أسباب النزول ت زغلول

سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ
«190» - قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ، وَكَانُوا سِتِّينَ رَاكِبًا، عَلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وَفِيهِمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَشْرَافِهِمْ، وَفِي الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ إِلَيْهِمْ يَؤُولُ أَمْرُهُمْ، الْعَاقِبُ: أَمِيرُ الْقَوْمِ وَصَاحِبُ مَشُورَتِهِمُ الَّذِي لَا يُصْدِرُونَ إِلَّا عَنْ رَأْيِهِ، وَاسْمُهُ عَبْدُ الْمَسِيحِ. وَالسَّيِّدُ: ثِمَالُهُمْ وَصَاحِبُ رَحْلِهِمْ، وَاسْمُهُ الْأَيْهَمُ. وَأَبُو حَارِثَةَ بْنُ عَلْقَمَةَ أُسْقُفُهُمْ وَحَبْرُهُمْ، وَإِمَامُهُمْ وَصَاحِبُ مِدْرَاسِهِمْ، وَكَانَ قد شرف فيهم وَدَرَسَ كُتُبَهُمْ، حَتَّى حَسُنَ عِلْمُهُ فِي دِينِهِمْ، وَكَانَتْ مُلُوكُ الرُّومِ قَدْ شَرَّفُوهُ وَمَوَّلُوهُ، وَبَنَوْا لَهُ الْكَنَائِسَ لِعِلْمِهِ وَاجْتِهَادِهِ. فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وَدَخَلُوا مَسْجِدَهُ حِينَ صَلَّى الْعَصْرَ، عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الْحِبَرَاتِ جِبَابٌ وَأَرْدِيَةٌ، فِي جَمَالِ رِجَالِ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، يَقُولُ بَعْضُ مَنْ رَآهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: مَا رَأَيْنَا وَفْدًا مِثْلَهُمْ، وَقَدْ حَانَتْ صَلَاتُهُمْ، فَقَامُوا فَصَلَّوْا فِي مَسْجِدِ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: دَعُوهُمْ. فَصَلَّوْا إِلَى الْمَشْرِقِ. فَكَلَّمَ السَّيِّدُ وَالْعَاقِبُ رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالَ لَهُمَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: أَسْلِمَا، فَقَالَا: قَدْ أَسْلَمْنَا قَبْلَكَ، قَالَ:
كَذَبْتُمَا، مَنَعَكُمَا مِنَ الْإِسْلَامِ دُعَاؤُكُمَا لِلَّهِ وَلَدًا، وَعِبَادَتُكُمَا الصَّلِيبَ، وَأَكْلُكُمَا الْخِنْزِيرَ. قَالَا: إِنْ لَمْ يَكُنْ عِيسَى وَلَدًا لِلَّهِ، فَمَنْ أَبُوهُ؟ وَخَاصَمُوهُ جَمِيعًا فِي عِيسَى، فَقَالَ لهما النبي صلى اللَّه عليه وسلم: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ولد إلا و [هو] يُشْبِهُ أَبَاهُ؟
قَالُوا: بَلَى، قَالَ: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَبَّنَا حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَأَنَّ عِيسَى يَأْتِي عَلَيْهِ
__________
(190) ذكر ذلك ابن كثير في أول تفسير سورة آل عمران.

(1/99)


الْفَنَاءُ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَبَّنَا قَيِّمٌ عَلَى كَلِّ شَيْءٍ يَحْفَظُهُ وَيَرْزُقُهُ؟
قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَهَلْ يَمْلِكُ عِيسَى مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَإِنَّ رَبَّنَا صَوَّرَ عِيسَى فِي الرَّحِمِ كَيْفَ شَاءَ، وَرَبُّنَا لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَلَا يُحْدِثُ. قَالُوا: بَلَى، قَالَ: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ عِيسَى حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كَمَا تَحْمِلُ الْمَرْأَةُ، ثُمَّ وَضَعَتْهُ كَمَا تَضَعُ الْمَرْأَةُ وَلَدَهَا، ثُمَّ غُذِّيَ كَمَا يُغَذَّى الصَّبِيُّ، ثُمَّ كَانَ يَطْعَمُ وَيَشْرَبُ وَيُحْدِثُ؟ قَالُوا:
بَلَى، قَالَ: فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا كَمَا زَعَمْتُمْ؟ فَسَكَتُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فيهم صدر صورة آلِ عِمْرَانَ إِلَى بِضْعٍ وَثَمَانِينَ آيَةٍ مِنْهَا.
[86] قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ الْآيَةَ. [12] .
«191» - قَالَ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ يَهُودَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالُوا لَمَّا هَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ: هَذَا وَاللَّهِ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ الَّذِي بَشَّرَنَا بِهِ مُوسَى، وَنَجِدُهُ فِي كِتَابِنَا بِنَعْتِهِ وَصِفَتِهِ، وَإِنَّهُ لَا تُرَدُّ لَهُ رَايَةٌ. فَأَرَادُوا تَصْدِيقَهُ وَاتِّبَاعَهُ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَا تَعْجَلُوا حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى وَقْعَةٍ لَهُ أُخْرَى. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَنُكِبَ أَصْحَابُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، شَكُّوا وَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ مَا هُوَ بِهِ. وَغَلَبَ عَلَيْهِمُ الشَّقَاءُ فَلَمْ يُسْلِمُوا، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، عَهْدٌ إِلَى مُدَّةٍ، فَنَقَضُوا ذَلِكَ الْعَهْدَ، وَانْطَلَقَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ فِي سِتِّينَ رَاكِبًا إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ: أَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِ، فَوَافَقُوهُمْ، وَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ، وَقَالُوا: لَتَكُونَنَّ كَلِمَتُنَا وَاحِدَةً. ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ.
( «192» - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ: لَمَّا أَصَابَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، قُرَيْشًا بِبَدْرٍ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، جَمَعَ الْيَهُودَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، احْذَرُوا مِنَ اللَّهِ مِثْلَ مَا
__________
(191) الكلبي ضعيف.
(192) ذكره المصنف بدون إسناده وقد أخرجه أبو داود (3001) وابن جرير في تفسيره (3/ 128) من طريق محمد بن إسحاق قال حدَّثني. محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس به. قلت: محمد بن أبي محمد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: لا يعرف.

(1/100)


نَزَلَ بِقُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَسْلِمُوا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِكُمْ مَا نَزَلَ بِهِمْ، فَقَدْ عَرَفْتُمْ أَنِّي نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، تَجِدُونَ ذَلِكَ فِي كِتَابِكُمْ وَعَهْدِ اللَّهِ إِلَيْكُمْ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، لَا يَغُرَّنَّكَ أَنَّكَ لَقِيتَ قَوْمًا أَغْمَارًا لَا عِلْمَ لَهُمْ بِالْحَرْبِ فَأَصَبْتَ فِيهِمْ فُرْصَةً، أَمَا وَاللَّهِ لَوْ قَاتَلْنَاكَ لَعَرَفْتَ أَنَّا نَحْنُ النَّاسُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا يَعْنِي الْيَهُودَ:
سَتُغْلَبُونَ تُهْزَمُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ فِي الْآخِرَةِ. وَهَذِهِ رِوَايَةُ عِكْرِمَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.) [87] قَوْلُهُ تَعَالَى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ. [18] .
( «193» - قَالَ الْكَلْبِيُّ: لَمَّا ظَهَرَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، بِالْمَدِينَةِ، قَدِمَ عَلَيْهِ حَبْرَانِ مِنْ أَحْبَارِ أَهْلِ الشَّامِ، فَلَمَّا أَبْصَرَا الْمَدِينَةَ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا أَشْبَهَ هَذِهِ الْمَدِينَةَ بِصِفَةِ مَدِينَةِ النَّبِيِّ الَّذِي يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، فَلَمَّا دَخَلَا على النبي صلى اللَّه عليه وسلم، عَرَفَاهُ بِالصِّفَةِ وَالنَّعْتِ، فَقَالَا لَهُ: أَنْتَ مُحَمَّدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَا: وَأَنْتَ أَحْمَدُ، قَالَ:
نَعَمْ، قَالَا: إِنَّا نَسْأَلُكَ عَنْ شَهَادَةٍ، فَإِنْ أَنْتَ أَخْبَرْتَنَا بِهَا آمَنَّا بِكَ وَصَدَّقْنَاكَ. فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَلَانِي، فَقَالَا: أَخْبِرْنَا عَنْ أَعْظَمِ شَهَادَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ فَأَسْلَمَ الرَّجُلَانِ وَصَدَّقَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .
[88] قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ الْآيَةَ [23] .
اخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ نُزُولِهَا.
( «194» - فَقَالَ السُّدِّيُّ: دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودَ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ لَهُ النُّعْمَانُ بْنُ أَوْفَى: هَلُمَّ يَا مُحَمَّدُ نُخَاصِمْكَ إِلَى الْأَحْبَارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ: بَلْ إِلَى الْأَحْبَارِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.)
__________
(193) الكلبي متهم بالكذب.
(194) مرسل. [.....]

(1/101)


( «195» - وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [بَيْتَ] الْمِدْرَاسِ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْيَهُودِ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ نُعَيْمُ بْنُ عَمْرٍو، وَالْحَارِثُ بْنُ زَيْدٍ: عَلَى أَيِّ دِينٍ أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ؟
فَقَالَ: عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يَهُودِيًّا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
فَهَلُمُّوا إِلَى التَّوْرَاةِ فَهِيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ. فَأَبَيَا عَلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ) .
( «196» - وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ اللَّذِينَ زَنَيَا مِنْ خَيْبَرَ، وَسُؤَالِ الْيَهُودِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ حَدِّ الزَّانِيَيْنِ. وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) .
[89] قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ الْآيَةَ. [26] .
«197» - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، وَوَعَدَ أُمَّتَهُ مُلْكَ فَارِسَ وَالرُّومِ، قَالَتِ الْمُنَافِقُونَ وَالْيَهُودُ: هَيْهَاتَ! هَيْهَاتَ! مِنْ أَيْنَ لِمُحَمَّدٍ مُلْكُ فَارِسَ وَالرُّومِ؟ هم أَعَزُّ وَأَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، أَلَمْ يَكْفِ مُحَمَّدًا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ حَتَّى طَمِعَ فِي مُلْكِ وفارس وَالرُّومِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
( «198» - أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ [الْحَدَّادِيُّ] ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ:
__________
(195) أخرجه ابن جرير (3/ 145) من طريق محمد بن إسحاق قال حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير وعكرمة به.
وعزاه السيوطي في الدر (2/ 14) لابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(196) الكلبي متهم بالكذب.
(197) بدون إسناد.
(198) إسناده ضعيف: قتادة لم يذكر ممن سمعه. وأخرجه ابن جرير (3/ 148) وذكره السيوطي في لباب النقول (ص 54) وعزاه في الدر (2/ 14) لعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم.

(1/102)


ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَجْعَلَ مُلْكَ فَارِسَ وَالرُّومِ فِي أُمَّتِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ الْآيَةَ) .
( «199» - حَدَّثَنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعَالِبِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ الْوَزَّانُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُطَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
خَطَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، عَلَى الْخَنْدَقِ يَوْمَ الْأَحْزَابِ، ثُمَّ قَطَعَ لِكُلِّ عَشَرَةٍ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا. قَالَ عَمْرُو بْنُ عَوْفٍ: كُنْتُ أَنَا وَسَلْمَانُ، وَحُذَيْفَةُ وَالنُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيُّ، وَسِتَّةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا. فَحَفَرْنَا حَتَّى إِذَا كنا تحت «ذو ناب» ، أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْ بَطْنِ الْخَنْدَقِ صَخْرَةً مَرْوَةً كَسَرَتْ حَدِيدَنَا وَشَقَّتْ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: يَا سَلْمَانُ، ارْقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبِرْهُ خَبَرَ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، فَإِمَّا أَنْ نَعْدِلَ عَنْهَا، وَإِمَّا أَنْ يَأْمُرَنَا فِيهَا بِأَمْرِهِ، فَإِنَّا لَا نُحِبُّ أَنْ نُجَاوِزَ خَطَّهُ. قَالَ: فَرَقِيَ سَلْمَانُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ ضَارِبٌ عَلَيْهِ قُبَّةً تُرْكِيَّةً، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ خَرَجَتْ صَخْرَةٌ بَيْضَاءُ مَرْوَةٌ مِنْ بَطْنِ الْخَنْدَقِ، فَكَسَرَتْ حَدِيدَنَا وَشَقَّتْ عَلَيْنَا حَتَّى مَا يَحِيكُ فِيهَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، فَمُرْنَا فِيهَا بِأَمْرِكَ، فَإِنَّا لَا نُحِبُّ أَنْ نُجَاوِزَ خَطَّكَ. قَالَ: فَهَبَطَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، مَعَ سَلْمَانَ الْخَنْدَقَ، وَالتِّسْعَةُ عَلَى شَفَةِ الْخَنْدَقِ، فَأَخَذَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، الْمِعْوَلَ مِنْ سَلْمَانَ فَضَرَبَهَا ضَرْبَةً صَدَّعَهَا، وَبَرَقَ مِنْهَا بَرْقٌ أَضَاءَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا- يَعْنِي الْمَدِينَةَ- حَتَّى لَكَأَنَّ مِصْبَاحًا فِي جَوْفِ بَيْتٍ مُظْلِمٍ. وَكَبَّرَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم تَكْبِيرَ فَتْحٍ، فَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ، ثُمَّ ضَرَبَهَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الثَّانِيَةَ وَبَرَقَ مِنْهَا بَرْقٌ أَضَاءَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا، حَتَّى لَكَأَنَّ مِصْبَاحًا فِي جَوْفِ بَيْتٍ مُظْلِمٍ، فَكَبَّرَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، تَكْبِيرَ فَتْحٍ، وَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ، ثُمَّ ضَرَبَهَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَكَسَرَهَا وَبَرَقَ مِنْهَا بَرْقٌ أَضَاءَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا حَتَّى لَكَأَنَّ مِصْبَاحًا فِي جَوْفِ بَيْتٍ مُظْلِمٍ، وَكَبَّرَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم تَكْبِيرَ فَتْحٍ، وَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ، وَأَخَذَ بِيَدِ سَلْمَانَ وَرَقِيَ، فَقَالَ سَلْمَانُ: بِأَبِي أَنْتَ
__________
(199) كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف: ضعيف ومنهم من نسبه إلى الكذب تقريب [2/ 132] .
والحديث أخرجه ابن جرير (21/ 85) من طريق كثير به.

