أحكام القرآن للشافعي - جمع البيهقي يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ
فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ
وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ
وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ
مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ
الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً
فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ
وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ
عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ
وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
(6)
«فَصْلٌ فِيمَا يُؤْثَرُ عَنْهُ مِنْ
التَّفْسِيرِ وَالْمَعَانِي فِي الطَّهَارَاتِ وَالصَّلَوَاتِ»
(أَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، أَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ، أَنَا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ:
«قَالَ الله جلّ ثناءه: (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ
فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ) إلَى قَوْلِهِ «1»
عَزَّ وَجَلَّ:
(فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا: 5- 6) قَالَ: وَكَانَ
«2» بَيِّنًا عِنْدَ مَنْ خُوطِبَ بِالْآيَةِ:
أَنَّ غُسْلَهُمْ إنَّمَا يَكُونُ بِالْمَاءِ [ثُمَّ] أَبَانَ
اللَّهُ فِي [هَذِهِ] الْآيَةِ: أَنَّ الْغُسْلَ بِالْمَاءِ.
وَكَانَ مَعْقُولًا عِنْدَ مَنْ خُوطِبَ بِالْآيَةِ: [أَنَّ
الْمَاءَ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِمَّا لَا
صَنْعَةَ فِيهِ لِلْآدَمِيِّينَ «3» ] . وَذَكَرَ الْمَاءَ
عَامًّا فَكَانَ مَاءُ السَّمَاءِ، وَمَاءُ الْأَنْهَارِ،
وَالْآبَارِ، وَالْقُلَّاتِ «4» ، وَالْبِحَارِ. الْعَذْبُ
مِنْ جَمِيعِهِ، وَالْأُجَاجُ سَوَاءٌ:
فِي أَنَّهُ يُطَهِّرُ مَنْ تَوَضَّأَ وَاغْتَسَلَ بِهِ» .
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ) «لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّ الْوَجْهَ
الْمَفْرُوضَ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ: مَا ظَهَرَ دُونَ مَا
بَطَنَ. وَقَالَ: وَكَانَ مَعْقُولًا: أَنَّ الْوَجْهَ: مَا
دُونَ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ، إلَى الْأُذُنَيْنِ
وَاللَّحْيَيْنِ وَالذَّقَنِ» وَفِي قَوْله تَعَالَى:
(وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) قَالَ: «فَلَمْ أَعْلَمْ
مُخَالِفًا [فِي] أَنَّ الْمَرَافِقَ فِيمَا «5» يُغْسَلُ.
كَأَنَّهُمْ ذَهَبُوا إلَى [أَنَّ] مَعْنَاهَا: فَاغْسِلُوا
أَيْدِيكُمْ إلَى أَنْ تُغْسَلَ الْمَرَافِقُ.
__________
(1) تَمام الْمَحْذُوف: (إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا
بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ
كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ
عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ
لامَسْتُمُ النِّساءَ) .
(2) فى الام (ج 1 ص 2) : فَكَانَ
(3) هَذِه عبارَة الام. وفى الأَصْل: أَن المَاء مَا خلق الله
مَا لَا مَنْفَعَة فِيهِ للآدميين. وَفِيه خطأ ظَاهر
(4) جمع قلت [كسهم وسهام] وَهُوَ:
النقرة فى الْجَبَل تمسك المَاء. [.....]
(5) فى الام (ج 1 ص 22) : مِمَّا
(1/43)
وَفِي قَوْله تَعَالَى: (وَامْسَحُوا
بِرُؤُسِكُمْ) قَالَ: «وَكَانَ مَعْقُولًا فِي الْآيَةِ أَنَّ
مَنْ مَسَحَ مِنْ رَأْسِهِ شَيْئًا فَقَدْ مَسَحَ بِرَأْسِهِ
وَلَمْ تَحْتَمِلْ الْآيَةُ إلَّا هَذَا- وَهُوَ أَظْهَرُ
مَعَانِيهَا- أَوْ مَسَحَ الرَّأْسَ كُلَّهُ قَالَ: فَدَلَّتْ
السُّنَّةُ عَلَى أَنْ لَيْسَ عَلَى الْمَرْءِ مَسْحُ رَأْسِهِ
كُلِّهِ. وَإِذَا دَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى ذَلِكَ فَمَعْنَى
الْآيَةِ:
أَنَّ مَنْ مَسَحَ شَيْئًا مِنْ رَأْسِهِ أَجْزَأَهُ» .
وَفِي قَوْله تَعَالَى: (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «نَحْنُ نَقْرَؤُهَا (وَأَرْجُلَكُمْ)
عَلَى مَعْنَى: اغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ وأرجلكم
وامسحوا برؤسكم قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ مُخَالِفًا فِي أَنَّ
الْكَعْبَيْنِ- اللَّذَيْنِ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي
الْوُضُوءِ- الْكَعْبَانِ النَّاتِئَانِ- وَهُمَا مَجْمَعُ
مَفْصِلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ- وَأَنَّ عَلَيْهِمَا
الْغُسْلَ. كَأَنَّهُ يَذْهَبُ فِيهِمَا إلَى اغْسِلُوا
أَرْجُلَكُمْ حَتَّى تَغْسِلُوا الْكَعْبَيْنِ» .
وَقَالَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ «وَالْكَعْبُ إنَّمَا
سُمِّيَ كَعْبًا لِنُتُوئِهِ فِي مَوْضِعِهِ عَمَّا تَحْتَهُ
وَمَا فَوْقَهُ. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ الْمُجْتَمِعِ مِنْ
السِّمَنِ، كَعْبٌ سَمِنَ «1» وَلِلْوَجْهِ فِيهِ نُتُوءٌ
وَجْهٌ كَعَبَ والثدي إِذا تناهدا كَعَبَ.» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي رِوَايَتِنَا عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ: «وَأَصْلُ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ يَأْتِي
بِالْغُسْلِ كَيْفَ شَاءَ وَلَوْ قَطَعَهُ لِأَنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: (حَتَّى تَغْتَسِلُوا: 4- 43) «2»
فَهَذَا مُغْتَسَلٌ وَإِنْ قَطَعَ الْغُسْلَ فَلَا أَحْسبهُ
يجور- إذَا قَطَعَ الْوُضُوءَ- إلَّا مِثْلُ هَذَا» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَتَوَضَّأَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَمَرَ
اللَّهُ، وَبَدَأَ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ. فَأَشْبَهَ
(وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ فِي
الْوُضُوءِ شَيْئَانِ [أَنْ] يَبْدَأَ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ
ثُمَّ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ مِنْهُ،
وَيَأْتِي عَلَى إكْمَالِ
__________
(1) ينظر هَامِش الام (ج 1 ص 23) .
(2) انْظُر الام (ج 1 ص 26) .
(1/44)
مَا أَمَرَ بِهِ «1» وَشَبَّهَهُ بِقَوْلِ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ
شَعائِرِ اللَّهِ: 2- 158) . فَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّفَا، وَقَالَ «نَبْدَأُ بِمَا
بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» . قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ:
«وَذَكَرَ اللَّهُ الْيَدَيْنِ مَعًا وَالرِّجْلَيْنِ مَعًا،
فَأُحِبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالْيُمْنَى وَإِنْ بَدَأَ
بِالْيُسْرَى فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ.
وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (إِذا قُمْتُمْ إِلَى
الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) قَالَ الشَّافِعِيُّ
رَحِمَهُ اللَّهُ: «فَكَانَ ظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ مَنْ قَامَ
إلَى الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَكَانَتْ
مُحْتَمِلَةً أَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ فِي خَاصٍّ. فَسَمِعْتُ
بَعْضَ مَنْ أَرْضَى عِلْمَهُ بِالْقُرْآنِ، يَزْعُمُ:
أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْقَائِمِينَ مِنْ النَّوْمِ
وَأَحْسَبُ مَا قَالَ كَمَا قَالَ. لِأَنَّ [فِي] السُّنَّةِ
دَلِيلًا عَلَى أَنْ يَتَوَضَّأَ مَنْ قَامَ مِنْ نَوْمِهِ «2»
. قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَكَانَ الْوُضُوءُ
الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ- بِدَلَالَةِ السُّنَّةِ- عَلَى مَنْ
لَمْ يُحْدِثْ غَائِطًا وَلَا بَوْلًا دُونَ مَنْ أَحْدَثَ
غَائِطًا أَوْ بَوْلًا. لِأَنَّهُمَا نَجَسَانِ يَمَاسَّانِ
بَعْضَ الْبَدَنِ. يَعْنِي فَيَكُونُ عَلَيْهِ الِاسْتِنْجَاءُ
«3» فَيَسْتَنْجِي بِالْحِجَارَةِ أَوْ الْمَاءِ قَالَ وَلَوْ
جَمَعَهُ رَجُلٌ ثُمَّ غَسَلَ بِالْمَاءِ كَانَ أَحَبَّ
إلَيَّ. وَيُقَالُ إنَّ قَوْمًا مِنْ الْأَنْصَارِ
اسْتَنْجَوْا بِالْمَاءِ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ:
(فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ
يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ: 9- 108) قَالَ الشَّافِعِيُّ
رَحِمَهُ اللَّهُ: وَمَعْقُولٌ- إذْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى
الْغَائِطَ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ أَنَّ الْغَائِطَ.
التَّخَلِّي فَمَنْ تَخَلَّى وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ» .
ثُمَّ ذَكَرَ الْحُجَّةَ مِنْ غَيْرِ الْكِتَابِ، فِي إيجَابِ
الْوُضُوءِ بِالرِّيحِ، وَالْبَوْلِ، وَالْمَذْيِ، وَالْوَدْيِ
وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ سَبِيلِ الْحَدَثِ «4»
__________
(1) فى الأَصْل المتوضئين. وَمَا أَثْبَتْنَاهُ عبارَة الام.
وَهُوَ اظهر
(2) انْظُر الام (ج 1 ص 10- 11) .
(3) انْظُر الام (ج 1 ص 18)
(4) انْظُر الام (ج 1 ص 13- 17) .
(1/45)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ
سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا
إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ
مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ
الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً
فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ
وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)
وَفِي قَوْله تَعَالَى: (أَوْ لامَسْتُمُ
النِّساءَ: 4- 43 و5- 6) قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْوُضُوءَ عَلَى مَنْ قَامَ
إلَى الصَّلَاةِ فَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ مَنْ «1» قَامَ مِنْ
مَضْجَعِ النَّوْمِ.» وَذَكَرَ طَهَارَةَ الْجُنُبِ، ثُمَّ
قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى
سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ
لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا) .
فَأَشْبَهَ: أَنْ يَكُونَ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ مِنْ
الْغَائِطِ، وَأَوْجَبَهُ مِنْ الْمُلَامَسَةِ وَإِنَّمَا
ذَكَرَهَا مَوْصُولَةً بِالْغَائِطِ بَعْدَ ذِكْرِ
الْجَنَابَةِ فَأَشْبَهَتْ الْمُلَامَسَةُ أَنْ تَكُونَ
اللَّمْسَ بِالْيَدِ وَالْقُبَلَ غَيْرَ الْجَنَابَةِ» . ثُمَّ
اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِآثَارٍ ذَكَرَهَا «2» . قَالَ
الرَّبِيعُ:
اللَّمْسُ بِالْكَفِّ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُلَامَسَةِ.
وَالْمُلَامَسَةُ: أَنْ يَلْمِسَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ فَلَا
يَقْلِبُهُ وَقَالَ الشَّاعِرُ «3» :
فَأَلْمَسْتُ كَفِّي كَفَّهُ أَطْلُبُ الْغِنَى وَلَمْ أَدْرِ
أَنَّ الْجُودَ مِنْ كَفِّهِ يُعْدِي فَلَا أَنَا، مِنْهُ مَا
أَفَادَ ذَوُو الْغِنَى [أَفَدْتُ] وَأَعْدَانِي فَبَدَّدْتُ
«4» مَا عِنْدِي هَكَذَا وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِي وَقَدْ
رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ الرَّبِيعِ عَنْ الشَّافِعِيُّ «5» ،
أَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَنَا:
الْحُسَيْنُ بْنُ رَشِيقٍ الْمِصْرِيُّ إجَازَةً، أَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ ابْن حَرِيرٍ النَّحْوِيُّ، قَالَ:
سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ فَذَكَرَ
مَعْنَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ «6» (أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ،
أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ
الشَّافِعِيُّ:
«قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (لَا تَقْرَبُوا
الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ
وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا: 4-
43) . فَأَوْجَبَ
__________
(1) فى الأَصْل: كمن، وَمَا أَثْبَتْنَاهُ عبارَة الْأُم.
(2) انْظُر الْأُم (ج 1 ص 12- 13) .
(3) هُوَ بشار بن برد كَمَا فى الأغانى (ج 3 ص 150)
(4) انْظُر الْأُم: فبذرت وفى الأغانى فاتلفت.
(5) انْظُر الْأُم (ج 1 ص 13) .
(6) انْظُر الْأُم (ج 1 ص 13) .
(1/46)
(جَلَّ ثَنَاؤُهُ) الْغُسْلَ مِنْ
الْجَنَابَةِ وَكَانَ مَعْرُوفًا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَنَّ
الْجَنَابَةَ: الْجِمَاعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْجِمَاعِ
مَاءٌ دَافِقٌ. وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي حَدِّ الزِّنَا،
وَإِيجَابِ الْمَهْرِ، وَغَيْرِهِ وَكُلُّ مَنْ خُوطِبَ:
بِأَنَّ فُلَانًا أَجْنَبَ مِنْ فُلَانَةَ عَقَلَ أَنَّهُ
أَصَابَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَرِفًا» . يَعْنِي أَنَّهُ
«1» لَمْ يُنْزِلْ.
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَكَانَ فَرْضُ
اللَّهِ الْغُسْلَ مُطْلَقًا: لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا
يُبْدَأُ بِهِ قَبْلَ شَيْءٍ فَإِذَا جَاءَ الْمُغْتَسِلُ
[بِالْغُسْلِ «2» ] أَجْزَأَهُ- وَاَللَّهُ أَعْلَمُ-
كَيْفَمَا جَاءَ بِهِ- وَكَذَلِكَ «3» لَا وَقْتَ فِي الْمَاءِ
فِي الْغُسْلِ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِغُسْلِ جَمِيعِ
بَدَنِهِ» .
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً
طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) .
قَالَ الشَّافِعِيُّ: نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ فِي
غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، انْحَلَّ عِقْدٌ لِعَائِشَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَأَقَامَ النَّاسُ عَلَى
الْتِمَاسِهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) آيَةَ التَّيَمُّمِ.
أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ عَدَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَهْلِ
الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي وَغَيْرُهُمْ» .
[ثُمَّ] رَوَى فِيهِ حَدِيثَ مَالِكٍ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي
كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ.
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، أَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: «قَالَ اللَّهُ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً)
قَالَ: وَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ صَعِيدٍ لَمْ
يُخَالِطْهُ نَجَاسَةٌ، فَهُوَ: صَعِيدٌ طَيِّبٌ يُتَيَمَّمُ
بِهِ. وَلَا يَقَعُ اسْمُ صَعِيدٍ إلَّا عَلَى تُرَابٍ ذِي
غُبَارٍ فَأَمَّا الْبَطْحَاءُ
__________
(1) هَذَا من كَلَام الرّبيع كَمَا صرح بِهِ فى الام (ج 1 ص
31) [.....]
(2) زِيَادَة عَن الام (ج 1 ص 33)
(3) فى الأَصْل: وَلذَلِك. وَهُوَ خطأ والتصحيح عَن الْأُم.
(1/47)
الْغَلِيظَةُ وَالرَّقِيقَةُ وَالْكَثِيبُ
الْغَلِيظُ- فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ صَعِيدٍ «1» » .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ اللَّهُ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ
الْآيَةُ) وَقَالَ فِي سِيَاقِهَا (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى
أَوْ عَلى سَفَرٍ [أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ
أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ] فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً
فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً [فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ
وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ] «2» فَدَلَّ حُكْمُ اللَّهِ (عَزَّ
وَجَلَّ) عَلَى أَنَّهُ أَبَاحَ التَّيَمُّمَ فِي حَالَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: السَّفَرُ وَالْإِعْوَازُ مِنْ الْمَاءِ.
وَالْآخَرُ. الْمَرَضُ «3» فِي حَضَرٍ كَانَ أَوْ سَفَرٍ.
وَدَلَّ [ذَلِكَ] عَلَى أَنَّ عَلَى الْمُسَافِرِ طَلَبَ
الْمَاءِ، لِقَوْلِهِ: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا)
وَكَانَ كُلُّ مَنْ خَرَجَ مُجْتَازًا مِنْ بَلَدٍ إلَى
غَيْرِهِ، يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّفَرِ قَصُرَ السَّفَرُ
أَوْ طَالَ. وَلَمْ أَعْلَمْ مِنْ السُّنَّةِ دَلِيلًا عَلَى
أَنَّ لِبَعْضِ «4» الْمُسَافِرِينَ أَنْ يَتَيَمَّمَ دُونَ
بَعْضٍ فَكَانَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَنَّ كُلَّ مَنْ سَافَرَ
سَفَرًا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا يَتَيَمَّمُ» قَالَ: وَإِذَا
كَانَ مَرِيضًا بَعْضَ الْمَرَضِ: تَيَمَّمَ حَاضِرًا أَوْ
مُسَافِرًا، أَوْ وَاجِدًا لِلْمَاءِ أَوْ غَيْرَ وَاجِدٍ لَهُ
«5» وَالْمَرَضُ اسْمٌ جَامِعٌ لَمَعَانٍ لِأَمْرَاضٍ
مُخْتَلِفَةٍ فَاَلَّذِي سَمِعْتُ: أَنَّ الْمَرَضَ- الَّذِي
لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَيَمَّمَ فِيهِ-: الْجِرَاحُ، وَالْقُرْحُ
دُونَ الْغَوْرِ كُلِّهِ مِثْلُ الْجِرَاحِ لِأَنَّهُ يُخَافُ
فِي كُلِّهِ- إذَا مَا مَسَّهُ الْمَاءُ- أَنْ يَنْطِفَ،
فَيَكُونَ مِنْ النَّطْفِ التَّلَفُ، وَالْمَرَضُ الْمَخُوفُ»
.
__________
(1) انْظُر الام: (ج 1 ص 43)
(2) مَا بَين الأقواس المربعة زِيَادَة عَن الْأُم (ح 1 ص 29)
.
(3) فى الأَصْل: الْمَرِيض. وفى الام (ص 39) للْمَرِيض.
وَكِلَاهُمَا خطأ وَالصَّحِيح مَا أَثْبَتْنَاهُ.
(4) فى الأَصْل: بعض والتصحيح عَن الام.
(5) كَذَا بِالْأَصْلِ وبالأم (ج 1 ص 36) . وَلَعَلَّ أَو
زَائِدَة من النَّاسِخ.
(1/48)
وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ (رِوَايَةُ
الزَّعْفَرَانِيِّ عَنْهُ) : «يَتَيَمَّمُ إنْ خَافَ [إنْ
مَسَّهُ الْمَاءُ «1» ] التَّلَفَ، أَوْ شِدَّةَ الضَّنَى» .
وَقَالَ فِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ: «فَخَافَ، إنْ أَصَابَهُ
الْمَاءُ، أَنْ يَمُوتَ، أَوْ يَتَرَاقَى «2» عَلَيْهِ إلَى
مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَلَا إعَادَةَ
عَلَيْهِ. لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ لِلْمَرِيضِ
التَّيَمُّمَ. وَقِيلَ: ذَلِكَ الْمَرَضُ: الْجِرَاحُ
وَالْجُدَرِيُّ. وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُمَا:
مِنْ الْمَرَضِ- عِنْدِي مِثْلَهُمَا وَلَيْسَ الْحُمَّى وَمَا
أَشْبَهَهَا-: مِنْ الرَّمَدِ وَغَيْرِهِ.-
عِنْدِي، مِثْلَ ذَلِكَ.»
