أحكام القرآن لابن العربي ط العلمية [سُورَةُ الشَّمْسِ فِيهَا آيَةٌ
وَاحِدَةٌ] [قَوْله تَعَالَى وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا]
ٌ] قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا} [الشمس: 15]:
رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَا:
أَخْرَجَ إلَيْنَا مَالِكٌ مُصْحَفًا لِجَدِّهِ زَعَمَ أَنَّهُ
كَتَبَهُ فِي أَيَّامِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، حِينَ كَتَبَ
الْمَصَاحِفَ، مِمَّا فِيهِ: وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا
بِالْوَاوِ، وَهَكَذَا قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو مِنْ الْقُرَّاءِ
السَّبْعَةِ وَغَيْرُهُ.
فَإِنْ قِيلَ: لَمْ يَقْرَأْ بِهِ نَافِعٌ، وَقَدْ قَالَ
مَالِكٌ: السُّنَّةُ قِرَاءَةُ نَافِعٍ.
قُلْنَا: لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلَا كُلُّ
سَامِعٍ يَفْهَمُ عَنْهُ فِي قِرَاءَةِ نَافِعٍ الْهَمْزَ
وَحَذْفَهُ، وَالْمَدَّ وَتَرْكَهُ، وَالتَّفْخِيمَ
وَالتَّرْقِيقَ، وَالْإِدْغَامَ وَالْإِظْهَارَ، فِي نَظَائِرَ
لَهُ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْقِرَاءَاتِ؛ فَدَلَّ عَلَى
أَنَّهُ أَرَادَ السُّنَّةَ فِي تَوَسُّعِ الْخَلْقِ فِي
الْقِرَاءَةِ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ مِنْ غَيْرِ ارْتِبَاطٍ إلَى
شَيْءٍ مَخْصُوصٍ مِنْهَا.
وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: «أُنْزِلَ
الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ»، وَقَدْ ثَبَتَ «عَنْ
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ
قَالَ لِمُعَاذٍ: لَا تَكُنْ فَتَّانًا، اقْرَأْ {سَبِّحِ
اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] {وَالشَّمْسِ
وَضُحَاهَا} [الشمس: 1] وَنَحْوَهُمَا»، فَخَصَّهُمَا
بِالذِّكْرِ.
(4/403)
|