معاني القرآن
وإعرابه للزجاج وَرَأَيْتَ النَّاسَ
يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)
سُورَةُ النَّصْرِ
(مدنية)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله عزَّ وجلَّ: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)
قيل إن الفتح كَمَا جاء في التفسير أنه نعيت إلى النبي - صلى
الله عليه وسلم - نفسه في هذه السورة.
فأعلم اللَّه - عزَّ وجلَّ - أنه إذَا جَاء فتح مكة ودخل الناس
في
الإسلام أفواجاً فقد قرب أجله - صلى الله عليه وسلم - وكان
يقول ذلك إنه قد نعيت إلى نفسي في هذه السورة.
فأمره اللَّه عزَّ وجلَّ أن يكثر التسبيحَ والاستغفار ليختم له
في آخرِ عمره
بالزيادة في العمل الصالح باتباع ما أمره به.
* * *
(وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ
أَفْوَاجًا (2)
ومعنى: (أَفْوَاجًا)
جماعات كثيرة، أي بعد أن كانوا يدخلون وَاحِداً واحِداً.
واثنين اثنين، صارت القبيلة تدخل بأسرها في الإسلام.
(5/373)
وَامْرَأَتُهُ
حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4)
سُورَةُ تَبَّتْ
(مَكِّيَّة)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله عزَّ وجلَّ: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)
معناه خسرت يدا أبي لهب، وتب: أي خسر.
وجاء في التفسير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا عمومته
وقدم إليهم صحفة فيها طعام فقالوا: أحدنا وحده يأكل الشاة
وإنما قدم إلينا هذه الصحفة، فأكلوا منها جميعاً ولم ينقص منها
إلا الشيء اليسير، فقالوا: مالنا عندك إن اتبعناك، قال: لكم ما
للمسلمين وعليكم ما عليهم، وإنما تتفاضلون في الدين، فقال أبو
لهب: تبًّا لك ألهذا دعوتنا!؟
فأنزل الله عز وجل: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ)
* * *
وقوله: مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2)
المفسرون قالوا: ما كسب هاهنا ولده.
موضع (ما) رفع، المعنى مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وكسبه.
* * *
(سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3)
أي: وولده سيصلى ناراً ذات لهب.
ويقرأ: (سَيُصْلَى نَارًا).
* * *
(وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4)
(حَمَّالَةُ الْحَطَبِ)
ويقرأ (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) - بالنصب - وامرأته رفع من
وجهين:
أحدهما العطف على ما في " سَيُصْلَى "، المعنى سيصلى هو
وامرأته ويكون (حَمَّالَةُ الْحَطَبِ) نعتا لها.
ومن نصب فعلى الذم، والمعنى: أعني (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ).
ويجوز رفع (وَامْرَأَتُهُ) على الابتداء، و (حَمَّالَةُ) من
نعتها، ويكون الخبر:
(فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ).
خبر الابتداء.
__________
(1) قال السَّمين:
قوله: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ}: أي: خَسِرَتْ، وتقدَّم
تفسيرُ هذه المادةِ في سورة غافر في قولِه: {إِلاَّ فِي
تَبَابٍ} [غافر: 37]، وأسند الفعلَ إلى اليدَيْنِ مجازاً لأنَّ
أكثرَ الأفعالِ تُزاوَلُ بهما، وإنْ كانَ المرادُ جملةَ
المَدْعُوِّ عليه. وقوله: «تَبَّتْ» دعاءٌ، و «تَبَّ» إخبارٌ،
أي: قد وقع ما دُعِيَ به عليه. كقول الشاعر:
4668 جَزاني جَزاه اللَّهُ شرَّ جَزائِه. . . جزاءَ الكِلابِ
العاوياتِ وقد فَعَلْ
ويؤيِّده قراءةُ عبد الله «وقد تَبَّ» والظاهرُ أنَّ كليهما
دعاءٌ، ويكونُ في هذا شَبَهٌ مِنْ مجيءِ العامِّ بعد الخاصِّ؛
لأنَّ اليَدَيْن بعضٌ، وإن كان حقيقةُ اليدَيْن غيرَ مرادٍ،
وإنما عَبَّر باليدَيْنِ؛ لأن الأعمال غالِباً تُزاوَلُ بهما.
وقرأ العامة «لَهَبٍ» بفتح الهاء. وابنُ كثيرٍ بإسكانِها.