(1/103)


وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ شَيْئًا مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ قَطُّ. فَالْتَفَتَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، إِلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ: رَأَيْتُمْ مَا يَقُولُ سَلْمَانُ؟ قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: ضَرَبْتُ ضَرْبَتِي الْأُولَى فَبَرَقَ الَّذِي رَأَيْتُمْ، أَضَاءَتْ لِي مِنْهَا قُصُورُ الْحِيرَةِ وَمَدَائِنُ كِسْرَى، كَأَنَّهَا أَنْيَابُ الْكِلَابِ، وَأَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّ أُمَّتِي ظَاهِرَةٌ عَلَيْهَا. ثُمَّ ضَرَبْتُ ضَرْبَتِي الثَّانِيَةَ فَبَرَقَ الَّذِي رَأَيْتُمْ، أَضَاءَتْ لِي مِنْهَا الْقُصُورُ الْحُمْرُ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ، كَأَنَّهَا أَنْيَابُ الْكِلَابِ، وَأَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّ أُمَّتِي ظَاهِرَةٌ عَلَيْهَا ثُمَّ ضَرَبْتُ ضَرْبَتِي الثَّالِثَةَ، فَبَرَقَ الَّذِي رَأَيْتُمْ، أَضَاءَتْ لِي مِنْهَا قُصُورُ صَنْعَاءَ كَأَنَّهَا أَنْيَابُ الْكِلَابِ، وَأَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ أُمَّتِي ظَاهِرَةٌ عَلَيْهَا، فَأَبْشِرُوا. فَاسْتَبْشَرَ الْمُسْلِمُونَ وَقَالُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَوْعِدُ صِدْقٍ، وَعَدَنَا النَّصْرَ بَعْدَ الْحَفْرِ. فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: أَلَا تَعْجَبُونَ يُمَنِّيكُمْ وَيَعِدُكُمُ الْبَاطِلَ، وَيُخْبِرُكُمْ أَنَّهُ يُبْصِرُ مِنْ يَثْرِبَ قُصُورَ الْحِيرَةِ وَمَدَائِنَ كِسْرَى، وَأَنَّهَا تُفْتَحُ لَكُمْ، وَأَنْتُمْ إِنَّمَا تَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ مِنَ الْفَرَقِ، وَلَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَبْرُزُوا! قَالَ: فَنَزَلَ الْقُرْآنُ وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، قَوْلَهُ: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ الْآيَةَ) .
[90] قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ... [28] .
«200» - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ الْحَجَّاجُ بْنُ عَمْرٍو، وَكَهْمَسُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَقَيْسِ بْنِ زَيْدٍ- وَهَؤُلَاءِ كَانُوا مِنَ الْيَهُودِ- يُبَاطِنُونَ نَفَرًا مِنَ الْأَنْصَارِ لِيَفْتِنُوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ فَقَالَ رِفَاعَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ خَيْثَمَةَ لِأُولَئِكَ النَّفَرِ:
اجْتَنِبُوا هَؤُلَاءِ الْيَهُودَ، وَاحْذَرُوا لُزُومَهُمْ وَمُبَاطَنَتَهُمْ لَا يَفْتِنُوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ. فَأَبَى أُولَئِكَ النَّفَرُ إِلَّا مُبَاطَنَتَهُمْ وَمُلَازَمَتَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
__________
(200) أخرجه ابن جرير (3/ 152) ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص 54) .
وعزاه في الدر (2/ 16) لابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم.

(1/104)


«201» - وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ، كَانُوا يَتَوَلَّوْنَ الْيَهُودَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَيَأْتُونَهُمْ بِالْأَخْبَارِ، وَيَرْجُونَ أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الظَّفَرُ عَلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، وَنَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنْ مِثْلِ فِعْلِهِمْ.
«202» - وَقَالَ جُوَيْبِرٌ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الْأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ بَدْرِيًّا نَقِيبًا، وَكَانَ لَهُ حُلَفَاءُ مِنَ الْيَهُودِ، فَلَمَّا خرج النبي صلى اللَّه عليه وسلم يَوْمَ الْأَحْزَابِ قَالَ عُبَادَةُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ مَعِي خَمْسَمِائَةِ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ يَخْرُجُوا مَعِي فَأَسْتَظْهِرُ بِهِمْ عَلَى الْعَدُوِّ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ الْآيَةَ.
[91] قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهِ الآية. [31] .
«203» - قال الحسن، وابن جُرَيج: زعم أقوام على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، أَنَّهُمْ يُحِبُّونَ اللَّهَ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّا نُحِبُّ رَبَّنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
( «2031» م- وَرَوَى جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
وقف النبي صلى اللَّه عليه وسلم، عَلَى قُرَيْشٍ، وَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَقَدْ نَصَبُوا أَصْنَامَهُمْ، وَعَلَّقُوا عَلَيْهَا بَيْضَ النَّعَامِ، وَجَعَلُوا فِي آذَانِهَا الشُّنُوفَ [وَالْقِرَطَةَ] ، وَهُمْ يَسْجُدُونَ لَهَا، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لَقَدْ خَالَفْتُمْ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ، وَلَقَدْ كَانَا عَلَى الْإِسْلَامِ. فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّمَا نَعْبُدُ هَذِهِ حُبًّا لِلَّهِ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ وَتَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ لِتُقَرِّبَكُمْ
__________
(201) الكلبي متهم بالكذب.
(202) إسناده ضعيف جداً: جويبر بن سعيد ضعيف جداً [التقريب 1/ 136] والضحاك لم يسمع من ابن عباس.
(203) ذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية، وعزاه السيوطي في لباب النقول (ص 55) لابن المنذر عن الحسن. وعزاه في الدر (2/ 17) لابن جرير.
وهو عند ابن جرير (3/ 155) .
(2031 م) جويبر ضعيف جداً. ومرت ترجمته في رقم (202) .

(1/105)


إِلَيْهِ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ فَأَنَا رَسُولُهُ إِلَيْكُمْ وَحُجَّتُهُ عَلَيْكُمْ، وَأَنَا أَوْلَى بِالتَّعْظِيمِ مِنْ أَصْنَامِكُمْ.)
«204» - وَرَوَى الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الْيَهُودَ لَمَّا قَالُوا:
نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ. فَلَمَّا نَزَلَتْ عَرَضَهَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عَلَى الْيَهُودِ، فَأَبَوْا أَنْ يَقْبَلُوهَا.
«205» - وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ:
نَزَلَتْ فِي نَصَارَى نَجْرَانَ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّمَا نُعَظِّمُ الْمَسِيحَ وَنَعْبُدُهُ حُبًّا لِلَّهِ وَتَعْظِيمًا لَهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ رَدًّا عَلَيْهِمْ.
[92] قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ الْآيَةَ. [59] .
( «206» - قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: إِنَّ وَفْدَ نَجْرَانَ قَالُوا لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: مَا لَكَ تَشْتُمُ صَاحِبَنَا؟ قَالَ: وَمَا أَقُولُ؟ قَالُوا: تَقُولُ: إِنَّهُ عَبْدٌ، قَالَ: أَجَلْ إِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ. فَغَضِبُوا وَقَالُوا: هَلْ رَأَيْتَ إِنْسَانًا قَطُّ مِنْ غَيْرِ أَبٍ؟ فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَأَرِنَا مِثْلَهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ.)
( «207» - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَارِثِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا سَهْلٌ أَبُو يَحْيَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى وَوَكِيعٌ، عَنْ مُبَارَكٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:
جَاءَ رَاهِبَا نَجْرَانَ إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فَعَرَضَ عَلَيْهِمَا الْإِسْلَامَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إِنَّا قَدْ أَسْلَمْنَا قَبْلَكَ، فَقَالَ: كَذَبْتُمَا، إِنَّهُ يَمْنَعُكُمَا عَنِ الْإِسْلَامِ ثَلَاثَةٌ: عِبَادَتُكُمُ الصَّلِيبَ، وَأَكْلُكُمُ الْخِنْزِيرَ، وَقَوْلُكُمْ: لِلَّهِ وَلَدٌ. قَالَا: مَنْ أَبُو عِيسَى؟ وَكَانَ لَا يَعْجَلُ
__________
(204) الكلبي متهم بالكذب.
(205) مرسل- أخرجه ابن جرير (3/ 155) وعزاه السيوطي في الدر (2/ 17) لابن جرير وابن إسحاق.
(206) بدون سند.
(207) عزاه السيوطي في اللباب (ص 55) لابن أبي حاتم. [.....]

(1/106)


حَتَّى يَأْمُرَهُ رَبُّهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ الْآيَةَ) .
[93] قَوْلُهُ تَعَالَى: فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ الْآيَةَ. [61] .
(20»
- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزِّمْجَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ:
جَاءَ رَاهِبَا نَجْرَانَ إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالَ لَهُمَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: أَسْلِمَا تَسْلَمَا، فَقَالَا: قَدْ أَسْلَمْنَا قَبْلَكَ، فَقَالَ: كَذَبْتُمَا يَمْنَعُكُمَا مِنَ الْإِسْلَامِ: [ثَلَاثٌ] : سُجُودُكُمَا لِلصَّلِيبِ، وَقَوْلُكُمَا: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَشُرْبُكُمَا الْخَمْرَ فَقَالَا: مَا تَقُولُ فِي عِيسَى؟
قَالَ: فسكت النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ: ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ إِلَى قَوْلِهِ: فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ الْآيَةَ، فَدَعَاهُمَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إِلَى الملاعنة، قال: وَجَاءَ بِالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَفَاطِمَةَ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: أَقْرِرْ بِالْجِزْيَةِ وَلَا تُلَاعِنْهُ، فَأَقَرَّ بِالْجِزْيَةِ. قَالَ: فَرَجَعَا فَقَالَا: نُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ وَلَا نُلَاعِنُكَ.
[فَأَقَرَّا بِالْجِزْيَةِ] ) .
( «209» - أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْحَافِظُ، فِيمَا أَذِنَ لِي فِي رِوَايَتِهِ، حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاعِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَاتِمٍ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مِهْرَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:
قَدِمَ وَفْدُ أَهْلِ نَجْرَانَ على النبي صلى اللَّه عليه وسلم: الْعَاقِبُ، وَالسَّيِّدُ. فَدَعَاهُمَا إِلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَا: أَسْلَمْنَا قَبْلَكَ، قَالَ: كَذَبْتُمَا إِنْ شِئْتُمَا أَخْبَرْتُكُمَا بِمَا يَمْنَعُكُمَا مِنَ
__________
(208) مرسل.
(209) أخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 593- 594) وصححه ووافقه الذهبي، ولكن ليس عند الحاكم أن الآية نزلت.
وعزاه في الدر (2/ 38) للحاكم وابن مردويه وأبي نعيم في الدلائل.

(1/107)


الْإِسْلَامِ، فَقَالَا: هَاتِ أَنْبِئْنَا، قَالَ: حُبُّ الصَّلِيبِ، وَشُرْبُ الْخَمْرِ، وَأَكْلُ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ. فَدَعَاهُمَا إِلَى الْمُلَاعَنَةِ فَوَعَدَاهُ عَلَى أَنْ يُغَادِيَاهُ بِالْغَدَاةِ، فَغَدَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ، وَبِيَدِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِمَا فَأَبَيَا أَنْ يُجِيبَا، فَأَقَرَّا لَهُ بِالْخَرَاجِ، فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: «وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَوْ فَعَلَا لَمُطِرَ الْوَادِي نَارًا» . قَالَ جَابِرٌ: فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ: فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ) قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَبْنَاءَنَا: الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، وَنِسَاءَنَا: فَاطِمَةَ، وَأَنْفُسَنَا: عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
[94] قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ الْآيَةَ.
[68] .
«210» - قَالَ [ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رُؤَسَاءُ] الْيَهُودِ: وَاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ، لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّا أَوْلَى بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ مِنْكَ وَمِنْ غَيْرِكَ، وَأَنَّهُ كَانَ يَهُودِيًّا، وَمَا بِكَ إِلَّا الْحَسَدُ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
( «211» - وَرَوَى الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَى أَيْضًا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ عَنْ أَصْحَابِ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وَذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، وَقَدْ دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ.
قَالُوا: لَمَّا هَاجَرَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْحَبَشَةِ، وَاسْتَقَرَّتْ بِهِمُ الدَّارُ، وَهَاجَرَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِ بَدْرٍ مَا كَانَ- اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ فِي دَارِ النَّدْوَةِ وَقَالُوا: إِنَّ لَنَا فِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ ثَأْرًا بِمَنْ قُتِلَ مِنْكُمْ بِبَدْرٍ، فَاجْمَعُوا مَالًا وَأَهْدُوهُ إِلَى النَّجَاشِيِّ لَعَلَّهُ يَدْفَعُ إِلَيْكُمْ مَنْ عِنْدَهُ مِنْ قَوْمِكُمْ، وَلْيَنْتَدِبَ لِذَلِكَ رَجُلَانِ مِنْ ذَوِي آرَائِكُمْ. فَبَعَثُوا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَعُمَارَةَ بْنَ أَبِي
__________
(210) بدون إسناد.
(211) الكلبي ضعيف، وحديث ابن غنم ذكره السيوطي في الدر (2/ 41) وعزاه لعبد بن حميد- وله شاهد موصول من حديث أبي موسى: أخرجه الحاكم (2/ 309) . وصححه ووافقه الذهبي.

