المحكم ما لا يحتمل الا وجها واحدا من التأويل، اما المتشابه فهو ما احتمل أوجها. (مناهل العرفان: 2/ 168) .
(2) سورة آل عمران: 7.
(3) قارن بالإتقان: 2/ 3- 5، والبرهان: 2/ 78- 85.
(4) سورة الانعام: 151، 152، 153. [.....]

(5/187)


وسميت متشابهات لأنها شبهت على اليهود كم تملك امة محمد من السنين «5» .
قال مقاتل: (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) فهم اليهود فيتبعون ما تشابه «منه» من أوائل السور ابتغاء تكفير المؤمنين وتاويل هذه الأحرف بما يبين منتهى ما يكون وكم يكون ملك امة محمد.
وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ اى لا يعرف كم تملك من السنين الا الله. فانها ستملك الى يوم القيامة باستثناء ايام الفتنة بالدجال. وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ، اى المتدارسون علم التوراة وهم عبد الله بن سلام وأصحابه مؤمنو اهل التوراة يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ يعنى قليله وكثيره كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ «6» .
فالمتشابه عند مقاتل هو أوائل السور.
الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ هم الذين يؤولونها بحسب حروف الجمل.
وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ هم من آمن من اليهود دخل فى الإسلام.

- 2- متشابه الصفات عند مقاتل
متشابه الصفات او آيات الصفات هي الآيات المشكلة التي وردت فى شان الله تعالى، كالآيات التي أضافت الوجه واليد والعين الى الله مثل: وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ «7» ، بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ «8» ، وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي «9» .
وقد كان منهج مقاتل سليما فى تفسيره لبعض آيات الصفات فلم يخرج عن طريقة السلف او طريقة الخلف. لكن تفسيره لبعضها الآخر يشعر بالتجسيم والتشبيه.
فقد فسر الاستواء والعرش تفسيرا ماديا فى قوله تعالى
__________
(5) تفسير مقاتل: 1/ 50 ا، ب، وانظر تحقيقي له: 1/ 264.
وقد اخرج الحاكم وغيره عن ابن عباس قال الثلاث آيات من آخر سورة الانعام محكمات «قل تعالوا ... » والآيتان بعدها. (الإتقان: 2/ 3) .
واخرج ابن ابى حاتم عن مقاتل بن حيان قال المتشابهات فيما بلغنا «الم» ، «المص» ، «المر» ، «الر» .
قال ابن ابى حاتم: وقد روى عن عكرمة وقتادة وغيرهما ان المحكم الذي يعمل به والمتشابه الذي يؤمن به. (الإتقان: 2/ 3) .
وقد عرض السيوطي فى الإتقان: 2/ 3، كثيرا من الآراء فى المحكم والمتشابه.
(6) تفسير مقاتل جزء 1 ورقة 50 ب، وانظر تحقيقي له: 1/ 264.
(7) سورة الرحمن: 27.
(8) سورة المائدة: 64.
(9) سورة طه: 39.

(5/188)


الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى «10» ، فذكر ان الله استقر فوق العرش، والاستقرار انما يكون بعد اضطراب سابق، وتحديد الفوقية يستلزم التحيز والجسمية، والتجزؤ والحركة، وغيرها من اعراض الحدوث.
والثابت بالادلة القطعية ان الله تعالى ليس جسما، ولا متحيزا، ولا متجزئا، ولا متركبا، ولا محتاجا لأحد، ولا الى مكان او زمان. وقد جاء القرآن بهذا فى محكم آياته إذ يقول تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ «11» ويقول: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ «12» .

