أحكام القرآن للشافعي - جمع البيهقي إِلَّا الَّذِينَ
عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ
شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا
إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4)
«مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِي الزَّكَاةِ «1» »
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ
(رَحِمَهُ اللَّهُ) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (فَوَيْلٌ
لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ
الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ: 107- 4- 7)
.- قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَقَالَ «2» بَعْضُ أَهْلِ
الْعِلْمِ: هِيَ: الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ «3» .» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيد، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ
الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ
اللَّهِ-: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ: 9- 34) فَأَبَانَ:
أَنَّ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ زَكَاةً «4» . وَقَوْلُ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ
اللَّهِ) [يَعْنِي] «5» - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ-: فِي
سَبِيلِهِ الَّتِي فَرَضَ: مِنْ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا.»
__________
(1) هَذَا العنوان كَانَ فى الأَصْل وَاقعا قبل الْإِسْنَاد
الثَّانِي، فَرَأَيْنَا أَن الْأَنْسَب تَقْدِيمه على الأول.
[.....]
(2) فى الرسَالَة (ص 187) : «فَقَالَ» .
(3) تَفْسِير الماعون بِالزَّكَاةِ مأثور عَن بعض الصَّحَابَة
وَالتَّابِعِينَ: كعلى وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس. (فى
رِوَايَة عَنهُ) وَمُجاهد وَابْن جُبَير (فى إِحْدَى
الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُمَا) وَابْن الحنيفة وَالْحسن
وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك. وَذهب غَيرهم: إِلَى أَنه الْمَتَاع
الَّذِي يتعاطاه النَّاس، أَو الزَّكَاة وَالْمَتَاع، أَو
الطَّاعَة، أَو الْمَعْرُوف أَو المَال. انْظُر تَفْسِير
الطَّبَرِيّ (ج 30 ص 203- 206) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 4 ص
183- 184 وَج 6 ص 87- 88) .
(4) انْظُر الْأُم (ج 2 ص 2) فَالْكَلَام فِيهَا أطول وأفيد.
(5) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(1/101)
لَا يُسْأَلُ عَمَّا
يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)
«فَأَمَّا «1» دَفْنُ الْمَالِ: فَضَرْبٌ
[مِنْ «2» ] إحْرَازِهِ وَإِذَا حَلَّ إحْرَازُهُ بِشَيْءٍ:
حَلَّ بِالدَّفْنِ وَغَيْرِهِ.» . وَاحْتَجَّ فِيهِ: بِابْنِ
عُمَرَ وَغَيْرِهِ «3» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، نَا
الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) :
«النَّاسُ عَبِيدُ اللَّهِ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) فَمَلَّكَهُمْ
مَا شَاءَ أَنْ يُمَلِّكَهُمْ، وَفَرَضَ عَلَيْهِمْ- فِيمَا
مَلَّكَهُمْ- مَا شَاءَ: (لَا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ،
وَهُمْ يُسْئَلُونَ «4» ) .
فَكَانَ فِيمَا «5» آتَاهُمْ، أَكْثَرَ مِمَّا جَعَلَ
عَلَيْهِمْ فِيهِ وَكُلٌّ: أَنْعَمَ بِهِ «6» عَلَيْهِمْ،
(جَلَّ ثَنَاؤُهُ) . وَكَانَ «7» - فِيمَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ،
فِيمَا مَلَّكَهُمْ-: زَكَاةٌ أَبَانَ:
[أَنَّ «8» ] فِي أَمْوَالِهِمْ حَقًّا لِغَيْرِهِمْ- فِي
وَقْتٍ- عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ) .»
__________
(1) فى الْأُم: «وَأما» .
(2) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(3) كَابْن مَسْعُود وأبى هُرَيْرَة رضى الله عَنْهُم انْظُر
أَقْوَالهم فى الْأُم (ج 2 ص 2- 3) وَانْظُر السّنَن
الْكُبْرَى (ج 4 ص 82- 83) .
(4) سُورَة الْأَنْبِيَاء: (23) .
(5) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم (ج 2 ص 23) وَالْمرَاد: وَكَانَ
الْبَاقِي لَهُم من أصل مَا آتَاهُم، أَزِيد مِمَّا وَجب
عَلَيْهِم إِخْرَاجه مِنْهُ.
(6) فى الأَصْل وَالأُم: «فِيهِ» .
(7) فى الْأُم: «فَكَانَ» وَيُرِيد الشَّافِعِي (رضى الله
عَنهُ) بذلك، أَن يَقُول: إِن الْأَشْيَاء الَّتِي قد ملكهَا
الله للعباد، قد أوجب عَلَيْهِم فِيهَا حقوقا كَثِيرَة وَمن
هَذِه الْحُقُوق:
الزَّكَاة. ثمَّ لما كَانَ فرض الزَّكَاة- فى الْكتاب
الْكَرِيم- مُجملا غير مُبين وَلَا مُقَيّد بِوَقْت وَلَا
غَيره-: أَرَادَ الشَّافِعِي أَن يبين لنا أَن الله قد بَين
ذَلِك على لِسَان رَسُوله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ،
فَقَالَ: «أبان» إِلَخ.
(8) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج 2 ص 23) .
