أسباب النزول ت زغلول سُورَةُ قَدْ أَفْلَحَ
[315] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَوْلُهُ عَزَّ
وَجَلَّ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ... الآية. [1] .
«625» - حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ
الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ إِمْلَاءً، قَالَ: أَخْبَرَنَا حاجب بن
أحمد الطُّوسي، قال: حدثنا محمد بْنُ حَمَّادٍ
الْأَبِيوَرْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا يونس بن سليم «1» ، قَالَ: أَمْلَى
[عَلَيَّ] يُونُسُ الْأَيْلِيُّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ
عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
عَبْدٍ الْقَارِيِّ، قَالَ:
__________
(625) إسناده ضعيف: يونس بن سليم: قال أبو حاتم: قال أحمد بن
حنبل: سألت عبد الرزاق عنه فقال: أظنه لا شيء، وقال عثمان بن
سعيد الدارمي عن يحيى بن معين: ما أعرفه يروي عنه غير عبد
الرزاق، وقال النسائي: لا أعرفه وذكره ابن حبان في الثقات
[تهذيب الكمال ج 3/ 1567 مخطوط] والحديث أخرجه الترمذي في
التفسير (3173) .
والنسائي في الصلاة في (الكبرى) ونقل عنه المزي في تحفة
الأشراف قوله: هذا منكر (انظر تحفة الأشراف رقم 10593) .
وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 535) وصححه ووافقه الذهبي،
وأخرجه في موضع آخر (2/ 392) وقال الذهبي: سُئل عبد الرزاق عن
شيخه فقال: لا أظنه شيء، وأخرجه البيهقي في الدلائل (5/ 55)
مختصراً.
وأخرجه أحمد في مسنده (1/ 34) وصححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه
على المسند وفي تصحيحه نظر واللَّه أعلم، وزاد السيوطي نسبته
(5/ 2) لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والعقيلي والضياء
في المختارة.
(1) في الأصل: سليمان، والصواب سليم كما في المراجع الأخرى.
(1/321)
سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: كَانَ إِذَا أُنْزِلَ الْوَحْيُ
عَلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يُسْمَعُ عِنْدَ
وَجْهِهِ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ، فَمَكَثْنَا سَاعَةً
فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ورفع يديه قال: اللَّهُمَّ زِدْنَا
وَلَا تَنْقُصْنَا، وَأَكْرِمْنَا وَلَا تُهِنَّا، وَأَعْطِنَا
وَلَا تَحْرِمْنَا، وَآثِرْنَا وَلَا تُؤْثِرْ عَلَيْنَا،
[وَأَرْضِنَا] وَارْضَ عَنَّا، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ أُنْزِلَتْ
عَلَيْنَا عَشْرُ آيَاتٍ مَنْ أَقَامَهُنَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ،
ثُمَّ قَرَأَ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ إِلَى عَشْرِ
آيَاتٍ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي
صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْقَطِيعِيِّ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
[316] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ
خَاشِعُونَ [2] .
«626» - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن أحمد الْعَطَّارِ،
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ
الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ
الْحَرَّانِيُّ، حدثني أبي، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ
عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ.
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم كَانَ إِذَا
صَلَّى رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَنَزَلَ: الَّذِينَ
هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ.
[317] قَوْلُهُ تَعَالَى: فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ
الْخَالِقِينَ. [14] .
«627» - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
__________
(626) أخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 393) وقال: هذا حديث صحيح
على شرط الشيخين لولا خلاف فيه على محمد فقد قيل عنه مرسلًا
ولم يخرجاه.
وقال الذهبي: الصحيح مرسل. أ. هـ.
وعزاه السيوطي في الدر (5/ 3) لابن مردويه والحاكم. [.....]
(627) إسناده ضعيف: علي بن زيد بن جدعان: ضعيف. وللحديث أصل
صحيح فقد أخرجه البخاري في الصلاة (402) وفي التفسير (4916)
بلفظ: وافقت ربي في ثلاث وانظر تحفة الأشراف رقم (10409) ولم
يذكر الرابعة الخاصة بآية فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ
الْخالِقِينَ.
وأخرجه أحمد (1/ 23) من طريق هشيم عن حميد عن أنس بلفظ: وافقت
ربي في ثلاث.
الدر (5/ 3) وعزاه للطيالسي وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن
عساكر.
(1/322)
مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قال: حدثنا أَحْمَدُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مَنْجُوفٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
وَافَقْتُ رَبِّي فِي أَرْبَعٍ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ
لَوْ صَلَّيْنَا خَلْفَ الْمَقَامِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ
تَعَالَى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى
وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْتَ عَلَى
نِسَائِكَ حِجَابًا، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ
وَالْفَاجِرُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِذَا
سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ
وَقُلْتُ لأزواج النبي صلى اللَّه عليه وسلم: لَتَنْتَهُنَّ
أَوْ لَيُبَدِّلَنَّهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا
مِنْكُنَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: عَسَى رَبُّهُ إِنْ
طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ
الْآيَةَ. وَنَزَلَتْ: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ
سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ
أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَقُلْتُ: [فَتَبَارَكَ اللَّهُ
أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ. فَنَزَلَتْ] : فَتَبَارَكَ اللَّهُ
أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.
[318] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ
فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ ... الْآيَةَ.
[76] .
«628» - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَبْدَانَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ
الضَّبِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
السَّيَّارِيُّ، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ
حَاتِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ
شَقِيقٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ
__________
(628) أخرجه النسائي في التفسير (372) .
والحاكم في المستدرك (2/ 394) وصححه ووافقه الذهبي والطبراني
في الكبير (11/ 370) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 73)
وقال: رواه الطبراني وفيه علي بن الحسين بن واقد وثقه النسائي
وغيره وضعفه أبو حاتم.
وأخرجه ابن جرير (18/ 34) .
وزاد السيوطي نسبته في الدر (5/ 13) لابن أبي حاتم وابن مردويه
والبيهقي في الدلائل.
(1/323)
قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ النَّحْوِيُّ
أَنَّ عِكْرِمَةَ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
جَاءَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ وَالرَّحِمَ،
لَقَدْ أَكَلْنَا الْعِلْهِزَ- يَعْنِي الْوَبَرَ بِالدَّمِ-
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ
بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا
يَتَضَرَّعُونَ.