فقيل: لغتان بمعنىً، نحو النَّهْر والنَّهَر، والشَّعْر
والشَّعَر، والنَّفَر والنَّفْر، والضَّجَر والضَّجْر. وقال
الزمخشري: «وهو مِنْ تغييرِ الأعلامِ كقوله:» شُمْس ابن مالك
«بالضم، يعني أنَّ الأصلَ شَمْسِ بفتح الشين فَغُيِّرَتْ إلى
الضَمِّ، ويُشير بذلك لقولِ الشاعر:
4669 وإنِّي لَمُهْدٍ مِنْ ثَنَائِي فَقاصِدٌ بِهِ. . . لابنِ
عَمِّ الصِّدْقِ شُمْسِ بنِ مالكِ
وجَوَّزَ الشيخُ في» شُمْس «أَنْ يكونَ منقولاً مِنْ» شُمْس
«الجمع مِنْ قولِه:» أذنابُ خيلٍ شُمْسٍ «فلا يكونُ من التغيير
في شيءٍ. وكنى بذلك: إمَّا لالتهابِ وجنَتَيْه، وكان مُشْرِقَ
الوجهِ أحمرَه، وإمَّا لِما يَؤُول إليه مِنْ لَهَبِ جنهمَ،
كقولِهم: أبو الخيرِ وأبو الشَّرِّ لصُدورِهما منه. وإمَّا
لأنَّ الكُنيةَ أغلبُ من الاسم، أو لأنَّها أَنْقصُ منه، ولذلك
ذكرَ الأنبياءَ بأسمائِهم دون كُناهم، أو لُقْبحْ اسمِه، فإنَّ
اسمَهِ» عبد العزى «فعَدَلَ إلى الكُنْية، وقال الزمخشري:»
فإنْ قلتَ: لِمَ كَناه والكُنيةُ تَكْرُمَةٌ؟ ثم ذكَرَ ثلاثةَ
أجوبةٍ: إمَّا لشُهْرَتِه بكُنْيته، وإمَّا لقُبْحِ اسمِه كما
تقدَّم، وإمَّا لأنَّ مآلَه إلى لهبِ جهنمِ «. انتهى. وهذا
يقتضي أنَّ الكنيةَ أشرفُ وأكملُ لا أنقصُ، وهو عكسُ قولٍ
تقدَّمَ آنفاً.
وقُرئ:» يدا أبو لَهَبٍ «بالواوِ في مكانِ الجرِّ. قال
الزمخشري:» كما قيل: عليُّ بن أبو طالب، ومعاويةُ بنُ أبو
سفيان، لئلا يتغيَّرَ منه شيءٌ فيُشْكِلَ على السامعِ ول
فَلِيْتَةَ بنِ قاسمٍ أميرِ مكة ابنان، أحدُهما: عبدِ الله
بالجرِّ، والآخرُ عبدَ الله بالنصب «ولم يَختلف القُرَّاءُ في
قولِه: {ذاتَ لَهَب} أنها بالفتح. والفرقُ أنها فاصلةٌ فلو
سَكَنَتْ زال التَّشاكلُ.
قوله: {مَآ أغنى}: يجوزُ في «ما» النفيُ والاستفهامُ، وعلى
الثاني تكون منصوبةَ المحلِّ بما بعدَها التقدير: أيُّ شيء
أغنى المالُ؟ وقُدِّم لكونِه له صَدْرُ الكلامِ.
قوله: {وَمَا كَسَبَ} يجوز في «ما» هذه أَنْ تكونَ بمعنى الذي،
فالعائد محذوفٌ، وأَنْ تكونَ مصدريةً، أي: وكَسْبُه، وأَنْ
تكونَ استفهاميةً يعني: وأيَّ شيءٍ كَسَبَ؟ أي: لم يَكْسَبْ
شيئاً، قاله الشيخُ، فجعل الاستفهامَ بمعنى النفيِ، فعلى هذا
يجوزُ أَنْ تكونَ نافيةً، ويكونَ المعنى على ما ذَكَرَ، وهو
غيرُ ظاهرٍ وقرأ عبد الله: «وما اكْتَسَبَ».
قوله: {سيصلى} العامَّةُ على فتحِ الياءِ وإسكانِ الصادِ
وتخفيفِ اللامِ، أي: يصلى هو بنفسِه. وأبو حيوةَ وابنُ مقسمٍ
وعباسٌ في اختيارِه بالضمِّ والفتحِ والتشديدِ. والحسن وأبن
أبي إسحاق بالضمِّ والسكون.
اهـ (الدُّرُّ المصُون).