قَالَ الشَّافِعِيُّ- فِي رِوَايَتِنَا: «جَعَلَ اللَّهُ
الْمَوَاقِيتَ لِلصَّلَاةِ فَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ
يُصَلِّيَهَا قَبْلَهَا وَإِنَّمَا أَمَرَ «3» بِالْقِيَامِ
إلَيْهَا إذَا دَخَلَ وَقْتُهَا وَكَذَلِكَ أَمَرَ «4»
بِالتَّيَمُّمِ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَيْهَا، وَالْإِعْوَازِ
مِنْ الْمَاءِ. فَمَنْ تَيَمَّمَ لِصَلَاةٍ قَبْلَ دُخُولِ
وَقْتِهَا، وَطَلَبَ الْمَاءَ لَهَا-: لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ
يُصَلِّيَهَا بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ.»
أَخْبَرَنَا، أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ، قَالَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) :
«وَإِنَّمَا قُلْتُ: لَا يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ بِمَاءٍ قَدْ
تَوَضَّأَ بِهِ غَيْرُهُ. لِأَنَّ «5» اللَّهَ (جَلَّ
ثَنَاؤُهُ) يَقُولُ (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ
5- 6) فَكَانَ مَعْقُولًا. أَنَّ الْوَجْهَ لَا يَكُونُ
مَغْسُولًا إِلَّا بِأَن يبتدأ لَهُ بِمَاءٍ «6» فَيُغْسَلَ
بِهِ، ثُمَّ عَلَيْهِ فِي الْيَدَيْنِ عِنْدِي- مِثْلُ مَا
عَلَيْهِ فِي الْوَجْهِ [من] أَن يبتدىء لَهما مَاءً
فَيَغْسِلَهُمَا بِهِ. «7» فَلَوْ أَعَادَ عَلَيْهِمَا
الْمَاءَ
__________
(1) زِيَادَة عَن مُخْتَصر الْمُزنِيّ بِهَامِش الْأُم (ج 1 ص
54) .
(2) أَي يتزايد.
(3) انْظُر الْأُم (ج 1 ص 19) .
(4) انْظُر الْأُم (ج 1 ص 19) .
(5) فى الأَصْل أَن، والتصحيح عَن الْأُم (ج 1 ص 25) .
(6) فى الْأُم: مَاء.
(7) عبارَة الْأُم: «من أَن يبتدى، لَهُ مَاء فيغسله بِهِ» ،
وَلَا فرق من حَيْثُ الْمَعْنى المُرَاد. [.....]
(1/49)
الَّذِي غَسَلَ بِهِ الْوَجْهَ-: كَانَ
كَأَنَّهُ لَمْ يُسَوِّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَوَجْهِهِ، وَلَا
يَكُونُ مُسَوِّيًا بَينهمَا، حَتَّى يبتدىء لَهُمَا الْمَاءَ،
كَمَا ابْتَدَأَ لِلْوَجْهِ. وَأَنَّ «1» رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَخَذَ لِكُلِّ عُضْوٍ مَاءً
جَدِيدًا.» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ
اللَّهُ) : «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ) «2» إلَى: (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ:
5- 6) . فَاحْتَمَلَ أَمْرُ اللَّهِ (تَبَارَكَ وَتَعَالَى)
بِغُسْلِ الْقَدَمَيْنِ: أَنْ يَكُونَ عَلَى كُلِّ مُتَوَضِّئٍ
وَاحْتَمَلَ:
أَنْ يَكُونَ عَلَى بَعْضِ الْمُتَوَضِّئِينَ دُونَ بَعْضٍ.
فَدَلَّ مَسْحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَلَى الْخُفَّيْنِ-: أَنَّهَا «3» عَلَى مَنْ لَا
خُفَّيْنِ عَلَيْهِ [إذَا هُوَ «4» ] لَبِسَهُمَا عَلَى
كَمَالِ طَهَارَةٍ. كَمَا دَلَّ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ
(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) صَلَاتَيْنِ بِوُضُوءٍ
وَاحِدٍ، وَصَلَوَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ-: عَلَى أَنَّ فَرْضَ
الْوُضُوءِ مِمَّنْ «5» قَامَ إلَى الصَّلَاةِ، عَلَى بَعْضِ
الْقَائِمِينَ دُونَ بَعْضٍ، لَا: «6» أَنَّ الْمَسْحَ خِلَافٌ
لِكِتَابِ اللَّهِ، وَلَا الْوُضُوءَ عَلَى الْقَدَمَيْنِ «7»
.» . زَادَ- فِي رِوَايَتِي، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ
أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ الرَّبِيعِ، عَنْهُ-: «إنَّمَا
يُقَالُ: «الْغُسْلُ كَمَالٌ، وَالْمَسْحُ رُخْصَةُ كَمَالٍ
وَأَيَّهمَا شَاءَ فَعَلَ «8» » .
__________
(1) كَذَا بِالْأَصْلِ وبالأم على أَنه مَعْطُوف على قَوْله:
لِأَن الله. وَلَعَلَّ الْأَصَح: لِأَن. فَلْيتَأَمَّل.
(2) تَمام الْمَتْرُوك: (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ،
وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) .
(3) فى الأَصْل: «أَنَّهُمَا» . وَهُوَ خطأ. والتصحيح عَن
الْأُم (ج 1 ص 27) وَإِنَّمَا أَنْت الضَّمِير بِاعْتِبَار أَن
الْمسْح طَهَارَة.
(4) زِيَادَة عَن الْأُم، يتَوَقَّف عَلَيْهَا فهم الْمَعْنى
المُرَاد.
(5) فى الْأُم: «على من» وَلَا فرق فى الْمَعْنى.
(6) فى الأَصْل: «لِأَن» . وَهُوَ خطأ ظَاهر والتصحيح عَن
الام.
(7) كَذَا بِالْأَصْلِ وبالأم، وَلَعَلَّ الْأَصَح- الملائم
لظَاهِر الْعبارَة السَّابِقَة-: على بعض القائمين.
(8) انْظُر اخْتِلَاف الحَدِيث بِهَامِش الام (ج 7 ص 60) .
(1/50)
أَنَا، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ،
نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا
الشَّافِعِيُّ، قَالَ:
«قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (إِذا قُمْتُمْ إِلَى
الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ «1» ) الْآيَةُ، وَدَلَّتْ
السُّنَّةُ عَلَى [أَنَّ «2» ] الْوُضُوءَ مِنْ الْحَدَثِ.
وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
(لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى، حَتَّى
تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ، وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي
سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) الْآيَةُ «3» . فَكَانَ
الْوُضُوءُ عَامًا فِي كِتَابِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) مِنْ
«4» الْأَحْدَاثِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ الْجُنُبَ
بِالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ، دَلِيلًا (وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ) عَلَى: أَنْ لَا يَجِبَ غُسْلٌ إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ
إلَّا أَنْ تَدُلَّ عَلَى غُسْلٍ وَاجِبٍ: فَنُوجِبُهُ
بِالسُّنَّةِ: بِطَاعَةِ اللَّهِ فِي الْأَخْذِ بِهَا «5» .
وَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ
الْجَنَابَةِ وَلَمْ أَعْلَمْ دَلِيلًا بَيِّنًا عَلَى أَنْ
يَجِبَ غُسْلٌ غَيْرُ الْجَنَابَةِ الْوُجُوبَ الَّذِي لَا
يجزىء غَيْرُهُ. وَقَدْ رُوِيَ فِي غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ
شَيْءٌ فَذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى غَيْرِ مَا قُلْنَا وَلِسَانُ
الْعَرَبِ وَاسِعٌ» .
__________
(1) تَمامهَا: (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ، وَامْسَحُوا
بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَإِنْ
كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا، وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ
عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ، أَوْ
لامَسْتُمُ النِّساءَ- فَلَمْ تَجِدُوا مَاء-: فَتَيَمَّمُوا
صَعِيداً طَيِّباً، فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ
مِنْهُ. مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ
حَرَجٍ، وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ
نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ 5- 6)
(2) زِيَادَة عَن اخْتِلَاف الحَدِيث (ص 177)
(3) تَمامهَا: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ، أَوْ
جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ، أَوْ لامَسْتُمُ
النِّساءَ- فَلَمْ تَجِدُوا مَاء-: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً
طَيِّباً، فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ
اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً: 4- 43)
(4) فى الأَصْل: «عَن» . وَمَا أَثْبَتْنَاهُ عِبَارَته فِي
اخْتِلَاف الحَدِيث (ص 178) .
(5) فى الأَصْل: «فتوجبه السّنة بِطَاعَة الله والاخذ بهَا» .
والتصحيح عَن اخْتِلَاف الحَدِيث (ص 178) .
(1/51)
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ
الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي
الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا
تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ
الْمُتَطَهِّرِينَ (222)
ثُمَّ ذَكَرَ مَا رُوِيَ فِيهِ، وَذَكَرَ
تَأْوِيلَهُ، وَذَكَرَ السُّنَّةَ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى
وُجُوبِهِ فِي الِاخْتِيَارِ، وَ [فِي] النَّظَافَةِ، وَنَفَى
«1» تَغَيُّرَ الرِّيحِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ «2» ،
وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ «3» .
وَفِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (إجَازَةً) عَنْ
الرَّبِيعِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ:
(رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى) : «قَالَ اللَّهُ تبَارك
وَتَعَالَى: (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ. قُلْ: هُوَ
أَذىً، فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) الْآيَةُ «4»
. فَأَبَانَ: أَنَّهَا حَائِضٌ غَيْرُ طَاهِرٍ، وَأَمَرَنَا:
أَنْ لَا نَقْرَبَ حَائِضًا حَتَّى تَطْهُرَ، وَلَا إذَا
طَهُرَتْ حَتَّى تَتَطَهَّرَ «5» بِالْمَاءِ، وَتَكُونُ
مِمَّنْ تَحِلُّ لَهَا الصَّلَاةُ» .
وَفِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (فَإِذا تَطَهَّرْنَ
فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ) ، قَالَ
الشَّافِعِيُّ: «قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ:
فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ أَنْ
تَعْتَزِلُوهُنَّ يَعْنِي فِي «6» مَوَاضِعِ الْحَيْضِ.
وَكَانَتْ الْآيَةُ مُحْتَمِلَةً لِمَا قَالَ وَمُحْتَمِلَةً:
أَنَّ اعْتِزَالَهُنَّ: اعْتِزَالُ جَمِيعِ أَبْدَانِهِنَّ،
وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: عَلَى اعْتِزَالِ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ مِنْهَا،
وَإِبَاحَةِ مَا فَوْقَهَا» .
__________
(1) فى الأَصْل: «وَمعنى» . والتصحيح عَن اخْتِلَاف الحَدِيث
(ص 179) . [.....]
(2) فَلْينْظر فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص 178- 181) .
(3) لِلْحَافِظِ الْبَيْهَقِيّ رضى الله عَنهُ.
(4) تَمامهَا: (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ، فَإِذا
تَطَهَّرْنَ: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ
الْمُتَطَهِّرِينَ: 2- 222) .
(5) فى الأَصْل: «تطهر» . وَمَا أَثْبَتْنَاهُ عبارَة الام (ج
1 ص 50) ، وهى أظهر.
(6) عبارَة الْأُم (ج 1 ص 51) : «من» . وهى أنسب.
(1/52)
حَافِظُوا عَلَى
الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ
قَانِتِينَ (238)
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَكَانَ مُبَيَّنًا
«1» فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (حَتَّى يَطْهُرْنَ) :
أَنَّهُنَّ حُيَّضٌ فِي غَيْرِ حَالِ الطَّهَارَةِ «2» ،
وَقَضَى اللَّهُ عَلَى الْجُنُبِ: أَنْ لَا يَقْرَبَ
الصَّلَاةَ حَتَّى يَغْتَسِلَ، فَكَانَ مُبَيِّنًا: أَنْ لَا
مُدَّةَ لِطَهَارَةِ الْجُنُبِ إلَّا الْغُسْلَ «3» ، وَلَا
مُدَّةَ لِطَهَارَةِ الْحَائِضِ إلَّا ذَهَابَ الْحَيْضِ،
ثُمَّ الْغُسْلَ: لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:
(حَتَّى يَطْهُرْنَ) ، وَذَلِكَ: انْقِضَاءُ «4» الْحَيْضِ:
(فَإِذا تَطَهَّرْنَ) ، يَعْنِي:
بِالْغُسْلِ لِأَنَّ السُّنَّةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ طَهَارَةَ
الْحَائِضِ: الْغُسْلُ «5» وَدَلَّتْ عَلَى بَيَانِ مَا دَلَّ
عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ: مِنْ أَنْ لَا تُصَلِّيَ
الْحَائِضُ.» ، فَذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا) ، ثُمَّ قَالَ: «وَأَمْرُ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) -:
«أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي» :-: يَدُلُّ
عَلَى أَنْ لَا تُصَلِّيَ «6» حَائِضًا لِأَنَّهَا غَيْرُ
طَاهِرٍ مَا كَانَ الْحَيْضُ قَائِمًا. وَلِذَلِكَ «7» قَالَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (حَتَّى يَطْهُرْنَ) .»
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
(حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ، وَالصَّلاةِ الْوُسْطى)
الْآيَتَيْنِ «8» . فَلَمَّا لَمْ يُرَخِّصْ اللَّهُ «9» فِي
أَنْ تُؤَخَّرَ الصَّلَاةُ
__________
(1) فى الْأُم: «بَينا» .
(2) فى الأَصْل: «فى غير طَهَارَة» ، والتصحيح عَن الام.
(3) عبارَة الأَصْل: «لامره لطهارة الْجنب لَا الْغسْل» وهى
خطأ، والتصحيح عَن الام
(4) عبارَة الام: «بِانْقِضَاء» .
(5) عبارَة الام: «بِالْغسْلِ» .
(6) عبارَة الام: «أَن لَا تَطوف حَتَّى تطهر، فَدلَّ» .
فَيكون قَوْله: «وَأمر إِلَخ» جملَة فعلية.
وعَلى مَا فى الأَصْل: يكون جملَة اسمية روعى فِيهَا لفظ
الحَدِيث، وَالْخَبَر قَوْله: «يدل» :
(7) عبارَة الام: «وَكَذَلِكَ» . وَمَا فى الأَصْل أصح.
(8) تمامهما. (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ فَإِنْ خِفْتُمْ
فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً، فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا
اللَّهَ كَما عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ: 2-
238، 239) .
(9) عبارَة الْأُم (ج 1 ص 51. «رَسُول الله» . وهى خطأ.
[.....]
(1/53)
يَا أَيُّهَا
الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)
نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ
وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)
فِي الْخَوْفِ، وَأَرْخَصَ: أَنْ
يُصَلِّيَهَا الْمُصَلِّي كَمَا أَمْكَنَتْهُ رِجَالًا
وَرُكْبَانًا «1» وَقَالَ: (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً: 4- 103) وَكَانَ مَنْ
عَقَلَ الصَّلَاةَ مِنْ الْبَالِغِينَ، عَاصِيًا بِتَرْكِهَا:
إذَا جَاءَ وَقْتُهَا وَذِكْرُهَا، [وَكَانَ غَيْرَ نَاسٍ
لَهَا] «2» وَكَانَتْ الْحَائِضُ بَالِغَةً عَاقِلَةً،
ذَاكِرَةً لِلصَّلَاةِ، مُطِيقَةً لَهَا وَكَانَ «3» حُكْمُ
اللَّهِ: أَنْ لَا يَقْرَبَهَا زَوْجُهَا حَائِضًا وَدَلَّ
حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
عَلَى أَنَّهُ إذَا حَرَّمَ عَلَى زَوْجِهَا أَنْ يَقْرَبَهَا
لِلْحَيْضِ، حَرَّمَ عَلَيْهَا أَنْ تُصَلِّيَ-: كَانَ فِي
هَذَا دَلِيلٌ «4» [عَلَى] أَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ فِي
أَيَّامِ الْحَيْضِ زَائِلٌ عَنْهَا فَإِذَا زَالَ عَنْهَا-
وَهِيَ ذَاكِرَةٌ عَاقِلَةٌ مُطِيقَةٌ-:
لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا قَضَاءُ الصَّلَاةِ. وَكَيْفَ تَقْضِي
مَا لَيْسَ بِفَرْضٍ عَلَيْهَا: بِزَوَالِ فَرْضِهِ عَنْهَا؟!
وَهَذَا مَا لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ مُخَالِفًا» .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ الْحَافِظُ (رَحِمَهُ اللَّهُ) ، نَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ، أَنَا
الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«وَمِمَّا نَقَلَ بَعْضُ مَنْ سَمِعْتُ مِنْهُ-: مِنْ أَهْلِ
الْعِلْمِ-: أَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) أَنْزَلَ فَرْضًا
فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ فَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَقَالَ:
(يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ)
__________
(1) عبارَة الْأُم. «رَاجِلا أَو رَاكِبًا» . وهى أنسب.
(2) زِيَادَة عَن الْأُم للايضاح.
(3) فى الْأُم: «فَكَانَ» ، وَمَا هُنَا أصح. دفعا لتوهم أَنه
جَوَاب الشَّرْط، الَّذِي سيأتى بعد، وَهُوَ قَوْله. «كَانَ فى
هَذَا» .
(4) عبارَة الْأُم. «دَلَائِل» ، وَزِيَادَة «على» عَن الْأُم
للايضاح.
(1/54)
(إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ
مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ
تَرْتِيلًا: 73- 1- 4) . ثُمَّ نَسَخَ هَذَا فِي السُّورَةِ
مَعَهُ، فَقَالَ: (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ
أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ
وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ) «1» قَرَأَ إلَى: (وَآتُوا
الزَّكاةَ) : 73- 20) . قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمَّا ذَكَرَ
اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) بَعْدَ أَمْرِهِ بِقِيَامِ اللَّيْلِ:
نِصْفَهُ إلَّا قَلِيلًا، أَوْ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ فَقَالَ:
(أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ
وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ) ، فَخَفَّفَ، فَقَالَ:
(عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى، وَآخَرُونَ
يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ،
وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَاقْرَؤُا مَا
تَيَسَّرَ مِنْهُ: 73- 20) :- كَانَ «2» بَيِّنًا فِي كِتَابِ
اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) نَسْخُ قِيَامِ اللَّيْلِ وَنِصْفِهِ،
وَالنُّقْصَانُ مِنْ النِّصْفِ، وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ-:
بِقَوْلِهِ عز وَجل: (فَاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) .
ثُمَّ احْتَمَلَ قَوْلُ اللَّهِ عز وَجل: (فَاقْرَؤُا مَا
تَيَسَّرَ مِنْهُ) ، مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ
فَرْضًا ثَابِتًا، لِأَنَّهُ أُزِيلَ «3» بِهِ فَرْضٌ
غَيْرُهُ. (وَالْآخَرُ) : أَنْ يَكُونَ فَرْضًا مَنْسُوخًا:
أُزِيلَ بِغَيْرِهِ، كَمَا أُزِيلَ بِهِ غَيْرُهُ. وَذَلِكَ
لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ
بِهِ نافِلَةً لَكَ) الْآيَةُ «4»
__________
(1) تَمام الْمَتْرُوك. (وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ
وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ
فَاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ، عَلِمَ أَنْ
سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي
الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ
يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ
مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) .
(2) فى بعض نسخ الرسَالَة (ص 114) . «فَكَانَ» . فَيكون جَوَاب
الشَّرْط قَوْله فِيمَا سبق. «فَخفف» . وعَلى مَا هُنَا-
وَهُوَ الْأَظْهر- يكون جَوَاب الشَّرْط قَوْله.
«كَانَ» . فَلْيتَأَمَّل.
(3) فى الأَصْل. «أُرِيد» . وَهُوَ خطأ وَاضح، والتصحيح عَن
الرسَالَة (ص 115)
(4) تَمامهَا. (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً
مَحْمُوداً. 17- 79) .