- 3- الرأي السديد فى متشابه الصفات
علماؤنا أجزل الله مثوبتهم- قد اتفقوا على ثلاثة امور تتعلق بهذه المتشابهات ثم اختلفوا فيما وراءها.
فأول ما اتفقوا عليه هو صرفها عن ظواهرها المستحيلة، واعتقاد ان هذه الظواهر غير مرادة للشارع قطعا.
وثانيه انه إذا توقف الدفاع عن الإسلام على التأويل لهذه المتشابهات وجب تأويلها بما يدفع شبهات المشتبهين، ويرد طعن الطاعنين.
وثالثه ان المتشابه ان كان له تاويل واحد يفهم منه فهما قريبا، وجب القول به اجماعا، وذلك كقوله سبحانه: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ «13» فان الكينونة بالذات مع الخلق مستحيلة قطعا. وليس لها بعد ذلك الا تاويل واحد، هو الكينونة معهم بالاحاطة علما وسمعا وبصرا وقدرة وارادة «14» .

- 4- ثلاثة مذاهب فى متشابه الصفات
واما اختلاف العلماء فيما وراء ذلك فقد وقع على ثلاثة مذاهب:
المذهب الاول مذهب السلف، ويسمى مذهب المفوضة (بكسر الواو) وهو تفويض معاني هذه المتشابهات الى الله وحده، بعد تنزيهه تعالى عن ظواهرها المستحيلة.
__________
(10) سورة طه: 5.
(11) سورة الشورى: 11.
(12) سورة الإخلاص.
(13) سورة الحديد: 4.
(14) قارن بالبرهان: 3/ 78، والإتقان: 2/ 6، ومناهل العرفان: 2/ 182.

(5/189)


والمذهب الثاني مذهب الخلف، ويسمى مذهب المؤولة (بتشديد الواو وكسرها) . وهم فريقان:
فريق يؤولها بصفات سمعية غير معلومة على التعيين ثابتة له تعالى، زيادة على صفاته المعلومة لنا بالتعيين. وينسب هذا الى ابى الحسن الأشعري.
وفريق يؤولها بصفات او بمعان نعلمها على التعيين، فيحمل اللفظ الذي استحال ظاهره من هذه المتشابهات على معنى يسوغ لغة، ويليق بالله عقلا وشرعا، وينسب هذا الرأي الى ابن برهان «15» ، وجماعة من المتأخرين.
والمذهب الثالث مذهب المتوسطين، وقد نقل السيوطي هذا المذهب فقال:
(وتوسط ابن دقيق العيد فقال: إذا كان التأويل قريبا من لسان العرب لم ينكر، او بعيدا توقفنا عنه، وآمنا بمعناه على الوجه الذي أريد به، مع التنزيه. وما كان معناه من هذه الألفاظ ظاهرا مفهوما من تخاطب العرب قلنا به من غير توقف، كما فى قوله تعالى: يَا حَسْرَتى عَلى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ «16» فنحمله على حق الله وما يجب له) «17» .
(ومنشأ الخلاف بين السلف والخلف هو انه: هل يجوز ان يكون فى القرآن شيء لا يعلم معناه؟ فعند المفوضة يجوز، ولهذا منعوا التأويل، واعتقدوا التنزيه على ما يعلمه الله. وعند المؤولة لا يجوز ذلك بل الراسخون يعلمونه) «18» .
وقد سار مقاتل فى تفسيره على انه لا متشابه فى القرآن تمتنع معرفته الا اخبار الغيب، كصفة الآخرة وأحوالها، فمنهجه فى ذلك موافق لراى ابن قتيبة (فى ان الله لم ينزل شيئا من القرآن الا لينفع به عباده، ويدل به على معنى اراده) «19» .
__________
(15) هو ابو الفتح احمد بن على بن برهان الشافعي غلب عليه علم الأصول وكان يضرب به المثل فى حل الاشكال، وهو صاحب البسيط والوسيط والوجيز فى الفقه والأصول توفى سنة 520 هـ.
انظر: وفيات الأعيان: 1/ 29، وشذرات الذهب: 4/ 61.
(16) سورة الزمر: 56.
(17) الإتقان: 2/ 6.
(18) ورد هذا فى البرهان: 2/ 79- 80 منسوبا الى ابن برهان كما ورد فى الإتقان: 2/ 6 باختصار. [.....]
(19) ابن قتيبة فى مشكل القرآن، تحقيق السيد احمد صقر: 72، ويستمر ابن قتيبة فى دعم رأيه فيقول: وهل يجوز لأحد ان يقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف المتشابه؟ وإذا جاز ان يعرفه مع قوله تعالى: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ جاز ان يعرفه الربانيون من صحابته،
فقد علم عليا التفسير، ودعا لابن عباس فقال: اللهم علمه التأويل وفقهه فى الدين.
وبعد، فانا لم نر المفسرين توقفوا عن شيء من القرآن فقالوا: هذا متشابه لا يعلمه الا الله، بل أمروه كله على التفسير، حتى فسروا الحروف المقطعة فى أوائل السور. (تاويل مشكل القرآن:
73) .
وقال ابن قتيبة، ان (يقولون) فى معنى الحال، كأنه قال: والراسخون فى العلم قائلين آمنا به.

