زاد المسير في علم التفسير

إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)

سورة النّصر
وهي مدنيّة بإجماعهم (1578) وفي أفراد مسلم من حديث ابن عباس أنها آخر سورة نزلت جميعا.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة النصر (110) : الآيات 1 الى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً (3)
قوله عزّ وجلّ: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ أي: معونته على الأعداء. وَالْفَتْحُ: فتح مكة قال الحسن: لما فتح رسول الله صلّى الله عليه وسلم مكة قالت العرب: أما إذ ظفر محمد بأهل الحرم، وقد أجارهم الله من أصحاب الفيل، فليس لكم به يدان فدخلوا في دين الله أفواجاً. قال أبو عبيدة: والأفواج: جماعات في تفرقة.
قوله عزّ وجلّ: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ فيه قولان: أحدهما: أنه الصلاة، قاله ابن عباس. والثاني:
التسبيح المعروف، قاله جماعة من المفسرين. قال المفسرون: نُعِيَتْ إليه نفسُهُ بنزول هذه السورة، وأُعْلِم أنه قد اقترب أجله، فأُمر بالتسبيح والاستغفار ليختم له عمره بالزيادة في العمل الصالح «1» . قال ابن عباس: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ: داعٍ من الله، وَوَدَاع من الدنيا. قال قتادة: وعاش بعد نزول هذه السورة سنتين.
__________
صحيح، أخرجه مسلم 3024 والنسائي في «التفسير» 733 عن ابن عباس به.
__________
(1) أخرجه النسائي في «التفسير» 732 والطبراني 11903 من طريق هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس.

(4/501)


تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)

سورة المسد
وهي مكّيّة بإجماعهم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة المسد (111) : الآيات 1 الى 5]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (2) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4)
فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)
(1579) وسبب نزولها ما رواه البخاري ومسلم في «الصحيحين» من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما نزلت وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ «1» صعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم على الصفا فقال: «يا صباحاه» . فاجتمعت إليه قريش، فقالوا: ما لك؟ فقال: أرأيتُكم إن أخبرتُكم أن العدوَّ مصبِّحكم، أو ممسِّيكم، أما كنتم تصدقوني؟» قالوا: بلى. قال: «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد» . قال أبو لهب: تَباً لك، ألهذا دعوتنا جمعا؟ فأنزل الله تعالى: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ ومعنى: تبت خسرت يدا أبي لهب وَتَبَّ أي: وخسر هو. قال الفراء: الأول: دعاء، والثاني: خبر، كما يقول الرجل:
أهلكك الله وقد أهلكك، وجعلك الله صالحاً وقد جعلك. وقيل: ذكر يديه، والمراد نفسه، ولكن هذا عادة العرب يعبِّرون ببعض الشيء عن جميعه، كقوله عزّ وجلّ: ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ «2» . وقال مجاهد: «تبت يدا أبي لهب وتب» ولد أبي لهب. فأما أبو لهب فهو عمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وقيل: إن اسمه عبد العزى. وقرأ ابن كثير وحدُه «أبي لَهْبٍ» بإسكان الهاء. قال أبو عليّ: يشبه أن يكون كالسّمع والسّمع، والنَّهْرِ والنَّهَرِ.
فإن قيل: كيف كناه الله عزّ وجلّ، وفي الكنية نوع تعظيم؟ فعنه جوابان: أحدهما: أنه إن صح أن اسمه عبد العُزَّى، فكيف يذكره الله بهذا الاسم وفيه معنى الشرك؟! والثاني: أن كثيراً من الناس اشتهروا بكناهم، ولم يعرف لهم أسماء. قال ابن قتيبة: خبِّرني غير واحد عن الأصمعي أن أبا عمرو بن العلاء، وأبا سفيان بن العلاء اسماهما كناهما، فإن كان اسم أبي لهب كنيته، فإنما ذكره بما لا يعرف إلّا به.
قوله عزّ وجلّ: ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ، قال ابن مسعود:
__________
متفق عليه، وتقدم في سورة الشعراء، الآية: 214.
__________
(1) الشعراء: 214.
(2) الحج: 10.