«629» - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا أَتَى ثُمَامَةُ بْنُ
أُثَالٍ الْحَنَفِيُّ إِلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم،
فَأَسْلَمَ وَهُوَ أَسِيرٌ فَخَلَّى سَبِيلَهُ، فَلَحِقَ
بِالْيَمَامَةِ فَحَالَ بَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ وَبَيْنَ
الْمِيرَةِ مِنَ الْيَمَامَةِ، وَأَخَذَ اللَّهُ تَعَالَى
قُرَيْشًا بِسِنِي الْجَدْبِ حَتَّى أَكَلُوا الْعِلْهِزَ
فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم،
فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ وَالرَّحِمَ أَلَيْسَ تَزْعُمُ
أَنَّكَ بُعِثْتَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ؟
قَالَ: بَلَى، فَقَالَ: قَدْ قَتَلْتَ الْآبَاءَ بِالسَّيْفِ،
وَالْأَبْنَاءَ بِالْجُوعِ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى
هَذِهِ الْآيَةَ.
__________
(629) أخرجه ابن جرير (18/ 34) ، وعزاه في الدر (5/ 13) لابن
جرير وأبي نعيم في المعرفة والبيهقي في الدلائل.
(1/324)
سُورَةُ النُّورِ
[319] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَوْلُهُ عَزَّ
وَجَلَّ: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ
مُشْرِكَةً ... الْآيَةَ. [3] .
«630» - قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى
الْمَدِينَةِ، وَفِيهِمْ فُقَرَاءُ لَيْسَتْ لَهُمْ أَمْوَالٌ،
وَبِالْمَدِينَةِ نِسَاءٌ بَغَايَا مُسَافِحَاتٌ، يَكْرِينَ
أَنْفُسَهُنَّ، وَهُنَّ يَوْمَئِذٍ أَخْصَبُ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ فَرَغِبَ فِي كَسْبِهِنَّ نَاسٌ مِنْ فُقَرَاءِ
الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا تَزَوَّجْنَا
مِنْهُنَّ، فَعِشْنَا مَعَهُنَّ، إِلَى أَنْ يُغْنِيَنَا
اللَّهُ تَعَالَى عنهن، فاستأذنوا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم فِي ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: وَحُرِّمَ
فِيهَا نِكَاحُ الزَّانِيَةِ صِيَانَةً لِلْمُؤْمِنِينَ عَنْ
ذَلِكَ.
«631» - وَقَالَ عِكْرِمَةُ: نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي نِسَاءٍ
بَغَايَا مُتَعَالِنَاتٍ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَكُنَّ
كَثِيرَاتٍ، وَمِنْهُنَّ تِسْعٌ صَوَاحِبُ رَايَاتٍ لَهُنَّ
رَايَاتٌ كَرَايَاتِ الْبَيْطَارِ يُعْرَفْنَ بِهَا:
أُمُّ مَهْزُولٍ، جَارِيَةُ السَّائِبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ
الْمَخْزُومِيِّ، وَأُمُّ عُلَيْطٍ، جَارِيَةُ صَفْوَانَ بْنِ
أُمَيَّةَ. وَحَنَّةُ الْقِبْطِيَّةُ، جَارِيَةُ الْعَاصِ بْنِ
وَائِلٍ، وَمُزْنَةُ جَارِيَةُ مَالِكِ بْنِ عَمِيلَةَ بْنِ
السَّبَّاقِ، وَجَلَالَةُ، جَارِيَةُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو،
وَأُمُّ سُوَيْدٍ، جَارِيَةُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ
الْمَخْزُومِيِّ، وَشَرِيفَةُ، جَارِيَةُ زَمْعَةَ بْنِ
الْأَسْوَدِ، وَفَرْسَةُ جَارِيَةُ هِشَامِ بْنِ رَبِيعَةَ،
وَفَرْتَنَا جَارِيَةُ هِلَالِ بْنِ أَنَسٍ.
__________
(630) عزاه في الدر (5/ 19) لابن أبي حاتم عن مقاتل.
(631) مرسل.
(1/325)
وَكَانَتْ بُيُوتُهُنَّ تُسَمَّى فِي
الْجَاهِلِيَّةِ: الْمَوَاخِيرَ، لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ
وَلَا يَأْتِيهِنَّ إِلَّا زَانٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ،
أَوْ مُشْرِكٌ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ، فَأَرَادَ نَاسٌ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ نِكَاحَهُنَّ لِيَتَّخِذُوهُنَّ مَأْكَلَةً،
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، وَنَهَى
الْمُؤْمِنِينَ عَنْ ذَلِكَ، وَحَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ.
«632» - أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ
الْوَهَّابِ الْبَزَّارُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو
بْنُ حَمْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ] بْنُ الْحَسَنِ
بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بن
عرعرة، قال: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ
الْحَضْرَمِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.
أَنَّ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: أُمُّ مَهْزُولٍ كَانَتْ
تُسَافِحُ، وَكَانَتْ تَشْتَرِطُ لِلَّذِي يَتَزَوَّجُهَا أَنْ
تَكْفِيَهُ النَّفَقَةَ، وَأَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ
أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، فَذُكِرَ ذلك للنبي صلى اللَّه
عليه وسلم، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: الزَّانِيَةُ لَا
يَنْكِحُهَا إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ.
[320] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ
... الْآيَةَ. [6] .
«633» - أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْمُؤَذِّنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
__________
(632) أخرجه النسائي في التفسير (379) .
وأحمد في مسنده (2/ 159، 225) .
وابن جرير (18/ 56) .
والحاكم في المستدرك (2/ 193) وصححه ووافقه الذهبي.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 73- 74) وقال: رواه أحمد
والطبراني في الكبير والأوسط بنحوه ورجال أحمد ثقات.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (7/ 153) .
وزاد السيوطي نسبته في الدر (5/ 19) لعبد بن حميد وابن المنذر
وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبي داود في ناسخه.
(633) إسناده حسن: رواته ثقات عدا عباد بن منصور قال الحافظ في
التقريب صدوق رمي بالقدر وكان يدلس وتغير بآخره أ. هـ.
