أحكام القرآن للجهضمي قال الله تبارك وتعالى قد سمع الله قول
التى تجادلك في زوجها وتشتكى الى الله والله يسمع تحاوركما ان
الله سميع بصير
272 - حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا نحند بن ثور عن معمر
وقال عكرمة اسمها خويلة بنت ثعلبة وزوجها اوس بن الصامت
273 - حدثنا شيبان قال حدثنا جرير بن حازم قال سمعت ابا يزيد
المدني قال
لما ظاهر اوس بن الصامت من امراته خولة بنت ثعلبة قالت
(1/172)
له والله ما اراك الا قد اثمت في شاني لبست
جدتي وافنيت شبابي واكلت مالي حتى اذا كبرت سني ورق عظمي
واحتجت اليك فارقتني قال ما اكرهني لذلك فاذهبي الي رسول الله
صلي الله عليه وسلم فانظري هل تجدين عنده شيئا في امرك فاتت
رسول الله صلي الله عليه وسلم فذمرت ذلك له فلم تبرح حتى نزل
الوحي قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها فقال له رسول الله
اعتيق رقبة قال لا اجد قال صم شهرين متتابعين قال لا استطيع
ذاك انا شيخ كبير قال فاطعم ستين مسكينا قال لا اجد
قال جرير فحدثني ايوب عن ابي يزيد ان رسول الله صلي الله عليه
وسلم لعطاه شعيرا وقال خذ هذا فاطعمه
274 - حدثنا سليمان وعارم واللفظ لسليمان قال حدثنا جرير عن
ابي يزيد المدني قال
جاءت خولة بنت ثعلبة الى عمر بن الخطاب وهي عجوز كبيرة والناس
معه وهو على حمار فكلمته قال فجنح اليها ووضع يده على منكبها
ثم ناجاها وتنحى الناس طويلا ثم انطلقت فقالوا يا امير
المؤمنين حبست رجالات قريش على هذه العجوز قال تدرون من هذه
هذه خولة بنت ثعلبة سمع الله قولها من فوق سبع سماوات فو الله
لو قامت هكذا الى الليل لبقيت معها الا ان
(1/173)
تحضر صلاة فانطلق فاصلي ثم ارجع اليها
275 - حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا عبد السلام بن حرب قال
حدثني اسحاق بن عبد الله بن ابي فروة عن بكير الاشجع عن سليمان
بن يسار
عن سلمة بن صخر قال ظاهرت من امراتي فوقعت بها قبل ان اكفر
فسالت النبي صلي الله عليه وسلم فتاني بكفارة
276 - حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا عبد الله بن ادريس قال
حدثنا سليمان محمد بن اسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سليمان
بن يسار
عن سلمة بن صخر البياضي قال كنت امرا اصليت من النساء ما لا
يصيب غيري قال فلما دخل شهر رمضان خفت اصيب في ليلتي شيئا
فيتتايع بي حتي اصبح فتظهرت من امراتي حتي ينسلخ شهر رمضان قال
فبينا هي تخدمني ذات ليلة اذ تكشف لي منها
(1/174)
شيئ فلم البث ان نزوت عليها فلما اصبحت
خرجت الى قومي فاخبرتهم خبري وقلت امشوا معي الى رسول الله لا
والله لا نمشي معك وما نامن ان ينزل فيك قران او تكون من رسول
الله صلي الله عليه وسلم فيك مقالة تلزمنا عارها ولنسلمنك
بجريرتك فاتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم فاخبرته خبري فقال
انت بذاك ياسلمة قال قلت انا بذاك قال انت بذاك يا سلمة قال
قلت انا بذاك قال انت بذاك يا سلمة قال قلت انا بذاك فيها ابدا
صابر لله فاحكم في بما اراد الله قال حرر رقبة قال فضربت على
رقبتي وقلت والذي بعثك بالحق ما اصبحت املك غيرها قال فصم
شهرين ممتابعين قال وهل اصابني الذي اصابني الا في الصيام قال
فاطعم وسقا من تمر ستين صاعا قلت والذي بعثك بالحق لقد بتنا
ليلتنا وحشى ما لنا من طعام قال انطلق الى صاحب صدقة بني زريق
فليدفعها اليك فاطعم وسقا من تمر ستين مسكينا وكل بقيته انت
وعيالك
قال فرجعت الى قومي فقلت وجدت عندكم الضيق ووجدت عند رسول الله
صلي الله عليه وسلم السعة وقد امر لي بصدقتكم
277 - حدثنا به ابو ثابت قال حدثني عبد الله بن وهب قال
(1/175)
اخبرني ابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن بكير