(4/502)


(1580) لمّا دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم أقربيه إلى الله عزّ وجلّ قال أبو لهب: إن كان ما يقول ابن أخي حقاً، فإني أفتدي بمالي، وولدي، فقال الله عزّ وجلّ: ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ قال الزجاج: و «ما» في موضع رفع. المعنى: ما أغنى عنه ماله وكسبه أي: ولده. وكذلك قال المفسرون:
المراد بكسبه هاهنا: ولده. و «أغنى» بمعنى يغني سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ أي: تلتهب عليه من غير دخان وَامْرَأَتُهُ أي: ستصلى امرأته، وهي أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان. وفي هذا دلالة على صحة نبوّة نبيّنا محمّد عليه الصلاة والسلام، لأنه أخبر بهذا المعنى أنه وزوجته يموتان على الكفر، فكان ذلك، إذا لو قالا بألسنتهما: قد أسلمنا، لوجد الكفار متعلقا في الرّدّ على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، غير أن الله علم أنهما لا يسلمان باطنا ولا ظاهرا، فأخبره بذلك.
قوله عزّ وجلّ: حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فيه أربعة أقوال «1» : أحدها: أنها كانت تمشي بالنميمة، قاله ابن عباس، ومجاهد، والسّدّيّ، والفرّاء. قال ابن قتيبة: فشبَّهوا النميمة بالحطب، والعداوة والشحناء بالنار، لأنهما يقعان بالنميمة، كما تلتهب النار بالحطب. والثاني: أنها كانت تحتطب الشوك، فتلقيه في طريق رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليلاً، رواه عطية عن ابن عباس. وبه قال الضحاك، وابن زيد. والثالث: أن المراد بالحطب: الخطايا، قاله سعيد بن جبير. والرابع: أنها كانت تعيّر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالفقر، وكانت تحتطب فعيّرت بذلك، قال قتادة. وليس بالقوي، لأن الله تعالى وصفه بالمال. وقرأ عاصم وحده حَمَّالَةَ الْحَطَبِ بالنصب.
قال الزجاج: من نصب «حمالةَ» فعلى الذَّم. والمعنى: أعني: حمالةَ الحطب. والجيد: العُنُق.
والمَسَدُ في لغة العرب: الحَبْل إذا كان من ليف المُقْل. وقد يقال لما كان من أوبار الإبل من الحبال:
مسد. قال الشاعر:
ومسد أمرّ من أيانق «2»
وقال ابن قتيبة: المَسَد عند كثير من الناس: اللِّيف دون غيره، وليس كذلك، إنما المسد: كُلُّ ما ضُفِرَ وفُتِل من اللِّيف وغيره.
واختلف المفسرون: في المراد بهذا الحبل على ثلاثة أقوال «3» : أحدها: أنها حبال كانت تكون
__________
لم أقف له على إسناد، وذكره ابن كثير في «التفسير» 4/ 681 بصيغه التمريض بقوله: وذكر عن ابن مسعود.
والصواب في هذا الحديث المتقدم.
__________
(1) قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» 4/ 681: كانت عونا لزوجها على كفره، وجحوده وعناده، فلهذا تكون يوم القيامة عونا عليه في عذابه في نار جهنم، ولهذا قال تعالى: حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ يعني تحمل الحطب فتلقي على زوجها يزداد على ما هو فيه، وهي مهيأة لذلك مستعدة له.
(2) هو صدر بيت لعمارة بن طارق وعجزه:
صهب عتاق ذات مخ زاهق
(3) قال الطبري رحمه الله في «تفسيره» 12/ 738: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: هو حبل جمع من أنواع مختلفة. قال ابن كثير رحمه الله: وقال بعض أهل العلم في قوله تعالى: فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ في عنقها حبل من نار جهنم ترفع به إلى شفيرها ثم ترمى إلى أسفلها. ثم كذلك دائما.

(4/503)


بمكة، رواه العَوفي عن ابن عباس وقال الضحاك: حبل من شجر كانت تحتطب به. والثاني: أنه قلادة من وَدَع، قاله قتادة. والثالث: أنه سلسلة من حديد ذَرْعُها سبعون ذراعاً، قاله عروة بن الزبير، وقال غيره: المراد بهذا الحبل: السلسلة التي ذكرها الله تعالى في النار، طولها سبعون ذراعاً. والمعنى: أن تلك السلسلة قد فتلت فتلاً مُحْكَماً، فهي في عنقها تعذَّب بها في النار.