قلت: صرح عباد بالتحديث من عكرمة عند ابن جرير (18/ 65) فقال:
سمعت عكرمة. وقد تابعه
(1/326)
أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْحِيرِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبة، قال: حدثنا يَزِيدُ بْنُ
هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ
عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
لَمَّا نَزَلَتْ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ
لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
الْفَاسِقُونَ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ
الْأَنْصَارِ: أَهَكَذَا أُنْزِلَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
فَقَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: أَلَا تَسْمَعُونَ
يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ؟
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ رَجُلٌ غَيُورٌ،
وَاللَّهِ مَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً قَطُّ إِلَّا بِكْرًا،
وَلَا طَلَّقَ امْرَأَةً قَطُّ فَاجْتَرَأَ رَجُلٌ مِنَّا
عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، مِنْ شِدَّةِ غَيْرَتِهِ. فَقَالَ
سَعْدٌ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَعْلَمُ
أَنَّهَا حَقٌّ، وَأَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَلَكِنْ
قَدْ تَعَجَّبْتُ أَنْ لَوْ وَجَدْتُ لَكَاعِ قَدْ
تَفَخَّذَهَا رَجُلٌ لَمْ يَكُنْ لِي أَنْ أُهِيجَهُ وَلَا
أُحَرِّكَهُ حَتَّى آتِيَ بأربعة شهداء، فو اللَّه إِنِّي لَا
آتِي بِهِمْ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ. فَمَا لَبِثُوا إِلَّا
يَسِيرًا حَتَّى جَاءَ هِلَالُ بْنُ أمية من أرض عَشِيَّةً
فَوَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ رَجُلًا، فَرَأَى بِعَيْنِهِ
وَسَمِعَ بِأُذُنِهِ فَلَمْ يَهِجْهُ حَتَّى أَصْبَحَ فَغَدَا
عَلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، إِنِّي جِئْتُ أَهْلِي عَشِيًّا فَوَجَدْتُ عِنْدَهَا
رَجُلًا، فَرَأَيْتُ بِعَيْنِي، وَسَمِعْتُ بِأُذُنِي،
فَكَرِهَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مَا جَاءَ بِهِ
وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: الْآنَ
يَضْرِبُ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم هِلَالَ بْنَ
أُمَيَّةَ، وَيُبْطِلُ شَهَادَتَهُ فِي الْمُسْلِمِينَ،
فَقَالَ هِلَالٌ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَ
اللَّهُ لِي مِنْهَا مَخْرَجًا، فَقَالَ هِلَالٌ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، إِنِّي قَدْ أَرَى مَا قَدِ اشْتَدَّ عَلَيْكَ مِمَّا
جِئْتُكَ بِهِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أني لصادق، فو اللَّه إِنَّ
رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يُرِيدُ أَنْ يَأْمُرَ
بِضَرْبِهِ إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، وَكَانَ إِذَا
نَزَلَ عليه الوحي عَرَفُوا ذَلِكَ فِي تَرَبُّدِ جِلْدِهِ،
فَأَمْسَكُوا عَنْهُ حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْوَحْيِ، فَنَزَلَتْ
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ
شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ الْآيَاتِ كُلَّهَا، فَسُرِّيَ
عَنْ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا
هِلَالُ، فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا،
__________
هشام بن حسان وهو ثقة، انظر تحفة الأشراف رقم (6225) ، والحديث
أخرجه أبو داود (2256) وليس عنده قول سعد بن عبادة.
وأخرجه أبو داود الطيالسي (ص 347) ، وذكره الهيثمي في مجمع
الزوائد (7/ 74) .
وأحمد في مسنده (1/ 238) والبيهقي في السنن (7/ 394) وزاد
السيوطي نسبته في الدر (5/ 21) لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن
المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.
(1/327)
فَقَالَ هِلَالٌ: قَدْ كنت أرجو ذلك مِنْ
رَبِّي، وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ.
«634» - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بن سِنَان المقري، قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ
الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ، قَالَ:
إِنَّا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، إِذْ دَخَلَ
رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ
مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَإِنْ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ،
وَإِنْ قَتَلَ قَتَلْتُمُوهُ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى
غَيْظٍ، وَاللَّهِ لَأَسْأَلَنَّ عَنْهُ رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَى رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَسَأَلَهُ فَقَالَ: لَوْ أَنَّ
رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَتَكَلَّمَ
جَلَدْتُمُوهُ، أَوْ قَتَلَ قَتَلْتُمُوهُ، أَوْ سَكَتَ سَكَتَ
عَلَى غَيْظٍ! فَقَالَ: اللَّهُمَّ افْتَحْ، وَجَعَلَ يَدْعُو،
فَنَزَلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ
أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا
أَنْفُسُهُمْ الْآيَةَ، فَابْتُلِيَ بِهِ الرَّجُلُ مِنْ
بَيْنِ النَّاسِ، فَجَاءَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ إِلَى رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَتَلَاعَنَا، فَشَهِدَ الرَّجُلُ
أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ،
ثُمَّ لَعَنَ الْخَامِسَةَ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ
إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، فَذَهَبَتْ لِتَلْتَعِنَ
فَقَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: مَهْ، فَلَعَنَتْ.
فَلَمَّا أَدْبَرَتْ قَالَ: لَعَلَّهَا أَنْ تَجِيءَ بِهِ
أَسْوَدَ جَعْدًا. فَجَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ.
[321] قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ
عُصْبَةٌ مِنْكُمْ الْآيَاتِ [11] .
«635» - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْمُقْرِئُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
__________
(634) أخرجه مسلم في اللعان (10/ 1495) ص 1133 وأبو داود في
الطلاق (2253) وابن ماجة في الطلاق (2068) وابن جرير (18/ 66)
وأحمد في مسنده (1/ 448) .
(635) أخرجه البخاري في الشهادات (2637) موصولًا ومعلقاً وفي
الشهادات (2661) وفي الجهاد (2879) وفي المغازي (4025) و
(4141) وفي التفسير (4690) و (4750) وفي الأيمان والنذور
(6662، 6679) وفي الاعتصام (7369) وفي التوحيد (7545) .
