أسباب النزول ت زغلول سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ
[310] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَوْلُهُ
تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى
... الآية. [101] .
«616» - أَخْبَرَنَا [أَبُو عُمَرَ] بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
عَمْرٍو الْمَاوَرْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ
ابن مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ
المديني، قال: حدثنا يَحْيَى بْنُ نوح، قال: حدثنا أَبُو
بَكْرِ [بْنُ] عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي
أَبُو رُزَيْنٍ عَنْ [أَبِي] يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
قَالَ:
آيَةٌ لَا يَسْأَلُنِي النَّاسُ عَنْهَا، لَا أَدْرِي
أَعَرَفُوهَا فَلَمْ يَسْأَلُوا عَنْهَا، أَوْ جَهِلُوهَا
فَلَا يسألون عنها؟ قيل: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ:
إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ
جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ شَقَّ عَلَى قُرَيْشٍ،
فَقَالُوا: يَشْتُمُ آلِهَتَنَا؟ فَجَاءَ ابْنُ الزِّبَعْرَى
فَقَالَ: مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: يَشْتُمُ آلِهَتَنَا، قَالَ:
فَمَا قَالَ؟ قَالُوا: قَالَ: إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ
مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا
وَارِدُونَ قَالَ: ادْعُوهُ لِي، فلما دُعِي
__________
(616) أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 153) .
وذكره الهيثمي في المجمع (7/ 69) وقال: فيه عاصم بن بهدلة وقد
وثق وضعفه جماعة أ. هـ.
قلت أخرج ابن جرير في تفسيره عن ابن عباس مثله (17/ 77) .
من طريق عطاء بن السائب، وعطاء اختلط. [.....]
(1/314)
النَّبِيُّ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا
شَيْءٌ لِآلِهَتِنَا خَاصَّةً، أَوْ لِكُلِّ مَنْ عُبِدَ مِنْ
دُونِ اللَّهِ؟ قَالَ: [لَا] بَلْ لِكُلِّ مَنْ عُبِدَ مِنْ
دُونِ اللَّهِ! فَقَالَ ابْنُ الزِّبَعْرَى: خُصِمْتَ وَرَبِّ
هَذِهِ الْبَنِيَّةِ- يَعْنِي الْكَعْبَةَ- أَلَسْتَ تَزْعُمُ
أَنَّ الْمَلَائِكَةَ عِبَادٌ صَالِحُونَ؟ وَأَنَّ عِيسَى
عَبْدٌ صَالِحٌ؟ [وَأَنَّ عُزَيْرًا عَبْدٌ صَالِحٌ؟ قَالَ:
بَلَى قَالَ] : فَهَذِهِ بَنُو مَلِيحٍ، يَعْبُدُونَ
الْمَلَائِكَةَ، وَهَذِهِ النَّصَارَى يَعْبُدُونَ عِيسَى،
وَهَذِهِ الْيَهُودُ يَعْبُدُونَ عُزَيْرًا.
قَالَ: فَصَاحَ أَهْلُ مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى
الْمَلَائِكَةُ وَعِيسَى وَعُزَيْرٌ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ:
أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ.
(1/315)
سُورَةُ الْحَجِّ
[311] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَوْلُهُ
تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ
... الْآيَةَ [11] .