(4/504)


قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)

سورة الإخلاص
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الإخلاص (112) : الآيات 1 الى 4]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)
وفيها قولان: أحدهما: أنها مكية، قاله ابن مسعود، والحسن، وعطاء، وعكرمة، وجابر.
والثاني: مدنية، روي عن ابن عباس، وقتادة، والضحاك.
(1581) وقد روى البخاري في أفراده من حديث أبي سعيد الخدري أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده إنها لَتَعْدِل ثُلُثَ القرآن» .
(1582) وروى مسلم في أفراده من حديث أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال: «إنّها تعدل ثلث القرآن» . وفي سببها نزولها ثلاثة أقوال:
(1583) أحدها: أن المشركين قالوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم انسب لنا ربك، فنزلت هذه السورة، قاله أُبَيّ بن كعب.
(1584) والثاني: أن عامر بن الطّفيل قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: إلام تدعونا يا محمد؟ قال: إلى الله عزّ وجلّ. قال: صفه لي، أمن ذهب هو، أو من فضّة، أم من حديد، فنزلت هذه السورة، قاله ابن عباس.
(1585) والثالث: أن الذين قالوا هذا، قوم من أحبار اليهود قالوا: من أي جنس هو، وممّن
__________
صحيح. أخرجه البخاري 5013 و 6643 و 7374 ومالك 1/ 208 وأحمد 3/ 35 وأبو داود 1461 والنسائي 2/ 171 وابن حبان 791 كلهم من حديث أبي سعيد الخدري. وانظر «تفسير القرطبي» 6522.
صحيح. أخرجه مسلم 812 وأحمد 2/ 429 من حديث أبي هريرة. وانظر «تفسير الشوكاني» 2871 بتخريجنا.
حسن. أخرجه الترمذي 3364 وأحمد 5/ 134 والحاكم 2/ 540 والطبري 28298 والواحدي 880 من حديث أبي العالية عن أبيّ بن كعب به، وإسناده لا بأس به، وله شواهد. وورد من مرسل أبي العالية: أخرجه الطبري 38300. وورد من حديث جبير: أخرجه أبو يعلى 2044 والطبري 38301 والواحدي في «أسباب النزول» 881 وفي «الوسيط» 4/ 570- 571. وإسناده ضعيف، فيه مجالد بن سعيد، وهو ضعيف. وورد من مرسل عكرمة، أخرجه الطبري 38299، فهذه الروايات تتأيد بمجموعها.
عزاه البغوي في «التفسير» 4/ 544 لأبي صالح وأبي ظبيان عن ابن عباس، وأبو صالح متهم في روايته عن ابن عباس، وراوية أبي ظبيان ابنه قابوس، وهو ضعيف. ولا يصح هذا الخبر، وتقدم ذكر أربد في سورة الرعد.
لم أره عن الضحاك مسندا، ومرسل قتادة، أخرجه الطبري 38303، ولا يصح هذا الخبر، فإن السورة

(4/505)