(1/55)
أَقِمِ الصَّلَاةَ
لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ
الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)
وَاحْتَمَلَ قَوْلُهُ: (وَمِنَ اللَّيْلِ
فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) : أَنْ يَتَهَجَّدَ بِغَيْرِ
الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِ: مِمَّا تَيَسَّرَ مِنْهُ: فَكَانَ
الْوَاجِبُ طَلَبَ الِاسْتِدْلَالِ بِالسُّنَّةِ عَلَى أَحَدِ
الْمَعْنَيَيْنِ، فَوَجَدْنَا سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) تَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا وَاجِبَ
مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا الْخَمْسَ، فَصِرْنَا: إلَى أَنَّ
الْوَاجِبَ الْخَمْسُ، وَأَنَّ مَا سِوَاهَا: مِنْ وَاجِبٍ:
مِنْ صَلَاةٍ، قَبْلَهَا- مَنْسُوخٌ بِهَا، اسْتِدْلَالًا
بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَمِنَ اللَّيْلِ
فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) فَإِنَّهَا «1» نَاسِخَةٌ
لِقِيَامِ اللَّيْلِ، وَنِصْفِهِ، وَثُلُثِهِ، وَمَا
تَيَسَّرَ. وَلَسْنَا نُحِبُّ لِأَحَدٍ تَرْكَ «2» ، أَنْ
يَتَهَجَّدَ بِمَا يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ: مِنْ
كِتَابِهِ، مُصَلِّيًا [بِهِ] «3» ، وَكَيْفَمَا أَكْثَرَ
فَهُوَ أَحَبُّ إلَيْنَا» . ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ طَلْحَةَ
بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فِي
الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ «4» .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، ثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ لَنَا
الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ. فَذَكَرَ مَعْنَى هَذَا
بِلَفْظٍ آخَرَ «5» ثُمَّ قَالَ: «وَيُقَالُ:
نُسِخَ مَا وَصَفَتْ الْمُزَّمِّلُ «6» ، بِقَوْلِ اللَّهِ
عَزَّ وَجَلَّ: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) ،
وَدُلُوكُ الشَّمْسِ: زَوَالُهَا (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) :
الْعَتَمَةُ، (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) : الصُّبْحُ، (إِنَّ
قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً وَمِنَ اللَّيْلِ
فَتَهَجَّدْ بِهِ)
__________
(1) فى الرسَالَة (ص 116) . «وَأَنَّهَا» ، وَلَعَلَّ مَا
هُنَا أصح.
(2) كَذَا بالرسالة. وَعبارَة الأَصْل. «يتْرك» ، وهى خطأ، أَو
لَعَلَّ (أَن) نَاقِصَة من النَّاسِخ. وعَلى كل فعبارة
الرسَالَة أحسن وأخصر.
(3) الزِّيَادَة عَن الرسَالَة.
(4) اُنْظُرْهُ فى الرسَالَة (ص 116- 117) .
(5) اُنْظُرْهُ فى الام (ج 1 ص 59) .
(6) عبارَة الام (ج 1 ص 59) : «نسخت مَا وصفت من المزمل» .
وَلَعَلَّ صِحَة الْعبارَة، نسخ مَا وصفت من المزمل. [.....]
(1/56)
(نافِلَةً لَكَ: 17- 78، 79) ،
فَأَعْلَمَهُ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ نَافِلَةٌ لَا فَرِيضَةٌ
وَأَنَّ الْفَرَائِضَ فِيمَا ذَكَرَ: مِنْ لَيْلٍ أَوْ
نَهَارٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيُقَالُ: فِي قَوْلِ اللَّهِ
عَزَّ وَجَلَّ: (فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ) :
الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) :
الصُّبْحُ، (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
وَعَشِيًّا) : الْعَصْرُ، (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) : الظُّهْرُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَا أَشْبَهَ مَا قِيلَ مِنْ هَذَا،
بِمَا «1» قِيلَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ» .
وَبِهِ «2» قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «أَحْكَمَ اللَّهُ
(عَزَّ وَجَلَّ) لِكِتَابِهِ «3» : أَنَّ مَا فَرَضَ-: مِنْ
الصَّلَوَاتِ.- مَوْقُوتٌ وَالْمَوْقُوتُ (وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ) : الْوَقْتُ الَّذِي نُصَلِّي فِيهِ، وَعَدَدُهَا.
فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً: 4- 103) .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ [قَالَ] : قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ
اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
(لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى، حَتَّى
تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ: 4- 43) .
قَالَ: يُقَالُ: نَزَلَتْ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ.
وَأَيُّمَا «4» كَانَ نُزُولُهَا: قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ
__________
(1) كَذَا بِالْأَصْلِ والام أَي. بِمَا قيل فى شرح الْآيَة
السَّابِقَة.
(2) أَي. بِالْإِسْنَادِ السَّابِق.
(3) كَذَا بِالْأَصْلِ، وفى الام (ج 1 ص 61) : «كِتَابه» .
وَلَعَلَّ الصَّوَاب «أعلم الله عز وَجل فى كِتَابه» .
(4) فى الأَصْل: «وَإِنَّمَا» وَهُوَ خطأ وتحريف من النَّاسِخ.
والتصحيح عَن الْأُم (ج 1 ص 60) .
(1/57)
أَوْ بَعْدَ [هـ] فَمَنْ صَلَّى سَكْرَانَ:
لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ لِنَهْيِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ)
إيَّاهُ عَنْ الصَّلَاةِ، حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَقُولُ وَإِنَّ
«1» مَعْقُولًا: أَنَّ الصَّلَاةَ: قَوْلٌ، وَعَمَلٌ،
وَإِمْسَاكٌ فِي مَوَاضِعَ مُخْتَلِفَةٍ. وَلَا يُؤَدِّي هَذَا
كَمَا أَمَرَ بِهِ، إلَّا مَنْ عَقَلَهُ «2» » .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ
اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى
الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً: 5- 58) وَقَالَ:
(إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا
إِلى ذِكْرِ اللَّهِ: 62- 9) فَذَكَرَ اللَّهُ الْأَذَانَ
لِلصَّلَاةِ، وَذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. فَكَانَ بَيِّنًا
(وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) : أَنَّهُ أَرَادَ الْمَكْتُوبَةَ
بِالْآيَتَيْنِ «3» مَعًا وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الْأَذَانَ لِلْمَكْتُوبَاتِ
[وَلَمْ يَحْفَظْ عَنْهُ أَحَدٌ عَلِمْتُهُ: أَنَّهُ أَمَرَ
بِالْأَذَانِ لِغَيْرِ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ «4» ] » .
أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، ثَنَا
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ [فِي قَوْلِهِ «5» : (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ: 94-
4) قَالَ: «لَا أُذْكَرُ إلَّا ذُكِرْتَ [مَعِي «6» ] :
أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» . قَالَ الشَّافِعِيُّ: «يَعْنِي
__________
(1) كَذَا بِالْأَصْلِ وبالأم، وَلَعَلَّ الْأَصَح: «وَكَانَ»
.
(2) عبارَة الْأُم: «وَلَا يُؤدى هَذَا إِلَّا من أَمر بِهِ
مِمَّن عقله» وَمَا هُنَا أوضح.
(3) بِالْأَصْلِ: «بالاثنين» . وَهُوَ تَحْرِيف من النَّاسِخ،
والتصحيح عَن الْأُم (ج 1 ص 71) .
(4) زِيَادَة عَن الْأُم لزِيَادَة الْفَائِدَة.
(5) زِيَادَة للايضاح، عَن الرسَالَة (ص 16) .
(6) زِيَادَة للايضاح، عَن الرسَالَة (ص 16) .
(1/58)
(وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: ذِكْرُهُ عِنْدَ
الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَالْأَذَانِ وَيُحْتَمَلُ: ذِكْرُهُ
عِنْدَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَعِنْدَ الْعَمَلِ
بِالطَّاعَةِ، وَالْوُقُوفِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ» .
فَضْلِ التَّعْجِيل بالصلوات
وَاحْتج فى فضل التَّعْجِيلِ بِالصَّلَوَاتِ- بِقَوْلِ اللَّهِ
عَزَّ وَجَلَّ: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى
غَسَقِ اللَّيْلِ: 17- 78) وَدُلُوكُهَا: مَيْلُهَا. «1»
وَبِقَوْلِهِ:
(أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) : 20- 14) وَبِقَوْلِهِ:
(حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ: 2- 238) وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى
الشَّيْءِ: تَعْجِيلُهُ.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ «2» : «وَمَنْ قَدَّمَ الصَّلَاةَ
فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، كَانَ أَوْلَى بِالْمُحَافَظَةِ
عَلَيْهَا مِمَّنْ أَخَّرَهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا «3» » .
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى 2- 238) -:
«فَذَهَبْنَا: إلَى أَنَّهَا الصُّبْحُ. [وَكَانَ أَقَلُّ مَا
فِي الصُّبْحِ «4» ] إنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ-: أَنْ تَكُونَ
مِمَّا أُمِرْنَا بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ.» .
وَذَكَرَ- فِي رِوَايَةِ الْمُزَنِيّ، وَحَرْمَلَةَ- حَدِيثَ
أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا)
أَنَّهَا أَمْلَتْ عَلَيْهِ: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ،
وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى، وَصَلَاةِ الْعَصْرِ» ، ثُمَّ
قَالَتْ: «سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «5» » قَالَ الشَّافِعِيُّ: «فَحَدِيثُ
عَائِشَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى،
لَيْسَتْ صَلَاةَ
__________
(1) هَذَا من كَلَام الشَّافِعِي كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى
للبيهقى.
(2) من الرسَالَة (ص 289) .
(3) عبارَة الرسَالَة: «الْوَقْت» . وهى أحسن.
(4) زِيَادَة عَن اخْتِلَاف الحَدِيث بِهَامِش الْأُم (ج 7 ص
208) ، يتَوَقَّف عَلَيْهَا فهم الْكَلَام وَصِحَّته. [.....]
(5) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى للبيهقى (ج 1 ص 462)
(1/59)
الْعَصْرِ. قَالَ: وَاخْتَلَفَ بَعْضُ
أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
، فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَرُوِيَ «1» عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّهَا الصُّبْحُ وَإِلَى هَذَا نَذْهَبُ. وَرُوِيَ عَنْ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: الظُّهْرُ وَعَنْ غَيْرِهِ: الْعَصْرُ» .
وَرُوِيَ فِيهِ حَدِيثًا «2» عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ الشَّيْخُ «3» : «الَّذِي رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي
ذَلِكَ، عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ:
فِيمَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْهُمَا فِيمَا
بَلَغَهُ «4» وَرَوَيْنَاهُ مَوْصُولًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
وَابْنِ عُمَرَ «5» ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَطَاوُوسٍ،
وَمُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ «6» » .
«وَرَوَيْنَا عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ
عَلِيٍّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) ، قَالَ: «كُنَّا نَرَى
أَنَّهَا صَلَاةُ الْفَجْرِ، حَتَّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَوْمَ الْأَحْزَابِ:
يَقُولُ: «شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى، صَلَاةِ
الْعَصْرِ «7» حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ، مَلَأَ اللَّهُ
قُبُورَهُمْ وَأَجْوَافَهُمْ نَارًا» . وَرِوَايَتُهُ فِي
ذَلِكَ- عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
صَحِيحَةٌ، عَنْ عُبَيْدَة السَّلْمَانِيِّ، وَغَيْرِهِ
عَنْهُ، وَعَنْ مُرَّةَ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَبِهِ قَالَ
أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَبُو أَيُّوبَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ،
وَعَبْدُ اللَّهُ
__________
(1) لَعَلَّ ذكرهَا للتَّأْكِيد، أَو زِيَادَة من النَّاسِخ.
(2) ينظر: أقائل هَذَا الشَّافِعِي؟ أم الْبَيْهَقِيّ؟.
فليتامل.
(3) أَي: الْحَافِظ الْبَيْهَقِيّ. وَهَذَا من كَلَام أحد
رُوَاة هَذَا الْكتاب عَنهُ، كَمَا هى عَادَة أَكثر
الْمُتَقَدِّمين.
(4) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى للبيهقى (ج 1 ص 461- 462)
(5) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى للبيهقى (ج 1 ص 461- 462)
(6) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى للبيهقى (ج 1 ص 461- 462)
(7) هَذَا اللَّفْظ غير مَوْجُود فى حَدِيث على بِرِوَايَة زر
عَنهُ. وَإِنَّمَا وجد فى حَدِيثه بِرِوَايَة شُتَيْر
الْعَبْسِي عَنهُ، وفى حَدِيث ابْن مَسْعُود وَسمرَة. رَاجع
السّنَن الْكُبْرَى [ج 1 ص 460]
(1/60)
وَمِنَ اللَّيْلِ
فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ
رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79)
ابْن عَمْرٍو «1» ، وَ [هُوَ] «2» فِي
إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ
عَبَّاسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَائِشَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ» .
وَقَرَأْتُ [فِي] كِتَاب حَرْمَلَةَ، عَنْ الشَّافِعِيِّ- فِي
قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:
(إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً: 17- 18) ، فَلَمْ
يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَشْهُودًا غَيْرُهُ»
وَالصَّلَوَاتُ مَشْهُودَاتٌ، فَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ
قَوْلُهُ «3» مَشْهُودًا بِأَكْثَرَ مِمَّا تُشْهَدُ بِهِ
الصَّلَوَاتُ، أَوْ أَفْضَلُ، أَوْ مَشْهُودًا بِنُزُولِ
الْمَلَائِكَةِ» .
يُرِيدُ «4» صَلَاةَ الصُّبْحِ.
أَنَا أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ:
«فَرَضَ اللَّهُ (تَبَارَكَ وَتَعَالَى) الصَّلَوَاتِ
وَأَبَانَ رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
عَدَدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَوَقْتَهَا، وَمَا
يُعْمَلُ فِيهِنَّ، وَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ.
وَأَبَانَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) : أَنَّ «5» مِنْهُنَّ
نَافِلَةً وَفَرْضًا فَقَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ
نافِلَةً لَكَ) الْآيَةُ «6» . ثُمَّ أَبَانَ ذَلِكَ رَسُولُ
اللَّهِ
__________
(1) فى الأَصْل: «عمر» . وَهُوَ خطأ بِدلَالَة الْكَلَام
السَّابِق واللاحق، بل قد صرح الْبَيْهَقِيّ فى السّنَن
الْكُبْرَى [ج 1 ص 461] باسم جده:
(2) زِيَادَة يقتضيها الْمقَام، وَإِن حذفت (فى) كَانَ أحسن.
(3) وَأي: تَأْوِيل قَوْله وَمَعْنَاهُ.
(4) أَي: الشَّافِعِي، بقوله فِيمَا تقدم: «غَيره» . وَقَوله.
«يُرِيد إِلَخ» من كَلَام الْبَيْهَقِيّ على مَا يظْهر.
(5) قَوْله: «أَن» ، غير مُثبت فى الْأُم [ج 1 ص 86]
(6) تَمامهَا: (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً
مَحْمُوداً: 17- 79)
[.....]
(1/61)
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ
رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98)
(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَكَانَ
بَيِّنًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) - إذَا كَانَ مِنْ الصَّلَاةِ
نَافِلَةٌ وَفَرْضٌ، وَكَانَ الْفَرْضُ مِنْهَا مُؤَقَّتًا-
أَنْ لَا تَجْزِي عَنْهُ صَلَاةٌ، إلَّا بِأَنْ يَنْوِيَهَا
مُصَلِّيًا «1» » .
وَبِهَذَا «2» الْإِسْنَادِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ
اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ
فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ «3» ] :
16- 98) . قَالَ الشَّافِعِيُّ:
وَأُحِبُّ أَنْ يَقُولَ- حِينَ يَفْتَتِحُ [قَبْلَ أُمِّ «4» ]
الْقُرْآنِ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ،
وَأَيُّ كَلَامٍ اسْتَعَاذَ بِهِ، أَجْزَأَهُ» .
وَقَالَ فِي الْإِمْلَاءِ- بِهَذَا الْإِسْنَاد: «ثمَّ يبتدىء،
فَيَتَعَوَّذُ، وَيَقُولُ:
أَعُوذُ بِالسَّمِيعِ الْعَلِيمِ أَوْ يَقُولُ: أَعُوذ
بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ [مِنْ الشَّيْطَانِ
الرَّجِيمِ «5» ) أَوْ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ أَنْ يَحْضُرُونِ.
لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ
فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ- فِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ: «قَالَ
اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (وَلَقَدْ)
__________
(1) هَذِه عبارَة الْأُم [ج 1 ص 86] ، وفى الأَصْل: «لَا يجزى
عَنهُ أَن يصلى صَلَاة إِلَّا بِأَن ينويها مصليها» . وَعبارَة
الْأُم أسلم وأوضح.
(2) بِالْأَصْلِ «فَلهَذَا» ، وَهُوَ خطأ وَاضح.
(3) زِيَادَة عَن الْأُم [ج 1 ص 92- 93] .
(4) زِيَادَة مَقْصُودَة قطعا.
(5) زِيَادَة مَقْصُودَة قطعا.
(1/62)
(آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي
وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ: 15- 87) . وَهِيَ: أُمُّ الْقُرْآنِ:
أَوَّلُهَا: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) » .
أَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ- فِي آخَرِينَ-
قَالُوا: أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ ابْن يَعْقُوبَ،
أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، أَنَا عَبْدُ
الْمَجِيدِ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبِي [عَنْ «1» ] سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ [فِي
قَوْلِهِ «2» ] : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي
وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) ، [قَالَ] : «هِيَ أُمُّ الْقُرْآنِ»
. قَالَ أَبِي:
«وَقَرَأَهَا عَلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، حَتَّى خَتَمَهَا،
ثُمَّ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
الْآيَةُ السَّابِعَةُ. قَالَ سَعِيدٌ: وَقَرَأَهَا علىّ ابْن
عَبَّاس، كَمَا قَرَأْتُهَا عَلَيْكَ، ثُمَّ قَالَ (بِسْمِ
اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الْآيَةُ السَّابِعَةُ. قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ: فَذَخَرَهَا [اللَّهُ «3» ] لَكُمْ، فَمَا
أَخْرَجَهَا لِأَحَدٍ قَبْلَكُمْ» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ- فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنْهُ:
«وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَفْعَلُهُ (يَعْنِي «4» :
يفْتَتح الْقِرَاءَة بِبسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.)
، وَيَقُولُ: انْتَزَعَ الشَّيْطَانُ مِنْهُمْ خَيْرَ آيَةٍ
فِي الْقُرْآنِ. وَكَانَ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ (صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَا يَعْرِفُ خَتْمَ السُّورَةِ،
حَتَّى تَنْزِلَ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) .»
.
__________
(1) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا، عَن [ج 1 ص 93] ومسند
الشَّافِعِي بِهَامِش الْأُم.
ص 53- 54]
(2) الزِّيَادَة للايضاح.
(3) زِيَادَة للايضاح، عَن السّنَن الْكُبْرَى للبيهقى [ج 2 ص
44] .
(4) الظَّاهِر: أَن هَذَا من كَلَام الْبَيْهَقِيّ رَحمَه
الله.
(1/63)
وَالَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ
قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)
أَنَا أَبُو سَعِيدٍ، أَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ [قَالَ
«1» ] «قَالَ اللَّهُ (تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِنَبِيِّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ
تَرْتِيلًا 73- 4) ، فَأَقَلُّ التَّرْتِيلِ: تَرْكُ
الْعَجَلَةِ فِي الْقُرْآنِ عَنْ الْإِبَانَةِ. وَكُلَّمَا «2»
زَادَ عَلَى أَقَلِّ الْإِبَانَةِ فِي الْقُرْآنِ، كَانَ
أَحَبَّ إلَيَّ: مَا لَمْ يَبْلُغْ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ
فِيهِ تَمْطِيطًا» .