(5/190)


- 5- تفسير مقاتل فى ضوء هذه المذاهب
كان تفسير مقاتل لبعض آيات الصفات لا يخرج عن هذه المذاهب الثلاثة، ففي تفسيره للوجه جمع بين منهج الخلف والسلف. وفى تفسيره لليد كان سلفيا، وفى تفسيره للعين كان متوسطا «20» .
ولكن مقاتلا خرج على هذه المذاهب الثلاثة وكان مجسما فى تفسيره لاشياء احصيناها عليه وهي: الاستواء، والعرش والكرسي، والساق، واليمين، والمجيء.
فقد فسر الاستواء بالاستقرار.
وفسر العرش تفسيرا ماديا وذكر ان الله فوق العرش.
وفسر الكرسي تفسيرا يشعر بالتجسيم، اعتمادا على حديث رواه وهب بن منبه وهو من رواة الاسرائيليات، وعلى حديث الأوعال، وقد بينا ان فيه عللا قادحة.
كما ذكر ان الله يكشف عن ساقه يوم القيامة فتضيء الأرض بنور ساقه، وانه يمسك السماء والأرض بقبضة يمينه، وقد نسب تفسيره للساق الى ابن مسعود، كما نسب تفسيره لليمين الى ابن عباس) «21» .
كما فسر المجيء فى قوله تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا «22» بقوله:
فيجيء الله عز وجل كما قال: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ «23» .
وقد نسبت كتب الفرق الى مقاتل القول: «بان الله جسم، وانه جثة، وانه على صورة الإنسان، لحم ودم وشعر وعظم، له جوارح وأعضاء من يد، ورجل، وراس وعينين، مصمت، وهو مع هذا لا يشبه غيره ولا يشبهه غيره» «24» .
بيد ان هذا القول لم يرد له اثر فى تفسيره الكامل للقرآن الكريم، وقد أخذت
__________
(20) انظر: بحث ذلك بالتفصيل فى باب: مقاتل وعلم الكلام، فى الفصل الثاني: مقاتل والصفات: 85- 95.
(21) انظر بحث ذلك بالتفصيل فى باب: مقاتل وعلم الكلام فى الفصل الثالث: التجسيم عند مقاتل: 97- 110.
(22) سورة الفجر: 22.
(23) سورة البقرة: 210.
تفسير مقاتل: جزء 2 ورقة 239 ب. وانظر تحقيقي له: 4/ 691، وابن تيمية ايضا يقول المجيء مجيء الله (ابو زهرة: ابن تيمية: 278) .
(24) مقالات الاسلاميين: 1/ 241، المواقف: 273، الحور العين: 254 والفرق والتاريخ: 118.

(5/191)


السبيل لتصوير جميع مؤلفات مقاتل بن سليمان، بغية التثبت من نسبة هذا القول اليه، من كلامه هو لا من كلام الناس عنه «25» .