ورث الدنيا، ولمن يورِّثها؟ فنزلت هذه السورة، قاله قتادة، والضّحّاك. وقرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي «أحدٌ اللهُ» وقرأ أبو عمرو «أحدُ اللهُ» بضم الدال، ووصلها باسم الله. قال الزّجّاج: هو كناية عن ذكر الله عزّ وجلّ. والمعنى: الذي سألتم تبيين نسبته هو الله.
و «أحد» مرفوع على معنى: هو أحد، فالمعنى: هو الله، وقرئت «أحدٌ اللهُ الصمد» بتنوين أحد، وقرئت «أحد الله الصمد» بترك التنوين، وقرئت بإسكان الدال «أحدْ اللهُ» وأجودها الرفع بإثبات التنوين، وكُسِرَ التنوين لسكونه وسكون اللام في «الله» ، ومن حذف التنوين، فلالتقاء الساكنين أيضاً، ومن أسكن أراد الوقف ثم ابتدأ «الله الصمد» وهو أردؤها.
فأما «الأحد» فقال ابن عباس، وأبو عبيدة: هو الواحد. وفرَّق قوم بينهما. وقال أبو سليمان الخطابي: الواحد: هو المنفرد بالذات، فلا يضاهيه أحد.
والأحد: هو المنفرد بالمعنى، لا يشاركه فيه أحد. وأصل «الأحد» عند النحويين: الوحد، ثم أبدلوا عن الواو الهمزة وفي «الصمد» أربعة أقوال:
(1586) أحدها: أنه السيِّد الذي يُصْمَدُ إليه في الحوائج، رواه ابن عباس عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: الصَّمَدُ: السّيّد الذي كمل في سؤدده. وقال أبو عبيدة: هو السيد الذي ليس فوقه أحد. والعرب تسمي أشرافها: الصَّمد. قال الأسدي:
لَقَدْ بَكَّرَ النَّاعي بِخَيْريْ بَني أَسَدْ ... بعمرو بن مَسْعودٍ وبالسَّيدِ الصَّمَدْ
وقال الزجاج: هو الذي ينتهي إليه السُّؤدُد، فقد صمد له كلّ شيء أي قصد قصده. وتأويل صمود كل شيء له: أن في كل شيء أثر صُنْعه. وقال ابن الأنباري: لا خلاف بين أهل اللغة أن الصمد: السيد الذي ليس فوقه أحد تصمد إليه الناس في أمورهم وحوائجهم.
والثاني: أنه الذي لا جوف له، قاله ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وابن جبير، وعكرمة، والضحاك، وقتادة، والسّدّيّ. وقال ابن قتيبة: وكان الدال من هذا التفسير مبدلة من تاء، والمصمت من هذا. والثالث: أنه الدائم. والرابع: الباقي بعد فناء الخلق، حكاهما الخطابي وقال: أصح الوجوه الأول، لأن الاشتقاق يشهد له، فإن أصل الصمد: القصد. يقال: اصمد صمد فلان، أي اقصد قصده.
فالصمد: السيد الذي يصمد إليه في الأمور، ويقصد في الحوائج.
قوله عزّ وجلّ: لَمْ يَلِدْ قال مقاتل: لم يلد فيورَّث وَلَمْ يُولَدْ فيشارَك، وذلك أن مشركي العرب قالوا: الملائكة بناتُ الرحمن. وقالت اليهود: عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله، فبرّأ الله نفسه من ذلك.
وقوله عزّ وجلّ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ قرأ الأكثرون بالتثقيل والهمز. ورواه حفص بالتثقيل وقلب الهمز واواً. وقرأ حمزة بسكون الفاء. والكفء: المثل المكافئ. فيه تقديم وتأخير، تقديره: ولم يكن له أحد كفوا، فقدّم وأخّر لتتّفق رؤوس الآيات.
__________
مكية، وأخبار اليهود وسؤالاتهم مدنية، والراجح في ذلك الحديث 1583.
لم أقف عليه، وتفرد المصنف بذكره دون سائر المفسرين أمارة لوهنه أو وضعه لخلوه عن كتب الحديث والأثر والتفسير، ولو صح مرفوعا ما اختلف المفسرون في تأويل «الصمد» .

(4/506)


قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)

سورة الفلق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الفلق (113) : الآيات 1 الى 5]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (4)
وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (5)
وفيها قولان: أحدهما: أنها مدنية، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال قتادة في آخرين.
والثاني: أنها مكية، رواه كريب عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وعطاء، وعكرمة، وجابر. والأول أصح، ويدل عليه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم سحر وهو مع عائشة، فنزلت عليه المعوذتان.
(1587) فذكر أهل التفسير في سبب نزولهما: أن غلاماً من اليهود كان يخدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلم يزل به اليهود حتى أخذ مُشَاطة رأس رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وعِدَّة أسنانٍ من مُشْطه، فأعطاها اليهود فسحروه فيها. وكان الذي تولَّى ذلك لبيد بن أعصم اليهودي. ثم دسَّها في بئر لبني زريق، يقال لها: بئر ذروان.
ويقال: ذي أروان، فمرض رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وانتثر شعر رأسه، وكان يرى أنه يأتي النساء وما يأتيهنّ، ويخيّل إليه أن يفعل الشيء، وما يفعله، فبينا هو ذات يوم نائم أتاه مَلَكان، فقعد أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، فقال أحدهما للآخر: ما بال الرجل؟ قال: طُبَّ. قال: وما طُبَّ؟ قال: سُحِر.
قال: ومن سَحَره؟ قال: لبيد بن الأعصم. قال: وبم طَبَّه؟ قال: بمُشْط ومُشَاطة. قال: وأين هو؟ قال:
في جُفِّ طلعةٍ تحت راعوفة في بئر ذروان. والجف: قشر الطلع. والراعوفة: صخرة تترك في أسفل البئر إذا حفرت. فإذا أرادوا تنقية البئر جلس المنقِّي عليها، فانتبه رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: يا عائشة أما شعرتِ أن الله أخبرني بدائي، ثم بعث علياً، والزبير، وعمار بن ياسر، فنزحوا ماء تلك البئر، ثم رفعوا الصخرة، وأخذوا الجُفَّ، وإذا فيه مُشَاطة رأسه، وأسنان مشطه، وإذا وتر معقد فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبرة، فأنزل الله عزّ وجلّ المعوذتين، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة. ووجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم خِفَّة حين انحلت العُقْدَةُ الأخيرة، وجعل جبريل يقول: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن حاسد وعين، والله يشفيك. فقالوا: يا رسول الله أفلا نأخذ الخبيث فنقلته؟ فقال: «أما أنا فقد شفاني الله، وأكره أن أثير على الناس شرّا» .
__________
ذكره الحافظ ابن كثير 4/ 614- 615 بأتم منه، ونسبه للثعلبي، وقال: هكذا أورده بلا إسناد، وفيه غرابة، وفي بعضه نكارة شديدة. ولبعضه شواهد مما تقدم، والله أعلم. وانظر ما بعده.