قَرَأْتُ فِي كِتَابِ «الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ» - فِيمَا
رَوَاهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيّ، عَنْ الشَّافِعِيِّ
(رَحِمَهُ اللَّهُ) أَنَّهُ قَالَ، أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
فَرْضَ الْقِبْلَةِ بِمَكَّةَ، فَكَانَ يُصَلِّي فِي نَاحِيَةٍ
يَسْتَقْبِلُ مِنْهَا الْبَيْتَ [الْحَرَامَ] ، وَبَيْتُ
الْمَقْدِسِ، فَلَمَّا هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ، اسْتَقْبَلَ
بَيْتَ الْمَقْدِسِ، مُوَلِّيًا عَنْ الْبَيْت الْحَرَام سنة
عَشَرَ شَهْرًا-: وَهُوَ يُحِبُّ: لَوْ قَضَى اللَّهُ إلَيْهِ
بِاسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ. لِأَنَّ فِيهِ مَقَامُ
أَبِيهِ إبْرَاهِيمَ، وَإِسْمَاعِيلَ وَهُوَ: الْمَثَابَةُ
لِلنَّاسِ وَالْأَمْنُ، وَإِلَيْهِ الْحَجُّ وَهُوَ:
الْمَأْمُورُ بِهِ: أَنْ يُطَهَّرَ لِلطَّائِفِينَ،
وَالْعَاكِفِينَ، وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ. مَعَ كَرَاهِيَةِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا
وَافَقَ الْيَهُودَ فَقَالَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
«لَوَدِدْتُ أَنَّ رَبِّي صَرَفَنِي عَنْ قِبْلَةِ الْيَهُودِ
إلَى غَيْرِهَا» فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَلِلَّهِ
الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ. فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ
وَجْهُ اللَّهِ: 2- 115) .- يَعْنِي (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ،
فَثَمَّ الْوَجْهُ الَّذِي وَجَّهَكُمْ اللَّهُ إلَيْهِ «3»
فَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلنَّبِيِّ (صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) «يَا مُحَمَّدُ أَنَا عَبْدٌ
مَأْمُورٌ
__________
(1) الزِّيَادَة للايضاح
(2) كَذَا بِالْأُمِّ [ج 1 ص 95] وفى الأَصْل «وكل مَا» وَهُوَ
خطأ وَاضح إِلَّا أَن تكون «كلما» من الْكَلِمَات الَّتِي يَصح
كتَابَتهَا مُتَفَرِّقَة، مثل «حَيْثُمَا» ، و «كَيْفَمَا»
(3) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى للبيهقى [ج 2 ص 13] وَمَا
رَوَاهُ عَن مُجَاهِد فى تَفْسِير ذَلِك
(1/64)
قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ
وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً
تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ
مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ
(144)
مِثْلُكَ، لَا أَمْلِكُ شَيْئًا فَسَلْ
اللَّهَ» . فَسَأَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ) رَبَّهُ:
أَنْ يُوَجِّهَهُ إلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَصَعِدَ
جِبْرِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إلَى السَّمَاءِ فَجَعَلَ
النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يُدِيمُ
طَرَفَهُ إلَى السَّمَاءِ: رَجَاءَ أَنْ يَأْتِيَهُ جِبْرِيلُ
(عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِمَا سَأَلَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ: (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ
فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ
الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) «1» إلَى قَوْلِهِ: (فَلا تَخْشَوْهُمْ
وَاخْشَوْنِي: 2- 144- 150) .» .
«فِي قَوْلِهِ: (وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ
لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ 2- 144) ،
يُقَالُ: يَجِدُونَ- فِيمَا نَزَلَ عَلَيْهِمْ-: أَنَّ
النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ-:
مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمْ
السَّلَامُ:- يَخْرُجُ مِنْ الْحَرَمِ، وَتَعُودُ قِبْلَتُهُ
وَصَلَاتُهُ مَخْرَجَهُ. يَعْنِي «2» : الْحَرَمَ» .
وَفِي قَوْله تَعَالَى: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ
وَجْهَكَ شَطْرَ)
__________
(1) تَمام الْمَتْرُوك: (وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا
وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ
لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ
بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ،
وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ، وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ
قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ
مَا جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ
الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما
يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ، وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ
لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِنْ
رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ وَلِكُلٍّ
وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها. فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ
مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ
عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ
وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ
مِنْ رَبِّكَ. وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ
الْحَرامِ، وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ
شَطْرَهُ، لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ
إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) .
(2) هَذَا من كَلَام الشَّافِعِي رضى الله عَنهُ. [.....]
(1/65)
(الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ مَا
كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ
لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ: 2- 150) قِيلَ فِي ذَلِكَ
(وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) :
لَا تَسْتَقْبِلُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مِنْ الْمَدِينَةِ،
إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْتَدْبِرُونَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَإِنْ
جِئْتُمْ مِنْ جِهَةِ نَجْدٍ الْيَمَنِ- فَكُنْتُمْ
تَسْتَقْبِلُونَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ، وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ-:
اسْتَقْبَلْتُمْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ. لَا: أَنَّ
إرَادَتَكُمْ «1» : بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَإِنْ
اسْتَقْبَلْتُمُوهُ بِاسْتِقْبَالِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.
[وَ] «2» لَأَنْتُمْ كَذَلِكَ: تَسْتَقْبِلُونَ مَا دُونَهُ
[وَ] »
وَرَاءَهُ لَا إرَادَة أَنْ يَكُونَ قِبْلَةً، وَلَكِنَّهُ
جِهَةَ قِبْلَةٍ.» .
«وَقِيلَ: (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) :
فِي اسْتِقْبَالِ قِبْلَةِ غَيْرِكُمْ.» .
«وَقِيلَ: فِي تَحْوِيلِكُمْ عَنْ قِبْلَتِكُمْ الَّتِي
كُنْتُمْ عَلَيْهَا، إلَى غَيْرِهَا. وَهَذَا أَشْبَهُ مَا
قِيلَ فِيهَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) -: لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ: (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ
عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها) «4» إلَى قَوْله
تَعَالَى:
(مُسْتَقِيمٍ: 2- 142) . فَأَعْلَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ (صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : أَنْ لَا حُجَّةَ عَلَيْهِمْ فِي
التَّحْوِيلِ يَعْنِي: لَا يَتَكَلَّمُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ
بِشَيْءٍ، يُرِيدُ الْحُجَّةَ إلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا
مِنْهُمْ. لَا: أَنَّ لَهُمْ «5» حُجَّةً لِأَنَّ عَلَيْهِمْ
«6» أَنْ يَنْصَرِفُوا عَنْ قِبْلَتِهِمْ، إلَى الْقِبْلَةِ
الَّتِي أُمِرُوا بِهَا» .
__________
(1) أَي: قصدكم ووجهتكم، وفى الأَصْل: «أَرَادَ بكم» وَهُوَ
خطأ كَمَا يدل عَلَيْهِ الْكَلَام الْآتِي.
(2) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا.
(3) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا.
(4) تَمام الْمَتْرُوك: (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ
وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ) .
(5) أَي: الَّذين ظلمُوا.
(6) أَي: الرَّسُول وَمن مَعَه.
(1/66)
وَكَذَلِكَ
جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى
النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا
جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا
لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ
عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى
الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ
إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ
(143)
«وَفِي قَوْله تَعَالَى: (وَما جَعَلْنَا
الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ
يَتَّبِعُ الرَّسُولَ: 2- 143) لِقَوْلِهِ إلَّا لِنَعْلَمَ
أَنْ قَدْ عَلِمَهُمْ «1» مَنْ يَتَّبِعْ الرَّسُولَ وَعِلْمُ
اللَّهِ كَانَ- قَبْلَ اتِّبَاعِهِمْ وَبَعْدَهُ- سَوَاءً.» .
«وَقَدْ قَالَ الْمُسْلِمُونَ: فَكَيْفَ بِمَا مَضَى مِنْ
صَلَاتِنَا، وَمَنْ مَضَى مِنَّا؟.
فَأَعْلَمَهُمْ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) : أَنَّ صَلَاتَهُمْ
إيمَانٌ «2» فَقَالَ: (وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ
إِيمانَكُمْ) الْآيَةُ «3» » .
«وَيُقَالُ: إنَّ الْيَهُودَ قَالَتْ: الْبِرُّ فِي
اسْتِقْبَالِ الْمَغْرِبِ، وَقَالَتْ النَّصَارَى: الْبِرُّ
فِي اسْتِقْبَالِ الْمَشْرِقِ بِكُلِّ حَالٍ فَأَنْزَلَ
اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) فِيهِمْ:
(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ
الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ: 2- 177) .
يَعْنِي (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) : وَأَنْتُمْ مُشْرِكُونَ
لِأَنَّ الْبِرَّ لَا يُكْتَبُ لِمُشْرِكٍ.» .
«فَلَمَّا حَوَّلَ اللَّهُ رَسُولَهُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ) إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ-:
__________
(1) كَذَا بِالْأَصْلِ وَلم نعثر على مصدر آخر لهَذَا النَّص.
وَهُوَ: إِمَّا أَن يكون قد وَقع فِيهِ تَحْرِيف فَقَط، أَو
تَحْرِيف وَنقص. فعلى الِاحْتِمَال الثَّانِي، لَعَلَّ
الأَصْل: «قيل: فَقَوله:
(إِلَّا لنعلم) ، يعْنى: إِلَّا لِتَعْلَمُوا إِذْ قد علمهمْ»
. أَي: بِسَبَب تَحْويل الْقبْلَة. وَهَذَا الْمَعْنى مُوَافق
للْوَجْه الْمَشْهُور الَّذِي اخْتَارَهُ الطَّبَرِيّ فى
تَفْسِيره (ج 2 ص 9) ، وَالَّذِي صدر بِهِ الْفَخر الْوُجُوه
الَّتِي ذكرهَا، فى تَفْسِيره (ج 2 ص 11) . وعَلى الِاحْتِمَال
الأول. لَعَلَّ الأَصْل:
«قيل: إِلَّا لنعلم أَن قد علمْتُم.» . أَي: بِالْفِعْلِ.
وَهَذَا الْمَعْنى جمع بَين الْوَجْه الأول وَالْوَجْه
الثَّانِي الَّذِي ذكره الْفَخر. وعَلى كل: فَلَا يُمكن أَن
نطمئن إِلَى تَصْحِيح لهَذَا النَّص، أَو تَبْيِين للمعنى
المُرَاد مِنْهُ-: مَا دمنا لم نعثر لَهُ على مصدر آخر من
مؤلفات الشَّافِعِي (رضى الله عَنهُ) وَغَيره.
(2) أَي: لَا حرج عَلَيْهَا، وَلنْ يضيع ثَوَابهَا. انْظُر فتح
الْبَارِي (ج 1 ص 73) .
(3) تَمامهَا: (إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ: 2-
143) .
(1/67)
صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَكْثَرَ صَلَاتِهِ، مِمَّا يَلِي
الْبَابَ: مِنْ وَجْهِ الْكَعْبَةِ وَقَدْ صَلَّى مِنْ
وَرَائِهَا وَالنَّاسُ مَعَهُ: مُطِيفِينَ بِالْكَعْبَةِ،
مُسْتَقْبِلِيهَا كُلَّهَا، مُسْتَدْبِرِينَ مَا وَرَاءَهَا:
مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.»
«قَالَ: وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ
الْمَسْجِدِ الْحَرامِ: 2- 144 وَ 150) ، فَشَطْرُهُ
وَتِلْقَاؤُهُ وَجِهَتُهُ: وَاحِدٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ.» .
«1»
وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِبَعْضِ مَا فِي كِتَابِ الرِّسَالَةِ
«2» .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ
اللَّهُ) ، قَالَ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
(وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ
الْحَرامِ، وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ
شَطْرَهُ: 2- 150) . فَفَرَضَ عَلَيْهِمْ حَيْثُ مَا كَانُوا:
أَنْ يُوَلُّوا وُجُوههم شطره. و «شَطْرَهُ» : جِهَتُهُ فِي
كَلَامِ الْعَرَبِ. إذَا قُلْتَ: «أَقْصِدُ شَطْرَ كَذَا» :
مَعْرُوفٌ «3» أَنَّكَ تَقُولُ: «أَقْصِدُ قَصْدَ «4» عَيْنِ
«5» كَذَا» يَعْنِي «6» : قَصْدَ «7» نَفْسِ كَذَا.
وَكَذَلِكَ: «تِلْقَاءَهُ وَجِهَتَهُ «8» » ، أَيْ:
أَسْتَقْبِلُ
__________
(1) إِلَى هُنَا انْتهى مَا نَقله الْبَيْهَقِيّ عَن
الْمُخْتَصر الْكَبِير للمزنى.
(2) ص 34- 38 مِمَّا ذكره الْبَيْهَقِيّ عَقِيبه.
(3) أَي: فمعروف. فَهُوَ جَوَاب الشَّرْط.
(4) أَي: نَحْو وجهة، فَهُوَ اسْم لَا مصدر. انْظُر تَفْسِير
الطَّبَرِيّ (ج 2 ص 13) وَاللِّسَان وَالْمُخْتَار (مَادَّة:
قصد) .
(5) فى الأَصْل: «غير» . وَهُوَ تَحْرِيف من النَّاسِخ.
والتصحيح مِمَّا سيأتى بعد وَمن الرسَالَة (ص 34) . [.....]
(6) كَذَا بالرسالة وفى الأَصْل: «بِمَعْنى» .
(7) أَي: نَحْو وجهة، فَهُوَ اسْم لَا مصدر. انْظُر تَفْسِير
الطَّبَرِيّ (ج 2 ص 13) وَاللِّسَان وَالْمُخْتَار (مَادَّة:
قصد) .
(8) كَذَا بِالْأَصْلِ وَبَعض نسخ الرسَالَة أَي: وَكَذَلِكَ
تَقول: قصدت تلقاءه وجهته.
- بِدَلِيل تَفْسِير الشَّافِعِي إِيَّاه عَقِيبه. وَإِذن:
فَلَا خطأ فى زِيَادَة الْوَاو فى قَوْله «وجهته» ، وَإِن
خَالَفت نُسْخَة الرّبيع الَّتِي خلت من الْوَاو. إِذْ لَيست
معصومة من الْخَطَأ.
(1/68)
تِلْقَاءَهُ وَجِهَتَهُ. وَكُلُّهَا «1»
بِمَعْنًى وَاحِدٍ: وَإِنْ كَانَتْ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ.
قَالَ خُفَافُ بْنُ نُدْبَةَ:
أَلَا مَنْ مُبْلِغٌ عَمْرًا رَسُولًا وَمَا تُغْنِي
الرِّسَالَةُ شَطْرَ عَمْرِو وَقَالَ سَاعِدَة بن جؤيّة:
أَقُولُ لِأُمِّ زِنْبَاعٍ: أَقِيمِي صُدُورَ الْعِيسِ، شَطْرَ
بَنِي تَمِيمِ وَقَالَ لَقِيطٌ الْإِيَادِيُّ «2» :
وَقَدْ أَظَلَّكُمْ مِنْ شَطْرِ ثَغْرِكُمْ هَوْلٌ لَهُ ظُلَمٌ
تَغْشَاكُمْ قِطَعًا وَقَالَ الشَّاعِر:
إنَّ الْعَسِيبَ بِهَا دَاءٌ «3» مُخَامِرُهَا فَشَطْرَهَا
بَصَرُ الْعَيْنَيْنِ مَسْحُورُ قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ
اللَّهُ) : يُرِيدُ: [تِلْقَاءَهَا] «4» بَصَرُ الْعَيْنَيْنِ
وَنَحْوَهَا-:
تِلْقَاءَ «5» جِهَتِهَا.» . وَهَذَا كُلُّهُ- مَعَ غَيْرِهِ
مِنْ أَشْعَارِهِمْ- يُبَيِّنُ: أَنَّ شَطْرَ الشَّيْءِ:
قَصْدُ عَيْنِ الشَّيْءِ: إذَا كَانَ مُعَايَنًا:
فَبِالصَّوَابِ وَإِنْ «6» كَانَ
__________
(1) فى الرسَالَة: «وَإِن كلهَا» .
(2) فى عينيته الْمَشْهُورَة الَّتِي أنذر بهَا قومه غَزْو
كسْرَى إيَّاهُم، وَالَّتِي صدر بهَا ابْن الشجري مختاراته
الْقيمَة.
(3) كَذَا بِبَعْض نسخ الرسَالَة وفى الأَصْل: «هَذَا مخامرها»
، وَهُوَ تَحْرِيف مخل بِالْمَعْنَى وَالْوَزْن. وَقد وَقع فى
رِوَايَة هَذَا الْبَيْت اخْتِلَاف كَبِير، فَارْجِع إِلَى مَا
كتبه الشَّيْخ شَاكر خَاصّا بِهِ، فِيمَا علقه عَليّ الرسَالَة
(ص 36- 37 و487- 488) فَإِنَّهُ مُفِيد.
(4) زِيَادَة عَن الرسَالَة (ص 37) .
(5) هَذَا بدل من «تلقاءها» الْمُتَقَدّم. لبَيَان أَن
الضَّمِير عَائِد إِلَى جِهَة العسيب.
(6) فى الرسَالَة. «وَإِذا» .
(1/69)
مُغَيَّبًا: فَبِالِاجْتِهَادِ
وَالتَّوَجُّهِ «1» إلَيْهِ. وَذَلِكَ: أَكْثَرُ مَا
يُمْكِنُهُ فِيهِ.»
«وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ
النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ
وَالْبَحْرِ: 6- 97) وَقَالَ تَعَالَى: (وَعَلاماتٍ
وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ: 16- 16) .
فَخَلَقَ اللَّهُ لَهُمْ الْعَلَامَاتِ، وَنَصَبَ لَهُمْ
الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَأمرهمْ: أَن أَنْ يَتَوَجَّهُوا
إلَيْهِ. وَإِنَّمَا تَوَجُّهُهُمْ إلَيْهِ: بِالْعَلَامَاتِ
الَّتِي خَلَقَ لَهُمْ، وَالْعُقُولِ الَّتِي رَكَّبَهَا
فِيهِمْ: الَّتِي اسْتَدَلُّوا بِهَا عَلَى مَعْرِفَةِ
الْعَلَامَاتِ. وَكُلُّ هَذَا: بَيَانٌ وَنِعْمَةٌ مِنْهُ
جَلَّ ثَنَاؤُهُ» . «2»
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَوَجَّهَ اللَّهُ رَسُولَهُ (صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) - إلَى الْقِبْلَةِ «3» فِي
الصَّلَاةِ- إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَكَانَتْ الْقِبْلَةُ
الَّتِي لَا يَحِلُّ- قَبْلَ نَسْخِهَا- اسْتِقْبَالُ
غَيْرِهَا. ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ قِبْلَةَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ،
[وَ] «4» وَجَّهَهُ إلَى الْبَيْتِ.
[فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ اسْتِقْبَالُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ
أَبَدًا لِمَكْتُوبَةٍ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يَسْتَقْبِلَ
غَيْرَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ «5» ] . وَكُلٌّ كَانَ حَقًّا فِي
وَقْتِهِ» . وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ «6» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، أَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، أَنَا
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ، قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ
__________
(1) فى الرسَالَة: «بالتوجه» وَهُوَ أظهر وَإِن كَانَ لَا فرق
من حَيْثُ الْمَعْنى.
(2) انْظُر الرسَالَة (ص 38) ، وَالأُم (ج 1 ص 80- 81) : وفى
عبارَة الْأُم اخْتِلَاف وَزِيَادَة.
(3) فى الرسَالَة (ص 121) : «للْقبْلَة» .
(4) زِيَادَة عَن الرسَالَة ص 122) .
(5) زِيَادَة عَن الرسَالَة ص 122) . [.....]
(6) فَلْينْظر فى الرسَالَة (ص 122- 125) .
(1/70)
إِنَّ اللَّهَ
وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
(56)
الْعَبْدُ مِنْ «1» اللَّهِ: إذَا كَانَ
سَاجِدًا أَلَمْ تَرَ إلَى قَوْلِهِ: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ:
96- 19) ؟» . يَعْنِي: افْعَلْ وَاقْرُبْ «2» . قَالَ
الشَّافِعِيُّ: «وَيُشْبِهُ مَا قَالَ مُجَاهِدٌ (وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ) مَا قَالَ «3» » .
فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنْهُ- فِي قَوْله تَعَالَى:
(يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً: 17- 107) .-: قَالَ
الشَّافِعِيُّ: «وَاحْتَمَلَ السُّجُودَ: أَنْ يَخِرَّ:
وَذَقَنُهُ- إذَا خَرَّ- تَلِيَ الْأَرْضَ ثُمَّ يَكُونُ
سُجُودُ [هـ] عَلَى غَيْرِ الذَّقَنِ» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، أَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«فَرَضَ اللَّهُ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِهِ
(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ
وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ، يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً:
33- 56) . فَلَمْ يَكُنْ فَرْضُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي
مَوْضِعٍ، أَوْلَى مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ وَوَجَدْنَا
الدَّلَالَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ
__________
(1) كَذَا بِالْأُمِّ (ج 1 ص 100) ومسند الشَّافِعِي (ص 14)
أَو بِهَامِش الْأُم (ج 6 ص 62) وترتيب مُسْند الشَّافِعِي (ج
1 ص 93) وبالأصل: إِلَى» .