(1/328)
أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قال حدثنا أَبُو الرَّبِيعِ
الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ
الْمَدَنِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ
الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ
وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ زوج النبي صلى اللَّه عليه وسلم
حِينَ قَالَ فِيهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا،
فَبَرَّأَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ. قَالَ الزُّهْرِيُّ:
وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنْ حَدِيثِهَا،
وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ
وَأَثْبَتَ اقْتِصَاصًا، وَوَعَيْتُ، عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ
الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ
يُصَدِّقُ بَعْضًا. ذَكَرُوا أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا زَوْج النبي صلى اللَّه عليه وسلم، قَالَتْ:
كَانَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إِذَا أَرَادَ سَفَرًا
أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا
خَرَجَ بِهَا مَعَهُ. قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ
فِيهَا سَهْمِي. فَخَرَجْتُ مَعَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم، وَذَلِكَ بَعْدَ مَا نَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ، فَأَنَا
أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأَنْزِلُ فِيهِ مَسِيرَنَا، حَتَّى
فَرَغَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مِنْ غَزْوِهِ
وَقَفَلَ، وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، أُذِنَ لَيْلَةً
بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ وَمَشَيْتُ
حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي
أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدٌ
مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ
عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، وأقبل الرهط الذين كَانُوا
يَرْحَلُونَ [بِي] فَحَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَّلُوهُ عَلَى
بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنِّي
فِيهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَتِ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ
خِفَافًا لَمْ يُهْبَلْنَ، وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ،
إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ
يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَحَّلُوهُ
وَرَفَعُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ،
فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا، ووجدت عقدي بعد ما اسْتَمَرَّ
الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلَا
مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ،
وَظَنَنْتُ أَنَّ القوم سيفقدوني ويرجعون إليّ فبينا أَنَا
جَالِسَةٌ فِي
__________
وأخرجه مسلم في التوبة (56، 57/ 2770) ص 2129.
وأخرجه النسائي في عشرة النساء (48) .
وفي التفسير (380) .
وابن جرير (18/ 71) والبيهقي في السنن (10/ 153) وعبد الرزاق
في مصنفه (9748) .
وزاد السيوطي نسبته في الدر (5/ 26) لعبد بن حميد وابن المنذر
وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب.
(1/329)
مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ فَنِمْتُ،
وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ [ثُمَّ]
الذَّكْوَانِيُّ قَدْ عَرَّسَ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ،
فَأَدْلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ
إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَأَتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي،
وَقَدْ كَانَ يَرَانِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيَّ
الْحِجَابُ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي
فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَاللَّهِ مَا كَلَّمَنِي
بِكَلِمَةٍ وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ
اسْتِرْجَاعِهِ، حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى
يَدِهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ
حَتَّى أتينا الجيش بعد ما نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ
الظَّهِيرَةِ، وَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ فِيَّ، وَكَانَ الَّذِي
تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ
سَلُولَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ حِينَ
قَدِمْتُهَا شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَهْلِ
الْإِفْكِ، وَلَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَيَرِيبُنِي
فِي وَجَعِي أَنِّي لَا أَعْرِفُ مِنْ رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ
أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ:
كَيْفَ تِيكُمْ؟ فَذَلِكَ يُحْزِنُنِي، وَلَا أَشْعُرُ
بِالشَّرِّ، حتى خرجت بعد ما نَقِهْتُ وَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ
مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَا، وَلَا
نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ
نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا
أَمْرُ الْعَرَبِ الْأُوَلِ فِي التَّنَزُّهِ وَكُنَّا
نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا،
فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ- وَهِيَ بِنْتُ أَبِي
رُهْمِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ،
وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ، خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ
الصِّدِّيقِ وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ
بْنِ الْمُطَّلِبِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَابْنَةُ أَبِي رُهْمٍ
قِبَلَ بَيْتِي حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا فَعَثَرَتْ
أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ،
فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَمَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا قَدْ
شَهِدَ بَدْرًا؟ قَالَتْ: أي هَنَتَاه، أو لم تَسْمَعِي مَا
قَالَ؟ قُلْتُ: وَمَاذَا قَالَ؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ
أَهْلِ الْإِفْكِ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا إِلَى مَرَضِي،
فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي وَدَخَلَ عَلَيَّ رسولُ
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم [فَسَلَّمَ] ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ
تِيكُمْ، قُلْتُ: تَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ؟ قَالَتْ:
وَأَنَا أُرِيدُ حِينَئِذٍ أَنْ أَتَيَقَّنَ الْخَبَرَ مِنْ
قِبَلِهِمَا، فَأَذِنَ لِي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم،
فَجِئْتُ أَبَوَيَّ فَقُلْتُ: يَا أُمَّاهْ، مَا يَتَحَدَّثُ
النَّاسُ؟ قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ، هوِّني عليك، فو اللَّه
لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ
وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا، قَالَتْ:
فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ أوَقَدْ تحدث أليس بِهَذَا؟
[وَبَلَغَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم؟ قَالَتْ:
نَعَمْ] قَالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى
أَصْبَحْتُ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ
بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي، وَدَعَا رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ
بْنَ زَيْدٍ، حِينَ
(1/330)
اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ، يَسْتَشِيرُهُمَا
فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ
فَأَشَارَ عَلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، بِالَّذِي
يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ فِي
نَفْسِهِ لَهُمْ مِنَ الْوُدِّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ
هُمْ أَهْلُكَ، وَمَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا. وَأَمَّا
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ
تَعَالَى عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَإِنْ
تَسْأَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قَالَتْ: فَدَعَا رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بَرِيرَةَ فَقَالَ: يَا
بَرِيرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ شَيْئًا يَرِيبُكِ مِنْ عَائِشَةَ؟
قَالَتْ بَرِيرَةُ:
وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا
أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا
جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ
أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ. قَالَتْ:
فَقَامَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، فَقَالَ، وَهُوَ
عَلَى الْمِنْبَرِ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، مَنْ
يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ في أهلي، فو
اللَّه مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ
ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا. وَمَا
كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي. فَقَامَ سَعْدُ
بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنَ الْأَوْسِ ضَرَبْتُ
عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ
أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ.
قَالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ
الْخَزْرَجِ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ
الْحَمِيَّةُ- فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: كَذَبْتَ
لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى
قَتْلِهِ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرِ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ
سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ:
كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، إِنَّكَ
لَمُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ. فَثَارَ
الْحَيَّانِ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ حَتَّى هَمُّوا أَنْ
يَقْتَتِلُوا ورسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَائِمٌ عَلَى
الْمِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا
وَسَكَتَ. قَالَتْ: وَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ لَا يَرْقَأُ
لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، وَأَبَوَايَ يَظُنَّانِ
أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي. قَالَتْ: فَبَيْنَمَا هُمَا
جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي اسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ
امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَذِنْتُ لَهَا وَجَلَسَتْ
تَبْكِي مَعِي. قَالَتْ فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ، إِذْ
دَخَلَ عَلَيْنَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ثُمَّ
جَلَسَ، وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ،
وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي
شَيْءٌ. قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ
فَإِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ
بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ
بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ
الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ، تَابَ
اللَّهُ عَلَيْهِ. قَالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم مَقَالَتَهُ، قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا
أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فِيمَا
(1/331)
قَالَ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا
أَقُولُ لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَقُلْتُ
لِأُمِّي: أَجِيبِي [عَنِّي] رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لرسول اللَّه
صلى اللَّه عليه وسلم، فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ
السِّنِّ لَا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ: وَاللَّهِ
لَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّكُمْ سَمِعْتُمْ هَذَا، وَقَدِ
اسْتَقَرَّ فِي نُفُوسِكُمْ فَصَدَّقْتُمْ بِهِ، وَلَئِنْ
قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي بَرِيئَةٌ- وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي
بَرِيئَةٌ- لَا تُصَدِّقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر
واللَّه يعلم أني منه بريئة- لتُصَدِّقُني، وَاللَّهِ مَا
أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا مَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ:
فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا
تَصِفُونَ قَالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى
فِرَاشِي. قَالَتْ: وَأَنَا وَاللَّهِ حِينَئِذٍ أَعْلَمُ
أَنِّي بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي،
وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يَنْزِلَ فِي
شَأْنِي وَحْيٌ يُتْلَى، وَلَشَأْنِي كَانَ أَحْقَرَ فِي
نَفْسِي مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ تَعَالَى فِيَّ بأمر
يتلى، ولكني كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ تَعَالَى بها. قالت:
فو اللَّه مَا رَامَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
مَنْزِلَهُ، وَلَا خَرَجَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَحَدٌ حَتَّى
أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى على نبيه صلى اللَّه عليه وسلم
فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ عِنْدَ
الْوَحْيِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ
الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي، مِنْ
ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ [مِنَ الْوَحْيِ]
قَالَتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم، سُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَضْحَكُ وَكَانَ أَوَّلَ
كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ: أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ
أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ، فَقَالَتْ لِي
أُمِّي: قُومِي إِلَيْهِ، فَقُلْتُ:
وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا
اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الَّذِي بَرَّأَنِي.
قَالَتْ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: إِنَّ
الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ الْعَشْرَ
الْآيَاتِ: فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تعالى هذه الآيات فِي
بَرَاءَتِي قَالَ [أَبُو بَكْرٍ] الصِّدِّيقُ- وَكَانَ
يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ وَفَقْرِهِ- وَاللَّهِ
لَا أُنْفِقُ عَلَيْهِ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قال
لعائشة: قالت: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلا يَأْتَلِ
أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي
الْقُرْبَى إِلَى قَوْلِهِ:
أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ
غَفُورٌ رَحِيمٌ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: واللَّه إني لأحِبّ
أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النفقة
التي كان ينفق عَلَيْهِ وَقَالَ: لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ
أَبَدًا، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، كِلَاهُمَا عَنْ
أَبِي الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيِّ.
[322] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ
قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا ...
الْآيَةَ. [16] .
(1/332)
«636» - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَامِدٍ الْعَدْلُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ زَكَرِيَّا قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُولِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو
بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ
بْنُ خَارِجَة، قال: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ
عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ:
أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حَدَّثَتْهُ بِحَدِيثِ
الْإِفْكِ وَقَالَتْ فِيهِ: وَكَانَ أَبُو أَيُّوبَ
الْأَنْصَارِيُّ حِينَ أخبرته امرأته فقالت: يَا أَبَا
أَيُّوبَ، أَلَمْ تَسْمَعْ بِمَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟
قَالَ: وَمَا يَتَحَدَّثُونَ؟ فَأَخْبَرَتْهُ بِقَوْلِ أَهْلِ
الْإِفْكِ، فَقَالَ: مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ
بِهَذَا، سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ. قَالَتْ:
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَوْلَا إِذْ
سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ
بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ.
«637» - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
حَمْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ
جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:
حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنِ [ابْنِ]
أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ.
أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ لِابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى عَائِشَةَ- وَهِيَ
تَمُوتُ، وَعِنْدَهَا ابْنُ أَخِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ- فَقَالَ: هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ
يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكِ، وَهُوَ مِنْ خَيْرِ بَنِيكِ،
فَقَالَتْ: دَعْنِي مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِنْ تَزْكِيَتِهِ،
فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:
إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقِيهٌ فِي
دِينِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، فَأْذَنِي لَهُ فَلْيُسَلِّمْ
عَلَيْكِ وَلْيُوَدِّعْكِ! فَقَالَتْ: فَأْذَنْ لَهُ إِنْ
شِئْتَ؟ فَأَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَلَّمَ،
ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ: أَبْشِرِي يَا أمَّ المؤمنين [فو
اللَّه] مَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ يَذْهَبَ عَنْكِ كُلُّ
أَذًى وَنَصَبٍ، أَوْ قَالَ وَصَبٍ، فَتَلْقِي الْأَحِبَّةَ
مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلَامُ وَحِزْبَهُ، أَوْ قَالَ
__________
(636) إسناده ضعيف: عطاء الخراساني: قال الحافظ في التقريب:
صدوق يهم كثيراً ويرسل ويدلس.
وأخرجه ابن جرير (18/ 77) من طريق محمد بن إسحاق.
وعزاه السيوطي في الدر (5/ 33) لابن إسحاق وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر.
(637) أخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 8- 9) وصححه ووافقه
الذهبي.
وأخرجه ابن جرير في تفسيره (5/ 69) وأحمد في مسنده (1/ 220،
637) .
(1/333)
وَأَصْحَابَهُ، إِلَّا أَنْ يُفَارِقَ
الرُّوحُ جَسَدَهُ، كُنْتِ أَحَبَّ أَزْوَاجِ رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم إِلَيْهِ، ولم يكن ليحب إلا طَيباً، وأنزل
اللَّهُ تَعَالَى بَرَاءَتَكِ مِنْ فوق سبع سموات، فَلَيْسَ
فِي الْأَرْضِ مَسْجِدٌ إِلَّا وَهُوَ يُتْلَى فِيهِ آنَاءَ
اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَسَقَطَتْ قِلَادَتُكِ لَيْلَةَ
الأبْوَاء فاحتبس رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فِي
الْمَنْزِلِ وَالنَّاسُ مَعَهُ فِي ابْتِغَائِهَا، أَوْ قَالَ
[فِي] طَلَبِهَا حَتَّى أَصْبَحَ النَّاسُ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ،
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا
الْآيَةَ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ رُخْصَةٌ لِلنَّاسِ عَامَّةً في
سببك، فو اللَّه إِنَّكِ لَمُبَارَكَةٌ. فَقَالَتْ: دَعْنِي
يَا ابْنَ عَبَّاسٍ من هذا، فو اللَّه لَوَدِدْتُ أَنِّي
كُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا.