- 6- الاستواء على العرش فى ضوء المذاهب
إذا أردنا تطبيق المذاهب الثلاثة على قوله سبحانه الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى «26» - وجدنا ان الجميع من سلف وخلف يتفقون على ان ظاهر الاستواء على العرش، وهو الجلوس عليه مع التمكن والتحيز مستحيل، لان الادلة القاطعة تنزه الله عن ان يشبه خلقه، او يحتاج الى شيء مثلهم، سواء أكان مكانا يحل فيه ام غيره، وكذلك اتفق السلف والخلف على ان هذا الظاهر غير مراد لله قطعا، لأنه تعالى نفى عن نفسه المماثلة لخلقه، واثبت لنفسه الغنى عنهم، فقال: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ «27» وقال هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ «28» ، فلو أراد هذا الظاهر لكان متناقضا.
ثم اختلف السلف والخلف بعد ما تقدم، فراى السلف ان يفرضوا تعيين معنى الاستواء الى الله، فهو اعلم بما نسبه الى نفسه واعلم بما يليق به.
وراى الخلف ان يؤولوا. لأنه يبعد كل البعد ان يخاطب الله عباده بما لا يفهمون، وما دام ميدان اللغة متسعا للتأويل فالتأويل واجب.
بيد انهم افترقوا فى هذا التأويل فرقتين:
فطائفة الاشاعرة يؤولون من غير تعيين ويقولون: ان المراد من الآية اثبات ان الله تعالى متصف بصفة سمعية لا نعلمها على التعيين، تسمى صفة الاستواء «29» .
وطائفة المتأخرين يعينون فيقولون:
ان المراد بالاستواء هنا هو الاستيلاء والقهر، من غير معاناة ولا تكلف، لان اللغة تتسع لهذا المعنى، ومنه قول الشاعر العربي:
قد استوى بشر على العراق ... من غير سيف ودم مهراق
__________
(25) وقد صورت نسخة من كتاب تفسير خمسمائة آية من القرآن لمقاتل بن سليمان، وهو محفوظ بالمتحف البريطانى برقم (6333) ، كما صورت نسخة من كتاب الوجوه والنظائر لمقاتل بن سليمان المحفوظ بمكتبة عمومية بتركيا تحت رقم 516. وقد قمت بتحقيقه وطبعته المكتبة العربية بالهيئة المصرية العامة للكتاب.
(26) سورة طه: 5.
(27) سورة الشورى: 11.
(28) سورة فاطر: 15.
(29) انظر دائرة المعارف الاسلامية (مادة توحيد) : 5/ 532 فقرة 4 مذهب الأشعري، 5/ 536 توسط الأشعري.

(5/192)


اى استولى وقهر وحكم، فكذلك يكون معنى النص الكريم: الرحمن استولى على عرش العالم، وحكم العالم بقدرته ودبره بمشيئته.
وابن دقيق العيد يقول بهذا التأويل ان رآه قريبا، ويتوقف ان رآه بعيدا.

- 7- الاستواء عند مقاتل وعند المفسرين
قال السيوطي والزركشي..
1- «حكى مقاتل والكلبي عن ابن عباس ان استوى بمعنى استقر، فمعنى الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى «30» اى استقر، وهذا ان صح يحتاج الى تاويل، فان الاستقرار يشعر بالتجسيم» «31» .
أقول: وقد صح عن مقاتل القول: بان استوى بمعنى استقر.
2- وعن المعتزلة بمعنى استولى وقهر. ورد بوجهين:
أحدهما: ان الله تعالى مسئول عن الكونين والجنة والنار وأهلهما، فأي فائدة فى تخصيص العرش؟.
والثاني: ان الاستيلاء انما يكون بعد قهر وغلبة، والله تعالى منزه عن ذلك.
3- انه بمعنى صعد، ورد بان الله تعالى منزه عن الصعود.
4- ان التقدير الرحمن علا اى ارتفع من العلو، والعرش له استوى، حكاه إسماعيل الضرير «32» فى تفسيره، ورد بوجهين:
أحدهما: انه جعل علا فعلا وهي حرف هنا باتفاق، فلو كانت فعلا لكتبت بالألف كقوله عَلا فِي الْأَرْضِ والثاني انه رفع العرش وهو مجرور عند جميع القراء بلا استثناء.
5- ان الكلام تم عند قوله الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ، ثم ابتدا بقوله اسْتَوى لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ.
ورد بانه يزيل الآية عن نظمها ومرادها، ولا يتأتى له فى قوله ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ.
__________
(30) سورة طه: 5.
(31) البرهان: 2/ 80، والإتقان: 2/ 6. وتفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث 2/ 2 ا، وانظر تحقيقي له: 3/ 22.
(32) هو إسماعيل بن احمد بن عبد الله الحيرى ابو عبد الرحمن الضرير المفسر المقرئ المحدث، وفى كشف الظنون ان اسم تفسيره الكفاية. [.....]