(2) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الْمسند اقْتصر على كَلَام مُجَاهِد،
وَلم يذكر تَفْسِير الشَّافِعِي للاية الْكَرِيمَة، الَّذِي
أَرَادَ بِهِ أَن يبين: أَن الْقرب من الله لَازم للسُّجُود
لَهُ. وَعبارَة الأَصْل وترتيب الْمسند: «ألم تَرَ إِلَى
قَوْله: افْعَل واقترب يعْنى: اسجد واقترب.» . وَلَعَلَّ
الصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ: إِذْ يبعد أَن يكون مُجَاهِد قد
تحاشى التَّلَفُّظ بِنَصّ الْآيَة الْكَرِيمَة لعذر مَا وَلَو
سلمنَا ذَلِك لما كَانَ هُنَاكَ معنى لِأَن يتحاشاه من رووا
كَلَامه.
(3) يعْنى: مَا قَالَه النَّبِي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ) : مِمَّا أثْبته الشَّافِعِي- فى الْأُم- قبل أثر
مُجَاهِد، وَلم يذكرهُ الْبَيْهَقِيّ هُنَا-: من قَوْله فى
حَدِيث ابْن عَبَّاس: «وَأما السُّجُود فاجتهدوا فِيهِ من
الدُّعَاء فقمن: أَن يُسْتَجَاب لكم.» . وَقد أخرج
الْبَيْهَقِيّ هَذَا الحَدِيث فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 2 ص
110) .
(1/71)
(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ،
[بِمَا وَصَفْتُ: مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «1» ] فَرْضٌ فِي الصَّلَاةِ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ» . فَذَكَرَ حَدِيثَيْنِ: ذَكَرْنَاهُمَا
فِي كِتَابِ (الْمَعْرِفَةِ) .
(وَأَنَا) أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ
الْأَصْبَهَانِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) ، أَنَا أَبُو سَعِيدِ
ابْن الْأَعْرَابِيِّ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الزَّعْفَرَانِيُّ، نَا مُحَمَّدُ «2» بْنُ إدْرِيسَ
الشَّافِعِيُّ قَالَ: «أَنَا مَالِكٌ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ-: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ- وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ
زَيْدٍ هُوَ: الَّذِي [كَانَ] «3» أُرِيَ «4» النِّدَاءَ
بِالصَّلَاةِ.-
أَخْبَرَهُ «5» ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ،
أَنَّهُ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ،
فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ: أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ
نصلّى عَلَيْك بانبىّ اللَّهِ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟.
فَسَكَتَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ،
حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ. فَقَالَ «6»
رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :
قُولُوا: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ
مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتُ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى
مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتُ عَلَى
إبْرَاهِيمَ «7» ، فِي الْعَالَمِينَ، إنَّكَ حَمِيدٌ
مَجِيدٌ.» .
__________
(1) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا. عَن الْأُم (ج 1 ص 102) .
(2) فى السّنَن الْكُبْرَى للبيهقى (ج 2 ص 146) : «عبد الله بن
نَافِع» ، وَلَا ذكر للشافعى فى الْإِسْنَاد. فَمَا هُنَا
طَرِيق آخر للزعفرانى عَن الشَّافِعِي:
(3) زِيَادَة عَن السّنَن الْكُبْرَى.
(4) أَي: أرَاهُ الله الْأَذَان- فى الْمَنَام- قبيل تشريعه،
كَمَا هُوَ مَشْهُور.
(5) هَذَا القَوْل كَانَ فى الأَصْل مُتَقَدما على قَوْله
«وَعبد الله» ، وَالتَّعْدِيل عَن السّنَن الْكُبْرَى.
(6) عبارَة السّنَن الْكُبْرَى: «ثمَّ قَالَ» وهى أحسن.
(7) فى الأَصْل: «على آل ابراهيم» ، والتصحيح عَن السّنَن
الْكُبْرَى، ثمَّ إِن فرق الْبَيْهَقِيّ فِيهَا- بَين هَذِه
الرِّوَايَة وَرِوَايَة مُسلم الَّتِي أَثْبَتَت لفظ الْآل،
يُؤَيّد هَذَا التَّصْحِيح.
(1/72)
وَرَوَاهُ الْمُزَنِيّ وَحَرْمَلَةُ عَنْ
الشَّافِعِيِّ، وَزَادَ فِيهِ: «وَالسَّلَامُ كَمَا [قَدْ]
عَلِمْتُمْ «1» » . وَفِي هَذَا: إشَارَةٌ إلَى السَّلَامِ
الَّذِي فِي التَّشَهُّدِ، عَلَى النَّبِيِّ «2» (صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَذَلِكَ: فِي الصَّلَاةِ. فَيُشْبِهُ «3»
: أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ الَّتِي أَمَرَ بِهَا (عَلَيْهِ
السَّلَامُ) - أَيْضًا- فِي الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) - فِي رِوَايَةِ
حَرْمَلَةَ-: «وَاَلَّذِي أَذْهَبُ إلَيْهِ- مِنْ هَذَا-:
حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنْ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) . وَإِنَّمَا ذَهَبْتُ إلَيْهِ: لِأَنِّي
رَأَيْتُ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) ذَكَرَ ابْتِدَاءَ صَلَاتِهِ
عَلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، وَأَمَرَ
الْمُؤْمِنِينَ بِهَا فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ
يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً: 33- 56) وَذَكَرَ
صَفْوَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ، فَأَعْلَمَ: أَنَّهُمْ
أَنْبِيَاؤُهُ ثُمَّ ذَكَرَ صَفْوَتَهُ مِنْ آلِهِمْ «4»
فَذَكَرَ: أَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ أَنْبِيَائِهِ فَقَالَ:
(إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ
وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ: 3- 33) . وَكَانَ حَدِيثُ
أَبِي مَسْعُود-:
أَنَّ ذِكْرَ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ.-
يُشْبِهُ عِنْدَنَا لِمَعْنَى الْكِتَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنِّي لَأُحِبُّ: أَنْ يَدْخُلَ-
مَعَ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) -
__________
(1) الزِّيَادَة عَن السّنَن الْكُبْرَى وَالْمَجْمُوع للنووى
(ج 3 ص 464) .
(2) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج 2 ص 147) .
(3) فى الأَصْل: «فَيسنّ» ، وَهُوَ خطأ: كَمَا يدل عَلَيْهِ
كَلَام الشَّافِعِي السَّابِق، وَكَلَامه الَّذِي ذكره بعد
ذَلِك، وَلم يَنْقُلهُ الْبَيْهَقِيّ هُنَا. انْظُر الْأُم (ج
1 ص 102) ، [.....]
(4) فى الأَصْل: «ثمَّ ذكر صفوته قُلُوبهم» ، وَهُوَ خطأ
وَاضح.
(1/73)
أَزْوَاجُهُ وَذُرِّيَّتُهُ حَتَّى يَكُونَ
قَدْ أَتَى مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ «1» .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) : وَاخْتَلَفَ
النَّاسُ فِي آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
«2» ) فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ: آلُ مُحَمَّدٍ: أَهْلُ دِينِ
مُحَمَّدٍ «3» . وَمَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ، أَشْبَهَ
أَنْ يَقُولَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنُوحٍ: (احْمِلْ فِيها
مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ: 11- 40) وَحَكَى
[فَقَالَ] «4» (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ
الْحَقُّ، وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ قالَ يَا نُوحُ
إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ)
الْآيَةُ «5» . [فَأَخْرَجَهُ بِالشِّرْكِ عَنْ أَنْ يَكُونَ
مِنْ أَهْلِ نُوحٍ] «6» .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ «7» : وَاَلَّذِي نَذْهَبُ إلَيْهِ فِي
مَعْنَى [هَذِهِ «8» ] الْآيَةِ: أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ (عَزَّ
وَجَلَّ) : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) يَعْنِي الَّذِينَ
«9» أَمَرْنَا [ك] «10» بِحَمْلِهِمْ مَعَكَ. (فَإِنْ قَالَ
قَائِلٌ) : وَمَا دَلَّ عَلَى مَا وَصَفْتُ؟. (قِيلَ) : قَالَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ
عَلَيْهِ الْقَوْلُ: 11- 40) فَأَعْلَمَهُ «11» أَنَّهُ
أَمَرَهُ: بِأَنْ يَحْمِلَ مِنْ أَهْلِهِ، مَنْ لَمْ يَسْبِقْ
عَلَيْهِ الْقَوْلُ: أَنَّهُ «12» أَهْلُ مَعْصِيَةٍ
__________
(1) انْظُر فى ذَلِك السّنَن الْكُبْرَى (ج 2 ص 150) .
(2) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج 2 ص 151- 152) وَالْمَجْمُوع
(ج 3 ص 466) .
(3) انْظُر فى الْمَجْمُوع (ج 3 ص 466) مَا احْتج بِهِ
أَصْحَاب هَذَا الْمَذْهَب، غير مَا ذكر هُنَا.
(4) زِيَادَة للايضاح، وَعبارَة السّنَن الْكُبْرَى (ج 2 ص
152) وَالْمَجْمُوع (ج 3 ص 466) : «وَقَالَ إِن ابْني» ، وَلَا
ذكر فيهمَا لقَوْله: «وَحكى» .
(5) تَمامهَا: (فَلا تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) 11- 45- 46)
.
(6) الزِّيَادَة عَن السّنَن الْكُبْرَى وَالْمَجْمُوع.
(7) أَي جَوَابا عَن ذَلِك، انْظُر السّنَن الْكُبْرَى
وَالْمَجْمُوع.
(8) زِيَادَة عَن السّنَن الْكُبْرَى
(9) كَذَا بالسنن الْكُبْرَى وفى الأَصْل وَالْمَجْمُوع (ج 3 ص
467) : «الَّذِي» .
(10) زِيَادَة عَن الْمَجْمُوع.
(11) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالْمَجْمُوع وفى السّنَن الْكُبْرَى
«فأعلمهم» وَهُوَ تَحْرِيف.
(12) بِالْأَصْلِ وَالسّنَن الْكُبْرَى: «من» وَهُوَ خطأ
ظَاهر، وَيدل على ذَلِك أَن عبارَة الْمَجْمُوع- وهى منقولة
عَن السّنَن الْكُبْرَى- هَكَذَا: «أَنه أمره أَن لَا يحمل من
أَهله من سبق عَلَيْهِ القَوْل من أهل مَعْصِيَته» .
(1/74)
ثُمَّ بَيَّنَ لَهُ فَقَالَ: (إِنَّهُ
عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ.) .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ قَائِلٌ: آلُ مُحَمَّدٍ:
أَزْوَاجُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ «1» (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ) . فَكَأَنَّهُ ذَهَبَ: إلَى أَنَّ الرَّجُلَ
يُقَالُ لَهُ: أَلَكَ أَهْلٌ؟ «2» فَيَقُولُ:
لَا وَإِنَّمَا يَعْنِي: لَيْسَتْ لِي زَوْجَةٌ.»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ «3» : وَهَذَا مَعْنًى يَحْتَمِلُهُ
اللِّسَانُ وَلَكِنَّهُ مَعْنَى كَلَامٍ لَا يُعْرَفُ، إلَّا
أَنْ يَكُونَ لَهُ سَبَبُ «4» كَلَامٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ.
وَذَلِكَ: أَنْ يُقَالَ لِلرَّجُلِ: تَزَوَّجْتَ؟ فَيَقُولُ:
مَا تَأَهَّلْتُ «5» فَيُعْرَفُ- بِأَوَّلِ الْكَلَامِ-
أَنَّهُ أَرَادَ: تَزَوَّجْتَ أَوْ يَقُولُ الرَّجُلُ:
أَجْنَبْتُ مِنْ أَهْلِي فَيُعْرَفُ: أَنَّ الْجَنَابَةَ
إنَّمَا تَكُونُ مِنْ الزَّوْجَةِ. فَأَمَّا أَنْ يَبْدَأَ
الرَّجُلُ- فَيَقُولُ: أَهْلِي بِبَلَدِ كَذَا، أَوْ أَنَا
أَزُورُ أَهْلِي، وَأَنَا عَزِيزُ الْأَهْلِ، وَأَنَا كَرِيمُ
الْأَهْلِ.-: فَإِنَّمَا يَذْهَبُ النَّاسُ فِي هَذَا: إلَى
أَهْلِ الْبَيْتِ.»
«وَذَهَبَ ذَاهِبُونَ: إلَى أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : قَرَابَةُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : الَّتِي يَنْفَرِدُ بِهَا «6» دُونَ
غَيْرِهَا: مِنْ قَرَابَتِهِ «7» .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ «8» (رَحِمَهُ اللَّهُ) : وَإِذَا عُدَّ
[مِنْ «9» ] آلِ الرَّجُلِ: وَلَدُهُ
__________
(1) انْظُر مَا يدل لذَلِك فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 2 ص 150)
. [.....]
(2) فى الأَصْل: «أَلَك أهلك» .
(3) أَي: جَوَابا عَن ذَلِك.
(4) كَذَا بِالْأَصْلِ، وَلَعَلَّ الْأَصَح: «سَابق» ، وعَلى
كل فَالْمُرَاد:
أَن يكون لَهُ قرينَة تدل عَلَيْهِ.
(5) فى الأَصْل: «أَن يَقُول الرجل: تزوجت، فَيُقَال: مَا
تأهلت» وَلَعَلَّ الصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ.
(6) انْظُر الْمَجْمُوع (ج 3 ص 466) ، وَمَا يدل لذَلِك فى
السّنَن الْكُبْرَى (ج 2 ص 148- 149) .
(7) أَي الَّتِي لَا ينْفَرد بهَا.
(8) جَوَابا عَن ذَلِك، وبيانا للْمَذْهَب الْمُخْتَار عِنْده
فى آل مُحَمَّد: من أَنهم بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب، انْظُر
الْمَجْمُوع (ج 3 ص 466) ، وَالأُم (ج 2 ص 69) .
(9) هَذِه الزِّيَادَة أولى من تَركهَا.
(1/75)
الَّذِينَ إلَيْهِ نَسَبُهُمْ وَمَنْ
يَأْوِيه «1» بَيْتُهُ: مِنْ زَوْجِهِ أَوْ مَمْلُوكِهِ أَوْ
مَوْلًى أَوْ أَحَدٍ ضَمَّهُ عِيَالُهُ وَكَانَ هَذَا فِي
بَعْضِ قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ، دُونَ قَرَابَتِهِ
مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ وَكَانَ يَجْمَعُهُ قَرَابَةٌ فِي بَعْضِ
«2» قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ، دُونَ بَعْضٍ.-:
فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُسْتَعْمَلَ عَلَى مَا أَرَادَ اللَّهُ
(عَزَّ وَجَلَّ) مِنْ هَذَا «3» ، ثُمَّ رَسُولُ اللَّهِ
(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إلَّا بِسُنَّةِ رَسُولِ
اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : «إنَّ
الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ، وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ
وَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْنَا الصَّدَقَةَ، وَعَوَّضَنَا
مِنْهَا الْخُمْسَ» دَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ:
الَّذِينَ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةَ،
وَعَوَّضَهُمْ مِنْهَا الْخُمْسَ. «وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ: (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ
لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى: 8- 41) .
فَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ
(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : «إنَّ الصَّدَقَةَ لَا
تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ، وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ» وَكَانَ
الدَّلِيلُ عَلَيْهِ: أَنْ لَا يُوجَدَ أَمْرٌ يَقْطَعُ
الْعَنَتَ، وَيَلْزَمُ أَهْلَ الْعِلْمِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)
إلَّا الْخَبَرَ «4» عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) . فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى
نَبِيِّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : أَنْ يُؤْتِيَ
ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَأَعْلَمَهُ: أَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ
وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى فَأَعْطَى سَهْمَ ذِي
الْقُرْبَى، فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ-:
دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ أَعْطَاهُمْ رَسُولُ
اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الْخُمْسَ، هُمْ:
__________
(1) من «أَوَى» الثلاثي، وَهُوَ يسْتَعْمل لَازِما ومتعديا،
أما «آوى» الرباعي:
فَلَا يسْتَعْمل إِلَّا مُتَعَدِّيا على الصَّحِيح، انْظُر
الْمِصْبَاح (مَادَّة: أَوَى.) .
(2) فى الأَصْل: «وَكَانَ يجمعه قرَابَته وفى بعض» ، وَلَعَلَّ
مَا أثبتنا هُوَ الصَّحِيح فَلْيتَأَمَّل.
(3) أَي: من لفظ «آل مُحَمَّد» الَّذِي ورد فى الحَدِيث
الْمُتَقَدّم.
(4) فى الأَصْل: «بالْخبر» .
(1/76)
وَإِذَا قُرِئَ
الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ (204)
الْ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ أَمَرَ رَسُولُ
اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِالصَّلَاةِ
عَلَيْهِمْ مَعَهُ، وَاَلَّذِينَ اصْطَفَاهُمْ مِنْ خَلْقِهِ،
بَعْد نَبِيِّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .
فَإِنَّهُ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً
وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ: 3- 33)
، فَاعْلَمْ: أَنَّهُ اصْطَفَى الْأَنْبِيَاءَ (صَلَوَاتُ
اللَّهِ عَلَيْهِمْ) ، [وَآلِهِمْ] «1» .» .
قَالَ الشَّيْخُ (رَحِمَهُ اللَّهُ) : قَرَأْتُ فِي كِتَابِ
الْقَدِيمِ (رِوَايَةَ الزَّعْفَرَانِيِّ، عَنْ الشَّافِعِيِّ)
- فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ
فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا: 7- 204) .-: «فَهَذَا-
عِنْدَنَا-: عَلَى الْقِرَاءَةِ الَّتِي تُسْمَعُ خَاصَّةً؟
فَكَيْفَ يُنْصَتُ لِمَا لَا يُسْمَعُ؟!» .
وَهَذَا «2» : قَوْلٌ كَانَ يَذْهَبُ إلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعَ
عَنْهُ فِي آخِرِ عُمْرِهِ «3» ، وَقَالَ:
«يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فِي نَفْسِهِ، فِي سَكْتَةِ
الْإِمَامِ» . قَالَ أَصْحَابُنَا:
«لِيَكُونَ جَامِعًا بَيْنَ الِاسْتِمَاعِ، وَبَيْنَ قِرَاءَةِ
الْفَاتِحَةِ بِالسُّنَّةِ «4» » «وَإِنْ «5» قَرَأَ مَعَ
الْإِمَامِ، وَلَمْ يَرْفَعْ بِهَا صَوْتَهُ-: لَمْ تَمْنَعْهُ
قِرَاءَتُهُ فِي نَفْسِهِ، مِنْ الِاسْتِمَاعِ لِقِرَاءَةِ
إمَامِهِ. فَإِنَّمَا أُمِرْنَا: بِالْإِنْصَاتِ عَنْ
الْكَلَامِ، وَمَا لَا يَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ.» .
وَهُوَ مَذْكُورٌ بِدَلَائِلِهِ، فِي غَيْرِ هَذَا
الْمَوْضِعِ.
__________
(1) زِيَادَة: يقتضيها الْمقَام.
(2) قَوْله: «وَهَذَا» إِلَخ الظَّاهِر أَنه من كَلَام
الْبَيْهَقِيّ لَا الزَّعْفَرَانِي. [.....]
(3) انْظُر مُخْتَصر الْمُزنِيّ بِهَامِش الْأُم (ج 1 ص 76) .
(4) أَي عملا بِالسنةِ الَّتِي أوجبت الْقِرَاءَة على كل من
يصلى.
(5) قَوْله: «وَإِن إِلَخ» ، الظَّاهِر أَنه من كَلَام
الشَّافِعِي لَا الْأَصْحَاب، وَيكون قَوْله: «قَالَ
أَصْحَابنَا» إِلَخ، كلَاما مُعْتَرضًا للتَّعْلِيل للْكَلَام
السَّابِق.