«617» - قَالَ الْمُفَسِّرُونَ نَزَلَتْ فِي أَعْرَابٍ كَانُوا
يَقْدَمُونَ عَلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم المدينة،
مهاجرون مِنْ بَادِيَتِهِمْ، وَكَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا قَدِمَ
الْمَدِينَةَ: فَإِنْ صَحَّ بِهَا [جِسْمُهُ] ، وَنُتِجَتْ
فَرَسُهُ مُهْرًا حَسَنًا، وَوَلَدَتِ امْرَأَتُهُ غُلَامًا،
وَكَثُرَ مَالُهُ وَمَاشِيَتُهُ رَضِيَ عَنْهُ وَاطْمَأَنَّ،
وَقَالَ: مَا أَصَبْتُ مُنْذُ دَخَلْتُ فِي دِينِي هَذَا
إِلَّا خَيْرًا، وَإِنْ أَصَابَهُ وَجَعُ الْمَدِينَةِ،
وَوَلَدَتِ امْرَأَتُهُ جَارِيَةً، وَأُجْهِضَتْ رِمَاكُهُ،
وَذَهَبَ مَالُهُ، وَتَأَخَّرَتْ عَنْهُ الصَّدَقَةُ أَتَاهُ
الشَّيْطَانُ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَصَبْتَ مُنْذُ كُنْتَ
عَلَى دِينِكَ هَذَا إِلَّا شرّاً، فينقلبُ عن دِينِهِ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ
اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ الْآيَةَ.
«618» - وَرَوَى عَطِيَّةُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،
قَالَ:
__________
(617) أخرج البخاري في التفسير (4742) من حديث ابن عباس قال:
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ قال: كان
الرجل يقدم المدينة فإن ولدت امرأته غلاماً ونتجت خيله قال:
هذا دين صالح وإن لم تلد امرأته ولم تنتج خيله قال: هذا دين
سوء- وعزاه في الدر (4/ 346) للبخاري وابن أبي حاتم وابن
مردويه.
(618) إسناده ضعيف: عطية بن سعد بن جنادة العوفي، قال الحافظ
في التقريب صدوق يخطئ كثيراً وكان شيعياً مدلساً.
(1/316)
أَسْلَمَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَذَهَبَ
بَصَرُهُ وَمَالُهُ وَوَلَدُهُ وَتَشَاءَمَ بِالْإِسْلَامِ،
فأتى النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالَ أَقِلْنِي: فَقَالَ:
إِنَّ الْإِسْلَامَ لا يُقالُ قال: إِنِّي لَمْ أُصِبْ فِي
دِينِي هَذَا خَيْرًا: أَذْهَبَ بَصَرِي وَمَالِي وَوَلَدِي.
فَقَالَ: «يَا يَهُودِيُّ، إِنَّ الْإِسْلَامَ يَسْبِكُ
الرِّجَالَ كَمَا تَسْبِكُ النَّارُ خَبَثَ الْحَدِيدِ
وَالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ» ، قَالَ: وَنَزَلَتْ: وَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ.
[312] قَوْلُهُ تَعَالَى: هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي
رَبِّهِمْ ... الْآيَةَ. [19] .
«619» - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الْمُزَكِّي، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ القاضي، قال:
حدثنا عُمَرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ،
عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ
عُبَادٍ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَنَزَلَتْ
هَذِهِ الْآيَةُ: هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ
فِي هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ: حَمْزَةَ، وَعُبَيْدَةَ، وَعَلِيِّ
بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعُتْبَةَ، وَشَيْبَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ
عُتْبَةَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ، عَنْ
هُشَيْمٍ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ.
__________
وللحديث شاهد ضعيف من حديث جابر أخرجه العقيلي في الضعفاء (3/
368) والميزان ترجمة رقم (6503) .
(619) أخرجه البخاري في المغازي (3966، 3968، 3969) وفي
التفسير (4743) .
وأخرجه مسلم في التفسير (34/ 3033) ص 2323.
والنسائي في التفسير (361) .
وابن ماجة في الجهاد (2835) .
وزاد المزي نسبته في تحفة الأشراف (11974) للنسائي في المناقب
في الكبرى والنسائي في السير في الكبرى.
وأخرجه ابن جرير في تفسيره (17/ 98) .
وزاد السيوطي نسبته في الدر (4/ 348) لسعيد بن منصور وابن أبي
شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه
والبيهقي في الدلائل.
(1/317)
«620» - أَخْبَرَنَا أَبُو بكر [ابن] الحرث
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سليمان قال: حدثنا هِلَالُ بْنُ
بشر، قال: حدثنا يُوسُفُ بْنُ يعقوب، قال: حدثنا سُلَيْمَانُ
التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ،
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:
فِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَفِي مُبَارَزَتِنَا يَوْمَ
بَدْرٍ: هَذَانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ إِلَى
قَوْلِهِ: الْحَرِيقِ.