[323] قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ ... الْآيَةَ.
[27، 29] «638» - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
إِبْرَاهِيمَ الثَّعْلَبِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ
بْنُ مُحَمَّدِ [ابن عَبْدِ اللَّهِ] الدِّينَوَرِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ
مَالِكٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ سَخْتَوَيْهِ،
قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ثَوْرٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ
[أَبِي] سُفْيَانَ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ
الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ أَشْعَثَ
بْنِ سَوَّارٍ، عَنْ [عَدِيِّ] بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ:
جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ إِنِّي أَكُونُ فِي بَيْتِي عَلَى حَالٍ لَا أُحِبُّ
أَنْ يَرَانِي عَلَيْهَا أَحَدٌ، لَا وَالِدٌ وَلَا وَلَدٌ،
فَيَأْتِي الْأَبُ فَيَدْخُلُ عَلَيَّ، وَإِنَّهُ لَا يَزَالُ
يَدْخُلُ عَلَيَّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِي وَأَنَا عَلَى تِلْكَ
الْحَالِ، فَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: لَا
تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا
وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ...
الْآيَةَ.
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ،
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ الْخَانَاتِ وَالْمَسَاكِنَ
فِي طُرُقِ الشَّامِ لَيْسَ فِيهَا سَاكِنٌ؟ فَأَنْزَلَ
__________
(638) إسناده ضعيف: أشعث بن سوار ضعيف [تقريب 1/ 79) .
وعزاه في الدر (5/ 38) للفريابي وابن جرير. [.....]
(1/334)
اللَّهُ تَعَالَى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ
جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ
الْآيَةَ.
[324] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ
مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ ...
الْآيَةَ [33] .
«639» - نَزَلَتْ فِي غُلَامٍ لِحُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ
الْعُزَّى، يُقَالُ لَهُ: صُبَيْحٌ، سَأَلَ مَوْلَاهُ أَنْ
يُكَاتِبَهُ، فَأَبَى عَلَيْهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى
هذه الآية، فكاتبه حُوَيْطِبٌ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ،
وَوَهَبَ لَهُ مِنْهَا عِشْرِينَ دِينَارًا، فَأَدَّاهَا،
وَقُتِلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ فِي الْحَرْبِ.
[325] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ
عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً ... الْآيَةَ.
[33] .
«640» - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي،
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ قَالَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ
جَابِرٍ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ يَقُولُ لِجَارِيَةٍ لَهُ:
اذْهَبِي فَابْغِينَا شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ: وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ
إِلَى قَوْلِهِ: غَفُورٌ رَحِيمٌ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي
مُعَاوِيَةَ.
«641» - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
حَمْدُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ
الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
__________
(639) عزاه في الدر (5/ 45) لابن السكن في معرفة الصحابة.
(640) أخرجه مسلم في كتاب التفسير (26، 27/ 3029) ص 2320 وابن
جرير (18/ 103) وزاد السيوطي نسبته في الدر (5/ 46) لابن أبي
شيبة وسعيد بن منصور والدارقطني وابن المنذر وابن أبي حاتم
وابن مردويه.
(641) مرسل.
(1/335)
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ:
أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ: وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى
الْبِغَاءِ نَزَلَتْ فِي مُعَاذَةَ، جَارِيَةِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ أُبَيٍّ بن سَلُولَ.
«642» - وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى،
قال: حدَّثنا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا
الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ:
كَانَتْ مُعَاذَةُ جَارِيَةً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ
[ابْنِ سَلُولَ] وَكَانَتْ مُسْلِمَةً، فَكَانَ
يَسْتَكْرِهُهَا عَلَى الْبِغَاءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ
تَعَالَى: وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ
...
إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
«643» - أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَذِّنُ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْفَقِيهُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ
[أَبِي] الْأَسْوَدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ،
عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
كَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا:
مُسَيْكَةُ، فَكَانَ يُكْرِهُهَا عَلَى الْبِغَاءِ، فَأَنْزَلَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى
الْبِغَاءِ ... إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: نَزَلَتْ فِي مُعَاذَةَ ومُسَيْكَة،
جَارِيَتَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ الْمُنَافِقِ، كَانَ
يُكْرِهُهُمَا عَلَى الزِّنَا لِضَرِيبَةٍ يَأْخُذُهَا
مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ كَانُوا يَفْعَلُونَ فِي
الْجَاهِلِيَّةِ يُؤَاجِرُونَ إِمَاءَهُمْ، فَلَمَّا جَاءَ
الْإِسْلَامُ قَالَتْ مُعَاذَةُ لِمُسَيْكَةَ: إِنَّ هَذَا
الْأَمْرَ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ لَا يَخْلُو مِنْ وَجْهَيْنِ:
فَإِنْ يَكُ خَيْرًا فَقَدِ اسْتَكْثَرْنَا مِنْهُ، وَإِنْ
يَكُ شَرًّا فَقَدْ آنَ لَنَا [أَنْ] نَدَعَهُ. فَأَنْزَلَ
اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
«6431» م- وَقَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي سِتِّ جَوَارٍ
لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ- كَانَ يُكْرِهُهُنَّ
__________
(642) مرسل.
(643) انظر رقم (640) .
(6431 م) مرسل.
(1/336)
عَلَى الزِّنَا، وَيَأْخُذُ أُجُورَهُنَّ-
وَهُنَّ: مُعَاذَةُ، وَمُسَيْكَةُ، وَأُمَيْمَةُ، وَعَمْرَةُ،
وَأَرْوَى، وَقُتَيْلَةُ. - فَجَاءَتْ إِحْدَاهُنَّ ذَاتَ
يَوْمٍ بِدِينَارٍ، وَجَاءَتْ أُخْرَى بِبُرْدٍ فَقَالَ
لَهُمَا: ارْجِعَا فَازْنِيَا، فَقَالَتَا: وَاللَّهِ لَا
نَفْعَلُ، قَدْ جَاءَنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، وَحَرَّمَ
الزِّنَا، فَأَتَيَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم،
وَشَكَتَا إِلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ
الْآيَةَ.