(5/375)
فِي جِيدِهَا حَبْلٌ
مِنْ مَسَدٍ (5)
وجاء في التفسير.
(حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) أنها أم جميل وأنها كانت تمشي بالنميمة
قال الشاعر:
مِن البِيضِ لم تُصْطَدْ على ظَهْرِ لأْمَةٍ. . . ولم تَمْشِ
بينَ الحَيِّ بالحَطَبِ الرَّطْبِ
أي بالنميمة.
وقيل إنها كانت تحمل الشوك، شوك العضاة فتطرحه في طريق النبي -
صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)
الجَيِّد العنق.
وقيل في التفسير: (حبل مِنْ مَسَدٍ). سلسلة طولها سَبْعُونَ
ذراعاً.
يعنى أنها تسلك في السلسلة سبعون ذراعاً.
والمسد في لغة العرب الحبل إذا كان من ليفِ المُقْلِ، وقد يقال
لما كان من أدبار الإبل من الحبال مَسَدٌ.
قال الشاعِرُ:
وَمَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أَيَانُقِ (1).
__________
(1) قال السَّمين:
قوله: {وامرأته حَمَّالَةَ الحطب}: قراءةُ العامَّةِ بالرفع
على أنهما جملةٌ مِنْ مبتدأ وخبرٍ سِيْقَتْ للإِخبار بذلك.
وقيل: «وامرأتُه» عطفٌ على الضميرِ في «سَيَصْلى»، سَوَّغَه
الفصلُ بالمفعولِ. و «حَمَّالةُ الحطبِ» على هذا فيه أوجهٌ:
كونُها نعتاً ل «امرأتهُ». وجاز ذلك لأن الإِضافةَ حقيقيةٌ؛
إذا المرادُ المضيُّ، أو كونُها بياناً أو كونُها بدلاً لأنها
قريبٌ مِنْ الجوامدِ لِتَمَحُّضِ إضافتِها، أو كونُها خبراً
لمبتدأ مضمرٍ، أي: هي حَمَّالةُ. وقرأ ابنُ عباس
«ومُرَيَّتُهُ» و «مْرَيْئَتُهُ» على التصغير، إلاَّ أنَّه
أقَرَّ الهمزةَ تارةً وأبدلَها ياءً، وأدغم فيها أخرى.
وقرأ العامةُ {حَمَّالَةُ} بالرفع. وعاصمٌ بالنصبِ فقيل: على
الشَّتْم، وقد أتى بجميلٍ مَنْ سَبَّ أمَّ جميل. قاله
الزمخشري، وكانت تُكْنَى بأمِّ جميل. وقيل: نصبٌ على الحالِ
مِنْ «أمرأتُه» إذا جَعَلْناها مرفوعةً بالعطفِ على الضَّميرِ.
ويَضْعُفُ جَعْلُها حالاً عند الجمهور من الضميرِ في الجارِّ
بعدها إذا جَعَلْناه خبراً ل «امرأتُه» لتقدُّمها على العاملِ
المعنويِّ. واستشكل بعضُهم الحاليةَ لِما تقدَّم من أنَّ
المرادَ به المُضِيُّ، فيتعرَّفُ بالإِضافةِ، فكيف يكونُ حالاً
عند الجمهور؟ ثم أجابَ بأنَّ المرادَ الاستقبالُ لأنَّه وَرَدَ
في التفسير: أنها تحملُ يومَ القيامةِ حُزْمَةً مِنْ حَطَبِ
النار، كما كانت تحملُ الحطبَ في الدنيا.
وفي قوله: {حَمَّالَةَ الحطب} قولان. أحدُهما: هو حقيقةُ.
والثاني: أنه مجازٌ عن المَشْيِِ بالنميمةِ ورَمْيِ الفِتَنِ
بين الناس. قال الشاعر:
4670 إنَّ بني الأَدْرَمِ حَمَّالو الحَطَبْ. . . هُمُ الوشاةُ
في الرِّضا وفي الغضبْ
وقال آخر:
4671 مِنْ البِيْضِ لم تُصْطَدْ على ظَهْرِ لأْمَةٍ. . . ولم
تَمْشِ بين الحَيِِّ بالحطبِ الرَّطْبِ
جَعَلَه رَطْباً تنبيهاً على تَدْخينه، وهو قريبٌ مِنْ ترشيحِ
المجازِ. وقرأ أبو قلابة {حاملةَ الحطبِ} على وزن فاعِلَة. وهي
محتملةُ لقراةِ العامَّةِ. وعباس «حَمَّالة للحطَبِ» بالتنوين
وجَرِّ المفعولِ بلامٍ زائدةٍ تقويةً للعاملِ، كقولِه تعالى:
{فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [هود: 107] وأبو عمروٍ في روايةٍ
«وامرأتُه» باختلاسِ الهاءِ دونَ إشباعٍ.