(1/102)
وَهُوَ الَّذِي
أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ
وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ
وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ
ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ
وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141)
«فَكَانَ «1» حَلَالًا لَهُمْ مِلْكُ
الْأَمْوَالِ وَحَرَامًا عَلَيْهِمْ حَبْسُ الزَّكَاةِ:
لِأَنَّهُ مَلَّكَهَا غَيْرَهُمْ فِي وَقْتٍ، كَمَا
مَلَّكَهُمْ أَمْوَالَهُمْ، دُونَ غَيْرِهِمْ.» .
«فَكَانَ بَيِّنًا- فِيمَا وَصَفْتُ، وَفِي قَوْلِ اللَّهِ
عَزَّ وَجَلَّ: (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً
[تُطَهِّرُهُمْ «2» ] : 9- 103) .-: أَنَّ كُلَّ مَالِكٍ
تَامِّ «3» الْمِلْكِ-: مِنْ حُرٍّ «4» - لَهُ مَالٌ: فِيهِ
زَكَاةٌ.» . وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ «5»
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ- فِي أَثْنَاءِ
كَلَامِهِ فِي بَابِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ «6» ، فِي قَوْلِ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَآتُوا حَقَّهُ «7» يَوْمَ حَصادِهِ:
6- 141) -: «وَهَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ
الزَّكَاةَ عَلَى الزَّرْعِ «8» » . وَإِنَّمَا «9» قَصَدَ:
إسْقَاطَ الزَّكَاةِ عَنْ حِنْطَةٍ حَصَلَتْ فِي يَدِهِ مِنْ
غَيْرِ زِرَاعَةٍ.
__________
(1) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «وَكَانَ» : وَمَا فى
الْأُم أظهر.
(2) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج 2 ص 23) [.....]
(3) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «قَامَ» وَهُوَ تَحْرِيف
ظَاهر.
(4) فى الأَصْل: «خر» ، وَهُوَ تَحْرِيف ظَاهر، والتصحيح عَن
الْأُم.
(5) اُنْظُرْهُ فى الْأُم (ج 2 ص 23- 24) .
(6) من الْأُم (ج 2 ص 31) .
(7) انْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 4 ص 132- 133) الْآثَار
الَّتِي وَردت فى المُرَاد بِالْحَقِّ هُنَا: أهوَ الزَّكَاة؟
أم غَيرهَا؟
(8) انْظُر فى وَقت الْأَخْذ، الرسَالَة (ص 195) وَالأُم (ج 2
ص 31) .
(9) هَذَا من كَلَام الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله، وَقَوله:
«قصد» إِلَخ، أَي قصد الشَّافِعِي بِكَلَامِهِ هَذَا، مَعَ
كَلَامه السَّابِق الَّذِي لم يُورِدهُ الْبَيْهَقِيّ هُنَا.
(1/103)
وَلَوْ أَنَّهُمْ
آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ
لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (103)
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ
الشَّافِعِيُّ: «قَالَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) لِنَبِيِّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ
صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها، وَصَلِّ
عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) . قَالَ
الشَّافِعِيُّ: وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ:
الدُّعَاء لَهُم عِنْد أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْهُمْ.»
«فَحُقَّ عَلَى الْوَالِي- إذَا أَخذ صَدَقَة امرى-: أَنْ
يَدْعُو لَهُ وَأُحِبُّ أَنْ يَقُولَ: آجَرَكَ «1» اللَّهُ
فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَجَعَلَهَا لَكَ طَهُورًا وَبَارَكَ لَكَ
فِيمَا أَبْقَيْتَ «2» .»
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ
بْنِ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ
مِنْهُ تُنْفِقُونَ، وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ
تُغْمِضُوا فِيهِ: 2- 267 «3» ) .
يَعْنِي (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) : لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ «4»
لِأَنْفُسِكُمْ مِمَّنْ لَكُمْ عَلَيْهِ حَقٌّ فَلَا
تُنْفِقُوا مِمَّا «5» لَمْ تَأْخُذُوا لِأَنْفُسِكُمْ
يَعْنِي: [لَا «6» ] تُعْطُوا مَا خَبُثَ عَلَيْكُمْ
(وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) :
وَعِنْدَكُمْ الطَّيِّبُ.» .
__________
(1) فى الْأُم «أجرك» ، وَكِلَاهُمَا صَحِيح، ومعناهما وَاحِد.
انْظُر الْمُخْتَار (مَادَّة أجر) .
(2) فى الْأُم بعد ذَلِك: «وَمَا دَعَا لَهُ بِهِ أَجزَأَهُ
إِن شَاءَ الله» وَانْظُر مَا ورد فى ذَلِك، فى السّنَن
الْكُبْرَى (ج 4 ص 157) .
(3) انْظُر سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة، فى السّنَن الْكُبْرَى
(ج 4 ص 136) .
(4) فى الْأُم (ج 2 ص 49) : «تأخذون» وَلَا ذكر فِيهَا
لقَوْله: «لَسْتُم» .
(5) عبارَة الْأُم: «مَا لَا تأخذون لأنفسكم» .
(6) زِيَادَة عَن الْأُم، قد تكون متعينة.
(1/104)
|