(5/193)


6- ان معنى استوى اقبل وعمد الى خلقه، كقوله ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ اى قصد وعمد الى خلقها، قاله الفراء «33» والأشعري وجماعة من اهل المعاني.
وقال إسماعيل الضرير انه الصواب. ويبعده تعديته بعلى. ولو كان كما ذكروه لتعدى بإلى كما فى قوله ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ.
7- ان الاستواء المنسوب اليه تعالى بمعنى اعتدل اى قام بالعدل، كقوله تعالى قائِماً بِالْقِسْطِ. والعدل هو استواؤه. ويرجع معناه الى انه اعطى بعته كل شيء خلقه موزونا بحكمته البالغة، قاله ابن اللبان «34» .

- 8- بين التشبيه والتعطيل
رويت لك سبعة آراء فى تفسير الاستواء على العرش بعضها بالغ فى التشبيه كتفسير مقاتل، وبعضها بالغ فى التعطيل كتفسير المعتزلة، وبين هذا وذاك آراء مختلفة بعضها مردود وبعضها مقبول.
وارى انه لا مناص من سلوك طريق التأويل فى هذه الآية وأمثالها.
كما يتضح لنا من مقارنة آراء المفسرين فى آيات الصفات ان البون ليس شاسعا بين المشبهة والمعطلة، فليس هناك مشبهة خلص ولا معطلة خلص، فان كلا منهما سلك أمثل الطرق فى نظره لتعظيم الله.
فالسلفيون اختاروا طريق التثبت المستند الى التنزيل ولم يقولوا بالتعطيل والمعتزلة اختارت طريق التنزيه، ولم يكن هناك حد جامع مانع لكل من الفريقين، فالإمام احمد بن حنبل الحجة الثبت بين السلفيين لم يجد مناصا من تاويل الآيات القائلة بوجود الله مع خلقه فى سورة المجادلة حيث يقول سبحانه (فى الآية 7) :
وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا «35» . وفى سورة طه يقول سبحانه فى الآية 46: قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى «36» .
__________
(33) هو ابو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله الديلمي الفراء. ابرع الكوفيين فى النحو وصاحب كتاب معاني القرآن. توفى سنة 207 هـ.
(34) البرهان: 2/ 82، والإتقان: 2/ 6- 7، ورسالة فى تعريف علم التفسير مخطوطة بدار الكتب المصرية رقم 220 مجاميع م ص 166، ص 81.
(35) تمام الآية: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ المجادلة/ 7.
(36) انظر دائرة المعارف الاسلامية (مادة تشبيه) : 5/ 254 وما بعدها.