قوله: {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ}: يجوزُ أَنْ يكونَ «في جيدِها»
خبراً ل «امرأتُه» و «حبلٌ» فاعلٌ به، وأَنْ يكونَ حالاً مِنْ
«امرأتُه» على كونِها فاعلة. و «حبلٌ» مرفوعٌ به أيضاً، وأَنْ
يكونَ خبراً مقدَّماً. و «حَبْلٌ» مبتدأٌ مؤخرٌ. والجملةُ
حاليةٌ أو خبر ثانٍ، والجِيْدُ: العُنُق، ويُجْمع على أجيادُ.
قال امرؤ القيس:
4672 وجِيْدٍ كجِيْدِ الرِّئْمِ ليس بفاحِشٍ. . . إذا هي
نَصَّتْهُ ولا بمُعْطَّلِ
و {مِّن مَّسَدٍ} صفةٌ ل «حَبْل» والمَسَدُ: لِيْفُ المُقْلِ:
وقيل: اللِّيفُ مطلقاً. وقيل: هو لِحاءُ شَجَرٍ باليمن. قال
النابغة:
4673 مَقْذُوْفَةٌ بِدَخِيْسِ النَّحْضِ بَازِلُها. . . له
صريفٌ صَريفُ القَعْوِ بالمَسَدِ
وقد يكونُ مِنْ جلود الإِبل وأَوْبارِها. وأنشد:
4647 ومَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أَيانِقِ. . . ويقال: رجلٌ مَمْسود
الخَلْق، أي: شديدُه.
اهـ (الدُّرُّ المصُون).
(5/376)
اللَّهُ الصَّمَدُ (2)
سُورَةُ الإِخْلَاصِ
(مَكِّيَّة)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله عزَّ وجلَّ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ
الصَّمَدُ (2)
بتنوين أحَدٍ، وقرئت بترك التنوين " أَحَدُ اللَّهُ الصَّمَدُ
"
وقرئت بإسكان الدال. وحذف التنوين.
أما حذف التنوين، فلالتقاء السَّاكنين أيضاً، إلا أنه
سكون (1) السَّاكنين، فمن أسكن أراد الوقف ثم ابتدأ فقال:
(اللَّهُ الصَّمَدُ)
وأما (هُوَ)، فإنما هو كناية عن ذِكْرِ الله عزَّ وجلَّ.
المعنى الذي سألتم تبيين نِسْبَته (هُوَ اللَّهُ).
و (أَحَدٌ) مرفوع على معنى هو أحد هو الله فهو مبتدأ ويجوز أن
يكون
" هو " للأمر كما تقول هو زَيد قَائِمٌ، أي الأمر زيد قائم.
والمعنى الأمر اللَّه أَحَدٌ (2).
* * *
وقوله: (اللَّهُ الصَّمَدُ (2)
روِيَ في التفسير أن المشركين قالوا للنبي - صلى الله عليه
وسلم - انسب لنا ربك، فأنزل اللَّه عزَّ وجلَّ: (وَلَمْ يَكُنْ
لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4).
وتفسير (الصَّمَد) السَيد الذي ينتهي إليه السُّؤدَدُ
قال الشاعر:
__________
(1) بياض بالأصل.
(2) قال السَّمين:
قوله: {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ}: في «هو» وجهان، أحدهما: أنه
ضميرٌ عائدٌ على ما يفْهَمُ من السياقِ، فإنه يُرْوى في
الأسباب: أنَّهم قالوا لرسولِ الله صلَّى الله عليه وسلم: صِفْ
لنا ربَّك وانْسُبْه. وقيل: قالوا له: أمِنْ نُحاس هو أم مِنْ
حديدٍ؟ فنَزَلَتْ. وحينئذٍ يجوزُ أَنْ يكونَ «الله» مبتدأً، و
«أَحَدٌ» خبرُه. والجملةُ خبرُ الأولُ. ويجوزُ أَنْ يكونَ
«اللَّهُ» بدلاً، و «أحدٌ» الخبرَ. ويجوزُ أَنْ يكونَ
«اللَّهُ» خبراً أوَّلَ، و «أحدٌ» خبراً ثانياً. ويجوزُ أَنْ
يكونَ «أحدٌ» خبرَ مبتدأ محذوفٍ، أي: هو أحدٌ. والثاني: أنَّه
ضميرُ الشأنِ لأنه موضعُ تعظيمٍ، والجلمةُ بعدَه خبرُه
مفسِّرِةٌ.