(1/108)


مُعَيْطٍ، مَعَ الْهَدَايَا: الْأُدْمِ وَغَيْرِهِ، فَرَكِبَا الْبَحْرَ وَأَتَيَا الْحَبَشَةَ، فَلَمَّا دَخَلَا عَلَى النَّجَاشِيِّ سَجَدَا لَهُ وَسَلَّمَا عَلَيْهِ وَقَالَا لَهُ: إِنَّ قَوْمَنَا لَكَ نَاصِحُونَ شَاكِرُونَ، وَلِصَلَاحِكَ مُحِبُّونَ، وَإِنَّهُمْ بَعَثُونَا إِلَيْكَ لِنُحَذِّرَكَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَيْكَ، لِأَنَّهُمْ قَوْمُ رَجُلٍ كَذَّابٍ، خَرَجَ فِينَا يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ مِنَّا إِلَّا السُّفَهَاءَ، وَكُنَّا قَدْ ضَيَّقْنَا عَلَيْهِمُ الْأَمْرَ، وَأَلْجَأْنَاهُمْ إِلَى شِعْبٍ بِأَرْضِنَا، لَا يدخل عليهم أَحَدٌ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَدْ قَتَلَهُمُ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْأَمْرُ بَعَثَ إِلَيْكَ ابْنَ عَمِّهِ لِيُفْسِدَ عَلَيْكَ دِينَكَ وَمُلْكَكَ وَرَعِيَّتَكَ، فَاحْذَرْهُمْ وَادْفَعْهُمْ إِلَيْنَا لِنَكْفِيَكَهُمْ.
قَالُوا: وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ إِذَا دَخَلُوا عَلَيْكَ لَا يَسْجُدُونَ لَكَ، وَلَا يُحَيُّونَكَ بِالتَّحِيَّةِ الَّتِي يُحَيِّيكَ بِهَا النَّاسُ، رَغْبَةً عَنْ دِينِكَ وَسُنَّتِكَ.
قَالَ: فَدَعَاهُمُ النَّجَاشِيُّ، فَلَمَّا حَضَرُوا صَاحَ جَعْفَرٌ بِالْبَابِ: يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ حِزْبُ اللَّهِ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: مُرُوا هَذَا الصَّائِحَ فَلْيُعِدْ كَلَامَهُ، فَفَعَلَ جَعْفَرٌ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: نَعَمْ فَلْيَدْخُلُوا بِأَمَانِ اللَّهِ وَذِمَّتِهِ. فَنَظَرَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى صَاحِبِهِ، فَقَالَ: أَلَا تَسْمَعُ كَيْفَ يَرْطُنُونَ بِحِزْبِ اللَّهِ، وَمَا أَجَابَهُمْ [بِهِ] النَّجَاشِيُّ. فَسَاءَهُمَا ذَلِكَ. ثُمَّ دَخَلُوا عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْجُدُوا لَهُ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ [وَعُمَارَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ] : أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يَسْتَكْبِرُونَ أَنْ يَسْجُدُوا لَكَ؟ فَقَالَ لَهُمُ النَّجَاشِيُّ: مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَسْجُدُوا لِي وَتُحَيُّونِي بِالتَّحِيَّةِ الَّتِي يُحَيِّينِي بِهَا مَنْ أَتَى مِنَ الْآفَاقِ؟ قَالُوا: نَسْجُدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَكَ وَمَلَّكَكَ، وَإِنَّمَا كَانَتْ تِلْكَ تَحِيَّةً لَنَا وَنَحْنُ نَعْبُدُ الْأَوْثَانَ، فَبَعَثَ اللَّهُ فِينَا نَبِيًّا صَادِقًا، وَأَمَرَنَا بِالتَّحِيَّةِ الَّتِي يَرْتَضِيهَا اللَّهُ لَنَا وَهِيَ السَّلَامُ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
فَعَرَفَ النَّجَاشِيُّ أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ، وَأَنَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ. قَالَ: أَيُّكُمُ الْهَاتِفُ:
يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ حِزْبُ اللَّهِ؟ قَالَ جَعْفَرٌ: أَنَا، قَالَ: فَتَكَلَّمْ، قَالَ: إِنَّكَ مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلَا يَصْلُحُ عِنْدَكَ كَثْرَةُ الْكَلَامِ، وَلَا الظُّلْمُ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أُجِيبَ عَنْ أَصْحَابِي، فَمُرْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَلْيَتَكَلَّمْ أَحَدُهُمَا وَلِيُنْصِتِ الْآخَرُ، فَتَسْمَعُ مُحَاوَرَتَنَا. فَقَالَ عَمْرٌو لِجَعْفَرٍ: تَكَلَّمْ، فَقَالَ جَعْفَرٌ لِلنَّجَاشِيِّ: سَلْ هَذَا الرَّجُلَ: أَعَبِيدٌ نَحْنُ أَمْ أَحْرَارٌ؟ فَإِنْ كُنَّا عَبِيدًا أَبَقْنَا مِنْ أَرْبَابِنَا، فَارْدُدْنَا إِلَيْهِمْ.
فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: أَعَبِيدٌ هُمْ أَمْ أَحْرَارٌ؟ فَقَالَ: بَلْ أَحْرَارٌ كِرَامٌ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: نَجَوْا

(1/109)


مِنَ الْعُبُودِيَّةِ. قَالَ جَعْفَرٌ: سَلْهُمَا: هَلْ أَهْرَقْنَا دَمًا بِغَيْرِ حَقٍّ فَيُقْتَصُّ مِنَّا؟ فَقَالَ عَمْرٌو:
لَا، وَلَا قَطْرَةٌ. قَالَ جَعْفَرٌ: سَلْهُمَا: هَلْ أَخَذْنَا أَمْوَالَ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَعَلَيْنَا قَضَاؤُهَا؟ قَالَ النَّجَاشِيُّ: يَا عَمْرُو إِنْ كَانَ قِنْطَارًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، فَقَالَ عَمْرٌو: لَا وَلَا قِيرَاطًا، قَالَ النَّجَاشِيُّ: فَمَا تَطْلُبُونَ مِنْهُمْ؟ قَالَ عَمْرٌو: كُنَّا وَهُمْ عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ، وَأَمْرٍ وَاحِدٍ، عَلَى دِينِ آبَائِنَا، فَتَرَكُوا ذَلِكَ الدِّينَ وَاتَّبَعُوا غَيْرَهُ، وَلَزِمْنَاهُ نَحْنُ، فَبَعَثَنَا إِلَيْكَ قَوْمُهُمْ لِتَدْفَعَهُمْ إِلَيْنَا. فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي كُنْتُمْ عَلَيْهِ، وَالدِّينُ الَّذِي اتَّبَعْتُمُوهُ؟ اصْدُقْنِي. قَالَ جَعْفَرٌ: أَمَّا [الدين] الذي كنا عليه وتركناه فهو دين الشيطان وأمره، كنا نكفر باللَّه عز وجل، ونعبد الحجارة، وأما [الدِّينُ] الَّذِي تَحَوَّلْنَا إِلَيْهِ فَدِينُ اللَّهِ الْإِسْلَامُ، جَاءَنَا بِهِ رَسُولُ مِنَ اللَّهِ وَكِتَابٌ مِثْلُ كِتَابِ ابْنِ مَرْيَمَ مُوَافِقًا لَهُ.
فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: يَا جَعْفَرُ لَقَدْ تَكَلَّمْتَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ فَعَلَى رِسْلِكَ. ثُمَّ أَمَرَ النَّجَاشِيُّ فَضُرِبَ بِالنَّاقُوسِ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ كُلُّ قِسِّيسٍ وَرَاهِبٍ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا عِنْدَهُ قَالَ النَّجَاشِيُّ: أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى، هَلْ تَجِدُونَ بَيْنَ عِيسَى وَبَيْنَ الْقِيَامَةِ نَبِيًّا مُرْسَلًا؟ فَقَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَدْ بَشَّرَنَا بِهِ عِيسَى، وَقَالَ: مَنْ آمَنَ بِهِ فَقَدْ آمَنَ بِي، وَمَنْ كَفَرَ بِهِ فَقَدْ كَفَرَ بِي. فَقَالَ النَّجَاشِيُّ لِجَعْفَرٍ: مَاذَا يَقُولُ لَكُمْ هَذَا الرَّجُلُ وَيَأْمُرُكُمْ بِهِ، وَمَا يَنْهَاكُمْ عَنْهُ؟ قَالَ: يَقْرَأُ عَلَيْنَا كِتَابَ اللَّهِ، وَيَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَيَأْمُرُ بِحُسْنِ الْجِوَارِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَبِرِّ الْيَتِيمِ، وَيَأْمُرُنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.
فَقَالَ: اقْرَأْ عَلَيْنَا شَيْئًا مِمَّا كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْكُمْ. فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سورة «العنكبوت» و «الروم» . فَفَاضَتْ عَيْنَا النَّجَاشِيِّ وَأَصْحَابِهِ مِنَ الدَّمْعِ، وَقَالُوا: يَا جَعْفَرُ، زِدْنَا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الطَّيِّبِ. فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ «سُورَةَ الْكَهْفِ» . فَأَرَادَ عَمْرٌو أَنْ يَغْضَبَ النَّجَاشِيُّ فَقَالَ: إِنَّهُمْ يَشْتُمُونَ عِيسَى وَأُمَّهُ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: مَا يَقُولُونَ فِي عِيسَى وَأُمِّهِ؟ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ جَعْفَرٌ سُورَةَ «مَرْيَمَ» ، فَلَمَّا أَتَى عَلَى ذِكْرِ مَرْيَمَ وَعِيسَى رَفَعَ النَّجَاشِيُّ نَفْثَةً مِنْ سِوَاكٍ قَدْرَ مَا يَقْذِي الْعَيْنَ، وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا زَادَ الْمَسِيحُ عَلَى مَا تَقُولُونَ هَذَا. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ فَقَالَ: اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ سُيُومٌ بِأَرْضِي.
يَقُولُ: آمِنُونَ، مَنْ سَبَّكُمْ أَوْ آذَاكُمْ غَرِمَ، ثُمَّ قَالَ: أَبْشِرُوا وَلَا تَخَافُوا، وَلَا دَهْوَرَةَ

(1/110)


الْيَوْمَ عَلَى حِزْبِ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ عَمْرٌو: يَا نَجَاشِيُّ وَمَنْ حِزْبُ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الرَّهْطُ وَصَاحِبُهُمُ الَّذِي جَاءُوا مِنْ عِنْدِهِ وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ. فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ وَادَّعَوْا فِي دِينِ إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ رَدَّ النَّجَاشِيُّ عَلَى عَمْرٍو وَصَاحِبِهِ الْمَالَ الَّذِي حَمَلُوهُ، وَقَالَ:
إِنَّمَا هَدِيَّتُكُمْ إِلَيَّ رِشْوَةٌ فَاقْبِضُوهَا، فَإِنَّ اللَّهَ مَلَّكَنِي وَلَمْ يَأْخُذْ مِنِّي رِشْوَةً.
قَالَ جَعْفَرٌ: وَانْصَرَفْنَا وَكُنَّا فِي خَيْرِ دَارٍ، وَأَكْرَمِ جِوَارٍ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ فِي خُصُومَتِهِمْ فِي إِبْرَاهِيمَ على رسوله صلى اللَّه عليه وسلم وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ، قَوْلَهُ تَعَالَى:
إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ [أَيْ] عَلَى مِلَّتِهِ وَسُنَّتِهِ، وَهَذَا النَّبِيُّ يعني محمداً صلى اللَّه عليه وسلم، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ.
( «212» - أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْوَرَّاقُ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْجَزَرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
قَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ وُلَاةً مِنَ النَّبِيِّينَ، وَأَنَا وَلِيِّي مِنْهُمْ أَبِي وَخَلِيلُ رَبِّي إِبْرَاهِيمُ. ثُمَّ قَرَأَ: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ الْآيَةَ) .
[95] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ الْآيَةَ. [69] .
«213» - نَزَلَتْ فِي مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ [وَحُذَيْفَةَ] وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، حِينَ دَعَاهُمُ الْيَهُودُ إِلَى دِينِهِمْ. وَقَدْ مَضَتِ الْقِصَّةُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
[96] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمِنُوا الْآيَةَ. [72] .
__________
(212) أخرجه الترمذي (2995) مكرر، وأخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 292، 553) وصححه ووافقه الذهبي- وأخرجه ابن جرير (3/ 218) .
وعزاه السيوطي في الدر (2/ 42) لسعيد بن منصور وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم.
(213) بدون إسناد.