«644» - أَخْبَرَنَا الْحَاكِمُ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ الْعَزِيزِ- فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ- أَنَّ أَحْمَدَ
بْنَ الْفَضْلِ الْحَدَّادِيُّ أَخْبَرَهُمْ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ:
أَنَّ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ
عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ أَسِيرًا، وَكَانَتْ
لِعَبْدِ اللَّهِ جَارِيَةٌ يُقَالُ لها: مُعاذة، فكان
الْقُرَشِيُّ الْأَسِيرُ يُرَاوِدُهَا عَنْ نَفْسِهَا،
وَكَانَتْ تَمْتَنِعُ مِنْهُ لِإِسْلَامِهَا. وَكَانَ ابْنُ
أُبَيٍّ يُكْرِهُهَا عَلَى ذلك ويضربها رَجَاء أَنْ تَحْمِلَ
مِنَ الْقُرَشِيِّ، فَيَطْلُبَ فِدَاءَ وَلَدِهِ فَقَالَ
اللَّهُ تَعَالَى: وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى
الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا إِلَى قَوْلِهِ: غَفُورٌ
رَحِيمٌ قَالَ: أَغْفِرُ لَهُنَّ مَا أُكْرِهْنَ عَلَيْهِ.
[326] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ
وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ... الْآيَةَ.
[48] .
«645» - قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هَذِهِ الْآيَةُ وَالَّتِي
بَعْدَهَا [نَزَلَتَا] فِي بِشْرٍ الْمُنَافِقِ وَخَصْمِهِ
الْيَهُودِيِّ، حِينَ اخْتَصَمَا فِي أَرْضٍ، فَجَعَلَ
الْيَهُودِيُّ يَجُرُّهُ إِلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا، وَجَعَلَ الْمُنَافِقُ يَجُرُّهُ
إِلَى كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَيَقُولُ: إِنَّ مُحَمَّدًا
يَحِيفُ عَلَيْنَا. وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ عِنْدَ
قَوْلِهِ: يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ
فِي سُورَةِ النِّسَاءِ.
__________
(644) أخرجه ابن جرير (18/ 103) .
وعزاه في الدر (5/ 47) لابن جرير وعبد الرزاق وابن المنذر وابن
أبي حاتم.
(645) بدون إسناد.
(1/337)
[327]
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ... الْآيَةَ.
[55] .
«646» - رَوَى الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي
الْعَالِيَةِ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ، قَالَ:
مَكَثَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بِمَكَّةَ عَشْرَ
سنين- بعد ما أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ- خَائِفًا هُوَ
وَأَصْحَابُهُ، يَدْعُونَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ سِرًّا
وَعَلَانِيَةً. ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ إِلَى
الْمَدِينَةِ، وَكَانُوا بِهَا خَائِفِينَ: يُصْبِحُونَ فِي
السِّلَاحِ، وَيُمْسُونَ فِي السِّلَاحِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ
أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَأْتِي عَلَيْنَا
يَوْمٌ نَأْمَنُ فِيهِ وَنَضَعُ فِيهِ السِّلَاحَ؟ فَقَالَ
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: لَنْ تَلْبَثُوا إِلَّا
يَسِيرًا حَتَّى يَجْلِسَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ فِي الْمَلَأِ
الْعَظِيمِ مُحْتَبِيًا لَيْسَتْ فيهم حديدة. فأنزل اللَّهُ
تَعَالَى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ... إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
فَأَظْهَرَ اللَّهُ تعالى نبيه صلى اللَّه عليه وسلم عَلَى
جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، فَوَضَعُوا السِّلَاحَ وَأَمِنُوا. ثُمَّ
قَبَضَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ، فَكَانُوا آمِنِينَ
كَذَلِكَ فِي إِمَارَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، حَتَّى وَقَعُوا فِيمَا وَقَعُوا
فِيهِ، وَكَفَرُوا النِّعْمَةَ، فَأَدْخَلَ اللَّه تعالى
عَلَيْهِمُ الْخَوْفَ، وَغَيَّرُوا فَغَيَّرَ اللَّهُ
[تَعَالَى مَا] بِهِمْ.
«647» - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ
مُحَمَّدِ بن الحسين النقيب، قال:
أخبرنا جدي، قال: أخبرنا عبد اللَّه بن محمد بْنِ الْحَسَنِ
النَّصْرَابَاذِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ
الدَّارِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ
بْنِ وَاقِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ
أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ،
قَالَ:
قدم النبي صلى اللَّه عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ الْمَدِينَةَ،
وَآوَتْهُمُ الْأَنْصَارُ- رَمَتْهُمُ الْعَرَبُ عَنْ قَوْسٍ
وَاحِدَةٍ: فَكَانُوا لَا يَبِيتُونَ إِلَّا فِي السِّلَاحِ،
وَلَا يُصْبِحُونَ إِلَّا فِيهِ، فَقَالُوا: أَتَرَوْنَ أَنَّا
__________
(646) مرسل، وعزاه في الدر (5/ 55) لعبد بن حميد وابن أبي
حاتم.
(647) أخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 401) وصححه ووافقه الذهبي
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 83) .
وزاد السيوطي نسبته في الدر (5/ 55) لابن المنذر والطبراني في
الأوسط وابن مردويه والبيهقي في الدلائل والضياء في المختارة.
(1/338)
نَعِيشُ حَتَّى نَبِيتَ آمِنِينَ
مُطْمَئِنِّينَ لَا نَخَافُ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ؟
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ إِلَى قَوْلِهِ: وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ يَعْنِي بِالنِّعْمَةِ.
رَوَاهُ الْحَاكِمُ [أَبُو عَبْدِ اللَّهِ] فِي صَحِيحِهِ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ
شَاذَانَ، عَنِ الدَّارِمِيِّ.
[328] قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ...
الْآيَةَ. [58] .
«648» - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَجَّهَ رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم غُلَامًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ:
مُدْلِجُ بْنُ عَمْرٍو- إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ، وَقْتَ الظَّهِيرَةِ، لِيَدْعُوَهُ.