وهمزةُ «أحد» بدلٌ من واوٍ، لأنَّه من الوَحْدة، وإبدالُ
الهمزةِ من الواوِ المفتوحةِ. وقيل: منه «امرأةٌ أناة» من
الونى وهو الفُتورُ. وتقدَّم الفرقُ بين «أحد» هذا و «أحد»
المرادِ به العمومُ، فإنَّ همزةُ ذاك أصلٌ بنفسِها. ونَقَل أبو
البقاءِ أنَّ همزةَ «أحد» هذا غيرُ مقلوبةٍ، بل أصلٌ بنفسِها
كالمرادِ به العمومُ، والمعروفُ الأولُ. وفَرَّق ثعلب بين
«واحد» وبين «أحد» بأنَّ الواحدَ يدخُلُه العَدُّ والجمعُ
والاثنان، و «أحَد» لا يَدْخُلُه ذلك. ويقال: اللَّهُ أحدٌ،
ولا يقال: زيدٌ أحدٌ؛ لأنَّ للَّهِ تعالى هذه الخصوصيةَ،
وزَيْدٌ له حالاتٌ شتى. ورَدَّ عليه الشيخُ: بأنَّه يُقال: أحد
وعشرونَ ونحوه فقد دخلَه العددُ «أنتهى. وقال مكي:» إنَّ
أَحَدَاً أصلُه وَأَحَد، فأُبْدِلَتِ الواوُ همزةً فاجتمع
ألفان، لأنَّ الهمزةَ تُشْبه الألفَ، فحُذِفَتْ إحداهما
تخفيفاً «.
وقرأ عبد الله وأُبَيُّ {اللَّهُ أحدٌ} دونَ» قُلْ «وقرأ النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم» أحدٌ «بغيرِ» قل هو «وقرأ الأعمش:» قل
هو اللَّهُ الواحد «.
وقرأ العامَّةُ بتنوين» أحدٌ «وهو الأصلُ. وزيد بن علي وأبان
ابن عثمان وابن أبي إسحاق والحسن وأبو السَّمَّال وأبو عمروٍ
في روايةٍ في عددٍ كثيرٍ بحذف التنوين لالتقاء الساكنين
كقولِه:
4675 عمرُو الذي هَشَمَ الثَّريدَ لقومِه. . . ورجالُ مكةَ
مُسْنِتُون عِجافُ
وقال آخر:
4676 فأَلْفَيْتُه غيرَ مُسْتَعْتِبٍ. . . ولا ذاكرَ اللَّهَ
إلاَّ قليلا
اهـ (الدُّرُّ المصُون).
(5/377)
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ
كُفُوًا أَحَدٌ (4)
لَقَدْ بَكَّرَ النَّاعي بِخَيْريْ بَني
أَسَدْ. . . بعمرو بن مَسْعودٍ وبالسَّيدِ الصَّمَدْ
وقيل الصمد الذي لا جوف له، وقيل الصمد الذي صَمَدَ له كل شيءٍ
والذي خلق الأشياء كلها، لا يستغنى عنه شيء وكلها تدل على
وحدانيته وهذه الصفات كلها يجوز أن تكون للَّهِ عزَّ وجلَّ.
* * *
وقوله (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
فيها أربعة أوجه في القراءة.
(كُفُواً) بضم الكاف والفاء، وكُفْواً بضم الكاف وسكون الفاء
وكِفْواً " بكسر الكاف وسكون الفاء.
وقد قرئ بها.
وكِفَاء بكسر الكاف.
والكَفْء - بفتح الكاف وسكون الفاء اسم. لم يقرأ بها.
وفيها وجه آخر لا يجوز في القراءة.
ويقال فلان كُفءُ فلان مثل كُفِيّ فلان (1).
جاء في الحديث أن (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)
تعدل بثلث القرآن، و (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) تعدل
ربع القرآن.
و (إِذَا زُلْزِلَتِ) تعدل نصف القرآن.
__________
(1) قال السَّمين:
قوله: {الصمد}: فَعَل بمعنى مَفْعُول كالقَبَضِ والنَّقَضِ.