(1/111)


«214» - قَالَ الْحَسَنُ وَالسُّدِّيُّ: تَوَاطَأَ اثْنَا عَشَرَ حَبْرًا مِنْ يَهُودِ خَيْبَرَ [وَقُرَى عُرَيْنَةَ] وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ادْخُلُوا فِي دِينِ مُحَمَّدٍ أَوَّلَ النَّهَارِ بِاللِّسَانِ دُونَ الِاعْتِقَادِ، وَاكْفُرُوا بِهِ فِي آخِرِ النَّهَارِ، وَقُولُوا: إِنَّا نَظَرْنَا فِي كُتُبِنَا، وَشَاوَرْنَا عُلَمَاءَنَا، فَوَجَدْنَا مُحَمَّدًا لَيْسَ بِذَلِكَ، وَظَهَرَ لَنَا كَذِبُهُ، وَبُطَلَانُ دِينِهِ، فَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ شَكَّ أَصْحَابُهُ فِي دِينِهِمْ وَقَالُوا: إِنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، وَهُمْ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا، فَيَرْجِعُونَ عَنْ دِينِهِمْ إِلَى دِينِكُمْ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، وَأَخْبَرَ [بِهِ] نبيَّه محمداً صلى اللَّه عليه وسلم، وَالْمُؤْمِنِينَ.
«215» -[وَ] قَالَ مُجَاهِدٌ، وَمُقَاتِلٌ، وَالْكَلْبِيُّ، هَذَا فِي شَأْنِ الْقِبْلَةِ، لَمَّا صُرِفَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ، شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْيَهُودِ لِمُخَالَفَتِهِمْ، فَقَالَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَأَصْحَابُهُ: آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ مِنْ أَمْرِ الْكَعْبَةِ، وَصَلُّوا إِلَيْهَا أَوَّلَ النَّهَارِ، ثُمَّ اكْفُرُوا بِالْكَعْبَةِ آخِرَ النَّهَارِ، وَارْجِعُوا إِلَى قِبْلَتِكُمُ الصَّخْرَةِ، لَعَلَّهُمْ يَقُولُونَ: هَؤُلَاءِ أَهْلُ كِتَابٍ وَهُمْ أَعْلَمُ مِنَّا. فَرُبَّمَا يَرْجِعُونَ إِلَى قِبْلَتِنَا. فَحَذَّرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ مَكْرَ هَؤُلَاءِ، وَأَطْلَعَهُ عَلَى سِرِّهِمْ، وَأَنْزَلَ: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْآيَةَ.
[97] قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا الْآيَةَ.
[77] .
( «216» - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ،
__________
(214) مرسل.
(215) مرسل.
(216) أخرجه البخاري في كتاب الشرب والمساقاة (2358) وفي كتاب الأشخاص (2417) وفي كتاب الرهن (2516) وفي كتاب الشهادات (2667) و (2677) وفي كتاب التفسير (4550) وفي الأيمان والنذور (6660، 6667) ، وفي الأحكام (7184) .
وأخرجه مسلم في الإيمان (220، 222/ 138) ص 122- 123.
وأبو داود في الأيمان والنذور (3243) .
والترمذي في التفسير (2996) وفي البيوع (1269) وقال حسن صحيح.
والنسائي في التفسير (82) وفي القضاء من الكبرى.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (10/ 180) وابن جرير (3/ 229) وذكره السيوطي في لباب النقول (ص 57) وزاد نسبته في الدر (2/ 44) لعبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب وأحمد في مسنده.

(1/112)


أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأعمش، عن شفيق، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:
قَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لِيَقْطَعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ. فَقَالَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: فِيَّ وَاللَّهِ [نَزَلَتْ] ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالَ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قُلْتُ: لَا. فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: أَتَحْلِفُ؟ فَقُلْتُ: [يَا رَسُولَ اللَّهِ] إِذَنْ يَحْلِفُ فَيَذْهَبُ بِمَالِي. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا الْآيَةَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدَانَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ.)
( «217» - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمِهْرَجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عُمَرَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:
قَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لِيَقْطَعَ بِهَا مَالًا، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. فَأَتَى الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، فَقَالَ: مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قُلْنَا كَذَا وَكَذَا. قَالَ: لَفِيَّ نَزَلَتْ، خَاصَمْتُ رَجُلًا إِلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالَ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فيحلف قلت: إذاً يَحْلِفُ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالًا، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، فأنزل اللَّه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا الْآيَةَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ.
__________
(217) انظر السابق.

(1/113)


وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ، وَعَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، كُلُّهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ) .
( «218» - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّاذْيَاخِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ وَالْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:
قَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: لَا يَحْلِفُ رَجُلٌ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ، لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالًا فَاجِرًا، إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ. قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا الْآيَةَ.)
قَالَ: فَجَاءَ الْأَشْعَثُ، وَعَبْدُ اللَّهِ يحدثهم، قال: فِيَّ نَزَلَتْ وَفِي رَجُلٍ خَاصَمْتُهُ فِي بِئْرٍ، وقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَلْيَحْلِفْ لَكَ، قُلْتُ إِذًا يَحْلِفُ، قَالَ: فَنَزَلَتْ: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا الْآيَةَ.)
«219» - أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو الْمُزَكِّي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَكِّيِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، سَمِعَ هُشَيْمًا يَقُولُ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى:
أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ سِلْعَةً فِي السُّوقِ فَحَلَفَ لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا مَا لَمْ يُعْطِهِ، لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
__________
(218) انظر (216) .
(219) أخرجه البخاري في كتاب التفسير (4551) وأخرجه في كتاب الشهادات (2675) .
وعزاه السيوطي في اللباب (ص 58) للبخاري.
ونقل عن الحافظ ابن حجر قوله: لا منافاة بين الحديثين (حديث الأشعث وحديث عبد اللَّه بن أبي أوفى) بل يحمل على أن النزول كان بالسببين معاً وعزاه في الدر (2/ 44) لعبد بن حميد والبخاري وابن المنذر وابن أبي حاتم.

(1/114)


«220» - وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: إِنَّ نَاسًا مِنْ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ أُولِي فَاقَةٍ، أَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ، فَاقْتَحَمُوا إِلَى كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ بِالْمَدِينَةِ، فَسَأَلَهُمْ كَعْبٌ: هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ- رَسُولُ اللَّهِ- فِي كِتَابِكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ، وَمَا تَعْلَمُهُ أَنْتَ؟ قال: لا، قالوا: فَإِنَّا نَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، قَالَ [كَعْبٌ] : لَقَدْ حَرَمَكُمُ اللَّهُ خَيْرًا كَثِيرًا، لَقَدْ قَدِمْتُمْ عَلَيَّ وَأَنَا أُرِيدُ أن أبركم وأكسو عِيَالَكُمْ، فَحَرَمَكُمُ اللَّهُ وَحَرَمَ عِيَالَكُمْ. قَالُوا: فَإِنَّهُ شُبِّهَ لَنَا، فَرُوَيْدًا حَتَّى نَلْقَاهُ. فَانْطَلَقُوا فَكَتَبُوا صِفَةً سِوَى صِفَتِهِ، ثُمَّ انْتَهَوْا إِلَى نبي اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَكَلَّمُوهُ وَسَأَلُوهُ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى كَعْبٍ، وَقَالُوا: لَقَدْ كُنَّا نَرَى أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، فَلَمَّا أَتَيْنَاهُ إِذَا هُوَ لَيْسَ بِالنَّعْتِ الَّذِي نُعِتَ لَنَا، وَوَجَدْنَا نَعْتَهُ مُخَالِفًا لِلَّذِي عِنْدَنَا.
وَأَخْرَجُوا الَّذِي كَتَبُوا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ كَعْبٌ فَفَرِحَ وَمَارَهُمْ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
«2201» م- وَقَالَ عِكْرِمَةُ: نَزَلَتْ فِي أَبِي رَافِعٍ وَكِنَانَةَ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَحُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ رُؤَسَاءِ اليهود، كتبوا مَا عَهِدَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ، مِنْ شأن محمد صلى اللَّه عليه وسلم، وَبَدَّلُوهُ وَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمْ غَيْرَهُ، وَحَلَفُوا أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِئَلَّا يَفُوتَهُمُ الرِّشَا وَالْمَآكِلُ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ عَلَى أَتْبَاعِهِمْ.
[98] قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ الْآيَةَ. [79] .
«221» - قَالَ الضَّحَّاكُ وَمُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي نَصَارَى نَجْرَانَ حِينَ عَبَدُوا عِيسَى.
وَقَوْلُهُ: لِبَشَرٍ يَعْنِي عِيسَى أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ يَعْنِي الْإِنْجِيلَ.
( «222» - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ وَعَطَاءٍ: إِنَّ أَبَا رَافِعٍ الْيَهُودِيَّ
__________
(220) الكلبي ضعيف.
(2201 م) عزاه السيوطي في اللباب (ص 58) لابن جرير، ونقل عن الحافظ قوله: الآية محتملة ولكن العمدة في ذلك ما ثبت في الصحيح. [.....]
(221) مرسل.
(222) أخرجه ابن جرير (3/ 232) من طريق ابن إسحاق قال ثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال ثني سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس به.
وذكره السيوطي في لباب النقول (ص 58) - وأخرجه البيهقي في الدلائل (5/ 384) - وعزاه في الدر (2/ 46) لابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر والبيهقي في الدلائل.

(1/115)


والرئيس مِنْ نَصَارَى نَجْرَانَ، قَالَا: يَا مُحَمَّدُ أَتُرِيدُ أَنْ نَعْبُدَكَ وَنَتَّخِذَكَ رَبًّا؟ فَقَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يُعْبَدَ غَيْرُ اللَّهِ أَوْ نَأْمُرَ بِعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ، مَا بِذَلِكَ بَعَثَنِي، وَلَا بِذَلِكَ أَمَرَنِي. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.)
( «223» - وَقَالَ الْحَسَنُ: بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نُسَلِّمُ عَلَيْكَ كَمَا يُسَلِّمُ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ، أَفَلَا نَسْجُدُ لَكَ؟ قَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْجَدَ لِأَحَدٍ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَلَكِنْ أَكْرِمُوا نَبِيَّكُمْ، وَاعْرِفُوا الْحَقَّ لِأَهْلِهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.)
[99] قَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ. [83] .
( «224» - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اخْتَصَمَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ إِلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فِيمَا اخْتَلَفُوا بَيْنَهُمْ مِنْ دِينِ إِبْرَاهِيمَ، كُلُّ فِرْقَةٍ زَعَمَتْ أَنَّهَا أَوْلَى بِدِينِهِ، فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم:
كِلَا الْفَرِيقَيْنِ بَرِيءٌ مِنْ دِينِ إِبْرَاهِيمَ. فَغَضِبُوا وَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَرْضَى بِقَضَائِكَ، وَلَا نَأْخُذُ بِدِينِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ.)
[100] قَوْلُهُ تَعَالَى: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ الْآيَةَ. [86] .
«225» - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَارِثِيُّ، أَخْبَرَنَا [أَبُو] مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَحْيَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ خَالِدٍ وَدَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
__________
(223) مرسل- عزاه السيوطي في لباب النقول (ص 58) لعبد الرزاق في تفسيره وعزاه في الدر (2/ 46) لعبد بن حميد.
(224) بدون إسناد.
(225) صحيح: أخرجه النسائي في الصغرى في كتاب تحريم الدم (7/ 107) .
وفي التفسير (85) وابن جرير (3/ 240) .
والحاكم في المستدرك (2/ 142) وصححه ووافقه الذهبي- وذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص 58) .
وزاد نسبته في الدر (2/ 49) لابن حبان والبيهقي في سننه.

(1/116)


أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ ارْتَدَّ فَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ إِلَى قَوْلِهِ: إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا فَبَعَثَ بِهَا قَوْمَهُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا قُرِئَتْ عَلَيْهِ قَالَ: وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي قُومِي عَلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وَلَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى اللَّهِ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَصْدَقُ الثَّلَاثَةِ. فَرَجَعَ تَائِبًا فَقَبِلَ مِنْهُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وَتَرَكَهُ «226» - وأخبرنا أَبُو بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَحْيَى، حَدَّثَنَا سَهْلٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
ارْتَدَّ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنِ الْإِسْلَامِ وَلَحِقَ بِالشِّرْكِ، فَنَدِمَ فَأَرْسَلَ إِلَى قَوْمِهِ أَنْ يَسْأَلُوا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ، فَإِنِّي قَدْ نَدِمْتُ؟ فَنَزَلَتْ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ حَتَّى بَلَغَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا فَكَتَبَ بِهَا قَوْمُهُ إِلَيْهِ، فَرَجَعَ فَأَسْلَمَ.
«2261» م- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَامِدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ زَكَرِيَّا، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مَسْرَهَدٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:
كَانَ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ قَدْ أَسْلَمَ، وَكَانَ مَعَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ثُمَّ لَحِقَ بِقَوْمِهِ وَكَفَرَ، فأنزل اللَّه تعالى هَذِهِ الْآيَةَ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ إِلَى قَوْلِهِ: فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فَحَمَلَهَا إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ فَقَالَ الْحَارِثُ: وَاللَّهِ إِنَّكَ مَا عَلِمْتُ لَصَدُوقٌ، وَإِنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لَأَصْدَقُ مِنْكَ، وَإِنَّ اللَّهَ لَأَصْدَقُ الثَّلَاثَةِ. ثُمَّ رَجَعَ فَأَسْلَمَ إِسْلَامًا حَسَنًا.
[101] قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ. [90] .
__________
(226) انظر الحديث السابق.
(2261 م) ذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية وعزاه لعبد الرزاق، وعزاه السيوطي في لباب النقول (ص 59) لعبد الرزاق ومسدد وأخرجه ابن جرير في تفسيره (3/ 241) .
وذكر الحافظ ابن حجر هذه القصة في الإصابة (1/ 280) في ترجمة الحارث بن سويد.

(1/117)


«227» - قَالَ الْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ، كَفَرُوا بِعِيسَى وَالْإِنْجِيلِ، ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا بِبَعْثَةِ مُحَمَّدٍ وَالْقُرْآنِ.
«228» - وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، كفروا بمحمد صلى اللَّه عليه وسلم بَعْدَ إِيمَانِهِمْ بِنَعْتِهِ وَصِفَتِهِ، ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا بِإِقَامَتِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ.
[102] قَوْلُهُ تَعَالَى: كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. [93] .
( «229» - قَالَ أَبُو رَوْقٍ وَالْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ حِينَ قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: إِنَّا عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَتِ الْيَهُودُ: كَيْفَ وَأَنْتَ تَأْكُلُ لُحُومَ الْإِبِلِ وَأَلْبَانَهَا! فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم:
كَانَ ذَلِكَ حَلَالًا لِإِبْرَاهِيمَ، فَنَحْنُ نُحِلُّهُ. فَقَالَتِ الْيَهُودُ: كُلُّ شَيْءٍ أَصْبَحْنَا الْيَوْمَ نُحَرِّمُهُ فَإِنَّهُ كَانَ مُحَرَّمًا عَلَى نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَكْذِيبًا لَهُمْ: كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْآيَةَ.)
[103] قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ الْآيَةَ. [96] .
«230» - قَالَ مُجَاهِدٌ: تَفَاخَرَ الْمُسْلِمُونَ وَالْيَهُودُ، فَقَالَتِ الْيَهُودُ: بَيْتُ الْمَقْدِسِ
__________
(227) مرسل، وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية: قال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن بزيع حدثنا يزيد بن زريع حدثنا داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس: أن قوماً أسلموا ثم ارتدوا ثم أسلموا ثم ارتدوا فأرسلوا إلى قومهم يسألون لهم فذكروا لهم ذلك لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فنزلت هذه الآية إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ.
وقال ابن كثير: إسناده جيد.
(228) مرسل.
(229) بدون سند.
وأخرج الحاكم في المستدرك (2/ 292) عن ابن عباس: أن إسرائيل أخذه عرق النسا ... فجعل إن شفاه اللَّه أن لا يأكل لحماً فيه عروق قال فحرمته اليهود فنزلت كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ....
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(230) مرسل.