(5/194)


- 9- راى شترتمان فيهما
«الى انه من الصعب التفرقة بين اهل السنة. ويذهب شترثمان وأخذهم بظاهر اللفظ من جهة وبين المعتزلة وقولهم بالتأويل من جهة اخرى» «37» ثم يقول:
«وليست المسالة من اليسر بحيث نستطيع ان نجلوها فى عبارات عامة، فنقول انها تنازع بين وجهتين إحداهما: ان الله ذات روحانية خالصة، والاخرى ان له تعالى وجودا مشخصا. فإذا كانت المسالة كذلك فأين نضع الأشعري اذن؟» «38» .
ثم يقول: «ان المسلمين كانوا فى حيرة بين الحدين التشبيه والتعطيل» «39» .
«ان مذهب المسلمين فى الذات الالهية أساس دينهم، وان القرآن يؤكد وحدانية الله، ولكنه يصفه مع ذلك فى بساطة وصفا تشبيهيا، فيجعل له وجها وعينا ويدا ويتحدث عن كلامه واستوائه» «40» .

- 10- مناقشة هذا الرأي
(ا) وارى ان شترثمان قد أخطأ فى حديثه عن التشبيه، وان المسلمين ليسوا فى حيرة، وانما الحيرة حقيقة هي حيرة المثقف المسيحي الذي يلقن ان الأب والابن وروح القدس اله واحد، فان التعدد مدعاة الفساد والخلاف والعلو، ولا سيما ان شان الالوهية الكبرياء والعظمة. وايضا فلو استقل احد المتعددين بالتصرف تعطلت صفات الآخرين، ولو اشتركوا تعطلت بعض صفات كل منهم، وتعطيل صفات الالوهية يتنافى مع جلالها وعظمتها، فلا بد ان يكون الإله واحدا لا رب غيره.
ثم ان التعدد من شان الحوادث والإله منزه عن الحدوث والبنوة واعراضها، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.
(ب) اما غمز شترثمان فى وحدانية الذات عند المسلمين- ففيه تعصب بالغ مكشوف، - فالوحدانية شعار الإسلام وخاصيته، ولا يعد مسلما من لا يكون موحدا، والوحدانية فى الإسلام تتجه الى ثلاثة معان كل واحد جزء من حقيقتها، وهي مجموعها وأركانها، فلا تتوافر الوحدانية ان لم تتوافر معانيها:
وأولها- وحدة الخالق، فهو الخالق المبدع وحده.
وثانيها- وحدانية المعبود، فلا يعبد الا رب العالمين ولا يشرك العابد بربه أحدا، فليس لبشر ولا حجر، ولا لكائن فى الوجود ان يعبد مع رب العالمين.
__________
(37، 38، 39) دائرة المعارف الاسلامية مادة تشبيه: 5/ 258.
(40) دائرة المعارف الاسلامية مادة تشبيه: 5/ 252 وما بعدها.

(5/195)


وثالثها- الوحدانية فى الذات، فالله سبحانه وتعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، وذاته الكريمة وحدة ليست مركبة من اجزاء كسائر الناس.

موضع الاتفاق وهو اللب:
والوحدانية فى الذات يقر بها المسلمون أجمعون، ويتفقون على اصل المعنى فيها من غير نكير من احد على احد، ولا اختلاف فيها عند اهل القبلة، وهي فى مرتبة البديهيات المعلومة من الدين بالضرورة التي لا يمترى فيها عالم من العلماء ولا فرقة من الفرق، ولا مذهب من المذاهب الاسلامية «41» .
(ج) اختلاف الفرق فى معنى توحيد الذات:
اختلفت فرق المسلمين فى وصف الذات العلية بالصفات الكمالية، وقد قال فى ذلك ابن تيمية:
(لفظ التوحيد والتنزيه والتجسيم ألفاظ قد دخلها الاشتراك بسبب اختلاف اصطلاحات المتكلمين وغيرهم، فكل طائفة تعنى بهذه الأسماء ما لا يعنيه غيرهم.
فالمعتزلة وغيرهم يريدون بالتوحيد والتنزيه نفى جميع الصفات. وبالتجسيم او التشبيه اثبات شيء منها، حتى ان من قال ان الله يرى او ان له علما فهو عندهم مجسم.
وكثير من الطوائف المتكلمة بصفاته يريدون بالتوحيد والتنزيه نفى الصفات الخبرية «42» او بعضها، وبالتجسيم والتشبيه إثباتها او بعضها) «43» .
«بينما يقرر السلفيون ان الأخذ بظاهر القرآن والسنة لا يقتضى التشبيه او التجسيم لان ما يثبت لله بنصهما ليس من جنس ما يثبت للحوادث، بل يثبت «44» صفات واحوال تليق بذاته الكريمة، وبما يجب له سبحانه من تنزيه ووحدانية، فالتشابه فى الاسم لا يقتضى التشابه فى الحقيقة، والمنفي ليس هو التشابه فى الحقائق، وان الله سبحانه وتعالى مخالف للحوادث فى ذلك تمام المخالفة» «45» .
__________
(41) قارن- بمحمد ابو زهرة: ابن تيمية ص 258. حسن البنا: العقائد ص 55 وما بعدها.
(42) اى التي جاء بها الخبر من قرآن او اثر.
(43) نقض المنطق ص 256.
(44) ابو زهرة: ابن تيمية 267 ونص الجملة (بل انها يثبت صفات وأحوالا) وفيها تحريف ظاهر.
(45) محمد ابو زهرة: ابن تيمية ص 267.