(4/507)


(1588) وقد أخرج البخاري ومسلم في «الصحيحين» من حديث عائشة رضي الله عنها حديث سحر رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وقد بينا معنى «أعوذ» في أول كتابنا. وفي الْفَلَقِ ستة أقوال «1» :
أحدها: أنه الصبح، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة، والقرظي وابن زيد، واللغويون قالوا: ويقال: هذا أبين من: فَلَق الصبح وَفَرَقَ الصبح. والثاني:
أنه الخلق كلّه. رواه الوالبي عن ابن عباس. وكذلك قال الضحاك: العلق: الخَلْق كلُّه. والثالث: سِجْن في جهنم، روي عن ابن عباس أيضاً. وقال وهب والسدي: جُبٌّ في جهنم. وقال ابن السائب: وادٍ في جهنم. والرابع: شجرة في النار، قاله عبد الله بن عمر. والخامس: أنه كُلُّ ما انفلق عن شيء كالصبح، والحَبُّ، والنَّوى، وغير ذلك، قاله الحسن. قاله الزجاج: وإذا تأملت الخلق بَانَ لك أن أكثره عن انفلاق، كالأرض بالنبات، والسحاب بالمطر. والسادس: أنه اسم من أسماء جهنم، قاله أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد الحبلي.
قوله عزّ وجلّ: مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ وقرأ ابن السميفع، وابن يعمر: «خُلِق» بضم الخاء، وكسر اللام. فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه عام، وهو الأظهر. والثاني: أن شر ما خُلِق: إبليسُ وذُريته، قاله الحسن. والثالث: جهنم، حكاه الماوردي.
وفي «الغاسق» أربعة أقوال: أحدها: أنه القمر، روت عائشة قالت: نظر رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى القمر، فقال:
(1589) «استعيذي بالله من شره فإنه الغاسق إذا وقب» ، رواه الترمذي، والنسائي في كتابيهما.
قال ابن قتيبة: ويقال: الغاسق: القمر إذا كسف فاسودَّ. ومعنى وَقَبَ دخل في الكسوف.
__________
صحيح. أخرجه البخاري 3175 و 6063 ومسلم 2189 وابن ماجة 3545 وأحمد 6/ 63 وابن حبان 6584 عن عائشة قالت: مكث النبي صلّى الله عليه وسلم كذا وكذا يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتي، قالت عائشة: فقال لي ذات يوم «يا عائشة إن الله تعالى أفتاني في أمر استفتيته فيه، أتاني رجلان فجلس أحدهما عند رجليّ والآخر عند رأسي، فقال الذي عند رجليّ للذي عند رأسي: ما بال الرجل؟ قال: مطبوب يعني مسحورا، قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن أعصم، قال: وفيم؟ قال في جفّ طلعة ذكره في مشط ومشاطة تحت رعوفة في بئر ذروان، فجاء النبيّ صلّى الله عليه وسلم فقال: هذه البئر التي أريتها كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين، وكأن ماءها نقاعة الحنّاء، فأمر به النبي صلّى الله عليه وسلم فأخرج، قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله، فهلا- تعني تنشّرت، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم أمّا الله فقد شفاني، وأما أنا فأكره أن أثير على الناس شرا، قالت: «ولبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف ليهود» لفظ البخاري بحروفه في الرواية الثانية، فعليك به، ودع الروايات الواهية والضعيفة.
ضعيف. أخرجه أحمد 6/ 206 والبغوي في «شرح السنة» 1361 من طريق وكيع عن ابن أبي ذئب عن خالد بن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن عائشة به. وأخرجه الترمذي 3366 وأحمد 6/ 61 و 206 و 215 و 237 و 252 وأبو يعلى 4440 وأبو الشيخ في «العظمة» 681 والحاكم 2/ 541. والطبري 38377 من طرق عن ابن أبي ذئب به. -
__________
(1) قال الطبري رحمه الله في «تفسيره» 12/ 748: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله عز وجل أمر نبيه محمد صلّى الله عليه وسلم أن يقول: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ والفلق من كلام العرب: فلق الصبح.
وقال ابن كثير رحمه الله وهذا هو الصحيح، وهو اختيار البخاري في «صحيحه» رحمه الله تعالى. [.....]