وهو السَّيِّدُ الذي يُصْمَدُ إليه في الحوائجِ، أي: يُقْصَدُ
ولا يَقْدِرُ على قضائِها إلاَّ هو. وأنشد:
4677 ألا بَكَّرَ النَّاعي بخَيْرِ بني أسدْ. . . بعَمْرِو بن
مسعودٍ وبالسَّيِّد الصَّمَدْ
وقال الآخر:
4678 عَلَوْتُه بحُسامٍ ثم قُلْتُ له. . . خُذْها حُذَيْفُ
فأنتَ السَّيِّدُ الصَّمَدُ
وقيل: الصَّمَدُ: هو الذي لا جَوْفَ له، ومنه قوله:
4679 شِهابُ حُروبٍ لا تَزال جيادُه. . . عوابِسَ يَعْلُكْنَ
الشَّكِيْمَ المُصَمَّدا
وقال ابن كعب: تفسيرُه ما بعده مِنْ قولِه: «لم يَلِدْ ولم
يُوْلَدُ» وهذا يُشْبِهُ ما قالوه في تفسير الهَلوع. والأحسنُ
في هذه الجملة أَنْ تكون مستقلةً بفائدةِ هذا الخبرِ. ويجوز
أنْ يكونَ «الصَّمَدُ» صفةً. والخبرُ في الجملةِ بعده، كذا
قيل: وهو ضعيفٌ، من حيث السِّياقُ، فإنَّ السِّياقَ يَقْتضي
الاستقلالَ بأخبارِ كلِّ جملةٍ.
قوله: {كُفُواً أَحَدٌ}: في نصبِه وجهان، أحدُهما: أنه خبرُ
«يكنْ» و «أحدٌ» اسمُها و «له» متعلِّقٌ بالخبر، اي: ولم يكُنْ
أحدٌ كُفُواً له. وقد رَدَّ المبردُ على سيبويهِ بهذه الآيةِ،
من حيث إنه يزعمُ أنه إذا تَقَدَّم الظرفُ كان هو الخبرَ، وهنا
لم يَجْعَلْه خبراً مع تقدُّمِه.
وقد رُدَّ على المبردِ بوجهَيْن، أحدُهما: أنَّ سيبويهِ لم
يُحَتِّمْ ذلك بل جَوَّزه. والثاني: أنَّا لا نُسَلِّم أن
الظرفَ هنا ليس بخبرٍ بل هو خبرٌ، ونصبُ «كُفُواً» على الحال
على ما سيأتي بيانُه. وقال الزمخشري: «الكلامُ العربيُّ
الفصيحُ أَنْ يؤخَّرَ الظرفُ الذي هو لَغْوٌ غيرُ مستقِرِّ ولا
يُقَدَّمَ. وقد نَصَّ سيبويه في» كتابِه «على ذلك، فما بالُه
مُقَدَّماً في أَفْصَحِ كلامٍ وأَعْرَبِه؟ قلت: هذا الكلامُ
إنما سِيْقَ لنَفْيِ المكافأةِ عن ذاتِ الباري تعالى، وهذا
المعنى مَصَبُّه ومَرْكَزُه هو هذا الظرفُ، فكان لذلك أهمَّ
شيءٍ وأَعْناه وأحقَّه بالتقديمِ وأَحْراه».
والثاني: أَنْ يُنْصَبَ على الحال مِنْ «أحد» لأنَّه كان صفتَه
فلمَّا تقدَّم عليه نُصِب حالاً، و «له» هو الخبر. قاله مكي
وأبو البقاء وغيرُهما. ويجوز أَنْ يكونَ حالاً من الضمير
المستكِنِّ في الجارِّ لوقوعِه خبراً. قال الشيخ بعد أَنْ حكى
كلامَ الزمخشري ومكي: «وهذه الجملةُ ليسَتْ من هذا البابِ وذلك
أنَّ قولَه: {وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ} ليس الجارُّ
والمجرورُ فيه تامَّاً، إنما ناقصٌ لا يَصْلُحُ أَنْ يكونَ
خبراً ل» كان «بل هو متعلِّقٌ ب» كُفُواً «وقُدِّمَ عليه.
التقدير: ولم يكنْ أحدٌ مكافِئاً له، فهو في معنى المفعولِ
متعلِّقٌ ب» كُفُواً «وتَقَدَّم على» كُفُواً «للاهتمامِ به،
إذ فيه ضميرُ الباري تعالى، وتوسَّطَ الخبرُ وإنْ كان الأصلُ
التأخيرَ؛ لأنَّ تأخيرَ الاسمِ هو فاصلةٌ فحَسُنَ ذلك.