«6201» م- وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ،
قَالُوا لِلْمُؤْمِنِينَ: نَحْنُ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْكُمْ،
وأقدم منكم كتاباً، وَنَبِيُّنَا قَبْلَ نَبِيِّكُمْ، وَقَالَ
الْمُؤْمِنُونَ: نَحْنُ أَحَقُّ بِاللَّهِ، آمَنَّا
بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَآمَنَّا بِنَبِيِّكُمْ،
وَبِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ، فَأَنْتُمْ
تَعْرِفُونَ نَبِيَّنَا ثُمَّ تَرَكْتُمُوهُ، وَكَفَرْتُمْ
بِهِ حَسَدًا. وَكَانَتْ هَذِهِ خُصُومَتَهُمْ [فِي رَبِّهِمْ]
، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ.
وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ.
[313] قَوْلُهُ تَعَالَى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ
بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ... الْآيَةَ. [39] .
«621» - قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: كَانَ مُشْرِكُو أَهْلِ
مَكَّةَ يُؤْذُونَ أَصْحَابَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم، فَلَا يَزَالُونَ يَجِيئُونَ مِنْ بَيْنِ مَضْرُوبٍ
وَمَشْجُوجٍ، فَشَكَوْهُمْ إِلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم [فَيَقُولُ لَهُمْ: اصْبِرُوا فَإِنِّي لَمْ أُومَرْ
بِالْقِتَالِ، حَتَّى هَاجَرَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم] .
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
«622» - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
__________
(620) أخرجه البخاري في المغازي (3965- 3967) وفي التفسير
(4744) والنسائي في التفسير (362) وزاد المزي نسبته في تحفة
الأشراف (10256) للنسائي في السير في الكبرى.
وزاد السيوطي نسبته في الدر (4/ 348) لابن أبي شيبة وابن جرير
والبيهقي.
(6201 م) ذكره المصنف بدون إسناد. وقد أخرجه ابن جرير (17/ 99)
بإسناد عن ابن عباس من طريق عطية العوفي [انظر ترجمته في رقم
618] .
(621) بدون إسناد.
(622) أخرجه الترمذي في التفسير (3171) وقال: هذا حديث حسن.
وأخرجه النسائي في التفسير (365) .
(1/318)
لَمَّا أُخْرِجَ رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ: إِنَّا لِلَّهِ [وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ]
لَنَهْلَكَنَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: أُذِنَ
لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ
عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَعَرَفْتُ
أَنَّهُ سَيَكُونُ قِتَالٌ.
[314] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ
مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ ... الآية. [52] .
«623» - قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَمَّا رَأَى رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم تَوَلِّيَ قَوْمِهِ عَنْهُ، وَشَقَّ عَلَيْهِ
مَا رَأَى مِنْ مُبَاعَدَتِهِمْ عَمَّا جَاءَهُمْ بِهِ،
تَمَنَّى فِي نَفْسِهِ أَنْ يَأْتِيَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى
مَا يُقَارِبُ بِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمِهِ، وَذَلِكَ
لِحِرْصِهِ عَلَى إِيمَانِهِمْ. فَجَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي
نَادٍ مِنْ أَنْدِيَةِ قُرَيْشٍ كَثِيرٍ أَهْلُهُ، وَأَحَبَّ
يَوْمَئِذٍ أَنْ لَا يَأْتِيَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ
يَنْفِرُونَ عَنْهُ، وَتَمَنَّى ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ
تَعَالَى سُورَةَ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى فَقَرَأَهَا رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حَتَّى بَلَغَ أَفَرَأَيْتُمُ
اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى
أَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ لِمَا كَانَ يُحَدِّثُ
به نفسه ويتمناه: «تِلْكَ الْغَرَانِيقَ الْعُلَى، وَإِنَّ
شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى» فَلَمَّا سَمِعَتْ قُرَيْشٌ
ذَلِكَ فَرِحُوا، وَمَضَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
فِي قِرَاءَتِهِ فَقَرَأَ السُّورَةَ كُلَّهَا، وَسَجَدَ فِي
آخِرِ السُّورَةِ، فَسَجَدَ الْمُسْلِمُونَ بِسُجُودِهِ
وَسَجَدَ جَمِيعُ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ،
فَلَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ مُؤْمِنٌ وَلَا كَافِرٌ إِلَّا
سَجَدَ إِلَّا الْوَلِيدَ بن المغيرة وأبو أُحَيْحَةَ سَعِيدَ
بْنَ الْعَاصِ، فَإِنَّهُمَا أَخَذَا حَفْنَةً مِنَ
الْبَطْحَاءِ ورفعاها إلى جبهتيهما وَسَجَدَا عَلَيْهَا،
لِأَنَّهُمَا كَانَا شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَلَمْ
يَسْتَطِيعَا السُّجُودَ وَتَفَرَّقَتْ قُرَيْشٌ وَقَدْ
سَرَّهُمْ مَا سَمِعُوا، وَقَالُوا: قَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ
آلِهَتَنَا بأحسن الذكر، وقالوا: قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ
__________
وأخرجه في الجهاد (6/ 2) .
وأخرجه أحمد في مسنده (1/ 216) وابن جرير (17/ 123) .
وأخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 66، 246) ، (3/ 7) وصححه على
شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
(623) ذكر ذلك السيوطي في الدر (4/ 367) وعزاه لابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية، وقد ذكر لها السيوطي
طرقاً كثيرة وكلها مرسلة ومنقطعة واللَّه أعلم.
وقد نقد هذه القصة كثير من النقاد انظر (الإسرائيليات
والموضوعات في كتب التفسير ص 314- 322) .
(1/319)
اللَّهَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَيَخْلُقُ
وَيَرْزُقُ ولكن آلِهَتَنَا هَذِهِ تَشْفَعُ لَنَا عِنْدَهُ
فَإِنْ جَعَلَ لَهَا مُحَمَّدٌ نَصِيبًا فَنَحْنُ مَعَهُ.
فَلَمَّا أَمْسَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أَتَاهُ
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ:
«مَاذَا صَنَعْتَ؟ تَلَوْتَ عَلَى النَّاسِ مَا لَمْ آتِكَ
بِهِ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَقُلْتَ مَا لَمْ أَقُلْ
لَكَ» . فَحَزِنَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حُزْنًا
شَدِيدًا وَخَافَ مِنَ اللَّهِ خَوْفًا كَبِيرًا، فَأَنْزَلَ
اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: نَدِمَ
مُحَمَّدٌ عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ مَنْزِلَةِ آلِهَتِنَا عِنْدَ
اللَّهِ، فَازْدَادُوا شَرًّا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ.
«624» - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَارِثِيُّ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ [مُحَمَّدُ] بْنُ حيان قال: حدثنا
أَبُو يَحْيَى الرّازي، قال: حدثنا سَهْلٌ الْعَسْكَرِيُّ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
قَرَأَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: أَفَرَأَيْتُمُ
اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى
فَأَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ «تِلْكَ الْغَرَانِيقَ
الْعُلَى وَ [إِنَّ] شَفَاعَتَهُنَّ تُرْتَجَى» ففرح المشركون
بِذَلِكَ وَقَالُوا: قَدْ ذَكَرَ آلِهَتَنَا. فَجَاءَ
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم، وَقَالَ:
اعْرِضْ عَلَيَّ كَلَامَ اللَّهِ. فَلَمَّا عرض عليه قال:
أَمَّا هَذَا فَلَمْ آتِكَ بِهِ، هَذَا مِنَ الشَّيْطَانِ،
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ
مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى
الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ.
__________
(624) انظر السابق.
(1/320)
|