(1/118)


أَفْضَلُ وَأَعْظَمُ مِنَ الْكَعْبَةِ، لِأَنَّهُ مُهَاجَرُ الْأَنْبِيَاءِ، وَفِي الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ. وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: بَلِ الْكَعْبَةُ أَفْضَلُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
[104] قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا الْآيَةَ. [100] .
( «231» - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْقَنْطَرِيُّ فِيمَا أَذِنَ لِي فِي رِوَايَتِهِ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَدَّادِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:
كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ قِتَالٌ مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ اصْطَلَحُوا وَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَجَلَسَ يَهُودِيٌّ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ نَفَرٌ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، فَأَنْشَدَ شِعْرًا قَالَهُ أَحَدُ الْحَيَّيْنِ فِي حَرْبِهِمْ، فَكَأَنَّهُمْ دَخَلَهُمْ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ الْحَيُّ الْآخَرُونَ قَدْ قَالَ شَاعِرُنَا فِي يَوْمِ كَذَا: كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ الْآخَرُونَ: وَقَدْ قَالَ شَاعِرُنَا فِي يَوْمِ كَذَا: كَذَا وَكَذَا. [قَالَ] فَقَالُوا: تَعَالَوْا نَرُدُّ الْحَرْبَ جَذَعًا كَمَا كَانَتْ، فَنَادَى هَؤُلَاءِ يَا آلَ أَوْسٍ، وَنَادَى هَؤُلَاءِ يَا آلَ خَزْرَجٍ.
فَاجْتَمَعُوا وَأَخَذُوا السِّلَاحَ وَاصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فجاء النبي صلى اللَّه عليه وسلم، حَتَّى قَامَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فَقَرَأَهَا وَرَفَعَ صَوْتَهُ، فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَهُ أَنْصَتُوا [لَهُ] وَجَعَلُوا يَسْتَمِعُونَ إِلَيْهِ فَلَمَّا فَرَغَ أَلْقَوُا السِّلَاحَ، وَعَانَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَجَثَوْا يَبْكُونَ) .
( «232» - وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: مِرْشَاسُ بْنُ قَيْسٍ الْيَهُودِيُّ- وَكَانَ شَيْخًا فَدَعَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، عَظِيمَ الْكُفْرِ، شَدِيدَ الضَّغْنِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، شَدِيدَ الْحَسَدِ لَهُمْ- عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ فِي مَجْلِسٍ [قَدْ] جَمَعَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ فِيهِ، فَغَاظَهُ مَا رَأَى مِنْ جَمَاعَتِهِمْ وَأُلْفَتِهِمْ، وَصَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِهِمْ فِي
__________
(231) مرسل، عزاه السيوطي في الدر (2/ 58) لابن المنذر، وأورده في اللباب (ص 59) .
(232) مرسل. أخرجه ابن جرير (4/ 16) .
وعزاه السيوطي في الدر (2/ 57) لابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.

(1/119)


الْإِسْلَامِ، بَعْدَ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْعَدَاوَةِ، فَقَالَ: قَدِ اجْتَمَعَ مَلَأُ بَنِي قَيْلَةَ بِهَذِهِ الْبِلَادِ، لَا وَاللَّهِ مَا لَنَا مَعَهُمْ إِذَا اجْتَمَعُوا بِهَا مِنْ قَرَارٍ. فَأَمَرَ شَابًّا مِنَ الْيَهُودِ كَانَ مَعَهُ، فَقَالَ: اعْمَدْ إِلَيْهِمْ فَاجْلِسْ مَعَهُمْ، ثُمَّ ذَكِّرْهُمْ [بِيَوْمِ] بُعَاثٍ وما كان قبله، وَأَنْشِدْهُمْ بَعْضَ مَا كَانُوا تَقَاوَلُوا فِيهِ مِنَ الْأَشْعَارِ. وَكَانَ بُعَاثٌ يَوْمًا اقْتَتَلَتْ فِيهِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ، وَكَانَ الظَّفَرُ فِيهِ لِلْأَوْسِ عَلَى الْخَزْرَجِ. فَفَعَلَ فَتَكَلَّمَ الْقَوْمُ عِنْدَ ذَلِكَ فَتَنَازَعُوا وَتَفَاخَرُوا، حَتَّى تَوَاثَبَ رَجُلَانِ مِنَ الْحَيَّيْنِ: أَوْسِ بْنِ قَيْظِيٍّ أَحَدِ بَنِي حَارِثَةَ مِنَ الْأَوْسِ، وَجَبَّارِ بْنِ صَخْرٍ، أَحَدِ بَنِي سَلَمَةَ مِنَ الْخَزْرَجِ. فَتَقَاوَلَا، وَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: إِنْ شِئْتَ [وَاللَّهِ] رَدَدْتُهَا [الْآنَ] جَذَعَةً، وَغَضِبَ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا وَقَالَا: قَدْ فَعَلْنَا، السِّلَاحَ السِّلَاحَ مَوْعِدُكُمُ الظَّاهِرَةُ. وَهِيَ حَرَّةٌ، فَخَرَجُوا إِلَيْهَا، وَانْضَمَّتِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ عَلَى دَعْوَاهُمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَبَلَغَ ذَلِكَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فِيمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى جَاءَهُمْ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أَبِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، بَعْدَ أَنْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، وَقَطَعَ بِهِ عَنْكُمْ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَلَّفَ بَيْنَكُمْ، فَتَرْجِعُونَ إِلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ كُفَّارًا؟ اللَّهَ اللَّهَ! فَعَرَفَ الْقَوْمُ أَنَّهَا نَزْغَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَكَيْدٌ مِنَ عَدُوِّهِمْ، فَأَلْقَوُا السِّلَاحَ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَبَكَوْا وَعَانَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ثُمَّ انْصَرَفُوا مَعَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، سَامِعِينَ مُطِيعِينَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا يَعْنِي الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَعْنِي شَاسًا وَأَصْحَابَهُ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ.
قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: مَا كَانَ [مِنْ] طَالِعٍ أَكْرَهَ إِلَيْنَا مِنْ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فأومى إِلَيْنَا بِيَدِهِ، فَكَفَفْنَا وَأَصْلَحَ اللَّهُ تَعَالَى مَا بَيْنَنَا، فَمَا كَانَ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَمَا رَأَيْتُ [قَطُّ] يَوْمًا أَقْبَحَ وَلَا أوْحَش أوّلًا، وأطيبَ آخِرًا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ.)
[105] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ ... الْآيَةَ. [101] .

(1/120)


( «233» - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنِ الْأَغَرِّ، عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
كَانَ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ شَرٌّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَذَكَرُوا مَا بَيْنَهُمْ، فَثَارَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ بالسيوف، فأُتيَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَذُكِرَ ذَلِكَ لَهُ، فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ [إِلَى قَوْلِهِ] :
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا.)
«234» - أَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ النَّقِيبُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ يُونُسَ الْجُرْجَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي اللَّيْثِ، حَدَّثَنَا الْأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
كَانَ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ يَتَحَدَّثُونَ، فَغَضِبُوا حَتَّى كَادَ [يَكُونُ] بَيْنَهُمْ حَرْبٌ فَأَخَذُوا السِّلَاحَ [وَمَشَى] بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَنَزَلَتْ: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا.
[106] قَوْلُهُ تَعَالَى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ... الْآيَةَ. [110] .
«235» - قَالَ عِكْرِمَةُ وَمُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ مالك ابن الضَّيف، وَوَهْبَ بْنَ يَهُوذَا الْيَهُودِيَّيْنِ قَالَا لَهُمْ: إِنَّ دِينَنَا خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ، وَنَحْنُ خَيْرٌ وَأَفْضَلُ مِنْكُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
__________
(233) إسناده فيه انقطاع: أبو نصر الأسدي: قال البخاري لم يعرف سماعه من ابن عباس [تهذيب التهذيب ج 12] .
وعزاه في الدر (2/ 58) للفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني. [.....]
(234) انظر السابق.
(235) مرسل، وعزاه في الدر (2/ 63) لابن جرير وابن المنذر.

(1/121)


[107]
قَوْلُهُ تَعَالَى: لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ... الْآيَةَ. [111] .
«236» - قَالَ مُقَاتِلٌ: إِنَّ رُؤُوسَ الْيَهُودِ كَعْبٌ، وَبَحْرَى، وَالنُّعْمَانُ، وَأَبُو رَافِعٍ، وَأَبُو يَاسِرٍ، وَابْنُ صُورِيَّا، عَمَدُوا إِلَى مُؤْمِنِهِمْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَصْحَابِهِ، فَآذَوْهُمْ لِإِسْلَامِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
[108] قَوْلُهُ تَعَالَى: لَيْسُوا سَوَاءً ... الْآيَةَ. [113] .
«237» - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٌ: لَمَّا أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَثَعْلَبَةُ بْنُ سَعْيَةَ وَأَسِيدُ بْنُ سَعْيَةَ وَأَسَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَمَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْيَهُودِ- قَالَتْ أَحْبَارُ الْيَهُودِ: مَا آمَنَ لِمُحَمَّدٍ إِلَّا شِرَارُنَا، وَلَوْ كَانُوا مِنْ أَخْيَارِنَا لَمَا تَرَكُوا دِينَ آبَائِهِمْ، وَقَالُوا لَهُمْ: لَقَدْ خَسِرْتُمْ حِينَ اسْتَبْدَلْتُمْ بِدِينِكُمْ دِينًا غَيْرَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: لَيْسُوا سَوَاءً الْآيَةَ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ يُصَلِّيهَا الْمُسْلِمُونَ، وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يُصَلِّيهَا.
( «238» - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْغَازِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحِيرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ،
__________
(236) مرسل.
(237) ذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية.
وذكره السيوطي في لباب النقول (ص 60) وعزاه لابن أبي حاتم والطبراني وابن مندة في الصحابة- وأخرجه ابن جرير (4/ 35) .
وزاد نسبته في الدر (2/ 64) لابن إسحاق وابن المنذر.
والبيهقي في الدلائل وابن عساكر.
(238) إسناده حسن: أخرجه النسائي في التفسير (93) .
وأحمد في مسنده (1/ 396) وابن جرير (3/ 36) .
وذكره السيوطي في لباب النقول (ص 61) .
وزاد نسبته في الدر (2/ 65) للبزار وأبي يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني.

(1/122)


حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:
أَخَّرَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لَيْلَةَ الْعِشَاءِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ أَحَدٌ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى فِي هَذِهِ السَّاعَةِ غَيْرُكُمْ، قَالَ: فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ إِلَى قَوْلِهِ: وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ.)
( «239» - أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ نُوحٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ زَحْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:
احْتَبَسَ عَلَيْنَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ذَاتَ لَيْلَةٍ، وَكَانَ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِهِ أَوْ نِسَائِهِ، فَلَمْ يَأْتِنَا لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، فَجَاءَ وَمِنَّا الْمُصَلِّي وَمِنَّا الْمُضْطَجِعُ، فَبَشَّرَنَا فَقَالَ: إِنَّهُ لَا يُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَأُنْزِلَتْ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ.)
[109] قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ ... الْآيَةَ.
[118] .
( «240» - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كَانُوا يُصَافُّونَ
__________
(239) إسناده ضعيف: سليمان بن مهران الأعمش: يدلس [تقريب 1/ 331] وعبيد اللَّه بن زحر: قال الحفاظ في التقريب صدوق يخطئ [تقريب 1/ 533] وقال ابن حبان: منكر الحديث [مجروحين 2/ 62]- ومن تهذيب التهذيب.
في ترجمته: نقل الترمذي في العلل عن البخاري أنه وثقه، واللَّه أعلم.
والحديث السابق يعتبر شاهداً لهذا الحديث متناً فقط.
(240) أخرجه ابن جرير (4/ 40) من طريق ابن إسحاق.
وعزاه في الدر (2/ 66) لابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.

(1/123)


الْمُنَافِقِينَ، وَيُوَاصِلُونَ رِجَالًا مِنَ الْيَهُودِ، لِمَا كَانَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْقَرَابَةِ وَالصَّدَاقَةِ وَالْحِلْفِ وَالْجِوَارِ وَالرَّضَاعِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ يَنْهَاهُمْ عَنْ مُبَاطَنَتِهِمْ خَوْفَ الْفِتْنَةِ مِنْهُمْ عَلَيْهِمْ.)
[110] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ ... الْآيَةَ. [121] .
نَزَلَتْ هَذِهِ الآية في غزاة أُحُدٍ.
«241» - أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَيْ خَالِي، أَخْبِرْنِي عَنْ قِصَّتِكُمْ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ: اقْرَأِ الْعِشْرِينَ وَمِائَةً مِنْ آلِ عِمْرَانَ تَجِدْ وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا.
[111] قَوْلُهُ تَعَالَى: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ... الْآيَةَ. [128] .
( «242» - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
كُسِرَتْ رَبَاعِيَّةُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ وَدُمِيَ وَجْهُهُ، فَجَعَلَ الدَّمُ يَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ وَيَقُولُ: كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ خَضَّبُوا وَجْهَ نَبِيِّهِمْ بِالدَّمِ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ؟
__________
(241) في إسناده انقطاع: ابن عون من الطبقة العاشرة لم يسمع من المسور بن مخرمة.
وعزاه السيوطي في لباب النقول (ص 61) لابن أبي حاتم وأبو يعلى.
(242) صحيح: أخرجه الترمذي (3002، 3003) وقال: حسن صحيح.
وأخرجه ابن جرير (4/ 57) ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص 62) وعزاه لأحمد ومسلم.
وزاد نسبته في الدر (2/ 70) لابن أبي شيبة والبخاري وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي في الدلائل.