(1/77)
حَافِظُوا عَلَى
الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ
قَانِتِينَ (238)
وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ السُّنَنِ
(رِوَايَةَ حَرْمَلَةَ، عَنْ الشَّافِعِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ)
:
قَالَ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (وَقُومُوا
لِلَّهِ قانِتِينَ: 2- 238) . قَالَ الشَّافِعِيُّ:
مَنْ خُوطِبَ بِالْقُنُوتِ مُطْلَقًا «1» ، ذَهَبَ: إلَى
أَنَّهُ: قِيَامٌ فِي الصَّلَاةِ. وَذَلِكَ:
أَنَّ الْقُنُوتَ: قِيَامٌ لِمَعْنَى طَاعَةِ اللَّهِ (عَزَّ
وَجَلَّ) وَإِذَا كَانَ هَكَذَا: فَهُوَ مَوْضِعُ كَفٍّ عَنْ
قِرَاءَةٍ وَإِذَا كَانَ هَكَذَا، أَشْبَهَ: أَنْ يَكُونَ
قِيَامًا- فِي صَلَاةٍ- لِدُعَاءٍ، لَا قِرَاءَةٍ. فَهَذَا
أَظْهَرُ مَعَانِيه، وَعَلَيْهِ دَلَالَةُ السُّنَّةِ وَهُوَ
أولى الْمعَانِي أَنْ يُقَالَ بِهِ، عِنْدِي وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ.»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) : وَقَدْ يَحْتَمِلُ
الْقُنُوتُ: الْقِيَامَ كُلَّهُ فِي الصَّلَاةِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: «قِيلَ: أَيُّ
الصَّلَاةِ؟ قَالَ: طُولُ الْقُنُوت.» .
وَقَالَ طَاوس: الْقُنُوتِ، طَاعَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ «2»
.» .
«وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) : وَمَا وَصَفْتُ-:
مِنْ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ.- أَوْلَى الْمَعَانِي بِهِ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.»
«قَالَ: فَلَمَّا كَانَ الْقُنُوتُ بَعْضَ الْقِيَامِ، دُونَ
بَعْضٍ-: لَمْ يَجُزْ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَنْ يَكُونَ
إلَّا مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ: مِنْ الْقُنُوتِ
لِلدُّعَاءِ «3» ، دُونَ الْقِرَاءَةِ» .
«قَالَ: وَاحْتَمَلَ قَوْلُ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) :
(وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) : قَانِتِينَ
__________
(1) أَي من سُئِلَ- من أهل اللُّغَة- عَن معنى لفظ الْقُنُوت
من حَيْثُ هُوَ بِقطع النّظر عَن وُرُوده فى كَلَام الشَّارِع
وَكَونه مَأْمُورا بِهِ، وَعَما ورد فى السّنة من بَيَان
المُرَاد مِنْهُ.
(2) انْظُر الْآثَار الَّتِي أوردهَا فى ذَلِك الطَّبَرِيّ فى
تَفْسِيره (ج 2 ص 352- 353)
(3) انْظُر فتح الْبَارِي (ج 2 ص 334) . وَانْظُر الْمعَانِي
الَّتِي يسْتَعْمل فِيهَا لفظ الْقُنُوت، فى (ص 335) مِنْهُ
(1/78)
فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا، وَفِي بَعْضِهَا
دُونَ بَعْضٍ. فَلَمَّا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ تَرَكَ الْقُنُوتَ
فِي بَعْضِهَا «1» وَحُفِظَ عَنْهُ الْقُنُوتُ فِي الصُّبْحِ
بِخَاصَّةٍ «2» -: دَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ
اللَّهُ أَرَادَ بِالْقُنُوتِ: الْقُنُوتَ فِي الصَّلَاةِ
فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ خَاصًّا.» .
«وَاحْتَمَلَ: أَنْ يَكُونَ فِي الصَّلَوَاتِ، فِي
النَّازِلَةِ. وَاحْتَمَلَ طُولُ الْقُنُوتِ:
طُولَ الْقِيَامِ. وَاحْتَمَلَ الْقُنُوتُ: طَاعَةَ اللَّهِ
وَاحْتَمَلَ السُّكَاتَ «3» .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَلَا أُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْقُنُوتِ
فى الصُّبْح، سَأَلَ: لِأَنَّهُ إنْ كَانَ اخْتِيَارًا «4»
مِنْ اللَّهِ وَمِنْ رَسُولِهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ) : لَمْ أُرَخِّصْ فِي تَرْكِ الِاخْتِيَارِ وَإِنْ
كَانَ فَرْضًا: كَانَ مِمَّا «5» لَا يَتَبَيَّنُ تَرْكُهُ
وَلَوْ تَرَكَهُ تَارِكٌ:
كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ «6» كَمَا يَكُونُ
ذَلِكَ عَلَيْهِ: لَوْ تَرَكَ الْجُلُوسَ فِي شَيْءٍ.» .
قَالَ الشَّيْخُ- فِي قَوْلِهِ: «احْتَمَلَ السُّكَاتَ» .-:
أَرَادَ: السُّكُوتَ عَنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ وَقَدْ
رُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: «أَنَّهُمْ كَانُوا
يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاةِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
قَالَ: فَنُهِينَا عَنْ الْكَلَامِ، وَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ
«7» » .
__________
(1) رَاجع فى ذَلِك اخْتِلَاف الحَدِيث بِهَامِش الْأُم (ج 7 ص
285- 287) ، وَالأُم (ج 7 ص 129 و231) ، وَالسّنَن الْكُبْرَى
(ج 2 ص 200- 201) .
(2) رَاجع فى ذَلِك اخْتِلَاف الحَدِيث بِهَامِش الْأُم (ج 7 ص
285- 287) ، وَالأُم (ج 7 ص 129 و231) ، وَالسّنَن الْكُبْرَى
(ج 2 ص 200- 201) .
(3) انْظُر الْأَحَادِيث والْآثَار الَّتِي أوردهَا فى ذَلِك
الطَّبَرِيّ فى تَفْسِيره (ج 2 ص 353- 354) .
(4) أَي: مَنْدُوبًا
(5) فى الأَصْل «مَا» .
(6) قَالَ فى الْأُم (ج 1 ص 116) «لِأَنَّهُ من عمل الصَّلَاة
وَقد تَركه» .
(7) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج 2 ص 248) وَتَفْسِير
الطَّبَرِيّ (ج 2 ص 354) .
وَكَلَام ابْن حجر فى الْفَتْح (ج 8 ص 138) الْمُتَعَلّق
بِهَذَا الحَدِيث.
(1/79)
وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ
(4)
وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي رَجَاءٍ
الْعُطَارِدِيِّ: أَنَّهُ قَالَ: «صَلَّى بِنَا ابْنُ عَبَّاسٍ
صَلَاةَ الصُّبْحِ- وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْبَصْرَةِ-
فَقَنَتَ، وَرفع يَدَيْهِ: حَتَّى لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَيْنَ
يَدَيْهِ لَرَأَى بَيَاضَ إبْطَيْهِ، فَلَمَّا قَضَى
الصَّلَاةَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: هَذِهِ
الصَّلَاةُ: الَّتِي ذَكَرهَا اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) فِي
كِتَابِهِ: (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ، وَالصَّلاةِ
الْوُسْطى، وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) «1» .»
(أَنَا) أَبُو على الروذبارى، أَنا إسْمَاعِيلَ الصَّفَّارَ،
نَا الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ السَّمْحِ، ثَنَا سَهْلُ بن
تَمام، نَا أَبُو الْأَشْهَبِ، وَمُسْلِمُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ
أَبِي رَجَاءٍ فَذَكَرَهُ، وَقَالَ: «قَبْلَ الرُّكُوعِ «2» »
.
(أَخْبَرَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبى عَمْرو، نَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (وَقُومُوا لِلَّهِ
قانِتِينَ) . فَقِيلَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) :
قَانِتِينَ: مُطِيعِينَ وَأمر رَسُول لله (صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِالصَّلَاةِ قَائِمًا وَإِنَّمَا «3»
خُوطِبَ بِالْفَرَائِضِ مَنْ أَطَاقَهَا فَإِذَا لَمْ يُطِقْ
الْقِيَامَ: صَلَّى قَاعِدًا.» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ: (وَثِيابَكَ)
__________
(1) قد أخرجه الْبَيْهَقِيّ فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 2 ص 205)
مُخْتَصرا، وَأخرجه الطَّبَرِيّ فى تَفْسِيره (ج 2 ص 354)
بِالزِّيَادَةِ الَّتِي ذكرهَا الْبَيْهَقِيّ هُنَا عقب ذَلِك.
[.....]
(2) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى «ج 2 ص 206- 212»
الْأَحَادِيث والْآثَار الَّتِي وَردت فى أَن الْقُنُوت قبل
الرُّكُوع أَو بعده.
(3) عِبَارَته فى الْأُم «ج 1 ص 69» «وَإِذا خُوطِبَ بالفرائض
من أطاقها: فاذا كَانَ الْمَرْء مطيقا للْقِيَام فى الصَّلَاة:
لم يجز إِلَّا هُوَ، إِلَّا عِنْد مَا ذكرت، من الْخَوْف،
وَإِذا لم يطق الْقيام:
صلى قَاعِدا، وَركع وَسجد: إِذا أطَاق الرُّكُوع وَالسُّجُود.»
.
(1/80)
(فَطَهِّرْ: 74- 4) قِيلَ: صَلِّ «1» فِي
ثِيَابٍ طَاهِرَةٍ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَالْأَوَّلُ:
أَشْبَهُ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ) أَمَرَ: أَنْ يُغْسَلَ دَمُ الْحَيْضِ مِنْ
الثَّوْب.» . يعْنى «2» : للصَّلَاة.
قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي عُمَرَ صَاحِبِ
ثَعْلَبٍ، قَالَ: قَالَ ثَعْلَبٌ- فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:
(وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) .-: «اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ،
فَقَالَتْ طَائِفَة: الثِّيَاب هَاهُنَا: السَّاتِرُ وَقَالَتْ
طَائِفَة: الثِّيَاب هَاهُنَا:
الْقَلْبُ «3» .» .
(أَخْبَرَنَا) عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ بَشْرَانَ، عَنْ أَبِي عُمَرَ فَذَكَرَهُ.
(أَخْبَرَنَا) أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) : «بَدَأَ اللَّهُ
(جَلَّ ثَنَاؤُهُ) خَلْقَ آدَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ
مَاءٍ وَطِينٍ، وَجَعَلَهُمَا مَعًا طَهَارَةً وَبَدَأَ خَلْقَ
وَلَدِهِ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ. فَكَانَ- فِي ابْتِدَاءِ «4»
خَلْقِ آدَمَ مِنْ الطَّاهِرَيْنِ: اللَّذَيْنِ هُمَا
الطَّهَارَةُ «5» .-: دَلَالَةٌ «6» لِابْتِدَاءِ خَلْقِ
غَيْرِهِ: أَنَّهُ مِنْ مَاءٍ طَاهِرٍ
__________
(1) عبارَة الام «ج 1 ص 47» «يصلى» وَمَا هُنَا أولى وأنسب.
(2) هَذَا من كَلَام الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله.
(3) هَذَا هُوَ التَّفْسِير الثَّانِي الَّذِي أَشَارَ
إِلَيْهِ الشَّافِعِي رضى الله عَنهُ.
(4) عبارَة الْأُم (ج 1 ص 47) : «ابْتِدَائه» وَلَا فرق فى
الْمَعْنى.
(5) فى الأَصْل: «طَهَارَة» وَمَا أَثْبَتْنَاهُ- وَهُوَ
الْأَحْسَن- من عبارَة الْأُم الَّتِي وَردت هَكَذَا: «من
الطهارتين اللَّتَيْنِ هما الطَّهَارَة» .
(6) عبارَة الْأُم: «دلَالَة أَن لَا يبْدَأ خلق غَيره إِلَّا
من طَاهِر لَا من نجس» .
(1/81)
لَا نَجَسٌ «1» .» .
وَقَالَ فِي (الْإِمْلَاءِ) - بِهَذَا الْإِسْنَادِ-:
«الْمَنِيُّ لَيْسَ بِنَجَسٍ: لِأَنَّ اللَّهَ (جَلَّ
ثَنَاؤُهُ) أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَبْتَدِئَ خَلْقَ مَنْ
كَرَّمَهُمْ «2» ، وَجَعَلَ مِنْهُمْ:
النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ، وَالشُّهَدَاءَ
وَالصَّالِحِينَ وَأَهْلَ جَنَّتِهِ.- مِنْ نَجَسٍ:
فَإِنَّهُ يَقُولُ: (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ: 17- 70)
وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ:
( [خَلَقَ الْإِنْسانَ «3» ] مِنْ نُطْفَةٍ: 16- 4) ( [أَلَمْ
نَخْلُقْكُمْ «4» ] مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) .» .
«وَلَوْ لَمْ [يَكُنْ «5» ] فِي هَذَا، خَبَرٌ عَنْ النَّبِيِّ
(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :
لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْعُقُولُ تَعْلَمُ: أَنَّ
الله لَا يبتديء خَلْقَ مَنْ كَرَّمَهُ وَأَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ
مِنْ نَجَسٍ. [فَكَيْفَ «6» ] مَعَ مَا فِيهِ: مِنْ الْخَبَرِ،
عَنْ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : «أَنَّهُ
كَانَ يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ: قَدْ أَصَابَهُ الْمَنِيُّ
فَلَا يَغْسِلُهُ إنَّمَا يَمْسَحُ رَطْبًا، أَوْ يَحُتُّ «7»
يَابِسًا» : عَلَى مَعْنَى التَّنْظِيفِ «8» .
__________
(1) فى الْأُم بعد ذَلِك: «ودلت سنه رَسُول الله على مثل
ذَلِك» ثمَّ ذكر حَدِيث عَائِشَة فى فرك المنى من ثوب رَسُول
الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَهُوَ مَا أَشَارَ
إِلَيْهِ فى عبارَة الْإِمْلَاء الْآتِيَة.
(2) فى الأَصْل: «كرمه» وَقد راعينا فِيمَا أَثْبَتْنَاهُ،
قَوْله: وَجعل مِنْهُم وَظَاهر الْآيَة الْكَرِيمَة
الذُّكُورَة بعد.
(3) زِيَادَة لَا بَأْس بهَا.
(4) زِيَادَة لَا بَأْس بهَا.
(5) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا.
(6) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا. [.....]
(7) فى الأَصْل: «أَو نعت» ، وَهُوَ تَحْرِيف من النَّاسِخ.
(8) انْظُر الْأُم (ج 1 ص 47- 48) .
(1/82)
عَفَا اللَّهُ عَنْكَ
لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ
صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43)
مَعَ أَنَّ هَذَا: قَوْلُ سَعْدِ بْنِ
أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ، وَغَيْرِهِمْ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ «1» .» .
(أَخْبَرَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (لَا تَقْرَبُوا
الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ
وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا: 4-
43) .
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ
بِالْقُرْآنِ- فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:
(وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) .-: لَا «2» تَقْرَبُوا
مَوْضِعَ «3» الصَّلَاةِ.
قَالَ: وَمَا أَشْبَهَ مَا قَالَ بِمَا قَالَ لِأَنَّهُ لَا
يَكُونُ «4» فِي الصَّلَاةِ عُبُورُ سَبِيلٍ، إنَّمَا عُبُورُ
السَّبِيلِ: فِي مَوْضِعِهَا وَهُوَ: الْمَسْجِدُ «5» . فَلَا
بَأْسَ أَنْ يَمُرَّ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ مَارًّا «6» ،
وَلَا يُقِيمُ فِيهِ. لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَلا
جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) .» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: «لَا بَأْسَ
أَنْ يَبِيتَ الْمُشْرِكُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ إلَّا
الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ: فَإِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ)
يَقُولُ: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ)
__________
(1) انْظُر الْأُم (ج 1 ص 48) ، وذيل الْأُم (ج 1 ص 49- 50) .
(2) هُنَا فى الْأُم (ج 1 ص 46) زِيَادَة: «قَالَ» . وَلَا
دَاعِي لَهَا.
(3) فى الْأُم: «مَوَاضِع» .
(4) فى الْأُم: «لِأَنَّهُ لَيْسَ» .
(5) كَذَا بِالْأُمِّ، وَعبارَة الأَصْل: «وهى فى الْمَسْجِد»
، وَلَعَلَّ الصَّوَاب عبارَة الْأُم.
(6) أَي: عابرا.
(1/83)
وَإِذَا نَادَيْتُمْ
إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (58)
(نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ
الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هَذَا: 9- 28) فَلَا يَنْبَغِي
لِمُشْرِكٍ: أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بِحَالٍ «1»
.» .
(أَخْبَرَنَا) أَبُو سَعِيدٍ [أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ «2» ] ،
أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ
اللَّهُ) : «ذَكَرَ اللَّهُ (تَعَالَى) الْأَذَانَ
بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: (وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ:
اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً: 5- 58) وَقَالَ تَعَالَى:
(إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ: فَاسْعَوْا
إِلى ذِكْرِ اللَّهِ، وَذَرُوا الْبَيْعَ: 62- 9) .
فَأَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) :
إتْيَانَ الْجُمُعَةِ وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : الْأَذَانَ لِلصَّلَوَاتِ
الْمَكْتُوبَاتِ. فَاحْتَمَلَ «3» : أَنْ يَكُونَ أَوْجَبَ
إتْيَانَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ كَمَا
أَمَرَنَا «4» بِإِتْيَانِ الْجُمُعَةِ، وَتَرْكِ الْبَيْعِ.
وَاحْتَمَلَ: أَنْ يَكُونَ أَذِنَ بِهَا: لِتُصَلَّى
لِوَقْتِهَا.»
«وَقَدْ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ) : مُسَافِرًا وَمُقِيمًا، خَائِفًا وَغَيْرَ
خَائِفٍ. وَقَالَ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ، فَأَقَمْتَ
لَهُمُ الصَّلاةَ: فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ)
الْآيَةُ، وَاَلَّتِي بَعْدَهَا «5» . وَأَمَرَ رَسُولُ
اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَنْ
__________
(1) انْظُر مَا ذكره- بعد ذَلِك- فى الْأُم (ج 1 ص 46) ،
فَإِنَّهُ مُفِيد.
(2) زِيَادَة يدل عَلَيْهَا الْإِسْنَاد السَّابِق واللاحق.
(3) فى الأَصْل: «وَاحْتمل» . وَمَا أَثْبَتْنَاهُ عبارَة
الْأُم (ج 1 ص 136) ، وهى أولى وَأحسن.
(4) عبارَة الْأُم: «أَمر» وَهِي أنسب.
(5) تَمام الْمَتْرُوك: (وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ،
فَإِذا سَجَدُوا: فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ، وَلْتَأْتِ
طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا، فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ
وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ، وَدَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ
وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً،
وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ- إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ،
أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى -: أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ،
وَخُذُوا، حِذْرَكُمْ، إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ
عَذاباً مُهِيناً فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ: فَاذْكُرُوا
اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ، فَإِذَا
اطْمَأْنَنْتُمْ: فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ، إِنَّ الصَّلاةَ
كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً: 4- 102 و103)
.
(1/84)
وَإِذَا بَلَغَ
الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا
اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ
اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59)
جَاءَ «1» الصَّلَاةَ: أَنْ يَأْتِيَهَا
وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَرَخَّصَ فِي تَرْكِ إتْيَانِ
صَلَاةِ «2» الْجَمَاعَةِ، فِي الْعُذْرِ-: بِمَا سَأَذْكُرُهُ
فِي مَوْضِعِهِ.»
«فَأَشْبَهَ «3» مَا وَصَفْتُ-: مِنْ الْكِتَابِ
وَالسُّنَّةِ.-: أَنْ لَا يَحِلَّ تَرْكُ أَنْ تُصَلَّى كُلُّ
مَكْتُوبَةٍ فِي جَمَاعَةٍ حَتَّى لَا تَخْلُوَ جَمَاعَةٌ:
مُقِيمُونَ، وَلَا مُسَافِرُونَ- مِنْ أَنْ تُصَلَّى فِيهِمْ
صَلَاةُ جَمَاعَةٍ «4» .» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) :
«ذَكَرَ اللَّهُ (تَعَالَى) الِاسْتِئْذَانَ، فَقَالَ فِي
سِيَاقِ الْآيَةِ: (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ
الْحُلُمَ: فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ
مِنْ قَبْلِهِمْ: 24- 59) وَقَالَ: (وَابْتَلُوا الْيَتامى
حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ، فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ
رُشْداً: فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ: 4- 6) . فَلَمْ
«5» يَذْكُرْ
__________
(1) فى الام: «أَتَى» . [.....]