(5/196)


(د) بين السلف والخلف:
ذكرنا ان مذهب السلف فى الآيات والأحاديث التي تتعلق بصفات الله تبارك وتعالى ان يمروها على ما جاءت عليه، ويسكتوا عن تفسيرها او تأويلها. وان مذهب الخلف ان يؤولوها بما يتفق مع تنزيه الله تبارك وتعالى عن مشابهة خلقه.
وقد حدث خلاف شديد بين اهل الرأيين، حتى ادى بهما الى التنابز بالألقاب العصبية «46» .
ولو نظرنا للأمر من زاوية أوسع افقا، وارحب صدرا- لوجدنا ان الاتفاق بين الفريقين اكثر من الاختلاف، وبيان ذلك من عدة وجوه:
الاول: اتفق الفريقان على تنزيه الله تبارك وتعالى عن المشابهة لخلقه.
والثاني: كل منهما يقطع بان المراد بألفاظ هذه النصوص فى حق الله تبارك وتعالى غير ظواهرها التي وضعت لها هذه الألفاظ فى حق الخلوقات، وذلك مترتب على اتفاقهما على نفى التشبيه.
والثالث: كل من الفريقين يعلم ان الألفاظ توضيع للتعبير عما يجول فى النفوس، او يقع تحت الحواس، مما يتعلق باصحاب اللغة وواضعيها. وان اللغات مهما اتسعت، لا تحيط بما ليس لأهلها بحقائقه علم، وحقائق ما يتعلق بذات الله تبارك وتعالى من هذا القبيل. فاللغة اقصر من ان تواتينا بالألفاظ التي تدل على هذه الحقائق، فالتحكم فى تحديد المعاني بهذه الألفاظ تغرير.
إذا تقرر هذا، فقد اتفق السلف والخلف على اصل التأويل، وانحصر الخلاف بينهما فى ان الخلف زادوا تحديد المعنى المراد، حينما ألجأتهم ضرورة التنزيه الى ذلك، حفظا لعقائد العوام من شبهة التشبيه، وهو خلاف لا يستحق ضجة ولا اعناتا ولا حيرة وليس بعيدة الشقة كما يذكر شترثمان «47» .
ان صدر الإسلام أوسع من هذا كله، وقد لجا أشد الناس تمسكا براى السلف- رضوان الله عليهم- الى التأويل فى عدة مواطن، وهو الامام احمد بن حنبل رضى الله عنه، من ذلك تأويله لحديث: «الحجر الأسود يمين الله فى ارضه» «48» .
وقوله صلى الله عليه وسلم: «قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن» «49» ،
وقوله
__________
(46) انظر فى ذلك: ابو الفرج بن الجوزي الحنبلي فى كتابه دفع شبه التشبيه، وفخر الدين الرازي فى كتابه أساس التقديس، والغزالي فى الجزء الاول من كتابه احياء علوم الدين، عند كلامه على نسبة العلم الظاهر الى الباطن واقسام ما يتأتى فيه الظهور والبطون، والتأويل وغير التأويل.
وانظر للغزالى ايضا كتاب الجام العوام عن علم الكلام. وانظر ابن تيمية، الإكليل فى المتشابه والتأويل، وكثير من كتبه حمل فيها حملة شعواء على كثير من الفرق. وانظر له الرسالة التدمرية ص؟ 1 وما بعدها.
(47) انظر دائرة المعارف الاسلامية (مادة تشبيه) : 5/ 253.
(48) قال العراقي: رواه الحاكم وصححه؟ حديث عبد الله بن عمر. [.....]
(49) رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو.

