أحكام القرآن للشافعي - جمع البيهقي يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ
عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)
أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ
عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى
الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ
تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ
لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ
الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ
وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ
مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ
عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ
بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ
وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا
هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)
«مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِي الصِّيَامِ»
قَرَأْتُ- فِي رِوَايَةِ الْمُزَنِيّ، عَنْ الشَّافِعِيِّ-
أَنَّهُ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ:
(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ
مِنْ قَبْلِكُمْ: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً
مَعْدُوداتٍ: 2- 183- 184) ثُمَّ أَبَانَ: أَنَّ هَذِهِ
الْأَيَّامَ:
شَهْرُ رَمَضَانَ «1» بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (شَهْرُ رَمَضانَ
الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ «2» ) إلَى قَوْله
تَعَالَى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ: فَلْيَصُمْهُ:
2- 185) .» .
«وَكَانَ بَيِّنًا- فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ-:
[أَنَّهُ «3» ] لَا يَجِبُ صَوْمٌ، إلَّا صَوْمَ شهر
رَمَضَانَ. وَكَانَ عِلْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ- عِنْدَ مَنْ
خُوطِبَ بِاللِّسَانِ-:
أَنَّهُ الَّذِي بَيْنَ شَعْبَانَ وَشَوَّالٍ «4» .» .
وَذَكَرَهُ- فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنْهُ- بِمَعْنَاهُ،
وَزَادَ قَالَ: «فَلَمَّا أَعْلَمَ اللَّهُ النَّاسَ: أَنَّ
فَرْضَ الصَّوْمِ عَلَيْهِمْ: شَهْرُ رَمَضَانَ وَكَانَتْ
الْأَعَاجِمُ «5» : تَعُدُّ الشُّهُورَ بِالْأَيَّامِ «6» ،
لَا بِالْأَهِلَّةِ وَتَذْهَبُ: إلَى أَنَّ الْحِسَابَ- إذَا
عُدَّتْ الشُّهُورُ بِالْأَهِلَّةِ- يَخْتَلِفُ.-: فَأَبَانَ
اللَّهُ تَعَالَى: أَنَّ الْأَهِلَّةَ هِيَ: الْمَوَاقِيتُ
لِلنَّاسِ
__________
(1) انْظُر الرسَالَة (ص 157) وَاخْتِلَاف الحَدِيث بِهَامِش
الْأُم (ج 7 ص- 105) . [.....]
(2) تَمام الْمَتْرُوك: (هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ
الْهُدى وَالْفُرْقانِ) .
(3) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا.
(4) انْظُر الرسَالَة (ص 157- 158) .
(5) مُرَاده بالأعاجم: الْفرس وَالروم والقبط لَا خُصُوص
الْفرس.
(6) فتجعل بعض الشُّهُور ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَبَعضهَا أَكثر،
وَبَعضهَا أقل. انْظُر تَفْسِير الشوكانى (ج 2 ص 342) .
(1/105)
وَالْحَجِّ «1» وَذَكَرَ الشُّهُورَ،
فَقَالَ: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا
عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ: 9- 36) فَدَلَّ: عَلَى
أَنَّ الشُّهُورَ لِلْأَهِلَّةِ-: إذْ جَعَلَهَا
الْمَوَاقِيتَ.- لَا مَا ذَهَبَتْ إلَيْهِ الْأَعَاجِمُ: مِنْ
الْعَدَدِ بِغَيْرِ الْأَهِلَّةِ.»
«ثُمَّ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ) ذَلِكَ، عَلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ (عَزَّ
وَجَلَّ) وَبَيَّنَ: أَنَّ الشَّهْرَ: تِسْعٌ وَعِشْرُونَ
يَعْنِي: أَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ.
وَذَلِكَ: أَنَّهُمْ قَدْ يَكُونُونَ يَعْلَمُونَ: أَنَّ
الشَّهْرَ يَكُونُ ثَلَاثِينَ فَأَعْلَمَهُمْ: أَنَّهُ قَدْ
يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ «2» وَأَعْلَمَهُمْ: أَنَّ ذَلِكَ
لِلْأَهِلَّةِ «3» .» .
(أَخْبَرَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا
الْعَبَّاس، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«قَالَ اللَّهُ (تَعَالَى) فِي فَرْضِ الصَّوْمِ: (شَهْرُ
رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) إلَى: (فَمَنْ
شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ: فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ
مَرِيضاً، أَوْ عَلى سَفَرٍ: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ:
2- 185) » «فَبَيَّنَ «4» - فِي الْآيَةِ-: أَنَّهُ فَرَضَ
الصِّيَامَ عَلَيْهِمْ عِدَّةً «5» ، وَجَعَلَ «6» لَهُمْ:
أَنْ يُفْطِرُوا فِيهَا: مرضِي ومسافرين ويخصوا حَتَّى
يُكْمِلُوا الْعِدَّةَ.