فَدَخَلَ فَرَأَى عُمَرَ بِحَالَةٍ كَرِهَ عُمَرُ رُؤْيَتَهُ
ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَدِدْتُ لَوْ أَنَّ
اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنَا وَنَهَانَا فِي حَالِ
الِاسْتِئْذَانِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ
الْآيَةَ.
«649» - وَقَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي أَسْمَاءَ بِنْتِ
مَرْثَدٍ، كَانَ لَهَا غُلَامٌ كَبِيرٌ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا
فِي وَقْتٍ كَرِهَتْهُ، فَأَتَتْ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم، فَقَالَتْ: إِنَّ خَدَمَنَا وَغِلْمَانَنَا يَدْخُلُونَ
عَلَيْنَا فِي حَالٍ نَكْرَهُهَا- فَأَنْزَلَ اللَّهُ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
[329] قَوْلُهُ تَعَالَى: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ ...
[61] .
«650» - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تبارك
وتعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا
أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ تَحَرَّجَ
الْمُسْلِمُونَ عَنْ مُؤَاكَلَةِ الْمَرْضَى وَالزَّمْنَى
[وَالْعُمْيِ] وَالْعُرْجِ، وَقَالُوا: الطَّعَامُ أَفْضَلُ
الْأَمْوَالِ، وَقَدْ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَكْلِ
__________
(648) بدون سند.
(649) عزاه في الدر (5/ 55) لابن أبي حاتم.
(650) أخرجه ابن جرير (18/ 128) من طريق علي بن أبي طلحة وهو
لم يسمع من ابن عباس.
وعزاه في الدر (5/ 58) لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والبيهقي.
(1/339)
الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، وَالْأَعْمَى لَا
يُبْصِرُ مَوْضِعَ الطَّعَامِ الطَّيِّبِ [وَالْأَعْرَجُ لَا
يَسْتَطِيعُ الْمُزَاحَمَةَ عَلَى الطَّعَامِ] وَالْمَرِيضُ
لَا يَسْتَوْفِي الطَّعَامَ. فأنزل اللَّه تعالى هَذِهِ
الْآيَةَ.
«651» - وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ.
كَانَ الْعُرْجَانُ وَالْعُمْيَانُ يَتَنَزَّهُونَ عَنْ
مُؤَاكَلَةِ الْأَصِحَّاءِ، لِأَنَّ النَّاسَ
يَتَقَذَّرُونَهُمْ، وَيَكْرَهُونَ مُؤَاكَلَتَهُمْ، وَكَانَ
أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَا يُخَالِطُهُمْ فِي طَعَامِهِمْ
أَعْمَى وَلَا أَعْرَجُ وَلَا مَرِيضٌ، تَقَذُّرًا، فَأَنْزَلَ
اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
«652» - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
تَرْخِيصًا لِلْمَرْضَى وَالزَّمْنَى فِي الْأَكْلِ مِنْ
بُيُوتِ مَنْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ،
وَذَلِكَ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَصْحَابِ رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم كَانُوا إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مَا
يُطْعِمُونَهُمْ، ذَهَبُوا بِهِمْ إِلَى بُيُوتِ آبَائِهِمْ،
وَأُمَّهَاتِهِمْ أَوْ بَعْضِ مَنْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى
فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَكَانَ أَهْلُ الزَّمَانَةِ
يَتَحَرَّجُونَ مِنْ أَنْ يَطْعَمُوا ذَلِكَ الطَّعَامَ،
لِأَنَّهُ أَطْعَمَهُمْ غَيْرُ مَالِكِيهِ، وَيَقُولُونَ:
إِنَّمَا يَذْهَبُونَ بِنَا إِلَى بُيُوتِ غَيْرِهِمْ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
«653» - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
الْفَضْلِ التَّاجِرُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْحَافِظُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنَّهُ
كَانَ يَقُولُ فِي هذه الآية.
أنزلت فِي أُنَاسٍ كَانُوا إِذَا خَرَجُوا مع النبي صلى اللَّه
عليه وسلم، وَضَعُوا مَفَاتِيحَ بُيُوتِهِمْ عِنْدَ الْأَعْمَى
وَالْأَعْرَجِ وَالْمَرِيضِ وَعِنْدَ أَقَارِبِهِمْ، وَكَانُوا
يَأْمُرُونَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِمَّا فِي بُيُوتِهِمْ إِذَا
احْتَاجُوا إلى ذلك، فكانوا يقفون أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهَا،
وَيَقُولُونَ: نَخْشَى أَنْ لَا تَكُونَ أَنْفُسُهُمْ بِذَلِكَ
طَيِّبَةً. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
__________
(651) مرسل. أخرجه ابن جرير (18/ 128) عن الضحاك. [.....]
(652) أخرجه ابن جرير (18/ 129) .
وزاد السيوطي نسبته في الدر (5/ 58) لعبد الرزاق وابن أبي شيبة
وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل.
(653) مرسل، وعزاه في الدر (5/ 58) لعبد بن حميد.
(1/340)
[330]
قَوْلُهُ تَعَالَى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا
جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا. [61] .
«654» - قَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: نَزَلَتْ فِي حَيٍّ
مِنْ كِنَانَةَ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو لَيْثِ بن عمرو، فكانوا
يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ الطَّعَامَ وَحْدَهُ،
فَرُبَّمَا قَعَدَ الرَّجُلُ وَالطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ
مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الرَّوَاحِ- وَالشَّوْلُ حُفَّلٌ،
وَالْأَحْوَالُ مُنْتَظِمَةٌ- تَحَرُّجًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ
وَحْدَهُ، فَإِذَا أَمْسَى وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا أَكَلَ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
«6541» م- وَقَالَ عِكْرِمَةُ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنَ
الْأَنْصَارِ كَانُوا لَا يَأْكُلُونَ إِذَا نزل بهم ضعيف
إِلَّا مَعَ ضَيْفِهِمْ، فَرَخَّصَ [اللَّهُ تَعَالَى] لَهُمْ
أَنْ يَأْكُلُوا كَيْفَ شَاءُوا جَمِيعًا:
مُتَحَلِّقِينَ أَوْ أَشْتَاتًا مُتَفَرِّقِينَ.
__________
(654) مرسل، الدر (5/ 58) وعزاه لعبد بن حميد وابن أبي حاتم
وابن جرير.
(6541 م) مرسل، عزاه في الدر (5/ 58) لابن جرير وابن المنذر.
(1/341)
|