(5/197)


صلى الله عليه وسلم: «انى لأجد نفس الرحمن من جانب اليمين» «50» .
وقد روى حنبل ابن أخي الامام احمد انه سمعه يقول: (احتجوا على يوم المناظرة فقالوا تجيء يوم القيامة سورة البقرة وتجيء سورة تبارك قال: «فقلت لهم انما هو الثواب» . قال الله جل ذكره: «وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا» وانما تأتي قدرته) «51» وهذا بلا شك تفسير للمجيء بمجاز الحذف.
وقد ذكر ابن حزم الظاهري فى الفصل ان احمد بن حنبل قال فى قوله تعالى:
«وجاء ربك» انما معناه وجاء امر ربك فابن حنبل سلفي من اهل التفويض والتنزه والتوقف «52» ومع هذا لجا الى التأويل فى المجاز الظاهر.
«وقد رأيت للإمام النووي رضى الله عنه ما يفيد قرب مسافة الخلاف بين راى السلف والخلف مما لا يدع مجالا للنزاع والجدال، ولا سيما وقد قيد الخلف أنفسهم فى التأويل بجوازه عقلا وشرعا، بحيث لا يصطدم بأصل من اصول الدين» «53» .
وقال الرازي فى كتابه (أساس التقديس) :
ثم ان جوزنا التأويل اشتغلنا على سبيل التبرع بذكر تلك التأويلات على التفصيل، وان لم نجز التأويل فوضنا العلم بها الى الله تعالى، فهذا هو القانون الكلى المرجوع اليه فى جميع المتشابهات، وبالله التوفيق» .
(هـ) وخلاصة هذا البحث ان السلف والخلف قد اتفقا على ان المراد غير الظاهر المتعارف بين الخلق، وهو تاويل فى الجملة. واتفقا كذلك على ان كل تاويل يصطدم بالأصول الشرعية غير جائز.
فانحصر الخلاف فى تاويل الألفاظ بما يجوز فى الشرع، وهو هين كما ترى، وليس موجبا للحيرة. ولا مبعدا لشقة الخلاف بين المسلمين كما ادعى شترثمان.
وقد لجا بعض السلف الى التأويل، واثر ذلك عن الامام احمد بن حنبل رضى الله عنه.
والله الموفق والهادي الى سواء السبيل.
__________
(50) قال العراقي: رواه احمد من حديث ابى هريرة فى حديث قال فيه: «وأجد نفس ربكم من اليمين» ورجاله ثقات. وانظر: العقائد، تحقيق رضوان محمد رضوان ص 85 طبع بغداد.
(51) محمد ابو زهرة: ابن تيمية ص 278.
(52) هو تفويض معنى اللفظ الى الله وعدم تخريجه لا على الظاهر ولا على غير الظاهر. ومن ذلك ان الامام احمد رضى الله عنه لما سئل عن أحاديث النزول والرزية ووضع القدم قال نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى. وروى الحلال فى مسنده عن الامام احمد انهم سألوه عن الاستواء فقال: «استوى على العرش كيف شاء وكما شاء وبلا حد وذ صفة يبلغها واصف» .
(53) العقائد تحقيق رضوان محمد رضوان ص 85 طبعة بغداد.

(5/198)