__________
(1) انْظُر اخْتِلَاف الحَدِيث (ص 303) ، وَانْظُر سَبَب خلق
الْأَهِلّة، فى تَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج 2 ص 107- 108) .
(2) انْظُر الرسَالَة (ص 27- 28) .
(3) انْظُر اخْتِلَاف الحَدِيث (ص 302- 303) .
(4) فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص 76) : «فَكَانَ بَينا» .
(5) كَذَا فى اخْتِلَاف الحَدِيث، وَهُوَ الملائم لما بعد. وفى
الأَصْل: «عددا.
(6) فى اخْتِلَاف الحَدِيث «فَجعل» .
(1/106)
وَأَخْبَرَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِمْ
الْيُسْرَ.»
«وَكَانَ قَوْلُ «1» اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَمَنْ كانَ
مَرِيضاً، أَوْ عَلى سَفَرٍ: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)
يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ:» « (أَحَدُهُمَا) : أَنْ لَا
يَجْعَلَ عَلَيْهِمْ «2» صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ: مَرْضَى
وَلَا مُسَافِرِينَ وَيَجْعَلَ عَلَيْهِمْ عَدَدًا- إذَا مَضَى
السَّفَرُ وَالْمَرَضُ-: مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ.»
« (وَيَحْتَمِلُ «3» ) : أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَمَرَهُمْ
بِالْفِطْرِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ: عَلَى الرُّخْصَةِ
إنْ شَاءُوا لِئَلَّا يُحْرَجُوا إنْ فَعَلُوا.» .
«وَكَانَ فَرْضُ الصَّوْمِ، وَالْأَمْرُ بِالْفِطْرِ فِي
الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ-: فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا: أَنَّ كُلَّ آيَةٍ إنَّمَا
أُنْزِلَتْ مُتَتَابِعَةً، لَا مُفَرَّقَةً «4» . وَقَدْ
تَنْزِلُ الْآيَتَانِ فِي السُّورَةِ مُفَرَّقَتَيْنِ «5»
فَأَمَّا آيَةٌ: فَلَا لِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّهَا
كَلَامٌ وَاحِدٌ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ، [يَسْتَأْنِفُ بَعْدَهُ
غَيْرُهُ] «6» » .
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ:
«لِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: مَعْنَى «7» قطع الْكَلَام.» .
__________
(1) كَذَا فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص 77) ، وفى الأَصْل: «فى
قَول» ، وَزِيَادَة «فى» من النساخ.
(2) كَذَا فى اخْتِلَاف الحَدِيث، وَعبارَة الأَصْل: «لَهُم» ،
وهى محرفة.
(3) كَذَا فى اخْتِلَاف الحَدِيث، وَعبارَة الأَصْل: «يحْتَمل»
. وَهَذَا بَيَان للمعنى الثَّانِي. [.....]
(4) فى اخْتِلَاف الحَدِيث: «مُتَفَرِّقَة» .
(5) فى اخْتِلَاف الحَدِيث: «مفترقتين» .
(6) الزِّيَادَة عَن اخْتِلَاف الحَدِيث، للايضاح.
(7) كَذَا فى اخْتِلَاف الحَدِيث، وبالأصل: «بِمَعْنى» .
(1/107)
«فَإذْ «1» صَامَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِي شَهْرِ رَمَضَانَ-: وَفَرْضُ
شَهْرِ رَمَضَانَ إنَّمَا أُنْزِلَ فِي الْآيَةِ.-: عِلْمنَا
«2» أَنَّ الْآيَةَ بِفِطْرِ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ
رُخْصَةٌ.» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) : «فَمَنْ أَفْطَرَ
أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ- مِنْ عُذْرٍ «3» -:
قَضَاهُنَّ مُتَفَرِّقَاتٍ، أَوْ مُجْتَمَعَاتٍ «4» .
وَذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) قَالَ: (فَعِدَّةٌ
مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) وَلَمْ يَذْكُرْهُنَّ مُتَتَابِعَاتٍ
«5» .» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ
اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (وَعَلَى الَّذِينَ
يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ: 2- 184) فَقِيلَ: (يُطِيقُونَهُ «6» )
: كَانُوا يُطِيقُونَهُ ثُمَّ عَجَزُوا «7» فَعَلَيْهِمْ- فِي
كُلِّ يَوْمٍ-: طَعَامُ مِسْكِينٍ «8» .» .