بن الاشج عن سليمان بن يسار
ان رجلا من بني زريق يقال له سلمة بن صخر كان اوتي حظا من
الجماع فلما دخل عليه شهر رمضان تظاهر من امراته حتى ينقضي
رمضان فاشتكى عينيه فاتت امراته تكحله في القمر فاعجبه بعض ما
راي منها فوقع عليها فاتي رسول الله صلي الله عليه وسلم فاخبره
فقال انت بذاك يا سلمة قال نعم فاعتق رقبة قال ما املك غير
رقبتي قال فصم شهرين متتابعين قال ما عمل بعمله الناس اشق علي
من الصيام قال فاطعم ستين مسكينا قال ما اجد شيئا فاتي رسول
الله صلي الله عليه وسلم فاعطاه اياه وهو رقريب من خمسة عشر
صاعا قال تصدق بهذا قال يا رسول الله على افقر مني ومن اهلي
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم كله انت واهلك
278 - حدثنا حجاج بن المنهال قال حدثنا حماد بن سلمة قال
اخبرني يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب
ان سلمة بن صخر جعل امراته عليه كظهر امه في رمضان ثم جاء ذاك
ليلة قد اعجبته فوقع بها فانزل الله جل وعز فيه كفارة الظهار
279 - حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا اسماعيل بن ابراهيم قال
اخبرنا الحكم بن ابان عن عكرمة
ان رجلا ظاهر من امراته ثم غشيها قبل ان يكفر فاتى
(1/176)
النبي صلي الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال
اعتزلها حتي تقضي الذي عليك
280 - حدثنا به ابو بكر بن ابي شيبة قال حدثنا معتمر بن سليمان
عن الحكم بن ابان عن عكرمة قال
قال رجل يارسول الله انه ظاهر من امراته وانه غشيها قبل ان
يقضي ماعليه قال وما حملك على ذاك قال يارسول الله رايت بياض
ساقيها في القمر قال فاعتزل حتي تقضي ما عليك
قال القاضي فكانت جملة هذه الاحاديث تدل على ان الرجل بعد ان
كان منه من الظهار ما كان فقد اراد العودة اليها وعلى هذا
المعنى جاء التفسير في قول الله ثم يعودون لما قالوا
281 - وحدثنا المقدمي ونصر بن علي قالا حدثنا معاذ بن معاذ عن
اشعث
عن الحسن في قوله جل وعز والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون
لما قالوا قال الغشيان
282 - حدثنا ابو ثابت قال حدثني عبد الله بن وهب قال اخبرني
يونس
عن ابن شهاب انه قال في قول الله ثم يعودون لما قالو قال العود
لمسها
(1/177)
283 - حدثنا ابو ثابت قال قال عبد الله
وقال عبد العزيز بن ابي سلمة في قول الله ثم يعودون لما قالوا
قال فهل ترى تريد اتيانها بعدما قال هذا فيها ليس لذلك تاويل
غيره
284 - حدثنا ابو مصعب قال
قال مالك في قول الله تبارك وتعالى ثم يعودون لما قالوا سمعت
ان تفسير ذلك ان يظاهر الرجل من امراته ثم يجمع على امساكها
واصابتها
285 - حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا محمد بن ثور عن معمر
عن قتادة ثم يعودون لما قالوا قال حرمها ثم يريد ان تعود لها
فيطلها فتحرير رقبة حتي بلغ بما تعملون خبير
286 - حدثنا نصر بن علي قال اخبرنا عبد الاعلى قال حدثنا داود
قال سمعت ابا العالية يقول ان خويلة بنت الدليح اتت النبي صلي
الله عليه وسلم وعائشة تغسل شق راسه فقالت يا رسول الله طالت
صحبتي مع زوجي ونفضت له بطن
(1/178)
وظاهر مني فقال رسول الله صلي الله عليه
وسلم حرمت عليه فقالت تشكو الى الله فاقتي ثم قالت يارسول الله
طالت صحبتي ونفضت له بطني فقال رسول الله صلي الله عليه حرمت
عليه فجعل اذا قال لها حرمت عليه هتفت وقالت اشكو الى الله
فاقتي فانزل الله جل وعز الوحي وقد قامت عائشة تغسل شق راسه
الاخر قد سمع الله قوله التي تجادلك في زوجها حتى بلغ ثم
يعودون لما قالوا أي يرجع فيه فتحرير رقبة من قبل ان يتماسا
وذكر سائر الحديث نحو حديث حماد بن سلمة الذي قد مضى
قال القاضي فكان معني قوله والله اعلم ثم يعودون لما قالوا أي
يرجع فيه أي يرجع عنه كما يقال عاد في هبته ورجع في هبته أي