(1/124)


قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ.)
( «243» - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْغَازِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
لَعَنَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم [فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ] فُلَانًا وَفُلَانًا [نَاسًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ] فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ حَيَّانَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ، ورواه مسلم من طَرِيقِ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ.)
( «244» - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَمْرَوَيْهِ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كُسِرَتْ رَبَاعِيَّتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَشُجَّ فِي رَأْسِهِ، وَجَعَلَ يَسِيلُ الدَّمُ عَنْهُ، وَيَقُولُ: كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ وَكَسَرُوا رَبَاعِيَّتَهُ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ.)
( «245» - أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعَالِبِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ الْوَزَّانُ، أَخْبَرَنَا
__________
(243) أخرجه البخاري في المغازي (4069) وفي التفسير (4559) .
وفي كتاب الاعتصام (7346) .
وأخرجه النسائي في الصلاة (2/ 203) وفي التفسير (95) ، (96) ، وأخرجه ابن جرير (4/ 58) والترمذي في التفسير (3004) من طريق عمر بن حمزة عن سالم به.
وعزاه السيوطي في لباب النقول (ص 62) للبخاري وأحمد.
وزاد نسبته في الدر (2/ 71) للبيهقي في الدلائل.
(244) أخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير (104/ 1791) ص 1417، وانظر رقم (242) .
(245) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة (294/ 675) ص 466 وعزاه في الدر (2/ 71) لعبد بن حميد والنحاس في ناسخه.
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 242) من طريق عبد الرزاق به.

(1/125)


أَبُو حَامِدِ بْنُ الشَّرْقِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن يحيى، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ:
أَنَّهُ سَمِعَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا. دَعَا عَلَى نَاسٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَسِيَاقُهُ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا.)
( «246» - أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: قُرِئَ عَلَى ابْنِ وَهْبٍ: أَخْبَرَكَ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:
كَانَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حِينَ يَفْرَغُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَيُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ، يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنِ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ، اللَّهُمَّ الْعَنْ لَحْيَانَ وَرِعْلًا وَذَكْوَانَ، وَعَصِيَّةَ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، ثُمَّ بَلَغَنَا أَنَّهُ تَرَكَ لَمَّا نَزَلَتْ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.)
__________
(246) أخرجه البخاري في كتاب التفسير (4560) والبيهقي في السنن (2/ 197) والبغوي في شرح السنة (3/ 119) وابن أبي شيبة (2/ 316) والحميدي (939) وابن سعد في الطبقات (4/ 1/ 96) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 241، 242) والشافعي في مسنده (ص 184) كلهم من طريق الزهري.
قال الحافظ في الفتح (8/ 227) : قول الزهري: ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما نزلت لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ....
قال الحافظ: هذا البلاغ لا يصح لأن قصة رعل وذكوان كانت بعد أحد. ونزول لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ كان في قصة أحد فكيف يتأخر السبب عن النزول. أ. هـ باختصار.

(1/126)


[112]
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً ... الْآيَةَ. [135] .
«247» - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ: نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي نَبْهَانَ التَّمَّارِ، أَتَتْهُ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ تَبْتَاعُ مِنْهُ تَمْرًا، فَضَمَّهَا إِلَى نَفْسِهِ وَقَبَّلَهَا ثُمَّ نَدِمَ عَلَى ذَلِكَ، فأتى النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
( «248» - وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ: إِنَّ رَجُلَيْنِ- أَنْصَارِيًّا وَثَقَفِيًّا- آخَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بَيْنَهُمَا، فَكَانَا لَا يَفْتَرِقَانِ، فَخَرَجَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، وَخَرَجَ مَعَهُ الثَّقَفِيُّ وَخَلَّفَ الْأَنْصَارِيَّ فِي أَهْلِهِ وَحَاجَتِهِ، وَكَانَ يَتَعَاهَدُ أَهْلَ الثَّقَفِيِّ، فَأَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَبْصَرَ امْرَأَةَ صَاحِبِهِ قَدِ اغْتَسَلَتْ وَهِيَ نَاشِرَةٌ شَعْرَهَا، فَوَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ، فَدَخَلَ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهَا. فَذَهَبَ لِيَلْثُمَهَا فَوَضَعَتْ كَفَّهَا عَلَى وَجْهِهَا فَقَبَّلَ ظَاهِرَ كَفِّهَا، ثُمَّ نَدِمَ وَاسْتَحْيَا، فَأَدْبَرَ رَاجِعًا، فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ! خُنْتَ أَمَانَتَكَ، وَعَصَيْتَ رَبَّكَ، وَلَمْ تُصِبْ حَاجَتَكَ. قَالَ: فَنَدِمَ عَلَى صَنِيعِهِ، فَخَرَجَ يَسِيحُ فِي الْجِبَالِ وَيَتُوبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَنْبِهِ، حَتَّى وَافَى الثَّقَفِيَّ فَأَخْبَرَتْهُ أَهْلُهُ بِفِعْلِهِ، فَخَرَجَ يَطْلُبُهُ حَتَّى دُلَّ عَلَيْهِ، فَوَافَقَهُ سَاجِدًا وَهُوَ يَقُولُ: رَبِّ ذَنْبِي [ذَنْبِي!] قَدْ خُنْتُ أَخِي، فَقَالَ لَهُ: يَا فُلَانُ، قُمْ فَانْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْأَلْهُ عَنْ ذَنْبِكَ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ لَكَ فَرَجًا وَتَوْبَةً. فَأَقْبَلَ مَعَهُ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِتَوْبَتِهِ، فَتَلَا عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً إِلَى قَوْلِهِ: وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخَاصٌّ هَذَا لِهَذَا الرَّجُلِ، أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً؟ قَالَ: بَلْ لِلنَّاسِ عَامَّةً [فِي التَّوْبَةِ] .)
( «249» - أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَرْوَزِيُّ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَدَّادِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءٍ:
__________
(247) بدون سند. [.....]
(248) الكلبي ضعيف، وقد مرت ترجمته في رقم (10) .
(249) مرسل.

(1/127)


أَنَّ الْمُسْلِمِينَ قالوا للنبي صلى اللَّه عليه وسلم: أَبَنُو إِسْرَائِيلَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنَّا؟ كَانُوا إِذَا أَذْنَبَ أَحَدُهُمْ أَصْبَحَتْ كَفَّارَةُ ذَنْبِهِ مَكْتُوبَةً فِي عَتَبَةِ بَابِهِ: اجْدَعْ أُذُنَكَ، اجْدَعْ أَنْفَكَ، افْعَلْ كَذَا. فسكت النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فَنَزَلَتْ: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَاتِ.)
[113] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا ... الْآيَةَ. [139] .
( «250» - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: انْهَزَمَ أَصْحَابُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يوم أحد، فبيناهم كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِخَيْلِ الْمُشْرِكِينَ يُرِيدُ أَنْ يَعْلُوَ عَلَيْهِمُ الْجَبَلَ، فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: اللَّهُمَّ لَا يَعْلُونَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ لَا قُوَّةَ لَنَا إِلَّا بِكَ، اللَّهُمَّ لَيْسَ يَعْبُدُكَ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ غَيْرُ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَاتِ، وَثَابَ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رُمَاةٌ، فَصَعِدُوا الْجَبَلَ وَرَمَوْا خَيْلَ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى هَزَمُوهُمْ، فَذَلِكَ قوله تعالى:
وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ.)
[114] قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ... الْآيَةَ.
[140] .
( «251» - قَالَ رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ: لَمَّا انْصَرَفَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كَئِيبًا حَزِينًا يَوْمَ أُحُدٍ، جَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تَجِيءُ بِزَوْجِهَا وَابْنِهَا مَقْتُولَيْنِ وَهِيَ تَلْتَدِمُ فَقَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: أَهَكَذَا يُفْعَلُ بِرَسُولِكَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ الْآيَةَ.)
[115] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ... الآيات.
[144] .
__________
(250) أخرجه ابن جرير (2/ 67) من طريق العوفي- والعوفي هو عطية بن سعد بن جنادة العوفي قال الحافظ في التقريب [2/ 24] : صدوق يخطئ كثيراً كان شيعياً مدلساً.
الدر (2/ 78) وعزاه لابن جرير من طريق العوفي.
(251) مرسل.

(1/128)


( «252» - قَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: قَدْ أُصِيبَ مُحَمَّدٌ فَأَعْطُوهُمْ بِأَيْدِيكُمْ، فَإِنَّمَا هُمْ إِخْوَانُكُمْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
إِنْ كان محمد قد أُصِيبَ، أَلَا تَمْضُونَ عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ نَبِيُّكُمْ حَتَّى تَلْحَقُوا بِهِ؟
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ إِلَى وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا لِقَتْلِ نَبِيِّهِمْ، إِلَى قَوْلِهِ: فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا.)
[116] قَوْلُهُ تَعَالَى: سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ ... الْآيَةَ. [151] .
«253» - قَالَ السُّدِّيُّ: لَمَّا ارْتَحَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَالْمُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ مُتَوَجِّهِينَ إِلَى مَكَّةَ، انْطَلَقُوا حَتَّى بَلَغُوا بَعْضَ الطَّرِيقِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ نَدِمُوا وَقَالُوا: بِئْسَ مَا صَنَعْنَا! قَتَلْنَاهُمْ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا الشَّرِيدُ تَرَكْنَاهُمْ، ارْجِعُوا فَاسْتَأْصِلُوهُمْ. فَلَمَّا عَزَمُوا عَلَى ذَلِكَ أَلْقَى اللَّهُ تَعَالَى فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ حَتَّى رَجَعُوا عَمَّا عَزَمُوا، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
[117] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ ... الْآيَةَ. [152] .
( «254» - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: لَمَّا رَجَعَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَدْ أُصِيبُوا بِمَا أُصِيبُوا يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: مِنْ أَيْنَ أَصَابَنَا هَذَا وَقَدْ وَعَدَنَا اللَّهُ النَّصْرَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ الْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ:
مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا يَعْنِي الرُّمَاةَ الَّذِينَ فَعَلُوا مَا فَعَلُوا يَوْمَ أُحُدٍ.)
__________
(252) عطية العوفي: مرت ترجمته في رقم (250) وذكره ابن حبان في المجروحين (2/ 176) وقال: لا يحل الاحتجاج به.
وذكر أنه كنى الكلبي بأبي سعيد حتى يتوهم الناس أنه أبا سعيد الخدري.
(253) مرسل. الدر (2/ 83) وعزاه لابن جرير.
(254) مرسل.

(1/129)


[118]
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ ... الْآيَةَ. [161] .
( «255» - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُطَوِّعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحِيرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ [بْنُ عُمَرَ] بْنِ أَبَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
فَقَدْتُ قَطِيفَةً حَمْرَاءَ يَوْمَ بَدْرٍ مِمَّا أُصِيبَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ أُنَاسٌ: لعلّ النبي صلى اللَّه عليه وسلم أَخَذَهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ قَالَ خُصَيْفٌ: فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُغَلَّ؟ فَقَالَ: بَلْ يُغَلُّ وَيُقْتَلُ.)
( «256» - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النَّجَّارُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَزِيدَ النَّرْسِيُّ، [حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الدُّورِيُّ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْيَزِيدِيُّ، عَنْ أَبِي عَمْرِو] بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَيَقُولُ كَيْفَ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُغَلَّ وَقَدْ كَانَ يُقْتَلُ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ اتهموا النبي صلى اللَّه عليه وسلم فِي شَيْءٍ مِنَ الْغَنِيمَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ) .
( «257» - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَصْفَهَانِيُّ، [أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
__________
(255) إسناده حسن. أخرجه أبو داود في كتاب الحروف والقراءات (3971) والترمذي في كتاب التفسير (3009) وقال: حسن غريب وقد روى عبد السلام بن حرب عن خصيف نحو هذا، وروى بعضهم هذا الحديث عن خصيف عن مقسم ولم يذكر فيه عن ابن عباس، وأخرجه ابن جرير (4/ 102) وذكره السيوطي في لباب النقول (ص 65) ، وزاد نسبته في الدر (2/ 91) لعبد بن حميد.
(256) أبو عمرو بن العلاء: ثقة من علماء العربية [تقريب 2/ 454] وله ترجمة في سير أعلام النبلاء (6/ 407) ، ولم أجد ترجمة لشيخ الطبراني محمد بن أحمد بن يزيد النرسي. والحديث أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 101) .
(257) مرسل، وأخرجه ابن جرير (4/ 103) من نفس الطريق.
وعزاه في الدر (2/ 91) لابن أبي شيبة وابن جرير.