(4/508)


(1590) والثاني: أنه النجم، رواه أبو هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
والثالث: أنه الليل، قاله ابن عباس، والحسن، ومجاهد، والقرظي، والفراء، وأبو عبيد، وابن قتيبة، والزجاج. قال اللغويون: ومعنى «وقب» دخل في كل شيء فأظلم. و «الغسق» الظلمة. وقال الزّجّاج: الغاسق: البارد، وقيل لِلَّيل: غاسق، لأنه أبرد من النهار. والرابع: أنه الثريا إذا سقطت، وكانت الأسقام، والطواعين تكثر عند وقوعها، وترتفع عند طلوعها، قاله ابن زيد.
فأما النَّفَّاثاتِ فقال ابن قتيبة: هن السواحر ينفثن، أي: يَتْفُلن إذا سحرن، ورَقَيْن. قال الزجاج: يَتْفُلْنَ بلا ريق، كأنه نفخ. وقال ابن الأنباري: قال اللغويون: تفسير نَفَثَ: نَفَخَ نفخاً ليس معه ريق، ومعنى تفل: نفخ نفخا معه ريق. وقال ذو الرّمّة:
ومن جوف ماء عرمض الحفل فوقه ... متى تحس منه ماتح القومِ يَتْفُلِ
وقد روى ابن أبي سُرَيج «النافثات» بألف قبل الفاء مع كسر الفاء وتخفيفها. وقال بعض المفسرين: المراد بالنَّفَّاثات هاهنا: بنات لبيد أعصم اليهودي سحرن رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ يعني: اليهود حسدوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وقد ذكرنا حدَّ الحسد في البقرة.
والحسد: أخس الطبائع. وأولُ معصية عُصِيَ الله بها في السماء حَسَدُ إبليس لآدم، وفي الأرض حسد قابيل لهابيل.
__________
وقد توبع الحارث عند أحمد في الرواية 6/ 215، تابعه المنذر بن أبي المنذر، وهو مجهول وأخشى أن يكون أخذه الحارث عن المنذر، وهو محتمل، فالمتن غريب. وصححه الحاكم! ووافقه الذهبي! وقال الترمذي:
حسن صحيح! قلت: والمتن غريب لأن عامة أهل التفسير والأثر على أن المراد بذلك الليل إذا دخل. أخرجه الطبري 38364 عن ابن عباس لكن سنده واه، وكرره عن الحسن 38365 وكرره 38366 عن القرظي، وكرره 38368 عن مجاهد والحسن، وكرره 38369 و 38370 عن الحسن. وكرره 38371 عن ابن عباس بسند رجاله ثقات لكن فيه إرسال، وهذه الروايات تتأيد بمجموعها، وهو الذي اختاره البخاري في «صحيحه» . فقال 8/ 741 «فتح» : وقال مجاهد: الفلق: الصبح، وغاسق الليل إذا وقب غروب الشمس. قلت: فهذا ما عليه عامة أهل العلم، ولو ثبت الحديث عند البخاري لرواه ولو تعليقا أو تبويبا.
ضعيف جدا. أخرجه الطبري 38375 عن أبي هريرة مرفوعا، وإسناده ضعيف، فيه محمد بن عبد العزيز، وهو متروك، وقال الحافظ ابن كثير 4/ 694: لا يصح رفعه إلى النبي صلّى الله عليه وسلم. وانظر «تفسير الشوكاني» 2893.