__________
(1) فى اخْتِلَاف الحَدِيث: «فَإِذا» .
(2) عبارَة اخْتِلَاف الحَدِيث: «أَلَيْسَ قد علمنَا» وهى
وَارِدَة فى مقَام مناقشة بَين الشَّافِعِي وَغَيره.
(3) عِبَارَته فى الْأُم (ج 2 ص 88) : «من عذر: مرض أَو سفر
قضاهن فى أَي وَقت مَا شَاءَ: فى ذى الْحجَّة أَو غَيرهَا،
وَبَينه وَبَين أَن يأتى عَلَيْهِ رَمَضَان آخر.- متفرقات»
إِلَخ. وَانْظُر- فى مسئلة الْقَضَاء قبل رَمَضَان التَّالِي-
السّنَن الْكُبْرَى (ج 4 ص 252) .
(4) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج 4 ص 258- 260) .
(5) انْظُر مَا ذكره بعد ذَلِك فى الْأُم: فَإِنَّهُ مُفِيد.
(6) أَي تَأْوِيل مَعْنَاهُ وَهُوَ يتلخص فى أَنه مجَاز مُرْسل
بِاعْتِبَار مَا كَانَ.
(7) انْظُر مَا نَقله الْمُزنِيّ- فى الْمُخْتَصر الصَّغِير (ج
2 ص 22- 23) - عَن ابْن عَبَّاس وَالشَّافِعِيّ: مِمَّا
يتَعَلَّق بِهَذَا فَإِنَّهُ مُهِمّ. وَانْظُر كَذَلِك:
السّنَن الْكُبْرَى (ج 4 ص 200 و230 و270- 272) وَتَفْسِير
الطَّبَرِيّ (ج 2 ص 77- 82) .
(8) انْظُر فى الْأُم (ج 2 ص 89) كَلَام الشَّافِعِي فى الْفرق
بَين فرض الصَّلَاة وَفرض الصَّوْم: من حَيْثُ السُّقُوط
وَعَدَمه، فَهُوَ الْغَايَة فى الْجَوْدَة.
(1/108)
فِي كِتَابِ الصِّيَامِ «1» (وَذَلِكَ:
بِالْإِجَازَةِ.) قَالَ: «وَالْحَالُ (الَّتِي يَتْرُكُ بِهَا
الْكَبِيرُ الصَّوْمَ) : أَنْ يُجْهِدَهُ الْجَهْدَ غَيْرَ «2»
الْمُحْتَمَلِ. وَكَذَلِكَ: الْمَرِيضُ وَالْحَامِلُ:
[إنْ «3» زَادَ مَرَضُ الْمَرِيضِ زِيَادَةً بَيِّنَةً:
أَفْطَرَ وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةً مُحْتَمَلَةً: لَمْ
يُفْطِرْ «4» . وَالْحَامِلُ] إذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا:
[أَفْطَرَتْ] «5» . وَكَذَلِكَ الْمُرْضِعُ:
إذَا أَضَرَّ بِلَبَنِهَا الْإِضْرَارَ الْبَيِّنَ.» .
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ «6» .
وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ ( [رِوَايَةُ] الزَّعْفَرَانِيِّ
عَنْهُ) : «سَمِعْتُ مِنْ أَصْحَابِنَا، مَنْ نَقَلُوا «7» -
إذَا سُئِلَ [عَنْ تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى] «8» :
(وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ)
.-: فَكَأَنَّهُ «9» يَتَأَوَّلُ: إذَا لَمْ يُطِقْ الصَّوْمَ:
الْفِدْيَةُ» .
__________
(1) أَي: الْكتاب الصغيرى، وَهُوَ فى الْجُزْء الثَّانِي من
الْأُم (ص 80- 89) ، وَمِمَّا يؤسف لَهُ: أَن الْكتاب
الْكَبِير لم يعثر عَلَيْهِ.
(2) كَذَا بِالْأُمِّ (ج 2 ص 89) وفى الأَصْل: «عَن» ، وَهُوَ
محرف. [.....]
(3) فى الْأُم: و «إِن» ، وَلَعَلَّ الْوَاو زَائِدَة من
النَّاسِخ، فَلْيتَأَمَّل. وَمَا بَين المربعات هُنَا زِيَادَة
عَن الْأُم.
(4) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج 4 ص 242- 243) وَتَفْسِير
الطَّبَرِيّ (ج 2 ص 87) .