رجع عنه او رجعت في قولي ورجعت عنه وبعض حروف الاضافة الاصلية
قد تبدل من بعض كقوله نزلت به ونزلت عليه قال الله جل وعز
فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وقال وعليها وعلى الفلك تحملون
فقال في موضع فيها وفي موضع عليها وقال ولاصلبنكم في جذوع
النخل أي على جذوع النخل وقال له معقبات من بين يديه ومن خلفه
يحفظونه من امر الله أي بامر الله وقال ام لهم سلم يستمعون فيه
أي عليه والله اعلم
(1/179)
وهذا التفسير الذي في حديث ابي العالية الى
قول من قال ثم يعودون لما قالوا أي الغشيان لانه اذا قصد لان
يغشى فقد قصد الى ابطال ما كان منه التحريم فقد عاد في ذلك
القول الذي لفظ به من التحريم ثم يريد الرجوع عنه
فاما ماحكم عن الشافعي انه قال اذا ظاهر الرجل ثم لم يطلق
طلاقا متصلا بالظهار فقد وجبت عليه الكفارة فهو محال لان
المظاهر هو على نية الظهار الى ان ينقضي لفظه به فان اراد
الطلاق بعد الظهار فاسرع مايمكن فيه ان ينوي حين انقضاء لفظه
بالظهار ان يطلق ثم يطلق فلا يقع الطلاق الا وبينه وبين الظهار
فرجة قلت او كثرت لان الفعل في كل شئ انما يكون بعد النية فليس
يقع طلاق المظاهر متصلا بالظهار الا ان ينوي قبل فراغه من لفظ
الظهار ان يطلق فيقول انت علي كظهر امي وانت طالق فيكون حينئذ
قد نوي الطلاق قبل ان يتم ظهاره وانما قال تبارك وتعالى ثم
يعودون لما قالوا بعد الظهار مع ان ثم انما تقع بعد الشئ على
تراخي فاذا قال الرجل فعلت كذا ثم فعلت كذا فانما يدل كلامه
علي غير المقاربة واذا اراد المقاربة فانما يقول خرجت فدخلت
فيكون هذا دليلا على المقاربة وثم لا تقع هذا الموقع ولو كان
المظاهر يريد ان يطلق طلاقا متصلا بالظهار لطلق ولم يظاهر
وبفسد قوله ايضا من وجه اخر لان قوله ثم يعودون لما قالوا لا
يخلوا من ان يعود لفعل او نية ولو كان المعنى في ذلك انما هو
ان لا تطلقوا لكان وجه الكلام والذين يظاهرون من نسائهم ثم لم
(1/180)
يطلقوا فهذا وجه الكلام ولو قال انسان
لانسان اذا فعلت كذا وعدت كذا وعدت لكذا وهو يريد بقوله ثم عدت
لكذا اي لا يكون منك كذا لسعة الناس الى وضع الكلام في غير
موضعه والقران يجل عن هذا
لان الايجاب خلاف النفي وقوله ثم يعودون ايجاب ولم يطلقوا نفي
فلو كان معني يعودون معنى لم يطلقوا لكان الايجاب هو النفي
والنفي هو الايجاب وهذا محال ولو كان اذا ظاهر ثم لم يطلق
عائدا بانه ممسك كان في حال الظهار ممسكا لانه انما ظاهر ولم
يطلق
ويفسد ايضا من وجه اخر لان قوله ثم يعودون لما قالو يوجب ان
يحدث منهم شئ والمظاهر لم يطلق في حال ظهاره ولا قبل ذلك فاذا
تظاهر ثم لم يطلق بعد الظهار فهو كما كان لم يحدث منه شئ في
الطلاق لا فعل ولا ترك ولا غير ذلك بوجه من الوجوه فيستحيل
معنى ثم يعودون لان العائد انما يعود الى شئ قد كان فارقه
والمظاهر لم يفارق زوجته في حال الظهار ولا قبله ولا بعده
وانما فارق المسس فهو يريد ان يعود اليه
ويفسد من وجه لان قوله هذا يوجب انه اذا مسكها بعد انفصل اللفظ
بالظهار طرفة عين فما فوقها فقد وجبت عليه الكفارة عاشت او
ماتت او طلق بعد ذلك او لم يطلق وقال الله تبارك وتعالى فتحرير
رقبة من قبل ان يتماسا فاذا مات او ماتت علم انه لا يكون مسيس
فاذا لم يكن مسيس لم يكن له قبل واذا لم يكن له قبل لم تجب
الكفارة لان الحال التي جعلت موضعا للكفارة لم تكن وكذلك اذا
لم يرد ان يمس فلا كفارة عليه لانها انما اوجبت عليه
(1/181)
قبل ان يمس فلا يجب عليه شئ حتى ياتي
موضعها ولو كانت تجيب عليه وهو لا يريد ان يمس لبطل معنى قبل
ان يتماسا لان الكفارة قد استقر وجوبها عليه وصارت ككفارة من
الكفارات فقد وجبت عليه فان اخرها فانما ياثم في تاخيرها كما
ياثم في تاخير ما وجب عليه
(1/182)
|