(4/509)


قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)

سورة النّاس
وفيها قولان: أحدهما: أنها مدنية، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: أنها مكّيّة، رواه أبو كريب عن ابن عباس.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الناس (114) : الآيات 1 الى 6]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (4)
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)
فإن قيل: لم خص الناس هاهنا بأنه ربُّهم، وهو ربُّ كل شيء؟ فعنه جوابان جوابان: أحدهما:
لأنهم معظَّمون متميزون على غيرهم. والثاني: لأنه لما أمر بالاستعاذة من شَرِّهم أعلم أنه ربهم، ليعلم أنه هو الذي يعيذ من شرهم. ولما كان في الناس ملوك قال عزّ وجلّ: مَلِكِ النَّاسِ ولما كان فيهم من يعبد غيره قال عزّ وجلّ: إِلهِ النَّاسِ. والْوَسْواسِ الشيطان، وهو الْخَنَّاسِ يوسوس في الصدور، فإذا ذُكِرَ اللهُ، خَنَس، أي: كفَّ وأَقصر. قال الزّجّاج: الوسواس هاهنا: ذو الوسواس. وقال ابن قتيبة: الصدور هاهنا: القلوب. قال ابن عباس: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل، وسوس، فإذا ذكر الله، خنس.
قوله عزّ وجلّ: مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ الجنّة: الجنّ. وفي معنى الآية قولان: أحدهما: يوسوس في صدور الناس جِنَّتهم وناسهم، فسمى الجن هاهنا ناساً، كما سمّاهم رجالا في قوله عزّ وجلّ:
يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ وسمّاهم نفرا بقوله عزّ وجلّ: اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ هذا قول الفراء. وعلى هذا القول يكون الوسواس موسوساً للجن، كما يوسوس للإنس. والثاني: أن الوسواس: الذي يوسوس في صدور الناس، هو من الجِنَّة، وهم من الجن. والمعنى: من شر الوسواس الذي هو من الجنّ. ثم عطف قوله عزّ وجلّ: وَالنَّاسِ على الْوَسْواسِ والمعنى: من شر الوسواس، ومن شر الناس كأنه أمر أن يستعيذ من الجنّ والإنس «1» ، وهذا قول الزّجّاج.
تمّ الكتاب بحمد الله ومنّه.
__________
(1) فائدة: أخرج البخاري 5016 ومسلم 2192 ح 51 وأبو داود 3902 وأحمد 6/ 181 و 256 و 263 وابن حبان 2963 من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عليه بيده رجاء بركتهما.

(4/510)


فهذا آخر «زاد المسير» ، والحمد لله على الإنعام الغزير، وإذ قد بلغنا بحمد الله مرادنا فيما أمّلنا، فلا يعتقدنّ من رأى اختصارنا أنّا أقللنا، فقد أشرنا بما ذكرنا إلى ما تركنا ودللنا، فليكن الناظر في كتابنا متيقظا لما أغفلنا، فإنّا ضمنّا الاختصار مع نيل المراد، وقد فعلنا. ومن أراد زيادة بسط في التفسير، فعليه بكتابنا «المغني» في التفسير. فإن أراد مختصرا، فعليه بكتابنا المسمّى ب «تذكرة الأريب في تفسير الغريب» . والحمد لله ربّ العالمين، أوّلا وآخرا وباطنا وظاهرا وصلواته على سيدنا محمّد النبيّ وآله أجمعين، وعلى أبيه آدم، وذريّته الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين، وسلّم تسليما كثيرا إلى يوم الدّين.
ووافق الفراغ من هذا المجلّد وهو آخر الكتاب يوم الاثنين حادي والعشرين شهر ربيع الآخر من سنة ثمان وثمانين وثمان مائة على يد العبد الفقير إلى الله تعالى أحمد بن محمّد بن أبي بكر بن خليفة غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك قريب مجيب الدّعوات، ونقل هذا المجلّد جميعه من أصل ثم من أصل المصنّف وعليه سماع المصنّف وهو الشيخ الإمام العالم الأوحد جمال الدّين أبو الفرج عبد الرّحمن بن عليّ ابن الجوزي مصنّفه رضي الله عنه وأرضاه والحمد لله ربّ العالمين.
بلغ مقابلته بحسب الطاقة والإمكان ونعوذ بالله من الزّيادة والنّقصان.

(4/511)