(5) انْظُر فى الْأُم (ج 7 ص 233) : الْخلاف فى أَن على
الْحَامِل الْمُفطر الْقَضَاء أم لَا، ومناقشة الشَّافِعِي لمن
أوجبه كَالْإِمَامِ مَالك. فهى مناقشة قَوِيَّة مفيدة.
(6) اُنْظُرْهُ فى الْأُم (ج 2 ص 89) .
(7) أَي: من نقلوا عَن بعض أهل الْعلم بِالْقُرْآنِ القَوْل
الْآتِي بعد.
(8) الزِّيَادَة للايضاح.
(9) فى الأَصْل: «فَكَانَ» والتصحيح عَن الْأُم. وَقد ورد
هَذَا القَوْل فِيهَا مُسْندًا للشافعى (رضى الله عَنهُ) وَلَا
ذكر للاية الْكَرِيمَة قبله. وَهُوَ مروى بِالْمَعْنَى عَن
ابْن عَبَّاس كَمَا فى تَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج 2 ص 80) .
(1/109)
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي
إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ
عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا
إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ
تَجْهَلُونَ (138)
وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ- فِيمَا
رُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ-: أَنَّهُ قَالَ:
«جِمَاعُ الْعُكُوفِ: مَا «1» لَزِمَهُ الْمَرْءُ، فَحَبَسَ
عَلَيْهِ نَفْسَهُ: مِنْ شَيْءٍ، بِرًّا كَانَ أَوْ مَأْثَمًا.
فَهُوَ: عَاكِفٌ.»
«وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ
يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ: 7- 138) وَبِقَوْلِهِ
تَعَالَى [حِكَايَةً] «2» عَمَّنْ رَضِيَ قَوْلَهُ: (مَا هذِهِ
التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ: 21- 52) .»
«قِيلَ: فَهَلْ لِلِاعْتِكَافِ الْمُتَبَرَّرِ، «3» أَصْلٌ فِي
كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟.
قَالَ: نَعَمْ «4» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَلا
تُبَاشِرُوهُنَّ: «5» وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ:
2- 187) وَالْعُكُوفُ فِي الْمَسَاجِدِ: [صَبْرُ الْأَنْفُسِ
فِيهَا، وَحَبْسُهَا عَلَى عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى
وَطَاعَتِهِ] .» «6»
__________
(1) قَوْله: مَا لزمَه إِلَخ فِيهِ تجوز، وَظَاهره غير مُرَاد
قطعا. إِذْ أصل العكوف:
الْإِقَامَة على الشَّيْء أَو بِالْمَكَانِ، ولزومهما، وَحبس
النَّفس عَلَيْهِمَا. انْظُر اللِّسَان (مَادَّة:
عكف) ، وَتَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج 2 ص 104) .
(2) الزِّيَادَة للايضاح والمرضى قَوْله هُنَا هُوَ الْخَلِيل،
عَلَيْهِ السَّلَام.
(3) أَي: المتبرر بِهِ على حد قَوْلهم: الْوَاجِب الْمُخَير
أَو الموسع أَي: فى أَفْرَاده، أَو أوقاته.
(4) فى الأَصْل: «يعْنى» ، وَهُوَ تَحْرِيف من النَّاسِخ.
(5) أخرج فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 4 ص 321) عَن ابْن عَبَّاس،
أَنه قَالَ:
«الْمُبَاشرَة وَالْمُلَامَسَة والمس: جماع كُله وَلَكِن الله
(عز وَجل) يكنى مَا شَاءَ بِمَا شَاءَ» وَانْظُر الْخلاف فى
تَفْسِير الْمُبَاشرَة، فى الطَّبَرِيّ (ج 2 ص 104- 106) .
(6) هَذِه الزِّيَادَة قد تكون صَحِيحَة متعينة إِذْ لَيْسَ
المُرَاد: بَيَان أَن العكوف المتبرر يكون فى الْمَسَاجِد، أَو
لَا يكون إِلَّا فِيهَا، وَإِنَّمَا المُرَاد: بَيَان أَن
العكوف فى الْمَسَاجِد متبرر بِهِ لِأَنَّهُ حبس للنَّفس
فِيهَا من أجل الْعِبَادَة. وَلَو كَانَ قَوْله:
والعكوف فى الْمَسَاجِد (بِدُونِ الْوَاو) مَذْكُورا عقب
قَوْله: نعم، لما كَانَ ثمَّة حَاجَة للزِّيَادَة: وَإِن كَانَ
الْجَواب حِينَئِذٍ لَا يكون ملائما للسؤال تَمام الملاثمة،
فَلْيتَأَمَّل.
(1/110)
|