وعلى هذا الذي قَرَّرْناه يَبْطُل إعرابُ مكي وغيرِه أنَّ» له
«الخبرُ، و» كُفُواً «حالٌ مِنْ» أحد «لأنه ظرفٌ ناقصٌ لا
يَصْلُح أَنْ يكونَ خبراً. وبذلك يَبْطُل سؤالُ الزمخشريِّ
وجوابُه. وسيبويه إنما تكلَّم في الظرفِ الذي يَصْلُحُ أَنْ
يكونَ خبراً وأنْ لا يكون. قال سيبويه:» وتقول: ما كان فيها
أحدٌ خيرٌ منك، وما كان [أحدٌ] مثلُك فيها، وليس أحدٌ فيها
خيرٌ منك، إذا جعلت «فيها»: مستقراً، ولم تجعَلْه على قولك:
فيها زيدٌ قائمٌ أَجْرَيْتَ الصفةَ على الاسم. فإن جَعَلْتَه
على «فيها زيدٌ قائمٌ» نَصَبْتَ فتقول: ما كان فيها أحدٌ خيراً
منك، وما كان أحدٌ خيراً منك فيها، إلاَّ أنَّكَ إذا أرَدْتَ
الإِلْغاءَ فلكما أَخَّرْتَ المُلْغَى فهو أَحْسَنُ، وإذا
أرَدْتَ أَنْ يكونَ مستقرَّاً فكلما قَدَّمْته كان أحسنَ،
والتقديمُ والتأخيرُ والإِلغاءُ والاستقرارُ عربيٌُّ جيدٌ
كثيرٌ قال تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ} وقال
الشاعر:
4680 ما دامَ فيهِنَّ فَصِيْلٌ حَيَّاً. . . انتهى كلامُ
سيبويه. قال الشيخ: «فأنت ترى كلامَه وتمثيلَه بالظرف الذي
يَصْلُح أَنْ يكونَ خبراً. ومعنى قولِه» مستقرَّاً «أي: خبراً
للمبتدأ أو لكان. فإن قلتَ: فقد مَثَّل بالآية. قلت: هذا أوقَع
مكيَّاً والزمخشريَّ وغيرَهما فيما وقعوا فيه، وإنما أراد
سيبويه أنَّ الظرفَ التامَّ وهو في قولِه:
ما دامَ فيهِنَّ فَصِيلٌ حَيَّاً. . . أُجْري فَضْلةً لا خبراً
كما أنَّ» له «في الآية أُجْرِي فَضْلَةً فجعلَ الظرفَ القابلَ
أن يكونَ خبراً كالظرفِ الناقصِ في كونِه لم يُستعمل خبراً.
ولا يَشُكُّ مَنْ له ذِهْنٌ صحيحٌ أنه لا ينعقدُ كلامٌ مِنْ»
له أحد «بل لو تأخَّرَ» كُفُو «وارتفع على الصفةِ وقد جَعَل»
له «خبراً لم ينعقِدْ منه كلامٌ. بل أنت ترى أنَّ النفيَ لم
يتسلَّطْ إلاَّ على الخبرِ الذي هو» كُفُواً «والمعنى: لم يكنْ
أحدٌ مكافِئَه» انتهى ما قاله الشيخ.
وقوله: «ولا يَشُكُّ أحدٌ» إلى آخره تَهْوِيلٌ على الناظرِ.
وإلاَّ فقولُه: «هذا الظرفُ ناقصٌ» ممنوعٌ؛ لأنَّ الظرفَ
الناقصَ عبارةٌ عَمَّا لم يكُنْ في الإِخبارِ به فائدةٌ،
كالمقطوعِ عن الإِضافة، ونحوِ «في دارٍ رجلٌ» وقد نَقَلَ عن
سيبويه الأمثلَةَ المتقدمةَ نحو: «ما كان فيها أحدٌ خيراً
منك»، وما الفرق بين هذا وبين الآيةِ الكريمة؟ وكيف يقول هذا
وقد قال سيبويهِ في آخرِ كلامهِ: «والتقديمُ والتأخيرُ
والإِلغاء والاستقرارُ عربيٌّ جيدٌ كثيرٌ»؟
وقرأ العامَّةُ بضمِّ الكافِ والفاء. وسَهَّل الهمزةَ الأعرجُ
وشيبةُ ونافعٌ في روايةٍ. وأسكنَ الفاءَ حمزةُ، وأبدل الهمزةَ
واواً وقفاً خاصة. وأبدلها حفصٌ واواً مطلقاً. والباقون
بالهمزِ مطلقاً. وقد تقدَّم الكلامُ على هذا في أوائِل البقرةِ
في قوله: {هُزُواً} [البقرة: 67].