(2) هَذِه الْكَلِمَة غير مثبتة فى الْأُم.
(3) فى الْأُم: «وأشبه» ، وَمَا هُنَا أحسن.
(4) انْظُر مَا اسْتدلَّ بِهِ لذَلِك- من السّنة- فى الْأُم (ج
1 ص 136) .
(5) فى الْأُم (ج 1 ص 60) : «وَلم» .
(1/85)
الرُّشْدَ-: الَّذِي يَسْتَوْجِبُونَ بِهِ
أَنْ نَدْفَعَ «1» إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ.- إلَّا بَعْدَ
بُلُوغِ النِّكَاحِ.»
«قَالَ: وَفَرَضَ اللَّهُ الْجِهَادَ، فَأَبَانَ رَسُولُ
اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :
أَنَّهُ «2» [عَلَى «3» ] مَنْ اسْتَكْمَلَ «4» خَمْسَ
عَشْرَةَ سَنَةً بِأَنْ أَجَازَ ابْنُ عُمَرَ- عَامَ
الْخَنْدَقِ-: ابْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَرَدَّهُ- عَامَ
أُحُدٍ-: ابْنَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً.»
«قَالَ: فَإِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ الْحُلُمَ، وَالْجَارِيَةُ
الْمَحِيضَ-: غَيْرَ مَغْلُوبِينَ عَلَى عُقُولِهِمَا.-:
وَجَبَتْ «5» عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالْفَرَائِضُ كُلُّهَا:
وَإِنْ كَانَا ابْنَيْ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً
«6» وَأُمِرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالصَّلَاةِ: إذَا
عَقَلَهَا وَإِذَا «7» لَمْ يَفْعَلَا «8» لَمْ يَكُونَا
كَمَنْ تَرَكَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَأُدِّبَا «9» عَلَى
تَرْكِهَا «10» أَدَبًا خَفِيفًا.» .
__________
(1) فى الْأُم: «تدفع» .
(2) فى الْأُم: «بِهِ» وَهُوَ خطأ.
(3) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا، عَن الْأُم (ج 1 ص 60) .
(4) فى الأَصْل: «استملك» : وَهُوَ تَحْرِيف ظَاهر، والتصحيح
عَن الْأُم.
(5) فى الْأُم: «أوجبت» أَي: حكمت بِالْوُجُوب.
(6) فى الْأُم بعد ذَلِك: «وَجَبت عَلَيْهِمَا الصَّلَاة» وهى
زِيَادَة من النَّاسِخ. تضر فى فهم الْمَعْنى كَمَا لَا يخفى.
(7) عبارَة الْأُم: «فَإِذا» .
(8) عبارَة الأَصْل وَالأُم: «يعقلا» ، وهى محرفة قطعا.
(9) فى الأَصْل: «وأدبهما» وفى الْأُم: «وأؤدبهما» ، وَهُوَ
مُنَاسِب لقَوْله:
«أوجبت» ، وَغير مُنَاسِب لقَوْله: «وَأمر» . وَمَا
أَثْبَتْنَاهُ مُنَاسِب لقَوْله: «وَجَبت» وَلقَوْله: «وَأمر»
. فَلْيتَأَمَّل.
(10) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «تَركهمَا» ، وَعبارَة
الْأُم أظهر. [.....]
(1/86)
وَإِذَا ضَرَبْتُمْ
فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا
مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ
كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا
مُبِينًا (101)
«قَالَ: وَمَنْ غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ
بِعَارِضٍ أَوْ مَرَضٍ «1» أَيِّ مَرَضٍ كَانَ-: ارْتَفَعَ «2»
عَنْهُ الْفَرْضُ. لِقَوْلِ»
اللَّهِ تَعَالَى: (وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبابِ: 2-
197) وَقَوْلِهِ: (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبابِ:
13- 19 و39- 9) : وَإِنْ كَانَ مَعْقُولًا: أَنْ لَا يُخَاطَبَ
«4» بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ إلَّا مَنْ عَقَلَهُمَا.» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) :
«وَإِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ بِرِجَالٍ وَنِسَاءٍ.
وَصِبْيَانٍ ذُكُورٍ-: فَصَلَاةُ النِّسَاءِ مُجْزِئَةٌ،
وَصَلَاةُ الرِّجَالِ وَالصِّبْيَانِ الذُّكُورِ غَيْرُ
مُجْزِئَةٍ. لِأَنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) جَعَلَ الرِّجَالَ
قَوَّامِينَ عَلَى النِّسَاءِ، وَقَصَرهنَّ «5» عَنْ أَنْ
يَكُنَّ أَوْلِيَاءَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ. فَلَا «6» يَجُوزُ:
أَنْ تَكُونَ امْرَأَةٌ إمَامَ رَجُلٍ فِي صَلَاةٍ، بِحَالٍ
أَبَدًا.» .
وَبَسَطَ الْكَلَام فِيهِ هَاهُنَا «7» ، وَفِي كِتَابِ
الْقَدِيمِ.
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ
__________
(1) فى الْأُم: بِعَارِض مرض» .
(2) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «أَن يَقع» ، وَهُوَ
تَحْرِيف من النَّاسِخ.
(3) عبارَة الْأُم: «فى قَول» ، وَعبارَة الأَصْل أصح أَو
أظهر، فَلْيتَأَمَّل.
(4) فى الأَصْل: «وَإِن معقولا أَنه أَن لَا يُخَاطب» ، وفى
الام: «وَإِن كَانَ معقولا لَا يُخَاطب» .
(5) كَذَا بِالْأُمِّ (ج 1 ص 145) ، وَفِي الأَصْل: «وَقصر
بِهن» .
(6) فى الام: «وَلَا» ، وَمَا هُنَا أظهر.
(7) فَانْظُرْهُ فى الْأُم (ج 1 ص 145- 146) .
(1/87)
(رَحِمَهُ اللَّهُ) : «التَّقْصِيرُ «1»
لِمَنْ خَرَجَ غَازِيًا خَائِفًا: فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ «2» .
قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي
الْأَرْضِ، فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ
الصَّلاةِ: إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ
كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً:
4- 101) .»
«قَالَ: وَالْقَصْرُ لِمَنْ خَرَجَ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ «3»
: فِي السُّنَّةِ «4» .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَمَّا مَنْ خَرَجَ «5» : بَاغِيًا
عَلَى مُسلم، أَو معاهد أَوْ يَقْطَعُ طَرِيقًا، أَوْ يُفْسِدُ
فِي الْأَرْضِ أَو العَبْد يخرح: آبِقًا مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ
الرَّجُلُ: هَارِبًا لِيَمْنَعَ دَمًا «6» لَزِمَهُ، أَوْ مَا
فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى، أَوْ غَيْرِهِ: مِنْ
الْمَعْصِيَةِ.-: فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ [فَإِنْ قَصَرَ:
أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا «7» .] لِأَنَّ الْقَصْرَ
رُخْصَةٌ وَإِنَّمَا جُعِلَتْ الرُّخْصَةُ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ
عَاصِيًا: أَلَا تَرَى إلَى
__________
(1) أَي: الْقصر، قَالَ النيسابورى فى تَفْسِيره (ج 5 ص 152) :
«يُقَال: قصر صلَاته، وأقصرها، وقصرها، بِمَعْنى» . وَقَالَ فى
فتح الْبَارِي (ج 2 ص 379) : «تَقول: قصرت الصَّلَاة
(بِفتْحَتَيْنِ مخففا) قصرا، وقصرتها (بِالتَّشْدِيدِ) تقصيرا،
وأقصرتها إقصارا. والاول أشهر فى الِاسْتِعْمَال» . وَانْظُر
تَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج 5 ص 157) ، وَتَفْسِير الآلوسى (ج 5 ص
119) ، وَالْمُخْتَار.
(2) انْظُر كَلَام الشَّافِعِي الْمُتَعَلّق بذلك فى الْأُم (ج
1 ص 159) وفى اخْتِلَاف الحَدِيث بذيل الْأُم (ج 1 ص 161) أَو
بِهَامِش الام (ج 7 ص 68) ، وتأمله.
(3) عِبَارَته فى الام (ج 1 ص 161) : «وَسَوَاء فى الْقصر:
الْمَرِيض وَالصَّحِيح، وَالْعَبْد وَالْحر، وَالْأُنْثَى
وَالذكر إِذا سافروا مَعًا فى غير مَعْصِيّة الله تَعَالَى» .
(4) انْظُر كَلَام الشَّافِعِي الْمُتَعَلّق بذلك فى الْأُم (ج
1 ص 159) وفى اخْتِلَاف الحَدِيث بذيل الْأُم (ج 1 ص 161) أَو
بِهَامِش الام (ج 7 ص 68) ، وتأمله.
(5) فى الْأُم: «سَافر» .
(6) عبارَة الْأُم: «حَقًا» وهى وَإِن كَانَت أَعم من عبارَة
الأَصْل، إِلَّا أَن عبارَة الأَصْل أنسب لما بعْدهَا.
فليتامل.
(7) الزِّيَادَة عَن الام. [.....]
(1/88)
قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (فَمَنِ
اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ: 2- 173)
.؟.»
«قَالَ: [وَ «1» ] هَكَذَا: لَا يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ،
وَلَا يَجْمَعُ الصَّلَاةَ مُسَافِرٌ فِي مَعْصِيَةٍ.
وَهَكَذَا: لَا يُصَلِّي لِغَيْرِ «2» الْقِبْلَةِ نَافِلَةً
وَلَا تَخْفِيفَ «3» عَمَّنْ كَانَ سَفَرُهُ فِي مَعْصِيَةِ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) : وَأَكْرَهُ تَرْكَ
الْقَصْرِ، وَأَنْهَى عَنْهُ: إذَا كَانَ رَغْبَةً عَنْ
السُّنَّةِ فِيهِ «4» .» . يَعْنِي «5» : لِمَنْ خَرَجَ فِي
غَيْرِ مَعْصِيَةٍ.
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: وَقَالَ
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ- فِيمَا أَخْبَرْتُ عَنْهُ-: أَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ، نَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ
الْأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) -
فِي قَوْله تَعَالَى: (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ
تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) .- قَالَ: [نَزَلَ بِعُسْفَانَ]
«6» : مَوْضِعٍ بِخَيْبَرَ، فَلَمَّا ثَبَتَ: أَنَّ
__________
(1) الزِّيَادَة عَن الْأُم
(2) فى الْأُم: «إِلَى غير» .
(3) عبارَة الام. «يُخَفف» وَعبارَته فى مُخْتَصر الْمُزنِيّ
(ج 1 ص 127) .
«وَلَا تَخْفيف على من سَفَره فى مَعْصِيّة» .
(4) انْظُر الام (ج 1 ص 159، ومختصر الْمُزنِيّ (ج 1 ص 121) .
(5) هَذَا من كَلَام الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله.
(6) هَذِه الزِّيَادَة لَا بُد مِنْهَا: لِأَن قَوْله: «مَوضِع
بِخَيْبَر» نَاقص مُحْتَاج إِلَى تَكْمِلَة وَلَعَلَّ مَا
أَثْبَتْنَاهُ هُوَ الصَّحِيح الْمَقْصُود: فقد ذكر فى
تَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج 5 ص 156) :
أَن آيَة الْقصر نزلت بعسفان فَإِذا لاحظنا: أَن «عسفان» من
أَعمال «الْفَرْع» (كَمَا ذكر فى مُعْجم الْبكْرِيّ) وَأَن
«الْفَرْع» ولَايَة بِالْمَدِينَةِ وَاقعَة على بعد ثَمَانِيَة
برد مِنْهَا (كَمَا ذكر فى مُعْجم ياقوت) وَأَن «خَيْبَر»
وَاقعَة على بعد ثَمَانِيَة برد من الْمَدِينَة أَيْضا (كَمَا
ذكر الْبكْرِيّ وَيَاقُوت) وَأَنَّهَا أشهر من «الْفَرْع» -:
صَحَّ أَن يُقَال: إِن عسفان مَوضِع بِخَيْبَر (أَي قريب
مِنْهَا) : وَإِن لم يكن من أَعمال خَيْبَر نَفسهَا.
(1/89)
أَيَّامًا
مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى
سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ
يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ
خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ
إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184)
رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ) لَمْ يَزَلْ يَقْصُرُ مَخْرَجَهُ مِنْ الْمَدِينَةِ
إلَى مَكَّةَ كَانَتْ السُّنَّةُ فِي التَّقْصِيرِ. فَلَوْ
أتمّ رجل متعمد: مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْطِئَ مِنْ قَصْرٍ لَمْ
يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ. فَأَمَّا إنْ أَتَمَّ: مُتَعَمِّدًا،
مُنْكِرًا لِلتَّقْصِيرِ فَعَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ «1»
.»
وَقَرَأْتُ- فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنْ الشَّافِعِيِّ-:
«يُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ: أَنْ يَقْبَلَ صَدَقَةَ اللَّهِ
«2» وَيَقْصُرَ فَإِنْ أَتَمَّ الصَّلَاةَ-: عَنْ غَيْرِ
رَغْبَةٍ عَنْ قَبُولِ رُخْصَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.-:
فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا يَكُونُ- إذَا صَامَ فِي
السَّفَرِ-: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. وَقَدْ قَالَ عَزَّ
وَجَلَّ: (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ:
فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ: 2- 184) . وَكَمَا تَكُونُ
الرُّخْصَةُ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى: فَقَدْ قَالَ اللَّهُ
تَعَالَى: (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً
مِنْ رَأْسِهِ: فَفِدْيَةٌ) الْآيَةُ «3» . فَلَوْ تَرَكَ
الْحَلْقَ وَالْفِدْيَةَ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَأْسٌ: إذَا
لَمْ يَدَعْهُ رَغْبَةً عَنْ رُخْصَةٍ.» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنَا الرَّبِيعُ
__________
(1) انْظُر كَلَام الشَّافِعِي الْمُتَعَلّق بذلك، فى
اخْتِلَاف الحَدِيث بذيل الْأُم (ج 1 ص 166) أَو بِهَامِش
الْأُم (ج 7 ص 75- 76) .
(2) اقتباس من قَول النَّبِي (عَلَيْهِ السَّلَام) فى حَدِيث
يعلى بن أُميَّة الْمَشْهُور الَّذِي ذكره الشَّافِعِي فى
الْأُم (ج 1 ص 159) وفى اخْتِلَاف الحَدِيث بذيل الْأُم (ج 1 ص
161- 162) .
(3) تَمامهَا: (مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذا
أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ:
فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ:
فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا
رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ
أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ،
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ: 2- 196) .
(1/90)
ابْن سُلَيْمَانَ، أَنَا الشَّافِعِيُّ
(رَحِمَهُ اللَّهُ) ، قَالَ: «قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ:
(وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ
أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) الْآيَةُ.
قَالَ: فَكَانَ بَيِّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ: أَنَّ «1»
قَصْرَ الصَّلَاةِ- فِي الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ، وَالْخَوْفِ-
تَخْفِيفٌ مِنْ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) عَنْ خَلْقِهِ لَا:
أَنَّ فَرْضًا عَلَيْهِمْ أَنْ يَقْصُرُوا. كَمَا كَانَ
قَوْلُهُ «2» : (لَا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ
النِّساءَ: مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ
فَرِيضَةً: 2- 236) [رُخْصَةً «3» ] لَا: أَنَّ حَتْمًا
عَلَيْهِمْ أَنْ يُطَلِّقُوهُنَّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ «4» .
وَكَمَا «5» كَانَ قَوْله تَعَالَى:
(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ
رَبِّكُمْ: 2- 198) يُرِيدُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) : أَنْ
تَتَّجِرُوا فِي الْحَجِّ لَا: أَنَّ حَتْمًا أَنْ تَتَّجِرُوا
«6» . وَكَمَا «7» كَانَ قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ
«8» : (أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ)
__________
(1) عِبَارَته فى اخْتِلَاف الحَدِيث- بِهَامِش الْأُم: (ج 7 ص
68) -: «أَن الْقصر فى السّفر- فى الْخَوْف وَغير الْخَوْف
مَعًا- رخصَة لَا: أَن الله فرض أَن تقصرُوا.» .
(2) عِبَارَته فى اخْتِلَاف الحَدِيث: «كَمَا كَانَ بَينا فى
كتاب الله أَن قَوْله» وهى أنسب.
(3) زِيَادَة عَن اخْتِلَاف الحَدِيث، وَالأُم (ج 1 ص 159) .
(4) عبارَة الْأُم: «الْحَال» ، وَعبارَته فى اخْتِلَاف
الحَدِيث: «لَا أَن حتما من الله أَن يطلقوهن من قبل أَن
يمسوهن) » .
(5) قَوْله: «وكما» إِلَى قَوْله: «لَا أَن حتما أَن تتجروا» ،
غير مَوْجُود فى اخْتِلَاف الحَدِيث. [.....]
(6) عبارَة الْأُم: «لَا أَن حتما عَلَيْهِم أَن يتجروا» ،
وَعبارَة الأَصْل أنسب.
(7) قَوْله: «وكما» إِلَى قَوْله: «غَيرهم» ، مُؤخر فى الْأُم،
عَن القَوْل الَّذِي بعده.
(8) كَذَا بِالْأَصْلِ وبالأم، وَلَيْسَ هَذَا القَوْل من
الْآيَة الْكَرِيمَة، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الشَّافِعِي
(رضى الله عَنهُ) : أَن يبين مُتَعَلق (أَن تَأْكُلُوا)
بِالْمَعْنَى. وَعبارَته فى اخْتِلَاف الحَدِيث «وكما كَانَ
بَينا فى كتاب الله [أَن] لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن
تَأْكُلُوا، إِلَى جَمِيعًا وأشتاتا، رخصه» ، وهى أسلم وأوضح.
وَعدم ذكر قَوْله: «رخصَة» فى الْأُم وَالْأَصْل، لدلَالَة مَا
قبل عَلَيْهِ.
(1/91)
وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ
(3)
(آبائِكُمْ: 24- 61) «1» لَا: أَنَّ
حَتْمًا عَلَيْهِمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِهِمْ، وَلَا
بُيُوتِ غَيْرِهِمْ. وَكَمَا «2» كَانَ قَوْلُهُ:
(وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ
نِكاحاً: فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ
ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ: 24- 60) فَلَوْ
«3» لَبِسْنَ ثِيَابَهُنَّ وَلَمْ يَضَعْنَهَا: مَا أَثِمْنَ.
وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى
حَرَجٌ، وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ، وَلا عَلَى الْمَرِيضِ
حَرَجٌ) يُقَالُ: نَزَلَتْ: (لَيْسَ عَلَيْهِمْ حَرَجٌ
بِتَرْكِ الْغَزْوِ وَلَوْ غَزَوْا مَا حَرِجُوا) .» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ:
«قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى «4» : (وَشاهِدٍ
وَمَشْهُودٍ: 85- 3) . [قَالَ الشَّافِعِيُّ] «5» أَنَا
إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ
سُلَيْمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءِ بْنِ
يَسَارٍ-: أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
قَالَ: «شَاهِدٌ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَمَشْهُودٌ: يَوْمُ
عَرَفَةَ «6» .»
__________
(1) عِبَارَته فى اخْتِلَاف الحَدِيث: «لَا أَن الله تَعَالَى
حتم عَلَيْهِم أَن يَأْكُلُوا من بُيُوتهم وَلَا من بيُوت
آبَائِهِم، وَلَا جَمِيعًا، وَلَا أشتاتا» .
(2) قَوْله: «وكما» إِلَى قَوْله: «حرجوا» ، غير مَوْجُود
باخْتلَاف الحَدِيث.
(3) قَوْله: «فَلَو» إِلَى قَوْله. «حرجوا» . غير مَوْجُود
بِالْأُمِّ.
(4) فى الْأُم (ج 1 ص 167) زِيَادَة آيَة النداء الْآتِيَة
بعد.
(5) زِيَادَة عَن الْأُم للايضاح.
