إعراب القرآن للباقولي منسوب خطأ للزجاج الباب الثامن
هذا باب ما جاء في التنزيل من إجراء «غير» في الظاهر على
المعرفة فمن ذلك قوله تعالى: (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ
عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) «1» . قال قوم:
إنما انجر «غير» لأنه بدل من «الذين» وهو معرفة، ولا كلام في
هذا.
وقال قوم: بل هو صفة ل «الذين» .
فقيل لهم: إن «غيراً» أبداً نكرة، فكيف تجري وصفاً على
المعرفة؟ /.
وإنما قالوا ذلك لأنك إذا قلت: مررت برجل غيرك، فكل الناس غير
المخاطب.
وقال أبو إسحاق في ذلك: إن «غيرا» جرى وصفا ل «الذين» هنا، لأن
معنى: الذين أنعمت عليهم: كل من أنعم الله عليه منذ زمن آدم
إلى قيام الساعة. وليسوا مقصوداً قصدهم.
وقال أبو بكر بن دريد: «غير» إذا أضيف إلى اسم يضاد «الموصوف»
وليس له
__________
(1) الفاتحة: 6.
(1/165)
ضد سواه، يتعرف «غير» بالإضافة، كقولك:
مررت بالمسلم غير الكافر، وعليك بالحركة غير السكون، لا يضاد
المنعم عليهم إلا المغضوب عليهم، فتعرف «غير» .
وقال أبو علي: يشكل هذا بقوله: (أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً
غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) «1» .
ومثل (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ) قوله تعالى: (لا يَسْتَوِي
الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ)
«2» . فمن رفع «غيرا» جعله تابعاً ل «القاعدين» على الوجهين.
وكذا قوله: (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ
مِنَ الرِّجالِ) «3» ، فيمن جر «غيرا» .
__________
(1) فاطر: 37. [.....]
(2) النساء: 95.
(3) النور: 31.
(1/166)
|