وقرأ سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس «كِفاءٌ» بالكسر
والمدِّ، أي: لا مِثْلَ له. وأُنْشِدَ للنابغة:
4681 لا تَقْذِفَنِّي برُكْنٍ لا كِفاءَ له. . . . . . . . . .
. . . . . . . . . .
ونافعٌ في رواية «كِفا» بالكسر وفتح الفاء مِنْ غير مَدّ، كأنه
نَقَلَ حركةَ الهمزةِ وحَذَفَها. والكُفْءُ: النظيرُ. وهذا
كفْءٌ لك، أي: نظيرُكَ والاسم الكَفاءة بالفتح.
اهـ (الدُّرُّ المصُون).
(5/378)
وَمِنْ شَرِّ
النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)
سُورَةُ الْفَلَقِ
(مَكِّيَّة)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله عزَّ وجلَّ: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)
وهو فلق الصبح وهو ضياؤه، ويقال أيضاً فرق الصبح.
يقال: " هو أبين من فلق الصبح ".
ومعنى الفلق الخلق: قال اللَّه عزَّ وجلَّ: (فَالِقُ
الْإِصْبَاحِ)
و (فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى).
وكذلك فلق الأرض بالنبات والسحاب بالمطر، وإذا تأملت الخلق
تبين لك أن خلقه أكثره عن انفلاق.
فالفلق جميع المخلوقات وفلق الصبح من ذلك.
* * *
(وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)
(غَاسِقٍ) يعنى به الليل.
(إِذَا وَقَبَ) إذا دَخَل.
وقيل لليل غاسقٌ - واللَّه أعلم - لأنه أبرد من النهار.
والغاسق البارد.
* * *
(وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)
(النَّفَّاثَاتِ) السواحر، تنفث: تتفل بلا ريق كأنه نفخ كما
يفعل كل من
يرقى.
(5/379)
مِنَ الْجِنَّةِ
وَالنَّاسِ (6)
سُورَةُ النَّاسِ (1)
(مَكِّيَّة)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ
النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4)
مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4)
(الْوَسْوَاسِ)
ذُو الْوَسْوَاسِ، وذُو الْخَنَّاسِ وهو الشيطان (الَّذِي
يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5)
وقيل في التفسير: إن له رأس كرأس الحية، يجثم على القلب، فإذا
ذكر اللَّهَ العبدُ تنحَّى وخنس، وإذا ترك ذكرَ اللَّهِ رجع
إلى القلب يوسوس.
* * *
وقوله: (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)
قيل: الناس هنا يصلح للجنِّ والإنسِ
المعنى على هذا القول: يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ الذين
هم جنٌّ،
ويُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ
والتأويل عند أبي إسحاق غير هذا
المعنى: " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مِنْ شَرِّ
الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ
النَّاسِ " من الجنِّ الذين هم الجنُّ.
و (النَّاسِ) معطوف على (الْوَسْوَاسِ)
المعنى: مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ، ومِنْ شَرِّ النَّاسِ
قال أبو إسحاق: وهذا المعنى عليه أمر الدعاء، إنه يستعاذ مِنْ
شَرِّ الْجِنِّ والإِنْسِ، ودليل ذلك (مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ).
* * *
آخر كتاب معاني القرآن، والْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى
عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى، وحسبنا الله ونعم الوكيل،
وصلَّى الله على نبيه محمد وآله الطيبين وسلم تسليماً.
ابتدأ أبو إسحاق إبراهيم بن السَّرِي النحوي الزَّجَّاج في
إملاء هذا الكتاب في صفر من سنة خمس وثمانين ومائتين، وأتمَّه
في ربيع الأول من سنة إحدى وثلاثمائة، وكُتبَ في دمشق جمادى
الأولى سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.
رحم الله من دعا لكاتبه بالرحمة والمغفرة ولجميع أُمَّةِ
محمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ تَمَّ كتابةُ سورة
النَّاسِ من مخطوط معاني القرآن وإعرابه للزجاج، وقد أغفله
المحقق.
(5/381)
|