(6) أخرجه الْبَيْهَقِيّ فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 3 ص 170)
عَن أَبى هُرَيْرَة مَوْقُوفا بِلَفْظ: «الشَّاهِد، والمشهود»
، وَعَن على مَرْفُوعا بِلَفْظ: «الشَّاهِد: يَوْم عَرَفَة
وَيَوْم الْجُمُعَة، والمشهود هُوَ: الْيَوْم الْمَوْعُود:
يَوْم الْقِيَامَة» وَأخرجه عَن أَبى هُرَيْرَة أَيْضا
مَرْفُوعا بِلَفْظ: «الْيَوْم الْمَوْعُود: يَوْم الْقِيَامَة،
وَالشَّاهِد: يَوْم الْجُمُعَة، والمشهود: يَوْم عَرَفَة.» .
(1/92)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ
الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا
الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
(9)
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ
الشَّافِعِيُّ: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (إِذا نُودِيَ
لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ: فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ
اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ: 62- 9) . وَالْأَذَانُ- الَّذِي
يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ فَرْضُ الْجُمُعَةِ: أَنْ يَذَرَ
عِنْدَهُ الْبَيْعَ.-: الْأَذَانُ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَذَلِكَ:
الْأَذَانُ الثَّانِي «1» : بَعْدَ الزَّوَالِ، وَجُلُوسِ
الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ.» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَمَعْقُولٌ:
أَنَّ السَّعْيَ- فِي هَذَا الْمَوْضِعِ-: الْعَمَلُ لَا «2» :
السَّعْيُ عَلَى الْأَقْدَامِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
(إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى: 92- 4) وَقَالَ «3» عَزَّ
وَجَلَّ: (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها
وَهُوَ مُؤْمِنٌ: 17- 19) وَقَالَ: (وَكانَ سَعْيُكُمْ
مَشْكُوراً: 76- 22) وَقَالَ تَعَالَى: (وَأَنْ لَيْسَ
لِلْإِنْسانِ إِلَّا مَا سَعى: 53- 39) وَقَالَ: (وَإِذا
تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها: 2- 205) .
وَقَالَ زُهَيْرٌ «4» :
__________
(1) عبارَة الْأُم (ج 1 ص 173) : «الَّذِي» .
(2) قَوْله: «لَا السعى على الْأَقْدَام» غير مَوْجُود
بِالْأُمِّ. وموجود بالسنن الْكُبْرَى (ج 3 ص 227) .
(3) قَوْله: «وَقَالَ» إِلَى «مشكورا» غير مَوْجُود
بِالْأُمِّ، وموجود بالسنن الْكُبْرَى.
(4) فى لاميته الجيدة الَّتِي مدح بهَا هرم بن سِنَان
والْحَارث بن عَوْف (انْظُر شرح ثَعْلَب لديوان زُهَيْر: ص 96-
115) .
(1/93)
وَإِذَا رَأَوْا
تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ
قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ
وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)
سَعَى بَعْدَهُمْ قَوْمٌ لِكَيْ
يُدْرِكُوهُمْ «1» فَلَمْ يَفْعَلُوا «2» ، وَلَمْ يُلَامُوا
«3» ، وَلَمْ يَأْلُوا [وَمَا يَكُ «4» مِنْ خَيْرٍ أَتَوْهُ:
فَإِنَّمَا تَوَارَثَهُ آبَاءُ آبَائِهِمْ قَبْلُ وَهَلْ
يَحْمِلُ «5» الْخَطِّيَّ إلَّا وَشِيجُهُ وَتُغْرَسُ- إلَّا
فِي مَنَابِتِهَا- النَّخْلُ] «6»
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ: (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً
انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً: 62- 11) . قَالَ «7»
:
وَلَمْ «8» أَعْلَمْ مُخَالِفًا: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي
خُطْبَةِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَوْمَ
الْجُمُعَةِ «9» .» .
قَالَ الشَّيْخُ: فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ وَغَيْرِهِ- عَنْ
حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ-:-
«أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَانَ
يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
__________
(1) فى الأَصْل: «يدركونهم» وَزِيَادَة النُّون خطأ لَا
ضَرُورَة لارتكابه. [.....]
(2) هَذِه رِوَايَة الدِّيوَان وَالأُم (ج 1 ص 174) ، وفى
الأَصْل: «يدركونهم» ، وَلَعَلَّ النَّاسِخ روى بِالْمَعْنَى
وَلم يتَنَبَّه إِلَى أَن زِيَادَة «هم» تخل بِالْوَزْنِ.
(3) هَذِه رِوَايَة الأَصْل، وهى مُوَافقَة لرِوَايَة ثَعْلَب.
وَرِوَايَة الْأُم: «وَلم يليموا» أَي: لم يَأْتُوا مَا يلامون
عَلَيْهِ.- وهى مواقفة لرِوَايَة الْأَصْمَعِي والشنتمرى.
(4) رِوَايَة الشنتمرى «فمايك» ، وَرِوَايَة ثَعْلَب: «فَمَا
كَانَ» .
(5) رِوَايَة الدِّيوَان: «ينْبت» .
(6) زِيَادَة عَن الرّبيع، أثبتناها لجودتها.
(7) كَذَا بِالْأُمِّ (ج 1 ص 176) . وفى الأَصْل: «وَقَالَ» .
(8) فى الْأُم: «فَلم» .
(9) انْظُر فى الْأُم (ج 1 ص 177) مَا ذكره الشَّافِعِي فى
سَبَب نزُول الْآيَة، غير مَا ذكر هُنَا.
(1/94)
وَإِذَا كُنْتَ
فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ
مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا
سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ
أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا
حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ
تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ
فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ
عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ
مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ
إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102)
قَائِمًا، فَانْفَتَلَ «1» [النَّاسُ «2» ]
إلَيْهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَعَهُ إلَّا اثْنَا عَشَرَ
رَجُلًا. فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ» .
وَفِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ «3» : دَلَالَةٌ عَلَى
أَنَّ نُزُولَهَا كَانَ فِي خُطْبَتِهِ قَائِمًا. قَالَ «4» :
وَفِي حَدِيثِ حُصَيْنٍ «5» : «بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي
الْجُمُعَةَ» فَإِنَّهُ عَبَّرَ بِالصَّلَاةِ عَنْ
الْخُطْبَةِ.
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ
لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ: 4-
102) .
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَمَرَهُمْ-: خَائِفِينَ،
مَحْرُوسِينَ.-: بِالصَّلَاةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ
أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ: لِلْجِهَةِ الَّتِي وُجُوهُهُمْ
لَهَا: مِنْ الْقِبْلَةِ.» .
«وَقَالَ تَعَالَى: (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ
رُكْباناً: 2- 239) .
فَدَلَّ إرْخَاصُهُ- فِي أَنْ يُصَلُّوا رِجَالًا أَوْ
رُكْبَانًا-: عَلَى أَنَّ الْحَالَ الَّتِي أَجَازَ لَهُمْ
فِيهَا: أَنْ «6» يُصَلُّوا رِجَالًا وَرُكْبَانًا مِنْ
الْخَوْفِ غَيْرُ الْحَالِ الْأُولَى الَّتِي
__________
(1) كَذَا بِالْأَصْلِ. أَي انْصَرف، وفى السّنَن الْكُبْرَى
(ج 3 ص 197) : «فانتقل» .
(2) الزِّيَادَة عَن السّنَن الْكُبْرَى.
(3) حَيْثُ يَقُول فى عبد الرَّحْمَن بن الحكم: «انْظُرُوا
إِلَى هَذَا الْخَبيث: يخْطب قَاعِدا: وَقد قَالَ الله عز
وَجل: (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا
إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً) .» ،
انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج 3 ص 196- 197) :
(4) الظَّاهِر أَن الْقَائِل الْبَيْهَقِيّ.
(5) أَي: فِيهِ دلَالَة كَذَلِك على أَن نزُول الْآيَة كَانَ
فى الْخطْبَة قَائِما وَقَوله: فَإِنَّهُ إِلَخ: توضيح لوجه
الدّلَالَة.
(6) فى الأَصْل، «بِأَن» ، وَمَا أَثْبَتْنَاهُ أولى، وموافق
لما فى الْأُم (ج 1 ص 197) . [.....]
(1/95)
وَاتَّبَعُوا مَا
تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ
سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ
النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ
بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ
حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ
فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ
الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ
إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ
وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا
لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ
أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)
أَمَرَهُمْ فِيهَا: بِأَنْ يَحْرُسَ
بَعْضُهُمْ بَعْضًا. فَعِلْمنَا: أَنَّ الْخَوْفَيْنِ
مُخْتَلِفَانِ، وَأَنَّ الْخَوْفَ الْآخَرَ-: الَّذِي أَذِنَ
لَهُمْ فِيهِ أَنْ يُصَلُّوا رِجَالًا وَرُكْبَانًا.- لَا
يَكُونُ إلَّا أَشَدَّ [مِنْ] الْخَوْفِ الْأَوَّلِ «1» .
وَدَلَّ: عَلَى أَنَّ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا حَيْثُ
تَوَجَّهُوا: مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ، وَغَيْرَ
مُسْتَقْبِلِيهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ وَقُعُودًا عَلَى
الدَّوَابِّ، وَقِيَامًا عَلَى الْأَقْدَامِ «2» . وَدَلَّتْ
عَلَى ذَلِكَ السُّنَّةُ.» . فَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ
فِي ذَلِكَ «3» .
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ- فِي
قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (فَإِذا سَجَدُوا: فَلْيَكُونُوا مِنْ
وَرائِكُمْ: 4- 102) -.
قَالَ: «فَاحْتَمَلَ «4» : أَنْ يَكُونُوا إذَا سَجَدُوا مَا
عَلَيْهِمْ: مِنْ السُّجُودِ كُلِّهِ كَانُوا «5» مِنْ
وَرَائِهِمْ. وَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى مَا احْتَمَلَ
الْقُرْآنُ مِنْ هَذَا فَكَانَ أُولَى مَعَانِيهِ، وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ:
قَالَ اللَّهُ (تَبَارَكَ وَتَعَالَى) فِي شَهْرِ رَمَضَانَ:
(وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى مَا
هَداكُمْ: 2- 185) . قَالَ: فَسَمِعْتُ مَنْ
__________
(1) انْظُر الام (ج 1 ص 190 و197) .
(2) انْظُر الام (ج 1 ص 197) ومختصر الْمُزنِيّ (ج 1 ص 144-
145) .
(3) اُنْظُرْهُ فى الْأُم (ج 1 ص 197) .
(4) عِبَارَته فى الْأُم (ج 1 ص 187) : وَاحْتمل قَول الله عز
وَجل: (فَإِذا سَجَدُوا) :
إِذا سجدوا مَا عَلَيْهِم: من سُجُود الصَّلَاة كُله. ودلت على
ذَلِك سنة رَسُول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ،
مَعَ دلَالَة كتاب الله عز وَجل» .
(5) كَذَا بِالْأَصْلِ، ولعلها زَائِدَة:
(1/96)
وَمِنْ آيَاتِهِ
اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا
تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ
الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37)
أَرْضَى-: مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
بِالْقُرْآنِ.- يَقُولُ «1» : (لتكملوا [الْعِدَّةَ] «2» ) :
عِدَّةَ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ (وَلِتُكَبِّرُوا «3»
اللَّهَ) : عِنْدَ إكْمَالِهِ (عَلى مَا هَداكُمْ)
وَإِكْمَالُهُ: مَغِيبُ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ
شَهْرِ رَمَضَانَ. وَمَا أَشْبَهَ مَا قَالَ، بِمَا قَالَ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ،
أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، [أَنَا الرَّبِيعُ «4» ] ، أَنَا
الشَّافِعِيُّ، [قَالَ»
] : «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (وَمِنْ آياتِهِ
اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا
لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي
خَلَقَهُنَّ) الْآيَةُ «6» وَقَالَ: (إِنَّ فِي خَلْقِ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ،
وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ) الْآيَةُ «7» مَعَ
مَا ذَكَرَ اللَّهُ-: مِنْ الْآيَاتِ.- فِي كِتَابِهِ.»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَذَكَرَ اللَّهُ الْآيَاتِ، وَلَمْ
يَذْكُرْ مَعَهَا سُجُودًا إلَّا مَعَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ
وَأَمَرَ: بِأَنْ لَا يُسْجَدَ لَهُمَا وَأَمَرَ: بِأَنْ
يُسْجَدَ لَهُ. فَاحْتَمَلَ [أَمْرُهُ] «8» : أَنْ يُسْجَدَ
لَهُ عِنْدَ «9» ذِكْرِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ.-: أَنْ
__________
(1) فى الْأُم (ج 1 ص 205) : «أَن يَقُول» ، وَلَعَلَّ «أَن»
زَائِدَة من النَّاسِخ.
(2) زِيَادَة عَن الْأُم.
(3) فى الْأُم: «تكبروا» .
(4) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج 1 ص 214) .
(5) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج 1 ص 214) .
(6) تَمامهَا: (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ: 41- 37) .
وَقد زَاد فى الْأُم الْآيَة التالية لَهَا.
(7) تَمامهَا: (بِما يَنْفَعُ النَّاسَ، وَما أَنْزَلَ اللَّهُ
مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ
مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ، وَتَصْرِيفِ
الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ
وَالْأَرْضِ- لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ: 2- 164) .
(8) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج 1 ص 214) .
(9) قَوْله: عِنْد إِلَخ مُتَعَلق بقوله: «أمره»
فَلْيتَأَمَّل. [.....]
(1/97)
يَكَادُ الْبَرْقُ
يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ
وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ
لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)
أَمَرَ «1» بِالصَّلَاةِ عِنْدَ حَادِثٍ
فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ. وَاحْتَمَلَ: أَنْ يَكُونَ إنَّمَا
نَهَى عَنْ السُّجُودِ لَهُمَا كَمَا نَهَى عَنْ عِبَادَةِ مَا
سِوَاهُ. فَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ «2» (صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : عَلَى أَنْ يُصَلَّى لِلَّهِ عِنْدَ
كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ. فَأَشْبَهَ «3» ذَلِكَ
مَعْنَيَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) : أَنْ يصلّى عِنْد كسوفهما [لَا يَخْتَلِفَانِ
فِي ذَلِكَ] «4» وَ [ثَانِيهِمَا] :
أَنْ لَا يُؤْمَرَ «5» - عِنْدَ آيَةٍ كَانَتْ فِي
غَيْرِهِمَا- بِالصَّلَاةِ كَمَا أُمِرَ بِهَا عِنْدَهُمَا.
لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَذْكُرْ فِي شَيْءٍ-: مِنْ الْآيَاتِ.-
صَلَاةً. وَالصَّلَاةُ- فِي كُلِّ حَالٍ- طَاعَةٌ [لِلَّهِ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى] «6» ، وَغِبْطَةٌ لِمَنْ صَلَّاهَا.
فَيُصَلَّى- عِنْدَ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ- صَلَاةُ
جَمَاعَةٍ وَلَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ: مِنْ الْآيَاتِ
غَيْرِهِمَا.» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: «أَنَا
الثِّقَةُ «7» : أَنَّ مُجَاهِدًا كَانَ يَقُولُ:
__________
(1) كَذَا بِالْأَصْلِ وفى الْأُم (ج 1 ص 214) : «بِأَن
يَأْمر» وَمَا فى الأَصْل هُوَ الظَّاهِر.
(2) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «فَدلَّ رَسُول الله» ،
وَمَا فى الْأُم أولى.
(3) أَي: غلب على الظَّن أَن ذَلِك يدل عَليّ مَجْمُوع
أَمريْن. فَلْيتَأَمَّل.
(4) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(5) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(6) فى الأَصْل وَالأُم: «وَأَن لَا يُؤمر» ، فَزِيَادَة
«ثَانِيهمَا» للايضاح.
(7) قَالَ الإِمَام الْحَافِظ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ (رَحمَه
الله) : «إِذا قَالَ الشَّافِعِي: أخبرنى الثِّقَة عَن ابْن
أَبى ذِئْب، فَهُوَ: ابْن أَبى فديك. وَإِذا قَالَ: الثِّقَة
عَن اللَّيْث بن سعد، فَهُوَ: يحيى ابْن حسان. وَإِذا قَالَ:
الثِّقَة عَن الْوَلِيد بن كثير، فَهُوَ: عمر بن سَلمَة.
وَإِذا قَالَ: الثِّقَة فَهُوَ: مُسلم بن خَالِد الزنْجِي،
وَإِذا قَالَ: الثِّقَة عَن صَالح مولى التوأمه، فَهُوَ:
إِبْرَاهِيم بن يحيى.» . اهـ انْظُر هَامِش الْأُم (ج 1 ص 223)
.
(1/98)
وَحَمَلْنَاهُ عَلَى
ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13)
الرَّعْدُ: مَلَكٌ وَالْبَرْقُ: أَجْنِحَةُ
الْمَلَكِ يَسُقْنَ السَّحَابَ «1» . قَالَ الشَّافِعِيُّ:
مَا أَشْبَهَ مَا قَالَ مُجَاهِدٌ، بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ.» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، أَنَا الشَّافِعِيُّ: «أَنَا
الثِّقَةُ عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّهُ قَالَ: مَا سَمِعْتُ
بِأَحَدٍ ذَهَبَ الْبَرْقُ بِبَصَرِهِ. كَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى
قَوْله تَعَالَى: (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ: 2-
20) .»
«قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: وَقَدْ
سَمِعْتُ مَنْ تُصِيبُهُ الصَّوَاعِقُ وَكَأَنَّهُ «2» ذَهَبَ
إلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ
فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ: 13- 13) . وَسَمِعْتُ مَنْ
يَقُولُ: الصَّوَاعِقُ رُبَّمَا قَتَلَتْ وَأَحْرَقَتْ.» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: أَنَا الشَّافِعِيُّ: «أَنَا
مَنْ لَا أُتَّهَمُ «3» ، نَا الْعَلَاءُ ابْن رَاشِدٍ، عَنْ
عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ: مَا هَبَّتْ رِيحٌ
قَطُّ إلَّا جَثَا النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ) عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ:
اجْعَلْهَا رَحْمَةً، وَلَا
__________
(1) كَذَا بِالْأُمِّ (ج 1 ص 224) ، وفى الأَصْل: «أَجْنِحَة
لسقى السَّحَاب» ، وَقَوله:
لسقى، محرف عَن: «لسوق» ، إِذْ السَّحَاب إِنَّمَا يسقى من
بخار الْبَحْر كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِك الطَّائِي فى قَوْله:
كالبحر يمطره السَّحَاب، وَلَيْسَ من فضل عَلَيْهِ: لِأَنَّهُ
من مَائه
(2) فى الْأُم: «كَأَنَّهُ» .
(3) قَالَ الرّبيع بن سُلَيْمَان (رَحمَه الله) : «إِذا قَالَ
الشَّافِعِي: أخبرنى من لَا أتهم، يُرِيد:
إِبْرَاهِيم بن يحيى. وَإِذا قَالَ: بعض أَصْحَابنَا، يُرِيد:
أهل الْحجاز.» ، وفى رِوَايَة: «يُرِيد:
أَصْحَاب مَالك رَحمَه الله.» . اهـ انْظُر هَامِش الْأُم (ج 1
ص 223) .
(1/99)
تَجْعَلْهَا عَذَابًا. اللَّهُمَّ:
اجْعَلْهَا رِيَاحًا، وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحًا.» . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ «1» :
فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ( [إِنَّا] «2» أَرْسَلْنا
عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً: 54- 19) ، وَ: (أَرْسَلْنا
عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ: 51- 41) وَقَالَ:
(وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ: 15- 22) و: أرسلنَا «3»
(الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ: 30- 46) .» .
__________
(1) بَيَانا للْحَدِيث الشريف
(2) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج 1 ص 224) .
(3) هَذَا بَيَان لِلْعَامِلِ فى قَوْله: «الرِّيَاح» ،
وَإِلَّا فَلفظ الْآيَة الْكَرِيمَة هَكَذَا: (وَمن آيَاته أَن
يُرْسل الرِّيَاح لَوَاقِح) . وَكَثِيرًا مَا يَقع هَذَا فى
عِبَارَات الْقَوْم فليتنبه لَهُ.
(1/100)
|