(1/130)


مُحَمَّدٍ الْأَصْفَهَانِيُّ] حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ:
بَعَثَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم طَلَائِعَ، فغنم النبي صلى اللَّه عليه وسلم غَنِيمَةً، وَقَسَّمَهَا بَيْنَ النَّاسِ، وَلَمْ يُقَسِّمْ لِلطَّلَائِعِ شَيْئًا، فَلَمَّا قَدِمَتِ الطَّلَائِعُ قَالُوا: قَسَّمَ الْفَيْءَ وَلَمْ يُقَسِّمْ لَنَا، فَنَزَلَتْ وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ.)
قَالَ: سَلَمَةُ قَرَأَهَا الضَّحَّاكُ: «يُغَلَّ» .
( «2571» م- وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ الضَّحَّاكِ: إِنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لَمَّا وَقَعَ فِي يَدِهِ غَنَائِمُ هَوَازِنَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، غَلَّهُ رَجُلٌ بِمَخِيطٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.)
«258» - وَقَالَ قَتَادَةُ: نَزَلَتْ وَقَدْ غَلَّ طَوَائِفُ مِنْ أَصْحَابِهِ.
( «2581» م- وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ حِينَ تَرَكَتِ الرُّمَاةُ الْمَرْكَزَ يَوْمَ أُحُدٍ طَلَبًا لِلْغَنِيمَةِ وَقَالُوا: نَخْشَى أَنْ يَقُولَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ، وَأَنْ لَا يُقَسِّمَ الْغَنَائِمَ كَمَا لَمْ يُقَسِّمْ يَوْمَ بَدْرٍ. فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: ظَنَنْتُمْ أَنَّا نَغُلُّ وَلَا نُقَسِّمُ لَكُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَة.)
«259» - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ أَشْرَافَ النَّاسِ اسْتَدْعَوْا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أَنْ يَخْصُصَهُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْغَنَائِمِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
[119] قَوْلُهُ تَعَالَى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ ... الْآيَةَ. [165] .
«260» - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ عُوقِبُوا بِمَا صَنَعُوا يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ، وَفَرَّ
__________
(2571 م) الضحاك لم يسمع ابن عباس.
(258) مرسل.
(2581 م) الكلبي متهم بالكذب.
(259) بدون إسناد. [.....]
(260) ذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية وعزاه لابن أبي حاتم.
وذكره السيوطي في لباب النقول (ص 65) وعزاه لابن أبي حاتم.

(1/131)


أَصْحَابُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَّتُهُ، وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، وَسَالَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ إِلَى قَوْلِهِ: قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ قَالَ: بِأَخْذِكُمُ الْفِدَاءَ.
[120] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا [169] .
( «261» - أَخْبَرَنَا محمد بن إبراهيم بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلَّالِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدَانَ [بْنِ يَزِيدَ] الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ، جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ، وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ وَمَقِيلِهِمْ، قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا [عَنَّا] أَنَّا فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ، لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ وَلَا يَنْكُلُوا فِي الْحَرْبِ؟ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ.)
رَوَاهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ.)
«262» - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْغَازِي، أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بْنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا حامد بن محمد بْنُ شُعَيْبٍ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ،
__________
(261) إسناده صحيح: أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد (2520) والحاكم في المستدرك (2/ 88، 297) وصححه ووافقه الذهبي في الموضعين. وأحمد في مسنده (1/ 266) وأخرجه ابن جرير (4/ 113) ، وذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية.
والسيوطي في لباب النقول (ص 65) .
وزاد السيوطي نسبته في الدر (2/ 95) لهناد وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في الدلائل.
(262) انظر الحديث السابق.

(1/132)


حَدَّثَنَا [عَبْدُ اللَّهِ] بْنُ إِدْرِيسَ، فَذَكَرَهُ. رَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى الْحِيرِيِّ، عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ.)
( «263» - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحارثي، أخبرنا أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَذَّاءُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بشير بن الْفَاكِهُ الْأَنْصَارِيُّ: أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ ابن خِرَاشٍ قَالَ:
سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: نَظَرَ إِلَيَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكَ مُهْتَمًّا؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُتِلَ أَبِي وَتَرَكَ دَيْنًا وَعِيَالًا، فَقَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَإِنَّهُ كَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا فَقَالَ: يَا عَبْدِي سَلْنِي أُعْطِكَ، قَالَ: أَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّنِي إِلَى الدُّنْيَا فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيَةً، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ. قَالَ: يَا رَبِّ، فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ الْآيَةَ.)
«264» - أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو الْقَنْطَرِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ:
لَمَّا أُصِيبَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ يَوْمَ أُحُدٍ، وَرَأَوْا مَا رُزِقُوا مِنَ الْخَيْرِ، قَالُوا: لَيْتَ إِخْوَانَنَا يَعْلَمُونَ مَا أَصَابَنَا مِنَ الْخَيْرِ كَيْ يَزْدَادُوا فِي الْجِهَادِ رَغْبَةً، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ إِلَى قَوْلِهِ: لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ.
__________
(263) إسناده حسن: أخرجه الترمذي في كتاب التفسير (3010) وقال: حسن غريب، وأخرجه ابن ماجة في السنة (190) .
وزاد السيوطي نسبته في الدر (2/ 95) لابن أبي عاصم في السنة وابن خزيمة والطبراني والحاكم والبيهقي في الدلائل وابن مردويه.
(264) مرسل، عزاه السيوطي في الدر (2/ 95) لابن أبي شيبة والطبراني عن سعيد بن جبير.

(1/133)


«265» - وَقَالَ أَبُو الضُّحَى: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ أُحُدٍ خَاصَّةً.
«266» - وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي شُهَدَاءِ بِئْرِ مَعُونَةَ.
وَقِصَّتُهُمْ مَشْهُورَةٌ ذَكَرَهَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ فِي الْمَغَازِي.
«267» - وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّ أَوْلِيَاءَ الشُّهَدَاءِ كَانُوا إِذَا أَصَابَتْهُمْ نِعْمَةٌ أَوْ سُرُورٌ تَحَسَّرُوا وَقَالُوا: نَحْنُ فِي النِّعْمَةِ وَالسُّرُورِ وَآبَاؤُنَا وَأَبْنَاؤُنَا وَإِخْوَانُنَا فِي الْقُبُورِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ تَنْفِيسًا عَنْهُمْ، وَإِخْبَارًا عَنْ حَالِ قَتْلَاهُمْ.
[121] قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ... الْآيَةَ. [172] .
( «268» - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن إبراهيم المقري، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بْنُ عَبْدَانَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا أَبُو يُونُسَ الْقُشَيْرِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ:
أَنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، اسْتَنْفَرَ النَّاسَ بَعْدَ أُحُدٍ حِينَ انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ، فَاسْتَجَابَ لَهُ سَبْعُونَ رَجُلًا، قَالَ: فَطَلَبَهُمْ، فَلَقِيَ أَبُو سُفْيَانَ عِيرًا مِنْ خُزَاعَةَ فَقَالَ لَهُمْ: إِنْ لَقِيتُمْ مُحَمَّدًا يَطْلُبُنِي فَأَخْبِرُوهُ أَنِّي فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ. فلقيهم النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فَسَأَلَهُمْ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالُوا: لَقِينَاهُ فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ، وَنَرَاكَ فِي قِلَّةٍ، وَلَا نَأْمَنُهُ عَلَيْكَ. فَأَبَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إِلَّا أَنْ يَطْلُبَهُ، فَسَبَقَهُ أَبُو سُفْيَانَ فَدَخَلَ مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ حَتَّى بَلَغَ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.)
«269» - أخبرنا عمر بْنُ أَبِي عَمْرٍو، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيٍّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
__________
(265) مرسل.
(266) أخرج ذلك ابن جرير (4/ 115) من طريق محمد بن مرزوق قال ثنا عمر بن يونس قال ثنا إسحاق بن أبي طلحة قال ثني أنس بن مالك: وفيه: فأنزل اللَّه وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً ... الآية.
(267) بدون سند.
(268) مرسل.
(269) أخرجه البخاري في كتاب المغازي (4077) .
وابن ماجة في السنة (124) ، وأخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 29) . وقال هذا حديث صحيح ولم يخرجاه وأخرجه الحاكم (3/ 363) من طريق إسماعيل بن أبي خالد.
وأخرجه ابن جرير (4/ 118) من طريق هاشم به.
وزاد السيوطي نسبته في الدر (2/ 102) لسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل.

(1/134)


يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ إِلَى آخِرِهَا، قَالَ:
قَالَتْ لِعُرْوَةَ: يَا ابْنَ أُخْتِي كَانَ أَبَوَاكَ مِنْهُمُ: الزُّبَيْرُ وَأَبُو بَكْرٍ، لَمَّا أَصَابَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ مَا أَصَابَ، وَانْصَرَفَ عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ، خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا، فَقَالَ:
مَنْ يَذْهَبُ فِي أَثَرِهِمْ؟ فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، كَانَ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ.
[122] قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسُ الْآيَةَ. [173] .
( «270» - أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعَالِبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ:
ذَاكَ يَوْمُ أُحُدٍ بَعْدَ القتل والجراحة وبعد ما انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ: أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ، قَالَ نبي اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: أَلَا عِصَابَةٌ تُشَدِّدُ لِأَمْرِ اللَّهِ فَتَطْلُبُ عَدُوَّهَا، فَإِنَّهُ أَنَكَى لِلْعَدُوِّ، وَأَبْعَدُ لِلسَّمْعِ؟ فَانْطَلَقَ عِصَابَةٌ عَلَى مَا يَعْلَمِ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْجَهْدِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الحُلَيْفَة جعل الأغراب وَالنَّاسُ يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ فَيَقُولُونَ:
هَذَا أَبُو سُفْيَانَ مَائِلٌ عَلَيْكُمْ بِالنَّاسِ، فَقَالُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ قَوْلَهُ: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ.)
__________
(270) مرسل، الدر (2/ 103) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير.

(1/135)


[123]
قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ ... الْآيَةَ.
[179] .
( «271» - قَالَ السُّدِّيُّ:
قَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: عُرِضَتْ عَلَيَّ أُمَّتِي فِي صُوَرِهَا كَمَا عُرِضَتْ عَلَى آدَمَ، وَأُعْلِمْتُ مَنْ يُؤْمِنُ بِي وَمَنْ يَكْفُرُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ الْمُنَافِقِينَ، فَاسْتَهْزَءُوا وَقَالُوا: يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرُ، وَنَحْنُ مَعَهُ وَلَا يَعْرِفُنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.)
«272» - وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: قَالَتْ قُرَيْشٌ: تَزْعُمُ يَا مُحَمَّدُ أَنَّ مَنْ خَالَفَكَ فَهُوَ فِي النَّارِ وَاللَّهُ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، وَأَنَّ مَنِ اتَّبَعَكَ عَلَى دِينِكَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَاللَّهُ عَنْهُ رَاضٍ، فَأَخْبِرْنَا بِمَنْ يؤمن بك وبمن لَا يُؤْمِنُ بِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
«273» - وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: سَأَلَ الْمُؤْمِنُونَ أَنْ يُعْطُوا عَلَامَةً يُفَرِّقُونَ بِهَا بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْمُنَافِقِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
[124] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الْآيَةَ.
[180] .
[أَجْمَعَ] جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَانِعِي الزَّكَاةِ.
«274» - وَرَوَى عَطِيَّةُ [الْعَوْفِيُّ] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَحْبَارِ الْيَهُودِ
__________
(271) مرسل.
(272) الكلبي ضعيف.
(273) مرسل. [.....]
(274) عطية العوفي: قال الحافظ في التقريب: صدوق يخطئ كثيراً كان شيعياً مدلساً [تقريب 1/ 2/ 24] وانظر ترجمته في التعليق على رقم (252) .
والحديث عند ابن جرير (4/ 126) بالإسناد الضعيف أي من طريق العوفي.

(1/136)


الَّذِينَ كَتَمُوا صفة محمد صلى اللَّه عليه وسلم، وَنُبُوَّتِهِ، وَأَرَادَ بِالْبُخْلِ: كِتْمَانَ الْعِلْمِ الَّذِي آتَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى.
[125] قَوْلُهُ تَعَالَى: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا.... الْآيَةَ. [181] .
( «275» - قَالَ عِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ وَمُقَاتِلٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ:
دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَاتَ يَوْمٍ بَيْتَ مِدْرَاسِ الْيَهُودِ، فَوَجَدَ نَاسًا مِنَ الْيَهُودِ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: فِنْحَاصُ بْنُ عَازُورَا، وَكَانَ مِنْ عُلَمَائِهِمْ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِفِنْحَاصَ: اتَّقِ اللَّه وأسلم، فو اللَّهَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، قَدْ جَاءَكُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، تَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَكُمْ فِي التَّوْرَاةِ، فَآمِنْ وَصَدِّقْ، وَأَقْرِضِ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُدْخِلُكَ الْجَنَّةَ، وَيُضَاعِفُ لَكَ الثَّوَابَ. فَقَالَ فِنْحَاصُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، تَزْعُمُ أَنَّ رَبَّنَا يَسْتَقْرِضُنَا أَمْوَالَنَا، وَمَا يَسْتَقْرِضُ إِلَّا الْفَقِيرُ مِنَ الْغَنِيِّ، فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَإِنَّ اللَّهَ إِذًا لَفَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ، وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا مَا اسْتَقْرَضَنَا أَمْوَالَنَا، فَغَضِبَ أَبُو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَضَرَبَ وَجْهَ فِنْحَاصَ ضَرْبَةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ. فَذَهَبَ فِنْحَاصُ إِلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ انْظُرْ إِلَى مَا صَنَعَ بِي صَاحِبُكَ؟ فَقَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لِأَبِي بَكْرٍ: مَا الَّذِي حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ قَالَ قَوْلًا عَظِيمًا، زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَأَنَّهُمْ [عَنْهُ] أَغْنِيَاءُ، فَغَضِبْتُ لِلَّهِ وَضَرَبْتُ وَجْهَهُ. فَجَحَدَ ذَلِكَ فِنْحَاصُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَدًّا عَلَى فِنْحَاصَ وَتَصْدِيقًا لِأَبِي بَكْرٍ: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا ... الْآيَةَ.)
«276» - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ اللَّيْثِ الزِّيَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:
__________
(275) أخرجه ابن جرير (4/ 129) بإسناده عن ابن عباس.
وعزاه في الدر (2/ 105) لابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر.
(276) ابن جرير (4/ 130) - الدر (2/ 106) .

(1/137)


نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ، صَكَّ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَجْهَ رَجُلٍ مِنْهُمْ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ: إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ. قَالَ شِبْلٌ: بَلَغَنِي أَنَّهُ فِنْحَاصُ الْيَهُودِيُّ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ.
[126] قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا ... الْآيَةَ. [183] .
«277» - قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ، ومالك بن الضيف، وَوَهْبِ بْنِ يَهُوذَا، وَزَيْدِ بْنِ تَابُوهَ، وَفِنْحَاصَ بْنِ عَازُورَا، وَحُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، أَتَوْا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالُوا: تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ بَعَثَكَ إِلَيْنَا رَسُولًا، وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ كِتَابًا، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ عَهِدَ إِلَيْنَا فِي التَّوْرَاةِ أَنْ لَا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ، فَإِنْ جِئْتَنَا بِهِ صَدَّقْنَاكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
[127] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ... الْآيَةَ. [186] .
( «278» - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْدُونَ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ- وَكَانَ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ:
__________
(277) الكلبي ضعيف- وذكر السيوطي في الدر (2/ 106) مثله وعزاه لابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس- والعوفي ضعيف.
(278) أخرجه أبو داود في الخراج والإمارة والفيء (3000) ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص 67) وعزاه لابن أبي حاتم وابن المنذر.
وفي الدر (1/ 107) زاد نسبته للبيهقي في الدلائل.
قال الحافظ في الفتح (8/ 231) : روى ابن أبي حاتم وابن المنذر بإسناد حسن عن ابن عباس أنها نزلت فيما كان بين أبي بكر وبين فنحاص اليهودي في قوله إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ تعالى اللَّه عن قوله فغضب أبو بكر فنزلت.

(1/138)


أَنَّ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيَّ كَانَ شَاعِرًا، وَكَانَ يهجو النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وَيُحَرِّضُ عَلَيْهِ كُفَّارَ قُرَيْشٍ فِي شِعْرِهِ. وكان النبي صلى اللَّه عليه وسلم قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَأَهْلُهَا أَخْلَاطٌ: مِنْهُمُ الْمُسْلِمُونَ، وَمِنْهُمُ الْمُشْرِكُونَ، وَمِنْهُمُ الْيَهُودُ. فأراد النبي صلى اللَّه عليه وسلم أَنْ يَسْتَصْلِحَهُمْ [كُلَّهُمْ] ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ يُؤْذُونَهُ وَيُؤْذُونَ أَصْحَابَهُ أَشَدَّ الْأَذَى، فَأَمَرَ اللَّهُ تعالى نبيه صلى اللَّه عليه وسلم بِالصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ وَفِيهِمْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ... الْآيَةَ.)
( «279» - أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ [أَبِي] عَمْرٍو الْمُزَكِّي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيٍّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ [الْبُخَارِيُّ] ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ:
أَنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ [وَرَاءَهُ] ، وَسَارَ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلَاطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ، وَفِي الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسُ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ ثُمَّ قَالَ: لَا تَغْبُرُوا عَلَيْنَا. فَسَلَّمَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثُمَّ وَقَفَ، فَنَزَلَ وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: أَيُّهَا الْمَرْءُ إِنَّهُ لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ، إِنْ كَانَ حَقًّا فَلَا تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا، ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ، فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ، وَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَسَاوَرُونَ، فَلَمْ يزل
__________
(279) أخرجه البخاري في الجهاد (2987) مختصراً وفي التفسير (4566) وفي كتاب المرضى (5663) وفي كتاب اللباس (5964) وفي كتاب الأدب (6207) وفي الاستئذان (6254) وأخرجه مسلم في الجهاد والسير (116/ 1798) ص 1422.
وزاد المزي نسبته في تحفة الأشراف (105) للنسائي في الطب في الكبرى. والحديث أخرجه الطبراني في الكبير (1/ 163- رقم 389) .
تنبيه: لفظ الحديث عند البخاري والطبراني ... قال اللَّه عز وجل: وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ ...
وليس لها ذكر عند مسلم.
ولفظ فأنزل اللَّه عند الواحدي، واللَّه أعلم بالصواب.

(1/139)


النبي - يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، ثُمَّ ركب النبي صلى اللَّه عليه وسلم، دَابَّتَهُ، وَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ: يَا سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ- يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ- قَالَ كَذَا وَكَذَا؟! فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْفُ عنه واصفح، فو الذي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْكَ وَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبُحَيْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ وَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ. فَعَفَا عَنْهُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا الْآيَةَ.)
[128] قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا ... الْآيَةَ. [188] .
«280» - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْهَيْثَمِ الْمَرْوَزِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن جعفر قال: أخبرنا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:
أَنَّ رِجَالًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كانوا إِذَا خَرَجَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، إِلَى الْغَزْوِ تَخَلَّفُوا عَنْهُ، فَإِذَا قَدِمَ اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَحَلَفُوا وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا، فَنَزَلَتْ: لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا الْآيَةَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ.
«281» - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّاذْيَاخِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُولِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْمٍ،
__________
(280) أخرجه البخاري في كتاب التفسير (4567) .
وأخرجه مسلم في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم (7/ 2777) ص 2142 وأخرجه ابن جرير (4/ 136) ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص 68) .
وزاد نسبته في الدر (2/ 108) لابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان.
(281) ذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية وعزاه لابن مردويه، وعزاه السيوطي في اللباب (ص 68) لعبد بن حميد في تفسيره وكذا في الدر (2/ 108) .

(1/140)


أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بن سعيد، قال: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ:
أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ كَانَ يَوْمًا وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْمَدِينَةِ عِنْدَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، فَقَالَ مَرْوَانُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، أَرَأَيْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى: لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا وَاللَّهِ إِنَّا لَنَفْرَحُ بِمَا أَتَيْنَا، وَنُحِبُّ أَنْ نُحْمَدَ بِمَا لَمْ نَفْعَلْ؟ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ:
لَيْسَ هَذَا فِي هَذَا، إِنَّمَا كَانَ رِجَالٌ فِي زَمَنِ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، يَتَخَلَّفُونَ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ فِي الْمَغَازِي، فَإِذَا كَانَتْ فِيهِمُ النَّكْبَةُ وَمَا يَكْرَهُونَ فَرِحُوا بِتَخَلُّفِهِمْ، فَإِذَا كَانَ فِيهِمْ مَا يُحِبُّونَ حَلَفُوا لَهُمْ، وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا.
«282» - أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ حَمْدُونَ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ الشَّرْقِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأزهر، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِرَافِعٍ بَوَّابِهِ: اذْهَبْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقُلْ لَهُ: لَئِنْ كَانَ [كُلُّ] امْرِئٍ مِنَّا فَرِحَ بِمَا أَتَى، وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ عُذِّبَ- لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعِينَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا لَكُمْ وَلِهَذَا؟ إِنَّمَا دعا النبي صلى اللَّه عليه وسلم، الْيَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ، فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ، فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إليه بما أَخْبَرُوهُ فِيمَا سَأَلَهَمْ، وَفَرِحُوا بِمَا أَتَوْا مِنْ كِتْمَانِهِمْ إِيَّاهُ. ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى عَنْ هِشَامٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَجَّاجٍ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.
__________
(282) أخرجه البخاري في كتاب التفسير (4567) .
ومسلم في كتاب صفات المنافقين (8/ 2778) ص 2143.
والترمذي في التفسير (3014) .
والنسائي في التفسير (106) وابن جرير (4/ 138) .
والحاكم في المستدرك (2/ 299) وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي في اللباب (ص 67) .
وزاد نسبته في الدر (2/ 108) لابن المنذر وابن أبي حاتم.
والطبراني والبيهقي في الشعب.

(1/141)


«283» - وَقَالَ الضَّحَّاكُ: كَتَبَ يَهُودُ الْمَدِينَةِ إِلَى يَهُودِ الْعِرَاقِ وَالْيَمَنِ وَمَنْ بَلَغَهُمْ كِتَابُهُمْ مِنَ الْيَهُودِ فِي الْأَرْضِ كُلِّهَا: أَنَّ مُحَمَّدًا لَيْسَ نَبِيَّ اللَّهِ، فَاثْبُتُوا عَلَى دِينِكُمْ، وَأَجْمِعُوا كَلِمَتَكُمْ عَلَى ذَلِكَ. فأجمعت كلمتهم على الكفر بمحمد صلى اللَّه عليه وسلم، وَالْقُرْآنِ. فَفَرِحُوا بِذَلِكَ. وَقَالُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَمَعَ كلمتنا، ولم نَتَفَرَّقَ، وَلَمْ نَتْرُكْ دِينَنَا، وَقَالُوا: نَحْنُ أَهْلُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَنَحْنُ أولياء اللَّه. وذلك قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا بِمَا فَعَلُوا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا يَعْنِي بِمَا ذَكَرُوا مِنَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ.
[129] قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ... الْآيَةَ. [190] .
«284» - أَخْبَرَنَا أبو إسحاق المقري، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
أتت قريش اليهودي، فَقَالُوا: مَا جَاءَكُمْ بِهِ مُوسَى مِنَ الْآيَاتِ؟ قَالُوا: عَصَاهُ وَيَدُهُ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ. وَأَتَوُا النَّصَارَى فَقَالُوا: كَيْفَ كَانَ عِيسَى فِيكُمْ؟ فَقَالُوا:
يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَيُحْيِي الْمَوْتَى. فأتوا النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالُوا: ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَجْعَلْ [لَنَا] الصَّفَا ذَهَبًا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ.
[130] قَوْلُهُ تَعَالَى: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ ... الْآيَةَ. [195] .
__________
(283) مرسل، وعزاه في الدر (2/ 109) لعبد بن حميد وابن جرير.
(284) في إسناده: يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو متهم بسرقة الحديث.
وأخرجه النسائي في تفسيره (310) وذكره السيوطي في اللباب (ص 69) قال الحافظ في الفتح (8/ 235) : فيه إشكال من جهة أن هذه السورة مدنية وقريش من أهل مكة، ويحتمل أن يكون سؤالهم لذلك بعد أن هاجر النبي صلى اللَّه عليه وسلم إلى المدينة ولا سيما في زمن الهدنة أ. هـ.

(1/142)


«285» - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بن إبراهيم النَّصْرَابَادِي، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيدٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَوَّارٍ، أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ- رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ أُمِّ سَلَمَةَ- قَالَ:
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا أَسْمَعُ اللَّهَ ذَكَرَ النِّسَاءَ فِي الْهِجْرَةِ بِشَيْءٍ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ... الْآيَةَ. رَوَاهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي صَحِيحِهِ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَاهَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ سُفْيَانَ.
[131] قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ. [196] .
«286» - نَزَلَتْ فِي مُشْرِكِي مَكَّةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي رَخَاءٍ وَلِينٍ مِنَ الْعَيْشِ، وَكَانُوا يَتَّجِرُونَ وَيَتَنَعَّمُونَ، فَقَالَ بَعْضُ الْمُؤْمِنِينَ: إِنَّ أَعْدَاءَ اللَّهِ فِيمَا نَرَى مِنَ الْخَيْرِ، وَقَدْ هَلَكْنَا مِنَ الْجُوعِ وَالْجَهْدِ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
[132] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ ... الْآيَةَ. [199] .
( «287» - قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَسٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةُ:
__________
(285) أخرجه الترمذي في كتاب التفسير (3023) .
وأخرجه الحاكم (2/ 300) من طريق مجاهد عن أم سلمة وصححه ووافقه الذهبي، وأخرجه ابن جرير (4/ 143) .
وذكره السيوطي في لباب النقول (ص 69) وزاد نسبته لعبد الرزاق وسعيد بن منصور، وزاد نسبته في الدر (2/ 112) لابن المنذر والطبراني.
(286) بدون سند.
(287) حديث جابر بن عبد اللَّه أخرجه ابن جرير (4/ 146) وفي إسناده عنده أبو بكر الهذلي، قال الحافظ في التقريب [2/ 401] : متروك. [.....]

(1/143)


نَزَلَتْ فِي النَّجَاشِيِّ، وَذَلِكَ [أَنَّهُ] لَمَّا مَاتَ نَعَاهُ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ. فَقَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: اخْرُجُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخٍ لَكُمْ مَاتَ بِغَيْرِ أَرْضِكُمْ. فَقَالُوا: وَمَنْ هُوَ؟ فَقَالَ: النَّجَاشِيُّ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إِلَى الْبَقِيعِ، وَكُشِفَ لَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَأَبْصَرَ سَرِيرَ النَّجَاشِيِّ، وَصَلَّى عَلَيْهِ، وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ:
اسْتَغْفِرُوا لَهُ. فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا يُصَلِّي عَلَى عِلْجٍ حَبَشِيٍّ نَصْرَانِيٍّ، لَمْ يَرَهُ قَطُّ، وَلَيْسَ عَلَى دِينِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.)
( «288» - أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَطَرٍ إِمْلَاءً، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو هَانِئٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
قَالَ نبي اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: قُومُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخِيكُمُ النَّجَاشِيِّ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: يَأْمُرُنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَى عِلْجٍ مِنَ الْحَبَشَةِ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ الْآيَةَ.)
«289» - وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ زَيْدٍ: نَزَلَتْ فِي مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ كُلِّهِمْ.
[133] قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا ... الْآيَةَ. [200] .
__________
(288) في إسناده حميد بن أبي حميد الطويل: قال الحافظ في التقريب: ثقة مدلس، والحديث أخرجه الطبراني في الأوسط (2688) والبزار (832 كشف) .
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 38) وقال: رواه البزار والطبراني في الأوسط ورجال الطبراني ثقات أ. هـ.
وعزاه في الدر (2/ 113) للنسائي والبزار وابن أبي حاتم وابن مردويه.
وقد أخرجه النسائي في التفسير (108) .
(289) مرسل.

(1/144)


«290» - أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاذٍ الْمَالِينِيُّ. حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ حَرْبٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ:
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: يَا ابْنَ أَخِي، هَلْ تَدْرِي فِي أَيِّ شَيْءٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: إِنَّهُ يَا ابْنَ أَخِي لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوٌ يُرَابَطُ فِيهِ، وَلَكِنِ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ خَلْفَ الصَّلَاةِ. رَوَاهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي صَحِيحِهِ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ نَجْدَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ.
__________
(290) مرسل: أخرجه ابن جرير (4/ 148) ، وأخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 301) من حديث أبي هريرة وصححه ووافقه الذهبي.
وزاد السيوطي نسبته في الدر (2/ 113) لابن المبارك وابن المنذر والبيهقي في الشعب
.

(1/145)